سُورَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً

١

{ الر } اى انا اللّه ارى واسمع سؤالهم اياك عنهه القصة ويقال انا اللّه ارى صنيع اخوة يوسف ومعاملتهم معه . ويقال انا اللّه ارى ما يرى الخلق وما لا يرى الخلق . ويقال الر تعديد للحروف على سبيل التحدى فلا محل له من الاعراباو خبر مبتدأ محذوف اى هذه السورة الراى مسماة بهذا الاسم

يقول الفقير اصلحه اللّه القدير الحروف المقطعة من الاسرار المكتومة التى يحرم افشاؤها لغير اهلها . وقول بعضهم هذه الحروف من المتشابهات القرآنية لا يعلم معانيها الا اللّه سلوك الى الطريق الاسلم وتسليم للامر الى اهله وليس ببعيد من كرم اللّه تعالى الى ان يفيض معانيها على قلوب الكمل لكنهم انما يرمزون بها ويشيرون بغير تصريح بحقائقها صونا للعقول الضعيفة وحفظا للعهد المأخوذ منهم

قدر كوهر جوكوهرى داند ... جه نهى در دكان خرده فروش

قال الحافظ

قيمت در كرانما به جه دانند عوام ... حافظا كوهر يكدانه مده جز بخواص

وعن على رضى اللّه عنه لو حدثتكم ما سمعته من فم ابى القاسم لخرجتم من عندى وتقولون ان عليا اكذب الكذابين وافسق الفاسقين كما فى شرح المثنوى : قال حضرة الشيخ العطار قدس سره

دلى بر كوهر اسرار دائم ... ولى اندر زبان مسمار دارم

وقال حضرة مولانا قدس سره

هركه را اسرار كار آموختند ... مهر كردند ودهانشى دوختند

وكون هذه الحروف المبسوطة مما ليس لها وضع لغوى او عرفى معلوم لا ينافى ان يكون لها معان حقيقية فة الحقيقة فان الواضع هو اللّه تعالى فيحتمل انه وضع لها معانى معلومة لخص عباده بل الاحتمال مرفوع حيث ان نزول حرف التهجى على ابينا آدم عليه السلام يحقق موضعيتها فقول العلماء انها تعديد على نمط التحديد ليس له كثير معنى فالهم جدا وفى الحديث ( سألنى ربى ) اى ليلة المعراج ( فلم استطع ان اجيبه فوضع يده بين كتفى بلا تكييف ولا تحديد ) اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة ( فوجدت بها بردها فاورثنى علوم الاولين والآخرين وعلمنى علوما شتى فعلم اخ علىّ كتمانه اذا علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه واعلم امرنى بتبليغه الى العام والخاص من امتى ) وهى الانس والجن والملك كما فى انسان العيون

{ تلك } السورة واشير اليها بما يشير الى البعيد لانه وصل من المرسل الى المرسل فصار كالمتباعد او لان الاشارة لما كانت الى الموجود فى الذهن اشير بما ايماء الى بعده عن حيز الاشارة لما انها تكون بمحسوس مشاهد وهو مبتدأ خبره قوله

{ آيات الكتاب } اى القرآن

{ المبين } من ابان بمعنى بان اى وضح وظهر اى الظاهر امره فى كونه من عند اللّه تعالى وفى اعجازه او بمعنى بين واضح اى المبين لما فيه من الاحكام والشرائع وخفايا الملك والملكوت واسرار النشأتين وغير ذلك من الحكم والمعارف والقصص

وفى بحر العلوم الكتاب المبين هو اللوح وابانته انه قد كتب وبين كل ما هو كائن فهو يبينه للناظرين فيه ابانة ولما وصف الكتاب بما يدل على الشرف الذاتى عقب ذلك بما يدل على الشرف الاضافى

٢

فقيل

{ انا انزلناه } اى الكتاب المتضمن قصة يوسف وغيرها فى حال كونه

{ قرآنا عربيا } بلغتكم فعربيا نعت لقرآنا نعت نسبة لا نعت لزوم لنه كان قرآنا قبل نزوله فلما نزل بلغة العرب نسبة اليها كما فىلكواشى . وقرآنا حال موطئة اى توطئة للحال التى هى عربيا لانه فى نفسه لا يبين الهيئة وانما بينها للغير وهى ما يتبعها من الصفة فان الحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة فكانالاسم الجامد وطأ الطريق لما هو حال الحقيقة بمجيئه قبلها موصوفا بها كما فى شرح الكافية للعلامة

{ لعلكم تعقلون } اى لكى تفهموا معانيه وتحيطوا بما فيه وتطلعوا على انه خارج عن طوق البشر منزل من عند خلاق القوى والقدر والعقل ادراك معنى الكلام والعلة على التشبيه والاستعارة فان افعال اللّه تعالى لا تعلل بالاغراض عند اهل السنة

وقال فى بحر العلوم لعل مستعار لمعنى الارادة لتلاحظ العرب معناه او معنى الترجى اى انزلنا قرآنا عربيا ارادة ان تعقله العرب ويفهموا منه ما يدعوهم اليه فلا يكون لهم حجة على اللّه ولا يقولوا لنبيهم ما خوطبنا به كما قال

{ لو جعلناه قرآنا اعجميا لقالوا لولا فصلت آياته } وفى التأويلات النجمية

{ الر } يشير بالف الى اللّه وباللام الى جبريل وبالراء الى الرسول اى ما انزل اللّه تعالى على لسان جبريل على قلب الرسول دلالات الكتاب من المحبوب الى المحب ليهتدى المحب بالبيان طريق الوصول الى المحبوب انا كسوناه للقراءة كسوة العربية

{ لعلكم تعقلون } حقائق معانيه واسراره ومبانيه واشاراته بما اذهى لغتكم كما انزلنا التوراة على اهلها بلغة العبرى والانجيل بلغة السريانى يشير به الى ان حقيقة كلام اللّه تعالى مزهة فى كلاميته عن كسوة الحروف والاصوات واللغات ولكن الخلق يحتاجون فى تعقل معانيه الى كسوة الحروف واللغات

وفى الآيات دليل على شرف اللسان العربى وفى كلام الفقهاء العرب اولى الامم لانهم المخاطبون اولا والدين عربى وفى الحديث ( احب العرب لثلاث لانى عربى والقرآن عربى وكلام اهل الجنة عربى ) وفى الحديث ( ان لواء يوم القيامة بيدى وانا اقرب الخلق من لوائى يومئذ العرب ) وفى الحديث ( اذا ذلت العربى ذل الاسلام ) وفى الحديث ( ان اللّه حيث خلق الخلق بعث جبريل فقسم الناس قسمين قسم العرب قسما وقسم العجم قسما وكانت خيرة اللّه فى العرب ثم قسم العرب قسمين قسم اليمن قسما وقسم مضر قسما وكانت خيرة اللّه فى مضر وقسم مضر قسمين فكانت قريش قسما وكانت خيرة اللّه فى قريش ثم اخرجنى من خير من انا منه )

تازئ يثربى لقب مكئ هاشمى نسب ... معتكف سراى وحى امئ امتى سراى

يقوال الفقير ولكون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عربيا جاء وارثه الاكمل من العرب وهو حضرة الشيخ الاكبر والمسك الاذفر والكبريت الاحمر محى الدين بن عربى قدس اللّه نفسه الزاكية وانما قلت بكونه الوارث الا كمل لكونه خاتمة الولاية الخاصة المحمدية فهو من اكمل مظاهر هذه المرتبة وفيه ظهر التفضيل الذى لم يظهر فى غيره ومن عداه طفيلى مائدته فى هذا الباب وبهذا المعنى تصرح به ولا نكنى وليميت المنكر بغيظه وغضبه ونعوذ باللّه من سوء الاعتقاد

٣

{ نحن نقص عليك } نخبرك ونحدثك . وبالفارسة [ ماميخوانيم برتو ] من قصى اثره اذا اتبعه لان من يقص الحديث ويرويه يتبع ما حفظ منه شيأ فشيأ كم يقال تلا القرآن اذا قرأه لان من يتلو يتبع ما حفظ منه آية بعد آية

{ احسن القصص } مفعول به لنقص على ان يكون القصص مصدرا بمعنى المقصوص اى نبين لك احسن ما يقص من الانباء والاحاديث وهو قصة آل يعقوب والظاهر انه احسن ما يقص فى بابه كقولك فلان اعلمل الناس وافضلهم تريد فى فنه كما فى بحر العلوم اى فلا يلزم ان يكون احسن من قصة سيد الكونين والمرسلين صلوات اللّه عليهم اجمعين ويمكن ان يقال قد يراد بافعل الزيادة من وجه كما فى قوله تعالى

{ اكبر من اختها } كما فى حواشى سعدى المفتى قال محيى السنة سمى اللّه قصة يوسف احسن القصص لما فيها من العبر والحكم والنكت والفوائد التى تصلح للدين والدنيا من سير الملوك والمماليك ومكر النساؤ والصبر على اذى الاعداء والتجاوز عنهم بعد الاقتدار وغير ذلك من الفوائد

وقال بعضهم لان يوسف عليه السلام كان احسن ابناء بنى اسرائيل ونسبه احين الانساب كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم ) والكرم اسم جامع لكل ما يحمد به واجتمع فى يوسف مع كونه ابن ثلاثة انبياء متراسلين شرف النبوة وحسن الصورة وعلم الرؤيا ورياسة الدنيا وحياطة الرعايا فى القحط والبلايا فاى رجل اكرم من هذا

وقال بعضهم لان دعاءه كان احسن الادعية توفنى مسلما والحقنى بالصالحين وهو اول من تمنى لقاء اللّه تعالى بالموت

غافلان ازموت مهلت خواستند ... عاشقان كفتند نى نى زود باش

وتزويجه احسن التزويج وفى قصة تزويجه صقف فرقة ووصلة وصلة وغربة وتلطيف وتعنيف وعشق وعاشق ومعشوق وحبس وخلاص وقيد وعبودية وعتق وتعارف وتناكر واقبال وفرار ونفخة وجذبة واشارة وبشارة وتعبير وتفسير وتعسير وتيسير واودع فى قصته ما لم يودع فى غيرها من اللطائف وانواع المعاملات مما يروح الارواح ويهيج الاشباح

يقول الفقير لا يبعد ان يقال ان قصة يوسف احسن الاقاصيص السالفة فى سورة هود فى باب تسلية النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وفى نفسها ايضا اذ ما يتعلق بالمحبوب محبوب وما ينبئ عن الاحسن احسن كما قال المولى الجامى

بس دلكش است قصة خوبان وزان ميان تو يوسفى وقصة احسن القصص

وسيجيئ ذكر الملاحقة المتعلقة بجناب يوسف وحضرة الرسالة عليهما السلام

وقال بعضهم هى اول قصة نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهى اوجز لفظا واجمع معنى مترجمة فى الحقيقة عن اسرار الوراثة والخلافة والروح والقلب والقوى وتصفية النفس الامارة التى ظهرت اولا فى صورة زليخا ثم اسلمت وتزكت وصفت الى ان وصلت الى مقام الرضى والامتنان بعد همها باماريتها ثم اجتمعت بالروح اليوسفى بعد انقياد قواها فى صورة الاخوة

قال فى التأويلات النجمية انما كانت احسن القصص لان اول مناسبة ومشابهة باحوال الانسان ورجوعه الى اللّه ووصوله اليه وذلك لانها تشير الى معرفة تركيب الانسان من الروح والقلب والسر والنفس وحواسه الخمس الظاهرة وقواء الست الباطنة والبدن وابتلائه بالدنيا وغير ذلك الى ان يبلغ الانسان اعلى مراتبه فاشار يوسف الى القلب ويعقوب الى الروح وراحيل الى النفس واخوة يوسف الى القوى والحواس ثم ان القرآن مع اشتماله على مثل هذه القصة البديعة وغيرها من عجائب البيان طعن فيه الكفار لكونهم من غير اولى الابصار : وفى المثنوى

جون كتاب اللّه بيامد هم بران ... اينجنين طعنه زدند آن كافران

كه اساطير است وافسانه نزند ... نيست تعميقى وتحقيقى بلند

ذكر يوسف ذكر زلف زبرجمش ... ذكر يعقوب وزليخاى غمش

ونعم ما قال حضرة الشيخ السعدى قدس سره

كسى بديده انكار نكاه كند ... نشان صورت يوسف دهدبناخوبى

وكربجشم ارادت نكه كند درديو ... فرشته اش بنمايد بجشم كروبى

{ بما اوحينا } متعلقة بنقص وما مصدرية اى بايحائنا

{ اليك هذا القرآن وان } مخففة من الثقيلة اى وان الشان

{ كنت من قبله } اى من قبل ايحائنا اليك هذا القرآن

{ لمن الغافلين } الغفلة عن الشيء هى ان لا يخطر ذلك بباله اى لمن الغافلين عن هذه القصة لم تخطر ببالك ولم تقرع سمعك قط وهو تعليل لكونه موحى والتعبير عن عدم العلم بالغفلة لا جلال شأنه عليه السلام كما فى الارشاد فليست هى الغفلة المتعارفة بين الناس ولله ان يخاطب حبيبه بما شاء ألا ترى الى قوله

{ ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان } وقوله

{ ووجدك ضالا } ونحوهما ان مثل هذا التعبير انما هو بالنسبة الى اللّه تعالى وقد تعارفه العرب من غير ان يخطر ببالهم نقص ويجب علينا حسن الاداء فى مث هذا المقام رعاية للادب فى التعبير وتقرير الكلام مع ان الزمان واهله قد مضى وانقضت الايام والانام اللهم اجعلنا فيمن هديتهم الى لطائف البيان ووفقتهم لما هو الادب فى كل امر وشان انك انت المنان

٤

{ اذ قال يوسف } اى اذكر يا محمد وقت قول يوسف وهو اسم عبرى ولذا لم ينصرف للعجمة والتعريف ولو كان عربيا لانصرف والعبرى والعبرانى لغة ابراهيم عليه السلام كما ان السريانى هى اللغة التى تكلم بها آدم عليه السلام

قال السيوطى السريانى منسوب الى سريانة وهى ارض الجزيرة التى كان نوح وقومه قبل الغرق فيها وكان لسانهم سريانيا الا رجلا واحدا يقال له جرهم وكان لسانه عربيا

قال فى انوار المشارق من اللطائف الاتفاقية ان الاسف فى اللغة الحزن والاسيف العبد وقد اتفق اجتماعهما فى يوسف

{ لابيه } يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم

قال بعض من مال الى الاشتقاق فى هذه الاسماء انما سمى يعقوب لان يعقوب وعيصا كانا توأمين فاقتتلا فى بطن امى فلا قتلنها فتأخر يعقوب فخرج عيص فاخذ يعقوب بعقب عيص فخرج بعده فلذا سمى به وسمى الآخر عيصا لما عصى وخرج قبل يعقوب وكان عيص رجلا اشعر وكان يعقوب اجرد وكان عيص احبهما الى ابيه وكان يعقوب احبهما الى امه وكان عيص صاحب صيد وكان يعقوب صاحب غنم فلما كبر اسحاق وعمى قال لعيص يوما يا بنى اطعمنى لحم صيد واقترب منى ادع لك بدعاء دعالى به ابى هو دعاء النبوة وكان لكل نبى دعوة مستجابة وىخر رسولنا صلّى اللّه عليه وسلّم دعاءه للشفاعة العظمى يوم القيامة فخرج عيص لطلب صيد فقالت امه ليعقوب يا بنى اذهب الى الغنم فاذح منها شاة ثم اشوها والبس جلدها وقدمها الى ابيك قبل اخيك وقال له انا ابنك عيص يدعو لك ما وعده لاخيك فلما جاء يعقوب بالشواء قال يا ابت كل قال من انت قال ابنك عيص فمسه فقال المس مس عيص والريح ريح يعقوب

يقو الفقير والاسلم ان يقال ان امه احضرت الشواء بين يدى اسحاق وقالت ان ابنك جاءك بشواء فادع له فظن اسحاق انه عيص فاكل منه ثم دعا لمن جاء به ان يجعل اللهفى ذريته الانبياء والملوك فذهب يعقوب ولما جاءه عيص قالت يا ابت قد جئتك بالصيد الذى اردت فعلم اسحاق الحال وقال يا بنى قد سبقك اخوك ولكن بقيت لك دعوة فهلم ادعو لك بها فدعا ان يكون ذريته عدد التراب فاعطى اللّه له نسلا كثيرا وجملة الروم من ولده روم وكان اسحاق متوطنا فى كنعان واسماعيل مقيما فى مكة فلما بلغ اسحاق الى مائة وثمانين من العمر وحضرته الوفاة وصى سرا بان يخرج يعقوب الى خاله فى جانب الشام حذرا من ان يقتله اخوه عيص حسدا لانه اقسم باللّه فى قصة الشواء ان يقتل يعقوب فانطلق الى خاله ليا بن ناهز واقام عنده وكان لخاله بنتان احداهما لايا وهى كبراهما والاخرى راحيل وهى صغراهما فخطب يعقوب الى خاله بان يزوجه احداهما فقال له خاله هل هلك مال قال لا ولكن اعمل لك فقال نعم صداقها ان تخدمنى سبع سنين فقال يعقوب اخدمك سبع سنين على ان تزوجنى راحيل قال ذلك بينى وبينك قرعى له يعقوب سبع سنين فزوجه الكبرى وهى لايا قال له يا يعقوب انك خدعتنى انما اردت راحيل فقال له خاله انا لا ننكح الصغيرة قبل الكبيرة فهلم فاعمل سبع سنين اخرى فازوجك اختها وكان الناس يجمعون بين الاختين الى ان بعث اللّه موسى عليه السلام فرعى له سبع سنين اخرى فزوجه راحيل فجمع بينهما وكان خاله حين جهزها دفع الى كل من واحدة منهما تخدمها اسم احداهما زلفة والاخرى بلهة فوهبتا الامتين ليعقوب فولدت لايا ستة بنين وبنتا واحدة روبيل.

شمعون . يهودا . لاوى . يسجر . زيالون . دنية

وولدت زلفة ابنين دان . يغثالى

وولدت بلهة ايضا ابنين جاد . آشر وبقيت راحيل عاقرا سنين ثم حملت وولدت يوسف وليعقوب من العمر احدى وتسعون سنة واراد يعقوب ان يهاجر الى موطن ابيه اسحاق بكل الحواشى وكان ليوسف خال له اصنام من ذهب فقالت لايا ليوسف اذهب واسترق منه صنما لعلنا نستنفق منه فذهب يوسف فأخذ صنما

يقول الفقير والاسلم ان خاله وهو ابو امرأته جهزه كما فى بعض الكتب فخرج وقد رفع اللّه ما فى قلب عيص من العداوة

كفر ايمان كشت وديواسلام يافت آن طرف كان نور بى اندازه يافت

فلما التقيا تعانقا وكانا على المصافاة وفى سنة الهجرة حملت راحيل بنيامين وماتت فى نفاسها ويوسف ابن سنتين وكان احب الاولاد الى يعقوب وحين صار ابن سبع سنين رأى فى المنام ان احدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة فى الارض كهيئة الدائرة واذا عصا صغيرة تثب عليها حتى اقتلعتها وغلبتها فوصف ذلك لابيه فقال اياك ان تذكر هذا لاخوتك ثم رأى ليلة الجمعة وكانت ليلة القدر وهو ابن ثنتى عشرة سنة او سبع عشرة ما حكى اللّه تعالى عنه بقوله

{ يا ابت } [ كويند يوسف دركنار بدر در خواب بود ناكاه سراسيمه از خواب در آمد بس يعقوب كفت اى بسر تراجه رسيد كفت ] يا ابت واصله يا ابى فعوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما فى ان كل واحدة زيادة مضمومة الى آخر الاسم او لان التاء تدل فى بعض المواضع على التفخيم كما فى علامة ونسابة والاب والام مظنتا التفخيم كما اختاره الرضى . والمعنى بالفارسية [ اى بدر خواب عجب ديدم ]

{ انى رأيت } فى المنام فهو من الرؤيا لا من الرؤية لقوله { لا تقصص رؤياك }

قال فى الكواشى الرؤيا فى المنام والرؤية فى العين والرأى فى القلب

{ احد عشر كوكبا والشمس والقمر } [ ومن برسر كوهى بلند بودم كه حوالئ او نهار جارى واشجار سبزبود ] وعطف الشمس والقمر على كوكبا تخصيصا اى لاظهار شرفهما على سائر الطوالع كعطف الروح على الملائكة ثم استأنف على تقدير كيف رأيت فقال

{ رأيتم لى ساجدين } [ اين ستار كان وتيرين فرود آمدند ومن در ايشان نكرستم ديدم مرا سجود كنند كان ] اى سجدة تحية لا سجدة عبادة

قال ابن الشيخ لفظ السجود يطلق على وضع الجبهة على الارض سواء كان على وجه التعظيم والاكلام او على وجه العبادة ويطلق ايضا علىلتواضع والخضوع وانما اجريت مجرى العقلاء فى الضمير لوصفها بوصف العقلاء اعنى السجود -روى- عن جابر ان يهوديا جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال اخبرنى يا محمد عن النجوم التى رآهن يوسف فسكت النبى عليه الصلاة والسلام فنزل جبريل فاخبره بذلك فقال عليه السلام ( اذا اخبرتك بذلك هل تسلم ) قال نعم قال عليه السلام ( جريان والطارق والذيال وقابس وعمودان والفليق والمصبح والضروح والفرغ ووثاب وذو الكفتين رآها يوسف والشمس والقمر نزلن من السماء وسجدن له ) فقال اليهودى اى واللّه انها لا سماؤها

واعلم ان يوسف رأى اخوته فى صورة الكواكب لانه يستضاء بالاخوة ويهدى كما يهدى بالكواكب ورأى اباه وخالته ليا فى صورة الشمس والقمر وانما قلنا خالته لان امه ماتت فى نفاس بنيامين كما مر وسجودهم له دخولهم تحت سلطنته وانقيادهم كما سيأتى فى آخر القصة قال فى الارشاد ولا يبعد ان يكون تاخير الشمس والقمر اشارة الى تأخر ملاقاته لهما من ملاقاته لاخوته

والاشارة بالاحد عشر كوكبا الى الحواس الخمس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والقوى الست الباطنة من المفكرة والمذكرة والحافظة والمخيلة والواهمة والحس المشترك فان كل واحدة ومن هذه الحواس والقوى كوكب مضيء يدرك به معنى مناسب له وهو اخوة يوسف القلب لانهم تولدوا بازدواج يعقوب والروح واحيل النفس كلهم بنوا اب واحد

والاشارة بالشمس والقمر الى الروح والنفس ومقام كمالية الانسان ان يكون للقلب سلطان يسجد له الروح والنفس والحواس والقوى كما سجد الملائكة لآدم اى تنقاد وتصير مسخرة مقهورة تحت يده وهذا هو الفتح المطلق الى اشارت ليه سورة النصر وليس لوارث هذا المقام بقاء فى الدنيا غالبا اى بعد ان تحقق بحقيقته فافهم جدا وكان شيخنا الاجل الا كمل من هذا القسم روح اللّه روحه وافاض علينا فتوحه وهم يختارون المقام عند ربهم اذا وصلوا الى نهاية مطالبهم كما قال المولى الجامى

اكركنند بمن عرض دنيى وعقبى ... من آستان تربرهرد وجاى بكزينم

والموت انسب لكونهم فى مقام العندية لكون التفصيل البرزخى اكثر من التفصيل الدنيوى والا فهم ليسوا فى الدنيا ولا فى العقبى فى حياتهم ومماتهم

ثم اعلم الن الرؤيا عبارة عن ارتسام صورة المرئى وانتقاشها فى مرآة القلب فى النوم دون اليقظة فالرؤيا من باب العلم ولكل علم معلوم ولكل معلوم حقيقة وتلك الحقيقة صورته والعلم عبارة عن وصول تلك الصورة الى القلب وانطباعها فيه سواء كان فى النوم او فى اليقظة فلا محل له غير القلب ولما كان عالم الروح متقدما بالوجود والمرتبة على عالم الاجسام وكان الامداد الربانى الواصل الى الاجسام موقوفا على توسط الارواح بينها وبين الحق وتدبير الاجسام مفوض الى الارواح وتعذر الارتباط بين الارواح والاجسام للمباينة الذاتية الثابتة بين المركب البسيط فان الاجسام كلها مركبة والارواح بسيطة فلا مناسبة بينهما فلا ارتباط وما لم يكن ارتباط وما لم يكن ارتباط لا يحصل تأثير ولا تأثر ولا امداد ولا استمداد فلذلك خلق اللّه عالم المثال برزخا جامعا بين عالم الارواح وعالم الاجسام ليصح ارتباط احد العالمين بالآخر فيتأتى حصول التأثر والتأثير ووصول الامداد والتدبير وهكذا شان روح الانسان مع جسمه الطبيعى العنصرى الذى يدبره ويشتمل عليه علما وعملا فانه لما كانت المباينة ثابتة بين روحه وبدنه وتعذر الارتباط الذى يتوقف عليه التدبير ووصول المدد اليه خلق اللّه نفسه الحيوانية برزخا بين البدن والروح المفارق فنفسه الحيوانية من حيث انها قوة معقولة هى بسيطة تناسب الروح المفارق ومن حيث انها مشتملة بالذات على قوى مختلفة متكثرة منبثة فى اقطار البدن متصرفة بتصرفات مختلفة ومحمولة ايضا فى البخار الضبابى الذى فى التجويف الايسر من القلب الصنوبرى تناسب المزاج المركب من العناصر فحصل الارتباط والتأثر والتأثير وتأتى وصول المدد

واذا وضح هذا فاعلم ان القوة الخالية لتى فى نشأة الانسان من كونه نسخة من العالم بالنسبة الى العالم المثالى المطلق كالجزء بالنسبة الى الكل وكالجدول بالنسبة الى النهر الذى هو مشرعه وكما ان طرف الجدول الذى يلى النهر متصل به كذلك عالم الخيال الانسانى من حيث طرفه الاعلى متصل بعالم المثال

والمثال نوعان مطلق ومقيد.

فالمطلق ما حواه العرش المحيط من جميع الآثار الدنيوية والاخروية . والمقيد نوعان نوع هو مقيد بالنوع ونوع غير مقيد بالنوم مشروط بحصول غيبة وفتور ما فى الحس كما فى الواقعات المشهورة للصوفية واول ما يراه الانبياء عليهم السلام انما هو لصور المثالية المرئية فى النوم والخيال ثم يترقون الى ان يروا الملك فى المثال المطلق او المقيد فى غير حال النوم لكن مع نوع فتور فى الحس وكونهم ماخوذين عن الدنيا عند نزول الوحى انما هو مع بقاء العقل والتمييز ولذا لا ينتقض حينئذ وضوؤهم ولانهم تنام اعينهم ولا تنام قلوبهم لكون بواطنهم محلاة بصفات اللّه متخلقة باخلاقه مطهرة عن اوصاف البشرية من الحرص والعجز والامل والضعف وغير ذلك مما فيه نقص ظاهرة بالاضافة الى ذروة الكمال فضلا عن النوم لان النوم عجز وضعف وآفة ولو حلت الآفة قلب النبى لجاز ان يحله سائر الآفات من توهم فى الوحى وغفلة عنه وسآمة منه وفزع يمنعه عن واجب عليه

قال بعضهم ان اللّه قد وكل بالرؤيا ملكا يضرب من الحكمة الامثال وقد اطلعه اللّه سبحانه على قصص ولد آدم من اللوح المحفوظ فهو ينسخ منها ويضرب لكل قصة مثلا فاذا نام يمثل له تلك الاشياء على طريق الحكمة لتكون بشارة له او نذارة او معاتبة ليكونوا على بصيرة من امرهم وفى شرح الشرعة ان اللوح المحفوظ فى المثال كمرآة ظهر فيها الصور ولو وضع مرآة فى مقابلة اخرى ورفع الحجاب بينهما كانت صورة تلك المرآة تتراءى فى تلك والقلب مرآة تقب رسوم العلوم واشتغاله بشهواته ومقتضى حواسه كأنه حجاب مرسل بينه وبين مطالعة اللوح الذى هو من عالم الملكوت فان هبت ريح الرحمة حرك هذا الحجاب ورفع فيتلألأ فى مرىة القلب شيء من عالم الملكوت كالبرق الخاطف وقد يثبت ويدوم وما دام متيقظا فهو مشغول بما يورده الحس عليه من عالم الشهادة الا من شاء اللّه تعالى من المؤيدين من عند اللّه تعالى فاذا ركدت الحواس عند النوم وتخلص القلب من شغلها ومن الخيال وكان صافيا فى جوهوه وارتفع الحجاب وقع فى القلب من اللوح بحسب صفاته الا ان النوم لا يمنع الخيال عن عمله وحركته فما وقع فى القلب من اللوح يبتدره الخيال فيحاكيه بمثال يقاربه وتكون التخيلات اثبت فى الحفظ من غيرها فاذا انتبه من النوم لا يتذكر الا الخيال فيحتاج الرائى الى معبر لينظر بفراسته ان هاذ الخيال حكاية أى معنى من المعانى ولهذا السرّ كان من السنة لمن يرى فى منامه شيأ ان يقصه على عالم ناصح

والريا ثلاثة.

احدها حديث النفس كمن يكون فى امره او حرفة يرى نفسه فى ذلك الامر وكالعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك . وثانيها تخويف الشيطان بان يلعب الانسان فيريه ما يحزنه ومن لعبه به الاحتلام الموجب للغسل وهذان لا تأويل لهما . وثالثها بشرى من اللّه تعالى بان يأتيك ملك الرؤيا من نسخة ام الكتاب يعنى من اللوح المحفوظ وهو الصحيح وما سوى ذلك اضغاث احلام

٥

{ قال } استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة فقال قال

{ يا بنى } تصغير ابن صغره للشفقة والمحبة وصغر السن فاذا كان ابن ثنتى عشرة سنة كما مر واصله يا بنيا الذى اصله يا بنى فابدلت ياء الاضافة الفا كما قيل فى يا غلامى يا غلاما بناء على ان الالف والفتحة اخف من الياء والكسرة

قال فى الارشاد ولما عرف يعقوب من هذه الرؤيا ان يوسف يبلغه تعالى مبلغا جليلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حس الاخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك ولهم معاناة المشاق ومقاساة الاحزان وان كان واثقا من اللّه تعالى بان سيتحقق ذلك لا محالة وطمعا فى حصوله بلا مشقة

{ لا تقصص } [ مخوان وبيدا مكن ]

{ رؤياك } كلا او بعضا

{ على اخوتك } وهم بنوا علاته العشرة كما هو المشهور اذ عدّ دنية من الرجال سهو غفان الاصح انها بنت ليا كما سبق فقوله فى تفسير الارشاد المراد باخوته ههنا الذين يخشى معرته ولم يكن معهم معدودا فى الرؤيا اذ لم يكن معهم فى السجود ليوسف انتهى ليس بوجيه بل ليس بسديد اذ ليس في الاخوة من يسمى دنية كما فى حواشى سعد المفتى ولا يلزم من عدم كون بنيامين داخلا معهم فى الرؤيا ان لا يكون منهم باعتبار التغليب فهو حادى الاحد عشر

{ فكيدوا } نصب باضمار ان اى يفعلوا

{ لك } اى لاجلك ولا لهلاكك

{ كيدا } خفيا عن فهمك لا تقدر على مدافعته وهذا اوفق بمقام التحذير وان كان يعقوب يعلم انهم ليسوا بقادرين على تحويل ما دلت الرؤيا على وقوعه والكيد الاحتيال للاغتيال او طلب ايصال الشر بالغير وهو غير عالم به

{ ان الشيطان للانسان عدو مبين } استئناف كأن يوسف قال كيف يصدر ذلك عن اخوتى الناشئين فى بيت النبوة فقيل ان الشيطان ظاهر العداوة للانسان او مظهرها قد بانت عداوته لك ولابناء جنسك اذا خرج ابويكم آدم وحواء من الجنة ونزع عنهما لباس النور وحلف انه ليعلمن فى نوع الانسان كل حيلة وليأتينهم من كل جهة وجانب فلا يزال مجتهدا فى اغواء اخوتك واضلالهم وحملهم على الاضر فبه علم انهم يعبمون تأويلها فقال ما قال

قال بعض العارفين برأ ابناءه من ذلك الكيد فالحقه بالشيطان لعلمه ان الافعال كلها من اللّه تعالى . ولما كان الشيطان مظهرا لاسم المضل اضاف الفعل السبى اليه وهذه الاضافة ايضا كيد ومكر فان اللّه تعالى هو الفاعل فى الحقيقة لا المظهر الشيطانى

حق فاعل وهرجه جز حق آلات بود ... تأثير زآلت از محالات بود

٦

{ وكذلك } اى مثل اجتبائك واختيارك من بين اخوتك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز وكبرياء شأنك فالكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف

{ يجتبيك ربك } يختارك ويصطفيك لما هو اعظم منها كالنبوة ويبرز مصداق تلك الرؤيا فى عالم الشهادة اذ لا بد لكل صورة مرئية فى عالم المثال حقيقة واقعة فى عالم الشهادة وان كانت الدنيا كلها خيالا كما سيتأتى تحقيقه

خيال جملة جهانرا بنور جشم يقين ... بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم

{ ويعلمك } كلام مبتدأ داخل فى حكم التشبيه كأنه قيل وهو لا يعلمك لان الظاهر ان يشبه الاجتباء بالاجتباء والتعليم غير الاجتباء فلو كان داخلا فى حكم التشبيه كان المعنى وبعلمك تعليما مثل الاجتباء بمثل هذه الرؤيا وظاهر سماجته فان الاجتباء وجه الشبه بين المشبه والمشبه به ولم يلاحظ فى التعليم ذلك كذا قالوا

يقوال الفقير هذا هو منهما نعمة جسيمة من اللّه تعالى كما يدل عليه مقام الامتنان فلا سماجة

{ من تأويل الاحاديث } اى ذلك الجنس من العلوم فتطلع على حقيقة ما اقول فان من وفقه اللّه تعالى لمثل هذه الرؤيا لا بد من توفيقه لتعبيرها فان علم التعبير من لوازم الاجتباء غالبا

والمراد بتأويل الاحاديث تعبير الرؤى جمع الرؤيا اذ هى اما احاديث الملك ان كانت صادقة او احاديث النفس والشيطان ان لم تكن كذلك وتسمتها تأويلا لانه يؤول امرها اليه اى يرجع الى ما يذكره المعبر من حقيقتها . والاحاديث اسم جمع للحديث ومنه احاديث الرسول والحديث فى اللغة الجديد وفى عرف العامة الكلام وفى عرف المحدثين ما يحدث عن النبى عليه السلام فكأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن اذ ذاك قديم وها حادث . وفى الصحاح الحديث ضد القديم ويستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ

{ ويتم نعمته عليك } يا يوسف يجوز ان يتعلق بقوله يتم وان يتعلق بنعمته اى بان يضم الى النبوة المستفادة من الاجتباء الملك ويجعله تتمة لها وتوسيط التعليم لرعاية الوجود الخارجى

{ وعلى } كرر على ليمكن العطف على الضمير المجرور

{ آل يعقوب } الآل وان كان اصله الاهل الا انه لا يستعمل الا فى الاشراف بخلاف الاهل وهم اهله من بيته وغيرهم فان رؤية يوسف اخوته كوامب تهدتى بانوارها من نعم اللّه عليهم لدلالتها على مصي امرهم الى النبوة فيقع كل ما يخرج من القوة الى الفعل اتماما التك النعمة

وقال سعدى المفتى غاية ما تدل رؤيتهم على صور الكواكب الى نبوتهم لان الفرد الكامل للهداية ان يكون ذلك بالنبوة ولذلك قد قال اللّه تعالى فى حق الانبياء

{ وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا } فاعرف ذلك

{ كما اتمها على ابويك } نصب على المصدرية اى ويتم نعمته عليك اتماما ككائنا كاتمام نعمته على ابويك وهى نعمة الرسالة والنوبة

{ من قبل } اى من قبل هذا الوقت او من قبلك

{ ابراهيم واسحق } عطف بيان لابويك والتعبير عنهما بالاب مع كونهما ابا جده وابا ابيه للاشعار بكمال اررتباطه بالانبياء الكرام

قال فى الكواشى الجد اب فى الاصالة يقال فلان بن فلان وبينهما عدة آباء انتهى

اما اتمامها على ابراهيم فباتخاذه خليلا وبانجائه من النار ومن ذبح الولد.

واما على اسحاق فباخراج يعقوب والاسباط من صلبه وكل ذلك نعم جليلة وقعت تتمة لنعمة النبوة ولا يجب في تحقيق التشبيه كون ذلك في جانب المشبه به مثل ما وقع في جانب المشبه به مثل ما وقع في جانب المشبه من كل وجه

والاشارة ان اتمام النعمة على يوسف القلب بان يتجلى له ويستوى عليه اذ هو عرش حقيقى للرب تعالى دون ما سواه كما قال تعالى { لا يسعنى ارضى وسمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن }

دردل مرمن بكنجم اى عجب ... كرمرا جوئى دران دلها طلب

ولهذا الاستحقاق كان يويف القلب مختصا بكمال الحسن واذا تجلى اللّه تعالى للقلب تنعكس انوار التجلى من مرآة القلب على جميع المتولدات من الروح كالحواس والقوى وغيرهما من آل يعقوب الروح

{ ان رربك } اى يفعل ما ذكر لان ربك

{ عليم } اى عليم

{ حكيم } اى حيكم وهو معنى مجيئهما نكرتين اى واسع العلم باهر الحكمة يعلم من يحق له الاجتباء ولا يتم نعمته الا على من يستحقها او يفعل كما يفعل على مقتضى الحكمة والصواب

اعلم ان اللّه تعالى قدم فى بعض المواضع الاسم الحكيم على الاسم العليم وعكس فى بعضها كما فى هذا المقام .

اما الاول فهو باعتبار حضرة العين لان الحكمة فى تعلقه فى الاعيان والحقائق العلمية تابع للحكمة وذلك عبارة عن كونه تابعا للعلوم حيث تعلق به فى تلك الحضرة على وجه ما اعطاه اياه من نفسه .

واما الثانى فهو اعتبار حضرة العين لان الحكمة فى تعلقها بالتعينات والصور المعينة تابعة للعلم وهذا عبارة عن كونه المعلوم تابعا للعلم حيث انما تعلقت بها فى هذه الحضرة على وجه ما اعطاه العلم اياها من نفسه على الوجه الاول فلا جرم ان المتبوع فى أية مرتبة كان له التقدم والتابع كذلك له التأخر جدا ولا شك ان المعتبر انما هو تقدم المعلومات على تعلق العلم بالذات فى الحضرة الاولى وتأخرها عنه فى الثانية والحكمة انما هى ترتب تلك المعلومات فى مراتبها ووضعها فى مواضعها فى اية حضرة كانت وهذا الترتيب والوضع فى اية مرتبة كان اذا وقع من الحكيم العليم والعليم الحكيم بحسب اقتضاآت استعداداتها الكلية الازلية وبقدر استعدعاآت قابليتها الجزئية الابدية فى النشاآت الدنيوية والبرزخية والنشرية والحشرية والنيرانية والجنانية والجسمانية والروحانية وغير ذلك من سائر النشاآت فافهم هداك اللّه الى الفهم عن اللّه كذا فى بعض تحريرات شيخنا الاجل ومرشدنا الاكمل قدس اللّه نفسه الزاكية وروح روحه فى جميع المواطن كلها آمين

٧

{ لقد كان فى يوسف واخوته } اى باللّه قد كان فى صة يوسف وحكاية اخوته الاحد عشر

{ آيات } علامة عظيمة الشأن دالة على قدرة اللّه القاهر وحكمته الباهرة

{ للسائلين } لكل من سأل عن قصتهم وعرفها فان كبار اولاد يعقوب بعدما اتفقوا على اذلال اصغر اولاده يوسف وفعلوا به ما فعلوا قد اصطفاه اللّه للنبوة والملك وجعلهم خاضعين له منقادين لحكمه وان وبال حسدهم له قد انقلب عليهم وهذا من اجل الدلائل على قدرة اللّه القاهرة وحكمته الباهرة

وفى التفسير الفارسى [ آورد اندكه جون يوسف خواب مذكوررا بايدر تقرير كرد ويعقوب بكتمان آن وصيت فرمود وباجتباء واتمام نعمت او مرده داد بعض اززنان برادران اوشنودند ونمارشام كه ايشان بخانه باز آمدند صورت حال را بازنموند ايشانرا عرق حسد درحركت آمد بتدبير مهم مشغول شدند

وقال يهودا وروبيل وشمعون ما رضى ان يسجد له اخوته حتى يسجد له ابواه فدبروا لاخراجه من البين كما حكى اللّه عنهم بقوله

٨

{ اذ قالوا } [ يادكن آنراكه كفتند برادران يوسف بايكديكر ]

{ ليوسف } [ هرآينه يوسف ] فلام الابتداء لتحقيق مضمون الجملة وتأكيده اى ان زيادة محبته لهما امر محقق ثابت لا شبهة فيه

{ واخوه } اى شقيقه بنيامين والشقيق الاخ من الاب والام وقد يقال للاخ لاب شقيق كأنه شق معك ظهر ابيك وللاخ من الام لانه شق معك بطن امك وفى القاموس الشقيق كامير الاخ كأنه شق نسبه من نسبه انتهى

وانما لم يذكر باسمه تلويحا بان مدار المحبة اخوته ليوسف من الطرفين الاب والام فالمآل الى زيادة الحب ليوسف ولذلك دبروا لقتله وطرحه ولم يتعرضوا لبنيامين

{ احب الى ابينا منا } احب فعل تفضيل مبنى من المفعول شذوذا وحد الخبر مع تعدد المبتدأ لان افعل من كذا لا يفرق فيه بين الواحد وما فوقه ولا بين المذكر والمؤنث لان تمامه بمن ولا يثنى اسم التفضيل ولا يجمع ولا يؤنث قبل نمامه

قال بعض العارفين مال يعقوب الى يوسف لظهور كمال استعداده الكلى فى رؤياه حين رأى احد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدان فعلم ابوه من رؤياه انه يرث اباه وجده ويجمع استعدادات اخوته فكان يضمه كل ساعة الى صدره ولا يصبر عنه فتبالغ حسدهم حتى حملهم على التعرض له .

وقيل لان اللّه تعالى اراد ابتلاءه بمحبته اليه فى قلبه ثم غيبه عنه ليكون البلاء اشد عليه لغيرة المحبة الآلهية اذ سلكان المحبة لا يقبل الشركة فى ملكه والجمال والكمال فى الحقيقة لله تعالى فللا يحتجب احد بما سواه ولا كيد اشد من كيد الولد الا ترى ان نوحا عليه السلام دعا على الكفار فاغرقهم اللّه تعالى فلم يحترق قليه فلما بلغ ولده الغرق صاح ولم يصبر وقال

{ ان ابنى من اهلى } { ونحن عصبة } اى والحال انا جماعة قادرون على الحل والعقد احقاء بالمحبة وما معنى اختيار صغيرين ضعيفين على العشرة الاقوياء والعصبة والعصابة العشرة من الرجال فصاعدوا سموا بذلك لان المور تعصب بهم وتشتد والنفر ما بين الثلاثة الى الخمسة والرهط ما بين الخمسة الى العشرة

{ ان ابانا } فى ترجيهما علينا فى المحبة مع فضلنا عليهما وكونهما بمعزل من الكفاية بالصغر والقلة

{ لفى ضلال } اصل الضلال العدول عن القصد اى ذهاب عن طريق التعديل اللائق وتنزيل كل منا منزلته

{ مبين } ظاهر الحال نظروا الى صورة يوسف ولم يحيطوا علما بمعناه فقالوا ما قالوا ولم يعرفوا ان يوسف اكبر منهم بحسب الحقيقة : وفى المثنوى

عارفى برسيد ازان بير كشيش ... كه تواى خواجه مسن ترياك ريش

كفت نى من بيش ازو زائيده ام ... بى زريشى بس جهانرا ديسده ام

كفت ريشت شدسفيد از حال كشت ... خوى زشت تونكر ديده است وشت

او بس ازتو زاد وازتو بكذريد ... توجنين خشكى زسوداى ثريد

توبدان رنكى كه اول زاده ... يك قدم زان بيشتر ننهاده

همجنان دوغى ترش در معدنى ... خود نكردى زو مخلص روغنى

قال فى الكواشى لا وقف من السائلين الى صالحين لان الكلام جملة محكية عنهم انتهى

اى للتعلق المعنوى بين مقدم الكلام ومؤخره الا ان يكون مضطرا بان ينقطع نفسه فحينئذ يجب عليه ان يرجع الى ما قبله ويوصل الكلام بعضه ببعض فان لم يفعل اثم كما فى بعض شروح الجزرى وقرئ مبين

٩

{ اقتلوا يوسف } بكسر وضم والمشهور الكسر وجه الضم التبعية لعين الفعل وهى مضمومة

فان قلت الحسد من امهات الكبائر لا سيما وقد اقدموا بسبب ذلك على القتل ونحوه وكل ذلك ينافى العصمة والنبوة

قلت النعتبر عصمة الانبياء فى وقت حصول النبوة فلن ما قبلها فذلك غير واجب كذا اجاب الامام

وفى شرح العقائد الانبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بالاجماع وكذا من تعمد الكبائر انتهى [ در تيسير آورده كه جون شيطان اين كلمات از ايشان استماع كرد بصورت بيرى بريشان ظاهر شد وكفت يوسف ميخواند كه شمارا ببندكى كيرد كفتنداى بر تدبير جيست كفت اقتلوا يوسف ]

{ واطرحوه ارضا } منكورة مجهولة بعيدة من العمران ليهلك فيها او يأكله السباع وهو معنى تنكيرها وابهامها لا ان معناه اى ارض كانت ولذلك نصبت نصب الظروف المبهمة وهى ما ليس له حدود تحصره ولا اقطار تحويه وفيه اشارة الى ان التغريب يساوى القتل كما فى قوله تعالى

{ ولولا ان كتب اللّه عليهم الجلاء لعذبهم فى الدنيا } فسلاطين الزمان كأنهم قاتلون العلماء لا سيما المشايخ منهم بتغريبهم واقصائهم الى البلاد البعيدة وتفريقهم من اولادهم واتباعهم وذلك لكونه من غير سبب موجب غالبا اصلحنا اللّه تعالى واياهم

{ يخل } بالجزم جواب للامر اى يخلص

{ لكم وجه ابيكم } فيقبل عليكم بكليته ولا يلتفت عنكم الى غيركم وتتوفر محبته فيكم فذكر الوجه لتصوير معنى اقباله عليهم لان الرجل اذا اقبل على الشيء اقبل بوجهه ويجوز ان يراد بالوجه بالذات

{ وتكونوا } بالجزم عطف على من يخل

{ من بعده } من بعد يوسف اى من بعد الفراغ من امره

{ قوما صالحين } صلحت حالكم عند ابيكم او تائبين الى اللّه تعالى مما جئتم [ واين نيز زمكائد ابليس بودكه ناشكيبان باديه آرزورا ازروى تسويف ميكويد مصراع امروز كنه كنيد وفردا توبه آخر تأمل ميكندكه عذر فردارا عمر فردا مى بايد وبر عمر اعتمادى نيست ]

كار امروز بفردا نكذارى زنهار ... كه جو فردا برسد نوبت كارد كرست

يقول الفقير اما قول بعض الحكماء هكذا يكون المؤمن يهيئ التوبة قبل المعصية فمعناه ان يصمم التوبة على ما سيصدر عنه من الزلات سهوا بحسب غلبة البشرية والا فلا معنى لتلويث لباس طاهر ثم تطهيره ورب ملسوع يموت قبل ان يصل الى للترياق فأكل السم على ظن ان الترياق يدفع مضرته ليس من ديدن اهل القلب السليم والعقل المستقيم

١٠

{ قال } استئناف مبنى على سؤال من سأل وقال اتفقوا على ما عرض عليهم من الامرين ام خالفهم فى ذلك احد فقيل قال

{ قائل منهم } وهو يهودا وكان احسنهم فيه رأيا حيث جوزوا قتله ولم يساعدهم عليه

{ لا تقتلوا يوسف } فان قتله عظيم لكونه من غير جرم ولا تطرحوه ارضا لكونه فى حكم القتل

{ والقوه } يعنى بدل الطرح

{ فى غيابة الجب } فى قعره وغوره وما اظلم منه من اسفله سمى به لغيبته عن عين الناظر والجب البئر التى لم تطو بعد لانه ليس فيها غير جب الارض وقطعها فاذا طويت فهو بئر

{ يلتقطه } يأخذه على وجه الصيانة من الضياع والتلف فان الالتقاط اخذ شيء مشرف على الضياع

{ بعض السيارة } جمع سيار وهو بناء المبالغة اى بعض طائفة تسير فى الارض . والفارسية [ بعضى ازاره كذريان كه بداتجا رسندو وببرندش بنا حيتى ديكروشما ازوباز رهيد ]

{ ان كنتم فاعلين } [ بمشورتى يعنى جون غرض شمابودن اوست برين وجه مبايد كرد ] ولم يبت القول عليهم انما عرض ذلك عليهم تأليفا لقلبهم وتوجيها لهم الاى رأيه وحذرا من نسبتهم له الى التهكم والافتيات اى الاستبداد والتفرد

قال سعدى المفتى انما قال هذا القائل ذلك لكونه اوجه مما ذكروه فى التدبير فان من التقطه من السيارة يحمله الى موضع بعيد ويحصل المقصود بلا احتياج الى الحركة بانفسهم فربما لا يأذن لهم ابوهم وربما يطلع على قصدهم انتهى

فانظر الى هؤلاء الاخوان الذين ارحمهم له لا يرضى الا بالقاء يوسف فى اسفل الحجب وهكذا اخوان الزمان وابناؤه فان السنتم دائرة بكل شر ساكتة عن كل خير

جامى ابناى زمان از قول حق صمند وبكم ... نام ايشان نيست عند اللّه بجز شر الدواب

درلباس دوستى سازندكار دشمنى ... حسل الامكان واجبست ازكيدايشان اجتناب

شكل ايشان شكل انسان فعلشان فعل سباع ... هم زئاب فى ثياب او ثياب فى ذئاب

وفى الآية اشارة الى ان الحواس والقوى تسعى فى قتل يوسف القلب بسكين الهوى فان موت القلب منشأة الهوى وهو السم القاتل للقلب او تسعى فى طرحه فى ارض البشرية فانه بعد موت القلب يقبل الروح بوجهه الى الحواس والقوى لتحصيل شهواتها ومراداتها وتكون هى بعد موته قوما صالحين للتنعم الحيوانى والنفسانى قال قائل منهم وهو يهودا التفكرة لا تقتلوا يوسف والقوة فى غيابة جب القالب وسفل البشرية يلتقطه سيارة الحوادث النفسانية ان كنتم فاعلين ساعين به كذا فى التأويلات النجمية

فالحياة الحقيقة انما هى فى حياة القلب والقلب بيت اللّه ومحل استوائه عليه

قال الشيخ ابو عبد اللّه محمد بن الفضل العجب ممن يقطع الاودية والمفاوز والقفار ليصل الى بيته وحرمه لان فيه آثار انبيائه كيف لا يقطع باللّه نفسه وهواه حتى يصل الى قلبه فان فيه آثار مولاه وكذر اللّه تعالى هو طريق الوصول

قال الشيخ ابو عبد اللّه محمد بن على الترمذى الحكيم رضى اللّه عنه ذكر اللّه يرطب القلب ويلينه فاذا خلا عن الذكر اصابته حرارة النفس ونار الشهوات فقسا ويبس وامتنعت الاعضاء من الطاعة فاذا مددتها انكسرت كالشجرة اذا يبست لا تصلح الا للقطع وتصير وقودا للنار اعاذنا اللّه منها

١١

{ قالوا } [ اورده اندكه برادران يوسف برقول يهودا متفق شدند ونزد بدر آمده كفتند فصل بهار رسيده وسبزها از زمن زمديده جه شودكه يوسف را باما بصحرا فرستى تاروزى بتماشا وتفرج بكذارند يعقوب فرمودكه از هجر حسن بهار رخسار يوسف جون بلبل خزان ديده خواهم بود روامداريدكه شما دركلزار باشيد ومن درخانه بخار هجر كرفتار باشم ]

حريفان دربهار عيش خندان ... من اندر كنج غم جون دردمندان

[ فرزندان يعقوب ن اميد شده بيش يوسف آمدند واز تماشاى سبزه وصحرا شمه باوى درميان آورده وكفتند

موسم كل دوسه روزيست غنيمت دانيد ... كه دكر نوبت ناراج خزان خواهد بود

يوسف جون نام تماشا شنيد خاطر مباركش متوجه صحرا شد وبا برادران بيش بدر آمده التماس اجازت نمود ومضمون ابن مقال بربان حال بعرض رسانيده ]

زين تنكناى خلوتم خاطر بصحرا مى كشد ... كزبزستان باد سحر خوش ميدهد بيغامرا

[ يعقوب درفكر دور ودراز افتاد ] وعند ذلك قالوا

{ يا ابانا } خاطبوه بذلك تحريكا لسلسة النسب بينهى وبينهم واكذيرا لرابطة الاخوة بينهم وبين يوسف ليتسببوا بذلك الى استنزاله عن رأيه فى حفظه منهم لما احس مهم بامارات الحسد والبغى فكانهم قالوا

{ مالك لا تأمنا } اى أى عذر لك فى ترك الا من اى فى الخوف

{ على يوسف } مع انك ابونا ونحن بنوك وهو اخونا . قوله لا تأمنا حال معنى الفعل فى مالكل كما تقول مالك قائما بمعنا ما تصنع قائما

{ وانا لناصحون } الواو للحال من مفعول لا تأمنا اى والحال انا لمريدون له الخير ومشفقون عليه ليس فينا ما يخل بالنصيحة والمقة

وبالفارسية [ نيك خواهانيم وبغايت بروى مهربان ]

١٢

{ ارسله معنا غدا } الى الصحراء

{ يرتع } اى يتسع فى اكل الفواكه ونحوها فان الرتع هو الاتساع فى الملاذ

{ ويلعب } بالاستباق والتناضل ونحوهما مما يكون الغرض منه تعلم المحاربة مع الكفار وانما سموه لعبا لانه فى صورته وايضا لم يكونوا يومئذ انبياء وايضا جاز ان يكون المراد من اللعب الاقدام على المباحات لاجل انشراح الصدر كما روى عنه عليه السلام انه قال لجابر رضى اللّه عنه ( فهلا بكرا ) اى فهلا تزوجت بكرا ( تلاعبها وتلاعبك )

قال ابو الليث لم يريدوا به اللعب الذى هو منهى عنه وانما ارادوا به المطايبة فى المزاح فى غير مأثم . وفيه دليل على انه لا بأس بالمطايبة قال امير المؤنين على رضى اللّه عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الانسان من حد العبوس -روى- انه أتى رجل برجل الى على فقال ان هذا زعم انه احتلم على امى فقال اقمه فى الشمس واضرب ظله

{ وانا له لحافظون } من ان يناله مكروه ثم استأنف عمن يسأله ويقول فماذا قال يعقوب

١٣

{ قال انى ليحزننى ان تذهبوا به } [ آنكه شمابيريداورا از بسش من ] وذلك لشدة مفارقته علىّ وقلة صبرى عنه

فان قيل لام الابتداء تخلص المضارع للحال عند جمهور النحاة والذهاب ههنا مستقبل فيلزم تقدم الفعل على فاعله مع انه اثره

قلنا ان التقدير قصدان تذهبوا به والقصد حال او تصور ذهابكم وتوقعه والتصور موجود فى الحال كما فى العلة الغائية

{ و } مع ذلك

{ اخاف ان يأكله الذئب } لان الارض كانت مذابة واللام للعهد الذهنى والحزن الم القلب بفوت المحبوب والخوف انزعاج النفس لنزول المكروه ولذلك اسند الاول الى الذهاب به المفوت لاستمرار مصاحبته ومواصلته ليوسف والثانى الى ما يتوقع نزوله من اكل الذئب -وروى- انه رأى فى المام كأنه على رأس جبل ويوسف فى صحراء فهجم عليه احد عشر ذئبا فغاب يوسف بينهن ولذا حذرهم من اكل الذئب ومع ذلك فقد دفعه الى اخوته لانه اذا جاء القضاء عمى البصر

اين هم از تأثير حكمست وقدر ... جاه مى بينى ونتواى حذر

{ وانتم عنه غافلون } [ از بيخبران باشيد بسبب تماشا ]

ازان ترسم كزو غافل نشينيد ... زغفلت صورت حالش نبينيد

درين دبرينه دشت محنت انكيز ... كهن كركى برودندان كندتيز

١٤

{ قالوا } واللّه

{ لئن اكله الذئب ونحن عصبة } [ وحال آنكه ما كروهى توانا وقوى هيكلم كه هريكى ازمابا ده شير در محار به مقاومت ميتواند كرد ]

{ انا اذا } [ بدرستى كه ما آن وقت كه برادررا بكرك دهيم ]

{ لخاسرون } [ هر آيينه زيانكاران باشيم ] من الخسار بمعنى الهلاك اى لها لكون ضعفا وخورا وعجزا

وفى الكواشى مغبونون بترك حرمة الوالد والاخ وانما اقتصروا على جواب خوف يوسف من اكل الذئب ولم يجيبوا عن الاعتذار الاول لانه السبب القوى فى المنع دون الحزن لقصر مدته بناء على انهم يأتون به عن قريب

وعن بعض الصحابة رضى اللّه عنهم انه قال لا ينبغى للرجل ان يلقن الخصم الحجة لان اخوة يوسف كانوا لا يعلمون ان الذئب يأكل الناس الى ان قال ذلك يعقوب ولقنهم العلة فى كيد يوسف وفى الحديث ( البلاء موكل بالمنطق ما قال عبد لشيء واللّه لا افعله الا ترك للشيطان كل شيء فولع به حتى يوشمه ) وفى الحديث ( انى لأجد نفسى تحدثنى بالشيء فما يمنعنى ان اتكلم به الا مخافة ان ابتلى به ) -يحكى- ان ابن السكيت من ائمة اللغة جلس على المتوكل يوما فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكل فقال ايما احب اليك ابناى ام الحسن والحسين قال واللّه ان قنبر خادم على رضى اللّه عنه خير منك ومن ابنيك فقال سلوا لسانك من قفاه ففعلوا فمات فى تلك الليلة ومن العجب انه انشد قبل ذلك الى المعتز والمؤيد وكان يعلمهما فقال

يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل

فعثرته فى القول تذهب رأسه ... وعثرته فى الرجل تبرا على مهل

والاشارة ان القلب ما دام فى نظر الروح مراقبا له غير مشغول باستعمال الحواس والقوى من الروح ان يرسل يوسف القلب معهم الى مراتعهم الحيوانية ليتمتعوا به فى غيبة يعقوب الروح وهو لا يأمنهم عليه لانه واقف فى مكيدتهم وانهم يدعون نصحه وحفظه من الآفات والقلب اذا بعد من الروح ونظره يقرب منه ذئب الشيطان ويتصرف فيه ويهلكه وخسران جميع اجزاء الانسان فى هلاك القلب وربحها فى سلامته فعلى العاقل ان لا يلعب بالدنيا كالصبيان ويحترز عن فتنتها وآفاتها ولا يرى ترك عنان النفس حذرا من الوقوع فى بئر الهوى ويجتهد فى قمع الهوى ودفع الميل الى ما سوى اللّه تعالى

وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست ازهمه ببريد نست

عصمنا اللّه اياكم من الاستماع الى حديث النفس والشيطان وجعلنا واياكم محفوظين من موجبات القطيعة والخذلان انه هو الكريم المنان المحسان

١٥

{ فلما ذهبوا به } متصل بمحذوف اى فاذن له وارسله معهم فلما ذهبوا اليه [ بس ىن هنكام كه كرادران ببردند يوسف را ] والجواب محذوف وهو فعلوا به من الاذية ما فعلوا

وتفصيل المقام ان يعقوب عليه السلام لما رأى الحاح اخوة يوسف فى خروجه معهم الى الصحراء ومبالغتهم بالعهد واليمين ورأى ايضا ميل يوسف الى التفرج والتنزه رضى بالقضاء فاذن فامر ان يغسل بدن يوسف فى طست كان اتى به جبريل الى ابراهيم حين مجيئ الفداء فاجرى فيه دم الكبش وان يرجل شعره ويدهن بدهن اسماعيل الذى جاء به جبريل من الجنة وان يكحل ففعلوا ويروى ان ابراهيم عيله السلام حين القى فى النار وجرد عن ثيابه اتاه جبريل بقميص من حرير الجنة فالبسه اياه فدفعه ابراهيم الى اسحاق واسحاق الى يعقوب فجعله يعقوب فى تميمة وعلقها فى عنق يوسف

وقال الكاشفى [ جون تعويذى بربازويش بست وبمشايعه فرزندان تا شجرة الموداع بردرووازه كنعان بود بيرون آمد ويوسف رادر كنار كرفته كريه كنان اغازوداع كرد ]

ذل نمى خواست حدايى زتوا ماجه كنم ... دور ايام نه بر قاعده دلخوانت

تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن ... [ يوسف كفت اى بدر سبب كريه جيست كفت اى يوسف ازين رفتن تورايحه اندوهى عظيم بمشام دل من ميرسد ونمى دانم كه سر انجام كار بكجا خواهد كشيد بارى لا تنسانى فانى لا انساك مرافراموش مكن كه من ترانيز فراموش نخواهم كرد ] فراموشى نه شرط دوستانست [ بس فرزندانرا درباب محافظه يوسف مبالغة بسيار فرمود ] وهم جعلوا يحملونه على عواتقهم اكراما له وسرورا به فذهبوا به [ يعقوب درايشان مينكريست وازشوق لقاى فرزند ارجمند مى كريست ]

هنوز سرو روانم زجشم ناشده دور ... دل از تصور دورى جوبيد لرزانست

[ جون فرزندان از بيش نظروى غائب شدند روى بكنعان نهاد ] فلما بعدوا عن العيون تركوا وصايا ابيهم فالقوه على الارض وقالوا يا صاحب الرؤيا الكاذبة اين الكواكب التى رأيتهم لك ساجدين حتى يخلصوك منى ايدينا اليوم فجعلوا يؤذونه ويضربونه وكلما لجأ الى واحد منهم ضربه ولا يزدادون عليه الا غلظة وحنقا وجعل يبكى بكاء شديدا وينادى يا ابتاه ما اسرع ما نسوا عهدك وضيعوا وصيتك لو تعلم ما يصنع بابنك اولاد الاماء

قال الكاشفى [ درخاك خوارى كرسنه وتشنه بروى مى كشيدند تابهلاك نزديك رسيد ] وقال بعضهم فاخذه روبيل فجلد به الارض ووثب على صدره واراد قتله ولوى عنقه ليكسرها فنادى يوسف يا يهودا وكان ارفقهم به اتق اللّه وجعل بينى وبين من يريد قتلى فاخذته رقة ورحمة فقال يهودا ألستم قد اعطيتمونى موثقا ان لا تقتلوه قالوا بل قال ادلكم على ما خير لكم من القتل القوه فى الجب فسكن غضبهم وقالوا نفعب

{ واجمعوا ان يحعلوه فى غيابة الجب } وعزموا على القاء يوسف فى قعر الجب وكان على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب بكنعان التى هى من نواحى الاردن وحفر شداد حبن عمر بلاد الاردن وكان اعلاه ضيقا واسفله واسعا

وقال الكاشفى [ هفتاد كزعمق يافت يازياده ] فأتوا به الى رأس البئر فتعلق بثيابهم فنزعوها من يديه فدلوه بها بحبل مربوط على وسطه فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه لما عزموا عليه من تلطيخه بالدم الذكب احتيالا لابيه فقال يا اخوتاه ردوا على قميصى اتوارى به فى حياتى ويكون كنقا بعد مماتى فلم يفعلوا فلبما بلغ نصفها قطعوا الحبل والقوه ليموت وكان فى البئر ماء فسقط فيه ثم اوى الى صخرة بجانب البئر فقام عليها وهو يبكى فنادوه وظن انها رحمة ادركتهم فاجابهم فارادوا ان يرضخوه فمنعهم يهودا

قال الكاشفى [ از حضرت ملك على خطاب مستطاب بطائر آشيان سدرة المنتهى رسيدكه ( ادرك عبدى جيريل ) بيش ازانكه يوسف به تك جاه رسد بوى رسيد واورا بانجه مقدسه خود كرفت وبربالاى صحره كه درتك جاه بود بنشانيد واز طعام وشراب بهشت بوى داد بيراهن خليلكه تعويذوار بربازوداشت اورا بوشانيد ] قال الحسن القى يوسف فى الجب وهو ابن ثنتى عشرة سنة ولقى اباه ثمانين سنة

وقيل كان يوسف ابن سبع عشرة سنة

وقيل ابن ثمانى عشرة سنة -وروى- ان هوام البئر قال بعضها لبعض لا تخرجن من مساكنهن فان نبيا من الانبياء نزل بساحتكن فانجرحن الا الافعى فانها قصدت يوسف فصاح بها جبريل فصمت وبقى الصمم فى نسلها ولما القى فى الجب قال يا شاهدا غير غائب ويا قريبا غير بعيد ويا غالبا غير مغلوب اجعل لى من امرى فرجا ومخرجا -وروى- اجعل لى فرجا مما انا فيه فما بات فيه

قال الكواشى لبث فى البئر ثلاثة ايام او خرج من ساعته انتهى وعلم جبريل يوسف هذا الدعاء اى فى البئر ( اللهم يا كاشف كل كربة ويا مجيب كل دعوة ويا جابر كل كسير ويا ميسر كل عسير ويا صاحب كل غريب ويا مؤنس كل وحيد يا لا اله الا انت سبحانك اسألك ان تجعل لى فرجا ومخرجا وان تقذف حبك فى قلبى حتى لا يكون لى هم ولا ذكر غيرك ان تحفظنى وترحمنى يا ارحم الراحمين ) -روى- ان يوسف لما القى فى الجب ذكر اسم اللّه باسمائه الحسنى فسمعه الملائكة فقالوا يا رب نسمع صوتا حسنا فى الجب فامهلنا ساعة فقال اللّه ألستم قلتم

{ أتجعل فيها من يفسد فيها } فحفته الملائكة فانس بهم وكذلك اذا اجتمع المؤمنون على ذكر اللّه تعالى يقول الملائكة الهنا انظرنا نستأنس بهم فيقول اللّه تعالى ألستم قلتم

{ أتجعل فيها من يفسد فيها } فلآن تتمنون الاستئناس بهم فعلم ان الملائكة المقربين تنزل لشرف الذكر كما فى نفائس المجالس

ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خودراهريكى دون كهرباست

ضدرا باضد ايناس ازكجا ... با امام الناس نسناس از كجا

اين قدر كفتيم باقى فكر كن ... فكرا كر جامد بودروذكر كن

ذكر آرد فكررا در اهتزاز ... ذكررا خورشيد اين افسرده ساز

كما فى المثنوى

{ واوحينا اليه } تبشيرا له بما يؤول اليه امره وازاله . لوحشته وايناسا له وكان وحى نبوة ورسالة كما عليه المحققون وقد صح ان اللّه تعالى اوحى الى يحيى وعيسى عليهما السلام قبل ادراكهما وذلك لان اللّه تعالى قد فتح باب الولاية الخاصة لبعض الآحاد فى صغرهم كالشيخ سهل قدس سره فلان يكون باب النبوة مفتوحا اولى لكمال استعداد الانبياء عليهم السلام فامر الولاية والنبوة لا يتوقف على البلوغ وعلى الاربعين وان استتبئ اكثر الانبياء بعد الاربعين على ما جرى عليه عادة اللّه الغالبة هكذا لاح بالبال

قال الكاشفى [ وما وحى فرستاديم سوى اوكه اندو هناك مباش بيرون زحضيض جاه رسانيم وبرار انرا بحاجتمندى نزديك توآريم ]

{ لتنبئنهم } لتحدثن اخوتك فيما يستقبل

{ بامرهم هذا } بما فعلوه لك

{ وهم لا يشعرون } بانك يوسف لتباين حاليك حالك هذه وحالك يومئذ لعلو شأنك وكبرياء سلطانك وبعد حالك عن اوهامهم ولطول المبدل للاشكال والهيآت وذلك انهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال انه ليخبرنى هذا الجام انه كان اخ لكم من ابيكم يقال له يوسف وكان يدنيه دونكم وانكم انطلقتم به والقيتموه فى غيابة الجب وقلتم لابيكم اكله الذئب

والاشارة ان من خصوصية تعلق الروح بالقالب ان يتولد منها القلب العلوى والنفس السفلية والقوى والحواس فيكون ميل الروح والقلب ونزاعهما الى عالم الروحانية وميل النفس والقوى والحواس الى عالم الحيوانية فان وكل الانسان الى طبعه تكون الغلبة للنفس والبدن على الروح والقالب وهذا حال الاشقياء وان ايد القلب بالوحى فى غيابة جب القلب اذا سبقت له العناية الازلية تكون الغلبة للروح والقلب على النفس والبدن وها حال السعداء فالانبياء وكذا الاولياء مؤيدون من عند اللّه تعالى بالوحى والالهام والصبر والاحتمال وان كانوا فى صورة الجفاء والجلال وقد قضى اللّه تعالى على يعقوب ويوسف ان يوصل اليهما تلك الغموم الشديدة والهموم العظيمة ليصبرا على مرارتها ويكثر رجوعهما الى اللّه تعالى وينقطع تعلق فكرهما عما سوى اللّه تعالى فيصلا الى درجة عالية لا يمكن الوصول اليها الا بتحمل المحن العظيمة كما قال بعض الكبار سبب حبس يوسف فى السجن اثنتى عشرة سنة تكميل ذاته بالخلوة والرياضة الشاقة والمجاهدات مما تيسر له عند ابيه من هذا المقام اغترب الانبياء والاولياء عن اوطانهم : قال المولى الجامى

بصبر كوش دلا روز هجر فائده جيست ... طبيب شربت تلخ ازبراى فائده ساخت

وقال بعضهم ابتلى ابوه بفراقه لما فى الخبر اذا ذبح جديا بين يدى امه فلم يرض اللّه تعالى ذلك منه وارى دا بدم وفرقة بفرقة لهظمة احترام شأن النبوة ومن ذلك المقام حسنات الابرار سيآت المقربين

وقال بعضهم استطعمه يوما فقير فما اهتم باطعامه فانصرف الفقير حزينا وفيه نظر كما قال البعض لان ذلك لا يليق باخلاق النبوة

وقال بعضهم لما ولد يوسف اشترى يعقوب له ظئرا ةكان لها ابن رضيع فباع ابنها تكثير اللبن على يوسف فبكت وتضرعت وقالت يا رب ان يعقوب فرق بينى وبين ولدى ففرق بينه وبين ولده يوسف فاستجاب اللّه دعاءها فلم يصل يعقوب الى يوسف الا بعد ان لقيت تلك الجارية ابنها وفى الحديث ( لا توله والدة بولدها ) اى لا تجعل والهة بتفريقه منها وذلك فى السبايا كما فى الجوهرى ومن احاديث المقاصد الحسنة ( من فرق بين والدة وولدها فرق اللّه بينه وبين احبته يوم القيامة ) ومثل هذا وان كان بعيدا بالنسبة الى الانبياء عليهم السلام الا ان القضاء يفعل ما يفعل

قال حضرة الشيخ الامبر قدس سره اذا شاء الحق انفاذ قوله تعالى ةكان امر اللّه قدرا مقدورا على عموم الافعال فى العبد بايفاء زلة منه يجرى عليه القدر بما اراده ثم يرده الى مقامه ان كان من اهل العناية والوصول قيل لابى يزيد قدس سره أيعصى العارف فقال وكان امر اللّه قدرا مقدورا : قال الحافظ

جايى كه برق عصيان بر آدم صفى زد ... ماراجه كونه زيبد دعوئ بى كناهى

هذا بالنسبة الى حال يعقوب وابتلائه

واما بالنسبة الى يوسف فقد حكى انه اخذ يوما مرآة فنظر الى صورته فاعجبه حينه وبهاؤه فقال لو كنت عبدا فباعونى لما وجد لى ثمن فابتلى بالعبوجية وبيع بثمن بخس وكان ذلك سبب فراقه من ابيه

وفيه اسارة الى ان الجمال والكمال كله لله تعالى واذا اضيف الى العبد مجازا فلا بد للعبد ان يجتهد الى ان يصبر حرا عما سوى اللّه تعالى واذا اضيف الى العبد مجازا فلا بد للعبد ان يجتهد الى ان يصير حرا عما سوى اللّه تعالى ويتخلص من الاضافات والقيود ويرى الامر كله لله تعالى ويكون عبدا محضا حقا لله تعالى : قال المولى الجامى

كسوت خواجكى وخلعت شاهى جه كند ... هر كرا غاشيه بند كيت بر دوش است

وبالجملة ان طريق التصفية طريقة صعبة ومن اسبابها الادب والمحنة ولذلك ورد ( ما اوذى نبى مثل ما اوذيت ) اى ما صفى نبى مثل ما صفيت

وذرة من محنة هه الطريقة العلية اعلى من كثير من الكشف والكرامات وما ابتلى اللّه احدا بمثل ما ابتلى به اصفياءه الا اختاره لذاته ولعبوديته فلفهم واللّه الهادى الى الحقائق

١٦

{ وجاءوا اباهم عشاء } طرف اى فى آخر النهار فان العشاء آخر النهار الى نصف الليل

وفى تفسير ابى الليث بعد العصر

قال فى الكواشى وانما جاؤا ليقدموا على المبالغة فى الاعتذار

{ يبكون } حال اى متباكين . والتباكى بالفارسية [ كريستن بيدا كردن ] -روى- ان امرأة خاصمت زوجها الى شريح فبكت فقال له الشعبى يا ابا امية اظنها مظلومة اما تراها تبكى فقال شريح قد جاء اخوة يوسف يبكون زهم ظلمة لا ينبغى ان يقضى الا بما امر ان يقضى به من السنة المرضية : وفى المثنوى

زارئ مضطر نشسته معنويست ... زارئ نزد دروغ آن غويست

كريه اخوان يوسف حيلتست ... كه درو نشان برزرشك وعلتست

-روى- انه لما سمع صوتهم فزع وقال ما لكم يا بنى هل اصابكم فى غنمكم شيء قالوا الامر اعظم قال فما هو واين يوسف

١٧

{ قالوا يا ابانا اذا ذهبنا نستبق } متسابقين فى العدو او الرمى يقال استبق الرجلان وتسابقا اذا عارضا فى السبق طلبا للغاية كما يقال انتضلا وتناضلا اذا عارضا فى الرمى طلبا للغلبة

{ وتركنا يوسف } [ وبكذاشتيم يوسف راتنها ]

{ عند متاعنا } اى ما نتمتع به من الثياب والازواد وغيرهما فان المتاع فى اللغة كل ما انتفع به واصله النفع الحاضر وهو اسم من متع كالسلام من سلم والمراد به فى قوله تعالى

{ ولما فتحوا متاعهم } واعية الطعام

{ فاكله الذئب } عقيب ذلك من غير مضى ومان يعتاد فه التفقد والتعهد

{ ما انت بمؤمن لنا } بمصدق لنا فى مقالتنا

{ ولو كنا } عندك فى اعتقادك

{ صادقين } موصوفين بالصدق والثقة لفرط محبتك ليوسف فكيف وانت سيء الظن بنا غير واثق بقولنا . والصدق هو الاخبار عن الشيء على ما هو به والكذب لا على ما هو به والتصديق باللسان الاخبار بكون القائل صادقا وبالقلب الاذعان والقبول لذلك والتكذيب بخلاف ذلك

١٨

{ وجاؤا } [ آمدند ]

{ على قميصه } محله النصب على الظرفية من قوله

{ بدم } اى جاؤا فوق قميصه بدم او على الحالية منه والخلاف فى تقدم الحال على المجرور فيما اذا لم يكن الحال ظرفا

{ كذب } مصدر وصف به الدم مبالغة كأن مجيئهم من الكذب نفسه كما يقال للكذاب هو الكذب بعينه والزور بذاته او مصدر بمعنى المفعول اى مكذوب فيه لانه لم يكن دم يوسف وقرأت عائشة رضى اللّه عنها بغير المعجمة اى كدب بمعنى كدر اةو طرّى -روى- انهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وزل عنهم ان يمزقوه فلما سمع يعقوب بخبر يوسف صاح باعلى صوته فقال اين القميص فاخذه والقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص قال تاللّه ما رأيت كاليوم ذئبا احلم من هذا اكل ابنى ولم يمزق عليه قميصه قال كأنه قيل ما قال يعقوب هل صدقهم فيما قالوا فقيل

{ قال } لم يكن ذلك

{ بل سولت لكم انفسكم } اى وينت وسهلت قاله ابن عباس رضى اللّه عنهما . والتسويل تقدير شيء فى الانفس مع الطمع فى اتمامه

قال الازهرى كان التسويل تفعيل من سؤال الاشياء وهى الامنية التى يطلبها فيزين لطالبها الباطل وغيره

{ امرا } من الامور منكرا لا يوصف ولا يعرف فصنعتموه بيوسف استدل يعقوب على انهم فعلوا بيوسف ما ارادوا وانهم كاذبون بشيئين بما عرف من حسدهم الشديد وبسلامة القميص حيث لم يكن فيه خرق ولا اثر ناب فقوله بل سولت در لقولهم اكله الذئب وبل للاعراض عما قبله واثبات ما بعده على سبيل التدارك نحو جاء زيد بل عمرو كما فى بحر العلوم

{ فصبر جميل } اى فامرى صبر جميل وهو الذى لا شكوى فيه الى الخلق والا فقد قال يعقوب ( انما اشكو بثى وحزنى الى اللّه ) : قال الكنال الخجندى

بوصل صحبت يوسف عزيز من مشتاب ... جمال يار نبينى مكر بصبر جميل

قال شيخنا الاجل الاكمل روح اللّه روحه

اعلم ان الصبر اذا لم يكن فيه شكوى الى الخلق يكون جميلا واذا كان فيه مع ذلك شكوى الى الخالق يكون اجمل لما فيه من رعاية حق العبودية ظاهرا حيث امسك عن الشكوى الى الخلق وباطنا حيث قصر الشكوى على الخالق والتفويض جميل والشكوى اليه اجمل انتهى : قال الشيخ عمر بن الفارض قدس سره فى تائيته

ويحسن اظهار التجلد للقوى ... ويقبح العجز عند الاحبة

اى لا يحسن اظهار التجلد والصبر على صدمات المحن مطلقا بل يحسن للاعادى كما اظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للكفار فى غزواته ومناسكه .

واما عند الاحبة فلا يحسن الا العجز لان اظهار التجلد عندهم قبيح جدا كما اظهره سمنون فى بعض مناجاته وقال

وليس لى فى سواك حظ ... فكيفما شئت فاختبرنى

فادب بتسليط عسر البول عليه فاعترف بعجزه وطاف فى سكك بغداد يستأجر الصبيان وبأمرهم ان ادعو عمكم الكذاب فقير وخسته بدركاهت آمدم رحمى وقال بعضهم الصبر الجميل تلقى البلاء بقلب روحه ووجه مستبشر

وقيل لا اعايشكم على كآبة الوجه بل اكون لكم كما شئت وذلك لان الموحد الحقيقى يطوى بساط الوسائط والاسباب فلا يرى التأثير الا من عند اللّه تعالى فى كل باب مع ان التغافل من اخلاق الكرام والعفو والصفح وقبول العذر من ديدن الاخيار

اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... ان بر عندك فيما قال او فجرا

{ واللّه المستعان } اى المطلوب منه العون وهو انشاء الاستعانة المستمرة

{ على ما تصفون } على اظهار حال ما تصفون من شأن يوسف وبيان كونه كذبا واظهار سلامته كأنه علم منهم الكذب قال تعالى

{ سبحان ربك ربالعزة عما تصفون } قال البيضاوى هذه الجريمة كانت قبل استنبائهم ان صح انتهى وذلك لانهم قالوا لا دليل على امتناع صدور الكبيرة من الانبياء قبل الوحى وقوله ان صح يدل على الشك فى صحة استنبائهم واصاب فى ذلك لان الانبياء محفوظون قبل نبوتهم كما انهم معصومون بعدها من الامور الموجبة للنفرة الغير اللائقة بشأنهم وليس همّ يوسف كما سيأتى من قبيل كما صدر من اخوته من الحسد وضربه والقائه فى الجب بالفعل والكذب عمدا من غير تأويل .

واما قوله تعالى

{ ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب } فلا يدل على نبوة غيره من الاخوان الموجودين اذ يكفى فى اتمام النعمة على آل يعقوب ان لا تنقطع سلسلة النبوة من اعقابهم كما قال تعالى فى كلمة التوحيد كلمة باقية فى عقبه فانه لا ينافى وجود الشرك من بعض الاحفاد كما لا يخفى . وكذا تمثلهم فى صورة الكواكب لا يدل على نبوتهم لانه اذا كان يعقوب بمنزلة الشمس التى تعينه بالنبوة ودعوة الخلق وهدايتهم الى اللّه تعالى كان اولاده بمنزلة الكواكب التنى تتبع الشمس والقمر ولو كان كلهم انبياء لاستدعى ان يكون محبة يعقوب لهم على السوية اى من اول الامر بناء على وراثة كلهم لنبوته . ولما ظهر ما ظهر من تقضيل يوسف عليهم فيوسف من بينهم كشيث من بين بنى آدم عليه السلام هذكا لاح ببال الفقير ايده اللّه القدير

وفى الآيات اشارات الى تزوير الحواس والقوى وتلبيسها وتمويهاتها وتخيلاتها الفلسفية وكذباتها وحيلها ومكرها وكيدها وتتوهماتها وتسويلاتها المجبولة عليها وان كانت للانبياء وان الروح المؤيد بنور الايمان يقف على النفس وصفاتها وما جبلت الحواس والقوى عليه ولا يقبل منها تمويهاتها وتسويلاتها ويرىلامور كلها من عنج اللّه واحكامه الازلية فيصبر عليها صبرا جميلا وهو الصبر على ظهور ما اراد اللّه فيها بالارادة القديمة والتسليم لها والرضى بها وبقوله

{ واللّه المستعان على ما تصفون } يشير الى الاستعانة باللّه على الصبر الجميل فيما يجرى من قضائه وقدره كذا فى التأويلات النجمية نفعنا اللّه تعالى بها

١٩

{ وجاءت سيارة } جماعة يسيرون من جهة مدين الى مصر فنزلوا قريبا من جب يوسف وكان ذلك بعد ثلاثة ايام من القائه فيه

قال الكاشفى

[ روزجهارم مزده نجات بوى رسيد ]

قال السمرقندى فى بحر العلوم كان الجب فى قفرة بعيدة من العمران لم يكن الا للرعاة فاخطأوا الطريق فنزلوا قريبا منه انتهى

فهذا يخالف قوله تعالى

{ يلتقطه بعض السيارة } فانه يقتضى كون الجب فى الامن والجادة والسير هو السير المعتاد

{ فارسلوا } اى الى الجب

{ واردهم } اى الذى يرد الماء اى يحضره ليستقى لهم وكان ذلك مالك بن دعر الخزاعى

قال فى القاموس مالك بن دعر بالدال المهملة

{ فادلى دلوه } الادلاء بالفارسية [ فروهشتن دلو ] اى ارسلها الى الجب ليملأها فاوحى الى يوسف بالتعلق بالحبل

اى يوسف آخر بهرتست اين دلو در جاه آمده ... [ در معالم آورده كه ديوارهاى جاه برفراق يوسف بكريستند ] وذلك لان للجمادات حياة حقانية لا يعرفها الا العلماء باللّه فلها انس الذكر والتوحيد والتسبيح ومجاورة اهل الحق وقد صح ان الجوع الذى كان يعتمد عليه رسول اللّه صلةى اللّه عليه وسلم حين الموعظة للناس ان انين بنى آدم لما فارقه رسول اللّه وذلك بعد ان عمل له المنبر : قال فى المثنوى

استن حنانه از هجر رسول ... ناله مى زد همجو ارباب عقول

كفت بيغمبر جه خواهى اى ستون ... كفت جانم ازفراقت كشت خون

فلما خرج يوسف اذا هو بغلام احسن ما يكون وقد اعطى شطر الحسن فلما رآه مالك

{ قال } مبشرا نفسه واصحابه

{ يا بشرى هذا غلام } [ اى مزده وشادمانى ] كأنه نادى البشرى وقال تعالى وهدا اوانك حيث فاز بنعمة نادرة وأى نعمة مكان ما يوجد مباحا من الماء

وقيل هو اسم صاحب له ناداه ليعينه على اخراجه كما قال الكاشفى [ اورا آوزداد وزكفت اين بسريست كه دلورا كران ساخته بس بمدد كارئ او يوسف را ازجاه برآورده ]

جون آن ماه جهان أرا برآمد ... زجانش بانك يا بسرى برآمد

بشارت كز جنين تاريك جاهى ... برآمد بس جهان افروز ماهى

وذلك لان ماء الحياة لا يوجد الا فى الظلمات كما ان العلم الالهى انما يوجد فى ظلمات ها القلب والقالب

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القلب كماله بشارة من تعلق الجذبة وخلاصه من الجب فكذلك للجذبة بشارة فى تعلقها بالقلب وخلاصه من الجب وهى من اسرار

{ يحبهم ويحبونه } { واسروه } اى اخفاء الوارد واصحابه عن بقية الرفقة لئلا يطلبوا بالشركة فيه

{ بضاعة } حال كونه بضاعة اى متاعا للتجارة فانها قطعة من المال بصعت منه اى قطعت للتجارة

{ واللّه عليم بما لا يعلمون } لم يخف عليهم اسرارهم

٢٠

{ وشروه } اى قاعوه وهو من الاضداد والضمير للوارد واصحابه

يقول الفقير ايده اللّه القدير جعلوه عرضة للابتذال بالبيع والشراء لانهم لم يعرفوا حاله اما لان اللّه تعالى اغفلهم عن السؤال ليقضى امرا كان مفعولا او لانهم سألوا عن حاله ولم يفهموا لغته لكونها عبرية . وههنا روايات واهية بعيدة ينبغى ان لا يلتفت اليها وان ذهب اليها الجم الغفير من المفسرين ولله در المولى ابى السعود فى ارشاده

{ بثمن بخس } زيف ناقص العيار

قال الكاشفى [ ببهاى اندك وبى اعتبار ] وهو بمعنى المبخوس لان الثمن لا يوصف بالمعنى المصدرى ووصف بكونه مبخوسا اما لرداءته وغشه او لنقصان وزنه من بخسه حقه اى نقصه كما فى حواشى ابن الشيخ . وقال بعضهم بثمن بخس اى حرام منقوص لان ثمن الحر حرام انتهى حمل البخس على المعنى لكونه الحرام ممحوق البركات والقول الاول هو الاصح

{ دراهم } بدل من ثمن اى لا دنانير

{ معدودة } اى غير موزونة فهو بيان لقلته ونقصانه مقدارا بعد بيان نقصانه ى نفسه لانهم كانوا يزنون الاوقية وهى اربعون درهما وبعدون ما دونها . فعن ابن عباس انها كانت عشرين درهما . وعن السدى اثنين وعشرين درهما

قيل ان الصبيان اخذوا النبى عليه السلام فى طريق المسجد وقالوا كن لنا جملا كما تكون للحسن والحسين قال لبلال اذهب الى البيت وائت بما وجدته لاشترى نفسى منهم فاتى بثمانى جوزات فاشترى بها نفسه وقال ( اخى يوسف باعوه بثمن بخس دراهم معدودة وباعونى بثمانى جوزات ) كذا فى روضة الاخبار

{ وكانوا } اى البائعون

{ فيه } فى يوسف

{ من الزاهدين } الزهد والزهادة قلة الرغبة فى الشيء اى من الذين لا يرغبون فيما بايدهم فلذلك باعوه بما ذكر من الثمن البخس وسبب ذلك انهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به او غير واثق بامره يخاف ان يظهر له مستحق فينتزعه منه فيبيعه من اول مساوم باوكس ثمن هذا مع الجمال الظاهر

وفيه اشارة الى ان الجمال الظاهر لا خطر له عند اللّه تعالى وانما الجمال هو الجمال الباطن وفى الحديث ( ان اللّه لا ينظر الى صوركم واموالكم بل الى قلوبكم واعمالكم ) يعنى ان كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة ام لا والا فلا وليس بيع يوسف بثمن بخس باعجب من بيعك نفسك بادنى شهوة فلا بد من الامساك والاحتماء والقناعة : قال المولى الجامى قدس سره

هر آنكه كنج قناعت بكنج دنيا داد ... فروخت يوسف مصرى بكمترين ثمنى

[ كويند كه نافع مولاى عبد اللّه بن عمر كه ايتاد امام شافعى بود آنكاه كه مرد كفت اين جايكه را بكنيد بكنيدند بيست وده هزاردرم درسبوى بديد آمد كفت آنكاه كه ازجنازه من باز امده باشيد اين بدرويش دهيد اورا كفتند ياشيخ جون توسكى درم نهد كفت بحق اين وقتك شك زكاة وى بر كردن من نيست وهركز عيالان خودرا بسختى نداشتم لكن هركاه كه مرا آرزويى بودى آنجه بدان آرزو بايستى دادن درين سؤال افكندمى تا اكر مرا روز سختى بيش آيد بدر سفله نبايد رفتن ] ففى هذه الحكاية ما يدل على المجاهدة النفسية والطبعية.

اما الاولى فلانه ما كتم المال وادخره لاجل الكنز بل لاجل البذل .

واما الثانية فلانه منع عن طبيعته مقتضاها وشهواتها والحواس والقوى لا تعرف قدر القلب وتبيعه بادنى حفظ نفس فان لانها مستعدة للاحتظاظ بالتمتعات الدنيوية الفانية والقلب مستعد للاحتظاظ بالتمتعات الاخروية الباقية بل هو مستعد للاحتظاظ بالشواهد الربانية وانه اذا سقى بشراب طهور تجلى الجمال والجلال يهريق سؤره على ارض النفس والقوى والحواس فيحتظون به فانه للارض من كأس الكرام نصيب

٢١

{ وقال الذى اشتريه من مصر } وهو العزيز الذى كان على خزائن مصر وصاحب جنود الملك واسمه قطفير وكان يقال له العزيز

قال فى القاموس العزيز الملك لغلبته على اهل مملكته ولقب من ملك مصر مع الاسكندرية انتهى

وبيان كونه من مصر للاشعار بكونه غير من اشتراه من الملتقطين مما ذكر من الثمن البخس كما فى الارشاد

وقال الكاشفى [ وكفت آنكس كه خريد يوسف را ازاهل مصر ] يعنى عزيز انتهى

وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد من العماليق مات فى حياة يوسف بعد ان آمن به وملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه الى الاسلام فابى

قال فى القاموس قابوس ممنوع للعجمة والمعرفة معرب كاووس انتهى وهذا غير قابوس الذى قيل فى خطه هذا خط قابوس ام جناح طاووس فان كان ملكا عظسما مات فى ثلاث واربعمائة كما فى الروضة . وكان فرعون موسى من اولاد فرعون يوسف فقوله تعالى

{ ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } من قبيل خطاب الاولاد باحوال الآباء

قال الكاشفى [ جون خبر كاروان مدين بمصر آمد وكماشتكان عزيز بسرراه كاروان آمده يوسف را ديدند ازلمعه جمال او شيفته وحيران بازكشته خبر بعزيز مص بردند واو عاشق يوسف بود از كوش ]

والاذن تعشق قبل العين احيانا ... فالتمسوا من مالكه عرض يوسف للبيع فزينه واخرجه الى السوق فلما رآه اهل مصر افتتنوا به

اراسته آن يارنبا زار بر آمد ... فرياد وفغان ازدر وديوار برآمد

وعرض فى بيع من يزيد ثلاثة ايام فزاد الناس بعضهم على بعض حتى بلغ ثمنه شيأ لا يقدر عليه احد

خريداران ديكر لب به بستند ... بس زانوى خاموشى نشستند

فاشتراه عزيز مصر بوزنه مرة مسكا ومرة لؤلؤا ومرة ذهبا ومرة فضة ومرة حريرا وكان وزنه اربعمائة رطل -وحكى- ان عجوزا احضرت شيأ من الغزل وارادت ان تشترى به يوسف والى هذا يشير المولى الجامى بقوله

بى سر عرفان متن تار فكرت ... خريدار يوسف مشوزين كلابه

وفيه اشارة الى انه ينبغى لكل احد بذل ما فى ملكه مما قدر عليه فى طريق المطلوب فانه من علامات العاشق

هركسى ازهمت والاى خويش ... سود برد درخوركالاى خويش

وكان سن يوسف اذ ذاك سبع عشرة سنة واقام فى منزل العزيز مع ما مر عليه من مدة لبثه فى السجن ثلاث عشرة سنة واستوزره الريان وهو ابن ثلاثين وآتاه اللّه العلم والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وتوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة وهو اول من عمل القراطيس

{ لامرأته } اللام المتعلقة بقال لا باشترى اى قال لامرأته راعيل بنت رعاييل او بنت هيكاهروان كما فى التبيان ولقبها زليخا بضم الزاى المعجمة وفتح اللام كما فى عين المعانى والمشهور فى الالسنة فتح الزاى وكسر اللام

{ اكرمى مثويه } اجعل محل اقاكته كريما حسنا مرضيا والمعنى احسنى تعهده فى المطعم والمشرب وغيرهما فهو كناية عن اكرام نفسه واحسان تعهده كما يقال المقام العالى ويكنى عن السلطان

قال الامام الغزالى رحمه اللّه يكنى عن الشريف بالجناب والحضرة والمجلس فيقال السلام على حضرته المباركة ومجلسه الشريف والمراد به السلام عليه لكن يكنى عنه بما يتعلق به نوع التعلق اجلالا انتهى

{ عسى ان ينفعنا } فيما نحتاج اليه ويكفينا بعض المهمات.

وبالفارسية [ شايد آنكه سود رساند مارا دركار ضياع وعقار وسر انجام مصالح روز كارما ]

{ او نتخذه ولدا } اى نتبناه ونقيمه مقام الولد وانه لم يكن لها ولد وقد تفرس فيه الرشد فقال ذلك ولذلك قيل افرس الناس ثلاثة عزيز مصر وابنة شعيب التى قالت

{ يا ابت استأجره } وابو بكر استخلف عمر رضى اللّه عنه ان تفرس فى عمرو ولاه من بعده

{ وكذلك مكنا ليوسف فى الارض } اى جعلنا له فيها مكانا والمراد ارض مصر وهى اربعون فرسخا فى اربعين فرسخا وذلك اشارة الى مصدر الفعل المؤخر على ان يكون عبارة عن التمكين فى قلب العزيز او فى منزله وكون ذلك تمكينا فى الارض بملابسة انه عزيز فيها لا عن تمكين آخر يشبه به فالكاف مقحم للدلالة على فخامة شأن المشار اليه اقحاما لا يترك فى لغة العرب ولا فى غيرها ومن ذلك قولهم مذل لا يبخل اى مثل ذلك التمكين البديع مكنا ليوسف فى الارض وجعلناه محبا فى قلب العزيز ومكرما فى منزله ليترتب عليه ما ترتب بما جرى بينه وبين امرأة العزيز

{ ولنعلمه من تأويل الاحاديث } اى نوفقه لتعبير بعض المنامات التى عمدتها رؤيا الملك وصاحبى السجن لقوله تعالى

{ ذلكما مما علمنى ربى } فيؤدى ذلك الى الرياسة العظمى

وفى تفسير ابى الليث من تأويل الاحاديث يعنى عبير الرؤيا وغير ذلك من العلوم

{ واللّه غالب على امره } الهاء راجعة الى اللّه اى على امر نفسه لا يرده شيء ولا ينازعه احد فيما شاء ويحكم فى امر يوسف وغيره بل انما امره اذا اراد شيأ ان يقول له كن فيكون

{ ولكن اكثر الناس لا يعلمون } ان الامر كذلك فيأتون ويذرون زعما منهم ان لهم من الامر شيأ وانى لهم ذلك

بود هركسى را دكر كونه راى ... نباشد مكر آنجه خواهد خداى

وجاء فى بعض الآثار ان اللّه تعالى يقول

( ابن آدم تريد واريد ولا يكون الا ما اريد فان سلمت لى فيما اريد اعطيتك ما تريد ) وان نازعتنى فيما اريد اتعبتك فيما تريد ثم لا يكون الا ما اريد فالادب مع اللّه تعالى ان يستسلم العبد لما اظهره اللّه تعالى فى الوقت ولا يريد احداث غيره

وفى التأويلات النجمية لما اخرجوه من جب الطبيعة ذهبوا به لى مصر الشريعة

{ وقال الذى اشتريه من مصر } وهو عزيز مصر الشريعة اى الدليل والمربى على جادة الطريقة ليوصله الى عالم الحقيقة

{ لامرأته } وهى الدنيا

{ اكرمى مثواه } اخمى له فى منزل الجسد بقدر حاجته الماسة

{ عسى ان ينفعنا } حيث يكون صاحب الشريعة وملكا من ملوك الدنيا يتصرف فينا با كسير النبوة فتصير الشريعة حقيقة والدنيا آخرة

{ او نتخذه ولدا } نربيه بلبان ذديى الشريعة والطريقة والفطام عن الدنيا الدنية

{ وكذلك مكنا ليوسف فى الارض } يشير الى تميكن يوسف القلب فى ارض البشرية انما هو ليعلم علم تأويل الرؤيا وهو علم النبوة كما قال

{ ولنعلمه من تأويل الاحاديث } فكما ان الثمرة على الشجرة انما تظهر اذا كان اصل الشجرة راسخا فى الارض فكذلك على شجرة القلب انما تظهر ثمرات العلوم الدينية والمشاهدة الربانية اذا كان قدم القلب ثابتا فى طينة الانسانية

{ واللّه غالب على امره } بمعنيين احدهما.

ان يكون اللّه غالبا على امر القلب اى يكون الغالب على امره ومحبة اللّه وطلبه والثانى ان يكون الغالب علىمر القلب جذبات العناية لتقيمه على صراط مستقيم الفناء منه والبقاء باللّه فيكون تصرفاته باللّه ولله وفى اللّه لانه باق بهويته فانى عن انانية نفسه

{ ولكن اكثر الناس لا يعلمون } انهم خلقوا مستعدين لقبول هذه الكمالية يصرفون استعدادهم فيما يورثهم النقصان والخسران انتهى ما فى التأويلات

ثم ان اللّه تعالى مدح العلم فى هذه الآية وذم الجهل .

اما الاول فلان اللّه تعالى ذكر العلم فى مقام الامتنان حيث قال

{ ولنعلمه }

واما اثلانى فلانه قال

{ ولكن اكثر الناس لا يعلمون } وعلم منه ان اقلهم يعلمون . والعلم علمان على الشريعة وعلم الحقيقة ولكل منهما فضل فى مقامه وفى الخبر قيل يا رسول اللّه أى الاعمال افضل فقال ( العلم باللّه ) قيل أى الاعمال يزيد مرتبة قال ( العلم باللّه ) فقيل نسأل عن العمل تجيب عن العلم فقال ( ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل ) والعلم باللّه لا يتيسر الا بتصفية الباطن وتجلية مرآة القلب وكان مطمح نظر الاكابر فى اصلاح القلوب والسرائر دون القوالب والظواهر لان الظواهر مظهر نظر الخلق والبواطن مظهر نظر الحق واصلاح ما يتعلق بالحق اولى من اصلاح ما يتعلق بالخلق

كعبه بنياد خليل آز رست ... دل نظركاه جليل اكبرست

نسأل اللّه التوفيق

٢٢

{ ولما بلغ } يوسف

{ اشده } قال فى القاموس اى قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين . واحد جاء على بناء الجمع كأنك ولا نزير لهما او جمع لا واحد له من لفظه

وقال اهل التفسير اى منتهى اشتداد جسمه وقوته واستحكام عقله وتمييزه وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين الى الاربعين

والعقلاء ضبطوا مراتب اعمار الناس فى اربع . الاولى سن النشور والنماء ونهايته الى ثلاثين سنة . والثانية سن الوقوف وهو سن الشباب ونهايته الى ان تتم اربعون سنة من عمره . والثالثة سن الكهولة وهو سن الانحطاط اليسير الخفى وتمامه الى ستين سنة . والرابعة سن الشيخوخة وهو سن الانحطاط العظيم الظاهر وتمامه عند الاطباء الى مائة وعشرين سنة . والاشد غاية الوصول الى الفطرة الاولى بالتجرد عن غواشى الخلقة التى يسميها الصوفية بمقام الفتوة

قال فى التعريفات الفتوة فى اللغة والسخاء والكرم وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى ان تؤثر الخلق على نفسك بالدنيا والآخرة

{ آتيناه حكما } كمالا فى العلم والعمل استعد به الحكم بين الناس بالحق ورياستهم

قال القشيرى من جملة الحكم الذى آتاه اللّه نفوذ حكمه على نفسه حتى غلب شهوته فامتنع عما راودته زليخا عن نفسه ومن لا حكم له عل نفسه لم ينفذ حكمه على غيره

قال الامام نقلا عن الحسن كان نبيا من الوقت الذى القى فيه فى غيابة الجب لقوله تعالى

{ ولما بلغ اشده آتيناه } واذا لم يقل ههنا ولما بلغ اشده واستوى كما قال فى قصة موسى لان موسى اوحى اليه عند منتهى الاشد الاستواء وهو اربعون سن واوحى الى يوسف عند اوله وهو ثمان عشرة سنة

{ وعلما } قالوا المراد من الحكم الحمكة العملية ومن العلم الحكمة النظرية وذلك لان اصحاب الرياضات والمجاهدات يصلون اولا الى الحكمة العملية ثم يترقون منها الى الحكمة النظرية .

واما اصحاب الافكار والانظار العقلية فانهم يصلون اولا الى الحكمة النظرية ثم ينزلون منها الى الحكمة النظرية ثم ينزلون منها الى الحكمة العملية وطريقة يوسف عليه السلام هى الاول لانه صبر على المكاره والبلاء والمحن ففتح اللّه له ابواب المكاشفات : قال الحافظ

مكن زغصه شكايت طكه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد

وقال

جه ورها كه كشيدند بلبلان ازدى ... ببوى آنكه دكر نوبهار باز آمد

والحاصل ان طريقة يوسف طريقة السالك المجذوب لا طريقة المجذوب السالك والاولى هى سنة اللّه الغالبة فى انبيائه واوليائه ففى قوله

{ حكما وعلما } اشارة الى استكمال النفس فى قوتها العملية والنظرية

وعن الحسن من احسن عبادة ربه فى شبيبته آتاه اللّه الحكمة فى اكتهاله وفيه اشارة الى ان المطيع تفتح له ينابيع الحكمة وتنبيه على ان العطية الالهية تصل الى العبد وان طال العهد اذا جاء اوانها فلطالب الحق ان ينتظر احسان اللّه تعالى ولا ييأس منه وفى الحديث

( افضل اعمال امتى انتظارهم فرج اللّه )

قال النصر لما عقل يوسف عن اللّه او امره ونواهيه واستقام معه على شروط الادب اعطاه حكما على الغيب فى تعبير الرؤيا وعلما بنفسه فى مخالفة هواها

قال بعض الاكابر الكمال العلمى افضل من الكمال العملى والتقصير من جهة العلم اشد من التقصير من جهة العمل فان حسن العقيدة وصفاء القريحة بسبب العلم والكمال ولشرفه امر اللّه تعالى سيد الانبياء صلوات اللّه عليه وعليهم وسلامة بطلب الزيادة منه فقال

{ وقل رب زدنى علما } وقد ذكر اهل الاشارة ان آدم عليه السلام وصل الى رياسة سجود الملائكة بعلم الاسماء وسليمان الى الملك العظيم بالفهم وعلم منطق الطير ويوسف الى النجاة والشرف والعز بعلم التعبير فالعالم بعلم التوحيد كيف لا ينجو من الجحيم وينال شرف لقاء اللّه تعالى فى دار النعيم

{ وكذلك } اى مثل الجزاء العجيب الذى جزينا يوسف

{ نجزى المحسنين } كل من يحسن فى عمله وفى تعليق الجزاء المذكور وبالمحسنين اشعار بعلية الاحسان له وتنبيه على انه سبحانه انما ىتاه الحكم والعلم لكونه محسنا فى اعماله متقيا فى عنفوان امره هل جزاء الاحسان الا الاحسان

قال بعض الاكابر نجزى المحسنين الذين يحسنون لانفسهم فى الطلب والارادة والاجتهاد والرياضة فمن ادخل نفسه فى زمرة اهل الاحسان جزاه اللّه باحسن الجزاء واحبه كما قال اللّه تعالى

{ واللّه يحب المحسنين } فمن احبه اللّه نال سعادة الدارين وفى الحديث ( اذا احب اللّه العبد نادى جبريل ان اللّه يحب فلانا فاحبه فيحبه جبريل فينادى فى اهل السماء ان اللّه يحب فلانا فاحبوه فيحبه اهل السماء ثو يوضع له القبول فى اهل الارض )

وفى التأويلات النجمية

{ ولما بلغ } يوسف القلب

{ اشده } مبلغ كمالية استعداده لقبول فيض الالوهية

{ ىتيناه حكما وعلما } افضنا عليه سجال الحكمة الآلهية والعلم اللدنى وكما افضنا على القلب ما هو مستحقه من الحكمة والعلم بفضلنا

{ و } كرمنا

{ كذلك نجزى المحسنين } الاعضاء الرئيسة والجوارح اذا احسنوا الاعمال والاخلاق على قاعدة الشريعة والطريقة خير الجزاء وهو التبليغ الى مقام الحقيقة انتهى

ثم ان الجزاء ينبغى ان يكون مترتبا على انقضاء العمل فتارة يظهر بعد تمام الاعمال كلها وتارة يظهر لكل عمل منقض جزاء وهكذا الى الوصول الى غاية الاجزية فعلم تعبير رؤيا الملك وصاحبى السجن اوتى يوسف فى السجن وتمامه مع انضمام العلوم الكلية بعد انتهاء الابتلاء فافهم المقام وكن على بصيرة من ادراك دقائق الكلام

٢٣

{ وراودته التى هو فى بيتهما عن نفسه } المراودة المطالبة من راد يرود اذا جاء وذهب لطلب شيء وهى مفاعلة من واحد ولكن لما كان سبب هذا الفعل صادرا من الجانب المقابل لجانب فاعله فان مراودتها انما هى لجمال يوسف كمداواة الطبيب انما هى للمرض الذى هو من جانب المريض عبر عنه بالمسبب وجيء بصيغة المفاعلة وتعديتها بعن لتضمنها معنى المخادعة . فالمعنى خادعت زليخا يوسف عن نفسه لتنال غرضها اى فعلت ما يفعل المخادع لصاحبه عن شيء لا يريد اخراجه عن يده وهو يحتال ان يأخذه منه ونهى عبارة عن التمحل فى مواقعته اياها والمحل طلب بحيلة وتكلف كما فى القاموس وايراد الموصول لتقرير المراودة فان كونه فى بيتها مما يدعو الى ذلك . قيل لواحدة ما حملك على ما انت عليه مما لا خير فيه قالت قرب الوساد وطول السواد ولاظهار كمال نزاهته فان عدم ميله اليها مع دوام مشاهدته لمحاسنها وامتناعه منها مع كونه تحت مملكتها ينادى بكونه فى اعلى معارج العفة والنزاهة -حكى- ان زليخا كانت من اجمل النساء وكانت بنت سلطان المغرب واسمه طيموس فرأت ذات ليلة فى المنام غلاما على احسن ما يكون من الحسن والجمال فسألت عنه فقال انا عزيز مصر فلما استيقظت افتتنت بما رأت فى الرؤيا وادى ذلك الى تغر حالها ولكنها كتمت حالها عن الاغيار دهرا

نهان ميداشت رازش دردل تنك ... جوكان لعلى ولعل اندر دل سنك

ثم تفطن من فى البيت من الجوارى وغيرها ان بها امرا فقال بعض ما باصابة العين وبعض باصابة السحر وبعض بمس الجن وبعض بالعشق

صح عند الناس انى عاشق ... غير ان لم يعرفوا عشقى لمن

ففتش عن امرها فما وجد من غير العشق

زليخا عشق را بوشيده مى داشت ... بسينه تخم را بوشيده ميكاشت

ولى سر ميزد آن هردم زجايى ... همى كرد از برون نشو ونمايى

خوشست از بخردان اين نكته كفتن ... كه مشك عشق را نتوان نهفتن

اكر برمشك كردربرده صد توى ... كند غمازى ازصد برده اش بوى

وقد كان خطبها ملوك الاطراف فابت الا عزيز مصر فجهزها ابوها بما لا يحصى من العبيد والجوارى والاموال وارسلها مع حواشيه الى جانب مصر فاستقبلها العزيز بجمع كثير فى زينة عظيمة فلما رأته زليخا علمت انه ليس الذى رأنه فى المنام فاخذت تبكى وتتحسر على ما فات من المطلوب

نه آنست آنكه من درخواب ديدم ... بجست وجويش اين محنت كشيدم

خدا را اى فلك بر من ببخشاى ... برورى من درى از مهر بكشاى

مسوز ازغم من بى دست وبارا ... مده بركنج من اين ازدهارا

فسمعت من الهاتف لا تحزنى يا زليخا فان مقصودك انما يحصل بواسطة هذا

زليخا جون زغيب اين مرده بشنود ... بشكرانه سرخود برزمين سود

ثم لما دخلوا مصرا انزلوا زليخا فى دا العزيز بالعز والاحترام وهى فى نفسها على الفراق والآلام

بظاهر باهمه كفت وشنوداشت ... ولى دل جاى ديكر دركرو داشت

نهى صد دسته ريحان بيش بلبل ... نخواهد خاطرش جزنكهت كل

وكانت هذه الحال سنين وبقيت بكرا لان العزيز كان عنينا لا يقدر على المواقعة

بيا جامى كه همت بركماريم ... ز كنعان ماه كنعانرا بر آريم

زليخا بادل اميد وارست ... نظر برشاهراه انتظارست

فكان ما كان من حسد الاخوان ووصول يوسف الى مصر بالعبودية فلما رأته زليخا علمت انه الذى رأته فى المنام وقالت

بخوابم روى زيباوى نمودست ... شكيب ازجان شيداوى ربودست

درين كشور زسودايش فتادم ... بدين شهر از تمنايش فتادم

[ جون يوسف بخانه عزيز درآمد سلطان عشق رخت بخانه زليخا فرستادولشكر حسنش متاع صبر وسكون اورا بيغماداد ]

زليخا جون برويش ديده بكشاد ... بيك ديدارش افتاد آنجه افتاد

زحسن صورت ولطف شمائل ... اسيرش شدبيك دل نى بصددل

بمعشوقان جو يوسف كس نبوده ... جمالش ازهمه حوبان فزوده

نبوداز عاشقان كش جون زليخا ... بعشق از جملة بودافزون زليخا

زطفلى تابه بير عشق ورزيد ... بشاهى واسيرى عشق ورزيد

[ بعد آزانكه عشق بنايت كشيد وشوق بنهايت آنجاميد صورت حال بميان آورد بايوسف ]

-روى- ان يوسف كان يأوى الى بستان فى قصر زليخا يعبد اللّه فيه وكان قد قسم نهاره ثلاثة اقسام ثلثا لصلواته وثلثا يبكى فيه وثلثا يسبح اللّه فيه ويذكره فلما ادرك يوسف مبالغ الرجال جعلت زليخا تراوده عن نفسها وهو يهرب منها الى البستان فلما طال عليها ان تبنى له بيتا مزينا بكل ما تقدر عليه من الزينة والطيب ليكون وسيلة الى صحبة يوسف ولما فرغ الصناع من عمله دعت العزيز فدخل فاعجبه لكونه على اسلوب عجيب وقال لها سميه بيت السرور ثم خرج فاستدعت يزسف فزينوه بكل ما يمكن من الزينة زتزينت هى ايضا وكانت بيضاء حسناء بين عينيها خال يتلألأ حسنا ولها اربع ذوائب قد نظمتها بالدر والياقوت وعليها سبع خلل وارسلت قلائدها على صدرها

بزيورها نبودش احتياجى ... ولى افزود ازان خودرا رواجى

بخوبى كل بيستانها سمرشد ... ولى از عقد شبنم خو بترشد

فجاؤا يوسف

در آمد ناكهان ازدر جوماهى ... عطارد حشمتى خورشيد جاهى

وجودى از خواص آب وكل دور ... جبين طلعتى نور على نور

فلما دخل عليها فى القسم الاول من البيت اغفلته واغلقته وراودته عن نفسه بكل حيلة ثم ادخلته فى الذى يليه فاغلقته وراودته بكل ما يمكن فلم يساعدها يوسف فدفعها بما قدر عليه ثم وثم الى ان انتهى الى البيت السابع فاغلقته وذلك قوله تعالى

{ وغلقت الابواب } عليها وعليه وكانت سبعة ابواب ولذلك جاء الفعل بصيغة التفعيل الدالة على التكثير

{ وقالت هيت لك } اسم فعل معناه اقبل وبادر.

وبالفارسية [ بشتاب بيش من آى كه من ترا ام ] واللام للبيان متعلقة بمحذوف اى لك اقول هذا -روى- عن ابن عباس انه قال كان يوسف اذا تبسم رأيت النور فى ضواحكه واذا تكلم رأيت شعاع النور فى كرمه يذهب من بين يديه ولا يستطيع آدمى ان ينعت نعته . فقالت له يا يوسف انما صنعت هذا البيت المزين من اجلك . فقال يوسف يا زليخا انما دعيتنى للحرام وحسبى ما فعل بى اولاد يعقوب البسونى قميص الذل والحزن يا زليخا انى اخشى ان يكون هذا البيت الذى سميته بيت السرور بيت الاحزان والثبور وبقعة من بقاع جهنم . فقالت زليخا يا يوسف ما احسن عينيك . قال هما اول شيء يسيلان الى الارض من جسدى . قالت ما احسم وجهك . قال هو للتراب يأكله . قالت ما احسن شعرك . قال هو اول ما ينتشر من جسدى . قالت ان فراش الحرير مبسوط فقم فاقض حاجتى . قال اذا يذهب نصيبى من الجنة . قالت ان طرفى سكران من محبتك فارفع طرفك الى حسنى وجمالى . قال صاحبك احسن بحسنك وجمالك منى قالت هيت لك

{ قال معاذ اللّه } هو من جملة المصادر التى ينصبها العرب بافعال مضمرة ولا يستعمل اظهارها كقولهم سبحان اللّه وغفرانك وعونك اى اعوذ باللّه معاذا مما تدعوننى اليه من العصيان والخيانة ثم علل الامتناع بقوله

{ انه } اى الشأن الخطير هذا وهو

{ ربى } اى سيد العزيز الذى اشترانى

{ احسن مثواى } اى احسن تعهدى ورعايتى حيث اكرمك باكرامى فما جزاؤه ان اسيئ اليه بالخيانة فى حرمه

وفيه ارشاد لها الى رعاية حق العزيز بالطف وجه

{ انه لا يفلح الظالمون } اى لا يدخل فى دائرة الفلاح والظفر كل ظالم كائنا من كان فيدخل فى ذلك المجازون للاحسان بالاساءة والعصيان لامر اللّه تعالى [ واز زبان حال يوسف كه بازليخا خطاب مى كرد كفته اند ]

زهى خجلت كه در روزقيامت ... كه افتد برزنا كاران غرامت

جزاى آن جفا كيشان نويسند ... مرا سر دفتر ايشان نويسند

وفى الآية دليل على ان معرفة الاحسان واجب لان يوسف امتنع لاجل شيئين لاجل المعصية والظلم ولاجل احسان الزوج اليه : قال الجامى

كه جون نوبت بهفتم خانه افتاد ... زليخا از جان بر خاست فرياد

مراتا كى درين محنت بسندى ... كه جشم رحمت ازرويم ببندى

بكفا مانع من اين دو جيزست ... عتاب ايزد وقهر عزيزست

زليخا كفت زان دشمن مينديش ... كه جون روز طرب بنشسته ام بيش

دهم جامى كه با جانش ستيزد ... زمستى تا قيامت بر نخيزد

توميكويى خداى من كريمست ... هميشه بركنهكاران رحيمست

مرا از كوهر وزر صد خزينه ... درين خلوت سرا باشد دفينه

فدا سازم همه بهر كناهت ... كه تاباشد زايزد عذر خواهت

بكفت آنكس نيم كافتد بسندم ... كه آيد بركس ديكر كزندم

خداى من كه نتوان حقكزاريش ... برشوت كى توان آمرز كاريش

زليخا در تقاضا كرم يوسف ... همى انكيخت اسباب توقف

دلش ميخواست درسفتن بالماس ... ولى ميداشت حكم عصمتش باس

٢٤

كما قال تعالى

{ ولقد همت به } الهم عقد القلب على فعل شيء قبل ان يفعل من خير او شر وهو القصد والمراد همت بمخالطته ومجامعته اذا لهم لا يتعلق بالاعيان اى قصدتها وعزمت عليها عزما جازما بعد ما باشرت مباديها وفعلت ما فعلت من المراودة وتغليق الابواب ودعوته الى نفسها بقولها هيت لك ولعلها تصدت هنالك لافعال اخر من بسط يدها اليه وقصد المعانقة وغير ذلك مما يضطره الى الهرب نحو الباب والتأكيد لدفع ما عسى يتوهّم من اختصاص اقلاعها عما كانت عليه بما فى مقالته من الزواجر

{ وهمّ بها } بمخالطتها اى مال اليها بمقتضى الطبيعة البشرية وشهوة الشباب ميلا جبليا لا يكاد يدخل تحت التكليف لا قصدا اختياريا لانه كما انه بريء من ارتكاب نفس الفاحشة والعمل الباطل كذلك بريء من الهمّ المحرم وانما عبر عنه بالهمّ لمجرد وقوعه فى صحبة همها فى الذكر بطريق المشاكلة لا لشبهة به ولقد اشير الى تباينهما بانه لم يقل ولقد هما بالمخالطة او هم كل منهما بالآخر

قال حضرة الشيخ افتاده قدس سره

{ وهمّ بها } اى هجم للطبيعة فقمع مقتضاها ولم يعط حكمها فان عدم تقاضيها نقصان بل الكمال ان لا يعطى لها حكمها مع غاية التوقان فيترقى به الانسان وينال المراتب العالية عند الرحمن الا ترى ان العينين لا يمدح عن ترك الجماع : وفى المثنوى

هين مكن خودرا خصى رهبان مشو ... زانكه عفت هست شهوترا كرو

بى هوا نهى ازهوا ممكن نبود ... هم غزابا مرد كان نتوان نمود

قال الشافعى اربعة لا يعبأ اللّه بهم يوم القيامة زهد خصى وتقوى جندى وامانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة -وروى- فى الخبر انه ليس من نبى الا وقد اخطأ وهم بخطيئة غير يحيى بن زكريا ولكنهم كانوا معصومين من الفواحش . فمن نسب الى الانبياء الفواحش كالعزم على الزنى ونحوه الذى يقوله الحشوية فى يوسف كفر لانه شتم لهم كذا فى القنية

قال بعض ارباب الاحوال كنت بمجلس بعض القصاص فقال ما سلم احد من هوى ولا فلان وسمى من لا يليق ذكره فى هذا المقام العظم الشأن فقلت اتق اللّه فقال ألم يقل ( حبب الىّ ) فقلت ويحك قال حبب ولم يقل احببت ثم قال خرجت بالهمّ فرأيت النبى عليه السلام فقال لا تهتم فقد قتلناه قال فخرج ذلك القاص الى بعض القرى فقتله بعض قطاع الطريق

{ لولا ان رأى برهان ربه } اى حجته الباهرة الدالة على كمال قح الزنى . والمراد برؤيته لها كمال ايقانه ومشاهدته لها مشاهدة واصلة الى مرتبة عين اليقين التى تتجلى هناك حقائق الاشياء بصورها الحقيقة وتنخلع عن صورها المستعارة التى بها تظفر فى هذه النشأة على ما نطق به قوله عليه السلام

( حفت الجنة بالمكاره وخفت النار بالشهوات ) وكأنه قد شاهد الزنى بموجب ذلك البرهان النير على ما هو عليه فى حد ذاته اقبح ما يكون . وجواب لولا محذوف يدل عليه الكلام اى لولا مشاهدته برهان ربه فى شأن الزنى لجرى على موجب ميله الجبلى لعدم المانع الظاهر ولكنه حيث كان شاهدا له من قبل استمر على ما هو عليه من قضية البرهان وفائدته هذه الشرطية بيان ان امتناعه لم يكن لعدم مساعدة من جهة الطبيعة بل يمحض العفة والنزاهة مع وفور الدواعى الداخلية وترتب المقدمات الخارجية الموجبة لظهور الاحكام الطبيعية هذا

وقد نص ائمة الصناعة على ان لو فى امثال هذه المواقع جار من حيث المعنى لا من حيث الصيغة مجرى التقييد للحكم المطلق كما فى مثل قوله تعالى

{ ان كاد ليضلنا عن الهتنا لولا ان صبرنا عليها } فلا تتحقق هناك همّ اصلا وقالوا البرهان ما رأى فى جانب البيت مكتوبا ولا تقربوا الزنى او قال له ملك تهمّ بفعل السفهاء وانت مكتوب فى ديوان الانبياء او انفرج له سقف البيت فرأى يعقوب عاضا على يديه وبه كان يخوف صغيرا او رأى شخصا يقول له يا يوسف انظر الى يمينك فنظر فرأى ثعبانا اعظم ما يكون فقال هذا يكون فى بطن الزانى غذا

{ كذلك } لكاف منصوب المحل وذك اشارة الى الاراءة المدلول عليها بقوله تعالى

{ لولا ان رأى برهان ربه } اى مثل ذلك التبصير والتعريف عرفناه برهاننا فيما قبل

{ لنصرف عنه السوء } خيانة الشيد

{ والفحشاء } والزنى لانه مفرط فى القبح . وفيه آية بينة وحجة قاطعة على انه لم يقع منه هم بالمعصية ولا توجه اليها قط والا لقيل لنصرفه عن السوء والفحشاء وانما توجه اليه ذلك من خارج فصرفه تعالى عنه بما فيه من موجبات العفة والعصمة كما فى الارشاد

{ انه من عبادنا المخلصين } الذين اخلصهم اللّه لطاعة بان عصمهم مما هو قادح فيها

وفيه دليل على ان الشيطان لم يجد الى اغوائه سبيلا ألا يرى الى قوله

{ فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين } قال فى بحر العلوم واعلم انه تعالى شهد ببراءته من الذنب ومدحه بانه من المحسنين وانه من عباده من المخلصين فوجب على كل احد ان لا يتوقف فى نزاهته وطهارة ديله وعفته وتثبته فى مواقع العثار

قال الحسن لم يقص اللّه عليكم ما حكى من اخبار الانبياء تعبيرا لهم لكن لئلا تقنطوا من رحمته لان الحجة للانبياء الزم فاذا اقبلت توبتهم كان قبولها من غيرهم اسرع وعدم ذكر توبة يوسف دليل على عدم معصيته لانه تعالى ما ذكر معصيية عن الانبياء وان صغرت الا وذكر توبتهم واستغفارهم منها كآدم ونوح وداود وابراهيم وسليمان عليهم السلام

٢٥

{ واستبقا الباب } بحذف حرف الجر اى تسابقا الى الباب البرانى الذى هو من المخرج من الدار ولذلك وحد بعد الجمع فيما سلف اما يوسف فللفرار منها

واما هى فلتصده عن الخروج والفتح

{ وقدت قميصه من دبر } اى اجتذبته من ورائه وخلفه فانشق طولا نصفين وهو القد كما ان الشق عرضا هو القط

{ والفيا } وجدا وصادفا

{ سيدها } زوجها وهو قطفير تقول المرأة لزوجها سيدى ولم يقل سيدهما لان ملك يوسف لم يصح فلم يكن له سيداه على الحقيقة

{ لدى الباب } اى عند الباب البرانى مقبلا ليدخل او كان جالسا مع ابن عم لزليخا يقال له يمليحا -روى- عن كعب انه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناسر ويسقط حتى خرج من الابواب كما قال المولى الجامى

جوكش اندر دويدن كام تيزش ... كشاد ازهر درى راه كريزش

بهر دركامدى بى در كشايى ... بريدى قفل جايى بره جايى

زليخا جون بديدان از عقب جست ... بوى در آخرين دركاه بيوست

نى باز آمدن دامن كشيدش ... زسوى بشت بيراهن در يدش

برون رفت از كف آن غم رسيده ... بسان غنجه بيراهن دريده

برون آمد بيش آمد عزيزش ... كروهى از خواص خانه نيزش

{ قالت } كانه قيل فماذا كان حين الفيا العزيز عند الباب فقيل قالت منزهة نفسها

{ ما جزاء من اراد باهلك سوأ } من الزنى ونحوه وما نافية اى ليس جزاؤه

{ الا ان يسجن او عذاب اليم } الا السجن او العذاب الاليم مثل الضرب بالسوط ونحوه او استفهامية اى اى شيء جزاؤه غير ذلك كما تقول من فى الدار الازيد

قال العزيز من اراد باهلى سوأ قالت زليخا كنت نائمة فى الفراش فجاء هذا الغلام العبرانى وكشف عن ثيابى وراودنى عن نفسى

جو دزدان بر سربالينم آمد ... بقصد حرمن نسرينم آمد

خيالش آنكه من ازوى ته آكاه ... بحرم كلستانم آورد راه

باذن باغبان ن كشته محتاج ... برد تا سنبل وكل رابتاراج

فالتفت العزيز اليه وقال يلا غلام هذا جزائى منك حيث احسنت اليك وانت تحزننى

ثمى شايد درين دبر برآفات ... جز احسان اهل احسانرا مكافاة

زكوى حقزارى رخت بستى ... نمك خودردى نمكدانرا شكستى

كأنه قيل فماذا قال يوسف حينئذ والاشارة ان يوسف القلب وان بلغ اعلى مراتبه فى مقام الحقيقة وفنائه عن صفات الانانية واستغراقه فى بحر صفات الهوية لا ينقطع عن تصرفات زليخا الدنيا ما دام هو فى بيتها وهو الجسد فان الجسد للقلب بيت دنيوى . فالمعنى انه

{ وراودته } يوسف القلب زليخا الدنيا

{ التى هو } يوسف القلب

{ في بيتها } اى فى الجسد الدنيوي اى

{ عن نفسه } لما رأت فى نفسه لتعلقه بالجسد داعية الاحتظاظ من الحظوظ الدنيوية ليحتظ منها وتحتظ منه

{ وغلقت الابواب } وهى ابواب اركان الشريعة يعنى اذا فتحت الدنيا على القلب ابواب شهواتها وحظوظها غلقت عليه ابواب الشريعة التى تدخل منها انوار الرحمة والهداية ونفحات الالطاف والعناية

{ وقالت } اى الدنيا

{ هيت لك } اقبل الى واعرض عن الحق

{ قال } يعنى القلب الفانى عن نفسه الباقى بربه

{ معاذ اللّه } اى عياذى باللّه مما سواه

{ انه ربى } الذى ربانى بلبان الطاف ربوبيته

{ احسن مثواى } اى مقامى فى عالم الحقيقة فلا اعرض عنه

{ انه لا يفلح الظالمون } الذين يقبلون على الدنيا ويعرضون عن المولى

{ ولقد همت به } اى همت الدنيا بالقلب لما ترى فيه من الحاجة الضرورية الانسانية اليها

{ وهم بها } اى هم القلب بها فوق الحاجة اليها لمشاركة النفس الحريصة على الدنيا ولذاتها

{ لولا ان رأى } القلب

{ برهان ربه } وهو نور القناعة التى من تنائج نظر العناية الى قلوب الصادقين

{ كذلك لنصرف عنه } عن القلب بنظر العناية

{ السوء } هو الحرص على الدنيا

{ والفحشاء } وهو يصرف حب الدنيا فيه

{ انه } قلب كامل

{ من عبادنا } لا من عباد الدنيا وغيرها

{ المخلصين } مما سوانا اى المخلصين من جنس الوجود المجازى الموصلين الى الوجود الحقيقى وهذا مقام كمالية القلب ان يكون عبد اللّه حرا عما سواه فانيا عن اوصاف وجوده باقيا باوصاف ربه كذا فى التأويلات النجمية -حكى- عن على بن الحسن انه كان فى البيت صنم فقامت زليخا وسترته ثوب فقال لها يوسف لم فعلت هذا قالت استحييت منه ان يرانى على المعصية

درون برده كردم جايكاهش ... كه تانبود بسوى من نكاهش

زمن آيين بى دينى نبيند ... درين كارم كه مى بينى نبيند

فقال يوسف أتستحين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه وانما احق ان استحيى من ربى الذى خلقنى فاحسن خلقى

قال فى التبيان ان يوسف لما رأى البرهان قام هاربا مبادرا الى الباب فتبعته زليخا وذلك قوله تعالى

{ واستبقا الباب } وهو الموت فان الموت باب بين الدنيا والآخرة وكل الناس داخله فمن زحزح عن باب دار الدنيا دخل باب الدار الآخرة لان من مات قامت قيامته فتعلقت زليخا الدنيا بيد شهواتها بذيل قميص بشرية يوسف القلب قبل خروجه من باب الموت الحقيقى

{ وقدت قميصه } فقدت قميص بشريته

{ من دبر } فلما خرج يوسف القلب من باب موت البشرية والصفات الحيوانية واتبعته زليخا الدنيا

{ والفيا سيدها لدى الباب } وهو صاحب ولاية تربية يوسف القلب وزوج زليخا الدنيا وانما سمى سيدها لان اصحاب الولايات هم سادة الدنيا والآخرة وهم الرجال الحقيقية المتصرفون فى الدنيا كتصرف الرجل فى امرأته

{ قالت ما جزاء من اراد باهلك سوأ } ما جزاء قلب المتصرف الذميمة النفسانية

{ او عذاب اليم } اى يعذب بالم البعد والفراق

٢٦

فقيل

{ قال } دفعا عن نفسه وتنزيها لعرضه

{ هى راودتنى عن نفسى } طالبتنى للمواقعة لا انى اردت بها سوأ كما قالت

زليخا هرجه ميكويد دروغست ... دروغ او جراغ بى فروغست

زن از بهلوى جب شد آفريده ... كس از جب راستى هركزنديده

فقال العزيز ما اقبل قولك الا ببرهان وفى رواية نظر العزيز الى ظاهر قول زليخا وتظلمها فامر ان يسجن يوسف وعند ذلك دعا يوسف بانزال البراءة وكان لزليخا خال له ابن فى المهد ابن ثلاثة اشهر او اربعة او ستة على اختلاف الروايات فهبط جبريل الى ذلك الطفل واجلسه فى مهده وقال له اشهد ببراءة يوسف فقام الطفل من المهد وجعل يسعى حتى قام بين يدى العزيز وكان فى حجرانه

فغان زد كاى عزيز آهسته ترباش ... زتعجيل عقوبت برحذر باش

سزاوار عقوبت نيست يوسف ... بلطف ومرحمت او ليست يوسف

هزيزاز كفتن كودك عجب ماند ... سخن با او بقانون ادب راند

كه اى ناشسته لب زالايش شير ... خدايت كرد تلقين حسن تفرير

بكوروشن كه اين آتش كه افروخت ... كزانم برده عز وشرف سوخت

كما قال اللّه تعالى

{ وشهد شاهد من اهلها } اى ابن خالها الذى كان صبيا فى المهد وانما القى اللّه الشهادة على لسان من هو من اهلها ليكون اوجب للحجة عليها واوثق لبراءة يوسف وانفى للتهمة عنه

وفى الارشاد ذكر كونه من اهلها لبيان الواقع اذ لا يختلف الحال فى هذه الصورة بين كون الشاهد من اهلها او من غيرهم

واعلم انه تكلم فى المهد جماعة . منهم شاهد يوسف هذا . ومنهم نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم فان تكلم فى المهد فى اوائل ولادته واول كلام تكلم به ان قال ( اللّه اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان اللّه بكرة واصيلا ) ومنهم عيسى عليه السلام تكلمه فى سورة مريم ومنهم مريم . والدة عيسى عليهما السلام . ومنهم يحيى عليه السلام . ومنهم ابراهيم الخليل عليه السلام فانه لما سقط على الارض استوىقائما على قدميه وقال لا اله الا اللّه وحده لا شريك له الملك وله الحمد الحمد لله الذى هدانا لهذا . ومنهم نوح عليه السلام فانه تكلم عقيب ولادته فان امه ولدته فى غار خوفا على نفيها وعليه فلما وضعته وارادت الانصراف قالت وانوحاه فقال لا تخافى احدا علىّ يا اماه فان الذى خلقتنى يحفظنى . ومنهم موسى عليه السلام فانه لما وضعته امه استوى قاعدا وقال يا اماه لا تخافى اى من فرعون ان اللّه معنا . وتكلم يوسف عليه السلام فى بطن امه فقال انا المفقود والمغيب عن وجه ابى زمانا طويلا فاخبرت امه والده بذلك فقال لها اكتمى امرك.

واجاب واحد امّه بالتشميت وهو فى بطنها حين عطست وسمع الحاضرون كلهم صوته من جوفها . ومنهم ابن المرأة التى مرعليها بامرأة يقال انها زنت فشهد بالبراءة . ومنهم طفل لذى الاخدود . ومنهم ابن ماشطة بنت فرعون

عن ابن الجوزى ان ماشطة بنت فرعون لما اسلمت اخبرت الابنة اباها بالسلامها فامر بالقائها والقاء اولادها فى النقرة المتخذة من النحاس المحماة فلما بلغت النوبة الى آخر ولدها وكان مرضعا قال اصبرى يا اماه فانك على الحق . ومنهم مبارك اليمامة قال بعض الصحابة دخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول اللّه وسمعت منه عجبا جاءه رجل بصبى يوم ودله وقد لفه فى خرقة فقال النبى عليه السلام ( يا غلام من انا ) قال الغلام بلسان طلق انت رسول اللّه قال ( صدقت بارك اللّه فيك ) ثم ان الغلام لم يتكلم بشيء فكنا نسميه مبارك اليمامة وكانت هذه القصة فى حجة الوداع . ومنهم صاحب جريج الراهب قصته ان جريجا كان يتعبد فى صومعة فقالت بنية من بنى اسرائيل لافتنته فعرضت له نفسها فلم يلتفت اليها فمكنت نفسها من راعى غنم كان يأوى بغنمه الى اصل صومعته فولد غلاما وقالت انه من جريح فضربوه وهدموا صومعته فصلى جريح وانصرف الى الغلام ووضع يده على رأسه فقال بحق الذى خلقك ان تخبرنى من ابوك فتكلم باذن اللّه تعالى ان ابى فلان الراعى فاعتذروا الى جريج وبنوا صومعته . ومنهم ما ذكره الشيخ محيى الدين ابن العربى قدس سره قال فلت لبنتى زينب مرة وهى فى سن الرضاعة قريبا عمرها من سنة ما تقولين فى الرجل يجامع حليلته ولم ينزل فقالت عليه الغسل فتعجب الحاضرون من ذلك ثم انى فارقت تلك البنت وغبت عنها سنة فى مكة وكنت اذنت لوالدتها فى الحج وجاءت مع الحج الشامى فلما خرجت لملاقاتها رأتنى من فوق الجمل وهى ترضع فقالت قبل ان ترانى امها هذا بى وضحكت ورمت نفسها الىّ كما فى انسان العيون

{ قال } يوسف القلب واظهر عداوة زليخا الدنيا بعد ان تخرق قميص بشريته وخرج من باب الموت عن صفاتها

{ هى داودتنى عن نفسى } لانها كانت مأمورة بخدمتى كما قال ( يا دنيا اخدمى من خدمنى ) وانى كنت فارا منها لقوله

{ ففروا الى اللّه } { وشهد شاهد من اهلها } اى حكم بينهما حاكم وهو العقل الغريزى دون العقل المجرد فان الغريزى دنيوى والمجرد اخروى . فالمعنى ان حاكم العقل الغريزى الذى هو من اهل زليخا حكم

{ ان كان قميصه قد من قبل } اى ان كان قميص بشرية يوسف القلب قد من قبل يدل على ان التابع كان يوسف القلب على قدمى الهوى والحرص فعدل عن الصراط المستقيم العصمة وقد قميص بشريته من قبل

{ فصدقت } زليخا الدنا انها متبوعة

{ وهو من الكاذبين } فى دعواه انها راودتنى عن نفسى واتبعتنى

٢٧

{ ان كان قميصه قد من قبل } الشرطية محكية على ارادة القول كأنه قيل وشهد شاهد من اهلها فقال ان كان قميصه وجمع بين ان الذى هو للاستقبال وبين كان لان المعنى ان يعلم ان قميصه قد من قبل اى من قدام فالشرط وان كان ماضيا بحسب اللفظ لكنه فى تأويل المضارع

فان فلت كيف اطلق الشهادة على تقوّل هذه الشرطية مع ان الشهادة فى عرف الشرع عبارة عن الاخبار بثبوت حق الغير على غيره بلفظ اشهد

قلت هذه الشرطية تقوم مقام الشرطية وتؤدى مؤداها من حيث انها ثبت به صدق يوسف وبطل قولها

{ فصدقت } اى فقد صدقت زليخا فى قولها

{ وهو من الكاذبين } فى قوله لانه اذا طلبها دفعته عن نفسها فشقت قميصه من قدام او يسرع خلفها ليدركها فيتعثر بذيله فينشق جيبه

{ وان كان قميصه قد من دبر } من خلف

{ فكذبت } فى قولها

{ وهو من الصادقين } لانه يدل على انها تبعته فاجتذبت ثوبه فقدته

{ وان كان قميصه قد من دبر فكذبت } زليخا الدنيا انها متبوعة

{ وهو من الصادقين } يعنى يوسف القلب صادق فى ان زليخا الدنيا راودته عن نفسه واتبعته وانه متبوع

٢٨

{ فلما رأى } العزيز

{ قميصه قد من دبر } وعلم براءة يوسف وصدقه كما قال الجامى

عزيز از طفل جون كوش اين سخن كرد ... روان تفتيش حال بيرهن كرد

جو ديد ازيس دريده بيرهن را ... ملامت كردآن مكاره زن را

{ قال انه } اى الامر الذى وقع فيه التشاجر

{ من كيدكن } من جنس حيلتكن ومكركن ايتها النساء لا من غيركن فخجلت زليخا وتعميم الخطاب للتنبيه على ان ذلك خلق لهن عريق

{ ان كيدكن عظيم } فانه الصق واعلق بالقلب واشد تأثيرا فى النفس اى من كيد الرجال فعظم كيد النساء على هذا بالنسبة الى كيد الرجال ولان الشيطان يوسوس مسارقة وهن يواجهن به الرجال فالعظم بالنسبة الى كيد الشيطان

وعن بعض العلماء انا اخاف من النساء ما لا اخاف من الشيطان فانه تعالى يقول

{ ان كيد الشيطان كان ضعيفا } وقال للنساء { ان كيدكن عظيم }

زكيدزن دل مردان دونيمست ... زنانرا كيدهاى بس عظيمست

عزيزانرا كند كيد زنان خوار ... بكيد زن بود دانا كرفتار

زمكر زن كسى عاجز مبادا ... زن مكاره خود هركز مبادا

{ فلما رأى قميصه قد من دبر } ميز حاكم العقل ان يد تصرف زليخا الدنيا لا تصل الى يوسف القلب الا بواسطة قميص بشريته

{ قال انه } اى التعلق بقميص بشريته يوسف القلب

{ من كيدكن } اى من كيد الدنيا وشهواتها

{ ان كيدكن عظيم } لأنكن تكدن فى امر عظيم وهو قطع طريق الوصول الى اللّه العظيم على القلب السليم

٢٩

{ يوسف } اى قال العزيز يا يوسف

{ اعرض عن هذا } الامر وعن التحديث به واكتمه حتى لا يشيع فيعيرونى

قدم ازراى غمازى بدرنه ... كه باشدبرده بوش ازبر ده دربه

{ واستغفرى } انت يا زليخا

{ لذنبك } الذى صدر عنك وثبت عليك

{ انك كنت } بسبب ذلك

{ من الخاطئين } من جملة القوم الذن تعمدوا للخطيئة والذنب يقال خطئ اذا اذنب عمدا والتذكير لتغليب الذكور على الاناث وفى الحديث ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) وكان العزيز رجلا حليما فاكتفى بهذا القدر فى مؤاخذتها كما قال المولى الجامى

عزيز اين كفت وبيرون شد زخانه ... بخوش خوبى سمؤ شد درزمانه

تحمل دلكش است اما نه جندين ... نكر خويى خوشست امانه جندين

جومر داززن بخوش خويى كشدبار ... زخوش خويى ببد رويى كشدكار

مكن باكارزن جندان صبورى ... كه افتد رخنه درسد غيورى

وقيل كان قليل الغية -وروى- انه حلف ان لا يدخل عليها الا اربعين يوما واخرج يوسف من عندها وشغله فى خدمته وبقيت زليخا لا ترى يوسف

دريغ آن صيد كزدامم برون رفت ... دريغ آن شهد كزكامم برون رفت

عزيمت كرد روزى عنكبوتى ... كه بهر خود كند تحصيل قوتى

بجابى ديد شهبازى نشسته ... زقيد دست شاهان بازرسته

بكرد اوتنيدن كرد آغار ... كه بندد بال وبرش را زبرواز

زمانى كار در بيكار او كرد ... لعاب خودهمه دركاروا كرد

جون آن شهباز كرد ازوى كناره ... نماند غير تارى جند باره

منم آن عنكبوت زارو رنجور ... فتاده ازمراد خويشتن دور

رك جانم كسسته همجو تارش ... نكشته مرغ اميد شكارش

كسسته تارم از هركار وبارى ... بدستم نيست جز بكسسته تارى

والاشارة الى ان يوسف القلب لما رأى برهان ربه وهو نظر نور العناية التى من نتائجها القناعة وهرب من زليخا وما انخدع من زينتها وشهواتها اتبعته زليخا الدنيا

{ يوسف اعرض عن هذا } اى يا يوسف القلب اعرض عن زليخا الدنيا

{ انك كنت } بزينتك وشهواتك قاطعة طريق اللّه تعالى على يوسف القلب وانت فى ذلك

{ من الخاطئين } الذين ضلوا عن الطريق واضلوا كثيرا كذا فى التأويلات النجمية نفعنا اللّه بحقائقها

٣٠

{ وقال نسوة } اى جماعة من النساء وكن خمسا امرأة الخباز وامرأة الساقى وامرأة صاحب الدواب وامرأة صاحب السجن وامرأة الحاجب

والنسوة اسم مفرد لجميع المرأة وتأنيثه غير حقيقى ولذا لم يلحق فعله تاء التأنيث

وقال الرضى النسوة جمع لانها على وزن فعلة فيقدر لها مفرد وهو نشاء كغلام وغلامة لا انها اسم جمع [ آورده اندكه اكرجه عزيز اين قصهر ا تسكين داد اما سخن عشق نهان كى ميماند شمه ازين واقعه در السنة عوام افتاد ]

زليخا جو بشكفت آن كل راز ... جهانى شد بطغش بلبل آواز

[ وبعض از خواتين مصر زبان ملامت برزليخا دراز كردند وهر آيينه عشق را غوغاى ملامت دركارست نه سوداى سلامت ] : قال الحافظ

من ازان حسن روزا فزون كه يوسف داشت دانستم ... كه عشق ازبرده عصمت برون آرد زليخارا

وقال الجامى

نسازد عشق راكنج سلامت ... خوشا رسوايى وكويى ملامت

غم عشق ازملامت تازه كردد ... وزين غوغا بلند آوازه كردد

{ فى المدينة } ظرف لقال اى اشعن الامر فى مصر اوصفة للنسوة

وقال الكاشفى [ بايكديكر نشسته كفتند در شهر مصر بموضعى كه عين الشمس مضمون سخن ايشان آنكه ]

{ امرأة العزيز } والعزيز بلسان العرب الملك والمراد به قطفير وزين الريان بامرأته زليخا ولم يصر باسمها على ما عليه عادة الناس عند ذكر السلطان والوزير ونحوهما وذكر من يتبعهم من خواص حرمهم

وقال سعدى المفتى صرحن باضافتها الى العزيز مبالغة للتشنيع لان النفوس اقبل الى سماع اخبار ذوى الاخطار وما يجرى لهم

{ تراود فتيها } اى تطالب غلامها بمواقعته لها وتحتال فى ذلك وتخادعه

{ عن نفسه } والفتى من الناس الشاب ويستعان للملوك وان كان شيخا كالغلام وهو المراد هنا وفى الحديث ( لا يقول احدكم عبدى وامتى كلكم عبيد اللّه وكل نسائكم اماء اللّه ولكن ليقل غلامى وجاريتى وفتاى وفتاتى ) قال ابن الملك انما ذكره النبي عليه السلام ان يقول السيد عبدى لان فيه تعظيما لنفسه ولان العبد فى الحقيقة انما هو لله قيل انما يكره اذا قاله على طريق التطاول على الرقيق والتحقير لشأنه والا فقد جاء القرآن به قال اللّه تعالى

{ والصالحين من عبادكم وامائكم } { قد شغفها حبا } [ بدرستى كه بشكافته است غلاف دل اواز جهت دوستى يعنى محبت يوسف بدرون او در آمده ] وهو بيان لاختلال احوالها القلبية كاحوالها القالبية خبر ثان وحبا تمييز منقول من الفاعلية اى شق حبه شغاف قلبها حتى وصل الى فؤادها . والشغاف حجاب القلب وقرئ شعفها بالعين المهملة يقال شعفة الحب احرق قلبه كما فى الصحاح

اعلم ان المحبة هوة الميل الى امر جميل وهو اذا كان مفرطا يسمى عشقا وهو اذا كان مفرطا يسمى سكر او هيمانا وصاحب العشق المفرط معذور غير معلوم لانه آفة سماوية كالجنون والمرض مثلا والمحبة اصل الايجاد وسببه كما قال تعالى

{ كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف } قال القاشانى العشق اخص لانه محبة مفرطة ولذلك لا يطلق على اللّه لانتفاء الافراط عن صفاته انتهى

قال الجنيد قالت النار يا رب لو لم اطعك ها كنت تعذبنى بشيء هو اشد منى قال نعم كنت اسلط عليك نارى الكبرى قالت وهل نار اعظم منى قال نعم نار محبتى اسكنها قلوب اوليائى المؤمنين كذا فى فتح القريب

قال يحيى بن معاذ لو وليت خزائن العذاب ما عذبت عاشقا قط لانه ذنب اضطرار لا ذنب اختيار وفى الحديث ( من عشق فعف وكتم ثم مات مات شهيدا ) قال الحافظ

عاشق شوارنه روزى كارجهان سرآيد ... ناخوانده نقش از كاركاه هستى

وعشق زليخا وان كان عشقا مجازيا لكن لما كان تحققها به حقيقة وصدقا جذبها الى المقصود وآل الامر من المجاز الى الحقيقة لانه قنطرتها : قال العطار فى منطق الطير

هركه او درعشق صادق آمدست ... بر سرش معشوق آمدست

كر بصدقى عشق بيش آيد ترا ... عاشقت معشوق خويش آيد ترا

{ انا لنريها } اى نعلمها علما مضاهيا للمشاهدة والعيان فيما صنعت من المراودة والمحبة المفرطة مستقرة

{ فى ضلال } فى خطأ وبعد عن طريق الرشد والصواب

{ مبين } واضح لا يخفى كونه ضلالا على احد او مظهر لامرها فيما بين الناس وانما لم يقلن انهخا لفى ضلال مبين اشعارا بان ذلك الحكم غير صادر عنهن مجازفة بل عن علم ورأى مع التلويح بانهن متنزهات عن امثال ما هى عليه ولذا ابتلاهن اللّه تعالى بمارين به الغير لانه ما عير احد اخاه بذنب الا ارتكبه قبل ان يموت وهذه اعنى ملامة الخلق وتضليلهم علامة كمال المحبة ونتيجته لان اللّه تعالى اذا اصطفى عبدا لجنابه رفع محبته الذاتية عن قلوب الاغيار غيرة منه عليه ولذا ترى ارباب الاحوال واصحاب الكشوف مذكورين غالبا بلسان الذم والتعبير اذ هم قد تجاوزوا احد الجمهور فكانوا كالمسك بين الدماء فكما ان المسك خرج بذلك الوصف الزائد عن كونه جنس الدم فكذا العشاق خرجوا بما هم عليه من الحالة الجمعية الكمالية عن كونهم من جنس العباد ذوى التفرقة والنقصان والجنس الى الجنس يميل لا الى خلافه فافهم حقيقة الحال وهو اللائح بالبال

٣١

{ فلما سمع بمكرهن } باعتيابهن وسوء قولهن وقولهن امرأة العزيز عشقت عبدها الكنعانى وهو مقتها وتسميته مكرا لكونه خفية منها كمكر الماكر وان كان ظاهرا لغيرها

{ ارسلت اليهن } تدعوهن للضيافة اكراما لهن ومكرا بهن ولتعذر فى يوسف لعلمها انهن اذا رأينه دهشن وافتتن به . قيل دعت اربعين امرأة منهن الخمس المذكورات

{ واعتدت } اى احضرت وهيأت

{ لهن متكأ } اى ما يتكئن عليه من النمارق والوسائد وغيرها عند الطعام والشراب كعادة المترفهين ولذلك نهى عن الاكل بالشمال او متكأ.

وقرئ متكأ وهو الاترج او الزماورد بالضم وهو طعام من البيض واللحم معرب والعامة تقول البزماورد كما فى القاموس

{ وآتت كل واحدة منهن } بعد الجلوس على المتكأ

{ سكينا } لتستعمله فى قطع ما يعهد فيما تقدم بين ايديهن وقرب اليهن من اللحوم والفواكه ونحوها وقصدت بتلك الهيئة وهى قعودهن متكئات والسكاكين فى ايديهن ويبهتن عند رؤيته ويشغلن عن نفوسهن فيقع ايديهن فيقطعنها لان المتكئ اذا بهت لشيء وقعت على يده -روى- انها اتخذت لهن ضيافة عظيمة من الوان الاطعمة وانواع الاشربة بحيث لا توصف

روان هر سو كنيزان وغلامان ... بخدمت همجو طاوسان خرامان

برى رويان مصرى حلقه بسته ... بمسندهاى زركش خوش نشسته

جوخوان برداشتند از بيش آنان ... زليخا شكر شكويان مدح خوانان

نهاد از طبع حيلت ساز برفن ... ترنج وكزلكى بردست هر زن

{ وقالت } ليوسف وهن مشغولات بمعالجة السكاكين واعمالها فيما بايديهن من الفواكه واضرابها

{ اخرج } يا يوسف

{ عليهن } اى ابرز لهن : قال المولى الجامى

بباى خود زليخا سوى او شد ... دران كاشانه هم زنواى اوشد

بزارى كفت كاى نور دو ديده ... تمناى دل محنت رسيده

فتادم در زبان مردم از تو ... شدم رسوا ميان مردم از تو

كرفتم آنكه درجشم تو خوارم ... بنزديك تو بس بى اعتبارم

مده زين خوارى وبى اعتبارى ... زخاتونان مصرم شر مسارى

شد ازافسون آن افسونكركرم ... دل يوسف به بيرون آمدن نرم

بى تزيين او جون باد برخاست ... جوسر وازحله سبزش بياراست

فرود آويخت كيسوى معنبر ... به بيش حله اش جون عنبر تر

ميانش راكه بامو همسرى كرد ... ززرين منطقه زيور كرى كرد

بسر تاج مرصع از جواهر ... زهر جوهر هزارش لطف ظاهر

بيا نعلينى از لعل وكهر بر ... برو بسته دوال از رشته در

{ فلما رأينه } عطف على مقدر فحرج عليهن

ز خلوت خانه آن كنج نهفته ... برون آمد كلزار شكفنه

فرأينه فلما رأينه

{ اكبرنه } عظمنه وهبن حسنه الفائق وجماله الرائق فان فضل جماله على جمال كل جميل كان كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وسيأتى مزيد البيان فى هذا الشأن او حضن ليوسف من شدة الشبق على حذف اللام . والشبق شدة شهوة الضراب والمرأة اذا اغتلمت واشتدت شهوتها سال دم حيضها من اكبرث المرأة اذا حاضت لانها تدخل الكبر بالحيض او امنين لتوقهن اليه كما فى الكواشى

وفى الشرعة ويستحب من اخلاق الزوجة ما قال على بن ابى طالب ( خير نساؤكم العفيفة الغليمة المطيعة لزوجها )

{ وقطعن ايديهن } اى جرحنها بالسكاكين لفرط وحشتهن وخروج حركات جوارحهن عن منهج الاختيار والاعتياد حتى لم يعلمن ما فعلن أو ابنها كما فى التبيان

وقال وهب ماتت جماعة منهن كما قال المولى الجامى

جوهر يك را دران ديدار ديدن ... تمنا شد ترنج خود بريدن

نداسته ترنج از دست خود باز ... زدست خود بريدن كرد آغار

يكى از تيغ انكشتان قلم كرد ... بدل حرف وفاى او رقم كرد

يكى برساخت از كف صفحة سيم ... كشيدش جدول از سرخى حو تقويم

بهر جدول روانه سيلى از خون ... ز حد خود نهاده باى بيرون

كروهى زان زنان كف بريده ... زعقل وصبر وهوش ودل رميده

زتيغ عشق يوسف جان نبردند ... ازان مجلس نرفته جاد سبردند

كروهى از خرد بيكانه كشتتند ... زعشق آن يرى ديوز=وانه كشتتند

كروهى آمدند آخر بخود باز ... ولى با ددر وسوز عشق دمساز

جمال يوسف آمد خمى از مى ... بقدر خود نصيب هركس ازوى

{ وقطعن ايديهن } لدهشتهن والمدهوش لا يدرك ما يفعل ولم تقطع زليخا يديها لان حالها انتهت الى التمكين فى المحبة كاهل النهايات وحال النسوة كانت فى مقام التلوين كاهل البدايات فلكل مقام تلون وتمكن وبداية ونهاية

قال القاشانى خرج يوسف بغتة على النسوة فقطعن ايديهن لما اصابهن من الحيرة لشهود جماله والغيبة عن اوصافهن كما قيل

غابت صفات القاطعات اكفها ... فى شاهد هة فى البرية ابدع

ولا شك ان زليخا كانت ابلغ فى محبته منهن لكنها لم تغب عن التمييز بشهود جماله لتمكن حال الشهود فى قلبها انتهى

در حقائق سلمى [ مذكوراست كه حق تعالى بدين آيت مدعيان محبت را سرزنش ميكندكه مخلوقى دررؤيت مخلوقى بدان مرتبه ميرسدكه احساس الم قطع نميكند شمادر شهود بذير جمال خالق بايدكه بهرهيج كس ازبلا وعنا متألم نشويد ]

كربا تودمى دست دراغوش توان كرد ... بيداد توسهلست فراموش توان كرد

وقال فى شرح الحكم العطائية ما تجده القلوب من الهموم والاحزان يعنى عند فقدان مرادها وتشويش معتادها فلاجل ما منعت من وجود العيان اذ لو عاينت جمال الفاعل جمل عليها الم البعد كما اتفق فى قصة النسوة اللاتى قطعن ايديهن انتهى

{ وقلن حاش لله } [ با كست خداى تعالى از صفت عجز درآ فريدن جنين مخلوقى ] واصله حاشا حذفت الالف الاخيرة تخفيفا وهو حرف جر يفيد معنى التنزيه فى باب الاستثناء تقول اساء القوم حاشا زيد فوضع موضع التنزيه والبراءة فمعناه تنزيه اللّه وبراءة اللّه واللام لبيان المبرأ والمنزه كما فى سقيا لك والدليل فى وضعه موضع المصدر قراءة ابى السماك حاشاً لله بالتنوين

{ ما هذا بشرا } اى آدميا مثلنا لان هذا الجمال غير معهود للبشر

{ ان } نافية بمعنى ما

{ هذا الا ملك كريم } يعنى على ربه فى تفسير ابى الليث وهو من باب قصر القلب لقلبه حكم السامعين حيث اعتقدوا انه بشر لا ملك وقصرنه على الملكية مع علمهن انه بشر لانه ثبت فى النفوس لا اكمل ولا احسن خلقا من الملك عنى ركز فى العقول من ان لاحى احسن من الملك كما ركز فيها ان الا اقبح من الشيطان ولذلك لا يزال يشبه بهما كل متناه فى الحسن والقبح وغرضهن وصفه باقصى مراتب الحسن والجمال

جوديد ندش كه جز زالا كهرنيست ... برآمد بانك كين هذا بشر نيست

نه جون آدم زآب وكل سرشتست ... زبالا آمده قدسى فرشتست

قال بعضهم ان من لطف اللّه بنا عدم رؤيتنا للملائكة على الصورة التى خلقوا عليها لانهم خلقوا على احسن صورة فلو كنا نراهم لطارت اعيننا وارواحنا لحسن صورهم ولذا ابتدئ رسول اللّه بالرؤيا تأنيسا له اذا القوى البشرية لا تتحمل رؤية الملك فجأة وقد رأى جبريل فى اوائل البعثة على صورته الاصلية فخر مغشيا عليه فنزل اليه فى صورة الآدميين كما فى انسان العيون

قالوا كان يوسف اذا سار فى ازقة مصريرى تلألؤ وجهه كما يرى نور الشمس من السماء عليها وكان يسبه آدم يوم خلقه ربه وكانتامه راحيل وجدته سارة جميلتين جدا

جه كويم كان جه حسن ودلبرى بود ... كه بيرون ازحد حور وبرى بود

مقدس نورى ازقيد جه وجون ... سر از جلباب جون آورده بيرون

جون آل بيجون درين جون كرد آرام ... بى رو بوش كرده يوسفش نام

زليخايى كه رشك حور عين بود ... بمغرب برده عصمت نشين بود

ز خورشيد رحمش ناديده تابى ... كرفتار جمالش شد بخوانى

قال الكاشفى فى تفسيره الفارسى صاحب وسيط باسناد خود از جابر انصارى نقل ميكندكه حضرت رسالت صلّى اللّه عليه وسلّم فرمود كه جبرائيل بر من فرود آمد وكفت خداى تعالى ترا سلام ميرساند وميكويد حبيب من حسن روى يوسف را ازنو كرسى كنوت دادم وكسوت حين ترا ازنور عرش مقدرّر كردم وما خلقت خلقا احسن منك يوسف را جمال بود وان حضت را كمال در شهود جمال يوسف دستها بريده شد در ظهور كمال محمدى زنارها قطع يافت

از حسن روى يوسف دست بريده سهلست ... ددباى دلبر من سرها بريده باشد

[ از عايشة صديقه نقل ميكنندكه درصفت جمال حضرت رسالت بناه فرمودكه ]

لوائم زليخا لورأين جبينه ... لآثرن فى القطع القلوب على اليد

انان مصر بهنكام جلوه يوسف ... زروى بيخودى ازدست خويش ببريدند

مقر راست كه دل باره ميكردند ... اكر جمال تواى نورديده ميديدند

وفى الحديث ( ما بعث اللّه نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم احسنهم وجها واحسنهم صوتا ).

يقول الفقير ايده اللّه القدير الظاهر ان بعض الانبياء مفصل على البعض فى بعض الامور وان الحسن بمعنى بياض البشرة مختص بيوسف وان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان اسمر اللون لكن مع الملاحة التامة وهو لا ينافى الحسن واليه يشير قول الحافظ

آن سيه جرده كه شيرينى عالم با اوست ... جشم ميكون لب خندان رخ خرم با اوست

وقول المولى الجامى

دبير صنع نوشتست كرد عارض تو ... بمشكناب كه الحسن والملاحة لك

فالحسن امر والملاحة امر آخر وبالملاحة يفضل النبى عليه السلام على يوسف وعليه يحمل قول الجامى

ز خوبئ توبهرجا حكايتى كفتند ... حديث يوسف مصرى فسانه باشد

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( لى جبريل ان اردت ان تنظر من اهل الارض شبيها بيوسف فانظر الى عثمان بن عفان ) وجاء ( هو اشبه الناس يجدك ابراهيم وابيك محمد ) والخطاب لرقية بنت رسول اللّه زوجة عثمان وكانت رقية ذات جمال بارع ايضا وم ثم كان النساء تغنيهما بقولهن احسن شيء يرى انسان رقية وبعلها عثمان وجاء فى حق رومان ام عائشة رضى اللّه عنها بضم الراء وفتحها ( من اراد ان ينظر الى امرأة من الحور العين فلينظر الى رومان ) وفيه بيان حسنها وكونها من اهل الجنة كما لا يخفى

والاشارة

{ وقال نسوة } صفات البشرية النفسانية من البهيمة والسبعية والشيطانية

{ فى المدينة } فى مدينة الجسد

{ امرأة العزيز } وهى الدنيا

{ تراود فتاها عن نفسه } تطالب عبدها وهو القلب كان عبدا للدنيا فى البداية للحجة اليها فى التربية فلما كمل القلب وصفا وصقل عن دنس البشرية واستاهل للنظر الالهى فتجلى له الرب تعالى فتنور القلب بنور جماله وجلاله احتاج اليه كل شيء وسيجد له حتى الدنيا

{ قد شغفها حبا } اى احبته الدنيا غاية الحب لما ترى عليه آثار جمال الحق ولما لم يكن لنسوة صفات البشرية اطلاع على جمال يوسف القلب كن يلمن الدنيا على محبته فقلن

{ انا لنراك فى ضلال مبين فلما سمعت } زليخا الدنيا

{ بمكرهن } فى ملامتها

{ ارسلت } الى الصفات وهيأت اطعمة مناسبة لكل صفة منها

{ وآتت كل واحدة منهن سكينا } سكين الذكر

{ وقالت } زليخا الدنيا ليوسف القلب

{ اخرج عليهن } وهو اشارة الى غلبات احوال القلب على الصفات البشرية

{ فلما رأينه } فغلما وقفن على جماله وكماله

{ اكبرنه } اكبرن جماله ان يكون جمال البشر

{ وقطعن ايديهن } بسكين الذكر عن تعلق ما سوى اللّه

{ وقلن حاش لله ما هذا بشرا } اى جمال بشر

{ ان هذا الا } جمال

{ ملك كريم } وهو اللّه تعالى بقراءة من قرأ ملك بكسر اللام

٣٢

{ قالت فذلكن } كن للنسوة واذ ليوسف ولم تقل مع انه حاضر رفعا لمنزلته فى الحسن واسم الاشارة مبتدأ والموصول خبره وهو

{ الذى لمتننى فيه } فى شأنه فالآن علمتن من هو وما قولكن فينا

قال الكاشفى [ واكنون دانستيدكه ] حق بطرف من بود ] : قال سعدى

ملامت كن مرا جندانكه خواهى ... كه نتون شستن از زنكى سياهى

وقال فى كتاب كلستان [ يكى را ازملزك عرب حديث ليلى ومجنون بكفتند وشورش حال اوكه با كمال فضل وبلاغت سر در بيابان نهاده است وزمام اختيار ازدست داده بفومودش تا حاضر آوردند وملامت كردن كرفت كه درشرف نفس انسانى جه خلل ديديكه خوى حيوانى كرفتى وترك عيش آدمى كفتى مجنون بناليد وكفت

ورب صديق لامنى فى ودادها ... ألم يرها يوما فيوضح لى عذرى

كاش كانانكه عيب من جستند ... رويت اى دلستان بديدندى

تابجاى ترنج در نظرت ... بيخبر دستها بريدندى

[ تا حقيقت معنى برصورت دعوى كواهى دادى كه ] قوله تعالى

{ فذلك الذى لمتننى فيه } وفى القصيدة البردية

يا لائمى فى الهوى العذرى معذرة ... منى اليك ولو انصفت لم تلم

والهوى العذرى عبارة عن الحب الشديد الفرط نسبة الى بنى عذرة بضم العين وسكون الذال المعجة قبيلة فى اليمن مشهورة بالابتلاء بداء العشق وكثير من شبانهم يهلكون بهذا المرض كما يحكى ان واحدا سأل منهم عن سبب انهماكهم فى اودية المحبة والمودة وموجب هلاكهم من شدة المحبة فاجابوا بان فى قلوبنا خفة وفى نسائنا عفة [ اصمعى كفت وقت ازاوقات دراثناء اسفار بقبيله بنى عذرة نزول كردم ودر وثاقى كه بودم دخترى ديدم درغايت حسن وجمال روزى از سبيل تفرج ىز آنجا بيرون آمدم وطوفى ميكردم جوانى را ديدم ضعيف تر از هلالى اين ابيات ميخواند وقطرات عبرات از ديد كان مى راند ]

فلا عنك لى صبر ولا فيك حيلة ... ولا منك لى بد ولا منك مهرب

فلو كان لى قلبان عشت بواحد ... وافردت قلبا فى هواك يعذب

ولى الف باب قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب الى اين اذهب

[ از آن جماعت برسيدم كه اين جوان كيست وحال او جيست كفتند او بدان دختركه دران خانه كه تو نزول كرده عاشقست ةبا آنكه بنت عم اوست ده سالست تايكديكر را نديده اند اصمعى ميكويدكه بخانه باز كشتم وخال آن جوان با اين دختر تقرير كردم وكفتم شك نيست كه مهمان غريب را درعرب حرمتى هرجه تمامترست التماس آنست كه امروز جمال خود را بدو نمايى دختر صلاح او درين نيست اصمعى كفت بنداشتم كه بخل ميكند ودفع ميدهد كفتم از براى دل مهمان يك دو قدم بردار تا از مشاهده جمال راحتى بايد كفت مرا رحمت وشفقت در حق عم زاده بيش از آنست اميد

٣٣

{ قال } مناجيا لربه

{ رب السجن } الذى اوعدتنى بالالقاء فيه وهو بالفارسية [ زندان ]

{ احبّ الى مما يدعوننى اليه } اى آثر عندى من موافقتها لان للاول حسن العاقبة دون الثانى

عجب درمانده ام دركار اينان ... مرازنداد به از ديدار اينان به از صد سال در زندان نشينم

كه يكدم طلعت اينان به بينم ... بنا محرم نظر دلرا كند كور

زدو لتخانه قرب افكند دور ... وعند ذلك بكت الملائكة رحمة له وهبط اليه جبريل فقال له يا يوسف يقرئك السلام ويقول لك اصبر فان الصبر مفتاح الفرج وعاقبته محمودة واسناد الدعوة اليهن جميعا لانهن تنصحن له وخوفنه من مخالفتها او لانهن جميعا دعونه الى انفسهن كما ذكر

قال بعض الحكماء لو قال رب العافية احب الىّ لعافاه اللّه ولكن لما نجا بدينه لم يبال ما اصابه فى اللّه والبلاء موكل بالمنطق

وعن معاذ سمع النبى صلّى اللّه عليه وسلّم رجلا يقول اللهم انى اسألك الصبر قال ( سألت البلاء فاسأل العافية )

قال الشيخ سعدى [ فى كتاب الكلستان بارسايى را ديدم كه بركنار دريا زحم بلنك داشت وبه هيج دارو به نمى شد ومدتها دارن رنجورى بودومدام شكر خدا مى كزاريد برسيدندش كه جه شكر كنى كفت شكر آنكه بمصيبتى كرفتارم نه بمعصيتى بل مردان خدا مصيبت بر معصيت اختيار كنند نه بينى كه يوسف صديق دران حالت جه كفت قال رب السجن الآية ]

كرمى بكشتن دهد آن يار عزيز ... تانكويى كه دران دم غم جانم باشد

كويم از بنده مسكين جه كنه صادر شد ... كودل أزرده شد ازمن غم آنم باشد

{ والا } وان لم

{ تصرف عنى كيدهن } [ واكر نكردانى از من مكر وفريب ايشانرا يعنى مرا در بناه عصمت نكيرى ]

{ اصب اليهن } امل الى جانبهن على قضية الطبيعة وحكم القوة الشهوية اى ميلا اختياريا قصديا والصبوة الميل الى الهوى ومنه الصبا لان النفوس تصبو اليها لطيب تسميتها وروحها . وهذا فزع منه الى الطاف اللّه جريا على سنن الانبياء والصالحين فى قسر نيل الخيرات والنجاة من الشرور على جناب اللّه وسلب القوى والقدر عن انفسهم ومبالغة فى استدعاء لطفه فى صرف كيدهن باظهار ان لا طاقة له بالمدافعة كقول المستغيث ادركنى والا هلكت لانه يطلب الاجبار والالجاء الى العصمة والعفة وفى نفسه داعية تدعوه الى هواهن

{ واكن من الجاهلين } اى الذين لا يعلمون بما يعلمون لان من لم يعمل بعلمه هو الجاهل سواء او من السفهاء بارتكاب ما يدعوننى اليه لان الحكيم لا يفعل القبيح

وفيه دلالة بينة على ان ارتكاب الذنب والمعصية على جهل وسفاهة وان من زنى فقد دخل من جملة الكاذبين فى الجهل

٣٤

{ فاستجاب له ربه } دعاءه الذى تضمنه قوله

{ والا تصرف عنى كيدهن } الخ فيه استدعاء لصرف كيدهن والاستجابة تتعدى الى الدعاء بنفسها نحو استجاب اللّه تعالى دعاءه والى الداعى باللام ويحذف الدعاء اذا عدى الى الداع فى الغالب فيقال استجاب له ولا يكاد يقال استجاب له دعاءه كما فى بحر العلوم

{ فصرف عنى كيدهن } حسب دعائه وثبته على العصمة والعفة حتى وطن نفسه على مقاساة السجن ومحنته واختارها على اللذة المتضمنة للمعصية

{ انه هو السميع } لدعاء المتضرعين اليه

{ العليم } باحوالهم وما يصلحهم

وعن الشيخ ابى بكر الدقاق قدس سره قال بقيت بمكة عشرين سنة وكنت اشتهى اللبن فغلبتنى نفسى فخرجت الى عسفان وهو كعثمان موضع على مرحلتين من مكة قاستضفت حيا من احياء العرب فوقعت عينى على جارية حسناء اخذت بقلبى فقالت يا شيخ لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن فرجعت الى مكة وطفت بالبيت فاريت فى منامى يوسف الصديق عليه السلام فقلت له يا نبى اللّه اقر اللّه عينك بسلامتك من زليخا فقال يا مبارك بل اقر اللّه عينك بسلامتك من العصفانية ثم تلا يوسف ولمن خاف مقام ربه جنتان وانشدوا

وانت اذا ارسلت طرفك رائدا ... لقلبك يوما اتبعتك المناظر

رايت الذى لاكله انت قادر ... عليه ولا عن بعضه انت صابر

قال بعضهم لا يمكن الخروج من النفس بالنفس وانما يمكن الخروج عن النفس بالله

وقال الشيخ ابو تراب النخشبى قدس سره من شغل مشغولا باللّه عن اللّه ادركه المقت فى الوقت فليس للعصمة شيء يعادلها

والاشارة ان القلب اذا لم يتابع امر الدنيا وهوى نفسه ولم يجب الى ما تدعوه دواعى البشرية يكون مسجونا فى سجن الشرع والعصمة من اللّه تعالى والقلب وان كان فى كمالية قلب نبى من الانبياء لو خلى وطبعه ولم يعصمه اللّه من مكايد الدنيا وآفات دواعى البشرية وهو اوجس النفس ووساوس الشيطان يميل الى ما يدعونه اليه ويكون من جملة النفوس الظلومة الجهولة كما فى التأويلات النجمية : قال الحافظ

دام سخت است مكر لطف خدا يارشود ... ورنه نبرد صرفه ز شيطان رجيم

نسأل اللّه القوة والغلبة على الاعداء الظاهرة والباطنة انه هو المعين

٣٥

{ ثم بدا لهم } اى ظهر للعزيز واصحابه المتصدين للحل والعقد رأى وثم يدل على تغير رأيهم فى حقه

{ من بعد ما رأوا الآيات } اى الشواهد على براءة يوسف كشهادة الصبى وقد القميص وغيرهما

{ ليسجننه } [ هر آينه در زندان كنند اورا ] اى قائلين واللّه ليسجننه

{ حتى حين } حتى جارة بمعنى الى اى الى حين انقطاع قالة الناس وهذا بادى الرأى عند العزيز وخواصه

واما عندها فحتى يذلله السجن ويسخره لها ويحسب الناس النه المجرم فلبث فى السجن خمس سنين او سبع سنين والمشهور انه لبث اثنتى عشرة سنة كما سيأتى عند قوله تعالى

{ فلبث فى السجن بضع سنين } وقال ابن الشيخ لا دلالة فى الآية على تعيين مدة حبسه وانما القدر المعلوم انه بقى محبوسا مدة طويلة للقوله تعالى

{ وادّكر بعد امة } والحين عندد اهل اللغة وقت وقت من الزمان غير محدود ويقع على القصير منه والطويل

واما عند الفقهاء فو حلف واللّه لا اكلم فلانا حينا او زمانا بلانية على شيء من الوقت فهو محمول على نصف سنة ومع نية شيء معين من الوقت فما نوى من الوقت . وفى الآية محذوف والتقدير لما تغير رأيهم فى حقه ورأوا حبسه حبسوه وحذف لدلالة قوله

{ ودخل معه السجن فتيان } وذلك ان زوج المرأة قد ظهر له براءة يوسف فلا جرم لم يتعرض له واحتالت المرأة فى طريق آخر فقالت لزوجها هذا العبد العبرانى فضحنى فى الناس

درين قولند مرد وزن موافق ... كه من بروى بجانم كشته عاشق

كما قال هى راودتنى عن نفسى وانا لا اقدر على اظهار عذرى فارى ان الاصح ان تحبسه لينقطع عن الناس ذكر هذا الحديث . وكان العزيز مطاعا لها وجملا ذلولا زمامه فى يدها فاغتر بقولها ونشى ما عاين من الآيات وعمل برأيها والحاق به كما اوعدته به

وقال الكاشفى

[ آورده اندكه بعد از نوميدئ زنان ازوى زليخا كفتند صلاح آنست كه اور ادوسه روزى برندان بازجارى شايد بسبب رياضت رام كردد زقدر نعمت وراحت را دانسته سر تسليم را برخط فرمان نهد ]

جو كوره ساز زندانرا برو كرم ... بود زان كوره كردد آهنش نوم

جو كردد كرم زآتش طبع فولاد ... از جيزى تواند ساخت استاد

نه كرمى نرم اكر نتواندش كرد ... جه حاصل رانكه كوبد آهن جانان

براى راحت خود رنج او خواست ... دران ويران اميد كنج او خواست

جونبود عشق عاق را كمالى ... نه بندد جز مراد خود خيالى

طفيل خويش خواهد يار خودرا ... بكام خويش خواهد كار خودرا

ببوى يك كل ازبستان معشوق ... زند صد خار غم برجان معشوق

وكان للعزيز ثلاثة سجون سجن العذاب وسجن القتل وسجن العافية.

٣٦

{ ودخل معه السجن فتيان } اى دخل يوسف السجن واتفق ان ادخل حينئذ آخران من عبيد الملك الاكبر وهو ريان بن الوليد احداهما شرابيه واسمه ابروها اويونا والآخر خبازه واسمه غالب او مخلب -روى- ان جماعة من اهل مصر ضمنوا لهما ما ليسما الملك فى طعامه وشرابه فاجابهم الى ذلك ثم ان الساقى نكل عن ذلك ومضى عليه الخباز فسم الخبز فلما حضر الطعام قال الساقى لا تأكل ايها الملك فان الخبز مسموم فلم يضره وقال للخباز كله فابى فجربه بدابة فهلكت فامر بحبسهما فاتفق ان دخلاه معه وكأنه قيل ماذا صنعا بعد ما دخلا معه السجن فاجيب بان

{ قال احدهما } وهو الشرابى

{ انى ارينى } فى المنام كأنى فى بستان فاذا انا باصل حبلة حسنة فيها ثلاثة اغصان عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وكان كأس الملك بيدى فعصرتها فيه وسقيت الملك فشربه وذلك قوله تعالى

{ اعصر خمرا } اى عنبا سماه بما يؤول اليه لكونه المقصود من العصر

{ وقال الآخر } وهو الخباز

{ انى ارينى } كأنى فى مطبخ الملك

{ احلم فوق رأسى خبزا } فوق بمعنى على اى على رأسه ومثله

{ فاضربوا فوق الاعناق } كما فى التبيان قم وصف لخبز بقوله

{ تأكل الطير منه } يعنى كأن فوق رأسى ثلاث سلال فيها خبز والوان الاطعمة وارى سباع الطير يأكلن من السلة العليا

واختلف فى انهما هل رأيا رؤيا ولم يريا شسيأ فتحا لما اختبارا ليوسف لانه لما دخل السجن قال لاهله انى اعبر الاحلام ورأى احدهما وهو الناجى وكذب الآخر وهو المطلوب

{ نبئنا بتأويله } اى اخبرنا بتفسير ما ذكر من الرؤيين وما يؤول اليه امرهما وعبارة كل واحد منهما نبئنى بتأويله مستفسرا لما رآه مستفسرا لما رآه وصيغة المتكلم مع الغير واقعة فى الحكاية دون المحكى على طريقة قوله تعالى

{ يا ايها الرسل كلوا من الطيبات } فانهم لم يخاطبوا بذلك دفعة بل خوطب كل منهم فى زمانه بصيغة مفردة خاصة به

{ انا نريك } يجوز ان يكون من الرؤية بالعين وان يكون من الرؤية بالقلب كما فى بحر العلوم

{ من المحسنين } الذين يجيدون عبارة الرؤيا لما رأياه يقص عليه بعض اهل السجن رؤياه فيؤولها له تأويلا حسنا ويقع الامر على ما عبر به او من المحسنين الى اهل السجن اى فاحسن الينا بكشف غمتنا ان كنت قادرا على ذلك كما قال المولى الجامى

جو زندان بركرفتاران زندان ... شد از ديدار يوسف باغ خندان

همه از مقدم اوشاد كشتند ... زبند دردورنج آزاد كشتند

بكردن غلشان شد طوق اقبال ... بيا زنجير شان فرخنده خلخال

اكر زندانئ بيمار كشتى ... اسير محنت وتيمار كشتى

كمر بستى بى بيمار داريش ... خلاصى دادى از تيمار داريش

اكر جابر كرفتارى شدى تنك ... سوى تدبير كارش كردى آهنك

كشاده روشدى اورا دوا جوى ... زتنكى دركشاد آورديش روى

وكر بر مفلسى عشرت شدى تلخ ... زنا دارى نموده غره اش سلخ

ززرداران كليد زركرفتى ... زعيشش قفل تنكى بر كرفتى

وكر خوابى بديدى تنك بختى ... بكر داب بلا افتاده رختى

شنيدى ازلبش تعبير آن خواب ... بخشكى آمدى رختش زكرداب

وكان فى السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول ابشروا واصبروا تؤجروا

صبورى مايه اميدت آرد ... صبورى دولت جاويدت آرد

فقالوا بارك اللّه عليك ما احسن وجهك وما احسن خلقك لقد بورك فى جوارك فمن انت يا فتى قال انا يوسف ابن صفى اللّه يعقوب ابن ذبيح اللّه اسحاق ابن خليل اللّه ابراهيم عليهم السلام فقال له عامل السجن لو استطعت خليت سبيلك ولكنى احسن جوارك فكن فى اى بيوت السجن شئت -وروى- ان الفتيين قلا له انا لنحبك من حين رأيناك فقال انشد كما باللّه ان لا تحبانى فواللّه ما احبنى احد قط الا دخل علىّ من حبه بلاء ثم احبنى زوجة صاحبى فدخل علىّ من حبها بلاء فلا تحبانى بارك اللّه فيكما

قال بعضهم ابتلى يوسف بالعبودية والسجن ليرحم المماليك والمسجونين اذا صار خليفة وملكا فى الارض وابتلى بجفاء الاقارب والحساد ليعتاد الاحتمال من القريب والبيد وابتلى بالغربة ليرحم الغرباء وفى الخبر ( يجاء بالعبد يوم القيامة فيقال له ما منعك ان تكون عبدتن فيقول ابتليتنى فجعلت على اربابا فشغلونى فيجاء بيوسف عليه السلام فى عبوديته فيقال انت اشد ام هذا فيقول بل هذا فيقال لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بالغنى فيقال ما منعك ان تكون عبدتنى فيقول بل هذا فيقول لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بالمريض فيقال له ما منعك ان تعبدنى فيقول رب ابتليتنى فيجاء بايوب عليه السلام فيقال انت اشد ضرا وبلاء ام هذا فيقول بل هذا فيقال لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاؤء بيائس من رحمة اللّه بسبب عصيانه فيقال لم يئست من رحمتى فيقول لكثرة عصيانى فيجاء بفرعون فيقال ءانت كنت اكثر عصيانا ام هذا فيقول بل هذا فيقال له ما هو يائس من الرحمة التى وسعت كل شيء ) حيث اجرى كلمة التوحيد على لسانه عند الغرق . فيوسف حجة على من ابتلى بالرق والعبودية اذا قصر فى حق اللّه تعال . وسليمان حجة على الملوك والاغنياء . وايوب حجة على اهل البلاء . وفرعون حجة على اهل اليأس نعوذ برب الناس اى بالنسبة الى ظاهر الحال عند الغرق وان كان كافرا فى الحقيقة باجماع العلماء وليس ما جرى على الانبياء والاولياء من المحن والبلايا عقوبات لهم بل هى تحف وهذايا وفى الحديث

( اذا احب اللّه عبدا صب عليه البلاء صبا )

جاميا دل بغم ودردنه اندرره عشق ... كه نشد مردره آنكس كه نه اين درد كشيد

والاشارة انه لما دخل يوسف القلب سجن الشريعة ودخل معه السجن فتيان وهما ساقى النفس وخباز البدن غلامان لملك الروح احدهما صاحب شرابه والآخر صاحب طعامه فالنفس صاحب شرابه تهيئ لملك الروح ما يصلح له شربه منه فان الروح العلوى الاخروى لا يعمل عملا فى السفلى البدنى الا بشرب يشربه النفس والبدن صاحب طعامه الذى يهيئ من الاعمال الصالحة ما يصلح لغذاء الروح والروح لا يبقى الا بغذاء روحانى باق كما ان الجسم لا يبقى الا بغذاء جسمانى وانما حبسا فى سجن الشريعة لانهما مهمام بان يجعلا السم فى شراب ملك الروح وطعامه فيهلكاه وهو سم الهوى والمعصية فاذ كانا محبوسين فى سجن الشريعة امن ملك الروح من شرهما والنفس والبدن كلاهما دنيوى واهل الدنيا نيام فاذا ماتوا انتبهوا وكل عمل يعمله اهل الدنيا هو بمثابة الرؤيا التى يراها النائم فاذا انتبه بالموت يكون لها تأويل يظهر لها فى الآخرة ويوسف القلب بتأويل مقامات اهل الدنيا عالم لانه من المحسنين اى الذين يعبدون اللّه على الرؤية والمشاهدة بقلوب حاضرة عند مولاهم وجوه ناضرة الى ربها ناظرة وكل حكم صدر من تلك الحضرة فهم شاهدوه فى الغيب كما قبل نزوله الى عالم الغيب فكسته القوة المتخيلة عند عبوره عليها كسوة خيالية تناسب معناه فصاحب الرؤيا كان عالما بلسان الخيال يعبره ولا يعرضه على المعبر ليكون ترجمانا له فيترجم له بلسان الخيال فيخبره عن الحكم الصادر من الحضرة الالهية فلهذا كانت الرؤيا الصالحة جزأ من اجزاء النبوة لانها فرع من الوحى الصادر من اللّه وتأويل الرؤيا جزء ايضا من أجزاء النبوة لانه علم لدنى يعلمه اللّه من يشاء من عباده

٣٧

{ قال } يوسف اراد ان يدعو الفتيين الى التوحيد الذى هو اولى بهما واوجب عليهما مما سألا منه ويرشدهما الى الايمان ويزينه لهما قبل ان يسعفهما ب١لك كما هو طريقة الانبياء والعلماء الصالحين فى الهداية والارشاد والشفقة على الخلق فقدم ما هو معجزة من الاخبار بالغيب ليدلهما على صدقه فى الدعوة والتعبير

{ لا يأتيكما طعام ترزقانه } تطعمانه فى مقامكما هذا حسب عادتكما المطردة

{ ألانبأتكما بتأويله } استثناء مفرغ م اعم الاحوال اى لا يأتيكما طعام فى حال من الاحوال الا حال ما نبأتكما به بان بنيت لكما ماهيته من أى جنس هو ومقداره وكيفيته من اللون والطعم وسائر احواله واطلاق التأويل بالنظر الى ما رؤى فى المنام وشبيه له

{ قبل ان يأتيكما } قبل ان يصل اليكما وكان يخبر بما غاب مثل عيسى عليه السلام كما قال

{ وانبئكم بما تأكبون وما تدخرون فى بيوتكم } وفى المثنوى

اين طبيبان بدن دانشورند ... برسقام تو زتو واقفترند

تاز قاروره همى بنند حال ... كه ندانى توازان رو اعتدال

هم زنبض وهم رزنك زهم زدم ... بوبرند ازتو بهر كونه سقم

بس طبيبان الهى درجهان ... جون ندانند از توبى كفت دهان

هم زنبضت هم زجمشت هم زرنك ... صد سقم بينند درتو بى درنك

اين طبيبان نوآموزند خود ... كه بدين آياتشان حاجت بود

كاملان ازدور نامت بشنوند ... تابقعر تارو بودت درروند

بلكه بيش اززادن توسالها ... ديده باشندت ترا باحالها

{ ذلكما } اى ذلك التأويل والاخبار بالمغيبات ايها الفتيان

{ مما علمنى ربى } بالوحى والالهام وليس من قل التهكن والتنجم وذلك انه لما نبأهما اليهما من الطعام فى السجن قبل ان يأتيهما ويصفه لهما ويقول اليوم يأتيكما طعام من صفته كيت وكيت وكم تأكلان فيجدان كما اخبرهما قالا هذا من فعل العرافين والكهان فمن اين لك هذا العلم فقال ما انا بكاهن وانما ذلك العلم ما علمنى ربى وفيه دلالة على ان له علوما جمة ما سمعناه قطعة من جملتها وشعبة من دوحتها وكأنه قيل لماذا علمك ربك تلك العلوم البديعة فقيل

{ انى } اى لانى

{ تركت } رفضت

{ ملة قوم } أى قم كان من قوم مصر وغيره

{ لا يؤمنون باللّه } والمراد بتركها الامتناع عنها رأسا لا تركها بعد ملامستها وانماعبر عنه بذلك لكونه ادخل بحسب الظاهر فى اقتدائهما به عليه السلام

{ وهم بالآخرة } وما فيها من الجزاء

{ هم كافرون } على الخصوص دون غيرهم لافراطهم فى الكفر

قال فى بحر العلوم هذالتعليل من ابين دليل على ان افعال اللّه معللة بمصالح العباد بمصالح العباد كما هو راى الحنفية مع ان الاصلح لا يكن واجبا عليه قالوا وما ابعد عن الحق قول من قال انها غير معللة بها فان بعثة الانبياء لاهتداء الخلق وظهار المعجزات لتصديقهم وايضا لو لم يفعل لغرض يلزم العبث تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا انتهى

قال فى التأويلات النجمية يعنى لما تركت هذه الملة علمنى ربى وفيه اشارة الى ان القلب مهما ترك ملة النفس والهوى والطبيعة علمه اللّه علم احقيقة وملته انهم قوم لا يؤمنون باللّه لا النفس تدعى الربوبية كما قال نفس فرعون انا ربكم الاعلى والهوى يدعى الالوهية كما قال تعالى

{ أفرأيت من اتخذ الهه هواه } والطبيعة هى التى ضد الشريعة

٣٨

{ واتبعت ملة آبائى ابراهيم واسحق ويعقوب } عرف شرف نسبه وانه من اهل بيت النبوة لتتقوى رغبتهما فى الاستماع منه والوثوق عليه وكان فضل ابراهيم واسحاق ويعقوب امرا مشهورا فى الدنيا فاذا طهر انه ولدهم عظموه ونظروا اليه بعين الاجلال واخذوا منه ولذلك جوز للعالم اذا جهلت منزلة فى العلم ان يصف نفسه ويعلم الناس بفضله حتى يعرف فيقتبس منه وينتفع به فى الدين وفى الحديث ( ان اللّه يسأل الرجل عن فضل علمه كما يسأل عن فضل ماله ) وقدم ذكر ترك ملة الكفرة على ذكر اتباعه لملة آبائه لان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية متقدمة على التحلية بالمهملة . وفيه اشارة الى ان الاتباع سبب للفوز بالكمالات والظفر بجميع المرادات والاشارة ان ملة ابراهيم السر واسحاق الخفاء ويعقوب الروح التوحيد والمعرفة

{ ما كان } اى ما صح وما استقام فضلا عن الوقوع

{ لنا } معاشر الانبياء لقوة نفوسنا ووفور علومنا

{ ان نشرك باللّه من شيء } أى شيء كان من ملك اوجنى او انسى فضلا عن الجماد الذى لا يضر ولا ينفع

{ ذلك } التوحيد المدلول عيله بقوله ما كان لنا الخ ناشئ

{ من فضل اللّه علينا } بالوحى يعنى [ بوحى مارا آكاعى داده ]

{ وعلى الناس } كافة بواشطتنا وارسالنا لارشادهم اذ وجود القائد للاعمى رحمة من اللّه أية رحمة

{ ولكن اكثر الناس } المبعوث اليهم

{ لا يشكرون } هذا فيعرضون عنه ولا ينتهون ولما كان الانبياء وكمل الاولياء وسائط بين اللّه وخلقه لزم شكرهم تأكيدا للعبودية وقياما بحق الحكمة

٣٩

{ يا صاحبى السجن } الاضافة بمعنى فى اى يا صاحبى فى السجن لما ذكر ما هو عليه من الدين القويم تلطف فى حسن الاستدلال على فساد ما عليه قوم الفتيين من عبادة الاصنام فناداهما باسم الصحبة فى المكان الشاق الذى يخلص فيه المودة ويتمحض فيه النصيحة

{ ارباب متفرقون } الاستفهام الاستنكارى [ آيا خدايان براكنده كه شما داريد اززر ونقره وآهن وجوب وسنك ] او من صغير وكبير ووسط كما فى التبيان

{ خير } لكما

{ ام اللّه } المعبود بالحق

{ الواحد } المنفرد بالالوهية

{ القهار } الغالب الذى لا يغالبه احد . وفيه اشارة الى ان اللّه يقهر بوحدته الكثرة وان الدنيا والهوى والشيطان وان كان لها خيرية بحسب زعم اهلها لكنها شر محض عند اللّه تعالى لكونها مضلة عن طريق طلب اعلى المطالب واشرف المقاصد

٤٠

{ ما تعبدون } الخطاب لهما ولمن على دينهما

{ من دونه } اى من دون اللّه شيأ

{ الا اسماء } مجردة لا مطابق لها فى الخارج لان ما ليس فيه مصداق اطلاق الاسم عليه لا وجود له اصلا فكانت عبادتهم لتلك الاسماء فقط

{ سميتموها } جعلتموها اسماء

{ انتم وآباؤكم } بمحض جهلكم وضلالتكم

{ ما انزل اللّه بها } اى بتلك التسمية المستتبعة للعبادة

{ من سلطان } من حجة تدل على صحتها

{ ان الحكم } فى امر العبادة المتفرعة على تلك التسمية

{ الا اللّه } لانه المستحق لها بالذات اذ هو الواجب بالذات الموجد للكل والمالك لامره فكأنه قيل فماذا حكم اللّه فى هذا الشأن فقيل

{ امر } على ألسنة الانبياء

{ ان لا تعبدوا } اى بان لا تعبدوا

{ الا اياه } الذى دلت عليه الحجج

{ ذلك } تخصيصه تعالى بالعبادة

{ الدين القيم } اى الثابت او المستقيم وهو دين الاسلام الذى لا عوج فيه وانتم لا تميزون الثابت من غيره ولا المعوج من القويم قال تعالى

{ ان الدين عند اللّه الاسلام } وهو باعتبار الاصول واحد وباعتبار الفروع مختلف ولا يقدح الكثر العارضة بحسب الشرائع المبنية على استعدادات الامم فى وحدته

{ ولكن اكثر الناس لا يعلمون } فيخبطون فى جهالتهم

واعلم ان ما سوى اللّه تعالى ظل زائل والعاقل لا يتبع الظل بل يتبع من خلق الظل وهو اللّه تعالى ةاتباعه به هو تدينه بما امر به من جملته قصر العبادة له بالاجتناب عن الشرك الجلى والخفى وهو الاخلاص التام الموصل الى اللّه الملك العلام

قال بعض الفضلاء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا اذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة

واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد انتهى

-وحكى- ان امرأة قالت لجماعة ما السخاء عندكم قالوا بذل المال قالت هو سخاء اهل الدنيا والعوام فما سخاء الخواص قالوا بذل المجهود فى الطاعة قالت ترجون الثواب قالوا نعم قالت تأخذون العشرة بواحد لقوله تعالى

{ من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } فأين السخاء قالوا فم عندك قالت العمل لله تعالى لا للجنة ولا للنار ولا للثواب وخوف العقاب وذلك لا يمكن الا بالتجريد والتفريد والوصول الى حقيقة الوجود وبمثل هذا العمل يصل المرء الى اللّه تعالى ويجد اللّه اطوع له فيما اراد ولا تزال العوالم فى قبضته باذن اللّه تعالى فيحكم بحكم اللّه تعالى ويعلم بعلم اللّه تعالى فيخبر عن المغيبات كما وقع ليوسف عليه السلام

قال ابو بكر الكتانى قال لى الخضر كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفى زاوية المسجد شاب فى المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق قال انا اسمع كلام الرزاق وانت تدعونى الى عبد الرزاق فقلت له ان كنت صادقا فاخبرنى من انا فقالت انت الخضر فلله عباد قد بدلوا الحياة الفانية بالحياة الباقية وذلك ببذل الكل وافنائه فى تحصيل الوجود الحقانى وعملوا لله فى اللّه باسقاط ملاحظة الدارين فكوشفوا عن صور الاكوان وحقائق المعانى

وعن قدوة العارفين الشيخ عبد اللّه القرشى رحمه اللّه قال دخلت مصر فى ايام الغلاء الكبير فعزمت ان ادعو اللّه لرفعه فنوديت بالمنع فسافرت الى الشام فلما جنوت من قبر خليل اللّه تلقانى الخليل عليه السلام فقلت يا خليل اللّه اجعل ضيافتى الدعاء لاهل مصر فدعالهم ففرج اللّه عنهم

فقال الامام اليافعى قول الشيخ تلقانى الخليل حق لا ينكره الا جاهل بمعرفة ما يرد عليهم من الاحوال التى يشاهدون فيها ملكوت السموات

ثم اعلم ان جميع الانبياء امروا بالايمان واخلاص العبادة والايمان يقبل البلى كما دل عليه قوله عليه السلام ( جددوا ايمانكم بقول لا اله الا اللّه ) وذلك بزوال الحب فلا بد من تجديد عقد القلب بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفى والاثبات فتنفى ما سوى المعبود وتثبت ما هو المقصود ويصل الى الموحد الى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة مع اهل الصدق واليقين واقل الامر ملازمة المجالس وربط القلب بواحد منهم نسأل اللّه تعالى ان يوفقنا لتحصيل المناسبة المعنوية بعد المجالسة وربط القلب بواحد منهم نسال اللّه تعالى ان يوفقنا لتحصيل المناسبة المعنوية بعد المجالسة الصورية انه وهاب العطايا فياض المعانى والحقائق

٤١

{ يا صاحبى السجن } الاضافة بمعنى فى كما سبق . والمعنى باللفارسية [ اى ياران زندان ]

{ اما احد كما } وهو الشرابى ولم يعينه لدلالة التعبير عليه

{ فيسقى } [ بياشاماند ]

{ ربه } سيده

{ خمرا } كما كان يسقيه قبل -روى- انه عليه السلام قال له اما رايت من الكرمة وحسنها فهو الملك وحسن حالك عنده او قال له ما اسحن ما رأيت اما حسن الحبلة وهى اصل من اصول الكرم فهو حسن حالك وسلطانك وعزك

واما القضبان الثلاثة فثلاثة ايام تمضى فى السجن ثم يوجه الملك اليك عند انقضائهن فيردك الى عملك فتصير كما كنت بل احسن

{ واما الآخر } وهو الخباز

{ فيصلب} فتأكل من المطبخ فخروجك من عملك

واما السلال الثالث فثلاثة ايام تمر ثم يوجه الملك اليك عند انقضائهن فيصلبك

{فتأكل الطير من رأسك} وفى الكواشى اكل الطير من اعلاها اخراجه فى اليوم الثالث

{ قضى الامر } فرغ منه واتم واحكم وهو ما رأياه من الرؤيين واسناد القضاء اليه مع انه من احوال مآله وهو نجاة احدهما وهلاك الآخر لانه فى الحقيقة غير ذلك المآل وقد ظهر فى عالم المثال بتلك الثورة

{ الذى فيه تستفتيان } تطلبان فتواه وتأويله -روى- انه لما عبر رؤياهم جحدا وقالا ما راينا شيأ فاخبر ان ذلك كائن صدقتما او كذبتما ولعل الجحود من الخباز اذ لا داعى الى جحود الشرابى الا ان يكون ذلك لمراعاة جانبه فكان كما عبر يوسف حيث اخرج الملك صاحب الشراب ورده الى مكانه وخلع عليه واحسن اليه لما تبين عنده حاله فى الامانة واخرج الخباز ونزع ثيابه وجلده بالسياط حتى مات لما ظهر عنده خيانته وصلبه على قارعة الطريق واقبلت طيور سود فاكلت من رأسه وهو اول من استعمل الصلب ثم استعمله فرعون موسى كما حكى عنه من قوله

{ لاصلبنكم فى جذوع النخل } -روى- ان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم لما رجع من غزوة بدر الى المدينة ومر بعرق الظبية وهى شجرة يستظل لها امر فصلب عقبة بن ابى معيط من الاسارى وهو اول مصلوب من الكفار فى الاسلام وكان يفترى على رسول اللّه فى مكة وبزق مرة فى وجهه والصلب اصعب انواع اسباب الهلاك لانحباس النفس فى البدن ويفعله الحاكم بحسب ما رأى فى بعض المجرمين تشديدا للجزاء وليكون عبر للناس

والاشارة اما النفس فسقى الروح خمرا وهو ما خامر العقل مرة من شراب الشهوات واللذات النفسانية وتارة باقداح المعاملات والمجاهدات شراب الكشوف والمشاهدات الربانية وهى باقية فى خدمة ملك الروح ابدا

واما البدن فيصلب بحبل الموت فتأكل طير اعوان الملك من رأسه الخيالات الفاسدة التى جمعت فى ام دماغه

واعلم ان الموت اشد شيء وان المرء ينقطع عنده كل شيء ولا يبقى معه الا ثلاث صفات صفاء القلب وانسه بذكر اللّه وحبه لله ولا يخفى ان صفاء القلب وطهارته عن ادناس الدنيا لا تكون الا مع المعرفة والمعرفة لا تكون الا بدوام الذكر والفكر وخير الاذكار التوحيد وفى الحديث ( ذكر اللّه علم الايمان وبراءة من النفاق وحصن من الشيطان وحرز من النار ) قال المولى الجامى

دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه توتيره جراست

صيقلى دارى صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن

صيقل آن اكرنه آكاه ... نيست جز لا اله الا الله

٤٢

{ وقال } يوسف

{ للذى ظن } يوسف

{ انه ناج منهما } [ ازان هردو يعنى ساقيرا ] اى وثق وعلم لان الظن من الاضداد يكون شكا ويقينا فالتعبير بالوحى كما ينبئ عنه قوله

{ قضى الامر } اذ لو بنى جوابه على التعبير لما قال قضى لان التعبير على الظن والقضاء هو الالزام الجازم والحكم القاطع الذى لا يصح ابتناؤه على الظن

{ اذكرنى عند ربك } اى سيدك وقل له فى السجن غلام محبوس ظلما طال حبسه لعله يرحمنى ويخلصنى من هذه الورطة

بكوهست انداران زندان غريبى ... زعدل شاه دوران بى نصيبى

جينيش به كنه ميسند رنجور ... كه هست اين از طريق معدلت دور

[ اما جون تقرب برسيد واز ساغر جاه ودولت سرخوش كرديد از زدان وزاراهل آن غافل شد ]

{ فانسيه الشيطان } اى اسنى الشرابى بوسوسته والقائه فى قلبه اشتغالا تعوقه عن الذكر والا فالانساء فى الحقيقة اللّه تعالى والفاء للسببية فان توصيته عليه السلام المتضمنة للاستعانة بغيره تعالى كانت باعثة لما ذكر من الانساء

{ ذكر ربه } اى ذكر الشرابى له عليه السلام عند الملك والاضافة لادنى ملابسة . يعنى ان الظاهر ان يقال ذكره لربه على اضافة المصدر الى مفعول لان الشائع فى اضافته ان يضاف الى الفاعل او المفعول به الصريح الا انه اضيف الى غير الصريح للملابسة : قال المولى الجامى

جنان رفت آن وصيت از خيالش ... كه برخاطر نيامد جند سالش

نهال وعده اش مأيوسى آورد ... بزندان بلا محبوسى آورد

بلى أنراكه ايزد بركزيند ... بصدر عز معشوق نشيند

ره اسباب درويشى به بندد ... رهين اين وآنش كم بسندد

نخواهد دست او در دامن كس ... اسيردام خويشش خواهد وبس

وفى القصص ان زليخا سالت العزيز ان يخرج يوسف من السجن فلم يفعل وانساهم اللّه امر يوسف فلم يذكره

{ فلبث } يوسف بسبب ذلك الانساء او القول

{ فى السجن بضع سنين } نصب على حرف الزمان اى سبع سنين بعد الخمس لما روى عن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم انه قال ( رحم اللّه اخى يوسف ولم يقل اذكرنى عند ربك لما لبث فى السجن سبعا بعد الخمس )

قال فى الفتح لبث يوسف فى السجن اثنتى عشرة سنة عدد حروف اذكرنى عند ربك فصاحباه اللذان دخلا معه السجن بقيا محبوسين فيه خمس سنين ثم رأيا رؤياهما قبل انقضاء تلك المدة بثلاثة ايام وفى هذا العدد كمال القوة والتأثير كالائمة الاثنى عشر على عدد البروج الاثنى عشر وملائكة البروج الاثنى عشر وملائكة البروج الاثنى عشر ائمة العالم والعالم تحت احاطتهم وفى الخبر اشارة الى قوة هذا العدد معنى اذ اثنا عشر الفا لن يغلب عن قلة ابدا ولذلك وجب الثبات على العسكر اذا وجد العدد المذكور ولا اله الا اللّه اذنا عشر حرفا وكذا محمد رسول اللّه ولكل حرف الف باب فيكون للتوحيد اثنا عشر باب

يقول الفقير حبس اللّه تعالى يوسف فى السجن اثنى عشر عاما لتكميل وجوده بكمالات اهل الارض والسماء ففى العدد المذكور اشارة اليه مع اخوته الاحد عشر فله القوة الجمعي الكمالية فافهم

قال بعضهم فانساه الشيطان ذكر ربه اى انسى يوسف ذكر اللّه حتى استعان بغيره وليس ذلك من باب الاغواء حتى يخالف الا عبادك منهم المخلصين فان معناه الاضلال بل هو من ترك الاولى

وفى بحر العلوم والاستعانة بغير اللّه فى كشف الشدائد وان كانت محمودة فى الجملة لكنها لا تليق بمنصب الانبياء الذين هم افضل الخلق واهل الترقى فهى تنزل من باب ترك الاولى والافضل ولا شك ان الانبياء يعاتبون على الصغائر معاتبة غيرهم على الكبائر كما فى الكواشى.

وليس ما روى عن عائشة رضى اللّه عنها ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يأخذه النوم ليلة من الليالى وكان يغلب من يحرسه حتى جاء سعد فسمعت غطيطه مخالفا اذ ليس فيه استعانة فى كشف الشدة النازلة بغير اللّه بل هو استئناس كما فى حواشى سعد المفتى -وحكى- ان جبريل دخل على يوسف فى السجن فلما رآه يوسف عرفه فقال له يا اخا المنذرين مالى اراك بين الخاطئين فقال له جبريل يا طاهر الطاهرين ان اللّه كرمنى بك وبآبائك وهو يقرئك السلام ويقول لك اما استحييت منى اذ استعنت بغيرى وعزتى لالبثنك فى السجن بضع سنين قال يا جبريل وهو عنى راض قال نعم اذا لا ابالى وكان الواجب عليه ان يقتدى بجده ابراهيم فى ترك الاستعانة بالغير كما روى انه قال له جبريل حين رمى به فى النار هل لك حاجة فقال اما اليك فلا قال فسل ربك قال حسبى من سؤالى علمه بحالى

وعن مالك بن دينار لما قال يوسف للشرابى اذكرنى عند ربك قال اللّه تعالى يا يوسف اتخذت من دونى وكيلا لاطلين حبسك فبكى يوسف وقال يا رب أقسى قلبى كثرة الاحزان والبلوى فقلت كلمة ولا اعود

وعن الحسن انه كان يبكى اذا قرأها ويقول نحن اذا نزل بنا امر فزعنا الى الناس : قال الكمال الحجندى

كيست درخوركه سد دوست بفرياد دلش ... آنكه فرياد زجور وستم اونكند

بارسا بشت فراغت ننهد برمحراب ... كركند تكيه جرا بر كرم او نكند

والاشارة وقال يوسف القلب المسجون فى حبس الصفات البشرية للنفس اذكرنى عند الروح يشير الى ان القلب المسجون فى بدء امره يلهم النفس بان يذكره بالمعاملات الروحانية مستمدا من الالطاف الربانية والشيطان بوساوسه يمحو عن النفس اثر الهامات القلب لينسى النفس ذكر الروح بتلك المعاملات

وفيه معنى آخر وهوان الشيطان انسى القلب ذكر ربه يعنى ذكر اللّه حتى استغاث بالنفس ليذكره عند الروح ولو استغاث باللّه لخلصه فى الحال

{ فلبث فى السجن بضع سنين } يشير الى الصفات البشرية السبع التى بها القلب محبوس وهى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة ولغضب والكبر كما فى التأويلات النجمية

٤٣

{ وقال الملك } اى ملك مصر وهو الريان بن الوليد

{ انى ارى } فى المنام

{ سبع بقرات } جمع بقرة بالفارسية [ كاو ]

{ سمان } جمع سمينة نعت لبقرات

{ يأكلهن سبع عجاف } [ هفت كاو لاغر ] اى سبع بقرات عجاف جمع عجفاء والقياس غجف لان افعل وفعلاء لا يجمع على فعال لكنه حمل على نقيضه وهو سمان والهجف الهزال والاعجف المهزول -روى- انه لما قرب خروج يوسف من السجن جعل اللّه لذلك سببا لا يخطر بالبال

بسا قفلا كه نابيدا كليدست ... برو راه كشايش ن بديد ست

زنا كه دست صنعى در ميان نى ... بفتحش هيج صانع را كمان نى

بديد آيد زغيب آنرا كشادى ... وديعت در كشادش وهو مرادى

جو يوسف دل زحيلتهاى خود كند ... بريد از رشته تدبير بيوند

بجز ايزد نماند اورا بناهى ... كه باشد در نوائب تكيه كاهى

ز بندار خودى وبخردى رست ... كرفتش فيضى فضلى ايزدى دست

وذلك ان الملك اكبر كان يتخذ فى كل سنة عيدا على شاطئ النيل ويحش الناس اليه فيطعمهم اطيب الطعام ويسقيهم الذ الشراب وهو جالس على سريره ينظر اليهم فرأى ليلة الجمعة فى منامه سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس او من البحر كما فى الكواشى وخرج عقيبهن سبع بقرات مهازيل فى غاية الهزال فابتلعت العجاف السمان فدخلن فى بطونهن فلم ير منهن شيء

{ وسبع } اى وارى سبع

{ سنبلات } جمه سنبلة

{ خضر } جمع خضراء نعت لسنبلات والمعنى بالفارسية بهفت خوشه سبزوتازه كه دانهاى ايشان منعقد شده بود ]

{ واخر } اى سبعا اخر

{ يابسات } قد ادركت احصاد والتوت على الخضر حتى غلبن عليها وانما استغنى عن بيان حالها بما قص من حال البقرات فلما استيقظ من منامه بسبب انه شاهد ان الناقص الضعيف استولى على الكامل القوى فشهدت فطرته بان هذه الرؤيا صورة شر عظيم يقع فى المملكة الا انه ما عرف كيفية الحال فيه فاشتاق ورغب فى تحصيل المعرفة بتعبير رؤياه فجمع اعيان مملكته من العلماء والحكماء فقال لهم

{ يا ايها الملأ } فهو خطاب للاشراف من العلماء والحكماء او للسحرة والكهنة والمنجمين وغيرهم

كما قال الكاشفى [ اى كروه كاهنان ومعبران واشراف قوم ]

{ افتونى فى رؤياى } هذه اى عبروها وبينوا حكمها وما يؤول اليه من العاقبة وبالفارسية [ فتودى دهيد يعنى جواب كوييد مرا ]

{ ان كنتم للرؤيا تعبرون } اى تعلمون عبارة جنس الرؤيا علما مستمرا وهى الانتقال من الصور الخيالية المشاهدة فى المنام الى ما هى صور امثلة لها من الامور الآفاقية والانفسية الواقعة فى الخارج فالتعبير والعبارة الجواز من صورة ما رأى الى امر آخر من العبور وهة المجاوزة وعبرت الرؤيا اثبت من عبرتها تعبيرا واللام للبيان كأنه لما قيل كنتم تعبرون قيل لأى شيء فقيل للرؤيا وهذه اللام لم تذكر فى بحث اللامات فى كتب النحو

واعلم ان الرؤيا تطلب التعبير لان المعانى تظهر فى الصورة الحسية منزلة على المرتبة الخيالية.

واما ابراهيم عليه السلام فقد جرى على ظاهر ما ارى فى ذبح ابنه لان شأن مثله ان يعمل بالعزيمة دون الرخصة ولو لم يفعل ذلك لما ظهر للناس تسليمه وتسليم ابنه لامر الحق تعالى -وحكى- ان الامام تقى ابن مخلد صاحب المسند فى الحديث رأى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فى المنام وقد سقاه لبنا فلما استيقظ استقاء وقاء لبناء اى ليعلم حقيقة هذه الرؤيا وتحقيق قوله عليه السلام ( من رآنى فى المنام فقد رآنى فى اليقظة فان الشيطان لا يتمثل على صورتى ) ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما فحرمه اللّه علما كثيرا على قدر ما شرب من اللبن ثم قال ووجه كون اللبن علما انه اول ما يظهر بصورة الحياة ويغتذى به الحيوان فيصير حيا كما ان العلم اول ما يتعين به الذات فيظهر عالما ثم ان رآه عليه السلام احد فى المنام بصورته التى مات عليها من غير نقصان من اجزائه ولا تغير فى هيئته فانه يأخذ عنه جميع ما يأمره به اة ينهاه عنه او يخبره من غير تعبير وتأويل كما كان يأخذ عنه من الاحكام الشرعية لو ادركه فى الحياة الدنيا الا ان يكون اللفظ مجملا فانه يؤوله فان اعطاه شيأ فى المنام فان ذلك الشيء هو الذى يدخله التعبير فان خرج فى الحس كما كان فى الخيال فتلك الرؤيا لا تعبير لها -وحكى- ان رجلا من الصلحاء رأى فى المنام انه لطم النبى عليه السلام فانتبه فزعا وهاله ما رأى مع جلالة النبى عليه السلام عنده فاتى بعض الشيةخ فعرض عليه رؤياه فقال له الشيخ اعلم انه عليه السلام اعظم من ان يكون عليه يدلك عليه يدلك او لغيرك والذى رأيته لم يكن النبى عليه السلام انما هو شرعه قد ادخلت بحكم من احكامه وكون اللطم فى الوجه يدلك على انك ارتكبت امرا محرما من الكبائر وكان من اهل الدين ولم يتهم الشيخ فى تعبيره لعلمه باصابته فيما كان يعبره فرجع الى بيته حزينا فسألته زوجته عن سبب حزنه فاخبرها برؤياه وتعبير الشيخ فتعجبت الزوجة واظهرت التوبة وقالت اما اصدقك كنت حلفت انى ان دخلت دار فلان احد معارفك فانى طالق فعبرت على بابها فحلفوا علىّ فاستحييت من الحاحهم فدخلت اليهم وخشيت ان اذكر لك ما جرى فكتمت الحال فتاب الرجل واستغفر وتضرع الى الحق واعتدت المرأة ثم جدد العقد عليها

ومن رأى الحق تعالى فى صورة يردها الدليل لزم ان يعبر تلك الصورة التى توجب النقصان ويردها الى الصورة الكمالية الكمالية التى جاء بها الشرع فما لم يكن عليه لا ينسب اليه تعالى كما فى الاسماء فما لم يطلق الشرع عليه ما لنا ان ننسبه اليه وتلك الصورة التى ردها الدليل وجعلها مفتقرة الى التعبير ما فى حق حال الرائى يحسب مناسبته لتلك الصورة المردودة والمكان الذى يراه فيه او فى حقهما معا -حكى- ان بعض الصالحين فى بلاد الغرب راى الحق تعالى فى المنام فى دهليز بيته فلم يلتفت اليه فلطمه فى وجهه فلما استيقظ قلق قلقا شديدا فاخبر الشيخ الاكبر قدس سره بما راى وفعل فما رأى الشيخ ما به من القلق العظيم قال له اين رأيته قال فى بيت لى قد اشتريته قال الشيخ ذلم الموضع مغصوب وهو حق للحق المشروع اشتريته وم تراع حاله ولم تف بحق الشرع فيه فاستدركه فتفحص الرجل عن ذلك فاذا هو وقف المسجد وقد بيع بغصب ولم يعلم الرجل ولم يلتفت الى امره فلما تحقق رده الى وقف المسجد واستغفر اللّه ولعل الشيخ علم من صلاح الرائى وشدة قاقه انه ليس من قبيل الرائى فسأله عن المكان الذى رأى فيه فمثل هذا اذا رؤى يجب تأويله.

واما اذا كان التجلى فى الصورة النورية كصورة الشمس او غيرها من صور الانوار كالنور الابيض والاخضر وغير ذلك ابقينا تلك الصورة المرئية على ما رأينا كما نرى الحق فى الآخرة فان تلك الرؤية تكون على قدر استعدادنا فانهم المراتب والمواطن حتى لا تزل قدمك على رعاية الظاهر والباطن

وقد جاء فى الحديث ( ان الحق يتجلى بصورة النقصان فينكرونه ثم يتحول ويتجلى بصورة الكمال والعظمة فيقبلونه ويسجدون له ) فمن صورة مقبولة ومن صورة مردودة فما يحتاج الى التعبير ينبغى ان لا يترك على حاله فان موطن الرؤيا وهو عالم المثال يقتضى التعبير ولذا قال ملك مصر { افتونى فى رؤياى ان كنتم للرؤيا تعبرون }

٤٤

{ قالوا } استئناف بيانى فكأنه قيل فماذا قال الملأ للملك فقيل قالوا هى

{ اضغاث احلام } تخاليطها اى اباطيلها واكاذيبها من حديث نفس او وسوسة شيطان فان الرؤيا ثلاث رؤيا من اللّه ورؤيا تخزين من الشيطان ورؤيا مما حدث المرء نفسه على ما ورد فى الحديث . والاضغاث جمع ضغث

قال فى القاموس الضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس واضغاث احلام لا يصح تأويلها لاختلاطها انتهى.

والاحلام جمع حلم بضم اللام وسكونها وهر الرؤيا الكاذبة لا حقيقة لها لقوله عليه السلام الرؤيا من اللّه والحلم من الشيطان واضافة الاضغاث الى الاحلام من قبيل لجين الماء وهو الظاهر كما فى حواشى سعد المفتى وجمعوا الضغث مع ان الرؤيا واحدة مبالغة فى وصفها بالبطلان فان لفظ الجمع كما يدل على كثرة الذوات يدل ايضا على المبالغة فى الاتصاف كما تقول فلان يركب الخيل لمن لا يركب الا فرسا واحد او لتضمنها اشياء مختلفة من السبع السمان والسبع العجاف والسنابل السبع الخضر والآخر اليابسات فتأمل حسن موضع الاضغاث مع السنابل فللعه در سأن التنزيل

{ وما نحن بتأويل الاحلام } اى المنامات الباطلة التى لا اصل لها

{ بعالمين } لا لان لها تأويلا ولكن لا نعلمه بل لانه تأويل لها وانما التأويل للمنامات الصادقة ويجوز ان يكون ذلك اعترافا منهم بقصور علمهم وانهم ليسوا بنحارير فى تأويل الاحلام مع ان لها تأويلا فكأنهم قالوا هذه الرؤيا مختلطة من اشياء كثيرة والانتقال فيها من الامور المخيلة الى الحقائق العقلية الروحانية ليس بسهل وما نحن بمتبحرين فى علم التعبير حتى نهتدى الى تعبير مثلها ويدل على قصورهم قول الملك ان كنتم للرؤيا تعبرون فانه لو كان متبحر لبت القول بالافتاء ولم يعلقه بالشرط وهو اللائح بالبال وعلى تقدير تبحرهم عمى اللّه عليهم واعجزهم عن الجواب ليصير ذلك سببا لخلاص يوسف من الحبس وظهور كماله

٤٥

{ وقال الذى نجا منهما } اى من صاحبى يوسف وهو الشرابى

{ وادكر } اصله اذ تكر فقلبت التاء دالا والذال دالا وادغمت والمعنى تذكر يوسف وما قاله

{ بعد امة } اى مدة طويلة حاصلة من اجتماع الايام الكثيرة وهى سبع سنين كما ان الامة انما تحصل من اجتماع الجمع العظيم فالمدة طويلة كأنها امة من الايام والساعات والجملة حال من الموصول

قال الكاشفى [ ملك ريان وليد از جواب ايشان متحير كشته در درياى تفكر غوطه خورده كه آيا اين مشكل من كه كشايد وراه تعبير اين واقعه كه بمن نمايد ]

يا رب اين خواب بريشان مرا تعبير جبست ... [ ساقى كه ملك را متفكر ديد از حال يوسفش ياد آمدى ] اى تذكر الناجى يوسف وتأويله رؤياه ورؤيا صاحبه وطلبه ان يذكره عند الملك فجثا بين يدى الملك اى جلس على ركبيته فقال

{ انا انبئكم بتأويله } اى اخبركم به خاطبا بلفظ الجماعة تعظيما

{ فارسلون } فابعثون الى السجن فيه فيه حكيما من آل يعقوب يقال له يوسف يعرف تعبير الرؤيا قد عبر لنا قبل ذلك

بود بيدار در تعبير هر خواب ... دلش از غوص ايد دريا كهرياب

اكر كويى برو بكشايم اين راز ... وزو تعبير خوابت آورم باز

بكفتا اذن خواهى جيست ازمن ... جه بهتر كور را از جشم روشن

مراجشم خرداين لحظه كورست ... كه از دانستن اين راز دورست

فارسلوه اغلى يوسف فاتاه فاعتذر اليه

٤٦

وقال يا

{ يوسف ايها الصديق } البليغ فى الصدق وانما وصفه بذلك لانه جرب احواله وعرف صدقه فى تاويل رؤياه صاحبه

{ افتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات } اى فى رؤيا ذلك فان الملك قد رأى هذه الرؤيا ففى قوله أفتنا مع ان المستفتى واحد اشعار بان الرؤيا ليست له بل لغيره ممن له ملابسة بامور العامة وانه فى ذلك سفير ولم يغير لفظ الملك واصاب فيه اذ قد يكون بعد عبارات الرؤيا متعلقة باللفظ

{ لعلى ارجع الى الناس } [ تا باشد كه بازكردم بآن جواب تمام بسوى مردمان يعنى ملك وملازمان او ]

{ لعلهم يعلمون } [ تا باشدكه ايشان ببركت تو بدانند تأويل اين واقعه را ] كأنه قيل فماذا قال يوسف فىلتأويل

٤٧

فقيل

{ قال تزرعون سبع سنين دأبا } مصدر دأب فى العمل اذا جدّ فيه وتعب وانتصابه على الحالية من فاعل تزرعون بمعنى دائبين مستمرين على الزراعة على عادتكم بجد واجتهاد والفرق بين الحرث والزرع ان الحرث القاء البذر وتهيئة الارض والزرع مراعاته وانباته ولهذا قال

{ افرأيتم ما تحرثون ءانتم تزرعونه ام نحن الزارعون } فاثبت لهم الحرث ونفى عنهم الزرع فالزرع اعم لانه يقال زرع اى طرح البذر وزرع اللّه اى انبت كما فى القاموس اخبرهم انهم يواظبون سبع سنين على الزراعة ويبالغون فيها اذ بذلك يتحقق الخصب الذى هو مصداق البقرات السمان وتأويلها ودلهم فى تضاعيف ذلك على امر نافع لهم فقال

{ فما حصدتم } [ بس آنجه بدرويد ازغلات در هر سال ]

{ فذروه فى سنبله } الا تركوه فيه ولا تذروه كيلا يأكله السوس كما هو شأن غلال مصر ونواحيها ولعله استدل على ذلك بالسنبلات الحضر وانما امرهم بذلك اذ لم يكن معتادا فيما بينهم وحيث كانوا معتادين للزراعة لم يأمرهم بها وجعلها امرا محقق الوقوع وتأويلا للرؤيا ومصداقا لما فيها من البقرات السمان

{ الا قليلا } [ مكراندكى بقدر حاجت ]

{ ما تأكلون } فى تلك السنين فأنتم تدرسون وقت حاجتكم اليه . وفيه ارشاد منه عليه السلام لهم الى التقليل فى الاكل والاقتصار على استثناء المأكول دون البذر لكون ذلك معلوما من قوله قال تزرعون سبع سنين وبعد اتمام ما امرهم به شرع فى بيان بقيية التأويل التى يظهر منها حكمة الامر المذكور

٤٨

فقال

{ ثم ياتى من بعد ذلك } اى من بعد السنين المذكورات وهو عطف على تزرعون

{ سبع شداد } جمع شديدة اى سبع سنين صعاب على الناس لان الجوع اشد من الاسر والقتل

{ يأكلن ما قدمتم لهن } اى يأكلن اهلهن ما ادخرتم من الحبوب المتروكة فى سنابلها . وفيه تنبيه على ان امره بذلك كان لوقت الضرورة واسناد الاكل اليهن مع انه حال الناس فيهن مجاز كما فى نهاره صائم . وفيه تلويح بانه تأويل لاكل العجاف السمان واللام فى لهن ترشيح لذلك فكأن ما ادخر فى السنابل من الحبوب شيء قد هيئ وقدم لهن كالذى يقدم للنازل والا فهو فى الحقيقة مقدم للناس فيهن

{ الا قليلا مما تحصنون } تحرزون وتدخرون للبذر

٤٩

{ ثم يأتى من بعد ذلك } اى من بعد السنين الموصوفة بما ذكر من الشدة واكل الغلال المدخرة

{ عام فيه } سالى درو ]

{ يغاث الناس } من الغيث اى يمطرون فيكون بناؤه من ثلاثى والفه مقلوبة من الياء يقال غاثنا اللّه من الغيث وبابه باع ويجوز ان يكون من الغوث اى ينقذون من الشدة فيكون بناؤه من رباعى تقول اغاثنا من الغوث فالالف مقلوبة من الواو

{ وفيه يعصرون } اى ما شانه ان يعصر من العنب والقصب والزيتون والسمسم ونحوها من الفواكه لكثرتها وتكرير فيه لان الغيث والغوث من فعل اللّه والعصر من فعل الناس واحكام هذا العام المبارك ليست مستنبطة من رؤيا الملك وانما تلقاه من جهة الوحى فبشرهم بها اول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة . والعجاف واليابسات بسنين مجدبة وابتلاع العجاف للسمان باكل ما جمع فى السنين المخصبة فى السنين المجدبة وبيانه ان البقر فى جنس الحيوانات هو المخصوص بالعجافة وتناول النباتات حلوها ومرها وشرب المياه صافيها وكدرها كما ان السنة هى التى تسع الامور كلها مرغوبها ومكروهها وتأتى بالحوادث حسنها وسيئتها وايضا المعتبر فى امر التنعبير هو عبارة الرآئى وقد عبر الملك عن رؤياه ببقرات وسنبلات فاستشعر يوسف من الاول بالاشتقاق الكبير على ما هو المعول عليه عند الاكابر ىت قرب ومن الثانى سنة بلاء ثم ان البلاء مشترك بين الخير والشر والخضر فيه حرفان من الخير مع ظهور ضاد الضوء بها واليابس هو البائس كذا فى شرح القصوص للشيخ مؤيد الدين الجندى قدس سره

يقول الفقير اصلحه اللّه القدير وجه تخصيص البقرات والسنابل ان البقر عليه فى الاكل والحنطة معظم معاش الناس فاشارت الرؤيا الى ان الناس يقعون فى ضيق معاش من جهة الحنطة التى هى اول مأكولاتهم ومعظم اغذيتهم ولا ينافيه وجود قحط آخر من سائر الانواع

والاشارة ان السبع البقرات السمان صفات البشرية السبع التى هى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغصب والكبر والعجاف صفات الروحانية السبع التى هى اضداد صفات البشرية وهى القناعة والسخاء والعفة والغبطة والشفقة والحلم والتواضع والملك الروح وهو ملك القالب والملأ الاعضاء والجوارح والحواس والقوى وليس التصرف فى الملكوت ومعرفة شواهج من شأنها والناجى هى النفس الملهمة وهى اذا ارادت ان تعلم شيأ مما يجرى فى الملكوت ترجع بقوة التفكر الى القلب فتستخبر منه فالقلب يخبرها لانه يشاهد الملكوت ويطالع شواهده وهو واقف بلسان القلب وهو ترجمان بين الروحانيات والنفس فيما يفهم من لسان الغيب الروحانى يؤول للنفس ويفهمها تارة بلسان الخيال زتارة بالفكر السليم وتارة بالالهام وقوله

{ تزرعون سبع سنين دأبا } يشير الى تربية صفات البشرية السبع بالعادة والطبيعة وذلك فى سنى اوان الطفولية قبل البلوغ وظهور العقل وجريان قلم التكليف عليه

{ فما حصدتم } من من هذه الصفات عند كماله فلا تستعملوه

{ فذروه } فىماكنه

{ الا قليلا } مما تعيشون به وهو بمنزلة الغذاء لمصالح قيام القالب الى ان تبلغوا حد البلاغة ويظهر نور العقل فى مصباح السر عن زجاجة القلب كأنه ككب درىّ ونور العقل اذا ايد بتأييد انوار تكاليف الشرع بعد البلوغ وشرف بالهام الحق فى اظهار فحور النفس وهو صفات البشرية السبع وتقواها وهو الاجتتاب بالتزكية عن هذه الصفات والتحلية بصفات الروحانية السبع وكان السبع العجاف قد اكلن السبع السمان وانما سمى السبع العجاف لانها من عالم الارواح وهو لطيف وصفقات البشرية من عالم الاجساد تنشأ وهو كثيف فسميت السمان ولا يبقى من صفات البشرية عند غلبات صفات الروحانية واضمحلال صفات البشرية يظهر مقام فيه يتدارك السالك جذبات العناية وفيه يتبرا العبد من معاملاته وينجو من حبس وجوده وحجب انانيته وكان حصنه وملجأه الحق تعالى كذا فى التأويلات النجمية : قال الكمال الخجندى

جامه بده جان ستان روى مبيج اززيان ... عاشق بى مايه را عين زيانست سود

سر فنا كوش كن جام بقا نوش كن ... حاجت تقرير نيست كزعدم آمدوجود

اللهم اجعلنا من اصحاب الفناء والبقاء وارباب اللقاء

٥٠

{ وقال الملك } اى ملك مصر وهو الريان

{ ائتونى به } اى بيوسف وذلك ان الساقى لما رجع بتعبير الواقعة من عندج يوسف الى الملك وفى محضره الاشراف اعجب به تعبيره وعلم ان له علما وفضلا فاراد ان يكرمه ويقربه ويستمع التعبير المذكور من فمه بالذات

سخن كزدوست آرى شكراست آن ولى كرخود بكويد خوشتراست آن

ولذا قال ائتونى به فعاد الساقى

{ فلما جاءه } اى يوسف

{ الرسول } وهو الساقى ليخرجه

كه اى سرو رياض قدس بخرام سوى بستان سراى شاه نه كام

وقال ان الملك يدعوك فابى ان يخرج معه

{ قال } للرسول

{ ارجع الى ربك } اى سيدك

{ فاسأله } ليسأل ويتفحص

{ ما بال النسوة اللاتى } [ كه جه حال بود حال آن زنان كه ]

{ قطعن ايديهن } فى مجلس زليخا كما سبق مفصلا

بكفتا من جه آيم سوى شاهى ... كه جون من بيكسى را بى كناهى

بزندان سالها محبوس كردست ... زآثار كرم مأيوس كردست

اكر خواهد كه من بيرون نهم باى ... ازين غمخانه كو اول بفرماى

كه آنانى كه جون رويم بديدند ... زحيرت دررحم كفها بريدند

كه جرم من جه بوداز من جه ديدند ... جرا رختم سوى زندان كشيدند

بودكين سرشود بر شاه روشن ... كه باكست خيانت دامن من

مرابه كرزنم ثقب خزائن ... كه باشم درفراش خانه خائن

ولم يذكر سيدته تأدبا ومراعاة لحقها واحترازا عن مكرها حيث اعتقدها مقيمة فى عدوة العداوة

واما النسوة فقد كان يطمع فى صدعهن بالحق وشهادتهن باقرارها بانهار راودته عن نفسه فاستعصم

قال العلماء انما ابى يوسف عليه السلام ان يخرج من السجن الا عد ان يتفحص الملك عن حاله مع النسوة لتنكشف حقيقة الحال عنده لا سيما عند العزيز ويعلم انه سجن ظلما فلا يقدر الحاسد الى تقبيح امره وليظهر كمال عقله وصبره ووقاره فان من بقى فى السجن ثنتى عشرة سنة اذا طلبه الملك وامر باخراجه ولم يبادر الى الخروج وصبر الى ان تتبين براءته من الخيانة فى حق العزيز واهله دل ذلك على براءته من جميع انواع التهم وعلى ان كل ما قيل فيه كان كذبا وبهتانا وفيه دليل على انه ينبغى ان يجتهد فى نفى التهمة ويتقى مواضعها وفى الحديث ( من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقعن مواقع التهم ) منه قال عليه السلام للمارين به فى معتكفه وعنده بعض نسائه ( هى فلانة ) نفيا للتهمة

وروى عن النبى عليه السلام انه استحسن حزم يوسف وصبره حيث دعا الملك فلم يبادر الى الخروج حيث قال عليه السلام ( لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره واللّه يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما اخبرتم حتى اشترطت ان يخرجونى ولقد عجبت حين اتاه ارسول فقال ارجع الى ربك الآية ولو كنت مكانه ولبثت فى السجن ما لبث لأسرعت الاجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت العذر انه كان حليما ذا اناة )

الحلم بكسر الحاء تاخير مكافاة الظالم . والاناة على وزن القناة التأنى وترك العجلة

قال ابن الملك هذا ليس اخبارا عن نبينا عليه السلام بتضجره وقلة صبره بل فيه دلالة على مدح صبر يوسفوترك الاستعجال بالخروج ليزول عن قلب الملك ما كان متهما به من الفاحشة ولا ينظر اليه بعين مشكوكة انتهى

وقال الطيبى هذا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على سبيل التواضع لا انه كان مستعجلا فى الامور غير متأن والتواضع لا يصغر كبيرا ولا يضع رفيعا بل يوجب لصاحبه فضلا ويورثه جلالا وقدرا

{ ان ربى } ان اللّه

{ بكيدهن } بمكرزنان وفريب ايشان

{ عليم } حين قلن لى اطع مولاتك . وفيه استشهاد بعلم اللّه على انهن كدنه وانه بريئ من التهمة كأنه قيل احمله على التعرف يتبين له براءة ساحتى فان اللّه يعلم ان اللّه كان كيدا منهن

جوانمرد اين سخن جون كفت باشاه ... زنان مصررا كردند آكاه

كه بيش شاه يكسر جمع كشتند ... همه بروانه آن شمع كشتند

٥١

فلما حضرن

{ قال } الملك لهن

{ ما خطبكن } اى شأنكن العظيم

{ اذا راودتن } ظاهر الآية يدل على انهن جميعا قد راودن لا امرأة العزيز فقط فلا يعدل عنه الا بدليل والمراودة المطالبة

{ يوسف } وخادعتنه

{ عن نفسه } هل وجدتن منه ميلا اليكن

كزان شمع حريم جان جه ديديد ... كه بروى تيغ بدنامى كشيديد

زرويش در بهار وباغ بوديد ... جراره سوى زندانش نموديد

بتى كازار باشد برتنش كل ... كى ازدانا سزد بر كردنيش غل

كلى كش نيست تاب باد شبكير ... ببايش جون نهد جزآب زنجير

{ قلن } اى جماعة النساء مجيبة للملك

{ حاش لله } اصله حاشا بالالف فحذفت للتخفيف وهو فى الاصل حرف وضع هنا موضع المصدر اى التنزيه واللام لبيان من يبرأ وينزه وقد سبق فى هذه السورة فهو تنزيه له وتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله . والمعنى بالفارسية [ با كست خداى تعالى آزانكه عاجز باشد از آفريدن مرد باكيزه جو يوسف ]

{ ما علمنا عليه من سوء } من ذنب وخيانة

زيوسف ما يجز باكى نديديم ... بجز عز وشرفنا كى نديديم

نباشددر صدف كوهر جنان باك ... كه بود ارتهمت ن جان جهان باك

{ قالت امرأة العزيز } اى زليخا وكانت حاضرة فى المجلس

قال الكاشفى [ جون زليخا ديدكه جزراستى فائده ديكر نيست وى نيز بباكى يوسف اقرار كرد ]

{ الآن } ارادت بالآن زمان تكلمها بهاذ الكلام لا زمان شهادتهن

{ حصص الحق } اى وضح وانكشف وتمكن فى القلوب والنفوس

{ انا راودته عن نفسه } [ مى جستم يوسف را از نفس او وآرزوى وصال كردم ] لا انه راودنى عن نفسى

{ وانه لمن الصادقين } اى فى قوله هى راوتندى عن نفسى : قال المولى الجامى

بجرم خويش كرد اقرار مطلق ... برأمد زوصداى حصحص الحق

بكفتا نيست يوسف را كناهى ... منم در عشق اوكم كرده راهى

نخست اورا بوصل خويش خواندم ... جوكام من نداد از بيش راندم

بزندان از ستمهاى من افتاد ... دران غمها زغمهاى من افتاد

غم من جون كذشت ازحدوغايت ... بجانش كرد حال من سرايت

جفايى كر رسيد اورا زجافى ... كنون واجب بود اورا تلافى

هر احسان كايد از شاه نكوكار ... بصد جندان بود يوسف سزاوار

قال ابن الشيخ لما علمت زليخا ان يوسف راعى جانبها حيث قال

{ ما بال النسوة اللاتى قطعن ايديهن } فذكرهن ولم يذكر اياها مع ان الفتن كلها انما نشأت من جانبها وجزمت بان رعايته اياها انما كانت تعظيما لجانبها واخفاء للامر عليها فارادت ان تكافئه على هذا الفعل الحسن فلذلك اعترفت بان الذنب كله كان من جانبها وان يوسف كان بريئا من الكل -روى- ان امرأة جاءت بزوجها الى القاضى وادعت عليه المهر فامر القاضى بان تكشف عن وجهها حت يتمكن الشهود من اداء الشهادة على وجهها فقال الزوج لا حاجة الى ذلك فانى مقر بصدقها فى دعواها فقالت المرأة لما اكرمتنى الى هذا الحد فاشهدوا انى ابرأت ذمتك عن كل حق كان لى عليك

قال فى الارشاد فانظرا ايها المتصف هل ترى فوق هذه المرتبة نزاهة حيث لم تتمالك الخصماء عدم الشهادة بها والفضل ما شهدت به الخصماء

قال بعض ارباب التأويل ان قول نسوة القوى

{ حاش لله } وقول امرأة العزيز التى هى النفس الامارة

{ الآن حصحص الحق } اشارة الى تنور النفس والقوى بنور الحق واتصافها بصفة الانصاف والصدق وحصول ذلك انما هو بتكميل الاسناء السبعة او الاثنى عشر فى سجن الخلوة فان القلب بهذه الخلوة والتكميل يصل الى نور الوحدة ويحصل للنفس التزكية والاطمئنان والاقرار بفضيلة القلب وصدفه وبراءته فان من كمال اطمئنان النفس اعترافها بالذنب واستغفارها مما فرط منها حالة كونها امارة والصدق فى الاعمال كونها موافقة لرضى اللّه تعالى وخالية عن الاغراض وفى الاحوال كونها على وفق رضى اللّه تعالى وطاهرة عن الصفات النفسانية

٥٢

{ ذلك } من كلام يوم يوسف اى طلب البراءة او ذلك التثبت والتشمر لظهور البراءة

قال الكاشفى [ ملك يوسف راببغام دادكه زنان بكناه معترف شدند بياتا بحضورتو ايشانرا عقوبت كنم يوسف فرمودكه غرض من قوبت نبود اين خواست براى آن كردم كه ]

{ ليعلم } اى العزيز

{ انى لم اخنه } فى حرمه لان المعصية خيانة

{ بالغيب } بظهر الغيب وهو حال من الفاعل اى لم اخنه وانا غائب عنه فخفى على عينه او من المفعول اى وهو غائب عنى خفى عن عينى او ظرف اى بمكان الغيب اى وراء الاستار والابواب المغلقة

{ وان اللّه } اى وليعلم ان اللّه

{ لا يهدى كيد الخائنين } اى لا ينفده ولا يسدده بل يبطله ويزهقه كما لم يسدد كيد امرأته حتى اقرت بخيانة امانة زوجها وسمى فعل الخائن كيدا لان شانه ان يفعل بطريق الاحتيال والتلبيس فمعنى هداية الكيد اتمامه وجعله مؤديا الى ما قصديه . وفيه تعريض بامرأة العزيز فى خيانتها امانته وبنفس العزيز فى خيانة امانة اللّه حين ساعدها على حبس يوسف بعد ما رأوا آيات نزاهته ويجوز ان يكون ذلك لتأكيد امانته وانه لو كان خائنا لما هدى اللّه امره واحسن عاقبته . وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى يوصل عباده الصادقين بعد الغم الى السرور ويخرجهم من الظلمات الى النور

قال بعضهم كنت اقرأ الحديث من الشيخ ابى حفص وكان بقربنا حانوت عطار فجاء رجل فاخذ منه العطر بعشرة دراهم فسقط من يده ففزع الرجل فقلنا تفرزع على يسير من الدنيا قال لو فزعت على الدنيا لفزعت حين سقط منى ثلاثة آلاف دينار مع جوهرة قيمتها كذاك ولكن الليلة ولد ولد لى فكلفت بلوازمه ولم يكن له غير هذه العشرة وقد ضاعت فلم يبق لى غير الفرار ففزعى لفراق الاهل والاولاد فسع جندى قوله فاخرج كيسا فيه الدنانير والجوهرة بالعلامة التى اخبر بها الرجل ولم يؤخذ منه شيء فسبحان من ابتلى عبده اولا بالشدائد ثم انجاه : قال المولى الجامى

درين دهر كهن رسميست ديرين ... كه بى تلخى نباشد عيش شيرين

خورد نه ماه طفلى در رحم خود ... كه آيد بارخ جون ماه بيرون

بسا سختى كخ بيند لعل درسنك ... كه خورشيد در خشانش دهدرنك

وفى الآية دلالة على ان الخيانة من الصفات الذميمة كما ان الامانة من الخصائل المحمودة فالصلاة والصوم والوزن والكيل والعبيد والاماء والودائع كلها امانات وكذا الامامة والخطابة والتأذين ونحوها امانات يلزم على الحكام تأديتها بان يقلدوها ارباب الاستحقاق ثم فى الوجود الانفسى امانات مثل السمع والبصر واليد والرجل ونحوها وكل اولئك كان عنه مسئولا والقلب امانة فاحفظه عن الميل الى ما سوى المولى : قال الصائب

ترا بكوهر دل كرده اند اما نتدار ... زدزدامانت حق رانكاه دار مخسب

فمن تيقن انه تعالى حاضر لديه ناظر عليه لم يجترئ على سوء الادب بموافقة النفس التى هى منبع القباحة والخيانة وحكى- ان شابا كان له رائحة طيبة فقيل له لك مصرف عظيم فىتلك الرائحة وثيابى بالنجاسة فخلتنى بظن الجنون فاعطانى اللّه تعالى تلك الرائحة ورأى الشاب فى المنام يوسف الصديق فقال له طوبى خلصك اللّه من تلك المرأة بدون هم منك وقد صدر منى هم اى هجوم الطبيعة البشرية وان لم يكن هناك وجود مقتضاها نسأل اللّه العصمة والتوفيق فى الدارين

٥٣

{ وما ابرئ نفسى } من كلام يوسف عليه السلام اى لا انزهها عن السوء ولا اشهد لها بالبراءة الكلية قاله تواضعا لله تعالى وهضما لنفسه الكريمة لا تزكية لها وعجبا بحالة فى الامانة ومن هذا القبيل قوله عليه السلام ( انا سيد ولد آدم ولا فخر لى ) او تحديثا بنعمة اللّه تعالى عليه فى توفيقه وعصمته اى لا انزهها عن السوء من حيث هى هى ولا اسند هذه الفضيلة اليها بمقتضى طبعها من غير توفيق من اللخ تعالى

{ ان النفس } اللام للجنس اى جميع النفوس التى من جملتها نفسى فى حد ذاتها

{ لامارة بالسوء } تأمر القبائح والمعاصى لانها اشد استلذاذا بالباطل والشهوات واميل الى انواع المنكرات ولولا ذلك لما صارت نفوزس اكثر الخلق مسخرة لشهواتهم فى استنباط الحيل لقضاء الشهوة وما صدرت منها الشرور اكثر ومن ههنا وجب القول بان كل من كان اوفر عقلا واجل قدرا عند اللّه كان ابصر بعيوب نفسه ومن كان ابصر بعيوبها كان اعظم اتهاما لنفسه واقل اعجابا

{ الا ما رحمم ربى } من النفوس التى يعصمها من الوقوع فى المهالك ومن جملتها نفسى ونفوس سائر الانبياء ونفوس الملائكة اما الملائكة فانه لم تركب فيهم الشهوة

واما الانبياء فهم وان ركبت هى فيهم لكنهم محفوظون بتأييد اللّه تعالى معصومون فما موصولة بمعنى من . وفيه اشارة الى ان النفس من حيث كالبهائم والاستثناء من النفس او من الضمير المستتر فى امارة كأنه قيل ان النفس لامارة بالسوء الا نفسا رحمها ربى فانها لا تأمر بالسوء او بمعنى الوقت اى هى امارة بالسوء فى كل وقت الا وقت رحمة ربى وعصمته لها ودل على عموم الاوقات صيغة المبالغة فى امارة يقال فى اللغة امرت النفس بشيء فهى آمرة واذا اكثرت الامر فهى امارة

{ ان ربى غفور } عظيم المغفرة لما يعترى النفوس بموجب طباعها

{ رحيم } مبالغ فى الرحمة لها بعصمتها من الجريان بمقتضى ذلك

قال فى التأويلات النجمية خلقت النفس على جبلة الامارية بالسوء طبعا حين خليت الى طبعها لا بأتى منها الا الشر ولا تأمر بالسوء ولكن اذا رحمها ربها ونظر اليها بنظر العناية يقلبها من كبعها ويبدل صفاتها ويجعل اماريتها مبدلة بالمأمورية وشريرتها بالخيرية فاذا تنفس صبح الهداية فى ليلة البشرية واضاء افق سماء القلب صارت النفس لوامة تلوم نفسها على سوء فعلتها وندمت على ما صدر عنها من الامارية بالسوء فيتوب اللّه عليها فان الندم توبة واذا طلعت شمس العناية من افق الهداية صارت النفس ملهمة اذ هى تنورت بانوار شمس العناية فالهمها نورها فجورها وتقواها واذا بلغت شمس العناية وسط سماء الهداية واشرقت الارض بنور ربها صارت النفس مطمئنة مستعدة لخطاب وبها بحذبة ارجعى الى ربك راضية مرضية انتهى يقول الفقير سلوك الانبياء عليهم السلام وان كان من النفس المطمئنة الى الراضية والمرضية والصافية الا ان طبع النفوس مطلقا اى سواء كانت نفوس الانبياء او غيرهم على الامارية وكون طبعها عليها لا يوجب ظهور آثار الامارة بالنسبة الى الانبياء ولذا لم يقل يوسف عليه السلام ان نفسى لامارة بالسوء بعد ما قال وما ابرئ نفسى بل اطلق القول فى الامارية واستثنى النفوس المعصومة فلولا العصمة لوقع من النفس ما وقع ولذا قال عليه السلام

( رب لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك ) فالدليل على امارية مطلق النفوس هذه الآية

وقد قال ابن الشيخ فى هذه السورة عند قوله تعالى

{ ولما بلغ اشده آتيناه حكما وعلما } يحتمل ان يكون المراد من الحكم صيرورة نفسه المطمئنة حاكمة على نفسه الامارية مستعلية عليها قاهرة لها انتهى فاثبت الامارية لنفس يوسف

وقال سعدى المفتى عند قوله تعالى

{ اصب اليهن } فى هذه السورة ايضا على قول البيضاوى اى امل الى جانبهن او الى انفسهن بطبعى ومقتضى شهوتى قوله بطبعى اى بسبب طبعى ونفسى الامارة بالسوء انتهى

وقال حضرة الشيخ نجم الدين دايه قدس سره عند قوله تعالى فى سورة الانعام

{ وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الانس والجن } فشيطان الانس نفسه امارة بالسوء وهى اعدى الاعداء انتهى

وصرح ايضا بذلك فى مواضع اخر من تأويلاته وهكذا ينبغى ان يفهم ها المقام فانه من مزالق الاقدام وقد رأيت من تحير فيه وزلق ووقع فى هاوية الاضطراب والقلق مع شهرته التامة والعامة فى الافواه القائلة بمكاشفاته ووصوله الى اللّه فليجتهد العبد مع النفس الامارة حتى يصل الى الاطمئنان فبتخلص من كيدها والتوحيد اقوى الامور فى هذا الباب لانه اشد تأثيرا فى تزكية النفس وطهارتها من الشرك الجلى والخفى

قال فى نفائس المجالس النفس منبع العناد والخيانة ومعدن الشر والجناية فهى منشأ الفتن فى الانفس والآفاق وسبب ظهور الظلم على الاطلاق فلو حصل بين سلطان الروح ووزير العقل ومفتى القلب اتفاق لارتفع من القوى النفسانية والطبيعية خلاف وشقاق -وحكى- ان ثلاثة اثوار احدها اصفر والثانى ازرق والالث اسود استولت على جبل باتفاق منها بحيث لم يقدر غيرها ان يرعى فى ذلك الجبل فتشاور الحيوانات يوما فى ذلك فقال اشدانا اتدارك بحيث لم يقدر غيرها ان يرعى فى ذلك الجبل فتشاور الحيوانات يوما فى ذلك فقال اسدانا اتدارك الامر فجاء الى سفح الجبل فلما هجم الاثوار لمنعه قال الاسد يا اخوتى الاثوار اتركننى حتى اكون معكن فانه يحصل بسببى زيادة قوة فرضين باخوته وكونه بينهن فيوما قال للثور الاصفر والازرق ايها الاخوان ألا تريان ان لا مناسبة بيننا وبين الاسود فلو دبرنا فيه لكان خيرا قالا ماذا نفعل قال افعل ما ارى ان سامحتما وسكتتما قاللا فافعل ما شئت فأتاه الاسد واكله ثم بعد زمان قال للاصفر يا اخى شعرك يشابه شعرى فبينى وبينك مناسبة تامة ولكن اى مناسبة فى ان يكون هذا الازرق بيننا فتعال حتى نرفعه من البين ويخلو لنا الجبل فقال افعل ما شئت فاتاه وهو يرعى فلما اراد ان يتعرض له خار واستمد من اخيه فلم يرفع له اخوه رأسا فاكله ثم بعد زمان قال للاصفر تهيأ فانى آكلك فان أى مناسبة فى ان يكون بيننا اخوة واتفاق فتضرع ولكن لم يسمعه الاسد فقال الثور قد كنت اتصور مجيئ هذا الى رأسى منذ ما جاء الى رأس اخى الثور الاسود ما جاء فافترسه واكله فالنفس مثل ها الاسد اذا ظهرت فى جبل الوجود غلبت على القوى واكلتها وفى هذا التمثيل مواعظ كثيرة لمن تأمل فيه : قال المولى جلال الدين الرومى قدس سره

بيت من بيت نيست اقليمست ... هزل من هزل نيست تعليمست

٥٤

{ وقال الملك } [ آودره اندكه جون باملك مصر سخنان يوسف باز كفتند آروزمندئ وى بديدار يوسف زياده شد ]

{ ائتونى به } [ بياريد يوسف را بيش من ]

{ استخلصه } اجعله خالصا

{ لنفسى } وخاصا بى

قال سعدى المفتى كان استدعاء الملك يوسف اولا بسبب علم الرؤيا فلذلك قال ائتونى به فقط فبما فعل يوسف ما فعل وظهرت امانته وصبره وهمته وجودة نظره وتأنيه فى عدم التسرع اليه باول طلب عظمت منزلته عنده وطلبه ثانيا بقوله ائتونى به استخلصه لنفسى

{ فلما كلمه } اى فاتوا به فلما كلمه يوسف اثر ما اتاه فاستنطقه وشاهد منه ما شاهد من الرشد والدهاء وهو جودة الرأى

{ قال } له ايها الصديق

{ انك اليوم لدنيا } عندنا وبحضرتنا

{ مكين } ذو مكانة ومنزلة رفيعة

{ امين } مؤتمن على كل شيء واليوم ليس بمعيار لمدة المكانة بل هو آن التكلم والمراد تحديد مبدأهما احترازا عن احتمال كونهما بعد حين -روى- ان الرسول اى الساقى جاء الى يوسف فقال اجب الملك : قال الحافظ

ماه كنعانى من مسند مصر آن توشد ... كاه آنست كه بدرود كنى زندانرا

قال المولى الجامى

شب يوسف بكذشت از درازى ... طلوع صبح كردش كار سازى

جو شد كوه كران برجانش اندوه ... برآمد آفتابش از بس كوه

فخرج من السجن ووودع اهل السجن ودعالهم وقال لهم اعطف قلوب الصالحين عليهم ولا تستر الاخبار عنهم فمن تقع الاخبار عن اهل السجن قبل ان تقع عند عامة الناس وكتب على باب السجن هذه منازل البلوى وقبور الاحياء وشماتة الاعداء وتجربة الاصدقاء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثيابا جددا [ در تيسير آورده كه ملك هفتاد حاجب را باهفتاد مركب آراسته با تاج ولباس ملوكانه بزندان فرستاد ]

جو يوسف شد سوى خسرو روانه ... بخلعتهاى خاص خسروانه

فراز مركبى از باى تا فرق ... جوكوهى كشته دردرو كهر غرق

بهر جا طبلهاى مشك وعنبر ... زهر سو بدرهاى زر وكوهر

براه مركب اة مى فشاندند ... كدا را از كدايى مى رهاندند

[ وجون نزديك ملك رسيد اورا احترام تمام نموده استقبال فرمود ]

زقرب مقدمش شه جون خبر يافت ... باستقبال او جون بخت بشتافت

كشيدش دركنار خويشتن تنك ... جو سرو كلرخ وشمشاد كلرنك

به بهلوى خودش برتخت بنشاند ... به بر سشهاى خوش با او سخن راند

-روى- انه لما دخل على الملك قال اللهم انى اسألك بخيرك من خيره واعوذ بعزتك وقدرتك من شره ثم سلم عليه ودعا له بالعبرانية وكان يوسف بتكلم باثنين وسبعين لسلنا فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان آبائى ابراهيم واسحاق ويعقوب ثم كلمه بالعربية فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان عمى اسماعيل وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه.

وفيه اشارة الى حال اهل الكشف مع اهل الحجاب فان اصحاب الحقيقة يتكلمون فى كل مرتبة شريعة كانت او طريقة او معرفة او حقيقة

واما ارباب الظاهر فلا قدرة لهم على التكلم الا فى مرتية الشريعة وعلمان خير من علم واحد . وقال الملك ايها الصديق انى احب ان اسمع رؤياى منك فحكاها فعبرها يوسف على وجه بديع واجاب لكل ما سأل باسلوب عجيب

جوابى دلكشن ومطبوع كفتش ... جنان كامدازان كفتن شكفتش

وفى الآية اشارتان . الاولى ان الروح يسعى فى خلاص القلب من سجن صفات البشرية ليكون خالصا له فى كشف حقائق الاشياء ولم يعلم انه خلق لصالح جميع رعايا مملكته روحانية وجسمانية كما قال عليه السلام ( ان فى جسد ابن آدم لمضغة اذا صلحت صلح بها سائر الجسد واذا فسدت فسد بها سائر الجسد ألا وهى القلب ) والثانية ان اللّه استحسن من الملك احسانه مع يوسف واستخلاصه من السجن فاحسن اليه بان رزقه الايمان واستخلصه من سجن الكفر والجهل وجعله خالصا لحضرته بالعبودية وترك الدنيا وزخارفها وطلب الآخرة ودرجاتها

قال مجاهد اسم الملك على يده وجمع كثير من الناس لانه كان مبعوثا الى القوم الذين كان بين اظهرهم

يقول الفقير ايده اللّه القدير اذا كان الاحسان الى يوسف والاكرام له سببا للايمان والعرفان فما ظنك بمن آسى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذب عنه ما دام حيا وهو ابن عمه ابو طالب فالاصح انه ممن احياه اللّه للايمان كما سبق فى الجلد الاول

واعلم ان اللطف والكرم من آثار السعادة الازلية فلو صدر من الكافر يرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى الفلاح والنجاح ولو صدر من اهل الانكار اداه الى الاستسعاد بسعادة التوفيق الخاص كما لا يخفى على اهل المشاهدة

٥٥

{ قال } يوسف

{ اجعلنى على خزائن الارض } اى ارض مصر فاللام للعهد اى ولنى امرها من الايراد والصرف [ يعنى مرا برآنجه حاصل ولايت مصر باشد از نقود واطعمه خازن كردان ]

{ انى حفيظ } لها عمن لا يستحقها

{ عليم } بوجوه التصرف فيها

وذلك انه لما عبر رؤيا الملك واخبر باتيان السنين المجدبة قال له فما ترى يا يوسف قال ترزع زرعا كثيرا وتأخذ من الناس خمس زروعهم فى السنين المخصبة وتدخر الجميع فى سنبله فيكفيك واهل مصر مدة السنين المجدبة

وفى بحر العلوم قال له من حقك ان تجمع الطعام فى الاهراء فيأتيك الخلق من النواحى ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لاحد قبلك فقال الملك ومن لى بذاك فقال

{ اجعلنى } الآية

ولى هركاررا بايد كفيلى ... كه از دانش بود باوى دليلى

بدانش غايت آن كار داند ... جو داند كاررا كردن تواند

زهر جيزى كه دلا عالم توان يافت ... جو من دانا كفيلى كم توان يافت

بمن تفويض كن تدبير اين كار ... كه نابد ديكرى جون من بديدار

وذلك لانه علم فى الرؤيا التى رآها الملك ان الناس يصيبهم القحط فخاف عليهم القحط والتلف فاحب ان تكون يداه على الخزانة ليعينهم وقت الحاجة شفقة على عبادة اللّه وهى من اخلاق الخلفاء وكانت خدمته معجزة لفراعنة مصر ولهذا قال فرعون زمانه حبن بنى الفيوم له هذ من ملكوت السماء وهو اول من دون الدفاتر وعين علوم الحساب والهندسة بانواع الاقلام والحروف

وفى الآية دليل على جواز طلب الولاية اذا كان الطالب ممن يقدر على اقامة العدل واجراء احكام الشريعة

قال العلماء سؤال تولية الاوقاف مكروه كسؤال تولية الامارة والقضاء -روى- ان قوما جاؤا الى النبى عليه السلام فسألوه ولاية فقال ( انا لن تستعمل على عملنا من اراده ) وذلك لان اللّه تعالى يعين المجبور ويسدده ويكل الطالب الى نفسه والولاية امور ثقيلة فلا يقدر على رعاية حقوقها واذا تعين احد للقضاء او الامارة او نحوهما لزمه القبول لانها من فروض الكفاية فلا يجوز اهمالها ويوسف عليه السلام كان اصلح من يقوم بما ذكر من التدبير فى ذلك الوقت فاقتضت الحال تقلده وتطلبه اصلاحا للعالم

وفى الآية دلالة ايضا على جواز التقلد من يد الكافر والسلطان الجائر اذا علم انه لا سبيل الى الحكم بامر اللّه ودفع الباطل واقامة الحق الا بالاستظهار به وتمكينه وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه -وحكى- الشيخ العلامة ابن الشحنة ان تيمور لنك ذكروا عنه كان يتعنت عن العلماء فى الاسئلة ويجعل ذلك سببا لقتلهم وتعذيبهم مثل الحجاج فلما دخل حلب فتحها عنوة وقتل واسر كثيرا من المسلمين وصعد نواب المملكة وسائر الخواص الى القلعة وطلب علماءها وقضاتها فحضرنا اليه واوقفنا ساعة بين يديه ثم امرنا بالجلوس فقال لمقدم اهل العلم عنده وهو المولى عبد الجبار ابن العلامة نعمان الدين الحنفى قل لهم انى سائلهم عن مسألة سألت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وسائر البلاد التى افتتحتها ولم يفصحوا عن الجواب فلا تكونوا مثلهم ولا يجاوبنى الا اعلمكم وافضلكم وليعرف ما يتكلم به فقال لى عبد الجبار سلطاننا يقول بالامس قتل منا ومنكم فمن الشهيد قتيلنا ام قتبلكم ففتح اللّه علىّ بجواب جين بديع فقلت جاء اعرابى الى النبى عليه السلام فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فى سبيل اللّه ومن قتل منا ومنكم لاعلاء كلمة اللّه فهو الشهيد فقال تيمور لنك ( خوب خوب ) وقال عبد الجبار ما احسن ما قلت وانفتح باب المؤانسة فتكررت الاسئلة والاجوبة وكان آحر ما سأل عنه ما تقولون فى على معاوية ويزيد فقلت لا شك ان الحق كان مع على وليس معاوية من الخلفاء فقال قل علىّ على الحق ومعاوية ظالم ويزيد فاسق قلت قال صاحت لهداية يجوز تقليد للقضاء من ولاة الجور فان كثيرا من الصحابة والتابعين تقلدوا القضاء من معاوية وكان الحق مع على فى توبته فسر لذلك واحسن الينا والى من يتعلق بنا فى البلدة -وروى- ان الملك لما عين يوسف عليه السلام لامر الخزائن توفى قطفير فى تلك الليالى كما قال المولى الجامى

جو يوسف را خدا داد اين بلندى ... بقدر اين بلندى ار جمندى

عزيز مصررا دولت زبون كشت ... لواى حشمت او سر نكون كشت

دلش طاقت نياورد اين خلل را ... بزودى شد هدف تير اجل را

زليخا روى در ديوار غم كرد ... زبار هجر يوسف بشت خم كرد

نه از جاى عزيزش خانه آباد ... نه ازاندوه يوسف خاطر آزاد

فلك كودير مهر وتيز كين است ... درين حرمان سرا كاروى اينست

يكى را بركشد جون خور بلاك ... يكى را افكندجون سايه برخاك

خوش آن دانا بهر كارى وبارى ... كه از كارش بكيرد اعتبارى

نه از اقبال اة كردن فرازد ... نه از ادبار او جانش كدازد

-حكى- ان زليخا بعد ما توفى قطفير انقطعت عن كل شيء وسكنت فى خرابة من خرابات مصر سنين كثيرة وكانت لها جواهر كثير جمعت فى زمان زوجها فاذا سمعت من واحد خبر يوسف او اسمه بذلت منها محبة له حتى نفذت ولم يبق لها شيء

وقال بعضهم اصاب زليخا ما اصاب الناس من الضر والجوع فى ايام القحط فباعت حليها وحللها وجميع ما كانت تملكه وذهب نعمتها وبكت بكاء الشوق ليوسف وهرمت

جوانى تيره كشت از جرخ بيرش ... برنك شير موى حو قيرش

برآمد صبح وشب هنكامه برجيد ... بمشكستان او كافور باريد

به بشت خم آزان بودى سرش بيش ... كه جستى كم شده سرمايه خويش

ثم لما غيرها الجهد واشتد حالها بمقاساة شدائد الخلوة فى تلك الخرابة اتخذت لنفسها بيتا من القصب على قارعة الطريق التى هى ممر يوسف وكان يوسف يركب فى بعض الاحيان وله فرس يسمع صهيله على ميلين ولا يصهل الا وقت الركوب فيعلم الناس انه قد ركب فتقف زليخا على قارعة الطريق فا مر بها يوسف تناديه باعلى صوتها فلا يسمع لكثرة اختلاط الاصوات

زبس بر كوشها ميزد زهرجا ... صهيل مركبان لاد بيما

زبس برآسمان ميشد زهر سوى ... نفير جاوشان طرقوا كوى

كس از غوغا بحال اونيفتاد ... بحالى شد كه اوراكس مبيناد

جوكردى كوش آن حيران ومهجور ... زجاووشان صداى دور شودور

زدى افغان كه من عمريست دورم ... بصد محنت دران دورى صبورم

زجانان تابكى مهجور باشم ... همان بهتركه از خود دور باشم

بكفتى اين وبيهوش اوفتادى ... زخود كرده فراموش اوفتادى

فاقبلت يوما على صنمها الذى كانت تعبده ولا تفارقه وقالت له تبا لك ولمن يسجد لك أما ترحم كبرى وعماى وفقرى وضعفى فى قواى فانا اليوم كافرة بك

بكفت اين را بزد برسنك خاره ... خليل آسا شكستش باره باره

تضرع كرد ورو بر خاك ماليد ... بدركاه خداى باك ناليد

اكر رو دربت آوردم خدايا ... بآن بر خود جفا كردم خدايا

بلطف خود جفاى من بيامرز ... خطا كردم خطاى من بيامرز

زبس راه خطا بيمايى از من ... ستاندى كوهر بينايى ازمن

جو آن كرد خطا ازمن فشاندى ... بمن ده باز آنجه از من ستاندى

بود دل فارغ ازداغ تأسف ... بجينم لاله ازباغ يوسف

فآمنت برب يوسف وصارت تذكر اللّه تعالى صباحا ومساء فركب يوسف يوما بعد ذلك فلما صهل فرسه علم الناس انه ركب فاجتمعوا لمطالعة جماله ورؤية احتشامه فسمعت زليخا الصهيل فخرجت من بيت القصب فلما مر بها يوسف نادت باعلى صوتها سبحان من حغل الملوك عبيدا بالمعصية وجعل العبيد ملوكا بلطاعة فامر اللّه تعالى الريح فالقت كلامها فى مسامع يوسف فاثر فيه فبكى ثم التفت فرآها فقال لغلامه اقض لهذه المرأة حاجتها فقال لها ما حاجتك قالت ان حاجتى لا يقضيها الا يوسف فحملها الى دار يوسف فلما رجع يوسف الى قصر نزع ثياب الملك ولبس مدرعة من الشعر وجلس في بيت عبادته يذكر اللّه تعالى فذلك العجوز فقال انها زعمت ان حاجتها لا يقضيها غيرك فقال ائتنى بها فاحضرها بين يديه فسلمت عليه وهو منكس الرأس فرق لها ورد عليها السلام وقال لها يا عجوز انى سمعت منك كلاما فاعيديه فقالت انى قلت سبحان اللّه من جعل العبيد ملوكا بالطاعة وجعل الملوك عبيدا بالمعصية فقال نعم ما قلت فما حاجتك قال يا يوسف ما اسرع ما نسيتنى فقال من انت ومالى بك معرفة

بكفت آنم كه جون روى توديدم ... ترا از جمله عالم بر كزيدم

فشاندم كنج وكوهر در بهايت ... دل وجان وقف كردم درهوايت

جوانى درغمت بر باد دادم ... بيدن بيرى كه مى بينى فتادم

كرفتى شاهد ملك اندر آغوش ... مرا يكبار تو كردى فراموش

أما انا زليخا فقال يوسف لا اله الا اللّه الذى يحيى ويميت وهو حى لا يموت وانت بعدت فى الدنيا يا رأس الفتنة واساس البلية فقالت يا يوسف أبخلت علىّ بحياة الدنيا فبكى يوسف وقال ما صنع حسنك وجمالك ومالك قالت ذهب به الذى اخرجك من السجن واورثك هذا الملك فقال لها ما حاجتك قالت او تفعل قال نعم وحق شيبة ابراهيم فقالت لى ثلاث حوائج الاولى والثانية ان تسأل اللّه ان يرد علىّ بصرى وشبابى وجمالى فانى بكيت عليك حتى تذهب بصرى ونحل جسمى فدعا لها يوسف فرد اللّه بصرها وشبابها وحسنها

سفيدى شد زمشكين مهره اش دور ... در آمد در سواد نركسش نور

جوانى بيريش را كشت هاله ... بس از جل سالكى شد هزده ساله

وقال بعضهم كان عمرها يومئذ تسعين سنة والحاجةوالثالثة ان تتزوجنى فسكت يوسف واطرق رأسه زمانا فاتاه جبريل وقال له يا يوسف ربك يقرأك السلام ويقول لك لا تبخل عنها بما طلبت

كه ما عجز زليخا جو ديديم ... بتو عرض نيازش را شنيديم

دلش ار تيغ نوميدى نخستيم ... بتو بالاى عرشش عقد بستيم

فتزوج بها فانها زوجتك فى الدنيا والاخرة

جو فرمان يافت يوسف از خداوند ... كه بندد با زليخا عقد وبيوند

دعال سلطان مصر وجميع الاشراف وضاف لهم

بقانون خليل ودين يعقوب ... بر أيين جميل وصورت خوب

زليخارا بعقد خود در آورد ... بعقد خويش يكتا كوهر آورد

ونزلت عليه الملائكة تهنئة بزواجه بها وقالوا هناك اللّه بما اعطاك فهذا ما وعدك ربك وانت فى الجب فقال يوسف الحمد لله الذى انعم على واحسن الىّ وهوارحم الراحمين ثم قال الهى وشيدى اسألك ان تتم هذه النعمة وترينى وجه يعقوب وتقر عينه بالنظر الىّ وتسهل لاخوتى طريقا الى الاجتماع بى فانك سميع الدعاء وانت على كل شيء قدير وارسلت زليخا الى بيت الخلوة فاستقبلتها الجوارى بانواع الحلى والحلل فتزينت بها فلما جن الليل ودخل يوسف عليها قال لها أليس هذا خيرا مما كنت تريدين فقالت ايها الصديق لا تملنى فانى كنت امرأة حسناء ناعمة فى ملك ودنيا وكان زوجى عنينا لا يصل الى النساء وكنت كما جعلك اللّه فى صورتك الحسنة فغلبتنى نفسى

شكيبايى نبود از تو حد من ... بكش دامان عفوى از بد من

زجرمى كز كمال عشق خيزد ... كجا معشوق با عاشق ستيزد

فلما بنى بها يوسف وجدها عذراء واصابها وفك الخاتم

كليد حقه او ياقوت ترساخت ... كشادش قفل دروى كوهر انداخت

فحملت من يوسف وولدت له ابنين فى بطن احدهما افراييم والآخر ميشا وكانا كالشمس والقمر فى الحسن والبهاء وباهى اللّه بحسنهما ملائكة السموات السبع واحب يوسف زليخا حبا شديدا وتحول عشق وليخا وحبها الاول اليه حتى لم يبق له بدونها قرار

جو صدقش بود بيرون از نهايت ... در آخر بر يوسف سرايت

وحول اللّه تعالى عشق زليخا المجازى الى العشق الحقيقى فجعل ميلها الى الطاعة والعبادة وراودها يوسف يوما ففرت منه فتبعتها وقد قميصها من دبر فقالت فان قدت قميصك من قبل فقد قددت قميصى الآن فهذا بذاك

درين كار از تفاوت بى هراسيم ... به بيراهن درى رأسا برأسيم

جو يوسف روى اورد بندكى ديد ... وزان نيت دلش را زندكى ديد

بنام او ز زر كشاشنه ساخت ... نه كاشانه عبادت خانه ساخت

ووضع فى البيت الذى بناه سريرا مرصعا بالجواهر فاخذ بيدها واجلسها عليه وقال

درو بنشين بى شكر خدايى ... كزو دارى بهرمويى عطايى

توانكر ساخنت بعد از فقيرى ... جوانى داد بعد از ضعف بيرى

بجشم نور رفته نور دادت ... وزان بررو در رحمت كشادت

بس از عمرى كه زهر غم جشاندت ... بترياك وصال من رساندت

زليخاهم بتوفيق الهى ... نشسته بر سرير بادشاهى

دران خلوت سرامى بود خرسند ... بوصل يوسف وفضل خداوند

وسيأتى وفاتهما فى آخر السورة فانظر ايها المنصف ان الدنيا ما شغلتهما عن اللّه تعالى فاستعملا الاعضاء والجوارح فى خدمة اللّه تعالى

والاشارة قال يوسف القلب لملك الروح

{ اجعلنى على خزائن الارض } ارض الجسد فان اللّه تعالى فى كل شيء وعضو من اعضاء ظاهر الجسد وباطنه خزانة من القهر واللطف فيها نعمة اخرى كالعين فيها نعمة البصر فان استعملها فى رؤية العين ورؤية الآيات والصنائع فيجد اللطف وينتفع به وان استعملها فى مستلذاتها وشهوات النفس ولم يحفظ نفسه منها فيجد القهر ويضره ذلك فقس الباقى على هذا المثال ولهذا قال يوسف

{ انى حفيظ عليم } اى حافظ نفسى فيها عما يصرها عليم بنفعها او ضرها واستعمالها فيما ينفع ولا يضر

٥٦

{ وكذلك } الكاف منصوبة بالتمكين وذلك اشارة الى ما انعم اللّه به عليه من انجائه من غم الحبس وجعل الملك الريان اياه خالصا لنفسه

{ مكنا ليوسف } اى جعلنا له مكانا

{ فى الارض } اى ارض مصر ةكانت اربعين فرسخا فى اربعين كما فى الارشاد

وقال فى المدارك التمكين الاقدار واعطاه القدرة

وفى تاج المصادر مكنه فى الارض بوأه اياها يتعدى بنفسه واللام كنصحته ونصحت له

وقال ابو على يجوز ان يكون على حد ردف لكم

{ يتبوأ منها } حال من يوسف اى ينزل من بلادها

{ حيث يشاء } ويتخذه مباءة ومنزلا وهو عبارة عن كمال قدرته على التصرف فيها ودخولها تحت سلطانه فكأنها منزله يتصرف فيها كما يتصرف الرجل فى منزله وفى الحديث ( رحم اللّه اخى يوسف لو لم يقل اجعلنى على خزائن الارض لاستعمله من ساعته ولكنه اخر ذلك سنة ) وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لما انصرمت السنة من يوم سأل الامارة دعاه الملك فتوجه وختمه بخاتمه وردّاه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت وطول السرير ثلاثون ذراعا وعرضه عشرة اذرع عليه ثلاثون فراشا فقال يوسف اما السرير فاشدّ به ملكك

واما الخاتم فادبر به امرك

واما التاج فليس من لباسى ولا لباس آبائى فقال الملك فقد وضعته اجلالا لك واقرارا بفضلك فجلس على السرير واتت له الملوك وفوض اليه الملك امره كما قال المولى الجامى

جوشاه ازوى بديد اين كار سازى ... بملك مصر دادش سرفرازى

سبه را بنده فرمان او كرد ... زمين را عرصه ميدان او كرد

ونعم ما قيل

بيرست جرخ واختر بخت تو نو جوان ... آن به كه بير نوبت خود باجوان دهد

وكان يوسف يومئذ ابن ثلاثين سنة كما فلا التبيان واقام العدل فى مصر واحبته الرجال والنساء وامر اهل كل قرية وبلدة بالاشتغال بالزرع وترك غيره فلم يدعوا مكانا الا زرعوه حتى بطون الاودية ورؤوس الجبال مدة سبع سنين وهو يأمركم ان يدعوه فى سنبله فاخذ منهم الخمس وجعله فى الاهراء وكذا ما وزعه السلطان ثم اقبلت السنون المجدبة فحبس اللّه عنهم القطر من السماء والنبات من الارض حتى لم ينبت لهم حبة واحدة فاجتمع الناس وجاؤا له وقالوا له يا يوسف قد فنى ما فى بيوتنا من الطعام فبعنا مما عندك فامر يوسف بفتح الاهراء وباع من اهل مصر فى سنى القحط الطعام فى السنة الاولى بالدراهم والدنانير وفى الثانية بالحلى والجواهر وفى الثالة بالدواب وفى الرابعة بالعبيد والاماء وفى الخامسة بالضياع والعقار وفى السادسة باولادهم وفى السابعة برقابهم حتى استرقهم جميعا فقالوا ما رأينا ملكا اجل واعظم منه فقال يوسف للملك كيف رأيت صنع ربى فيما خولنى فما ترى فقال ارى رأيك ونحن لك فقال انى اشهد اللّه واشهدك انى قد اعتقت اهل مصر عن آخرهم ورددت عليهم املاكهم

قال الكاشفى [ حكمت درين آن بود كه مصر يان يوسف را بوقت خريد وفروخت درصورت بندكى ديده بودند قدرت ازلى همه را طوق بندكى او در كردن نهاد تاكسى راكه درباره او سختى بى ادبانه نرسد ] وكان لا يبيع من احد من الممتارين اكثر من حمل بعير تقسيطا بين الناس وكان لم يشبع مدة القحط مخافة نسيان الجياع : قال السعدى قدس سره

آنكه در راحت وتنعم زيست ... اوجه داندكه حال كرسنة جيست

حال درماندكى كسى داند ... كه باحوال خود فروماند

{ نصيب برحمتنا } [ ميرسانيم برحمت خود از نعيم دينى ودنيوى وصورى ومعنوى ] فالباء للتعدية

{ من نشاء } كل من نريد له ذلك لا يمنعنا منه شيء

{ لا نضيع اجر المحسنين } عملهم بل نوفيه بكماله فى الدنيا والآخرة -روى- عن سفيان بن عيينة المؤمن يثاب على حسناته فى الدنيا والآخرة والفاجر يعجل له الخير فى الدنيا وماله فى الآخرة من خلاق وتلا هذه الآية وفى الحديث ( ان للمحسنين فى الجنة منازل حتى المحسن الى اهله واتباعه ) والاحسان وان كان يعم امورا كثيرة ولكن حقيقته المشاهدة والعيان وهى ليت رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل هو المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى اللّه تعالى وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير اللّه تعالى وسميت هذه الحالة مشاهدة لمشاهدة البصيرة اياه تعالى كما اشار اليها بعض العارفين بقوله

خيالك فى عينى وذكرك فى فمى ... وحبك فى قلبى فاين تغيب

٥٧

{ ولاجر الآخرة } اى اجرهم فى الآخرة فالاضافة للملابسة وهو النعيم المقيم الذى لا نفاد له

{ خير } لانه افضل فى نفسه واعظم وادوم

{ للذين آمنوا وكانوا يتقون } الكفر والفواحش [ جون يوسف باحسان وتقوى ازقعر جاه تبخت وجاه رسيد ]

بدنيى وعقبى كسى قدر يافت ... كه او جانب صبر وتقوى شتافت

وفى الآية اشارة الى ان غير المؤمن من المتقى لا نصيب له فى الآخرة

قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا خذف فان والآخرة ذهب باق

وعن ابى هريرة قال قلنا يا رسول اللّه مم خلق الجنة قال ( من الماء ) قلنا اخبرنا عن بنائها قال ( لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها المسك الاذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه وان اهل الجنة ليزدادون كل يوم جمالا وحسنا كما يزدادون فى الدنيا هرما ) ولا بد من الطاعات فانها بذر الدرجات واجرة الجنات -حكى- ان ابراهيم بن ادهم اراد ان يدخل الحمام فمنعه الحمامى ان يدخله بدون الاجرة فبكى ابراهيم وقال اذا لم يؤذن ان ادخل فى بيت الشيطان مجانا فكيف لى بالدخول فى بيت النبيين والصديقين

يقول الفقير فان كان المراد ببيت النبيين الجنة فلا بد من دخولها من صدق الاعمال وان كان المراد القلب فلا بد فى دخوله من صدق الاحوال وعلى كلا التقديرين لا بد من العبودية لانها مقتضى الحكمة ولذا قال

{ للذين آمنوا وكانوا يتقون } فمن لا عبودية له لم تكن الآخرة عنده خيرا من الدنيا اذ لو علم خيريتها لاجتهد فى العبودية لله تعالى والامتثال بالامر ةالاجتناب عن النهى وقد جعل التصرف فى عالم الملك والملكوت فى العمل على وفق الشرع وخلاف الطبع اذ فيه المجاهدة التى هى حمل النفس على المكاره وترك الشهوات ألا ترى ان يوسف عليه السلام لما خالف الطبع ومقتضاه ونهى النفس عن الهوى ورضى بما قسم المولى وصبر على مقاساة شدائد الجب والسجن والعبودية جعله اللّه تعالى سلطانا فى ارض مصر ففسح له فى مكانه فكان مكافاة لضيق الجب والسجن وسخر له اهل مصر مجازاة للعبودية وزوجه زليخا بمقابلة كف طبعه عن مقتضاه

والتقوزى لا بد منها لاهل النعمة والمحنة اما اهل النعمة فتقواهم الشكر لانه وقاية من الكفران وجنة منه

واما اهل المحنة فتقواهم الصبر لانه جنة من الجزع والاضطراب

فعلى العاقل ان يتمسك بعروة التقوى فانها لا انفصام لها ولها عاقبة حميدة

واما غيرها من العرى فلها انفصام وانقطاع وليس لها نتيجة مفيدة كما شوهد مرة بعد اخرى اللهم اعصمنا من الزلل فى طريق الهدى واحفظنا عن متابعة النفس والهوى واجعلنا من الذين عرفوك فوقفوا عند امرك وتوجهوا اليك فرفضوا علاقة المحبة لغيرك

٥٨

{ وجاء اخوة يوسف } [ آورده اندكه اثر قحط بكنعان وبلاد شام رسيده كار بر اولاد يعقوب تنك كرديد وكفتند اى بدر درشهر مصر ملكيست كه همه قحط زدكانرامى نوازد وكار غربا وابناء سبيل بدلخواه ايشان مى سازد ]

زا حسانش آسوده بر ناوبير ... وزوكشته خوش دل غريب وفقير

ببخشش زابر بهارى فزون ... صفات كمالش زغايت برون

[ اكرفرمايى برويم وطعامى جهت كرسنكان كنعان بياريم يعقوب اجارت فرمود وبنيامين را جهت خدمت خود باز كرفت وده فرزند ديكر هريك باشترى وبضاعتى كه داشتند روى براه آوردند ويك شترجهت بنيامين يا بضاعت او همراه بردند ] وقال بعضهم لما اجدبت بلاد الشام وغلت اسعارها جمع يعقوب بنيه وقال لهم يا بنى أما ترون ما نحن فيه من القحط فقالوا يا ابانا وما حيلتنا قال اذهبوا الى مصر واشتروا منها طعاما من العزيز قالوا يا نبى اللّه كيف يطيب قلبك ترسلنا الى فراعنة الارض وانت تعلم عداوتهم لنا ولا نأمن ان ينالنا منهم شر وكانت تسمى ارض مصر بارض الجبابرة لزيادة الظلم والجور فقال لهم يا بنى قد بلغنى انه ولى مصر ملك فاذهبوا اليه واقرئوه منى السلام فانه يقضى حاجتكم ثم جهز اولاده العشرة وارسلهم فذلك قوله تعالى

{ وجاء اخوة يوسف } اى ممتارين قالوا لما دنا ملاقاة يعقوب بيوسف وتحول الحال من الفرقة الى الوصلة ومن الالم الى الراحة ابتلى اللّه الخلق ببلاء القحط ليكون ذلك وسيلة الى خروج ابناء يعقوب لطلب المعاش وهو الى المعارفة والمواصلة وكانت بين كنعان ومصر ثمانى مراحل لكن ابهم اللّه تعالى ليعقوب عليه السلام مكان يوسف ولم يأذن فى تعريف حاله له الى مجيئ الوقت المسمى عند اللّه تعالى فجاؤا بهاذ السبب الى يوسف فى مصر

{ فدخلوا عليه } اى على يوسف وهو فى مجلس حكومته على زينة واحتشام

{ فعرفهم } فى بادئ الرأى واول النظر لقوة فهمه وعدم مباينة احوالهم السابقة لحالهم يومئذ لمفارقته اياهم وهم رجال وتشابه وهيآتهم وزيهم فى الحالين وليكون همته معقودة بهم وبمعرفة احوالهم لا سيما فى زمان القحط وقد احبره اللّه حين ما القاء اخوته فى الجب لتنبئتهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون فعلم بذلك انهم يدخلون عليه البتة فلذلك كان مترصدا لوصولهم اليه فلما رآهم عرفهم

{ وهم لهم منكرون } اى والحال انهم منكرون ليوسف لطول العهد لما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما انه كان بين ان قذفوه فى البئر وبين ان دخلوا عليه اربعون سنة ومفارقته اياهم فى سن الحداثة ولاعتقادهم انه قد هلك ولذهابه عن اواهامهم لقلة فكرهم فيه ولبعد حاله التى رأوه عليها من الملك والسلطان عن حاله التى فارقوه عليها طريحا فى البئر مشريا بدراهم معدودة وقلة تأملهم فى حلاه من الهيبة والاستعظام

وفى التأويلات النجمية عرفهم بنور المعرفة والنبوة

{ وهم له منكرون } لبقاء ظلمة معاصيهم وحرمانهم من نور التوبة والاستغفار ولو عرفوه حق المعرفة ما باعوه بثمن بخس

٥٩

{ ولما جهزهم بجهازهم } اى اصلحهم بعدتهم وهى عدة السفر من الزاد وما يحتاج اليه المسافر واوقر ركائبهم اى اثقل بما جاؤا لاجله من الميرة وهى بكسر الميم وسكون الياء طعام يمتاره الانسان اى يجلبه من بلد الى بلد

{ قال ائتونى باخ لكم من ابيكم } [ بياريد بمن برادرى كه شماراست ازبدر شما يعنى علاتيست نه اعيانى ] والعلة الضرة وبنوا العلات بنوا امهات شتى من رجل لان الذى تزوجها على الاولى قد كانت قبلها تأهل ثم عل من هذه وبنوا الاعيان اخوة لاب وام وبنوا الاخياف اخوة امهم واحدة والآباء شتى ولم يقل باخيكم مبالغة فى اظهار عدم معرفته لهم فانه فرق بين مررت بغلامك ومررت بغلام لك فانك فى التعريف تكون عارفا بالغلام وفى التنكير انت جاهل به ولعله انما قاله لما قيل من انهم سألوه حملا زائدا على المعتاد لبنيامين فاعطاهم ذلك وشرطهم ان يأتوا به ليعلم صدقهم وكان يوسف يعطى لكل نفس حملا لا غير تقسيطا بين الناس

وقال الكاشفى [ هريك را يك شتر بار كندم دادند كفتنديك شتروار ديكر بجهت برادر ما كه خدمت بدر است بدهيد يوسف كفت من شمار مردم ميدهم نه بشمار شتر ايشان مبالغه نمودند قال ائتونى ] الآية

وقال فى بحر العلوم لا بد من مقدمة سبقت له معهم حتى اجترأ القول هذه المسئلة -روى- انه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم اخبرونى من انتم وما شأنكم فانى انكركم قالوا نحن قوم من اهل الشام رعاة اصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادى قالوا معاذ اللّه نحن اخوة بنوا اب واحد وهو شيخ صديق نبى من الانبياء اسمه يعقوب قال كم انتم قالوا كنا اثنى عشر فهلك منا واحد قال فكم انتم ههنا قالوا عشرة قال فاين الآخرة الحادى عشر قالوا عند ابيه ليتسلى به من الهالك قال فمن يشهد اكم انكم لستم بعيون وان الذى تقولون حتى قالوا انا ببلاد لا يعرفنا فيها احد فيشهد لنا قال فدعوا بعضكم عندى رهينة وائتونى باخيكم من ابيكم وهو يحمل رسالة من ابيكم حتى اصدقكم فاقترعوا بينهم فاصابت القرعة شمعون فخلفوه عنده

{ الا ترون } [ ايانمى بينيد ]

{ انى اوفى الكيل } اتمه لكم

قال الكاشفى [ من تمام مى بيمايم بيمانه را وحق كسى بازنمى كيرم ]

{ وانا خير المنزلين } والحال انى فى غاية الاحسان فى انزالكم وضيافتكم وقد كان الامر كذلك [ يعنى درانزال مهمانان واكرام واحسان با ايشان دقيقة فرونميكذاريم ] ولم يقله عليه السلام بطريق الامتنان بل لحثهم على تحقيق ما امرهم به

٦٠

{ فان لم تأتونى به } [ بس اكرنياريد بمن آن برادررا ]

{ فلا كيل لكم عندى } من بعد اى فى المستقبل فضلا عن ايفائه والمقصود عدم اعطاء الطعام كيلا

{ ولا تقربون } بدخول بلادى فضلا عن الاحسان فى الانزال والضيافة

قالوا اللّه امره بطلب اخيه ليعظم اجر ابيه على فراقه وهو ما انهى او نفى معطوف على الجزاء كأنه قيل فان لم تأتونى به تحرموا ولا تقربوا يعنى انه سواء كن خبرا او نهيا يكون داخلا فى حكم الجزاء معطوفا عليه لكن جزمه على الثانى بلا الناهية وعلى الاول بالعطف على ما هو محل الجزم

قال فى الارشاد وفيه دليل على انهم كانوا على نية الامتياز مرى بعد اخرى وان ذلك كان معلوما له عليه السلام

٦١

{ قالوا سنراود عنه اباه } سنخادعه عنه ونحتال فى انتزاعه من يده ونجتهد فى ذلك وزفيه تنبيه على عزة المطلب وصعوبه مناله

{ وانا لفاعلون } ذلك غير مفرطين ولا متوانين عبروا بما يدل على الحال تنبيها على تحقق وقوعه كما فى قوله تعالى

{ وان الدين لواقع } وفيه اشارة الى ان لطائف الحيل وسائل فى الوصول الى المراد وان الانخداع كما انه من شأنه العامة كذلك هو من شأن خواص العباد بموجب البشرية التى ركبها اللّه على السوية بين الافراد [ أورده اندكه جهار كس درباغى رفتند بى اجازت مالك وبخوردن ميوه مشغول كشتند . يكى ازان جمله دانشمندى بود . ودوم علوى . وسوم لشكرى . وجهارم بازارى خداوند باع در آمد جون ديدكه دست خيانت دراز كرده اند وميوه بسيار تلف شده باخود انديشه كردكه اكرنه بنوع از فريب ومكر وحيلت دربيش آيم با ايشان برنيايم . اول روى بمرد عالم آورد وكفت تومرد ددانشمندى ومقتداى مايى ومصالح معاش ومعاد ما ببركت اقلام وحركت اقدام شمامنوطست واين بزرك ديكر ازخاندان نبوت واراهل فتوت است وما از جمله جاكران خاندان وييم ودوستى ايشان برماواجبست جنانكه حق تعالى ميفر مايد

{ قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة فى القربى } واين عزيز ديكر مرد لشكريست وخانمان وجان ما بتيغ بران وسعى وتدبير ايشان آبادان وباقيست شما اكر درباغ من آييد وتمام ميوها بمصلحت خود صرف كنيد جان ما وباغ ما فداى شما باد اين مرد بازارى كيست واورا حجت جيست وبجه سبب درباغ من آمده است ودست دراز كرده كريبان وى بكرفت واورا دست بردى تمام نمودكه آواز باى در آمد ودست وبايش محكم ببست وبينداخت بعد ازان روى بلشكرى نهادو كفت من بنده سادات وعلما ام توندانسته كه من خراج اين باغ بسلطان داده ام اكر سادات وائمه بجان ما حكم فرمايند حاكم باند اما بكوى كه توكيستى وبجه سبب درباغ من آمدى اورانيز بكرفت وكوشمالى تمام بتقديم رسانيد واورا نيز محكم دربست بعد ازان روى بدانشمند آوردكه همه عالمان بندكان ساداتند وحرمت داشتن ايشان برهمه كس واجبست اما توكه مرد عالمى اين قدر ندانى كه در ملك ديكران لى اجازت نبايد رفت ومال مسلما نان بغصب نبايد برد جان من وخانمان من فداى سادات باد هر جاهل كه خودرا دانشمند خواند وهيج نداند درخور تأديب ومستحق تعذيب باشد اورا نيزتمام برنجانيد ومقيد كردانيد بعد ازان روى بعلوى آورد وكفت اى لا سيد مكار واى مدعى نابكار اى ننك سادات عظام واى عاروشينشرفاء كرام بجه سبب درباغ من آمده وبكدام دل وزهره اين دليرى نموده رسول فرموده است كه مال امت من بر لا علويان حلالست اورانيز ادب بليغ بتقديم رسانيد ومحكم دست وباى وى دربست وبلطف حيل هر جاررا تأديب كرد وبهاى ميوه كه خورده بودند ازايشان بستاد وبشفاعت ديكران دست ازايشان بداشت اكر حيلة درامور دنيوى نبودى صاحب باغ كه بك تن بود تأديب جهار مرد نتوانستى كرد ومقصود او بحصول موصول نكشتى ] فاذا انقطع اسباب الحيل يلزم حينئذ الغلظة فى المعاملة ان اقتضت الحال ذلك والايسكت ويسلم

جو دست ازهمه حيلتى در كسست ... حلالست بردن بشمشير دست

٦٢

{ وقال } يوسف

{ لفتيانه } غلمانه الكيالين اى الموكلين على خدمة الكيل جمع فتى وهو المملوك شابا كان او شيخا

{ اجعلوا بضاعتهم فى رحالهم } دسوها فى جواليقهم وذلك بعد اخذها وقبولها واعطاء بدلها من الطعام . والبضاعة من البضع بمعنى الشق والقطع لانها قطعة من المال . والرحل الوعاء ويقال لمنزل الانسان ومأواه رحل ايضا ومنه نسى الماء فى رحله وكل بكل رحل من يعى فيه بضاعتهم التى شروا بها الطعام وكانت نعالا وادما

وقيل فى دراهم فان نقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد بالآحاد وانما فعله عليه السلام تفضلا عليهم وخوفا من ان لا يكون عند ابيه ما يرجعون به مرة اخرى

{ لعلهم يعرفونها } اى يعرفون حق ردها وحق التكرم باعطاء البدلين

{ اذا انقلبوا } اى رجعوا

{ الى اهلهم } وفتحوا اوعيتهم فالمعرفة مقيدة بالرجوع وتفريغ الاوعية

{ لعلهم يرجعون } لعل معرفتهم بذلك تدعوهم الى الرجوع الينا مرة اخرى باخيهم بنيامين فان التفضل عليهم باعطاء البدلين ولا سيما عند اعادة البضاعة من اقوى الدواعى الى الرجوع

٦٣

{ فلما رجعوا } من مصر

{ الى ابيهم } فى كنعان

{ قالوا } قبل ان يستغلوا بفتح المتاع

{ يا ابانا منع منا الكيل } مصدر كلت الطعام اذا اعطيته كيلا ويجوز ان يراد به المكيال ايضا على طريقة ذكر المحل وارادة الحال اى منع ذلك فيما بعد فى المستقبل وفيه ما لا يخفى من الدلالة على كون الامتيار مرة بعد اخرى معهودا فيما بينهم وبينه عليه السلام

قال الكاشفى [ يعنى ملك كصر حكم كردكه ديكر طعام برمانه بيمانند اكر بنيامين را نبريم ] وذكروا له احسانا وقالوا انا قدمنا على خير رجل انزلناه واكرمنا بكرامة لو كان رجلا من آل يعقوب ما اركمنا كرامته وذكروا انه ارتهن شمعون

{ فارسل معنا اخانا } بنيامين الى مصر وفيه ايذان بان مدار المنع عدم كونه معهم

{ نكتل } بسببه ما نشاء من الطعام من الاكتيال يقال اكتلت عليه اى اخذت منه كيلا

{ وانا له لحافظون } من ان يصيبه مكروه ضامنون برده

٦٤

{ قال } يعقوب

{ هل آمنكم عليه } استفهام فى معنى النفى وآمن فعل مضارع والامن والائتمان بمعنى وهو بالفارسية [ امين داشتن كسى را ]

{ الا كما امنتكم على اخيه } منصوب على انه نعت مصجر منصوب اى الا امنا كامنى اياكم على اخيه يوسف

{ من قبل } وقد قلتم فى حقه ما قلتم ثم فعلتم به ما فعلتم فلا اثق بكم ولا بحفظكم وانما افوض الانر الى اللّه تعالى

{ فاللّه خير } منى ومنكم

{ حافظا } تمييز او حال مثل لله دره فارسا

{ وهو ارحم الراحمين } من اهل السموات والارضين فارجو ان يرحمنى بحفظه ولا يجمع علىّ مصيبتين وهذا كما ترى ميل منه الى الاذن والارسال لما رأى فيه من المصلحة

قال كعب لما قال يعقوب فاللّه خير حافظا قال اللّه تعالى وعزتى لاردنّ عليك كليهما بعد ما توكلت علىّ فينبغى ان يتوكل على اللّه ويعتمد على حفظه دون حفظ ما سواه فان ما سواه محتاج فى حفظه الى الاسباب والآلات واللّه تعالى غنى بالذات مستغن عن الوسائط فى كل الامور وفى جميع الحالات ولذا حفظ يوسف فى الجب وكذا دانيال عليه السلام فان بخت نصر طرحه فى الجب والقى عليه اسدين فلم يضراه وجعلا يلحسانه ويتبصبصان اليه فاتاه رسول فقال يا دانيال فقال من انت قال انا رسول ربك اليك ارسلنى اليك بطعام فقال الحمد لله الذى لا ينسى من ذكره

ومن حفظه تعالى ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا اراد الحاجة ابعد فذهب يوما تحت شجرة فنزع خفيه قال ولبس احدهما فجاء طائر فاخذ الخف الآخر فحلق به فى السماء فانفلت منه اسود سالخ وهو نوع من الافعوان شديد السواد وسمى بلك لانه يسلخ جلده كل عام فقال النبى عليه السلام ( هذه كرامة اكرمنى اللّه بها اللهم انى اعوذ بك من شر من يمشى على رجلين ومن شر من يمشى على اربع ومن شر من يمشى على بطنه )

ومن لطائف الاخبار ما ذكر فى انيس الوحدة بالفارسية [ مردى رازنى بود صاحب جمال واوازغايت غيرت كه از لوازم محبت است طاقتى نداشتى كه باد برسرزلف او كذر يا فتى يا أفتاب جهان تاب دروى تافتى

بادرا كر خبر ازغيرت عاشق بودى ... بر سر سنبل زلفش نكذشتى ازييم

اطراف وجوانب خانه جنان محفوظ ومضبوط كردانيده كه از نظر دائما مصون ومستور بودى زن جون روزى جند دران خانه ضيق بماند بتنك آمد شوهررا كفت مراتا اين غايت جرادر بند ميدارى

در قفص طلبد هركجا كرفتاريست ... بيش ازين مرا كرفتار مدارزن اكربد دار ونابكار باشد هيج أفريده اورا نكاه نتواند داشت وندارد واكر بارسا وعفيفه ونيكو كار باشد سر بهركه درجهان بلكه بمان آسمان فرونيارد ازين بندو حبس دست بدار ومرا بامستورى من سباركه عفت من مرا حافظى بى مثل وراقبى بى نظيرست ازين نوع جند انكه كفت درنكرفت بلكه در محافظت اوبيشترمى كوشيد زن خواست كه اورا برهانى نمايد درجوار اوزالى بودكه كاه كاهى ازشكاف دربا او سخن كفتى روزى اورابخواند وبجوانى كه دران همسايه بود فرستاد وكفت مدتى است تادر عشق كرفتارم وبى تو عاشق زارم وخواهان دولت مواصلت وآرزومند سعادت ملاقات زال تبليغ رسالت كرد جوان جون وصف حسن وجمال اوشنيده بود ازشادى در طرب واهتزاز آمد واز مسرت وابتهاج در هواى عشق جون باز بيرواز جواب فرستاد كه

جانا بز بان من سخن ميكويى ... باخود سخن از زبان تو ميكويى

كيست آنكس كه نخواهد كه توجانش باشى ... من بعد در سراين كارم وعشق ترا بجان خريدار اما شوهر مردى عظيم غيورست وتمناى وصالت انديشه دور كفت

راه وصل ما بباي عاشقان ... كر ترا رغبت بود كامى بود

مصلحت آنست كه بعزم سفر آوازه دراندازى وصندوقى بزرك بشازى وبشوهر من فرستى كه بسفر ميروم وصندوقى بر از متاع دارم وبجز ازتو بهيج كس اعتماد ندارم ميخزاهم كه بخانه ثو آرم وبامانت بسبارم اكر قبول كنى لطفى بموقع خود بود ورهين منت كردم اورا وداع كنى وبروى وبعد ازان درين صندوق روى وغلامت بخانه ما آرد وهركاه كه شوهرم بيرون رود

تو ز صندوق خويش بيرون آى ... وز جمالم هميشه مى آساى

جوانرا اين تدبير خوش آمد وبران موجب كار بيش كرفت جون صندوق را بخانه آن فرستاد وموضعى معين كرد كه صندوق بنهد زن بيش شوهر آمد وكفت اين جيست وصندوق كيست شوهر حال باز كفت زن كفت ميدانيكه در صندوق جيست كفت نمى دانم كفت از عقل دور باشدكه صندوقى مقفل بخانه آرى وندانيكه درانجا جيست اكر فردا خصا بيايد وكويد درابحا انواع جواهر ولآلى بود وخلاف آن باشد جون از عهده آن بيرون آيى صواب آن باشد كه يكى را ازخانه او بيارى وجمعى از محلت حاضر كردانى تاسر صندوق بكشايند وهرجه در آنجا باشد بنمايند تادر وقت مطالبت امانت طرق قيل وقال مسدود باشد مردجون سخن مقبول شنيد صلاح درين ديد غلام آن مرده وجماعتى جند حاضر كردانيد وسر صندوق بكشادند وجوانرا ديدند در آنجا جون مغزدر بسته نشسته وازغاريت خجالت وشر مسارى زيان نطق بسته شوهر زن صاحب جمال نيك متحير ومتغير شد زن كفت اى خواجه اين جوانرا هيج كناهى نيست اين كارمنست وبيشه من غرض آن بود كه جون بيوسته مرا مقيد ومعذب ميداشتى خواستم كه باتو نمايم كه زنانرا هركز نكاه نتوان داشت زن بايدكه خود مستور ونيك نام بود اكرجه از آنجه احتراز ميكردى مرا بدان ميل والتفاتى بودى يا نه عفت من مانع آن حالت كشتى تو بدست خود يارى آورده بودى اما غرض من نمودن برهانست واظهار عفت خود اكنون مرا باعفت خود سبار ودست از محافظت ومراقبت من بدار مردجون آن حال مشاهده كرد دست ازرعايت او بداشت و بيش ازان اورا مقيد نداشت وبحفظ حق حواله كرد ]

٦٥

{ ولما فتحوا متاعهم } الذى حملوه من مصر وهواسم من متع كالكلام والسلام من كلم وسلم وهو فى الاصل كل ما انتفع به هو والمراد به هنا اوعية الطعام مجازا اطلاقا للكل على بعض مسمياته ويسمى بعضهم هذا النوع من المجاز اعنى اطلاق الكل على البعض حقيقة قاصرة

{ وجدوا بضاعتهم } [ يافتند بضاعت حودرا كه تسليم ملك كرده بودند ]

{ ردت اليهم } تفضلا وقد علموا لك بدلالة الحال كأنه قيل ماذا قالوا حينئذ فقيل

{ قالوا } لابيهم ولعله كان حاضرا عند الفتح كما فى الارشاد ويؤيده ما فى القصص من ان يعقوب قال لهم يا بنى قدموا احمالكم لادعو لكم فيها بالبركة فقدموا احمالهم وفتحوها بين يديه فرأوا بضاعتهم فى رؤس احمالهم فقالوا عند ذلك

{ يا ابانا ما نبغى } ما استفهامية منصوبة ينبغى وهو من البغى بمعنى الطلب اى أى شيء نطلب وراء هذا من الاحسان

{ هذه بضاعتنا } [ تينست بضاعت ماكه غله بدين بضاعت بما فروخته اند ]

{ ردت الينا } اى حال كونها مردودة الينا تفضلا من حيث لا ندرى بعد ما من علينا بالمنن العظام هل من مزيد على هذا فنطلبه ارادوا الاكتفاء به فى استيجاب الامتثال لامره والالتجاء اليه فى استجلاب المزيد

{ ونمير اهلنا } اى نجلب اليهم الطعام من عند الملك وهو معطوف على مقدر اى ردت الينا فنستظهر بها ونمير اهلنا فى رجوعنا الى الملك يقال مار اهله يميرهم ميرا اذا اتاهم بالميرة وهى الطعام المجلوب من بلد الى بلد ومثله امتار

{ ونحفظ اخانا } من الجوع والعطش وسائر المكاره

{ ونزداد } [ وزياده بستانيم بواسطه او ]

{ كيل بعير } اى حمل بعير يكال لنا من اجل اخينا لانه كان يعطى باسم كل رجل حمل بعير كأنه قيل اى حاجة الى الازدياد فقيل

{ ذلك } اى ما يحمله باعرنا

{ كيل يسير } اى مكيل قليل لا يقوم باودنا اى قوتنا

٦٦

{ قال } ابوهم

{ لن ارسله معكم } بعد ما عاينت منكم ما عاينت

{ حتى تؤتون } [ تابدهيدمرا ]

{ موثقا من اللّه } اى عهدا موثوقا به اى متعمدا مؤكدا بالحلف وذكر اللّه وهو مصدر ميمى بمعنى الثقة استعمل فى الآية بمعنى اسم المفعول اى الموثوق به وانما جعله موثقا منه تعالى لان توكيد العهود به مأذون فيه من جهاته تعالى فهو اذن منه تعالى

{ ليأتينى به } جواب القسم اذ المعنى حتى تحلفوا باللّه لتأتننى به فى كل الاوقات

{ الا ان يحاط بكم } الا وقت الاحاطة بكم وكونهم محاطا بهم اما كناية عن كونهم مغلوبين مقهورين بحيث لا يقدرون على اتيانه البتة وعن هلاكهم وموتهم جميعا واصله من العدو فانه من احاط به العدو يصير مغلوبا عاجزا عن تنفيذ مراده او هالكا بالكلية ولو صدقت هذه القصة المثل السائر وهو قولهم البلاء موكل بالمنطق فان يعقوب عليه السلام قال اولا فى حق يوسف

{ واخاف ان يأكله الذئب } فابتلى من ناحية هذا القول حيث قالوا اكله الذئب وقال ههنا

{ لتأتينى به الا ان يحاط بكم } فابتلى ايضا بذلك واحيط بهم وغلبوا عليه كما سياتى

قال الكاشفى [ درتبيان فرموده كه اورا بشما ندهم تا سوكند خوريد بحق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم خاتم النبيين وسيد المرسلين ايشان قبول نموده بمنزلت حضرت بيغمبرما سوكند خوردند كه درمهم بنيامين غدر نكنند ]

{ فلما آتوه موثقهم } عهدهم من اللّه حسبما اراد يعقوب

{ قال اللّه على ما نقول وكيل } اى على ما قلنا فى اثناء طلب الموثق وايتائه من الجانبين وكيل مطلع رقيب يريد به عرض ثقته باللّه وثهم على مراعاة ميثاقهم

وفيه اشارة الى ان التوكل بعد التوكيد كقوله تعالى

{ فاذا عزمت فتوكل على اللّه } وفى الكواشى فى قول يعقوب

{ لن ارسله معكم } الآية دليل على جواز التعلق بالاسباب الظاهرة مع صحة التوكل : وفى المثنوى

كر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن بس تكيه بر جباركن

فينبغى للانسان ان يجمع بين رعاية الاسباب المعتبرة فى هاذ العالم وبين ان لا يعتمد عليها وان لا يراعيها الا لمحض التعبد بل يربط قلبه باللّه وبتقديره ويعتمد عليه وعلى تدبيره ويقطع رجاه عن كل شيء سواه وليس الشأن ان لا تترك السبب بل الشأن ان تترك السبب وارادتك الاسباب مع اقامة اللّه اياك فى التجريد انحطاط عن الهمة العلية لان التجريد حال الآخذ من اللّه بلا واسطة فالمنجرد فى هذه الحالة كمن خلع عيله الملك خلعة الرضى فجعل يتشوق لسياسة الدواب

قال بعض المشايخ مثل التجرد والمتسبب كعبدين للملك قال لاحدهما اعمل وكل من عمل يدك وقال للآخر الزم انت حضرتى وانا اقوم لك بقسمتى فمتى خرج واحد منهما عن مراد السيد منه فقد اساء الادب وتعرض لاسباب المقت والعطب والاسباب على انواع

فقد قيل من وقع فى مكان بحيث لم يقدر على الطعام والشراب فاشتغل باسم الصمد كفاه والصمدية هى الاستغناء عن الاكل والشرب

وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد اللّه سبحانه ان لا يسأل احدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه شيء فعجز عن المشيء ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى اللّه عن الالقاء الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلما همّ بذلك انبعث من خاطره رده عن ذلك العزم ثم قال اموت ولا انقض عهدا بينى وبين اللّه تعالى فمرت القافلة وانقطع واستقبل القبلة مضجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك اذا هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وازال ما به من الضرورة فقال له أتريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف هنا والقافلة تأتيك فوقف واذا بالقافلة مقبلة من خلفه فانظر ان البقاء فرع الفناء فما دام لم يحصل للمرء الفناء عن الوجود لم يجد البقاء من اللّه ذى الفيض والجود

يكجو از خر من هستى نتواند برداشت ... هركه در كوى فنا درره حق دانه نكشت

٦٧

{ وقال } يعقوب ناصحا لبنيه لما ازمع على ارسالهم جميعا

{ يا بنى لا تدخلوا } مصر

{ من باب واحد } وكان لها اربعة ابواب

{ وادخلوا من ابواب متفرقة } اى من طرق شتى وسكك مختلفة مخافة العين فان العين والسحر حق اى كائن اثرهما فى المعين والمسحور وصاهم بذلك فى هذه الكرة لانهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة مشتهرينفى مصر بالقربة عند الملك فخاف عليهم ان دخلوا جماعة واحدة ان يصابوا بالعين ولم يوصهم فى الكرة لانهم كانوا مجهولين حينئذ مغمورين بين الناس غير متجملين تجملهم فى الثانية وكان الداعى اليها خوفه على بنيامين [ در لطائف آورده كه يعقوب در اول مهر بيدا كرد وآخر عجز بندكى آشكار كرد كه كفت ]

{ وما اغنى عنكم } اى لا انفعكم ولا ادفع عنكم بتدبيرى

{ من اللّه } وقضائه

{ من } من رائدة لتأكيد النفى

{ شيء } اى شيأ فان الحذر لا يمنع القدر

من جهد نى كنم قضا ميكويد ... بيرون زكفايت توكار دكرست

ولم يرد به الغاء الحذر بالمرة كيف لا وقد قال تعالى

{ ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة } وقال

{ خذوا حذركم } بل اراد بيان ان ما وصاهم به ليس مما يستوجب المراد لا محالة بل هو تدبير فى الجملة وانما التأثير وترتب المنفعة عليه من العزيز القدير وان ذلك ليس بمدافعة للقدر بل هو استعانة باللّه وهرب منه اليه

{ ان الحكم } اى ما الحكم مطلقا

{ الا اللّه } لا يشاركه احد ولا يمانعه شيء فلا يحكم احد سواه بشيء من السوء وغيره

{ عليه } لا على احد سواه

{ توكلت } فى كل ما آتى واذر . وفيه دلالة على ان ترتيب الاسباب غير مخل بالتوكل

{ وعليه } دون غيره

{ فليتوكل المتوكلون } الفاء لافادة التسبب فان فعل الانبياء سبب لا يقتدى بهم

قال سهل بن عبد اللّه التسترى قدس سره للعباد على ثلاثة اشياء تكليفهم وآجالهم والقيام بامرهم ولله على العباد ثلاثة التوكل عليه واتباع نبيه والصبر على ذلك الى الموت . ومعنى ذلك ان الثلاثة الاول دخول العبد فيها تكلف اذ لا يتصور وجودها بسبب منه لولا يجب على اللّه شيء . والثلاثة الاخر لا لد من قيام العبد بها اذ لا بد من تسببه فيها واعلم انه قد شهدت باصابة العين تجاريب العلماء من الزمن الاقدم وتطابق السنة الانبياء على حقيتها : قال الكمال الخجندى عقل باطل شمردجشم توهر خون كه كند ظاهرا بى خبر ازنكته العين حقست وفى الحديث ( ان العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر ) وعن على رضى اللّه عنه ان جبريل اتى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فوافقه مغتما فقال يا محمد ما هذا الغم الذى اراه فى وجهك فقال ( الحسن والحسين اصابهما عين ) فقال يا محمد صدقت فان العين حق وتحقيقه ان الشيء لا بعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقص بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين اضيف ذلك اليها فالتأثير الحاصل عقبيه هو فعل اللّه على وفق اجراء عادته اذلا تأثير للعين حقيقة على ماهو مذهب اهل السنة وقال بعضهم تأثير المؤثر فى غيره لا يجب ان يكون مستندا الى القوى الحسمانية بل قد يمون التأثير نفسانيا محضا ويدل عليه ان اللوح الذى يكون قليل العرض اذا كان موضوعا على الرض يقدر الانسان على المشى عليه ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين يعجز عن المشى عليه وما ذلك الا لان خوفه من السقوط يوجب سقوطه منه فعلمنا ان التأثيرات النفسانية موجودة من غير ان يكون للقوى الجسمانية مدخل لها وايضا اذا تصور الانسان كون فلان مؤذيا له حصل فى قلبه غضب يسخن بذلك مزاجه جدا فمبدأ تلك السخونة ليس الاذاك التصور النفساني ولن مبدأ الحركات البدنية ليس الا التصورات النفسانية فلما ثبت ان تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد ايضا ان يكون بعض النفوس بحيث تتعدى تأثراتها الى سائر الابدان فثبت انه لا يمتنع فى العقل ان يكون بعض النفوس مؤثرا في سائر الابدان فان جواهر النفس مختلفة بالماهية فجاز ان يكون بعض النفوس بحيث يؤثر فى تغيير بدن حيوان آخر بشرط ان يراه ويتعجب منه زقال بعضهم وجه اصابة العين ان الناظر اذا نظر على شىء واستحسنه ولم يرجع الى اللّه والى رؤية صنعه قد يحدث اللّه فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء من اللّه لعباده ليقول المحق انه من اللّه وغيره من غيره فيواخذ الناظر لكونه سببا وقال بعضهم صاحب العين اذا شاهد الشىء واعجب به كانت المصلحة له فى تكليفه ان يغير اللّه ذلك الشىء حتى لا يبقى قلب المكلف متعلقا به وقال بعضهم لا يستبعد ان يبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين فيتضرر بالهلاك والفساد كما قيل مثل ذلك في بعض الحيات فلن من انواع الافاعى ما اذا وقع بصرها على عين انسان مات من ساعته والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسيمة بل بعضها بالمقابلة والرؤية وبعضها لا يحتاج غلى المقابلة بان يتوجه الروح اليه ونحوه.

ومن هذا القبيل شر الحسود المستعاذ منه حتى

قال بعضهم ان بعض العائنين لا يتوقف عينهم على الرؤية بل ربما يكون اعمى فيوصف له الشئ فتؤثر نفسه بالوصف من غير رؤية قال القزويني ويختص بعض النفوس من الفطرة بامر غريب لا يوجب مثله لغيرها كما ذكر ان فى الهند قوما ما اذا اهتموا بشئ اعتزلوا عن الناس وصرفوا عمتهم الى ذلك الشئ فيقع على وفق اهتمامهم.

ومن هذا القبيل ذكر ان السلطان محمود غزا بلاد الهند اذا صرفوا همتهم الى ذلك يقع المرض على وفق ماهتموا فاشار اليه بعض اصحابه بدق الطبول ونفخ البوقات الكثيرة لتشويش همتهم ففعل ذلك فزال المرض واستخلصوا المدينة فهذا تاثير الهمة .

واما تأثير المحبة فقد حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى فى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبة رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر شقيقك غيب فى لحجه وتطلع يا بدر من بعده فهلا خسفت وكان الخسوف لباس الحداد على فقده فخسف القمر من ساعته لانظر على صدق هذه المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة معناطيس القلوب وتأثير الارواح فى الاجسام امر مشاهد محسوس فالتأثير للارواح ولشدة الاتباطها بالعين نسبت اليها قال بعض الحكماء ودليل ذلك ان ذوات السموم اذا اقتلت بعد لسعها خف اثر لسعها لان الجسد تكيف بكيفية السم وصار قابلا للانحراف فما دامت حلة فان نفسها تمده بامتزاج الهواء بنفسها وانتشاق الملسوع به وهذا مشاهد ولا اقول ان خاصية قتلها منحصرة فيها فقط بل هى احدى فوائدها المنقولة عنها واصل ذلك كله من اعجاب العائن بالشئ فيتبعه كيفية نفسه الخبيثة فيستعين على تنفيذ سميتها بعينه وقد يعين الرجل نفسه بغير ارادة منه وهذا ارجى ما يكون وينبغى ان يعلم ان ذلك لا يختص بالانس بل قد يكون فى الجن ايضا

وقيل عيونهم انفذ من اسنة الرماح وعن ام سلمة رضى اللّه عنها ان النبى عليه السلام رأى فى بيتها جارية وفى وجهها صفرة فقال استرقوا لها فان بها النظرة واراد بها العين اصابتها من الجن قال الفقهاء من عرف بذلك حبسه الامام واجرى له النفقة الى الموت لما كان اصل ذلك استحسانه قال عثمان رضى اللّه عنه لما رأى صيبا مليحا دسموا نونته للا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقته قالوا ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤس فى الموارع والكرو ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليه اولا فتكسر سورته فلا يظهر اثره وقد جعل اللّه لكل داء دواء ولكل شئء ضدا فالدعوات والانفاس الطيبة تقابل الاثر الذى حصل من النفوس الخبيثة والحواس الفاسدة فتزيله - وروى - عن عبادة بن الصامت رضى اللّه عنه قال دخلت على رسول اللّه صلى اللّه غليه وسلم فى اول النهار فرايته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فرأيته معافى فقال ( ان جبريل عليه السلام اتانى فرقانى وقال بسم اللّه ارقيك من كل شئ يؤذيك ومن كل عين وحاسد اللّه يشفيك قال عليه السلام فافقت ) وفيه فيما ذكر من حديث ام سلمة دلالة على جواز الاسترقاء وعليه عامة العلماء هذا عذا كانت الرقى من القرآن او الاذكار المعروفة اما الرقى التي لا يعرف معناها فمكروهة وعن عائشة رضى اللّه عنها انها قالت له صلّى اللّه عليه وسلّم ( هلا تنشرت ) اى تعلمت النشرة وهى الرقية

قال بعضهم وفيه دليل على عدم كراهية استعمال النشرة حيث لم ينكر عليه السلام ذلك عليها وكرهها جمع واستدلوا بحديث فى سنن ابى داود مرفوعا ( النشرة من عمل الشيطان ) وحمل ذلك على النشرة التي تصحبها العزائم المشتملة على الاسماء التي لا تفهم كما قال المطرزى فى المغرب انما تكره الرقية اذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخل فيه سحرا وكفرا

واما ما كان من القرآن وشئ من الدعوات فلا بأس به

واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب والآية المجربة ار بعض اسماء اللّه لدفع البلاء فلا باس به ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا في التتار خانية وعند البعض يجوز عدم النزع اذا كان مستورا بشئ والاولى النزع.

وكان عليه السلام يعوذ الحسن والحسين رضى اللع عنهما فيقول ( اعيذكما بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة فعوذوا بها اولادكم فان ابراهيم كان يعوذ بها اسماعيل واسحاق ) رواه البخارى فى صحيحه . وكلمات اللّه كتبه المنزلة على انبيائه او صفات اللّه كالعزة والقدرة وغيرهما وكونها تامة لعرائها عن النقص والانفصام . وكان احمد بن حنبل يستدل بقوله بكلمات اللّه التامة على ان القرآن غير مخلوف ويقول ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يستعيذ بمخلوق وما من كلام مخلوق الاوفية نقص فالموصوف منه بالتمام غير مخلوق وهو كلام اللّه تعالى يوقل الفقير جاءت الاستعاذة بمخلوق فى قول على رضى اللّه عنه اذا كنت بواد تخاف فيه السبع فقل اعوذ بدانيال وبالحب من شر الاسد وذلك ان دانيال وبالحب من شر الاسد وذلك ان دانيال لما ابتلى بالسباع كما ذكرناه عند قوله تعالى

{ فاللّه خير حافظا وهو ارحم الراحمين } جعل اللّه الاستعاذة به فى ذلك تمنع شر الذى لا يستطاع كما فى حياة الحيوان

قال بعضهم هذا مفام من بقى له التفات الى غير اللّه فاما من توغل فى بحر التوحيد حيث لا يرى فى الوجود الا اللّه لم يستعذ غلا باللّه ولم يلتجئ الا الى اللّه والنبى عليه السلام ولما ترقى عن هذا المقام قال ( اعوذ بك منك ) والهامة احدى الهوام وهى حشرات الارض وقال الخطابة ذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما

واما حديث ابن عجرة ( أيؤذيك هوام رأسك ) فالمراد بها القمل على الاستعارة واللامة الملمة من الميت به اى نزلت وجيئ على فاعلة ولم يقل ملمة للازدواج بهامة ويجوز ان يكون على ظاهرها بمعنى جامعة للشر على المعيون من لمه يلمه اذا جمعه يقال ان ادراك قلم الناس اي تجمعهم وفى القتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء اللّه تعالى من جنس الكرامات اي اظهار الخواص بالكرامة فان كل احد لا يقدر استخراج خواص الاشياء وعن عائشة رضى اللّه عنها يؤمر العائن ان يتوضأ ثم يغتسل منه المعين وهو الذى اصيب بالعين وعن الحسن دواء اصابة العين ان تقرأ هذه الآية

{ وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم بماس معوا الذكر ويقولون انه لمجنون وما هو الا ذكر للعالمين } وليس فى الباب انفع من هذه الآية لدفع العين وعن عائشة رضى اللّه عنها ان النبي عليه السلام اذا أوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه فقرأ قل هو اللّه احد والمعوذتين فنفث فيهما ثم يمسح بهما ماس استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه يفعل ذللك ثلاث مرات وقد قيل ان ذلك امان من السحر والعين والهوام وسائر الامراض والجراحات والسنة لمن رأى شيئا فاعجبه فخاف عليه العين ان يقول ما شاء اللّه لا قوة الا باللّه ثم يبرك علهي تبريكا فيقول بارك اللّه فيك وعليك وذكر ان اعجب ما فى الدنيا ثلاثة.

البوم لا تظهر بالنهار خوف ان تصيبها العين لحسنها كما قال فى حياة الحيوان ولما تصور فى نفسها انها احسن الحيوان لم تظهر الا بالليل . والذانى الكركى لا يشبع من الماء خشية ان يفنى فيموت عطشا . ونظيره ان دودا بطبرستان يكون بالنهار من المثقال الى الثلاثة يضئ فى الليل كضوء الشمع ويطير بالنهار فيرى له اجنحة وهى خضراء ملساء لا جناحين له فى الحقيقة غذاؤه والتراب لم يشبع قط منه خوفا من ان يفنى تراب الارض فيهلك جوعا يقول الفقير ذلك الطائر وهذا الدود اشارة الى اهل الحرص والبخل من اهل الثروة فانهم لا يشبعون من الطعام بل من الخبز خوفا من نفاذ اموالهم مع كثرتها ونعوذ باللّه وقد التقطت الى هنا من انسان العيون وشرح المشارق لابن الملك وشرح الشرعة لابن السيد على انوار المشارق وشرح الطريقة لمحمد الكرديى والاشرار المحمدية ولغة المغرب وحياة الحيوان وشرح الحكم وحواشى ابن الشيخ وحواشى سعد المفتى

٦٨

{ لما دخلوا } [ آن هنكام كه در آمدند اولاد يعقوب ]

{ من حيث امرهم ابوهم } من الابواب المتفرقة فى البلد والجار والمجرور فى موضع الحال اى دخلوا متفرقين

{ ما كان يغنى عنهم } رأى يعقوب ودخولهم متفرقين

{ من اللّه } من جهته تعالى

{ من شئ } اى شيئا مما قصله عليهم والجملة جواب لما

{ الا حاجة فى نفس يعقوب قضيها } حاجة منصوبة بالالكونها بمعنى لكن وقضاها بمعنى اظهرها ووصى بها خبر لكن . والمعنى ان رأى يعقوب فى حق بنيه وهو ان يدخلوا من الابواب المتفرقة واتباع بنيه له فى ذلك الرأى ما كان يدفع عنهم شيئا مما قضاه اللّه عليهم ولكن يعقوب اظهر بذلك الرأى ما فى نفسه من الشفقة والاحتراز من ان يعانوا اي يصابول بالعين ووصى به اى لم يكن للتدبير فائدة سوى دفه الخاطر من غير اعتقاد ان للتدبير تأثيرا في تغيير التقرير

واما اصابة العين فانما لم تقع لكونها غير مقدرة عليهم لا لانها اندفعت بذلك مع كونها مقتضية عليهم : قال فى المثنوى

كرشود درات عالم حيلة بيج ... باقضاة آسمان هيجست هيج

هرجه آيدز آسمان سوى زمنين ... فى مقر دارد نه جاره نه كمين

{ وانه } اي يعقوب

{ لذو علم } جليل

{ لما علمناه } بالوحى ونصب الادلة وذلك قال

{ وما اغنى عنكم من اللّه من شئ } لان العين لو قدر ان تصيبهم اصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم وهم مجتمعون

{ ولكن اكثر الناس لا يعلمون } اسرار القدر ويزعمون ان يغنى الحذر

تذبير كند بنده وتدبير نداند ... تقدير خداوند يتدبير نماند

وفي التاويلات النجمية

{ ولكن } ارباب الصورة

{ لا يعلمون } ان ما يجري على خواص العباد انما هو بوحينا والهامنا وتعليمنا فهم يعلمون بما نامرهم ونحن نفعل ما نشاء بحكمتنا

٦٩

{ ولما دخلوا على يوسف } [ وآن وقت كه أمدند اولاد يعقوب بر يوسف بباركاه او رسيدند يوسف بر تخت نشسته بود ونقاب فرو كذاشته برسيدكه جه خواستيم وبعهد وبيمان لآورديم ] فقال لهم اسحنتم وستجدون ذلك عندى فاجلسوا فجلسوا على حاشية البساط فاكرمهم ثم اضافهم واجلسهم مثنى مثنى اى كل اثنين منهم على قصعة

وفي التبيان على خوان

قال الكاشفى [ يوسف فرمودكه هر برادر كه ازيك يدر ومادرند بريك خوان طعام خورند هردوكس بريك خوان بنشستد بنيامين تنها مانده بكريه درآمد وميكريست تابيهوش شد يوسف بفرمود تا كلاب بروى او زدند جون بهوش آمد برسيدكه اى جوان كنعانى تراجه شدكه بيهوش شدى كفت اى ملك حكم فرموديدكه هركس بابرادر اعيانى طعام خورد مرا برادرى ازمادر وبدر كه يوسف نام داشت بياد آمد باخوذ كفتم لو كان اخى يوسف حيا لاجلسنى معه ازشوق اين حال بى طاقت شدم سيب كريه وبيهوشئ من ابن لود كفت بياتا من برادر توباشم وباتوبريك خوان نشيئم بس بفرمود تا خوان وبرابر اشتتد ودربس برده أوردند واورانيز طليبده وبدين بهانه ]

{ اوى اليه } فى الطعام

{ اخاه } بنيامين وكذا فى المنزل والميت وانزل كل اثنين منهم بيتا ثم قال له هل تزوجت قال نعم ولى عشرة بنين اشتققت اسماءهم من اسم اخ لى هلك

وفى القصص وزقت ثلاثة اولاد ذكور قال فما اسماؤهم قال اسم احدهم ذئب فقال له يوسف انت ابن نبى فكيف تسمى ولدك لاسماء الوحوش فقال ان اخوتى لما زعموا ان اخى اكله الذئب سميت ابنى ذئبا حتى اذا سحت به ذكرت اخى فابكى فبكى يوسف وقال ما اسم الآخر قال دم ولم سميت بهذا الاسم فقال اخوتى جاؤوا بقنيص اخى متضمخا بالدم فسميته بذلك حتى اذا صحت به ذكرت اخى يوسف فابكى فبكى يوسف وقال ما اسم الثالث قال يوسف سيمت به حتى اذا اراه بهذا الحزن فكيف يكون حال الشيخ يعقوب اللهم اجمع بينى وبينه قب فراق الدنيا ثم ثال له اتحب ان اكون الخاك بدل اخيك الهالك قال من يجد اخا مثلك ولكن لم يدلك يعقوب ولاراحيل فبكى يوسف وقام اليه وعانقه وتعرف اليه وعند ذلك

{ قال اني انا اخوك } يوسف

قال الكاشفى [ يوسف نقاب بسته دست بطعام كردجون بنيامين را نظر بردست يوسف افتاد بكريست يوسف اورا برسيدكه اين جه كريه است كفت اى ملك جه مانندست دست توبدست برادرم يوسف كه اين كلمه راشنيد طاقتش تماند نقاب ازجهره برادشت وبنيامين راكفت منم برادرتو ]

وفى القصص جعل بنيامين يأكل ويغص باكله ويطيل النظر غلى يوسف فقال له يوسف اراك تطيب النظر على فقال ان اخى الذى اكله الذئب يشبهك فقال له يوسف أنا اخوك

{ فلا تبتئس } فلا تحزن

قال فى تهذيب المصادر [ الابتئاس : اندو هكين شدن ]

{ بما كانوا يعملون } بنا فيما مضى فان اللّه قد احسن غلينا وجمعنا بخير وامره ان لا يخبرهم بل يخفى الحال عنهم.

وفيه تنبيه على ان اخفاء المرام وكتمه مما يستحب فى بعض المكان ويعين على تحصيل المقاصد ولذلك ورد فى الاثر ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ) وايضا فى الضيافة المذكورة اشارة الى ان الطعام الطعام من سنن الانبياء العظام كان ابراهيم عليه السلام مضيافا لا يأكل طعاما بلا ضيف

وعن جابر رضى اللّه عنه قال كنا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال ( ألا احدثكم بغرف الجنة ) قلنا بلى يا رسول اللّه بابينا وامنا قال ( ان فى الجنة غرفا من اصناف الجواهر يرى ظاهرها من باطنها من ظاهرها وفيها من النعيم واللذات والسرور ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) قال قلت لمن هذه الغرف يا رسول اللّه ( لمن افشى السرم واطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام )

ثم ان فى قوله

{ فلا تبتئس بما كانوا يعملون } اشارة الى ان اللّه تعالى لا يهدى كيد الحادسين بل النصر الآلهى والتأييد الرباني مع القوم الصالحين ولذلك قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم لصاحبه فى الغار ( لا تحزن ان اللّه معنا ) لا ترى الى ما فعل اولاد يعقوب فى حق يوسف واخيه من الحسد والاذى فما وصلوا الى ما املوا بل اللّه تعالى جمع بينهما الا الاخوين ولو بعد حيم وكذا بين يعقوب ويوسف

٧٠

{ فلها جهزهم بجهازهم } الجهاز المتاع وهو كل ما ينتفع به اى كال كيلهم واعطى كل واحد منهم حمل بعير واصلحهم بعدتهم وهى الزاد في السفر

وفى القصص قال يوسف لاخوته أتحبون سرعة الرجوع الى أبيكم قالوا نعم فامر الكيال بكيل الطعام وقال له زدهم وقر بعير ثم جهزهم باحسن جهاز وامرهم بالمسير - روى - ان يوسف لما تعرف الى اخيه بنيامين [ از هوش برفت وباخوذ آمده دست دركردن يوسف اغكند وبزيان حال كفت

اين كه مى بينم بيداريست يارب يابخواب ... خويشتين رادرجنين راحت بس ازجندين عذاب

آنكه دست در دامن زد ] قائلا له فانا لا افارقك قال يوسف قد علمت اغتمام والدى بى فاذا حبستك ازداد غمه ولا سبيل الى ذلك الا ان اشهرك بامر فظيع قال لا ابالي فافعل ما بدالك قال ادس صاعى في رحلك ثم انادى عليك بانك سرقه ليتهيأ لى ردك بعد تسريحك معهم قال افعل فلما جهزهم بجهازهم

{ جعل السقاية } هى مشربة بكسر الميم اى اناء يشرب منه جعلت صواعا يكال به وكانت من فضة وكان الشرب فى اناء الفضة مباحا في الشريعة الاولى او من بلور لو زمردة خضراء لو ياقوتة حمراء تساوى مائتى الف دينار ويشرب يوسف منها وقال في الكواشى كانت من ذهب مرصعة بالجواهر كال بها لاخوته اكراما لهم

وقال الكاشفى [ ملك ازان آل خوردى دوين وقت بجهت عزت ونفاست طعام آنرا بيمانة ساخنة بود ]

{ فى رحل اخيه } بنيامين ولما تنفصلوا عن مصر نحو الشام ارسل يوسف من الستوقفهم فوقفوا

{ ثم اذن مؤذن } اى نادى مناد من فتيان يوسف واسمه افراييم

{ ايتها العير } [ اى كاروانيان ] وهى الابل التى عليها الاحمال لانها تعير اى تذهب وتجتئ والمراد اصحاب الابل

{ انكم لسارقون }

قال بعضهم هذا الخطاب بامر يوسف فلعله اراد بالسرقة اخذهم له من ابيه ودخول بنيامين فيه يطريق التغليب وهو من قبيل المبالغة فى التشبيه اى اخذتم يوسف من ابيه على وجه الخيانة كالسراق وقد صار التعريض والتورية من الانبياء عليهم السلام - روى - ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما نزل قريبا من بدر ركب هو وابو بكر حتى وقفا على شيخ من العرب يقال له سفيان فسأله عليه السلام عن قريش وعن محمد واصحابه وما بلغه عنهم فقال لا اخبركما حتى تخيراني من انتما فقال له عليه السلام اذا اخبرتنا اخبرناك فاخبر الشيخ حسبما بلغه خبرهم فلم ا فرغ قال من انتما فقال عليه السلام ( نحن من ماء دافق ) واوهم انه من ماء العراق ففيه تورية واضيف الماء الى العراق لكثرته به - وروى - ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما خرج من الغار وتوجه الى المدينة كان ابو بكر رضى اللّه عنه رديفا له واذا سأله اى ابا بكر سصائل من هذا الذى معك يقول هذا الرجل يهدينى الطريق يعنى طريق الخير كذا فى انسان العيون

قال فى حواشى سعدى المفتى الكذب اذا تضمن مصلحة يرخص فيه [ دروغ مصلحت آميز به رزراست فتنه انكيز ] وقال بعضهم هذا الخطاب من قبل المؤذن بناء على زعمه وذلك ان يوسف وضع الشقاية بنفسه فى رحل اخيه واخفى الامر عن الكل او امر بذلك بعض خواصه

قال فى القصص انه ابنه وامره باخفاء ذلك عن الكل ثم ان اصحاب يوسف لما طلبوا السقاية وما وجدوها وما كان احد غير الذين ارتحلوا غلب على ظنهم انهم هم الذين اخذوها فنادى المنادى من بينهم على حسب ظنه انكم لسارقون

٧١

{ قالوا } اى الاخوة

{ واقبلوا عليهم } جملة حالية من قالوا بها للدلالة على ازعاجهم مما سمعوه لما بينته لحالهم اى وقد اقبلوا على طالبى السقاية

{ ماذا تفقدون } اى تعدمون تقول فقدت الشئ اذا عدمته بان ضل عنك لا بفعلك والمأل ما الذي ذاع منكم

٧٢

{ قالوا } فى جوابهم

{ نفقد صواع المل } وصيغة المضارع فى كلا المحلين لاستحضار الصورة ثم قالوا تربية لما تلقوه من قبلهم واراءة لاعتقاد انه انما بقى فى رحلهم اتفاقا

{ ولمن جاء به } من عند نفسه مظهرا له من قبل التفتيش

وفى البحر ولمن دل على سارقه وفضحه

{ حمل بعير } من البر جعلا له

{ وانا به زعيم } كفيل أؤديه الى من جاء به ورده لان الملك يتهمنى فى ذلك وهو قول المؤذن

فى التأويلات النجمية فيه اشرة الى ان من يكون مستأهلا لحمل البعير الذى هو علف الدواب متى يكون مستحقا لمشربة هى من مشارب الملوك

٧٣

{ قالوا تاللّه لقد علمتم ما جئنا فى الارض } قسم فيه معنى العجب مما اضيف اليهم والجمهور على ان التاء بدل من الواو مختصة باسم اللّه تعالى . والمعنى ما اعجب حالكم انتم تعلمون علما جليا من ديانتنا وفرط امانتنا اننا بريئون مما تنسبون الينا فكيف تقولون لنا انكم لسارقون . وقوله لنفسد اى لنسرق فانه من اعظم انواع الفساد

{ وما كنا سارقين } اى ما كنا نوصف بالسرقة فقط وانما حكموا بعلمهم ذلك لان العلم بحوالهم الشاهدة يستلزم العلم باحوالهم الغائبة

٧٤

{ قالوا } اى اصحاب يوسف

{ فما جزاؤه } على حذف المضاف اى فما جزاء سرقة الصواع عندكم وفى شريعتكم

{ ان كنتم كاذبين } في جحودكم ونفى كون الصواع فيكم

٧٥

{ قالوا جزاؤه من وجد } اى اخذ من وجد الصواع

{ فى رحله } واسترقاقه وكان حكم السارق فى شرع يعقوب ان يسترق سنة بدل القطع فى شريعتنا

{ فهو جزاؤه } تقرير لذلك الحكم اى فاخذه جزاؤه

{ كذلك } اى مثل ذلك الجزاء الادنى

{ نجزى الظالمين } بالسرقة تأكيد للحكم المذكور غب تأكيد وبيان بقبح السرقة ولقد فعلوا ذلك ثقة بكمال براءتهم منها وهم عمل فعل بهم غافلون

٧٦

{ فبدأ } يوسف بعد ما رجعوا اليه التفتيش

{ باوعيتهم } باوعية الاخوة العشرة اى بتفتيشها

{ قبل } تفتيش

{ وعاء اخيه} بنيامين لنفى التهمة -روى- ان اصحاب يوسف قالوا انيخوا نفتش رجالكم فاناخوا واثقين ببراءتهم ففتشوا رحل الاخ الاكبر ثم الذى يليه ثم وثم الى ان بلغت النوبة الى رحل بنيامين فقال يوسف ما اظن اخذ هذا شيأ فقالوا واللّه لا نتركه حتى ننظر فى رحله فانه اطيب لنفسك وانفسنا فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه وذلك قوله

{ ثم استخرجها } اى الصواع لانه يذكر ويؤنث

{ من وعاء اخيه } فلما وجد الصاع مدسوسا فى رحل بنيامين واستخرج منه نكسوا رؤسهم وانقطعت ألسنتهم فاخذوا بنيامين مع ما معه من الصواع وردوه الى يوسف واخذوا يستمونه بالعبرانية وقالوا له يا لص ما حملك على سرقة صاع الملك ولا يزال ينالنا منك بلاء كما لقينا من ابن راحيل فقال بنيامين بل ما لقى ابنا راحيل البلاء الا منكم فاما يوسف فقد عملتم به ما فعلتم

واما انا فسرّقتمونى اى نسبتمونى الى السرقة قالوا فمن جعل الاناء فى متاعك أليس قد خرج من رحلك قال ان كنتم سرقتم بضاعتكم الاولى وجعلتموها فى رحالكم فكذلك انا سرقت الصاع وجعلته فى رحلى فقال روبيل واللّه لقد صدق واراد بنيامين ان يخبرهم بخبر يوسف فذكر وصيته له فسكت

{ كذلك } نصب على المصدرية والكاف مقحمة للدلالة على فخامة المشار اليه وكذا ما فى ذلك من معنى البعد اى مثل ذلك الكيد العجيب وهو عبارة عن ارشاد الاخوة الى الافتاء المذكور باجرائه على ألسنتهم وبحملهم عليه بواسطة المستفتين من حيث لم يحتسبوا فمعنى قوله تعالى

{ كدنا ليوسف } ضعنا له ودبرنا لاجل تحصيل غرضه من المقدمات التى رتبها من دس الصواع وما يتلوه فاللام ليست كما فى قوله

{ فيكيدوا لك كيدا } فانها داخلة على المتضرر على ما هو الاستعمال الشائع . والكيد فى الاصل عبارة عن المكر والخديعة وهو ان توهم غيرك خلاف ما تخفيه

{ ما كان } يوسف

{ ليأخذ اخاه فى دين الملك } استئناف وتعليل لذلك الكيد وصنعه كانه قيل لماذا فعل يوسف ذك فقيل لانه لم يكم ليأخذ اخاه بما فعل فى دين ملك مصر فى امر السارق اى فى حكمه وقضائه الا به لان جزاء السارق فى دينه انما كان ضربه وتغريمه ضعف ما اخذ دون الاسترقاق والاستعباد كما هو فى شريعة يعقوب فلم يتمكن بما صنعه من اخذ اخيه بالسرقة التى نسبها اليه فى حال من الاحوال

{الا ان يشاء اللّه } اى الا حال مشيئته التى هى عبارة عن ارادته لذلك الكيد والا حال مشيئته للاخذ بذلك الوجه

قال الكواشى لولا شريعة ابيه لما تمكن من اخذ اخيه انتهى

قال فى بحر العلوم وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التى يتوصل بها الى مصالح ومنافع دينية كقوله لايوب

{ وخذ بيدك ضغثا } ليتخلص من جلدها ولا يحنث وكقول ابراهيم

{ هى اختى } لتسلم من يد الكافر وما الشرائع كلها الا مصالح وطرق الى التخلص من الوقوع فى المفاسد وقد علم اللّه فى هذه الحيلة التى لقنها يوسف مصالح عظيمة فجعلها سلما وذريعة اليها فكانت حسنة جميلة وانزاحت عنها وجوه القبح

{ نرفع درجات } اى رتبا كثيرة عالية من العلم وانتصابها على المصدرية او الظرفية او على نزع الخافض اى الى درجات والمفعول قوله تعالى

{ من نشاء } اى نشاء رفعه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه لمصلحة كما رفعنا يوسف

{ وفوق كل ذى علم } من الخلق

{ عليم } ارفع درحة منه فى العلم يعنى ليس من عالم الا وفوقه اعلم منه حتى ينتهى العلم الى اللّه تعالى

دست شد بالاى دست اين تاكجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى

كان يكى درياست بى غور وكران ... جمله درياها جوسيلى بيش آن

وعن محمد بن كعب ان رجلا سال عليا رضى اللّه عنه عن مسالة فقال فيها قولا فقال الرجل ليس هو كذا ولكنه كذا وكذا فقال على اصبت واخطأت وفوق كل ذ علم عليم

وفى التأويلات النجمية

{ نرفع درجات من نشاء } من عبادنا ان نؤتيه على الصعود من حضيض البشرية الى ذروة العبودية بتوفيق الربوبية

{ وفوق كل ذى علم } آتيناه علم الصعود

{ عليم } يجذبه من المصعد الذى يصعد اليه بالعلم المخلوق الى مصعد لا يصعد اليه الا بالعلم القديم وهو السير فى اللّه باللّه الى اللّه وهذا صواع يسعه اوعية الانسانية انتهى كلام التأويلات

٧٧

{ قالوا } ان الصواع لما خرج من رحل بنيامين افتضح الاخوة ونكسوا رؤسهم حياء فقالوا تبرئة لساحتهم

{ ان يسرق } بنيامين فلا عجب

{ فقد سرق اخ له من قبل } يريدون به يوسف

واختلف فيما اضافوا الى يوسف من السرقة فقيل كان اخذ فى صباه صنما كان لجده ابى امه لانه كان يعبد الاصنام بحران وهى بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء قرية فى جانب دمشق فقالت راحيل لابنها يوسف خذ الصنم واكسره لعله يترك عباجة الصنم فاخذه يوسف وكسره والقاه بين الجيف فى الطريق وهو الاصح لما ذكر فى الفردوس ان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( سرق يوسف صنما لجده ابى امه من فضة وذهب فكسره والقاه على الطريق ) وعيره اخوته بذلك

وفيه اشارة الى ان الانسان الكامل قابل لتهمة الشرقة فى بدء الامر وهى الاستراق من الشهوات الدنيوية النفسانية ويخلص فى النهاية للامور الاخروية الروحانية فبين اول الامر وآخره فرق كثير

وقيل كانت للابراهيم منطقة يتوارثها اكابر ولده فورثها اسحاق ثم وقعت الى ابنته وكانت اكبر اولاده فحضنت يوسف وهى عمته بعد وفاة امه راحيل وكانت تحبه حبا شديدا بحيث لا تصبر عنه فلما اراد يعقوب ان ينزعه منها فاحتالت بان شدت المنطقة على وسط يوسف تحت ثيابه وهو نائم وقالت فقدت منطقة اسحاق فانظروا من اخذها ففتشوا فوجدوها مشدودة على يوسف تحت ثيابه فقالت انه سرقها منى فكان سلما لى وكان حكمهم انه من سرق يسترق فتوسلت بهذه الحيلة الى امساكه عند نفسها فتركه يعقوب عندها الى ان ماتت

{ فاسرها يوسف } اى اكن الحزازة الحاصلة مما قالوا والحزاز وجع فى القلب من غيظ ونحوه كما فى القاموس

وقال فى الكواشى فاسرها اى كلمتهم انه سرق

{ فى نفسه } لا انه اسرها فى بعض اصحابه كما فى قوله

{ واسررت لهم اسرارا } { ولم يبدها لهم } اى لم يظهرها لهم لا قولا ولا فعلا صفحا عنهم وحلما كأنه قيل فماذا قال فى نفسه عند تضاعيفه ذلك الاسرار فقيل

{ قال انتم شر مكانا } اى منزلة حيث سرقتم اخاكم من ابيكم ثم طفقتم تقترون على البريئ

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما عوقب يوسف بثلاث حيث همّ بزليخا فسجن وحيث قال اذكرنى عند ربك فلبث فى السجن بضع سنين وحين قال انكم لسارقون فردوا عليه وقالوا فقد سرق اخ له من قبل

{ واللّه اعلم بما تصفون } اى عالم علما بالغا الى اقصى المراتب بان الامر ليس كما تصفون من صدور السرقة بل منا انما هو افتراء علينا فالصيغة لمجرد المبالغة لا لتفضيل علمه على علمهم كيف لا وليس بذلك من علم

وفى البحر اعلم بما تصفون منكم لانه عالم بحقائق الامور وكيف كانت سرقة اخيه الذى احلتم سرقته عليه انتهى

فاعلم على ما قرره على معناه التفضيلى فان قيل لم يكن فيهم علم والتفضيل يقتضى الشركة فقلنا يكفى الشركة بحسب زعمهم فانهم كانوا يدعون العلم لانفسهم الا يرى الى قولهم فقد سرق اخ له من قبل على سبيل الجزم كما فى الحواشى السعدية -روى- انهم كلموا العزيز فى اطلاق بنيامين فقال روبيل ايها الملك لتردنّ الينا اخانا اولا صيحة تضع منها الحوامل فى مصر وقامت شعور جسده فخرجت من ثيابه وكان بنوا يعقوب اذا غضبوا لا يطاقون خلا انه اذا مس من غضب واحد منهم سكن غضبه فقال يوسف لابنه قم الى جنبه فمسه ويروى خذ بيده فمسه فسكن غضبه فقال روبيل ان هنا لبذرا من بذر يعقوب وروى انه غضب ثانيا فقام اليه يوسف فركضه برجله واخذ بتلابيبه فوقع على الارض فقال انتم معشر العبرانيين تطنون ان لا احد اشد منكم

خدايى كه بالا وبست آفريد ... زبردست هردست دست آفريد

قال السعدى

كرجه شاطر بودخروس بجنك ... جه زند بيش باز رويين جنك

كربه شيرست در كرفتن موش ... ليك موشست در مصاف بلنك

ولما رأوا ان لا سبيل لهم الى تخليصه خضعوا حيث

٧٨

{ قالوا } مستعطفين

{ يا ايها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا } فى السن لا يكاد يستطيع فراقه [ وبعد از هلاك بسرخود يوسف بدو انس والفت دارد ]

{ فخذ احدنا مكانه } بدله على وجه الاسترهان او الاستراق فلسنا عنده بمنزلته من المحبة والشفقة

{ انا نريك من المحسنين } الينا فى الكيل والضيافة فاتمم احسانك بهذه النعمة

٧٩

{ قال } يوسف

{ معاذ اللّه } من اضافة المصدر الى المفعول به اى نعوذ باللّه معاذا من

{ ان ناخذ الا من وجدنا متاعنا عنده } غير من وجد الصواع فى رحله لان اخذنا له انما هو بقضية فتواكم فليس لنا الاخلال بموجبها

{ انا اذا } اى اذا اخذنا غير من وجد متاعنا عنده ولو برضاه

{ لظالمون } فى مذهبكم ومالنا ذلك

قال فى بحر العبوم واذا جواب لهم وجزاء لان المعنى ان اخذنا بدله ظلمنا هذه زاهره

واما باطنه فهو ان اللّه امرنى بالوحى ان آخذ بنيامين لمصالح علمها اللّه فى ذلك فلو اخذت غيره لكنت ظالما وعاملا بخلاف الوحى

وفيه اشارة الى ان العمل بخلاف الالهام ايضا ظلم لان كل وارد يرد من اللّه تعالى لا بد ان يعمل به النبى والولى ويضعه فى المحل الذى عينه فالانبياء والاولياء منتظرون لامر اللّه فى كل حادثة فما لم يأمروا به ولم يخبروا لا يصدقونه ولا يتبعونه

وكان لسرى تلميذة ولها ولد عند المعلم فبعث به المعلم الى الرحى فنزل الصبى فى الماء فغرق فاعلم المعلم سريا بذلك فقال السرى قوموا بنا الى امه فمضوا اليها وتكلم السرى عليها فى علم الصبر ثم تكلم فى علم الرضى فقال يا استاذ وأى شيء تريد بها فقال لها ان ابنك قد غرق فقال نعم قالت ان اللّه تعالى ما فعل هذا ثم عاد السرى فى كلامه فى الصبر والرضى فقالت قوموا بنا فقاموا معها حتى انتهوا الى النهر فقالت اين غرق قالوا ههنا فصاحت ابنى محمد فاجابها لبيك يا اماه فنزلت واخذت بيده فمضت به الى منزلها فالتف السرى الاى الجنيد وق أى شيء هذا فقال اقول قال قل قال ان المرأة مراعية لما عليها وحكم من كان مراعيا لما لله عليه ان لا تحدث حادثة حتى يعلم بها فلما تكن تعلم هذه الحادثة انكرت فقالت ان ربى ما فعل هذا

ثم ان الظلم على انواع فالحكم بغير ما حكم اللّه به ظلم وطلب الظلم ظلم والصحبة بغير المجانس ظلم زمن ابتلى بالظلم وسائر الاوزار فعليه التدارك بالتوبة والاستغفار

قال سهل اذا احب اللّه عبدا جعل ذنبه عظيما وفى نفسه وفتح له بابا من التوبة الى رياض انسه واذا غضب على عبد جعل ذنبه صغيرا فى عينيه فكلما ادبه لا يتعظ نسال اللّه التوبة

٨٠

{ فلما استيأسوا منه } يئسوا غاية اليأس بدلالة صيغة الاستفعال

قال الكاشفى [ بس آن وقت كه نوميد شدند از يوسف ودانستند كه برادررا بديشان نمى دهد ]

{ خلصوا } اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم غيرهم

{ نجيا } متناجين فى تدابير امرهم على أى صفة يذهبون وماذا يقولون لابيهم فى شان اخيهم

قال فى الكواشى جماعة يتناجون سرا لان النجى من تساره وهو مصدر يعم الواحد والجمع والذكر والانثى

{ قال كبيرهم } فى السن وهو روبيل او فى العقل وهو يهودا او رئيسهم وهو شمعون وكانت له الرياسة على اخوته كأنهم اجمعوا عند التناجى على الانقلاب جملة ولم يرض فقال منكرا عليهم

{ ألم تعلموا } اى قد علمتم يقينا

{ ان اباكم قد اخذ عليكم موثقا من اللّه } عهدا وثيقا وهو حلفهم باللّه وكرنه من اللّه لاذن فيه

وقال الكاشفى [ وشما سوكند خوريد بمحمد آخر زمان كه درشان وى غدر نكنيدا اكنون اين صورت واقع شد ]

{ ومن قبل } اى من قبل هذا وهو متعلق بالفعل الآتى

{ ما } مزيدة

{ فرطتم فى يوسف } اى قصرتم فى شأنه ولم تحفظوا عهد ابيكم وقد قلتم وانا لناصحون وانا له لحافظون فنحن متهمون بواقعة يوسف فليس لنا مخلص من هذه الورطة

{فلن ابرح الارض } ضمن معنى المفارقة فعدى الى المفعول اى لن افارق ارض مصر ذاهبا منها فلن ابرح تامة لا ناقصة لان الارض لا تحمل على المتكلم

{ حتى يأذن لى ابى } فى العود اليه وكأن ايمانهم كانت معقودة على عدم الرجوع بغير اذن يعقوب

{ او يحك اللّه لى } بالخروج منها على وجه لا يؤدى الى نقض الميثاق او بخلاص اخى بسبب من الاسباب

{ وهو خير الحاكمين } اذ لا يحكم الا بالحق والعدل

قال الكاشفى [ وميل ومداهنه درحكم او نيست ]

٨١

{ ارجعوا } انتم

{ الى ابيكم فقولوا يا ابانا ان ابنك سرق } على ظاهر الحال

{ وما شهدنا } عليه بالسرقة

{ الا بما علمنا } وشاهدنا ان الصواع استخرج من وعائه

{ وما كنا للغيب } اى باطن الحال

{ حافظين } فما ندرى أحقيقة الامر كما شاهدنا ام هى بخلافه : يعنى [ بظاهر دزدى اوديدم اما از نفس الامر خبر نداريم كه بروتهمت كردند وصاع را درباراو نهادند ياخود مباشر اين امر بوده ] ثم انهم لما كانوا متهمين سبب واقعة يوسف امرهم كبيرهم بان يبالغوا فى ازالة التهمة عن انفسهم

٨٢

ويقولوا

{ واسأل القرية التى كنا فيها } اى وقولوا لابيكم ارسل الى اهل مصر واسالهم عن كنه القصة لتبين لك صدقنا

{ والعير التى اقبلنا فيها } العير الابل التى عليها الاحمال اى اصحاب العير التى توجهنا فيهم وكنا معهم وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب

{ وانا لصادقون } ثم رجع كبيرهم فدخل على يوسف فقال له لم رجعت قال انك اتخذت اخى رهينة فخذنى فجعله عند اخيه واحين اليهما كأنه قيل فماذا كان عند قول المتوقف لاخوته ما قال

٨٣

فقيل

{ قال } يعقوب عندما رجعوا اليه فقالوا له ما قاله لهم اخوهم

{ بل } اضراب عما يتضمن كلامهم من ادعاء البراءة من التسبب فيما نزل به وانه لم يصدر منهم ما يؤدى الى ذلك من قول او فعل كأنه قيل لم يكن الامر كذلك بل وانه لم يصدر منهم ما يؤدى الى ذلك من قول او فعل كأنه قيل لم يكن الامر كذلم بل

{ سولت لكم } زينت وسهلت

{ انفسكم امرا } من الامور اردتموه ففعلتموه وهو فتواكم ان جزاء السارق ان ؤخذ ويسترق والا فما ادرى الملك ولولا فتواكم وتعلمكم لما حكم الملك بذلك ظن يعقوب عليه السلام سوأ بهم كما كان فى قصة يزسف قبل فاتفق ان صدق ظنه هناك ولم يتحقق هنا

قال السعدى [ دروغ كفتن بضربت لازب ماند كه اكر نيز جراحت درست شود نششان بماند جون برادران يوسف بدروغى موسوم شدند بر راست كفتن ايشان نيز اعتماد نماند ] قال اللّه تعالى

{ بل سولت لكم } الآية

كسى را كه عادت بزد راستى ... خطا كر دند در كذارند ازو

وكر نامور شد بناراستى ... دكر راست باور ندارند ازو

{ فصبر جميل } اى فامرى صبر جميل وهوان لا يكون فيه شكوى الى الخلق

وعن ابى الحسن قال خرجت حاجا الى بيت اللّه الحرام فبينا انا اطوف واذا بامرأة قد اضاء حسن وجهها فقلت واللّه ما رأيت الى اليوم قط نضارة وحسنا مثل هذه المرأة وماذ ذاك الا لقلة الهم والحزن فسمعت ذلك القول منى فقالت كيف قلت يا هذا الرجل واللّه انى لوثيقة بالاحزان مكلومة الفؤاد بالهموم والاشجان ما يشركنى فيها احد فقلت وكيف ذلك قال ذبح زوجى شاه ضحينا بها ولى ولدان صغيران يلعبان وعلى يدى طفل يرضع فقمت لاصنع لها طعاما اذ قال ابنى الكبير للصغير ألا اريك كيف صنع ابى بالشاة قال بلى فاضطجعه وذبحه وخرج هاربا نحو الجبل فاكله ذئب فانطلق ابوه فى طلبه فادركه العطش فمات فوضعت الطفل وخجرت الى الباب انظر ما فعل ابوهم فدب الطفل الى البرمة وهى على النار فالقى يده فيها وصبها الى نفسه وهى تغلى فانتشر لحمه من عظمه فبلغ ذلك ابنة لى كانت عند زوجها فرمت بنفسها الى الارض فوافقت اجلها فافردنى الدهر من بينهم فقلت لها فكيف صبرك على هذه المصائب العظيمة فقالت ما من احد ميز الصبر والجزع الا وجد بينهما منهاجا متفاوتا فاما الصبر بحسن العلانية فمحمود العاقبة

واما الجزع فصاحبه غير معوض ثم اعرضت وهى تنشدنى

صبرت وكان الصبر غير معول ... وهل جزع يجدى علىّ فاجزع

صبرت على ما لو تحمل بعضه ... جبال غرور أصبحت تتصدع

ملكت دموع العين حتى رددتها ... الى ناظرى فالعين فى القلب تدمع

{ عسى اللّه ان ياتينى بهم جميعا } [ شايدكه خداى تعالى آورد همه ايشانرا بمن ] اى بيوسف واخيه والمتوقف بمصر فانهم حين ذهبوا الى البادية اول مرة كانوا اثنى عشر فضاع يوسف وبقى احد عشر ولما ارسلهم الى مصر فى الكرة الثانية عادوا تسعة لان بنيامين حبسه يوسف واحتبس ذلك الكبير الذى قال فلن اربح الارض فلما بلغ الغائبون ثلاثة لاجرام اورد صيغة الجمع

{ انه هو العليم } بحال فى الحزن والاسف

{ الحكيم } الذى لم يبتلنى الا لحكمة بالغة

واعلم ان البلاء على ثلاثة اضرب . منها تعجيل عقوبة للعبد . ومنها امتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه . ومنها كرامة ليزداد عنده قربة وكرامة .

واما تعجيل العقوبة فمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذى هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله

{ اذكرتى عند ربك فاسناه الشطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين } ومثل ما نزل بيعقوب كما قال وهب اوحى اللّه الى يعقوب أتدرى لما عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة قال لا الهى قال لانك شويت عناقا وقترت على جارك واكلت ولم تطعمه -وروى- ان سبب ابتلاء يعقوب انه ذبح عجلا بين يديه امه وهو يخور

وقيل اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت -وروى- انه اوحى اليه انما وجدت عليكم لانكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه منها شيأ .

واما الامتحان فمثل ما نزل بايوب عليه السلام قال تعالى

{ انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب }

واما الكرامة فمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطئية قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى اسرائيل وفى الكل عظم الاجر والثواب بالصبر وعدم الاضطراب

وقام بعضهم ليقضى ورده من الليل فاصابه من شدته فجازت عليه سنة فقال له قائل ما جزاء ان انمناهم واقمناك الا ان تبكى علينا فانتبه واستغفر

قال ابو القاسم القشيرى سمعت الاستاذ ابا على الدقاق يقول فى آخر عمره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله وهو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى امضاء الاحكام قطعة قطعة وانت ساكن خامد : قال الحافظ

عاشقانرا كردر آتش مى بسندد لطف يار ... تنك جشم كرد نظر جشمه كوثركنم

٨٤

{ وتولى عنهم } ارعض يعقوب عنهم كراهة لما سمع منهم

قال الكاشفى [ بس يعقوب ازغايت ملال توجه به بيت الاحزان فرمود ] قال الجامى

رواى همدم تودر زم طرب بادوستان خوش زى ... مرا بكذار تاتنها درين بيت الحزن ميرم

{ وقال يا اسفى على يوسف } الاسف اشد الحزن والحسرة واصله يا اسفى باضافة الاسف الى ياء المتكلم فقلبت الياء الفا طلبا للتخفيف لان الفتحة والالف اخف من الكسرة والياء نادى اسفه وقال يا اسفا تعالى واحضر فهذا اوانك : قال الجامى

كرجو يوسف زما شوى غائب ... همجو يعقوب ما ويا أسفا

وقال الحافظ

يوسف عزيزم رفعت اى برادران رحمى ... كز غمش عجب ديدم حال بير كنعانى

وانما تأسف على يوسف مع ان الحادث مصيبة اخويه بنيامين والمحتبس والحادث اشد على النفس دلالة به على تمادى اسفه على يوسف وان زرأه ا مصيبته مع تقادم عهده كان غضا عنده طريا ولان زرأ يوسف كان قاعدة المصيبات ولانه كان واثقا بحياتهما عالما بمكانهما طامعا فى ايابهما

واما يوسف فلم يكن فى شأنه ما يحرك سلسلة رجائه سوى رحمة اللّه وفضله وفى الحديث ( لم تعط امة من الامم انا لله وانا اليه راجعون عند المصيبة الا امة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) الا يرى الى يعقوب حين اصابه ما اصابه لم يسترجع بل قال يا اسفا على يوسف

وعن ابى ميسرة قال لو ان اللّه ادخلنى الجنة لعاتبت يوسف بما فعل بابيه حيث لم يكتب كتابا ولم يعلم حاله ليسكن ما به من الغم انتهى

يقول الفقير هذا كلام ظاهرى وذهول عما سيأتى من الخبر الصحيح ان هذا كان بمر جبرائيل عن امر اللّه تعالى والا فكيف يتصور من الانبياء قطع الرحم وقد كان بين مصر وكنعان ثمانى مراحل

{ وابيضت عيناه من الحزن } الموجب للبكاء فان العبرة اذا كثرت محقت سواد العين وقلبته الى بياض وقد تعميها كما اخبر عن شعيب عليه السلام فانه بكى من حب اللّه تعالى حتى عمر فرد اللّه عله بصره وكذابكى يعقوب حتى عمى وهو الاصح لقوله تعالى

{ فارتد بصيرا } قال الكمال الخجندى

زكريه برسر مردم يقين كه خانه جشم ... فرو رود شب هجران وبس كه بارانست

-روى- انه ماجفت عينا يعقوب من يوم فراق يوسف الى حين لقائه ثمانين سنة وما على وجه الارض اكرم على اللّه من يعقوب

فان قلت لم ذهب بصر يعقوب بفراقه واشتياقه الى يوسف

قلت لئلا يزيد حزنه النظر الى اولاده ولسر شهود الجمال لما ورد فى الخبر النبوى يرويه عن جبريل عن ربه قال ( يا جبريل ما جزاء من سبت كريمتيه ) يعنى عينيه قال ( سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال تعالى جزاؤه الخلود فى دارى والنظر الى وجهى وفى الخبر اول من ينظر الى وجه الر بتعالى الاعمى )

قال بعض الكبار اورث ذلك العمى بذهاب بصره النظر الى الجمال اليوسفى الذى هو مظهر من مظاهر الجمال المطلق لان الحق تعالى تجلى بنور الجمال فى الكجلى اليوسفى فاحبه ابوه وابتلى بحبه اهل مصر من وراء الحجاب

وفيه اشارة الى انه ما لم يفن العارفين العين الكونى الشهادى لا يصل الى شهود الجمال المطلق

هر محنتى مقدمة راحتى بود ... شد همزبان حق جو زبان كليم سوخت

فالعارف يشاهد الجمال المطلق بعين السر فى مصر الوجود الانسانى وينقاد له القوى والحواس جميعا

واستدل بالآية على جواز التاسف والبكاء عند النوائب فان الكف عن ذلك مما لا يدخل تحت التكليف فانه ان قل من يملك نفسه عند الشدائد

قال انس رضى اللّه عنه دخلنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ابى سيف القين وكان ظئرا لابراهيم ولده عليه السلام فاخذ رسول اللّه ارباهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وابراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول اللّه تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وانت يا رسول اللّه قال ( يا ابن عوف انها رحمة ) ثم اتبعها اخرى اى دمعة اخرى فقال ( ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربنا ون بفراقك يا ابراهيم لمحزنون )

قال فى الروضة وابراهيم نبى النبى عليه السلام مات فى المدينة وهو ابن ثمانية عشر شهرا انتهى

وانما الذى لا يجوز ما يفعله الجهلة من الصياح والنياحة ولطم الحدود والصدور وشق الجيوب وتمزيق الثياب

وعنه عليه السلام انه بكى على ولد بعض بناته وهو يجود لنفسه فقيل يا رسول اللّه تبكى وقد نهيتنا عن البكاء فقال ( ما نهيتكم عن البكاء وانما نهيتكم عن صوتين احمقين صوت عند الفرح وصوت عند الترنح ) قال فى المغرب الحمق نقصان العقل وانما قيل لصوتى النياحة والترنم فى اللعب احمقان لحمق صاحبهما

والبكاء على ثلاث اوجه من اللّه وعلى اللّه والى اللّه فالبكاء من توبيخه وتهديده والبكاء اليه من شوقه ومحبته والبكاء عليه من خوف الفراق وفرق اللّه بين يوسف وابيه لميله اليه ومحبته عليه والمحبوب يورث المحنة

والعميان من الانبياء اسحاق ويعقوب وشعيب

ومن الاشراف عبد المطلب بن هاشم وامية بن عبد شمس وزهرة بن كلاب ومطعم بن عدى

ومن الصحابة سواء كان اعمى فى عهده او حدث له بعد وفاته عليه السلام البراء بن عازب وجابر بن عبد اللّه وحسان بن ثابت والحكم بن ابى العاص وسعد بن ابى وقاص وسعيد بن يربوع وصخر بن حرب ابو سفيان والعباس بن عبد المطلب وعبد اللّه بن الارقم وعبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن عباس وعبد اللّه عمير وعبد اللّه بن ابى اوفى وعتبان بمن مالك وعتبة بن مسعود الهذلى وعثمان بن عامر ابو قحافة وعقيل بن ابى طالب وعمرو بن ام مكتوم المؤذن وقتادة بن النعمان

{ فهو كظيم } مملوء من الغيظ على اولاده ممسك له فى قلبه

در ديست درين سينه كه كفتن نتوانيم ...

٨٥

{ قالوا تاللّه تفتؤا } اى لا تفتأ ولا تزال وحذفت لا لعدم الالتباس لانه لو كان اثباتا للزمه اللام والنون او احداهما

{ تذكر يوسف } تفجعا عليه

{ حتى تكون حرضا } مريضا مشرفا على الهلاك

{ او تكون من الهالكين } اى الميتين

وفيه اشارة الى انه لا بد للمحب من ملامة الخلق فاول ملامتى فى العالم آدم عليه السلام حين طعن فيه الملائكة

{ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } ولو امعنت النظر رأيت او لملامتى على الحقيقة حضرة الربوبية لقولهم

{ اتجعل فيها } وذلك لانه تعالى كان اول محب ادعى المحبة وهو قوله

{ يحبهم } فطالما يلوم اهل السلوّ المحين ومن علامة المحب انلا يخاف فى اللّه لومة لائم

ملامت كن مرا جندانكه خواهى ... كه نتوان شستن اززنكى سياهى

٨٦

{ قال انما اشكو بثى } البث اصعب الهم الذى لا يصبر عليه صاحبه فيبثه الى الناس اى ينشره فكأنهم قالوا له ما قالوا بطريق التلسية والاشكاء فقال لهم انى لا اشكو ما بى اليكم او الى غيركم حتى تتصدوا للتسلى وانما اشكو همى

{ وحزنى الى اللّه } ملتجأ الى جنابه تضرعا لدى بابه فى دفعه

رازكويم بخلق وخوار شوم ... باتو كويم بزر كوار شوم

والحزن اعم من البث فاذا عطف على الخاص يراد به الافراد الباقية فيكون المعنى لا اذكر الحزن العظيم والحزن القليل الا مع الله

فان قيل لم قال يعقوب فصبر جميل ثم قال يا اسفا على يوسف وقال انما اشكة بثى وحزنى الى اللّه فكيف يكون الصبر مع الشكوى

قل ليس هذا الا شكاية من النفس الى خالقها وهو جائز الا ترى ان ايوب عليه السلام قال

{ رب انى مسنى الضر وانت ارحم الراحمين } وقال تعالى مع شكواه الى ربه فى حقه

{ انا وجدنا صابرا نعم العبد } لانه شكا منه اليه وبكى منه عليه فهو المعذور لديه لان حقيقة الصبر ومعناه الحقيقى حبس النفس ومنعها عن الشكوى الى الغير وترك الركون الى الغير وتحمل الاذى والابتلاء لصدوره من قضائه وقدره كما قيل بلسان الحقيقة

كل شيء من المليح مليح ... لكن الصبر عنه غير مليح

وقيل

والصبر عنك فمذموم عواقبه ... والصبر فى سائر الاشياء محمود

وذلك لان المحب لا يصبر عن حضرة المحبوب فلا يزال يعرض حاله وافتقاره الى حضرته ولسان العشق لسان التضرع والحكاية لا لسان الجزع والشكاية كما اشار العاشق

بشنوازنى جون حكايت ميكند ... از جداييها شكايت ميكند

يعنى شكاية العارف الواقف فى صورة الشكوى كاية حاله وتضرعه وافتقاره الى حبيبه

وعن انس رضى اللّه عنه رفعه الى النبى عليه الصلاة والسلام ( ان رجلا قال ليعقوب ما الذى اذهب بصرك وحنى ظهرك قال اما الذى اذهب بصرى فالبكاء على يوسف

واما الذى حنى ظهرى فالحزن على اخيه بنيامين فاتاه جبريل فقال أتشكو الى غير اللّه انما اشكو بثى وحزنى الى اللّه قال جبريل اللّه اعلم بما قلت منك قال ثم انطلق جبريل ودخل يعقوب بيته فقال اى رب اما ترحم الشيخ الكبير اذهبت بصرى وحنيت ظهرى فرد على ريحانتى فاشمهما شمة واحدة ثم اصنع بى ما شئت فاتاه جبريل فقال يا يعقوب ان اللّه يقرئك السلام ويقول ابشر فانهما لو كانا ميتين لنشر تهما لك لاقر بهما عينك ويقول لك يا يعقوب أتدرى لم اذهب بصرك وحنيت ظهرك ولم فعل اخوة يوسف بيوسف ما فعلوه قال لا قال انه اتاك يتيم مسكين وهو صائم جائع وزبحت انت واهلك شاه فطعمتموها ولم تطعموه ويقول انى لم احب من خلق شيأ حبى اليتامى والمساكين فاصنع طعاما وادع المساكين )

قال انس قال عليه السلام ( فكان يعقوب كلما امسى نادى مناديه من كان صائما فليحضر طعام يعقوب واذا اصبح نادى مناديه من كان مفطرا فليفطر على طعام يعقوب ) ذكره فىلترغيب والترهيب : قال السعدى قدس سره

نخواهى كه باشى برا كندل دل ... برا كندكانرا زخاطر مهل

كسى نيك بيند بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى

{ واعلم من اللّه } من لطفه ورحمته

{ ما لا تعلمون } فارجو ان يرحمنى ويلطف بى ولا يخيب رجائى او اعلم من اللّه بنوع من الالهام ما لا تعلمون من حياة يوسف -وروى- انه راى ملك الموت فى منامه فسأله عنه فقال هو حى

وقيل علم من رؤيا يوسف انه لا يموت حتى يخروا له سجدا -وروى- ان يوسف قال لجبريل ايها الروح الامين هل لك علم بيعقوب قال نعم وهب اللّه لك الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم قال فما قدر حزنه قال حزن سبعين ثكلى قال فما له من الاجر قال اجر مائة شهيد وما ساء ظنه باللّه ساعة قط

وقال السدى لما اخبره ولده بسيرة الملك احست نفسه فطمع وقال لعله يوسف

٨٧

فقال

{ يا بنى اذهبوا } الى مصر

{ فتحسسوا من يوسف واخيه } اى تعرفوا من خبرهما بحواسكم فان التحسس طلب الشيء بالحاسة

قال فى تهذيب المصادر [ التحسس مثل التجسس : آكاهى جستن ] وفى الاحياء بالجيم فى تطلع الاخبار وبالحاء فى المراقبة بالعين

وقال فى انسان العيون ما بالحاء ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وما بالجيم ان يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى

والمراد باخيه بنيامين ولم يذكر الثالث وهو الذى قال فلن ابرح الارض واحتبس بمصر لان غيبته اختيارية لا يعسر ازالتها

قال ابن الشيخ فان قلت كيف خاطبهم بهذا اللطف وقد تولى عنهم فالجواب ان التولى التجاء الى اللّه الشكاية اليه والاعراض عن الشكاية الى احد منهم ومن غيرهم لا ينافى الملاطفة والمكالمة معهم فى امر آخر انتهى

قالوا له بنيامين فلا نترك الجهد فى امره

واما يوسف فانه ميت وانا لا نطلب الاموات فانه اكله الذئب منذ زمان فقال لهم يعقوب

{ ولا تيأسوا من روح اللّه } لا تقنطا من فرجه وتنفيسه واليأس والقنوط انقطاع الرجاء

وعن الاصمعى ان الروح ما يجد الانسان من نسيم الهواء فيسكن اليه وتركيب الراء والواو والحاء يفيد الحركة والاهتزاز فكل ما يلتذ الانسان ويهتز بوجوده فهو روح

قال فى الكواشى اصله استراحة القلب من غمه . والمعنى لا تقنطوا من راحة تاتيكم من اللّه انتهى

وقرئ من روح اللّه بالضم اى من رحمته التى يحيى بها العباد

{ انه لا ييأس من روح اللّه الا القوم الكافرون } لعدم علمهم باللّه وصفاته فان العارف لا يقنط فى حال من الاحوال اى فى الضراء والسراء ويلاحظ قوله تعالى

{ ان مع العسر يسرا } فصنع اللّه عجيب وفرج اللّه قريب وفى الحديث ( الفاجر الراجى اقرب الى اللّه من العابد القانط ) -وروى- ان رجلا مات فاوحى اللّه تعالى الى موسى عليه السلام مات ملى من اوليائى فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال يا موسى انت تسمع مقالة الناس فى حقه فقال تعالى يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة اشياء لو سال بها جميع المذنبين لغفرت . الاول انه كان قال يا رب انت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصى بفعل الشيطان والقرين السوء ولكنى كنت اكرهها بقلبى . والثانى انى وان كنت مع الفسقة بارتكابالمعاصى ولكن الجلوس مع الصالحين كان احب الى . والثالث لو استقبلنى صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح

وفى رواية وهب ب منبه قال يا رب لو عفوت عنى لفرح انبياؤك واولياؤك وحزن عدوك الشيطان ولو عذبتنى لكان الامر بالعكس ولا ريب ان فرح الاولياء احب اليك من فرح الاعداء فارحمنى وتجاوز عنى قال اللّه تعالى فرحمته فانى غفور رحيم خاصة لمن اقر بالذنب

فعلى العاقل ان لا يقنط من رحمة ربه فانه تعالى يكشف الشدائد فى الدنيا والآخرة -حكى- ان رجلا بقى فى جزير بلا زاد فقال بطريق اليأس

اذا شاب الغراب اتيت اهلى ... وصار القار كاللبن الحليب

فسمع قائلا يقول

عسى الكرب الذى امسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب

فلما نزر رأى سفينة فوصل بها الى اهله

قال فى التاويلات النجمية فى الاية اشارة الى ان الواجب على كل مسلم ان يطلب يوسف قلبه وبنيامين سره ولا ييأس ان يجد روح اللّه اى ريحه منهما بل من وجد قلبه وجد فيه ربه اذ هو سبحانه متجل لقلوب اوليائه المؤمنين وقد وعد اللّه بوجدانه الطالبين فقال

{ الا من طلبنى وجدنى } والسر فيه ان طلب الحق تعالى يكون بالقلب لا بالقالب ووجدانه ايضا يكون فى القلب كما قال موسى عليه السلام الهى اين اطلبك قال

{ انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى } اى من محبتى وفى قوله

{ انه لا ييأس من روح اللّه الا القوم الكافرون } اشارة الى ان ترك طلب اليأس من وجدانه كفر انتهى : وفى المثنوى

كركران وكر شتابنده بود ... آنكه جويندست يابنده بود

در طلب زن دائما توهر دودست ... كه طلب درراه نيكو رهبرست

لنك ولوك وخفته شكل بى ادب ... سوى اومى غيثر واورامى طلب

كه بكفت وكه بخاموشى وكه ... بوى كردن كير هرسو بوى شه

كفت آن يعقوب با اولاد خويش ... جستن يوسف كنيد ازحد بيش

هرخسى خودرا درين جستن بجد ... هر طرف رانيد شكل مستعد

كفت از روح خدا لا تيأسوا ... همجوكم كرده بسر رو سوبسو

ازره حس دهان برسان شويد ... كوش را بر جار راه اونهيد

هرجكا بوى خوش آيد بوبريد ... سوى آن سركاشناى آن سريد

هرجكا لطفى ببينى ازكسى ... سوى اصل لطف ره يابى عسى

اين همه خوشها زدرياييست زرف ... جزورا بكذار وبركل دار طرف

٨٨

{ فلما دخلوا عليه } -روى- ان يعقوب امر بعض اولاده فكتب بسم اللّه الرحمن من يعقوب اسرائيل اللّه ابن اسحاق ذبيح اللّه ابن ابراهيم خليل اللّه الى عزيز مصر اما فانا اهل بيت موكل بنا البلاء اما جدى ابراهيم فانه ابتلى بنار النمرود فصبر وجعلها اللّه عليه بردا وسلاما وانا ابى اسحاق فابتلى بالذبح فصبر ففداه اللّه بذبح عظيم

واما انا فابتلانى اللّه بفقد ولدى لذى امسكته عندك وزعمت انه سارق وانا اهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا فان رددته علىّ والا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولد السلام [ بس نامه بفرزندان داد واندك بضاعتى ازبشم وروغن وامثال آن ترتيب نموده ايشانرا بمصر فرستاد ايشان بمصر آمده برادريرا كه آنجا بود ملاقات كردند وباتفاق روى بباركاه يوسف نهادند بس آن هنكام درآمدن برادران يوسف بروى ]

{ قالوا يا ايها العزيز } اى الملك القادر الغالب

{ مسنا } اصابنا

{ واهلنا } وهم من خلفوهم

{ الضر } الفقر والحاجة وكثرة العيال وقلة الطعام

{ وجئنا ببضاعة } [ وآورده ايم بضاعتى ]

{ مزجية } [ اندك وبى اعتبار ] اى مردودة مدفوعة يدفعها كل تاجر رغب عنها واحتقارا لها من ازجيته اذا دفعته وطردته وكانت بضاعتهم من متاع الاعراب صوفا وسمنا

وقيل هى الصنوبر والحبة الخضراء وهى الفستق او دراهم زيوف لا تؤخذ الا بنقصانها

{ فاوف لنا الكيل } فاتم لنا الكيل الذى هو حقنا

قال بعضهم اعطنا بالزيوف كما تبيع بالدراهم الجياد ولا تنقصنا شيأ

{ وتصدق علينا } تفضل بالمسامحة وقبول المزجاة فان التصدق التفضل مطلقا واختص عرفا بما يبتغى به ثواب اللّه ولذا لا يقال فى العرف اللهم تصدق على لانه لا يطلب الثواب من العبد بل يقال اعطنى او تفضل علىّ وارحمنى

ثم هذا اى حمل التصدق على المساهلة فى المعاملة على قول من يرى تحريم الصدقة على جميع الانبياء واهليهم اجمعين

واما على قول من جعله مختصا بنبينا عليه السلام فالمراد حقيقة الصدقة

{ ان اللّه يجزى المتصدقين } يثيب المتفضلين احسن الجزاء والثواب

قال الضحاك لم يقولوا ان اللّه يجزيك لانهم لم يعلموا انه مؤمن

يقول الفقير دخل يوسف فى لفظ الجمع سواء شافهوه بالجزاء اولا مع ان الجزاء ليس بمقصور على الجزاء الاخروى بل قد يكون دنيويا وهو اعم فافهم

ومن آثار الثواب الدنيوى ما حكى عن الشيخ ابى الربيع انه قال سمعت ارمأة فى يعض القرى اكرمها اللّه بشاة تحلب لبنا وعسلا فجئت اليها وحلبت الشاة فوجدتها كما سمعت وسألت عن سببها قلت لنا شاة نتقوّت بلبنها فنزلت علينا ضيف وقد امرنا باكرامه فذبحنا له لوجه اللّه تعالى فعوضنا اللّه تعالى هذه الشاة ثم قالت انها ترعى فو قلوب المريدين يعنى الخالصة وطيب الخاطر لها تأثير عظيم -حكى- ان السلطان محمود مر على ارض قوم يكثر فيها قصب السكر وكان لم ير بعد فقشعر له بعض القصبات فلما مص منه السكر استحسنه والتذ منه فى الغاية فخطر بباله ان يضع فيه شيأ من لرسوم كالباج والخراج حتى يحصل له من هذا القصب فى كل سنة كذا وكذ فبما مص بعد هذه الخاطرة وجد قصبا يابسا خاليا عن السكر فسمعه من تلك القبيلة شيخ عتيق وقال قدهم الملك بان يفعل بدعة وظلما فى مملكته او فعلها فلذلك نفد سكر القصب فاستتاب السلطان فى نفسه ورجع عما خطر بباله فلما مصه ثانيا بعد ذل وجده مملوأ من السكر كما كان فهذا من تأثير النية والهمة

ثم ان للصدقة لا تختص بالمال بل كل معروف صدقة ومنها العدالة بين الاثنين والاعانة والكلمة الطيبة والمشى الى الصلاة واماطة الاذى عن الطريق ونحوها وكذا النوافل لا تختص عند اهل الاشارة بالصلوات بل تعم كل خير زائد وفى الحديث القدسى ( لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه وبصره ) فعلى العاقل الاشتغال بنوافل الخيرات من الصدقات وغيرها : قال السعدى قدس سره

يكى دربيابان سكى تشنه يافت ... برون ازرمق در حياتش نه يافت

كله دلو كرد آن بسنديده كيش ... جو حبل اندران بست دستار خويش

به خدمت ميان بست وبازو كشاد ... سك ناتوان را دمى آب داد

خبر داد بيغمبر از حال مرد ... كه داور كناهان او عفو كرد

ألاكر جفا كارا انديشه كم ... وفاييش كيرو كرم بيشه كن

كسى باسكى نيكوى كم نكرد ... كجاكم شود خير بانيك مرد

كرم كن جنان كت برآيدزدست ... جهانبان در خير بركس نبست

كرت در بيانان نباشد جهى ... جراغى بنه در زيارتكهى

به قنطار رزربخش كردن زكنج ... نباشد جو قيراطى ازدست رنج

بردهر كسى بار درخوردزور ... كرانست باى ملخ بيش مور

ثم فى قوله

{ وجئنا ببضاعة مزجية } الآية اشارة الى ان طالب الحق ينبغى له عرض الحاجة والفقر والافتقار ورؤية تقصيره فان الفناء محبوب المحبوب وطريق حسن لنيل المطلوب ولذلك لما سمع يوسف كلامهم هذا ادركته الرحمة فرفع الحجاب وخلصهم من ألم الفرقة والاضطراب

ومن هذا المقام ما قيل لابى يزيد البسطامى قدس سره خزائننا مملوءة بالاعمال فأين العجز والافتقار والتضرع والسؤال ولا يلزم من ها ترك العمل فانه لا بد منه فى مقامه ألا ترى ان الاخوة انما قالوا ما قالوا بعد ان جاؤا ببعض الامتعة فللطالب ان يعمل قدر طاقته ولكن لا يعتر بعلمه بل يتقرب اليه بالفناء وترك الرؤية ليكون ذلك وسيلة الى المعرفة والقربة والوصلة : قال ابو يزيد البستامى قدس سره

جار جيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام

-قال- لما رأى يوسف تمسكن اخوته رق لهم فلم يتمالك من ان عرفهم نفسه

قال الكاشفى [ آن نامه يعقوب بركوشه تخت نهادند يوسف نامه را بخواند كريه بروى غلبه كرد عنان تمالك ازدست داده كفت اى برادران ]

٨٩

{ هل علمتم ما فعلتم بيوسف واخيه } اى هل تبتم عن ذلك بعد علمكم بقبحه فهو سؤال عن الملزوم والمراد لازمه وفعلهم باخيه بنيامين افراده عن يوسف واذاه بانواع الاذى واذلاله حتى كان لا يقدر ان يكلمهم الا بعجز وذلة

{ اذا انتم جاهلون } [ جه آن وقت نادان بوديد بقبح آن ] فلذلك اقدمتم على ذلك او جاهلون بما يؤول اليه امر يوسف وانما كان كلامه هذا شفقة عليهم وتنصحا لهم فى الدين وتحريضا على التوبة لا معاتبة وتثريبا ايثارا لحق اللّه على حق نفسه -روى- انه لما قرأ الكتاب بكى وكتب اليه ( بسم اللّه الرحمن الرحيم الى يعقوب اسراءيل اللّه من ملك مصر ما بعد ايها الشيخ فقد بلغنى كتابك وقرأته واحطت به علما وذكرت فيه آباءك الصالحين وذكرت انهم كانوا اصحاب البلايا فانهم ان ابتوا وصبروا ظفروا فاصبر كما صبروا والسلام فلما قرأ يعقوب الكتاب قال واللّه ما هذا كتاب الملوك ولكنه كتاب الانبياء ولعل صاحب الكتاب هو يوسف )

قال الكاشفى [ آنكه نقاب افكند وتاج ازسر برداشت ايشانرا نظر بران شكل وشمائل افتاد ]

٩٠

{ قالوا أئنك لانت يوسف } استفهام تقرير [ يعني البتة توبى يوسف كه بابن جمال وكمال ديكرى نتواند بود ]

كه دارد ازهمه خوبان رخى جنين كه تو دارى ... تبارك اللّه ازين روى نازنين كه تودارى

{ قال انا يوسف وهذا اخى } من ابى وامى ذكره مبالغة فى تعريف نفسه وتفخيما لشأن أخيه وادخالا له فى قوله

{ قد منّ اللّه علينا } فكأنه قال هل علمتم ما فعلتم بنا من التفريق والاذلال فانا يوسف وهذا اخى قد انعم اللّه علينا بالخلاص لما ابتلينا به والاجتماع بعد الفرقة والانس بعد الوحشة

{ انه } اى الشأن

{ من } [ هركه ]

{ يتق } اى يفعل التقوى فى جيمع احواله اويق نفسه عما يوجب سخط اللّه وعذابه

{ ويصبر } على المحن كمفارقة الاوطان والاهل والعشائر والسجن ونحوها او على مشتقة الطاعات او عن المعاصى التى تستلذها النفس

{ فان اللّه يضيع اجر المحسنين } اى اجرهم وانما وضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على ان المحسن من جمع بين التقوى والصبر [ جون برادران يوسف را بشناختند در كنار كرفت ]

٩١

{ قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا } اختارك وفضلك علينا بالجمال والكمال والجاه والمال

{ وان } اى وان شأننا وحالنا

{ كنا لخاطئين } يقال خطئ فعل الاثم عمدا واخطأ فعله غير عمد اى لمتعمدين بالذنب اذ فعلنا بك ما فعلنا ولذلك اعزك واذلنا وفيه اشارة بالتوبة والاستغفار

٩٢

ولذلك

{ قل لا تثريب عليكم اليوم } [ هيج سرزنش نيست برشما امروز ومن هركز ديكر كناه شمارا باروى شمانيارم ] وهو تفعيل من الثرب وهو الشحم الذى يغشى الكرش ومعناه ازالة لثرب فكان التعبير والاستقصاء فى اللوم يذيب جسم الكريم وثربه لشدته عليه كما فى الكواشى

وقال ابن الشيخ سمى التقريع تثريبا تشبيها له بالتثريب فى اشتمال كل منهما على معنى التمزيق فان التقريع يمزق العرض ويذهب ماء الوجه . واليوم منصوب بالتثريب اى لا تثريب عليكم اليوم الذى هو مظنة التثريب فما ظنكم بسائر الايام باليوم لزمان مطلقا ثم ابتدأ فقال

{ يغفر اللّه لكم } فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم او منصوب بيغفر وذلك ان يوسف صفح عن جريمتهم يومئذ فسقط حق العبد وتابوا الى اللّه فلم يبق حق اللّه لان اللّه تعالى يقبل التوبة عن عباده فلذلك قال { يغفر اللّه لكم }

وفى التأويلات النجمية اخبر بصنيعهم فى البداية ولكنه كان سبب رفعة منزلته ونيل مملكته فى النهاية فلذلك قال

{ يغفر لاللّه لكم } انتهى

ومن كرم يوسف ان اخوته ارسلوا اليه انك تدعونا الى طعامك بكرة وعشيا ونحن نستحيى منك بما يفرط منا فيك فقال ان اهل مصر وان ملكت فيهم كانوا ينظرون الىّ بالعين الاولى ويقوبون سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ولقد شرفت بكم الآن وعظمت فى العيون حيث علم الناس انكم اخوتى وانى من حفدة ابراهيم عليه السلام -وروى- ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اخذ بعضادتى باب الكعبة يوم الفتح فقال لقريش ( ما تروننى فاعلا بكم ) قالوا نظن خيرا اخ كريم وابن اخ كريم وقد قدرت فقال ( اقول ما قال اخى يوسف لا تثريب عليكم اليوم ) -وروى- ان ابا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس اذا أتيت الرسول فاتل عليه

{ لا تثريب عليكم اليوم } ففعل فقال عليه السلام ( غفر اللّه لك ولمن علمك )

{ وهو ارحم الراحمين } لان رحمة الراحمين ايضا برحمته او لان رحمتهم جزء من مائة جزء من رحمته تعالى والمخلوق اذا رحم فكيف الخالق

بآهى بسوزد جهانى كناه ... بأشكى بشويد درون سياه

بدر ماندهه تحت شاهى دهد ... بدر ماند كان هر جه خواهى دهد

قال السعدى قدس سره

نه يوسف كه جندان بلاديد وبند ... جو حكمش روان كشت وقدرش بلند

كنه عفو كرد آل يعقوب را ... كه معنى بود صورت خوب را

بكر دار بدشان مقيد نكرد ... بضاعات مرجات شان رد نكرد

ز لطف همين جشم داريم نيز ... درين بى بضاعت ببخش اى عزيز

بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا ز عقوم مكن ن اميد

قال فى بحر العلوم الذنب للمؤمن سبب للوصلة والقرب من اللّه فانه سبب لتوبته واقباله على الله

قال ابو سليمان الدارانى ما عمل داود عليه السلام عملا انفع له من الخطيئة ما زال يهرب منها الى اللّه حتى اتصل

وقال فى التأويلات النجمية فو قوله

{ وهو ارحم الراحمين } اشارة الى انه ارحم من ان يجرى على عبد من عباده المقبولين امرا يكون فيه ضرر لعبد آخر فى الحال وانفع فى المآل ثم لا يوفقه لاسترضاء الخصم ليعفو عنه ما جرى منه ويستغفر له حتى يرحمه اللّه وايضا انه تعالى ارحم للعبد المؤمن من والديه وجميع الرحماء انتهى

-حمى- انه اعتقل لسان فتى عن الشهادة حيث اشرف على الموت فاخبروا النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فدخل عليه وعرض الشهادة فاضطرب ولم يعمل لسانه فقال عليه السلام ( أما كان يصلى أما كان يزكى أما كان يصوم ) قالوا بلى قال ( فهل عق والديه ) قالوا نعم قال ( هاتوا بامه ) فجاءت وهى عجوز عوراء فقال عليه السلام ( هلا عفوت أللنار حملته تسعة اشهر أللنار ارضعته سنين فأين رحمة الام ) فعند ذلك انطلق لسانه بالكلمة والنكتة انها كانت رحيمة لا رحمانة فللقليل من رحمتها ما جوزت احراقه بالنار فالرحمن الرحيم الى لا يتضرر بجناية العباد كيف يستجيز احراق المؤمنين المواظب على كلمة الشهادة سبعين سنة

٩٣

{ اذهبوا } لما عرفهم يوسف نفسه وعرفوه سألهم عن أبيه فقال ما فعل ابى بعدى قالوا اذهب عيناه فاعطاهم قميصه وقال اذهبوا يا اخوتى

{ بقميصى هذا } حال والباء للملابسة والمصاحبة وبجوز ان تكون للتعدية . فالمعنى بالفارسية بيريد اين بيراهن مرا ] وهو القميص المتوارث كما روى عن انس بن مالك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( اما قوله اذهبوا بقميصى هذا فان نمرود الجبار لما القى ابراهيم فى النار نزل اللّه جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فالبسه القميص واقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه فكسا ابراهيم ذلك القميص اسحاق وكساه اسحاق يعقوب وكساه يعقوب فجعله فى قصبة من فضة وعلقها اى للحفظ من العين وغيرها )

وفى التبيان مخافة من اخوته عليه فالقى فى الجب والقميص فى عنقه وكان فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلى او سقيم الاصح وعوفى

وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان قميص يوسف القلب من ثياب الجنة وهو كسوة كساه اللّه تعالى من انوار جماله اذا القى على وجه يعقوب الروح الاعمى يرتد بصيرا ومن هذا السر ارباب القلوب من المشايخ يلبسون المريدين خرقتهم لتعود بركة الخرقة الى ارواح المريدين فيذهب عنهم العمى الذى حصل على من حب الدنيا والتصرف فيها انتهى

قال بعض الحفاظ من الكذب قول من قال ان عليا البس الخرقة الحسن البصرى فان ائمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماع فضلا عن ان يلبسه الخرق انتهى

يقول الفقير هذا من سنة المشايخ قدس اللّه اسرارهم فانهم لبسوا الخرقة والبسوها تبركا وتيمنا وهم قد فعلوا ذلك بالهام من اللّه تعالى واشارة فليس لاحد ان يدعى انه من الزيادات والبدع القبيحة

وزرت فى بلدة قونية مرقد حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره وله فى حجرة الكتب خرقة لطيفة محفوظة يقال انها من البسة الجنة وغسلت طرفا من ذيلها فى طست له يستشفى بمائه وشربت على نية زوال الامراض الظاهرة والباطنة والحمد لله

{ فالقوه على وجه ابى يأت بصيرا } يصير بصيرا كقولك جاء البناء محكما بمعنى صار ويشهد له فارتد بصيرا ويأت الىّ حال كونه بصيرا ذاهبا بياض عينه وراجعا اليها الضوء وينصره قوله

{ وائتونى } [ وبياييد بمن ] اى انتم وابى ففيه تغلب المخاطبين

{ باهلكم اجمعين } بنسائكم وذراريكم ومواليكم فان الاهل يفسر بالازواج واولاد وبالعبيد والاماء وبالاقارب وبالاصحاب وبالمجموع -روى- ان يهودا حمل القميص وقال انا احزنته بحمل القميص الملطخ بالدم اليه فافرحه كما احزنته فحمله وهو حاف حاسر من مصر الى كنهان ومعه سبعة ارغفة لم يستوف اكلها حتى اتاه وكانت المسافة ثمانين فرسخا

قال الكاشفى [ ببراهن بوى داد واسباب راه جهت بدر ومتعلقان مهياسا خته بردران تسليم كرد ]

٩٤

{ ولما فصلت العير } يقال فصل من البلد فصولا اذا انفصل منه وجاوز حيطانه وعمرانه

قال الكاشفى [ وآن وقت كه جدا شد يعنى بيرون آمد كاروان از عمارت مصر وبفضاء صحرا رسيده ]

{ قال ابوهم } يعقوب لمن عنده من ولد ولده وغيرهم

{ انى لاجد ريح يوسف } اوجده اى جعله واجد اريح ما عبق اى لزق ولصق من ريح يوسف من ثمانين فرسخا حين اقبل به يهودا

ايها السالون قوموا واعشقوا ... تلك ر يا يوسف فاستنشقوا

قال فى المثنوى

بوى ببراهان يوسف را ثديد ... آنكه حافظ بود يعقوبش كشيد

وهذا البيت اشارة الى حال اهل السلوك والسكر واصحاب الزهد والعشق وذلك لان الزاهد ذاهل عما عنده كالحمار الغافل عما استصحبه من الكتب فكيف يعرف ما عنده غيره والعاشق يستنشق من كل مظهر ريح سر من الاسرار ويدخل فى خيشومه من روائح النفس الرحمانى ما لو عاش الزاهد الف سنة على حاله ماشم شيأ منها

قال اهل المعانى ان اللّه اوصل اليه رائحة يوسف عند انقضاء المحنة ومجيئ وقت الروح والفرح من المكان البعيد ومنع من وصول خبره اليه مع قرب احدى البلدتين من الاخرى وذلك يدل على ان كل سهل فهو فى زمان المحنة صعب وكل صعب فهو فى زمان الاقبال سهل

وذكر أن ريح الصبا استأذنت ربها فى ان تأتى بعقوب بريح يوسف قبل ان يأتيه البشير بالقميص فأذن لها فأتته بها : قال المولى الجامى

ديرمى جنبد بشير اى باد بر كنعان كذر ... مزده ببراهن يوسف ببر يعقوب را

ولذلك يستروح كل محزون بريح الصبا ويتنسمها المكروبون فيجدون لها روحا وهى التى تأتى من ناحية المشرق وفيها لين اذا هبت على الابدان نعمتها ولينتها وهيجت الاسواق الى الاحباب والحنين الى الاوطان قال الشاعر

أيا جبلى نعمان باللّه خليا ... نسيم الصبا يخلص الى نسيمها

فان الصبا ريح اذا ما تنفست ... على نفس مهموم تجلت همومها

قال الحافظ

باصبا همراه بفرست ازرحت كلدسته ... بوكه بويى بشنويم ازخاك بستان شما

وفى التبيان هاجت الريح فحملت ريح القميص من مسافة ثمانين فرسخا واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة فعلم انه ليس فى الدنيا من ريح الجنة الا ما كان من ذلك القميص انتهى

يقول الفقير هذا موافق لما ذكر من انه كان فى القميص ريح الجنة لا يقع على مبتلى الا صح فالخاصية فى ريح الجنة لا فى ريح يوسف كما ذهب اليه البيضاوى

واما الاضافة فى قوله

{ ريح يوسف } فللملابسة كما لا يخفى

قال الامام الجلدكى فى كتاب الانسان من كتاب البرهان لعمرى كلما كثفت طينة الانسان وزادت كثافتها نقصت حواسه فى مدركاتها لحجب الكثافة الطارية على اذت الانسان من اصل فطرته

واما جوهر ذات الانسان اذا لطف وتزايدت لطافته فان جميع حواسه تقوى ويزيد ادراكها وكثير من اشخاص النوع الانسانى يدركون بحاسة الشم الروائح العطرة من بعد المسافة على مسافة ميل او اكثر من ذلك على مسيرة اميال ولعل من تزايدت لطافته يدرك رائحة ما لا رائحة له من الروائح المعتادة كما قال اللّه تعالى حكاية عن يعقوب

{ انى لاجد ريح يوسف } وهذه الحاسة مخصوصة باهل الكشف لا بغيرهم من الناس انتهى : وفى المثنوى

بود واى جشم باشد نور ساز ... شد زبويى ديده ديده يعقوب باز

بوى بد مرديده را تارى كند ... بوى يوسف ديده را بارى كند

بوى كل ديدى كه انجا كل نبود ... جوش مل ديدى كه انجامل نبود

آن شنيدى داستان بايزيد ... كه زحال بو الحسن بيشين جه ديد

روزى آن سلطان تقوى ميكذشت ... بامريدان جانب صحرا ودشت

بوى خوش آمد مراورا ن كهان ... از سوادرى زسوى خارقان

هم بر انجا ناله مشتاق كرد ... بوى را ازباد اشتنشاق كرد

جون در و آثار مستى شد بديد ... يكك مريد اورا ازان دم بر رسيد

بس بيرسيدش كه اين احوال خوش ... كه برونست از حجاب بنج وشش

كاه سرخ وكاه زرد وكه سبيد ... مى شود رويت جه حالست ونويد

مى كشى بوى وبظاهر نيست كل ... بى شك از غيبست واز كلزار كل

كفت بوى بو العجب آمد بمن ... همجانكه مصطفى را از يمن

كه محمد كفت برست صبا ... از يمن آيدم بوى خدا

از اويس واز قرن بوى عجب ... مر نبى را مست كرد وبر طرب

كفت ازين سوبرى يارى مى رسد ... اندرين ده شهريارى مى رسد

بعد جندين سال مى زايد شهى ... مى زند بر آسمانها خر كهى

رويش از كلزار حق كلبون بود ... از من او اندر مقام افزون بود

جيست نامش كفت نامش بو الحسن ... حليه اش واكفت از كيسو ذقن

قد او ورنك او وشكل او ... يك بيك واكفت از كيسو ورو

حليهاى روح اورا هم نمود ... از صفات واز طريق وجا وبود

{ لولا ان تفندون } اى تنسبونى الى الفند وهو الخرف ونقصان العقل وفساد الرأى من هرم يقال شيخ مفند ولا يقال عجوز ممفندة اذ لم تكن فى شبيبتها ذات رأى فتفند فى كبرها اى نقصان عقلها ذاتى لا حادث من عارض الهرم وجواب لولا محذوف تقديره لولا تفنيدكم لصدقتمونى

واعلم ان الخرف بالفارسية [ فرتوت شدن ] لا يطرأ على الانبياء والورثة لانه نوع من الجنون الذى هو من النقائص وهم مبرأون مما يشين بهم من الآفات

٩٥

{ قالوا } اى الحاضرون عنده

{ تاللّه انك لفى ضلالك القديم } [ درهمان حيرت قديمى در افراط محبت يوسف وبسيارئ ذكر او توقع ملاقات او بعد از جهل سال يا هشتاد سال ] وكان عندهم قد مات وفيه اشار الى انه لا بد للعاشق من لائم

يا عاذل العاشقين دع فئة ... اضلها اللّه كيف ترشدها

مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آكهست كه تقدير برسرش جه نوشت

٩٦

{ فلما ان } ان صلة اى زائدة لتأكيد الفعلين واتصالهما حتى كأنهما وجدا فى جزء واحد من الزمان من غير وقت

{ جاء البشير } [ مزده دهنده ] وهو يهودا

{ القيه على وجهه } طرح البشير القميص على وجه يعقوب

{ فارتد } الارتداد انقلاب الشيء الى حال كان عليها وهو من الافعال الناقصة اى عاد ورجع

{ بصيرا } بعدما كان قد عمى ورجعت قوته وسروره بعد الضعف والحزن

داشت در بيت حزن جامى جاى ... جاءه منك بشيرا فنجا

قال فى التأويلات النجمية

{ فلما ان جاءه البشير } من حذرة يوسف القلب الى يعقوب الروح بقميص انوار الجمال

{ القيه على وجهه فارتد بصيرا } يشير الى ان الروح كان بصيرا فى بدوة الفطرة ثم عمى لتعلقه بالدنيا وتصرفه فيها ثم ارتد بصيرا بوارد من القلب

ورد البشير بما اقر الاعينا ... وشفى النفوس فنلن غايات المنى

وتقاسم الناس المسرة بينهم ... قسما فكان اجلهم حظا انا

وفيه اشارة الى ان القلب فى بدو الامر كان محتاجا الى الروح فى الاستكمال فلما كمل وصلح لقبول الحق بين الاصبعين ونال مملكة الخلافة بمصر القربة فى النهاية صار الروح محتاجا اليها لاستنارته بانوار الحق وذلك لان القلب بمثابة المصباح فى قبول نار الالهية والروح بمثابة الزيت فيحتاج المصباح فى البداية الى الزيت فى قبول النار ولكن الزيت يحتاج الى المصباح وتركيبه فى النهاية ليقبل بواسطته النار فان الزيت بلا مصباح وآلاته ليس قابلا للنار فافهم جدت

{ قال ألم اقل لكم اني اعلم ما لا تعلمون } اي ألم اقل لكم يا لنى حين ارسلتكم الى مصر وامرتكم بالتجسس ونهيتكم عن اليأس من روح اللّه انى اعلم من اللّه ما لا تعلمون من حياة يوسف وانزال الفرج - وروى - انه سأل البشير كيف يوسف فقال هو ملك مصر قال ما اصنع بالملك وعلى أي دين تركته قال على دين الاسلام قال الآن تمت النعمة

٩٧

{ قالوا يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا } [ آمرزش طلب براى ما ازخدا عز وجل ]

{ انا كنا خاطئين } متعمدين للخطيئة والاثم مذنبين بما فعلنا بك وبيوسف وبنيامين ومن حق شفقتك علينا ان تستغفر لنا ذنوبنا فانه لولا ذلك لكنا هالكين

٩٨

{ قال سوف استغفر لكم ربى انه هو الغفور الرحيم } سوف وعسى ولعل فى وعد الاكابر والعظماء يدلا على صدق الامر وجده ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت وانما يعنون بذلك اظهار وقارهم وترك استعجالهم فعلى ذلك جرى وعد يعقوب كأنه قال انى استغفر لكم لا محالة وان تأخر كما فى بحر العلوم

وعن شعبى قال

{ سوف استغفر لكم ربى } قال اسأل يوسف ان عفا عنكم واستغفر لكم ربى فان عفو المظلوم شرط المغفرة فاخلا الاستغفار الى وقت الاجتماع بيوسف فلما قدموا عليه فى مصر قام الى الصلاة فى السحر ليلة الجمعة وكانت ليلة عاشوراء فلما فرغ رفع يديه وذال اللهم اغفر جزعى على يوسف وقلة صبري عنه واغفر لولدى ما اتوا به اخاهم وقام يوسف خلفه يؤمن وقام اخوته خلفهما اذلة خاشعين فاوحى اللّه اليه ان اللّه قد غفر لك ولهم اجمعين ثم لم يزل يدعو لهم كل ليلة جمعة فى نيف وعشرين سنة الى ان حضره الوفاة

والتحقيق فى هذا المقام ما قاله حضرة شيخى وسندى قدس اللّه سره فى بعض تحريراته وهو انه تعالى قال فى حكاية قول يوسف عليه السلام

{ يغفر اللّه لكم وهو ارحم الراحمين } وقال فى حكاية قول يعقوب عليه السلام

{ سوف استغفر لكم ربى انه هو الغفور الرحيم } وذلك لانه انبعث من غيب قلب يوسف النظر الى ما نال اليه بسبب اخوته من النعماء والآلاء وانبعث ايضا من غيب قلبه النية والارادة للاستغفار لهم فقال بلا توقف ولا تأخر

{ يغفر اللّه لكم وهو ارحم الراحمين } اى وهو ارحم بكم منى ومن ابى ومنكم ومن سائر الراحمين وهو يرحمكم ويغفر لكم بسبب استغفاري لكن قدر ما نلت اليع بسبب ابتلائى بكم بل فوقه اذ لولا رحمته ومغفرته لكم لما ابتلانى بكم ولما انالنى الى ما رأيتم من السلطنة الظاهرة والباطنة والنعمة التامة الكاملة ولم ينبعث من غيب قلب يعقوب عليه السلام ذلك بل انبعث النظر الى ما وصل اليه بسببهم من العناء والمحن ولم تنبعث النية للاستغفار لهم بل توقف وتأخر الى انبعاث النية من جانب الغيب حتى يستغفر لهم بالنية الصادقة المأذونة من قبل الحق تعالى فقال اشارة الى هذا وتنبيها لهم عليه

{ سوف استغفر لكم } ربى حين تنبعث نية الاستغفار الى قلبى من قبل العزيز الغفار ولا تستعجلوا

{ انه هو العفور الرحيم } لانه كما انزل على هذه المنح فى صورة المحن من قبلكم يرحمكم ويغفر لكم ولولا ارادته الرحمة والمغفرة لكم لما ابتلاكم بهذا البلاء ولكن هذه الوقعة نعمة فى صورة النقمة ورحمة فى صورة الغضب الحمد لله على ما انعم وهو الاكرم والارحم واصل ذلك ارادة الحق سبحانه ان يتحلى لهم بالقبض والجلال من جانب اليهم وبالبسط والجمال من جانب اخيهم حتى ينالوا الى مرتبة الصبر بالتجلى الاول ويصلوا الى مرتبة الشكر التجلى الثانى وتكون تربيتهم بالقبضتين واليدين ومرتبتهم جامعة بين المرتبتين فلو كان التجلى من كلا الجانبين بالقبضة واليد الواحدة لكان مخالفا لسنته القديمة فانه لا يتجلى لاحد من مجليين الابصورتين مختلفتين وكذا لا يتجلى لشخصين من مجليين الابصورتين ألا ترى انه لا يوجد شخصان فى صورة واحدة وان كانا من اب واحد لان فى اتحاد التجلى فيهما تحصيل حاصل وهو نوع عبث تعلاى شأنه عن العبث علوا كبيرا

٩٩

{ فلما دخلوا على يوسف } - روى - ان يوسف وجع الى ابيه جهازا كثيرا ومائتى راحلة وسأله ان يأتيه باهله اجمعيم فتهيأ يعقوب للخروج الى مصر : قال الخدندى

كرد شيرين دهن ما خبر يار عزيز ... كه زمصرت دكرا ينك شكرى مى آيد

فتوجه مع اولاده واهاليهم الى مصر على رواحلهم فلما قربوا من مصر اخبر بذلك يوسف

صبا زدوست بيامى بسوى ما آورد ... بهمدمان كهن دوستى بجا آورد

براى جشم ضعيف رمد كرفئة ما ... زخاك مقدم محبوب توتيا أورد

فاستقبله يوسف والملك الريان فى اربعة آلافغ من الجند او ثلاثمائة الف فارس والعظماء واهل مصر باجمعهم ومع كل واحد من الفرسان جنة من فضة وراية من ذهب فتنزينت الصحراء بهم واصطفوا صفوفا وكان الكل غلمان يوسف ومراكبه ولما صعد يعقوب تلا ومعه اولاده وحفدته اى اولاد اولاده ونظر الى الصحراء مملوءة من الفرسان مزينة بالالواننظر اليهم متعجبا فقال له جبريل انظر الى الهواء فان الملائكة قد حضرت سرورا بحالكم كما كانوا محزونين مدة لاجلك . يعنى [ ازين لشكر وتجمل عجب ميدارة ببالا نكر جنود ملك از زمين تا فلك بتفرج آمده بشادئ تو مبتهج ومسرورند جنانجه درين مدت ازاندوه تومخرون ورنجور بوجند ] ثم نظر يعقوب الى الفرسان فقال ايهم ولدى يوسف فقال جبريل هو ذاك الذى فوق رأسه ظلة فلم يتمالك ان اوقع نفسه من البعير فجعل يمشى متوكئا على يهودا

راه نزديك وبماندم سخت دير ... سير كشتم زين سوارى سيرير

سرنكون خودرا زاشتردرفكند ... كيف سوزندم زغم تاجند جند

فقال جبريل يا يوسف ان اباك يعقوب قد نزل فانزل له فنزل من فرسه وجعل كل واحد منهما يعدى الى الآخر فلما تقربا قصد يوسف ان يبدأ بالسلام فقال جبريل لا حتى يبدأ يعقوب به لانه افضل واحق قابتدأ به وقال السلام عليك يا مذهب الاحزان

جه جورها كه كشيدند بلبلان ازدى ... ببوى آنكه دكر نو بهار باز آيد

فتعانقا وبكيا سرورا وبكت ملائكة السموات وماج الفرسان بعضهم فى بعض وصهلت الحيول وسبحت الملائكة وضرب بالطبول والبوقات فصار كأنه يوم القيامة

جه خوش حاليست روى دوست ديدن ... بس از عمرى بيك ديكر رسيدن

بكام دل زمانى آرميدن ... بهم كفتن سخن وزهم شنيدن

قال يوسف يا ابت بكيت على حتى ذهب بصرك ألم تعلم ان القيامة تجمعنا فقال بلى ولكن حشيت ان يسلب ديتك فيحال بينى وبينك نسأل اللّه الثبات على الايمان انه الكريم المنان

عروسى بود نوبت ماتمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت

{ آوى اليه ابويه } الجمهور على ان المراد بابويه ابوه وخالته ليا لان امه راحيل كانت قد ماتت فى ولادة بنيامين ولذلك سمى بنيامين فان يامين وجع الولادة بلسانهم كما فى تفسير ابى الليث.

والرابة وهى موطوءة الال تدعى اما لقيامها مقام الام او لان الخالة ام كما ان العم اب . والمعنى ضمهما الى نفسه فاعتنقهما وكأنه عليه السلام حين استقبلهم نزلهم فى خيمة او بيت كان له هناك فدخلوا عليه فى ذلك البيت او الخيمة وضمهما اليه

وقال الكاشفى [ يس در مزديك مصر موضعى بود ازان يوسف وقصر رفيع در آنجا ساختة بودند يوسف درانجا نزول فرمود بس آن هنكام كه در آمدبر يوسف دران منزل لآوى اليه ابويه جاى داد بسوى خود بدر وخاله خودرا كه بجاى مادرش بود وديكر باره برادران را دركنار كرفت خالته رابرسش فرمود وبرادر زادكانرا نوازش كرد ]

{ وقال } لهم قبل ان يدخلوا مصر

{ ادخلوا مصر ان شاء اللّه آمنين } من الجوع والخوف وسائر المكاره قاطبة لانهم كانوا قبل ولاية يوسف يخافون ملوك مصر ولا يدخلونها الا باجازتهم لكونهم جبابرة والمشيئة متعلقة بالدخول والامن معا كقولك للغازى ارجع سالما غانما ان شاء اللّه فالمشيئة متعلقة بالسلامة والغنم معا والتقدير ادخلوا مصر آمنين وذو الحال هو فاعل ادخلوا

١٠٠

{ ورفع ابويه } عند نزولهم بمصر وكانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وكانوا حين خرجوا منها مع موسى عليه السلام ستمائة الف وخمسمائة وبضعا وتسعين او سبعين رجلا سوى الذرية والهرمى وكانت الذرية الف الف ومائتيى الف

{ على العرش } وهو السرير الذى كان يجلس عليه يوسف وهو بالفارسية [ تخت ] اى اجلسهما معه على سرير الملك تكرمة لهما فوق ما فعله لاخوته واشتركوا فى دخول دجار يوسف لكنهم تباينوا فى الايواء فانفرد الابوان بالجلوس معه على سرير الملك لبعدهما من الجفاء كذا غدا اذا وصلوا الى الغفران يشتركون فيه فى دخول الجنة ولكنهم يتباينون فى بساط القربة فيختص به اهل الصفاء دون من اتصف اليوم بالالتواء

هركسى ازهمت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش

{ وخروا له } [ وبروى درافتادند بدر وخاله وبرادران مرورا ]

{ سجدا } حال مقدرة لان السجود بعد الخرور يكون اى حال كونهم ساجدين تحية وتكرمة له فانه كان السجود عندهم جاريا مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوفير والرفع مؤخر عن الخرور اذ السجود دله كان قبل الصعود على السرير فى اول الملاقاة لان ذلك هو وقت التحية الا انه قدم لفظا للاهتمام بتعظيمه لهما والترتيب الذكرى لا يجب كونه على وقف الترتيب الوقوعى وليصل به ذكر كونه تعبير الرؤيا

قال الكاشفى [ يوسف كه آن حال مشاهدة نمود اظهار مسرت وبهجت فرمود ]

{ وقال يا ابت } [ اى بدر من ]

{ وهذا } [ اين سجده كردن شمارا ]

{ تأويل رؤياى } التى رأيتها وقصصتها عليك

{ من قبل } فى زمن الصبى يريد قوله

{ انى رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين } { وقد جعلها ربى حقا } صدقا فى اليقظة واقعا بعينها

قال بعضهم وقعت رؤيا يوسف بعد اربعين سنة واليها ينتهى الرؤيا

يقول الفقير فيكون القول بان الاجتماع كان بعد ثمانين سنة مرجوحا

واعلم ان السبب فى تأخير ظهور المنامات الجيدة وسرعة الرديئة هو آن القدرة الالهية المظهرة لهذه المنامات تعجل البشارة بالخيرات الكامنة قبل اوانها بمدة طويلة لتكون مدة السرور اطول وتؤخر الانذار بالشرور الكامنة الى زمان يقرب من حصولها ليقصر زمان الهم والحزن

قال الشيخ صدر الدين الفتوى قدس سره فى شرح قوله عليه السلام ( اصدق المنامات ما رؤى فى السحر ) اعلم ان السحر هو زمان اواخر الليل واستقبال اول النهار والليل مظهر الغيب والظلمة والنهار هو زمان الكشف والوضوح ومنتهى سير المغيبات والمقدرات الغيبية فى العلم الالهى ثم عاد المعانى والارواح ولما كان السحر هو مبدأ زمان السحر هو مبدأ زمان استقبال كمال الانكشاف والتحقق لزم ان الذى يرى اذ ذاك يكون قريب الظهور والتحقق والى ذلك اشار يوسف بقوله هذا

{ تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا } اى ما كملت حقية الرؤيا الا بظهورها فى الحس فان فيه ظهر المقصود من تلك الصورة الممثلة واينعت ثمراتها انتهى

وقال حضرة الشيخ الا كبر قدس سره الاطهر

{ هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقها } اى اظهرها فى الحس بعد ما كانت فى صورة الخيال فقال النبى عليه السلام ( الناس نيام ) اى جعل النبى عليه السلام اليقظة ايضا نوعا من انواع النوم لغفلة الناس فيها عن المعانى الغيبية والحقائق الالهية كما يغفل النائم عنها فكان قول يوسف

{ قد جعلها ربى حقا } بمنزلة من رأى فى نومه انه استيقظ من رؤيا رآها ثم ذكرها وعبرها ولم يعلم انه فى النوم عينه ما برح فاذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأنى استيقظت واولتها بكذا هذا مثل ذلك كما قال فى المثنوى

اين جهانرا كه بصورت قائمست ... كفت بيغنبر كه حلم نائمست

او كمان برده كه ابن دم خفته ام ... بى خبرزان كوست درخواب دوم

فانظر كم بين ادراك محمد وبين ادراك يوسف عليهما السلام فى آخر امره حين قال

{ هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا } معناه ثابتا حسا اى محسوسا وما كان الا محسوسا فان الخيال لا يعطى ابدا الا المحسوسات ليس له غير ذلك فالنبى عليه السلام جعل الصورة الحسية حقا ثابتا والصور الخيالية غير ذلك فصار الحس عنده مجالى للحق والمعانى الغيبية دون الخيال فانظر ما اشرف علم ورثة سيد الانبياء والرسل صلوات اللّه وسلامه عليه وعليهم اجمعين وهم اى الورثة الاولياء الكاملون المطلعون على هذه الاسرار

والاشارة ان يعقوب هو الروح وزوجته النفس واولاده اوصاف البشرية والقوى والحواس ويوسف هو القلب والقلب بمثابة العرش وهو على الحقيقة عرش الرحمن والسجدة كانت على الحقيقة لرب العرش لا للعرش وقوله ان شاء اللّه لانه لا يصل الى مصر حضرة الملك العزيز احد الابجذبة مشيئته وقوله آمنين اى من الانقطاع عن تلك الحضرة فانها منزهة عن الاتصال والانفصال والانقطاع عنها

فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الوصول الى ان تنفتح بصيرته ويتخلص من الظلمة ولا يقول اين هو كما قال فى المثنوى

اين جهان بر آفتاب ونورماه ... اوبهشت سرفرو برده بجاه

كه اكر حقست بس كوروشنى ... سر زجه بردار وبنكراى دنى

جمله عالم شرق وغرب آن نوريافت ... تاتودر جاهى نخواهد برتوتافت

وصحبة هذا النور انما تحصل بالصبر على المعاصى والشرور واصلاح الطبيعة والنفس بالشريعة والطريقة وحبس الوجود فى ظلمة بيت الخلوة الى اشراق نور الحقيقة ألا ترى الى قول الحافظ الشيرازى

آنكه بيرانه سرم صحبت يوسف بنواخت ... اجر صبريست كه در كلبه احزان كردم

اللهم اجعلنا من الواصلين

{ وقد احسن بى } قال فى الكواشى المفعول محذوف تقديره احسن بى صنععه والمشهور استعمال الاحسان بالى وقد يستمل بالباء ايضا كما فى قوله

{ وبالوالدين احسانا } والمعنى بالفارسية [ وبدرستى كه نيكويى كرده است بمن آفرين كارمن ]

{ اذا اخرجنى من السجن } [ جون بيرون آورد مرا اززندان ] ولم يذكر الجب لئلا يستحيى اخوته ومن تمام الصفح والعفو ان لا يذكر ما تقدم من الذنب ولانه كان فى السجن مع الكفار وفى الجب مع جبرائيل ولانه كان فى وقت دخول الجب صغيرا ولا يجب الشكر على الصبيان ولان عهده بالسجن اقرب من الجب فلذا ذكره والوجه الاول ارجح وقد سبق مثله فى حق زليخا ايضا حيث قال

{ ارجع الى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن ايديهن } ولم ذكر زليخا

قال لقمان رضى اللّه عنه خدمت اربعة آلاف نبى واخترت من كلامهم ثمانى كلمات . ان كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك . وان كنت فى بيت الغير فاحفظ عينيك . وان كنت بين الناس فاحفظ لسانك . واذكر اثنين . وانس اثنين . اما اللذان تذكرهما فاللّه والموت .

واما اللذان تنساهما احسانك فى حق الغير واساءة الغير فى حقك

وفى التأويلات اخرجنى من سجن الوجود ولهذا لم يقل من الجب جب البشرية ونعمة اخراجه من سجن الوجود اكبر من نعمة اخراجه من جب البشرية

{ وجاء بكم } [ وآورد شمارا ]

{ من البدو } قال فى القاموس والبدو والبادية خلاف الحضر لكون الصحراء بادية على العين اى ظاهرة سميت بها وكانوا اصحاب المواشى والعمد اى الاخيبة ينتقلون فى الماء والمرعى

وقال الكاشقى [ وآن موضعى بود اززمين فلسطين درزمين شام كه يعقوب آنجانشستى وآن نزديك كنعان بود يوسف جهت شكر نعمت فرمودكه حق سبحانه وتعالى مرا اززندان تبخت رسانيد وشمارا ازباديه نزديك من آورد تابايكديكر برنشينيم ]

{ من بعد ان نزغ الشيطان بينى وبين اخوتى } اى افسد بيننا وحرش واغرى من نوغ الرائض الدابة اذا نخسها وحملها على الجرى والحركة ولقد بالغ فى الاحسان حيث نسب ذلك الى الشيطان

يقول الفقير الادب ان يسند الشر الى النفس والشيطال لانهما معدنه ومنشأه وان كان الكل بخلق اللّه تعالى

{ ان ربى لطيف لما يشاء } اى لطيف التدبير لاجله رفيق حتى يجيئ على وجه الحكمة والصواب ما من صعب الا وهو بالنسبة الى تدبيره سهل

وقال فى الكواشى ذو لطف بمن يشاء واللطف الاحسان الخفى

قال الامام الغزالى رحمه اللّه انما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى ايصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف واذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى الادراك تم معنى اللطف ولا يتصور كما فى العلم والفعل الا لله تعالى وحفظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد اللّه تعالى والتلطف بهم فى الدعوة الى اللّه والهداية الى سعادة الآخرة من غير ازراء وعنف ومن غير تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والاعمال الصالحة فانها اوقع والطف من الالفاظ المزينة : وفى المثنوى

بند فعلى خلق را جذابتر ... كه رسددرجان هربا كوش كر

{ انه هو العليم } بليغ العلم بوجود المصالح والتدابير

{ الحكيم } الذى يفعل كل شيء على قضية الحكمة وقد سبق فى اوائل هذه السورة سر التقدم والتأخر بين اسمى العليم والحكيم -روى- ان يوسف اخذ بيد يعقوب فطاف به فى خزائنه فادخله فى خزائن القراطيس وهو اول من عملها قال يا بنى ما اعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت الىّ على ثمانى مراحل

صد بارشد از عشق توام حال دكر كون ... يكبار نكفتى فلان حال توجون شد

قال امرنى جبريل قال أو ما تسأله قال انت ابسط اليه منى فاسأله قال جبريل اللّه امرنى بذلك لقولك اخاف ان يأكله الذئب قال فهلا خفتنى : قال المولى الجامى

زليخا جون زيوسف كام دل يافت ... بوصل دائمتش آرام دل يافت

تمادى يافت ايام وصالش ... دران دولت زجل بكذشت سالش

بيايى داد آن نخل برومند ... بر فرزند بل فرزند فرزند

مرادى درجهان دردل نبودش ... كه برخوان امل حاصل نبودش

وولد ليوسف من راعيل اى زليخا افراييم وميشا وخمة امرأة ايوب عليه السلام وولد لافراييم نون ولنون يوشع فتى موسى ولما نزل يعقوب فى قصر يوسف جاء اولاد يوسف فوقفوا بين يدى يعقوب ففرح بهم وقبلهم وحدثه يوسف بحديثه مع زليخا وما كان منه ومنها واخبره ان هؤلاء اولاده منها فاستدعاها يعقوب فحضرت وقبلت يده وسألته زليخا ان ينزل عندها فقال لا ارضى بزينتكم هذه ولكن اصنعوا لى عريشا من البردى والقصب مثل عريشى بارض كنعان فصنعوا له عريشا كما اراد ونزل فيه فى اتم سرور وغبطة

قال السهيلى كان مساكن نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم مبنية من جريد النخل عليه طين وبعضها من حجارة مرصوصة وسقفها كلها من جريد

وعن الحسن البصرى كنت وانا مراهق ادخل بيوت ازواج النبى عليه السلام فى خلافة عثمان رضى اللّه عنه فاتناول سقفها بيدى وهدمها عمر بن عبد العزيز بعد موت ازواجه عليه السلام وادخلها فى المسجد

قال بعضهم ما رأيت باكيا اكثر من ذلك اليوم وليتها تركت ولم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء ويرضون بما رضى اللّه لنبيه عليه السلام ومفاتيح خزائن الارض بيده عليه السلام اى فان ذلك مما يزهد الناس فى التكاثر والتفاخر فى البنيان وفى الحديث ( ان شر ما ذهب فيه مال المرء المسلم البنيان )

وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه اخوه الخليفة هارون يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووصعت النص ان كان من مالك فقد اسرفت ان اللّه لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك ظلمت ان اللّه لا يحب الظالمين

١٠١

{ رب } - روى - ان يعقوب اقام مع يوسف اربعا وعشرين سنة واوصى ان يجفنه بالشام الى جنب ابيه اسحاق فنقله يوسف بنفسه فى تابوت من ساج فوافق يوم وفاة عيص فدفنا فى قبر واحد وكانا فى بطن واحد وكان عمرهما مائة وسبعا واربعين سنة كما فى تفسير ابى الليث ثم عاد الى مصر وعاش بعد ابيه ثلاثا وعشرين سنة وكان عمره مائة وعشرين سنة فلما جمع اللّه شمله وانتظمت اسبابه واطردت احواله ورأى امره على الكمال علم انه اشرف على الزوال وان نعيم الدنيا لا يدوم على كل حال قال قائلهم

اذا تم امردنا نقصه ... توقع زوالا اذا قيل تم

فسأل اللّه الموت بحسن العاقبة

قال الكاشفى [ يوسف بدررا بخواب ديدكه ميكويد اى يوسف بغايت مشاق لقاى بشتاب تاسه روز ديرنزد من آبى يوسف ازخواب درآمد وبرادرانرا ووصيتها كرد ويهودا ولى عهد ساخنة فرزندانرا بروسبرد وبطريق مناجات كفت اى بروردكار من ]

{ وقد آتيتنى من الملك } اى اعطيتني بعضا منه عظيما وهو ملك مصر اذ لم يكن له ملك كل الدنيا

قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره كان فى وجود يوسف عليه السلام قابلية السلطنة

واما سلطان الأنبياء صلّى اللّه عليه وسلّم فقد افتى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شئ فظهر مكانه شئ لا يوسف بحيث وقع تجلى الذات فملكه وسلطانه لايداينه شئ ولذا لو قال احد على وجه التحقير انه كان فقير ايكفر

شمع سراجه ابيت اختر برج لودنوت ... تارك دينئ دنى مالك ملكت دنا

{ وعلمتتنى من تأويل الاحاديث } [ وبياموختى مراز تعبير خوابها ] ومن للتبعيض ايضا لانه لم يؤت علم كل التأويل على التفصيل وان جاز ان يؤتى ملكته ويقال من هنا لابانة الجنس لا للتبعيض

قال ابن الكمال الاحاديث مبنى على واحدة المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على احداثه ثم جمعوا الجمع على احاديث كقطيع واقعة واقاطيع والمراد بالاحاديث الرؤى جمع الرؤيا وتأويلها بيان ما تؤول هى اليه فى الخارج وعلم التعبير من العلوم الجليلة لكنه من لوازم النبوة والولاية فقد يعطيه اللّه بعض خواسه على التفصيل ولعضهم على الاجمال

{ فاطر السموات والارض } اي خالقهما موجدهما من العدم الى الوجود

قال ابن عباس رضى اللّه عنهما كان معنى الفاطر غير ظاهر الى ان تقدم رجلان من العرب يدعى كل منهما الملكية فى بئر احدهما انا فاطرتها اي ابتدأت حفرها فلاعفت ذلك

{ انت وليى } سيدي وانا عبدك

وقال الكاشفى [ تويى يار من ومتولئ كارمن ] اى القائم بامرى

{ فى الدنيا والآخرة } [ درين سراى ودران سراى ] واعلم ان من عرض له حاجة فاراد ان يدعو فعليه ان يقدم الثناء على اللّه تعالى ولذا قدم يوسف عليه السلام الثناء ثم قال داعيا

{ توفنى مسلما } وهو طلب للوفاة على حال الاسلام لانها تمام النعمة ونحوه

{ ولا تموتن الا وانتم مسلمون } ويجوز ان يكون تمنيا للموت اى اقبضنى اليك مخلصا بتوحيدك

قيل ما تمنى الموت نبى قبله ولا بعده الا هو : وفى المثنوى

يس رجال ازنقل عالم شادمان ... وزبقا اش شادمان اين كودكان

همجنين باد اجل بر عارفان ... نرم وخوش همجون نسيم يوسفان

أتش ابراهيم را دندان نزد ... جون كزيده حق بود جونش كزد

وفى الحديث ( الموت تحفة المؤمن ) لان الدنيا سجنه لا يزال منها فى عناء بمقاساة ورياضتها فى شهواتها ومدافعة شيطانه فالموت اطلاقه واستراحته كما قيل موت الامراء فتنة وموت العلماء مصيبة وموت الاغنياء محنة وموت الفقراء راحة وفى الحديث ( من احب لقاء اللّه احب لقاءه ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه ) وقالوا يا رسول اللّه كلنا نكوه الموت قال ( ليس ذلك بكراهة للموت ولكن المؤمن اذا احتضر جاء البشير من اللّه بما يرجع اليه فليس شئ احب اليه من لقاء اللّه لقاءه وان الفاجر او الكافر اذا احتضر جاءه النذير بما هو صائر اليه من الشر فكره لقاء اللّه فكره اللّه لقاءه ) ومعنى محبة اللّه افاضة فضله على المؤمن واكثار العطايا له ومعنى كراهته تبعيد الكافر عن رحمته وارادة نقمته

وانما دعا يوسف بهذا الدعاء وهو التوفى مسلما ليقتدى به قومه ومن بعده ممن ليس بآمن على ختمه فلا يترك الدعاء امتثالا له لان ظواهر الانبياء عليهم السلام كانت لنظر الامم اليهم ليعلموا موضع الشكر من موضع الاستغفار

{ والحقنى بالصالحين } اى بآبائى المرسلين فى الجنة او بعامة الصالحين فى النعمة والكرامة وهو اسم للانبياء لكمال حالهم واستجماع خصال الخير فيهم قال تعالى

{ وادخلناهم فى رحمتنا انهم من الصالحين } قال سعدى المفتى فيه بحث فان يوسف من اكابر الانبياء والصلاح اول درجات المؤمنين فكيف يليق به ان بطلب اللحاق بمن هو فى البداية ثم قال ويمكن ان يقال سبيله سبيل الاستغفار عن نبينا عليه السلام فان امثاله تصدر عن الانبياء هضما للنفس انتهى

يقول الفقير هذا معنى ساقط ذهول عن حقيقة الحال وكأنه ذهب بوهمه الى ترتيب قوله تعالى

{ فاولئك مع الذين انعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } ولم يعرف ان مرتبة الصلاح مرتبة عظيمة جامعة لجميع المراتب ان الصالح اذا ترقى من مقامه يسمى شهيدا ثم صديقا ثم نبيا ويزم منه ان لا يتصف الشهيد مثلا بالصلاح فان تسميته شهيدا انما هى باعتبار صفة غالبة كتسمية الانسان اميرا ثم وزيرا باعتبار تفاوت درجات ولايته مع كونه انسانا فى نفسه ان ارباب البداية يسمون صلحاء كذلك اصحاب النهاية بشهادة اللّه تعالى كما قال

وقال فى القصص ماتت زليخا قبله فحزن عليها ولم يتزوج بعدها ولما دنت وفاة يوسف وصى الى ولده افراييم ان يسوس الناس وقال ان يوسف خرج باهله واولاده واخوته ومن آمن معه من مصر ونزل عليه جبريل فخرق له من النيل خليجا الى الفيوم ولحق به كثير من الناس وبنوا هناك مدينتين وسموهما الحرمين فكان يوسف هناك سنين الى ان مات فتخاصم المصريون فى مدفنه من جانبى النيل كل طائفة ارادت ان يدفن يوسف فى جانبه وسمته تبركا بقبره الشريف وجلبا للخصب حتى هموا بالقتال ثم تصالحوا على ان يدفن سنة فى جانب مصر وسنة فى جانب آخر من البدو فدفن فى الجانب المصرى فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر من البدو ثم نقل الى الجانب البدوي فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر المصري ثم اتفقوا على دفنه فى وسط النيل وقدروا ذلك بسلسلة وعملوا له صندوقا من مرمر

شكاف سنك قيراندى كردند ... ميان قعر نيلش جاى كردند

يكى شد غرق بحر آشنايى ... يكى لب تشنه در بر جدايى

به بين حيله كه جرخ بى وفا كرد ... كه بعد مركش ازيوسف جدا كرد

نمى دانم بايشان جه كين داشت ... كه زيرخا كشان آسوده نكذاشت

وعن عروة بن الزبير رضى اللّه عنهما قال ان اللّه تعالى حين امر موسى عليه السلام بالسير ببنى اسرائيل امره ان يحمل معه عظام يوسف وان لا يخلفها بارض مصر وان يسير بها حتى يضعها فى الارض المقدسة اى وفاء بما اوصى به يوسف فقد ذكر انه لما ادركته الوفاة اوصى ان يحملب الى مقابر آبائه فمنع اهل مصر اولياءه من ذلك فسأل موسى عمن يعرف موضع قبر يوسف فما وجد احد يعرفه الا عجوزا فى بنى اسرائيل فقالت له يا بنى انا اعرف مكانه وادلك عليه ان انت اخرجتنى معك ولم تخلفنى بارض مصر قال افعل . وفى لفظ انها قالت اكون معك فى الجنة فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له اهطها طلبتها فاعطاها وقد كان موسى وعد بنى اسرائيل ان يسير بهم اذا طلع القمر فدعا ربه ان يؤخر طلوع القمر حتى ارته اياه فى ناحية من النيل.

وفى لفظ فى مستنقعة ماء اى وتلك المستنقعة فى ناحية من النيل فقالت لهم انضبوا عنها الماء اى ارفعوا عنها ففعلوا فقالت احفروا فحفروا واخرجوه . وفى لفظ انها انتهت به الى عمود على شاطئ النيل اى فى ناحية منه فلا يخالفه ما سبق فى اصله سكة من حديد فيها سلسلة . ويجوز ان يكون حفرهم الواقع فى تلك الرواية كان على اظهار تلك السلسلة فلا مخالفة ووجده فى صندوق من حديد فى وسط النيل فى الماء استخرجه موسى وهو فى صندوق من مرمر اى داخل ذلك الصندوق الذى من الحديد فاحتمله

وفى انيس الجليس ان موسى قم معى الى والدتك فقال الرجل ودخل منزلته واتى بقعة فيها والدته فقال لها ألك علم بقبر يوسف قالت نعم ولا ادلك على قبره الا ان دعوت اللّه ان يرد علىّ شبابى الى سبع عشرة سنة ويزيد فى عمرى مثل ما مضى فدعا لها موسى لها وقال لها كم عمرك قالت تسعمائة سنة فعاشت الفا وثمانمائة سنة فارته قبر يوسف وكان فى وسط نيل مصر ليمر النيل عليه فيصل الى جميع مصر فيكونوا شركاء فى بركته فاخصب الجانبان وكان بين دخول يوسف مصر الى يوم خروج موسى اربعمائة سنة وهو اى يوسف اول نبىّ من بنى اسرائيل

قال فى بحر العلوم ولقد توارثت الفراعنة من العمالقة بعده مصر ولم تزل بنوا اشرائيل تحت ايديهم على بقايا دين يوسف وآبائه الى ان بعث اللّه موسى فنجاهم من الفراعنة بعونه وتيسيره

وعن عمر بن عبد العزيزان ميمون بن مهران بات عنده فرآه كثير البكاء والمسألة للموت فقال صنع اللّه على يديك خيرا كثيرا احييت سننا وامت بدعا وفى حياتك خير وراحة للمسلمين فلا افلا اكون كالعبد الصالح لما اقر اللّه عينه وجمع له امره قال توفنى مسلما والحقنى بالصالحين

كرت ملك جهان زير نكين است ... بآخر جاى تو زير زمين است

١٠٢

{ ذلك } المذكور من نبأ يوسف يا محمد

{ من انباء الغيب } من الاخبار التى غاب عنك علمها

{ نوحيه اليك } على لسان جبريل هوهو خبر ثان لقوله ذلك

{ وما كنت } حاضرا

{ لديهم } اى عند اخوة يوسف

{ اذا جمعوا امرهم } حين عزموا الى القائه فى غيابة الجب فان الاجماع العزم على الامر يقال اجمعت الامر وعليه

{ وهم يمكرون } به وبابيه ليرسله معهم وانما نفى الحضور وانتفاؤه معلوم بغير شبهة تهكما بالمنكرين للوحى من قريش وغيرهم لانه كان معلوما عند المكذبين علما يقينا انه عليه السلام ليس من جملة هذا الحديث واشباهه ولا قرأ على احد ولا سمع منه وليس من علم قومه اذا اخبر به لم يبق شبهة فى انه من جهة الوحى لا من عنده فاذا انكروه تهكم بهم

وقيل لهم قد علمتم يا مكابرين انه لا سماع له من احد ولا قراءة ولا حضور ولا مشاهدة لمن مضى من القرون الخالية -روى- ان كفار قريش وجماعة من اليهود سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قصة يوسف على سبيل التعنت فلما اخبرهم عن موافقة التوراة لم يسلموا فحزن النبى عليه السلام فعزاه الله

١٠٣

بقوله

{ وما اكثر الناس } عام لاهل مكة وغيرهم

{ ولو حرصت } على ايمانهم وبالغت فى اظهار الآيات لهم والحرص طلب شيء باجتهاد فى اصابته

{ بمؤمنين } لعنادهم وتصميمهم على الكفر وهذا فى الحقيقة من اسرار القدر لان عدم ايمانهم من مقتضيات استعداداتهم الازلية الغير المجعولة واحوال العيانهم الثابتة

فان قلت فما فائدة التكليف والامر بما يعلم عدم وقوعه

قلت فائدته تمييز من له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة واهلهما

فان قلت لم كان الكفرة اكثر من اللّه تعالى خلق الخلق للعبادة

فان المقصود ظهور الانسان الكامل وهو واحد كالف

١٠٤

{ وما تسألهم عليه } اى على الانباء والارشاد بالقرآن

{ من اجر } ما يعطونك كما يفعله حملة الاخبار والمراد انا ارخينا العلة فى التكذيب حيث بعثناك مبلغا بلا اجر

{ ان هو } اى ما القرآن

{ الا ذكر } عظة من اللّه وانذار

{ للعالمين } عامة بعثا لهم على طلب النجاة

وفيه اشارة الى ان الدعوة والارشاد وسائر افعال الخير لا يطلب فيها المنفعة من الناس فانها لله تعالى وما كان لا يجوز ان يشوبه شيء من اغراض الدنيا والآخرة : وفى المثنوى

عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزدواجرت خدمت هم اوست

وفى التأويلات النجمية يشير الى اللاهوتية غير محتاجة الى الناسوتية وان دعنها الى الاستكمال لانها كاملة فى ذاتها مكملة لغيرها

١٠٥

{ وكأين } قال المولى الجامى فى شرح الكافية من الكناية كاين وانما بنى لان كاف التشبيه دخلت على أى وأى كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان نون التنوين لا صورة لها فى الخط اه

{ من آية } اى كثير من الآيات الدالة على وجود الصانع وتوحيده وصفاته من العلم والقدرة وغير ذلك

{ فى السموات والارض } صفة آية كالشمس والقمر والنجوم والمطر والشجر والدواب والبحار والانهار

{ يمرون عليها } خبر كأين اى يمرون على الايات ويشاهدونها

{ وهم عنها معرضون } لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها والقرآن هو المبين لتلك الآيات فمن لم يكن متصفا باخلاقه اذا قرأ القرآن ناداه اللّه مالك ولكلامى وانت معرض عنى دع عنك كلامى ان لم تتب الىّ ولما سمع المشركون قوله وكأين من آية الآية قالوا انا نؤمن باللّه الذى خلق هذه الاشياء فانزل الله

١٠٦

{ وما يؤمن اكثرهم باللّه الا وهم مشركون } حيث يثبت له شريكا فى المعبودية تقول العرب فى تلبيتهم لبيك لا شريك لك الا شريك هولك تملكه وما مالك ويقول اهل مكة اللّه ربنا وحده لا شريك له والملائكة بناته فلم يوحدوه ب اشركوا ويقول عبدة الاصنام اللّه ربنا وحده والاصنام شركاؤه فى استحقاق العبادة وقالت اليهود ربنا اله وحده وعزيز ابن اللّه وقالت النصارى ربنا اللّه وحده والمسيح ابنه

وفى التأويلات

{ وما يؤمن اكثرهم } اكثر الخلق

{ باللّه } وطلبه

{ الا وهم مشركون } برؤية الايمان والطلب انهما منهم لا من اللّه فان من يرى السبب فهو مشرك ومن يرى المسبب فهو موحد وان كل شيء هالك فى نظر الموحد الا وجهه انتهى

ولما دخل الواسطى نسابور سال اصحاب الشخ ابى عثمان المغربى بم يأمركم شيخكم قالوا يأمرنا بالتزام الطاعة ورؤية التقصير عنها فقال امركم بالمجوسية المحضة هلا امركم بالغيبة عنها بشهود منشأها ومجراها

١٠٧

{ أفأمنوا } يعنى المشركون

{ ان تأتيهم غاشية من عذاب اللّه } عقوبة تغشاهم وتشملهم

{ او تأتيهم} وتشملهم او تأتيهم

{الساعة بغتة } مصدر فى موضع الحال بالفارسية [ ناكاه ] اى فجأة من غير سابقة علامة

{ وهم لا يشعرون } باتيانها غير مستعدين لها

فان قيل اما يؤدّى وله بغتة مؤدّى قوله وهم لا يشعرون فيستغنى عنه

قيل لا فان معنى قوله وهم لا يشعرون وهو غافلون لاشتغالهم بامور دنياهم كقوله تأخذهم وهم يخصمون وفى الحديث ( موت الفجأ اخذة السيف ) بكسر السين اى غضبان يعنى موت الفجأة اثر غضب اللّه على العبد والفجاءة بالمد مع الضم وبالقصر مع فتح الفاء هى البغتة دون تقدم مرض ولا سبب وفى الحديث ( اكره موتا كموت الحمار ) قيل وما موت الحمار قال ( موت الفجأة ) وانما كره لئلا يلقى المؤمن ربه على غفلة من غير ان يقدم لنفسه عذرا ويجدد توبة ويرد مظالمه -وروى- ان ابراهيم وداود وسليمان عليهم السلام ماتوا فجأة ويقال ان موت الصالحين وحمل الجمهور الاول على من له تعلقات يحتاج الى الايصاء اما المنقطعون المستعدون فانه تخفيف ورفق بهم كذا فى شرح الترغيب المسمى بالفتح القريب

ذكر بعض السلف ان الخضر عليه السلام هو الذى يقتل الذين يموتون فجأة كما فى انسان العيون

قال فى التأويلات النجمية فى الحقيقة يشير بالساعة الى عشق ومحبة من اللّه بلا سبب من الاسباب

وقيل العشق عذاب اللّه والعشق اخص من المحبة لانه محبة مفرطة والعشق عبارة عن هيجان القلب عند ذكر المحبوب والشوق عبارة عن انزعاج القلب الى لقاء المحبوب

وقال حكيم الشوق نور شجرة المحبة والعشق ثمرتها

وقال بعض اهل الرياضة الشوق فى قلب المحب كالفتيل فى المصباح والعشق كالدهن : قال المولى الجامى

اسير شوق كىزاد باشى ... غمش برسينه نه تاشاد باشى

نى عشقت دهد كرمى وهستى ... دكر افسر دكى وخود برستى

١٠٨

{ قل هذه سبيلى } اى هذه السبيل التى هى الدعوة الى الايمان والتوحيد اى طريقى وهما يذكران ويؤنثان ثم فسرها بقوله

{ ادعو الى اللّه } الى دينه وطاعته وثوابه الموعود يوم البعث

{ على بصيرة } بيان وحجة بصيرة اى واضحة مرشدة الى المطلوب فان الدليل اذا كان بصيرا يتمكن من الارشاد والهداية بخلاف ما اذا كان اعمى

{ انا } تأكيد للمستتر فى ادعو

{ ومن اتبعنى } عطف عليه اى ادعو اليه انا ويدعو اليه من اتبعنى

{ وسبحان اللّه } اسممن التسبيح منصوب بفعل مضمر وهو اسبح اى اسبح اللّه تسبيحا او انزهه تنزيها من الشركاء

{ وما انا من المشركين } عطف على وسبحان اللّه عطف الجملة على الجملة

وفى نفائس المجالس قل هذه سبيلى اى الدعوة الى التوحيد الذاتى طريقى المخصوصة بى ثم فسر السبيل بقوله ادعو الى اللّه الى الذات الاحدية الموصوفة بجميع الصفات على بصيرة انا ومن اتبعنى فكل من يدعو الى ذلك السبيل فهو من اتباعى : قال فى المثنوى

اين جنين فرمود آن شاه رسل ... كه منم كشتى درين درياى كل

باكسى كودر بصير تعاى من ... شد خايفه راستى برجاى من

كشتى نوحيم در درياكه ن ... رو نكردانى زكشتى اى فتا

وكان الانبياء قبله عليه السلام يدعون الىلمبدأ والمعاد والى الذات الواحدية الموصوفة ببعض الصفات الالهية الا ابراهيم عليه السلام فانه قطب ولذا امر اللّه نبينا عليه السلام باتباعه بقوله

{ ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا } فهو من اتباع ابراهيم باعتبار الجمع دون التفصيل اذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذا لم يكن غيره خاتما

{ وسبحان اللّه } انوه عن اشتراك الغير بل هوالداعى الى ذاته

{ وما انا من المشركين } المثبتين للغير فى مقام التوحيد

قال بعضهم الداعى الى اللّه يدعو الخلق به والداعى الى سبيله يدعوهم بنفسه ولذلك كثرت الاجابة الى الثانى لمشاركته الطبع ثم للاتباع على الظاهر كما هو حال العامة وللاتباع على الحقيقة كما هو حال الخاصة ولا سبيل الى الدعوة على بصيرة الا بعد الاتباع قولا وفعلا وحالا وهو النتيجة من الاتباع على الظاهر -جكى- ان فقيها قصد الى زيارة ابى مسلم المغربى فسمعه يلحن فى القرآن فقال فى نفسه قد ضاع سعيى ثم سلط اسدين على الفقيه حيث خرج للوضوء وقت التهجد فهرب وصاح ودفعهما ابو مسلم ثم قال للفقيه ان كنت لحنت فى القرآن فقد لحنت فى الايمان فنحن نسعى فى نصحيح الباطن فيخاف منا المخلوق وانتم تسعون فى الظاهر فتخافون الخلق -وحكى- ان ابن الرشيد اختار البقاء على الفناء فعيره ابوه يوما وقال لحقنى لعار منك بين الملوك فدعا طيا فاجابه ثم قال لابيه ادع انت فدعاه فلم يجب فقال لحقنى العار بين اولياء اللّه لانك كنت اسير الدنيا والبصيرة قوة للقلب المنور بنور القجس يرى بها حقائق الاشياء وبواطنها بمثابة البصر للنفس يرى به صور الاشياء وظواهرها وهى التى يسميها الحكماء العاقلة النظرية والقوة القدسية وجميع قلوب بنى آدم فى الاصل مائلة للبصيرة بحسب الفطرة لكنها لاشتغالها بالذات والشهوات والاعراض عن الطاعات والعبادات اظلمت وبنور البصيرة والتوفيق آمنت بلقيس وسحرة فرعون ونحوهم

واعلم ان اتباع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم باب النجاة وطريق السعادة العظمى

قال سهل محب اللّه على الحقيقة يكون افتداؤه فى احواله واقواله وافعاله بالنبى عليه السلام

قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره سأل امام ابراهيم باشا منى يوما عن تأويلات السلمى لاجل الاذية فقلت له نخلى ذلك فاننا لسنا من اهله ولكن نفتح المثنوى بنيتك ففتحت فجاء

رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود

فتعجب المرحوم وترك الانكار بعد ذلك على اولياء اللّه تعالى

١٠٩

{ وما ارسلنا من قبلك الا رجالا } لا ملائكة فهو رد لقولهم لو شاء ربنا لا نزل ملائكة قالوا ذلك تعجبا وانكارا لنبوته فقال تعالى كيف يتعجبون من ارسلناك اياك والحال ان من قبلك من الرسل كانوا على مثل حالك لان الاستفاضة منوطة بالجنسية وبين البشر والملك مباينة من جهة اللطافة والكثافة ولو ارسل ملك لكان فى صورة البشر كما قال تعالى

{ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا } وقس عليه الجن فلا يكون من الجن رسول الى البشر وفى عبارة الرجال دلالة على ان اللّه تعالى ما بعث رسولا الى الخلق من النوسان لان مبنى حالهن على التستر ومنهتى كمالهن هى الصديقية لا النبوة فمنها آسية ومريم وخديجة وفاطمة وعائشة رضى اللّه عنهن اجمعين

قال الكاشفى [ ودر باب سجاج كاهنه كه دعوئ نبوت مى كرده كفته اند ]

اصحت نبيتنا انثى نطوف بها ... ولم تزل انبياء اللّه ذكرانا

{ نوحى اليهم } على لسان الملك كما نوحى اليك

{ من اهل القرى } من اهل الامصار دون اهل البوادى لغلبة الجهل والقسوة والجفاء عليهم . والمراد بالقرية الحضلا خلاف البادية فتشمل المصر الجامع وغيره اى ما يسمى بالفارسية [ ده وشهر ] لكنه فرق كثير بين المصر الجامع وغيره ولذا قال عليه السلام ( لا تسكنوا الكفور فان ساكنى الكفور ساكنوا القبور ) والكفور القرى واحدها كفر يريديها القرى النائية البعيدة عن الامصار ومجتمع اهل العلم لكون الجهل عليهم اغلب وهم الى التبدع اسرع : وفى المثنوى

ده مرو ده مر درا احمق كند ... عقل را بى نور وبى رونق كند

قول بيغمبر شنو اى مجتبى ... كور عقل آمد وطن درروستا

هركه درر ستابود روزى وشام ... تا بماهى عقل او نبود تمام

تامباهى احمق با او بود ... از حشيش ده جزاينها جه درود

وانكه ماهى باشد اندر روستا ... روز كارى باشدش جهل وعمى

فان قيل فما تقول فى قوله تعالى

{ وجاء بكم من البدو } قلنا لم يكن يعقوب وبنوه من اهل البادية بل خرجوا اليها لمواشيهم

وفى التأويلات النجمية ان الرسالة لا تستحقها الا الرجال البالغون المستعدون للوحى من اهل قرى الملكوت والارواح لا من اهل المدائن الملك والاجساد ولذا قيل الرجال من القرى انتهى : وفى المثنوى

ده جه باشد شيخ واصل ناشده ... دست در تقليد درحجت زده

بيش شهر عقل كلى اين حواس ... جون خران جشم بسته در خراس

{ أفلم يسيروا فى الارض } آياسير نمى كنند كافران درزمين شام ويمن وبرديار عاد وثمود نميكذرند يعنى بايدكه بكذرند ]

{ عاقبة الذين من قبلهم } من المشركين المكذبين الذين اهلكوا بشؤم اشراكهم وتكذيبهم فيحذروهم وينتهوا عنهم والا يحيق بهم مثل ما حاق بهم لان التماثل فى الاسباب يوجب التماثل فى المسببات

{ ولدار الآخرة } [ وهر آيينه سراى آخرت يعنى بهشت ونعمت او ] وهو من اضافة الموصوف الى صفته واصله وللدار الاخرة كما ف قوله تعالى

{ تلك الدار الآخرة } { خير } بهتراست ازلذات فانيه دنيا ]

{ للذين اتقوا } الشرك والمعاصى

{ أفلا تعقلون } تستعملون عقولكم لتعرفوا انها خير

جه نسبت جاه سفلى را بنزهتكا روحانى ... جه ماند كلخن تيره بكاشنهاى سلطانى

-روى- ان عيسى عليه السلام قال لاصحابه لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم قالوا ومن الموتى قال الراغبون فى الدنيا والمحبون لها

وقال بعض الصحابة رضى اللّه عنهم لصدر التابعين انكم اكثر اعمالا واجتهادا من اصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهم كانوا خيرا منكم قيل ولم ذاك قال كانوا ازهد منكم فى الدنيا وارغب فى الآخرة

١١٠

{ حتى اذا استيأس الرسل } حتى غاية محذوف دل عليه الكلام اى لا يغررهم تمادى ايامهم فان من قبلهم امهلوا حتى ايس الرسل من النصر عليهم فى الدنيا او من ايمانهم لانهماكهم فى الكفر مترفهين متمادين من غير رادع

{ وظنوا انهم قد كذبوا } بتخفيف الذال وبناء الفعل للمفعول والمكذوب من كان مخاطبا بالكلام الغير المطابق للواقع حتى القى خبر كاذب . وظنوا انهم حين ضعفوا وغلبوا انهم قد اخلفوا ما وعدهم اللّه من النصر وقال كانوا بشرا وتلا قوله

{ وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه نصر اللّه } فاراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس فى القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية دون ترجح احد الجائزين على الآخر لان ذلك غير جائز على المسلمين فما بال رسل اللّه الذين هم اعرف الخلق بربهم وانه متعال على خلف الميعاد

{ جاءهم نصرنا } فجاة من غير احتساب . والمعنى ان زمان الامهال قد تطاول عليهم حتى توهموا ان لا نصر لهم فى الدنيا فجاءهم نصرنا بغتة بغير سبق علامة

{ فنجنى } بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء

{ من نشاء } قائم مقام الفاعل وهم الانبياء والمؤمنون التابعون لهم وانما لم يعينهم للدلالة على انهم الذين يستاهلون ان شأن نجاتهم لا يشاركهم فيه غيرهم

{ ولا يرد بأسنا } عذابنا

{ عن القوم المجرمين } اذا نزل بهم

قال فى التأويلات النجمية وفى قوله تعالى

{ اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء } اشارة الى ان النصر كان للرسل منجيا من الابتلاء وللامم المكذبة مهلكا بالعذاب ثم اكد هذا المعنى بقوله

{ ولا يد بأسنا عن القوم المجرمين } اى المكذبين . والمعنى ويرد بأسنا عن القوم المطيعين

١١١

{ لقد كان فى قصصهم } الضمير للرسل واممهم اى اخبارهم . وقرئ بكسر القاف جمع قصة

{ عبرة } اسم من الاعتبار وهو الاتعاظ حقيقته تتبع الشيء بالتأمل

{ لاولى الالباب } لذوى العقول المبرأة من شوائب الالف والركون الى الحس

قال فى بحر العلوم اى عظة يتعظ بها ذووا العقول بعدهم فلا يجترئون على نحو ما اخبر هؤلاء من اسباب بأس اللّه والاهلاك بل يجتنبون عن مثلها لانهم ان اتوا بمثلها يترتب على فعلهم مثل ذلك الجزاء ويسعون فى اسباب النصرة والنجاة اذا سمعوا بحال الامم الماضية وهم انهم على الله

والحاصل ان فى قصص اخوة يوسف فكرة وتدبرا لاولى الالباب وذلك ان من قدر على اعزاز يوسف وتمليكه مصر بعد ما كان عبدا لبعض اهلها قادر على ان يعز محمدا وينصره

قال الكاشفى [ سلمى از جعفر صادق نقل ميكند كه مراد از اولى الالباب ارباب اسرارست بس اعتبار ازين قصها ارباب باشد وحقائق الكلام در آيينه دل بى غل ايشان روى نمايد ]

ولى در يابد اسرار معانى ... كه روشن شد بنور جاودانى

{ ما كان } القرآن وماذ كرفيه

{ حديثا يفترى } يتقوله بشر

{ ولكن تصديق الذى بين يديه } اى ولكن كان تصديق ما تقدمه من الكتب السماوية المنزلة على الانباء ودليل صحتها لانه معجزة وتلك ليست بمعجزات فهى مفتقرة الى شهادته على صحة ما فيها افتقار المجتمع عليه الى شهادة الحجة

{ وتفصيل كل شيء } وتبيين كل شيء من امور الدين لاستنادها كلها اليه على التفصيل او الاجمال اذ ما من امر منها الا وهو مبتنى على الكتاب والسنة او الاجماع او القياس والثلاثة الاخيرة مستندة اليه بوسط او بغير وسط

{ وهدى } من الضلالة

{ ورحمة } من العذاب

{ لقوم يؤمنون } من آمن وايقن وانتصاب الاربعة بعد لكن للعطف على خبر كان

واعلم ان القرآن جامع لجميع المراتب ففيه تفصيل ظاهر الدين وباطنه . فالاول للمؤمن بالايمان الرسمى البرهانى . والثانى للمؤمن بالايمان الحقيقى العيانى . وايضا هو هدى على العموم والخصوص ورحمة من عذاب جهنم وعذاب الفرقة والقطيعة فان من اهتدى الى انواره واطلع على اسراه دخل جنة الذوق والحضور والشهود وامن من بلاء البشرية والوجود ولله تعالى عباد لهم تجلى حقائق الآفاق ثم تجلى حقائق الانفس ثم تجلى حقائق القرآن فهذه نسخ ثلاث لا بد للواصل من تلاوة آياته واصل تك النسخ الثلاث ومبدأها نسخة حقائق الرحمن والى تلك النسخ الاربع الاشارة بالكتب الاربعة الالهية

فعلى العاقل ان يتعظ بمواعظ القرآن ويهتدى الى حقائقه ويتخلق باخلاقه ولا يقتصر على تلاوة نظمه وانشد ذو النون المصرى

منع القرآن بوعده ووعيده ... مقل العيون بليلها لا تهجع

فهموا عن الملك العظيم كلامه ... فهما تذل له الرقاب وتخضع

اللهم اجل القرآن خلق الجنان وسائر الاركان

﴿ ٠