٢٩

{ قل ان تخفوا ما فى صدوركم } من الضمائر التى من جملتها ولاية الكفرة

{ او تبدوه } فيما بينكم

{ يعلمه اللّه } فيؤاخذكم بذلك عند مصيركم اليه

{ ويعلم ما فى السموات وما فى الارض } لا يخفى عليه منه شيء قط فلا يخفى عليه سركم وعلنكم وهو من باب ايراد العام بعد الخاص تأكيد له وتقريرا

{ واللّه على كل شىء قدير } فيقدر على عقوبتكم بما لا مزيد عليه عنه ان لم نتتهوا عما نهيتم عنه وهذا بيان لقوله تعالى

{ ويحذركم اللّه نفسه } لان نفسه وهى ذاته المتميزة من شائر الذوات متصفة بعلم ذاتى لا يختص بمعلوم دون المعلوم فهى متعلقة بالمعلومات كلها وبقدرة ذاتية لا تختص بمقدرو دون مقدور فهى قاردة على المقدورات كلها فكان حقها ان تحذر وتتقى فلا يجسر احد على قبيح ولا يقصر عن واجب فان ذلك مطلع عليه لا محالة والاحق به العذاب ولو علم بعض عبيد السلطان انه اراد الاطلاع على احواله مما يورد ويصدر ونصب عليه عيونا وبث من يتجسس عن بواطن اموره لاخذ حذره وتيقظ فى امره واتقى كل ما يتوقع فيه الاسترابة به فما بال من علم ان اللّه الذي يعلم السر واخفى مهيمن عليه وهو آمن اللّهم انا نعوذبك من اغترارنا بسترك كذا فى الكشاف

فالعاقل يخاف من اللّه ويكون حبه وبغضه للّه يوالى المؤمنين ويعادى الكافرين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( اربعة منهم ورجل لا يرى الكسب ويأكل من كسب الناس )

كر آنها كه ميكفتمى كردمى ... نكو سيرت بارسا بودمى

والحب فى اللّه والبغض فى اللّه باب عظيم واصل من اصول الايمان وخلق سنى والمحبة الصادقة لا تكون الا عند المصافاة فى الباطن وهى مبنية على اتفاق العقيدة والوجهة لان القلوب تتناسب فتتصافى فان لم يكن بينهما التوافق المعنوى واتفق بين اربابها المصالحة والمؤانسة بحسب المماثلة النوعية والالفة النفسية والجنسية و الصورية اعدت الرذائل صاحب الفضائل باستغراق النفس فتشابه وتخالق كما قيل

عن المر لا تسال وابصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى

وقال على رضى اللّه عنه

فلا تصحب اخا الجهل ... واياك واياه

فكم من جاهل اردى ... حليما حين اخاه

يقاس المرء بالمرء ... اذا ما هو ما شاه

وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه

واذا كان الرجل مبتلى بصحبة الفجار فى سفره للحج او للغزاء لا يترك الطاعة بصحبتهم ولكن يكره بقلبه ولا يرضى به فلعل الفاسق يتوب ببركة كراهة قلبه - حكى - ان حاتما وشقيقا خرجا فى سفر فصحبهما شيخ فاسق وكان يضرب بالمعزف فى الطريق وارادوا ان يتفرقوا قال لهما ذلك الشيخ الفاسق اعذرنا فانا هذا شقيق وانا حاتم فتاب الرجل وكسر ذلك المعزف وجعل يتلمذ عندهما ويخدمهما فقال شقسق لحاتم كيف رأيت صبر الرجال

نه آنكه بر در دعوى نشيد از خلقى ... كه كر خلاف كنندش بجنك برخيزد

وكر زكوة فرو غلطد آسيا سنكى ... نه عارفست كه از راه سنك برخيزد

وينبغى ان يعلم ام المؤمن كما يلزم له ان يقطع الموالاة عن الكفار كذلك يقطع ذلك عن الاقرباء الفجار كما قيل

جون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بعتر از مودت قربى

فان قلت هذا مخالف للقرآن فانه ناطق بصلة الارحام مطلقا قلت هو موافق كما قال تعالى

{ وان جاهدك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما } فمن تسبب لشقاوتك يجب تقاطعك عنه وان كان ذا قرابتك

هزار خويش كه بيكانه از خذا باشد ... فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد

فعليك بقطع التعلق من الاغيار وبالاقتداء بهدى الانبياء الاخيار قال خليل اللّه عليه السلام فانهم عد لى الا رب العالمين. ومن موالاة الكفار المواكلة معهم بغير عذر اقتضاها. ومن القول الشنيع ان يقال لهم جلبى كما يقول لهم سفهاء زماننا فان معنى جلبى منسوب الى جلب وجلب اسم اللّه تعالى وهم تارى دون نورى فكيف يصح نسبتهم الى اللّه والعياذ باللّه

﴿ ٢٩