٧٩

{ ما اصابك } يا انسان

{ من حسنة } من خير ونعمة

{ فمن اللّه } تفضلا منه فان كل ما يفعله الانسان من الطاعة لا يكافىء نعمة الوجود فكيف يقتضى غيره ولذلك قال عليه السلام ( ما احد يدخل الجنة الا برحمة اللّه ) قيل ولا انت قال ( ولا انا الا ان يتغمدنى اللّه برحمته )

{ وما اصابك من سيئة } من بلية وشىء تكرهه

{ فمن نفسك } لانها السبب فيها لاستجلابها المعاصى وهو لا ينافى قوله

{ كل من عند اللّه } فان الكل منه ايجادا وايصالا غير ان الحسنة احسان وامتنان والسيئة مجازاة وانتقام كما قالت عائشة رضى اللّه عنها ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها وحتى انقطاع شسع نعله الا بذنب وما يغفر اللّه اكثر

واعلم ان للاعمال اربع مراتب. منها مرتبتان للّه تعالى وليس للعبد فيهما مدخل وهما التقدير والخلق. ومنها مرتبتان للعبد هما الكسب والفعل فان اللّه تعالى منزه عن الكسب وفعل السيئة وانهما يتعلقان بالعبد ولكن العبد وكسبه مخلوق خلقه اللّه تعالى كما قال

{ واللّه خلقكم وما تعملون } فهذا تحقيق قوله

{ قل كل من عند اللّه } اى خلقا وتقديرا لا كسبا وفعلا فافهم واعتقد فانه مذهب اهل الحق وارباب الحقيقة كذا فى التأويلات النجمية

قال الضحاك ما حفظ الرجل القرآن ثم نسيه الا بذنب ثم قرأ

{ وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم } قال فنسيان القرآن من اعظم المصائب

{ وارسلناك للناس رسولا } اى رسولا للناس جميعا لست برسول للعرب وحدهم بل انت رسول العرب والعجم كقوله تعالى

{ وما ارسلناك الا كافة للناس } فرسولا حال قصد قها تعميم الرسالة والجار متعلق بها قدم عليها للاختصاص

{ وكفى باللّه شهيدا } على رسالتك بنصب المعجزات

وفى التأويلات النجمية يشير بقوله تعالى

{ وارسلناك للناس رسولا } اى الناس الذين قد نسوا اللّه ونسوا ما شاهدوا منه وما عاهدوا عليه اللّه وارسلناك اليهم لتبلغهم كلامنا وتذكرهم ايامنا وتجدد لهم عهودنا وترغبهم فى شهودنا وتدعوهم الينا وتهديهم الى صراطنا وتكون لهم سراجا منيرا يهتدون بهداك ويتبعون خطاك الى ان توصلهم الى الدرجات العلى وتنزلهم فى المقصد الاعلى

{ وكفى باللّه شهيدا } اى شاهدا لاحبائه واوليائه لئلا يكتفوا براحة دون لقائه انتهى : قال الحافظ قدس سره

يوسف عزيزم رفت اى برادر آن زجمن ... كزغمش عجب ديدم حال بير كنعان

وفى الآية تعليم الادب ورؤية التأثير من اللّه تعالى روى ان ابا بكر رضى اللّه عنه ابتلى بوجع السن سبع سنين فاعلمه جبريل رسلو اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسأل عليه السلام عن حاله فقال ( لم لم تذكر يا ابا بكر ) فقال كيف اشكوا مما جاء من الحبيب فلا بد من التخلق بالاخلاق الحسنة لان الكل من عند اللّه وانما ارسل اللّه رسوله لاخراج الناس من الظلمات الى النور فاذا تأدبوا بالآداب النبوية وصلوا الى الحقيقة المحمدية : قال الشيخ العطار

دعوتش فرمود بهر خاص وعام ... نعمت خودرا برو كرده تمام

مبعث او سر نكونىء بتان ... امت او بهترين امتان

بريمان دو كتف خورشيد وار ... داشته مهر نبوت آشكار

وكان خاتم النبوة بين كتفيه صلى اللّه عليه وسلم اشارة الى عصمته من وسوسة الشيطان لان الخناس يجيىء من بين الكتفين فيدخل خرطومه قبل قلب الانسان فيوسوس اليه فاذا ذكر اللّه خنس وراءه وكان حول خاتم النبوة شعرات مائلة الى الخضرة مكتوب عليه [ محمد نبى امين ]

وقيل غير ذلك والتوفيق بين الروايات بتعدد الخطوط وتنوعها بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين. ثم انه قد اتفق اهل العلم على افضلية شهر رمضان لانه انزل فيه القرآن ثم شهر ربيع الاول لانه مولد حبيب الرحمن.

واما افضل الليالى فقيل ليلة القدر لنزول القرآن فيها

وقيل ليلة المولد المحمدى لولاه ما انزل القرآن ولا تعينت ليلة القدر فعلى الامة تعظيم شهر المولد وليلته كى ينالوا منه شفاعته ويصلوا الى جواره

﴿ ٧٩