|
٤٥ { يا ايها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة } اى حاربتم جماعة كافة لان اللقاء مما غلب فى الحرب والقتال وهم ما كانوا يحاربون الا الكفار { فاثبتوا } وقت لقائهم وقتالهم ولا تنهزموا وفى الحديث ( لا تتمنوا لقاء العدو فاذا لقيتموهم فاصبروا ) وانما نهى عن تمنى لقاء العدو لما فيه من صورة الاعجاب والوثوق بلقوة ولانه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو وتحقيرهم وهذا يخالف الاحتياط كما قالوا فى آداب المناظرة انه ينبغى ان لا يحسب المناظر الخصم حقيرا اى صغيرا ذليلا لان استحقار الخصم ربما يؤدى الى صدور الكلام الضعيف من المناظر لعدم المبالاة فيكون سببا لغلبة الخصم الضعيف عليه فيكون الضعيف قويا والقوى ضعيفا واشلر اذا جاء من حيث لا يحتسب كان اعم فعلى العاقل ان يسال العفو والعافية فانه لا يدرى ما يفعل به اول شكسته باش كه اوج سرير ملك ... يوسف بس ازمجاورت قعر جاه يافت { واذكروا اللّه كثيرا } اى فى تضاعيف القتال ومواطن الشدة بالتكبير والتهليل وغيرهما وادعوه بنصر المؤمنين وخذلان الكافرين { كالذين قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } { لعلكم تفلحون } اى تفوزون بمرامكم وتظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة. وفيه تنبيه على ان العبد ينبغى ان لا يشغله شيء عن ذكر اللّه وان يلتجئ اليه عند الشدائد ويقبل اليه بالكلية فارغ البال واثقا بانه لطفه لا ينفعك عنه فى حال من الاحوال وعلى ان ذكر اللّه تعالى له تأثير عظيم فى دفع المضار وجلب المنافع توبهر حالى كه باشى روز وشب ... يك نفس غافل مباش ازدكررب درخوشى ذكر توشكر نعمتست ... دربلاها التجا باحضر تست قال بعض الحكماء ان للّه جنة فى الدنيا من دخلها يطيب عيشه وهو مجالس الذكر وفى الحديث ( ان للّه سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فاذا اتوا عليهم حفوا بهم ثم بعثوا رائدهم الى السماء الى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون ربنا آتينا على عباد من عبادك يعظمون آلامك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى اللّه عليه وسلم ويسألونك لآخرتهم ودنياهم فيقول اللّه تبارك وتعالى غشوهم رحمتى فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ) قال فى انوار المشارق وكما يستحب لذكر يستحب الجلوس فى حلق اهله والعادة جرت فى حلق الذكر بالعلانية اذ لم يعرف فى كرّ الدهور حلقة ذكر اجتمع عليها قوم ذاكرون فى انفسهم فالذكر برفع الصوت اشد تأثيرا فى قمع الخواطر الراسخة على قلب المبتدى وايضا يغتنم الناس باظهار الدين بركة الذكر من السامعين فى الدور والبيوت ويشهد له يوم القيامة كل رطب ويابس سمع صوته خصوصا فى مواضع الازدحام بين الغافلين من العوام لتنبيه الغافلين وتوفيق الفاسقين وفى بعض الفتاوى لو ذكر اللّه فى مجلس الفسق ناويا انهم يشتغلون بالفسق وانا اشتغل بالذكر فهو افضل كالذكر فى السوق افضل من الذكر فى غيره وحضور مجلس الذكر يكفر سبعين مجلسا من مجالس السوء وقد نهى عن ان يجلس الانسا مجلسا لا يذكر اللّه ولا يصلى على نبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم ويكون ذلك المجلس حسرة عليه يوم القيامة وفى الحديث ( من جلس مجلسا كثر فيه لغطه فقال قبل ان يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللّهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك غفر له ما كان فى مجلسه ذلك ) فعلى العاق ان يكون رطب اللسان بالذكر والدعاء والاستغفار دائما خصوصا فى الاوقات المباركة -روى- ان النبى عليه السلام بعث بعثا الى نجد فغنموا واسرعوا وقل رجل ما رأينا بعثنا افضل غنيمة واسرع رجعة فقال النبى عليه السلام ( ألا ادلكم على قوم افضل غنيمة واسرع رجعة الذين شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون اللّه حتى تطلع الشمس ثم يصلون ركعتين ثم يرجعون الى اهاليهم وهى صلاة الاشراق وهو اول وقت الضحى وذلك بعد ان تطلع الشمس ويصلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) ذكر فى شرح المصابيح ان فى قوله ثم قعد يذكر اللّه تعالى دلالة على ان المستحب فى هذا الوقت انما هو ذكر اللّه تعالى لا القراءة لان هذا وقت شريف وان للمواظبة للذكر فيه تأثيرا عظيما فى النفوس وقال فى المنية ناقلا عن جمع العلوم ومن وقت الفجر الى طلوع الشمس ذكر اللّه تعالى اولى من القراءة ويؤيده ما ذكره فى القنية من ان الصلاة على ان النبى عليه السلام والدعاء والتسبيح افضل من قراءة القرآن فى الاوقات التى نهى عن الصلاة فيها وعن النبى صلى اللّه عليه وسلم ( ألا ادلكم على ساعة من ساعات الجنة الظل فيها ممدود والرزق فيها مقسوم والرحمة فيها مبسوطة والدعاء مستجاب قالوا بلى يا رسول اللّه قال ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ) قال على المرتضى رضى اللّه عنه مر النبى عليه السلام بعائشة رضى اللّه عنها قبل طلوع الشمس وهى نائمة فحركها برجله فقال ( قومى لتشاهدى رزق ربك ولا تكونى من الغافلين ان اللّه يقسم ارزاق العباد بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ) واختلف فى ان التهليل والتسبيح ونحوهما بمجرد القلب افضل او باللسان مع حضور القلب احتج من رجح الاول بان عمل السر افضل واحتج من رجح الثانى بان العمل فيه اكثر فافتضى زيادة الصحيح وهو الثانى ذكره النووى فى شرح مسلم والذكر الكثير ما كان بصفاء القلب فصفاء القلب جنة العارف فى الدنيا فانه يجاوز بذكر اللّه تعالى عن جحيم النفس الامارة وهاويتها فيترقى الى نعيم الحضور قال ابو بكر الفرغانى كنت اسقط فى بعض الايام عن القافلة فقلت يا رب لو علمتنى الاسم الاعظم فدخل على رجلان وقال احدهما للآخر الاسم الاعظم ان تقول يا اللّه ففرحت به فقال ليس كما تقول بل بصدق اللجأ اى الالتجاء والاضطرار كما يقول من كان فى لجة البحر ليس ملجا غير اللّه واعلم ان الجهاد من اعظم الطاعات ولذلك لا يجتمع غبار المجاهد مع دخان جهنم وبخطوة من المجاهد يغفر ذنب وباخرى تكتب حسنة ولكن ينبغى للمجاهد ان يصحح نيته ويثبت فى مواطن الحرب فان بثبات القلب والقدم يتبين اقدار الرجال كما كان للتصديق رضى اللّه عنه حين صدمته الوجيعة بوفاة بثبات القلب يتبين اقدار الرجال كما كان للصديق رضى اللّه عنه حين صدمته الوجيعة بوفاة رسول اللّه حين قال من كان يعبد رب محمد فانه حى لا يموت ويجتنب عن الظلم وارتكاب المعاصى فان الغلبة على الاعداء بالقوة القدسة والتأييد الالهى لا بالقوة الجسمانية وكثرة العدد والعدد ألا يرى الى اللّه تعالى كيف ايد المؤمنين بالملائكة فى غزوة بدر مع قلتهم وكثرة الكافرين فالذين جاهدوا فى سبيل اللّه بالتقى والصبر والثبات فقد غلبوا على الاعداء ووصلوا الى الدرجات كه شتاب جصرصر كه قرار جوكوه ... كه شيب كبوتركه فراز عقاب واستعرض الاسكندر جنده فتقدم اليه رجل بفرس اعرج فامر باسقاطه فضحك الرجل فاستعظم ضحكه فى ذلك المقام ه ما اضحكك وقد اسقطتك قال العجب منك قال كيف قال تحتك آلة الهرب وتحتى آلة الثبات ثم تسقطنى فاعجب بقوله واثبته ثم اعلم ان الفئة الباغية ظاهرة كالطائفة الكافرة والجماعة الفاجرة وباطنة كطائفة القوى النفسانية وجماعة النفس الامارة فكما ان المؤمن مأمور بالثبات عند ظهور الفئة الباغة الظاهرة فكذلك مأمور بالثبات عند ظهور الفئة الباغية الباطنة بالمجاهدات والجهاد مع الكفار جهاد اصغر والجهاد مع النفس جهاد اكبر والاكبر افضل من الاصغر ولذلك يقول القتيل فى الاكبر صديقا وفى الاصغر شهيدا فالصديق فوق الشهيد كما قال اللّه تعالى { فاولئك مع الذين انعم اللّه عليهم من التبيين ولدصيقين والشهداء } والخلاص من ظلمات الخلقية والفوز بانوار الذكر الذى الاشتغال به من اكبر انواع الجهاد واسرع قدم فى الوصول الى رب العباد نسأل اللّه تعالى ان يحققنا بحقائق الذكر والتوحيد |
﴿ ٤٥ ﴾