١٨٤

{ فان كذبوك } شروع فى تسلية رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم

{ فقد كذب رسل من قبلك } تعليل لجواب الشرط اى فتسل واصبر فقد كذب الخ

{ جاؤا بالبينات } المعجزات الواضحات صفة لرسل

{ والزبر } جمع زبور وهو الكتاب المقصور على الحكم من زبرته اذا حسنته او الزبر المواعظ والزواجر من زبرته اذا زجرته

{ والكتاب المنير } اى التوراة والانجيل والزبور. والكتاب فى عرف القرآن ما يتضمن الشرائع والاحكام ولذلك جاء الكتاب والحكمة متعاطفين فى عامة المواقع. والمنير اى المضيىء البين بالامر والنهى

والاشارة ان اللّه تعالى كما قدر ان بعض الامم يغلبون بعض انبيائهم ويقتلونهم قبل الايمان او بعد الايمان بهم كذلك قدر ان بعض الصفات النفسانية يغلب على بعض الالهامات الربانية والواردات الرحمانية فيمحوها كما قال تعالى

{ يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } قبل انقيادها لها او بعدما انقادت لها ليقضى اللّه امرا كان مفعولا وبالجملة ان الروح يصير بمجاورة الصفات النفسانية كالنفس فى الدناءة فتصير الصفات الذميمة غالبة عليه كما تغلب على الالهامات فعلى السالك ان يتجنب عن مصاحبة المفسدين ومجاورة صفات النفس

نفس ازهم نفس بكيرد خوى ... بر حذر باش ازلقاى خبيث

باد جون بر فضاى بد كذرد ... بوى بدكيرد ازهواى خبيث

فطوبى لعبد طهر نفسه من الصفات الرذيلة والعناد والاصرار ورأى الحق حقا والباطل باطلا وانقطع عن ميل الدنيا واتباع الهوى وموافقة غير اللّه روى ان عيسى عليه السلام مر بقرية فاذا اهلها موتى فى الافنية والطرق فقال يا معشر الحواريين ان هؤلاء ماتوا على سخط ولو ماتوا على غير ذلك لتدافنوا فقالوا يا روح اللّه وددنا انا علمنا خبرهم فسأل ربه فاوحى اللّه اليه اذا كان الليل فنادهم يجيبوك فلما كان الليل اشرف على الموتى ثم نادى يا اهل القرية فاجابه مجيب لبيك يا روح اللّه فقال ما حالكم وما قصتكم قال بتنا فى عافية واصبحنا فى هاوية قال وكيف ذلك قال لحبنا الدنيا وطاعتنا اهل المعاصى قال وكيف كان حبكم الدنيا قال كحال حب الصبى لامه اذا اقبلت فرحنا واذا ادبرت حزنا قال فما بالك اصحابك لم يجيبونى قال لانهم ملجمون بلجام من نار بايدى ملائكة غلاظ شداد قال كيف اجبتنى من بينهم قال لانى كنت فيهم ولم اكن منهم فلما نزل بهم العذاب اصابنى فانا معلق على شفير جهنم لا ادرى أانجو منها ام اكبكب فيها

واعلم ان الانكار والتكذيب من حب الدنيا والميل اليها لان الانبياء والاولياء يدعون الى الجنة والمولى وحفت الجنة بالمكاره والانسان اذا رأى ما يكرهه يتنفر عنه ثم اذا اقدم على الاتيان به واكره يأخذ بالانكار قال اللّه تعالى

{ وعسى ان تكرهوا شيأ وهو خير لكم } وقد وصى الحكماء الآلهية ان لا يجالس المريد اهل الانكار بل لا يلتفت اليهم اصلا اذ للمجاورة تأثير عظيم كما قيل

عدوى البليد الى الجليد سريعة ... والجمر يوضع فى الرماد فيخمد

بابدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد

سك اصحاب كهف روزى جند ... بى مردم كرفت ومردم شد

قال مولانا جلال الدين قدس سره فى هذا المعنى

كرتوسنك وصخره ومرمر شوى ... جون بصاحب دل رسى كوهر شوى

ساقنا اللّه واياكم الى طريقة اوليائه ومجالسة احبائه آمين

﴿ ١٨٤