|
٢٣ { ولو علم اللّه فيهم خيرا } شيأ من جنس الخير الذى من جملته صرف قواهم الى تحرى الحق واتباع الهدة { لاسمعهم } سماع تفهم وتدبر ولوقفوا على حقيقة الرسول واطاعوه وآمنوا به ولكن لم يعلم فيهم شيأ من ذلك لخلوهم عنه بالمرة فلم يسمعهم لذلك لخلوه عن الفائدة وخروجه عن الحكمة قال ابن الشيخ عبر عن عدم استقرار الخير فيهم بعدم علم اللّه تعالى بوجوده فيهم لان كل ما وقع واستقر يجب ان يعبم اللّه تعالى بحصوله ووجوده فعدم علم اللّه تعالى بوجود الشئ من لوازم عدمه فى نفسه فعبر باللازم عن الملزوم فقيل { لو علم اللّه فيهم خيرا لاسمعهم } مقام ان يقال لو كان فيهم خيرا لأسمعهم لكونه ابلغ فى الدلالة على انعدام الخير فيهم لان نفى لازم الشئ نفى لنفس ذلك الشئ بينه فيكون ابلغ من نفى نفس ذلك الشئ { ولو اسمعهم } سماع تفهم وهم على هذه الحالة العارية عن الخير بالكلية { لتولوا } عما سمعوه من الحق ولم ينتفعوا به قط او ارتدوا بعد ما صدقوه وصاروا كأن لم يسمعوه اصلا { وهم معرضون } اى لتولوا على ادبارهم والحال انهم معرضون عما سمعوه بقلوبهم لعنادهم وفيه اشارة الى ان من قدر له الشقاوة فانه يتولى عن المتابعة فى اثناء السلوك ويعرض عن اللّه وطلبه ويقبل على الدنيا وزخارفها واعلم ان الانسان خلق فى احسن تقويم قابلا للتربية والترقى مستعدا لكمال لا يبلغه الملك المقرب فهو فى بدء الخلقة دون الملك وفوق الحيوان فبتربية الشريعة يصير فوق الملك فيكون خير البرية وبمخالفة الشريعة ومتابعة الهوى يصير دون الحيوان فيكون شر البرية فيؤول حال من يكون خيرا من الملك الى ان يكون شر الدواب فعل العاقل ان لا يخالف امر الرسول وشريعته فان الحيوان يستسلم لامره فكيف بالانسان - حكى - انه جاء رجل فى بعض اسفاره صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه انه كان لى حائط فيه عيشى وعيش عيالى ولى فيه ناضحان والناضخ البعير الذى يستسقى عليه فمنعانى انفسهما وحائطى وما فيه فلا نقدر ان ندنو منهما فنهض النبى صلى اللّه عليه وسلم واصحابه حتى اتى الحائط فقال لصاحبه ( افتح ) قال امرهما عظيم قال ( افتح ) فلما حرك الباب اتيا ولهما جلبة فلما انفرج الباب نظرا الى النبى عليه السلام وبركا ثم سجدا فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رؤوسهما ثم دفعهما الى صاحبهما وقال ( استعملهما واحسن اليهما ) فقال القوم تسجد لك البهائم أفلا تأذن لنا فى السجود لك فقال صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( ان السجود ليس الا للحى القيوم ولو امرت احدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها ) وكل ما امر به النبى عليه السلام او نهى عنه ففيه حكمة ومصلحة ولست بمأمور بالتفتيش عنها وانما يلزم عليك الاطاعة والانقياد فقط. أفرتضى لنفسك ان تصدق ابن البيطار فيما ذكره فى العقاقير والاحجار فتبادر الى امتثال ما امرك به ولا تصدق سيد البشر صلى اللّه تعالى عليه وسلم فيما يخبر عنه وتتوانى بحكم الكسل عن الاتيان بما امر به او فعل وانت تحقق انه عليه السلام مكاشف من العالم بجميع الاسرار والحكم كما اخبر عن نفسه وقال ( فعلمت علم الاولين والآخرين ) ولما اخرجك اللّه من صلب آدم فى مقام ألست رددت الى اسفل السافلين ثم منه دعيت لترتفع بسعيك وكسبك الى اعلى عليين حيث ما قدر لك على حسب قابليتك ولا يمكنك ذلك الا بأمرين. احدهما بمحبته صلى اللّه عليه وسلم وبان تؤثر حبه على نفسك واهلك مالك. والثانى بمتابعته صلى اللّه عليه وسلم فى جميع ما امر به ونهى عنه وبذلك تستحكم مناسبتك به وبكمال متابعتك يحصل لك الارتفاع الى اوج الكمال ومن علامات المحبة حب القرآن وحب تلاوته والا كان من المعرضين عن سلوك طريقته صلى اللّه عليه وسلم ومن تمتم محبته ايثار الفقر والزهد فى الدنيا كين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... برجنين مردار جون باشم حريص اللّهم اعصمنا من المهالك واجعلنا من السالكين الى خير المسالك |
﴿ ٢٣ ﴾