سُورَةُ الرَّعْدِ مَكِّيَّةٌ اَوْ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَلاَثٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً ١ { المر } فى كلام الشيخ محيى الدين بن العربى قدس سره فى قوله تعالى { وما علمناه الشعر وما ينبغى له } ان الشعر محل للاجمال واللغر والتورية اى وما رمزنا لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم شيأ ولا لغزنا ولا خاطبناه بشيء ونحن نريد شيأ ولا اجملنا له الخطاب حيث لم يفهمه واطال فى ذلك ولا يشكل على ذلك الحروف المقطعة فى اوائل السور ولعله رضى اللّه عنه لا يرى ان ذلك من المتشابه ليس مما استأثر اللّه بعلمه كذا فى انسان العيون قال ابن عباس معناه ان اللّه اعلم وارى ما لا يعلم الخلق وما لا يرى من فوق العرش الا ما تحت الثرى فتكون الالف واللام مختصرين من انا اللّه الدالين على الذات والميم والراء من اعلم وارى الدالين على الصفة وقال الكاشفى [ الف آلاى اوست ولام لطف بى منتهاى او ميم ملك بى زوال وراء رأفت بركمال ] فتكون كل واحدة منها مختصرة من الكلمات الدالة على الصفات الالهية وفى التبيان الالف اللّه واللام جبريل والميم محمد والراء الرسل ى انا اللّه الذى ارسل جبريل الى محمد بالقرآن والى الرسل بغيره من الكتب الالهية والصحف الربانية وقال ابن الشيخ الظاهر ان { المر } كلام مستقل والتقدير هذه السورة مسماة بالمر { تلك } اى آيات هذه السورة { آيات الكتاب } اى القرآن وفى التأويلات النجمية ان حروف { المر } آيات القرآن . فبالالف يشير الى قوله { اللّه لا اله الا هو الحى القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم } الآية . وباللام يشير الى قوله { له مقاليد السموات والارض } وبالميم الى قوله { مالك يوم الدين } وبالراء الى قوله { رب السموات والارض } كما ان ق اشارة الى { قل هو اللّه احد } وهو مرتبة الاحدية التى هى التعيين الاول . وص اشارة الى { اللّه الصمد } وهو مرتبة الصمدية التى هى التعين الثانى { والصافات صفا } اشارة الى التعيينات التابعة له { والذى انزل اليك من ربك } اى القرآن وهو مبتدأ خبره قوله { الحق } ليس كما يقول المشركون انك تاتى به من قبل نفسك باطلا فالايمان به والعمل باحكامه واجب فمن اعتصم به وهو حبل اللّه ينجيه من الاسفل الذى هبط اليه بقوله { اهبطوا منها } واعلم ان المنزل من عند اللّه اعم من الحكم المنزل صريحا كالاحكام الثابتة بصريح نص القرآن ومن الحكم المنزل ضمنا كالتى تثبت بالسنة والاجماع والقياس فالكل حق { ولكن اكثر الناس لا يؤمنون } بالقرآن ويجحدون بحقيته وانه حبل من اللّه يوصل المعتصم به اليه لافراطهم فى العناد وخروجهم عن طريق السداد وعدم تفكرهم فى معانيه واحاطتهم بما فيه وكفرهم به لا ينافى كونه حقا منزلا من عند اللّه تعالى فان الشمس شمس وان لم يرها الضرير والشهد شهد وان لم يجمعه المرور والتربية انما تفيد المستعد والقابل دون المنكر والباطل : قال المولى الجامى هيج سودى نكند تر بيت ن قابل ... كرجه برتر نهى از خلق جهان مقدارش سبز وخرم نشود از نم باران هركز ... خار خشكى كه نشانى بسر ديوارش ثم بين دلائل ربوبيته واحديته بقوله ٢ { اللّه } مبتدأ خبره قوله { الذى رفع السموات } خلقها مرفوعة بينها وبين الارض مسيرة خمسمائة عام لا ان تكون موضوعة فرفعها { بغير عمد } بالفتح جمع عماد او عمود وهو بالفارسية [ استون ] حال من السموات اى رفعها خالية من عمد واساطين { ترونها } الضمير راجع الى عمد والجملة صفة لها اى خيالية من عمد مرئية وانتفاء العمد المرئية يحتمل ان يكون لانتفاء العمد والرؤية جميعا اى لا عمد لها فلا ترى ويحتمل ان يكون لانتفاء الرؤية فقط بان يكون لها عماد غير مرئى وهو القدرة فنه تعالى يمسكها مرفوعة بقدرته فكأنها عماد لها او العدل لان العدل قامت السموات اى العلويات والسفليات آسمان وزمين بعدل بباست ... شد زشاهان بغير عدل نخاست كرنباشد ستون خيمه بجاى ... كى بود خيمه بى ستون برباى ويجوز ان يكون ترونها جملة مستأنفة فالضمير راجع الى السموات كأنه قيل ما الدليل على ان السموات مرفوعة بغير عمد فاجيب بانكم ترونها غير معمودة { ثم استوى على العرش } ثم لبيان تفاضل الخلقين وتفاوتهما فان العرش افضل من السموات لا للتراخى فى الوقت لتقدمه عليها والاستواء فى اللغة بالفارسية [ راست بيستادن ] والعرش سرير الملك وهو هنا مخلوق عظيم موجود هو اعظم المخلوقات وتحته الماء العذب كما قال تعالى { وكان عرشه على الماء } وهو بحر عظيم لا يعلم مقدار عظمته الا اللّه . والمعنى على ما فى بحر العلوم ثم اوفى على العرش يقال او فى على الشيء اذا اشرف عليه اى اطلع عليه من فوق وفى الحديث ( ان اللّه كبس عرصة جنة الفردوس بيده ثم بناها لبنة من ذهب مصفى ولبنة من مسك مذرى وغرس فيها مكن كل طيب الفاكهة وطيب الريحان وفجر فيها انهارا ثم اوفى ربنا على عرشه فنظر اليه فقال وعزتى وجلالى لا يدخلك مدمن مر ولا مصرّ على زنى ولا ديوث ولا قتات ولا قلاع ولا جياف ولا ختار ) وقال البيضاوى { ثم استوى على العرش } بالحفظ والتدبير فالاستواء على العرش عبارة عن الاستيلاء على الملك والتصرف فيما رفعه بلا عمد يقال استوى فلان على العرش اذا ملك وان لم يقعد عليه البتة قال ابن الشيخ الظاهر ان كلمة ثم لمجرد العطف والترتيب مع قطع النظر عن معنى التراخى لان استيلاءه تعالى على التصرف فيما رفعه ليس بمتراخ عن رفعه والتحقيق ان المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون بل باعتبار امره الا يجادى وتجليه الحبى الاحدى وانما كان العرش محلى ها الاستواء لان التجليات التى هى شروط التجليات المتعينة والاحكام الظاهرة والامور البارزة والشئون المتحققة فى السماء والارض وفيما بينهما من عالم الكون والفساد بالامر الالهى والايجاد الازلى انما تمت باستيفاء لوازمها واستكمال جوانبها واستجماع اركانها الاربعة المستوية فى ظهور العرش بروحه وصورته وخركته الدورية لانه لا بد فى استواء تجليات الحق فى هذه العوالم بتجليه الحبى وامره الايجادى من الامور الاربعة التى هى من هذه التجليات الحبية والايجادية الحسية هى حركة العرش وهى بمنزلة الحد الاكبر ولما استوى امر تمام حصول الاركان الاربعة الموقوف عليها بتوقيف اللّه التجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والارضين السبع بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجبات قابليات اصحاب الرزمان فى كل يوم بل فى كل آن كما اشير اليه بقوله تعالى { يتنزل الامر بينهن } وقوله { كل يوم هو فى شأن } فى العرش كان العرش مستوى الحق بهذا الاعتبار واستواء الامر الايجادى على العرش بمنزلة الامر التكليفى الارشادى على الشرع وكل منهما نقلوب الآخر كذا فى الابحاث البرقيات لحضرة شيخنا الاجل قدس اللّه سره { وسخر الشمس والقمر } ذللهما لما يراد منهما وعو انتفاع الخلق بهما كما قال فى بحر العلوم معينى تسخيرهما نافعتين للناس حيث يعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر وينوران لهم فى الليل والنهار ويدر آن الظلمات ويصلحان الارض والابدان والاشجار والنباتات { كل } منهما { يجرى لاجل مسمى } اللام بمعنى منهما يغرب كل ليلة فى منزل ويطلع فى منزل حتى ينتهى الى اقصى المنازل { يدبر الامر } يقضى ويدبر امر ملكوته من الاعطاء والمنع والاحياء والاماتة ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب ورفع قوم ووضع آخرين وغير ذلك وفى التأويلات { يدبر الامر } امر العالم وحه وهو يدل على ان الاستواء اى العلو على العرش بالقدرة لتدبير المكونات لا للتشبيه { يفصل الايات } يبين البراهين الدالة على التوحيد والبعث وكمال القدرة والحكمة لعلكم [ شايدكه شما ] { بلقاء ربكم } [ بديدار بروردكار خود يعنى بديدن جزا كه خواهد داد در قيامت ] { توقنون } [ بى كمان كرديد ودانيدكه هركه قادرست برآفريدن اين اشيا قدرت دارد براعاده واحيا ] قال فى بحر العلوم لعل مستعار لمعنى الارادة لتلاحظ معناها ومعنى الترجى اى يفصل الايات ارادة ان تتأملوا فيها وتنظروا فتستدلوا بها عليه ووحدته وقدرته وحكمته وتتيقنوا ان من قدر على خلق الشموات والعرش وتسخير الشمس والقمر مع عظمها وتدبير الامور كلها كان على خلق الانسان مع مهانته وعلى اعادته وجزائه اقدر واعلم انه كان ما كان من ايجاد عالم الامكان ليحصل للناس المشاهدة والاطمئنان والايقان : قال المولى الجامى سير آب كن زبحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين برسر آب ريب وعن سيدنا على رضى اللّه عنه لو كشفت الغطاء ما ازددت يقينا وذلك ان اهل المكاشفة وصلوا من علم اليقي الى عين اليقين الذى يحصل لاهل الحجاب يوم القيامة فلو ارتفع الغطاء وهو جار الدنيا وظهرت الآخرة ما ازدادوا يقينا بل كانوا على ما كانوا عليه فى الدنيا بخلاف اهل الحجاب فان علمهم انما يكون عين اليقين يوم القيامة ويدل عليه قوله عليه السلام ( الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا ) اى ماتوا موتا اختياريا او اضطراريا حصل لهم اليقظة فعلى العاقل تحصيل اليقين والنظر بالعبرة فى آيات رب العالمين قال الفقيه لاغنية المؤمن عن ست خصال . اولاها علم يدل على الآخرة والثانية رفيق يعينه على طاعة اللّه ويمنعه عن معصية اللّه . والثالثة معرفة عدوه والحذر منه . والرابعة عبرة يعتبر بها فى آيات اللّه وفى اختلاف الليل والنهر . والخامسة انصاف الخلق لكيلا يكون له يوم القيامة خصماء . والسادسة الاستعداد للموت ولقار الرب قبل نزوله كيلا يكون مفتضحا يوم القيامة ٣ { وهو الذى } [ اوست آن قادر مطلق كه ] { مدّ الارض } بسطها طولا وعرضا ووسعها لتثبت عليها الاقدام ويتقلب الحيوان اى انشأها ممدودة لا انها كانت مجموعة فى مكان فبسطها وكونها بسيطة لاينا فى كريتها لان جميع الارض جسم عظيم والكرة اذا كانت فى غاية الكبر كان كل قطعة منها يشاهد كالسطح وفى تفسير ابى الليث بسطها من تحت الكعبة على الماء وكانت تكفأ باهلها كما تكفأ السفينة باهلها فارساها بالجبال الثقال وفى بعض الآثار ان اللّه تعالى قبل ان يخلق السموات والارض ارسل على الماء ريحا هفافة فصفقت الرح الماء اى ضرب بعضه بعضا فابرز منه خشفة بالخاء المعجة وهى حجارة يبست بالارض فى موضع البيت كأنها قبة وبسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الارض طولها والعرض فهى اصل الارض وسرتها فى الكعبة وسط الارض اللمسكونة واما وسط الارض كلها عامرها وخرابها فهى قبة الارض وهو مكان تعتدل فيه الازمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لا يزيد احدهما على الآخر ولا ينقص واصل طينة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من سرة الارض بمكة ولا تموج اماء رمى بتلك الطينة الى محل مدفنه بالمدينة فلذلك دفن عليه السلام فيها قال بعضهم الارض مضجعنا وكانت امنا فيها معايشنا وفها نقبر { وجعل فيها رواسى } من رسا الشيء اذا ثبت جمع راسية والتاء للمبالغة كما فى علامة لا للتأنيث اذ يقال جبل راسية . والمعنى وجعل فيها جبالا ثابتة اوتادا للارض لئلا تضطرب فتستقر ةيستقر عليها ةكان اضطرابها من عظمة اللّه تعالى قال ابن عباس رضى اللّه عنهما كان ابو قبيس اول جبل وضع على الارض قال فى القاموس ابو قبيس جبل بمكة سمى برجل حداد من مذحج كمجلس لانه اول من بنى فيه وكان يسمى الامين لان الركن كان مستودعا فيه قل فى انسان العيون وكان اول جبل وضع عليها ابا قبيس وحينئذ كان ينبغى ان يسمى ابا الجبال او ان يكون افضلها مع ان افضلها كما قال السيوطى احد لقوله عليه السلام ( احد يحبنا ونحبه ) وهو بضمتين جبل بالمدينة . ذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الاقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانين وسبعون جبلا منها ما طوله عرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ ويقال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول وليس فيها جبل الا وله عروق من جبل قاف فاذا اراد اللّه تعالى ان يزلزل الارض اوحى الى جبل قاف فيحرك ذلك العرق من الجبل فتزلزل : وفى المثنوى رفت ذو القرنين سوى كوه قاف ... ديدكه را كز زمرد بود صاف كرد عالم حلقه كشته او محيط ... ماند حيران اندران خلق بسيط كفت تو كوهى دكرها جبستند ... كه به بيش عظم توباز ايستند كفت ركهاى منند آن كوهها ... مثل من نبود در حسن وبها من به شهرى ركى دارم نهان ... برعروقم بسته اطراف جهان حق جو خواهد زلزلةه شهرى مرا ... كويد ام من برجهانم عرق را بس بجنبانم من آن رك را بقهر ... كه بدان رك متصل كشتست شهر جون بكويدبس شود ساكن ركم ... اسكتم وز روى فعل اندرتكم همجو مرهم ساكن وبس كاركن ... جون خردسا كن و زوجنبان سخن نزد انكس كه نداند عقلش اين ... زلزله هست از يخارت زمين { وانهارا } جارية ضمها الى الجبال وعلق بهما فعلا واحدا من حيث ان الجبال اسباب لتولدها وذلك ان الحجر جسم صلب فا تصاعدت الابخرة من قعر الارض ووصلت الى الجبل احتبست هناك فلا تزالل تتزاحم وتتضاف حتى تحصل بسبب الجبل مياه عظيمة ثم انها لكثرتها وقوتها تنقب الجبل وتخرج وتسيل على وجه الارض وفى الملكوت ان اللّه يرسل على الارض التلوج والامطار فتشربها الارض حتى يعدلها فى طبعها ومشربها فتصير عيونا فى عروق الارض ثم تنشق الارض عنها فى المكان الذى يؤمر بالانشقاق فيه فتظهر على وجه الارض منفعة للخلائق والملك الموكل بذلك ميكائيل واعوانه ومن الانهار العظيمة الفرات وهو نهر الكوفة ودجلة وهو نهر بغداد وسيحان بفتح السين المهملة نهر المصيصة وسيحون وهو نهر بالهند وجيحان بفتح الجيم نهر اذنه فى بلاد الارمن وجيحون وهو نهر بلخ والنيل وهو نهر مصر يقال ان واحدا من الملوك جمع قوما وهيا لهم السفن ومكنهم من زاد سنة وامرهم ان يسيروا فى النيل حتى يقفوا على آخره فخرجوا ستة اهر ولم يصلوا الى آخره الا انهم رأوا هناك قبة فيها خلق على صورة الآدميين خضر الابدان فاصطادوا منه ليحملوه فلم يزل يضطرب عليهم حتى مات فعالجوه وملحوه واحتملوه ليراه الناس وفى الواقعات المحمودية ان ذا القرنين طلب رأس النيل فلم يجد -وحكى- انهم وصلوا الى جبل فكل من نظر وراءه ولم يأت فربطوا فى وسط شخص حبلا فبعد ان نظر جبوه وسألوا منه فلم ينطق حتى مات قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذى يقال له البحر الاخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلط بملوحته لما قدر احد على شربه بشدة حلاوته ولذا يقال ان النيل نهر العسل فى الجنة ومن الانهار نهر ارس كما قال الشاعر ارس را در بيابان جوش باشد ... بدريا جون رسد خاموش باشد { ومن كل الثمرات } متعلق بقوله { جعل فيها زوجين اثنين } اثنين تأكيد للزوجين كما هو دأب العرب فى كرمهم اى وخلق فيها من جميع انواع الثمرات زوجين زوجين كالحلو والحامض والاسود والابيض والاصفر والاحمر والصغير والكبير { يغشى الليل النهار } اى يجعل الليل غاشيا يغشى النهار بظلمته فيذهب بنور النهار اى يجعله مستورا بالليل ويغطيه بظلمته ولم يذكر العكس اكتفاء باحد الضدين قال البيضاوى يلبسه مكانه فيصير الجوّ مظلما بعد ما كان مضيئا يعنى ان الاغشاء الباس الشيء الشيء ولما كان الباس الليل النهار وتغطية النهار به غري معقول لانهما متضادتان لا يجتمعان واللباس لا بد ان يجتمع مع اللابس قدر المضاف وهو مكانه ومكان النهار هو الجو وهو الذى يلبس ظلمة الليل شبه احداث الظلمة فى الجو الذى هو مكان الضوء بالباسها اياه وتغطيته بها فاطلق عليه اسم الاغشاء والالباس فاشتق منه لفظ يغشى فصار استعارة تبعية { ان فى ذلك } اى فى كل من الارض والجبال والانهار والثمار والملوين { لآيات } تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره اما فى الارض فمن حيث هى ممدودة مدحوة كالبساط لما فوقها وفيها المسالك والفجاج للماشين فى مناكبها وغير ذلك مما فيها من العيون والمعادن والدواب مثلا واما الجبال فمن جهة رسوها وعلوها وصلابتها وثقلها وقد ارسيت الارض بها كما يرسى البيت بالاوتاد واما الانهار فحصولها فى بعض جوانب الجبال دون بعض لا بد ان يستند الى الفاعل المختار الحكيم واما الثمار فالحبة اذا وقعت فى الارض واثرت فيها نداوة الارض ربت وكبرت وبسبب ذلك ينشق اعلاها واسفلها فتخرج من الشق الاعلى الشجرة الصاعدة وتخرج من الشق الاسفل العروق الغتئصة فى اسفل الارض وهذا من العجائب لان طبيعة تلك الحبة واحدة وتأثير الطبائع والافلاك والكواكب فيها واحد ثم انه خرج من احد جانبى تلك الحب واحدة وتأثير الطبائع والافلاك والكواكب فيها واحد ثم انه خرج من احد جانبى تلك الحبة جرم صاعدا الى الهواء ومن الجانب الآخر منها جرم غائص فى الارض ومن المحال ان يتولد من طبيعة واحدة طبيعتان متضادتان فعلمنا ان ذلك انما كان بسبب تدبير المدبر الحكيم ثم ان الشجرة النابتة من تلك الحبة بعضها يكون خشبا وبعضها يكون ثمرة ثم ان تلك الثمرة ايضا يحصل فيها اجسام مختلفة الطبائع فالجوز له اربعة انواع من القشور قشره الاعلى وتحته القشرة الخشبية وتحته القشرة المحيطة باللب وتحت تلك القشرة قشرة اخرى فى غاية الرقة تمتاز عما فوقها حال كون الجوز واللوز رطبا وايضا قد يحصل فى الثمرة الواحدة الطبائع المختلفة فالعنب مثلا وعجمه باردان يابسان ولحمه وماؤه حاران رطبان فتولد هذه الطبائع المختلفة من الحبة الواحدة مع تساوى تأثيرات الطبائع وتأثيرات الانجم والافلاك لا بد وان يكون لاجل تدبير الحكيم القدير. واما الملوان فلا يخفى ما فى اختلافهما ووجودهما من الاية اى الدلالة الواضحة { لقوم يتفكرون } فيستدلون والتفكر تصرف القلب فى طلب معانى الاشياء وكما ان فى العالم الكبير ارضا وجابلا ومعادن وبحارا وانهارا وجداول وسواقى فكذلك فى الانسان الذى هو العالم الصغير مثله فجسده كالارض وعظامه كالجبال ومخه كالمعادن وجوفه كالبحر وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول ةشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وانسه كالعمران وظهره كالمفارز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد واصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولادته كبدء سفره وايام صباه وشبابه كالصيف وكهولته كالخريف وشخيوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والاسابيع كالفراسخ وايامه كالاميال وانفاسه كالخظى فكلما تنفس نفسا كان يخطو حطوة من اجله فلا بد من التفكير فى هذه الامور ويقال اخلاق الابدال عشرة اشياء. سلامة الصدور . وسخاوة فى المال . وصدق اللسان . وتواضع النفس . والصبر فى الشدة . والبكاء فى الخلوة . والنصيحة للخلق . والرحمة للؤمنين ، والتكير فى الاشياء ، وعبرة من الاشياء وعن النبى عليه السلام انه مر على قوم يتفكرون فقال لهم ( تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق ) كذا فى تنبيه الغافلين : وفى المثنوى بى تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيجون اى عمو اين تعلق را خرج جون ره برد ... بسته وصلست وفصلست اين خرد زين وصيت كرد مارا مصطفى ... بحث كم جوئيد درذات خدا آنكه درذاتش تفكر كرد نيست ... در حقيقت آن نظر درذات نيست هست آن بندار اوزيرا براه ... صد هزاران برده آمد تا اله هريكى دربرده موصول جوست ... وهم او آنست كان خود عين هوست بس بيمبر دفع كرد اين وهم ازو ... تانباشد درغلط سودا بز او ٤ { وفى الارض } خبر مقدم لقوله { قطع } جمع قطعة بالفارسية [ باره ] { متجاورات } اى بقاع متلاصقات بعضها طيبة تنبت شيأ وبعضها سبخة لا تنبت وبعضها قليلة الريع وبعضها صلبة وبعضها كثيرة الريع وبعضها رخوة وبعضها يصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس ولولا تخصيص قادر على موقع لافعاله على وجه دون وجه لم يكن كذلك لاشتراك تلك القطع وانتظامها فى جنس الارضية { وجنات } عطف على قطع اى بساتين { من اعناب } جمع عنبة بالفارسية [ انكور ] وسمت العرب العنب الكرم لكرم ثمرته وكثرة جمله وتذلله للقطف ليس بذى شوك ولا بشاق المصعد ويؤكل غضبا ويابسا واصل الكرم الكثرة والجمع للخير وبه سمى الرجل كرما لكثرة خصال الخير فيه واعلم ان قلب المؤمن لما فيه من نور الايمان اولى بهذا الاسسم ولذا قال عليه السلام ( لا يقولن احدكم الكرم فانما الكرم قلب المؤمن ) قال ابن الملك سبب النهى ان العرب كانوا يسمون العنب وشجرته كرما لان الخمر المتخذة منه تحمل شاربها على الكرم فكره النبى صلّى اللّه عليه وسلّم هذه التسمية لئلا يتذكروا به الخمر ويدعوهم حسن الاسم الى شربها وجعل المؤمن وقلبه احق ان يتصف به لطيبه وذكائه والغرض منه تحريض المؤمن على التقوى وكونه اهلا لهذه التسمية { وزرع } بالرفع عطف على جنات وتوحيده لانه مصدر فى اصله { ونخيل } نعت لنخيل جمع صنو وهى النخلة لها رأسان واصلهما واحد اى نخلات يجمعهن اصل واحد . وبالفارسية [ جند شاخ ازيك اصل رسته ] وفى الحديث ( لا تؤذونى فى العباس فانه بقية آبائى وان عم الرجل صنو ابيه ) قال فى القاموس ما زاد فى الاصل الواحد كل واحد منهما صنو ويضم ويقال هو عام فى جميع الشجر { وغير صنوان } ومتفرقات مختلفة الاصول وفى الحديث ( اكرموا عمتكم النخلة فانها خلقت من فضله طينة آدم وليس من الشجر شجرة اكرم على اللّه من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر ) - وحكى - المسعودى ان آدم عليه السلام لما هبط من الجنة خرج ومعه ثلاثون قضيبا مودعة اصناف الثمر فيها منها عشرة لها قشر الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط والصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش ومنها عشرة لا قشر لها ولثمرها نوى الرطب والزيتون والمشمش والخوخ والاجاص والعناب والغبيراء والدوابق والزعرور والنبق ومنها عشرة ليس لها قشر ولا نوى التفاح والكمثرى والسفرجل والتين والعنب والاترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ وهذا لا ينافى كون هذه الثمرات مخلوقة فى الارض كما لا يخفى { يسقى } المذكور من القطع والجنات والزرع والنخيل { بماء واحد } والماء جسيم رقيق مائع به حياة كل نام { ونفضل } بنون العظمة اى ونحن نفضل { بعضها على بعض فى الاكل } فى الثمر شكلا وقدرا وطعما ورائحة فمنها بياض وسواد وصغير وكبير وحلو ومر وحامض وجيد ورديئ وذلك ايضا مما يدل على لصانع الحكيم وقدرته فان انبات الاشجار بالثمار المختلفة الاصناف والاشكال والالوان والطعوم والروائح مع اتحاد الاصول والاسباب لا يكون الا بتخصيص قادر مختار لانه لو كان ظهور الثمار بالماء والتراب لوجب فى القياس ان لا يختلف الالوان والطعوم ولا يقع التفاضل فى الجنس الواحد اذا نبت فى مغرس واحد بماء واحد. والاكل بضم الكاف وسكونها ما يتهيأ للاكل ثمرا كان او غيره كقوله تعالى فى صفة الجنة { اكلها دائم } فانه عام فى جميع المطعومات واطلاق الثمر على الحب لا يصح الا باعتبار التغليب فان الثمر حمل الشجر على ما فى القاموس قال الكاشفى [ درتبيان آورده كه اين مثل بنى آدم در اختلاف الوان واشكال وهيآت واصوات باوجود آنكه بدر همه يكيست . درمدارك كفته كه مثل اختلاف قلوبست در آثار وانوار واسرار وهردلى را صفتى وهر صفت را تيجة دمى باشد موصوف بانكار واستكبار كه { قلوبهم منكرة وهم مستكبرون } وباز دمى آرميده بذكر حضرت بروردكاركه { وتطمئن قلوبهم بذكر اللّه } ببين تفاوت كز كجاست تابكجا ... قال بعض الكبار العلم الحاصل لاهل اللّه كالماء فان الماء حياة الاشباح والعلم حياة والارواح واختلاف العلم مع كونه حقيقة واحدة باختلاف الجوارح والاشخاص كاختلاف الماء فى الطعوم باختلاف البقاع مع كونه حقيقة واحدة فمن الماء عذب فرات كعلم الموحد العارف باللّه ومنه ملح اجاج كعلم الجاهل المحجوب بالسوى والغير فانه شاب اللطيفة العلمية عند مروره عليها بما يكفيها ويغيرها عن لطفها الطبيعى : قال الحافظ باك وصافى شو وازجاه طبيعت بدرآى ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وقال المولى الجامى نكته عرفان مجو از خاطر آلودكان ... كوهر مقصورا دلهاى باك آمد صدف { ان فى ذلك } المذكور { لآيات } لدلالات واضحة { لقوم يعقلون } يعملون على قضية عقولهم وان من قدر على خلق الثمار المختلفة والاشكال والالوان والطعوم والروائح من الارض والماء ولا تناسب بين التراب والماء وقدر على احياء الارض بالماء وجعلها قطعا متجاورات وحدائق ذات بهجة قدر على اعادة ما ابدأه بل هذا ادخل فى القدرة من ذلك واهون فى القياس والاشارة فى ارض الانسانية قطع من النفس والقلب والروح والسر والخفى متقاربات بقرب الجوار مختلفات فى الحقائق فمنها حيوانية منها ملكوتية ومنها روحانية ومنها جبروتية ومنها عظموتية وبالجنات يشير الى هذه الاعيان المستعدة لقبول الفيض عند قبولها وتثميرها من اعناب وهى ثمرة النفس فمن الصفات ما تدل على الغفلة والحماقة والسهو والهو فانها اصل السكر وزره وهو ثمرة القلب فان القلب بمثابة الارض الطيبة للزرع من بذر الصفات الروحانية والنفسانية فبأى بذر صفة من الصفات آزدرعت يتجوهر القلب بجوهر تلك الصفة فتارة يصير بظلمات النفس ظلمانيا وتارة يصير بنور الروح نورانيا وتارة يصير بنور الرب ربانيا كما قال { اشرقت الارض بنور ربها } { ونخيل } وهو الروح ذو فنون من الاخلاق الحميدة الروحانية كالكرم والجود والسخاء والشجاعة والقناعة والحلم والحياء والتواضع والشفقة { صنوان } وهو السر الجبروتى وبه يكشف اسرار الجبروت التى بين الرب والعبد ولها مثل ومثال ويحكى عنها { وغير صنوان } وهو الخفى المكاشف بحقائق العظموت التى لا مثل لها ولا مثال ولا يحكى عنها كما قال { فاوحى الى عبده ما اوحى } وكما قيل بين المحبين سر ايس ييفشيه { يسقى بماء واحد } وهو ماء القدرة والحكمة { ونفضل بعضها على بعض فى الاكل } فى الثمرات والنتائج فى اثناء السلوك { ان فى ذلك لآيات لقوم يعقلون } الذين يلتمسون من القرآن اسرارا وآيات تدلهم على السير الى اللّه وتهديهم الى الصراط المستقيم اليه كما فى التأويلات النجمية ٥ { وان تعجب } اى ان يقع منك عجب وتعجب من شيء يا محمد او ايها السامع { فعجب قولهم } خبر ومبتدأ اى فليكن ذلك العجب من قول المشركين { ءاذا كنا ترابا } [ آيا آن وقت كه ما باشيم خاك يعنى بعد ازمرك كه ما خاك باشيم ] والجملة الاستفهامية منصوبة المحل على انها محكية بالقول واذا ظرف محض ليس فيها معنى الشرط والعامل محذوف دل عليه قوله { أئنا } [ اياما ] { لفى خلق جديد } [ باشيم در آفرينش نو ] والتقدير اذا كنا ترابا أنبعث ونخلق لا كنا لانه مضاف اليه فلا يعمل ولا خلق جديد لان ما بعد اداة الاستفهام وكذا ان لا يعنل فيما قبله وقال بعضهم وان تعجب من انكار المشركين البعث وعبادتهم الاصنام بعد اعترافهم بالقدرة على ابتداء الخلق فحقيق بان تتعجب منه اى فقد وضغت التعجب فى موضعه لكنه جديرا لان يتعجب منه فان من قدر على ابتداء ههذ المخلوقات قدر على اعادتها آنكه بيدا ساختن كارش بود ... زندى دادن جه رشوارش بود والتعجب حالة انفعالية تعرض للنفس عند ادراك ما لا يعرف سببه فهو مستحيل فى حق اللّه تعالى فكان المراد ان تعجب فعجب عندك قال فى التأويلات النجمية { وان تعجب } اى تعلم انك يا محمد لا تعجب شيأ لانك ترى الاشياء منا ومن قدرتنا وانك تعلم انى على كل شيء قدير ولكن ان تعجب على عادة اهل الطبيعة اذا رأوا شيأ غير معتاد لهم او شيأ ينافى نظر عقولهم { فعجب قولهم } اى فتعجب من قولهم { ءاذا كنا ترابا } اى صرنا ترابا بعد الموت { أئنا لفى خلق جديد } اى بعود تراب اجسادنا اجسادا كما كان وتعود اليها ارواحنا فنحيى مرة اخرى . معنى الآية انهم يتعجبون من قدرة اللّه لان اللّه هو الذى خلقهم من لا شيء فى البداية اذ لم تكن الارواح والاجساد ولا التراب فالآن اهون عليه ان يخلقهم من شيء وهو التراب والارواح ولكن العجب تعجبهم بعد أن رأوا ان اللّه خلقهم من لا شيء من ان يخلقهم مرة اخرى من شيء { اولئك } { آن كروه كه منكرينند } { الذين كفروا بربهم } لانهم كفروا بقدرته على البعث وفى التأويلات { كفروا بربهم } انه خلقهم من لا شيء اذا انكروا انه لا يخلقهم من شيء { اولئك الاغلال فى اعناقهم } [ وآن كروهندكه غلها دركردنهاى ايشانست ] اى مقيدون بالكفر والضلال ر يرجى خلاصهم يقال للرجل هذا غل فى عنقك للعمل الرديئ ومعناه انه لازم لك لا يرجى خلاصك منه والغل طوق يقيد به اليد الى العنق وفى التأويلات هى اغلال الشقاوة التى جعلها التقدير الازلى فى اعناقهم كما قال { وكل انسان الزمناه طائره فى عنقه } ويجوز ان يكون على حقيقته اى يغلون يوم القيامة [ يعنى روز قيامت غل آاتشين بركردن ايشان نهند وعلامت كفار در دوزخ اين باشد ] وفى الحديث ( ينشئ اللّه سحابة سوداء مظلمة فيقال يا اهل النار أى شيء تطلبون فيذكرون بها سحابة الدنيا فيقولون يا ربنا الشراب فتمطرهم اغلالا تزيد فى اغلاقهم وسلاسل تزيد فى سلاسلهم وجمرا يلتهب عليهم ) { واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون } توسيط ضمير الفصيل وتقديم فيها يفيد الحصر اى هم الموصوفون بالخلود فى النار لا غيرهم وان خلودهم انما هو فى النار لا فى غيرها فثبت ان اهل الكبائر لا يخلدون فى النار وفى التأويلات هم الذين قال اللّه تعالى فيهم فى الازل وهؤلاء فى النار ولا ابالى فآل امرهم لى ان يكونوا اصحاب النار الى الابد فالشرك والانكار من اعظم المعاصى والاوزار وعن النبى عليه السلام مخبرا عن اللّه تعالى انه قال ( عبدى ما عبدتنى رجوتنى ولم تشرك بى شيأ غفرت لك على ما كان منك ولو استبلتنى بملئ الارض خطايا وذنوبا لاستقبلتك بملئها مغفرة واغفر لك ولا ابالى ) اى ان لم تشرك بى شيأ غفرت لك على ما كان منك من نفى جميع الاشراك لان النكرة اذا وقعت فى سياق النفى تفيد العموم وهذا لا يحصل الا بعد اصلاح النفس فالمرء اسير فى يد نفسه والهوى كالغل فى عنقه وهذا الغل الملازم له فى دنياه معنوى وسيصير الى الحس يوم القيامة اذا الباطن يصير هناك ظاهرا -كما حكى- عن بعض العصاة انه مات فلما حفروا قبره وجدوا فيه حية عظيمة فحفورا له قبرا آخر فوجدوها فيه ثم كذلك قبرا بعد قبر الى ان حفروا نحوا من ثلاثين قبرا وفى كل قبر يجدونها فلما رأوا انه لا يهرب من اللّه هارب ولا يغلب اللّه غالب دفنوه معها وهذه الحية هى عمله : قال الشعدى قدس سره برادر زكار بدان شرم دار ... كه درروى نيكان شوى شر مسار ترا خود بماند سراز ننك بيش ... كه كرت برآيد عملهاى خويش ٦ { ويستعجلونك } الاستعجال طلب تعجيل الامر قبل مجيئ وقته اى يطلب مشركوا مكة منك العجلة { بالسيئة } باتيان العقوبة المهلكة وسميت العقوبة سيئة لانها تسوؤهم { قبل الحسنة } متعلق بالاستعجال طرف له او بمحذوف على انه حال مقدرة من السيئة اى قبل العافية والاحسان اليهم بالامهال ومعنى قبل العافية قبل انقضاء الزمان المقدر لعافيتهم وذلك انه عليه السلام كان يهدد مشركى مكة تارة بعذاب القيامة وتارة بعذاب الدنيا وكلما هددهم بعذاب القيامة انكروا القيامة والبعث وكلما هددهم بعذاب الدنيا استعجلوه وقالوا متى تجيئنا به فيطلبون العقوبة والعذاب والشر بدل العافية والرحمة والخير استهزاء منهم واظهار ا ان الذى يقوله لا اصل له ولذا قالوا { اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم } واللّه تعالى صرف عن هذه الامة عقوبة الاستئصال واخر تعذيب المكذبين الى يوم القيامة فذلك التأخير هو الحسنة فى حقهم واعلم ان فى استعجالهم بالسيئة قبل الحسنة استعجالهم بالكفر والمعاصى قبل الايمان والطاعات فان منشأ كل سعادة ورحمة هو الايمان الكامل والعمل الصالح ومنشأ كل شقاوة وعذاب هو الكفر والشرك والعمل الفاسد { وقد خلت } حال من المستعجلين اى مضت { من قبلهم المثلات } اى عقوبات امثالهم من المكذبين كالخسف والمسخ والرجفة فما لهم لم يعتبروا بها فلا يستهزئوا نرود مرغ سوى دانه فراز ... جون دكر مرغ بيند اندر بند بند كير مصائب دركران ... تانكيرند ديكران زتة بند جمع مثلة بفتح الثاء وضمها وهى العقوبة لانها مثل المعاقب عليه وهو الجريمة_@_ وفى التبيان اى العقوبات المهلكات يماثل بعضها بعضا { وان ربك لذو مغفرة } سترو تجاوز { للناس على ظلمهم } اى مع ظلمهم انفسهم بالذنوب والا لما ترك على ظهر الاض من دابة بس برده بيند عملهاى بد ... هم او برده يوشد بآلاى خود وكر برجفا بيشه بشتافتى ... هميشه زقهرش امان يافتى وهو حال من الناس اى حال اشتغالهم بالظلم كما يقال رأيت فلانا على اكله والمراد حال اشتغاله بالاكل فدلت الآية على جواز العقوبة بدون التوبة فى حق اهل الكبيرة من الموحدين قال فى التأويلات النجمية هم الذين قال اللّه فيهم { هؤلاء فى الجنة ولا ابالى } { وان ربك لشديد العقاب } لمن شاء من العصاة وفى التأويلات لمن قال فيهم { هؤلاء فى النار ولا ابالى } -روى- انها لما نزلت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( لولا عفو اللّه وتجاوزه لما هنأ احد العيش ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل احد ) وبالفارسية [ اكر عفو خداى نبود عيش هيج احدى كوارنده نشدى واكر وعيد حق نبودى همه كس تكيه برعفو كرده از عمل بازماندى زحق مى ترس تا غافل نكردى ... مشو نوميد تابد دل نكردى محققان بر آنندكه تمهيد قواعد خوف ورجا درين آيت است ميفر مايدكه آمر زنده است تا ازرحمت او نوميد نشوند عقوبت كننده استنا ازهيبت او ايمن نباشد ] ونظير الآية قوله تعالى { نبئ عبادى انى انا الغفور الرحيم وان عذابى هو العذاب الاليم } لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى اراك لاهيا كأنك آمن فقال الآخر مالى اراك عابسا كأنك آيس فقال لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى اللّه تعالى احبكما الىّ احسنكما ظنا بى يقال الخوف ما دام الرجل صحيحا افضل واذا مرض فالرجل افضل يعنى اذا كان الرجل صحيحا كان الخوف افضل حتى يجتهد فى الطاعات ويجتنب المعاصى فاذا مرض وعجز عن العمل كان الرجاء له افضل واوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام يا داود بشر المذنبين وانذر الصديقين قال يا رب كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين قال بشر المذنبين اتى لا يتعاظمنى ذنب الا اغفره وانذر الصديقين ان لا يعجبوا باعمالهم وانى لا اضع عدلى وحسابى على احد الا هلك كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيارا جه جاى معذرتست برده ازروى لطف كو بردار ... كاشقيارا اميد مغفر تست واعلم ان اللّه تعالى ركب فى الانسان الجمال والجلال فرجاؤه ناظر الى الجمال وخوفه ناظر الى الجلال والى كليها الاشارة بالجسم والروح لكن رحجمته وهو الروح وحاله سبقت على غضبه وهو للجسد وما يتبعه والحكم للستبق لا اللاحق فعليك بالرجاء مع العمل الى حلول الاجل ٧ { ويقول الذين كفروا لولا انزل } حرف تحضيض . والمعنى بالفارسية [ جرافر وفرستاده نمى شود ] { عليه } محمد { آية من ربه } التنوين للتعظيم اى آية جلية يستعظمها من يدركها فى بادئ نظره وعلامة ظاهرة يستدل بها على صحة نبوته وذلك لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتهاونهم فاقترحوا عليه آيات تعنتا لا استرشادا والا لاجيبوا الى مقترحهم وذلك مثل ما اوتى موسى وعيسى وصالح من انقلاب العصا حية واحياء الموتى وخروةج الناقة من الصخرة فقيل لرسول اللّه { انما انت منذر } مرسل الانذار والتخويف لهم من سوء العاقبة كغيرك من الرسل وما عليك الا الاتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت ولو اجيب الى كل ما اقترحوا لادى الى اتيان ما لا نهاية له لانه كلما اتى بمعجزة جاء واحد آخر فطلب منه معجزة اخرى وذلك يوجب سقوط دعوة الانبياء { ولكل قوم هاد } اى ولكل قوم نبى مخصوص بمعجزة من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم الى الحق ويدعوهم الى الصواب . ولما كان الغالب فى زمان موسى هو السحر جعل معجزته ما هو اقرب الى طريقهم . ولما كان الغالب فى ايام عيسى الطب جعل معجزته ما يناسب الطب وهو احياء الموتى وابراء الابرص والاكمه . ولما كان الغالب فى زمان نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم الفصاحة والبلاغة جعل معجزته فصاحة القرآن وبلوغه فى باب البلاغة الى حد خارج عن قدرة الانسان فلما لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع انها اقرب الى طريقهم واليق بطباعهم فان لا يؤمنوا عند اظهار سائر المعجزات اولى والمراد بالهادي هو اللّه اى انما انت منذر وليس لك هدايتهم ولكل قوم من الفريقين هاد يهديهم هاد لاهل العناية بالايمان والطاعة الى الجنة وهاد لاهل الخذلان بالكفر والعصيان الى النار كما فى التأويلات النجمية قال الغزالى فى شرح الاسماء الحسنى الهادى هو الذى هدى خواص عباده اولا الى معرفة ذاته حتى استشهدوا على الاشياء به وهدى عوام عباده الى مخلوقاته حتى استشهدوا بها على ذاته وهدى كل مخلوق الى ما لا بد منه فى قضاء حاجاته فهدى الطفل الى التقام الثدى عند انفصاله والفرخ الى التقاط الحب عند خروجه والنحل الى بناء بيته على شكل التسديس لكونه اوفق الاشكال لبدنه والهداة من العباد الانبياء عليهم السلام ثم العلماء الذين ارشدوا الخلق الى السعادة الاخروية وهدوهم الى صراط اللّه المستقيم بل اللّه الهادى لهم على ألسنتهم وهم مسخرون تحت قدرته وتدبيره وفى تفسير الكواشى او المنذر محمد والهادى على رضى اللّه عنه احتجاجا بقوله عليه السلام ( فواللّه لان يهدى اللّه بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النعم ) والغرض من الارشاد اقامة جاه محمد عليه السلام : بتكثير اتباعه الكاملين وفى الحديث ( تناكحوا تناسلوا فانى مكاثر بكم الامم ) وهذا التناكح والتناسل يشمل فى امته مهدى يحكم بشريعته فان السلسة ممدودة من الطرفين الى آخر الزمان وسيخرج فى امته مهدى يحكم بشريعته وينفى تحريف المائلين وزيغ الزائغين فى خلافته عن ملته واخرج الطبرانى انه عليه السلام قال لفاطمة رضى اللّه عنها ( نبينا خير انبياء وهو ابوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم ابيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما فى الجنة حيث شاء وهو ابن عم ابيك جعفر ومنا سبطا هذه الامة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدى ) وروى أبو داود فى سننه انه من ولد الحسن وكان سر ترك الحسن الخلافة لله تعالى شفقة على الامة فجعل اللّه القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة اليها من ولده ليملأ الارض عجلا وظهوره يكون بعد ان يكسف القمر فى اول ليلة من رمضان وتكسف الشمس فى النصف منه فان ذلك لم يوجد منذ خلق اللّه السموات والارض عمره عشرون سنة وقيل اربعون ووجهه كوكب دري على خده الايمن خال اسود ومولده بالمدينة المنورة ويظهر قبل الدجال بسبع سنين ويخرج الدجال قبل طلوع الشمس من مغربها بعشر سنين وقبل ظهور المهدى اشراط وفتنت : قال الحافظ توعمر خواه وصبورى كه جرخ شعبده باز ... هزار بازى ازين طرفه تر برانكيزد حفظنا اللّه واياكم من الا كدار وجعلنا فى خير الدار وحسن الجوار ٨ { اللّه } وحده { يعلم ما تحمل كل انثى } اى حملها على ان ما مصدرية والحمل بمعنى المحمول او ما تحمله من الولدان ذكر او انثى تام او ناقص حسن او قبيح طويل او قصير سعيد او شقى ولى او عدو جواد او بخيل عالم او جاهل عاقل او سيفه كريم او لئيم حسن الخلق او سيءالخلق الى غير ذلك من الاحوال الحاضرة والمترقبة فما موصولة والعائد محذوف كما فى قوله { وما تغيض الارحام وما تزداد } اى نقض جميع الرحام وزيادتها او ما تغيضه وما تزداده فان كلا من غاض وازداد يستعمل لازما ومتعديا . يقال غاض الماء بغيض غيضا اذا قل ونضب وغاضه اللّه ومنه قوله { وغيض الماء } ويقال زدته فزاد بنفسه وازداد واخذت منه حقى وازددت منه كذا فان كان لازما فالغيوض والزيادة لنفس الارحام فى الظاهر ولما فيها الحقيقة وان كان متعديا فهما لله تعالى وعلى كلا التقديرين فالاسناد مجازى . والارحام جمع رحم وهو مبيت للولد فى البطن ووعاؤه واعلم ان رحم المرأة عضلة وعصب وعروق ورأس عصبها فى الدماغ وهى على هيئة الكيس ولها فم بازاء قبلها ولها قرنان شبه الجناحين تجذب بهما النطفة وفيها قوة الامساك لئلا ينزل من المنى شيء وقد اودع اللّه فى ماء الرجل قوة الفعل وفى ماء المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير منى الرجل كالانفحة الممتزجة بالبن واختلفوا فيما تغيضه الرحام وما تزداده فقيل هو جثة الولد فانه قد يكون كبيرا وقد يكون صغيرا وقد يكون تام الاعضاء وقد يكون ناقصها وقيل هو مدة ولادته فان اقلها ستة اشهر عند الكل وقد تكون تسعة اشهر وازيد عليها الى سنتين عند ابى حنيفة والى اربع عند الشافعى والى خمس عند مالك - روى - ان الضحاك بن مزاحم التابعى مكث فى بطن امه سنتين وان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين على ما فى المحاضرات للجلال السيوطى واخبر مالك ان جارة له ولدت ثلاثة اولاد فى اثنتى عشرة سنة تحمل اربع سنين وهرم ابن حبان بقى فى بطن امه اربع سنين ولذلك تسمى هرما وعن الحسن الغيوضة ان تضع لثمانية اشهر او اقل من ذلك والازدياد ان تزيد على تسعة اشهر وعنه الغيض الجنين الذى يكون سقطا لغير تمام والازدياد ما ولد لتمام وفى انسان العيون وقع الاختلاف فى مدة حمله صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل بقى فى بطن امه تسعة اشهر كملا وقيل عشرة اشهر وقيل ستة اشهر وقيل سبعة اشهر وقيل ثمانية اشهر فيكون ذلك آية كما ان عيسى عليه السلام ولد فى الشهر الثامن كما قيل به مع نص الحكماء والمنجمين على ان من يولد فى لشهر الثامن لا يعيش بخلاف التاسع والسابع والسادس الذى هو اقل مدة حمل وقد قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة اشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة اقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه وفى كلام الشيخ محيى الدين ابن العربى قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود اذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون مغلولا لا ينتفع بنفسه وذلك لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت انتهى وقيل هو عدة الولد فان الرحم قد يشتمل على ولد واحد على اثنين وثلاثة واربعة -روى- ان شريكا التابعى وهو احد فقهاء المدينة كان رابع اربعة فى بطن امه وقال الشافعى اخبرنى شيخ باليمن ان امرأته ولدت بطونا فى كل بطن خمسة وقيل هو دم الحيض فانه يقل ويكثر وقيل غيض الارحام فى الرحم فاذا اهراقت الدم ينتقص الغذاء فينتقص الولد واذا لم تحض يزداد الولد ويتم النقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقته باستمساك الدم { وكل شيء عنده } تعالى بمقدار [ باندازه است كه ازان زياده وكم نشود ] وفى بحر العلوم مقدر مكتوب فى اللوح معلوم قبل كونه قد علم حاله وزمانه ومتعلقه وفى التبيان اى بحد لا يجاوزه من رزق واجل ٩ { عالم الغيب } خبر مبتدأ محذوف واللام للاستغراق اى هو تعالى عالم كل ما يطلق عليه اسم الغيب وهو ما غاب عن الحس فيدخل فه المعلومات والاسرار الخفية والآخرة قال بعضهم ما ورد فى القرآن من اسناد علم الغيب الى اللّه تعالى انما هو بالنسبة الينا اذ لا غيب بالنسبة الى اللّه تعالى وقال بعض سادات الصوفية قدس اللّه اسرارهم لما سقطت جميع النسب والاضافات فى مرتبة الذات البحت والهوية الصرفة انتفت النسبة العلمية فانتفى لعلم بالغيب يعنى بهذا الاعتبار واما باعتبار التعينات واثبات الوجودات فى مرتبة الصفات وهر مرتبة الذات الواحدية فالعلم على حاله فافهم برو علم يك ذره يوشيده نيست ... كه بيدا وبنهان بنزدش يكيست { والشهادة } اى كل ما يطلق عليه اسم الشهادة وهو ما حضر للحس فيدخل فيه الموجودات المدركة والعلانية والدنيا { الكبير } العظيم الشأن الذى لا يخرج عن علمه شيء { المتعال } المستعلى على كل شيء بقدرته وفى الكواشى عن صفات المخلوقات وقول المشركين وفى التأويلات { اللّه يعلم ما تحمل كل انثى } ذرة من ذرات المكونات من الآيات الدالة على وحدانيته لانه اودعه فيها وقال { سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم } وقال الشاعر ففى كل شيء له آية ... تدل على انه الواحد وقال جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل من ذرات وايضا يعلم ما اودع فيها من الخواص والطبائع { وما تغيض الارحام } ارحام الموجودات بحيث تبقى فى الارحام ولا تخرج منها { وما تزداد } اى وما تخرج منها { وكل شيء عنده بمقدار } اى وكل شيء مما يخرج من ارحام الموجودات والمعدومات وما يبقى فيها عند علمه وحكمته بمقدار معين موافق لحكمة خروج ما خرج وبقاء ما بقى لانه { عالم الغيب والشهادة } اى عالم بما غاب عن الوجود والخروج بحكمته وبما شاهد فى الوجود والخروج { الكبير المتعال } ذى ذاته واحاطة علمه بالموجودات والمعدومات وبما فى ارحامهما المتعال فى صفاته بانه متفرد بها وفى شرح الاسماء الحسنى الكبير هو ذو الكبرياء والكبرياء عبارة عن كمال الذات واعنى بكمال الذات كمال الوجود وكمال الوجود يرجع الى شيئين احدهما دوامه ازلا وابدا وكل موجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان اذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم وان كان ما طالت مدة وجوده مع كونه محدود مدة البقاء كبيرا فالدائم الازلى الابدى الذى يستحيل عليه العدم اولى بان يكون كبيرا والثانى ان وجوده هو الوجود الذى يصدر عنه وجود كل موجود فان كان الذى تم وجوده فى نفسه كاملا وكبيرا فالذى اض منه الوجود لجميع الموجودات اولى بان يكون كاملا كبيرا والكبير من العباد هو الكامل الذى لا يقتصر عليه صفات كمال بل ينتهى الى غيره ولا يجالسه احد الا ويفيض عليه من كماله شيء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من انواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء والمتعال بمعنى العلى الا ان فيه نوع مبالغة وهو الذى لا رتبة فوق رتبته والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا اذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الانبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لان علوه بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علوه بالاضافة الى الموجودات لا بطريق الوجوب بل يقارنه امكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذى له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجود لا بحسب الوجود الذى يقارنه امكان نقيضه ١٠ { سواء منكم من اسرّ القول ومن جهر به } من مبتدأ خبره سواء ومنكم حال من ضمير سواء لانه بمعنى مستو ولم يثن الخبر مع انه خبر عن شيئين لانه فى الاصل مصدر وان كان هنا بمعنى مستو والاستواء يقتضى شيئين وهما الشخصان المرادان بمن . والمعنى مستو فى علم اللّه تعالى من اضمر القول فى نفسه ومن اظهره بلسانه منكم ايها الناس { ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار } الاستخفاء [ بنهان شدن ] والسروب [ برفتن بروز ] كما فى تهذيب المصادر . والسرب بفتح السين وسكون الراء الطريق كما فى القاموس وسارب معطوف على من فيتحقق شيآن ومن موصوفة كأنه قيل سواء منكم انسان وهو مستتر ومتوار فى الظلمات وآخر ظاهر فى الطرقات كما قال فى بحر العلوم . وسارب اى ذاهب فى سربه بارز وبالنهار يراه كل احد وقال الكاشفى [ وهركه طلب خفاء ميكند ومى يوسد عمل خودرا بشب وهركه ظاهرست وآشكارا ميكند عمل خودرا بروز يعنى مطلقا هيج جيز از قول وفعل سر وعلانيه برو بوشيده نيست ] ١١ { له } اى لله تعالى او للانسان الموصوف بما ذكر { معقبات من بين يديه ومن خلفه } جمع معقبة والتاء للمبالغة كما فى علامة لا للتأنيث فان الملك لا يوصف بالذكورة ولا بالانوثة وصيغة التفعيل للمبالغة والتكثير كما فى قولك طوف البيت لا للتعدية . والتعقيب [ در عقب كسى بيامدن ] كما فى التهذيب يقال عقبه تعقيبا جاء بعقبه . والمعقبات ملائكة الليل والنهار كما فى القاموس . وقيل للملائكة الحفظة معقبات لكثرة تعاقب بعضهم بعضا فى النزول الى الارض بعضهم بالليل وبعضهم بالنهار اذا مضى فريق خلفه فريق اى يعقب ملائكة الليل وملائكة النهار وملائكة النهار ملائكة الليل ويجتمعون فى صلاة الفجر والعصر . والمعنى له ملائكة يتعاقب بعضهم بعضا كائنون من امام الانسان ووراء ظهره اى يحيطون من جوانبه { يحفظونه من امر اللّه } من بأسه ونقمته اذا ذنب بدعائهم له ومسألتهم ربهم ان يمهله رجاء ان يتوب من ذنبه وينيب او يحفظونه من المضار التى امر اللّه بالحفظ منها قال مجاهد ما من عبد الاله ملك موكل به يحفظه فى نومه ويقظته من الجن والانس والهوام فما يأتيه منهم شئ يريده الا قال وراءك الا شئ يأذن اللّه فيه فيصيبه - وروى - عن عمرو بن ابى جندب قال كنا جلوسا عند سعيد بن قيس بصفين فاقبل على رضى اللّه عنه يتوكأ على عنزة له بعدما اختلط الظلام فقال سعيدا امير المؤمنين قال نعم قال أما تخاف ان يغتالك احد قال انه ليس من احد الا ومعه من اللّه حفظة من ان يتردى فى بئر او يخر من جبل او يصيبه حجر او تصيبه دابة فاذا جاء القدر خلوا بينه وبين القدر قال فى اسئلة الحكم اختلف العلماء فى عدد الملائكة التى وكلت على كل انسان فقيل عشرون ملكا وقيل اكثر والاول اصح لان عثمان رضى اللّه عنه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك فذكر عشرين ملكا وقال ملك عن يمينك على حسناتك وهو أمير على الملك الذى عن يسارك كما قال تعالى { عن اليمين وعن الشمال قعيد } وملكان بين يديك ومن خلفك لقوله تعالى { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر اللّه } وملك قائم على ناصيته اذا تواضع لله رفعه واذا تجبر على اللّه قصمه وملكان على شفتيك يحفظان عليك الصلاة على النبى عليه السلام وملك على فيك لا يدع الحية تدخل فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة املاك على كل آدمى فنزل ملائكة الليل على ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمى وابليس بالنهار واولاده بالليل قال بعض الائمة ان قلت الملائكة التى ترفع عمل العبد فى اليوم هم الذين يأتون ام غيرهم قلت الظاهر انهم هم وان ملكى الانسان لا يتغيران عليه ما دام حيا فاذا مات قالا يا رب قد قبضت عبدك فالى اين نضهب قال تعالى { سمائى مملوءة من ملائكتى وارضى مملوءة من خلقى يطيعوننى اذهبا الى قبر عبدى فسبحانى وحمدانى وهللانى وكبرانى ومجدانى وعظمانى واكتبا ذلك كله لعبدى اللى يوم القيامة } وقيل المعقبات اعوان السلطان فهو توبيخ الغافل المتمادى فى غروره والتهكم به على اتخاذه الحراس بناء على توهم انهم يحفظونه من امر اللّه وقضائه كما يشاهد من بعض الملوك والسلاطين والعاقل يعلم ان القضايا الالهية والنوازل المقدرة مما لا يمكن التحفظ منه فانظروا رأيهم وما ذهبوا اليه از كمان قضا جوتير قدر ... بدر آمد نشد مفيد سير ويقال للمؤمنين طاعات وصدقات يحفظونه من عذاب اللّه عند الموت وفى القبر وفى القيامة قال بعض السلف اذا احتضر المؤمن يقال للملك ثم رأسه فيقول اجد فى رأسه القرآن فيقال شم قلبه فيقول اجد فى قلبه الصيام فيقال شم قدميه فيقول اجد فى قدميه فيقول اجد فى قدميه القيام فيقال حفظ نفسه حفظه اللّه { ان اللّه لا يغير ما بقوم } من العافية والنعمة { حتى يغيروا ما بانفسهم } حتى يتركوا الشكر وينقلبوا من الاحوال الجميلة الى القبيحة كرت هواست معشوق نكساد بيوند ... نكاه دار سر رشته تانكه دارد وفى التأويلات النجمية { ان اللّه لا يغير ما بقوم } من الوجود والعدم { حتى يغيروا ما بانفسهم } باستدعاء الوجود والعدم بلسان الاستحقاق للوجود والعدم على مقضتى حكمته ووفق مشيئة انتهى وفى الآية تنبيه لجميع الناس ليعرفوا نعمة اللّه عليهم ويشكروا له كيلا تزول فدوران اللسان بالذكر والجنان بالفكر من الامور الجميلة فاذا تحول المرء من الذكر الى النسيان فقد تحول الى الحالة القبيحة فاذا لا يجد من الفيض الالهى ما يجده قبل وقد غير اللّه بشؤم المعصية اشياء كثيرة غير ابليس وكان اسمه عزرائيل فسماه ابليس قال ابراهيم بن ادهم مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير اللّه معرفتى وكذا غير اسمى هاروت وماروت وكان اسمهما قبل افتراق الذنب عزا وعزايا وكذا غير لون حام بن نوح اذ نظر الى عورة ابيه وكان نائما فاخبر نوح بذلك فدعا عليه فسوده اللّه فالهند والحبشة من نسله وقيل ان نوحا قال لاهل السفينة وهى تطوف بالبيت العتيق انكم فى حرم اللّه وحول بيته لا يمس احد امرأة وجعل بينهم وبين النساء حاجزا فتعدى ولده حام ووطئ زوجه فدعا اللّه عليه بان يسود لون بنيه فاجاب اللّه دعاءه وغير الصورة على داود بزلة واحدة وغير الصورة على قوم موسى لاخذهم الحيتان فصيرهم قردة وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير وغير المال والبساطين على آل القطروس حيث منعوا الناس عنها فاحرقتها نار وكذلك هلاك اموال القبط بدعاء موسى { ربنا اطمس على اموالهم } الآية فصار ماؤهم دما واموالهم حجرا وغير العلم على امية بن ابى الصلت كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه وكان من بلغاء قريش وكان يرجو ان يكون هو نبى آخر الزمان او وعد الايمان به فلما بعث نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم انكره وغير المكان على آدم بزلة واحدة وخسف بقارون الارض حيث منع الزكاة : قال الحافظ كنج قارون فروميرود ازقهر هنوز ... خوانده باشى كه هم ازغيرت دوريشانست وغير اللسان على رجل بسبب العقوق نادته والدته فلم يجبها فصار اخرس وغير الايمان على برصيصا بعد ما عبد اللّه مائتين وعشرين سنة ولم يعص اللّه فيها طرفة عين لانه لم يشكر يوما على نعمة الاسلام شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند { واذا اراد اللّه بقوم سوأ } عذابا وهلاكا { فلا مرد له } فلا رد له والعامل فى اذا ما دل عليه قوله فلا مرد له وهو لا يرد واذا عند نجاة البصرة حقيقة فى الظرف وقد تجئ للشرط من غير سقوط معنى الظرف نحو اذا قمت اى اقوم وقت قيامك تعليقا لقيامك بقيامه بمنزلة تعليق الجزاء بالشرط ودخوله اما فى امر كائن متحقق فى الحال نحو اذا ارى الدنيا وابناءها ... استعصم الرحمن من شرها اوامر منتظر لا محالة مثل { اذا وقعت الواقعة } و { اذا الشمس كورت } فهى ترد الماضى الى المستقبل لتها حقيقة فى الاستقبال وعند الكوفيين يجئ للظرف والشرط نحو واذا يحاس الحيس يدعى جندب ... ونحو واذا تصبك خصاصة فتحمل ... { ومالهم } اى لمن اراد تعالى هلاكه { من دونه } سوى اللّه تعالى { من وال } ممن يلي امرهم ويدفع عنهم السوء . والوالى من اسماء اللّه تعالى وهو من ولى الامور وملك الجمهور والولاية تنفيذ القبول على الغير شاء الغير او ابى وفيه دليل على ان خلاف مراد اللّه محال فانه المتفرد بتدبير الاشياء المنفذ للتدبير ولا معقب لحكمه ١٢ { هو } تعالى وحده { الذى يريكم البرق } هو الذى يلمع من السحاب من برق الشئ بريقا اذا لمع { خوفا } اى ارادة خوف او اخافة من الصاعقة وخراب البيوت { وطمعا } اى ارداة طمع او اطماعا فى الغيث ورجاء بركته وزوال المشقة والمطر يكون لبعض الاشياء ضررا ولبعضها رحمة فيخاف منه المسافر ومن فى خزينته التمر والزبيب ومن له بيت لا يكف ويطمع فيه المقيم واهل الزرع والبساتين ومن البلاد ما لا ينتفع اهله بالمطر كاهل مصر فان انتفاعم انما هو بالنيل وبالمطر يحصل الوطر وفيه اشارة الى ان فى باطن جمال اللّه تعالى جلالا وفى باطن جلاله جمالا واسندا لاراءة الى ذاته لنه الخالق فى الابصار نورا يحصل به الرؤية للخلائق وهذه الاراءة اما متعلقة بعالم الملك وهى ظاهرة وما متعلقة بعالم الملكوت فمعناها ان اللّه تعالى اذا ارى السائر برقا من لمعان انوار الجلال يغلب عليه خوف الانقطاع واليأس واذا اراه برقامن تلألؤ انوار الجمال يغلب عليه الرجاء والاستثناء { وينشئ السحاب } اي يبتدئ انشاء السحاب اى خلقه وفيه دلالة على ان السحاب يعدمه اللّه تعالى ثم يخلقه جديدا والسحاب اسم جنس والواحدة سحابة ولذا وصف بقوله { الثقال } بالماء جمع واختلف فى ان الماء ينزل من السماء الى السحاب او يخلقه اللّه فى السحاب فيمطر وفى حواشى ابن الشيخ السحاب جسم مركب من اجزاء رطبة مائية ومن اجزاء هوائية وهذه الاجزاء المائية المشوبة بالاجزاء الهوائية انما حدثت وتكونت فى جو الهواء بقدرة المحدث القادر على ما شاء والقول بان تلك الاجزاء تصاعدت من الارض فلما وصلت الى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت فرجعت الى الارض باطل لان الامطار مختلفة فتارة تكون قطراتها كبيرة وتارة تكون صغيرة وتارة متقاربة وتارة متباعدة وتارة تدوم زمانا طويلا وتارة لا تدوم فاختلاف الامطار فى هذه الصفات مع ان طبيعة الارض واحدة وكذا طبيعة الشمس المسخنة للبخارات واحدة لا بد ان يكون بتخصيص الفاعل المختار وايضا فالتجربة دلت على ان للدعاء والتضرع فى نزول الغيث اثرا عظيما ولذلك كان صلاة الاستسقاء مشروعة فعلمنا ان المؤثر فيه هو قدرة الفاعل لا الطبيعة والخاصية يقول الفقير ان المردود هو اسناد الحوادث الى الكون من غير ملاحظة تأثير اللّه تعالى فيها واما اذا اسندت الى الاسباب مع ملاحظة المسبب فهو مقبول لان هذا العالم عالم الاسباب والحكمة وما هو ادخل فى القدرة الالهية فهو اولى بالاعتبار ١٣ { ويسبح الرعد } اختلف العلماء فنه والتحقيق انه اسم ملك خلق من نور الهيبة الجلالية والرعد صوته الشديد ايضا يسوق السحاب بصوته كما يسوق الحادى الابل بحدائه فاذا سبح اوقع الهيبة على الخلق كلهم حتى الملائكة يقول الفقير لعل الرعد صوت ذلك الملك واسناد التسبيح الى صوته لكمال فيه { بحمده } فى موقع الحال اى حامدين له وملتبسين بحمده ] عنى تسبيح را باتحميد مقترن ميسازد ] فيصبح سبحان اللّه والحمد لله وفى الحديث ( البرق والرعد وعيد لاهل الارض فاذا رأيتموه فكفوا عن الحديث وعليكم بالاستغفار ) واذا اشتد الرعد قال عليه السلام ( لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك ) { والملائكة من خيفته } من عطف العام على الخاص اى ويسبح الملائكة من خوف اللّه وخشيته وهيبته وجلاله وذلك لانه اذا سبح الرعد وتسبيحه ما يسمع من صوته لم يبق ملك الا رفه صوته بالتسبيح فينزل القطر والملائكة خائفون من اللّه وليس خوفهم كخوف ابن آدم فانه لا يعرف احدهم من على يمينه ومن على يساره ولا يشغله عن عبادة اللّه طعام ولا شراب ولا شئ اصلا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما من سمع الرعد فقال سبحان الذى يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شئ قدير فاصابته صاعقة فعلى ديته { ويرسل الصواعق } جمع صاعقة وهى نار لا دخان لها تسقط من السماء وتتولد فى السحاب وهى اقوى نيران هذا العالم فانها اذا نزلت من السحاب فربما غاصت فى البحر واحرقت الحيتان تحت البحر وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اليهود سألت النبى عليه السلام عن الرعد ما هو فقال ( ملك من الملائكة وهو موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء اللّه ) قالوا فما الصوت الذى يسمع ( قال زجره السحاب فاذا شدت سحابة ضمها واذا اشتد غضبه طارت من فيه نار هى الصاعقة ) والمخاريق جمع مخراق وهو فى الاصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا والمراد به ههنا آلة يسوق بها الملك السحاب { فيصيب بها } الباء للتعددية . والمعنى بالفارسية [ يس ميرساندآنرا ] { من يشاء } اصابته فيهلكه والصاعقة تصيب المسلم وغيره ولا تصيب الذاكر يقول الفقير لعل وجهه ان الصاعقة عذاب عاجل ولا يصيب الا الغافل واما الذاكر غهو مع اللّه ورحمته وبين الغضب والرحمة تباعد وقولهم تصيب المسلم بشير الى ان المصاب بالصاعقة على حاله من الايمان والاسلام ولا اثر لها فيه كما فى اعتقاد بعض العوام { وهم } اى هؤلاء الكفار مع ظهور هذه الادلائل { يجادلون فى اللّه } حيث يكذبون رسوله فيما يصفه من العظمة والتوحيد والقدرة التامة والجدال التشدد فى الخصومة من الجدل وهو الفتل { وهو شديد المحال } اى شديد المكر والكيد لاعدائه يهلكم من حيث لا يحتسبون من محل بفلان اذا كاده وسعى به الى السلطان ومنه تحمل لكذا اذا تكلف فى استعمال الخيلة واجتهد فيه قال فى اسباب النزول ان رسول اللّه عليه السلام بعث رجلا مرة الى رجل من فراعنة العرب قال ( فاذهب فادعه لى ) فقال يا رسول اللّه انه اعتى من ذلك ( فاذهب فادعه لى ) قال فذهبت اليه فقلت يدعوك رسول اللّه فقال وما اللّه أمن ذهب هو أمة فضة أو من نحاس قال الراوى وهو انس فرجع الى رسول فاخبره وقال قد أخبرتك انه اعتى من ذلك قال لى كذا وكذا قال ( فارجع اليه الثانية فادعه ) فرجع اليه فاعاد عليه مثلا الكلام الاول ورجع الى النبى عليه السلام فاخبره فقال ( ارجع اليه ) فرجع اليه الثالثة فاعاد مثل ذلك الكلام فبينما هو يكلمه اذ بعث اللّه سحابة حيال رأسه فرعدت فوقع منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه فانزل اللّه تعالى { ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون فى اللّه وهو شديد المحال } وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما نزلت هذه الآية والتى قبلها فى عامر بن الطفيل واربد بن قيس وهو امولبيد بن ربيعة الشاعر لامه وذلك انهما اقبلا يريدان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال رجل من اصحابه يا رسول اللّه هذا عامر بن الطفيل قد اقبل نحوك فقال ( دعه فان يرد اللّه به خيرا هداه ) فاقبل حتى قام عليه قال يا محمد ما لى ان اسلمت قال ( لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ) قال تجعل لى الامر بعدك قال ( لا ليس ذلك لى انما ذاك الى اللّه تعالى يجعله حيث شاء ) قال اسلم على ان لك المدر ولى الوبر يعنى لك ولاية القرى ولى ولاية البوادى قال ( لا ) قال فماذا تجعل لى قال ( اجعل لك اعنة الخيل تغزو عليها ) قال اوليس ذلك الى اليوم وكان اوصى الى اربد اذا رأيتنى اكلمه قدر من خلفه فاضربه بالسيف فجعل يخاصم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويراجعه فدار اربد خلفه عليه السلام ليضربه فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه اللّه فلم يقدر على سله وجعل عامر يومى اليه فالتفت رسول اللّه فرأى اربد وما يصنع بسيفه فقال ( اللهم اكفينهما بما شئت ) فارسل على اربد صاعقة فى يوم صائف صاحى فاحرقته وولى عامر هاربا فقال يا محمد دعوت ربك فقتل اربد واللّه لاملأن عليك الارض رجالا الفا اشعر والفا امرد فقال عليه السلام ( يمنعك اللّه من ذلك وابناء قبيلة ) يريد الاوس والخزرج فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما اصبح ضم اليه سلاحه وخرج وهو يقول واللات لئن اصحر محمد الى وصاحبه يعنى ملك الموت لانفذنهما برمحى صعوه كاو باعقاب سازد جنك ... دهدازخون خودبرش رارنك فلما رأى اللّه ذلك منه ارسل ملكا فلطمه بجناحه فاذراه بالتراب وخرجت على ركبته غدة فى الوقت عظيمة فعاد الى بيت السلولية وهو يقول غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية ثم مات على ظهر فرسه فانزل اللّه تعالى فى هذه القصة قوله { سواء منكم من اسر القول او جهر به } حتى بلغ { وما دعاء الكافرين الا فى ضلال } فالواو فى قوله { وهم يجادلون فى اللّه } على هذا الحال اى يصيب بالصاعقة من يشاء فى حال جداله فى اللّه فان اريد وكذا فرعون العرب فى الرواية الاولى لما جادل فى اللّه احرقته الصاعقة . وقوله غدة كغدة البعير اى اصابتنى غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية وسلول قبيلة من العرب اقلهم وارذلهم قال قائل فى حقهم الى اللّه اشكو اننى بت طاهرا ... فجاء سلولى فبال على نعلى فقلت اقطعوها بارك اللّه فيكمو ... فانى كريم غير مدخلها رجلى كأن عامرا يقول ابتليت بامرين كل واحد منهما شر من الآخر احدهما ان غدتى غدة مثل غدة البعير وان موتى موت فى بيت ارذل الخلائق والغدة الطاعون للابل وقلما يسلم منه يقال اغد البعير اى صار ذا غدة وهى طاعونة وفى الآية اشارة الى ان اهل الجدال فى ذات اللّه وفى صفاته مثلا الفلاسفة والحكماء واليونانية الذين لم يتابعوا الانبياء وما آمنوا بهم وتابعوا العقل دون ادلة السمع . وبعض المتكلمين من اهل الاهواء والبدع هم الذين اصابهم صواعق القهر واحترقت استعداداتهم فى قبول الايمان فظلوا يجادلون فى اللّه هل هو فاعل مختالا او موجب بالذات لا بالاختيار ويجادلون فى صفات اللّه هل لذاته صفات قائمة به او هو قادر بالذات ولا صفات له ومثل هذه الشبهات المكفرة المضلة عن سبيل الرشاد واللّه تعالى شديد العقوبة والاخذ لمن جادل فيه بالباطل كذا فى التأويلات النجمية ١٤ { له } [ مرخدايراست ] وتقديم الخبر لافادة التخصيص { دعوة الحق } اى الدعاء الحق على ان يكون من باب اضافة الموصوف الى الصفة والدعوة بمعنى العبادة والحق بمعنى الحقيق اللائق الغير الباطل . والمعنى ان الدعوة التى هى التضرع والعبادة قسمان ما يكون حقا وصابا وما يكون باطلا وخطأ فالتى تكون حقا منها مختصة به تعالى لا يشاركه فيها غيره او له الدعوة المجابة على ان يكون الحق بمعنى الثابت الغير الضائع الباطل فانه الذي يجيب لمن دعاه دون غيره قال فى المدارك المعنى ان اللّه يدعى فيستجيب الدعوة ويعطى السائل الداعى سؤاله فكانت دعوة ملابسة لكونه حقيقيا بان يوجه اليه الدعاء بخلاف ما لا ينفع دعاؤه فرومائد كائرا برحمت قريب ... تضرع كنانزا بدعوت مجيب { والذين يدعون من دونه } اى والاصنام الذين يدعونهم الكفار متجاوزين اللّه فى الدعاء الى الاصنام فحذف الراجع او و الكفار الذين يدعون الاصنام من دونه تعالى فحذف المفعول { لا يستجيبون } اى لا يجيب الاصنام وضمير العقلاء لمعالملتهم اياها معاملة العقلاء { لهم } اى الكفار { بشئ } من مراداتهم { الا كباسط كفيه الى الماء } استثناء مفرغ من اعم عالم المصدراى الا استجابة مثل استجابة ماد يديه اى كاستجابة الماء من بسط طفيه اليه قال الكاشفى [ مكر همجون اجابت كسى كه بكشاده هردوكف خودرا بسوى آب يعنى تشنه كه بر سر جاهى رسد وباو دلورسنى نبود هردودست خودبسوى جاه بكشايد وبفرياد وزارى آب رامى طلبد ] { ليبلغ فاه } [ تابدهن اوبرسد ] اى يدعو الماء بلسانه ويشير اليه بيده ليصل الى فمه فالام متعلق بباسط ففاعل يبلغ هو الماء { وما هو } اى كالماء { ببالغه } ببالغ فيه لانه جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه وحاجته اليه ولا يقدر ان يجيب دعاءه ويبلغ فاه وكذا ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع اجابتهم ولا يقدر على نفعهم والتشبيه من المركب التمثيلي شبه حال الاصنام مع من دعاءهم من المشركين وهو عدم استجابتهم دعار المشركين وعدم فوز المشركين من دعائهم الاصنام شيأ من الاستجابة والنفع بحال الماء الواقع بمأى من العطشان الذي يبسط اليه كفيه يطلب منه اى يبلغ فاه وينفعه من احتراف كبده ووجه الشبه عدم استطاعة المطلوب منه اجابة الدعاء وخيبة الطالب عن نيل ما هو احوج اليه من المطلوب وهذا الوجه كما ترى منتزع من عدة امور { وما دعاء الكافرين } يعنى لاصنامهم { الا فى ضلال } فى ضياع وخسار وباطل لان الآلهة لا تقدر على اجابتهم واما دعاؤهم له تعالى فالمذهب جوازا استجابته كما فى كتب الكلام والفتاوى وقد اجاب اللّه دعاء ابليس وغيره ألا ترى ان فرعون كان ثدعو اللّه فى مكان خال عند نقصان النيل فيستجيب اللّه دعاءه ويمده فاذا كان اللّه لا يضيع دعاء الكافرين فما ظنك بالمؤمن والماء وان كان من طبعه التسفل ولكن اللّه تعالى اذا اراد يحركه من المركز الى جانب المحيط على خلاف طبعه بطريق خرق العادة كما وقع لبعض اولياء اللّه تعالى فانهم لوصولهم الى المسبب قد لا يحتاجون الى الاسباب - حكى - عن الشيخ ابى عبد اللّه بن حفيف رضى اللّه عنه قال دخلت بغداد قاصد الحج وفى رأسى نخوة الصوفية يعنى حدة الارادة وشدة المجاهدة واطراح ما سوى اللّه تعالى قال ولم آكل اربعين يوما ولم ادخل على الجنيد وخرجت ولم اشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا فى البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشان فلما دنوت من البئر ولى الظبى واذا الماء فى اسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدى مالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقال جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء ان الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وانت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فاذا البئر ملآن فملأت ركوتى فكنت اشرب منها واتطهر الى المدينة ولم ينفد الماء فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد علىّ قال لو صبرت لنبع الماؤ من تحت قدمك والاشارة فى الآية ان لله تعالى دعاة يدعون الخلق بالحق الى الحق والذين يدعون لغير الحق لا يقبلون النصح اذا خرج من القلب الساهى ولا يتأثر فيهم كمن بسط يده الى الماء اراءة للخلق بان يريد شربه وما هو ببالغه اى فمه فلا يحصل الشرب على الحقيقة وان توهم الخلق انه شارب وهذا مثل ضربه اللّه للدعاة من اهل الاهواء والبدع يدعون الخلق الى اللّه لغير اللّه فلا يستجابون على الحقيقة وان استجيبوا فى الظاهر لانهم استجابوا لهم على الضلال يدل عليه قوله { وما دعاء الكافرين الا فى ضلال } الخلق عن الحق كما فى التأويلات النجمية ترسم نرسى بكعبه اى اعرابى ... كاين ره كه توميروى بتر كستانست ١٥ { ولله يسجد } حقيقة وهو بوضع الجبهة على الارض { من فى السموات } يعنى الملائكة وارواح الانبياء والاولياء واهل الدرجات من المؤمنين { والارض } من الملائكة والمؤمنين من الثقلين { طوعا } حال اى طائعين حالتى الشدة والرخاء { وكرها } اى كالكارهين حالة الشدة والضرورة وذلك من الكافرين والمنافقين والشياطين ويقال من ولد فى الاسلام طوعا ومن سبى من دار الحرب كرها وفى الحديث ( عجب ربك من قوم يساقون الى الجنة بالسلاسل ) وفيه اشارة الى ان من اهل المحبة والوفاء من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلبا للقيام بالخدمة فتوضع فى اعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة : قال الكمال الخنجدى نيست ماراغم طوبى وتمناى بهشت ... شيؤه مردم ناهل بودهمت بست { وظلالهم } على حذف الفعل اى ويسجد ظلال اهل السموات والارض بالعرض اى تبعا لذى الظل ويجوز ان يراد بالسجود معناه المجازى وهو انقيادهم لاحداث ما اراده اللّه فيهم شاؤوا او كرهوا وانقياد ظلالهم لتصريفه اياها بالمد والتقليص ونقلها من جانب الى جانب فالكل مذلل ومسخر تحت الاحكام والتقدير { بالغدو والآصال } الغدو جمع غداة وهى البكرة والآصال جمع اصيل وهو العشى من حين زوال الشمس الى غيبوبتها كما فى بحر العلوم وقال فى الكواشى وغيره الاصيل ما بين العصر وغروب الشمس والباء بمعنى فى ظرف ليسجد اى يسجد فى هذين الوقتين والمراد بهما الدوام لان السجود سواء اريد به حقيقته او الاتقياد والاستسلام لا اختصاص له بالوقتين وتخصيصهما مع ان انقياد الظلال وميلانها من جانب الى جانب وطولها بسبب انحطاط الشمس وقصرها بسبب ارتفاعها لا يختص بوقت دون وقت بل هى مستسلمة منقادة لله تعالى فى عموم الاوقات لان الظلال انما تعظم وتكثر فيها قال فى التأويلات النجمية وظلالهم اى نفوسهم فان النفوس ظلال الارواح وليس السجود بالطوع من شأن النفوس لان النفس امارة بالسوء الا ما رحم الرب تعالى لتسجد طوعا والاكراه على السجود بتبعية الارواح وايضا ولله يسجد من فى السموات اى سموات القلوب والارواح والعقول طوعا والارض اى من فى ارض النفوس من صفات النفس والحيوانية والسبعية والشيطانية كرها لانه ليس من طبعهم السجود والانقياد اه قال فى بعض الكبار من اسرار هذا العالم انه ما من حادث الا وله ظل يسجد لله تعالى سواء كان ذلك الحادث مطيعا او عاصيا فان كان من اهل الموافقة فهو ساجد مع ظلاله وان كان من اهل المخالفة فالظل نائب منابه فى الطاعة [ وحقيت آنست كه طوع ورغبت صفت آنهاست كه لطف ازل نهال ايمان در زمين دل ايشان نشانده ونفرت وكراهيت خاصيت آنانكه قهر لم يزل تخم خذلان در مزرعه نفس نفرمان ايشان فشانده ] برآن زخمى زندكين بى نيازيست ... برين مرهم نهدكين دلنوازيست قال الكاشفى [ اين سجده دوم است ازسجدات قرآنى وحضرت شيخ رضى اللّه عنه در سفر سابع ازفتوحات كه ذكر سجده قرآنى ميكند اين را سجود الظلال وسجود العام كفته وفرموده كه لازم است بنده تصديق كند خدايرا درين خبر وسجده آرد ] وقد سبق فى آخر الاعراف ما يتعلق بسجدة التلاوة فارجع واما سجدة الشكر وهى ان يكبر ويخر ساجدا مستقبل القبلة فيحمده تعالى ويشكره ويسبح ثم يكبر فيرفع رأسه فقد قال الشافعى يستحب سجود الشكر عند تجدد النعم كحدوث ولد أو نصر على الاعداء ونحوه وعند رفع نقمة كنجاة من عدو او غرق ونحو ذلك وعن ابى حنيفة ومالك ان سجود الشكر مكروه ولو خضع فتقرب لله تعالى بسجدة واحدة من غير سبب فالارجح انه حرام قال انووى ومن هذا ما يفعله كثير من الجهلة الضالين من السجود بين يدى المشايخ فان ذلك حرام قطعا بكل حال سواء كان الى القبلة او لغيرها وسواء قصد السجود لله او غفل وفى بعض صوره ما يقتضى الكفر كذا فى الفتح القريب ١٦ { قل } يا محمد للمشركين { من } [ كيست ] { رب السموات والارض } خالقهما ومالكهما ومتولى امرهما { قل } فى الجواب { اللّه } اذ لا جواب لهم سواه لانه البين الذي لامراء فيه فكأنه حكاية لاعترافهم به { قل } الزاما لهم { أفاتخذتم من دونه اولياء } الهمزة للانكار والفاء للاستبعاداى أبعد اقراركم هذا وعلمكم بانه تعالى صانع العالم ومالكه اتخذتم من دونه تعالى اصناما وهو منكر بعيد من مقتضى العقل { لا يملكون } اى وتلك الاولياء { لانفسهم نفعا ولا ضرا } لا يستطيعون لانفسهم جلب نفع اليها ولا دفع ضرر عنها واذا عجزوا عن جلب النفع الى انفسهم ودفع الضرر عنها كانوا عن نفع الغير ودفع الضر عنه اعجز ومن هو كذلك فكيف يعبد ويتخذ وليا وهذا تجهيل لهم وشهادة على غباوتهم وضلالتهم التي ليس بعدها والاشارة قل من رب سموات القلوب وارض النفوس ومن دبر فيهما درجات الجنان لالاخلاق الحميدة ودركات النيران بالاخلاق الذميمة وجعل مشاهدة القلوب مقامات القرب وشواهد الحق ومراتع النفوس شهوات الدنيا ومنازل البعد قل اللّه اى اجب عن هذا السؤال لان الاجانب منه بمعزل قل للاجانب أفاتخذتم من دونه اولياء من الشياطين والدنيا والهوى لا يملكون لانفسهم ولا لكم نفعا ولا ضرا فى الدنيا والآخرة لانهم مملوكون والمملوك لا يملك شيئا { قل هل يستوى الاعمى والبصير } وارد على التشبيه اي فكما لا يستوى الاعمى والبصير فى الحس كذلك لا يستوى المشرك والجاهل بعظمة اللّه وثوابه وعقابه وقدرته مع الموحد العالم بذلك قال فى التأويلات النجمية الاعمى من يرى غير الهله مالكا ومتصرفا فى الوجود والبصير من لا يرى مالكا ولا متصرفا فى الوجود غير اللّه وايضا الاعمى هو النفوس لانها تتعلق بغير اللّه وتحب غيره والبصير القلوب لانها تتعلق باللّه وتحبه فالاعمى من عمى بالحق وابصر بالباطل والبصير من ابصر بالحق وعمى بالباطل وايضا الاعمى من ابصر بظلمات الهوى والبصير من ابصر بانوار المولى { ام هل تستوى الظلمات والنور } هذا وارد على التشبيه ايضا فكما لا تستوى الظلمات والنور كذلاك لا يستوى الشرك والانكار والتوحيد والمعرفة وعبر ذلك عن الشرك بصيغة الجمع لان انواع شرك النصارى وشرك اليهود وشرك عبدة الاوثان وشرك المجوس وغيرها بخلاف التوحيد وفى التأويلات هل يستوى المستكن فى ظلمات الطبيعة والهوى ومن هو مستغرق فى بحر جمال المولى فالاول كالعمى اذ لا يقدر ان يرى الملكوت من ظلمات الملك والثانى كالبصير فكما ان المستغرق فى البحر والغائص فيه لا يرى غير الماء فكذا لا يرى اهل البصيرة سوى اللّه : قال المولى الجامى عاشق اندر ظاهر وباطن نه بيند غير دوست ... بيش اهل باطن اين معنى كه كفتم ظاهرست { ام جعلوا لله شركاء } بل اجعلوا فأم منقطعة والهمزة للانكار بمعنى لم يكن . والمعنى بالفارسية [ با آيا كافران شاختند براى خداى انبازى كه ] { خلقوا كخلقه } صفة شركاء داخلة فى حكم الانكار يعنى انهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين مثل خلق اللّه { فتشابه الخلق عليهم } حتى يتشابه ويلتبس عليهم خلق اللّه وخلقهم فيقولوا هؤلاء قدروا على الخلق كما قدر اللّه عليه فاستحقوا العبادة كما استحقها ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه اقل خلق اللّه واذله واصغره واحقره فضلا على ان يقدروا على ما يقدر عليه الخالق { قل اللّه خالق كل شيء } من الاجسام والاعراض لا خالق غير اللّه فيشاركه فى العبادة جعل الخلق موجب العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله { وهو الواحد القهار } يحتمل ان يكون هذا القول داخلا تحت الامر بقل ويحتمل ان يكون استئنافا اخبترا منه تعالى بهذين الوصفين اى المتوحدين بالالوهية الغالب على كل شيء فما سواه نقهور مغلوب له ومن الاشياء آلهتهم فهو يغلبهم فكيف يتوهم ان يكونوا له اولياء وشركاء نرد خدمت جون بنا موضع بباخت ... شير سنكين را شقى شيرى شناخت قال المولى الجامى مده بعشوة صورت عنان دل جامى ... كه هست دربس اين برده صورت آرايى وفى التأويلات النجمية الواحد فى ذاته وصفاته القهار لمن دونه اى هو الواحد فى خلق الاشياء وقهرها لا شريك له فيه ولا فى المطلوبية والمحبوبية فالعارف لا يطلب غير اللع ولا يرى فى مرآة الاشياء الا الله شهود يار در اغيار مشرب جاميست ... كدام غيركه لا شيء فى الوجود سواه والآية اشارة الى انه تعالى خالق الخير والشر -روى- عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال بينما نحن جلوس عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذ اقبل ابو بكر وعمر فى جماعة من الناس فلما دنوا سلموا على رسول اللّه فقال بعض القوم يا رسول اللّه قال ابو بكر الحسنات من اللّه والسيآت منا وقال عمر الحسنات والسيآت كلها من اللّه تعالى فتابع بعض القوم ابا بكر وبعض القوم عمر فقال عليه السلام ( ما اقضى بينكما الا كما قال اسرافيل بين جبرائيل وميكائيل اما جبرائيل فقال مثل مقالتك يا عمر واما ميكائيل فقال مثل مقالتك يا ابا بكر فقال جبرائيل اذا اختلف اهل السماء اختلف اهل الارض فهلم تتحاكم الى اسرافيل فقصا عليه القصة فقضى بينهما ان القدر خيره وشره من اللّه تعالى ) ثم قال النبى عليه السلام ( فهذا قضائى بينكما ) قال ( يا ابا بكر لو شاء اللّه ان لا يعصى فى الارض لم يخلق ابليس ) قال الحافظ دركار خانه عشق در كفرنا كزيرست ... آتش كرا بسوزد كربو لهب نباشد نسأل اللّه التوفيق الى الخير والفلاح والرشاد ١٧ { انزل } اى اللّه تعالى { من السماء ماء } اى مطرا ينحدر منها الى السحاب ومنه الى الارض وهو رد لمن زعم انه يأخذه من البحر ومن زعم ان المطر انما يتحصل من ارتفاع ابخرة رطبة من الارض الى الهواء فينعقد هناك من شدة برد الهواء ثم ينزل مرة اخرى وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان تحت العرش بحر ينزل منه ارزاق الحيوانات يوحى اللّه اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء الدنيا ويوحى الى السحاب ان غربله فيغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ولا وزن يقول الفقير هذه الرواية ادل على قدرة اللّه تعالى مما ذهب اليه الحكماء كما لا يخفى فقول من قال فى التفسير اى من السماء نفسها فان مبادئ الماء منها ففى لفظة من مجاز تضييق للامر وعدول عن الحقيقة من غير وجه معتد به واللّه على كل شيء قدير { فسالت } من ذلك الماء والسيلان الجريان { اودية } جمع واد كاندية حمع ناد وهو الموضع الذى يسيل الماء فيه بكثرة والمراد ههنا الانهار بطريق ذكر المحل وارادة الحال ونكرها لان المطر يأتى على طريق المناوبة بين البقاء فيسيل بعض اودية دون بعض { بقدرها } بفتح الدال وسكونها صفة لا ودية او متعلق بسالت والضمير راجع الى المعنى المجازى للاودية اى بمقدارها الذى علم اللّه انه نافع للمطور عليهم غير ضار اى بالقدر الذى لا يتضرر الناس به . وبالفارسية [ باندازه كه خداى تعالى مقرر كرده كه آن سود رساند وزيان نكند ] وذلك لانه ضرب المطر مثلا للحق فوجب ان يكون مطرا خالصا للنفع خاليا من المضرة ولا يكون كبعض الامطار والسيول الجواحف ويجوز ان يكون الضمير راجعا الى المعنى الحقيقى لها على طريق الاستخدام اى بمقدارها فى الصغر والكبر اى ان صغر الوادى قل الماء وان اتسع الوادى كثر الماء . وبلفارسية [ بقدرها باندازه خود يعنى هر وادى بمقدار خود درجزوى وبزركى زتنكى وفراخى برادشت ] { فاحتمل السيل } اى حمل ورفع { زبدا } هو اسم لكل ما علا وجه الماء من رغوة وغيرها سواء حصل بالغليان او بغيره . وبالفارسية [ كف ] واصله كل شيء تولد من شيء مع مشابهته له ومنه الزبد { رابيا } عاليا فوق الماء { ومما يوقدون عليه فى النار } خبر مقدم لقوله زبد مثله وعليه متعلق بيوقدون . والايقاد جعل النار تحت الشيء ليذوب وفى النار حال من الضمير فى عليه اى ومن الذى يوقد الناس عليه يعنى [ ميكذارند ] حال كونه ثابتا فى النار وهو يعم الفلزات والفلز بكسر الفاء واللام وشد الزاى جوهر الارض اى الاجساد السبعة المعدنية التى تاب وهى الذهب والفضة والحديد والنحاس والآنك والزئبق والصفر { ابتغاء حلية } مفعول له اى طلب زينة فان اكثر الزين من الذهب والفضة { او متاع } عطف على حلية وهو ما يتمتع به اى ينتفع به كالنحاس والحديد والرصاص يذاب فيتخذ منه الاوانى وآلات الحروب والحرث { زبد مثله } قوله مثله صفة زبد اى ومنه ينشأ زبد مثل زبد الماء يعلو عليه اذا اذيب وهو الخبث على ان تكون من ابتدائية او بعضه زبد مثله على ان تكون تبعيضية { كذلك } فى محل النصب اى مثل ذلك الضرب والبيان والتمثيل { يضرب اللّه الحق والباطل } اى بينهما ويمثلهما فانه تعالى مثل الحق فى الثبات والنفع بالماء النافع وبالفلز الذى ينتفعون به فى صوغ الحلى منه واتخاذ الامتعة المختلفة وشبه فى سرعة زواله وقله نفعه بالزبد الضائع اى بزبد السيل الذى يرمى به وبزبد الفلز الذى يطفو فوقه اذا اذيب فالزبد وان علا الماء فهو ينمحق وكذا الباطل وان علا الحق فى بعض الاحوال فان اللّه سيمحقه ويبطله بجعل العاقبة للحق واهله كما قيل للحق دولة وللباطل صولة : قال الحافظ سحر با معجزه بهلو نزند ايمن باش ... سامرى كيست كه دست از يد بيضا ببرد وبين وجه الشبه وهو الذهاب باطلا مطروحا والثبات نافعا مقبولا بقوله { فاما الزبد } [ اما كف روى آب وخبث بالاى فلز ] وبدأ بالزبد مع تأخره فان ذلك الزبد ويتأخر وجوده الاستمرارى { فيذهب جفاء } قال فى القاموس الجفاء كغراب الباطل وهو حال اى باطلا مرميا به { واما ما ينفع الناس } كالماء وخلاصة الفلز { فيمكث فى الارض } اى يبقى ولا يذهب فينتفع به الناس اما الماء فيثبت بعضه فى منافعه ويسلك بعضه فى عروق الارض الى العيون والقنى والآبار واما الفلز فيبقى ازمنة متطاولة { كذلك } [ همجنين كه ذكر كرده شد ] { يضرب اللّه الامثال } ويبينها لايضاح المشتبهات . والمثل القول الدائر بين الناس والتمثيل اقوى وسيلة الى تفهيم الجاهل الغبى وهو اظهار للوحشى فى صورة المألوف قال الكاشفى [ بعضى بدانند كه مراد ازين آب قر آنست كه حيات دل اهل ايمانست واوديه دلها انكه فراحور استعداد خود ازان فيض ميكيرند وزبد هو اجس نفسانى ووساوس شيطانى است ] وقال ابو الليث فى تفسيره شبه الباطل بالزبد يعنى احتملت القلوب على قدر هواها باطلا كثيرا فكما ان السيل يجمع كل قذر فكذلك الهوى يحتمل الباطل وكما ان الزبد لا وزن له فكذلك الباطل لا ثواب له والايمان واليقين ينتفع به اهله فى الآخرة كما ينتفع بالماء الصافى فى الدنيا والكفر والشك لا ينتفع به فى الدنيا والآخرة وفى التأويلات النجمية { انزل من السماء } من سماء القلوب { ماء } المحبة { فسالت اودية } النفوس { بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا } من الاخلاق الذميمة النفسانية والصفات البهيمية الحيوانية وانزل من سماء الارواح ماء مشاهدات انوار الجمال فسالت اودية القلوب بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا من انانية الروحانية وانزل من سماء الجبروت ماء تجلى صفة الالوهية فسالت اودية الاسرار بقدرها فاحتمل السيل زبد الوجود المجازى : قال فى المثنوى جون تجلى كرد اوصاف قديم ... بس بسوزد وصف حادث را كليم ١٨ { للذين استجابوا لربهم } خبر مقدم لقوله { الحسنى } اى للمؤمنين الذين اجابوا فى الدنيا لى ما دعا اللّه اليه من التوحيد والطاعة المثوبة الحسنى فى الآخرة وهى الجنة وسميت بذلك لانها فى نهاية الحسن لكونها من آثار الجمال الصفاتى واما الاحسن فهو اللّه تعالى وحسنه الازلى من ذاته لا من غيره فقد علم من هذا ان الداعى الى الحسنى هو اللّه تعالى والمجيب الى تلك الدعوى الالهية هو المؤمنون والجنة ونعيمها هى الضيافة العظمى وقد ورد ( اللهم انى اسألك الجنة وما قرب اليها من قول وعمل واعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل ) قال بعض الكبار من احب رؤية اللّه احب الجنة لانها محلها يقول الفقير فيه تصريح بان الجنة محل الرؤية لا محل اللّه تعالى حتى يلزم اثبات المكان له ولا يلزم من كونها محل الرؤية كونها محله تعالى لان التقيد بالمكان حال الرائى لا حال المرئى والدنيا والآخرة سواء بالنسبة الى الرائى كما انهما سيان بالنسبة الى المرئى اذ لو رؤى فى الدنيا بحسب ارتفاع الموانع لكان لا يضر اطلاقه وتنزهه وكذا لو رؤى فى الجنة وقد ثبت ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رآه فى الدنيا فجعلت الدنيا ظرفا لرؤيته مع ان اللّه تعالى على تنزه الازلى واذا عرفت ها عرفت ضعف قول الفقهاء لو قال ارى اللّه فى الجنة يكفر لانه يزعم ان اللّه تعالى فى الجنة والحق ان يقال نرى اللّه فى الجنة انتهى قولهم مجرد بابيش ز اطلاق وتقييد ... اكر جلباب هستى را كنى شق { والذين لم يستجيبوا له } وهم الكافرون باللّه الخارجون عن الطتعة وهو مبتدأ خبره قوله { لو ان لهم } [ اكر باشد مرا ايشانرا ] { ما فى الارض جميعا } من نقودها وامتعتها وضيلعها { ومثله معه } وضعفه معه [ يعنى آن قدر كه نقود واقمشه دينى هست با آن اضافت كنند وهمه در تصرف كافران باشد روز قيامت ] { لافتدوا به } جعلوه فداء انفسهم من العذاب ولو فادوا به لا يقبل منهم يقول الفقير سر هذا انهم بسبب الدنيا غفلوا عن اللّه تعالى وحين الانتباه بالموت والبعث صغر فى اعينهم الدناي وما فيها فلو قدروا لبذلوا الكل واخذوا اللّه تعالى بدلا منه فقد قصروا فى وقت القبول وتمنوا ما تمنوا حين لا درهم ولا دينار مده براحت فانى حيات باقى را ... بمحنت دوسه روز ازغم ابد بكريز { اولئك } [ آن كروه ] { لهم سوء الحساب } هو المناقشة بان يحاسب الرجل بذنبه ولا يغفر منه شيء وعن عائشة رضى اللّه عنها ان رسول اللّه عليه السلام قال ( ليس احد يحاسب يوم القيامة الا هلك ) قلت او ليس بقول اللّه { فسوف يحاسب حسابا يسيرا } فقال { انما ذلك العرض ولكن من نوقش فى الحساب يهلك } والمناقشة الاستقصاء فى الحساب بحيث لا يترك منه شيء يقال ناقشه الحساب اذا عاسره فيه واستقصى فلم يترك قليلا ولا كثيرا . ومعنى الحديث ان المناقشة فى الحساب وعدم المسامحة مفض الى الهلاك ودخول النار ولكن اللّه يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء قال النووى وهذا لمن لم يحاسب نفسه فى الدنيا فبناقش بالصغيرة والكبيرة فاما من تاب وحاسب نفسه فلا يناقش كما فى الفتح القريب نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب جشمش بسى { ومأويهم } مرجعهم بعد المناقشة { جهنم } فان قلت هلا قيل مأواهم النار قلت لان فى ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا ويحتمل ان يكون جهنم هى ابعد النار قعرا من قولهم بئر جهنم بعيدة القعر قال بعضهم جهنم معرب وكأنه فى الفرس [ جه نم ] { بئس المهاد } [ وبد جايكاهست دوزخ ] وهو بمعنى الممهود المبسوط يقال مهدت الفراش مهدا اى بسطته اطلق ههنا بمعنى المستقر مطلقا اى بئس موضع القرار جهنم -وروى- احمد انه عليه السلام قال لجبريل ( مالى لا ارى ميكائيل ضاحكا ) فقال ما ضحك مذ خلقت النار -وروى- ان موسى عليه السلام ناجى ربه فقال يا رب خلقت خلقا وربيتهم بنعمتك ثم تجعلهم يوم القيامة فى نارك قال فى المثنوى مستفيدى اعجمى شد آن كليم ... تاعجميانرا كند زين سر عليم فاوحى اللّه تعالى اليه ان يا موسى قم فازرع زرعا فزرعه فسقاه وقام عليه وحصده وداسه فقال له ما فعلت بزرعك يا موسى قال قد رفعته قال فما تركت منه شيأ قال يا رب تركت ما لا خير فيه ثال يا موسى فانى ادخل النار ما لا خير فيه وهو الذى يستنكف ان يقول لا اله الا اللّه وفى المثنوى جونكه موسى كشت وشد كشتش تمام ... خوشهايش يافت خوبى ونظام داس بكرفت ومران را مى بريد ... بس ندا از غيب دركوشش رسيد كه جرا كشتى كنى ويرورى ... جون كمالى يافت آنرا مى برى كفت يا رب زان كنم ويران وبست ... كه دراينجا دانه هست وكاه هست دانه لايق نيست در انبار كاه كاه در انبار كندم هم تباه ... نيست حكمت اين دورا آميختن فرق واجب مى كند در بيختن ... كفت اين دانش تو از كه يا فتى كه بدانش بيدرى برساختى ... كفت تمييزم تودادى اى خدا كفت بس تمييز جون نبود مرا ... درخلايق روحهاى باك هست روحهاى تيره وكلناك هست ... اين صدفها نيست در يك مرتبه در يكى دراست ودرديكر شبه ... واجبست اظهار اين نيك وتباه همجنا كاظهار كندمها زكاه ... ١٩ { أفمن يعلم } [ آيا كسى ميداندكه ] { ان ما انزل اليك من ربك } [ آنكه هرجه فرو فرستاده اند بسوى تو از بروردكار تو ] { الحق } [ درست وراستست ] يعنى يعلم ان القرآن الذى انزل اللّه تعالى هو الحق وهو حمزة بن عبد المطلب او عمار { كمن هو اعمى } قلبه فينكر القرآن وهو ابو جهل اى لا يستوى من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصره ولا يتبعه وهذا عام فيمن كان كذلك : وفى المثنوى در سرور در كشيده جادرى ... رونهان كرده زجشمت دلبرى شاه نامه يا كليله بسش تو ... همجنان باشد كه قرآن ازعتو فرق آنكه باشد ازحق ومجاز ... كه كند كحل عنايت جشم باز ورنه بشك ومشك بيش اخشمى ... هردو يكسانست جون نبود شمى كفت يزدان كه ترا هم ينظرون ... نقش حمامند هم لا يبصرون { انما يتذكر اولوا الالباب } اى لا يقبل نصح القرآن ولا يعمل به الا ذووا العقول الصافية من معارضة الوهم قال فى التأويلات هم المستخرجة . عقولهم من قشور آفات الحواس والوهم والخيال المؤيدة بتجلى انوار الجمال والجلال اعلم ان طالب الحق لا بد له فى التزكية من التفكر قم التذكر وبينهما فرق فان التذكر فوق التفكر فان التفكر طلب والتذكر وجود يعنى ان التفكر لا يكون الا عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية فتلتمس البصيرة مطلوبة واما التذكر فعند رفع الحجاب وخلوص الخلاصة الانسانية من قشور صفات النفس والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الازل من التوحيد والمعارف بعد النسيان قال فى حياة الارواح التذكر لا يكون الا الذى لب قد خلص من قشر غواشى النشأة قال تعالى { وما يتذكر الا اولوا الالباب } والنسيان انما يحصل بسبب الغواشى كما قال تعالى { ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى } وقد امر اللّه باحكام الشريعة لا زلة هذه الغواشى والملابس وعدد الاعضاء المكلفة ثمانية وهى العين والاذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب فعلى كل واحد من هذه الاعضاء تكليف يحصه من انواع الاحكام الشرعية او افعال المحمدة عند اللّه فالمحمدة كالصلاة والصوم وما اشبه ذلك والمذمة كضربك نفسك بسكين لتقتلها ومنها ما لا يلحقك فيه مذمة ولا محمدة كصنف المباح ولا يجوز لك هذا الفعل الا فى ذاتك واما فى غيرك فلا الا بشرط فالذى لذاتك كنظرك على عورتك والذى هو مع غيرك ثمانية اصناف المال والولد والزوجة وملك اليمين والبهيمة والجار والاجير والاخ الايمانى والطينى ٢٠ { الذين } الموصولات مع صلاتها مبتدأة خبرها قوله { اولئك لهم عقبى الدار } { يوفون بعهد اللّه } عهد اللّه مضاف الى مفعوله اى بمقدوره على انفسهم من الشهادة والاعتراف بربوبيته حين قالوا بلى شهدنا وبالفارسية [ آنانكه وفاميكنند به بيمان خداى تعالى كه درروز ميثاق بسته اند ] { ولا ينقصون الميثاق } اى ذلك العهد بينهم وبين اللّه وكذا عهودهم بينهم وبين الناس فهو تعميم بعد تخصيص ٢١ { والذين يصلون } [ وآنانكه بيوند ميكنند ] { ما امرهم اللّه به ان يوصل } المفعول الاول محذوف تقديره ما امرهم اللّه به ان يوصل بدل من الضمير المجرور اى يوصله وهذه الآية يندرج فيها امور الاول صلة الرحم واختلف فى حد الرحم التى يجب صلتها فقيل كل ذى رحم محرم بحيث لو كان احدهما ذكرا والآخر انثى حرمت منا كحتهما فعلى هذا لا يدخل اولاد الاعمام والعمات واولاد الخال والخالات وقيل وهو عام كل ذى رحم محرما ما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث وهذا الثول هو الصواب قال النووى وهذا اصح والمحرم من لا يحل له نكاحها على التأييد لحرمتها . فقولنا على التأبيد احتراز عن اخت الزوجة . وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فان تحريمها ليس لحرمتها بل للتغليظ واعلم ان قطع الرحم حرام والصلة واجبة ومعناها التفقد بالزيارة والاهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وارسال السلام المكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كذا فى شرح الطريقة . وصلة الرحم سبب لزيادة الرزق وزيادة العمر وهى اسرع اثرا كعقوق الوالدين فان العاق لهما لا يمهل فى الاغلب ولا تنزل الملائكة على قوم فيهم قاطع رحم والثانى الايمان بكل الانبياء عليهم السلام فقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض قطع لما امر اللّه ان يوصل والثالث موالاة المؤمنين فانه يستحب استحبابا شديدا زيارة الاخوان والصالحين والجبران والاصدقاء والاقارب واكرامهم وبرهم وصلتهم وضبط ذلك يختلف باختلاف احوالهم ومراتبهم وفراغهم وينبغى للزائر ان تكون زيارته على وجه لا يكرهون وفى وقت يرتضون فان رأى اخاه يحب زيارته ويأنس به اكثر زيارته والجلوس عنده وان رآه مشتغلا بعبادة او غيرها او رآه يحب الخلوة يقل زيارته حتى لا يشغله عن عمله . وكذا عائد المريض لا يطيل الجلوس عنده الا ان يستأنس به المريض . ومن تمام المواصلة المصافحة عند الملاقاة ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها : قال الحافظ يارى اندركس نمى بنييم يارانراجه شد ... دوستى كى آخر آمدودوستدارنراجه شد كس نمى كويدكه يارى داشت حق دوستى ... حق شناسانراجه حال افتادويارا نراجه شد والرابع مراعاة حقوق كافة الخلق حتى الهرة والدجاجة وعن الفضيل ان جماعة دخلوا عليه بمكة فقال من اين انتم قالوا من اهل خراسان قال اتقوا اللّه وكونوا من حيث شئتم واعلموا ان العبد لو احسن الاحسان كله كانت له دجاجة فاساء اليها لم يكن من المحسنين - وروى - ان امرأة عذبت فى هرة حبستها فلم تطعمها الى ان ماتت وامرأة رحمها اللّه وغفر لها بسبب ان سقت كلها عطشان بحفها وكان اويس القرنى يقتات من المزابل ويكتسى منها فنبحه يوما كلب على مزبلة فال له اويس كل مما يليك وانا آكل مما يلينى ولا تنبحنى فان جزت الصراط فانا خير منك والا فانت خير منى يقول الفقير وذلك ان الانسان السعيد خير البرية والشقى شر البرية والكلب داخل فى البرية وهذا كلام من مقام الانصاف فان اهل الحق لا يرون لانفسهم فضلا ولذا كانوا يعدون من سواهم اياما كان خيرا. منهم وورد ( رب بهيمة خير من راكبها ) وهذا العلم اعطاهم مراعاة الحقوق مع جميع الحيوانات { ويخشون ربهم } اى وعيده عموما { ويخافون سوء الحساب } خصوصا فيحاسبون انفسهم قبل ان يحاسبوا وقال ابو هلال العسكرى الخوف يتعلق بالمكروه ومنزل المكروه يقال خفت زيدا وخفت المرض كما قال تعالى { يخافون ربهم من فوقهم } وقال { ويخافون سوء الحساب } والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال { ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب } انتهى وسوء الحساب سبق قريبا والخوف من اجل المنازل وانفعها للقلب وهو مرفوض على كل واحد هركه ترسد مرورا ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند ٢٢ { والذين صبروا } على ما تكرهه النفوس من انواع المصائب ومخالفة الهوى من مشاق التكاليف { ابتغاء وجه ربهم } طلبا لرضاه من غير ان ينظروا الى جانب الخلق رياء وسمعة ولا الى جانب النفس زينة وعجبا واعلم ان مواد الصبر كثيرة منها . الصبر على العمى وفى الحديث القدسى ( اذا ابتليت عبدى بحبيبتيه ) اى العينين وسميتا بذلك لانهما احب الاشياء الى الشخص ( فصبر على البلاء راضيا بقضاء اللّه تعالى عوضته منها الجنة ) والاعمى اول من يرى اللّه تعالى يوم القيامة . ومنها الصبر على الحمى وصداع الرأس وموت الاولاد والاحباب وغير ذلك من انواع الابتلاء . ومنها الصوم فان فيه صبرا على ما تكرهه النفس من حيث انها مألوفة بالاكل والشرب والصوم ربع الايمان بمقتضى قوله عليه السلام ( الصوم نصف الصبر والصبر نسف الايمان ) قال الحافظ ترسم كزين جمن نبرى آستين كل ... كز كلشنش تحمل خازى نميكنى رى - ان شقيق بن ابراهيم البلخى دخل على عبد اللّه بن المبارك متنكرا فقال له عبد اللّه من اين اتيت فقال من بلخ قال وهل تعرف شقيقا قال نعم قال كيف طريقة اصحابه فقال اذا منعوا صبروا واذا اعطوا شكروا فقال عبد اللّه طريقة كلا بنا هكذا فقال وكيف يتبغى ان يكون الامر فقال الكاملون هم الذين اذا منعوا شكروا وان اعطوا آثروا قال حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه فى بعض مناجاته اللهم انى احمدك فى السراء والضراء واقول فى السراء الحمد لله المنعم المفضل نظرا الى النعمة الظاهرة والمنحة الجلية فى السراء واقول فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة والمنحة الخفية فى الضراء لكن اشكرك فى السراء واقول الشكر لله طمعا فى زيادة النعمة والمنحة بمقتضى وعدك فى قولك لئن شكرتم لازيدنكم فاذا دفعت عنى البلية ورفعت المحنة فاشكرك مطلقا كما احمدك كذلك واقول الشكر لله مطلقا كما اقول الحمد لله كذلك انتهى وهذا كلام لم ار مثله من المتقدمين حقيق بالقبول والحفظ فرضى اللّه عن قائله { واقاموا الصلوة } المفروضة اى داوموا على اقامتها { وانفقوا مما رزقناهم } اى بعضه الذى وجب عليهم انفاقه فمن للتبعيض والمراد بالبعض المتصدق بالزكاة المفروضة لاقترانه بالصلاة التى هى اخل الزكاة وشقيقتها او مطلق ما ينفق فى سبيل اللّه نظرا الى اطلاق اللفظ من غر قرينة الخصوص { سرا } لمن لا يعرف بالمال يتناول النوافل لانها فى السر افضل { وعلانية } لمن عرف به يشمل الفرائض لوجوب المجاهرة بها نفيا للتهمة وانتصابها على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية او على المصدر اى انفاق سر وعلانية. والمعنى اسرار النوافل من الصدقات والاعلان بالفرائض ومن الانفاق الواجب الانفاق على الابوين اذا كانا فقيرين قال الفقهاء تقدم الام على الاب فى النفقة اذا لم يكن عند الولد الا كفاية احدهما لكثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة اوساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى الفتح القريب قال الشيخ عز الدين الواجب قسمان واجب بالشرع وواجب بالمروءة والسخى هو الذى لا يمنع واجب الشرع ولا واجب المروءة فان منع واجبا منهما فهو بخيل ولكن الذى يمنع واجب الشرع ابخل كالذى يمنع اداء الزكاة والنفقة الواجبة او يؤديها بمشقة فانه بخيل بالطبع متسخ بالتكلف او كان بحيث لا يطيب له ان يعطى من اطيب ماله او من اوسطه فهذا كله بخل واما واجب المروءة المضايقة والاستقاصء في المحقرات ذان ذلك مستقبح واستقباحه يختلف بالاحوال والاشخاص فمن كثر ماله يستقبح منه ما لا يستقبح من الفقير من المضايقة ما لا يستقبح اقل منه فى المبالغة والمعاملة فيختلف ذلك بما فيه المضايقة من ضيافة او معاملة وبما به المضايقة من طعام او ثوب فالبخيل هو الذى يمنع حيث ينبغى ان لا يمنع اما بحكم الشرع واما بحكم المروءة وجاء فى وصف البخيل لو عبر البحر بامواجه ... فى ليلة مظلمة بارده وكفه مملوءة خردلا ... ما سقطت من كفه واحده وفيه خواجه درماهتاب نان ميخورد ... در سرايى كه هيج خلقى نبود سايه خويش را كسى بنداشت ... كاسه از بيش خويشتن بربود واعلم ان اللّه تعالى اسند الانفاق اليهم واعطاء الرزق الى ذاته تعالى تنبيها على انهم امناء اللّه فيما اعطاهم ووكلاؤه والوكيل دخيل فى التصرف لا اصيل فينبغى له ان يلاحظ جانب الموكل لا جانب نفسه ولا جانب الخلق وقد قالوا من طمع فى شكر او ثناء فهو يباع لا جواد فانه اشترى المدح بماله والمدح لذيذ مقصود فى نفسه والجود هو بذل الشئ من غير غرض كرم ولطف لى غرض بايد ... تازان مردمتهم نبود از كرم جون جزا طمع دارى ... آن تجارت بود كرم نبود ومن الكرم ضيافة الاخوان فى شهر رمضان وفى الحديث ( يا اصحابى لا تنسوا امواتكم فى قبورهم خاصة فى شهر رمضان فان ارواحهم يأتون بيوتهم فينادى كل احد منهم الف مرة من الرجال والنساء اعطفوا علينا بدرهم او برغيف او بكسرة خبز او بدعوة او بقراءة آية او بكسوة كساكم اللّه من لباس الجنة ) كذا فى ربيع الابرار فاذا كان الرغيف او الكسرة مفيدا مقبولا عند اللّه تعالى فما ظنك بما فوقه من اللذائذ وفى الحديث ( من لقم اخاه لقمة حلوة صرف اللّه عنه مرارة الموقف يوم القيامة ) { ويدرأون بالحسنة السيئة } ويدفعونها بها فيجاوزون الاساءة بالاحسان والظلم بالعفو والقطع بالوصل والرحمان بالعطاء كم مباش از درخت سايه فكن ... هركه سنكس زند ثمر بخشش از صدف يادكير نكته حلم ... هركه زد برسرش كهر بخشش او المعنى يتبعون الحسنة بالسيئة فتمحوها واحسن الحسنات كلمة لا اله الا اللّه اذ التوحيد رأس الدين فلا افضل منه كما ان الرأس افضل الجوارح وعن ابن كيسان اذا اذنبوا تابوا فيكون المراد بالحسنة التوبة وبالسيئة المعصية قال عبد اللّه بن المبارك هذه ثمان خصال مسيرة الى ثمانية ابواب الجنة { أولئك } [ آن كروه كه بدين صفات موصوفند ] { لهم عقبى الدار } عاقبة الدنيا ومرجع اهلها وهى العاقبة المطلقة التى هى الجنة واما النار فانما كانت عقبى الكافرين لسوء اختيارهم وليس كونها عاقبة دار الدنيا مقصودا بالذات بخلاف الجنه ٢٣ { جنات عدن } بدل من عقبى الدار والعدن الاقامة يقال عدن بالبلد يعدن بالكسر اى اقام وسمى منبت الجواهر من الذهب ونحوه المعدن بكسر الدال لقرارها فيه اولان الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء { يدخلونها } اى جنات يقيمون فيها ولا يخرجون منها بعد الدخول وقيل هو وسط الجنان وافضلها واعلاها وهو مقام التجلى الالهى والانكشاف الالهى خلقه اللّه بيده من غير واسطة يقول الفقير الوجه الثانى اوجه عندى لان الاقامة فى الجنة من شأن كل مؤمن كاملا كات او ناقصا واما الاقامة فى جنة عدن فانما هى من شأن المؤمن الكامل وليس الكمال الا باتيان هذه الخصال الثمان وليس كل احد يكفل بمؤونتها ويتصف بها الامن هداه اللّه من الخواص { ومن صلح من آبائهم } عطف على المرفوع فى يدخلونها وانما ساغ للفصل بالضمير قال فى بحر العلوم وآبائهم جمع ابوى كل واحد منهم كأنه قيل من آبائهم وامهاتهمك والمعنى انه يلحق بهم الصلحاء من ابويهم { وازواجهم } جمع زوج . بالفارسية [ زن ] ويقال للمرأة الزوج والزوجة والزوج افصح { وذرياتهم } اولادهم وان لم يبلغوا مبلغ فضلهم تبعا لهم وتعظيما لشأنهم وتكميلا لفرحهم . ويقال من اعظم سرورهم ان يجتمعوا فيتذاكروا احوالهم فى الدنيا ثم يشكروا اللّه على الخلاص منها والفوز بالجنة وهو دليل على ان الدرجة تعلو بالشفاعة فانه اذا جاز ان تعلو بمجرد التبعية للكاملين فى الايمان تعظيما لشأنهم فلان تعلو بشفاعتهم اولى والتقييد بالصلاح دليل على ان النسب المجرد لا ينفع قيل أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراح وليس بنافع نسب زكى ... يدنسه صنائعك القباح اصل را اعتبار جندان نيست ... روى تركل زخار خندان نيست مى زغوره شود شكرازنى ... عسل از نحل حاصلست بقى { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } من ابواب المنازل فانه يكون لمقامهم ومنازلهم ابواب فيدخلون عليهم من كل باب ملك ٢٤ { سلام عليكم } فى موقع الحال لان المعنى قائلين سلام عليكم يعنى سلمكم اللّه من العذاب سلامة وما تخافون منه وفى الحديث ( ان للعبد من اهل الجنة لسبعين الف قهرمان اذ الملائكة يحبونه ويسلمون عليه ويخبرونه بما اعد اللّه تعالى ) قال مقاتل يدخلون عليم فى مقدار يوم وليلة من ايام الدنيا ثلاث كرات معهم الهدايا والتحف من اللّه يقولون سلام عليكم بشارة لهم بدوام السلامة { بما صبرتم } اى هذه الكرامة العظمى بسبب صبركم فى الدنيا على الفقر وملازمة الطاعة تلخيصه تعبتم ثمة فاسترحتم هنا [ در اخبار آمده كه حضرت رسالت عليه السلام بلال را كفت جنان فقير كن كه بخداى رسى نه غنى ] كانجا فقرا از همه مقبولترند ... وعن انس رضى اللّه عنه قال بعث الفقراء الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رسولا فقال يا رسول اللّه انى رسول الفقراء اليك فقال ( مرحبا بك جئت من عند قوم احب الى ) فقال يا رسول اللّه ان الفقراء يقولون لك ان الاغنياء قد ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه واذا مرضوا بعثوا بفضل اموالهم ذخرا لهم فقال عليه السلام ( بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شئ . اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرقا من ياقون احمر ينظر اليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد او مؤمن فقير . والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الاغنياء بنصف وهو مقدار خمسمائة عام . والخصلة الثالثة اذا قال الفقير سبحان اللّه والحمد لله ولا اله الا اللّه واللّه اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان انفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها ) فرجع الرسول اليهم واخبرهم بذلك فقالوا رذينا يا رب { فنعم عقبى الدار } المخصوص بالمدح محذوف اى فنعم عقبى الدار جنات عدن واللام فى الدار للجنس لا غير كما فى بحر العلوم وقد وعدهم اللّه بثلاثة امور الاول الجنة والثانى ان يضم اليهم من آمن من اهلهم ولم يعلموا مثل عملهم والثالث دخول الملائكة عليهم من كل باب مبشرين لهم بدوام السلامة وعن الشيخ عبد الواحد بن زيد رحمه اللّه قال كنت فى مركب فطرحتنا الريح الى جزيرة واذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له يا رجل من تعبد فاومأ الى الضم فقلنا له ان الهك هذا مصنوع عندنا من يصنع مثله ما هذا باله يعبد قال فانتم من تعبدون قلنا نعبد الذى فى السماء عرشه وفى الارض بطشه وفى الاحياء والاموات قضاؤه قال ومن اعلمكم بهذا قلنا وجه الينا رسولا كريما فاخبرنا بذلك قال فما فعل الرسول فيكم قلنا لما ادى الرسالة قبضه اللّه اليه وترك عندنا كتابا فاتيناه بالمصحف وقرأنا عليه سورة فلم يزل يبكى حتى ختمنا السورة فقال ينبغى لصاحب هذا الكلام ان لا يعصى ثم اسم وعلمناه شرائع الدين وسورا من القرآن فلما كان الليل صلينا العشاء واخذنا مضاجعنا فقال يا قوم هذا الاله الذى دللتمونى عليه ينام اذا جن الليل قلنا لا قال فبئس العبيد انتم تنامون ومولاكم لا ينام فاعجبنا كلامه فلما قدمنا عبادان قلت لاصحابى هذا قريب عهد بالاسلام فجمعنا له دراهم واعطيناه فقال ما هذا قلنا دراهم تنفقها فقال لا اله الا اللّه دللتمونى على طريق لم تسلكوها انا كنت فى جزائر البحر اعبد صنما من دونه فلم يضيعنى وانا لا اعرفه فكيف يضيعنى الآن وانا اعرفه فلما كان بعد ثلاثة ايام قيل لى انه فى الموت فاتيته فقلت له هل من حاجة قال قضى حوائجى من جاء بكم الى الجزيرة قال عبد الواحد فغلبتنى عيناى فنمت عنده فرأيت روضة خضراء فيها قبة وفى القبة سرير وعلى السرير جارية حسناء لم ير احسن منها وهى تقول باللّه ألا ما عجلتم به الى فقد اشتد شوقى اليه فاستيقظت فاذا به قد فارق الدنيا فغسلته وكفنته وواريته فلما كان الليل رأيت فى منامى تلك الروضة وفيها تلك القبة وفى القبة ذلك السرير وعلى السرير تلك الجارية وهو الى جانبها وهو يقرأ هذه الآية { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } واعلم ان استماع سلام الملائكة ورؤيتهم فى الدنيا مخصوص بخواص اللبشر للطاقة جوهرهم كما قال الامام الغزالى رحمه اللّه فى المنقذ من الضلال ان الصوفية يشاهدون الملائكة فى يقظتهم اى لحصول طهارة نفوسهم وتزكية قلوبهم وقطعهم العلائق وحسمهم مواد اسباب الدنيا من الجاه والمال واقبالهم على اللّه بالكلية علما دائما وعملا مستمرا واما غيرهم فلا يراهم الا فى عالم المثال او فى النشأة الآخرة كما لا يخفى ٢٥ { والذين } هم الكفار { ينقضون عهد اللّه } المأخوذ عليهم بالطاعة والايمان { من بعد ميثاقه } اى من بعد توكيد ذلك العهد بالاقرار والقبول وهو العهد الذى جرى بينهم اذا اخرجهم من ظهر آدم وعاهدهم على التوحيد والعبودية كقوله { ألم أعهد اليكم يا بنى آدم ان لا تعبدوا الشيطان } الآية فالعهد عهدان عهد على المحبة وهو للخواص وعهد على العبودية وهو للعوام فاهل عهد المحبة ما نقضوا عهودهم ابدا وهل عهد العبودية من كان عهدهم مؤكدا بعهد المحبة ما نقضوه ومن لم يكن عهدهم مؤكدا نقضوه وعبدوا غيره واشركوا به الاشياء واحبوها للهوى واعلم ان هذا العهد يتذكره اهل اليقظة الكاملة المنسلخون عن كل لباس وغاشية كما قال ذو النون المصرى وقد سئل عن سر ميثاق ألست بربكم هل تذكره فقال نعم كأنه فى اذنى وكما قال بعضم مستقربا اى عادا لعهد ألست قريبا كأنه بالامس كان ولذا ما نسوه واما غيرهم وهم اهل الحجاب فاستعبدوه ولم يذكروا منه شيئا { ويقطعون ما امر اللّه به ان يوصل } سبق اعرابه اي يقطعون الارحام وموالاة المؤمنين وما بين الانبياء من الوصلة والاتحاد والاجتماع على الحق حيث آمنوا ببعضهم وكفروا ببعضهم { ويفسدون فى الارض } بالدعاء الى عبادة غير اللّه تعالى وبالظلم وتهييج الحروب والفتن وفى الحديث ( الفتنة نائمة لعن اللّه من ايقظها ) وهى ايقاع الناس فى الاضطراب والاختلال والاختلاف والمحنة والبلية بلا فائدة دينية وذلك حرام لنه فساد فى الارض واضرار المسلمين وزيغ والحاد فى الدين : قال السعدى قدس سره زان همنشين تاتوانى كريز ... كه مرفتنه خفته را كفت خيز فمن الفتنة ان يعزى الناس على البغى والخروج على السلطان وذلك لا يجوز وان كان ظالما لكونه فتنة وفسادا فى الارض وكذا معاونة المظلومين اذا ارادوا الخروج عليه وكذا المعاونة له لكونه اعانة على الظلم وذلك لا يجوز . ومنها ان يقول لناس ما لا تصل عقولهم اليه وفى الحديث ( امرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم ) ومنها ان يذكر للناس ما لا يعرفه بكهنه ولا يقدر على استخراجه فيوقعهم فى الاختلاف والاختلال والفتنة والبلية كما هو شأن بعض الوعاظ فى زماننا . ومنها ان يحكم ويفتى بقول مهجور او ضعيف او قوى يعلم ان الناس لا يعلمون به بل ينكرونه او يتركون بسببه طاعة اخرى كمن يقول لاهل القرى والبوادى والعجائز والعبيد والاماء لا تجوز الصلاة بدون التجويد وهم لا يقدرون على التجويد فيتركون الصلاة رأسا وهى جائزة عند البعض وان كان ضعيفا فالعمل به واجب وكمن يقول للناس لا يجوز البيع والشراء والاستقراض بالدراهم والدنانير الا بالوزن لان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نص عليها بالوزن فهو وزنى ابدا وان ترك الناس فيه الوزن فها القول قوى فى نفسه وهو قول الامام ابى حنيفة ومحمد مطلقا وقول ابى يوسف فى غير ظاهر الرواية وهى خروجها عن الوزنية بتعامل الناس الى العددية فهذه الرواية وان كانت ضعيفة فالقول بها واجب ولازم فرارا من الفتنة فيجب على القضاة والمفتين والوعاظ معرفة احوال الناس وعاداتهم فى القبول والرد والسعى والكسل ونحوها فيكلمونهم بالاصلح والاوفق لهم حتى لا يكون كلامهم فتنة للناس وكذا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فانه يجب على الآمر والناهى معرفة احوال الناس وعاداتهم وطبائعهم ومذاهبهم لئلا يكون فتنة للناس وتهييجا للشر وسببا لزيادة المنكر واشاعة المكروه { اولئك لهم اللعنة } فى الآخرة والجملة خير والذين ينقضون. واللعنة الابعاد من الرحمة والطرد من باب القرب { ولهم سوء الدار } اى سوء عاقبة الدنيا وهى جهنم فاللعنة وسوء العاقبة لاصقان بهم لا يعدو انهم الى غيرهم وفيه تنفير للمسلمين عن هذه الخصال الثلاث وان لا ترفع همتهم حول ذلك الحمى وفى الحديث ( ما نقض قوم العهد الا كان القتل بينهم ولا ظهرت الفاحشة الا سلط اللّه عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة الا حبس عنهم القطر ) وفى الحديث ( من اخفر مسلما فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس اجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا ) اي فريضة ونافلة كما فى الاسرار المحمدية وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وكرنه همر كه توبينى ستمكرى داند واعلم ان اللعنة لعنتان طرد عن الجنة وهو للكافرين وطرد عن ساحة القربة والوصلة وهو للمؤمنين الناقصين فمن قصر فى العبودية وسعى فى افساد الارض الاستعداد وقع فى دار القطيعة والهجران وان كان صورة فى الجنان ورب كامل فى الصورة ناقص فى المعنى وبالعكس : قال المولى الجامى جه غم زمنقصت صورت أهل معنى را ... جوجان زروم بود كوتن از حبش مى باشى ألا ترى ان ابراهيم عليه السلام اذا لقى فى النار كانت بردا وسلاما فلم يضره كونه فى صورة النار والنمرود كان فى صورة النعمة فلم ينفعه ذلك بل وجد فى النعمة نقمة نسأل اللّه تعالى ان يجعلنا من اهل الجنة والقربة والوصلة ٢٦ { اللّه } وحده { يبسط الرزق } يوسعه فى الدنيا { لمن يشاء } بسطه وتوسيعه { ويقدر } قال فى تهذيب المصادر . القدر [ تنك كردن ] وهو من باب ضرب اى يضيق الرزق لمن يشاء ويعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شئ كأنه قيل لو كان من نقض عهد اللّه ملعونين فى الدنيا ومعذبين فى الآخرة لما فتح اللّه عليهم ابواب النعم واللذات فى الدنيا فقيل ان فتح باب الرزق فى الدنيا لا تعلق له بالكفر والايمان بل هو متعلق بمجرد مشيئة اللّه فقد يضيق على المؤمن امتحانا لصبره وتكفيرا لذنوبه ورفعا لدرجاته ومن هذا القبيل موقع لا كثر الاصحاب رضى اللّه عنهم من المضايقة ويوسع على الكافرين استدراجا ومنه ما وقع لا كثر كفار قريش من الوسعة ثم ان اللّه تعالى جعل الغنى لبعضهم صلاحا وجعل الفقر لبعضهم صلاحا وقد جعل فى غنى بعضهم فسادا كالفقر وفى الكل حكمة ومصلحة : قال الحافظ ازين رباط دو درجون ضرور تست رحيل ... رواق طاق معيشت جه سربلندوجه بست بهست ونيست مرنجان ضمير وخوش دل باش ... كه نيستيست سر انجام هر كمال كه هست ببال وبرمرو ازره كه تير بر تابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست { وفرحوا } يعنى مشركى مكة . والفرح لذة فى القلب لنيل المشتهى { بالحيوة الدنيا } بما بسط لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لافرح شكر وسرور بفضل اللّه وانعامه عليهم وفيه دليل على ان الفرح بالدنيا حرام افتخار ازرنك وبو و از مكان ... هت شادى وفريب كودكان قال فى شرح الحكم عند قوله تعالى { قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا } انما لم يؤمر العبد برفض الفرح جملة لان ذلك من ضرورات البشر التى لا يمكن ورفعها بل ينبغى صرفها للوجه اللائق بها وكذا جميع الاخلاق كالطمع والبخل والحرص والشهوة والغضب لا يمكن تبدلها بل يصح ان تصرف الى وجه لائق بها حتى لا تتصرف الا فيه { وما الحيوة الدنيا فى الاخرة } ليست ظرفا للحياة ولا الدنيا لانهما لا يقعان فيه بل خى حال والتقدير وما الحياة القريبة كائنة فى جنب حياة الاخرة اى بالقياس اليها ففى المقايسة وهى الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق { الا متاع } الا شيء قليل يتمتع به كزاد الراعى وعجالة الراكب وهى ما يتعجل به من تميرات او شربة اونحو ذلك قال الصاحب بن عباد سمعت امرأة فى بعض القبائل تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وهو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وفيه تقبيح لحال الدنيا قال الكاشفى [ بامتاعى از امتعه كه وفايى وبقايى ندارد جون ادوات خانه ] مثل القصعة والقدح ينتفع بها ثم تذهب والعاقل لا يفرح بما يفارقه عن قريب ويورثه حزنا طويلا وان حدثته نفسه بالفرح به يكذبها ومن سره ان لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيأ يخاف له فقدا -حكى- انه حمل الى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجوهر لم ير له نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال انكسر كان مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل اليك فى امن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك ةقال صدق الحكيم ليته لم يحمل الينا قال فى الحكم العطائية ان اردت ان لا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك وكل ولايات الدنيا كذلك وان لم تعزل عنها بالحياة عزلت عنها بالممات قال وقد جعل اللّه الدنيا محلا للاغيار ومعدنا لوجود الاكدار تزهيدا لك فيها حتى لا يمكنك استناد اليها ولا تعريج عليها وقد قيل ان اللّه تعالى اوحى الى الدنيا ( تضيقى وتشددى على اوليائى حتى لا يشتغلوا بك عنى فلا يتفرغوا لذكرى ) وفى التأويلات النجمية { اللّه يسبط الرزق } الكشوف والشهود { لمن يشاء } من عباده المحبين المحبوبين ويضيق لمن فتح عليهم ابواب الدنيا وشهواتها فارغقهم فيها { وفرحوا } بها { بالحيوة الدنيا } اى باستيفاء لذاتها وشهواتها { وما الحيوة الدنيا } بالنسبة الى من عبر عنها ولم يلتفت اليها فيجد فى آخرتها ما يجد الا تمتع ايام قلائل بادنى شيء خسيس فان : قال الكمال الخجندى جهان وجمله لذاتش بزنبور وعسل ماند ... كه شير بسيارست وزان افزون شر وشورش وقال المولى الجامى مرد جاهل جاه كيتى را لقلب دولت نهد ... همجنا نكه آماس بيند طفل كويد فربه است ٢٧ { ويقول الذين كفروا } ثبتوا واستمروا على كفرهم وعنادهم وهم كفار مكة { لولا } هلا وبالفارسية [ جرا ] { انزل عليه } على محمد { آية } عظيمة كائنة { من ربه } [ بران وجهى كه ميخواهيم ] مثل آيات موسى وعيسى عليهما السلام من العصا واحياء الموتى ونحوهما لكون دليلا وعلامة على صدقه { قل ان اللّه يضل من يشاء } اضلاله باقتراح الآيات تعنتا بعد تبين الحق وظهور المعجزات فلا تغنى عنه كثرة المعجزات شيأ اذا لم يهده اللّه { ويهدى اليه من اناب } من اقبل الى الحق ورجع عن العناد فضمير اليه راجع الى الحق قال فى القاموس ناب الى اللّه تاب كاناب والاضلال خق الضلالة فى العبد والهداية خلق الاهتداء والدلالة على طريق يوصل الى المطلوب مطلقا وقد يسند كل منهما الى الغير مجازا بطريق السبب والقرآن ناطق بكلا المعنيين فيسند الاضلال الى الشيطان فى مرتبة الشريعة والى النفس فى مرتبة الطريقة والى اللّه فى مرتبة الحقيقة ٢٨ { الذين آمنوا } بدل ممن اناب او خبر مبتدأ محذوف اى هم الذين آمنوا { وتطمئن قلوبهم } [ وآرام مى يابددلهاى ايشان ] { بذكر اللّه } اذا سمعوا ذكره اللّه احبوه واستأنسوا به ودل فى الذكر القرآن فالمؤمنون يستأنسون بالقرآن وذكر اللّه الذى هو الاسم الاعظم ويحبون استماعها والكفار يفرحون بالدنيا ويستبشرون بذكر غير اللّه كما قال تعالى { واذا ذكر اللّه وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة واذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون } { ألا } [ بدانيدكه ] { بذكر اللّه تطمئن القلوب } قلوب المؤمنين ويستقر اليقين فيها فقلوب العوام تطمئن بالتسبيح والثناء وقلوب الخواص بحقائق الاسماء الحسنى وقلوب الاخص بمشاهدة اللّه تعالى وفى التأويلات النجمية { ويقول الذين كفروا } اى ستروا الحق بالباطل { لولا انزل عليه } على من يدعو الخلق الى الحق { آية من ربه } ظاهرة من المعجزات والكرامات كما نزل على بعضهم ليستدلوا بها على صدق دعواهم { قل ان اللّه يضل من يشاء } ان يضله فى الازل بعين الآية ليراها سحرا ويحسبها باطلا ويرشد الى حضرة جلالة من يرجع اليه طالبا مشتاقا الى جماله وفيه اشارة الى ان الطالب الصادق فى الطلب هو من اهل الهداية فى الهداية وليس ممن يشاء اللّه ضلالته فى الازل وهم الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللّه لا بذكر غيره يعنى اهل الهداية هم الذين آمنوا واعلم ان القلوب اربعة . قلب قاس وهو قلب الكفار والمنافقين فاطمئنانه بالدنيا وشهواتها كقوله تعالى { رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها } وقلب ناس وهو قلب المسلم المذنب كقوله تعالى { فنسى ولم نجد له عزما } فاطمئنانه بذكر اللّه كقوله تعالى { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللّه } وقلب وحدانى وهو قلب الانبياء وخواص الاولياء فاطمئنانه باللّه وصفاته كقوله تعالى لخليله عليه السلام فى جواب قوله { كيف تحيى الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى } باراءتك اياى كيفية احياء الموتى اذا تتجلى لقلبى بصفة محييك فاكون بك محيى الموتى ولهذا اذا تجلى اللّه لقلب العبد يطمئن به فينعكس نور الاطمئنان من مرىة قلبه الى نفسه فتصير النفس مطمئنة به ايضا فتستحق لجذبات العناية وهى خطاب ارجعى الى ربك فافهم جدا انتهى قال فى نفائس المجالس الذكر صيقل القلوب وسبب سرور المحبوب فمن ذكر اللّه فاللّه يذكره كما قال تعالى { فاذكرونى اذكركم } فالمحجوبون تطمئن قلوبهم بذكرهم له تعالى واما الواصلون فاطمئنان قلوبهم بذكره تعالى -روى- ان النبى عليه السلام بعث بعثا قيل نجد فغنموا ورجعوا فقال ما رأينا رعثا افضل غنيمة واسرع رجعة من هذا البعث فقال عليه السلام ( الا ادلكم على قوم افضل غنيمة واسرع رجعة قوم شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون اللّه حتى طلعت الشمس ) قال ابوسعيد خرج رسول اللّه يوما على حلقة من اصحابه فقال ( ما اجلسكم ) فقالوا جلسنا نذكره اللّه ونحمده على ما هدانا للاسلام قال ( اللّه ما اجلسكم الا ذلك ) قوله اللّه بالجر والمد على القسم اى باللّه ما اجلسكم قالوا باللّه ما اجلسنا الا ذاك . قال ( اما انى لم استحلفكم تهمة ولكن اتانى جبرائيل فاخبرنى ان اللّه يباهى بكم الملائكة ) فان قلت ما تقول فيما روى عن عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه انه سمع قوما اجتمعوافى المسجد يهلكون ويصلون على النبى عليه السلام برفع الصوت جهرا فراح اليهم وقال لهم ما عهدنا هذا على عهد رسول اللّه وما اراكم الا مبتعدين فما زال يكرر ذلك حتى اخرجهم من المسجد قلت اجاب عنه صاحبه الرسالة التحقيقية فى طريق الصوفية الشيخ سنبل الخلوتى قدس سره بانه كذب وافتراء على ابن مسعود لمخالفته النصوص القرآنية واتلاحاديث النبوية وافعال الملائكة قال اللّه تعالى { ومن اظلم ممن منع مساجد اللّه ان يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها اولئك ما كان هم ان يدخلوها الا خائفين } ولو سلمنا صحة وقوعه فهو لا يعارض الادلة المذكورة لانه اثر والاثر لا يعارض الحديث كما لا يخفى وبطلان الادلة يدل على بطلان المدلولات وفى الحديث ( علامة حب اللّه حب ذكر اللّه وعلامة بغض اللّه بغض ذكراللّه ) واعلم ان نور الذكر قدره على قدر حال الذاكر وذلك بالفناء فى اللّه والذاكرون على اربعة اصناف الصنف الاول اهل الخلوة ووظيفتهم فى اليوم والليلة من الذكر الخفى القوى بالنفى والاثبات والحركة الشديدة سبعون الف لا اله الا اللّه وهؤلاء مشتغلون تارة بالحق وتارة بانفسهم الصنف الثالث اصحاب الاوقات وهؤلاء وظيفتهم من الذكر جهرا وخفية اثنا عشر الفا وهؤلاء مشغولون بالحق مرة وبمصالح انفسهم مرة وبالخلق اخرى الصنف الرابع اصحاب الخدمة وهؤلاء وظيفتهم ذكر الجهر على كل حال من الاحوال ليلا ونهار بعد المداومة على الوضوء قال بعض الاكابر من قال فى الثلث الاخير منليلة الثلاثاء لا اله الا اللّه الف مرة لا اله الا اللّه وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر اللّه عليه اسباب الرزق من نسبته وكذلك من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى العالم حسب قواها : قال المولى الجانى قدس سره دنت آيينة خداى نماست ... روى آيينه توتيره جراست صيقلى وار صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن صقل آن اكرنه آكاه ... بيست جز لا اله الا الله ومن شرط الذكر ان يأخذه الذاكر بالتلقين من اهل الذكر كما اخذه الصحابة بالتلقين من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولقن الصحابة التابعين والتابعون المشايخ شيخا بعد شيخ الى عصرنا هذا والى ان نقوم القيامة كذا فى ترويح القلوب بلطائف الغيوب للشيخ عبد الرحمن البسطامى قدس سره الخطير ٢٩ { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الذين جمعوا بين الايمان بالقلب والعمل الصالح بالجوارح وهو مبتدأ خبره { طوبى لهم } [ زندكانى خوش است ايشانرا ] واللام للبيان كما فى سلام لك وهو مصدر من طاب كزلفى وبشرى اصله طيبى انقلبت الياء واوا لضم ما قبلها كما هو موقن وفىلتبيان غبطة وسرور لهم وفرح وقيل نعم حالهم { وحسن مآب } اى مرجع يعنى ولهم حسن منقلب ومرجع ينقلبون ويرجعون اليه فى الآخرة وهو الجنة وقال بعضهم طوبى علم لشيء بعينه كما قال كعب الاحبار سألت رسول اللّه عن اشجار الجنة فقال ( ان اكبر اشجارها شجرة طوبى وخيمتى تحتها اصلها من در واغصانها من زبرجد واوراقها من سندس عليها سبعون الف غصن اقصى اغصانها يلحق بساق العرش وادنى اغصانها فى سماء الدنيا ليس فى الجنة دار ولا بحبوحة ولا قصر ولا قبة ولا غرفة ولا حجرة ولا سرير الا وفيها غصن منها فتظل عليها وفيها من الثمار ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ) قال فى الفتح القريب اصلها فى دار محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ثم تنقسم فروعها على جميع منازل اهل الجنة كما انتشر منه العلم والايمان على جميع اهل الدنيا وقد غرسها اللّه بيده وينبع من اصلها عينان الكافور والسلسبيل وفيها من جميع الثمار والازهار والالوان الا السواد وكل ورقة تظل امة وعلى كل ورقة منها ملك يسبح اللّه بانواع التسبيح عظمة الجسد لا يدرك آخرها يسير الراكب الجادّ تحت ظلها مائة عام وقيل الف عام ما يقطعها قال بعض الكبار المراد بالعمل الصالح التزكية وطوبى لهم بالوصول الى الفطرة الاصلية وكمال الصفات وحسن مآب بالدخول فى جنة القلب اعنى جنة الصفات قال الحريرى طوبى لمن طاب قلبه مع اللّه لحظة فى عمره ورجع الى ربه بقلبه فى وقت من الاوقات قال الجنيد طاب اوقات العارفين بمعرفتهم والعمل الصالح ما اريد به وجه اللّه تعالى وهو المثمر والمفيد لا غيره شاخ بى ميوه كرهمه طوبيست ... ببريدش بميوه بيونديد فالعمل الذى للجنة ليس لوجه اللّه تعالى فانه تعالى لو لم يخلق جنة ولا نارا لم يكن مستحقا لان يعبد هزاد خشكى جه سزاوار بهشت است ... شايسته آتش شمر آنهاكه جنانند وفى التأويلات النجمية { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يشير الى الذين غرسوا غرس الايمان وهى كلمة لا اله الا اللّه فى ارض القلب وربوه بماء الشريع ودهقنة الطريقة وهو الاعمال الصالحة حتى صار شجرة طيبة كما ضرب اللّه لهذا مثلا فقال { ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة } فلما كلمت الشجرة واثمرت الحقيقة كانت { طوبى لهم وحسن مآب } وهى الرجوع والاياب الى اللّه نفسه لا الى ما سواه وهذا هو الثمرة الحقيقية يدل عليه قوله { فمن شاء اتخذ الى ربه مآبا } فعلى هذا يشير بطوبى الى حقيقة شجرة لا اله الا اللّه فى قلب النبى عليه السلام وفى قلب كل مؤمن منها غصن فافهم جيدا : قال الشيخ العطار قدس سره هو دو عالم بسته فتراك او ... عرش وكسى كرده قبله خاك او بيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى اشكارا و نهارا ٣٠ { وكذلك } اى مثل ما ارسلنا الرسل الى اممهم قبلك يا محمد { ارسلناك فى امة } بمعنى الى كما فى قوله تعالى { فردّ ايديهم فى افواههم } وفى بحر العلوم وانما عدى الارسال بفى وحقه ان يعدى بالى لان الامة موضع الارسال { قد خلت } مضت وتقدمت { من قبلها } عائد الى امة على لفظها { امم } ارسلوا اليهم فليس ببدع ارسالك الى امتك ثم علل الارسال فقال { لتتلو عليهم الذى اوحينا اليك } ضمير عليهم راجع الى امى على معناها اى لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذى اوحينا اليك وهو القرآن وما فيه من شرائع الاسلام وتزينهم بحلية الايمان فان المقصود من نزول القرآن هو العمل بما فيه وتحصيل السيرة الحسنة لا التلاوة المحضة والاستماع المجرد فالعامى المتعبد راجل سالك والعالم المتهاون راكب نائم : قال السعدى [ تلميذ بى ارادت عاشق بى زرست ورونده بى معرفت مرغ بى برو عالم بى عمل درخت بى بى بر وزاهد بى علم خانه بى در ] { وهم يكفرون بالرحمن } حال من فاعل ارسلناك اى وحالهم انهم يكفرون باللّه الواسع الرحمة ولا يعرفون قدر رحمته وانعامه اليهم بارسالك وانزال القرآن العظسم عليهم -وروى- ان ابا جهل سمع النبى عليه السلام وهو فى الحجر يدعو يا اللّه يا رحمن فرجع الى المشركين وقال ان محمدا يدهو الهين يدعو اللّه ويدعو آخر يسمى الرحمن ولا نعرف الرحمن الا رحمن اليمامة يعنى به مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة يعنى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة وهى بلدة فى البادية فنزلت هذه الآية { قل } لهم يا محمد { هو } اى الرحمن الذى مفرتم به وانكرتم معرفته { ربى } خالقى ومتولى امرى { لا اله الا هو } خبر بعد خبر اى هو مجامع لهذين الوصفين من الربوبية والالوهية فلا مستحق للعبادة سواء ومعناه لا اله الا هو الواحد المختص بالالهية { عليه توكلت } اليه اسندت امرى فى العصمة من شركم والنصرة عليكم { واليه } لا الى غيره { متاب } مصدر تاب يتوب واصله متابى اى مرجعى ومرجعكم فيرحمنى وينتقم لى منكم والانتقام من الرحمن اشد ولدا قيل نعوذ باللّه من غضب الحليم : قال الحافظ بمهلتى كه سبهرت دهد زراه مرو ... ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كفت والاشارة الى ان الامم لما كفروا باللّه كفروا بالرحمن لان الرحمانية قد اقتضت ايجاد المخلوقات فان القهارية كانت مقتضية الواحدية بان لا يكون معه احد فسبقت الرحمانية القهارية فى ايجاد المخلوقات ولهذا السر قال تعالى { ان كل من فى السموات والارض الا آتى الرحمن عبدا } فارسل اللّه الرسل وانزل معهم الكتب ليقرأوا عليهم ويذكروهم بايام اللّه التى كان اللّه ولمك يكن معه شيء ثم اوجدهم واخرجهم من العدم الى الوجود وهو الذى رب كل شيء وخالقه ولا اله الا هو واليه المرجع والمآب كما فى التأويلات النجمية يقول الفقير عبادة الخطاب فى ارسلناك للنبى صلّى اللّه عليه وسلّم فهو المرسل لغة واصطلاحا وصاحب الوحى والدعوة واشارته لكل واحد من ورثته الذين هم على مشربه الى يوم القيامة بحسب كونه مظهرا لارثه فهو المرسل لغة لا اصطلاحا وصاحب الالهام والارشاد وكما ان لكل زمان صاحب دولة وظهور فكذا له صاحب رحمة وتصرف معنوى ولذا قال عليه السلام ( علماء امتى كانبياء فى اسرائيل ) فاثبت لهم النبوة بمعنى الاخبار عن اللّه بالالهام وفى قوله { وهم يكفرون بالرحمن } اشارة الى ان المنعم عليه يجب ان لا يكفر بل يشكره بالايمان والاعتقاد كما دل عليه ما قبله الكفر والانكار من اقبح القبائح كما ان الايمان والاقرار من احسن المحاسن ولحسن الظن والاعتقاد الحسن تأثير بليغ -روى- ان جماعة من السراق نزلوا على اهل رباط فسأل عنهم صاحب الرباط فاستحيوا منه وقالوا نحن الغزاة فهيأ لهم طعاما وجاءت امرأة بسطت ليغسلوا ايديهم قبل الطعام وقالت ان لى بنتا عمياء اغسلها تبركا بغسالة الغزاة فغسلوا فغسلت المرأة وجه ابنتها بها فاصبحت سالمة من العمى ٣١ { ولو أن قرآنا } -روى- ان نفرا من مشركى مكة معهم ابو جهل ابن هشام وعبد اللّه بن امية قالوا يا محمد ان يسرك ان نتبعك فسير لنا بقرءانك الجبال عن حوالى مكة فانها ضيقة حتى تتسع لنا الارض فنتخذ البساتين والمحارث وشقق الارض وفجر لنا الانهار والعيون كما فى ارض الشام واحى رجلين او ثلاثة ممن مات من ابناءئنا مهم قصى بن كلاب ليكلمونا ونسألهم عن امرك أحق ما تقول ام باطل فلما اقترحوا عليه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآيات نزل قوله { ولو ان } الخ وجواب الشرط محذوف كما سيأتى . والمعنى بالفارسية [ برفتن آوردن ] اى نقلت من اماكنها واذهب عن ةجه الارض بالفارسية [ رانده شدى بوة كوها يعنى در وقت خواندن وى از مواضع خود برفتى ] { او قطعت به الارض } شققت فجعلت انهارا وعيونا . وبالفارسية [ ياشكافته شدى بدو زمين جون برو خواندندى ] { او كلم } احيى { به الموت } [ يا بسخن در آوردندى از بركت خواندن او مرد كانرا ] اى لكان هذا القرآن لكونه غاية فى الاعجاز ونهاية فى التذكير والمراد منه تعظيم القرآن والرد على المشركين الذين كابروا فى كون القرآن آية واقترحوا آية غيرها والتنبيه على ان ما ينفعهم فى دنياهم كالزراعة ونحوها مع ان فى القرآن تأثيرات ةخاصيات انفسية عجيبة فلو كان لهم استعداد لظهور تلك التأثيرات لسيرت به جبال نفوسهم وقطعت به ارض بشريتهم واحيى به قلوبهم الموتى { بل } [ نه جنانست كه كافران ميكويند بقرآن تويا بفرمان توبايد اينها واقع شود ] { لله الامر } اى امر خلقه { جميعا } فله التصرف فى كل شيء وله القدرة على ما اراد وهو قادر على الاتيان بما اقترحوه من الآيات الا ان ارادته لم تتعلق بذلك لعلمه بانه لا تنفعهم الآيات -روى- انه لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام ( والذى نفسى بيده لقد اعطانى ما سألتم ولو شئت لكان ولكن خيرنى بين ان تدخلوا فى باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وبين ان يكلكم الى ما اخترتم لانفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فاخترت باب الرحمة واخبرنى انه ان اعطاكم ذلك كفرتم ان يعذبكم عذابا لم يعذبه احدا من العالمين ) كما فى اسباب النزول للامام الواحدى واعلم ان الكفار ما ابصروا نور القرآن فعموا عن رؤية البرهان وكذا اهل الانكار غفلوا عن سره القرآن فحرموا من المشاهدة والعيان : وفى المثنوى تو ز قرآن اى بسر ظاهر مبين ... ديو آدم را ند بيند جز كه طين ظاهر قرآن جو شخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست ولا شك ان من تخلق بالقرآن الذى هو صفة اللّه تعالى قدر على ما لم يقدر عليه غيره وفى الحديث ( لو كان القرآن فى اهاب ما مسته النار ) اى لو صور القرآن وجعل فى اهاب والقى فى النار ما مسته ولا احرقته ببركة القرآن فكيف بالمؤمن الحامل له المواظب على تلاوته ومن الحكايات اللطيفة ان عليا رضى اللّه عنه مرض فقال ابو بكر رضى اللّه عنه لعمر وعثمان رضى اللّه عنهما ان علينا قد مرض فعلينا العبادة فاتوا بابه وهو يجد خفة من المرض ففرح فرحا فتموج بحر سخائه فدخل بيته فلم يجد شيأ سوى عسل يكفى لواحد فى طست وهو ابيض وانور وفيه شعر اسود فقال ابو بكر الصديق رضى اللّه عنه لا يليق الا كل قبل المقالة فقالوا انت اعزنا واكرمنا وسيدنا فقل اولا فقال الدين انور من الطست ونعيمها احلى من العسل والصراط ادق من الشعر فقال عثمان رضى اللّه عنه القرآن انور من الطست وقراءة القرآن احلى من العسل وتفسيره ادق من الشعر فقال على رضى اللّه عنه الضيف انور من الطست وكلام الضيف احلى من العسل وقلبه ادق من الشعر نور اللّه تعالى قلوبنا بنور العرفان واوصلنا واياكم الى سر القرآن آمين يا اللّه يا رحمن { أفلم ييأس الذين آمنوا } اليأس قطع الطمع عن الشيء والقنوط منه والاستفهام بمعنى الامر -روى- ان طائفة من المؤمنين قالوا يا رسول اللّه اجب هؤلاء الكفار يعنون كفار مكة الى ما اقترحوا من الآيات فعسى ان يؤمنوا فقال تعالى أفلم يقنط المؤمنون من ايمان هؤلاء الكفرة بعد ما رأوا كثرة عنادهم بعد ما شاهدوا الآيات { ان } اى علما منهم انه { لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعا } فآمنوا وقد يستعمل اليأس بمعنى العلم مجازا لانه مسبب عن العلم بان ذلك الشيء لا يكون فان المخففة مع ما فى حيزها فى محل النصب علىلا انهار مفعول اليأس بمعنى العلم . والمعنى أفلم يعلم الذين آمنوا ان اللّه تعالى لا يهدى الناس جميعا لعدم تعلق مشيئة باهتداء الجميع فيهدى من يشاء ويضل من يشاء بمقتضى قبضتيه الجمالية والجلالية : قال الحافظ در كار خانه عشق از كفرنا كزيرست ... آتش كرا بسوزد كربو لهب نباشد { ولا يوال الذين كفر } بالرحمن وهم كفار مكة { تصيبهم بما صنعوا } اى بسبب ما فعلوا من كفرهم واعمالهم الخبيثة { قارعة } داهية تقرعهم وتفجأهم من القتل والاسر والحرب والجدب واصلالقرع الضرب والصدع تلخيصه لا يزال كفار مكة معذبين بقارعة { او تحل } القارعة اى تنزل { قريبا } [ بموضعى نزديك ] { من دارهم } اى مكة فيفزعون فيها ويقلعون ويتطاير عليهم شرارها ويتعدى اليهم شرورها ويجوز ان يكون تحل خطابا للنبى عليه السلام فنه حل بجيشه قريبا من دارهم عام الحديبية فاغار على اموالهم ومواشيهم وفى التاويلات النجمية { قارعة } من الاحكام الازلية تقرعهم فى انواع المعاملات التى تصدر منهم موجبة للشقاوة وبقوله { او تحل قريبا من دارهم } يشير الى ان الاحكام الازلية تارة تصدر منهم وتارة من مصاحبهم فتوافقوا فى اسباب الشقاوة وترافقوا الى ما اوعدهم اللّه من درك الشقاء كما قال { حتى } يعنى [ بلابديشان خواهد رسد تاوقتى كه ] { ياتى وعد اللّه } وهو موتهم او يوم القيامة او فتح مكة { ان اللّه لا يخلف الميعاد } لامتناع الخلف لكونه نقصا منافيا للالوهية وكمال الشيء والميعاد بمعنى الوعيد كالميلاد والميثاق بمعنى الولادة والتوثقة والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها ٣٢ { ولقد استهزئ برسل من قبلك } كاستهزاء قومك بك والتنكير للتكثير اى بجميع الرسل من قبلك ويدل عليه قوله تعالى { واما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون } ومعنى الاستهزاء الاستحقار والاستهانة والاذى والتكذيب { فامليت الذين كفروا } اى للمستهزئين الذين كفروا . والاملاء الامهال وان يترك ملاوة من الزمان اى مدة طويلة منه فى دعة وامن كالبهيمة فى المرعى اى اطلت لهم المدة فى امن وسعة بتأخير العقوبة ليتمادوا فى المعصية { ثم اخذتهم } بالعقوبة بعد الاملاء والاستدراج { فكيف كان } [ بس جه كونه بود ] { عقاب } عقابى اياهم كيف رأيت ما صنعت بمن استهزأ برسلى ولم ير النبى عليه السلام عقوبتهم الا انه علم بالتحقيق فكأنه رأى عيانا وفى بحر العلوم فانكم تمرون على بلادهم ومساكنهم فتشاهدون اثر ذلك وهذا تعجيب من شجة اخذه لهم سلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن استهزائهم به واذا هم وتكذيبهم واقتراحهم الآيات بان له فى الانبياء اسوة وان جزاء ما يفعلون به ينزل بهم كما نزل بالمستهزئين بالانبياء جزاء ما فعلوا وفيه اشارة الى ان من امارات الشقاء الاستهزاء بالانبياء والاولياء وفى الحديث ( من اهان لى ) ويروى ( من عادى لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة ) اى من اغضب وآذى واحدا من اوليائى فقد حاربنى واللّه اسرع شيء الى نصرة اوليائه لان الولى ينصر اللّه فيكون اللّه ناصره -وروى- ان اللّه تعالى قال لبعض اوليائه اما وهدك فى الدنيا فقد تعجلت راحة نفسك واما ذكرك اياى فقد تشرفت بى فهل واليت فىّ وليا وهل عاديت فىّ عدوا فمحبة اولياء اللّه تعالى وموالاتهم من انفع الاعمال عند اللّه وبغضهم عداوتهم واستحقارهم والطعن فيهم من اضر الاعمال عنده تعالى واكبر الكبائر [ آورده انده كه سبهسالارى بود ظالم وباتباع خود بخانه يكى از مشايخ كبار فرود آمد خجواند خانه كفت من منشورى درام بخانه من فرود مياكفت منشور بنما شيخ درخانه رفت ومصحفى عزيز داشت ودر بيش آمد وباز كرد اين آيت بر آمدكه ] { يا ايها الذين آمنوا لا تدخوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها } [ سبهسالار كفت من بنداشم كه منشور امير دارى بدان التفات نكرد ودرخانه شيخ فرود آمد آن شب قولنجش بكرفت وهلاك شد ] قال الصائب نتيجه نفس كرم عند ليبانست ... كه عمر شبنم كستاخ يكزمان باشد ولا شك ان مثل هذه المعاملات القبيحة من غلبة اوصاف النفس فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن سفساف الاخلاق حتى يتخلص من قهر القهار الخلاق ألا ترى أن المؤمنين نظروا الى النبى عليه السلام بعين التعظيم وبدلوا الكبر بالتواضع والفناء ودخلوا فى الاستسلام فاستعسدوا سعادة الدارين واما الكفرةة فعتوا عتوا كبيرا فاستأصلهم اللّه من حيث لا يحتسبون فشقوا شقاوة ابدية وهكذا حال سائر المؤمنين والمنكرين الى يوم القيامة فان الولياء ورثة الرسول عليه السلام والمعاملة معهم كالمعاملة معه : قال الكمال الخنجدى مقربان خداند وراثان رسول ... توازخدى جنين دوروازرسولى جيست ٣٣ { أفمن } [ ايا كسى كه ] فمن موصولة مرفوعة المحل على الابتداء والخبر محذوف والاستفهام بمعنى النفى اى أفاللّه الذى { هو قائم } رقيب { على كل نفس } صالحة او طالحة { بما كسبت } من خير وشر يحفظه عليها فيجازيها به يعنى ان اراد المجازاة ولم يغفر كمنت ليس بهذه الصفة من الاصنام التى لا تضر ولا تنفع وهذا كقوله { أفمن يخلق كمن لا يخلق } اى لا يكون من هو قائم على كل نفس يعلم خيرها وشرها ويجازيها على حسب ذلك كمن ليس بقائم على شئ متناه فى العجز والضعف والجهل ومعنى القيام التولى لامور خلقه والتدبير للارزاق والآجال واحصاء الاعمال للجزاء يقال قام فلان اذا كفاه وتولاه { وجعلوا لله شركاء } اى الاصنام وهو استئناف يعنى ان الكفار سووا بين اللّه وبين الاصنام واتخذوها شركاء له فى العبادة وانما تكون سواء وشركاء فيها لو كانت سواء وشركاء فى القيام على كل نفس فما اعجب كفرهم واشراكهم وتسويتهم مع علمهم التفات بينهما اى تعجبوا من ذلك { قل سموهم } بينوا شركاءكم باسمائهم وصفوفهم بصفاتهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة يشير الى ان الاسماء مأخذها من الصفات فان لم تروا منهم شيئا من صفات اللّه فكيف تسمونهم كما قال الكاشف [ مراد آنست كه حق را حى وقادر وخالق ورزاق وسميع وبصير وعليم وحكيم ميكويند واطلاق هيج بك ازين اسما براصنام نمى تواندكرد ] قال فى بحر العلوم قوله { قل سموهم } من فن الكناية وذلك لان معنى سموهم عينوا اساميهم ولما كان تعيين الشئ بالاسم من لوازم وجوده جعل عدم التعيين كناية عن عدم وجود الشئ يعنى ليس عندنا اسام يستحقون لها العبادة وان كانت عندكم فسموهم بها وانظروا هل يستحقون بها ولما لم تكن لهم عندهم ايضا اسم تقتضى استحقاق العبادة لم يستحقوها ولم يتحقق لهم العبادة والشركة { ام تنبئونه } ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة الانكارية اى بل أتخبرون اللّه تعالى { بما لم يعلم فى الارض } اى بما لا وجود له ولا علم اللّه متعلق بوجوده وهو الشركاء المستحقون للعبادة وهو نفى للملزوم ينفى اللازم بطريق الناية اى لا شريك له ولا علم اذ لو كان الشريك موجودا لكان معلوما اللّه تعالى لان علم اللّه لازم لوجود الشئ والا يلزم جهله تعالى اللّه عن ذلك فاذا لم يكن وجوده معلوما له وجب ان لا يكون موجودا لاستلزام انتفاء اللازم انتفاء ملزومه قال فى بحر العلوم { ام تنبئونه } اضراب عن ذكر تسميتهم وتعيين اساميهم الى ذكر تنبئتهم ومعنى الهمزة فى ام الانكار بمعنى ما كان ينبغى اولا ينبغى ان يكون ذلك وفى التبيان تأويل الآية فان سموهم بصفات اللّه فقل أتنبئونه بما لا يعلم فى الارض { ام بظاهر من القول } بل تسمونهم شركاء بكلام لا حقيقة له كتسمية الزنجى كافورا وفى بحر العلوم هو اضراب عن ذكر تنبئتهم واخبارهم الى ذكر تسميتهم الاصنام بشركاء بظاهر من القول من غير حقيقته واعتبار معنى ومعنى الهمزة فى ام الانكار والتعجب كأنه قال دع ذلك المذكور واسمع قولهم المستنكر النقضى منه العجب وذلك ان قولهم بالشركاء قولا لا يعذده برهان فما هو الا لفظ يتفوهون به فارغ عن معنى تحته كالالفاظ المهملة التى هى اجراس لا تدل على معان ولا يتكلم بها عاقل تنفرا منها واستقباحا { بل زين للين كفروا مكرهم } انفسهم بتخيلهم اباطيل ثم ظنهم اياها حقا وهو اتخاذهم اللّه شركاء خذلانا من اللّه. والمكر صرف الغير عما يقصده بحيلة والمزين اما الشيطان بوسوسته كقوله تعالى { وزين لهم الشيطان اعمالهم } واللّه تعالى كقوله { زينا اعمالهم } وفى الحديث ( بعثت داعيا ومبلغا وليس لى من الهدى شئ وخلق ابليس مزينا وليس اله من الضلالة من شئ ) حق فاعل وهرجه جزحق آلات بود ... تأثير زآلت ازمحالات بود { وصدوا } من الصد وهو المنع { عن السبيل } سبيل الحق { ومن } [ هركه ] { يضلل السبيل } يخذله عن سبيله قال سعدى المفتى ولا منع عند اهل السنة ان يفسر الاضلال بخلق الضلال وكذا الهداية يجوز ان تفسر بخلق الاهتداء { فماله من هاد } فما له من احد يقدر على هدايته ويوفقه لها ٣٤ { لهم عذاب فى الحيواة الدنيا } بالقتل والاسلا وسائر ما ينالهم من المصائب والمحن ولا يلحقهم الا عقوبة لهم على الكفر ولذلك سمكاه عذابا وأصل العذاب فى كلام العرب من العذب وهو المنع يقال عذبته اذا منعته وسمى الماء عذبا لانه يمنع العطش وسمى العذاب عذابا لانه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله وفى التأويلات النجمية وهو عذاب البعد والحجاب والغفلة والجهل وعذاب عبودية النفس والهوى والدنيا وشياطين الجن والانس { ولعذاب الآخرة اشق } اشد واصعب لدوامه وهو عذاب النار وعذاب نار القطيعة والم البعد وحسرة التفريط فى طاعة اللّه تعالى وندامة الافراط فى الذنوب والمعاصى والحصول على الخسارات والهبوط من الدرجات ونزول الدركات { وما لهم من اللّه } اى من عذابه { من واق } حافظ ومانع حتى لا يعذبوا . من الثانية زائدة والاولى متعلقة بواق وفى التأويلات { وما لهم من اللّه } من خذلان اللّه فى الدنيا وعذاب اللّه فى الآخرة { من واق } يقيهم من الخذلان والعذاب وفى حديث المعراج ( ثم اتى على واد فسمع صوتا منكرا فقال يا جبريل ما هذا الصوت قال صوت جهنم تقول يارب ائتنى باهلى وعدتنى فقد كثرت سلاسلى واغلالى وسعيرى وحميمى وغساقى وغسلينى وقد بعد قعرى واشتد حرى ائتنى بما وعدتنى قال لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قاليت رضيت ) كما فى الترغيب والترهيب وكان ابن مرثد لا تنقطع دموع عينيه ولا يزال باكيا فسئل عن ذلك فقال لو أن اللّه اوعدنى بانى لو اذنبت لحبسنى فى الحمام ابدا لكان حقيقا على انها لا تنقطع دموعى فكيف وقد اوعدنى بان يحبسنى فى نار قد اوقد عليها ثلاثة آلاف سنة اوقد عليها الف سنة حتى احمرت ثم اخرى حتى ابيضت ثم اخرى حتى اسودت فهى شوداء مظلمة كالليل المظلم فهذه حال المعذب بالنار الصغرى واما المعذب بالنار الكبرى وهى تار القطيعة والهجر فحاله اشد واعظم بررخ جامى بودبى رويت ازدوزخ درى ... كرزروضه خازن اندرقبراو روزن كند نسأل اللّه العصمة والتوفيق لطريق الحق والتحقيق ٣٥ { مثل الجنة التى وعد المتقون } من الشرك والمعاصى وهو مبتدأ خبره محذوف اى فيما قصصنا عليك مثل الجنة اى صفتها التى هى كالمثل السائر فى الغرابة { تجرى من تحتها الانهار } حال من العائد المحذوف من الصلة والتقدير وعد بها المتقون مقدرا جريان انهارها اربعة من تحت اشجارها بمقابلة المراتب الاربع التى هى الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة وتعطى هذه الانهار على الكمال لمن جمع بين هذه المراتب الاربع وهم المقربون واما غيرهم من الابرار وارباب البرازخ فانهم وان كانوا يشربون منها لكنهم لا يجدون فيها ما يجده اولئك المقربون من زيادة اللذة لتفاوت معرفتهم بالله هركسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش { اكلها } [ ميؤه آن بستان ] قال فى الكواشى ما يؤكل فيها { دائم } لا ينقطع ولا يمنع منه بخلاف ثمر الدنيا { وظلها } اى وظلها دائم لا ينسخ فى الدنيا بالشمس لانه لا شمس فى الجنة ولا حر ولا برد فالمراد بدوام الظل دوام الاستراحة وانما عبر عنه به لندرة الظل عند العرب وفيه معظم استراحاتهم فى ارضهم والمراد بدوام الاكل الدوام بالنوع لا الدوام بالجزء والشخص فانه اذا فنى منه شيء جيئ ببدله وهاذ لا ينافى الهلاك لحظة كما قال تعالى { كل شيء هالك الا وجهه } على ان دوامه مضاف الى ما بعد دخول الجنة كما يقتضيه سوق الكلام فهلاكه لحظة عند هلاك كل شيء قبل الدخول لا ينافى وجوده وبقاءه بعده وفى الآية رد على الجهمية حيث قالوا ان نعيم الجنة يفنى ومن مقالات لبيد قبل اسلامه ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل ولما انشده فى مجلس من قريش وقال ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل قال عثمان ابن مظعون رضى اللّه عنه صدقت ولما قال وكل نعيم لا محالة زائل قال كذبت لما فهم انه اراد بالنعيم ما هو شامل لنعيم الآخرة [ امام قشيرى فرموده كه اهل ايمان امروز در ظل رعايتند وفردا در ظل حمايت وعارفان بدنيا وعقبى در ظل عنايت كه بيوسته است ] سايه دولت او در دو جهان جاويدست ... اى خوش آن بنده كه اين سايه فتدبر سراو { تلك } الجنة التى بلغك وصفها وسمعت بذكرها { عقبى الذين اتقوا } مآلهم وعاقبة امرهم { وعقبى الكافرين النار } لا غيره فالتقوى طريق الى الجنة والكفر طريق الى النار والاشارة ان اللّه تعالى يشير الى حقيقة امر الجنة التى وعدها للمتقين ووصفها بانها تجرى من تحتها الانهار وهى انهار الفضل والكرم ومياه العناية والتوفيق { اكلها دائم } وهى مشاهدات الجمال ومكاشفات الجلال { وظلها } اى وهم فى ظل هذه المقامات والاحوال الى هى من وجوده لا من شمس وجودهم على الدوام بحيث لا تزول ابدا وتلك الاحوال والمقامات عاقبة من اتقى باللّه عما سواه وعاقبة من اعرض عن هذه المقامات والاحوال نار القطيعة والحسرة كما فى التأويلات النجمية : وفى المثنوى جور دوران وهر آن رنجى كه هست ... سهلتر از بعد حق وغفلتست زانكه اينها بكذرد آن نكذرد ... دولت آن داردر كه جان آكه برد [ شبلى ديد زنى را كه ميكريد وميكويد يا ويلاه من فراق ولدى . شبلى كريست وكفت يا ويلاه من فراق الاحد . آن زن كفت جرا جنين ميكويى . شبلى كفت تو كريه ميكنى برفراق مخلوقى كه هر آينه فانى خواهد شد من جرا كريه نميكنم برفراق خالقى كه باقة باشد ] فرزند ويار جونكه بميرند عاقبت ... اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت عصمنا اللّه واياكم من نار البعد والعذاب الاليم وشرفنا بالذوق الدائم والنعيم المقيم ٣٦ { والذين آتيناهم الكتاب } يريد المسلمين من اليهود كعبد اللّه بن سلام واصحابه ومن النصارى وهم ثمانون رجلا اربعون بنجران وثمانية باليمن واثنان وثلاثون بالحبشة فالمراج بالكتاب التوراة والانجيل { يفرحون بما انزل اليك } بجميعه وهو القرآن كله لانه من فضل اللّه ورحمته على العباد ولا شك ان المؤمن الموقن يسره ما جاء اليه من باب الفضل والاحسان { ومن الاحزاب } ومن احزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالعداوة نحو كعب بن الاشرف واتباعه والسيد والعاقب اسقفى نجران واشياعهما وبالفارسية [ واز لشكرهاى كفر وضلالت ] { من ينكر بعضه } وهو ما يخالف شرائعهم وفى الكواشى لانهم وافقوا فى القصص وانكروا غيرها وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما آمن اليهود بسورة يوسف وكفر المشركون بجميعه واعلم ان القرآن يشتمل على التكاليف والاحكام وعلى الاسرار والحقائق فالروح والقلب والسر يفرحون بالكل . واما النفس والهوى والقوى فينكر بعضه لثقل تكاليفه وجهل فوائده اللهم ارفع عنا تعب التكاليف واجعلنا بالقرآن خير اليف واحفظنا من المخالفة والانكار واحشرنا مع اهل القبول والاقرار مزن زجون زجرا دم كه بنده مقبل ... قبول كردبجان هر سخن كه جانان كفت { قل } يا محمد فى جواب المنكرين { انما امرت ان اعبد اللّه ولا اشرك به } اى انما امرت فيما انزل الىّ بان اعبد اللّه واوحده وهو العمدة فى الدين ولا سبيل لكم الى انكاره . واما ما تنكرونه لما يخالف شرائعكم فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الالهية فى جزئيات الاحكام لان اللّه الحكيم ينزل بحسب ما يقتضيه صلاح اهل العالم كالطبيب يعامل المريض بما يناسب مزاجه من التدبير والعلاج { اليه } اى الى اللّه وتوحيده لا الى غيره { ادعوا } العباد او اخصه بالدعاء اليه فى جميع مهامى { واليه مآب } اى مرجعى ومرجعكم للجزاء لا الى غيره وهذا هو القدر المتفق عليه بين الانبياء . فاما ما عدا ذلك من التفاريغ فمما يختلف بالاعصار والامم فلا معنى لانكار المخالف فيه ٣٧ { وكذلك } اى وكما انزلنا الكتاب على الانبياء بلغة اممهم كما قال { كذلك ارسلناك فى امة } او مثل هذا الانزال المشتمل على اصول الديانات المجمع عليها كما هو المشهور فى مثله { انزلناه } يعنى القرآن { حكما } يحكم فى كل شيء يحتاج اليه العباد على مقتضى الحكمة والصواب . فالحكم مصدر بمعنى الحاكم لما كان جميع التكاليف الشرعيه مستنبطا من القرآن كان سببا للحكم فاسند اليه الحكم اسنادا مجازيا ثم جعل نفس الحكم على سبيل المبالغة ويقال حكما اى محكما لا يقبل النسخ والتغيير { عربيا } مترجما بلسان العرب ليسهل لهم فهمه وحفظه وانتصاب حكما على انه حال موطئة وعربيا صفته والحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فكأن الاسم الجامد وطأ الطريق لما هو حال فى الحقيقة لمجيئه قبلها موصوفا بها -روى- ان المشركين كانوا يدعونه عليه السلام الى اتباع ملة آبائهم المشركين وكان اليهود يدعونه الى الصلاة الى قبلتهم اى بيت المقدس بعد ما حول عنها فقال تعالى { ولئن اتبعت اهواءهم } التى يدعونك اليها لتقرير دينهم جعل ما يدعونه اليه من الدين الباطل والطريق الزائغ هوى وهو ما يميل اليه بالطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول لكونه هوى محضا { بعد ما جاءك من العلم } من الدين المعلوم صحته بالبراهين { مالك من اللّه } من عذابه { من ولى } ينصرك { ولا واق } يحفظك ويمنع عنك العذاب وهذا خطاب له عليه السلام والمراد تحريض امته على التمسك بالدين وتحذيره من التزلزل فانه اذا حذر من كان ارفع منزلة من الكل هذا التحذير كان غيره اولى بذلك اعانك اللّه واياى فى كل مقام فعلى العاقل ان يسلك طريق العبودية الى عالم الربوبية ولا يشرك شيأ من الجنيا والآخرة بل يكون مخلصا فى طلبه ومن اتبع الشرك بعد ما جاءه من العلم وهو طلب الوحدانية ولا واق يقيه من عذاب البعد وحجاب الشركة فى الوجود بالوجود فطريق الخلاص انما هى العبودية قال الامام الفخر الرازى فى الكبير وقد بلغ شرف العبودية مبلغا بحيث اختلف العلماء فى العبودية والرسالة المستجمعتين فى المرسلين ايهما افضل فقالوا ان العبودية افضل واستدلوا عليه بانه بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق والعبودية ان يكل اموره الى سيده فيكون هو المتكفل تعالى باصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما هذا آخر كلامه والعبودية هى مقام الجمع والرسالة مقام التفرقة انظر الى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم كان فى تمحض عبوديته مع ربه كما اخبر عنه ( ابيت عند ربى وهو يطعمنى ويسقينى ) وفى حال رسالته يقول ( كلمينى يا حميراء ) لينقطع من الحق الى الخلق وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول فى اشهد ان محمدا عبده ورسوله وفى العبودية معنى الكرامة والتشريف كما قال { ان عبادى ليس لك عليهم سلطان } قال الحافظ كدايئ درجانان بسلطنت مفروش ... كسى ز سايه اين در بآفتاب رود وعن على رضى اللّه عنه كفانى شرفا ان تكون لى ربا وكفانى عزا ان اكون لك عبدا وكما ان اللّه تعالى هو خالق العبد فكذا لا جاعل للعبد عبدا وذلك برفع هواه الا هو ألا ترى الى قوله تعالى { بل اللّه يزكى من يشاء ولو لا فضل اللّه عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد } ابدا { لا يمسه الا المطهرون } فان المطهر بالكسر فى الحقيقة هو اللّه تعالى وما سواه اسباب ووسائط ٣٨ { ولقد ارسلنا رسلا من قبلك } بشرا مثلك يا محمد وهو جواب لقول قريش ان الرسول لا بد وان يكون من جنس الملائكة { وجعلنا لهم ازواجا وذرية } اى نساء واولادا كما هى لك فلما جاز ذلك فى حقهم فلم لا يجوز مثله ايضا فى حقك وهو جواب لقول اليهود ما نرى لهذا الرجل همة الا فى النساء والنكاح ولو كان نبيا لاشتغل بالزهد والعبادة -روى- انه كان لداود عليه السلام ائة امرأة منكوحة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وسبعمائة سرية فكيف يضر كثرة الازواج لنبينا عليه السلام فى التأويلات النجمية ان الرسل لما جذبتهم العناية فى البداية رقتهم من دركات البشرية الحيوانية الى درجات الولاية الروحانية ثم رقتهم منها الى معارج النبوة والرسالة الربانية فى النهار فلم يبق فيهم من دواعى البشرية واحكام النفسانية ما يزعجم الى طلب الازواج بالطبيعة والركون الى الاولاد بخصائص الحيوانية بل جعل لهم رغبة فى الازواج والاولاد على وفق الشريعة بخصوصية الخلافة فى اظهار صفة الخالقية كما قال تعالى { أأنتم تخلقونه ام نحن الخالقون } انتهى وقال الحكيم الترمذى فى نوادر الاصول الانبياء زيدوا فى القوة بفضل تبوتهم وذلك ان النور اذا امتلأت منه الصدور ففاض فى العروق التذت النفس والعروق فاثار الشهوة وقواها انتهى وفى الحديث ( فضلت على الناس باربع بالسخاء والشجاعة وقوة البطش وكثرة الجماع ) وطاف عليه السلام على نسائه التسع ليلة وتطهر من كل واحدة قبل ان يأتى الاخرى وقال هذا اطيب واطهر واوتى عليه السلام وة اربعين رجلا من اهل الجنة فى الجماع وقوة الرجل من اهل الجنة كمائة من اهل الدنيا فيكون تعطى عليه السلام قوة اربعة آلاف رجل وسليمان عليه السلام قوة مائة رجل وقيل الف رجل من رجال الدنيا قال فى انسان العيون لا يخفى ان ازواجه عليه السلام المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة وكان له اربع سرارى وفى بستان العارفين ما تزوج من النساء اربع عشرة نسوة وفى الواقعات المحمودية ان فخر الانبياء عليه وعليهم السلام قد تزوج احدى وعشرين امرأة ومات عن تسع نسوة قال سفيان بن عيينة كثرة النساء ليست من الدنيا لان عليا رضى اللّه عنه كان ازهد اصحاب النبى عليه السلام وكان له اربع نسوة وسبع عشرة سرية وتزوج المغيرة بن شعبة ثمانين امرأة وكان الحسن بن على رضى اللّه عنهما منكاحا حتى نكح زيادة على مائتى امرأة وقد قال عليه السلام ( اشبعت خلقى وخلقى ) يقول الفقير قد تزوج شيخى وسندى روح اللّه روحه قدر عشرين وجمع بين اربع مهرية وخمس عشرة سرية وكان يقول للعامى حين يسأل عن كثرة نكاحه ان لكل احد ابتلاء فى هذه الدار وقد ابتليت بكثرة النكاح ويقول لهذا الفقير فى خلوته انها من اسرار النبوة وخصائص خواص هذه الامة واشار به الى الحديث المشهور ( حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة ) فهذا العشق والمحبة انما يكون لاصحاب النفوس القدسية وهم يطالعون فى كل شيء ما لا يطالعه غيرهم : ونعم ما قيل منعم كنى زعشق وى اى مفتئ زمان ... معذور دارمت كه تو اورا نديده { وما كان لرسول } وما صح لواحد منهم ولم يكن فى وسعه { ان يأتى بآية } تقترح عليه { الا باذن اللّه } اى بامره لا باختيار نفسه ورأيه فانهم عبيد مربوبون منقادون وهو جواب لقول المشركين لو كان رسولا من عند اللّه لكان عليه ان يأتى بأى شيء طلبنا منه من المعجزات ولا يتوقف فيه وفيه اشارة الى ان حركات عامة الخلق وسكناتهم بمشيئة اللّه تعالى وارادته وان حركات الرسل وسكناتهم باذن اللّه ورضاه { لكل اجل } وقت { كتاب } حكم مكتوب مفروض يليق بصلاح حال اهله فان الحكمة تقتضى اختلاف الاحكام على حسب اختلاف الاحكام على حسب اختلاف الاعصار والامم وهو جواب لقولهم لو كان نبيا ما نسخ اكثر احكام التوراة والانجيل وقال الشيخ فى تفسيره اى لكل شيء قضاه اللّه وقت مكتوب معلوم لا يزاد عليه ولا ينقص منه اولا يتقدم ولا يتأخر عنه [ ياهر اجلى را از آجال خلائق كتابيست نزديك خداى تعالى كه جزوى كسى را بر آجال خلق اطلاع نباشد ] ٣٩ { يمحو اللّه ما يشاء } محوه { ويثبت } ما يشاء اثباته فينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله ما هو خير منه او مثله ويترك ما يقتضيه حكمته غير منسوخ . او يمحو سيآت التائب ويثبت الحسنات مكانها . او يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة وذلك لانهم مأمورون بكتب جحميع ما يقول الانسان ويفعل فاذا كان يوم الاثنين والخميس يعارض ما كتبه الحفظة لما فى اللوح المحفزظ فينفى من كتاب الحفظة مالا جزاء له من ثواب وعقاب ويثبت ماله جزاء من احدهما ويترك مكتوبا كما هو فان كان فى اول الديوان وآخره خير يمحو اللّه ما بينهما من السيآت وان لم يكن فى اوله وآخره حسنات اثبت ما فيه من السيآت واختلف هل يكتب الملك ذكر القلب فسئل سفيان بن عيينة هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبتن ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه اذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيثبتونها واذا هم بسيئة واستقر عليها قلبه فاح منه ريح منتنة . وجعل النووى هذا اى كونهم يكتبون عمل القب اصح وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن البد فو قول اكثرهم انتهى . ويؤيده ما فى ريحان القلوب ان الذكر الخفى هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخص به الصوت وهو خاص به صلّى اللّه عليه وسلّم ومن له اسوة حسنة انتهى يقول الفقير يحتمل ان الانسان الكامل لكونه حامل امانة اللّه ومظهر اسراره وخير البرية لا يطلع عليه الملك ويطلع على حاله غيره لعلامات خفية عن البشر الزاما واحصاء لعمله كما قال تعالى { لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها } او يمحو ويثبت فى السعادة والشقاوة والرزق والاجل -روى- عن عمر رضى اللّه عنه انه كان يطوف بالبيت وهو يبكى ويقول اللهم ان كنت كتبتنى فى اهل السعادة فاثبتنى فيها وان كنت كتبتنى فى اهل الشقاوة فامحنى واثبتنى فى اهل السعادة والمغفرة لانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب وفى الاثر ان الرجل يكون قد بقى من عمره ثلاثون سنة فيقطع رحمه فيرد الى ثلاثة ايام ويكون قد بقى من عمره ثلاثة ايام فيصل الى رحمه فيرد الى ثلاثين سنة قال فى التأويلات النجمية لاجل اهل المشيئة والارادة فى حركاتهم وقت معين لوقوع الفعل فيه وكذا لاهل الاذن والرضى ثم يمحو اللّه ما يشاء لاهل السعادة من افاعيل اهل الشقاوة ويثبت لهم من افاعيل اهل السعادة ويمحو ما يشاء لاهل الشقاوة من افاعيل اهل السعادة ويثبت لهم من افاعيل اهل الشقاوة وعنده ام الكتاب الذى مقدر فيه حاصل امر كل واحد من الفريقين وخاتمتهم فلا يزيد ولا ينقص انتهى يقول الفقير ان التغير والتبدل والمحو والاثبات انما هو بالنسبة الى السعادة والشقاوة العارضتين فانهما تقبلان ذلك بخلاف الاصليتين كما روى انه عليه السلام قال ( اذا مضت على المطفة خمس واربعون ليلة يدخل الملك على تلك النطفة فيقول يا رب أشقى ام سعيد فيقضى اللّه ويكتب الملك فيقول يا رب أذكر ام انثى فيقضى اللّه ويكتب الملك فيقول عمله ورزقه فيقضى اللّه ويكتب الملك ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص منها ) فعلم ان بطن الام ناظر الى لوح الازل فلا يتغير ابدا واما عالم الحس فناظر الى اللوح وعلى هذا يحمل قول بعضهم { ان اللّه يمحو ما يشاء ويثبت } الا الشقاوة والسعادة والموت والحياة والرزق والعمر والاجل والخلق والخلق : كما قال السعدى قدس سره خوى بد در طبيعتى كه نشست ... نرهد جز بوقت مرك ازدست فمعنى زيادة العمر بصلة الرحم ان يكتب ثواب عمله بعد موته فكأنه زيد فى عمره او هو من باب التعليق او الفرض والتقدير ويمحو الاحوال ويثبت اضدادها من نحو تحويل النطفة علقة ثم مضغة الى آخرها ويمحو الاعمال اذا كان كافرا ثم اسلم فى آخر عمره محيت الاعمال التى كانت فى حال كفره فابدلت حسنات كما قال تعالى { الا من تاب وعمل صالحا فاولئك يبدل اللّه سيآتهم حسنات } واذا كان مسلما ثم كفر فى آخر عمره محيت اعماله الصالحة فلم ينتفع بها كما قال تعالى { وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون } فاللّه تعالى يمحو الكفر ويثبت الايمان ويمحو الجهل ويثبت العلم والمعرفة ويمحو الغفلة والنسيان ويثبت الحضور والذكر ويمحو البغض ويثبت المحبة ويمحو الضعف ويثبت القوة ويمحو الشك ويثبت اليقين ويمحو الهوى ويثبت العقل ويمحو الرياء ويثبت الاخلاص ويمحو البخل ويثبت الجود ويمحو الحسد ويثبت الشفقة ويمحو التفرقة ويثبت الجمع على هذا النسق ودليله { كل يوم هو فى شأن } محوا واثبا قال الكاشفى [ ابو درداء رضى اللّه عنه از حضرت نقل ميكندكه جون سه ساعت ازشب باقى ماند حق سبحانه وتعالى نظر ميكند در كتابى كه غير ازو هيجكس دران اطلاع نمى كند هرجه خواهد ازومحو كند وهرجه خواهد ثبت كند در فصول آورده كه محو كند رقوم انكارازقلوب ابرار ةاثبات كند بجاى آن رموز واسرار ] وقال الشبلى رحمه اللّه يمحو ما يشاء من شهود العبودية واوصافها ويثبت ما يشاء من شهود الربوبية ودلائلها وقال ابن عطاء يمحو اللّه اوصافهم ويثبت اسرارهم لانها موضع المشاهدة وفى التأويلات النجمية { يمحو اللّه ما يشاء } من الاخلاق الذميمة النفسانية { ويثبت } ما يشاء من الاخلاق الحميدة الروحانية للعوام ويمحو من الاخلاق الروحانية ويثبت من الاخلاق الربانية للخواص ويمحو آثار الوجود ويثبت آثار الجود لاخص الخواص كل شيء هالك الا وجهه [ امام قشيرى ميفرمايد كه محو حظوظ نفسانى ميكند واثبات حقوق ربانى يا شهود خلق ميبرد وشهود حق مى آرد يا آثار بشريت محو ميكند وانوار احديت ثابت ميسازد ازان بنده مى كاهد وازان خود مى افزايد تاجنانجه باول خود بود بآخرهم خود باشد. شيخ الاسلام فرموده كه الهى جلال وعزت توجاى اشارت نكذاشت محو واثبات توراه اضافت برداشت ازان من كاست وازان تو مى فزود بآخر همان شدكه باول بود ] محنت همه درنهاد آب وكل ماست ... بيش ازدل وكل جه بود آن حاصل ماست در عالم نيست خانه داشته ايم ... رفتيم بدان خانه كه سر منزل ماست { وعنده } تعالى { ام الكتاب } العرب تسمى كل ما يجرى مجرى الاصل اما ومنه ام الرأس للدماغ وام القرى لمكة اى اصله الذى لا يتغير منه شيء وهو ما كتبه فى الازل وهو العلم الازلى الابدى السرمدى القائم بذاته وقد احاط بكل شيء علما بلا زيادة ولا نقصان وكل شيء عنده بمقدار وهو لوح من القضاء السابق فان الالواح اربعة لوح القضاء السابق الخالى عن المحور والاثبات وهو لوح العقل الاول ولوح القدر اى لوح النفوس الناطقة الكلية التى يفصل فيها كليات اللوح الاول ويتعلق باسبابها وهو المسمى باللوح المحفوظ ولوح النفوس الجزئية السماوية التى ينتقش فيها كل ما فى هذا العالم بشكله وهيآته ومقداره وهو المسمى بالسماء الدنيا وهو بمثابة خيال العالم كما ان الاول بمثابة قلبه ثم لوح الهيولى القابل للصور فى عالم الشهادة وفى الواقعات المحمودية اعلم ان اللوح معنوى وصورى . فالصورى ثمانية عشر الفا اصغرها فى هذا التعين وهو قابل للتغير والتبدل وقوله تعالى { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } ناظر اليه . واما المعنوى فلا يقبل التغير والتبدل وليس له زمان ولا حجم وما ذكروا من ان اللوح ياقوتة حمراء اطرافه من زبرجد فهو اللوح الصودى . واما المعنوى ففى علم اللّه تعالى الازلى وهو لا يتغير ابدا وقد وقع الكل بارادة واحدة وفى الوجود الانسانى ايضا لوحان جزئيان معنوى وصورى فالمعنوى الجزئى باب اللوح المعنوى الكلى والصورى للصورى فالصورى ينكشف لا اكثر الاولياء واما المعنوى فلا يحصل الا لواحد بعد واحد . وفى موضع آخر منها جميع ما سوى اللّه تعالى مما كان وما سيكون من ارادة واحدة ازلية لا تكثر فيها ولا تغير ولا تبدل وهى المراد من قوله { ما يبدل القول لدى } واما قوله { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } فناظر الى تعلقات تلك الارادة الازلية التى هى من الصفات الحقيقية بالمحدثات على ما تقتضيه حكمته ومن جملتها افعال العبودية فتصدر منهم بارادتهم الحادثة واختبارهم الجزئى بمعنى انهم يصرفون اختيارهم الى جانب افعالهم فيخلقها اللّه سبحانه فالكسب منهم والخلق من اللّه فلا يلزم الجبر والاعمال اعلام فمن قدر له السعادة ختم بالسعادة ومن قدر له الشقاوة ختم بالشقاوة وفى الحديث ( ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها ) تنبيه على سببية العمل فى الجانبين حيث لم يقل فيسبق عليه الكتاب فيدخل النار او الجنة بل ذكر العمل ايضا كما لا يخفى على المتفطن واعلم ان اللّه تعالى علق كثيرا من العطايا على الاعمال الصالحة وامر العباد بها وفى الحديث ( الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ) وفى الاحياء ان قيل ما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له قلنا ان من جملة القضاء كون الدعاء سببا لرد البلاء واستجلاب الرحمة وصار كالترس فانه لما كان لرد السهم لم يكن حمله مناقضا للاعتراف بالقضاء فكذا الدعاء فقدر اللّه الامر وقدر سببه قال الحسن البصرى طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وقال علامة الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل فعلى العاقل ان يجتهد فى اعمال البر ويكف النفس عن الهوى الى ان يجيئ الاجل : قال الكمال الخجندى قدس سره بكوش تابكف آرى كليد كنج وجود ... كه بى طلب نتوان يافت كوهر مقصود ٤٠ { واما نرينك } فى حياتك يا افضل الرسل واصله وان نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط ومن ثمة الحقت النون بالفعل { بعض الذى نعدهم } اى مشركى مكة من العذاب والزلازل والمصائب والجواب محذوف اى فذاك شافيك من اعدائك بس از مرك آنكس نبايد كريست ... كه روزى بس ازمرك دشمن بزيست { او نتوفينك } اى نبض روحك الطاهرة قبل اراءة ذلك فلا تحزن { فانما عليك البلاغ } اسم اقيم مقام التبليغ كالاداء مقام التأدية اى تبليغ الرسالة واداء الامانة لا غير { وعلينا الحساب } اى مجازاتهم يوم القيامة لا عليك فننتقم منهم اشد الانتقام فلا يهمنك اعراضهم ولا تستعجل بعذابهم ونظيره قوله تعالى { فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون } يعنى لا يتخلصون من عذاب اللّه مت او بقيت حيا وفى التأويلات النجمية { واما نرينك } بالكشف والمشاهدة { بعض الذى نعدهم } وعندنا من العذاب والثواب قبل وفاتك كما كان صلّى اللّه عليه وسلّم يخبر عن العشرة المبشرة وغيرهم بدخولهم الجنة وقد اخبر السائل عن ابيه حين قال اين ابوك قال ( ابى وابوك فى النار ) وقال صلّى اللّه عليه وسلّم ( رأيت الجنة وفيها فلان ورأيت النار وفيها فلان ) { او نتوفينك } قبل ان نريك من احوالهم { فانما عليك البلاغ } فيما امرناك بتبليغه ولا عليك القبول فيما تقول { وعلينا الحساب } فى الرد والقبول انتهى وكأن الكفرة قالوا اين ما وعد ربك ان يريك فقال تعالى ٤١ { أو لم يروا انا نأتى الارض } اى يأتى امرنا ارض الكفرة { ننقصها من اطرافها } حال من فاعل نأتى او من مفعوله اى نفتح ديار الشرك بمحمد والمؤمنين به فما زاد فى بلاد الاسلام باستيلائهم عليها جبرا وقهرا نقص من ديار الكفرة واللّه تعالى اذا قدر على جعل بعض ديار الكفرة للمسلمين فهو قادر على ان يجعل الكل لهم أفلا يعتبرون { واللّه يحكم لا معقب لحكمه } محل لا مع المنفى النصب على الحال اى يحكم نافذا حكمه خاليا عن المعارض والمناقض وحقيقته الذى يعقب الشيء بالرد والابطال . والمعنى انه حكم للاسلام بالغلبة والاقبال وعلى الكفر بالادبار والانتكاس وذلك كائن لا يمكن تغييره { وهو سريع الحساب } فيحاسبهم عما قليل فى الآخرة بعد عذاب الدنيا من القتل والاجلاء يقول الفقير نقص الارض انما يكون بالفتح المبنى على الامر بالجهاد وانما فرض بالمدينة فالاظهر ان الآية مدنية لا مكية كما لا يخفى وكون السورة مكية لا ينافيه وقد تعرض من ذهب الى كونها مكية لاستثناء آيتين كما اشير اليهما فى عنوان السورة ولم يتعرض لهذه الآية والحق ما قلنا وقال بعضهم نقص الارض ذهاب البركة او خراب النواحى او موت الناس او موت العلماء والفقهاء والخيار وفى الحديث ( ان اللّه لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا ) وفى ذكر اذا دون ان اشارة الى انه كائن لا محالة بالتدريج وقال سلمان رضى اللّه عنه لا يزال الناس بخير ما بقى الاول حتى يتعلم الآخر فاذا هلك الاول ولم يتعلم الآخر هلك الناس وقال ابن المبارك ما جاء فساد هذه الامة الا من قبل الخواص وهم خمسة العلماء والغزاة والزهاد والتجار والولاة اما العلماء فهم ورثة الانبياء واما الزهاد فعماد الارض واما الغزاة فجند اللّه فى الارض واما التجار فامناء اللّه فى الامة واما الولاة فهم الرعاة فاذا كان العالم للدين واضعا وللمال رافعا فبمن يقتدى الجاهل واذا كان الزاهد فى الدنيا راغبا فبمن يقتدى التائب واذا كان الغازى طامعا فكيف يظفر بالعدو واذا كان التاجر خائنا فكيف تحصل الامانة واذا كان الراعى ذئبا فكيف تحصل الرعاية نكند جور يبشه سلطانى ... كه نيايد ذكرك جوبانى والاشارة { أو لم يروا انا نأتى الارض } البشرية { ننقصها من ارطافها } من اوصافها بالازدياد فى اوصاف الروحانية وارض الروحانية ننقصها من اخلاقها بالتبديل بالاخلاق الربانية وارض العبودية ننقصها من آثار الخليقة باظهار انوار الربوبية { واللّه يحكم } من الازل الى الابد { لا معقب } لا مقدم ولا مؤخر ولا مبدل { لحكمه وهو سريع الحساب } فيما قدر ودبر وحكم فلا يسوغ لاحد تغيير حكم من احكامه ٤٢ { وقد مكر الذين من قبلهم } تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اى مكر الذين قبل مشركى مكة بانبيائهم والمؤمنين بهم كما مكر اهل مكة بمحمد عليه السلام ومكرهم ما اخفوه من تدبير القتل والايذاء بهم مكر نمرود بابراهيم عليه السلام وبنى الصرح وقصد السماء ليقتل رب ابراهيم ومكر فرعون بموسى عليه السلام واليهود بعيسى عليه السلام وثمود بصالح عليه السلام كما قالوا لنبيتنه واهله اى لنقلهم ليلا ومكر كفار مكة فى دار الندوة حين ارادوا قتل النبى صلّى اللّه عليه وسلّم { فلله المكر جميعا } مكر اللّه اهلا كهم من حيث لا يشعرون شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة وفى الكواشى اسباب المكر وجزاؤه بيد اللّه لا يغلبه احد على مراده فيجازيهم جزاء مكرهم وينصر انبياءه ويبطل مكر الكافرين اذا هو من خلقه فالمكر جميعا مخلوق له ليس يضر منه شئ الا باذنه ثم بين قوة مكره وكماله بقوله { يعلم ما تكسب كل نفس } من خير وشر فيعد جزاءها وفى التأويلات النجمية فى اهل كل زمان وقرن مكروهم يمكرون به فلله المكر جميعا فانه مكر بهم ليمكروا بمكره مكرا مع اهل الحق ليبتليهم اللّه بمكرهم ويصبروا على مكرهم ثقة باللّه انه هو خير الماكرين : وفى المثتوى مرضعيفا نرا توبى خصمى مدان ... از نبة اذ جاء اللّه بخوان كردخود جون كرم بيله برمتن ... بهر خودجه ميكنى اندازه كن كرتوبيلى خصم تواز تورميد ... نك جزا طيرا ابابيلت رسيد كرضعيفى درزمين خواهدامان ... غلغل افتد درسياه آسمان كربدندانش كزى برخون كنى ... درددندانت بكيرد جون كنى { وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار } من الفريقين حيثما يأتيهمك العذاب المعد لهم وهم فى غفلة منه واللام تدل على ان المراد بالعقبى العاقبة المحمودة والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها ان يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقى الملائكة بالبشرى عند الموت ودخول الجنة قال سعدى المفتى ثم لا يبعد ان يكون المراد واللّه اعلم وسيعلم الكفار من يملك الدنيا آخرا فاللام للمك انتهى فينبغى للمؤمن ان يتوكل على المولى ويعتمد على وعده ويوافقه باستعجال ما هجله واستئجال ما اجله وكما انه تعالى نصر رسوله فكان ما كان كذلك ينصر من نصر رسوله فى كل عصر وزمان فيجعله غالبا على اعدائه الظاهرة والباطنة- روى - انه عليه السلام امر فى غزوة بدر ان يطرح جيف الكفار فى القليب وكان اذا ظهر على قوم اقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان اليوم الثالث امر عليه السلام براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه اصحابه حتى وقف على شفة القليب وجعل يقول ( يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعد اللّه ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدنى اللّه حقا ) فقال عمر رضى اللّه عنه يا رسول اللّه كيف تكلم اجسادا لا روح فيها فقال عليه السلام ( ما انتم باسمع لما اقول منهم ) وفى رواية ( لقد سمعوا ما قلت غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيئا ) وعن قتادة رضى اللّه عنه احياهم اللّه حتى سمعوا كلام رسول اللّه توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة وكان ابو لهب قد تأخر فى مكة وعاش بعد ان جاء الخبر عن مصاب قريش ببدر اياما قليلة ورمى بالعدسة وهى بثرة تشبه العدسة من جنس الطاعون فقتله فلم يحفروا له حفيرة ولكن اسندوه الى حائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه لان العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها ويرون انها تعدى اشد العدوى فلما اصابت ابا لهب تباعد عنه بنوه وبقى بعد موته ثلاثا لا يقرب جنازته ولا يحاول دفنه حتى انتن فلما خافوا السبة اى سب الناس لهم فعلوا به ما ذكر وفى رواية حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه فوجد جزاء مكره برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكانت عائشة رضى اللّه عنها اذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها ال فى النور وهذا القبر الذي يرجم خارج باب شبيكة الآن ليس بقبر ابى لهب وانما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة وذلك فى دولة بنى العباس فان الناس اصبحوا ووجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا للفاعل فامسكوهما بعد ايام فصلبا فى ذلك الموضع فصارا يرجمان الى الآن فهذا جزاؤهما فى الدنيا وقد مكر اللّه بهما بذلك فقس على هذا جزاء من استهزأ بدين اللّه واهل دينه من العلماء الاخيار والاتقياء الابرار وقد مكر بعض الوزراء بحضرة شيخى وسندى فى اواخر عمره فاماته اللّه قبله بايام فرؤى فى المنام وهو منكوس الرأس لا يرفعها حياء مما صنع بحضرة الشيخ اللهم احفظنا واعصمنا من سوء الحال وسيآت الاعمال ٤٣ { ويقول الذين كفروا } يعنى مشركى مكة او رؤساء اليهود فتكون الآية مدنية { لست } يا محمد { مرسلا } فيه اشراة الى ان من يقول للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم انه ليس مرسلا من اللّه كما قالت الفلاسفة انه حكيم وليس برسول فقد كفر قال فى هدية المهديين اما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الانبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل وخواجه بيغمبران { قل كفى باللّه } الباء دخلت على الفاعل { شهيدا } تمييز { بينى وبينكم } [ بآنكه من بيغمبر بشما ] والمراد بشهادة اللّه تعالى اظهارا المعجزات الدالة على صدقة فى دعوى الرسالة { من عنده ام الكتاب } وهو الذى علمه اللّه القرآن وعلمه البيان واراه آيات القرآن ومعجواته فبذلك علم حقية رسالته وشهد بها وهم المؤمنون فالمراد بالكتاب القرآن وعن عبد اللّه بن سلام ان هذه الآية نزلت فى فالمراد به التوراة فان عبد اللّه بن سلام واصحابه وجدوا نعته عليه السلام في كتابهم فشهدوا بحقيه رسالته وكانت شهادتهم ايضا قاطعة لقول الخصوم واعلم ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ارسل الى الخلق كافة الانس والجن والملك والحيوان والنبات والحجر : قال العطار قدس سره داعى ذرات بود آن باك ذات ... در كفش تسبيح ازان كفتى حصات وفى المثنوى سنكها اندر كف بوجهل بود ... كفت اى احمد بكواين جيست زود كررسولى جيشت درمشتم نهان ... جون خبر دارى زراز آسمان كفت جون خواهى بكويم آن جهاست ... يابكويند آنكه ما حقيم وراست كفت بوجهل اين دوم نادرترست ... كفت آرى حق ازان قادر ترست اوميان مشت اوهر باره سنك ... درشهادت كفتن آمد بى درنك لا اله كفت والا اللّه كفت ... كوهر احمد رسول اللّه سفت جون شنيد از سنكها بوجهل اين ... زد زخشم آن سنكهارا برزمين وقد اخذ اللّه تعالى بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء اللّه من خواص عباده ولو لم يكن سر الحياة اريا فى جميع العالم لما سبح الحصى ونحوه وقد ورد ( ان كل شئ سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ) ولا يشهد الا من كان حيا عالما وكذا لا يحب الا من كان كذلك وقد ورد فى حق جبل احد قوله عليه السلام ( احد يحبنا ونحبه ) ثم ان الاكوان مملوءة من اعلام الرسالة وشواهد النبوة ولقد خلق اللّه العرش الذى هو اول الاجسام واعظمها فكتب عليه قبل كل شئ الكلمة الطيبة كما روى ان آدم عليه السلام لما اقترف الخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد الا غفرت قال وكيف عرفت محمدا قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فعلمت انك لم تضف الى اسمك الا احب الخلق اليك قال صدقت يا آدم انه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فسكن وعن بعضهم رأيت فى جزيرة شجرة عظيمة لها ورق كبير طيب الرائحة مكتوب عليه بالحمرة والبياض فى الخضرة كتابة واضحة خلقة ابدعها اللّه بقدرته فى الورقة ثلاثة اسطر الاول لا اله الا اللّه والثانى محمد رسول اللّه والثالث ان الدين عند اللّه الاسلام وفى الواقعات المحودية كل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا كلمة لا اله الا اللّه فانه غير قابل فمعناه متحقق وان لم يتكلم به احد |
﴿ ٠ ﴾