١٢٦

{ وللّه ما فى السموات وما فى الارض } كأنه قيل لم خص اللّه تعالى ابراهيم عليه السلام بالخلة وله عباد مكرمون فاجاب بان جميع ما فى السموات وما فى الارض من الموجودات له تعالى خلقا وملكا يختار منها ما يشاء ومن يشاء

{ وكان اللّه بكل شىء محيطا } احاطة علم وقدرة فكل واحد من علمه وقدرته محيط بجميع ما يكون داخلا فيهما وما يكون خارجا عنهما ومغايرا لهما مما لا نهاية له من الصدورات الخارجة عن هذه السموات والارضين روى ان ابراهيم عليه السلام بعث الى خليل له بمصر فى ازمة اصابت الناس يمتار منه فقال خليله لو كان ابراهيم يريد لنفسه لفعلت ولكن يريد للاضياف وقد اصابنا ما اصاب الناس فاجتاز غلمانه ببطحاء لينة فملأوا منها الغرائر حياء من الناس فلما اخبروا ابراهيم ساءه الخبر فغلبته عيناه فنام فقامت سارة الى غرارة منها فاخرجت حوارى واختبزت فاستيقظ ابراهيم فاشتم رائحة الخبز فقال من اين هذا لكم فقالت من خليلك المصرى فقال بل من عند خليلى اللّه عز وجل فسماه اللّه خليلا

وفى الخبر تعجب الملائكة من كثرة ماله وخدمه وكان له خمسة آلاف قطيع من الغنم وعليها كلاب المواشى باطواق الذهب فتمثل له ملك فى صورة البشر وهو ينظر اغنامه فى البيداء فقال الملك سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح فقال ابراهيم عليه السلام كرر ذكر ربى ولك نصف ما ترى من اموالى فكرر الملك فنادى ثانيا كرر تسبيح ربى ولك جميع ما ترى من مالى فتعجب الملائكة فقالوا جدير ان يتخذك اللّه خليلا فعلى هذا انما سمى الخليل خليلا على لسان الملائكة

قال القاضى فى الشفاء الخلة هنا اقوى من النبوة لان النبوة قد يكون فيها العداوة كما قال تعالى

{ ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم } ولا يصح ان تكون عداوة مع خلة ومن شرط الخلة استسلام العبد فى عموم احواله للّه باللّه وان لا يدخر شيأ مع اللّه لا من ماله وجسده ولا من نفسه ولا من روحه وخلده ولا من اهله وولده وهكذا كان حال ابراهيم عليه السلام

جانكه نه قربانىء جانان بود ... جيفه تن بهترازان جان بود

هركه نه شد كشته بشمشير دوست ... لاشه مردار به ازجان اوست

ومن شرط المحبة فناء المحب فى المحبة وبقاؤه فى المحبوب حتى لم تبق المحبة من المحب الا الحبيبْ وهذا حال محمد صلى اللّه عليه وسلم

قيل لمجنون بنى عامر ما اسمك قال ليلى

قال شيخى وسندى ومن هو بمنزلة روحى فى جسدى فى كتاب اللائحات البرقيات ان الخلة والمحبة الآلهية الاحدية تجلت لنبينا محمد صلى اللّه تعالى عليه وسلم بحقيقتها ولابراهيم عليه السلام بصورتها ولغيرهما بخصوصياتها الجزئيات بحسب قابلياتهم ونبينا عليهم السلام فى مقام الخلة والمحبة بمنزلة المرتبة الاحدية الذاتية وابراهيم عليه الصلاة والسلام بمنزلة المرتبة الواحدية الصفاتية وغيرهما بمنزلة المرتبة الواحدية الافعالية والى هذه المقامات والمراتب اشارة فى البسملة على هذا الترتيب ونبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم خليل اللّه وحبيبه بالفعل وابراهيم عليه السلام خليل الرحمن وحبيبه بالفعل وغيرهما من الانبياء اخلاء الرحيم واحباؤه بالفعل انتهى كلام الشيخ العلامة ابقاه اللّه بالسلامة

واعلم انه عليه السلام قال ( ان اللّه اتخذنى خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا ولو كنت متخذا خليلا غير ربى لاتخذت ابا بكر خليلا ) يعنى لو جاز لى ان اتخذ صديقا من الخلق يقف على سرى لاتخذت ابا بكر خليلا ولكن لا يطلع على سرى الا اللّه ووجه تخصيصه بذلك ان ابا بكر رضى اللّه عنه كان اقرب بسر رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم لما روى انه عليه السلام قال ( ان ابا بكر لم يفضل عليكم بصوم ولا صلاة ولكن بشىء كتب فى قلبه ) وانفهم من عدم اتخاذه عليه السلام احدا خليلا انفصاله عما سوى اللّه تعالى فكل الكائنات متصل به وهو غير متصل بشىء اصلا سوى اللّه سبحانه وتعالى اللّهم ارزقنا شفاعته : قال الشيخ السعدى فى نعته الشريف

شبى برنسشت ازفلك در كذشت ... بتمكين جاه از ملك در كذشت

جنان كرم درتيه قربت براند ... كه درسدره جبريل ازوبازماند

فهذا انفصاله عن العلويات والسفليات ووصوله الى حضرة الذات

﴿ ١٢٦