٨١ { ويقولون } اذا امرتهم بأمر { طاعة } اى امرنا وشأننا طاعة { فاذا برزوا من عندك } اى خرجوا { بيت طائفة منهم غير الذى تقول } اى زورت خلاف ما قلت لها يا محمد فالضمير للخطاب او ما قالت لك من ضمان الطاعة فالضمير للغيبة واشتقاق البيت من البيتوتة ولما كان غالب الافكار التى يسقتصى فيها الانسان واقعا فى الليل اذ هناك يكون الخاطر اصفى والشواغل اقل سمى الفكر المستقصى مبيتا { واللّه يكتب ما يبيتون } يثبته فى صحائف اعمالهم للمجازاة { فاعرض عنهم } قلل المبالاة بهم { وتوكل على اللّه } فى الامور كلها سيما فى شأنهم { وكفى باللّه وكيلا } يكفيك معرتهم وينتقم لك منهم اذا قوى امر الاسلام وعز انصاره. والوكيل هو العالم بما يفوض اليه من التدبير { أفلا يتدبرون القرآن } يتأملون فى معانيه ويتبصرون ما فيه واصل التدبير النظر فى ادبار الشىء وما يؤول اليه فى عاقبته ومنتهاه ثم استعمل فى كل تأمل { ولو كان من عند غير اللّه } اى ولو كان من كلام البشر كما زعم الكفار { لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } من تناقض المعنى وتفاوت النظم وكان بعضه فصيحا وبعضه ركيكا وبعضه يصعب معارضته وبعضه يسهل ومطابقة بعض اخبار المستقبلة للواقع دون بعض وموافقة العقل لبعض احكامه دون بعض على ما دل عليه الاستقراء لنقصان القوة البشرية وهل يجوز ان يقال بعض كلام اللّه ابلغ من بعض قال الامام السيوطى فى الاتقان جوزه قوم لقصور نظرهم فينبغى ان يعلم ان معنى قول القائل هذا الكلام ابلغ من هذا الكلام ان هذا فى موضعه له حسن ولطف وبلاغة وذاك فى موضعه له حسن ولطف وهذا الحسن فى موضعه اكمل وابلغ من ذلك فى موضعه فلا ينبغى ان يقال ان { قل هو اللّه احد } ابلغ من { تبت } بل ينبغى ان يقال { تبت يدا ابى لهب } دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران احسن من هذه وكذلك فى { قل هو اللّه احد } لا توجد عبارة تدل على وحدانيته ابلغ منها فالعالم اذا انظر الى { تبت يدا ابى لهب } فى باب الدعاء بالخسران ونظر الى { قل هو اللّه احد } فى باب التوحيد لا يمكنه ان يقول احدهما ابلغ من الآخر وقال بعض المحققين كلام اللّه فى اللّه افضل من كلامه فى غيره ف { قل هو اللّه احد } افضل من { تبت يدا ابى لهب } لان فيه فضيلة الذكر وهو كلام اللّه وفضيلة المذكور وهو اسم ذاته وتوحيده وصفاته والايجابية والسلبية وسورة تبت فيها فضيلة الذكر فقط وهو كلام اللّه تعالى قال الغزالى فى جوهر القرآن ومن توقف فى تفضيل الآيات اول قوله عليه السلام ( افضل سورة واعظم سورة ) بانه اراد فى الاجر والثواب لا ان بعض القرآن افضل من بعض فالكل فى فضل الكلام واحد والتفاوت فى الاجر لا فى كلام اللّه تعالى من حيث هو كلام اللّه القديم القائم بذاته تعالى انتهى يقول الفقير جامع هذه المجالس النفيسة قولهم ان هذه الآية فى غاية الفصاحة كما قال القاضى عند قوله تعالى { وقيل يا ارض ابلعى ماءك } الآية يشعر بجواز القول بالتفاوت فى طبقات الفصاحة كما عليه علماء البلاغة ومن هنا : قال من قال دربيان ودرفصاحت كى بوديكسان سخن ... كرجه كوينده بود جون جاحظ وجون اصمعى در كلام ايزد بيجون كه وحى منزلست ... كى بود تبت يدا مانند يا ارض ابلعى قال العلماء القرآن يدل على صدقه عليه السلام من ثلاثة اوجه. احدها اطراد الفاظه فى الفصاحة. وثانيها اشتماله على الاخبار عن الغيوب. والثالث سلامته من الاختلاف وسبب سلامته منه على ما ذهب اليه اكثر المتكلمين ان القرآن كتاب كبير مشتمل على انواع كثيرة من العلوم فلو كان ذلك من عند غير اللّه لوقع فيه انواع من الكلمات المتناقضة لان الكتاب الكبير الطويل لا ينفك عن ذلك ولما لم يوجد فيه ذلك علمنا انه ليس من عند غير اللّه وانما هو وحى اوحى اليه عليه السلام من عند اللّه بوساطة جبرائيل فمن اطاعه فيه فقد اطاع اللّه والاطاعة سبب لنيل المطالب الدنيوية والاخروية ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة اللّه وعدله دخول الجنة : كما قال السعدى سك اصحاب كهف رزوى جد ... بى مردم كرفت ومردم شد فاذا كان من تبع المطيعين كذلك فما ظنك بالمطيعين وكما ان من صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة ومن شكر اللّه فى نعمائه ولم يشكر الوالدين لا يقبل منه فكذلك من اطاع اللّه ولم يطع الرسول لا يقبل منه والاشارة ان الرسول صلى اللّه عليه وسلم كان لوصفه بالفناء فانيا فى اللّه باقيا باللّه قائما مع اللّه فكان خليفة اللّه على الحقيقة فيما يعامل الخلق حتى قال { وما رميت اذ رميت ولكن اللّه رمى } وكان اللّه خليفته فيما يعامله الخلق حتى قال { ان الذين يبايعونك انما يبايعون اللّه } ولهذا كان يقول صلى اللّه عليه وسلم ( اللّه خليفتى على امتى ) { فمن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا } فانك لست حافظا فكيف لهم فانهم تولوا عنى لا عنك فانما على حسابهم لا عليك وفى قوله تعالى { ويقولون طاعة } اشارة الى احوال اكثر مريدى هذا الزمان اذا كانوا حاضرين فى الصحبة ينعكس تلألؤ اشعة انوار الولاية فى مرآة قلوبهم فيزدادون ايمانا مع ايمانهم ورادة مع ارادتهم فيصغون بآذانهم الواعية الى الحكم والمواعظ الحسنة ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ويقولون السمع والطاعة فيما يسمعون ويخاطبون به { فاذا برزوا من عندك } وهب لهم رياح الهوى وشهوة الحرص وتمايلت قلوبهم عن مجازات القرار على الولاية وعاد المشئوم الى طبعه { بيت طائفة منهم غير الذى تقول واللّه يكتب ما يبيتون } اى يغير عليهم ما يغيرون على انفسهم لان اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم { فاعرض عنهم } فاصفح عنهم واصبر معهم { وتوكل على اللّه } لعل اللّه يصلح بالهم ولا يجعل التغيير وبالهم ويحسن عاقبتهم ومآلهم { وكفى باللّه وكيلا } للمتوكلين عليه والملتجئين اليه ثم اخبر عن الدواء كما اخبر عن الداء بقوله { أفلا يتدبرون القرآن } والاشارة ان العباد لو كانوا يتدبرون القرآن ويتفكرون فى آثار معجزاته وانوار هداياته ونظم آياته وكمال فصاحته وجمال بلاغته وجزالة الفاظه ورزانة معانيه ومتانة مبانيه وفى اسراره وحقائقه ودقة اشاراته ولطائفه وانواع معالجاته لامراض القلوت من اصابة ضرر الذنوب لوجدوا فيه لكل داء دواء ولكل مرض شفاء ولكل عين قرة ولكل وجه غرة ولرأوا كأسه موصوفا بالصفاء محفوظا من القذى بحرا لا تنقضى عجائبه وبرا لا تنتفى غرائبه روحا لا تباغض فيه ولا خلاف وجثة لا تناقض فيها ولا اختلاف { ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } ولم يجدوا فيه نقيرا ولا قطميرا انتخبته من التأويلات النجمية : وفى المثنوى جون تودر قرآن حق بكريختى ... باروان انيبا آميختى هست قرآن حالهاى انيبا ... ماهيان بحر باك كبريا وربخوانى ونه قرن بزير ... انبياو اوليارا ديده كير |
﴿ ٨١ ﴾