١٩٤

{ ربنا وآتنا } اعطنا

{ ما وعدتنا على رسلك } على تصديق رسلك او على ألسنة رسلك من الثواب والكرامة

{ ولا تخزنا } لا تهنا

{ يوم القيمة } بان تعصمنا مما يقتضيه

{ انك لا تخلف الميعاد } اسم مصدر بمعنى الوعد وهذا الدعوات وما فى تضاعيفها من كمال الضراعة والابتهال ليست لخوفهم من اخلاف الميعاد بل لخوفهم ان لا يكونوا من جملة الموعودين لسوء عاقبة او قصور فى الامتثال فمرجعها الى الدعاء بالتثبيت او للمبالغة فى التبعد والخشوع. ثم قوله

{ ولا تخزنا يوم القيمة } شبيه بقوله

{ وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون } فانه ربما ظن الانسان انه على الاعتقاد الحق والعمل الصالح ثم انه يوم القيامة يظهر له ان اعتقاده كان ضالا وعمله كان ذنبا فهناك تحصل الحجالة العظيمة والحسرة الكاملة والأسف الشديد وذلك هو العذاب الروحانى وهو اشد من العذاب الجسمانى ومما يدل على هذا انه سبحانه حكى عن هؤلاء العباد المؤمنين انهم طلبوا فى هذه الانواع الخمسة من الدعاء اشياء فاول مطالبهم الاحتراز عن العذاب الجسمانى وهو قوله

{ فقنا عذاب النار } وآخرها الاحتراز عن العذاب الروحانى وهو قوله

{ ولا تخزنا يوم القيمة } ذلك يدل على ما قلنا ولذلك قالوا الفرقة اشد من الحرقة : قال مولانا جلال الدين رومى قدس سره

جور دوران وهر آن رنجى كه هست ... سهلتز از بعد حق وغفلتست

كر جهاد وصوم سختست وخشن ... ليك اين بهتر زبعد اى ممتحن

فليسارع المؤمن الى الطاعات ليدخل فى زمرة من وعد اللّه لهم من الكرامات

عن جابر رضى اللّه عنه كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال ( ألا احدثكم بغرف الجنة ) قلنا بلى يا رسول اللّه قال ( ان فى الجنة غرفا يرى ظاهرها وفيها من النعيم واللذات ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ) قلت يا رسول اللّه لمن هذه الغرف قال ( لمن افشى السلام واطعم الطعام وادام الصيام وصلى بالليل والناس نيام )

وعن ابى بكر الوراق رحمه اللّه طلبنا اربعة فوجدناها فى اربعة. وجدنا رضى اللّه فى طاعته. وسعة الرزق فى صلاة الضحى. وسلامة الدين فى حفظ اللسان. ونور القبر فى صلاة الليل. وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ان الرسول صلى اللّه عليه وسلم قال ( آخر من يدخل الجنة رجل يمشى مرة ويسقط اخرى وتأخذه النار فاذا جاوزها التفت اليها ويقول سبحان من نجانى منك قد اعطانى شيأ ما اعطاه لأحد من الاولين والآخرين فيرفع له شجرة عظيمة الظل فيشتاق الى ظلها فيقول اى رب ادننى منها ولا اسألك غيرها فيدنيه منها ويشرب من مائها ثم يرفع له شجرة اعظم من الاولى فيقول اى رب ادننى منها ويعاهد ان لا يسأل غيرها فيدنيه منها فيرفع له شجرة اعظم مما تقدم فيسأله ان يدنيه فاذا ادنى سمع اصوات اهل الجنة ويقول اى رب لو أوصلتها لا اسألك فيقول اللّه يا ابن آدم ما اغدرك كم تعاهد وتكذب أترضى ان اعطيك مثل الدنيا ومثلها فيقول أتستهزئ بى وانت رب العالمين ) ثم ضحك ابن مسعود فقالوا مم تضحك فقال هكذا ضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا مم ضحك رسول اللّه قال من ضحك رب العالمين

( فيقول اللّه لا استهزئ ولكنى على ما اشاء قدر ) حكى ان عجوزا كافرة كانت تطعم الطير ذرة فى ايام الشتاء فرآها ذو النون المصرى فقال ان اللّه تعالى لا يقبل من عدو ثم رآها فى الكعبة قد اسلمت فقالت يا ذا النون انه اعطانى الاسلام بما رأيته

بى كرم آدمى نه از بشرست ... از شجر بلكه از حجر بترست

شجرى كان نمى دهد ثمرى ... معتبر نيست لائق تبراست

عصمنا اللّه تعالى واياكم من النار وادخلنا الجنة مع الاسخياء والابرار

﴿ ١٩٤