|
٤١ { لهم من جهنم مهاد } من جهنم حال من مهاد ومعناه فراش من النار يضطجعون ويقعدون فيه { ومن فوقهم مهاد } من جهنم حال من مهاد ومعناه فراش من النار يضطجعون ويقعدون فيه { ومن فوقهم غواش } اى اغطية جمع غاشية وهو ما يغشى الشئ ويستره ومعنى الآية الاخبار عن احاطة النار بهم من كل جانب حيث كانت غطاء لهم ووطاء وفى الحديث ( الكافر يكسى لوحين من نار فى قبره ) { وكذلك } اى مثل ذلك الجزاء الشديد وهو التعذيب بالنار { نجزى الظالمين } ولما كان التعذيب المؤبد بنار جهنم اشد العقوبات دل ذكر الظلم معه على انه اعظم الاجرام واعلم ان فوت النعيم ايسر من مقاساة الجحيم والمصيبة العظمى هى الخلود وذكر عند الحسن البصرى ان آخر من خرج من النار رجل يقال له هناد عذب الف عام ينادى يا حنان ويا منان فبكى الحسن وقال ليتنى كنت هنادا فتعجبوا منه فقال ويحكم أليس يوما يخرج والاشارة { ان الذين كذبوا بآياتنا } وهى السنن الحسنة المنزلة على الانبياء وما اظهره اللّه تعالى على يد الاولياء من الكرامات والعلوم اللدنية فانكروها { واستكبروا عنها } اى تكبروا عن قبولها والايمان بها { لا تفتح لهم ابواب السماء } اى ابواب سماء القلوب الى الحضرة { ولا يدخلون الجنة } اى جنة القربة والوصلة { حتى يلج الجمل } اى جمل النفس المتكبرة { فى سم الخياط } وهو مدخل الطريقة التى بها تربى النفوس الامارة وتزكى لتصير مطمئنة فتستحق بها خطاب ارجعى الى ربك. فالمعنى ان النفس المتكبرة لما صارت كالجمل لتكبرها لا تصلح لدخول جنة الحقيقة الا بعد تزكيتها باحكام الشريعة وآداب الطريقة حتى تصير بالتربية فى ازالة الصفات الذميمة وقطع تعلقات ما سوى اللّه تعالى ادق من الشعر بالف مرة فيلج فى سم خياط الفناء فيدخل الجنة جنة البقاء فافهم جدا { وكذلك نجزى المجرمين } الذى اجرموا على انفسهم الضعيفة اللطيفة حتى صارت من الاوزار كالجمل بان نجل { لهم من جهنم } المجاهدة والرياضة فراشا وهو قوله { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش } يعنى من مخالفة النفس وقمع الهوى يكون فراشهم ولحافهم حتى تحيط بهم فتذيبهم وتحرق منهم انانيتهم مع اثقال اوزارهم ليستحقوا دخول الجنة { وكذل نجزى الظالمين } يعنى بهذه الطريقة تضع عنهم اوزارهم ونرد مظالمهم فى الدنيا ليردوا القيامة مستعدين لدخول الجنة ومن لم نجزه فى الدنيا بهذه الطريقة فنجزه فى الآخرة كما قال { ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر } فى الآخرة { لعلهم يرجعون } فيه كذا فى التأويلات النجمية فالمجاهدة وسلوك طريق التصفية من دأب الاخيار ذكر عن ابراهيم ابن ادهم انه لما اراد ان يدخل البادية اتاه الشيطان فخوفه ان هذه بادية مهلكة ولا زاد معك ولا مركب فعزم على نفسه رحمه اللّه ان يقطع البادية على تجرده ذلك وان لا يقطعها حتى يصلى تحت كل ميل من اميالها الف ركعة وقام بما عزم عليه وبقى فى البادية اثنتى عشرة سنة حتى ان الرشيد حج فى بعض تلك السنين فرآه تحت ميل يصلى فقيل له هذا ابراهيم بن ادهم فأتاه فقال كيف نجدك يا ابا اسحق فانشد ابراهيم بن ادهم يقول نرفع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع فطوبى لعبد آثر اللّه ربه ... وجاء بدنياه لما يتوقع قال الحافظ : دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل ... كه زاد رهروان جستيست وجالا كى |
﴿ ٤١ ﴾