١٤٥

{ ان المنافقين فى الدرك الاسفل من النار } هو الطبقة التى فى قعر جهنم وهى الهاوية والنار سبع دركات سميت بذلك لانها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض والدركات فى النار مثل الدرجات فى الجنة كل ما كان من درجات الجنة اعلى فثواب من فيه اعظم وما كان من دركات النار اسفل فعقاب من فيه اشد

وسئل ابن مسعود عن الدرك الاسفل فقال هو توابيت من حديد مبهمة عليهم لا ابواب لها

فان قلت لم كان المنافق اشد عذابا من الكافر قلت لانه مثله فى الكفر وضم الى كفره الاستهزاء بالدين والخداع للمسلمين فالمنافقون اخبث الكفرة

فان قلت من المنافق قلت هو فى الشريعة من اظهر الايمان وابطن الكفر

واما تسمية من ارتكب ما يفسق به بالمنافق فللتغليظ والتهديد والتشبيه مبالغة فى الزجر كقوله من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر ومنه قوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم انه مسلم من اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان )

وقيل لحذيفة رضى اللّه عنه من المنافق فقال الذى يصف الاسلام ولا يعمل به

وعن الحسن اتى على النفاق زمان وهو مقروع فيه فاصبح قد عمم وقلد واعطى سيفا يعنى الحجاج

قال عمر بن عبد العزيز لو جاءت كل امة بمنافقيها وجئنا بالحجاج فضلناهم

وعن عبد اللّه بن عمر ان اشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة المنافقون ومن كفر من اصحاب المائدة وآل فرعون قال اللّه تعالى فى اصحاب المائدة

{ فانى اعذبه عذابا شديدا لا اعذبه احدا من العالمين } وقال فى حق المنافقين

{ ان المنافقين فى الدرك الاسفل من النار } وقال

{ ادخلوا آل فرعون اشد العذاب } قيل لا يمتنع ان يجتمع القوم فى موضع واحد ويكون عذاب بعضهم اشد من بعض ألا ترى ان البيت الداخل فى الحمام يجتمع فيه الناس فيكون بعضهم اشد اذى بالنار لكونه ادنى الى موضع الوقود وكذلك يجتمع القوم فى القعود فى الشمس وتأذى الصفراوى اشد واكثر من تأذى السوداوى والمنافق فى اللغة مأخوذ من النفق وهو السر اى يستتر بالاسلام كما يستتر الرجل بالسرب

وقيل هو ماخوذ من قولهم نافق اليربوع اذا دخل نافقاءه فاذا طلب من النافقاء خرج من القاصعاء واذا طلب من القاصعاء خرج من النافقاء والنافقاء والقاصعاء حجر اليربوع

{ ولن تجد لهم نصيرا } اى مانعا يمنع عنهم العذاب ويخرجهم من الدرك الاسفل من النار والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان

﴿ ١٤٥