سُورَةُ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِائَةٌ وَتِسْعُ آياَتٍ ١ { بسم اللّه الرحمن الرحيم * الر } الظاهران { الر } اسم للسورة وانه في محل الرفع على انه مبتدأ حف خبره او خبر مبتدأ محذوف اى الر هذه السورة او هذه السورة او هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم وللّه ان يسمى السور بما اراد ورجحه المولى رحمه اللّه حيث قال وهو اظهر من الرفع على الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه علىعلم المخاطب بالانتساب والاشارة اليها قبل جريان ذكرها لما انها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده صارت في حكم الحاضر كما يقال هذا من اشترى فلان انتهى يقول الفقير اعلم ان الحروف اجزاء الكلمات وهي اجزاء الجمل وهي اجزاء الآيات وهي اجزاء السور وهي اجزاء القرآن فالقرآن ينحل الى السور وه الى الآيات وهى الى الجمل وهى الى الكلمات وهى الى الحروف وهي الى النقاط كما ان البحر يأول الى الانهار والجداول وهى الى القطرات فاصل الكل نقطة واحدة وانما جاء الكثرة من انبساط تلك النقطة وتفصلها وقول اهل الظاهر في { الر } وامثاله تعديد على طريق التحدي لا يخلو عن ضعف اذ هذه الحروف المقطعة لها مدلولات صحيحة وهى زبدة علوم الصوفية المحققين وقد ثبت ان النبي صلى اللّه تعالى عليه وسلم اوتي علوم الاولين والآخرين. فمن علوم آدم وادريس عليهما السلام علم الحروف وانما ذمت الطائفة الحروفية لاخذهم بالاشارة ورفضهم العبارة وهتكهم حرمة الشريعة التي هي لباس الحقيقة كما ان اللفظ لباس المعنى والعبارة ظرف الاشارة والوجود مرآة الشهود وكل منهما منوط بالآخر والمنفرد باحدهما خارج عن دائرة المعرفة الآلهية فعلم هذه الحروف بلوازمها وحقائقها مفوض في الحقيقة الى اللّه والرسول وكمل الورثة ومنهم من ذهب الى جانب التأويل وقال كل حرف من الحروف المقطعة مأخوذ من اسم من اسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية كما قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق ... اى وقفت ولذا قال ابن عباس رضي اللّه عنهما معنى { الر } انا اللّه ارى. وعنه انه من حروف الرحمن وذلك انه اذا جمعت الروحم ون انتظم حروف الرحمن وقال في التأويلات النجمية ان في قوله { الر } اشارتين. اشارة من الحق للحق والى عبده المصطفى وحبيبه المجتبى. واشارة من الحق لنبيه واليه عليه السلام فالاولى قسم منه تعالى يقول بآلائي عليك في الازل وانت في العدم وبلطفي معك في الوجود ورحمتي ورأفتي لك من الازل الى الابد والثانية قسم منه يقول بانسك معي حين خلقت روحك أول شيء خلقته فلم يكن معنا ثالث وبلبيك الذي اجبتنى به في العدم حين دعوتك للخروج منه فخاطبتك وقلت ياسين اى ياسيد قلت لبيك وسعديك. والخير كله بيديك. وبرجوعك منك الى حين قلت لنفسك ارجعي الى ربك { تلك } محله الرفع على انه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون الر مبتدأ فهو مبتدأ ثان وهي اشارة الى ما تضمنته هذه السورة من الآيات { آيات الكتاب الحكيم } اي آيات القرآن المشتمل على الحكم على ان يكون الحكيم بناء النسبة بمعنى ذى الحكم وذلك لان اللّه تعالى اودع فيه الحكم كلها فلا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين -حكى- ان الامام محمدا رحمه اللّه غلب عليه الفقر مرة فجاء الى فقاعى يوما فقال ان اعطيتني شربة اعلمك مسألتين من الفقه فقال الفقاعي لا حاجة الى المسألة قيمت در كرانمايه جه داندد عوام ... حافظا كوهر يكد انه مده جز بخواص فاتفق انه حلف ان لم يعط بنته جميع ما في الدنيا من الجهاز فامرأته طالق ثلاثا فرجع الى العلماء فافتوا بحنثه لما انه لا يمكن ذلك فجاء الى الامام محم فقال الامام لما طلبت منك شربة كان في عزيمتى ان علمك هذه المسألة ومسألة اخرى فالآن لا اعلمها الا بعد اخذ الف دينار تعظما لشان المسألة فدفعه اليه فقال لو دفعت الى البنت مصحفا كنت بارا في يمينك فسأله علماء عصره عن وجهه فاجاب بان اللّه تعالى قال { ولا رطب ولا يابس الى في كتاب مبين } فوقع هذا الجواب عندهم في حيز القبول علم دريست نيك باقيمت ... جهل درديست سخت بى درمان وفي التأويلات هذه الآيات المنزلة عليك آيات الكتاب الحكيم الذي وعدتك في الازل واورثتهلك ولامتك وقلت { ثم اوردنا الكتاب الذي اصطفينا من عبادنا } فاختص هذا الكتاب بان يكون حكيما من سائر الكتب اى حاكما يحكم على الكتب كلها بتبديل الشرائع والنسخ ولا يحكم عليه كتاب ابدا واختص هذه الامة بالاصطفاء من سائر الامم واورثهم هذا الكتاب ومعنى الوراثة انه يكون باقيا في هذه الامة يرثه بعضهم من بعض ولا ينسخه كتاب كما نسخ هو جميع الكتب. ٢ { أكان للناس عجبا } الهمزة لانكار تعجبهم ولتعجيب السامعين منه لكونه في غير محله والمراد بالناس كفار مكة قال ابو البقاء للناس حال من عجبا لان التقدير أكان عجبا للناس وعجبا خبر كان واسمه قوله { ان اوحينا الى رجل منهم } اي بشر من جنسهم فانهم كانوا يتعجبون من ارسال البشر ولم يتعجبوا من ان يكون الاله صنما من حجر او ذهب او خشب او نحاس او ممن لا يعرف بكونه ذا جاه ومال ورياسة ونحو ذلك مما يعدونه من اسباب العز والعظمة فانهم كانوا يقولون العجب ان اللّه تعالى لم يجد رسولا يرسله الى الناس الا يتيم ابي طالب وهو من فرط حماقتهم وقصر نظرهم على الامور العاجلة وجهلهم بحقيقة الوحى والنبوة فانه عليه السلام لم يكن يقصر عن عظمائهم في النسب والحسب والشرف وكل ما يعتبر في الرياسة من كرم الخصال الا في المال ولا مدخل له في شرف النفس ونجابة جوهرها الا انهم لعظم الغنى في اعينهم تعجبوا من اصطفائه للرسالة { وقالوا لولا انزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } قال الحافظ قدس سره تاج شاهى طلبى كوهر ذاتى بنماى ... درخود از كوهر جمشيد فريدون باشى وقال السعدى قدس سره هنر بايد وفضل ودين ... كه كاه ازكوهر جمشيد فريدون باشى قال في التأويلات النجمية يشير إلى انهم يتعجبون من ايحائنا الى محمد عليه السلام لانه كان رجلا منهم وفيه راينا رجوليته قبل الوحي وتبليغ الرسالة من بينهم ولهذا السر ما اوحي الى امرأة بالنبوة قط انتهى. والرجولية هي صدق اللسان ودفع الاذى عن الجيران والمواساة مع الاخوان هذا في الظاهر واما في الحقيقة فالتنزه عن جميع ما سوى اللّه تعالى. وفي حديث المعراج ( ان اللّه تعالى نظر الى قلوب الخلق فلم يجد اعشق من قلب محمد عليه السلام فلذا اكرمه بالرؤية ) فالعبرة لحال الباطن لا لحال الظاهر واعلم ان حال الولاية كحال النبوة ولو رأيت اكثر اهل الولاية في كل قرن وعصر لوجدتهم ممن لا يعرف بجاه ومن عجب من ذلك القى في ورطة الانكار وحجب بذلك الستر عن رؤية الاخيار { ان } مفسرة للمفعول المقدر اي اوحينا اليه شيأهو { انذر الناس } اي جميع الناس كافة لا ما اريد بالاول عمم الانذار لانه ينفع جميع المكلفين من الكفار وعوام المؤمنين وخواصهم فالبعض ينذر بنار الجحيم والبعض الآخر بانحطاط الدرجات في دار النعيم والبعض الثالث بنار الحجاب عن مطالعة جمال الرب الكريم وقدم الانذار على التبشير لان ازالة ما لا ينبغي متقدمة في الرتبة على فعل ما ينبغي وهو لا يفيد ما دامت النفس ملوثة بالكفر والمعاصى فان تطبيب البيت بالبخور انما يكون بعد الكنس وازالة القاذورات ألا ترى ان الطبيب الذي يباشر معالجة مرض القلب لا بد له ان يبدأ اولا بتنقيته من العقائد الزائغة والاخلاق الردئية والاعمال القبيحة المكدرة للقلب بان يسقيه شربة التبشير بحسن عاقبة الاعمال الصالحات ولهذا اقتصر على ذكر الانذار في مبدأ امر النبوة حيث قال { يا ايها المدثر قم فانذر } { وبشر الذين آمنوا } دون الذين كفروا اذ ليس لهم ما يبشرون به من الجنة والرحمة ما داموا على كفرهم { ان لهم } اى بان لهم { قدم صدق عند ربهم } اي اعمالا صالحة سابقة قدموها ذخرا لآخرتهم ومنزلة رفيعة يقدمون عليها سميت قدما على طريق تسمية الشيء باسم آلته لان السبق والقدوم يمون بالقدم كما سميت النعمة يدا لانها تعطى باليد واضافة قدم الى الصدق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته للمبالغة في صدقها وتحقيقها كأنها في صدقها وتحققها مطبوعة منه واذا قصد تبيينها لا تبيين الا به وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما انه قال { قدم صدق } شفاعة نبيهم لهم هو امامهم الى الجنة وهو بالاثر همجو استورى كه بكر يزد زبار ... او سر خود كيرد اندر كوهسار صاحبش از بي دوران كاى خيره سر ... هو طرف كركيست اندر قصد خر استخوانت را بخايد جون شكر ... كه نبينى زندكانى را دكر هي بمكريز از صرف كردنم ... وزكراني بار جون جانت منم تو ستورى هم كه نفست غالبست حكم غالب را بود اى خود برست ... مير آخر بود حق را مصطفا بهر استوران نفس بر جفا ... لا جرم اغلب بلا بر انبيا ست كه رياضت دادن خامان بلاست ... قال عيسى عليه السلام للحواريين اين تنبت الحبة قالوا في الارض فقال كذلك الحكمة لا تنبت الا في القلب مثل الارض يشير الى التواضع والى هذه الاشارة بقول سيد البشر ( من اخلص للّه اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) والينابيع لا تكون الا في الارض وهو موضع نبع الماء فظهر ان الكفار لم ينزلوا انفسهم الى مرتبة التواضع والعبودية. ولم يقبلوا الانذار بحسن النية. حرموا من الورود الى المنهل العذب الذي هو القرآن. فبقوا عطشى الاكباد في زوايا الهجران. واين المتكبرون المتصدعون الى جوَ هواهم. من الشرب من ينبوع الهدى الذي اجراه من لسان حبيبه مولاهم. وكما ان الكفار بالكفر الجلى ادعوا كون القرآن سحرا وانكروا مثل ذلك الخارق لعاداتهم. فكذا المشركون بالشرك الخفي انكروا الكرامات المخالفة لمعاملاتهم قال الام اليافعي رحمه اللّه ثم ان كثيرا من المنكرين لو رأوا الاولياء والصالحين يطيرون في الهواء لقالوا هذا سحر وهؤلاء شياطين ولا شك ان من حرم التوفيق وكذب بالحق غيبا وحدسا كذب به عيانا وحسا فواعجبا كيف نسب السحر وفعل الشياطين الى الانبياء العظام والاولياء الكرام نسأل اللّه العفو والعافية سرا وجهارا. وان يحفظنا من العقائد الزائغة والاعمال الموجبة بوارا ٣ { ان ربكم اللّه الذي } خطاب لكفار مكة اى مربيكم ومدبر اموركم { خلق السموات والارض } التي هي اصول الممكنات وجسام الاجسام فان قيل الموصولات موضوعة لان يشار بها الى ما يعرفه المخاطب باتصافه بمضمون الصلة والعرب لا يعلمون كونه تعالى خالق السموات والارض اجيب بان ذلك امر معلوم مشهور عند اهل الكتاب والعرب كانوا يتخالطون معهم فالظاهر انهم سمعوه منهم فحسن هذا التعريف لذلك قال في ربيع الابرار تفكروا ان اللّه خلق السموات سبعا والارضين وثخانة كل ارض خمسمائة عام وثخانة كل سماء خمسمائة عام وما بين كل سماء خمسمائة عام وفي السماء السابعة بحر عمقه مثل ذلك كله فيه ملك لم يتجاوز الماء كعبه { في ستة ايام } اي في ستة اوقات فان اصل الايام هو يوم الآن المشار اليه بقوله تعالى { كل يوم هو في شأن } وهو الزمن الفرد الغير المنقسم وسمى يوما لان الشان يحدث فيه فبالآن تتقدر الدقائق وبالدقائق تتقدر الدرج وبالدرج تتقدر الساعات وبالساعات يتقدر اليوم فاذا انبسط الآن سمى اليوم واذا انبسط اليوم سمى اسابيع وشهورا وسنين ادوارا فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة اي ادنى مقدار ستة ايام لان اليوم عبارة عن زمان مقدر مبدأه طلوع الشمس ومنتهاه غروبها فكيف تكون حين لا شمس ولا نهار لخلقها في اقل من لحظة لكنه اشار الى التأني في الامور فلا يحسن التعجيل الا في التوبة وقضاء الدين وقرى الضيف وتزويج البكر ودفن الميت والغسل من الجنابة : وفي المثنوى مكر شيطانست تعجيل وشتاب ... خوى رحمانست صبر واحتساب با تأنى كشت موجود از خدا ... تابشش روز اين زمين وجرخها ورنه قادر بود كز كن فيكون ... صد زمين وجرخ آوردى برون اين تأنى از بى تعليم تست ... طلب ىهسته بايد بى شكست وقد جاء في الصحيح ( ان اللّه خلق التربة ) يعني الارض ( يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الاحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الاربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر الى الليل ) فان قيل القرآن يدل على ان خلق الاشياء في ستة ايام والحديث الصحيح المذكور على انها سبعة فالجواب ان السموات والارض وما بينهما خلق في ستة ايام وخلق آدم من الارض فالارض خلقت في ستة ايام وآدم كالفرع من بعضها كما في فتح القريب والحكمة في تأخير خلق آدم ليكون خليفة في الارض لان الاشياء قبله بمنزلة الرعية في مملكة الكون ولا يكون خلفة الا بالجنود والرعية فتقدم الرعية على الخليفة تشريف وتكريم للخلافة واعلم ان اول فلك دار بالزمان قلب الميزان وفيه حدثت الايام دون الليل والنهار فكان اول حركته بالزمان واما حدوث الليل والنهار فبحدوث الشمس في السماء الرابعة ودورانها على طريقة واحدة من الشرق الى الغرب كذا في عقله المتوفز واول المخلوقات من الايام هو يوم الاحد فالأحد فيه بمعنى الاول فلما اوجد اللّه الثاني سمى الاثنين لانه ثاني يوم الاحد واول الايام التي خلق فيها الخلق السبت وآخر الايام الستة اذا الخميس فالجمعة سابع والسبت بمعنى الراحة زعم اليهود انه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق من خلق السموات والارض وما فيهن وكذبوا لقوله تعالى { وما مسنا من لغوب } اي اعياء فيكون اول الاسبوع عندهم يوم الاحد وكذا عند النصارى ولذا اختاروه وقد سئل عليه السلام عن يوم السبت فقال ( يوم مكر وخديعة ) لان قريشا مكرت فيه في دار الندوة ولا يقطع فيه اللباس يوم السبت والاحد والثلاثاء قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس اذا فصلت وخيطت في وقت رديئ اتصل بها خواص رديئ وكذا الامر في باب المآكل والمشارب وكذلك ما ورد التنبيه عليه في الشريعة من شئوم المرأة والفرس والدار وشهدت بصحته التجارب المكررة فان لجميع هذه في بواطن اكثر الناس بل وفي ظواهرهم ايضا خواص مضرة تتغذى من بدن المغتذى والمباشر والمصاحب الى نفسه واخلاقه وصفاته فيحدث بسببها للقلوب والارواح تلويثات هي من اقسام النجاسات وقد نبهت الشريعة على كراهتها دون الحكم عليها بالحرمة وسئل حضرة مولانا قدس سره عما ورد ( بارك اللّه في السبت والخميس ) فقال بركتهما لوقوعهما جارين ليوم الجمعة وسئل عليه السلام عن يوم الاحد فقال ( يوم غرس وعمارة ) لان اللّه تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها وفي رواية ( بنيت الجنة فيه وغرست ) وسئل عن يوم الاثنين فقال ( يوم سفر وتجارة ) لان فيه سافر شعيب فربح في تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال ( يوم دم ) لان فيه خاضت حواء وقتل ابن آدم اخاه وقتل فيه جرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بني اسرائيل ونهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء اشد النهى وقال ( فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم ) اي لا ينقطع اذا احتجم او فصد وربما يهلك الانسان بعد انقطاع الدم ( وفيه نزل ابليس الى الارض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط اللّه ملك الموت علىرواح بني آدم وفيه ابتلى ايوب ) وقال بعضهم ابتلى يوم الاربعاء. قيل كان الرسم في زمن ابي حنيفة رحمه اللّه ان يوم البطالة يوم السبت في القراءة لا يقرا في يوم السبت ثم في زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين والثلاثاء ومات الخصاف ببغداد سنة احدى وستين ومائتين يقول الفقير ثم صار يوم البطالة يوم الثلاثاء والجمعة واستمر الى يومنا هذا في اكثر البلاد وكان شيخى العلامة ابقاه اللّه بالسلامة يعد الدرس فيهما افراطا ويقول يعرض للانسان من الاشتغال فتور وانقباض فلا بد من يوم البطالة ليصل نشاط وانبساط لئلا ينقطع الطالب عن تحصيل المطلوب ومن هنا ابيح ورخص التفرج والتبسط احيانا لول للسالك وسئل عن يوم الاربعاء قال ( يوم نحس ) لان فيه اغرق فرعون وقومه واهلك فيه عاد وثمود وقوم صالح ونهى فيه عن قص الاظفار لانه يورث البرص وكره بعضهم عيادة المريض يوم الاربعاء وفي منهاج الحليمي ان الدعاء مستجاب يوم الاربعاء بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الاحزاب في ذلك اليوم في ذلك الوقت قيل يحمد فيه الاستحمام وذكر انه ما بدئ شيء يوم الاربعاء الا وقد تم فينبغي البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يتوقف في ابتداء الامور على الاربعاء ويروي هذا الحديث ويقول هكذا كان يفعل ابي ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد وسئل عليه السلام عن يوم الخميس ( فقال يوم قضاء الحوائج والدخول على السلطان ) لان فيه دخل ابراهيم عليه السلام على ملك صر فقضى حاجته واهدى اليه هاجر وسئل عن يوم الجمعة فقال ( يوم نكاح ) نكح فيه آدم وحواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس ونكح عليه السلام خديجة وعائشة رضي اللّه عنهما وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه من قلم اظفاره يوم الجمعة اخرج اللّه من داء وادخل فيه الشفاء { ثم استوى على العرش } قال في التبيان ثم في كتاب اللّه تعالى على خمسة اوجه. الوجه الاول اتت عاطفة مرتبة وهو قوله { ان الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا } والوجه الثاني بمعنى قبل وهو قوله { ثم استوى على العرش } معناه قبل ذلك استوى على العرش لان قوله تعالى وكان عرشه على الماء يدل على ان وجود العرش سابق على تخليق السموات والارض ومثله ( ثم ان مرجعهم لالى الجحيم ) معناه قبل ذلك مرجعهم ومثله قول الشاعر قل لمن ساد ثم ساد ابوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده والوجه الثالث بمعنى الواو وهو قوله { ثم كان من الذين آمنوا } معناه ومع ذلك كان من الذين آمنوا. والرابع بمعنى الابتداء وهو قوله { الحمد للّه الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } معناه تعجبوا منهم كيف يفكرون بربهم انتهى بزيادة يقول الفقير ثم ههنا لتفخيم شان منزلة العرش وتفضيله على السموات والارض لا التراخى في الوقت كما ذهبوا اليه عند قوله تعالى { ثم استوى الى السماء } في اوائل سورة البقرة فلا حاجة الى التأويل واعلم ان الافلاك تسع طبقات بعضها فوق بعض والفلك المحيط وهو العرش محيط بها كلها وكذلك جسم الانسان خلق من تسعة جواهر بعضها فوق بعض ليكون جسم الانسان مشاكلا للافلاك بالكمية والكيفية وهي اي الجواهر المخ والعظام ولعصب والعروق وفيها الدم واللحم والجلد والشعر والظفر وهو اي العرش اول الموجود الجسماني كما ان روح نبينا صلى اللّه تعالى عليه وسلم اول الموجود الروحاني وهو من ياقوتة حمراء ولف الف شرفة وفي كل شرفة الف عام مثل ما في الدنيا باسرها قال ابن الشيخ ومعنى الاستواء عليه الاستيلاء عليه بالقهر ونفاذ التصرف فيه وخص العرش بالاخبار عن الاستواء عليه لكونه اعظم المخلوقات فيفيد انه استولى على ما دونه قال الحد الادنى ودخلت ثم على الاستواء وهي في المعنى داخلة على التدبير كاه قال ثم { يدبر الامر } وهو مستو على العرش فان تدبير الامور كلها ينزل من عند العرش ولذا ترفع الايدي في دعاء الحوائج نحو العرش قال القاضي يدبر الامر اي يقدر امر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه اسبابها وينزلها منه والتدبير والنظر في ادبار الامور لتجيئ محمود العاقبة وعن عمرو بن مرة يدبر امر الدنيا بامر اللّه اربعة. جبرائيل وميكائيل وملك الموت واسرافيل. اما جبرائيل فعلى الرياح والجنود. واما ميكائيل فعلى القطر والنبات. واما ملك الموت فعلى الانفس. واما اسرافيل فينزل عليهم ما يؤمرون بهم قال في التأويلات النجمية { خلق السموات والارض } في عالم الصورة وهو العالم الاكبر { في ستة ايام } من انواع ستة وهي الافلاك والكواكب والعناصر والحيوان والنبات والجماد { ثم استوى على العرش } والعرش جسماني روحاني ذو جهتين جهة منه تلى العالم الروحاني وجهة منه تلى العالم الجسماني { يدبر الامر } لفيضان فيض رحمانية على العرش فانه اول قابض لفيض الرحمانية وهذا احد تفاسير الرحمن على العرش استوى ثم من العرش ينقسم الفيض فانه مقسم الفيض فيجري في مجاري جعلها اللّه من العرش الى ما دونه من المكونات وانواع المخلوقات فبذلك الفيض تدور الافلاك كما تدور الرحى بالماء به تؤثر الكواكب وبه تولد العناصر وتظهر خواصه وبه يتولد الحيوان ذا حس وحركة وبه ينبت النبات ذا حركة بلا حس وبه تغير المعادن بلا حس ولا حركة وفيه اشارة اخرى { ان ربكم اللّه الذي } يربيكم هو الذي { خلق السموات } سموات ارواحكم { والارض } ارض نفوسكم في عالم المعنى وهو العالم الاصغر { في ستة ايام } اي من ستة انواع وهي الروح والقلب والعقل والنفس التي هي الروح الحيواني والنفس النباتية التي هي النامية وخواص المعادن وهي في الانسان قوة قابلة لتغير الاحوال والاوصاف والالوان { ثم استوى على العرش } على عرش القلب { يدبر الامر } امر السعادة والشقاوة ويهيء اسبابهما من الاخلاق والاحوال والاعمال والافعال والاقوال والحركات والسكنات والى هذا يشير قوله ( قلوب العباد بيدى اللّه يقلبها كيف يشاء ) { ما من شفيع } يشفع لاحد في وقت من الاوقات { الا من بعد اذنه } المبنى على الحكمة الباهرة وهو جواب قول الكفار ان الاصنام شفعاؤنا عند اللّه فبين اللّه تعالى انه ما من ملك مقرب ولا نبى مرسل يشفع لاحد الا من بعد ان يأذن اللّه بمن يشاء ويرضى فكيف تشفع الاصنام التي ليس لها عقل ولا تمييز وفيه اثبات الشفاعة لمن اذن له { ذلكم } اى ذلك التعظيم الشان المنعوت بما ذكر من نعوت الكمال والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس باللّه تعالى قال في البهجة واما نحو تلك الجنة فذلك لصيرورتها كالمشاهد بمعرفة اوصافها { اللّه } خبر ذلكم ويجوز ان يكون صفة على ان الخبر ما بعده كما قال الكاشفي [ آن خداوئدى كه موصوف است بصفات خلق وتدبير واستيلاء { ربكم } [ بروردكار شماست نه غيراو ] اذ لا يشاركه احد في شيء من ذلك قال المولى ابو السعود رحمه اللّه ربكم بيان له او بدل منه او خبر ثان لاسم الاشارة { فاعبدوه } وحده ولا تشركوا بعض خلقه من ملك او انسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع { افلا تذكرون } تتفكرون فان ادنى التفكر والنظر ينبهكم علىنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه ٤ { اليه مرجعكم جميعا } بالموت والنشور لا الى غيره فاستعدوا للقائه. وانتصب جميعا على انه حال من الضمير المجرور لكونه فاعلا في المعنى اى اليه رجوعكم مجتمعين وفي التأويلات النجمية رجوع المقبول والمردود الى حضرته. فما المقبول فرجوعه اليه بجذبات العناية التي صورتها خطاب { ارجعي الى ربك } وحقيقتها انجذاب القلب الى اللّه تعالى نتيجتها غروب النفس عن الدنيا واستواء الذهب والمدر عندها وانزعاج القلب مما سوى اللّه واستغراق الروح في بحر الشوق والمحبة والتبرى مما سوى اللّه وهيمان السر وحيرته في شهود الحق ورجوعه من الخلق. واما المردود فرجوعه بغير اختياره مغلولا بالسلاسل والاغلال يسحبون في النار على وجوههم وهي صورة صفة قهر اللّه ومن نتائج قهر اللّه تعلقاته بالدنيا وما فيها واستيلاء صفات النفس عليه من الحرص والبخل والامل والكبر والغضب والشهوة والحسد والحقد والعداوة والشره فان كل واحدة منها حلقة فمن تلك السلاسل وغل من تلك الاغلال بها يسحبون الى النار { وعد اللّه } البعث بعد الموت وعدا { حقا } كائنا لا شك فيه فوعد اللّه مصدر مؤكد لنفسه لان قوله اليه مرجعكم وعد من اللّه بالبعث والاعادة لا محتمل له غير كونه وعدا وقوله حقا مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه وعد اللّه لان لهذه الجملة محتملا غير الحقية نظرا الى نفس مفهومها اى حق ذلك حقا { انه } اى اللّه تعالى { يبدأ الخلق } يقال بدأ اللّه الخلق اي خلقهم كما في القاموس { ثم يعيده } اي يبدأ الخلق اولا في الدنيا ليكلفهم ويأمرهم بالعبادة ثم يميتهم عند انقضاء آجالهم ثم يبعثهم بعد الموت وهذا استئناف بمعنى التعليل لوجوب الرجوع اليه { ليجزي اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات } متعلق بيعيده اى يثبتهم بما يليق بلطفه وكرمه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر { بالقسط } متعلق بيجزى اى بالعدل فلا ينقص من ثواب محسن ولا يزيد على عقاب مسيئ بل يجازي كلا على قدر عمله كما قال تعالى { جزاء وفاقا } { والذين كفروا لهم شراب من حميم } اى من ماء حار قد انتهت حرارته [ جون بخورنداحشا وامعاى ايشان باره كردد ] { وعذاب اليم } وجيع يخلص وجعه الى قلوبهم { بما كانوا يكفرون } وهو في موضع رفع صفة اخرى لعذاب ويجوز ان يكون خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المذكور من الشراب والعذاب حاصل لهم بسبب كفرهم باللّه ورسوله وغير النظم ولم يقل وليجزي الكافرين بشراب الخ تنبيها على ان المقصود بالذات من الابداء والاعادة هو الاثابة والعقاب وارقع بالعرض واعلم ان الدنيا مزرعة الآخرة فاللّه تعالى بقدرته يعيد الخلق بعد الموت ليحصدوا فيها ما زرعوه في الدنيا فمن زرع الخير يحصد السلامة ومن زرع الشر يحصد الندامة جمله داندد اين اكر تونكروى ... هرجه مى كاريش روزي بدروى وانما آخر الجزاء الى دار الآخرة لان الدنيا لا تسعه وللّه تعالى في كل شيء حكمة فاذا عرفت الحال فخف من اللّه المتعال فانه غيور لا يرضى اقامة عبده على مخالفته وخروجه من دائرة طاعته وعن وهب بن منسه كان يسرج في بيت المقدس الف قنديل بن منبه كان يسرج في بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجري حتى ينصب في القناديل من غير ان تمسه الايدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج في ابنى هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابنى هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابنى هارون اخى قد عرفت مكانهما منى فاوحى الل اليه يا ابن عمران هكذا افعل باولائى اذا عصوني فكيف باعدائي وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما لو ان قطرة من الزقوم قطرات في الارض لامرت على اهل الارض معيشتهم فكيف بمن هو طعامه من زقوم وشرابه من حميم. ومن تذكر المبدأ والمعاد وتفكر ان الرجوع الى رب العباد تاب من الخطايا والسيات وصار من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وفي الحديث ( اذا بلغ العبد اربعين سنة ولم يغلب خيره شره قبل الشيطان بين عينيه وق فديت وجها لا يفلح ابدا ) فان من اللّه عليه وتاب واستخرجه من عمرات الجهالة واستنقذه من ورطات الضلالة يقول الشيطان واويلاه قطع عمره في الضلالة واقر عينى في المعاصى ثم اخرجه اللّه بالتوبة من ظلمة المعصية الة نور الطاعة : وفي المثنوى مرداول بستة خواب وخورست ... آخر الامر ازملائك بر ترست دربناه ينبه وكريتها ... شعلة نورش برآيد برسها يعني ان الشرارة تصير نارا عظيمة بمعونة القطن والكبريت فكذا الانسان في اول حاله كالشرارة فاذا قارن المربى اورباه اللّه من غير وساطة احد من الناس يرقى الى حيث يعظم قدره عند اللّه ويصير بين اقرائه كالمسك بين الدماء نسأل اللّه العناية التوفيق ٥ { هو الذي } [ اوست آن خداونديكه بقدرت ] { جعل الشمس ضياء } اى صيرها ذات ضياء واصله ضواء قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها والشمس مأخوذ من شمسة القلادة وهي اعظم جواهرها جرما وانفسها قيمة وهي التي يقال لها بالفارسية [ ميكانكين ] وانما سميت بذلك لتوسطها بين الكواكب كذا في شرح التقويم { والقمر } سمي بذلك لكونه بياضا في صفرة يقال حمار اقمر اذا كان ابيض في صفرة { نورا } اى ذا نور بالليل والضياء اقوى بحكم الوضع والاستعمال ولذا نسب الضياء الى الشمس والنور الى القمر. وعند الحكماء الضياء ما يكون بالذات كما للشمس في نفسه جرم مظلم صقيل يقبل النور فعند المقابلة يمتلئ نورا من الشمس بطريق الانعكاس فيقع ذلك الشعاع على وجه الارض نورهستى جملة ذرات عالم تا ابد ميكنند ... از مغربي جون ماه از مهر اقتباس قال في اسئلة الحكم هذا مدفوع بالخبر الوارد ان اللّه تعالى خلق شمسين نيرين قبل خلق الافلاك فالشمس والقمر خلقهما من نور عرشه وكان في سابق علمه ان يطمس نور القمر كما روى ان اللّه خلق نور القمر سبعين جزأ وكذا نور الشمس ثم امر جبريل فمسحه بجناحيه فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس فاذهب عنه الضوء وابقى فيه النور والشمس مثل الارض مائة وستا وستين مرة وربعا ثم جرم الارض والقمر حزء من تسعة وثلاثين وربع على ما في الواقع وفي الخبر ان وجوههما الى العرش وظهورهما الى الارض تضيئ وجوههما لاهل السموات السبع وظهورهما لاهل الارضين السبع والمشهور انه اذا كان على وجه الارض نهار يكون فيما تحت تحت الارض ليل وبالعكس كما قال ابن عباس رضي اللّه عنهما ان في الارض الثانية خلقا وجوههم وابدانهم وايديهم كوجوه بني آدم وابدانهم وايديهم وافواههم كافواه الكلاب وارجلهم وآذانهم كارجل البقر واذانها وشعورهم كصوف الضأن لا يعصون اللّه طرفة عين ليلنا نهارهم ونهارنا ليلهم كما في ربيع الابرار. وبعضهم فضل القمر على الشمس لان القمر مذكر والشمس مؤنث والتذكير اصل والتانيث فرع فالفضل للاصل على الفرع وهو الاصح الاشهر وتقدم الشمس في الذكر لا يوجب الافضلية اذ قد يتأخر الاشرف في القرآن كقوله تعالى { فمنكم كافر ومنكم مؤمن. وجعل الظلمات والنور } كما في اسئلة الحكم يقول الفقير الكلام في التذكير والتأنيث الحقيقى دون اللفظي وكون القمر مذكرا لفظا لا يوجب الفضل على ما هو مؤنث لفظا وقد يسمى الرجل بطلحة وهو مؤنث لفظي مع ان الرجل افضل من المرأة : ونعم ما قيل ولا التانيث عار لاسم شمس ... ولا التذكير فخر للّهلال وجعل اللّه للشمس سلطانا على جميع الطبائع النباتية والمعدنية والحيوانية ما نبت زرع ولا خرجت فاكهة ولا يكون في العالم طعم ولذة الا والشمس تربيها بامر الواحد القهار ويقال الثمرة ينضجها الشمس ويلونها القمر ويعطي طعمها الكواكب قيل اوحى اللّه تعالى الى عيسى عليه السلام ان كن للناس في الحلم كالارض تحتهم وفي السخاء كالماء الجاري وفي الرحمة كالشمس والقمر فانهما يطلعان على البر والفاجر : قال الحافظ قدس سره نظر كردن بدويشان منافئ بزركى نيست ... سليمان با جنان حشمت نظرها بودبامورش قال في التأويلات النجمية ان اللّه تعالى خلق الروح نورانيا له ضياء كالشمس وخلق القلب صافيا كالقمر قابلا للنور والظلمة وخلق النفس ظلمانية كالارض فمهما وقع قمر القلب في مواجهة شمس الروح يتنور بضيائها ومهما وقع في مقابلة ارض النفس تنعكس فيه ظلمتها ويسمى لقلب قلبا لمعنيين. احدهما انه خلق بين الروح والنفس فهو قلبهما. والثاني لتقلب احواله تارة يكون نورانيا لقبول فيض الروح وتارة يكون ظلمانيا لقبول النفس انتهى قال حضرة شيخنا العلامة ابقاه اللّه بالسلامة في بعض تحريراته نحن بين النورين نور شمس الحقيقة ونور قمر الشريعة فاذا جاء نهار الحقيقة نستضيء بنور شمسها واذا جاء ليل الشريعة نستضيء بنور قمرها ونحن ارباب النورين من النور الى النور نسير وبالنور الى النور نطير وحالنا بين التجلى والاستتار فعند تجلي النور الالهي لقلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وارواحنا واسرارنا يكفي لنا بدله وهو نور قمر الشريعة ولا حاجة الى غيره انتهى يا جمال { وقدره منازل } اي وهيا لكل من الشمس والقمر منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها فحذف حرف الجر ومنازل الشمس هي البروج الاثنا عشر ثلاثة بروج منها بروج الربيع. وهي الجمل والثور والجوزاء. فهذه الثلاثة ربيعية شمالية والشمال يسار القبلة وانما سميت بهذه الاسامي لان الكواكب المركوزة في الفلك مشكلة في كل برج بشكل مسماه وقت التسمية وثلاثة منها بروج الصيف. وهي السرطان والاسد والسنبلة. وابتداء السرطان من نقطة الانقلاب الصيفي فهذه الثلاثة صيفية شمالية وثلاثة منها بروج الخريف. وهي الميزان والعقرب والقوس. وابتداء الميزان من نقطة الاعتدال الخريفي فهذه الثلاثة خريفية جنوبية وثلاثة منها بروج الشتاء. وهي الجدى والدلو والحوت. وابتداء الجدى من الانقلاب الشتوي فهذه الثلاثة شتوية جنوبية والجنوب يمين القبلة ويجمعها هذان البيتان في نصاب الصبيان برجها دائم كه ازمشرق بر آورند سر ... جملة در تسبيح ودر تهليل حي لا يموت جون حمل جون ثور جون جوزا وسرطان واسد ... سنبلة ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت تسير الشمس في كل واحد من هذه البروج شهرا وتنقضى السنة بانقضائها ويعلم مدة سكون الشمس في كل بزج حتما : قال في النصاب ايضا خور بجوزاست سى ودر ويكبيست ... حمل وثور وشير يابس وبيش دلو وميزان وحوت وعقرب سى ... بيست نه قوس وجدى بى كم وبيش فتكون السنة الشمسية وهي مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع على ما في صدر الشريعة ومنازل القمر ثمان وعشرون منزلة وهذه المنازل مقسومة على البروج الاثني عشر لكل برج منزلتان وثلث فينزل القمر كل ليلة منهما منزلة فاذا كان في آخر منازله دق واستوقس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين وليلة واحدة ان كان الشهر تسعة وعشرين ويكون مقام الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما وهذه المنازل هي مواقع النجوم التي نسبت البها العرب الانواء المستمطرة وستاتي عند قوله { واذا اذقنا الناس } الآية واول هذه المنازل السرطان والثاني البطين كزبير وهي ثلاثة كواكب صغار كأنها اثافى وهو بطن الحمل والثالث الثريا بالضم وفتح الراء والياء المشددة وهي ستة كواكب وقع كل اثنين منها في مقابلة الآخر والرابع الدبران محرّكة والخامس الهقعة وهي ثلاثة كواكب بين منكبي الجوزاء كالاثافي اذا طلعت مع الفجر اشتد حر الصيف والسادس الهنعة منكب الجوزاء الايسر وهي خمسة انجم مصطفة ينزلها القمر والسابع الذراع وهي ذراع الاسد المبسوطة وللاسد ذراعان مبسوطة ومقبوضة وهي تلي الشام والقمر ينزل بها والمبسوطة تلي اليمن وهي ارفع من السماك وامدّ من الاخرى وربما عدل القمر فنزل بها تطلع لاربع يخلون من تموز وتسقط لاربع يخلون من كانون الاول والثامن النثرة وهي كوكبان بينهما مقدار شبر وفوقهما شيء من بياض كأنه قطعة سحاب ويقال لهما ايضا عند اهل النجوم انف الاسد والتاسع الطرف من القوس ما بين السية والانهران او قريب من عظم الذراع من كبدها والانهران العواء والسماك لكثرة مائهما والعاشر الجبهة وهي اربعة كواكب ثلاثة منها مثلثة كالاثافي وواحد منفرد والحادي عشر الزبرة بالضم كوكبان نيران بكاهل الاسد ينزلهما القمر والثاني عشر العواء وهي خمسة كواكب او اربعة كأنها كتابة الف والرابع عشر السماك ككتاب نجمان نيران والخامس عشر الغفر وهي ثلاثة انجم صغار والسادس عشر الزباني بالضم كوكبان نيران في قرني العقرب والسابع عشر الاكليل بالكسر اربعة انجم مصطفة والثامن عشر القلب وهو نجم من المنازل والتاسع عشر الشولة وهي كوكيان نيران ينزلهما القمر يقال لها ذنب العقرب والعشرون النعائم بالفتح اربعة كواكب نيرة والحادى والعشرون البلدة بالضم ستة كواكب صغار تكون في برج القوس وتنزلها الشمس في اقصر ايام السنة. قال في القاموس البلدة رقعة من السماء لا كواكب بها بين النعائم وبين سعد الذابح ينزلها القمر وربما عدل عنها فنزل بالقلادة وهي ستة كواكب مستديرة تشبه القوس اه والثاني والعشرون سعد الذابح كوكبان نيران بينهما قيد ذراع وفي نحر احدهما كوكب صغيري لقربه منه كأنه يذبحه والثالث والعشرون سعد بلع كزفر معرفة منزل للقمر طلع لما قال اللّه تعالى { يا ارض ابلعي ماءك } وهو كوكبان مستويان في المجرى احدهما خفى والآخر مضيئ يسمى بلع كأنه بلع الآخر وطلوعه لليلة تمضى من آب والرابع والعشرون سعد السعود والخامس والعشرون سعد الاخبية وهي كواكب مستديرة. قال في القاموس سعود النجوم عشرة سعد بلع وسعد الاخبية وسعد الذبائح وسعد السعود وهذه الاربعة من منازل القمر وسعد ناشرة وسعد الملك وسعد البهام وسعد الهمام وسعد البارع وسعد مطر وهذه الستة لبست من المنازل كل منها كوكبان بينها في المنظر نحو ذراع والسادس والعشرون فرغ الدلو المقدم والسابع والعشرون فرغ الدلو المؤخر. قال في القاموس في الغين المعجمة فرغ الدلو المقدم والمؤخر منزلان للقمر كل واحد كوكبان كل كوكبين في المرأى قدر رمح والثامن والعشرون الرشاء ويقال له ايضا بطن الحوت وهي كواكب صغار مجتمعة في صورة الحوت وفي سرتها نجم نير والسنة القمرية عبارة عن اجتماع القمر من الشمس اثنتى عشر مرة وزمان هذه يتم في ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما وكسر وهو ثمان ساعات وثمان واربعون دقيقة قال في شرح التقويم ارباب هذه الصناعة ما وجدوا زمان شهر واحد اقل من تسعة وعشرين يوما او اكثر من ثلاثين وكذا ما وجدوا زمان سنة واحدة اقل من ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما او اكثر من ثلاثمائة وخمسة وخمسين فعدد ايام كل سنة اما ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما او ثلاثمائة وخمسة وخمسون واعلم ان اللّه تعالى جعل الدورة المحمدية دورة قمرية كما قال ( ان عدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا ) تنبيها منه تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر ممحوّة عن العالم الظاهر لمن اعتبر وتدبر في قوله { لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر } اي في علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التي اعطاها للمحدثين العربيين واجراها واخفاها فيهم كذا في عقله المستوفز لحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر قال شيخنا العلامة ابقاه اللّه بالسلامة في كتاب اللائحات البرقيات له مرتبة الالوهية وفي المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسى واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفي المراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر انتهى يا جمال ثم لحروف ظاهر النفس الرحمانى منازل عدد منازل القمر ويقال لها التعينات وهي العقل الاول ثم النفس الكلية ثم الطبيعية الكلية ثم الهباء ثم الشكل الكلى ثم العرش ثم الكرسي ثم الفلك الاطلس ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشتري ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهواء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الانسان ثم المرتبة وفي مقابلتها على الترتيب حروف باطن النفس الرحماني وهي الاسم البديع ثم الباعث ثم الباطن ثم الآخر ثم الظاهر ثم الحكيم ثم المحيط ثم الشكور ثم الغنى ثم المقتدر ثم الرب ثم العليم ثم القاهر ثم النور ثم المصور ثم المحصى ثم المبين ثم القابض ثم المحيى ثم المميت ثم العزيز ثم الرزاق ثم المذل ثم القوي ثم اللطيف ثم الجامع ثم الرفيع ولو تفطنت حروف التهجى وجدتها على هذا الترتيب كما رتب اهل الاراء وهي الهمزة ثم الهاء ثم العين ثم الحاء المهملة ثم الغين المعجمة ثم القاف ثم الكاف ثم الجيم ثم الشين المنقوطة ثم الياء المثناة ثم الضاد المعجمة ثم اللام ثم النون ثم الراء المغفلة ثم الطاء المهملة ثم الدال المهملة ثم التاء المثناة من فوق ثم الزاى ثم السين المهملة ثم الصاد المهملة ثم الظاء المعجمة ثم الثاء المثلثة ثم الذال المنقوطة ثم الفاء ثم الباء الموحدة ثم الميم ثم الواو فسبحان من اظهر بالنفس الرحمانى هذه المنازل في الانفس والآفاق ارادة كمال الوفاق { لتعلموا عدد السنين والحساب } اي حساب الاوقات من الاشهر والايام والليالى والساعات لصلاح معاشكم ودينكم من فرض الحج والصوم والفطر والصلاة وغيرها من الفروض { ما خلق اللّه ذلك } المذكور من الشمس والقمر على ما حكى بحال ما من الاحوال { الا } ملتبسا { بالحق } مراعيا لمقتضى الحكمة البالغة وهو ما اشير اليه اجمالا من العلم باحوال السنين والاوقات المنوط به امور معاملاتهم وعباداتهم فليس في خلقه عبث باطل اصلا -حكى- ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد اللّه تعالى من خلق هذه أحسن شكلها ام طيب ريحها فابتلاه اللّه بقرحة عجز عنها الاطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى في الدرب فقال هاتو ، حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقى وقد عجز عنك حذاق الاطباء فقال لا بدّ لي منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى بخفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت باذن اللّه تعالى فقال للحاضرين ان اللّه تعالى اراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات اعز الادوية وان في خلقه حكمة { يفصل الآيات } التكوينية المذكورة الدالة على وحدانيته وقدرته ويذكر بعضها عقيب بعض مع مزيد الشرح والبيان { لقوم يعلمون } الحكمة في ابداع الكائنات فيستدلون بذلك على شئون مبدعها وخص العلماء بالذكر لانهم المنتفعون بالتأمل فيها ٦ { ان في اختلاف الليل والنهار } اي في اختلاف الوانهما بالنور والظلمة او فى اختلافهما بذهاب الليل ومجيئ النهار وبالعكس واختلف في ايهما افضل قال الامام النيسابوري الليل افضل لانه راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق. وقيل النهار افضل لانه محل النور والليل محل الظلام يقول الفقير الليل اشارة الى عالم الذات وله الرتبة العليا والنهار اشارة الى عالم الصفات وله الفضيلة العظمى ويختلفان بان من ولد في الليل يصير اهل فناء في اللّه ومن ولد في النهار يصير اهل بقاء باللّه ففيهما سر دار الجلال ودار الجمال وسر اهلهما { وما خلق اللّه في السموات } من انواع الكائنات كالشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح { والارض } من انواعها ايضا كالجبال والبحار والاشجار والانهار والدواب والنبات { لآيات } عظيمة او كثيرة دالة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته { لقوم يتقون } خص المتقين لانهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر الى النظر والتدبر وعن على رضى اللّه عنه من اقتبس علما من النجوم من حملة القرآن ازداد به ايمانا ويقينا ثم تلا { ان في اختلاف الليل والنهار } الى { لآيات } يقول الفقير اصلحه اللّه القدير هذا بالنسبة الى ما ابيح من تعلم النجوم وتوسل به الى معرفة الآيات السماوية واما قوله عليه السلام ( من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر ) اى قطعة منه فقد قال الحافظ المنهى عنه من علم النجوم هو ما يدعيه اهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الاسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها في بعض الازمان دون بعض وهذا علم استأثر اللّه به لا يعلمه احد غيره فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقى فانه غير داخل في النهى انتهى -وسمع- ذو النون المصرى شخصا قائما على الجبل وسط البحر يقول سيدى سيدى انا خلف البحور والجزائر وانت الملك الفرد بلا حاجب ولا زائر من ذا الذي انس بك فاستوحش من ذا الذي نظر الى آيات قدرتك فلم يدهش اما في نصبك السموات الطرائق ونظمك الفلك فوق رؤس الخلائق ورفعك العرش المحيط بلا عوائق واجرائك الماء بلا سائق وارسالك الريح بلا عائق ما يدل على فرد انيتك اما السموات فتدل على منعتك واما الفلك فيدل على حسن صنعتك واما الرياح فتنشر من نسيم بركاتك واما الرعد فيصوت بعظيم آياتك واما الارض فتدل على تمام حكمتك واما الانهار فتتفجر بعذوبة كلمتك واما الاشجار فتخبر بجميل صنائعك واما الشمس فتدل على تمام بدائعك : قال الشيخ المغربى قدس سره جمله نقش تعينات ويند ... هرجه هستتد در زمين وسما وله مغربى زان ميكند ميلى بكلشن كاندرو ... هرجه رارنكى وبوبى هست رتك وبوى اوست ٧ { ان الذين لا يرجون لقاءنا } المراد بلقائه تعالى اما الرجوع اليه بالبعث او لقاء الحساب كما في قوله { انى ظننت انى ملاق حسابيه } وبعدم الرجاء عجم اعتقاد الوقوع المنتظم لعدم الامل وعدم الخوف فان عدمهما لا يستدعى عدم اعتقاد وقوع المأمول والمخوف اى لا يتوقعون الرجوع الينا او لقاء حسابنا المؤدى اما الى حسن الثواب او الى سوء العذاب فلا يأملون الاول واليه اشير بقوله { ورضوا بالحياة الدنيا } فانه منبئ عن ايثار الادنى الخسيس على الاعلى النفيس ولا يخافون الثانى واليه اشير بقوله { واطمأنوا بها } كما في الارشاد { ورضوا بالحياة الدنيا } من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي { واطمأنوا بها } وسكنوا اليها قاصرين هممهم على لذائذها وزخارفها او سكنوا فيها سكون من لايزعج عنها فبنوا شديدا واملوا بعيدا : يعنى [ دردنيا ساكن كستند بر وجهى كه كوييا هركز ايشانرا ازآنجا رحلت نخواهدبودوند انستندكه لحظه بلحظة دست اجل طبل رحيل فروخوا هدكوفت ] آن كيست كه دل نهاد وفارغ بنشست ... بنداشت كه مهلتى وتأخيرى هست كو خيمه مزن كه ميخ مى بايد كند ... كو رخت منه كه بار مى بايد بست -روى- ان اللّه تعالى قال ( عجبت من ثلاثة. ممن آمن بالنار ويعلم أنها وراءه كيف يضحك وممن اطمأنت نفسه بالدنيا وهو يعلم انه يفارقها كيف يسكن اليها. وممن هو غافل وليس بمغفول عنه كيف يلهو ) ونزل النعمان بن المنذر تحت شجرة ليلهو فقال عدى ايها الملك أتدرى ما تقول هذه الشجرة ثم انشأ يقول رب ركب قد اناخوا حولنا ... يمزجون الخمر بالماء الزلال ثم اضحوا عصف الدهر بهم ... وكذاك الدهر حالا بعد حال فتنغص على النعمان يومه كذا في ربيع الابرار { والذين هم عن آياتنا } عن آيات القرآن فيكون المراد الآيات التشريعية او عن دلائل الصنع فيكون المراد الآيات التكوينية { غافلون } لا يتفكرون فيها لانهما كهم فيما يضادها والعطف لتغاير الوصفين اى للجمع بين الوصفين المتغايرين الانهماك فى لذات الدنيا وزخارفها والذهول عن آيات اللّه ودلائل المعرفة او لتغاير الذاتين كما قل في التأويلات النجمية ان الذين لا يعتقدون السير الينا والوصول بنا لدناءة همتهم ورضوا بالتمتعات الدنيوية وركنوا الى مالها وجاهها وشهواتها والذين هم عن آياتنا غافلون وان لم يركنوا الى الدنيا وتمتعاتها وكانوا اصحاب الرياضات والمجاهدات من اهل الاديان والملل وهم البراهمة والفسلاسفة والاباحية لكن كانوا معرضين عن متابعة النبى صلى اللّه عليه وسلم او كانوا من اهل الاهواء والبدع ٨ { اولئك } الموصوفون بما ذكر من صفات السوء { مأويهم } اي مسكنهم ومقرهم الذى لا براح لهم منه { النار } نار جهنم او نار العبد والطرد والحسرة لا ما اطمأنوا بها من الحياة الدنيا ونعيمها { بما كانوا يكسبون } اى جوزوا بما واظبوا عليه وتمرنوا به من الاعمال القلبية المعدودة وما يستتبعه من اصناف المعاصى والسيآت ٩ { ان الذين آمنوا } فعلوا الايمان او آمنوا بما تشهد به الآيات التى غفل عنها الغافلون { وعملوا الصالحات } اى الاعمال الصالحة في انفسها اللائقة بالايمان وهى ما كان لوجه اللّه تعالى ورضاه وانما ترك ذكر الموصوف لجريانها مجرى الاسماء { يهديهم ربهم } في الآخرة { بايمانهم } اى بسبب ايمانهم وبنوره الى مأواهم ومقصدهم وهى الجنة وفى الحديث ( ان المؤمن اذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة فيقول انا عملك فيكون له نورا وقائدا الى الجنة والكافر اذا خرج من قبره صورة سيئة فيقول له انا عملك فينطلق به حتى يدخله النار ) ويحتمل ان تكون الهداية الى سلوك سبيل يؤدي الى ادراك الحقائق الكونية والآلهية وهى هداية خاصة يلقاها الخواص واليه الاشارة بقوله ( من عمل بم علم ورثه اللّه علم ما لم يعلم ) فالعلم الاول هو علم المعاملة الذى يكون بطريق الدراسة والعلم الثانى هو علم المكاشفة الذى يكون بطريق الوراثة وهو اعلى واجل من الاول لان الاول منه بمنزلة القشر من اللب نسأل اللّه الفيض الخاص الذى ذاقه اهل الاختصاص { تجرى من تحتهم } سررهم المرفوعة الموضوعة في البساتين والرياض { الانهار } الاربعة { فى جنات النعيم } متعلق بتجرى اى فى جنات يتنعمون فيها ويترفهون قال الكاشفى { فى جنات النعيم } [ در بوستانها با نعيم وبا نعمت ] والنعيم النعمة والخفض والدعة كما في القاموس وسميت جنة لاستتاراضها باشجارها ومنه سمى الجن لاستتارهم عن الابصار ومنه سمى المجن للتستر به ١٠ { دعويهم فيها } اى داؤهم فى تلك الجنات { سبحانك اللّهم } اى يا اللّه نسبحك تسبيحا وننزهك عن الخلف فى الوعد والكذب فى القول فقد وجدنا ما وعدتنا { وتحيتهم فيها } التحية التكرمة بالحالة الجليلة اصلها احياك اللّه حياة طيبة وهى من اضافة المصدر الى فاعله اى تحية بعضهم لبعض فى الجنة { سلام } اى سلامة من كل مكروه او من اضافته الى المفعول اى تحية الملائكة اياهم كما قال تعالى { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } او تحية اللّه اياهم كما قال { سلام قولا من رب رحيم } سلام دوست شنيدن سعاد تست سلامت ... بوصل يار رسيدن فيضلتست وكرامت { وآخر دعويهم } اى خاتمة دعائهم { ان الحمد للّه رب العالمين } اى ان يقولوا ذلك نعتاله تعالى بصفات الاكرام اثر نعته بصفات الجلال اى دعاؤهم منحصر فيما ذكر اذ ليس لهم مطلب مترقب حتى ينظموه في سلك الدعاء وان هى المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف والجملة الاسمية التى بعدها فى محل الرفع على انها خبر لها وان مع اسمها وخبرها في محل الرفع خبر للمبتدأ الاول -روى- ان اهل الجنة اذا اشتهوا شيأ قالوا الحمد للّه رب العالمين واعلم انه لا تكليف فى الجنة ولا عبادة وما عبادة اهل الجنة الا ان يسبحوا اللّه ويحمدوه وذلك ليس بعبادة وانما يلهمونه فينطقون به تلذذا بلا كلفة [ وهى آيينه لذت تسبيح وتحميد ايشسانرا ازجميع لذاتهاى بهشت خو بترآيد ] ذوق نامش عاشق مشتاقرا ... از بهشت جاوداني خوشتراست كرجه درفردوس نعمتها بسى ست ... وصل او ازهرجه دانى خوشترست وفيه اشارة الى ان اللسان انما خلق للذكر والدعاء لا لكلام الدنيا والغيبة والبهتان زبان آمد از بهر شكرو سباس ... بغيبت نكرداندش حق شناس وقد كان اول كلام تكلم به ابونا آدم عليه السلام حين عطس الحمد للّه وىخر الدعاء ايضا كان ذلك. ففيه اشارة الى ان العبد غريق فى بحر نعم اللّه اولا وآخرا فعليه استغراق اوقاته بالحمد ونعم اللّه فى الدنيا متناهية وفى الآخرة غير متناهية فالحمد لا نهاية له ابد الآباد وهو منتهى مراكب السالكين : وفى المثنوى حمد كلشن از بهار ... صد نشاني دارد وصد كير ودار بر بهارش جشمه ونخل وكياه ... وان كلستان ونكارستان كواه توملاف از مشك كان بوى بياز ... از دم تو ميكند مكشوف راز كلشكر خوردم همى كوئي وبوى ... مى زند از سيركه ياوه مكوى يعنى ان لحمد العارف علامة فانه يشهد لحمده كل اعضائه بخلاف حمد غيره فلا بد من تحقيق الدعوى بالحجة والبرهان فان الدعوى المجردة لا تنفع كما لا يخفى عن اهل الايقان نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من الحامدين فى السراء والضراء بلسان الجهر والاخفاء ١١ { ولو يعجل اللّه } [ واكر تعجيل كند خداى تعالى ] { للناس الشر استعجالهم بالخير } التعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة والمراد بالشر العذاب وسمى به لانه اذى مكروه فى حق المعاقب -روى- ان النضر بن الحارث قال منكوا لنبوته عليه السلام اللّهم ان كان محمدا حقا في ادعاء الرسالة فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم وكانوا يستعجلون العذاب المتوعد به من لسان النبوة فقال تعالى { ولو يعجل اللّه للناس الشر } والعذاب حيث استعجلوه استعجالا مثل { استعجالهم بالخير } والرحمة والعافية { لقضى اليهم اجلهم } لادى اليهم الاجل الذى عين لعذابهم واميتوا واهلكوا بالمرة وما امهلوا طرفة عين لان تركيبهم فى الدنيا لا يحتمل ما استعجلوه من العذاب ولكن لا نعجل ولا نقضى { فنذر الذين } اى نترك فالفاء للعطف على مقدر لا على يعجل اذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى يقتضيه لو وليس كذلك لان التعجيل لم يقع وتركهم في طغيانهم يقع كما في تفسير ابى البقاء { لا يرحون لقاءنا } لا يتوقعون جزاءنا في الآخرة التى هى محل اللقاء لانكارهم البعث { فى طغيانهم } الذى هو عدم رجاء اللقاء وانكار البعث والجزاء وهو متعلق بنذر او بقوله { يعمهون } اى حال كونهم متحيرين ومترددين وذلك لانه لا صلاح ولا حكمة فى اماتتهم واهلاكهم عاحلا اذ ربما آمنوا بعد ذلك او ربما خرج من أصلابهم من يكون مؤمنا ولذلك لا يعاجلهم اللّه تعالى بايصال الشر إليهم بل يتركهم امهالا لهم واستدراجا قال الحدادي الآية عامة فى كل من يستعجل العقاب الذي يستحقه بالمعاصي ويدخل فيها دعاء الإنسان على نفسه وولده وقومه بما يكره ان يستجاب له مثل قول الرجل إذا غضب على ولده اللّهم لا تبارك فيه والعنه وقوله لنفسه رفعنى اللّه من بينكم وفى الحديث (دعاء المرء على محبوبه غير مقبول) وعن ابن عمر رضى اللّه عنهما رفعه (انى سئلت اللّه لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه) ولكن قد صح (ان دعاء الوالد على ولده لا يرد) فيجمع بينهما كما فى المقاصد الحسنة وقال شهر بن حوشب قرأت فى بعض الكتب ان اللّه تعالى يقول للملكين الموكلين لا تكتبا على عبدى فى حال ضجره شيأ ثم بين اللّه تعالى انهم كاذبون فى استعجال العذاب بناء على انه لو نزل بالإنسان ادنى شىء يكرهه لا يصبر عليه بل يتضرع الى اللّه فى إزالته عنه فقال ١٢ وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ أصابه الضُّرُّ جنس الضر من مرض وفقر وغيرهما من الشدائد إصابة يسيرة دَعانا [بخواند ما را بإخلاص براى ازاله او] لِجَنْبِهِ اللام بمعنى على كما فى قوله تعالى يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ اى دعانا كائنا على جنبه اى مضطجعا او ملقى لجنبه على الأرض لما به من المرض واللام على بابها أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً وذلك ان من الضرر ما يغلب الإنسان ويجعله صاحب فراش يضطره الى الاضطجاع ومنه ما يكون أخف من ذلك ويجعله بحيث يقدر على القعود ومنه ما يتمكن الإنسان معه على القيام لا غير. ففائدة الترديد تعميم الدعاء لجميع اصناف الضرر. ويجوز ان يكون لجميع الأحوال اى دعانا فى جميع أحواله مما ذكر وما لم يذكر لازالة ما يضر عنه فى حال ما من أحواله. وتخصيص المعدودات بالذكر لعدم خلو الإنسان عنها عادة فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ رفعناه وأزلناه بسبب إخلاصه فى الدعاء مَرَّ مضى على طريقته التي كان ينتحيها قبل مساس الضر ونسى حالة الجهد والبلاء واستمر على كفره كَأَنْ اى كأنه لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ اى مشبها بمن لم يدع الى كشف ضره فهو حال من فاعل مر وهذا وصف للجنس باعتبار حال بعض افراده ممن هو متصف بهذه الصفات كَذلِكَ اى مثل ذلك التزيين. فالكاف اسم منصوب المحل على انه صفة مصدر محذوف لقوله زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الاعراض عن التضرع والانهماك فى الشهوات حين انكشاف الضر عنهم. وسمى الكافر مسرفا لكونه مسرفا فى امر دينه متجاوزا عن الحد فى الغفلة عنه فانه لا شبهة فى ان المرء كما يكون مسرفا فى الانفاق فكذا يكون مسرفا فى اتباع الهوى وتضييع العمر فيما لا يعنيه بل يضره: قال الصائب ازين چهـ سود كه در گلستان وطن دارم ... مرا كه عمر چونرگس بخواب ميگذرد ١٣ { ولقد اهلكنا القرون } يعنى الامم الماضية مثل قوم نوح وعاد { من قبلكم } متعلق باهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان اى اهلكناهم من قبل زمانكم يا اهل مكة { لما ظلموا } حين ظلموا بالتكذيب واستعمال القوى والجوارح لاعلى ما ينبغى { وجاءتهم } اى والحال انهم قد جاءتهم { رسلهم بالبينات } اى بالحجج الدالة على صدقهم { وما كانوا ليؤمنوا } وما استقام لهم ان يؤمنوا لفساد استعدادهم وخذلان اللّه لهم وعلمه بانهم يموتون على كفرهم وهو عطف على ظلموا كأنه قيل لما ظلموا واصروا على الكفر بحيث لم يبق فائدة في امهالهم اهلكناهم { كذلك } اى مثل ذلك الجزاء وهو اهلاكهم بسبب تكذيبهم للرسل واصرارهم عليه بحيث تحقق انه لا فائدة في امهالهم { نجزي القوم المجرمين } نجزى كل مجرم ١٤ { ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم } استخلفناكم فيها بعد القرون التى اهلكناها استخلاف من يختبر لان اللّه تعالى لا يحتاج فى العلم باحوال الانسان الى الاختبار والامتحان فى الحقيقة ولكن يعامل معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم ليجازيهم بحسبه { لننظر } النظر في اللغة عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئى طلبا لرؤيته وهو في حقه تعالى مستعار للعلم المحقق الذى لا يتطرق اليه شك ولا شبهة بان يشبه هذا العلم بنظر الناظر وادراكه عين المرئى على سبيل المعاينة والمشاهدة ويطلق عليه لفظ النظر والرؤية على سبيل الاستعارة التصريحية ثم تسرى الاستعارة الى الفعل تبعا قال الكاشفى [ تابه بينيم در صورت شهادت بعد ازانكه دانستيم در غيب شما كه ] { كيف تعملون } [ جه كونه عمل خواهيد كرد ازخير وشرتا باشما بمقتضاى اعمال شما معامله كنيم ان خيرا فخير وان شرا فشر ] جرا آبينة فعلست كويى ... كه دروى هرجه كردى مينمايد اكر كردى نكوئي نيك بينى ... وكربد كرده بد بيشت آيد وكيف معمول تعملون فان معنى الاستفهام يحجب ان يعمل فيه ما قبله وفائدته الدلالة على ان المعتبر في الجزاء جهات الافعال وكيفياتها لا من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح اخرى وفى الحديث ( ان الدنيا حلوة خضرة ) يعنى حسنة في المنظر ( تعجب الناظر ) والمراد من الدنيا صورها ومتاعها وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الثئ الناعم خضراء ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة يفتتن الناس بحسنها : قال الحافظ خوش عروسست جهان ازره صورت ليكن ... هر كه بيوست بدو عمر خودش كابين داد قال في فتح القريب حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة فان النفس تطلبها طلبا حثيثا فكذلك الدنيا وهى فى الحال حلوة خضراء وفى المآل مرة كدرة نعمت المرضعة ويئست الفاطمة ( وان اللّه مستخلفكم فيها ) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان اموالكم ليست فى الحقيقة لكم وانما هى للّه جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء ( فناظر كيف تعملون ) اى تتصرفون قيل معناه جاعلكم خلفا ممن قبلكم واعطى ما بايديهم اياكم فناظر هل تعتبرون بحالهم وتتدبرون فى مآلهم قال قتادة ذكر لنا عمر رضى اللّه عنه قال صدق ربنا جعلنا خلفاء ارض لينظر الى اعمالنا فاروه من اعمالكم خيرا بالليل والنهار والسر والعلانية وفى الآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بتكذيب رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ليرتدعوا عن انكار النبوة واستعجال الشر حذرا من ان ينزل بهم عذاب الاستئصال كما نزل بمن قبلهم من المكذبين وهذا الوعيد والتهديد لا يختص بهم فان اهل كل قون خليفة لمن قبله الى قيام الساعة فعلى العاقل ان يعتبر بمن مضى ويتدارك حاله قبل نزول القضاء قال فى التأويلات النجمية ان لهذه الامة اختصاصا باستحقاق الخلافة الحقيقية التى اودعها اللّه فى آدم عليه السلام بقوله { انى جاعل في الارض خليفة } ولهذا السر ما كان في امة من الامم من الخلفاء ما كان فى هذه الامة بالصورة والمعنى وللخلافة صورة ومعنى فكما ان صورة الخلافة مبنية على الحكم بين الرعية الصورية بالعدل والتسوية على قانون الشرع والاجناب عن متابعة الهوى والطبع كذلك معنى الخلافة مبنى على الحكم بين الرعية المعنوية وهى الجوارح والاعضاء والقلب والروح والسر والنفس وصفاتها واخلاقها والحواس الخمس والقوى النفسانية بالحق كما كان سيرة الانبياء وخواص الاولياء فى طلب الحق ومجانبة الباطل وترك ما سوى اللّه والوصول الى اللّه ١٥ { واذا تتلى عليهم } اى على المشركين مكة { آياتنا } القرآنية الدالة على حقيقة التوحيد وبطلان الشرك حال كونها { بينات } واضحات الدلالة على ذلك { قال الذين لا يرجون لقاءنا } : يعنى [ اميد ندار ند ديدار مارا وسيدن بما ] وهو عبارة عن كونهم مكذبين للحشر قال في التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه ليس لهم شوق لى اللّه وطلبه اذا الشوق من شان القلب احى وقلوبهم ميتة ونفوسهم حية فلما فى القرآن مما يوافق القلوب ويخالف النفوس ما قبله ارباب النفوس { ائت بقرآن غير هذا } القرآن المنزل بان لا يكون على ترتيب هذا ونظمه وبان يكون خاليا عما نستبعده من امر البعث والجزاء وعما نكرهه من ذم آلهتنا وتحقيرها { أو بدله } بان يكون هذا القرآن المنزل باقيا على نظمه وترتيبه لكن يوضع مكان الآيات الدالة على ما نستبعده وتستكرهه آيات اخر موافقة لطريقتنا كما بدل احبار اليهود التوراة ورهبان النصارى الانجيل بما كان موافقا لهواهم ولعلهم سألوا ذلك طمعا في ان يسعفهم الى اتيانه من قبل نفسه فيلزموه بان يقولوا قد تبين لنا اتك كاذب فى دعوى ان ما تقرأه علينا كلام الهى وكتاب سماوى اوحى اليك بوساطة الملك وانك تقوله من عند نفسك وتفترى على اللّه كذبا { قل ما يكون لي } اى ما يصح لى ولا يمكننى اصلا { ان ابدله من تلقاء نفسي } اى من قبل نفسى وانما اكتفى بالجواب عن التبديل لاستلزام امتناعه امتناع الاتيان بقرآن آخر كذا قال البيضاوى وهو اولى مما في الكشاف. والبيان ان التبديل داخل تحت قدرة الانسان واما الاتيان بقرآن آخر فغير مقدور عليه للانسان وذلك لان التبديل ربما يحتاج الى تغيير سورة او مقدارها واعجاز القرىن يمنع من ذلك كما لا يخفى وهو اللائح بالبال { ان اتبع الا ما يوحى الى } تعليل لما يكون فان المتبع لغيره فى امر لم يستبد بالتصرف فيه بوجه اى ما اتبع فى شيء الا ما يوحى الى من غير تغيير له فى شيء اصلا عن معنى قصر حاله عليه السلام على اتباع ما اليه لاقصر اتباعه على ما يوحى اليه كما هو المتبادر من ظاهرة العبارة كأنه قيل ما افعل الا اتباع ما يوحى الىّ وقد مر تحقيق المقام فى سورة الانعام { انى اخاف ان عصيت ربى } اى بالتبديل { عذاب يوم عظيم } هو يوم القيامة وفيه اشارة الى التبديل اذا كان عصيانا مستوجبا للعذاب يكون اقتراحه كذلك لانه نتيجته والنتيجة مبنية على المقدمة فعلم منه ان المؤدى الى المكروه او الحرام مكروه او حرام الا ترى ان بعض الكيوف التى يستعملها ارباب الشهوات فى هذا الزمان مؤد الى استقثال الوم الفرض واستقثال امر اللّه تعالى ليس من علامات الايمان نسأل اللّه تعالى ان يجذب عناننا من الوقوع فى مواقع الهلاك ١٦ { قل لو شاء اللّه } ان لا اتلو عليكم ما اوحى الى من القرىن { ما تلوته عليكم } لنى امى وليس التلاوة والقرآن من شأنى كما كان حالي مع جبريل اول ما نزل فقال ( اقرأ قلت لست بقارئ فغطنى جبريل ثم ارسلني فقال اقرأ باسم ربك الذى خلق فقراته لما جعلني قارئا ولو شاء اللّه ان لا اقرأه ما كنت قاردا على قرائته عليكم ) -حكى- ان واحدا من المشايخ الاميين استدعى منه بعض المنكرين الوعظ بطريق التعصب والعناد زعما منهم انه لا يقدر عليه فيفتضح لأنه كان كرديا لا يعرف لسان العرب ولا يحسن الوعظ والتذكير فنام بالغم فاذن له صلى اللّه عليه وسلم فى المنام بذلك فلما اصبح جلس مجلس الوعظ والتذكير وقرر من كل تأويل وتفسير وقال ( أمسيت كرديا واصبحت عربيا ) وذلك من فضل اللّه وهو على كل شيء قدير : قال الحافظ فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ... ديكران هم بكنند ىنجه مسيحا ميكر { ولا ادريكم به } ماض من دريت الشيء ورديت به اى علمته وادرانية غيرى اى اعلمنيه والمعنى ولا اعلمكم اللّه القرآن على لسانى ولا اشعركم به اصلا { فقد لبثت فيكم } اى مكثت بين ظهرانيكم { عمرا } يضمتين الحياة والجمع اعمار كما في القاموس قال ابو البقاء ينصب نصب الظروف اى مقدار عمر او مدة عمر قال ابن الشيخ اى مدة متطاولة وهى اربعون سنة { مِنْ قَبْلِهِ } من قبل القرآن لا اتلوه ولا اعلمه وكان عليه السلام لبث فيهم قبل الوحي اربعين سنة ثم اوحى اليه فاقام بمكة بعد الوحى ثلاث عشرة سنة ثم هاجر الى المدينة فاقام بها عشر سنين وتوفي ابن ثلاث وستين سنة فمن عاش بين اظهرهم اربعين سنة لم يمارس فيها علما ولم يشاهد عالما ولم ينشئ قريضا ولا خطبة ثم قرا عليهم كتابا بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلى كل منثور ومنظوم واحتوى على قواعد علمى الاصول والفروع واعرب عن اقاصيص الاولين واحاديث الآخرين على ما هى عليه انه معلم به من عند اللّه وأن ما قرأه عليه معجز خارق للعادة امئ دانا كه بعلم فزون ... راندرقم برورق كاف ونون بى خط وقرطاس زعلم ازل ... مشكل لوح وقلمش كشت حل ١٧ { افلا تعقلون } افلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا انه ليس الا من اللّه { فمن اظلم ممن افترى على اللّه كذبا } احتراز مما اضافوه اليه عليه السلام كناية وهوانه عليه السلام نظم هذا القرآن من عند نفسه ثم قال انه من عند اللّه افتراء عليه فان قولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله كناية عنه فقوله عليه السلام فمن اظلم ممن افترى كناية عن نفسه كأنه قيل لو لم يكن هذا القرىن من عند اللّه كما زعمتم لما كان احد في الدنيا اظلم على نفسه من حيث افتريته على اللّه لكن الامر ليس كذلك بل هو وحى الهى { او كذب بآياته } فكفر بها { انه لا يفلح المجرمون } لا ينجون من محذور ولا يظفرون بمطلوب وفي التأويلات النجمية اى لا يتخلص الكذابون والمكذبون من قيد الكفر وحجب الهوى وعذاب البعد وجحيم النفس انتهى وذلك لان الطريق طريق الصدق والاخلاص لا طريق الكذب والرياء فمن سلك سبيل الصدق افلح ونجا وصل ومن سلك سبيل الكذب خاب وهلك وضل وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها اذا صحت ففيها النجاة ولا يتم بعضها الا ببعض الاسلام الخالص من الظلم وطيب الغذاء والصدق للّه فى الاعمال وفى الحديث ( ان من اعظم الفرية ثلاثا ان يفتى الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير ) يعنى فى المنام ( او يفترى على والديه فيدعي الى غير ابيه او يفترى على يقول سمعت من رسول اللّه وبم يسمع منى ) يقول الفقير فاذا لم يصح هذا الواحد من امته فكيف يصح لرسول اللّه عليه الصلاة والسلام والانبياء عليهم السلام امناء اللّه على ما اوحى اليهم لا يزيدون فيه ولا ينقصون ولا يبدلون فكذا الاولياء قدس اللّه اسرارهم امناء اللّه على ألهم اليهم يبلغونه الى من هو اهل له من غير زيادة ولا نقصان ومن انكر كون الامى وليافلينكر كونه نبيافان ذلك مغض الى ذلك ومستلزم له قال الامام السخاوى قوله ( ما تخذ اللّه من ولي جاهل ولو اتخذه لعلمه ) ليس بثابت ولكن معناه صحيح والمراد بقوله ولو اتخذه وليا لعلمه ثم اتخذه وليا انتهى وقال الامام الغزالى فى شرح الاسم الحكيم من الاسماء الحسنى ومن عرف اللّه تعالى فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها انتهى فظهر ان العلم الزائد على ما يقال له علم الحال ليس بشرط فى ولاية الولى وان اللّه تعالى اذا اراد بعبده خيرا يفقهه فى الدين ويعلمه من لدنه علم اليقين قال عمر رضى اللّه عنه يا نبى اللّه مالك افصحنا فقال عليه السلام ( جاءنى جبريل فلقتنى لغة ابى اسماعيل وان اللّه ادبنى فاحسن تأديبى ثم امرنى بمكارم الاخلاق فقال خذ العفو وائمر بالعرف ) الآية فقد استبان الحق واللّه اعلم حيث يجعل رسالته فاياك ان تنكر ولاية مثل يونس وغيره من الاميين فان شواهدهم تنادى على صحة دعواهم بل واياك ان تطلق لسانك بالطعن على لحنهم فان سين بلال احل الى اللّه من شين غيره في اشهد : وفي المثنوى قدس سره كرحديثت كزبود معنيت راست ... آن كزئ لفظ مقبول خداست وذلك لان خطأ الاحباب اولى من صواب الاغيار كما فى المثنوى وعن ابى الدرداء رضى اللّه عنه انه قال ( ان للّه عبادا يقال لهم الابدال لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتمتع وحسن الحلية وانما بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدور والرحمة لجميع المسلمين اصطفاهم اللّه بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم اربعون رجلا على مثل قلب ابراهيم عليه السلام لا يموت الرجل منهم حتى يكون اللّه قد انشأ من يخلفه واعلم انهم لا يسبون شيأ ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم اطيب الناس خبرا والينهم عريكة واسخاهم نفسا لا تدركهم لخيل المجراة ولا الرياح لعواصف فيما بينهم وبين ربهم انما قلوبهم تصعد فى السقوف العلى ارتياحا الى اللّه فى استباق الخيرات اولئك حزب اللّه هم المفلحون ) كذا فى روض الرياحين للامام اليافعى : وفى المثنوى فى وصف الاولياء مردهاست ازخودشده زنده برب ... زان بوداسرار حقش دردولب ١٨ { ويعبدون } اى كفار مكة { من دون اللّه } حال من الفاعل اى متجاوزين اللّه بمعنى ترك عبادته بالكلية بل بمعنى عدم الاكتفاء بها وجعلها قريبا لعبادة الاصنام { ما لا يضرهم ولا ينفعهم } اى الاصنام التى لا قدرة لها على ايصال الضرر اليهم ان تركوا عبادتها ولا على ايصال المنفعة ان عبدوها لان الجماد بمعزل عن ذلك والمعبود ينبغي ان يكون مثيبا ومعاقبا حتى تعود عبادته بجلب نفع او دفع ضر { ويقولون هؤلاء } الاصنام { شفعاؤنا عند اللّه } تشفع لنا فيما يهمنا من امور الدنيا لانهم كانوا لا يقرون بالمعاد او فى الآخرة ان يكن بعث كما قال الكاشفى [ يا اكر فرضا حشر ونشر باشد جنانجه معتقد مؤمنانست مارا ازخداى درخواست ميكنند وازعذاب ميرهانند ] واعلم ان اول ما حدثت عبادة الاصنام فى قوم نوح عليه السلام وذلك ان آدم كان له خمسة اولاد صلحاء وهم ودّ ويغوث ويعوق ونسر. فمات ودّ فحزن الناسعليه حزنا شديدا فاجتمعوا حول قبره لا يكادون يفارقونه وذلك بارض بابل فلما رأى ابليس ذلك جاء اليهم فى صورة انسان وقال لهم هل لكم ان اصور لكم صورة اذا نظرتم اليها ذكرتموه قالوا نعم فصور لهم صورته ثم صار كلما مات منهم واحد صور صورته وسموا تلك الصور باسمائهم ثم لما تقادم لزمن وتناست الآباء والابناء وابناء الابناء قال لمن حدث بعدهم ان الذي كانوا قبلكم يعبدون هذه الصور فعبدوها فارسل اللّه اليهم نوحا فنهاهم عن عبادتها فلم يجيبوه لذلك وكان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق ثم ان تلك الصور دفنها الطوفان فى ساحل جده فاخرجها اللعين واول من نصب الاوثان فى العرب عمرو بن لحى من خزاعة وذلك انه خرج من مكة الى الشام في بعض اموره فرأى بأرض البلقاء العماليق ولد عملاق بن لاود بن سام ابن نوح وهم يعبدون الاصنام فقال لهم ما هذه قالوا هذه اصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم أفلا تعطونني منها صنما فاسير به الى ارض العرب فاعطوه صنما يقال له هبل من العقيق على صورة انسان فقدم به مكة فنصبه فى بطن الكعبة على يسراها وامر الناس بعبادته وتعظيمه فكان الرجل اذا قدم من سفره بدابه قبل اهله بعد كوافه بالبيت وحلق رأسه عنده كذا فى انسان العيون وكان اهل الطائف يعبدون اللات واهل مكة العزى ومناة وهبل واسافا { قل اتنبئون اللّه } اتخبرونه { بما لا يعلم } اى بالذى لا يعلمه كائنا { فى السموات ولا فى الارض } فما عبارة عن ان له شريكا والظرف حال من العائد المحذوف وفى الاستفهام الانكارى تقريع لهم وتهكم بهم حيث نزلوا منزلة من يخبر علام الغيوب بما ادعوه من المحال الذى هو وجود الشركاء وشفاعتهم عند اللّه. وفى الظرف تنبيه على ان ما يعبدونه من جون اللّه اما سماوى. كالملائكة والنجوم واما ارضى كالاصنام المنحوتة من الشجر والحجر لا شيء من الموجودات. فيهما الا وهو حادث مقهور مثلهم لا يليق ان يشرك به سبحانه قال الكاشفى [ انتفاء علم بجهت معلومست يعنى شما ميكوبيد كه خدايرا شريك هست. واثبات بشفاعت بتان ميكنيد وخداوئدكه عالمست بجميع معلومات اين رانمي دانديس معلوم شدكه شريك نيست وشفاعت نخواهدبود ] كما قال ابن الشيخ فان شيأ من ذلك لو كان موجودا لعلمه اللّه وما لا يعلمه اللّه استحال وجوده { سبحانه } [ يا كست ] { وتعالى } [ برترست ] { عما يشركون } لما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبرى اى تبرأ وجل عن اشراكهم راحداندر ملك اورايارنى ... بندكانش را جزا وسالا رنى ١٩ { وما كان الناس الا امة واحدة } اى على ملة واحدة فى عهد آدم عليه السلام الى ان قتل قابيل هابيل اوفى زمن نوح بعد الطوفان حين لم يبق على وجه الارض من الكافرين ديارا فان الناس كانوا متفقين على الدين الحق { فاختلفوا } اى تفرقوا الى مؤمن وكافر { ولولا كلمة سبقت من ربك } اى لولا الحكم الازلى بتأخير العذاب الفاصل بينهم الى يوم القيامة فانه يوم الفصل والجزاء { لقضى بينهم } عاجلا { فيما يختلفون } باهلاك المبطل وابقاءالمحق قال الكاشفى [ هر آينه حكم كرده شدى ميان ايشان ران جنرى كه ايشان دران اختلاف ميكنند عذاب بيامدى ومبطل هلاك شدى ومحق بماندى ] ويحتمل ان يكون المعنى ان الناس كانوا امة واحدة فى بدء الخلقة موجودين على اصل الفطرة التى فطر الناس عليها فاختلفوا بحسب تربية الوالدين كما قال عليه السلام ( كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ) ثم اختلفوا بعد البلوغ بحسب المعاملات الطبيعية والشرعية ثم هذا الاختلاف كما كان بين الامم السالفة كذلك كان بين هذه الامة فمن مؤمن ومن كافر ومن مبتدع وفى اختلافهم فائدة جليلة وحكمة عظيمة حيث ان الكمال الالهى انما يظهر بمظاهر جماله وجلاله لكن ينبغي للناس ان يكونوا على التآلف والتوافق دون التباغض والتفرق لان يد اللّه مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة المنفردة -واوصى حكيم- اولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتونى بعصى فجمعها وقال اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها وقال لهم خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها فقال لهم هكذا انتم بعدى لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وفى الحديث ( اوصيكم بتقوى اللّه والسمع والطاعة وان تأمر عليكم عبد وانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ) والمراد بالخلفاء ابو بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان اللّه عليهم اجمعين. والراشدون جمع راشد اسم فاعل وهو الذى اتى بالرشد واتصف به وهو ضد الغى فالراشد ضد الغاوى والغاوى من عرف الحق وعمل بخلافه. والنواجذ آخر الاسنان والمعنى واظبوا على السنة والزموها واحرصوا عليها كما يفعل العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته وقد وقع هذا الاختلاف وسيقع الى ان يقوم المهدى وينزل عيسى عليه السلام : قال الحافظ تو عمر خواه وصبورى كه جرخ شعبده باز ... هزار بازى ازين طرفه تر برانكيزد وقال روزى اكر غمى رسدت تنك دل مباش ... روشكر كن مباد كه ازبد بتر شود قال بعض العلماء فى هذه الامة فرقة مختلفة تبغض العلماء وتعادى الفقهاء ولم يكن ذلك فيمن تقدم قبلنا من الامم بل كانوا منقادين لهم محبين كما وصفهم اللّه تعالى فى كتابه { اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون اللّه } والفقيه اذا كان مبغوضا بين الناس فما ظنك بالعالم باللّه الا تراهم اذا وجدوا الرجل كاملا في العلوم الظاهرة والباطنة متفردا فى فنه متميزا من جنسه متفوقا على اقرانه فمن قائل فى حقه انه زنديق ومن قائل انه مبتدع وقلما تسمع من يقول انه صديق فانظر الى غيرة اللّه تعالى كيف ستره عن الاغيار واخفى سره عن الاشرار : قال الحافظ معشوق عيان ميكذرد برتو وليكن ... اغيار همى بيند ازان بسته نقابست قال رويم من المشايخ الكرام لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا فاذا اصلحوا هلكوا وذلك لانه لو قبل بعضهم بعضا ابقى بعضهم مع بعض وسكن بعضهم الى بعض والسكون الى غير اللّه تعالى عند الخواص من قبيل عبادة الاصنام عند العوام وهذا التبرى بين الصوفية المحققين ليس كالتبري بين اليهود والنصارى لان تبريهم فى الحق للحق وتبرى هؤلاء فى الباطل للباطل والحاصل ان من الخلاف ما كان مذموما وما كان ممدوحا فالمذموم هو ما كان في العقائد واصول الدين والممدوح هو ما كان فى الاعمال وفروع الدين كما قال عليه السلام ( اختلاف الائمة رحمة ) وعن علي كرم اللّه وجهه قال له يهودي ما دفنتم نبيكم حتى اختلفاختلفتم فقال انما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت ارجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا آلها كما لهم وهذا من الاجوبة المسكتة واللّه يقول الحق وهو يهدى السبيل ٢٠ { ويقولون } اى كفار مكة { لولا } للتحضيض مثل هلا { انزل عليه } على محمد عليه الصلاة والسلام { آية } معجزة { من ربه } كانوا يقولون ان القرآن يمكن معارضته كما دل عليه قولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا ويقترحون اشياء اخرى سوى القرآن لتكون معجزة مثل اليد والعصا وتفجير الانهار وغيرها كفت اكر آسان ثمايد اين بتو ... انجنين يك سورة اى سخت رو { فقل } لهم فى الجواب { انما الغيبة للّه } اللام للاختصاص العلمى دون التكوينى فان الغيب والشهادة فى ذلك الاختصاص سيان. والمعنى ان ما اقترحتموه وزعمتم انه من لوازم النبوة وعلقتم عليه ايمانكم من الغيوب المختصة باللّه سبحانه لا وقوف لى عليه ولو علم الصلاح فى زيادة الآيات لا نزل وفى التأويلات النجمية الغيب هو عالم الملكوت الذى ينزل منه الآيات ويظهر منه المعجزات بانزال اللّه تعالى واظهاره فهو للّه وبحكمه ينزل الآيات منه متى شاء كما شاء { فانتظروا } لتزول ما اقترحتموه { انى معكم من المنتظرين } لما يفعل اللّه بكم بجحودكم ما نزل عليّ من الآيات العظام واقتراحكم غيره وقد امهلهم اللّه سبحانه ليأخذ الظالم منهم اخذ عزيز مقتدر وقد يعجل عقوبة من يشاء [ آورده اندكه سهسا لارى بود ظالم وباتباع خود بخانه يكى از مشايخ كبار فرود آمد خداوندخانه كفت من منشورى دارم بخانه من فرود ميا كفت منشورى بنماى شيخ در خانه رفت ومصحفى عزيز داشت ودربيش بيا ورد وباز كرد اين آيت برآمد كه { يا ايها الذين منوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها } سهسالار كفت من بنداشتم كه منشورا اميردارى بدان التفات نكرد ودرخانه شيخ فرود آمد آن شب قولنجش بكرفت وهلاك شد ] وفيه اشارة الى ان حضرة القرآن ليس كسائر الآيات فمن رده واستحقره فقد تعرض لسخط اللّه تعالى اشد التعرض كما ان من قبله وعظمه صورة بالرفع والمس على الطهارة ونحو ذلك ومعنى بالعمل بما فيه والتخلق باخلاقه نال من اللّه كل ما يتمناه -حكى- انعثمان الغازى جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام اللّه تعالى وذلك انه كان من اسخياء زمانه يبذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته ونغصوا عليه فذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاج بكتاش او غيره من الرجال فنزل بيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام اللّه تعالى فقال ليس من الادب ان نقعد عند كلام اللّه تعالى فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم يزل قائما الى الصبح فلما اصبح ذهب الى طريقه فاستقبله رجل وقال انا مطلبك ثم قال له ان اللّه تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لمكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط برأسها منديلا وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل اول غزوته بلاجك وفتح بعناية اللّه تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا ثم بعد ارتحاله صار ولده اورخان سلطانا ففتح هو بروسة المحروسة بالعون الآلى فمن ذلك الوقت الى هذا الآن الدولة العثمانية على الازدياد بسبب تعظيمه كتاب اللّه وكلامه القديم كذا فى الواقعات المحمودية فليلازم العاقل تعظيم القرآن العظيم ليزداد جاهه ورتبته وليحذر من تحقيره لئلا ينتقص شأنه وهيبته ألا ترى ان السلطان محمد الرابع واعوانه لما رفضوا العمل بالقرآن واخذوا بالظلم والعدوان سلط اللّه عليهم وعلى الناس بسببهم القحط والخوف فخرج من ايديهم اكثر القلاع المعمورية الرومية واستولى الكفار الى ان طمعوا فى القسطنطينية واشتد الخوف الى ان قال الناس اين المفر وكل ذلك وقع من القرناء السوء فانهم كانوا يحثون السلطان على الجريان بخلاف الشرع اى فغان از يار ناجنس اى فغان ... همنشين نيك جوييد اى مهان اى بسا مهتر بجه از شور وشر ... شد زفعل زشت خود تنك بدر اللّهم اجعلنا من المعتبرين واجعلنا من المتبصرين ٢١ { واذا اذقنا الناس } اى اهل مكة { رحمة } صحة وسعة { من بعد ضراء } كقحط ومرض { مستهم } اصابتهم وخالطتهم حتى احسوا بسوء اثرها فيهم واسناد المساس الى الضراء بعد اسناد الاذاقة الى ضمير الجلالة من الآداب القرآنية كما فى قوله تعالى { واذا مرضت فهو يشفين } ونظائره واذا للشرط وجوابه قوله { اذا } للمفاجأة { لهم مكر فى آياتنا } فى فاجأوا فى وقت اذاقة الرحمة وقوع المكر منهم بالطعن فى الآيات والاحتيال فى دفعها وسارعوا اليه قبل ان ينفضوا عن رؤوسهم غبار الضراء قيل قحط اهل مكة سبع سنين حت كادوا يهلكون ثم رحمهم اللّه وانزل الغيث على اراضيهم فطفقوا يقدحون فى آيات اللّه ويكيدون رسوله قال مقاتل لا يقولون هذا رزق اللّه وانما يقولون سقينا بنوء كذا وكانت العرب تضيف الامطار والرياح والحر والبرد الى الساقط من الانواء جمع نوء وهى ثمانية وعشرون مزل ينزل القمر كل ليلة فى منزل منها ويسقط فى المغرب نجم واحد من تلك المنازل الثمانية والعشرين فى كل ثلاثة عشر يوما مع طلوع الفجر ويطلع رقيبه من المشرق فى ساعته فى مقابلة ذلك الساقط وهذا فى غير الجبهة فان لها اربعة عشر يوما فينقضى الجميع بانقضاء السنة اى مع انقضاء ثلاثمائة وخمسة وستين يوما لان ثلاثة عشر فى ثمانى وعشرين مرة تبلغ هذا القدر من العدد وانما سمى النجم نوأ لانه اذا سقط الساقط منها بالمغرب فالطالع بالمشرق ينوء اى ينهض ويطلع فلما انجاهم اللّه من القحط لبسوا الامر على اتباعهم واضافوا ذلك المطر الى الانواء لا الى اللّه لئلا يشكروا اللّه ولا يؤمنوا بآياته فقيل هذا هو المراد بمكرهم فى آيات اللّه ومن لا يرى الامطار الا من الانواء كان كافرا بخلاف من يرى انها بخلق اللّه والانواء وسائط وامارات بجعله تعالى كما قال فى الروضة المؤثر هو اللّه تعالى والكواكب اسباب عادية : قال الحافظ كررنج بيشت آيد وكرراحت اى حكيم ... نسبت مكن بغير كه اينها خذا كند { قل اللّه اسرع مكرا } اى اعجل عقوبة اى عقابه اسرع وصولا اليكم مما يأتى منكم في دفع الحق وتسمية العقوبة بالمكر لوقوعها فى مقابلة مكرهم وجودا فيكون من باب تسمية الشئ باسم سببه او ذكرا فيكون من باب المشاكلة -روى- عن مقاتل انه تعالى قتلهم يوم بدر وجازى مكرهم فى آياته بعقاب ذلك اليوم فكان اسرع فى اهلاكهم من كيدهم فى اهلاكه عليه السلام وابطال آياته والمكر اخفاء لكيد وارادة اللّه خفية عليهم وارادتهم ظاهرة توكل على الرحمن واحتمل الردى ... ولا نخش مما قد يكيد بك العدى { ان رسلنا } الذين يحفظون اعمالكم وهم الكرام الكاتبون وفيه التفاوت اذ لو جرى على اسلوب قوله { قل اللّه } لقيل ان رسله { يكتبون ما تمكرون } اى مكركم او ما تمكرونه وهو تحقيق للانتقام وتنبيه على ان ما دبروا اخفاءه لم يخف على الحفظة فضلا عن ان يخفى على اللّه وفيه تصريح بان للكفار حفظة فان قيل فالذي يكتب عن يمينه اى شيء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال ان الذي عن شماله يكتب باذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما فى البستان واختلفوا فى عددهم فقال عبد اللّه بن المبارك هم خمسة اثنان بالنهار واثنان بالليل واحد لا يفارقه ليلا ولا نهارا فثبت بهذا ان افعال الناس واقوالهم سواء كانوا مؤمنين او كافرين مضبوطة مكتوبة للالزام عليهم يوم القيامة وان المكر والحيلة لا مدخل له فى تخليص الانسان من مكروه بل قد قالوا اذا ادبر الامر كان العطب فى الحيلة فمن ظن نجاته فى المكر كان كثعلب ظن نجاته فى تحريك ذنبه وانما المنجى هو القدم وهو ههنا العمل الصالح بعد الايمان لكامل والعاقل يتدارك حاله قبل وقوع القضاء [ علاج واقعه بيش ازوقوع بايد كرد ] قال زياد وليس العاقل الذى يحتال للامر اذا وقع فيه ولكن العاقل الذى يحتال للامور حذرا ان يقع فيها : قال السعدى قدس سره توبيش ازعقوبت درعفو كوب ... كه سودى نداردفغان كنون كرد بايد عمل را حساب ... نه روزى كه منشور كردد كتاب والاشارة فى الآية { واذا اذقنا الناس رحمة } اى اذقناهم ذوق توبة او انابة او صدق طلب او وصول الى بعض المقامات او ذوق كشف وشهود { من بعد ضراء مستهم } وهو الفسق والفجور والاخلاق الذميمة وحجب اوصاف البشرية وصفات الروحانية { اذا لهم مكر فى آياتنا } باظهارها مع غير اهلها للشرف بين الناس وطلب الجاه والقبول عند الخلق واستتباعهم والرياسة عليهم وجذب المنافع منهم { قل اللّه اسرع مكرا } اى اسرع فى ايصال مجازاة مكرهم اليهم باستدراجهم من تلك المقامات والمكرمات الى دركات العبد وتراكم الحجب من حيث لا يعلمن { ان رسلن يكتبون ما تمكرون } اى غير خاف علينا قدر مراتب مكرهم فنجازيهم على حسب ما يمكرون كما فى التأويلات النجمية وقد رؤى من اهل هذه الطريقة كثر ممن مشى على الماء والهواء وطويت له الارض ثم رد الى حاله الاولى وقد يمشى المستدرج على الماء والهواء وتزوى له الارض وليس عند اللّه بمكان لانه ليست عنده هذه المراتب نتائج مقامات محمودة وانما هى نتائج مقامات مذمومة قامت به ارادة الحق سبحانه ان يمكر به فى ذلك الفعل الخارق للعادة وجعله فتنة عليه وتخيل انه انما اوصله اليها ذلك الفعل الذى هو معصية شرعا وانه ما وقف على حقيقة ما اتفق له وغفل المسكين عن موازنة نفسه بالشريعة نسأل اللّه تعالى ان لا يجعلنا ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فيستمر على ذلك الفعل كذا في مواقع النجوم : قال الحافظ قدس سره زاهد ايمن مشواز بازئ غيرت زنهار ... كه ده از صومعة تادير مغان اين همه نيست وقال من تخلص من العقبات ألا ترى ان الواصل قليل بالنسبة الى المنقطع ولا بد فى قطعها من مرشد كامل ومؤدب حاذق : وفى المنثوى دربناه شيركم نايد كباب ... روبها توسوى جيفهكم شتاب جون كرفتى بيرهن تسليم شو ... همجو موسى زير حكم خضررو ٢٢ { هو } اى اللّه تعالى { الذي يسيركم } من التسيير والتضعيف فيه للتعدية يقال سار الرجل وسيرته انا وهو بالفارسية [ برفتن آوردن ] والمعنى [ مى رائد وقدرت مى دهد قطع مسافت شمارا ] { فى البر } على الاقدام وظهر الدواب من الخيل والبغال والحمير والابل { والبحر } علىلسفن الكبيرة والصغيرة المعبر عنها بالفارسية [ كشتى وزورق ] وفيه اشارة الى ان المسير فى الحقيقة هو اللّه تعالى لا الريح فان الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذى لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه وتعالى ومن عرف ذلك وقطع الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها تحقق بحقائق توحيد الافعال والا بقى فى الشرك الخفى : قال السعدى قدس سره قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكر ناخذا جامه برتن درد وقال الحافظ قدس سره من از بيكانكان ديكر ننالم ... كه بامن هرجه كرد آن آشنا كرد { حتى اذا كنتم فى الفلك } غاية لقوله يسيركم فى البحر فان قيل غاية الشيء تكون بعده والحال ان السير فى البحر يكون بعد الكون فى الفلك قلنا ليس الغاية مجرد الكون فى الفلك بل هى الكون فى الفلك مع ما عطف عليه من قوله { وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها } فان هذا المجموع بعد السير فى البحر { وجرين } اى الفلك لانه جمع مكسر بمعنى السفن وتغييره تقديري بناء علىن ضمته كضمة اسد جمع اسد وضمة مفرده كضمة قفل { بهم } اى بالذين فيها والالتفات فى بهم للمبالغة فى التقبيح والانكار عليهم كانه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويحملهم على الانكار والتقبيح { بريح طيبة } لينة الهبوب موافقة لمقصدهم { وفرحوا بها } بتلك الريح لطيبها وموافقتها { جاءتها } اى تلقت الريح الطيبة واستولت عليها من طرف مخالف لها فان الهبوب على وفقها لا يسمى مجيئا لريح اخرى عادة بل هو اشتداد للريح الاولى { ريح عاصف } يقال عصفت الريح اى اشتدت فهى ريح عاصفة اى شديدة الهبوب ولم يقل عاصفة لاختصاص الريح بالعصوف فلا حاجة الى الفارق { وجاءهم الموج } وهو ما ارتفع من الماء { من كل مكان } اى من امكنة مجيء الموج عادة ولا بعد فى مجيئه من جميع الجوانب ايضا اذ لا يجب ان يكون مجيئه من جهة هبوب الريح فقط بل قد يكون من غيرها بحسب اسباب تتفق واليه مال الكاشفي حيث قال : يعنى [ ازجب وراست وبيش وبس ] { وظنوا انهم احيط بهم } اى هلكوا فان ذلك فى الهلاك واصلة احاطة العدو بالحى { دعوا اللّه } بدل من ظنوا بدل اشتمال لان دعاءهم ملابس لظنهم الهلاك ملابسة الملزوم { مخلصين له الدين } من غير ان يشركوا به شيئا من آلهتهم فان اخلاص الدين والطاعة له تعالى عبارة عن ترك الشرك وهذا الاخلاص ليس مبنيا على الايمان بل جار مجرى الايمان الاضطرارى وقيل المراد بذلك الدعاء قولهم اهيا شراهيا فان تفسيره يا حى يا قيوم وهذا الاسمان من اوراد البحر كما سبق فى تفسير آية الكرسى { لئن أنجيتنا } اللام موطئة للقسم على ارادة القول اى دعوا حال كونهم قائلين واللّه لئن انجيتنا { من هذه } الورطة { لنكونن } البتة بعد ذلك ابدا { من الشاكرين } لنعمك التى من جملتها هذه النعمة المسئولة وهى نعمة الانجاء وذلك باتباع اوامرك والاجتناب عن مساخطك لا نكفر نعمتك بعبادة غيرك ٢٣ { فلما انجيناهم} مما غشيهم من الكربة اجابة لدعائهم والفساد للدلالة على سرعة الاجابة { اذا هم يبغون فى الارض } اى فاجأوا الفساد فيها وسارعوا الى ما كانوا عليه من التكذيب والشرك والجراءة على اللّه تعالى وزيادة فى الارض للدلالة على شمول بغيهم لاقطارها { بغير الحق } اى حال كونهم ملتبسين بغير الحق قال الكاشفى [ تأكيدست يعنى فساد ايشان بغير حق است هم باعتقاد ايشان جه ميدانندكه دران عمل مبطلند ] فيكون كما فى قوله تعالى { ويقتلون النبيين بغير الحق } وقد سبق فى سورة البقرة { يا ايها الناس } الباغون { انما بغيكم } الذى تتعاطونه وهو مبتدأ خبره قوله تعالى { على انفسكم } او وباله راجع عليكم وجزاؤه لاحق بكم لا على الذين تبغون عليهم وان ظن كذلك { متاع الحيوة الدنيا } نصب على انه مصدر مؤكد لفعل مقدر بطريق الاستئناف اى تتمتعون متاع الحياة الدنيا اياما قلائل فتفنى الحياة وما يتبعها من اللذات وتبقى العقوبات على اصحاب السيئات هركه اوبد ميكند بى شبهة باخود ميكند { ثم الينا مرجعكم } فى يوم القيامة لا الى غيرنا { فننبئكم بما كنتم تعملون } فى الدنيا على الاستمرار من البغى وهو وعيد بالجزاء كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت عبر عن اظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم وفى الآية الكريمة اشارات. منها ان الفلك نعمة من اللّه تعالى اذ قد يحتاج الناس الى عبور البحر به ولذا امتن اللّه عليهم بالتسيير فى البحر قال فى انوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء كذا قاله الجمهور وكره ركوبه للناء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر من المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفتهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال انتهى وعن عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما يرفعه الى النبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( لا تركب البحر الا حاجا او معتمرا او غازيا فى سبيل اللّه فان تحت البحر نارا او تحت النار بحرا ) قوله فان تحت البحر نارا اشارة الى ان راكبه متعرض للآفات المهلكة كالنار. وقوله وتحت النار بحرا اراد به تهويل امر البحر وخوف الهلاك منه كما يخاف من ملامسة النار وان اختيار ذلك لغرض من الاغراض الفانية سفه وجها لان فيه تلف النفس وبذل النفس لا يجمل ا فيما يقرب العبد الى اللّه وهذا الحديث يدل على وجوب ركوب البحر للحج والجهاد اذا لم يجد طريقا آخر ومن ركب البحر واصابه نصب ومشقة كدوران الرأس وغثيان المعدة وغير ذلك فله اجر شهيد ان كان يمشى الى طاعة اللّه كالغزو والحج وطلب العلم وزيادة الاقارب واما التجار فان لم يكن طريق سوى البحر وكانوا يتجرون للقوت لا لجمع المال فهم داخلون فى هذا الاجر. والغريق له اجر شهيدين. احدهما لقصد ما فيه طاعة. وثانيهما للاغراق وفى الحديث ( حجة لمن يحج خير من عشر غزوات وغزوة لمن قد حج خير من عشر حجج وغزوة فى البحر خير من عشر غزوات فى البر ومن فاته الغزو معى فليغز فى البحر ) يقول الفقير واما الصوم فعلى عكس ذلك واللّه اعلم لان الصوم فى البحر سهل حيث لا يشتهى الطبع الطعام لاجل الدوران والغثيان بخلافه فى البر وقوة الاجر بكثرة التعب وكذا الغزو فى البر سهل بالنسبة الى البحر لسعة الارض وامكان التحفظ من العدو وقوة المزاج ولم يكن ذلك فى البحر قيل لبحار ما اعجب ما رأيت من عجائب البحر قال سلامتى منه ونعم ما قيل بدريارد منافع بى شمارست ... اكرخواهى سلامت در كنار ست قال السعدى قدس سره سود دريانيك بودى كرنبودى بيم موج ... صحبت كل خوش بدى كرنيستى تشويش خار -لطيفة- ركب نحو سفينة فقال للملاح اتعرف النحو قال لا قال ذهب نصف عمرك فهاجت الريح واضطربت السفينة فقال الملاح اتعرف السباحة قال لا قال ذهب كل عمرك وفى المثنوى محو مى بايد نه نحو اينجابدان ... كرتو محوى بى خطر درآب ران آب دريا مرده را برسر نهد ... وربود زنده زدريا كى رهد جون بمردى توز اوصاف بشر ... بحر اسرارات نهد بر فرق سر اى كه خلقان راتوخر مى خواندة ... اين زمان جون خربرين يخ ماندة ومنها ان البغى والفساد والتعصب والعناد وكفران نعمة رب العباد انما هو من نسيان العهد مع اللّه ذى الامداد ونتيجة النسيان والاصرار على الآثام المؤاخذة والانتقام وفى الحديث ( ثنتان يعجلهما اللّه فى الدنيا البغى وعقوق الوالدين ) وفى الحديث ( لا تمكر ولا تغن ماكرا ولا تبغ ولا تعن باغيا ولا تنكث ولا تعن ناكثا ) فالبغاة من القضاة والولاة لا يجوز اعانتهم فى امر من الامور فى اجراءالاحكام الشرعية فقد ورد ( من اعان ظالما سلط اللّه عليه ) وفى الحديث (طما من عبد ولاه اللّه امر رعيته فغشهم ولم ينصح لهم ولم يشفق عليهم الا جرم اللّه عليه الجنة ) قال السعدى قدس سره رعيت جوبينجند سلطان درخت ... درخت اى بسرباشد ازبيح سخت مكن تاتوانى دل خلق ريش ... وكر ميكنى ميكنى بيخ خويش كرانصاف برسى بداختر كسست ... كه در راحتش رنج ديكر كسست ثماند ستمكار بد روز كار ... بماند بر ولعنت بإيدار ومنها ان لكل عمل صورة حقيقية بها يظهر فى النشأة الآخرة فان كان خيرا فعلى صورة حسنة وان كان شرا فعلى صورة قبيحة وهذه الصورة المختلفة برزت فى هذه النشأة على خلاف ما هى عليه فى الآخرة ولذا استحسن العصاة المعاصى واستحلوها وان كانت سموما قاتلة واستكرهوا الطاعات ووجدوها مرة المذاق وان كانت معاجين نافعة فالبغى برز فى هذه الدار بصورة مشتهاة عند البغاة لتمتعهم به من حيث اخذ المال والتشفى من الاعداء ونحو ذلك وسينبئهم اللّه باعمالهم اى يظهرها لهم على صورها الحقيقية فيرون ان الامر على خلاف ما ظنوا ٢٤ { انما مثل الحيوة الدنيا } اى حالهم العديبة وسميت الحال العجيبة مثلا تشبيها لها بالمثل السائر فى الغرابة { كما انزلنا من السماء فاختلط به من نبات الارض } اى اختلط بسبب المطر نبات الارض واشتبك بعضه فى بعض وكثف { مما يأكل الناس } حال من النبات اى كائنا مما يأكل الناس من الزروع والبقول { والانعام } من الحشيش { حتى } غاية للاختلاط باعتبار الجزاء الذي هو اتيان الامر الالهى { اذا اخذت الارض زخرفها } زينتها وحسنها { وازينت } باصناف النبات واشكالها والوانها المختلفة كعروس اخذت من الوان الثياب والزين فتزينت بها فالارض استعارة بالكناية حيث شبهت بالعروس واثبت لها ما يلائم العروس وهو اخذ الزينة وهو قرينة الاستعارة بالكناية. وقوله ازينت ترشيح واصله تزينت فادغمت التاء فى الزاى فاجتلبت عمزة الوصل لضرورة تسكين الزاى عند الادغام { وظن اهلها } اى اهل تلك الارض { انهم قادمون عليها } متمكنون من حصدها ورفع غلتها { اتيها امرنا } جواب اذا قال الكاشفى [ ن كاه آمد بدان زمين عذاب ما يعنى فرمان ما بخرابى آن زمين دررسيد ] { ليلا او نهارا فجعلناها } اى زروع تلك الارض وسائر ما عليها فالمضاف محذوف للمبالغة { حصيدا } شبيها بما حصد من اصله { كان لم تغن } زروعها اى لم تنبت { بالامس } وهو مثل فى الزمان القريب وليس المراد امس يومه كأنه قيل لم تغن آنفا ويقال للشيء اذا فنى كان لم يغن لالامس اى كأن لم يكن وهو من باب علم يقال غنى بالمكان اذا قام به والجملة حال من مفعول جعلناها { كذلك } الكاف صفة مصدر محذوف اى مثل ذلك التفصيل البديع { نفصل الآيات } القرآنية التى من جملتها هذه الآيات المنبهة على احوال الحياة اى نوضحها ونبينها { لقوم يتفكرون } فى تضاعيفها ويقفون على معانيها وتخصيص تفصيلها بهم لانهم المنتفعون بها واعلم ان التشبيه الواقع فى هذه الآية تشبيه مركب وان دخل الكاف على المفرد وهو الماء لانه شبهت الهيئة المنتزعة من اجتماع الحياة وبهائها وسرعة انقضائها بعد اغترار الناس بها بلهيئة المنتزعة من اجتماع خضرة الارض ونضارتها وانعدامها عقيبها بآفة سماوية ومشيئة آلهية بنكر بآنكه روى زمين فصل نوبهار ... مانند نقش خامه ما نى مزينست وقت خزان ببرك رياحين جوبنكرى ... منصف شوى كه لائق برباددادنست وقال بعضهم مثلت الحياة الدنيا بالماء لان الماء يتغير بالمكث فكذا المال بالامساك اى يصير مذموما عند البخل : كما قال فى المثنوى ما جون آبست وتاباشد روال ... فيضها يابند ازواهل جهان جندروزى جون كنديكجادرنك ... كنده وبيحاصلست وتيره رنك يقول الفقير من البخل ايضا حبس الكتب ممن يطلبها الانتفاع بها لا سيما مع عدم التعدد لنسخها الذى هو اعظم اسباب المنع والوعيد المذكور فى قوله عليه السلام ( من كتم علما يعلمه الجم يوم القيامة بلجام من نار ) يشمل ما ذكرنا كما فى المقاصد الحسنة. وقدرأينا فى زماننا من يمنع الكتب عن المستحقين ويحبس بعض الثياب فى الصندوق الى ان يبلى ويفنى لا يلبس ولا يبيع ولا يهب ولو قلت فيه لقال انى ورثته من ابى او امى فاحفظه تبركا فانظر الى هذا الجهل الذى لا يغنى عنه شيأ وقال بعضهم فى وجه المماثلة المطر اذا نزل بقدر الحاجة نفع واذا جاوز حد الاعتدال ضر فكان المال اذا كان قدر ما يندفع به الضرورة ويحصل به مقاصد الدين والدنيا كان نافعا واذا كان زائدا على قدر الحاجة صار موجبا لارتكاب المعاصى ووسيلة للتفاخر على الادانى والاقاصى قال اللّه تعالى { ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى } توانكرى كشدت سوى عجب ونخوت وناز ... خوشست فقر كه دارد هزار سوز ونياز وقال بعضهم [ جون باران بنهال كل رسد لطافت وطراوت اوبيفزايد وجون بخاربن كذرد حدت وشوكت او زيادت كند مال دنيا نيز جون بمصلح صلاح اوبيفزايد ] ( كما فى الحديث نعم المال الصالح للرجل الصالح ) [ واكر بدست مفسد افتدمايه فساد وعناد اوروى بازدياد نهد ] كما ان العلم النافع سيف قاطع لصاحبه فى قتل الهوى والعلم الغير النافع سبب لقطع طريق صاحبه عن الحق فما احسن الاول وما اقبح الثاني وقال بعضهم [ جون آب باران بزمين رسد قرار نكيرد وبلكه باطراف وجوانب روان كردد مال دنيا نيزيكجا قرار نكيرد بلكه هرروز دردست ديكرى باشد وهو شب بايكى عقد مواصلت بندد نه عهد اورا وفايى ونه وفاى اورا بقايى ] كنج امان نيست درين خاكدان ... مغز وفانيست درين استخوان كهنه سراييست بصد جاكرو ... كهنه واندر كرو نوبنو وسئل رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم عن الدنيا فقال ( دنياك ما يشغلك عن ربك ) اقول ان الدنيا كلامّ تربى الناس كالاولاد فمن اشتغل بلام كالطفل عن المعلم بقى جاهلا وصار كأنه اتخذها صنما لنفسه يعبده ومن اشتغل بالمعلم عن الام صار عالما وتخلص من عبادة الهوى ووصل الى المقصود. فذم الدنيا انما هو بحسب اشتغاله عن اللّه تعالى لا بحسب نفسها. قيل حد الدنيا من القاف الى القاف وقال اهل التحقيق حدها فى الحقيقة من مقعر الكرسى الى تحت الثرى فما يتعلق بعالم الكون والفساد فمن حد الدنيا فالسموات والارضون وما فيهما من عالم الكون والفساد يدخل فى حد الدنيا واما العرش والكرسى وما يتعلق بهما من الاعمال الصالحة والارواح الطيبة والجنة وما فيها فمن حدة الآخرة عصمنا اللّه واياكم من التعلق بغيره ايا كان وشرفنا بالتجرد التام عن عالم الامكان ٢٥ { واللّه } اسم للذات الاحدية جامع لجميع الاسماء والصفات ومن ثمه توسل به بعضهم الى دخةل عالم الحقيقة وقال رجل للشبلى قدس سره لم تقول اللّه ولا تقول لا اله الا اللّه فقال اخشى ان اوخذ فى وحشة الجحد { يدعو } الناس جميعا على لسان رسوله صلى اللّه تعالى عليه وسلم وعلى السنة ورثته الكمل الذين اتبعوه قولا وفعلا وحالا من الدار التى اولها البكاء واوسطها العناء وآخرها الفناء { الى دار السلام } اى الى دار السلامة من كل مكروه وآفة وهى الجنة اولها العطاء واوسطها الرضاء وآخرها اللقاء -حكى- ان بعض ملوك الامم السالفة بنى مدينة وتأنق وتغالى فى حسنها وزينتها ثم صنع طعاما ودعا الناس اليه واجلس اناسا على ابوابها يسألون كل من خرج هل رأيتم عيبا فيقولون لا حتى جاء اناس فى آخر الناس عليهم اكسية فسألوهم هل رأيتم عيبا فقالوا عيبين اثنين فحبسوهم ودخلوا على الملك فاخبروه بما قالوا فقال ما كنت ارضى بعيب واحد فائتونى بهم فادخلوهم عليه فسألهم عن العيبين ما هما فقالوا تخرب ويموت صاحبها فقال أفتعلمون دارا لا تخرب ولا يموت صاحبها قالوا نعم فذكروا له الجنة ونعيمها وشوقوه اليها وذكروا النار وعذابها وخوفوه منها ودعوه الى عبادة اللّه تعالى فاجابهم الى ذلك وخرج من ملكه هاربا تائبا الى اللّه تعالى واللّه يدعو آمده آزادئ زندانيان ... زندانيان غمكين شده كويى بزندان ميكشى شاهان سفيهانرا همه دربند زنداد ميكشند ... توازجه اززندان شان سوى كلستان ميكثى وفى الحديث ( ما من يوم تطلع فيه الشمس الا وبجنبيها ملكان يناديان بحيث يسمع كل الخلق الا الثقلين ايها الناس هلموا الى ربكم واللّه يدعو الى دار السلام ) والمقصود الى العمل المؤدى الى دخول الجنة ولذا قال بعض المشايخ اوجب اللّه عليك وجود طاعته فى ظاهر الامر وما اوجب عليك بالحقيقة الا دخول جنته اذ لامر آيل اليها والاسباب عدمية وانما احتاجوا الى الدعوة والايجاب اذ لس فى اكثرهم من المروءة ما يردهم اليه بلا علة بخلاف اهل المروءة والمحبة والوفاء فانه لو لم يكن وجوب لقاموا للحق بحق العبودية وراعوا ما يجب ان يراعى ن حرمة الربوبية ويجوز ان يكون المعنى الى دار اللّه تعالى فان السلام اسم من اسمائه سبحانه والاضافة للتشريف كبيت اللّه ومعنى السلام فى حقه تعالى انه اسلم ذاته من العيب وصفاته من النقص وافعاله من الشر وفى حق العبد انه سلم من الغش والحقد والحسد وارادة الشر قلبه وسلم من الآثام والمحظورات جوارحه ولن يوصف بالسلام والاسلام الا من سلم المسلمون من لسانه ويده. او المعنى الى دار يسلم اللّه تعالى والملائكة على من يدخلها او يسلم بعضهم على بعضهم يقول الفقير دار السلام اشارة الى دار القلب السليم الذى سلم من التعلق بغير اللّه تعالى ومن دخلها كان آمنا من التكدر مطلقا بشيء من الامور المكروهة صورة وصارت النار عليه نورا وقد قيل جنة معجلة وهى جنة المعارف والعلوم وجنة مؤجلة وهى الموعودة فى دار القرار والجنة مطلقا دار السلامة لاولياء اللّه تعالى { ويهدى من يشاء } هدايته منهم { الى صراط مستقيم } موصل اليها وهو الاسلام والتزود بالتقوى عم بالدعوة لاظهار الحجة وخص بالهداية لاستغنائه عن الخلق وهذا العموم والخصوص فى سماع الدعوة وقبولها بالنسبة الى من كان له سمع كالعموم والخصوص فى رؤية المسك وشمعه بالاضافة الى من كان له بصر فرب رائى مزكوم ليس له الا الرؤية وكذا رب سامع ليس له من القبول شيء فمن تعلقت بهدايته ارادة الحق تعالى يسرت اسبابه وطوى له الطريق وحمل على الجادة فالداعى اولا وبالذات هو اللّه تعالى وثانيا وبالعرض هو الانبياء ومن اتبعهم على الحق اتباعا كاملا والمدعو هو الناس والمدعو اليه هو الجنة وكذا الهادى هو اللّه والمهدة بالهداية الخاصة هو الخواص والمهدى اليه هو الصراط المستقيم ومشيئته تعالى ارادته وهي صفة قديمة اتصفت بها ذاته تعالى كعلمه وقدرته وكلامه وسائر صفاته ويسمى متعلقها المراد المعبر عنه بالعناية فمن سأل بلسان الاستعداد كونه مظهرا للجلال امسك فى هذه النشأة عن اجابة الدعوة ومن سأل كونه مظهرا للجمال اسرع للاجابة واللّه تعالى يعطى كل شيء ما يستعده وهذه المشيئة والسؤال لا بد فى توفيقهما من قوة الحال : قال الحافظ درين جمن نكتم سرزنش بخود رويى ... جنانكه برورشم مى دهند مى رويم واعلم ان قبول الدعوة لا بد فيه من علامة وهى التزهد فى الدنيا والسلوك الى طريق الفردوس الاعلى والتوجه الى الحضرة العليا ألا ترى الى ابن ادهم خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا او ارنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت ام بهذا امرت ثم هتف به من قربوس سرجه واللّه ما لهذا خلقت ولا بهذا امرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعى وهى من صوف فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شانه ما كان در راه عشق وسوسه اهر من بسيست ... هش دار وكوش دل بييام سروش كن والانتباه الصورى اى من المنام مثال لالانتباه القلبى اىمن الغفلة فالقاعدون فى مقامات طبائعهم ونفوسهم كمن بقى فى النوم ابدا واليه الاشارة بقوله تعالى { فيمسك التى قضى عليها الموت } والسالكون هم المنتبهون من رقدة هذه الغفلة واليه الاشارة بقوله تعالى { ويرسل الاخرى الى اجل مسمى } وهو اللائح بالبال واللّه اعلم بحقيقة الحال قال فى التأويلات النجمية { واللّه يدعو الى دار السلام } يدعو اللّه ازلا وابدا عباده الى دار السلام وهى العدم صورة ظاهرا وعلم اللّه وصفته معنى وحقيقة وانما سمى العدم والعلم دار السلام لان العدم كان دارا قد سلكم المعدوم فيها من ىفة الاثنينية والشركة مع اللّه فى الوجود وهى دار الوحدانية وايضا لان السلام هو اللّه تبارك وتعالى والعلم صفته القائمة بذاته فاللّه تعالى بفضله وكرمه يدعو عباده ازلا من العدم الى الوجود ومن العلم وهو الصفة الى الفعل وهو الخلق ويدعوهم ابدا من الوجود الى العدم ومن الفعل الى العلم يدعوهم الى الوجود بالنفخة وهى قوله تعالى { ونفخت فيه من روحى } ويدعوهم من الوجود الى العدم والعلم بالجذبة وهى قوله تعالى { ارجعى الى ربك } ولما دعى النبي صلى اللّه عليه وسلم بالجذبة الى علم اللّه الازلى الابدى قال ( قد علمت ما كان وما سيكون ) وذلك لانه صار عالما يعلم اللّه تعالى لا بعلم نفسه وهو سر قوله تعالى { علمك ما لم تكن تعلم } وانما علمه حين قال { فاعلم انه لا اله الا اللّه } اى فاعلم بعلم اللّه الذى دعيت بالجذبة اليه ان لا اله فى الوجود الا اللّه فان العلم الآلهى محيط بالوجود كله قال { قد احاط بكل شيء علما } فانت بعلمه محيط بالوجود كله فتعلم حقيقة ان ليس فى الوجود اله غير اللّه انتهى يقول الفقير المتلقف من فم حضرة الشيخ سلمه اللّه تعالى ان الانتباه الصورى اشارة الى يقظة القلب ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم التكبيرة الاولى اشارة الى التوجه الالهى فحاله من الانتباه لى هنا اشار الى عبوره من عالم الملك وهو الناسوت والدخول فى عالم الملكوت ثم الانتقال الى الركوع اشارة الى عبوره من عالم الملكوت الى عالم الجبروت ثم الانتقال الى السجدة اشارة الىعبوره من عالم الجبروت والوصول الى عالم اللاهوت وهو نقام الفناء الكلى وعند ذلك يحصل الصعود الى وطنه الاصلى العلوى فالانتقالات تصعد فى صورة التنزل ثم القيام من السجدة اشارة الى حالة البقاء فانه رجوع الى القهقري وفيه تنزل فى صورة التصعد والركوع مقام قاب قوسين وهو مقام الصفات اى الذات الواحدية والسجدة مقام او ادنى وهو مقام الذات الاحدية ومن هذا التفصيل عرفت ما في التأويلات من الصعود والهبوط مرة بالدعوة من العلم الى الوجود ومرة بالدعوة من الوجود الى العلم فاذا لم يقطع السالك عقبات لعروج والنزول فهو ناقص فى برزخ بالنسبة لى من قطعها كلها وتلك العقبات هى تعينات الاجسام والارواح والعلم والعين على حسب تفصيل المراتب فيها فانظر الى قوله تعالى { لا يمسه الا المطهرون } تجد الاشارة الى ان الهوية الذاتية لا يمسها الالمطهرون من دنس تعلق كل تعين روحانيا كان او جسمانيا واللّه المعين قال فى التأويلات { ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم } فلما جعل اللّه دعوة الخلق من العلم الى الفعل ومن الوجود الى العدم ولعلم عامة جعل الهداية بالمشيئة الى العلم وهى الصراط المستقيم خاصة يعنى هو يهديهم بلجذبة الكاملة الى علمه القديم بمشيئته الازلية خاصة وهذا مقام السير فى اللّه باللّه انتهى كلامه ٢٦ { للذين احسنوا } اعمالهم اى عملوها على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفى المستلزم لحسنها الذاتى وقد فسره رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم بقوله ( ان تعبد اللّه كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ) يقول الفقير العبادة على وجه رؤية اللّه تعالى وشهوده والحضور معه لا تكون الا بعد غيبوبة الغير عن القلب وارتفاع ملاحظته جدا فيأول المعنى الى قولنا للذين اخلصوا اعمالهم عن الرياء وقلوبهم عن غير اللّه تعالى { الحسنى } اى المثوبة الحسنى وهى فى اللغة تأنيث الاحسن والعرب تطلق هذا اللفظ على الخصلة المرغوب فيها { وزيادة } اى وما يزيد على تلك المثوبة تفضلا لقوله تعالى { ويزيدهم من فضله } فالمثوبة ما اعطاه اللّه فى مقابلة الاعمال والزيادة ما اعطاه اللّه لا فى مقابلتها والكل فضل عندنا وقيل الحسنى مثل حسناتهم والزيادة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف واكثر جمهور المحققين على ان الحسنى الجنة والزيادة اللقاء والنظر الى وجه اللّه الكريم وفى الحديث ( اذا دخل اهل الجنة الجنة يقول اللّه تعالى تريدون شيئا ازيدكم فيقولون الم تبيض وجوهنا الم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف لهم الحجاب فما اعطوا شيأ احب اليهم من النظر الى ربهم ثم تلا هذه الآية للذين احسنوا الحسنى وزيادة ) رواه مسلم والترمذى والنسائى فان قيل لم سمى اللّه الرؤية زيادة والجنة الحسنى والنظر الى وجهه اكبر من الجنة والزيادة فى الدنيا تكون اقل من رأس المال قيل المراد بالزيادة فى الآية الزيادة الموعودة والموعودة الجنة فالزيادة ههنا ليست من جنس المزيد عليه وهى الجنة ودرجاتها فالزيادة من العزيز الاكبر اكبر واعز كما ان الرضوان من الكريم الاجود اكبر واجل وفي الخبر ( ان اهل الجنة اذا رأوا الحق نسوا نعيم الجنة ) وهذه الرؤية بعين الرأس واما فى الدنيا فبعين العين لغير نبينا صلى اللّه تعالى عليه وسلم كما سبق عند قوله تعالى { لا تدركه الابصار } الآية وانما تحصل بارتفاع الموانع وهى حجب التعينات جسمانية او روحانية : قال الحافظ جمال يار ندارد نقاب وبرده ولى ... غبار ره بنشان تا نظر توانى كرد وذلك لان اللّهتعالى ليس بمحجوب لانه لو حجبه لستره وهو ليس فى جهة ولا مكان وانما المحجوب انت ولو ازال لحق الحجاب عنا وشاهدناه نسينا الكون وما فيه كما ينسى اهل الجنة نعيمها عند التجلى فكان يفوت آن التعبد الشرعى ولذا لا نشاهد الحق فى دار الدنيا لانها مقام التكليف { ولا يرهق وجوههم } اى لا يغشاها. وبالفارسية [ بوشيدة نكر داند رويها بهشتيانرا ] { قتر } غبرة فيها سواد والقتر اشد من الغبار { ولا ذلة } اى اثر هوان وكسوف بال والغرض من نفى هاتين الصفتين نفى اسباب الخوف والحزن والذل عنهم ليعلم ان نعيمهم الذى ذكره اللّه خالص لا يشوبه شيء من المكروهات وانه لا يتطرق اليهم ما اذا حصل بغير صفحة لوجه ويزيل ما فيها من النضارة والحسن. والجملة مستأنفة لبيان امنهم من المكاره اثر بيان فوزهم بالمطالب والثانى وان اقتضى الاول الا انه ذكر اذكارا بما ينقذهم اللّه منه برحمته وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام ببيان ان المصون من الرهق اشرف اعضائهم { اولئك } [ آن كروه محسنان ] { اصحاب الجنة هم فيها خالدون } بلا زوال دائمون بلا انتقال وفى التأويلات النجمية { للذين احسنوا الحسنى وزيادة } اى للذين عاملوا اللّه على مشاهدته فان الاحسان ان تعبد اللّه كانك تراه الحسنى وهى شواهد الحق والنظر اليه وزيادة والزيادة ما زاد على النظر بالوصول الى العلم الازلى مجذوبا من انانيته الى هويته بافناء الناسوتية فى اللاهوتية { ولا يرهق وجوههم قتر } اى لا يصيبهم غبار الحجاب { ولا ذلة } وجود يقتضى الاثنينية { اولئك اصحاب الجنة } جنة السير فى اللّه { هم فيها خالدون } دائمون فى السير بجذبات العناية ٢٧ { والذين كسبوا السيآت } اى ارتكبوا الشرك والمعاصى وهو مبتدأ بتقدير المضاف خبره قوله تعالى { جزاء سيئة بمثلها } والجزاء مصدر من المبنى للمفعول والباء فى بمثلها متعلقة بجزاء. والمعنى وجزاء الذين كسبوا السيآت ان يجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها الا يزاد عليها كما يزداد فى الحسنة قال فى الكشاف فى هذا دليل على ان المراد بالزيادة الفضل لانه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله ودل ثمة باثبات الزيادة على المثوبة على فضله انتهى يقول الفقير تبعه على هذا جمهور المفسرين ولكن تفسير رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم كما سبق احق بان يتبع ويرجح ويقدم على الكل ولا مانع من ان يراد بالزيادة الفضل واللقاء فان اللقاء الذى هو افضل الكرامات اذا حصل فلأن يحصل ما هو دونه من الفضل ولتضعيف اظهر { وترهقهم } [ وببوشد ايشانرا ] اذا عاينوا النار { ذلة } [ خوارى ورسوايى يعنى آثار مذلت برايشان هويدا كردد ] وفى اسناد الرهق الى انفسهم دون وجوههم ايذان بانها محيطة بهم غاشية لهم جميعا { ما لهم من اللّه من عاصم } اى لا يعصمهم احد من سخطه تعالى وعذابه ولا يمنعه { كأنما اغشيت } البست. وبالفارسية [ كوبيا بوشيده شده است ] { وجوههم قطعا من الليل } لفرط سوادها وظلمتها { مظلما } : يعنى [ سياه كردد رويهاى ايشان ازغم واندوه جون شب تيره ] وقطعا بفتح الطاء جمع قطعة مفعول ثان لأغشيت وقرئ قطعا بسكون الطاء وهو اسم مفرد للشيء المقطوع فحينئذ يصح ان يكون مظلما صفة له لتطابقهما فى الافراد والتذكير { اولئك } [ آن كروه كه كاسب سيآتند ] يعنى مشركان ومنافقان { اصحاب النار هم فيها خالدون } اعلم ان دخول الجنة برحمة اللّه تعالى وقسمة الدرجات بالاعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول اهلها فيها بعدل اللّه وطبقات عذابها بالاعمال وخلودهم بالنيات. يعنى ان المؤمن لما كانت نيته فى الدنيا ان يعبد اللّه ابدا ما عاش وكذا الكافر لما كانت نيته عبادة الاصنام ابدا ما عاش جوزى كل احد بتأبيد النية واصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى السعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة ما عذبهم اللّه شرعا نسال اللّه لنا ولك وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الاعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى قال ابو العباس الاقليشى لم اجد فى مقدار بقاء العصاة فى النار حدا فى صحيح الآثار غير ان الغزالى ذكر فى الاحياء حال عصاة الموحدين فقال ان بقاء العاصى فى النار لحظة واكثره سبعة آلاف عام لما ورد به الاخبار انتهى يقول الفقير لعل الحكمة فى ذلك كون تلك المدة عمر النوع الانسانى فاقتضى التشديد فى التربية بقاءه فى النار تلك المدة فالظاهر ان تلك السنين انما هى باعتبار سنى الآخرة التى كل يوم منها الف سنة كما فى حق الكفرة الا ان يتفضل اللّه تعالى على المؤمنين واللّه اعلم. وعذاب كل عاص كيفية وكمية انما هو على حسب حجابه كيفية وكمية ألا ترى الى قوله تعالى { كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما } فانه باعتبار توجههم الى السفليات وهى الصفات الحيوانية والسبعية والشيطانية ظلمات بعضها فوق بعض نسال اللّه تعالى ان يجعلنا من الذين انتقلوا من معادنهم الطينية وخرجوا من رعونة البشرية والتحقوا بالعالم الاعلى وكل من صفت جوهرته ولطف معناه يكون هكذا بخلاف من انكدرت جوهرته وكثف معناه فلا بد لك من ان تضرم على النفس نار المجاهدة وتلقيها فى ابواط الرياضة فان الرجال الانجاد رضى اللّه عنهم ما اشتغلوا بتدبير جسومهم من حيث الشهوات وانما اشتغلوا بنفوسهم ان يخلصوها من رعونة الطبع حتى يلحقوها بعالمها ألا ترى سهلا التسترى وهو من رؤساء هذا الطريق وساداته لما قيل له ما القوت فقال ذكر الحى الذى لا يموت قيل له هذا قوت الارواح فما قوت الاشباح فقال دع الديار لى بانيها ان شاء عمرها وان شاء خربها فما احرم عبدا لم يوفقه اللّه لتخليص جوهرته نعوذ باللّه من الحرمان : وفى المثنوى اين رياضتها درويشان جراست ... كان بلا برتن بقاى جانهاست مردن تن دررياضت زند كيست ... رنج اين تن روحرا بايند كيست بس رياضت رابجان شو مشترى ... جون سبردى تن بخدمت جان برى ٢٨ { ويوم نحشرهم } يوم منصوب على المفعولية بفعل مضمر الا انذرهم او ذكرهم وضمير نحشرهم لكلا الفريقين الذين احسنوا والذين كسبوا السيآت لانه المتبادر من قوله { جميعا } حال من الضمير اى مجتمعين لا يشذ منهم فريق { ثم نقول للذين اشركوا } اى نقول للمشركين من بينهم { مكانكم } نصب على انه فى الاصل ظرف لفعل اقيم مقامه لا على انه اسم فعل وحركته حركة بناء كما هو رأى الفارسى اى الزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم { أنتم } تأكيد للضمير المنتقل اليه من عامله لسده مسده { وشركاؤكم } عطف عليه { فزيلنا } من زلت الشيء عن مكانه ازيله اى ازالته والتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية لان ثلاثيه متعد بنفسه وهذا التزييل وان كان مما سيكون يوم القيامة الا انه لتحقق وقوعه صار كالكائن الآن فلذلك جاء بلفظ الماضي بعد قوله نحشر ونقول اى ففرقتا { بينهم } وبين الآلهة التى كانوا يعبدونها وقطعنا العلائق والوصل التى كانت بينهم فى الدنيا فخابت اعمالهم وانصرمت عرى اطماعهم وحصل لهم اليأس الكلى من حصول ما كانوا يرجونه من جهتهم والحال وان كانت معلومة لهم ن حين الموت والابتلاء بالعذاب لكن هذه المرتبة من اليقين انما حصلت عند المشاهدة والمشافهة { وقال شركاؤهم } التى كانوا يعبدونها ويثبتون الشركة لها وهم الملائكة وعزير والمسيح وغيرهم ممن عبدوه من اولى العلم. وقبل الاصنام ينطقها اللّه الذى انطق كل شيء { ما كنتم ايانا تعبدون } مجاز من براءة الشركاء من عبادة المشركين حيث لم تكن تلك العبادة بامر الشركاء وارادتهم وانما الامر بها هو اهواؤهم والشياطين فالمشركون انما عبدوا فى الحقيقة اهواءهم وشياطينهم الذين اغووهم ٢٩ { فكفى باللّه شهيدا بيننا وبينكم } فانه العالم بكنه الحال { ان } مخففة من ان واللام فارقة { كنا عن عبادتكم } لنا { لغافلين } والغفلة عبارة عن عدم الارتضاء والا فعدم شعور لملائكة بعبادتهم لهم غير ظاهر وهذا يقطع احتمال كون المراد بالشركاء الشياطين كما قيل فان ارتضاءهم باشراكم مما لا ريب فيه وان لم يكونوا مجبرين لهم على ذلك كذا فى الارشاد وهذا بالنسبة لى كون المراد بالشركاء ذوى العلم واما ان كان المراد الاصنام فمن اعظم اسباب الغفلة كونها جمادات لا حس لها ولا شعور البتة ٣٠ { هنالك } ظرف مكان اى فى ذلك المقام الدهش او فى ذلك الوقت على استعارة ظرف المكان للزمان { تبلو } من البلوى والاختبار. فى الفارسية [ بيازمودن ] اى تختبر وتذوق { كل نفس } مؤمنة كانت او كافرة سعيدة او شقية { ما اسلفت } اى قدمت من العمل فتعاين نفعه وضره واما ما عملت من حالها من حين الموت والابتلاء بالعذاب فى البرزخ فامر مجمل { وردوا } الضمير للذين اشركوا على انه معطوف على زيلنا وما عطف عليه وقوله تعالى { هنالك تبلو } الخ اعتراض فى اثناء المقرر لمضمونها { الى اللّه } اى جزائه وعقابه فان الرجوع الى ذاته تعالى مما لا يتصور { موليهم } ربهم { الحق } اى المتحقق الصادق ربوبيته لا ما اتخذوه ربا باطلا قال اشليخ فى تفسيره مولاهم الحق الذى يتولى ويملك امرهم حقيقة ولا يشكل بقوله ( وان الكافرين لا مولى لهم ) لان المعنى فيه المولى الناصر وفى الاول المالك { وضل عنهم } وضاع اى ظهر ضياعه وضلاله الا انه كان قبل ذلك غير ضال او ضل فى اعتقادهم الجازم ايضا { ما كانوا يفترون } من ان ىلهتهم تشفع لهم اوما كانوا يدعون انهم شركاء اللّه واعلم ان اكثر ما اعتمد عليه اهل الايمان يتلاشى ويضمحل عند ظهور حقيقة الامر يوم القيامة فكيف ما استند اليه الشرك والعصيان -كما حكى- ان الجنيد قدس سره رؤى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل اللّه بك فقال طاحت تلك الاشارات وفنيت تلك العبارات وابيدت تلك الرسوم وغابت تلك العلوم وما نفعنا الا ركيعات كنا نركعها فى السحر هر كنج سعادت كه خداداد بحافظ ... ازيمن دعاى شب وورد سحرى بود ثم ان الآية الشريفة اشارت الى ان النفس انما تعبد الهوى ولا محراب لها فى توجهها الا ما سوى المولى قال بعض السادة رحمه اللّه تحت الجبال بالاظافر ايسر من زوال الهوى اذا تمكن وكما لا يحب اللّه العمل المشترك بالالتفات لغيره نفسا كان او غيرها كذا لا يحب القلب المشترك بمحبة غيره من شهوة او غيرها قال محمد بن حسان رحمه اللّه بينانادور فى جبل لبنان اذ خرج على شاب قد احرقته السموم والرياح فلما رآنى ولى هاربا فتبعته وقلت عظنى بكلمة انتفع بها قال احذره فانه غيور لا يحب ان يرى فى قلب عبده سواه قال ابن نجيد رحمه اللّه لا يصفو لاحد قدم فى العبودية حتى يكون افعاله كلها عنده رياء واحواله كلها عنده دعاوى وانما يفتضح المدعون بزوال الاحوال : وفى المثنوى جون بباطن بنكرى دعوى كجاست ... اوودعوى بيش آن سلطان فناست وقال الحافظ قدس سره حديث مدعيان وخيال همكاران ... همان حكايت زردوز وبوريافست فعلى العبد ان يفنى عن جميع الاوصاف ويغتسل عن كل الاوساخ وينقطع عن التشبث بكل حجر وشجر فان الظفر انما هو بعناية اللّه خالق القوى والقدر ونعم ما قال بعضهم استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون وفى التأويلات النجمية { ويوم نحشرهم جميعا } اى اجتماع ارواح الانسان وحقائق الاشياء التى يعبدون من دون اللّه مثل الدنيا والهوى والاصنام { ثم نقول للذين اشركوا مكانكم } اى نخاطب ارواح المشركين بان قفوا مكانكم الذى اخترتم بالجهل بعد ان كنتم فى علو المكان { انتم وشركاؤكم } اى انزلوا انتم وشركاؤكم الى المكان السفل وهو مكان شركائكم اذا تعلقتم بهم { فزيلنا بينهم } اى فرقنا بين المشركين وشركائهم بان تعذب المشركين بعذاب البعد والطرد عن الحضرة والم المفارقة وحسرة ابطال استعداد المواصلة ولا نعذب لشركاء بهذه العقوبات لعدم استعدادهم فى قبول كمال القرب { وقال شركاؤكم ما كنتم ايانا تعبدون } بل كنتم تعبدون هواكم لانه ما عبد فى الارض اله ابغض الا بالهوى فلهذا فال عليه الصلاة والسلام ( ما عبد فى الارض اله ابغص على اللّه من الهوى ) وقال تعالى { أرأيت من اتحذ الهه هواه } { فكفى باللّه شهيدا بيننا وبينكم } فيما شاهد { ان كنا عن عبادتكم لغافلين } اى كنا فى غفلة عن ذوق عبادتكم ايانا وحفظها ومشربها بل كان الحظ والمشرب والذوق لهواكم فى استيفاء اللذات والشهوات والتمتعات الدنيوية والاخروية عند عبادتنا بلا شعور منا بخلاف عبادة اللّه فان فى عبادة اللّه رضاه وشعوره بها ومنه المدد والتوفيق وعليه الجزاء والثواب { هنالك تبلو كل نفس ما اسلفت } اى فى ذلك الحال تبتلى كل نفس ما قدمت من التعلقات بالاشياء والتمسكات بها { وردوا الى اللّه } فى الحكم والقرب والبعد واللذة والالم { مولاهم الحق } اى متوليهم فى ذلك هو اللّه اى فى اذاقة اللذات من القرب والالم من البعد لا غيره من الشركاء ٣١ { وضل عنهم ما كانوا يفترون } ان للشركاء اثرا فى القربة والشفاعة انتهى ما فى التأويلات النجمية { قل } للمشركين احتجاجا على حقيقة التوحيد وبطلان الشرك { من يرزقكم } [ كيست كه شمارا روزى ميدهد ] { من السماء } [ از آسمانكه باران مى باراند ] { والارض } [ واز زمين كه كياه مى روياند ] { أم من } ام منقطعة لانه لم يتقدمها همزة استفهام ولا همزة تسوية وتقدر هنا ببل وحده دون الهمزة بعدها كما فى سائر المواضع لانها وقع باسمها اسم استفهام صريح وهو من فلا حاجة الى الهمزة بعدها كما فى سائر المواضع لانها وقع بعدها اسم استفهام صريح وهو من فلا حاجة الى الهمزة وبل اضراب انتقال من الاستفهام الاول الى استفهام آخر لا اضراب ابطال اذ ليس فى القرآن ذلك. والمعنى بالفارسية [ آيا كيست كه ] { يملك السمع والابصار } اى يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة او من يحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما من ادنى شيء يصيبهما. وكان على على رضى اللّه عنه يقول سبحان من بصر بشحم واسمع بعظم وانطق بلحم ولما كانت حاجة الانسان الى السمع والبصر اكثر من حاجته الى الكلام خلق اللّه له اذنين وعينين ولسانا واحدا { ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى } اى من ينشئ الحيوان من النطفة من الحيوان وكذا من يخرج الطائر من البيضة ويخرج البيضة من الطائر { ومن يدبر الامر } اى امر جميع العالم علويا كان او سفليا روحانيا او جسمانيا { فسيقولون } بلا تأخير { اللّه } يفعل ما ذكر من الافاعيل لا غيره اذ لا مجال للمكابرة لغاية وضوحه { فقل } عند ذلك تبكيتا لهم { أفلا تتقون } اى أتعلمون ذلك فلا تتقون عقابه باشراككم به الاصنام ٣٢ { فذلكم اللّه } الذى يفعل هذه الاشياء هو { ربكم الحق } اى الثابت ربوبيته لا ما اشركتم معه. فقوله فذلكم مبتدأ والجلالة صفته وربكم الحق خبره ويجوز ان يكون الجلالة خبره وربكم بدل منه والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس به تعالى { فما ذا } يجوز ان يكون الكل اسما واحدا قد غلب فيه الاستفهام على اسم الاشارة وان يكون موصولا بمعنى الذى اى ما الذى { بعد الحق } اى غيره بطريق الاستعارة اى ليس غيرالتوحيد وعبادة اللّه تعالى { الا الضلال } الذى لا يختاره احد وهو عبادة الاصنام وانما سميت ضلالا مع كونها من اعمال الخوارج باعتبار ابتنائها على ما هو ضلال من الاعتقاد والرأى { فأنى تصرفون } استفهام انكارى بمعنى انكار الوقوع واستبعاده والتعجب اى كيف تصرفون من التوحيد وعبادة اللّه تعالى الى الاشراك وعبادة الاصنام الذ هو ضلال عن الطريق الواضح : قال السعدى قدس بره ترسم نرسى بكعبه اى اعرابى ... كين ره كه توميروى بتر كستانست فقد نبه اللّه على ضلالهم على لسان رسوله عليه السلام وهو الهادى الى طريق الحق والصواب والفارق بين اهمل التصديق والارتياب : قال الصائب اقف نميشوندكه كم كرده اند راه ... تار هروان برهنمايى نمى رسند ٣٣ { كذلك } الكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف والاشارة بذلك الى المصدر المفهوم من الحق فى قوله ربكم الحق اى كما حقت الربوبية للّه تعالى { حقت كلمة ربك } حكمه وقضاؤه. يعنى [ واجب شد عذاب الهى ] { على الذين فسقوا } اى تمردوا فى كفرهم وخرجوا عن حد الاستصلاح { انهم } تعليل لحقية تلك الكلمة والاصل لانهم { لا يؤمنون } فالكفر اذ اهمل الى العذاب فان كل نتيجة مبنية على المقدمات والاسباب. والقمح لا ينبت من الزوان ولا يثمر الثمر ام غيلان ٣٤ { قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده } البد بالفارسية [ ابتداكردن ] اى يخلق على الخلق اولا ثم يعيده بعد الموت ولما كانوا مقرين بالبدء ومنكرين للاعادة نادا ومكابرة امر صلى اللّه تعالى عليه وسلم بان يبين لهم من يفعل ذلك فقيل له { قل اللّه يبدؤا الخلق ثم يعيده } اى هو يفعلهما لا غير كائنا من كان { فأنى تؤفكون } اى كيف تصرفون وتقلبون عن قصد السبيل والاستفهام انكارى ٣٥ { قل هل من شركائكم من يهدى } غيره { الى الحق } ولو كانت الهداية بوجه من الوجوه فان ادنى مراتب العبودية هداية المعبود لعبدته الى ما فيه صلاح امرهم وهدى كما يستعمل بكلمة الى لتدل على انتها ما قبلها الى مدخولها كذلك يستعمل باللام التعليلية لتدل على ان الهداية لا تتوجه نحو ما دخل عليه اللام الا لاجل ان تؤدى اليه ويترتب هو عليها كما هو شأن العلة والمعلل بها وقد جمع بين التعديتين فى هذه الآية { قل اللّه يهدى } من يشاء { للحق } دون غيره بنصب الادلة وارسال الرسل وانزال الكتب والتوفيق للظر الصحيح والتدبر الصائب فان العقول مضطربة والافكار مختلطة وتعيين الحق صعب ولا يسلم من الغلط الا الاقل من القليل فالاهتداء لادراك الحقائق لا يكون الا باعانة اللّه وهدايته وارشاده { أفمن يهدى } غير { الى الحق } هو اللّه تعالى { أحق ان } اى بان { يتبع } والمفضل عليه محذوف اى ممن لا يهدى { ام من لا يهدى } بكسر الهاء وتشديد الدال اصله لا يهتدى وادغم وكسر الهاء لالتقاء الساكنين اى لا يهتدى فى حال من الاحوال { الا ان يهدى } الا فى حال هدايته تعالى له الى الاهتداء فان قلت الاصنام جمادات لا تقبل الهداية فكيف يصح ان يقال فى حقها الا ان يهدى وايضا كلمة من تستعمل فى ذوى العقول دون الجمادات فلا يليق ان يقال فى حقها ام من لا يهدى قلت هذا انتفاء الاهتداء ا ان يهدى حال اشراف شركائهم كالملائكة والمسيح وعزير عليهم السلام فهذا بيان لفساد مذهب من يتخذ العقلاء الذين يقبلون الهداية اربابا بعد ما بين فساد مذهب مطلق اهل الشرك من عبدة الاوثان وغيرها بقوله { قل هل من شركائكم من يبدا الخلق } الآية فانك لا شك ان المراد بالشركاء فيه ما يتناول الاصنام وغيرها وقل فى التبيان الصنم لا ينفع ولا يضر ولا يقدر على شيء فى نفسه الا ان يهدى يعنى يدخل ويخرج وينق ويتصرف فيه اللّه تعالى جل عن ذلك وظاهر هذا الكلام يدل على ان الاصنام ان هديت اهتدت وليس كذلك لانها حجارة لا تهدتى الا انهم ما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمل يعقل ويفعل { كيف تحكمون } بما يقضى صريح العقل ببطلانه وهو انكار لحكمهم الباطل حيث سوّوا بين من يحتاجون هم اليه وهو اللّه تعالى وبين من يحتاج هو اليهم وهو ما عبدوه من دون اللّه من الاصنام ولا مساواة بين القادر والعاجز جدا عجر وقدرت كه هر دو ضدانند ... عقل كركويدت كه يكسانند عجز بر خلق مى دراند بوست ... قادرى بركمال حضرت اوست ٣٦ { وما يتبع اكثرهم } فيما يعتقدون من ان الاصنام آلهة { الا ظنا } من غير تحقيق وانما قلدوا فى ذلك آباءهم. وفيه اشعار بان بعضهم قد يتبعون العلم فيقفون على حقية التوحيد وبطلان الشرك لكن لا يقبلونه مكارة وعنادا { ان الظن لا يع\غنى } بى نياز نكر داندكسى را ] { من الحق } [ از علم واعتقاد درست يعنى ظن وتخمين بجاى حق ويقين نتواند ] { شيأ } من الاغناء فيكون مفعولا مطلقا ويجوز ان يكون مفعولا به ومن الحق حالا منه فمعنى لا يغنى حينئذ لا ينوب وقال بعضهم ان الظن بان الاصنام شفعاء لا يدفع عنهم العذاب فقولهم بانها شفعاء باطل محض مبنى على خيال فاسد وظن واه { ان اللّه عليم بما يفعلون } وعيد على اتباعهم للظن واعراضهم عن البرهان. وفى الآية دلالة على وجوب العلم فى الاصول وعدم جواز الاكتفاء بالتقليد : وفى المنثوى وهم افتد در خطا ودر غلط ... عقل باشد در اصابتها فقط كشتئ بى لنكر آمد مرد شر ... كه زباد كزنيابد او حذر لنكر عقلست عاقل را امان ... لنكرى دريوزه كن ازعاقلان وقد نادى قوله تعالى { فما لكم كيف تحكمون } على كونهم محرومين من كمال العقل فان العاقل بالعقل الكامل لا يتبع الباطل والجهل بل الحق والعلم وكون الآباء على صفة الشرك لا ينهض حجة فان اللّه تعالى قد خلق الناس وهداهم الى تمييز الخير والشر بتركيب لعقل فيهم فالاتباع ليس الا الى الهدى وكما ان المشركين ضلوا عن طريق الشريعة بتقليد الجهلة فكذا السالكون ضلوا عن طريق الحقيقة بتقليد الغفلة قال بعض الكبار اوصيكم بوصية لا يعرفها الا من عقل وجرب ولا يهملها الا من غفل فحجب وهو ان لا تأخذوا فى هذا العلم مع متكبر ولا صاحب بدعة ولا مقلد. اما الكبر فانه عقال عن فهم الآية والعبر. واما البدعة فتوقع صاحبها فى البلايا الكبار. واما التقليد فعقال يمنع من الظفر وبلوغ الوطر ثم ان ما وصل المرء اليه بنور العقل والبرهان فالعلم المكسوب بالعقل بمنزلة الظن والتخمين عند ارباب اليقين والحق الذى لا غاية واءه وراء طور العقل وما يلى ظاهر القلب هو الايمان وما يلى باطنه هو الايقان قال بعض العارفين اذا كان الايمان فى ظاهر القلب كان العبد محبا للآخرة والدنيا وكان مرة مع اللّه ومرة مع نفسه فاذا دخل لايمان باطن القلب ابغض العبد دنياه وهجر هواه والوصول الى هذه المرتبة لا يكون الا بجذبة آلهية وبصحبة مرشد كامل : قال الحافظ من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله بامرغ سليمان كردم ومن شرائطه الاحتراز عن صحبة خلاف الجنس فانها مؤثرة وما ضاع من ضاع الا بمساعدة الهوى والقعود مع اهل الانكار فقد ظهر الحق وحقيقة الحال وماذا بعد الحق الا الضلال نسأل اللّه المتعال ان يوفقنا للاجتهاد الى وقت الارتحال ٣٧ { وما كان هذا القرآن } مع ما فيه من دلائل الاعجاز من حسن نظمه ومعانيه الدقيقة وحقائقه الجامعة { ان يفترى } فى محل لنصب على انه خبر كان اى افتراء اى مفترى يفترى به على اللّه وسمى بالمصدر مبالغة والافتراء فى الاصل افتعال من فريت الاديم اذا قدرته للقطع ثم استعمل فى الكذب { من دون اللّه } خبر آن اى صادرا من دون اللّه لانه لا يتكلم بمثله الا اللّه { ولكن } كان { تصديق الذى بين يديه } اى مصدقا لما تقدمه من الكتب الالهية بسبب كون مضمونه مطابقا لمضمون تلك الكتب فيما اخبر به م اصول الدين وقصص الاولين ظهر فى يد من لم يمارس شيأ من العلوم ويجالس علماء تلك الكتب فاذا كان ما جاء به مطابا لها يعلم انه ليس افتراء بل من اللّه تعالى { وتفصيل الكتاب } من كتب بمعنى فرض وقدره وحكم اى وتفضيل ما حقق واثبت من الحقائق والشرائع وفى التأويلات النجمية اى تفصيل الجملة التى هى المقدر المكتوبة فى الكتاب الذى عنده لا يتطرق اليه المحو والاثبات لانه ازلى ابدى كما قال { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } يعنى فى اللوح المحفوظ وهو مخلوق قابل التغير { وعنده ام الكتاب } يعنى الاصل لذى لا يقبل التغير وهو علمه القائم بذاته القديم { لا ريب فيه } خبر ثالث داخل فى حكم الاستدراك اى منتفيا عنه الريب. يعنى [ از ظهور حجت ووضوح دلالت بمثابه ايست كه هركه درو ادنى تاملى كند زريب استد وداندكه بشبه درومجال نيست ] { من رب العالمين } خبر آخر تقديره كائنا من رب العالمين فهو وحى نازل على رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم من عنده تعالى ٣٨ { ام يقولون افتراه } ام منقطة مقدرة ببل والهمزة. والمعنى بل أيقولون كفار مكة افتراه محمد والهمزة لانكار الواقع واستبعاد وجوز الزمخشرى ان تكون للتقدير لالزام الحجة { قل } لهم ان كان الامر كما تقولون { فائتوا } انتم على وجه الافتراء والامر من باب التعجيز والقام الحجر { بسورة مثله } فى البلاغة وحسن النظم وقوة المعنى فانكم مثلى فى العربية والفصاحة { وادعوا من استطعتم } دعاءه والاستعانة به ليعاونكم على اتيان مثله لم يف عقل الواحد والاثنين منكم فى استخراج ما يعارض القرآن { من دون اللّه } متعلق بادعوا ودون جار مجرى اداة الاستثناء اى ادعوا متجاوزين اللّه اى سواه تعالى من استطعتم من خلفه فانه لا يقدر عليه احد { ان كنتم صادقين } فى انى افتريته فان ما افتراه احد من المخلوقين يفتريه غيره لانه فوق كل ذى علم عليم فاذا عرفتم عجزكم حال الاجتماع وحال الانفراد عن هذه المعارضة فحينئذ يظهر ان نظمه وتنزيله ليس الا من قبل اللّه تعالى واعلم ان اعجاز القرىن اى جعله الغير عاجزا كونه فى غاية البلاغة ونهاية الفصاحة بحيث يصرف الناس عن قدره معارضته لا عن نفس المعارضة مع القدرة بان عقد اللّه لسان البيان من بلغاء الزمان لطفا منه بنبيه وفضلا عليه كما توهمه البعض كذا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى ٣٩ { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } اى سارعوا الى تكذيب القرآن قبل فهمه فان تكذيب الكلام قبل الاحاطة بمعانيه مسارعة اليه فى اول وهلة ومعنى الاضطراب فى بل ذمهم على التقليد وترك النظر كأنه قيل دع تحديهم والزامهم فانهم لا يستأهلون الخطاب لانهم مقلدون متهافتون فى الامر لا عن خبر وتعقل ولو كان لهم وقوف على ما فى تضاعيف القرآن من شواهد الاعجاز لعلموا انه ليس ما يمكن ان يكون له نظير يقدر عليه المخلوق { ولم يأتهم تأويله } عطف على الصلة او حال من الموصول اى لم يجئهم ما يأول اليه الامر. والمعنى ان القرآن معجز من جهة النظم والمعنى ومن جهة الاخبار بالغيب وهم قد جأوا تكذيبه قبل ان يتدبروا نظمه وينتظروا وقوع ما اخبره به من الامور المستقبلة التى يزهر بعضها فى الدنيا ويظهر بعضها فى الآخرة ليستدلوا بذلك على صحة القرآن وصدق قول النبي عيله السلام ونفى اتيان التأويل بكلمة لما الدالة على التوقيع بعد نفى الاحاطة بعلمه بكلمة لما الدالة على التوقع بعد نفى الاحاطة بعلمه بكلمة لم لتأكيد الذم وتشديد التشنيع فان الشناعة فى تكذيب الشيء قبل علمه المتوقع اتيانه افحش منها فى تكذيبه قبل علمه مطلقا والمعنى انه كان يجب عليهم ان يتوقفوا الى زمان وقوع المتوقع فلم يفعلوا { كذلك } اى مثل ذلك التكذيب الواقع من قومك { كذب الذين من قبلهم } انبيائهم { فانظر كيف كان عاقبة الظالمين } فيه وعيد لهم بمثل ما عوقب به من قبلهم وانما وصفهم بالظلم لانهم وضعوا التكذيب فى موضع التصديق فكان مآل امرهم الى ما اخبر به الكتب والانبياء من العذاب والهلاك ٤٠ { ومنهم } اى من المكذبين { من يؤمن به } من يصدق بالقرآن فى نفسه ويعلم انه حق ولكنه يعاند { ومنهم من لا يؤمن به } فى نفسه كما لا يؤمن به ظاهرا لفرط غباوته وقلة تدبره او منهم من سيؤمن به ويتوب عن كفره لكونه مستعدا لقبول الايمان ومنهم من لا يؤمن فيما يستقبل بل يموت على كفره لعدم استعداده لقبوله { وربك اعلم بالمفسدين } بالمعاندين او المبصرين وانما وصفهم بالافساد لانهم افسدوا استعدادهم الفطرى بالاعمال الفاسدة ٤١ { وان كذبوك } وان اصروا على تكذيبك بعد الزام الحجة { فقل لى عملى ولكم عملكم } فتبرأ منهم فقج اعذرت اى بالغت فى العذر كقوله تعالى { فان عصوك فقل انى بريء } والمعنى لى جزاء عملى ولكم جزاء عملكم حقا كان او باطلا وتوحيد العمل المضاف اليهم باعتبار الاتحاد لنوعى ولمراعاة كمال المقابلة { انتم بريئون مما اعمل وانا بريء مما تعملون } تأكيد لما افاده لام الاختصاص من عدم تعدى جزاء العمل الى غير عامله اى لا تؤاخذون بعملى ولا اؤاخذ بعملكم وعمله صرف الاستعداد الفطرى فى استعمال العبودية لقبول فيض الربوبية وجزاؤه الجنة والوصلة وعملهم افساد الاستعداد فى استيفاء اللذات والشهوات النفسانية وابطال القلب عن قبول الفيض الالهى وجزاؤه النار والقطيعة واضا عمل التصديق والاقرار وعملهم والتكذيب والانكار وكل بريئ من صاحبه فى الدنيا والآخرة لا يجتمعان ابدا لا يجتمع الضب والنون فان الضب غذاؤه الهواء والنون غذاؤه الماء ولاحدهما وهو لضب القبض واليبوسة لانه برى ومن طبع التراب ذلك ولالآخر وهو النون البسط والرطوبة لانه بحرى ومن طبع الماء ذلك : وفى المثنوى طوطيان خاص را قنديست زرف ... طوطيان عام ازين خود بسته طرف كى جشددرويش صورت زان نكات ... معنى است آن نى فعولن فاعلات از خر عيسى دريغش نيست قند ... ليك خر آمد بخلقت كه بسند بال بازان را سوى سلطان برد ... بال زاغان را بكورستان برد ٤٢ { ومنهم } اى من المكذبين { من } اى ناس { يستمعون اليك } عند قراءتك القرآن وتعليمك للشرائع بسمع الظاهر وفى سمع قلوبهم صمم من محبة الدنيا وشهواتها فان حب الشيء يعمى ويصم عن غيره { أفانت تسمع الصم } الهمزة الاستفهامية انكارية والفاء للعطف على مقدر والتقدير أيستمعون اليك فانت تسمعهم اى تقدر على اسماعهم وقد اصمهم اللّه بسوء اعمالهم والمنكر هو وقوع الاسماع لا الاستماع فانه امر محقق { ولو كانوا لا يعقلون } اى لو انضم الى صممهم عدم تعلقهم لان الاصم العاقل ربما تفرس اذا وصل الى صماخه صوت واما اذا اجتمع فقدان السمع والعقل جميعا فقد تم الامر ٤٣ { ومنهم من ينظر اليك } بنظر الحس ويعائن دلائل نبوتك الواضحة وفى بصيرته عمى { أفانت تهدى العمى } جمع الاعمى اى عقيب ذلك انت تهديهم { ولو كانوا لا يبصرون } اى لو انضم الى عدم البصر عدم البصيرة فان المقصود من الابصار هو الاعتبار والاستبصار والعمدة فى ذلك البصيررة ولذلك يحدس الاعمى المستبصر ويتفطن لما يدركه البصير الاحمق فحيث اجتمع فيهم الحمق والعمى فقد انسد عليهم باب الهدى فقد شبه اللّه المكذبين الذين اصروا على التكذيب بالاصم والاعمى من حيث ان شدة بغضهم وكما نفرتهم عن رسول اللّه منعهم عن ادراك محاسن كلامه ومشاهدة دلائل نبوته كما يمنع الصمم فى الاذن عن ادراك محاسن الكلام ويمنع العمى فى العين عن مشاهدة محاسن الصورة وقرن عدم العقل بعدم السمع وبعدم البصر عدم الادراك تفضيلا لحكم الباطن على الظاهر فلما بلغوا فى معرض العقل الى حيث لا يقبلون الفلاح والطبيب اذا رأى مريضا لا يقبل العلاج اعرض عنه ولا يستوحش من عدم قبوله للفلاح فقد اوجب التبرى منهم وعدم الانفعال من اصرارهم على التكذيب قال يونان وزير كسرى خمسة اشياء ضائعة. المطر فى الارض السبخة. والسراج المشتعل فى ضوء الشمس. والمرأة الحسنة الصورة عند الرجل الاعمى. والطعام الطيب عند المريض. والرجل العاقل عند من لا يعرف قدره ٤٤ { ان اللّه لا يظلم الناس شيأ } [ اللّه ظلم نكند بر مردمان هيج جيز يعنى سلب نكند حواس وعقول ايشانرا ] { ولكن الناس انفسهم يظلمون } [ ستم كنند بر نفسهاى خود وحس وعقل كه آلت ادراك آيات قدرتست درملاهى استعمال نمايند ومنافع وفوائد ىن بدركات از ايشان فائت كردد ] جثم از براى ديدن آيات قدرتست ... كوش از بى شنيدن اخبار حضر تست هركهكه حق نبيند وحق نشنود كسى ... كور وكرست بلكه ازان هم بتر بسى وفى التأويلات النجمية { ان اللّه لا يظلم شيأ } بان لا يعطيهم استعدادا لهداية وقبلو فيض الايمان ثم يجبرهم على الهداية وقبول الايمان بل اعطاهم استعداد الهداية وقبول الايمان بفطرة اللّه التى فطر الناس عليها { ولكن الناس انفسهم يظلمون } بافساد الاستعداد الفطرى فى مخالفات الاوامر والنواهى الشرعية انتهى. وفيه دليل على ان للعبد كسبا وانه ليس مسلوب الاختيار بالكلية كما زعمت الجبرية وان كل ما ابتلى به فانما اتى من جانبه : وفى المثنوى عاشق بودهاست درايام بيش ... باسبان عهد اندرعهد خويش سالها دربند وصل ماه خود ... شاه مات ومات شاهنشاه خود عاقبت جويندة يابنده بود ... كه فرج از صبر زاينده بود كفت روزى يار او كامشب بيا ... كه به يختم ازبى تولوبيا درفلان حجره نشين نانيم شب ... تابيايم نيمشب من بى طلب مردقربان كر دونانهابخش كرد ... جون بديد آمد مهش اززيركرد شب دران حجره نشست آن كرم دار ... بر اميد وعده آن يار غار بعد نصف الليل آمد يار او ... صادق الوعدانه آن دلدار او عاشق ودرا فتاده خفته ديد ... اند كى از آستين اودريد كرد كانى جندش اندر جيب كرد ... كه توطفلى كيراين مى باز نرد جون سحراز خواب عاشق برجهيد ... آستين وكردكانهارا بديد كفت شاه ماهمه صدق ... ووفاست آنجه برمامى رسدآن هم زملست خوابرا بكذار امشب اى بدر ... يك شى بركوى بى خوابان كذر بنكر اينهارا كه مجنون كشته اند ... همجو بروانه بوصلت كشته اند ايقظنا اللّه واياكم ونور محيانا ومحياكم ولا يجعلنا من الغافلين الضالين آمين آمين ٤٥ { ويوم يحشرهم } يوم منصوب بفعل مقدر والضمير لكفار مكة اى اذكر لهم يا محمد او انذرهم يوم يحشرهم اللّه ويجمعهم وهو يوم القيامة { كأن } مخففة اسمها محذوف اى كانهم { لم يلبثوا } لم يمكثوا فى الدنيا او فى القبور { الا ساعة من النهار } اى شيأ قليلا منه فانها مثل فى غاية القلة وتخصيصها بالنهار لان ساعاته اعرف حالا من ساعات اليل والجملة التشبيهية حال من ضمير المفعول اى يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث الا ساعة استقصروا المدة لهول ما رأوا والانسان اذا عظم خوفه ينسى الامور الظاهرة [ در تفسير زاهدى اورده كه معتزله در نفى عذاب قبر بدين ىيت استدلال نموده كويندا اكر كفار در قبر معذب بودندى مدتى بدين درازى ايشانرا ساعتى نه نمودى وجواب ميكويندكه اين صورت بسبب صعوبت اهوال وشدت احةال قيامتست كه مدت عذاب قبر درجنب آن يكساعت نمايد ] يقول الفقير استقلوا مدة اللبث فى الدنيا لانهم كانوا فى النعيم صورة وايامه تمضى كالرياح واستقلوا مدة المكث فى القبور لان عذابهم فيها كان على النصف بالنسبة الى عذاب الآخرة اذا التنعم البرزخي وكذا لتألم على الروح والبدن البرزخى بخلاف التنعم والتألم الحشريين فافهم هداك اللّه قال فى التأويلات النجمية تشير الآية الى الخروج من مضيق عالم الاجسام الذى هو عالم الكون والفساد والتناهى الى متسع عالم الارواح الذى هو عالم الكون بلا فساد وتناه فان مدة عمر الدنيا الفانية بالنسبة الى الآخرة الباقية ترى كساعة من نهار بل اقل من لحظة ثم اعلم ان الحشر يكون عاما وخاصا واخص فالعام هو خروج الاجساد من القبور الى المحشر يوم النشور والحشر الخاص هو خروج ارواحهم الاخروية من قبور اجسامهم الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية لانهم ماتوا بالارادة عن صفات النفسانية قبل ان يموتوا بالموت عن صورة الحيوانية والحشر الاخص هو اخروج من قبور الانانية الروحانية الى هويته الربانية كما قال تعالى { يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا } { يتعارفون بينهم } يعرف بعضهم بعضا كما كانوا يعرفون فى الدنيا فكأنهم لم يتفارقوا بسبب الموت الا مدة قليلة لا تؤثر فى زوال ذلك التعارف اول ما خرجوا من القبور ثم ينقطع التعارف اذا عاينوا العذاب ويتبرأ بعضهم من بعضهم وهو حال اخرى مقدرة لان التعارف بعد الحشر يكون { قد خسر الذين كذبوا بلقاء اللّه } شهادة من اللّه على خسرانهم وتعجب منه اى قد غبن المكذبون بالحساب والجزاء { وما كانوا مهتدين } فى تجارتهم اذا باعوا الايمان بلكفر والتصديق بالتكذيب فلم يكونوا على نفع وقد مضى الوقت جه خوش كفت با كودك آموزكار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار ٤٦ { واما نرينك } اصله ان نترك وما مزيدة لتاكيد معنى الشرط اى ان نبصر نك بان تظهر { بعض الذى نعدهم } من العذاب ونعجله فى حياتك كما اراه ببدر والجواب محذوف لظهوره اى فذاك هو المأمول وانا عليهم مقتدرون { او نتوفينك } قبل ان نريك { فالينا مرجعهم } اى رجوعهم رجوعا اضطراريا فنريكه فى الآخرة وانا منهم منتقمون وهو جواب نتوفينك لان الرجوع انما يكون فى الآخرة بعد الموت فهو لا يصلح ان يكون جوابا للشرط وما عطف عليه ولان قوله تعالى فى حم الزخرف { فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون او نرينك الي وعدناهم فانا عليهم مقتدرون } يدل على ما ذكرنا والقرىن يفسر بعضه بعضا هكذا لاح ببال الفقير اصلحه اللّه القدير { ثم اللّه شهيد على ما يفعلون } اى مجاز على افعالهم السيئة. ذكر الشهادة واراد نتيجتها ومقتضاها ولذلك رتبها على الرجوع بثم الدالة على التراخى ولو كان المراد من الشهادة نفسها لم يصح الترتيب المذكور لانه تعالى شهيد على ما يفعلونه من التكذيب والمحاربة حال رجوعهم اليه تعالى وقبله وقال فى الكواشى ثم بمعنى الواو او لترتيب الاخبار نحو زيد قائم ثم هو كريم وليس التأخير عجزا بل للايذان بانه تعالى قادر عليهم فى كل آن. ٤٧ { ولكل امة } من الامم الماضية { رسول } يبعث اليهم بشريعة خاصة مناسبة لاحوالهم ليدعوهم الى الحق { فاذا جاء رسولهم } بالبينات فكذبوه { قضى بينهم } اى بين كل امة ورسولها { بالقسط } بالعدل وحكم بنجاة الرسول وللمؤمنين به وهلاك المكذبين { وهم لا يظلمون } فى ذلك القضاء المستوجب لتعذيبهم لانه من نتائج اعمالهم يقول الفقير ان قلت يرد على ظاهرة الآية زمان الفترة فانها بظاهرها ناطقة بانه لم يهمل امة قط ولم يبعث لاهل الفترة رسول كما يشهد عليه قوله تعالى { لتنذروا قوما ما انذر آباؤهم } قلت مساق الآية الكريمة على ان كل امة قضى لها بالهلاك قد انذروا اولا على لسان رسول من الرسل ولم يعذب اهل الفترة لان العرب لم يرسل اليهم رسول بعد اسماعيل غير رسول اللّه عليهما الصلاة والسلام فعذب اعقابهم ببدر وغيره لتكذيبهم رسول اللّه كما دل عليه قوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } وقد انتهت رسالة اسماعيل بموته كبقية الرسل لان ثبوت الرسالة بعد الموت من خصائص نبينا عليه السلام كما فى انسان العيون وبهذا ظهر بطلان قول ابن الشيخ فى حواشيه ان عموم الآية لا يقتضى ان يكون الرسول حاضرا مع كل واحدة منهم لان تقدم الرسول على بعض منهم لا يمنع من كونه رسولا الى ذلك لبعض كما لا يمنع تقدم رسولنا عليه السلام من كونه مبعوثا الينا الى آخر الابد انتهى واما كون اهل الفترة معذبين فى الآخرة ام لا فقد سبق فى اواخر سورة التوبة ثم ان الرسول يأتى بالوحى الظاهر والباطن ووارث الرسول يأتى بالوحى الباطن وهو الالهام الالهى وكل ما جاز وقوعه للانبياء من المعجزات جاز للاولياء مثله من الكرامات واللّه تعالى لا يحكم بين العباد الا بعد مجيء رسولهم بالظاهر والباطن فان صدقوه قضى بينهم بالسعادة على قدر تصديقهم وان كذبوه قضى بينهم بالشقاوة على قدر تكذيبهم هركسى ازهمت والاى خويش ... سوددارد درخور كالاى خويش فعليك بالصدق والتصديق فى حق الانبياء والاولياء واتباع ما جاؤا به من الوحى والالهام لتظفر بكل مرام ٤٨ { ويقولون } استبعادا واستهزاء [ آورده اندكه بعد از نزول وامانرينك الآية كفارل مكة استعجال عذاب موعود نمودند اين آيت نازل شد ] { متى هذا الوعد } بالعذاب فليأتنا عجلة { ان كنتم } اى انت واتباعك { صادقين } فانه يأتينا ٤٩ { قل لا املك } لا اقدر لان الملك يلزمه القدرة { لنفسى ضرا } بان ادفعه { ولا نفعا } بان اجلبه فكيف املك لكم فاستعجل فى جلب العذاب اليكم { الا ما شاء اللّه } استثناء منقطع اى لكن ما شاء اللّه كائن فاللّه هوالمالك للضر والنفع وهو لم يعين لوعده زماننا ثم اخلف فاذا حضر الوقت فانه لا بد وان يقع الموعود كما قال { لكل امة } ممن قضى بينهم وبين رسولهم { اجل } معين خاص بهم لا يتعدى الى امة اخرى مضروب لعذابهم جزاء على تكذيبهم رسلهم يحل بهم عند حلوله { اذا جاء اجلهم } اى زمانهم الخاص المعين { فلا يستأخرون } اى لا يتأخرون عن ذلك الاجل وصيغة الاستقبال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له { ساعة } اى شيأ قليلا من الزمان { ولا يستقدمون } اى لا يتقدمن عليه فلا يستعجلون فسيحين وقتكم وينجز وعدكم وهو عطف على يستأخرون لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع امكانه فى نفسه كالتأخر بل للمبالغة فى انتفاء التاخر بنظمه فى سلك المستحيل عقلا ٥٠ { قل ارأيتم } اى اخبرونى لان الرؤية سبب للاخبار { ان اتيكم عذابه } الذى تستعجلون به { بياتا } اى وقت بيات واشتغال بالنوم { او نهارا } حين كنتم مشتغلين بطلب معاشكم { ماذا يستعجل منه المجرمون } جواب للشرط بحذف الفاء فان جواب الشرط اذا كان استفهاما لا بد فيه من الفاء الا فى الضرورة اى اى شيء ونوع من العذاب يستعجلونه وليس شيء من لعذاب يستعجل به لمرارته وشدة اصابته فهو مقتص لنفور الطبع منه او اى شيء يستعجلون منه سبحانه والشيء لا يمكن استعجاله بعد اتيانه والمراد به المبالغة فى انكار استعجاله باخراجه عن حيز الامكان وتنزيله فى الاستحالة منزلة استعجاله بعد اتيانه بناء على تنزيل تقرر اتيانه ودنوه منزلة اتيانه حقيقة والمجرمون موضوع موضع المضمر لتأكيد الانكار ببيان مباينة حالهم للاستعجال فان حق المجرم ان يهلك فزعا من اتيان العذاب فضلا عن استعجاله ٥١ { أثم اذا ما وقع آمنتم به } دخول حرف الاستفهام على ثم لانكار التأخر وما مزيدة. اى قل لهم ابعد ما وقع العذاب وحل بكم حقيقة آمنتم به حين لا ينفعكم الايمان { آلآن } بابدل الهمزة الثانية الفا مع المد اللازم واصله أالان على ان تكون الاولى استفهامية وهو منصوب آمنتم المقدر دون المذكور لان ما قبل لاستفهام لا يعمل فيما بعده كالعكس وهو استئناف من جهته تعالى غير داخل تحت القول الملقن اى قيل لهم عند ايمانهم بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به انكارا لتأخير { وقد منتم به تستعجلون } اى تكذيبا واستهزاء ٥٢ { ثم قيل } عطف على ما قدر قبل آلآن { للذين ظلموا } اى وضعوا التكذيب موضع التصديق والكفر موضع الايمان { ذوقوا اعذاب الخلد } [ عذاب جاويدى كه آن دائم بود ] وذلك انهم يعذبون فى قبورهم ثم يصيرون الى جهنم فيعذبون فيها ابدا نبندارى كه بدكو رفت وجان برد ... حسابش باكرام الكاتبين است { هل تجزون } اليوم يعنى لا تجزون { الا بما كنتم تكسبون } فى الدنيا من الكفر والمعاصى وفيه تنبيه على ان العذاب لم يصدر منه تعالى ابتداء فانه لم يخلق عباده الا ليرحمهم بل هو نتيج عملهم الباطل بمنزلة الهلاك المترتب على تناول السم جراز غير شكايت كنم كه همجو حباب ... هميشة خانه خراب هواى خويشتنم ٥٣ { ويستنبئونك } اى يستخبرونك فيقولون على طريق الاستهزاء والانكار { أحق هو } والهمزة للاستفهام وحق خبر قدم على المبتدأ الذى هو الضمير والجملة فى موضع النصب بيستنبئونك لان انبأ بمعنى اخبر يتعدى الى اثنين بنفسه والاشهر ان يتعدى الى الثانى بكلمة عن بان يقال استنبأت زيدا عن عمرو اى طلبت منه ان يخبرنى عن عمرو { قل } لهم غير ملتفت الى استهزائهم بانيا للامر على اساس الحكمة { اى وربى } اى بكسرة الهمزة وسكون الياء من حروف الايجاب بمعنى نعم فى القسم خاصة كما ان هل بمعمنى قد فى الاستفهام خاصة فالواو للقسم. والمعنى بالفارسية [ ىرى بحق برود كارمن ] { انه } اى العذاب الموهود { لحق } ثابتة البتة { وما انتم بمعجزين } ربكم حيث اراد تعذيبكم حتى يفوتكم العذاب بالهرب فهو لا حق بكم لا محالة وفى الآية اشارة الى ان اهل الغفلة لاحتجاب بصائرهم بحجب التعلقات الكونية ليس الامور الاخروية عندهم بمنزلة المحسوس واما اهل اليقظة فلتنورهم بنور اللّه تعالى يشاهدون بعين القلب الآخرة واهوالها كما تشاهد عين القالب الدنيا واحوالها فهى عندهم بمنزلة المحسوس بل النبى عليه السلام قد عبر ليلة المعراج على الجنة والنار فشاهد من شاهد بعين الرأس وكشف حقائق الاشياء ولذا حكم على الموعود بالحقية ٥٤ { ولو ان لكل نفس ظلمت } اشركت صفة نفس { ما فى الارض } اى فى الدنيا من خزائنها واموالها { لافتدت به } اى جعلته فدية لها من العذاب وبذلته مقابلة نجاتها من افتداه بمعى فداه اى اعطى فداءه { واسروا } اى النفوس المدلول عليها بكل نفس وايثار صيغة جمع المذكر لحمل لفظ النفس على الشخص او لتغليب ذكور مدلوله على انائه { الندامة } على ما فعلوا من الظلم { لما رأوا العذاب } والمعنى اخفوها ولم يظهروها عند معاينة العذاب عجزا عن النطق لكمال الحيرة كمن يذهب به ليصلب فانه يبقى مبهوتا لا ينطق بكلمة وفى الكواشى { واسروا الندامة } اظهروها لانه ليس بيوم تصبر قال فى التبيان الاسرار من الاضداد { وقضى بينهم } اى اوقع القضاء والحكم بين الظالمين ن المشركين وغيرهم من اصناف اهل الظلم بان اظهر الحق سواء كان من حقوق اللّه او من حقوق العباد من الباطل وعومل اهل كل منهما بما يليق به { بالقسط } بالعدل { وهم } اى الظالمون { لا يظلمون } فيما فعل بهم من العذاب بل هو من مقتضيات ظلمهم ولوازمه الضرورية كذا فى الارشاد وقال القاضى ليس تكريرا لان الاول قضاء بين الانبياء ومكذبيهم والثانى مجازاة للمشركين على الشرك ٥٥ { ألا } قال الامام كلمة ألا انما تذكر لتنبيه الغافلين واهل هذا العالم مشغولون بالنظر الى الاسباب الظاهرة فيضيفون الاشياء الى ملاكها الظاهرة المجازية فيقولون مستغرقين فى نوم الجهلة والغفلة حيث يظنون صحة تلك الاضافات فلذلك نادى الحق هؤلاء النائمين بقوله ألا { ان للّه ما فى السموات والارض } لانه قد ثبت ان جميع ما سواه تعالى ممكن لذاته وان الممكن لذاته مستند الى الواجب لذاته اما ابتداء او بواسطة فثبت ان جميع ما سواه مملوك له تعالى يتصرف فيه كيفما يشاء ايجادا واعداما واثابة وعقابا وكلمة ما لتغلب غير العقلاء على العقلاء { الا ان وعد اللّه حق } اى ما وعده من الثواب والعقاب كائن لا خلف فيه فالوعد بمعنى الموعود والحق بمعنى الثابت والواقع ويجوز ان يكون بمعناه المصدرى والحق بمعنى المطابق للواقع اى وعده بما ذكر مطابق للواقع { ولكن اكثرهم } لقصور عقلهم واستيلاء الغفلة عليهم والفهم بالافعال المحسوسة المعتادة { لا يعلمون } ذلك وانما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فيقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون مانده در تنكناى اين مجلس ... غير دنيانديده ديده حس جشم دل كوكه بردها بدرد ... جانب ملك آخرت نكرد مرغ او در قفس زبون باشد ... جه شناسد كه باغ جون باشد ٥٦ { هو يحيى ويميت } فى الدنيا من غير دخل لا حد فى ذلك { واليه ترجعون } فى الآخرة بالبعث والحشر وفى التأويلات النجمية { هو يحيى } من العدم بالايجاد { ويميت } من الوجود بالاعدام { واليه ترجعون } وجودا وعدما انتهى وفى الآية اشارة الى انه لا بد من الرجوع وان كان اضطراريا ونعم ما قيل اذا جاء الموت لا ينفع العلم كما لم ينفع آدم ولا الخلة كما لم تنفع ابراهيم ولا القربة كما لم تنفع موسى ولا الملك كما لم ينفع داورد وسليمان وذا القرنين ولا المحبة كما لم تنفع محمدا صلى اللّه تعالى عليه وسلم ولا المال كما لم ينفع قارون ولا الجنود كما لك تنفع نمر ودولا الجمال كما لم ينفع يوسف قيل فى الموت ستمائة الف واربعة وعشرون الف غم كل غم لو وضع على اهل الدنيا لماتوا منه وبعد الموت ثلاثمائة وستون هولا كل هول اشد من الموت فمن عرف هذا بطريق اليقين جاهد الى ان تجد كل ذرة منه الم الموت فحينئذ لا يبق للام حيث الفوت مجال اصلا لانه مات بالاختبار قبل الموت بالاضطرار ورجع الى المولى بنفسه وفنى عن جملة القيود والاضافات وبقى ببقاء اللّه تعالى فهذا يقال له موت النفس وحياة القلب احيانا اللّه تعالى واياكم. والموت بالاختيار حال الاحرار والموت بالاضطرار حال اهل الدناءة والاغيار والاول رجوع بوصال والثانى رجوع بفراق : وفى المثنوى اى برادر صبركن بردرد نيش تارع\هى از نيش نفس كبر خويش ... هركه مرد اندرتن او نفس كبر مردرا فرمان برد خرشيدوابر ... نى بكفتست آن سراج امتان اين جهان وآن جهان جون ضرتان ... بس وصال اين فراق آن بود صحت اين تن سقام جان بود ... سخت مى آيد فراق اين مقر بس فراق آن مقر دان سخت تر ... حون فراق آن نقش سخت أيدترا تاز سخت آيد زنقاش جدا ... ٥٧ { يَا أَيُّهَا الناس } نداء عام كما فى تفسير الكاشفى وخصصه فى الارشاد بكفار مكة { وقد جاءتكم موعظة } هى التذكير بالعواقب سواء كان بالزجر والترهيب او بالاستمالة والترغيب اى كتاب مبين لما يجب لكم وعليكم مرغب فى الاعمال الحسنة منفر عن الافعال السيئة وهو القرآن { من ربكم } متعلق بجاءتكم { وشفاء لما فى الصدور } ودواء من امراض القلوب كالجهل والشك والشرك والنفاق وغيرها من العقائد الفاسدة { وهدى } الى طريق الحق واليقين بالارشاد الى الاستدلال بالدلائل المنصوبة فى الآفاق والانفس { ورحمة للمؤمنين } حيث نجوا بمجيء القرآن من ظلمات الكفر والضلال وهذه المصادر وصف بها القرآن للمبالغة كأنه عينها زهى كلام تو محض هدايت وحكمت ... زهى بيام تو عين عنايت ورحمت كشد كمند كلام تو اهل عرفانرا ... زشورة زار خساست بكلشن همت يقال القرآن موعظة للنفوس وشفاء للصدور وهدى للارواح. ويقال الموعظة للعوام والشفاء للخواص والهدى للاخص والرحمة للكل حيث اوصلهم الى مراتبهم ٥٨ { قل } يا محمد للناس { بفضل اللّه وبرحمته } عبارتان عن انزال القرآن والباء متعلقة بمحذوف واصل الكرم ليفرحوا بفضل اللّه وبرحمته وتكرير الباء فى رحمته للايذان باستقلالها فى استيجاب الفرح ثم قدم الجار والمجرور على الفعل لافادة القصر ثم ادخل عليه الفاء لافادة معنى السبية فصار بفضله وبرحمته فليفرحوا ثم قيل { فبذلك فليفرحوا } للتأكيد والتقرير ثم حذف الفعل الاول لدلالة الثانى عليه والفاء الاولى جزائية والثانية للدلالى على السبية والاصل ان فرحوا بشيء فبذلك ليفرحوا الا بشيء آخر ثم ادخل الفاء للدلالة على السبية ثم حذف الشرط واشير بذلك الى اثنين اما لاتحادهما بالذات او بالتأويل المشهور فى اسماء الاشارة { هو } اى ما ذكر من فضل اللّه ورحمته { خير مما يجمعون } من الاموال الفانية قال بعض الكبار فضل اللّه ايصال احسانه اليك ورحمته ما سبق منه من الهداية لم تك شيأ فكأن اللّه تعالى يقول عبدى لا تعتمد على طاعتك وخدمتك واعتمد على فضلى ورحمتى فان رأس المال ذلك [ هركسى راسرمايه ايست وسرمايه مؤمنان فضل من وهركسى راخزانة ايست وخزانة مؤمنان رحمت من ] كر شاه را خزانه نهادن بود هوس درويش را خزانه همين لطف دوست بس ولو كان فى جمع حطام الدنيا منفعة لا تنفع قارون قال مالك بن دينار منت فى سفين مع جماعة فنبه العشار ان يخرج احد فخرجت فقال ما اخرجك نقلت ليس مع شيء فقال اذهب فقلت فى نفسى هكذا امر الآخرة فالعلائق قيد والتجرد وراحة : قال الحافظ غلام همت آنم كه زير جرخ كبود ... رجه رنك تعلق بذيرد آزادست اشار بهذا البيت الى الحرية عن جميع ما سوى اللّه تعالى فان العالم جسما او روحا عينا او علما مما يقبل التعلق لكن لما كان الف الناس بالمحسوس اكثر خص ما تحت الفلك الارزق بالذكر اعلم ان الاتعاظ بالموعظة القرآنية يوصل العبد الى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية -حكى- ان ابراهيم بن ادهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا اعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا توءثر الفانى ولا تغتر بملكك فانت الذى انت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر اللّه فانه يقول { سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة } فانتبه فزعا قال هذا تنبيه من اللّه وموعظة فتاب الى اللّه واشتغل بالطاعة ثم فى عبارة { جاءتكم } اشارة الى ان حضرة القرآن تحفة من اللّه تعالى جسيمة وهدية منه عظيمة وصلت الينا فلم يبق الا القبول وقبوله الائتمار باوامره والانتهاء عن نواهيه قال بعض القراء قرأت القرآن على شيخ لى ثم رجعت لاقرأ ثانيا فانتهزنى وقال جهلت القراءة على عملا اذهب فاقرأ على غيرى فانظر ماذا يأمرك وينهاك وماذا يفهمك كذا فى الاحياء : ونعم ما قيل : نقد عمرش زفكرت معوج ... خرج شد در رعايت مخرج صرف كردش همه حيات سره ... در قراآت سبع وعشره والمقصود من البيت انه يلزم بعد تحصيل قدر ما يتحصل به تصحيح الحروف ورعاية المخرج صرف باقى العمر الى الاهم وهو معرفة اللّه تعالى وهو متعلق القلب الذى هو اشرف من اللسان وسائر الاعضاء ومعرفة اللّه انما تحصل غالبا بالذكر ثم الفكر بانكشاف حقائق الاشياء وحقائق القرآن فكما ان اللّه تعالى ايد النبى عليه السلام بجبريل فكذا ايد الولى بالقرآن وهو جبريل وعلم الشريعة يبقى هنا لان متعلقه على الفناء وانما يذهب الى الآخرة ثوابه بحسب العمل بالخلوص. واما علم الحقيقة فيذهب الى الآخرة لانه على البقاء وهو ازلى ابدى لا زوال له فى كل موطن ومقام كما افاده لى حضرة شيخى وسندى قدس اللّه نفسه الزاكية ونفعنى واياكم بعلومه النافعة ٥٩ { قل أرأيتم } اخبرونى ايها المشركون { ما انزل اللّه لكم من رزق } ما استفهامية منصوبة المحل سادة مسد المفعولين لأرأيتم جعل الرزق منزلا من السماء مع ان الارزاق انما تخرج من الارض اما لانه مقدر فى السماء كما قال تعالى { وفى السماء رزقكم } ولا يخرج من الارض الا على حسب ما قدر فيها فصار بذلك كأنه منزل منها او لانه انما يخرج من الارض باسباب متعلقة بالسماء كالمطر والشمس والقمر فان المطر سبب الانبات والشمس سبب النضج والقمر سبب اللون واللام للمنفعة فدلت على ان المراد منه ما حل { فجعلتم منه } اى جعلتم بعضه { حراما } اى حكمتم بانه حرام { وحلالا } اى وجعلتم بعضه حلالا اى حكمتم بحله مع كون كله حلالا. والمعنى اى شيء انزل اللّه من رزق فبعضتموه والمقصود والانكار لتجزئتهم الرزق وذلك قولهم { هذه انعام وحرث حجر } وقولهم { ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا } وهى البحيرة والسائبة والوصيلة والحام { قل } لهم { اللّه } [ ايخادا ] { اذن لكم } فى ذلك الجعل فانتم فيه ممتثلون لأمره قائلون بالتحريم والتحليل بحكمه { ام الى اللّه تفترون } فة نسبة ذلك اليك وفى الكواشى هذه الآية من ابلغ الزواجر عن التجوز فيما يسأل عنه من الحكم وباعثة على الاحتياط فيه ومن لم يحتط فى الحكم فهو مفتر انتهى قال على كرم اللّه وجهه ( من افتى الناس بغير علم لعنته السماء والارض ) وسألت بنت على البلخى اباها عن القيئ اذا خرج الى الحلق فقال يجب اعادة الوضوء فرأى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فقال لا يا على حتى يكون ملء الفم فقال عبمت ان الفتوى تعرض على رسول اللّه فآليت على نفسى ان لا افتى ابدا وفى الآية اشارة الى انه لا يجوز للمرء ان يعتقد ويقول ان الرزق المعنوى من الواردات الالهية والشواهد الربانية حرام على ارباب النفوس وحلال على اصحاب القلوب وان تحصيل السعادات ونيل هذه الكرامات ليس من شأننا وانما هو من شان الاخيار لكبراء وخواص الانبياء والاولياء فان هذا افتراء على اللّه فان اللّه تعالى ما خص قوة بالدعوة الى الدرجات والمقامات العلية بل جعل الدعوة عامة لقوله { واللّه يدعو الى دار السلام } وقوله { يدعوكم ليغفر لكم } فتحريمه هذا الرزق على نفسه من خساسة نفسه وركاكة عقله ودناءة همته والا فاللّه تعالى لم يسد عليه هذا الباب بل هو الفياض الوهاب : قال الحافظ عاشق كه شد كه يار بخالش نظر نكرد ... اى خواجه دردنيست وكرنه طبيب هست وقال طالب لعل وكهرنيست وكرنه خورشيد ... همجنان در عمل معدن وكانست كه بود وفى المثنوى كر كران وكر شتابنده بود ... عاقبت جوينده با بنده بود وفى الحكم العطائية وشرحها من استغرب ان ينقذه اللّه من شهوته التى اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التى شملته فى جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية ومن استعجزها فقد كفر او كاد ودليل ذلك ان اللّه تعالى يقول { وكان اللّه على كل شيء مقتدرا } أبان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شيء وهذا امس الاشياء وان اردت الاستعانة على تقوية رجائك فى ذلك فانظر لحال من كان مثلى ثم انقذه اللّه وخصه بعنايته كابراهيم بن ادهم وفضيل بن عياض وعبد اللّه بن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية ٦٠ { وما ظن الذين يفترون على اللّه الكذب } ما استفهامية فى محل الرفع على الابتداء وظن خبرها ومفعولاه محذوفان وزيادة الكذب مع ان الافتراء لا يكون الا كذبا لاظهار كمال قبح ما افتعلوه وكونه كذبا فى اعتقادهم ايضا { يوم القيمة } ظرف لنفس الظن اى اى شيء ظنهم فى ذلك اليوم يوم عرض الافعال والاقوال والمجازاة عليها مثقالا بمثقال والمراد تهويله وت وتفظيعه بهول ما يتعلق به ما يصنع بهم يومئذ { ان الفضل لذو فضل } عظيم { على الناس } جميعا حيث انعم عليهم بالعقل المميز بين الحق والباطل والحسن والقبيح ورحمهم بانزال الكتب وارسال الرسل { ولكن اكثرهم لا يشكرون } تلك النعمة الجليلة فلا يصرفون قواهم ومشاعرهم الى ما خلقت له ولا يتبعون دليل العقل فما يستبد به ولا دليل الشرع فيما لا يدرك الا به ٦١ { وما } نافية { تكون } يا محمد { فى شأن } اى فى امر والجمع شؤون من قولك شانت شأنه قصدت قصده مصدر بمعنى المفعول ويكون الشأن بمعنى الحال ايضا يقال ما شأن فلان بمعنى حاله { وما تتلو منه } الضمير للشأن والظرف صفة لمصدر محذوف اى تلاوة كائنة من الشأن لان تلاوة القرآن معظم شأن الرسول { من قرآن } من مزيدة لتأكيد النفى وقرآن مفعول تتلو { ولا تعملون } [ اى آدميان ] { من عمل } من الاعمال تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ولذلك ذكر حيث خص ما فيه فخامة وذكر حيث عم ما يتناول الجليل والحقير قال ابن الشيخ الخطاب وان خص به عليه السلام اولا بحسب الظاهر الا ان الامة داخلون فيه لان رئيس القوم اذا خوطب دخل قومه فى ذلك الخطاب كما فى قوله تعالى { يا ايها النبى اذا طلقتم النساء } { الا كنا عليكم شهودا } استثناء مفرغ من اعم احوال المخاطبين بالافعال الثلاثة اى ما تلابسون بشيء منها فى حال من الاحوال الا حال كوننا رقباء مطلعين عليه حافظين له { اذ تفيضون فيه } ظرف لشهودا اذ تخلص المضارع لمعنى الماضى والافاضة الدخول فى العمل يقال افاض القوم فى العمل اذا اندفعوا فيه اى تخوصون وتندفعون فيه { وما يعزب عن ربك } اى لا يعبد ولا يغيب عن عمله الشامل { من مثقال ذرة } من مزيدة لتأكيد النفى اى ما يساوى فى الثقل نملة صغيرة او هباء { فى الارض ولا فى السماء } اى فى دائرة الوجود والامكان { ولا } لنفى الجنس { اصغر } الذرة { ولا اكبر الا فى كتاب مبين } خبرها وهو اللوح المحفوظ فاذا كان كل شيء مكتوبا فى اللوح فكيف يغيب عن علمه شيء وكيف يخفى عيله امر فلا يظن انه لا يجازى على اقواله وافعاله خيرا كانت او شرا وفيه اشارة الى طريق المراقبة وحث على المحافظة فان المرء اذا علم يقينا اطلاع اللّه عليه فى كل آن وحافظ على اوقاته سلم من الخلاف وعامل بالانصاف -حكى- عن عمر البنانى رحمه اللّه قال مررت براهب فى مقبرة فى كفه اليمنى حصى ابيض وفى كفه اليسرى حصى اسود فقلت يا راهب ما تصنع ههنا قال اذا فقدت قلبى اتيت المقابر فاتبرت بمن فيها فقلت ما هذا الحصى الذى فى كفك فقال اما الحصى الابيض اذا عملت حسنة القيت واحدة منها فى الاسود واذا عملت سيئة واحدة من هذا الاسود فى الابيض فاذا كان الليل فنظرت فان فضلت الحسنات على السيآت افطرت وقمت الى وردى وان فضلت السيآت على الحسنات لم آكل طعاما ولم اشرب شرابا فى تلك الليلة هذه حالتى والسلام عليك وعن بعض الكبار من علامة موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من المراقبات وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات لان الحياة تقتضى الاحساس والعكس صفة الميت وكل معصية من الغفلة والنسيان فذاكر الحق سالم فى الدنيا والآخرة -حكى- ان وليسا اشتاق الى رؤية حبيب من احباء اللّه فقيل له اذهب الى القصبة الفلانية حبيبى فجاء اليها ورأى رجلا يذكر اللّه واسدا فاذا تغافل يختطفه الاسد حتى يقطع قطعة لحم من اعضائه فلما قرب اليه وسأل عن حاله قال اردت ان لا اتغافل عن ذكر اللّه فاذا وقعت الغفلة سلط على كلبا من كلاب الدنيا فانا الازمه مخافة ان يسلط كلبا من كلاب الآخرة على للغفلة يقول الفقير فى هذه القصة اشارات. منها ان فضوح الدنيا اه٩ون من فضوح الآخرة وان مقاساة شدائد طريق الحق فى هذه النشأة أسهل من المؤاخذات الاخروية فعلى المرء ملازمة الطاعة والعبادة وان كانت شاقة عليه : وفى المثنوى اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا آخر دمى فارغ مباش ومنها انه لابد من المراقبة فان عجز بنفسه عنها استعان عليها من خارج فانه لا بد للنائم من محركوموقظ اذ النوم طويل والنفس كسلى ولذا جعلوا من شرط الصحبة ان لا يصطحب الا من فوقه : وفى البستان زخزد بهترىئ جوى وفرصت شمار ... كه باجون خودى كم كنى روزكار ومنها ان الاسد الذى سلطه اللّه عليه انما سلطه فى الحقيقة على نفسه ليفترسها فان لم يمت نفسه فى هذا الدار سلطها اللّه عليه فى دار البوار ٦٢ { الا } تنبهوا واعلموا { ان اولياء اللّه } اى احباء اللّه واعداء نفوسهم فان الولاية هى معروفة اللّه ومعرفة نفوسهم فمعرفة اللّه رؤيته بنظر المحبة ومعرفة النفس رؤيتها بنظر العداوة وعند كشف العداوة عند كشف غطاء احوالها واوصافها فاذا عرفتها حق المعرفة وعلمت انها عدوة اللّه لك وعالجتها بالمعاندة والمكابدة أمنت مكرها وكيدها وما نظرت اليها بنظر الشفقة والرحمة كما فى التأويلات النجمية قال المولى ابو السعود رحمه اللّه الولى لغة القريب والمراد باولياء الل خلص المؤمنين لقربهم الروحانى منه سبحانه انتهى لانهم يتولونه تعالى بالطاعة اى يتقربون اليه بطاعته والاستغراق فى معرفته بحيث رأوا رأوا دلائل قدرته وان سمعوا آياته وان نطقوا بالثناء عليه وان تحركوا تحركوا فى خدمته وان اجتهد واجتهدوا فى طاعته { لا خوف عليهم } فى الدارين من لحوق مكروه والخوف انما يكون من حدوث شيء من المكاره فى المستقبل { ولا هم يحزنون } من فوات مطلوب والحون انما يكون من تحقق شيء مما كرهه فى الماضى او من فوات شيء احبه فيه اى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا انه يعتريهم لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا انه لا يعتريهم خوف وحرن بل يستمرون على النشاط والسرور كيف ولا استشعار الخوف والخشية استعظاما لجلال اللّه وهيبته واستقصارا للجد والسعى فى اقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص والمقربين ولذا قال فى الكواشى { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } فى الآخرة والا فهم اشد خوفا وحزنا فى الدنيا من غيرهم انتهى وانكا يعتريهم ذلك لان مقصدهم ليس الا طاعة اللّه ونيل رضوانه انه المستتبع للكرامة والزلفى وذلك مما لا ريب فى حصوله ولا احتماله لفواته بموجب الوعد بالنسبة اليه تعالى واما ما عدا ذلك من الامور الدنيوية المترددة بين الحصول والفوات فهى بمعزل من الانتظام فى سلك مقصدهم وجودا وعدما حتى يخافوا من حصول ضارها او يحزنوا بفوات نافعها كما فى الارشاد. والتحقيق انهم لفنائهم فى عين الهوية الاحدية لم يبق فيهم بقية ولا غاية ما وراء ما بلغوا حتى يخافوا ويحزنوا كما فى نفائس المجالس لحضرة الهدائى قدس سره ٦٣ { الذين آمنوا وكانوا يتقون } استئناف مبنى على السؤال ومحل الموصول لرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف كأنه قيل من اولئك وما سبب فوزهم بتلك الكرامة فقيل هم الذين جمعوا بين الايمان بكل ما جاء من عند اللّه والتقوى المفضيين الى كل خير المنحيين عن كل شر قل شيخنا العلامة ابقاه اللّه بالسلامة وكانوا يتقون اللّه تعالى من صدور سيآت الاعمال والاخلاق فى مرتبة الشريعة والطريقة ومن ظهور الغفلات والتلوينات فى مرتبة المعرفة والحقيقة لانهم يصلحون طبائعهم بالشريعة وانفسهم بالطريقة وقلوبهم بالمعرفة وارواحهم واسرارهم بالحقيقة فلا جلام انهم يتقون من جميع ما سوى اللّه انتهى يقول الفقير يشير رضى اللّه عنه بذلك الى ان المراد بالتقوى المرتبة الثالثة منها وهو تنزه الانسان عن كل ما يشغل سره عن الحق والتبتل اليه بالكلية وهذه المرتبة جامعة لما تحتها من مرتبة التوقى عن الشرك التى يفيدها الايمان ايضا ومرتبة التجنب عن كل ما يؤثم من فعل وترك وللاولياء فى شأن التبتل والتنزه درجات متفاوتة حسب تفاوت درجات استعدادهم اقصاها ما انتهى اليه همم الانبياء عليهم السلام جمعوا بين رياستى النبوة والولاية وما عاقبهم التعلق بعلم الاشباح عن العروج الى عالم الارواح ولم يصدهم الملابسة بمصالح الخلق عن الاستغراق فى شؤون الحق لكمال استعداد نفوسهم الزكية المؤيدة القدسية ومن هنا فضل رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم على عيسى عليه السلام اذ ليس عروجه الى الرابعة ببديع بالنسبة الى عروج رسولنا عليه السلام الى العرش وما فوقه اذ كان تعلقه بذه النشأة من جهة الام فقط وتعلق رسول اللّه من جهة الابوين ومع ذلك ما عاقه التعلق حتى انتهى فى عروجه الى ما انتهى من نهايات العنصريات وغايات الطبيعيات ودوام الاتصال بالانوار العالية ممكن كما يحكى عن بعض المتألهين وان لم يكن فيجعل هذه الحالة ملكة له فيصير بدنه كقميص يلبسه تارة ويخلعه اخرى ألا ترى ان من قدر على النفقة فهو متى جاع فبيده الشبع يأكل ما شاء فقس عليه الرزق المعنوى والعروج الى مبدأه بل هو اولى من ذلك لانه مستغن عن آلة وسبب وليس الطالب والمطلوب مسافة : وفى المثنوى اين دراز وكوتهى مرجسم راست ... جه دراز وكوته آنجا كه خداست جون خدا مرجسم را تبديل كرد ... رفنتش بى فرسخ وبى ميل كردفاذا عرفت فاذا عرفت ان اولياء اللّه تعالى هم المؤمنون المتقون بالتقوى الحقيقية فاعرف ايضا انه جاء فى الاولياء اوصاف اخر بعضها متقارب وبعضها باعتبار البداية وبعضها باعتبار النهاية الى غير ذلك مما روى على كرم اللّه وجهه هم صفر الوجوه من السهر عمش العيون من العبر خمص البطون من الطوى يبس الشفاه من الذوى وعن سعيد بن جبير ان رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم من اولياء اللّه فقال ( هم الذى يذكر اللّه برؤيتهم ) اى بسمتهم واخباتهم وسكينتهم نحو سيماهم فى وجوههم وقال بعض علامة الاولياء أن همومهم مع اللّه وشغلهم باللّه وفرارهم اليه فنوا فى احوالهم بقائهم فى مشاهدة مالكهم فتوالت عليهم انوار الولاية فلم يكن لهم عن نفوسهم اخبار ولا مع واحد غير اللّه قرار وهم المتحابون فى اللّه قال صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( ان للّه عبادا ليسوا بانبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة لمكانهم من اللّه ) قيل يا رسول اللّه من هم وما اعمالهم فلعلنا نحبهم قال ( هم قوم تحابوا فى اللّه غير ارحام منهم ولا اموال يتعاطونها فواللّه ان وجوههم لنور وانهم لعلى منابر من ثور لا يخافون اذا خاف الناس ولا يحزنون اذا حزن الناس ) قوله يغبطهم الانبياء تصوير لحسن حالهم على طريقة التمثيل قال الكواشى وهذا مبالغة والمعنى لو فرض قوم بهذه الصفة لكانوا هؤلاء والا فلا خلاف ان احدا من غير الانبياء لا يبلغ منزلة الانبياء وفى تفسير الفاتحة للفنارى ان النبيين يفزعون على اممهم للشفقة التى جبلهم اللّه عليها للخلق فيقولون يوم القيامة اللّهم سلم سلم ويخافون اشد الخوف على اممهم والامم يخافون على انفسهم واما الآمنون على انفسهم فيغبطهم النبيون فى الذى هم عليه من الامن لما هم اى النبيون عليه من الخوف على اممهم وان كانوا آمنين على انفسهم يقول الفقير وحين الانتهاء فى التحرير الى هذا المحل ظهر لى وجه آخر وهو ان الحديث المذكور ناطق عن المحبة فى اللّه والمحبة مقام اختص به عليه السلام من بين الانبياء والرسل وهو لا ينافى تحقق الكمل من ورثته بحقائقه اذ كمال التابع تابع لكمال متبوعة فمن الجائز ان يحصل لهم من ذلك المقام وآثاره ما به يغبطهم بعض الانبياء وقد ورد ( علماء امتى كانبياء بنى اسرائيل ) ولا يلزم م ذلك بلوغهم منزلة الانبياء ورجحانهم عليهم مطلقا وقد تقرر ان الافضل قد يكون مفضولا من وجه وبالعكس ألا ترى قوله عليه السلام ( انتم اعلم بامور دنياكم ) ودرجات المعرفة لا نهاية لها والى اللّه المنتهى وقال ابو يزيد قدس سره اولياء اللّه تعالى عرائس ولا يرى العرائس الا من كان محرما لهم واما غيرهم فلا وهم مخدرون عنده فى حجاب الانس لا يراهم احد فى الدنيا ولا فى الآخرة وقال سهل اولياء اللّه تعالى لا يعرفهم الا اشكالهم او من اراد ان ينفعه بهم ولو عرفهم حتى يعرفهم الناس لكانوا حجة عليهم فمن خالف بعد علمه بهم كفر ومن قعد عنهم خرج وقال الشيخ ابة العباس معرفة الولى اصعب من معرفة اللّه فان اللّه معروف بكماله وجماله ومتى يعرف مخلوق مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب وهم ظاهرهم مزين باحكام الشرع وباطنهم مستغل بانوار الفقر : وفي المثنوى رهر وراه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود قال الكاشفى فى وصف الاولياء رخش زميدان ازل تاخته ... كوى بجو كان ابد باخته معتكفان حرم كبريا ... شسته دل از صورت كبرويا راه ثوردان شكست قدم ... راز كشايان فروبسته دم وقال السعدى اسيرش نخواند رهايى زبند ... شكارش نجويد خلاص ازكمند دلارام در بر ل دلارى جوى ... لب ازتشنكى خشك بر طرف جوى ٦٤ { لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة } بيان لما اولاهم من خيرات الدارين بعد بيان انجائهم من شرورهما ومكارههما. ولجملة مستأنفة كأنه قيل هل لهم وراء ذلك من نعمة وكرامة فقيل لهم ما يسرهم فى الدارين وتقديم الاول لما ان التخلية سابقة عن التحلية. والبشرى مصدر اريد به من الخيرات العاجلة كالنصر والفتح والغنيمة وغير ذلك والآجلة الغنية عن البيان والظرفان فى موقع الحال منه والعامل ما فى الخبر من معنى الاستقرار اى لهم البشرى حال كونها فى الحياة الدنيا وحال كونها فى الآخرة اى عاجلة وآجلة او من الضمير المجرور اى حال كونهم فى الحياة لخ ومن البشرى العاجلة الثناء الحسن والذكر الجميل ومحبة الناس هذا ما اختاره المولى ابو السعود بناء على انها بشارة ناجزة مقصودة بالذات. وقيل البشرى مصدر والظرفان متعلقان به اما البشرى فى الدنيا فهى البشارات الواقعة للمؤمنين المتقين فى غير موضع من الكتاب المبين وعن النبي عليه السلام ( هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له ) اى يراها مسلم لاجل مسلم آخر ولا يخفى ان كون الرؤيا الصالحة مبشرة للمؤمنين يمنع ان تكون بنبوة فتكون بوجه آخر من صلاح وتنبيه غفلة وفرح وغيرها كما فى شرح المشارق لابن الملك وهذه البشارة لا تحصل الا لاولياء اللّه لانهم مستغرقوا القلب والروح فى ذكر اللّه ومعرفة اللّه فمنامهم كاليقظة لا يفيد الا الحق واليقين واما من يكون متوزع الخاطر على احوال هذا العالم الكدر المظلم فانه لا اعتماد على رؤياه وفى التأويلات النجمية لهم المبشرات التى هى تلو النبوة من الوقائع التى يرون بين النوم واليقظة والالهامات والكشوف وما يرده عليهم من المواهب والمشاهدات كما قال عليه السلام ( لم يبق من النبوة الا المبشرات ) انتهى وفى الحديث ( الرؤيا الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة واربعين جزأ من النبوة ) ومعناه ان النبي عليه السلام حين بعث اقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين فمدة الوحى اليه فى اليقظة ثلاث وعشرون سنة ومدة الوحى فى المنام ستة اشهر من ثلاث وعشرين سنة فهى جزء من ستة واربعين جزأ وانما ابتدئ رسول اللّه بالرؤيا لئلا يفجأه الملك بالرسالة فلا تتحملها القوى البشرية فكانت الرؤيا تأنيسا له وقال بعضهم لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة. واما البشرى فى الآخرة فتلقى الملائكة اياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يرون من بياض وجوههم واعطاء الصحف بايمانهم وما يقرأون منها وغير ذلك من البشارات فى كل موطن من المواطن الاخروية فتكون هذه بشارة بما سيقع من البشارات العاجلة والآجلة المطلوبة لغاياتها لا لذواتها [ سلمى فرموده كه بشارات دنيا وعده لقاست ومرده آخرت تحقيق آن وعده. وشيخ الاسلام فرموده كه ولى را دوبشارتست دردنيا شناخت ودرعقبى نواخت. درين سراى سرور مجاهد ودران سراى نور مشاهده. اينجا صفا ووفا وآنجار ضاولقا ] وفى التأويلات النجمية بشراهم فى الآخرة بكشف القناع من جمال العزة عن سطوات نور القدم وزهق ظلمة الحدوث وبلقاء الحق رحمة منه كما قال { يبشرهم ربهم برحمة } وفى حديث ( الرؤية فى النشأة الكثيبية يقول اللّه تعالى لهم بعد التجلى هل بقى لكم شيء بعد ها فيقولون يا ربنا وأى شيء بقى وقد نجينا من النار وادخلتنا دار رضوانك وانزلتنا بجوارك وخلعت علينا ملابس كرمك واريتنا وجهك فيقول الحق جل جلاله بقى لكم فيقولون يا ربنا وما ذاك الذى بقى فيقول دوام رضاى عليكم فلا اسخط عليكم ابدا ) فما احلاها من كلمة وما الذها من بشرى فبدأ سبحانه بالكلام خلقنا فقال كن فاول شيء كان لنا منه السماع فختم ما به بدأ فقال هذه المقالة فختم بالسماع وهو هذه البشرى { لا تبديل لكلمات اللّه } اى لمواعيده الواردة فى حقهم اذ لا خلف لمواعيده اصلا ةفى التأويلات النجمية لا يتغير احكامه الازلية حيث قال للولى كن وليا وللعدو وكن عدوا وكانوا كما اراد للحكمة البالغة فلا تغير لكلمة الولى وكلمة العدو { ذلك } التبشير { هو الفوز العظيم } الذى لا يصل الى كهنه العقول وكيف لا وفيه سعادة الدارين اعلم ان الولاية على قسمين عامة وهى مشتركة بين جميع المؤمنين كما قال اللّه تعالى { اللّه ولى الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } وخاصة وهى مختصة بلواصلين الى اللّه من اهل السلوك والولاية عبارة عن فناء العبد فى الحق والبقاء به ولا يشترط فى الولاية الكرامات الكونية فانها توجد فى غير الملة الاسلامية لكن يشترط فيها الكرامات الكونية فانها توجد فى غير الملة الاسلامية لكن يشترط فيها الكرامات القلبية كالعلوم الالهية والمعارف الربانية فهاتان الكرامتان قد تجتمعان كما اجتمعتا فى الشيخ عبد القادر الكيلانى والشيخ ابن مدين المغربى قدس اللّه سرهما فانه لم يأت من اهل الشرق مثل عبد القادر فى الخوارق ومن اهل الغرب مثل ابن مدين مع مالهما من العلوم والمعارف الكلية وقد تفترقان فتوجد الثانية من دون الاولى كما فى اكثر الكمل من اهل الفناء. واما الكرامات الكونية كالمشى على الماء والطيران فى الهواء وقطع المسافة البعيدة فى المدة القليلة وغيرها فقد صدرت من الرهابنة والمتفلسفة الذين استدرجهم الحق بالخذلان من حيث لا يعلمون كما سبق فى سورة البقرة عند قوله تعالى { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة او اشد قسوة } الآية. والنبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لا مدخل لكسب العبد فيها. واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما يمكن الوزارة بالكسب كذلك يمكن الولاية بالكسب وفى الحقيقة كل منهما اختصاص عطائى غير كسبى حاصل للعين الثابتة من الفيض الا قدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه واسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل فاول الولاية انتهاء السفر الاول الذى هو السفر من الخلق الى الحق التعشق عن المظاهر والاغيار والخلاص من القيود والاستار والعبور على المنازل والمقامات والحصول على المراتب والدرجات وبمجرد العلم اليقينى للشخص لا يلحق باهل المقام لانه انما يتجلى الحق لمن انمحى رسمه وزال عنه اسمه ولكا كانت المراتب متميزة قسم ارباب هذه الطريقة المقامات الكلية الى عالم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فعلم اليقين متصور الامر على ما هو عليه وعين اليقين بشهوده كما هو وحق اليقين بالفناء فى الحق والبقاء علما وشهودا وحالا لا علما فقط ولا نهاية لكمال الولاية فمراتب الاولياء غير متناهية والطريق التوحيد وتزكية النفس عن الاخلاق الذميمة وتطهيرها من الاغراض الدنيئة فمن جاهد فى طريق الحق فقد سعى فى الحلق نفسه بزمرة الاولياء ومن اتبع الهوى فقد اجتهد فى الالتحاق بفرقة الاعداء والسلوك الارادة لاجل الفناء فان المريد من يفن ارادته فى ارادة الشيخ فمن عمل برأيه امرا فهو ليس بمريد : وفى المثنوى مكسل از بيغمبر ايام خويش ... تكيه كم كن برفن وبركام خويش كرجه شيرى جون روى ره بيدليل ... همجور وبه ودر ضلالى وذليل هين مبرالا كه بابر هاى شيخ ... تابه بينى عون ولشكر هاى شيخ وينبغى للمؤمن ان يجتهد فى تحصيل سير اولياء اللّه واقل الامر ان لا يقصر فى حبهم فان المرء مع من احب ان يحشر معه فلا بد من الجهة الجامعة من وجه خاص ٦٥ { ولا يحزنك قولهم } هو فى الحقيقة نهى له عليه السلام عن الحزن كأنه قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بتكذيبهم وتشاورهم فى تدبير هلاكك وابطال امرك وسائر ما يتفوهون به فى شأنك مما لا خير فيه وانما وجه النبى الى قولهم للمبالغة فى نهيه عليه السلام عن الحزن لما ان النهى عن التأثير نهى عن التأثر باصله قال الكواشفى يتم الوقف هنا ويختار الاستئناف بان العزة كأنه قيل فمالى لا احزن فقيل { ان العزة } اى الغلبة والقهر { للّه جميعا } اى فى مملكته وسلطانه لا يملك احد شيأ منهما اصلا لا هم ولا غيرهم ويعصمك منهم وينصرك عليهم { هو السميع العليم } يسمع ما يقولون فى حقك ويعلم ما يعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك وفى التأويلات النجمية { ان العزة للّه جميعا } فى الدنيا والآخرة يعز من يشاء فى الدنيا دون الآخرة ويعز من يشاء فى الآخرة دون الدنيا ويعز فى الدنيا والآخرة جميعا فلا يضره هواجس النفس ووساوس الشيطان فى احتظاظه بشهوات الدنيا ونعيمها والتزين بزينتها ولا يمنعه نعيم الدنيا عن نعيم الآخرة كما قال تعالى { قل من حرم زينة الحياة اللّه التى اخرج لعباده والطيبات من الرزق } فيكون من خواص عباده لين آتاهم اللّه فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة بل يكون لبعضهم نعيم الدنيا معينا على تحصيل نعيم الآخرة كما جاء فى الحديث الربانى ( وان من عبادى من لا يصلحه الا الغنى فان افقرته يفسده ذلك ) ٦٦ { الا ان للّه من فى السموات ومن فى الارض } اى العقلاء من الملائكة والثقلين واذا كان هؤلاء الذين هم اشرف الممكنات عبيد اله سبحانه مقهورين تحت قدرته وملكيته فما عداهم من الموجودات اولى بذلك فهو قادر على نصرك عليهم ونقل اموالهم وديارهم اليك { وما يتبع الذين يدعون من دون اللّه شركاء } ما نافية وشركاء مفعول يتبع ومفعول يدعون محذوف لظهوره والتقدير وما يتبع الذين يدعون آلهة من دون اللّه شركاء فى الحقيقة وان سموها شركاء لان شركة اللّه تعالى فى الربوبية محال { ان يتبعون الا الظن } اى ما يتبعون الا ظنهم انها شركاء { وان هم } اى ما هم { الا يخرصون } يكذبون فيما ينسبونه الى اللّه سبحانه يقال خرص يخرص خرصا اى كذب وهو من باب نصر والخراص الكذاب. ثم نبه على تفرده بالقدرة الكاملة والنعمة الشاملة ليدلهم على توحده باستحقاق العبادة ٦٧ { هو الذى جعل لكم الليل } مظلما { لتسكنوا فيه } وتستريحوا من تعب الطلب { والنهار مبصرا } لتتحركوا فيه لتحصيل اسباب معاشكم فحذف مظلما لدلالة مبصرا عليه وحذف لتتحركوا لدلالة لتسكنوا عليه. واسناد الابصار الى النهار مجازى والمراد يبصر فيه كقوله نهاره صائم وليله قائم اى صام فى نهارهو قام فى ليله وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى جعل بعض الاوقات للاستراحة من نصب المجاهدات وتعب الطاعات لنزول ملالة النفوس وكلالة القلوب ويستجد الشوق الى جانب المطلوب ومن ثمة جعل اهل التدريس يوم التعطيل ليحصل النشاط الجديد للتحصيل كما قال ابن خيام زمانى بحث ودرس وقيل وقالى ... كه انسانرا بود كسب كمالى زمانى شعر وشطرنج وحكايات ... كه خاطررا شود دفع ملالى ففى الانتقال من اسلوب الى اسلوب تجديد كتقلب اهل الكهف من اليمين الى الياسر من عهد يعيده : قال الحافظ از قال وقيل مدرسه حال دلم كرفت ... ايك جند نيز خدمت معشوق ومى كنم { ذَلِكَ } اى جعل كل منهما كما وصفت { لآيات } عجيبة كثيرة { لقوم يسمعون } اى سماع تدبر واعتبار لمواعظ القرآن وتخصيص الآيات بهم مع انها منصوبة لمصلحة الكل لما انهم المنتفعون بها ٦٨ { قالوا } اى بنوا مدلج كما فى الكاشفى { اتخذ اللّه ولدا } اى تبناه وفى التبيان قالت اليهود عزير بن اللّه وقالت النصارى المسيح بن اللّه وقالت قريش الملائكة بنات اللّه { سبحانه } تنزيه وتقديس له عما نسبوا اليه من الولد وتعجب لكلمتهم الحمقاء اما انه تنزيه فلان تقديره اسبحه تسبيحا اى انزه تنزيها واما انه تعجب فلانه يقال فى مقام التعجب سبحان اللّه واستعمال اللفظ فى الاول حقيقى وفى الثانى مجازى فان قلت لفظ واحد فى معنيين حقيقى ومجازى ممنوع قلت لا يلزم ان يكون استفادة معنى التعجب منه باستعمال اللفظ فيه بل هى من المعانى الثوانى كما فى حواشى سعدى حلبى ورد فى الاذكار لكل اعجوبة سبحان اللّه ووجه اطلاق هذه الكلمة عند تعجب هو ان الانسان عند مشاهدة الامر العجيب الخارج عن حد امثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه كأنه استقصر قدرة اللّه فلذلك خطر على قلبه ان يقول قدر عليه واوجده ثم تدارك انه فى هذا الزعم مخطئ فقال سبحان اللّه تنزيها للّه تعالى عن العجز عن خبق امر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بانه تعالى على كل شيء قدير كذا فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النصر { هو الغنى } عن كل شيء وهو علة لتنزهه سبحانه فان اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة فيتخذه الضعيف ليتقوى به والفقير ليستعين به والذليل ايتعزز به والحقير ليشتهر به وكل ذلك علامة الاحتياج { له ما فى السماوات وما فى الارض } اى من العقلاء وغيرهم وهو تقرير لغناه وتحقيق لمالكيته تعالى لكل ما سواه { ان عندكم من سلطان بهذا } اى ما عندكم حجة وبرهان بهذا القول الباطل الذى صدر منكم فان نافية ومن زائدة لتأكيد النفى وسلطان مبتدأ والظرف المتقدم خبره متعلق بسلطان { اتقولون على اللّه ما لا تعلمون } توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم. وفيه تنبيه على ان كل قول لا دليل عليه فهو جهالة وان العقائد لا بد لها من برهان قطعى وان التقليد فيها غير جائز ٦٩ { قل ان الذين يفترون على اللّه الكذب } باتخاذ الولد واضافة الشريك اليه { لا يفلحون } لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب اصلا ٧٠ { متاع فى الدنيا } حواب سؤال كان قائلا قال كيف لا يفلحون وهم فى الدنيا بانواع ما يتلذذون به متمتعون فقيل ذلك متاع يسير فى الدنيا زائل لا بقاء له وليس بفوز بالمطلوب { ثم الينا مرجعهم } اى بالموت { ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون } فيبقون فى الشقاء المؤبد بسبب كفرهم المستمر فى الدنيا فاين هم من الفلاح قال فى التأويلات النجمية فى الدنيا ما ذاقوا الم العذاب لانهم كانوا نياما والنائم لا يجد الم شيء من الجراحات والناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا مردمان غافلند از عقبى همه كويى بخفتكان مانند ... ضرر غفلتى كه مى وزرند جون بميرد آنكهى دانند ... وفى الآيات نهى عن الشرك والذب وفى الحديث ( ألا اخبركم بشيء امر به نوح عليه السلام ابنه فقال يا بنى آمرك بامرين وانهاك عن امرين آمرك ان تقول لا اله الا اللّه وحده لا شريك له فان السماء والارض لو جعلتا فى كفة ولا اله الا اللّه فى كفة لرجح لا اله الا اللّه وآمرك ان تقول سبحان اللّه وبحمده فانها صلاة الملائكة ودعاء الخلق وبها يرزق الخلق وانهاك ان لا تشرك باللّه شيأ فان من اشرك باللّه فقد حرم اللّه عليه الجنة وانهاك عن الكبر فان احدا لا يدخل الجنة وفى قلبه مثقال حبة من خردل) اى ان اللّه اذا اراد ان يدخله الجنة نزع ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر او لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه واو لا يدخلها مع المتقين اول وهلة يقول الفقير الظاهر انه زجر بطريق التشديد وليس المراد كبر لكفر لانه جاء فى مقابلته. والحاصل ان الكبر وهو الارتفاع على الناس واحتقارهم من لكبائر التى تقرب من الكفر فى الجزاء ومثله ترك الصلاة كما جاء ( من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر ) وفى الحديث ( بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء ) رواه الاصبهانى. اما الاول فوارد على طريق الفرض وحث على البر بطريق المبالغة بان له من الاثر فى الخير ما لو امكن ان يبسط فى عمر البار لكان ذلك ويجوز فرض المحال اذا تعلق بذلك حكمة قال تعالى { قل ان كان للرحمن ولد } واما الثانى فمعناه ان الكذب يمحق بركة الكذاب فيكون فى حكم الناقص ويجوز على فرض المحال اى لو كان شيء ينقص الرزق لكان هو الكذب واما الثالث فالمراد ان الدعاء يرد القضاء المعلق الذى توقف رده على اسباب وشروط لا القضاء المبرم الذى لا يقبل التغير اصلا فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل التوحيد الحقانى برعاية الاوامر الشرعية والانتهاء عما نهى اللّه تعالى عنه من المحرمات القولية والفعلية والاجتناب عن المشاغل القلبية والاحتراز عن الميل الى ما سوى الحضرة الاحدية فان الرجوع الى تلك الحضرة لا الى غيرها والتوحيد تحفة مقبولة ولا يقبل اللّه احدا الا به والشرك سبب لعذابه كما قال تعالى { ثم نذيقهم العذاب الشديد } وفيه اشارة الى ان عذاب الدنيا بالنسبة الى عذاب الآخرة كلا عذاب اذ كلما انتقل المرء من طور الى طور وجد الامر على الشدة وهو كذلك مبدأ ومعادا الا من تداركه اللّه تعالى بعنايته وخصه بتوفيق من حضرته ٧١ { واتل عليهم } اى على المشركين من اهل مكة { نبأ نوح } خبره مع قومه لينزجروا بذلك عما هم عليه من الكفر والعناد وقال فى البستان كان اسم نوح شاكرا وانما يسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف اللّه وهو اول من امر بنسخ الاحكام وامر بالشرائع وكان قبله نكاح الاخت حلالا فحرم ذلك على عهده وبعثه اللّه نبيا وهو يومئذ ابن اربعمائة وثمانين سنة { اذ قال } معمول لنبأ لا لقوله اتل لانه مستقبل واذا ماض والمراد بعض نبأه عليه السلام لا كل ما جرى بينه وبين قومه { لقومه } اللام للتبليغ { يا قوم } [ اى كروه من ] { ان كان كبر عليكم } اى اعظم وشق { مقامى } اى نفسى كما يقال فعلته لمكان فلان اى لفلان ومنه قوله تعالى { ولمن خاف مقام ربه } اى خاف ربه او قيامى ومكثى بين ظهرانيكم مدة طويلة وهو الف سنة الا خمسين عاما او قيامى { وتذكيرى } [ بند دادن من شمارا ] { بآيات اللّه } [ بعلامتهاى روشن بروحدانيت خدا ] فانهم كانوا اذا وعظوا الجماعة يقومون على ارجلهم لكون ذلك ادخل فى الاسماع كما يحكى عن عيسى عليه السلام انه كان يعظ الحواريين قائما وهم قعود. فيحتمل ان يستثقلوا ذلك وكان سحبان وهو رجل بليغ من العرب يقوم ويتكئ على عصاه ويسرد الالفاظ وكراسى الوعاظ اليوم بدل من القيام وكان عليه السلام يخطب على منبر من طين قبل ان يتخذ المنبر الذى هو من الشجر وكان له ثلاث درجات ولم يزل على حاله حتى زاد مروان فى خلافة معاوية ست درجات من اسفله { فعلى اللّه توكلت } جواب للشرط اى دمت على تخصيص التوكل به وتفويض الامور اليه فانه معينى وناصرى فيما اردتم بى من القتل والاذى وانما حمل على الدوام التوكل واستمراره لئلا يرد انه عليه السلام متوكل على اللّه دائما كبر عليهم مقامه او لم يكبر وقال ابن الشيخ الاظهر ان يقال الجواب محذوف اى فافعلوا ما شئتم والمذكور تعليل لعدم مبالاته بهم { فاجمعوا امركم } بقطع الهمزة من الاجماع وهو العزم يقال اجمعت على الامر اذا عزمت عليه فهو يتعدى بعلى الا ان حرف الجر حذف فى الآية واوصل الفعل الى المجرور بنفسه وقل ابن الهيثم اجمع امره جعله مجموعا بعد ما كان متفرقا وتفرقه انه يقول مرة افعل كذا واخرى كذا واخرى كذا واذا عزم على امر واحد فقد اجمعه اى جعله جميعا. والمعنى فاعزموا على امركم الذى تريدون بى من السعى فى اهلاكى { وشركائكم } بالنصب على ان الواو بمعنى مع اى مع آلهتكم التى تزعمون ان حالكم تقوى بالتقرب اليها واجتمعوا فيه على اى وجه يمكنكم قل الكاشفى [ ملخص آيت آنكه شما همه بقصد من اتفاق كنيد ] { ثم } للتراخى فى الرتبة { لا يكن امركم } ذلك { عليكم غمة } اى مستورا من غمه ستره واجعلوه ظاهرا مكشوفا تجاهروننى به فان الستر انما يصار اليه لسد باب تدارك الخلاص بالهرب او نحوه فحيث استحال ذلك فى حقى لم يكن للستر وجه { ثم اقضوا الىّ } اى ادوا الى واوصلوا ذلك الامر الذى تريدون بى وامضوا ما فى انفسكم او ادوا الى ما هو حق عليكم عندكم من اهلاكى كما يقضى الرجل غريمه { ولا تنظرون } ولا تمهلونى بل عجلوا ذلك باشد ما تقدرون عليه من غير انتظار وانما خاطبهم بذلك اظهار لعدم المبالاة بهم وانهم لن يجدوا اليه سبيلا وثقة باللّه سبحانه وبما وعده من عصمته وحفظه ٧٢ { فان توليتم } اى ان اعرضتم عن نصيحتى وتذكيري ودمتم عليه وجواب الشرط محذوف اى فلا باعث لكم على التولى ولا موجب وقوله تعالى { فما سألتكم } بمقابلة وعظى وتذكيرى علة له { من اجر } اى شيء من حطام الدنيا تؤدونه الى حتى يؤدى ذلك الى توليكم اما لثقله عليكم او لكونه سببا لاتهامكم اياى بان تقولوا انما يعظنا ويذكرنا طمعا لنيل الاجر والمال قبلنا { ان اجرى الا على اللّه } اى ما ثوابى على العظة والتذكير الا عليه يثيبنى به آمنتم او توليتم { وامرت ان اكون من المسليمن } ممن اسلم وجهه للّه فلا يأخذ على تعليم الدين شيأ. وايضا ان المتعين لخدمة لا يجوز له ان يأخذ عليها اجرة والانبياء والاولياء متعينون لخدمة الارشاد ومن علم بالحسبة ولم يأخذ له عوضا فقد عمل عمل الانبياء عليهم السلام. وقد جوز المتأخرون اخذ الاجرة على التعليم والتأذين والامامة والخطابة وغير ذلك لكن ينبغى للآخذ اخلاص النية فى عمله والا فقد جاء الوعيد : قال السعدى زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشدبنان بدين اى فرومايه دينى مخر ... جوخر بانجيل عيسى مخر واعلم ان المعلم الناصح اذا رغب فى اصلاحك واصلاح غيرك حتى يودّ لو ان الناس كلهم صلحوا على يديه فانما يرغب فى ذلك ليكثر اتباع محمد صلى اللّه تعالى عليه وسلم لما سمعه يقول ( انى مكاثر بكم الامم ) وهذا مقام رفيع لغناه عن عظة فى ارشاده وانما غرضه اقامة جاه محمد وتعظيمه كما يحكى ان رابعة العدوية كانت تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما اريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من امتى هذا عملها فى اليوم والليلة فاذا تعلقت نية المعلم والعامل بهذا يجازيهما اللّه على ذلك من حيث المقام ٧٣ { فكذبوه } عطف على قوله قال لقومه اى اتل عليهم نبأ نوح اذ قال لقومه كذا وكذا فاصروا على تكذيبه تمردا وعنادا فتولوا عن تذكيره فحقت عليهم كلمة العذاب فاغرقوا { فنجيناه } من الغرق والفاء فصيحة تفصح عن كون الكلام شتملا على الحذف والتقدير كما قدرنا { ومن } استقر { معه فى الفلك } وكانوا ثمانين اربعين رجلا واربعين ارمأة كما فى البستان. او فنجيناهم فى هذا المكان فان انجاءهم وقع فى الفلك فعلى هذا يتعلق فى الفلك بنجيناه وعلى الاول يتعلق باستقرار الذى تعلق به معه { وجعلناهم خلائف } اى سكان الارض وخلفا ممن غرق وهلك قال فى البستان لما خرجوا من السفينة ما تواكلهم الا اولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم كما قال تعالى { وجعلنا ذريته هم الباقين } فتوالدوا حتى كثروا فالعرب والعجم والفرس والروم كلهم من ولد سام والحبش والسند والهند من اولاد حام ويأجوج ومأجوج والصقلاب والترك من اولاد يافث { واغرقنا لذين كذبوا بآياتنا } بالطوفان قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افتدى تأثير طوفان نوح يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السبيل { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } وهم قوم نوح وفيه تحذير لمن كذب الرسول وتسلية له محالست جون دوست داردترا ... كه دردست دشمن كذارد ترا ٧٤ { ثم بعثنا } اى ارسلنا { من بعده } اى بعد نوح { رسلا } التكثير للتفخيم ذاتا ووصفا اى رسلا كراما ذوى عدد كثير { الى قومهم } كل رسول الى قومه خاصة كما ستفاد من اضافة القوم الايكة واهل مدين وغير ذلك ممن قص منهم ومن لم يقص { فجاؤهم } اى جاء كل رسول قومه المخصوصين به { بالبينات } بالمعجزات الواضحة مثبتة لدعواهم والباء اما متعلقة بالفعل المذكور على انها للتعدية او بمحذوف وقع حالا من ضمير جاؤا اى ملتبسين بالبينات. والمراد جاء كل رسول بالبينات الكثيرة فان مراعاة انقسام الآحاد الى الآحاد انما هى فيما بين ضميرى جاؤهم { فما كانوا ليؤمنوا } اى فما صح وما استقام لقوم من اولئك الاقوام فى وقت من الاوقات ان يؤمنوا بل كان ذلك ممتنعا منهم لشدة شكيمتهم فى الكفر والعناد { بما كذبوا به من قبل } ما موصولة عبارة عن جميع الشرائع التى جاء بها كل رسول اصولها وفروعها والمراد بيان استمرار تكذيبهم من حين مجيء الرسل الى زمان الاصرار والعناد فان المحكى آخر حال كل قوم او عبارة عن اصول الشرائع التى اجمعت عليها الرسل قاطبة. والمراد بيان استمرار تكذيبهم بيان استمرار تكذيبهم من قبل مجيء الرسل الى زمان مجيئهم الى آخره فالمحكى جميع احوال كل قوم ومعنى تكذيبهم بها قبل مجيء انهم ما كانوا فى زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا بكلمة التوحيد قط بل كان كل قوم من اولئك الاقوام يتسامعون بها من بقايا من قبلهم كثمود من بقايا عاد وعاد من بقايا قوم نوح فيكذبونها ثم كاتنت حالتهم بعد مجيئهم الرسل كحالتهم قبل ذلك كأن لم يبعث اليهم احد. وفيه اشارة الى ان اهل الفترة مؤاخذون من جهة الاصول { كذلك } الكاف نعت مصدر محذوف اى مثل ذلك الطبع والختم المحكم الممتنع زواله { نطبع } [ مهرمى نهيم ] { على قلوب المعتدين } المتجاوزين باختيار الاصرار على الكفر اعلم ان اللّه تعالى قد دعا الكل الى التوحيد يوم الميثاق ثم لما وقع التنزل الى هذه النشأة الجسمانية لم يزل الروح الانسانى داعيا الى قبول تلك الدعوة الالهية والعمل بمقتضاها لكن من كان شقيا بالشقاوة الاصلية الازلية لما لم يقبلها فى ذلك اليوم استمر على ذلك فلم يؤمن بدعوة الانبياء ومعجزاتهم فتكذيب الانبياء مسبب عن تكذيب الروح وتكذيبه مسبب عن تكذيب اللّه تعالى يوم الميثاق وهم وان كانوا ممن قال بلى لكن كان ذلك من وراء الحجب حيث سمعوا نداء الست بربكم من ورائها فلم يفهموا حقيقته واجابوا بما اجاب به غيرهم لكن تقليدا لا تحقيقا وكما ان اللّه تعالى طبع على قلوب المكذبين للرسل بسوء اختيارهم وانهماكهم فى الغى والضلال كذلك طبع على قلوب المنكرين للاولياء بسوء معاملاتهم وتهالكهم على لتقليد فما دخل فى قلوبهم الاعتقاد وما جرى على السنتهم الاقرار كما لم يدخل فى قلوب الاولين التصديق ولم يصدر من ألسنتهم ما يستدل به على التوفيق ثم هم مع كثرتهم قد جاءوا وذهبوا ولم يبق منهم اثر ولا اسم وسيلحق بهم الموجودون ومن يليهم الى آخر الزمان : وفى المنثوى منبرى كوكه بر ىنجا مخبرى ... ياد آرد روزكار منكرى سكه شاهان همى كردد دكر ... سكه احمد ببين تا مستقر برزخ نقره وياروى زرى ... وانما برسكه نام منكرى نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من اهل التوحيد ويخلصنا واياكم من ورطة التقليد ٧٥ { ثم بعثنا من بعدهم } من بعد هؤلاء الرسل { موسى } ابن عمران { وهرون } وهو اخو موسى اكبر منه بثلاث سنين { الى فرعون } [ بسوى وليد بن مصعب باقابوس كه فرعون آن زمان بود ] { وملائه } اى اشراف قومه وهو اكتفاء بذكر الجل عن الكل { بآياتنا } بالآيات التسع وهى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس وفلق البحر واضافتها الى نفسه تنبيها على خروجها عن حيز استطاعة العبد { فاستكبروا } عن اتباعهما وذلك قول اللعين لموسى عليه السلام { ألم نر ربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين } { وما كانوا مجرمين } اى كانوا معتادين لارتكاب الذنوب العظام فان الاجرام مؤذن بعظم الذنب ومنه الجرم اى الجثة فلذلك استهانوا برسالة اللّه تعالى عز وجل ٧٦ { فلما جاءهم احق من عندنا } المراد بالحق الآيات التسع التى هى حق ظاهر من عند اللّه بخلقه وايجاده لا تخييل وتمويه كصنعتهم { قالوا ان هذا } [ اين كه توآورده ومعجزه نام كرده ] { لسحر مبين } ظاهر كونه سحرا ٧٧ { قال موسى } على طريقة الاستفهام الانكارى التوبيخى وهو استئناف بيانى { أتقولون للحق } الذى هو ابعد شيء من السحر لذى هو الباطل البحت { لما جاءكم } اى حين مجيئه اياكم ووقوفكم عليه او من اول الامر من غير تأمل وتدبر وكلا الحالين مما ينافى القول المذكور والمقول محذوف لدلالة ما قبله عليه اى أتقولون له انه لسحر وهو مما لا يمكن ان يقوله قائل ويتكبم به متكلم ويجوز ان يكون القول بمعنى العيب والطعن من قولهم فلان يخاف القالة اى العيب وبين الناس تقاول اذا قال بعضهم لبعض ما يسوءه ونظيره الذكر فى قوله تعالى { سمعنا فتى يذكرهم } اى يعيبهم فيستغنى عن المفعول اى { أتعيبونه } وتطعنون فيه { أسحر هذا } الذى امره واضح مكشوف وشأنه مشاهد معروف بحيث لا يرتاب فيه احد ممن له عين مبصرة وهو انكار مستأنف من جهة موسى لكونه سحرا وتقديم الخبر للايذان بانه مصب الانكار { ولا يفلح الساحرون } جملة حالية من ضمير المخاطبين اى أتقولون انه سحر والحال انه لا يفلح فاعله اى لا يظفر بمطلوب ولا ينجو من مكروه فكيف يمكن صدوره من مثلى من المؤيدين من عند اللّه الفائزين بكل مطلب لناجين من كل محذور ٧٨ { قالوا } استئناف بيانى كأنه قيل فما ذا قال فرعون واصحابه لموسى عند ما قال لهم ما قال فقيل قالوا عاجزين عن المحاجة { أجئتنا } خطاب لموسى وحده لانه هو الذى ظهرت على يده معجزة لعصا واليد البيضاء { لتلفتنا } اى لتصرفنا واللام متعلقة بالكجيء اى أجئتنا لهذا الغرض { عما وجدنا عليه ىباءنا } اى من عبادة الاصنام وقال سعدى المفتى الظاهر من عبادة غير اللّه تعالى فانهم كانوا يعبدون فرعون { وتكون لكما الكبرياء } اى الملك لان الملوك موصوفون بالكبر والتعظم { فى الارض } اى ارض مصر فلا نؤثر رياستكما على رياسة انفسنا فلما بينوا ان سبب اعراضهم عن قبول دعوتهما هذان الامران صرحوا بالحكم المتفرع عليهما فقالوا { وما نحن لكما بمؤمنين } اى بمصدقين فيما جئتما به ٧٩ { وقال فرعون } لملائه يأمرهم بترتب مبادئ الزامهما عليهما السلام بالفعل بعد اليأس عن الزامهما بالقول { ائتونى بكل ساحر عليم } بفنون السحر حاذق ماهر فيه ليعارض موسى ٨٠ { فلما جاء السحرة } الفاء فصيحة اى فاتوا به فلما جاؤا فى مقابلة موسى { قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون } اى ملقون له كائنا ما كان من اصناف السحر. وفى ابهام ما انتم تخسيس له وتقليل واعلام انه لا شيء يلتفت اليه فان قيل كيف امرهم بالسحر والعمل بلسحر كفر والامر بالكفر كفر فالجواب ان امرهم بالقاء الحبال والعصى ليظهر للخلق ان ما اتوا به عمل فاسد وسعى باطل الا انه امرهم بالسحر ٨١ { فلما القوا } ما القوا من العصى والحبال واسترهبوا الناس وجاؤا بسحر عظيم { قال } لهم { موسى } غير مكترث بهم وبما صنعوا { ما جئتم به السحر } اى الذى جئتم به هو السحر لا ما سماه فرعون وقومه سحرا من آيات اللّه سبحانه فما موصولة وقعت مبتدأة والسحر خبرها والحصر مستفاد من تعريف لخبر { ان اللّه سيبطله } اى سيمحقه بالكلية بما يظهره على يدى من المعجزة فلا يبقى له اثر اصلا او سيظهر بطلانه للناس والسين للتأكيد اذا جاء موسى والقى العصا فقد بطل السحر والساحر ... سحر با معجزة بهلو نزند ايمن باش { ان اللّه لا يصلح عمل المفسدين } اى لا يثبته ولا يكمله ولا يديمه بل يمحقه ويهلكه ويسلط عليه الدمار قال القاضى وفيه دليل على ان السحر افساد وتمويه لا حقيقة له انتهى. وفيه بحث فانه عند اهل الحق ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وكون اثره هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له اصلا ٨٢ { ويحق اللّه الحق } [ ىنجه من آورده ام ] اى يثبته ويقويه { بكلماته } باوامره وقضاياه { ولو كره المجرمون } ذلك والمراد بهم كل من اتصف بالاجرام من السحرة وغيرهم قال الكاشفى [ يعنى حق سبحانه وتعالى بوعده نصرت وفاكند وازخشم وكراهت دشمنان باك ندارد ودر مثنوى معنوى اشارتى بدين معنى هست ] حق تعالى ازغم وخشم خصام ... كى كذارد اوليار درعوام مه فشاند نوروسك وع وع كند ... سك زنور ماه كى مرتع كند خس خسانه ميرود برروى آب ... آب صافى يرود بى اضطراب مصطفى مه ميشكافد نيمشب ... زاز مى خايد زكينه بولهب آن مسيحا مرده زنده ميكند ... وآن جهود از خشم سبلت ميكند وفى الآيات اشارة الى موسى القلب وهارون السر وفرعون النفس وصفاتها وما يجرى بينهما من الدعوة وعدم القبول فان موسى القلب وهارون السر يدعو ان النفس الى كلمة التوحيد وعبادة اللّه تعالى والنفس تدعى الربوبية ولا تثبت آلها غير هواها وتمتنع ان تكون لسلطنة والتصرف لهما فى ارضها واللّه تعالى يحق الحق بكلمة لا اله الا اللّه ولو كره المجرمون من اهل الهوى من النفوس المتمردة الامارة بالسوء : قال الحافظ : اسم اعظم بكند كارخود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود -يحكى- ان الشيخ لجنيد العجمى اجتهد اربعين سنة لينال السلطنة فلم يتيسر ثم جاء من اولاده سلاطين روافض كشاه اسماعيل وشاه عباس وشاه طهماس فهزمهم اللّه تعالى على ايدى الملوك العثمانية فاندفع شرهم وارتفعت فتنتهم من الارض فقد ظهر ان الحق من اهل الحق فهم موسى وهارون واهل الباطل كفرعون وقد ثبت ان لكل فرعون موسى وذلك فى كل عصر الى ان ينزل عيسى عليه السلام يقتل الدجال فان قلت ما الحكمة فى تسليط الظلمة على اهل الارض وقد استعبد فرعون بنى اسرائيل سنين كثيرة قلت تحصيل جوهرهم مما اصابهم من غش الآثام ان كانوا اهلا لذلك والا فهو عذاب عاجل -يحكى- ان عمر رضى اللّه عنه لما بلغه ان اهل العراق حصبوا اميرهم اى رموه بالحجارة خرج غضبان فصلى فسها فى صلاته فلما سلم قال اللّهم انهم لبسوا على فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفى يحكم فيه بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئتهم وكان ذلك قبل ان يولد الحجاج فلما ولد كان من امره ما كان وفى الحديث ( يلحد بمكة تيس من قريش اسمه عبد اللّه عليه مثل اوزار الناس ) قال صاحب انسان العيون هو عبد اللّه بن الحجاج ولا مانع من ان يكون الحجاج من قريش وفة حياة الحيوان ان العرب اذا ارادوا مدح الانسان قالوا كبش واذا ارادوا ذمه قالوا تيس ومن ثمة قال صلى اللّه تعالى عليه وسلم فى المحلل ( التيس المستعار ) ٨٣ { فمن آمن لموسى } فى مبدأ امره قبل القاء العصا واما ايمان السحرة فقد وقع بعده فلا ينافى الحصر المذكور هنا { الاذرية من قومه } اى الا اولاد من اولاد قومه بنى اسرائيل حيث دعا الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون واجابته طائفة من شبانهم وذلك ان لفظ لذرية يعبر به عن القوم على وجه التحقير والتصغير لا سبيل لحمله على التحقير والاهانة ههنا فوجب حمله على التصغير بمعنى قبلة العدد او حداثة السن { على خوف } اى كائنين على خوف عظيم { من فرعون وملائهم } اى ملأ الذرية ولو يؤنث لان الذرية قوم فذكر على المعنى. تلخيصه آمنوا وهم يخافون من فرعون ومن اشراف بنى اسرائيل لانهم كانوا يمنعون اعقابهم خوفا من فرعون عليهم وعلى انفسهم ويجوز ان يكون الضمير لفرعون على ان المراد بفرعون آله كثمود اسم قبيلة { ان يفتنهم } ان يعذبهم فرعون او يرجع آباؤهم الى فرعون ليردهم الى الكفر وهو بدل اشتمال تقديره على خوف من فرعون فتنته كقولك اعجبنى زيد علمه واسناد الفعل الى فرعون خاصة لانه الآمر بالتعذيب قال فى التأويلات النجمية فما آمن لموسى القلب الاذرية من قومه وهى صفاته ويجوز ان تكون الهاء فى قومه راجعة الى فرعون النفس اى ما آمن لموسى القلب الا بعض صفات فرعون النفس فانه يمكن تبديل اخلاقها الذميمة بالاخلاق الحميدة القلبية على خوف من فرعون وملائهم يعنى على خوف من فرعون النفس والهوى والدنيا وشهواتها بان يبدلوها باخلاقها الطبيعية التى جبلت النفس عليها وبهذا يشير الى ان النفس وان تبدلت صفاتها الا مارية الى المطمئنة لا يؤمن مكرها وتبدلها من المطمئنة الا الامالاية كما كان حال بلعام وبرصيصا ان يفتنهم بالدنيا وشهواتها ويرجع النفس قهقرى الى اماريتها انتهى قال ضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى مواقع النجوم وعلامة المدعى فى الوصول رجوعه الى رعونة النفس واعراضها ولهذا قال ابو سليمان الدارانى من رؤساء المشايخ لو وصلوا ما رجعوا وانما حرموا الوصول لتضييعهم الاصول فمن لم يتخلق وعلامة من صح وصوله الخروج عن الطبع والادب مع الشرع واتباعه حيث سلك انتهى { وان فرعون لعال فى الارض } لغالب فى ارض مصر ومتكبر وطاغ { وانه لمن المسرفين } فى الظلم والفساد بالقتل وسفك الدماء او فى الكبر والعتو حتى ادعى الربوبية واسترق اسباط الانبياء وهم بنوا اسرائيل فانهم من فروع يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليه السلام ٨٤ { وقال موسى } لما رأى تخوف المؤمنين منه { يا قوم } [ اى كروه من ] { ان كنتم آمنتم باللّه } اى صدقتم به وبآياته وعلمتم ان ايصال المنافع ودفع المضار بقبضة اقتداره { فعليه توكلوا } وثقوا به واعتمدوا عليه ولا تخافوا احدا غيره قال بعضهم وصف نوح عليه السلام نفسه بالتوكل على وجه يفيد الحصر فقال { فعلى اللّه توكلت } وموسى عليه السلام امر قومه بذلك فظاهر ان هذه الدرجة فوق درجة نوح انتهى يقول الفقير كان الكلام فى القصة الاولى مع نوح وفى الثانية مع قوم موسى ولذا اقتصر نوح فى تخصيص التوكل باللّه تعالى على نفسه وموس امره بذلك وذا لا يدل على رجحان درجته على درجة نوح فى هذا الباب لتغاير الجهتين كما لا يخفى الى اولى الالباب { ان كنتم مسلمين } مستسلمين لقضاء اللّه مخلصين له وليس هذا من تعليق لحكم الذ هو وجوب التوكل بشرطين مختلفين هما الايمان باللّه والاسلام والا لزم ان لا يجب التوكل بمجرد الايمان باللّه بل هما حكمان علق كل واحد منهما بشرط على حدة علق وجوب التوكل على الايمان باللّه فانه المقتضى له وعلق حصول التوكل ووجوده على الاسلام فان الاسلام لا يتحقق مع التخليط ونظيره ان احسن اليك زيد فاحسن اليه ان قدرت ٨٥ { فقالوا } مجيبين له من غير تلعثم فى ذلك { على اللّه توكلنا } لانهم كانوا مؤمنين مخلصين ولذلك اجيبت دعوتهم ثم دعوا ربهم قائلين { ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين } اى موضع عذاب لهم بان تسلطهم علينا فيعذبونا ويفتنونا عن ديننا ٨٦ { ونجنا برحمتك من القوم الكافرين } من كيدهم وشؤم مشاهدتهم وسوء جوارهم : قال المتنبى ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى ... عدوا له ما من صداقته بد وفى تقديم التوكل على الدعاء تنبيه ان الداعى ينبغى ان يتوكل اولا لتجاب دعوته وحقيقة التوكل اسقاط الخوف والرجاء عما سوى اللّه تعالى والاستغراق فى بحر شهود المسبب والانقطاع عن ملاحظة الاسباب وقال بعضهم التزكل تعلق القلب بمحبة القادر المطلق ونسيان غيره يعنى لم يثبت لنفسه ولا لغيره قوة وتأثيرا بل كان منقادا للحكم الازلى بمثابة الميت فى يد الغسال هركه در بحر توكل غرقه كشت ... همتش از ما سوى اللّه در كذشت اي توكل كرجه دارد رنجها ... فهو حسبه بخشد ازوى كنجها ولما آمن هؤلاء الذرية بموسى واشتغلوا بعبادة اللّه تعالى لزمهم ان يبنوا مساجد للاجتماع فيها للعبادة فان فرعون كان قد خرب مساجد بنى اسرائيل حيث ظهر عليهم لكن لم يقدروا على اظهار شعائر دينهم خوفا من اذى فرعون امروا باخاذ المساجد فى بيوتهم كما كان المؤمنون فى اول الاسلام يعبدون ربهم سرا فى دار الارقم بمكة ٨٧ قوله تعالى { واوحينا الى موسى واخيه } هارون { ان } مفسرة للمفعول المقدر اى اوحينا اليهما شيأهو { تبوّ آلقومكما بمصر بيوتا } يقال تبوأ المكان اذا اتخذ مباءة ومنزلا. والمعنى اجعلا بمصر المعروفة او الاسكندرية كما فى الكواشفى بيوتا من بيوته مباءة لقومكما ومرجعا يرجعون اليها للسكنى والعبادة { واجعلوا } انتما وقومكما { بيوتكم } تلك { قبلة } مساجد متوجهة نحو القبلة وهى الكعبة فان موسى عليه السلام كان يصلى اليها { واقيموا الصلاة } فيها وهذا ينبئ ان الصلاة كانت مفروضة عليهم دون الزكاة ولعل ذلك لفقرهم { وبشر } يا موسى لان بشارة الامة وظيفة صاحب الشريعة { المؤمنين } بالنصرة فى الدنيا اجابة لدعوتهم والجنة فى العقبى وفى الآية اشارة الى ان السلاك ينبغى ان لا يتخذوا المنازل فى عالم النفس السفلية بل يتخذوا المقامات فى مصر عالم الروحانية ويقيموا لصلاة اى يديموا العروج من المقامات الروحانية الى القربات والمواصلات الربانية فان سير الممكنات متناه وذوقها منقطع واماسير الواجب فغير متناه وذوقه دائم فى الدنيا والآخرة وذرة من سيره وذوقه لا يساويها لذة الجنان الثمان وجميع ذوق الرجال بانواع الكرامات لا يعادل محنة اهل الفناء عند اللّه وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بألم بل اشد والالم فيما اذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم. وغبطة موسى عليه السلام ليلة المعراج بنبينا عليه السلام من هذا القبيل ثم هذا بالنسبة الى كل من كان فى التنزل والارشاد واما من بقى فى الوصلة فلا تألم له من شيء ولا مفخر فوق الحقيقة كما فى الواقعات المحمودية. ثم ان الابتلاء ماض الى يوم القيامة قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اعلم انه لا بد لجميع بنى آدم من العقوبة والا لم شيأ بعد شيء الى دخولهم الجنة لانه اذ نقل الى البرزخ فلا بد له من الالم وادناه سؤال منكر ونكير فاذا بعث فلا بد من الم الخوف على نفسه او غيره واول الالم فى الدنيا استهلال المولودين حين ولادته صارخا لما يجده من مفارقة الرحم وسخونته فيضر به الهواء عند خروجه من الرحم فيحس بالم البرد فيببكى فان مات فقد اخذ حظه من البلاء انتهى كلامه وكان امية بن خلف يعذب بلالا رضى اللّه عنه لاسلامه فيطرحه على ظهره فى الرمضاء اى الرمل اذا اشتدت حرارته لو وضعت فيه قطعة لحم لنضجت ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدر وهو يقول احد احد اى اللّه فيمزج مرارة العذاب بحلاوة الايمان وقد وضع له رضى اللّه عنه انه لما احتضر وسم امرأته تقول واحزناه صار يقول واطرباه نلقى غذا الاحبه ... محمدا وحزبه فكان يمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء وقد اشير الى هذه القصة فى المثنوى كفت جفت امشب غريبى ميروى ... از تبار خويش غائب ميشوى كفت نى نى بلكه امشب جان من ... ميرسد خود از غريبى در وطن كفت رويت را كجا بينيم ما ... كفت اندر حلقه خاص خدا كفت ويران كشت اين خانه دريغ ... كفت اندر مه نكر منكر بميغ كرد ويران تا كند معمور تر ... قومم انبه بود وخانه مختصر من كدا بودم درين خانه جو ... جاه شاه كشتم قصر بايد بهر شاه قصرها خود مر شهانرا مأنس است ... مرده اخانه ومكان كورى بس است انبيا را تنك آمد اين جهان ... جون شهان رفتند اندر لا مكان مرد كان را اين جهان بنمود فر ... ظاهرش زفت وبمعنى تنك تر كر نبودى تنك ابن افغان زجيست ... جون دوتاشد هركه دروى بيش زيست در زمان خواب جون آزاد شد ... زان زمكان بنكر كه جان جون شادشد وحاصله ان اللّه تعالى خلق العوالم على التفاوت وجعل بعضها اوسع من بعض واضيق الكل الدنيا واوسعه عالم الامر والشان ولكون الانبياء وكمل الاولياء اصحاب السلوك والعروج كانوا باجسادهم فى الدنيا وارواحهم عند الحضرة العليا فلا جرم ان كل العوالم بالنسبة اليهم على السواد فلذا يتأذون بشيء اصلا ولا يخافون غير اللّه تعالى واما غيرهم فليسوا بهذه المرتبة فلهذا اختلفت احوالهم فى السر والعلانية وغفلوا عن التوجه وحسن النية ومن اللّه العصمة والتوفيق ٨٨ { وقال موسى ربنا انك آتيت فرعون وملأه زينة } اى ما يتزين به من اللباس والمراكب ونحوهما { واموالا فى الحيوة الدنيا } وانواعا كثيرة من المال كالنقود والمتاع الضياع [ ابن عباس فرموده كه ازفسطاط مصر تازمين حبشه كوهها كه دراو معادن ذهب وفضه وزر برجد بود همه تعلق بفرعون داشت وفرمان او درين مواضع بود بدين سبب مال بسيار بتصرف قبط درآمد ومتمول ومتجمل شدند وسبب ضلال واضلال شد ] كما قال { ربنا } تكرير للاول اى آتيته وملأه هذه الزينة والاموال { ليضلوا عن سبيلك } اى ليكون عاقبة امرهم ان يضلوا عبادك عن طريق الايمان فاللام للعاقبة كما فى قوله اموالنا لذوى الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها او لاجل ان يضلوا عن سبيلك فاللام للتعليل لا حقيقة بل مجازا لان اللّه تعالى آتاهم ذلك ليؤمنوا ويشكروا نعمته فتوسلوا به الى مزيد البغى والكفر فاشبهت هذه الحالة حال من اعطى المال لاجل الاضلال فورد الكلام بلفظ التعليل بناء على هذه المشابهة وفى الآية بيان ان حطام الدنيا سبب للضلال والاضلال فان الانسان ليطغى ان رىه استغنى ومن رأى لتغير فى زينة ورفاهية حال يتمنى ان يكون له مثل ذلك كما قالوا يا ليت لنا مثل ما اوتى قارون لما خرج فى زينته ولذا حذر عن صحبة الاغنياء وابناء الملوك وفى الحديث ( لا تجالسوا الموتى ) يعنى الاغنياء وعن ابى الدرداء رضى اللّه عنه لان اقع من فوق قصر فانحطم اى انكسر احب لى من مجالسة الغنى وذلك لان مجالسته سارية وصحبته مؤثرة باد جون بر فضاى بد كذرد ... بوى بد كيرد از هواى خبيث وقال ابو بكر رضى اللّه عنه اللّهم ابسط لى الدنيا وزهدنى فيها ولا تزوها عنى وترغبنى فيها { ربنا اطمس على اموالهم } دعاء عليهم بعد الانذار وعلمه ان لا سبيل الى ايمانهم وانما عرض اضلالهم ولا ليكون تقدمة لهذا الدعاء وانهم مستحقون له بسببه. واصل الطمس المحو وازالة الاثر والمعنى اذهب منفعتها وامسخها وغيرها على هيئتها لانهم يستعينون بنعمتك على معاصيك وانما امرتهم بان يستعينوا بها على طاعتك وسلوك سبيلك قالوا صارت دراهمهم ودنانيرهم وطعامهم من الجوز والفول والعدس وغيرها كلها حجارة مصورة منقوشة على هيئتها وكذل البيض والمقانى وسائر اموالهم وهذه احدى الآيات التسع { واشدد على قلوبهم } اصل الشد الايثاق : والمعنى اجعلها قاسية واختم عليها لئلا يدخلها الايمان { فلا يؤمنوا } جواب للدعاء { حتى يروا } اى ليروا او الى ان يروا { العذاب الاليم } اى يعاينوه ويوقنوا به بحيث لا ينفعهم ذلك او ذاك وكان كذلك فانهم لم يؤمنوا الى الغرق وكان ذلك ايمان يأس فلم يقبل ٨٩ { قال } اللّه تعالى { قد اجبت دعوتكما } يعنى موسى وهارون لانه كان يؤمن والتأمين دعاء ايضا لان معناه استجب { فاستقيما } فاثبتا على ما انتما عليه من الدعوة والزام لحجة ولا تستعجلا فان ما طلبتماه كائن فى وقته لا محالة وفى الكواشى الاستقامة فى الدعاء لا يرى الاجابة مكرا واستدارجا وتأخيرها طردا وابعادا { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون } اى بعادات اللّه تعالى فى تعليق الامور بالحكم والمصالح او سبيل الجهلة فى الاستعجال كارها موقوف آيد نكهداريد وقت -روى- ان موسى عليه السلا م او فرعون وهو الاولى كما فى حواشى سعدى المفتى مكث فيهم بعد الدعاء اربعين سنة قال على رضى اللّه عنه جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسألته فما شئت استفتحت بالدعاء ابواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته فلا يقطنك ابطاء اجابته فان العطية على قدر النية وربما اخرت عنك الاجابة ليكون ذلك اعظم لاجر السائل واجزل لعطاء الآمل وفى الحديث ( ما من داع يدعو الا استجاب اللّه له دعوته او صرف عنه مثلها سوأ او حط من ذنوبه بقدرها ما لم يدع باثم او قطعة رحم ) اى لم يدع حال مقارنة اثم او قطيعة رحم كما فى شرح العقائد لرمضان : وفى المثنوى جزتوبيش كه بر بنده دست ... هم دعا وهم اجابت از تو است هم زاول دهى ميل دعا ... تو دهى آخر دعاهارا جزا وفيه ايضا داد مر فرعونرا صد ملك ومال ... تا بكرد او دعوى عز وجلال در همه عمرش نديد او درد سر ... تا ننالد سوى حق آن بد كهر درد آمد بهتر از ملك جهان ... تا بخوانى مر خدارا در نهان ومن شرائط الدعاء الذلة فان الاجابة مترتبة عليها كالنصر كما قال تعالى { ولقد نصركم اللّه بدر وانتم اذلة } وعن ابى يزيد البسطامى قدس سره انه قال كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا ابا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة ان اردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار كما قال الحافظ فقير وخسته بدر كاهت آمدم رحمى ... كه جزدعاى توام نيست هيج دست آويز وفى الآية بيان جواز الدعاء لسوء عند مساس الحاجة اليه وقد صدر من النبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم ايضا حيث دعا على مضر حيث بالغوا فى الاذية له عليه السلام فقال ( اللّهم اشدد وطاتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف ) يعنى خذهم اخذا شديدا وعنى بسنى يوسف السبع الشداد فاستجاب اللّه دعاءه عليه السلام فاصابتهم سنة اكلوا فيها الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الابل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع ثم ان العذاب الاليم للنفس فطامها عن شواتها ومألوفاتها فهى لا تؤمن بالآخرة على الحقيقة ولا تسلك سبيل الطلب حتى تذوق الم ذلك العذاب فان ذلك موت لها معنى ولا ينتبه الناس الا بعد الموت ايقظنا اللّه واياكم من رقدة الغفلات ٩٠ { وجاوزنا بنى اسرائيل البحر } هو من جاوز المكان اذا تخطاه وخلفه والباء للتعدية اى جعلناهم مجاوزين البحر بان جعلناه يبسا وحفظناهم حتى بلغوا الشط قال الكاشفى [ جون عذاب آن قوم رسيد وحى آمد بموسى عليه السلام باقود خود از مصر برون روكه قبطيان را هنكام عذاب رسيد موسى عليه السلام يا جماعت بنى اسرائيل متوجه شام شدند وبكناره درياى قلزم رسيده دريا شكافته شد وبنى اسرائيل بسلامت آن دريارا بكذشتند جنانجه حق سبحانه وتعالى ميفر مايد { وجاوزنا ببنى اسرائيل البحر } وبكذرانيديم فرزندان يعقوب را ازدرياى قلزم بسلامت ] { فاتبعهم } يقال تبعته حتى اتبعته اذا كان سبقك فلحقته اى ادركهم ولحقهم { فرعون وجنوده } حتى تراءت الفئتان وكاد يجتمع الجمعان { بغيا وعدوا } اى حال كونهم باغين فى القول ومعتدين فى الفعل او للبغى والعدوان على انهما مفعولان من اجلهما كما قال الكاشفى [ بغيا براى ستم كردن بنى اسرائيل وعدوا ازجهت وازحد بيرون بردن ازجفاى ايشان ] وذلك ان موسى عليه السلام خرج ببنى اسرائيل على حين غفلة من فرعون فلما سمع به تبعهم حتى لحقهم ووصل الى الساحل وهم قد خرجوا من البحر ومسلكهم باق على حاله يبسا فسلكه بجنوده اجمعين قال الكاشفى [ بس جون بكنار دريا رسيدند واسب فرعون بسبب بوى باديان كه جبريل سوار بودبدريا در آمد ولشكر متابعت نموده همه خودرا دردريا افكندند وفرعون نمى خواست كه بدر يا در آمد اما مركب اورا مى برد ] فلما دخل آخرهم وهم اولهم بالخروج غشيهم من اليم ما غشيهم { حتى اذا ادركه الغرق } اى لحقه والجمه واحاط به { قال } فرعون { آمنت به } اى بانه والضمير للشان { لا اله } [ نيست معبودى مستحق عبادت ] { الا الذى } [ مكر آن خدايى كه بدعوت موسى عليه السلام ] { آمنت به بنو اسرائيل } لم يقل كما قاله السحرة { آمنا برب العالمين رب وسى وهارون } بل عبر عنه بالموصول وجعل صلته ايمان بنى اسرائيل به للاشعار برجوعه عن الاستعصاء وباتباعه لمن كان يستتبعهم طمعا فى القبول والانتظام معهم فى سلك النجاة كذا فى الارشاد يقول الفقير بل فى قول ذلك المخذول رائحة التقليد ولذا لم يقبل ولو نمسك بحبل التحقيق لقال آمنت باللّه الذى اله الا هو { وانا من المسلمين } اى الذين اسلموا نفوسهم للّه اى جعلوها سالمة خالصة له تعالى ٩١ { آلآن } مقول لقول مقدر معطوف على قال اى فقيل آلآن تؤمن حين يئست من الحياة وايقنت بالممات { وقد عصيت قبل } حال من فاعل الفعل المقدر اى والحال قد عصيت قبل ذلك مدة عمرك { وكنت من المفسدين } اى الغالين فى الضلال والاضلال عن الايمان فالاول عبارة عن عصيانه الخاص به والثانى عن فساده الراجع الى نفسه والسارى الى غيره من الظلم والتعدى وصد بنى اسرائيل عن الايمان جاء فى الاخبار عن عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنه قال غار النيل على عهد فرعون فاتاه اهل مملكته فقالوا ايها الملك اجر لنا النيل فقال انى لست براض عنكم حتى قالوا ذلك ثلاث مرات فذهبوا فأتوه فقالوا ايها الملك ماتت البهائم وهلكت الصبيان والابكار فان لم تجر لنا لنيل اتخذنا الها غيرك فقال لهم اخرجوا الى الصعيد فخرجوا فتنحى عنهم بحيث لا يرونه ولا يسمعون كلامه والصق خده بالارض واشار بالسبابة فقال اللّهم انى خرجت اليك خروج العبد الذليل الى سيده وانى اعلم انه لا يقدر على اجرائه غيرك فاجره فقام فجرى النيل جريا فاتاهم فقال لهم انى اجريت لكم النيل فقال خروا له سجدا يقول الفقير هذا لا يدل على ايمان فرعون وذلك لان الايمان وان كان عبارة عن التصديق والاقرار وصاحبه ينبغى ان لا يكون كافرا بشيء من افعال الكفر ولفاظه ما لم يتحقق منه التكذيب والانكار الا ان من المعاصى ما جعله الشارع امارة التكذيب ومنه دعوة فرعون الى عبادة نفسه ورضاه عن سجود قومه له ونحو ذلك فمع ذلك لا يكون مؤمنا البته قالوا عرض له جبريل يوما فقال ايها الملك ان عبدا ملكته على عبيدى واعطيته مفاتيح خزائنى وعادانى واحب من عاديته وعادى من احببته فقال له فرعون لو كان لى ذلك العبد لغرقته فى بحر القلزم فقال جبريل ايها الملك اكتب لى بذلك كتابا قال فدعا بدواة وقلم وقرطاس فكتب فرعون فيه يقول ابو العباس الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماءه ان يغرق فى البحر فلما الجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه فقال جبريل هذا ما حكمت به على نفسك قالوا نكب عن الايمان اى عدل واعرض عنه او ان بقاء التكليف والاختيار وبالغ فيه حين لا يقبل حرصا على القبول حيث كرر المعنى الواحد ثلاث مرات بثلاث عبارات حيث قل ولا آمنت وقل ثانيا لا اله الا الذى آمنت به بنوا اسرائيل وقال ثالثا وانا من المسلمين وكانت المرة الواحدة كافية حيث بقاء التكليف والاختيار وايمان اليأس وقوف من جهة الرد والقبول وان كان من مقام الاحتضار فمردود والا فلا والاحتضار لا يكون الا فى النفسين من الداخل والخارج كما فى اسئلة الحكم وهو مقبول عند الامام مالك حكما بالظاهر كالمؤمن عند سل السيف والمؤمن عند اقامة الحد عليه يقبل ايمانه وعلى هذا بنى كلامه حضرة الشيخ الاكبر المالكى فى الفصوص ذهب الى ايمان فرعون ثم فوض ٩٢ { فاليوم ننجيك } اى نبعدك ونخرجك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيا او نلقيك على نجوة من الارض ليراك بنوا اسرائيل ويتحققوا بهلاكك. والنجوة المكان المرتفع الذى تظن انه نجاؤك لا يعلو السيل { ببدنك } الباء للمصاحبة كما فى قولك خرج زيد بعشيرته وهذه الباء يصلح فى موضعها مع وهى مع مدخولها فى موضع الحال من ضمير المخاطب اى ننجيك ملابسا ببدنك فقط لا مع روحك كما هو مطلوبك فهو قطع لطمعه بالكلية او كاملا سويا من غير نقص لئلا يبقى شبهة فى انه بدنك او عريانا من غير لباس او بدرعك وكانت له درع من الذهب يعرف بها والعرب تطلق البدن على الدرع قال الليث البدن الدرع لذى يكون قصير الكمين { لتكون لمن خلفك آية } لمن وراءك علامة وهم بنوا اسرائيل اذ كان فى نفوسهم من عظمته ما خيل اليهم انه لا يهلك حتى كذبوا موسى عليه السلام حيث اخبرهم بغرقه الى ان عاينوه مطروحا على ممرهم من الساحل قصيرا احمر كأنه ثور اذ يروى ان قامته كانت سبعة اشبار ولحيته ثمانية اشبار او لمن يأتى بعدك من الامم اذا سمعوا مآل ارمك ممن شاهدك آية عبرة ونكالا على الطغيان او حجة تدلهم على الانسان وان بلغ الغاية القصوى من عظم الشان وعلو الكبرياء وقوة السلطان فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية [ بنده كه خودرا زغرقه شدن در كرداب فنانر هاندجرا صداى انا ربكم الاعلى بسمع جهانيان ساند عاجز اى كواسير خواب وخورست ... لاف قدرت زند جه بيخبرست آنكه در نفس خود زبون باشد ... صاحب اقتدار جون باشد ثم قوله تعالى { آلآن } الى قوله { آية } من كلام جبريل كما قال الكاشفى [ بعد ازانكه فرعون اين سخن كفت حق تعالى بجبريل در جواب اوفر موده ] آلآن الخ وقال فى الكواشى وخاطبه كخطاب النبى صل اللّه تعالى عليه وسلم اهل القليب انتهى وذلك ان اللّه تعالى لما هزم المشركين يوم بدر امر صلى اللّه تعالى عليه وسلم ان يطرح قتلاهم فى القليب ثم جاء بعد ثلاثة ايام حتى وقف على شفير القليب وجعل يقول ( يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعد اللّه ورسوله حقا فانى وجد ما وعدنى اللّه حقا بئس عشيرة النبى كنتم كذبتمونى وصدقنى الناس واخرجتمونى وآوانى الناس وقاتلمتمونى ونصرنى اللّه ) فقال عمر رضى اللّه عنه يا رسول اللّه كيف تكلم اجسادا لا ارواح فيها فقال عليه السلام ( ما انتم باسمع لما اقول منهم ) وفى رواية ( لقد سمعوا ما قلت غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ ) وعن قتادة احياهم اللّه حتى سمعوا كلام رسول اللّه توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والمراد باحيائهم شدة تعلق ارواحهم باجسادهم حتى صاروا كالاحياء فى الدنيا للغرض المذكور لان الروح بعد مفارقة جسدها يصير لها تعلق به او بما يبقى منه ولو عجب الذنب فانه لا يفنى وان اضمحل الجسم باكل التراب او باكل لسباع او الطير او النار وبواسطة ذلك التعلق يعرف الميت من يزوره ويانس به ويرد سلامه اذا سلم عليه كما ثبت فى الاحاديث والغالب ان هذا التعلق لا يصير به الميت حيا فى الدنيا بل يصير كالمتوسط بين الحى والميت الذى لا تعلق لروحه بجسده وقد يقوى ذلك حتى يصير كالحى فى الدنيا ولعله مع ذلك لا يكون فيه القدرة على الافعال الاختيارية. فلا يخالف ما حكى عن السعد اتفقوا على انه تعالى لم يخلق فى الميت القدرة والافعال ، الاختيارية هذا كلامه والكلام فى غير الانبياء وشهداء المعركة واما هما فتعلق ارواحهم باجسادهم تصير به اجسادهم حية كحياتها فى الدنيا وتصير لهم القدرة والافعال الاختيارية كذا فى انسان العيون { وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون } لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها : وفى المثنوى نى ترا ازروى ظاهر طاعتى ... نى ترا درسر وباطن نيتى نى ترا شبها مناجات وقيام ... نى ترا روزان برهيز وصيام نى ترا حفظ زبان زآزار كس ... نى نظر كردن بعبرت بيش وبس بيش جه بودياد مرك ونزع خويش ... بس جه باشد مردن باران بيش قالوا فرعون مع شدة شكيمته وفرط عناده آمن ولو حال اليأس واما فرعون هذه الامة فقد قتله اللّه يوم بدر اشد قتلة غيظه وغضبه فى حق رسول اللّه وفى حق المؤمنين لى ان خرج روحه لعنه اللّه فصار اشد من فرعون فليعتبر العاقل بهذا وليقس عليه كل من سلك مسلكه فى الكفر والظلم والعناد فنعوذ باللّه رب العباد من كل شر وفساد ثم ان اللّه تعالى اهلك العدو وانجبى بنى اسرائيل وذلك لصدق ايمانهم وبركة يقينهم -كما يحكى- انه صاح رجل فى مجلس الشبلى قدس سره فطرحه فى دجلة فقال ان صدق ينجه صدق كما نجا موسى وان كذب غرق كما غرق فرعون كما فى ربيع الابرار. فدل على ان النجاة فى الايمان والعدل والصدق. والهلاك فى الكفر والظلم والكذب ولما كذب فرعون فى دعوى الربوبية واستمر على اضلال الناس دعا عليه موسى كما سبق فاستجاب اللّه دعاءه ولا كلام فى تأثير الدعاء مطلقا -يحكى- ان معاوية استجاب اللّه دعاء فى حق ابنه يزيد وذلك انه ليم على عهده الى يزيد فخطب وقال اللّهم ان كنت انما عهدت ليزيد لما رأيت من فعله فبلغه ما املته واعنه وان كنت انما حملنى حب الوالد لولده وانه ليس لما صنعت به اهلا فاقبضه قبل ان يبلغ ذلك فكان كذلك لان ولايته كانت سنة ستين ومات سنة اربع وستين كما فى الصواعق لابن حجر. والحاصل ان الآفاق والانفس مملوءة بالآيات والعبر فمن له عين مبصرة واذن واعية يرى الآثار لمختلفة ويسمع الاخبار المتواترة فيعتبر اعتبارا الى ان يأتى اليقين ويسلم من آثار القهر المتين ولا كون عبرة للغير بما اقترفه كل حين ٩٣ { ولقد بوأنا بنى اسرائيل } اى اسكناهم وانزلناهم بعد ما انجيناهم واهلكنا اعداءهم فرعون اعداءهم فرعون وقومه { مبوأ صدق } منزلا صالحا مرضيا ومكانا محمودا وهو الشام ومصر فصاروا ملوكا بعد الفراعنة والعمالقة وتمكنوا فى نواحيها. ومبوأ اسم مكان وصف بالصدق مد حاله فان عادة العرب اذا مدحت شيأ اضافته الى الصدق تقول رجل صدق قال اللّه تعالى { رب ادخلنى مدخل صدق واخرجنى مخرج صدق } { ورزقناهم من الطيبات } اى اللذ آئذ من الثمار وغيرها من المن والسلوى كما فى التبيان { فما اختلفوا } فى امور دينهم { حتى جاءهم العلم } اى الا من بعد ما قرأ والتوراة وعلموا احكامهم وما هو الحق فى امر الدين ولزمهم الثبات عليه واتحاد الكلمة فيه يعنى انهم تشبعوا فى كثير من امور دينهم بالتأويل طلبا للرياسة وبغيا من بعضهم على بعضهم حتى اداهم ذلك الى القتال كما وقع مثله بين علماء هذه الامة حيث افترقوا على الفرق المختلفة واولوا القرآن على مقتضى اهوائهم كالمعتزلة وغيرها من اهل الاهواء وفيهم من يقول بالظاهر : وفى المثنوى كرده تأويل حرف بكررا ... خويش را تأويل كن نى ذكررا بر هوا تأويل قرآن ميكنى ... بست وكزشد ازتو معنى سنى او المراد ببنى اسرائيل معاصروا النبى عليه السلام كقريظة والنضير وبنى قينقاع انزلهم اللّه ما بين المدينة والشام من ارض يثرب ورزقهم من النخل وما فيها من الرطب والتمر الذى لا يوجد مثله فى البلاد فما اختلفوا فى امر محمد عليه السلام الا من بعد ما علموا صدق نبوته وتظاهر معجزاته فىمن من به بعضهم كعبد اللّه بن سلام واصحابه وكفر آخرون وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما المراد بالعلم القرىن العظيم وسمى القرآن علما لكونه سبب العلم وتسمية السبب باسم المسبب مجاز شهور { ان ربك يقضى بينهم } [ حكم كند ميان ايشان ] { يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون } فيميز المحق من المبطل بالاثابة والتعذيب واما فى الدنيا فيجرزن على الستر والامهال فانها ليست بدار جزاء الاعمال. وفيه تهديد بيوم القيامة الذى هو يوم الامتحان جون محك ديدى سيه كشتى جو قلب ... نقش شبرى رفت وبيدا كشت كلب ٩٤ { فان كنت فى شك } اى فى شك ما يسير على الفرض والتقدير فان مضمون الشرطية انما هو تعليق شيء بشيء من غير تعرض لا مكان شيء منهما كيف لا وقد يكون كلاهما ممتنعا كقوله تعالى { قل ان كان للرحمن ولد فنا اول العابدين } { مما انزلنا اليك } من القصص التى من جملتها قصة فرعون وقومه واخبار بنى اسرائيل { فاسال الذين يقرأون الكتاب من قبلك } فان ذلك محقق عندهم ثابت فى كتبهم على نحو ما القينا اليك والمراد اظهار نبوته عليه السلام بشهادة لاحبار حسبما هو المسطور فى كتبهم وان لم يكن لليه حاجة اصلا او وصف اهل الكتاب بالرسوخ فى العلم بصحة نبوته او تهييجه عليه السلام وزيادة تثبيته على ما هو عليه من اليقين لا تجويز صدور الشك منه عليه السلام ولذلك قال عليه السلام ( لا اشك ولا اسأل ) [ ودرزاد المسير آورده كه ان بمعنى ماى نافيه است يعنى تودر شك نيستى اما براى زيادتى بصيرت سؤال كن ازاهل كتاب ] وقيل الخطاب للنبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم والمراد امته فانه محفوظ ومعصوم من الشكوك والشبهات فيما انزل وعادة السلطان الكبير اذا كان له امير وكان تحت راية ذلك الامير جمع فاراد السلطان ان يامر الرعية امر مخصوص بهم فانه لا يوجه خطابه لهم بل يوجه ذلك الخطاب لذلك الامير الذى جعله اميرا عليهم ليكون اقوى تاثيرا فى قلوبهم او الخطاب لكل من يسمع اى ان كنت ايها السامع فى شم مما انزلنا اليك على لسان نبينا وفيه تنبيه على ان من خالجه شبهة فى الدين ينبغى ان يسارع الى حلها بالرجوع الى اهل العلم جون جنين وسواس ديدى زودزود ... باخدا كردودرا اندر سجود سجده كه را تركن ازاشك روان ... كاى خدا ياوارهانم زين كمان كوندانستى مراد حق ازين فاسال اهل العلم حتى تطمئن ... { لقد جاءك الحق } الذى لا ريب في حقيقته { من ربك } وظهر ذلك بالآيات القاطعة { فلا تكونن من الممترين } بالتزلزل عما انت عليه من الجزم واليقين ودم على ذلك كما كنت من قبل والامتراء التوقف فى الشيء والشك فيه وامره اسهل من امر المكذب فبدأ به اولا ونهى عنه واتبع به ذكر المكذب ونهى ان يكون منهم ٩٥ { ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات اللّه } من باب التهييج والالهاب والمراد به اعلام ان التكذيب من القبح والمحذورية بحيث ينبغى ان ينهى عنه من لا يتصور امكان صدوره عنه فكيف بمن يمكن اتصافه به وفيه قطع لاطماع الكفرة { فتكون } بذلك { من الخاسرين } انفسا واعمالا واعلم ان تصديق الآيات سواء كانت آيات الوحى كالقرآن وآيات الالهام كالمعارف الآلهية من اربح المتاجر الدينية وتكذيبها من اخسر المكاسب الانسانية ولذا قال بعض العرفين من لم يكن له نصيب من هذا العالم اى العلم اى العلم الوهبى الكشفى اخاف عليه سوء الخاتمة وادنى النصيب منه التصديق به وتسليمه لاهله واقل عقوبة من ينكره ان لا يرزق منه سيأ وهو علم الصديقين والمقربين كذا فى احياء العلوم قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر علم النبوة والولاية وراء طور العقل ليس للعقل دخول فيه بفكره ولكن له القبول خاصة عند سليم العقل لذى لم يغلب عليه شبهة خيالية فما لنا الا ما نص عليه الشرع فانك تعلم ان دليل الاشعرى شبهة عند المعتزلى وبالعكس والناظر بفكره لا يبقى على طور واحد فيخرج من امر الى نقيضه كما فى الفتوحات : وفى المثنوى تنكتر آمد خيالات ازعدم ... زان سبب باشد خيال اسباب غم فلا بد من التصديق وكثرة الاجتهاد فى طريق التوحيد ليتخلص المريد من الشك والشبهة والتقليد ويصل باقراره الى ما لم يصل اليه العنيد ٩٦ { ان الذين حقت عليهم } ثبتت وجبت { كلمة ربك } وهى قوله ( هؤلاء فى النار ولا ابالى ) اى وجبت عليهم النار بسبق هذه الكلمة كما فى التأويلات النجمية. او حكمه وقضاؤه بانهم يموتون على الكفر ويخلدون فى النار كقوله تعالى { ولكن حق القول منى لأملان جهنم } الخ كما فى الارشاد وقال الكاشفى [ يعنى قولى كه درلوح محفوظ نوشته كه ايشان بر كفر ميرند وملائكه را بران خبر داده ] فهذه ثلاثة اقوال { لا يؤمنون } ابدا اذلا كذب لكلامه ولا انتقاض لقضائه اى لا يؤمنون ايمانا نافعا واقعا فى اوانه فيندرج فيهم المؤمنون عند معاينة العذاب مثل فرعون باقيا عند الموت فيدخل فيهم المرتدون ٩٧ { ولو جاءتهم كل آية } سالوها واقترحوها وانث فعل كل لاضافته الى مؤنث وذلك ان سبب ايمانهم وهو تعلق ارادة اللّه به مفقود لكن فقدانه ليس لمنع منه سبحانه استحقاقه له بل لسوء اختيارهم المتفرع على عدم استعدادهم لذلك { حتى يروا العذاب الاليم } الى ان يروه وحينئذ لا ينفعهم كما لم ينفع فرعون ٩٨ { فلولا } حرف لولا تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض اذا دخل على الماضى يكون للتوبيخ على ترك الفعل { كانت } تامة { قرية } من لقرى المهلكة والمراد اهاليها { آمنت } قبل معاينة العذاب ولم تؤخر ايمانها الى حين معاينته كما اخر فرعون وقومه وهو صفة لقرية { فنفعها ايمانها } بان يقبله اللّه منها ويكشف بسببه العذاب عنها { الا قوم يونس } لكن قوم يونس بن متى ولم ينصرف يونس لعجمته وتعريفه وان قيل باشتقاقه فلتعريفه ووزن الفعل المختص ومتى بالتشديد اسم ابيه وقال بعضهم اسم امه ولم يشتهر باسم امه غير عيسى ويونس عليهما السلام { لما آمنوا } اول ما ارادوا امارة العذاب ولم يؤخروا الى حلوله { كشفنا عنهم } رفعنا وازلنا { عذاب الخزى } اى الذل والهوان الذى يفضح صاحبه وهو لا يدل على حصولهم فى العذاب بل يقع ذلك على اشراف العذاب عليهم كما قال تعالى { وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها } كان الاتقاذ منها حالة الاشراف عليها الا الحصول فيها كما فى التيسير { فى الحيوة الدنيا } فنفعهم ايمانهم لوقوعه فى وقت الاختيار وبقاء للتكليف لا حال اليأس { ومتعناهم } بمتاع الدنيا بعد كشف العذاب عنهم { الى حين } مقدر لهم فى علم اللّه سبحانه : والمعنى بالفارسية [ جرا اهل قرى ايمان نياوردند قبل از معاينة عذاب وتعجيل نكردند بيش از حلول آن تانفع كردى ايشانرا ايمان ايشان ليكن قوم يونس جون امارات عذاب مشاهده نمودند تأخير نكردند ايمان خودرا تابوقت حلول وايمان آوردند ] فالاستثناء على هذا منقطع ويجوز ان يكون متصلا والجملة فى معنى النفى لتضمن حرف التحضيض معناه يعنى ان لولا كلمة التحضيض فى الاصل استعملت هذا للنفى لان فى الاستفهام ضربا من الجحد كأنه قيل اآمنت اهل قرية من القرى المشرفة على الهلاك فنفعهم ايمانهم الا قوم يونس فيكون قوله تعالى لما آمنوا استئنافا لبيان نفع ايمانهم وفيه دلالة على ان الايمان المقبول هو الايمان بالقلب : وفى المثنوى بندكى درغيب آمد خوب وكش ... حفظ غيب آيددراتبعاد خوش طاعت وايمان كنون محمود شد ... بعد مرك اندرعيان مردودشد -روى- ان يونس عليه السلام بعث الى نينوى من ارض الموصل وهو بكسر النون الاولى وفتح الثانية وقيل بضمها قرية على شاطئ دجلة فى ارض الموصل وهو بفتح الميم وكسر الصاد المهملة اسم بلدة فدعاهم الى اللّه تعالى مدة فكذبوه واصروا عليه فضاق صدره فقال اللّهم ان القوم كذبونى فانزل عليهم نقمتك وذلك انه كان فى خلقه ضيق فلما حملت عليها ثقل النبوة تفسخ تحتها وقد قالوا لا يستطيع حمل اثقال النبوة الا اولوا العزم من الرسل وهم نوح وهود وابراهيم ومحمد عليهما السلام. اما نوح فلقوله { يا قوم ان كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات اللّه } الآية وقد سبق. واما هود فلقوله { اى اشهد اللّه واشهدوا انى بريئ مما تشركون من دونه } الآية. واما ابراهيم فلقوله { هو والذين آمنوا معه انا برآء منكم ومما تعبدون من دون اللّه } واما محمد فلقول اللّه تعالى له { فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل } فصبر فقيل له اخبرهم ان العذاب مصبحهم بعد ثلاث او بعد اربعين قال الكاشفى [ يونس ايشانرا خبر داد ازميان قوم يونس بيرون رفته درشكاف كوهى ينهان شدجون زمان موعود نزديك رسيد حق الل بمالك دوزخ طاب كركده بمقدار شعيره از سموم دوزخ باين قوم فرست مالك فرمان الهى بجا أورد وآن سموم بصورت ابرسياه بادود غليظ وشراره آتش بيامده كردمدينه نينوى رافرا كرفت اهل آن شهر دانستندكه يونس راست كفته روى بملك خود آوردندواو مرد عاقل بودفر مودكه يونس را طلب كنيد جندانكه طلبيد ندنيا فتند ملك كفت اكر يونس برفت خدائى كه مارا بدودعوت ميكرد باقيست ودانا وشنوا كنون هيج جاره نيسست الا آنكه عجز وشكستكى وتضرع بدركاه او بريم بس ملك سر وبابرهنه بلاسى دربوشيد ورعايا بهمين صورت روى بصحر انهادند مردوزن وخرد وبزرك خروش وفرياد دركرفتند كودكانرا ازمادران جدا كردند ] قال فى الكواشى فحنّ بعضهم الى بعض وعجوا وتضرعوا واختلطت اصواتهم وفعلوا ذلك ليكون ارق لقلوبهم واخلص للدعاء واقرب الى الاجابة وترادوا المظالم حتى كان الرجل يقلع الحجر قد وضع عليه بنيانه فيرده فقالوا جملة بالنية الخالصة آمنا بما جاء به يونس او قالوا يا حى حين لا حى محيى الموتى ويا حى لا اله الا انت او قلوا اللّهم اذ ذنوبنا قد عظمت وجلت وانت اعظم منها واجل من اميد وارم زلطف كريم ... كه خوانم كنه بيش عفو عظيم افعل بنا ما انت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله [ واز اول ذى الحجة تا عاشر محرم بيرن وجه مى ناليدندو درين جها روزه از افغان وناله نيا سوده در ماندكى وبيجاركى بموقف عرض ميرسانيدند ] جاره ماسازكه بى باوريم ... كر توبرانى كه رو آوريم بى طريم ازهمه سازنده ... جز تونداريم نوازنده بيش توكربى سروبا آمديم ... هم باميد توخدا آمديم [ قومى ميكفتند خداوندا يونس مارا كفته بودكه خداى من كفته بندكان بخريد وآزتد كنيد مابندكان توايم توبكرم خودمارا از عذاب آزادكن. جماعتى ديكرمى ناليدندكه الهنامارا يونس خبر دادكه توخداوند فرموده كه بيجاركان ودرماند كانرا دستكيرى مابجاره ودرمانده ايم بفضل خود مارا دستكير بعض ديكر بعرض مير سانيندندكه اى برورد مار ما يونس از قول توميفر مودكه هركه برشما ستم كند ازو دركذرانيد خدايا مابكناه برخود ستم كرد ايم ازما عفوكن برخى ديكر بدين كونه اداميكردندكه خذايا يونس ماراى كفت كه بروردكار من كفته است كه سالا نرا رد مكنيد ما سائلان روى بدر كاه كرمت أورده ايم مارا رد مكن ما تهى دستان بر آورديم دستى دردعا ... نقد فيضى نه برين دست كنهكاران همه قاضى حاجات درويشان ومحتاجان توئى ... بس رواكن ازكرم حاجات بسيار همه القصة روز جهلم كه آذينه بود وعاشورا اثر مناجات دسلوز ايشان ظهور نموده برات نجات ازديوان رحمت نوشته شد وظلمت سحاب مرتفع كشته ابر رحمت سايه رأفت برمفارق ايشان افكنده يونس بعد از جهل روز متوجه نينوى كشته ميخواست كه ازحال قوم خبر كيرد جون بنزديك شهر رسيد وبرصورت واقعه مطلع شد ملال بسيار برو علبه كرده باخود كفت من ايشانرا بعذاب ترسانيدم وعذاب بررحمت مبدل شد اكر من بدين شهر روم مرا بكذب نسبت دهند ] فذهب مغاضبا ونزل السفينة فلم تسر فقال لهم ان معكم عبدا ىبقا من ربه وانها لا تسير حتى تلقوه فى البحر واشار الى نفسه فقالوا لا نلقيك يا نبى اللّه ابدا فاقترعوا فخرجت القرعة عليه ثلاث مرات فالقوه فالتقمه الحوت وقيل قائل ذلك بعض الملاحين وحين خرجت القرعة عليه ثلاثا ألقى نفسه فى البحر قال الشعبى التقمه الحوت ضحوة يوم عاشوراء ونبذه عشية ذلك اليوم اى بعد العصر وقاربت الشمس الغروب وفيه بيان فضيلة يوم عاشوراء فانه الذى كشف اللّه العذاب فيه عن قوم يونس واخرج يونس من بطن الحوت وازال عنه ذلك الابتلاء -حكى- انه هرب اسير من الكفار يوم عاشوراء فركبوا فى طلبه فلما رأى الفرسان خلفه وعلم انه ماخوذ رفع رأسه الى السماء وقال اللّهم بحق هذا اليوم المبارك اسألك ان تنجينى منهم فأعمى اللّه ابصارهم جميعا حتى تخلص منهم فصام ذلك اليوم فلم يجد شيأ يفطر ويتعشى به فنام فاطعم وسقى في المنام فعاش بعد ذلك عشرين سنة لم يكن له حاجة الى الطعام والشراب كما فى روضة العلماء. ومن صامه اعطاه اللّه ثواب عشرة آلاف ملك وثواب عشرة آلاف حاج ومعتمر وثواب عشرة آلاف شهيد كما فى تنبيه الغافلين ذكر ان اللّه عز وجل يخرق ليلة عاشوراء زمزم الى سائر المياه فمن اغتسل يومئذ امن من المرض فى جميع السنة كما فى الروض الفائق. والمستحب فى ذلك اليوم فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرها ولا يجعل ذلك اليوم عيدا ويوم ماتم كالشيعة والروافض والناصبة كما فى عقد الدرر. والاكتحال ونحوه وان كان له اصل صحيح لكن لما كان شعارا لاهل البدعة صار تركه سنة كالتختم باليمين فانه لما كان شعار اهل البدعة صار السنة ان يجعل فى خنصر اليد اليسرى فى زماننا كما فى شرح القهستانى ٩٩ { ولو شاء ربك } ايمان من فى الارض من الثقلين { لآمن من فى الارض كلهم } بحيث لا يشذ منهم احد { جميعا } مجتمعين على الايمان لا يختلفون لكنه لا يشاؤه لكونه مخالفا للحكمة التى عليها بنى اساس التكوين والتشريع فشاء ان يؤمن به من علم منه انه لا يختار الكفر وان لا يؤمن به من علم منه انه لا يؤمن به تكميلا لحكم القبضتين وتحصيلا لأهل النشأتين وجعل الكل مستعدا ليصح التكليف عليهم وكان عليه السلام حريصا على ايمان الكل ومغفرته -كما حكى- ان موسى عليه السلام حين قصد الى الطور لقى فى الطريق وليا من اولياء اللّه تعالى فسلم عليه فلم يرد سلاما فلما وصل الى محل المناجاة قال الهى سلمت على عبد من عبادك فلم يرد على سلامى قال اللّه تعالى يا موسى ان هذا العبد لا يكلمنى منذ ستة ايام قال موسى لم يا رب قال لانه كان يسال منى ان اغفر لجميع المذنبين واعتق العصاة من عذاب جهنم اجمعين فما اجبت لسؤاله فلما كلمنى منذ ستة ايام كذا فى الواقعات المحمودية والحاصل ان اللّه تعالى لما رأى من حبيبه عليه السلام ذلك الحرص انزل هذه الآية وعلق ايمان قومه على مشيئته وقال له { أفأنت } اى أربك لا يشاء ذلك فانت { تكره الناس } على ما لم يشا اللّه منهم { حتى يكونوا مؤمنين } ليس ذلك اليك كما فى الكواشى فيكون الانكار متوجها الى ترتيب الاكراه المذكور على عدم مشيئته تعالى كا فى الارشاد. وفى ايلاء الاسم حرف الاستفهام ايذان بان اصل الفعل وهو الاكراه امر ممكن مقدور لكن الشان فى المكره من هو وما هو الا هو وحده لا يشارك فيه لانه القادر على ان يفعل فى قلوبهم ما يضطرهم الى الايمان وذلك غير مستطاع للبشر وقال السيد الشريف فى شرح المفتاح المقصود من قوله { أفانت تكره الناس } انكار صدور الفعل من المخاطب لا انكار كونه هو الفاعل مع تقرر اصل الفعل انتهى والتقديم لتقوية حكم الانكار كما فى حواشى سعدى المفتى قال الكاشفى [ اين آيت منسوخ است بآيت قتال ] وقال فى التبيان والصحيح انه لا نسخ لان الاكراه على الايمان لا يصح لانه عمل القلب ١٠٠ { وما كان } اى وما صح وما استقام { لنفس } من النفوس التى علم اللّه انها تؤمن { ان تؤمن } فى حال من احوالها { الا باذن اللّه } اى الا حال كونها ملابسة باذنه تعالى وتسهيله وتوفيه فلا تجهد نفسك فى هدادا فنه الى اللّه : قال الحافظ رضا بداده بده وزجبين كره بكشاى كه برمن وتودر اختيار نكشادست { ويجعل الرجس } اى الكفر بقرينه ما قبله عبر عنه بالرجس الذى هو عبارة عن القبيح المستقذر المستكره لكونه علما فى القبح والاستكراه اى يجعل الكفر ويبقيه { على الذين لا يعقلون } لا يستعملون عقولهم بالنظر فى الحجج والآيات فلا يحصل لهم الهداية التة عبر عنها بالاذن فيبقون مغمورين بقبائح الكفر والضلال وفى التأويلات النجمية { ويجعل الرجس } اى عذاب الحجاب { على الذين لا يعقلون } سنة اللّه فى الهداية والخذلان فان سنته ان تهتدى العقول المؤيدة بنور الايمان الى توحيد اللّه ومعرفته ولا تهتدى العقول المجردة عن نور الايمان الى ذلك وهذا رد على الفلاسفة فانهم يحسبون ان للعقول المجردة عن الايمان سبيلا الى التوحيد والمعرفة انتهى : قال الحافظ اى كه دفتر عقل آيت عشق آموزى ... ترسيم اين نكته تحقيق ندانى دانست ١٠١ { قل انظروا } تفكروا يا اهل مكة { ماذا } مرفوع المحل على الابتداء { فى السموات والارض } خبره اى اى شيء بديع فيهما من عجائب صنعه الدالة على وحدته وكمال قدرته فماذا جعل بالتركيب اسما واحدا مغلبا فيه الاستفهام على اسم الاشارة ويجوز ان يكون اسمين بمعنى ما الذى على ان تكون ما استفهامية مرفوعة على الابتداء والظرف صلة الذى والجملة خبر للمبتدأ وعلى التقديرين فالمبتدأ والخبر فى محل النصب باسقاط للخافض وفعل النظر معلق بالاستفهام { وما } نافية { تغنى الآيات والنذر } جمع نذير على انه فعيل بمعنى منذر او على انه مصدر اى لا تنفع الآيات الا نفسية والآفاقية الدالة على الوحدانية والرسل والمنذرون او الانذارات شيأ { عن قوم لا يؤمنون } فى علم اللّه تعالى وحكمه ١٠٢ { فهل ينتظرون } اى فما ينتظر كفار مكة واضرابهم { الا مثل ايام الذى خلوا } اى الا مثل ايام الذين مضوا { من قبلهم } من مشركى الامم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود واصحاب الايكة واهل المؤتفكة اى مثل وقائعهم ونزول بأس اللّه بهم اذ لا يستحقون غيره وعم ما كانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظر والعرب تسمى العذاب والنعيم اياما وكل ما مضى عليك من خير وشر فهو ايام { قل } تهديدا لهم { فانتظروا } ما هو عاقبتكم من العذاب { انى معكم من المنظرين } لذلك او فانتظروا اهلاكى انى معكم من المنظرين لهلاككم فان العاقبة للمتقين على ما هى السنة القديمة الالهية ١٠٣ { ثم ننجى رسلنا والذين آمنو } عطف على محذوف دل عليه قوله مثل ايام الذين خلوا كانه قيل نهلك الامم ثم ننجى رسلنا ومن آمن بهم عند نزول العذاب على حكاية الحال الماضية فان المراد اهلكنا ونجينا { كذلك } اى مثل ذلك الانجاء { حقا علينا } لعتراض بين الفعل ومعموله ونصبه بفعله المقدر اى حق ذلك علينا { ننجى المؤمنين } من كل شدة وعذاب ولم يذكر انجاء الرسل ايذانا بعدم الحاجة اليه وفيه تنبيه على ان مدار النجاة هو الايمان وهذه سنة اللّه تعالى فى جميع الامم فان اللّه تعالى كما انجى الرسل المتقدمين ومن ىمن بهم وانجز وما عدلهم كذلك انجى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ومن معه من اصحابه وحقق لهم ما وعد لهم وسينجى الى قيام الساعة جميع المؤمنين من ايدى لكفرة وشرورهم ما دام الشرع باقيا والعمل به قائما : قال السعدى قدس سره محالست جون دوست دارد ترا ... دردست دشمن كذارد ترا واقل النجاة الموت فان الموت تحفة المؤمن ألا ترا الى قوله عليه السلام حين مرّ بجنازة مستريح او مستراح منه فالاول هو الرجل الصالح يتخلص من تعب الدنيا ويستريح فى البرزخ بالثواب الروحانى وهو نصف النعيم والثانى هو الرجل الفاسق يستريح بموته الخلق ويتخلصون بموته من اذاه ويصل هو الى العذاب الروحانى البرزخى وهو نصف الجحيم نعوذ باللّه تعالى منه والحديث المناسب لآية الانتظار والانجاء قوله صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( افضل العبادة انتظار الفرج ) وذلك لان فيه استرارة القلب وثواب الصبر اذ المؤمن المبتلى يعتقد ان المبتلى هو اللّه تعالى وانه لا كاشف له الا هو وذلك يخفف ألم البلاء عنه ويهون عليه الصبر فيرفع الجزع ويجد الاستراحة فى قلبه بخلاف حال الجاهل الذى لا يخطر بباله ان ما يجرى عليه انما هو بقضاء اللّه وان اللّه لطيف بعباده اذ ربما يعتقد انه لا يتخلص من بلائه فينسب العجز الى اللّه تعالى من حيث لا يحتسب ويتقلب فى الم البلاء صباحا ومساء فتعوذ باللّه منه : قال الحافظ اى دل صبور باش مخور غم كه عاقبت ... اين شام صبح كردد واين شب سحر شود وفى الحديث ( اشتدى ازمة تنفرجى ) خاطب عليه السلام السنة المجدبة فقال ابلغى فى الشدة والمشتقة الغاية تنكشفى وفيه تنبيه على ان لا بقاء للمحنة فى دار الدنيا كما لا بقاء للنعمة. والازمة القحط والشدة وقيل ازمة امرأة وقعت فى الطلق عليه السلام اى ازمة اشتدى يعنى ابلغنى فى الشدة الغاية تنفرجى حتى تجدى الفرج عن قريب بالوضع والعرب تقول اذا تناهت الشدة انفرجت. وقد عمل ابو الفضل يوسف بن محمد الانصارى المعروف بان النجوى لفظ الحديث مطلع قصيدة فى الفرج بديعة فى معناها كذا فى المقاصد الحسنة لخاتمة الحافظ والمحدثين الامام السخاوى رحمه اللّه سبحانه ١٠٤ { قل يا ايها الناس } خطاب لاهل مكة { ان كنتم فى شك من دينى } الذى اتعبد اللّه به وادعوكم اليه ولم تعلموا ما هو وما صفته { فلا اعبد } اى فانا لا اعبد والا لا نجزم { الذين تعبدون من دون اللّه } فى وقت من الاوقات { ولكن اعبد اللّه الذى يتوفيكم } يقبض ارواحكم بوساطة الملك ثم يفعل بكم ما يفعل من فنون العذاب اى فاعلموا تخصيص العبادة به تعالى ورفض عبادة ما سواه من الاصنام وغيرها مما تعبدونه جهلا وذلك لان شكهم ليس سببا لعدم عبادة الاوثان وعبادة اللّه بل سبب للاعلام والاخبار بان الدين كذا ومثله وما بكم من نعمة فمن اللّه فان استقرار النعمة فى المخاطبين ليس سببا لحصولها من اللّه تعالى بل الامر بالعكس وانما هو سبب للاخبار بحصولها من اللّه تعالى { وامرت ان } اى بان { اكون من المؤمنين } وفى الانتقال من العبادة لتى هى جنس من اعمال الجوارح الى الايمان والمعرفة دلالة على انه ما لم يصر الظاهر مزينا بالاعمال الصالحة لا يستقر فى القلب نور الايمان والمعرفة فان اللّه تعالى جعل احكام الشريعة اساس المعرفة فاذا زال الاساس زال ما بنى عليه وايضا العمل لباس المعرفة فاذا انسلخت المعرفة عن هذا اللباس صارت كسراج على وجه الريح علم آبست وعمل سد جون سبو ... جون سبو بشكست ريزد آب ازو ١٠٥ { وان اقم وجهك للدين } عطف على ان اكون وان مصدرية اى موصول حرفى وصلته لا تجب ان تكون خبرية بخلاف الموصول الاسمى. والمعنى وامرت بالاستقامة فى الدين والاشتداد فيه باداء الفرائض والانتهاء عن القبائح كما فى تفسير القاضى قال ابن الشيخ فى حواشيه وفيه اشارة الى ان اقامة الوجه للدين كناية عن توجيه النفس بالكلية الى عبادة اللّه تعالى والاعراض عما سواه فان من اراد ان ينظر الى شيء نظرا بالاستقصاء فانه يقيم وجهه فى مقابلته بحيث لا يلتفت يمينا ولا شمالا فانه لو التفت الى جهة بطلت تلك المقابلة واختل النظر المراد ولذلك كنى باقامة الوجه عن صرف القوى بالكلية الى الدين انتهى قال فى الكواشى والمعنى كن مؤمنا واخلص عملك للّه عبادت باخلاص نت نكوست ... وكرنه جه آيد زبى مغز بوست { حنيفا} حال من الدين اى مائلا عن الاديان الباطلة مستقيما لا اعوجاج فيه بوجه ما { ولا تكونن من المشركين } اعتقادا وعملا عطف على اقم داخل تحت الامر قال الامام من عرف مولاه لو التفت بعد ذلك الى غيره كان ذلك شركا وهذا هو الذى تسميه اصحاب القلوب بالشرك الخفى : قال المغربى اكر بغير توكردم نكاه درهمه عمر ... بياد جرم غرامت زديده ام بستان ١٠٦ { ولا تدع } عطف على قوله تعالى { قل يا ايها الناس } غير داخل تحت الامر { من دون اللّه } استقلالا ولا اشتراكا { ما لا ينفعك } اذا دعوته بدفع مكروه او جلب محبوب { ولا يضرك } اذا تركته بسلب المحبوب دافعا او رفعا او بايقاع المكروه { فان فعلت } اى ما نهيت عنه من دعاء ما لا ينفع ولا يضر { فانك اذ من الظالمين } الضارين بانفسهم فانه اذا كان ما سوى الحق معزولا عن التصرف الى ما سوى الحق وضعا للشيء فى غير موضعه فيكون ظلما فلا نافع ولا ضار الا الحق وكل شيء هالك الا وجهه خيل جمله جهانرا بنور جشم يقين ... بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم ١٠٧ { وان يمسسك اللّه بضر } [ واكر برساند خداى بتو مرضى ياشدتى يا فقرى ] { فلا كاشف له } عنك { الا هو } وحده { وان يردك بخير } [ واكر خواهد بتوصحت وراحت وغنا ] { فلا راد } فلا دافع { لفضله } من جملة ما ارادك به من الخير كائنا من كان فيدخل فيه الاصنام. وفيه ايذان بان فيضان لخير منه تعلاى بطريق التفضل من غير استحقاق عليه سبحانه ولعل ذكر الارادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الامرين للايذان بان الخير مراد بالذات وان الضر انما يمس من يمسه لما يوجبه من الدواعى الخارجية لا بالقصد الاولى ولم يستثن مع الارادة كما استثنى مع المس بان يقول الا هو لانه قد فرض ان تعلق الخير به واقع بارادة اللّه تعالى فصحة الاستثناء تكون بارادة ضده فى ذلك الوقت وهو محال اذ لا يتعلق الارادتان للضدين فى وقت واحد بخلاف مس الضر فان ارادة كشفه لا تستلزم المحال { يصيب به } [ ميرساند فضل خودرا ] اى بفضله الشامل لما ارادك به من الخير ولغيره { من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم } فتعرضوا لرحمته بالطاعة ولا تيأسوا من غفرانه بالمعصية وفى التأويلات النجمية { وهو الغفور } يستر بنور وجهه ظلمة وجود الصديقين { الرحيم } يتقرب برحمته الى الطالبين الصادقين وهم الذين دينهم عبادة اللّه وطاعته ومحبته وطلبه لا عبادة الهوى والدنيا وطاعتها ومحبتها وقال فى المفاتيح معنى الغفور يستر القبائح والذنوب باسبال الستر عليها فى الدنيا وترك المؤاخذة والعقاب عليها فى الآخرة وخط العارف من هذا الاسم ان يستر من اخيه ما يجب ان يستر من اخيه ما يحب ان يستر منه وقد قال عليه السلام ( من ستر على مؤمن عورته ستر اللّه عورته يوم القيامة ) والمغتاب والمتجسس والمكافئ على الاساءة بمعزل عن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق اللّه الا احسن ما فيه -يروى- ان عيسى عليه السلام مع الحواريين بكلب ميت قد غلب نتنه فقالوا ما انتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذى ينبغى ان يذكر من كل شيء ما هو احسن كما فى شرح الاسماء الحسنى للامام الغزالى : وقال فى المثنوى فى الاسم الرحيم بند كان حق رحيم وبردبار ... خوى حق دارند در اصلاح كار مهربان بى رشوتان يارى كران ... در مقام سخت ودر روز كران نسال اللّه تعالى ان يفيض علينا سجال رحمته ويديم دوران كاسات فضله ومغفرته ١٠٨ { قل } لكفار مكة { يا ايها الناس قد جاءكم الحق من ربكم } وهو القرىن العظيم واطلعتم على ما فى تضاعيفه من البينات والهدى لم يبق لكم عذر ولا عليه تعالى حجة { فمن اهتدى } بالايمان به والعمل بما فى مطاويه { فانما يهتجى لنفسه } اى منفعة اهتدائه لها خاصة ومن ضل بالكفر به والاعراض عنه { فانما يضل } اى فوبال الضلال مقصور عليها. والمراد تنزيه ساحة الرسول عن شائبة غرض عائد اليه عليه السلام من جلب نفع او دفع ضر كما يلوح به اسناد الكجيء الى الحق من غير اشعار يكون ذلك بواسطة { وما انا عليكم بوكيل } بحفيظ موكول الى امركم وانما انا بشير ونذير وفى التأويلات النجمية { قد جاءكم الحق من ربكم } القرآن وهو الحبل المتين { فمن اهتدى } الى الاعتصام به { فانما يهتدى لنفسه } بان يخلصها من اسفل السافلين ويعيدها الى اعلى عليين مقاما { ومن ضل } عن الاعتصام به { فانما يضل عليها } لانها تبقى فى اسفل الدنيا بعيدة عن الل معذبة بعذاب البعد وألم الفراق { وما انا عليكم بوكيل } فاوصلك الى تلك المقامات والدرجات واخلصكم من هذه السفليات والدركات بغير اختياركم وانما انا مأمور بتبليغ الوحى والرسالة والتذكير والموعظة ١٠٩ { واتبع } اعتقادا وعملا وتبليغا { ما يوحى اليك } على نهج التجدد والاستمرار من الحق المذكور المتأكد يوما فيوما { واصبر } على دعوتهم وتحمل اذيتهم { حتى يحكم اللّه } يقضى لك بالنصر واظهار دينك { وهو خير الحاكمين } اذ لا يمكن الخطأ فى حكمه لاطلاعه على السرائر اطلاعه على الظواهر از سبيدى تاسياهى كيرو تالوح وقلم ... يك رقم ازخط حكمش وهو خير الحاكمين قال فى التأويلات النجمية { وهو خير الحاكمين } فيما حكم بقبول الدعوة والقرآن والاحكام والعمل بها لمن سبقت له العناية الازلية وبرد الدعوة والقرآن والاحكام والعمل بها لمن ادركته الشقاوة الازلية وقال فى المفاتيح ومرجع الاسم الحاكم اما الى القول الفاصل بين الحق والباطل والبر والفاجر والمبين لكل نفس جزاء ما عملت من خير او شر واما الى التمييز من السعيد ولشقى بالاثابة والعقاب. وحظ العبد منه ان يستسلم لحكمه وينقاد لامره فان لم يرض بقضائه اختيار امضى فيه اجبارا ومن رضى به طوعا عاش راضيا مرضيا ويكفى لنا موعظة حال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فانه رضى بقضاء اللّه وصبر على بلائه فعاش حميدا وصار عاقبة امره الى النصرة : وفى المثنوى صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد جونكه قبض آمد تو دروى بسط بين ... تازه باش وجين ميفكن برجبين جشم كودك همجو خر درآخرست ... جشم عاقل درحساب آخرست اودر آخر جرب مى بيند علف ... وين زقصاب آخرش بيند تلف آن علف تلخست كين قصاب داد ... بهر لحم ماترا زويى نهاد صبر مى بيند زبرده اجتهاد ... روى جون كلنار وزلفين مراد ومما وقع له صلى اللّه تعالى عليه وسلم من الاذية ما حدث به عبد اللّه رضى اللّه عنه قال كنا مع رسول اللّه فى المسجد وهو يصلى وقد نحر جزور وبقى فرثه اى روثه فى كرشه فقال ابو جهل ايكم يقوم الى هذا القذر ويلقيه على محمد فقام عقبة بن ابى معيط وجاء بذلك الفرث فالقاه على النبى عليه السلام وهو ساجد فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض من شدة الضحك فهممنا اى خففنا ان نلقيه عنه حتى جاءت فاطمة رضى اللّه عنها فالقته عنه واقبلت عليهم تشتمهم وكان بجواره صلى اللّه تعالى عليه وسلم جماعة منهم ابو لهب والحكم بن العاص ابن امية وعقبة بن ابى معيط وكانوا يطرحون عليه الاذى فاذا طرحوه عليه اخذه عليه السلام وخرج به ووقف على بابه ويقول يا ابن عبد مناف اى جوار هذا لم يلقيه فى الطريق وقال عليه عليه السلام مرة فيمن التزم اذية له من رؤساء قريش مخاطبا لاصحابه ( ابشروا فان اللّه تعالى مظهر دينه ومتمم كلمته وناصر نبيه ان هؤلاء الذين ترون مما يذبح على ايديكم عاجلا ) فوقع كما قال حيث ذبحهم الاصحاب بايديهم يوم بدر وهذه الاذية لا يظن ظان انها منقصة له عليه السلام بل هى رفعة له ودليل على فخامة قدره وعلو مرتبته وعظيم رفعته ومكانته عند ربه لكثرة صبره عليه السلام وحلمه واحتماله مع علمه باستجابة دعائه ونفوذ كلمته عند اللّه تعالى وقد قال ( اشد الناس بلاء الانبياء ) عليهم السلام فالانبياء كالذهب والشدائد التى تصيبهم كالنار التى يعرض عليها الذهب فان ذلك يزيد الذهب الا حسنا فكذا الشدآئد لا تزيد الانبياء الا رفعة : فى المثنوى طبع را كشتند در حمل وبدى ... تاحمولى كربود هست ايزدى اى سليمان درميان زاغ وباز ... حلم حق شو باهمه مرغان بساز اى دوصد بلقيس حلمت را زبون ... كه اهد قومى انهم لا يعلمون نسال اللّه تعالى ان يثبتنا على الحق المبين ويحكم لنا بالنصر على نفوسنا وهو خير الحاكمين تمت سورة يونس بالامداد الرحمانى والتاييد الربانى فى اليوم الحاجى عشر يوم الاثنين فى ذى القعدة الشريفة من سنة اثنتين ومائة والف ويتلوها سورة هود |
﴿ ٠ ﴾