٢٦

{ قل اللّهم } اصله يا اللّه فالميم عوض عن حرف النداء النداء ولذلك لا يجتمعان وهذا من خصائص الاسم الجليل وشددت لقيامها مقام حرفين.

وقيل اصله يا اللّه امنا بخير اى اقصدنا به فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته

{ مالك الملك } اى مالك جنس الملك على الاطلاق ملكا حقيقا بحيث يتصرف فيه كيف يشاء له ايجاد واعداما واحياء واماتة وتعذيبا واثابة من غير مشارك ول ممانع وهو نداء ثان عند سيبويه فان الميم عنده تمنع الوصفية لانه ليس فى الاسماء الموصوفة شىء على حد اللّهم

{ تؤتى الملك } بيان لبعض وجوه التصرف الذى يستدعيه مالكية الملك وتحقيق لاختصاصها به تعالى وكون مالكية الغير بطريق المجاز كما ينبىء عنه ايثار الايتاء الذى هو مجرد الاعطاء على التمليك المؤذن بثبوت المالكية حقيقة

{ من يشاء } ايتاءه اياه

{ وتنزع الملك ممن تشاء } نزعه منه فالملك الاول حقيقى عام ومملوكيته حقيقية والآخران مجازيان خاصان ونسبيتهما الى صاحبهما مجازية

{ وتعز من تشاء } ان تعزه فى الدنيا او فى الآخرة او فى فيهما بالنصر والوفيق

{ وتذل من تشاء } ان تذله فى احداهما او فيهما من غير ممانعة من الغير ولا مدافعة

{ بيدك الخير } وتعريف الخير للتعميم وتقديم الخبر للتخصيص اى بقدرتك الخير كله لا بقدرة احد من غيرك تتصرف فيه قبضا وبسطا حسبما تقتضيه مشيئتك وتخصيص الخير بالذكر لان الكلام انما وقع فى الخير الذى يسوقه الى المؤمنين وهو الذى انكرته الكفرة فقال بيدك الخير تؤتيه اولياءك على رغم من اعدائك ولان كل افعال اللّه تعالى من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله كأيتاء الملك ونزعه او لمراعاة الادب فان فى الخطاب بان الشر منك وبيدك ترك ادب وام كان الكل من اللّه تعالى - روى - ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما خط الخندق عام الاحزاب وقطع لكل عشرة من اهل المدينة اربعين ذراعا وجميع من وافى الخندق من القبائل عششرة آلاف واخذوا يحفرونه خرج من بطن الخندق صخرة كالقيل العظيم لم تعمل فيها المعاول فوجهوا سلمان الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخبره فجاء عليه السلام واخذ المعول من سلمان فضربها ضربة صدعتها مقدار ثلثها وبرق منها برق اضاء ما بين لابتيها كانه مصباح فى جوف بيت مظلم فكبر وكبر معه المسلمون وقال ( اضاءت لى منها قصور الحيرة كانها انياب الكلاب ) ثم ضرب الثانية فقال ( اضاءت لى منها القصور الحمر فى ارض الروم ) ثم ضرب الثالثة فقال ( اضاءت لى قصورة صنعاء واخبرنى جبريل عليه السلام ان امتى ظاهرة على الامم كلها فابشروا ) فقال المنافقون ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم انه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وانها تفتح لكم وانتم انما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون ان تبرزوا فنزلت

{ انك على كل شىء قدير } من الاعزاز والاذلال

﴿ ٢٦