١٤٣ { مذبذبين بين ذلك } حال من فاعل يراؤن وذلك اشارة الى الايمان والكفر المدلول عليهما بمعونة المقام اى مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان والهوى بينهما وحقيقة المذبذب ما يذب ويدفع عن كلا الجانبين مرة بعده اخرى { لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء } حال من ضمير مذبذبين اى لا منسوبين الى المؤمنين فيكونون مؤمنين ولا الى الكافرين فيكونون مشركين { ومن يضلل اللّه } لعدم استعداده للّهداية والتوفيق { فلن تجد له سبيلا } موصلا الى الحق والصواب فضلا عن انه تهديه اليه والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان وكان صلى اللّه عليه وسلم يضرب مثلا للمؤمنين والمنافقين والكافرين كمثل رهط ثلاثة رفعوا الى نهر فقطعه المؤمن ووقف الكافر ونزل فيه المنافق حتى اذا توسطه عجز فناداه الكافر هلم الى لا تغرق وناداه المؤمن هلم الى لتخلص فما زال المنافق يتردد بينهما اذ اتى عليه ماء فغرقه فكان المنافق لم يزل فى شك حتى يأيته الموت اى كه دارى نفاق اندر دل ... خار بادت خليده اندر حلق هركه سازد نفاق بيشه خويش ... خوار كردد بنزد خالق وخلق والاشارة { ان المنافقين } انما { يخادعون اللّه } فى الدنيا لان اللّه تعالى { وهو خادعهم } فى الازل عند رش نوره على الارواح وذلك ان الحق خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره فلما رش نوره اصاب ارواح المؤمنين واخطأ ارواح المنافقين والكافرين ولكن الفرق بين المنافقين والكافرين ان ارواح المنافقين رأوا رشاش النور وظنوا انه يصيبهم فاخطأهم وارواح الكافرين ما شاهدوا ذلك الرشاش ولم يصبهم وكأن المنافقين خدعوا عند مشاهدتهم الرشاش اذما اصابهم فمن نتائج مشاهدتهم الرشاش { واذا قاموا الى الصلوة } من نتائج حرمانهم اصابة النور { قاموا كسالى يراؤن الناس } كيما يرونهم النور { ولا يذكرون اللّه الا قليلا } لانهم يذكرونه بلسان الظاهر القالبى لا بلسان الباطن القلبى والقالب من الدنيا وهى قليلة قليل ما فيها والقلب من الآخرة وهى كثيرة كثير ما فيها فالذكر الكثير من لسان القلب كثير والفلاح فى الذكر الكثير لا فى القليل لقوله تعالى { واذكروا اللّه ذكرا كثيرا } اى بلسان القلب { لعلكم تفلحون } ولما كان ذكر المنافقين بلسان القالب كان قليلا فما افلحوا به وانما كان ذكر المنافق بلسان الظاهر لانه رأى رشاش النور ظاهرا من البعد ولم يصبه فلو كان اصابه ذلك النور لكان صدره منشرحا به كما قال تعالى { أفمن شرح اللّه صدره للاسلام فهو على نور من ربه } اى على نور مما رش به ربه ومعدن النور هو القلب فكان قلبه ذاكرا للّه بذلك النور فانه يصير لسان القلب فقليل الذكر منه يكون كثيرا فافهم جدا فلما كانت ارواح المنافقين مترددة متحيرة بين مشاهدة رشاش النور وبين الظلمة الخلقية لا الى هؤلاء الذين اصابهم النور ولا الى هؤلاء الذين لم يشاهدوا الرشاش لذلك كانوا { مذبذبين بين ذلك } المؤمنين والكافرين { لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ومن يضلل اللّه } باخطاء ذلك النور كما قال ومن اخطأه فقد ضل { فلن تجد له سبيلا } ههنا الى ذلك النور يدل عليه قوله { ومن لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور } اى ومن لم يجعل اللّه له قسمة من ذلك النور المرشش عليهم فماله اليوم نصيب من نور الهداية كذا فى التأويلات النجمية اللّهم ارزقنا الذكر الكثير واعصمنا من الذنب الصغير والكبير يقال حصون المؤمن ثلاثة المسجد وذكر اللّه وتلاوة القرآن والمؤمن اذا كان فى واحد من ذلك اى من الاشياء الثلاثة فهو فى حصن من الشيطان قال على رضى اللّه عنه يأتى على الناس زمان لا يبقى من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه يعمرون مساجدهم وهى خراب من ذكر اللّه تعالى شر اهل ذلك الزمان علماؤهم منهم تخرج الفتنة واليهم تعود قال السعدى قدس سره كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه جون نفس ناطق زكفتن بخفت اللّهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين آمين يا معين |
﴿ ١٤٣ ﴾