٥٨ { ذلك } اشارة الى ما سلف مننبأ عيسى عليه السلام وغيره { نتلوه عليك } اى نقرأه عليك يا محمد واسند تلاوته الى نفسه مع ان التالى هو الملك المأمور بها على طريق اسناد الفعل الى السبب الآمر وفيه تعظيم بليغ وتشريف عظيم للملك وانما حسن ذلك لان تلاوة جبريل لما كانت بامره تعالى من غير تفاوت اصلا اضيف ذلك اليه تعالى { من الآيات } حال من الضمير المنصوب اى من العلامات الدالة على ثبوت رسالتك لانها اخبار لا يعلمها الا قارىء الكتاب او من يوحى اليه فظاهر انك لا تكتب ولا تقرأ فبقى ان ذلك من الوحى { والذكر } اى القرآن { الحكيم } اى المشتمل على الحكم او المحكم الممنوع من تطرق الخلل اليه والاشاة ان اللّه تعالى قال لعيسى عليه الاسلام يا عيسى { انى متوفيك } عن الصفات النفسانية والاوصاف الحيوانية { ورافعك الى } بجذبات العناية فمن لم يصر فانيا عما سوى اللّه لا يكون له وصول الى مقام معرفة اللّه فعيسى لما رفع الى السماء صارت له حالة كحال الملائكة فى زوال الشهوات والغضب والاخلاق الذميمة فعلى السالك ان ينهى نفسه عن الهوى ويتبع طريق الهدى ويعتبر بالآيات والذكر الحكيم كى يصل الى النعيم المقيم ويجتنب الظلم فان اللّه تعالى قال { واللّه لا يحب الظالمين } اى الذين يظلمون على أنفسهم بانقضاء العمر فى طلب غير اللّه خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند ازخدا جز خدا فاهل الطريقة هم الذين يمحون نقش الغير عن صفحات القلب ويزكون نفوسهم عن الاوصاف المذمومة فانها مانعة من العروج الى سماء المعرفة وعلو الوصال : قال مولانا جلال الدين رومى قدس سره آن يكى نحوى بكشتى درنشست ... روبكشتيبان نهاد آن خود برست كفت هيج ازنخو حوادندى كفت لا ... كفت نيم عمر توشد درفنا دل شكسته كشت كشتيبان زتاب ... ليك آندم كشت خواموش ازجواب باد كشتى را بكر دابى فكند ... كفت كشتيبان بدان نحوى بلند هيج دانى آشنا كردن بكو ... كفت نى اى خوش جواب خوب رو كفت كل عمرت اى نحوى فناست ... زانك كشتى غرق اين كردا بهاست محو مى بايد نه نحو انيجابدان ... كرتو محوى بيخطر درآب ران آب درا مرده را بر سر نهد ... وربود زنده زدريا كى رهد جون بمردى تو زاوصاف بشر ... بحر اسرارت نهد برفرق سر فقد ظهر ان الذين يطلبون غير اللّه هم غرقى فى بحر الهوى والشهوات لا يقدرون على التصعد الى الاعلى واما الذين تخلصوا من قشر الوجود ووصلوا بالفناء عن ذواتهم الى عالم الشهوج فههم يطيرون باجنحة انوار حالهم مع الملائكة المقربين لتخلصهم من الاثقال الدنيوية والاشغلا القالبية والبدنية قال تعالى { ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض } اى بالتجرد عن الهيآت الجسمانيى والتعلقات البدنية { فانفذوا } لتنخرطوا فى سلك الارادة الملكوتية والنفوس الجبروتية وتصلوا الى الحضرة العلية { لا تنفذون الا بسلطان } اى بحجة بينة هى التوحيد والتجريد والتفريد بالعلم والعمل والفناء فى اللّه تعالى قال عيسى عليه السلام [ لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين ] والولادة نوعان. اضطرارى يخلق اللّه تعالى ولا دخل فيه للكسب والاختيار وذلك ظاهر. واختيارى يحصل بالكسب وهو الذى اشار اليه عيسى عليه السلام وفقتا اللّه واياكم لما يجب ويرضى ويداوى بدواء افضاله هذه النفوس المرضى انه بكل شىء قدر وبتيسيره يسهل كل امر عسير |
﴿ ٥٨ ﴾