٧٢

{ ان الذين آمنوا } باللّه تعالى وبمحمد عليه الصلاة والسلام وبالقرآن

{ وهاجروا } اوطانهم وهى مكة حبا للّه ولرسوله

{ وجاهدوا باموالهم } بان صرفوها الى الكراع والسلاح وانفقوها على المحاويج

{ وانفسهم } بمباشرة القتال واقتحام المعارك والخوض فى المهالك ولعل تقديم الاموال على الانفس لان المجاهدة بالاموال اكثر وقوعا واتم دفعا للحاجة حيث لا تتصور المجاهدة بالنفس بلا مجاهدة بالمال هكذا فى تفسير الارشاد

يقول الفقير اصلحه اللّه القدير وجه التقديم عندى ان المال من توابع النفس والوجود وتوابعها اقدم منها فى البذل. وفى الآية اسلوب الترقى من الادنى الى الاعلى ولذا قال سادات الصوفية قدس اللّه اسرارهم بذل المال فى مقابلة توحيد الافعال وبذل الوجود فى مقابلة توحيد ذات المعبود

{ فى سبيل اللّه } متعلق بجاهدوا قيد لنوعى الجهاد والمراد بسبيل اللّه الطريق الموصل الى ثوابه وجناته ودرجاته وقرباته وهو انما يكون موصلا بالاخلاص فبذل المال والنفس بطريق الرياء لا يوصل الى رضى اللّه ذى العظمة والكبرياء اللّهم اجعلنا من الذين جاهدوا فى سبيلك لا فى سبيل غيرك : قال الشيخ المغربى قدس سره

كل توحيد نرويد ززمينى كه درو ... خار شرك وحدسو وكبروريا وكين است

{ والذين آووا } النبى والمهاجرين معهاى اعطوهم المأوى وانزلوهم ديارهم بالمدينة والايواء الضم

{ ونصروا } اى نصروهم على اعدائهم واعانوهم بالسيف على الكفار فالاول فى حق المهاجرين والثانى فى حق الانصار والانصار كالعلم للقبيلتين الاوس والخزرج ولهذا جازت النسبة الى لفظ الجمع حيث قالوا الانصارى نسبة الى الانصار وسموا الانصار لانهم نصروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وواحد الانصار نصير كشريف واشراف : قال السلطان سليم الاول

شاهنشه آن كدا كه بودخاك راه او ... آزاد بنده كه كرفتار مطفاست

آن سينه شادكزغم اوساخت دل حزين ... وآن جاه عزيز كزبى ايثار مصطفاست

{ اولئك } الموصوفون بما ذكر من النعوت الفاضلة

{ بعض اولياء بعض } فى الميراث وكان المهاجرون والانصار يتوارثون بلهجرة والنصرة دون الاقارب حتى نسخ بقوله

{ واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض } اى اولى بميراث بعض من الاجانب. والحاصل ان التوارث فى الابتداء بالهجرة والنصرة لا بمجرد القرابة فكان المهاجر يرثه اخوه الانصارى اذا لم يكن بالمدينة ولىّ مهاجرى ولا توارث بينه وبين قريبه المسلم غير المهاجرى واستمر امرهم كذلك الى ان فتحت مكة فسقطت فرضية الهجرة ثم توارثوا بالقرابة. فالاولياء جمع ولى كصديق واصدقاء والولى من الولى بمعنى القرب والدنو فكأنه قيل بعضهم اقرباء بعض لا قرابة بينهم وبين من لم يؤمن ولا بين من آمن ولم يهاجر كما قال تعالى

{ والذين آمنوا ولم يهاجروا } كسائر المؤمنين

{ ما لكم من ولايتهم من شيء } اى من توليهم فى الميراث وان كانوا من اقرب اقاربكم

{ حتى يهاجروا } ولما بين تعالى ان كم المؤمن الذى لم يهاجر انقطاع الولاية بينه وبين المؤمنين وتوهم انه يجب ان يتحقق بينهم التقاطع التام لتحققه بينه وبين الكفار ازال هذا الوهم بقوله

{ وان استنصروكم فى الدين } اى ان طلب منكم المؤمنون الذين لم يهاجروا النصرة

{ فعليكم النصر } اى فوجب عليكم نصرهم على من يعاديهم فى الدين

{ الا على قوم } منهم

{ بينكم وبينهم ميثاق } اى الا اذا كان من يعاديهم ويحاربكم من الكفار بينهم وبينكم عهد موثق فحينئذ يجب عليكم الوفاء بالعهد وترك المحاربة معهم ولا يلزمكم نصر الذين آمنوا ولم يهاجروا عليهم بل الاصلاح بينهم على وجه غير القتال

{ واللّه بما تعملون بصير } فلا تخالفوا امره كيلا يحل بكم عقابه

﴿ ٧٢