٥٤

{ ومكروا } اى الذين علم عيسى كفركهم من اليهود بان وكلوا به من يقتله غلية وهو ان يخدعه فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله

{ ومكر اللّه } بان رفع عيسى عليه السلام والقى شبهة على من قصد اغتياله حتى قتل

{ واللّه خير الماكرين } باقواهم مكرا وانفذهم كيدا واقدرهم على ايصال الضرر من حيث لا يحتسب - روى - ان ملك بنى اسرائيل لما قصد قتله عليه السلام امره ان يدخل بيتا فيه روزنة فرفعه جبريل عليه السلام من تلك الروزنة الى السماء وكساه اللّه الريش والبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وطار مع الملائكة حول العرش وكان انسيا سماويا ارضيا ثم قال الملك لرجل خبيث منهم ادخل عليه فقتله فدخل البيت فالقى اللّه عز وجل شبهه عليه السلام فخرج يخبرهم انه ليس فى البيت فقتلوه وصلبوه ثم قالوا وجهه يشبه وجه عيسى وبدنه يشبه بدن صاحبنا فان كان هذا عيسى فاين صاحبنا وان كان صاحبنا فابن عيسى فوقع بينهم مقال عظيم ولما صلب المصلوب فأنزل اللّه عيسى عليه السلام فجاءهما فقال على من تبكيان قالتا عليك فقال ان اللّه رفعنى ولم يصبنى الا خير وان هذا شىء شبه لهم فلما كان بعد سبعة ايام قال اللّه لعيسى اهبط الى المجدلانية على موضع فى جبلها فانه لم يبك عليك احد بكاءها ولم يحزن احد حزنها ثم استجمع الحواريين فبثهم اى فاجعلهم متفرقين فى الارض دعاة الى اللّه فاهبطه اللّه عليها فاشتعل الجبل حين هبط نورا فجمعت له الحواريين فبثهم فى الارض دعاة ثم رفعه اللّه اليه وتلك الليلة هى الليلة التر تدخن فيها النصارى فلما اصبح الحواريون حدث كل واحد منهم بلغة من ارسله عيسى اليهم فذلك قوله

{ ومكروا ةمكر اللّه واللّه خير الماكرين } والمكر من المخلوقين الخبث والخديعة والحيلة والمكر من اللّه استدراج العبد واخذه بغته من حيث لا يعلم فيها ايهالعبد خف من وجود احسان مولاكاليك ودوام اساءتك معه فى دوام الطفه بك وعطفه عليك ان يكون استدراجلك حتى تقف معها وتغتر لها وتفرح لما اوتيت فتؤخذ بغتة قال اللّه تعالى

{ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } قال سهل رضى اللّه عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالتهم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى انعمو وحجبوا عن المنعم اخذوا

وقال ابو العباس ابن عطاء يعنى كلما احدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيىء الادب باظهار دعوى او توريط فى بلو فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه اهملال فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد واوجب الابعاد اعتبار بالظاهر من الامر نم غير تعريج على ما وراء ذلك وما ذاك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها والا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال عليه السلام

( من استوى يوما فهو مغبون ) ولو لم يكن من الابعاد الا ان يخليك وما تريد فيصرفك عنه بمرادك هذا والعياذ باللّه مكر وخسران

وعن ابن حنبل انه كان يوصى بعض اصحابه فقال خف سطوة العدر وارج رقة الفضل ولا تأمن من مكره تعالى ولو ادخلك الجنة ففى الجنة وقع لابيك آدم ما وقع وقد يقطع باقوام فيها فيقال لهم كلوا واشربوا هنيأ بما اسلفتم فى الايام الحالية فقطعهم بالاكل والشرب عنه وأى مكر فوق هذا وأى خسران اعظم منه

﴿ ٥٤