١١٨

{ لعنه اللّه } صفة ثانية للشيطان اى ابعده من رحمته الى عقابه بالحكم له بالخلود فى جهنم ويسقط بهذا قول من قال كيف يصح ان يقال لعنه اللّه وهو فى الدنيا لا يخلو من نعمة تصل اليه ويسقط بهذا قول من قال كيف يصح ان يقال لعنه اللّه وهو فى الدنيا لا يخلو من نعمة تصل اليه من اللّه تعالى فى كل حال لانه لا يعتد بتلك النعمة مع الحكم له بالخلود فى النار

{ وقال } عطف عليه اى شيطانا مريدا جامعا بين لعنة اللّه وهذا القول الشنيع الصادر عنه عند اللعن الدال على فرط عداوته للناس فان الواو الواقعة بين الصفات انما تفيد مجرد الجمعية

{ لأتخذن } هذه اللام واللامات الآتية كلها للقسم

{ من عبادك نصيبا مفروضا } اى مقطوعا واجبا قدّر لى وفرض وهو اى النصيب المفروض لابليس كل من اطاعه فيما زين له من المعاصى

قال الحسن من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون كما فى حديث المشارق ( يقول اللّه تعالى ) اى فى يوم الموقف ( يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج بعث النار ) يعنى ميز اهلها والبعث بمعنى المبعوث ( قال وما بعث النار ) ما هنا بمعنى كم العددية ولذا اجيب عنها بالعدد ( قال ) اى اللّه تعالى ( من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون ) قال النبى عليه السلام ( فذلك التقاول حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها ) كنايتان عن شدة اهوال يوم القيامة ( وترى الناس سكارى ) اى من الخوف ( وما هم بسكارى ) اى من الخمر ( ولكن عذاب اللّه شديد ) قال اى الراوى واشتد ذلك عليهم فقالوا يا رسول اللّه اينا ذلك الرجل الباقى من الالف فقال ( ابشروا فان من يأجوج ومأجوج الفا ومنكم رجلا ) والخطاب للصحابة وغيرهم من المؤمنين ثم قال ( والذى نفسى بيده انى لأرجو ان تكونوا ربع اهل الجنة ) قال الراوى فحمدنا اللّه وكبرنا ثم قال ( والذى نفسى بيده انى لأرجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة ) فحمدنا اللّه وكبرنا ثم قال ( والذى نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا شطر اهل الجنة ) وترقى عليه السلام فى حديث آخر من النصف الى الثلثين وقال ( ان اهل الجنة مائة وعشرون صنفا وهذه الامة منها ثمانون ان مثلكم فى الامم ) اى الكفرة ( كمثل الشعرة البيضاء فى جلد الثور الاسود ) فلا يستبعد دخول كل المؤمنين الجنة

فان قيل كيف علم ابليس انه يتخذ من عباد اللّه نصيبا

قيل فيه اجوبة. منها ان اللّه تعالى لما خاطبه بقوله

{ لأن جهنم من الجنة والناس اجمعين } علم ابليس انه ينال من ذرية آدم ما يتمناه. ومنها انه لما وسوس لآدم فنال منه طمع فى ذريته. ومنها ان ابليس لما عاين الجنة والنار علم ان لها سكانا من الناس

﴿ ١١٨