١٧

{ الصابرين } نصب على المدخ باضمار اعنى والمراد بالصبر هو الصبر على مشاق الطاعات وعلى الباساء والضراء وحين البأس

{ والصادقين } فى اقوالهم ونياتهم وعزائمهم

{ والقانتين } اى المداومين على الطاعات المواظبين على العبادات

{ والمنفقين } اموالهم فى سبيل اللّه

{ والمستغفرين بالاسحار } وتوسيط الواو بين الصفات المذكورة مؤذن بان كل صفة مستقلة بالمدح ومؤذن بان منهم صابر ومنهم صادق

ثم الصبر حبس النفس عن شهواتها المحظورة فى الشرع. وجميع اجناس الصبر ثلاثة. الصبر على الطاعة. والصبر على المعصية. والصبر على المكروه قال النبى صلى اللّه عليه وسلم ( من صبر على مصيبة فله ثلاثمائة درجة وبين الدرجتين كما بين السماء والارض ومن صبر على الطاعة فله ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والارض ومن صبر على المعصية فله تسعمائة درجة بين الدرجتين كما بين العرش والكرسى )

والصدق يجرى فى القول وهو مجانبة الكذب وفى الفعل وهو اتيانه وترك الانصراف عنه قبل تمامه وفى النية وهو العزم عليه حتى يفعل

والانفاق يتناول الانفاق على نفسه واهله واقاربه وصلة رحمه وفى الجهاد وسائر وجوه البر

والاستغفار سؤال المغفرة من اللّه وتخصيص الاسحار بالاستغفار لان الدعاء فيها اقرب الى الاجابة اذ العبادة حينئذ اشق والنفس اصفى والروح اجمع لاسيما للمجتهدين

قال مجاهد فى قول يعقوب عليه السلام

{ سأستغفر لكم ربى } اخره الى وقت السحر فان الدعاء فيه مستجاب وقال ان اللّه تعالى لا يشغله صوت عن صوت لن الدعاء فى السحر دعوتى فى الخلوة وهى ابعد من الرياء والسمعة فكانت اقرب الى الاجابة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( ينزل اللّه تعالى الى السماء الدنيا كل ليلة حتى يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من ذا الذى يدعونى فاستجيب له من ذا الذى يسألنى فاعطيه من ذا الذى يستغفرنى فاغفر له ) ومعنى ينزل محمول على نزول ملكه او على الاستعارة فمعناه الاقبال على الداعين بالطف والاجابة ولهذا قال الى السماء الدنيا اى القربى وفى هذا الكلام توبيخ لهم على غفلتهم فى الدعاء والسؤال منه والاستغفار

قال لقمان لابنه يا بنى لا تكونن اعجز من هذا الديك يصوت بالاسحار وانت نائم على فراشك

دلابر خيز وطاعت كن كه طاعت به زهر كارست ... سعادت آن كسى داردكه وقت صبح بيدارست

خروسان درسحر كويند قم يا ايها الغافل ... توازمستى نمى دانى كسى داندكه هيشاراست

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( لما اسرى بى الى السموات رأيت عجائب من عجائب اللّه تعالى فمن ذلك ان فى السماء الدنيا ديكا له زغب اخضر وريش ابيض وبياض ريشه كاشد بياض رأيته وزغبه تحت ريشه كاشد خضرة رأيتها فاذا رجلاه فى تخوم الارض السابعة السفلى واذا راسه عند عرش الرحمن ثانى عنقه تحت العرش له جناحان فى منكبيه اذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب فاذا كان بعض الليل نشر جناية وخفق بهما وصرخ بالتسبيح للّه يقول سبحان الملك القدوس الكريم )

أو قال ( الكبير المتعال لا اله الا هو الحى القيوم فاذا فعل ذلك سبحت ديكة الارض كلها وخفقت باجنحتها فاذا سكن ذلك الديك سكنت ديكة الارض كلها ثم اذا كان بعض الليل نشر جناحيه فجاوز بهما المشرق والمغرب وحفق بهما ثم صرخ بالتسبيح للّه يقول سبحان اللّه العى العظيم سبحان العزيز القهار سبحان اللّه رب العرش الرفيع فاذا فعل ذلك سبحت ديكة الارض بمثل قوله وخفقت باجنحتها واخذت فى الصراخ واذا سكن ذلك الديك سكنت ديكة الارض بمثل قوله وخفقت باجنحها واخذت فى الصراخ واذا سكن ذلك الديك سكنت ديكة الارض ثم اذا هاج بنحو فعله فى السماء هاجت الديكة فى الارض يجاوبونه تسبيحا للّه تعالى بنحو قوله ) والمقصود من هذا ان التسبيح اذا كان من فعل اهل السماء والارض خصوصا الحيوانات العجم بل النباتات كما قال تعالى

{ وان من شىء الا يسبح بحمده } فان الانسان اولى بان يشتغل بالدعاء والتسبيح خصوصا فى الخلوات واوقات الاسحار

قال الامام القشيرى رحمه اللّه الصابرين على ما امر اللّه والصادقين فيما عاهدوا اللّه والقانتين بالاستقامة فى محبة اللّه والمنفقين فى سبيل اللّه والمستغفرين من جميع ما فعلوا لرؤية تقصيرهم

﴿ ١٧