٢٢٧ { وان عزموا الطلاق } اصل العزم او العزيمة عقد القلب على امضاء شىء تريد فعله اى حققوه واكدوه بان ثبتوا فى المدة على ترك القربان حتى مضت المدة { فان اللّه سميع } لطلاقهم { عليم } بغرضهم فيه والاشارة فى تحقيق الآيتين ان يعلم العبد ان اللّه لا يضيع حق احد من عباده لا على نفسه ولا على غيره فلما تقاصر لسان الزوجة لكونها اسيرة فى يد الزوج فاللّه تعالى تولى الامر بمراعاة حقها فامر الزوج بالرجوع اليها او تسريحها فاذا كان حق صحبة الاشكال محفوظا عليك حتى لو اخللت به اخذك بحكمه فحق الحق احق بان يجب مراعاته وفى تعيين تربص اربعة اشهر فى الفيىء اشارة عجيبة وهى انها مدة تعلق الروح بالجنين كما قال عليه السلام ( ان احدكم يجمع خلقه ) اى يحرز ويقر مادة خلقه ( فى بطن امه ) اى فى رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء ( اربعين يوما ) وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ان النطفة اذا وقعت فى الرحم فاراد اللّه ان يخلق منها تنشر فى بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث اربعين ليلة ثم تنزل دما فى الرحم فذاك جمعها ( ثم تكون علقة ) وهى قطعة دم غليظ جامد ( مثل ذلك ) اربعين يوما ( ثم تكون مضغة ) وهى قطعة لحم قدر ما تمضغ ( مثل ذلك ثم يرسل اللّه اليه الملك فينفخ فيه الروح ) وهذا يدل على ان التصوير يكون فى الاربعين الثالثة ( ويؤمر باربع كلمات ) يعنى يؤمر الملك بكتابة اربع قضاها وهو معطوف على قوله تكون علقة لان الكتابة فى الاربعين الثانية ( يكتب رزقه ) روى على صيغة المجهول والمعلوم ( واجله ) وهو يطلق على مدة الحياة كلها وهو المراد هنا وعلى منتهاها ومنه قوله تعالى { فاذا جاء اجلهم } وعمله وشقى وهو من وجبت له النار او سعيد وهو من وجبت له الجنة قدم ذكر الشقى لانه اكثر الناس كذا قال القاضى المراد بكتبه هذه الاشياء اظهارها للملك ولا فقضاؤه تعالى سابق على ذلك. فاذا تمهد هذا فمن وقع له من اهل القصد وقفة او فترة فى اثناء السلوك من ملالة النفس او نفرة الطبع فعلى الشيخ وعلى الاصحاب ان لا يفارقوه فى الحقيقة وان يتعاونوا بالهمم العلية لاستجلابه ويتربصوا اربعة اشهر الرجوع فان فاء الى صدق الطلب ورعاية حق الصحبة واستغفر مما جرى منه ونفخ فيه روح الارادة مرة اخرى اقبلوا عليه وعفوا عما لديه فان هذا ربيع لا يرعاه الا المهزولون وربع لا يسكنه الا المعزولون ومنهل لا يرده الا اللاهون وباب لا يقرعه الا الماكثون بل هذا شراب لا يذوقه الا العارفون وغناء لا يطرب عليه الا العاشقون وان عزموا بعد مضى اربعة اشهر طلاق منكوحة المواصلة واصروا على ذنب المفارقة فلهم التمسك بعروة هذا فراق بينى وبينك فان اللّه سميع بمقالتهم عليم بحالتهم : قال السعدى قدس سره نه مارا درميان عد و وفا بود ... جفا كردى وبد عهدى نمودى هنوزت كرسر صلحست بازآى ... كزان محبوبتر باشى كه بودى قال اوحد المشايخ فى وقته ابو عبد اللّه الشيرازى رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى اللّه فسلكه ثم رجع عنه عذبه اللّه بعذاب لم يعذب به احدا من العالمين كذا فى لواقح الانوار القدسية فى مناقب العلماء والصوفية |
﴿ ٢٢٧ ﴾