|
٦٣ { الف بين قلوبهم } [ وبيوند افكند بدوستى ميان دلهاى ايشان ] مع ما كان بينهم قبل ذلك من العصبية والضغينة والتهالك على الانتقام بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان وكان اذا لطم رجل من قبيلة لطمه قاتل عنها قبيلته حتى يدركوا ثاره فكان دأبهم الخصومة الدائمة والمحاربة ولا تتوقع بينهم الالفة والاتفاق ابدا فصاروا بتوفيه تعالى كنفس واحدة هذا من ابهر معجزاته عليه السلام قال الكاشفى [ اوس وخزرج صد وبيست سال درميان ايشان تعصب وستيزه بود همواره بقتل وغارت هم اشتغال مى نمودند حق تعالى ببركت تودلهاى ايشانرا الفت داد ] يك حرف صوفيانه بكويم اجازتست ... اى نور ديده صلح به ازجنك آورى { لو انفقت ما فى الارض جميعا } اى لتأليف ما بينهم { ما الفت بين قلوبهم } اى تناهت عداوتهم الى حد لو انفق منفق فى اصلاح ذات بينهم جميع ما فى الارض من الاموال والذخائر لم يقدر على التأليف والاصلاح { ولكن اللّه الف بينهم } قلبا وقالبا بقدرته الباهرة فانه المالك للقلوب فيقبلها كيف يشاء { انه عزيز } كامل القدرة والغلبة لا يستعصى عليه شيء مما يريده { حكيم } يعلم كيفية تسخير ما يريده واعلم ان التودد والتألف والموافقة مع الاخوان مع ائتلاف الارواح وفى الحديث ( المؤمن الف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) وفى الحديث ( مثل المؤمنين اذا التقيا مثل اليدين تغسل احداهما الاخرى وما التقى المؤمنان الا استفاد احدهما من صاحبه خيرا ) وقال ابو ادريس الخولانى لمعاذ انى احبك فى اللّه فقال ابشر ثم ابشر فانى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ( تنصب لطائفة من الناس كراسى حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا يفزعون ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم اولياء اللّه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) فقيل من هؤلاء يا رسول اللّه فقال ( المتحابون فى اللّه ) قيل لو تحاب الناس وتعاطوا المحبة لاستغنوا بها عن العدالة فالعدالة خليفة المحبة تستعمل حيث لا توجد المحبة. وقيل طاعة المحبة افضل من طاعة الرهبة فان طاعة المحبة من داخل وطتعة الرهبة من خارج ولهذا المعنى كانت صحبة الصوفية مؤثرة من البعض فى البعض لانهم لما تحابوا فى اللّه تواصوا بمحاسن الاخلاق ورفع القبول لوجود المحبة فانتفع لذلك المريد بالشيخ والاخ بالاخ ولهذا المعنى امر اللّه تعالى باجتماع الناس فى كل يوم خمس مرات فى المساجد من اهل كل درب وكل محلة وفى الجامع فى الاسبوع مرة من اهل كل بلد وانضمام اهل السواد الى البلدان فى الاعياد فى جميع السنة مرتين واهل الاقطار من البلدان فى العمر مرة للحج كل ذلك لحكم بالغة منها تأكيد الالفة والمودة بين المؤمنين وفى الحديث ( ألا ان مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى ) قال السعدى قدس سره بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش زيك جوهرند جو عضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوهارا نماند قرار والتألف والتودد يؤكد الصحبة مع الاخيار مؤثرة جدا بل مجرد النظر الى اهل الصلاح يؤثر صلاحا والنظر فى الصور يؤثر اخلاقا مناسبة لخلق المنظور اليه كدوام النظر الى المحزون يحزن ودوام النظر الى المسر وريسر. وقد قيل من لا ينفعك لحظه لا ينفعك لفظه والجمل الشرود ويصير ذلولا بمقارنة الجمل الذلول فالمقارنة لها تأثير فى الحيوان والنبات والجماد والماء والهواء يفسدان بمقارنة الجيف والزروع تنقى من انواع العروق فى الارض والنبات لموضع الافساد بالمقارنة واذا كانت المقارنة مؤثرة فى هذه الاشياء ففى الصور الشريفة البشرية اكثر تأثيرا. وقيل سمى الانسان انسانا لانه يأنس بما يراه من خير او شر والتألف والتودد مسنجلبان للمزيد وانما العزلة الوحدة تحمد بالنسبة الى اراذل الناس واهل الشر فاما اهل العلم والصفاء والوفاء والاخلاق الحميدة فتغتنم مقارنتهم والاستئناس بهم استئناس باللّه تعالى كما ان محبتهم من محبة اللّه تعالى والجامع معهم رابطة الحق ومع غيرهم رابطة الطبع فالصوفى من غير الجنس كائن معاين والمؤمن مرآة المؤمن اذا التقى مع اخيه يستشف من وراء اقواله واعماله واحواله تجليات آلهية وتعريفات وتلويحات من اللّه الكريم خفية غابت عن الاغيار وادركها اهل الانوار كذا فى عوارف المعارف يقول الفقير اصلحه اللّه القدير سمعت من بعض العلماء المتورعين والمشايخ المتزهدين ممن له زوجتان متباغضتان انه قال قرأت هذه الآية وهو قوله تعالى { وهو الذى ايدك } الى آخرها على ماء فى كوز ونفخت فيه ثم اشربته اياهما فوقع التودد والالفة بينهما باذن اللّه تعالى وزال التباغض والتنافر الى الآن |
﴿ ٦٣ ﴾