٦٩ { ومن يطع اللّه والرسول } والمراد بالطاعة هو الانقياد التام والامتثال الكامل بجميع الاوامر والنواهى روى ان ثوبان مولى رسول اللّه اتاه يوما وقد تغير وجهه ونحل جسمه فسأله عن حاله فقال ما بى من وجع غير انى اذا لم ارك اشتقت اليك واستوحشت وحشة شديدة على لقائك ثم ذكرت الآخرة فخفت ان لا اراك هناك لانى عرفت انك ترفع مع النبيين وان ادخلت الجنة كنت فى منزل دون منزلتك وان لم ادخل فذاك حين لا اراك ابدا فنزلت فقال صلى اللّه عليه وسلم ( والذى نفسى بيده لا يؤمن عبد حتى اكون احب اليه من نفسه وابويه واهله وولده والناس اجمعين ) { فاولئك } اشارة الى المطيعين { مع الذين انعم اللّه عليهم } اى اتم اللّه عليهم النعمة وهذا ترغيب للمؤمنين فى الطاعة حيث وعدوا مرافقة اقرب عباد الى اللّه وارفعهم درجات عنده { من النبيين } بيان للمنعم عليهم وهم الفائزون بكمال العلم والعمل المتجاوزون حد الكمال الى درجة التكميل { والصديقين } المبالغين فى الصدق والاخلاص فى الاقوال والافعال الذين صعدت نفوسهم تارة بمراقى النظر فى الحجج والآيات واخرى بمعارج التصفية والرياضات الى اوج العرفان حتى اطلعوا على الاشياء واخبروا عنها على ما هى عليها { والشهداء } الذين ادى بهم الحرص على الطاعة والجد فى اظهار الحق حتى بذلوا مهجهم فى اعلاء كلمة اللّه { والصالحين } الذين صرفوا اعمارهم فى طاعته واموالهم فى مرضاته وليس المراد بالمعية الاتحاد فى الدرجة لان التساوى بين الفاضل والمفضول لا يجوز ولا مطلق الاشتراك فى دخول الجنة بل كونهم فيها بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر وزيارته متى اراد وان بعد ما بينهما من المسافة { وحسن اولئك رفيقا } فى معنى التعجب كأنه قيل وما احسن اولئك رفيقا اى النبيين ومن بعدهم ورفيقا تمييز وافراده لما انه كالصديق والخليط والرسول يستوى فيه الواحد والمتعدد والرفيق الصاحب مأخوذ من الرفق وهو لين الجانب واللطافة فى المعاشرة قولا وفعلا |
﴿ ٦٩ ﴾