سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

مَكِّيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وخَمْسُونَ آيَةً

١

{ الر } يشير بالالف الى القسم بآلائه ونعمائه وباللام الى لطفه وكرمه وبالراء الى القرآن يعنى قسما بآلائى ونعمائى ان صفة لطفى وكرمى اقتضت انزال القرآن وهو كتاب الخ كما فى التأويلات النجمية وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره اهل السلوك يعرفون المتشابهات على قدر مرتبتهم فمثل قوله تعالى

{ ق } و

{ ن } اشارة الى مرتبة واحدة فى ملك وجوده ومثل

{ حم } اشارة الى مرتبتين ومثل

{ الم . الر } اشارة الى ثلاث مراتب ومثل

{ كهيعص . وحمعسق } اشارة الى خمس مراتب . وفى البعض اشارة الى سبع مراتب فقوله عليه السلام ( ان للقرآن ظهرا وبطنا ) لا يعرفه غير اهل السللوك وما ذكره العلماء تأويله لا تحقيقه فمثل القاضى وصاحب الكشاف سلوكهم من جهة اللفظ لا المعنى وكان فى تفسير القاضى روحانية لكنه بدعاء عمر النسفى صاحب تفسير التيسير والمنظومة فى الفقه وكان هو مدرس الثقلين - روى - ان شخصا رأى الامام عمر النسفى بعد موته فى المنام فقال كيف كان سؤال منكر ونكير فقال رد اللّه الى روحى فسألانى لهما اخبركما فى رد الجواب نظما او نثرا فقالا قل نظما فقلت

ربى اللّه لا اله سواه ... ونبيى محمد مصطفاه

دينى الاسلام وفعلى ذميم ... اسأل اللّه عفوه وعطاه

فانتبه ذلك الشخص من المنام وقد حفظ البيتين

يقول الفقير علم الحروف المقطعة من نهايات علوم الصوفية المحققين فانهم انما يصلون الى هذا العلم الجليل بعد اربعين سنة من اول السلوك بل اول الفتح فهو من الاسرار المكتوبة وى بد لطالبه من الاجتهاد الكثير على يدى انسان كامل : قال الكمال الحنجدى قدس سره

كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكوكن جه سوداز خواندن اسما

بنا اهل ارنشان دادى كمال ازخاك دركاهش ... كشيدى كحل بنيانى ولى درجسم نابينا

قال الكاشفى [ درشرح تأويلات ازامام ما تريدى مذكوراست كه حروف مقطعه ابتلاست مرتصديق مؤمن وتكذيب كافررا وخداى تعالى بندكانرا بهرجه ميخواهد امتحان كند ]

{ كتاب } اى القرآن المشتمل على هذه السورة وغيرها فهو خبر مبتدأ محذوف

وفى تفسير الكاشفى [ جمعى برآنندمه اين حروف اسامى قرآنندوبدين وجه توان كفت كه الريعنى قرآن كتاب ]

{ انزلناه اليك } يا محمد بواسطة جبرائيل حال كونه حجة على رسالتك باعجازه يناسب قوله تعالى فيما بعد

{ ولقد ارسلنا موسى بآياتنا } ثم بين المصلحة فى انزال الكتاب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله

{ لتخرج الناس } كافة بدعائك وارشادك اياهم الى ما تضمنه الكتاب من العقائد الحقة والاحكام النافعة

{ من الظلمات الى النور } اى من انواع الضلالة الى الهدى ومن ظلمة الكفر والنفاق والشك والبدعة الى نور الايمان والاخلاص واليقين ومن ظلمة الكثرة الى نور الوحدة ومن ظلمة حجب الافعال واستار الصفات لى نور وحدة الذات ومن ظلمة الخلفية الى نور تجلى صفة الربوبية وذلك ان اللّه تعالى خلق عالم الآخرة وهو عالم الارواح من النور وجعل زبدته روح الانسان وخلق عالم الدنيا وهو عالم الاجسام وجعل زبدته جسم الانسان وكما انه تعالى جعا عالم الاجسام حجابا لعالم الارواح جعل ظلمات صفات جسم الانسان حجابا لنور صفات روح الانسان وجعل العالمين بظلماتهما وانوارهما حجابا صفة الوعيته كما قال صلى اللّه عليه وسلم

( ان لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفت لاحترقت سبحات وجه ما انتهى اليها بصره ) وما جعل اللّه لنوع من انواع الموجودات استعدادا للخروج من هذه الحجب الا للانسان لا يخرج منها احد الا بتخريجه اياه منها واختص المؤمن بهذه الكرامة كما قال اله تعالى

{ واللّه ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } فجعل النبى صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن من اسباب تخريج المؤمنين من حجب الظلمات الى النور

{ باذن ربهم } اى بخوله وقوته اى لا سبيل له الى ذلك الا له وانما قال ربهم لانه تعالى مربيهم وما قال باذن ربك ليعلم ان هذه التربية من اللّه لا من النبى عليه السلام كذا فى التأويلات النجمية

وقال اهل التفسير الباء متعلق بتخرج اى تخرج منها اليه لكن لا كيف ما كان فانك لا تهدى من احببت بل باذن ربهم فانه لا يهتدى مهتد الا باذن ربه اى بتيسيره وتسهيله ولما كان الاذن من اسباب التيسير اطلق عليه فان التصرف فى ملك الغير متعذر فاذا اذن تسهل وتيسر

واعلم ان الدعوة عامة والهداية خاصة كما قال تعالى

{ واللّه يدعو الى دار السلام ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم } واذن اللّه شامل لجميع الناس فى الظلمات اذ المقصود من ايجاد العوالم وانشاء النشآت كلها ظهور الانسان الكامل وقد حصل وهو الواحد الذى كالالف وهو السواد الاعظم فى تقتضى الحكمة اتفاق الكل على الحق لان اللّه تعالى جمالا وجلالا لا بد لكليهما من اثر

دركارخانه عشق ز كفرنا كزيرست ... آتش كرا بسوزد كر بولهب نباشد

{ الى صراط العزيز الحميد } بدل من قوله الى النور بتكرير العامل واضافة الصراط الى العزيز وهو اللّه على سبيل التعظيم له والمراد دين الاسلام فانه طريق موصل الى الجنة والقربة ووالوصلة والعزيز الغالب الذى ينتقم لاهل جينه من اعدائهم والحميد المحمود الذى يستوجب بذلك الحمد من عباده

وفيه اشراة الى ان العبور على الظلمات الجسمانية والنوار الروحانية هو الطريق الى اللّه تعالى وهو العزيز الذى لا يصل العبد اليه الا بالخروج من هذه الحجب وهو الحميد الذى يستحق من كمالية جماله وجلاله ان يحتجب العزة والكبرياء والعظمة

٢

{ اللّه } بالجر عطف بيان للعزيز الحميد لنه علم اللذات الواجب الوجود الخالق للعالم

{ الذى له ما فى السموات وما فى الارض } من الموجودات من العقلاء وغيرهم

وفيه اشارة الى ان سير السائرين الى اللّه لا ينتهى بالسير فى الصفات وهى العزيز الحميد وانما ينتهى بالسير فى الذات وهو اللّه فالمكونات افعاله فمن بقى فى افعاله لا يصل الى صفاته ومن بقى فى صفاته لا يصل الى ذاته ومن وصل الى ذاته وصولا للا اتصال ولا انفصال بل وصولا بالخروج من انانيته الى هويته تعالى ينتفع فى صفاته وافعاله : قال الكمال الحنجدى قدس سره

وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست ازهمه ببر يدنست

وقال المولى الجامى قدس سره

سبحاتك لا علم لنا الا ما ... علمت والهمت لنا الهاما

مارا برهان زما وآكاهى ده ... از سر معينى كه دارى با ما

{ وويل } الويل الهلاك

وقال الكاشفى [ رنج ومشقت ] وهو مبتدأ خبره قوله

{ للكافرين } بالكتاب واصله النصب كسائر المصادر الا انه لم يشتق منه فعل لكنه عدل به الى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه فيقال ويل لهم كسلام عليكم

{ من عذاب شديد } من لتبيين الجنس صفة لويل او حال من ضميره فى الخبر او ابتدائية متعلقة بالويل على معنى انهم يولون من عذاب شديد ويضجون منه ويقولن يا ويلاه كقوله تعالى { دعوا هنالك ثبورا }

٣

{ الذين يستحبون الحيوة الدنيا على الآخرة } محل الموصول الجر على انه بدل من الكافرين او صفة له . والاستحباب استفعال من المحبة . والمعنى يختارون الحياة الدينا ويؤثرونها على الحياة الآخرة الابدية فان المؤثر لشئ على غيره كأنه يطلب من نفسه ان يكون احل اليها وافضل عندها من غيره

قال ابن عباس رضى اللّه عنهما يأخذون ما تعجل فيها تهاونا بامر الآخرة وهذا من اوصاف الكافر الحقيقى فانه يجد ويجتهد فى طلب الدنيا وشهواتنا ويترك الآخرة باهمال السعى فى طلبها واحتمال الكلفة والمشقة فى مخالفة هوى النفس وموافقة الشرع فينبغى للمؤمن الحيقيى ان لا يرضى باسم الاسلام ولا يقنع بالايمان التقليدى فانه لا يخلو عن الظلمات بخلاف الايمان الحقيقى ان لا يرضى فانه نور محض وليس فيه تغيير اصلا

كى سه كردد زآتش روى خوب ... كونهد كلكونه از تقوى القلوب

{ ويصدون عن سبيل اللّه } اى ويمنعون الناس عن قبول دين الله

وفيه اشارة الى ان اهل الهوى يصرفون وجوه الطالبين عن طلب اللّه ويقطعون عليهم طريق الحق فى صورة النصيحة ويلومون الطلاب على ترك الدنيا والعزلة والعزوبة والانقطاع عن الخلق للتوجه الى الحق

{ ويبغونها } اى ويبغون لها فحذف الجار واوصل الفعل الى الضمير اى يطلبون لها

{ عوجا } زيغا واعوجاجا اى يقولون لمن يريدون صده واضلاله انها سبيل ناكبة وزائغة غير مستقيمة [ يعنى اين راه كج است وبمنزل مقصود نميرسد ] والزيغ الميل عن الصواب والنكوب والاعراض

{ اولئك } الموصوفون بالقبائح المذكورة

{ فى ضلال بعيد } اى ضلوا عن طريق الحق ووقعوا عنه بمراحل والبعد فى الحقيقة من احوال الضال لانه هو الذى يتباعد عن الطريق فوصف به فعله مجازا للمبالغة وفى جعل الضلال محيطا بهم احاطة الظرف بما فيه ما لا يخفى من المبالغة وليس فى طريق الشيطان فوق من هو ضال ومضل كما انه ليس فى طريق الرحمن فوق من هو مهتد وهاد وقد اشير الى كليهما فى الآيات فان انزال الكتاب على رسول اللّه اشارة الى اهتدائه به كما قال تعالى فى مقام الامتنان

{ ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان } وقوله لتخرج صريح فى هدايته وارشاده ولكل وارث من ورثته الاكملين حظ او فى من هذين المقامين وهم المظاهر للاسم الهادى وقوله تعالى يستحبون ويصدون اشارة الى الضلال والاضلال وهم ورثة الشيطان فى ذلك اى المظاهر للاسم المضل

فعلى العاقل ان يحقق ايمانه بالذكر الكثير وينقطع من الدنيا وما فيها الى العليم الخبير

وسئل سلطان العارفين ابو يزيد البسطامى قدس سره عن السنة والفريضة فقال السنة ترك الدنيا والفريضة الصحبة مع المولى لان السنة كلها تدل على ترك الدنيا والكتاب كله يدل على صحبة المولى فمن عمل بالسنة والفريضة فقد كملت النعمة فى حقه ووجب عليه الشكر الكثير شرفنا اللّه واياكم بالسلوك الى طريق الاخيار والابرار

٤

{ وما ارسلنا من رسول } [ درزاد المسير آورده كه قريش ميكفتند جه حالتست كه همه كتب منزل بلغة عجمى فرود آمده وكتابى كه بمحمد مى آيد عربيست آيت آمدكه ]

{ وما ارسلنا من رسول } { الا } ملتبسا

{ بلسان قومه } لفظ اللسان يستعمل فيما هو بمعنى العضو وبمعنى اللغة والمراد هنا هو الثانى اى بلغة قومه الذين هو منهم وبعث فيهم [ يعنى كروهى كه اواز ايشان زاده ومبعوث شده بديشان جه هربيغمبرى را اول دعوت نزديكان خود بايد كرد ] ويدل على قوله تعالى

{ والى عاد اخاهم هودا والى ثمود اخاهم صالحا } ونحو ذلك ولا ينتقض بلوط عليه السلام فانه تزوج منهم وسكن فيما بينهم فحصل المقصود الذى هو معرفة قومه بلسانه وديانته . وعمم المولى ابو السعود حيث قال الا ملتبسا بلسان قومه متكلما بلغة من ارسل اليهم من الامم المتفقة على لغة سواء بعث فيهم ام لا انتهى

{ ليبين } كل رسول

{ لهم } اى لقومه ما دعوا اليه وامروا بقبوله فيفقهوه عنه بسهولة وسرعة ثم ينقلوه يوترجموه لغيرهم فانهم اولى الناس بان يدعوهم واحق بان ينذرهم ولذلك امر النبى عليه السلام بانذار عشيره اولا ولقد كثرتها استقل ذلك بنوع من الاعجاز لكن ادى الى التنازع واختلاف الكلمة وتطرق ايدى التحريف واضاعة فضل الاجتهاد فى تعلم الالفاظ ومعانيها والعلوم المتشبعة منها وما فى اتعاب النفوس وكذا القرائح فيه من القرب والطاعات المقتضية لجزيل الثواي وايضا لما جعله اللّه تعالى سيد الانبياء وخيرهم واشرفهم وشريعته خير الشرائع واشرفها وامته خير الامم وافصلهم اراد ان يجمع امته على كتاب واحد منزل بلسان هو سيد الالسنة واشرفها وافضلها اعطاء للاشرف الاشرف وذلك هو اللسان العربى الذى هو لسان قومه ولسان اهل الجنة فكان سائر الالسنة تابعا له كما ان الناس تابع للعرب مع ما فيه من الغنى عن النزول بجميع الالسنة لان الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل اى بعث الرسل الى الاطراف يدعونهم الى اللّه ويترجمون الى اللّه ويترجمون لهم بألسنتهم يقال ترجم لسانه اذا فسره بلسان آخر ومنه الترجمان كما فى الصحاح

قال فى انسان العيون اما قول اليهود او بعضهم وهم العيسوية طائفة من اليهود اتباع عيسى الاصفهانى انه عليه السلام انما بعث للعرب خاصة دون بنى اسرائيل وانه صادق ففاسد لانهم اذا اسلموا انه رسول اللّه وانه صادق لا يكذب لزمهم التناقض لانه ثبت بالتواتر عنه انه رسول اللّه لكل الناس ثم قال ولا ينافيه قوله تعالى

{ وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه } لانه لا يدل على اقتصار رسالته عليهم بل على كونه متكلما بلغتهم ليفهموا عنه اولا ثم يبلغ الشاهد الغائب ويحصل الافهام لغير اهل تلك اللغة من الاعاجم بالتراجم الذين ارسلوا اليهم فهو صلّى اللّه عليه وسلّم مبعوث الى الكافة وان كان هو وكتابه عربيين كما ان موسى وعيسى عليهما السلام مبعوثين الى بنى اسرائيل بكتابيهما العبرانى وهو التوراة والسريانى وهو الانجيل مع ان من جملتهم جماعة لا يفهمون بالعبرانية ولا بالسريانية كالاورام فان لغتهم اليونانية انتهى

ةاحاصل ان الارشاد لا يحصل الا بمعرفة اللسان -جكى- ان اربعة رجال عحمى وعربى وتركى ورومى وجدزا فى الطريق درهما فاختلفوا فيه فلم يفهم واحد منهم مراد الآخر فسالهم رجل آخر يعرف الالسنة فقال للعربى اى شيء تريد وللعجمى [ جه ميخواهى ] وللتركى ( نه استرسين ) وعلمان مراد الكل ان يأخذوا بذلك الدرهم عنبا ويأكلوه فاخذ هذا العارف الدرهم منهم واشترى لهم عنبا فارتفع الخلاف من بينهم بسبب معرفة ذلك الرجل لسانهم -وحكى- ان بعض اهل الانكار الحوا على بعض من المشايخ الاميين ان يعظ لهم باللسان العربى تعجيزا له وتفضيحا فحزن لذلك فراى فى المنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يأمره لما التمسوا منه من الوعظ فاصبح متكلما بذلك اللسان وحقق القرآن بحقائق عجزوا عنها وقال امسيت كرديا واصبحت عربيا : وفى المثنوى

خويش را صافى كن ازا اوصاف خويش ... تاببينى ذات باك صاف خويش

بينى اندر دل علوم انبيا ... بى كتب وبى معيد واوستا

سر امسينا لكرديا بدان ... راز اصبحنا عرابيا بخوان

{ فيضل اللّه من يشاء } اضلاله اى يهلق فيه الكفر والضلال لمباشرة الاسباب المؤدية اليه

قال الكاشفى [ بس كمراه كرداند خداى تعالى هركه راخواهد يعنى فرو كذاردتا كه كمراه شود ] والفاء فضيحة مثلها فى قوله تعالى

{ فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق } كأنه قيل فبينوه لهم فاضل اللّه منهم من شاء اضلاله لما لا يليق الا به

{ ويهدى من يشاء } هدايته اى يخلق فيه الايمان والاهتداء لاستحقاقه لما فيه من الانابة والاقبال الى الحق

قال الكاشفى [ وراه نمايد هركه را خواهد يعنى توفيق درهدتاراه يابد ]

{ وهو العزيز } الغالب على كل شيء فلا يغالب فى مشيئته

{ الحكيم } الذى لا يفعل شيأ من الاضلال والهداية الا لحكمة بالغة وفيه ان ما فوض الى الرسل انما هو تبليغ الرسالة وتبيين طريق الحق

واما الهداية والارشاد فذلك بيد اللّه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد

وفى التأويلات النجمية

{ وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه } اى ليتكلم معهمبلسان عقولهم

{ ليبين لهم } الطريق الى اللّه وطريق الخروج من ظلمات انانيتهم الى نور هويته

{ فيضل اللّه من يشاء } فى انانيته

{ ويهدى من يشا بالخروج } الى هويته

{ وهو العزيز } اى هو اعز من ان يهدى كل واحد الى هويته

{ الحكيم } بان يهدى من هو المستحق للهداية اليه فمن هذا تحقق انه تعالى هو الذى يخرجهم من الظلمات الى النور لا غيره انتهى

فعلى العاقل ان يصرف اختياره فى طريق الحق ويجتهد فى الخروج من بواد الانانية فقد بين اللّه الطريق وارشد الى الاسباب فلم يبق الا الدخول والانتساب

قال بعض الكبار النظر الصحيح يؤدى الى معرفة الحق وذلك بالانتقال من معلوم الى معلوم الى ان ينتهى الى الحق لكن طريق التصور والفكر واهله لا يتخلص من الانانية والاثينية

واما المطاشفة فليس فيها الانتقال المذكور وطريقها الذكر الا ترى الى قوله تعالى

{ الذين يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم وينفكرون فى خلق السموات والارض } كيف قدم الذكر على الفكر فالطريقة الاولى طريقة الاشراقيين والثانية طريقة الصوفية المحققين

قال الاملم الغزالى كرم اللّه وجهه من عرف اللّه بالجسم فهو كافر ومن عرف اللّه بالطبيعة فهو ملحد ومن عرف اللّه بالنفس فهو زنديق ومن عرف اللّه بالعقل فهو حكيم ومن عرف اللّه بالقلب فهو صديق ومن عرف اللّه بالسر فهو موقن ومن عرف اللّه بالروح فهو عارف ومن عرف اللّه بالخفى فهو مفرد ومن عرف اللّه باللّه فهو موحد اى بالتوحيد الحقيقى

طالب توحيدرا بايد قدم بر ( لا ) زدن ... بعد زان در عالم وحدث دم ( الا ) زدن

رنك وبويى ازحقيقت كربدست آورده ... جون كل صد برك بايد خيمه بر صحر ازدن

وانما منع الاغيار من شهود الآثار غيرة من اللّه العزيز القهار

معشوق عيان ميكذرد برتو وليكن ... اغيار همى بيند ازان بسته نقابست

ومعنى الوجدة الحاصلة بالتوحيد زوال الوجود المجازى الموهم لللاثنينية وظهور الوجود الحقيقى على ما كان عليه

هرموج ازين محيط انا البحر ميزند ... كرصد هزاردست بر آيد دعا يكيست

حققنا اللّه واياكم بحقائق التوحيد ووصلنا واياكم الى سر التجريد وجعلنا من المهديين الهادين والى طريق الحق داعين

٥

{ ولقد ارسلنا موسى } ملتبسا

{ بآياتنا } يعنى اليد والعصا وسائر معجزاته الدالة على صحة نبوته

{ ان } مفسرة لمفعول مقدر للفظ دال على معنى القول مؤد معناه اى ارسلناه بامر هو

{ اخرج قومك من الظلمات } من انواع الضلال التى كلها ظلمات محض كالكفر والجهالة والشبهة ونحوها

{ الى النور } الى الهدى كالايمان والعلم واليقين وغيرها

وقال المولى ابو السعود رحمه اللّه الآيات معجزاته التى اظهرها لبنى اسرائيل والمراد اخراجهم بهد مهلك فرعون من الكفر والجهالات التى ادتهم الى ان يقولوا يا موسى اجعل لنا الها كمالهم آلهة الى الايمان باللّه وتوحيده وسائر ما امروا به انتهى

يقول الفقير قد تقرر ان القرآن يفسر بعضه بعضا فقوله تعالى

{ ولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين الى فرعون وملئه } ينادى باعلى صوته على ان المراد بالآيات غير التوراة وبالقوم القبط وهو فرعون واتباعه وان الآية محمولة على اول الدعوة ولما كان رسولنا صلّى اللّه عليه وسلّم مبعوثا الى الكافة قال اللّه تعالى فى حقه

{ لتخرج الناس } ولم يقل لتخرج قومك كما خصص وقال هنالك

{ باذن ربهم } وطواه هنا لان الاخلاج بالفعل قد تحقق فى دعوته عليه السلام فكان امته امة دعوة واجابة ولم يتحقق فى دعوة موسى اذا لم يجبه القبط الى ان هلكوا او ان اجابه بنو اسرائيل والعمدة فى رسالته كان القبط ومن شأن الرسول تقديم الانذار حين الدعوة كما قال نوح عليه السلام فى اول الامر

{ انى لكم نذير مبين } ولذا وجب حمل قوله تعالى

{ وذكرهم بايام اللّه } على التذكير بالوقائع التى وقعت على الامم الماضية قبل قوم نوح وعاد وثمود . والمعنى وعظمهم وانذرهم ما كان فى ايام اللّه من الوقائع ليحذروا فيؤمنوا كما يقال رهبوت خير من رحموت اى لان ترهب خير من ان ترحم وايام العرب ملاحمها وحروبها كيوم حنين ويوم بدر وغيرهما

وقال بعضهم ذكرهم نعمائى ليؤمنوا بى كما روى ان اللّه تعالى اوحى الى موسى ان حببنى الى عبادى فقال يا رب كيف احببك الى عبادك والقلوب بيدك فاوحى اللّه تعالى ان ذكرهم نعمائى ومن هنا وجب الكلام عند الكلام بما يرجح رجاءه فيقال لا تحزن فقد وشك اللّه للحج او للغزو او لطلب العلم او نحو ذلك من وجوه الخير ولو لم يرد بك خيرا لما فعله فى حقك فهذا تذكير أى تذكير وايام اللّه فى الحقيقة هى التى كان اللّه ولم يكن معه شيء من ايام الدنيا ولا من ايام الآخرة

فعلى السالك ان يتفكر ثم يتذكر كونه فى مكنون علم اللّه تعالى ويخرج من الوجود المجازى المقيد باليوم والليل ويصل الى الوجود الحقيقى الذى لا يوم عنده ولا دليل

{ ان فى ذلك } اشارة الى ايام اللّه

{ لآيات } عظسمة او كثيرة دالة على وحدانية اللّه وقدرته وعلمه وحكمته

{ لكل صبار } مبالغ فى الصبر على طاعة اللّه وعلى البلايا

{ شكور } مبالغ فى الشكر على النعم والعطايا كأنه قال لكل مؤمن كامل اذ الايمان تصفيان نصفه صبر ونصفه شكر وتخصيص الآيات بهم لانهم المنتفعون بها لا لانها خافية عن غيرهم فان التبيين حاصل بالنسبة الى الكل وتقديم الصبر لكون الشكر عاقبته آخر هركريه آخر خنده ايست فالمنذرون المذكرون بالكسر صبروا على الاذى والبلاء فظفروا والعاقبة للمتقين والمنذرون المذكرون بالفتح تمادوا فى الغى والضلال فهلكوا ألا بعدا للقوم الظالمين : وفى المثنوى

عاقل ازسر بنهد ان هستى وباد ... جون شنيد انجام فرعونان وعاد

ورنه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از اضلال او

٦

{ واذ قال موسى لقومه } اى اذكر للناس يا افضل المخلوق وقت قول موسى لقومه وهم بنوا اسرائيل والمراد بتذكير الاوقات تذكير ما وقع فيها من الحوادث المفصلة اذ هى محيطة بذلك فاذا ذكرت ذكر ما فيها كانه مشاهد معاين

{ اذكروا نعمة اللّه عليكم اذ انجيكم من آل فرعون } اى انعامه عليكم وقت انجائه اياكم من فرعون واتباعه واهل دينه وهم القبط

{ يسومونكم سوء العذاب } استئناف لبيان انجائهم او حال من آل فرعون

قال فى تهذيب المصادر [ السوم : جشانيدن عذاب وخوارى ] قال اللّه تعالى

{ يسومونكم سوء العذاب } انتهى

وفى بحر العلوم من سام السلعة اذا طلبها والمعنى . يذيقونكم او يبغونكم شدة العذاب ويريدونكم عليه والسوء مصدر ساء يسوء وهو اسم جامع للآفات كما فى التبيان والمراد جنس العذاب السيئ او استعبادهم واستعمالهم فى الاعمال الشاقة والاستهانة بهم وغير ذلك مما لا يحصر

{ ويذبحون ابناءكم } المولودين من عطف الخاص على العام كان التذبيح لشدته وفظاعته وخروجه عن مرتبة العذاب المعتاد جنس آخر ولو جاء بحذف الواو كما فى البقرة والاعراف لكان تفسيرا للعذاب وبيانا له وانما فعلوا لان فرعون رأى فى المنام ان نارا اقبلت من نحو بيت المقدس فاحرقت بيوت القبط دون بيوت بنى اسرائيل فخوفه الكهنة وقالوا له انه سيولد منهم ولد يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فشمر عن ساق الاجتهاد وحسر عن ذراع العناد واراد ان يدفع القضاء وظهوره ويأبى اللّه الا ان يتم نوره

صعوه كه باعقاب سازد جنك ... دهد از خون خود برش را رنك

{ ويستحيون نساءكم } اى يبقون نساءكم وبناتكم فى الحياة للاسترقاق والاستخدام وكانوا يفردون النساء عن الازواج وذلك من اعظم المضار والابتلاء اذ الهلاك اسهل من هذا

{ وفى ذلكم } اى فيما ذكر من افعالهم الفظيعة

{ بلاء من ربكم عظيم } اى محنة عظيمة لا تطاق

فان قلت كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم

قلت اقدار اللّه اياهم وامهالهم حتى فعلوا ما فعلوا ابتلاء من اللّه ويجوز ان يكون المشار اليه الانجاء من ذلك والابتلاء بالنعمة كما قال تعالى

{ ولنبلونكم بالشر والخير فتنة } واللّه تعالى يبلو عباده بالشر ليصبروا فيكون محنة بالخير ليشكروا فيكون نعمة

٧

{ واذ تأذن ربكم } من جملة مقال موسى لقومه معطوف على نعمة اى اذكروا نعمة اللّه عليكم واذكروا حين تأذن وتأذن بمعنى آذان اى اعلم اعلاما بليغا لا يبقى معه شائبة شبهة اصلا لما فى صيغة التفعل من معنى التكلف المحمول فى حقه تعالى على غايته التى هى الكمال

وقال الخليل تأذن لكذا اوجب الفعل على نفسه . والمعنى اوجب ربكم على نفسه

{ لئن شكرتم } اللام لام التوطئة وهى التى تدخل على الشرط تقدم القسم لفظا او تقديرا لتؤذن ان الجواب له لا الشرط وهو مفعول تأذن على انه اجرى مجرى قال لانه ضرب من القول او مقول قول محذوف . والمعنى واذ تأذن ربكم فقال لئن شكرتم يا بنى اسرائيل نعمة الانجاء واهلاك العدو وغير ذلك وقابلتموها بالثبات على الايمان والعمل الصالح

{ لازيدنكم } نعمة الى نعمة ولاضاعفن لكم ما آتيتكم واللام ساد مسد جواب القسم والشرط جميعا

قال الكاشفى [ شيخ عبد الرحمن سلمى قدس سره از بو على جرجانى قدس سره اكر شكر كنيد برنعمت اسلام زياده كنم آنرا بايمان واكر سباس دارى كنيد برايمان افزون كردانم باحسان واكر بران شكر كوييد زياده سازم آنرا بمعرفت واكربرآن شاكر باشيد برسانم بمقام وصلت واكر آنرا شكر كوييد بالا برم بدرجة قربت وبشكران نعمت در آرم بخلوتكاه انس ومشاهده وازين كلام حقائق اعلام ميشود كه شكر مرقات ترقى ومعراج تصاعد بر درجاتست ] : وفى المثنوى

شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كس زيان برشكر كفتى جون كند

شكر باشد دفع علتهاى دل ... سود دارد شاكر از سوداى دل

وقال فى التأويلات النجمية

{ لئن شكرتم } التوفيق

{ لازيدنكم } فى التقرب الى

{ ولئن شكرتم } التقرب الى

{ لازيدنكم } فى تقربى اليكم

{ ولئن شكرتم } تقربى اليكم { لازيدنكم } فى الجذبة الى

{ ولئن شكرتم } الجذبة

{ لازيدنكم } فى البقاء

{ ولئن شكرتم } البقاء

{ لازيدنكم } فى الوحدة

{ ولئن شكرتم } الوحدة

{ لازيدنكم } فى الصبر على الشكر والشكر على الصبر والصبر على الصبر والشكر على الشكر لتكونوا صبارا شكورا

{ ولئن كفرتم } اى لم تشكروا نعمتى قابلتموها بالنسيان والكفران اى لاعذبنكم فيكون قوله

{ ان عذابى لشديد } تعليلا للجواب المحذوف او فعسى يصيبكم منه ما يصيبكم ومن عادة الكرام التصريح بالوعد والتعريض بالوعيد فما ظنك باكرم الاكرمين حيث لم يقل ان عذابى لكم ونظيره قوله تعالى { نبئ عبادى انى انا الغفور الرحيم وان عذابى هو العذاب الاليم } قال سعدى المفتى ثم المعهود فى القرآن اذا انه ذكر الخير اسنده الى ذاته تعالى وتقدس واذا ذكر العذاب بعده عدل عن نسبته اليه وقد جاء التركيب هنا على ذلك ايضا فقال وتقدس واذا ذكر العذاب بعده عدل عن نسبته اليه وقد جاء التركيب هنا على لذك فقال فى الاول لازيدنكم وفى الثانى ان عذابى لشديد ولم يأت التركيب لاعذبنكم انتهى

ثمان شدة العذاب فى الدنيا بسبل النعم وفى العقبى بعذاب جهنم

وفى الأويلات النجمية ان عذاب مفارقتى بترك مواصلتى لشديد فان فوات نعيم الدنيا والآخرة شديد على النفوس وفوات المواصلات أشد على القلوب والارواح

قال فى بحر العلوم لقد كفروا نعمه حيث اتخذوا العجل وبدلوا القول فعذبهم بالقتل والطاعون

وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه قال من رزق ستا لم يحرم ستا من رزق الشكر لم يحرم الزيادة لقوله تعالى

{ لئن شكرتم لأزيدنكم } ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب لقوله تعالى

{ انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب } قال المولى الجامى

اكر زسهم حوادث مصيبتى رسدت ... درين نشمين حرمان كه موطن خطرست

مكن بدست جزع خرقه صبورى جاك ... كه فوت اجر مصيبت مصيبت دكرست

ومن رزق التوبة لم يحرم القبول لقوله تعالى

{ وهو الذى يقبل التوبة عن عباده } ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة لقوله تعالى

{ استغفروا ربكم انه كان غفارا } ومن رزق الدعاء لك يحرم الاجابة لقوله تعالى

{ ادعونى استجب لكم } وذلك لان اللّه تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته ومن روق النفقة لم يحرم الخلف لقوله تعالى

{ وما انفقتم من شيء فهو يخلفه } وفى المثنوى

كفت بيغمبر كه دائم بهر بند ... دو فرشته خوش منادى مى كنند

كاى خدايا منفقانرا سير دار ... هر درمشانرا عوض ده صد هزار

اى خدايا ممسكانرا در جهان ... تومده الا زيان اندر زيان

فعلى العاقل ان يشكر النعممة ويرجو من اللّه الملك القادر الخلق الرزاق ان لا يفتر القلب واللسان واليد من الفكر والذكر والانفاق

ولقد ترك بلعم بن باعورا شكر نعمة الاسلام والايمان فعوقب بالحرمان ونعوذ باللّه من الخذلان اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين والمطيعين الصابرين القانعين انك انت المعين فى كل حين آمين

٨

{ وقال موسى ان تكفروا } نعمة اللّه ولم تشكروها

{ انتم } يا بنى اسرائيل

{ ومن فى الارض } من الثقلين

{ جميعا } حال من المعطوف والمعطوف عليه

{ فان اللّه } تعليل للجواب المحذوف اى ان تكفروا لم يرجع وباله الا عليكم فان اللّه

{ لغنى } على شكركم وشكر غيركم

{ حميد } محمود فى ذاته وصفاته وافعاله لا تفاوت له بايمان واحد ولا كفره

قال الكاشفى [ ذرات مخلوقات بنعمت او ناطق والسنة جميع اشيا بتسبيح وحمداو جارى ]

بذكرش جمله ذرات كويا ... همه اورا زروى شوق جويا

قال السعدى قدس سره

بذكرش هرجه بينى درخروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست

نه بلبل بركلش تسبيح خوانيست ... كه هر خارى بتوحيدش زبانيست

٩

{ ألم يأتكم } من كلام موسى استفهم عن انتفاء الاتيان على سبيل الانكار فافاد اثبات الاتيان وايجابه فكانه قبل أتاكم

{ نبؤا الذين من قبلكم } اى اخباركم

{ قوم نوح } اغرقوا بالطوفان حيث كفروا ولم يشكروا نعم اللّه وقوم نوح بدل من الموصول

{ وعاد } اهلكوا بالريح معطوف على قوم نوح

{ وثمود } اهلكوا بالصيحة

{ والذين من بعدهم } من بعد هؤلاء المذكورين من قوم ابراهيم واصحاب مدين والمؤتفكات وغير ذلك وهو عطف على قوم نوح وما عطف عليه

{ لا يعلمهم الا اللّه } اعتراض اى لا يعلم عدد تلك الامم لكثرتهم ولا يحيط بذواتهم وصفاتهم واسمائهم وسائر ما يتعلق بهم الا اللّه تعالى فانه انقطعت اخبارهم وعفت آثارهم وكان مالك بن أنس يكره ان ينسب الانسان نفسه أبا أبا الى آدم وكذا فى حق النبى عليه السلام لا اولئك الآباء لا يعلم احد الا اللّه وكان ابن مسعود رضى اللّه عنه اذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون يعنى انهم يدعون علم الانساب وقد نفى اللّه علمها عن العباد

وقال فى التبيان لنسابون وان نسبوا الى آدم فلا يدعون احصاء جميع الامم انتهى

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ما بين عدنان واسماعيل ثلاثون ابا اى قرنا لا يعرفون

وقيل اربعون

وقيل سبعة وثلاثون لنبينا عليه السلام

قال فى انسان العيون كان عدنان فى زمن موسى عليه السلام وهو النسب المجمع علينا لنبينا عليه السلام وفيما قبله الى آدم اختلاف سبب لاختلاف فيما بين عدنان وآدم ان قدماء العرب لم يكونوا اصحاب كتب يرجعون اليها وانما كانوا يرجعون الى حفظ بعضهم من بعض

والجمهور علىن العرب قسمان قحطانية وعدنانية والقحطانية شعبان سبأ وحضرموت والعدنية شعبان ربيعة ومضر

واما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم ينسبونها الى قحطان وبعضهم الى عدنان . ثم ان الشيخ عليا السمرقندى رحمه اللّه قال فى تفسير الموسوم ببحر العلوم لقائل ان يقول يشكل بالآية قول النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان اللّه تعال قد رفع الى الدنيا فانا انظر اليها والى ما هو كائن فيها الى يوم القيامة كما انظر الى كفى هذه ) جليا جلاها اللّه لنبيه كما جلاها للنبيين لدلالته صريحا على ان جميع الكوائن الى يوم القيامة مجلى ومكشوف كشفا تاما للانبياء عليهم السلام والحديث مسطور فى معجم الطبرانى والفردوس

يقول الفقير ان اللّه تعالى اعلم حبيبه عليه السلام ليلة المعراج جميع ما كان وما سيكون وهو لا ينافى الحصر فى الآية لقول تعالى فى آية اخرى

{ فلا يظهر على غيبه احد الا من ارتضى من رسول } يعنى به جنابه عليه السلام ولئن سلم فالذى علمه انما هو كليات الامور لا جزئياتها وكلياتها جميعا من هذا المقام وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم فصح الحصر واللّه اعلم فاعرف هذه الجملة

{ جاءتهم رسلهم } ملتبسين

{ بالبينات } وقال الكاشفى [ آوردند ] فالباء للتعدية اى بالمعدزات الواضحة التى لا شبهة فى حقيقتها قبين كل رسول لامته طريق الحق وهو استيناف لبيان نبأهم

{ فردوا ايديهم فى افواههم } اى اشاروا بها الى السنتهم وما نطقت به من قولهم انا كفرنا بما ارسلتم به اى هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره اقناطا لهم من التصديق اوردوا ايديهم فى افواه انفسهم اشارة بذلك الى الرسل ان انكفوا عن مثل هذا الكلام فانكم كذبة ففى بمعنى على كما فى الكواشى

وقال قتادة كذبوا الرسل وردوا ما جاؤا به يقال رددت قول فلان فى فيه اى كذبته

{ وقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به } على زعمكم من الكتب والرسالة

قال المولى ابو السعود رحمه اللّه هى البينات التى اظهروها حجة على رسالاتهم ومرادهم بالكفر بها الكفر بدلالتها على صحة رسالتهم

{ وانا لفى شك } عظيم

{ مما تدعوننا اليه } من الايمان باللّه والتوحيد

قال سعدى المفتى المراد اما المؤمن به او صحة الايمان اذلا معنى لشكهم فى نفس الايمان

فان قلت الشك ينافى الجزم بالكفر بقولهم انا كفرنا

قلت متعلق الكفر هو الكتب والشرائع التى ارسلوا بها ومتعلق الشك وهو ما يدعونهم اليه من التوحيد مثلا والشك فى الثانى لا ينافى القطع فى الاول

{ مريب } موقع فى الريبة وهى قلق النفس وعدم اطمئنانها بالشيء وهو علامة الشر والسعادة [ يعنى كمانى نفس را مضطرب ميسازد ودلرارا آم نمى دهد وعقل را شوريده كرداند ] وهو صفة توكيدية لشك

١٠

{ قالت رسلهم } استئناف بيانى اى قالوا منكرين عليهم ومتعجبين من مقالتهم الحمقاء

{ أفى اللّه شك } أى أفى شأنه سبحانه من وجوده ووحدته ووجوب الايمان به وحده شك ما وهو اظهر من كل ظاهر حتى تكونوا من قبله فى شك مريب اى لا شك فى اللّه ادخلت همزة الانكار على الظرف لان الكلام فى المشكوك فيه لا فى الشك انما ندعوكم الى اللّه وهو لا يحتمل الشك لكثرة الادلة وظهور دلالتها عليه واشاروا الى ذلك بقوله

{ فاطر السموات والارض } صفة للاسم الجليل اى مبدعهما وما فيهما من المصنوعات فهما تدلان على كون اطر فطرهما فان كينونتهما بلا كون مكون واج الكون محال لانه يؤدى الى التسلسل محال وذلك المكون هو اللّه تعلا [ روزى امام اعظم رحمه اللّه در مسجد نشسه بود جماعتى اززنادقه در آمدند وقصد هلاك او كردند امام كفت يك سؤال راجوب دهيد بعد ازان تيغ ظلم را آب دهيد كفتند مسئله جيست كفت من سفينة ديدم بربار كران برروى دريا روان جنانكه هج ملاحى محافظت نميكرد كفتند اين محالست زيرا كه كشتى بى ملاح بريك نسق رفتن محال باشد كفت سبحان اللّه سير جمله افلاك وكواكب ونظام عالم علوى وسفلى از سيريك سفينة عجب تراست همه ساكت كشتند واكثر مسلمان شدند ]

{ يدعوكم } الى طاعته بالرسل والكتب

{ ليغفر لكم من ذنوبكم } اى بعضها وهو ما عدا المظالم وحقوق العباد مما بينهم وبينه تعالى فان الاسلام يجبه اى يقطعه ومنع سيبويه زيادة من فى الايجاب واجازة ابو عبيدة

وفىلتأويلات النجمية

{ يدعوكم } من المكونات الى الكون لا لحاجته اليكم بل لحاجتكم اليه

{ ليغفر لكم } بصفة الغفارية

{ من ذنوبكم } التى اصابتكم من حجب ظلمات خلقية السماوات والارض فاحتجبتم بها عنه

{ ويؤخركم الى اجل مسمى } الى وقت سماه اللّه وجعله آخر اعماركم يبلغكموه ان آمنتم والا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت فهو مثل قوله عليه السلام ( الصدقة تزيد فى العمر ) فلا يدل على تعدد الاجل كما هو مذهب اهل الاعتزال

{ قالوا } للرسل وهو استئناف بيانى

{ ان انتم } اى ما انتم فى الصورة والهيآت

{ الا بشر } آدميون

{ مثلنا } من غير فضل يؤهلكم ما تدعون من النبوة فلم تخصون بالنبوة دوننا ولو شاء اللّه ان يرسل الى البشر رسلا لارسل من جنس افضل منهم وهم الملائكة على زعمهم من حيث عدم التدنس بالشهوات وما يتبعها

{ تريدون } بدعوى النبوة

{ ان تصدقونا } تصرفونا بتخصيص العبادة باللّه

{ عما كان يعبد آباؤنا } اى عن عبادة ما استمر آباؤنا على عبادته وهو الاصنام من غير شيء يوجبه وان لم يكن الامر كما قلنا بل كنتم رسلا من جهة اللّه كما تدعونه

{ فائتونا } [ بس بياريد ]

{ بسلطان مبين } ببرهان ظاهر على صدقكم وفضلكم واستحقاقكم لتلك الرتبة حتى تترك ما لم نزل نعبده ابا عن جد كأنهم لم يعتبروا ما جاءت به رسلهم من الحجج والبينات واقترحوا عليهم آية اخرى تعنتا ولجاجا

١١

{ قالت لهم رسلهم } زاد لفظ لهم لاختصاص الكلام بهم حيث اريد الزامهم بخلاف ما سلف من انكار وقوع الشك فى اللّه فان ذلك عام وان اختص بهم ما يعقبه اى قالوا لهم معترفين بالبشرية ومشيرين الى منة اللّه عليهم

{ ان } ما

{ نحن الا بشر مثلكم } كما تقولون لا ننكره

{ ولكن اللّه يمن } ينعم بالنبوة والوحى

{ على من يشاء من عباده } وفيه دلالة على ان النبوة عطائية كالسلطنة لا كسبية كالولاية والوزارة

{ وما كان } وما صح وما استقام

{ لنا ان نأتيكم بسلطان } اى بحجة من الحجج فضلا عن السلطان المبين بشيء من الاشياء وسبب من الاسباب

{ الا باذن اللّه } فانه امر متعلق بمشيئة اللّه ان شاء كان والا فلا تلخيصه انما نحن عبيد مربوبون

ناتوانى وعجز لازم ماست ... قدرت وآختار ازان خداست

كارهارا بحكم راست كند ... اوتواناست هرجه خواست كند

{ وعلى اللّه } دون ما عداه مطلقا

{ فليتوكل المؤمنون } وحقالمؤمنين ان لا يتوكلوا على غير اللّه فى الصبر على معاندتكم ومعاداتكم

١٢

{ وما لنا } اى أى عذر ثبت لنا

{ ان لا نتوكل على اللّه } اى فى ان لا نتوكل عليه

{ ود هدينا سبلنا } اى والحال انه ارشد كلامنا سبيله ومنهاجه الذى شرع له واوجب عليه سلوكه فى الدين وهو موجب للتوكل ومستدع له

قال فى التأويلات وهى الايمان والمعرفة والمحبة فانها سبل الوصول ومقاماته انتهى

وحيث كانت اذية الكفار بما يوجب الاضطراب القلح فى التوكل قالوا على سبيل التوكيد القسمى مظهرين لكمال العزيمة

{ ولنصبرن على ما آذيتمونا } فى ابداننا واعراضنا او بالتكذيب ورد الدعوة والاعراض عن اللّه والعناد واقتراح الآيات وغير ذلك مما لا خير فيه وهو جواب قسم محذوف

{ وعلى اللّه } خاصة

{ فليتوكل المتوكلون } فى فليثبت عليه فلا تكرار

والتوكل تفويض الامر الى من يملك الامور كلها وقالوا المتوكل من ان دهمه امر ولم يحاول دفعه عن نفسه بما هو معصية اللّه فعلى هذا اذا وقع الانسان فى شدة ثم سأل غيره خلاصه لم يخرج من حد التوكل لانه لم يحاول دع ما نزل به عن نفسه بمعصية الله

وفى التأويلات النجمية للتوكل مقامات المبتدئ قطع النظر عن الاسباب فى طلب المرام ثقة بالمسبب وتوكل المتوسط قطع تعلق الاسباب بالمسبب وتوكل المنتهى قطع التعلق بما سوى اللّه للاعتصام باللّه انتهى

قال القشيرى رحمه اللّه

{ وما لنا ان لا نتوكل على اللّه } وقد حقق لنا ما سبق به الضمان من وجوه الاحسان وكفاية ما اظلنا من الامتحان

{ ولنصبرن على ما آذيتمونا } والصبر على البلاء يهون على رؤية المبلى وانشدوا فى معناه

مر ما مربى لاجلك حلو ... وعذابى لأجل حبك عذاب

قال الحافظ

اكر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست

قيل لما قدم لحلاج لتقطع يده فقطعت يده اليمنى اولا ضحك ثم قطعت يده اليسرى فضحك ضحكا بليغا فخاف ان يصفر وجهه من نزف الدم فاكب بوجهه على الدم السائل ولطخ وجهه وبدنه وانشأ يقول

اللّه يعلم ان الروح قد تلفت ... شوقا اليك ولكنى امنيها

ونظرة منك يا سؤلى ويا املى ... اشهى الى من الدنيا وما فيها

يا قوم انى غريب فى دياركمو ... سلمت روحى اليكم فاحكموا فيها

لم اسلم النفس للاسقام تتلفها ... الا لعلمى بان الوصل يحييها

نفس المحب على الآلام صابرة ... لعل مسقمها يوما يداويها

ثم رفع رأسه الى السماء وقال يا مولاى انى غريب فى عبادك وذكرك اغرب منى والغريب يألف الغريب ثم ناداه رجل قال يا شيخ ما العشق قال ظاهره ما ترى وباطنه دق عن الورى

ومن لطائف هذه الاية الكريمة ما روى المستغفرى عن ابى ذر رفعه اذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات

{ وما لنا الا نتوكل على اللّه } الاية ثم قل ان كنتم مؤمنين فكفوا شركم واذا كمعنا ثم رشه حول فراشك فانك تبيت آمنا من شرهم

ولابن ابى الدنيا فى التوكل له ان عامل افريقية كتب الى عمر بن عبد العزيز يشكو اليه الهوام والعقارب فكتب اليه وما على احدكم اذا امسى واصبح ان يقول وما لنا ان لا نتوكل على اللّه الآية

قال زرعة ابن عبد اللّه احد رواته وينفع من البراغيث كذا فى المقاصد الحسنة

قال بع العارفين ان ما اخذ اللّه على الكلب اذا قرئ عليه

{ وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد } لم يؤذ ومما اخذ اللّه على العقرب انه اذا قرئ عليها

{ سلام على نوح فى العالمين } لم تؤذ ومما اخذ اللّه على البراغيث

{ وما لنا ان لا نتوكل على اللّه } الآية ومن اراد الامن من شرها فليأخذ ماء ويقرأ عليه هذه الآية سبع مرات ثم ليقل سبع مرات ان كنتم آمنتم باللّه فكفوا شركم عنا ايتها البراغيث ويرشه حول مرقده

غنيمت شمارند مردان دعا ... كه جوشن بود بيش تيربلا

١٣

{ وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا } من مدينتنا وديارنا

{ او لتعودن فى ملتنا } عاد بمعنى صار والظرف خبر اى لتصيرن فى اهل ملتنا فان الرسل لم يكونوا فى ملتهم قط الا انهم لما يظهروا المخالفة لهم وقبل الاصطفاء اعتقدوا انهم على ملتهم فقالوا ما قالوا على سبيل التوهم او او بمعنى رجع والظرف صلة الخطاب لكل رسول ومن آمن به فغلبوا فى الخطاب الجماعة على الواحد اى لتدخلن فى ديننا وترجعن الى ملتنا وهذا كله تعزية للنبى عليه السلام ليصبر على اذى المشركين كما صبر من قبله من الرسل

{ فاوحى اليهم } اى الى الرسل

{ ربهم } مالك المشركين فان الشرك لظلم عظيم

١٤

{ ولنسكننهم الارض } اى ارض الظالمين وديارهم

{ من بعدهم } اى من بعد اهلاكهم عقوبة لهم على قولهم لنخرجنكم من ارضنا وفى الحديث ( من آذى جاره ورثه اللّه فى داره ) وحدثهم وسجدنا شكرا لله تعالى : قال السعدى قدس سره

تحمل كن اى ناتوان از قوى ... كه روزى تواناتر ازوى شوى

لب خشك مظلوم راكو بخند ... كه دندان ظالم بخواهند كند

{ ذلك } اشارة الى الموحى به وهو اهلاك الظالمين واسكان المؤمنين ديارهم اى ذلك الامر والوعد محقق ثابت

{ لمن خاف } الخوف غم يلحق لتوقع المكروه

{ مقامى } موقفى وهوموقف الحساب لانه موقف اللّه الذى يقف فيه عباده يوم القيامة يقومون ثلاثمائة عام لا يؤذن لهم فيقعدون اما المؤمنون فيهوّن عليهم كما يهون عليهم الصلاة المكتوبة ولهم كراسى يجلسون عليها ويظلل عليهم الغمام ويكون يوم القيامة عليهم سعة من نهار

قال فى التأويلات النجمية العوام يخافون دخول النار والمقام فيها والخواص يخافون فوات المقام فى الجنة لانها دار المقامة واخص الخواص يخافون فوات مقام الوصول

{ وخاف وعيد } بحذف الياء اكتفاء بالكسرة اى وعيدى بالعذاب وعقابى . والمعنى ان ذلك حق لمن جمع بين الخوفين اى للمتقين كقوله { والعاقبة للمتقين }

١٥

{ واستفتحوا } معطوف على فاوحى والضمير للرسل اى استنصروا اللّه وسألوه الفتح والنصرة على اعدائهم او للكفار

{ وخاب كل جبار عنيد } اى فنصروا عند استفتاحهم وظفروا بما سألوا وافلحوا وخسر عند نزول العذاب قومهم المعاندون فالخيبة بمعنى كطلق الحرمان دون الحرمان من المطلوب وان كان الاستفتاح من الكفرة فهى بمعنى الحرمان من المطلوب غير الطلب وهو واقع حيث لم يحصل ما توقعوه لانفسهم الا لاعدائهم وهذا كمال الخيبة التى عدم نيل المطلوب وانما قيل

{ وخاب كل جبار عنيد } ذما لهم وتسجيلا عليهم بالتجبر والعناد لا ان بعضهم ليسوا كذلك وانه لم تصبهم الخيبة والجبار الذى يجبر الخلق على مراده والمتكبر عن طاعة اللّه او المجانب للحق المعاجى لاهله

وقال الكاشفى [ نوميد ماند وبى بهره كشت از خلاص هركردنكشى كه ستيزنده شود باحق يا معرض از طاعت او ]

قال الامام الدميرى فى حياة الحيوان حكى الماوردى فى كتاب ادب الدنيا والدين ان الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف فخرج قوله تعالى { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد } فمزق المصحف وانشأ يقول

أتوعد كل جبار عنيد ... فها انا ذاك جبار عنيد

اذا ما جئت الى ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقنى الوليد

فلم يلبث اياما حتى قتل شر قتلة وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده انتهى

قال فى انسان العيون مروان كان سببا لقتل عثمان رضى اللّه عنه وعبد الملك ابنه كان سببا لقتل عبد اللّه بن الزبير رضى اللّه عنه ووقع من الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفظيعة انتهى

يقول الفقير رأسى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنى امية فى صورة القردة فلعنهم فقال ( ويل لبنى امية ) ثلاث مرات ولم يجيئ منهم الخير والصلاحالا من اقل القليل وانتقلت دولتهم بمعاونة ابى مسلم الخراسانى الى آل العباس وقد رآهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتعاورون منبره فسره ذلك وتفصيله فى كتاب السير والتواريخ

١٦

{ من ورائه جهنم } هذا وصف حال كل جبار عنيد وهو فى الدنيا اى بين يديه وقدامه فانه معد لجهنم واقف على شفيرها فى الدنيا مبعوث اليها فى الآخرة او من وراء حياته وهو ما يعد الموت فيكون ورأء بمعنى خلف كما قال الكاشفى [ از بس اودورخست يعنى در روز حشر رجوع او بدان خواهد بود ] وحقيقته ما توارى عنك واحتجب واستتر فليس من الاضداد بل هو موضع لامر عام يصدق على كل من الضدين

وقال المطرزى فى الورآء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسى وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام وقد يستعار للزمان

{ ويسقى } عطف على مقدر جوابا عن سؤال سائل كأنه قيل فماذا يكون اذن فقيل يلقى فيها ويسقى

{ من ماء } مخصوص لا كالمياه المعهودة

{ صديد } هو القبيح المختلط بالدم او ما يسيل من اجساد اهل النار وفروج الزناة وهو عطف بيان لماء ابهم اولا ثم بين الصديد تعظيما وتهويلا لامره وتخصيصه بالذكر من بين عذابها يدل على انه من اشد انواعه او صفة عند من لا يجيز عطف البيان فى النكرات وهم البصريون فاطلاق الماء عليه لكونه بدل فى جهنم ويجوز ان يكون الكلام من قبيل زيد أسد فالماء على حقيقته كما قال ابو الليث ويقال ماء كهيئة الصديد وفى الحديث ( من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكرانوبعث من قبره سكران وامر به الى النار سكران ) فيها عين يجرى منها القبيح والدم هو طعامهم وشرابهم ما دامت السماوات والارض

١٧

{ يتجرعه } استئناف بيانى كأنه قيل فماذا يفعل به فقيل يتجرعه وفى التفعيل تكلف ومعنى التكلف ان الفاعل يتعانى ذلك الفعل ليحصل بمعاناته كتشجيع اذ معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه اياها لتحصل فالمعنى . لغلبته العطش واستيلاء الحرارة عليه يتكلف جرعة مرة بعد اخرى لا بمرة واحدة لمرارته وحرارته ورائحته المنتنة

{ ولا يكاد يسيغه } اى لا يقارب ان يسيغه ويبتلعه فضلا عن الاساغة بل يغص به فيشير باللتيا والتى جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة والعطش واخرى بشربه على تلك الحال فان السوغ انحدار الشراب فى الحلق بسهولة وقبول نفس ونفيه لا يوجب نفى ما ذكر جميعا وفى الحديث ( انه يقرب اليه فتكرهه فاذا ادنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شرب قطع امعاءه حتى تخرج من دبره )

{ ويأتيه الموت } اى اسبابه من الشدائد والآلام

{ من كل مكان } ويحيط به من الجهات الست فالمراد بالمكان الجهة او من كل مكان من جسده حتى من اصول شعره وابهام رجله وهذا تفظيع لما يصيبه من الالم لو كان ثمة موت لكان واحد منها مهلكا

{ وهو ما يميت } اى والحال انه ليس بميت حقيقة فيستريح

{ من ورائه } من بين يديه اى بعد الصديد

وقال الكاشفى [ ودربس اوست باجود جنين محنتى كه ]

{ عذاب غليظ } لا يعرف كنهه اى يستقبل كل وقت عذابا اشق واشق مما كان قبله ففيه رفع ما يتوهم من الخفة بحسب الاعتبار كما فى عذاب الدنيا

وعن الفضيل هو قطع الانفاس وحبسها فى الاجساد ولذا جاء الصلب اشد انواع العذاب نعوذ بالله

واستثنى من شدة العذاب عما النبى عليه السلام بعد ارضاع امه له فبشرته بولادته عليه السلام وقالت له أشعرت آن آمنة ولدت ولدا وفى لفظ غلاما لاخيك عبداللّه فاعتقها ابو لهب وقال انت حرة فجوزى بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين بان يسقى ماء فى جهنم فى تلك الليلة اى ليلة الاثنين فى مثل النقرة التى بين السبابة والابهام

وفى المواهب رؤى ابو لهب بعد موته فى المنام فقيل له ما حالك قال فى النار الا انه يخفف عنى كل ليلة اثنين وامص من بين اصبعى هاتين ماء واشار برأس اصبعيه وان ذلك باعتاقى لثويبة عند ما بشرتنى بولادة النبى صلّى اللّه عليه وسلّم بارضاعها له كذا فى عيون الانسان

واما ابو طالب فقال العباس رضى اللّه عنه قلت يا رسول اللّه هل نفعت ابا طالب بشيء فانه كان يحوطك قال ( نعم هو فى ضحضاح من النار ولولا انا لكان فى الدرك الاسفل من النار ) وفى الحديث ( ان الكافر يخفف عنه العذاب بالشفاعة )

لعل هذا يكون مخصوصا بابى طالب كما فى شرح المشارق لابن الملك

قال فى انسان العيون قبول شفاعته عليه السلام فى عمه ابى طالب عدّ من خصائصه عليه السلام فلا يشكل بقوله تعالى

{ فما تنفعهم شفاعة الشافعين } وفى الحديث ( اذا كان يوم القيامة شفعت لابى وامى وعمى ابى طالب واخ لى كان فى الجاهلية ) يعنى اخاه من الرضاعة من حليمة ويجوز ان يكون ذكر شفاعته لأبويه كان قبل احيائهما وايمانهما به وكذا لاخيه فانه كان قبل ان يسلم وقد صح ان حليمة واولادها اسلموا انتهى الكل فى الانسان وفى الحديث ( يقال لاهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو ان لك ما فى الارض من شيء أكنت تفدى به فيقول نعم فيقال اردت منك اهون من هذا وانت فى صلب آدم ان لا تشرك بى شيأ فما اردت للا ان تشرك بى شيأ ) كما فى المصابيح

١٨

{ مثل الذين كفروا بربهم } اى صفتهم وحالهم العجيبة الشأن التى هى كالمثل فى الغرابة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى

{ اعمالهم كرماد } كقولك صفة زيد عرضه مهتوك وماله منهوب او خبره محذوف اى فيما يتلى عليكم مثلهم وقوله اعمالهم جمل مستانفة مبنية على سؤال من يقول كيف مثلهم فقيل اعمالهم كرماد

{ اشتدت به الريح } الاشتداد هنا بمعنى العدو والباء للتعدية اى حملته واسرعت فى الذهاب به

وقال الكاشفى [ همجوحا كستريست كه سخت بكذردبروباد ]

{ فى يوم عاصف } ريحه اى شديد قوى فحذفت الريح ووصف اليوم بالعصزف مجازا كقولك يوم ماطر وليلة ساكنة وانما السكون لريحها

{ لا يقدرون } يوم القيامة

{ مما كسبوا } فى الدنيا اعمال الخير

{ على شيء } ما اى لا يرون له اثرا من ثواب وتخفيف عذاب كما لا يرون اثرا من الرماد المطير فى الريح

{ ذلك } اى ما دل عليه التمثيل دلالة واضحة من ضلالهم . يعنى كفرهم واعمالهم المبينة عليه وعلى التفاخر والرياء مع حسبانهم محسنين وهو جهل مركب وداء عضال حيث زين لهم سوء اعمالهم فلا يستغفرون منها ولا يتوبون بخلاف عصاة المؤمنين ولذا قال

{ هو الضلال البعيد } صاحبه عن طريق احق والصواب بمراحل او عن نيل الثواب فاسند البعد الذى هو من احوال الضال الى الضلال الذى هو فعله مجازا مبالغة شبه اللّه صنائع الكفار من الصدقة وصلة الرحم وعتق الرقاب وفك الاسير واغاثة الملهوفين وعقر الابل للاضياف ونحو ذلك مما هو من باب المكارم فى حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير اساس من معرفة اللّه والايمان به وكونها لوجهه برماد طيرته الريح العاصف [ يعنى مانند توده خاكسترست كه بادسخت بران وزد بهوا برده در اطراف براكنده سازد وهيج كس برجمع آن قادر نبود وازان نفع نكيرد فكما لا ينتفع بذلك الرماد المطير كذلك لا ينتفع بالاعمال المقرونة بالكفر والشرك

ففيه رد اعمال الكفار واعمال اهل البدع والاهواء لاعتقادهم السوء فدل على ان الاعمال مبنية على الايمان وهو على الاخلاص كرنباشد نيت خالص جه حاصل از عمل روى الطبرانى عن ام سلمة رضى اللّه عنها ان الحارث ابن هشام رضى اللّه عنه اى اخا ابى جهل بن هشام اتى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم يوم حجة الوداع فقال يا رسول اللّه انك تحث على صلة الرحم والاحسان الى الجار وايواء اليتيم واطعام الضيف واطعام المسكين وكل هذا ما يفعله هشام يعنى والده فما ظنك به يا رسول اللّه فقال عليه السلام ( كل قبر لا يشهد صاحبه ان لا اله الا اللّه فهو جذوة من النار وقد وجدت عمى ابا طالب فى طمطام من النار فاخرجه اللّه لمكانه منى واحسانه الىّ فجعله فى ضحضاح من النار )

اى مقدار ما يغطى قدميه وهذا مخصوص بابى طالب كما سبق -حكى- ان عبدا بن جدعان وهو ابن عم عائشة رضى اللّه عنها كان فى ابتداء امره صعلوكا وكان مع ذلك شريرا فاتكا يجنى الجنايات فيعقل عنه ابوه وقومه حتى ابغضته عشيرته فخرج هائما فى شعاب مكة يتمنى الموت فرأى شقا فى جبل فلما قرب منه مل عليه ثعبان عظيم له عينان تتقدان كالسراجين فلم تأخر انساب اى رجع عنه فلا زال كذلك حتى غلب على ظنه ان هذا مصنوع فقرب منه وامسك بيده فاذا هو من ذهب وعيناه ياقوتتان فكسره ثم دخل المحل الذى كان الثعبان على بابه فوجد فيه رجالا من الملوك ووجد فى ذلك المحل اموالا كثيرة من الذهب والفضة جواهر كثيرة من الياقوت والؤلؤ والزبرجد فاخذ منه ما اخذ ثم اعلم ذلك الشق بعلامة وصار ينقل منه شيأ فشيأ ووجد فى ذلك الكنز لوحا من رخام فيه انا نفيلة بن جرهم بن قحطان بن هود نبى اللّه عشت خمسمائة عام وقطعت غور الارض ظاهرها وباطنها فى طلب الثروة والمجد والملك فلم يكن ذلك منجيا من الموت

جهان اى بسر ملك جاويد نيست ... زدنيا وفارادى اميد نيست

نه بر باد رفتى سحر كاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام

بىخر نديدى كه برباد رفت ... خنك آنكه بادانش وداد رفت

ثم بعث عبداللّه بن جدعان الى ابيه بالمال الذى دفعه فى جناياته ووصل عشيرته كلهم فسادهم وجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف وكانت جفنته يأكل منها الراكب على البعير وسقط فيها صبى فغرق اى مات قالت عائشة رضى اللّه عنها يا رسول اللّه ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ينفعه ذلك يوم القيامة فقال ( لا لانه لم يقل يوما يا رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين ) اى لم يكن مسلما لانه ممن ادرك البعثة ولم يؤمن كما فى انسان العيون -وروى- لما اتى عليه السلام بسبايا طىّ وقعت جارية فى السبى فقالت يا محمد ان رأيت ان تخلى ولا تشمت بى احياء العرب فانى بنت سيد قومى وان ابى كان يحمى الذمار ويفك العانى ويشبع الجائع ويطعم الطعام ويفشى السلام ولم يرد طالب حاجة قط انى بنت حاتم طى فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا لو كان ابوك مسلما لترحمنا عليه وقال خلوا عنها فان اباها كان يحب مكارم الاخلاق )

قال فى انيس الوحدة وجليس الخلوة قيل لما عرج النبى عليه اسللام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طى طرف اللّه عنه عذاب جهنم بسخاته وجوده : قال السعدى

كنون بر كف دست نه هرجه هست ... كه فردا بدندان كزى بشت دست

مكردان غريب ازدرت بى نصيب ... مبادا كه كردى بدرها غريب

نه خواهنده بر در ديكران ... بشكران خواهنده از در مران

بريشان كن امروز كنجينه جست ... كه فردا كليدش نه دردست تست

١٩

{ الم تر } خطاب لرسول اللّه صلى اللّه علسه وسلم والمراد امته يذهبكم والامة امة الدعوة والرؤية رؤية القلبوفى التأويلات النجمية يخاطب روح النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فان اول ما خلق اللّه روحه ثم خلق السماوات والارض وروحه ناظر مشاهد خلقتها اى ألم تعلم ولم تنظر والاستفهام للتقرير اى قدر رأيت

{ ان اللّه خلق السموات والارض } قال فى بحر العلوم آثار فعل اللّه بالسماوات والارض وسعة الاخبار به متواترة فقامت لك فقامت لك مقام المشاهدة

{ بالحق } ملتبسة بالحكمة البالغة والوجه الصحيح الذى ينبغى ان يخلق عليه الا باطلا ولا عبثا

{ ان يشأ يذهبكم } يعدمكم بالكلية ايها الناس

{ ويأت بخلق جديد } اى يخلق بدلكم خلقا آخر من جمسكم آدميين او من غيره خيرا منكم واطوع لله

وفى التأويلات النجمية

{ ان يشأ يذهبكم } ايها الناس المستعد لقبول فيض اللطف والقهر

{ ويأت بخلق جديد } مستعد لقبول فيض لطفه وقهره من غير الانسان انتهى

رتب قدرته على ذلك على خلق السماوات والارض على هذا النمط البديع ارشادا الى طريق الاستدلال فان من قدر على خلق مثل هاتيك الاجرام العظيمة على كل تبديل خلق آخر بهم اقدر ولذلك قال

٢٠

{ وما ذلك } اى اذهابكم والاتيان بخلق جديد مكانكم

{ على اللّه بعزيز } بمعتذر او متعسر بل هو هين عليه يسير فانه قادر لذاته على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور انما امره اذا اراد شيأ ان يقول له كن فيكون

كار اكر مشكل اكر آسانست ... همه قدرت او يكسانست

ومن هذا شأنه حقيق بان يؤمن ويعبد ويرجى ثوابه ويخشى عقابه

والآية تدل على كمال قدرته تعالى وصوريته حيث لا يؤاخذ العصاة على العجلة

وفى صحيح البخارى ومسلم عن ابى موسى ( لا احد اصبر على اذى سمعه من اللّه انه يشرك به ويجعل له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم ) ثم ان تأخير العقوبة يتصمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر

فعلى العاقل ان يخشى اللّه تعالى على كل حال فانه ذو القهر والكبرياء والجلال

وعن جعفر الطيار رضى اللّه عنه قال كنت مع النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبى عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام ( بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء ) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول اللّه فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول اللّه وقل له منذ سمعت قوله تعالى

{ فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة } بكيت بخون ان اكون من الحجارة التى وقود النار بحيث لم يبق فى ماء ثم ان هذا التهديد فى الاية انما نشأ من الكفر والمعصية ولو كان مكانهما الايمان والطاعة لحصل التبشير وكل منهما جار الى يوم القيامة

وعن اسماعيل المحاملى قال رأيت فى المنام كانى على فضاء من الارض انظر شرق الارض وغربها وكأن شخصا نزل من السماء فبسط يمينه وشماله الى اطراف الارض فجمع بكلتا يديه شيأ من وجه الارض ثم ضمهما الى صدره وارتفع الى السماء ثم نزل كذلك وفعل كالاول ثم نزل فى المرة الثالثة وبسط يديه وهم بان يجمع شيأ ثم ترك وارسل يديه ولم يأخذوهم بالصعود فقال ألا تسالنى فقلت بلى من انت قال انا ملك ارسلنى اللّه فى المرة الاولى ان اخذ الخير والبركة عن وجه الارض فاخذت وفى الثانية ان اخذ الشفقة والرحمة فاخذت وفى الثالثة ان آخذ الايمان فنوديت ان محمدا يشفع الىّ وانى قد سفعته فلا اسلب الايمان من امته فاترك فصعد الى السماء ويداه مرسلتان كذا فى زهرة الرياض وعند قرب القيامة يسلب اللّه الايمان والقرآن فيبقى الناس فى صورة الآدميين دون سيرتهم ثم يذهبهم اللّه جميعا ويظهر ان العزة والملك لله تعالى : قال الجامى

با غير او اضافت شاهى بود جنانك ... بريك دوجوب باره زشطرنج نام شاه

٢١

{ وبرزوا } اى برز الموتى من قبورهم يوم القيامة الى ارض المحشر اى يظهرون ويخرجون عند النفخة الثانية حين تنتهى مدة لبثهم فى بطن الارض قال اللّه تعالى

{ ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون } وايثار صيغة الماضى للدلالة على تحقق وقوعه

{ لله } اى لامر اللّه ومحاسبته فاللام تعليلية وصلة برزوا محذوفة اى برزوا من القبور الموتى

{ جميعا } اى جميعهم من المؤمنين والكافرين كما فى تفسير الكاشفى او القادة والاتباع اجتمعوا للحشر والحساب وهذا كقوله

{ وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا } كما فى تفسير ابى الليث

{ فقال الضعفاء } الاتباع والعوام جمع ضعيف والضعف خلاف القوة وقد يكون فى النفس وفى البدن وفى الحال وفى الرأى والمناسب للمقام هو الاخير فانه لو كان فى رأيهم قوة لما اتبعوهم فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم

يقول الفقير فى هذه الحال خائفا من سطوة النتغلبة مناهل الكفر والضلال فالاولى ان يكون الضعيف بمعنى المستذل المقهور كما فى قوله تعالى

{ والمستضعفين } { الذين استكبروا } اى لرؤسائهم المستكبرين الخارجين عن طاعة اللّه

{ انا كنا } فى الدنيا

{ لكم تبعا } جمع تابع كخدم جمع خادم وهو المستنّ بآثار من يتبعه اى تابعين اى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم مطيعين لكم فيما امرتمونا به

{ فهل انتم } [ بس هيج هستيد شما ]

{ مغنون } دافعون

{ عنا من عذاب اللّه من شيء } من الاولى للبيان واقعة موقع الحال قدمت على صاحبها لكونه نكرة والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول اى بعض الشيء الذى هو عذاب اللّه والفاء للدلالة على السببية الاتباع للاغناء . والمراد التوبيخ والعتاب لانهم كانوا يعلمون انهم لا يغنون عنهم شيأ مما هم فيه

{ قالوا } اىلمستكبرون جوابا عن معاتبة الاتباع واعتذارا عما فعلوا بهم يا قوم

{ لو هدينا اللّه } الى الايمان ووفقنا له

{ لهديناكم } ضللنا فاضللناكم اىخترنالكم ما اخترناه لانفسنا

وقال الكاشفى [ اكر خداى تعالى نمودى طريق نجات را عذاب هر آيينه مانيز شمارا راه مينموديم بدان اما طرق خلاصى مسدود است وشفاعت ما درين دركاه مرود ]

وفى التأويلات النجمية

{ قالوا } يعنى اهل البدع للمتقلدة

{ لو هدينا اللّه } الى طريق اهل السنة والجماعة وهو الطريق الى اللّه وقربته

{ لهديناكم } اليه وفه اشارة الى ان الهداية والضلالة من نتائج لطف اللّه وقهره ليس الى احد من شيء فمن شاء جعله مظهر الصفات لطفه ومن شاء جعله مظهر الصفات قهره : قال الحافظ

درين جمن نكنم سرزنش بخودرويى ... جنانكه برورشم ميدهند ميرويم

{ سواء علينا أجزعنا } فى طلب النجاة من ورطة الهلاك والعذاب والجزع عدم الصبر على البلاء

{ ام صبرنا } على ما لقينا انتظارا للرحمة اى مستو علينا الجزع والصبر فى عدم الانجاء ففيه اقناط الضعفاء والهمزة وام لتأكيد التسوية ونحوه اصبروا اولا تصبروا سواء عليكم ولما كان عتاب الاتباع من باب الجزع ديلوا جوابهم بيسان ان لا جدوى فى لك فقالوا

{ ما لنا من محيص } من منجى ومهرب من العذاب.

وبالفارسية [ كريز كاهى وبناهى ] من المحيص وهو العدول على جهة الفرار يقال حاص الحمار اذا عدل بالفرار

وفى التأويلات

{ ما لنا من محيص } من مخلص للنجاة لانه ضاع منا آلة النجاة واوانها ويجوز ان يكون قوله سواء علينا كلام الضعفاء والمستكبرين جميعا ويؤيده انهم يقولون تعالوا نجزع فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم فيقولون تعالوا نصبر اى رجاء ان يرحمهم اللّه بصبرهم على العذاب كما رحم المؤمنين بصبرهم على الطاعات فيصبرون كذلك فلا ينفعهم [ يعنى ازهيج يك فائده نمى رسد ] فعند ذلك يقولون ذلك : قال السعدى قدس سره

فراشو جو بينى در صلح باز ... كه ناكه درتوبه كردد فراز

توبيش ازعقوبت در عفو كوب ... كه سودى نداردفغان برجوب

كنون كردبايد عمل را حساب ... نه روزى كه منشور كردد كتاب

٢٢

{ وقال الشيطان } الذى اضل الضعفاء والمستكبرين

{ لما قضى الامر } اى احكم وفرغ منه وهو الحساب ودخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار اوامر اهل السعادة بالسعادة وامر اهل الشقاوة بالشقاوة

قال الكاشفى

[ تمامت دوزخيان مجتمع شده زبان ملامت بر ابليس دراز كنند ابليس برمنبر آتشين برآيد وكويد باشقياء انس كه اى ملامت كنندكان ]

{ ان اللّه وعدكم الحق } [ وعده راست ودرست كه حشر وجزا خواهد بود ] فوفى لكم بما وعدكم

{ ووعدتكم } اى وعد الباطل وهو ان لا بعث ولا حساب ولكن كان فالاصنام شفعاؤكم ولم يصرح ببطلانه لما دل عليه قوله

{ فاخلفتكم } اى موعدى على حذف المفعول الثانى اى نقضته والاخلاف حقيقة هو عدم انجاز من يقدر على انجاز وعده وليس الشيطان كذلك فقوله اخلفتكم يكون مجازا جعل تبين خلف وعده كالاخلاف منه كأنه كان قادرا على انجازه وانى له ذلك [ يعنى امروز ظاهر شدكه من دروغ كفته بودم ]

{ وما كان لى عليكم من سلطان } اى تسلط وقهر فالجئكم الى الكفر والمعاصى

قال فى بحر العلوم لقائل ان يقول قول الشيطان هذا مخالف لقوله اللّه انما سلطانه على الذين يتولونه فما حكم قول الشيطان احق هوام باطل على انه لا طائل تحته فى النطق بالباطل فى ذلك المقام انتهى

يقول الفقير جوابه ان نفى السلطان بمعنى القهر والغلبة لا ينافى اثباته بمعنى الدعوة والتزيين فالشيطان ليس له سلطان بالمعنى الاول على المؤمنين والكافرين جميعا وله ذلك بالمعنى الثلنى على الكفار فقط كما دل عليه قوله تعالى

{ انما سلطانه على الذين يتولونه }

واما المؤمنون وهم اولياء اللّه فيتولون اللّه بالطاعة فهم خارجون عن جائرة الاتباع بوسوسته اذ هو يجرى فى عالم الصفات وهو عالم الافعال

واما عالم الذات فيخلص للمؤمن فأنى للشيطان سبيل اليه ولو كان لآمن فافهم هداك اللّه

{ الا ان دعوتكم } الادعائى اياكم الى طاعتى بوسوسة وتزيين وهو ليس من جنس السلطان والولاية فى الحقيقة

{ فاستجبتم لى } اجبتم لى طوعا واختيارا

{ فلا تلومونى } فيما وعدتكم بالباطل لانى خلقت لهذا ولانى عدو مبين لكم وقد خدركم اللّه عداوتى كما قال

{ لا تعبدوا الشيطان } لا يفتننكم الشيطان ومن تجرد للعداوة لا يلام اذا دعا الى امر قبيح

{ ولوموا انفسكم } يعنى باختياركم المعصية وحبكم لها صدقتمونى فيما كذبتكم وكذبتم اللّه فيما صدقكم وذلك لان مقالى كان ملائما لهوى انفسكم وكلام الحق مخالف لهواها ومر على مزاق النفوس اى فانتم احق باللوم منى

{ ما انا بمصرخكم } بمغيثكم مما انتم فيه من العذاب

{ وما انتم بمصرخى } مما انا فيه يعنى لا ينجى بعضنا بعضا من عذاب اللّه والا صراخ الاغاثة والمصرخ بالفارسية [ فرياد رس ] وانما تعرض لذلك مع انه لم يكن فى حيز الاحتمال مبالغة فى بيان عدم اصراخه اياهم وايذانا بانه ايضا مبتلى بمثل ما ابتلوا به ومحتاج الى الاصراخ فكيف من اصراخ الغير

{ انى كفرت } اليوم

{ بما اشركتمون } باشراككم اياى اللّه فى الطاعة.

وبالفارسية [ بانجه شريك مى كرديد مرا باخداى تعالى درفرمان بردارى ]

{ من قبل } اى قبل هذا اليوم اى فى الدنيا بمعنى تبرأت منه واستنكرته [ يعنى بيزاز شدم از شرك شما ]

قال فى الارشاد يعنى ان اشراككم لى باللّه هو الذى يطعمكم فى نصرتى لكم بان كان لكم على حق حث جعلتمونى معبودا وكنت اودّ ذلك وارغب فيه فاليوم كفرت بذلك ولم احمده ولم اقبله منكم بل تبرأت منه ومنكم فلم يبق بينى وبينكم علاقة

{ ان الظالمين لهم عذاب اليم } تمتة كلامه اوابتداء كلام من اللّه تعالى . والظالمون هم الشيطان ومتبعوه من الانس لان الشيطان وضع الدعوة الى الباطل فى غر موضعها وانهم وضعوا الاتباع فى غير موضعه وفى حكاية امثاله لطف للسامعين وايقاظ لهم حتى يحاسبوا انفسهم ويتدبروا عواقبهم

هركه نقص خويش راديد وشناخت ... اندرا استكمال خودده اسب تاخت

هركه آخر بين تر او مسعود تر ... هركه آخور بين تر او مبعود تر

ثم اخبر عن حال المؤمنين ومآلهم

٢٣

بقوله

{ وادخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } جمعوا بين الايمان والعمل الصالح والمدخلون هم الملائكة

{ جنات } [ در بهشتهاى كونا كون كه ]

{ تجرى من تحتها الانهار } [ ميرود اززير درختان جويها ]

{ خالدين فيها } [ در حالتى كه جاويدان باشنددران ]

{ باذن ربهم } متعلق بادخل اى بامره او بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى ان الانسان اذا خلى وطبعه لا يؤمن ولا يعمل الصالحات والجنات ان لم تكن العناية لا يبقى احد فى جنة القلب ساعة كما لم يبق آدم فى الجنة خالدا كما فىلتأويلات النجمية

{ تحيتهم فيها سلام } التحية دعاء بالتعمير واضافتها الى الضمير من اضفة المصدر الى المفعول اى تحيتهم الملائكة فى الجنات بالسلام من الآفات او يحيى المؤمنون بعذهم بعضا بالسلام والسلام تحية المؤمنين فى الدنيا ايضا

واصله صدر من ابينا آدم عليه السلام على ما روى وهب بن منبه ان آدم لما رأى ضياء نور نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم سأل اللّه عنه فقال هو نور النبى العربى محمد من اولادك فالانبياء كلهم تحت لواء فاشتاق آدم الى رؤيته فظهر نور النبى عليه السلام فى انملة مسبحة آدم فسلم عليه فردّ اللّه سلامه من قبل النبى عليه السلام فمن هنا بقى السلام سنة لصدوره عن آدم وبقى رده فريضة لكونه عن اللّه تعالى . ونظيره ركعات الوتر فانه عليه السلام لما ام الانبياء فى بيت المقدس اوصاه موسى عليه السلام ان يصلى له ركعة عند سدرة المنتهى قال اللّه تعالى

{ فلا تك فى مرية من لقائه } اى لقاء موسى ليلة المعراج فلما صلى ركعة ضم اليها ركعة اخرى لنفسه فلما صلاهما اوحى اللّه تعالى اليه ان صل ركعة فلذلك صار وترا مالكغرب فلما قلم اليها ليصليها غشاه اللّه بالرحمة والنور فانحل يداه بلا اختيار منه فلذلك كان رفع اليد سنة واليه اشار النبى عليه السلام بقومه ( ان اللّه زادكم صلاة ألا وهى الوتر )

وقيل لما صلى الركعة الثانية وقام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه ثم جمع قلبه فكبر وقال ( اللهم انا نستعينك ) الخ كما فى التقدمة شرح المقدمة فما صلاه عليه السلام لنفسه صار سنة وما صلاه لموسى صار واجبا وما صلاه لله تعالى صار فريضة ولما كان اصل هذه الصلاة وصية موسى اطلق عليها الواجب

وقال الفقهاء يقول فى الوتر نويت صلاة الوتر للاختلاف فى وجوبه

٢٤

{ ألم تر } ألم تشاهد بنور النبوة يا محمد كما فىلتأويلات النجمية

وقال الكاشقى [ آيا نديدى وندانستى اى بنده بينا ودانا كه براى تفهيم شما ]

{ كيف ضرب اللّه مثلا } بين شبها ووضعه فى موضعه اللائق به وكيف فى محل النصب بضرب لا بألم لما فى كيف من معنى الاستفهام فلا يتقدم عليه عامله

{ كلمة طيبة } منصوب بمضمر والجملة تفسير لقوله

{ ضرب اللّه مثلا } كقولك شرف الامير زيدا كساه حلة وحمله على فرس اى جعل كلمة طيبة وهى كلمة التوحيد اى شهادة ان لا اله الا اللّه ويدخل فيها كل كلمة حسنة كالقرآن والتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة الى الاسلام ونحوها مما اعرب عن حق او دعا الى صلاح

{ كشجرة طيبة } اى حكم بانها مثلها لا انه تعالى صيرها مثلها قال عليه السلام ( مثل المؤمنين الذى يقرأ القرآن مثل الا ترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن مثل التمر لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذى يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لس لها ريح وطعما مر ) والحنظل بالفارسية [ هندوانه ابو جهل ] ثم ان النخلة اكرم الاشجار على اللّه فانها خلقت من فضلة طينة آدم وولدت تحتها مريم كما ورد فى احاديث المقاصد الحسنة ولذا جاء ثمرتها احلى واطيب من سائر الثمار

{ اصلها ثابت } اى اسفلها ذاهب بعروقه فى الارض متمكن فيها

{ وفرعها } اى اعلاها ورأسها

{ فى السماء } فى جهة العلو

٢٥

{ تؤتى اكلها } تعطى ثمرها

{ كل حين } وقته اللّه لا ثمارها وهى السنة الكاملة لان النخلة تثمر فى كل سنة مؤة ومدة اطلاعها الى وقت سرانها ستى اشهر

وقال بعضهم كل حين اى ينتفع بها على الاحيان كلها لان ثمر النخل يؤكل ابدا ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى كل ساعة اما تمرا او رطبا او بسرا كذلك عمل المؤمن يصعد اول النهار وآخره لا ينقطع ابدا كصعود هذه الشجرة ولا يكون فى كلمة الاخلاص زيادة ولا نقصان لكن يكون لها مدد وهو التوفيق بالطاعات فى الاوقات كما يحصل النماء لهذه الشجرة بالتربية

{ باذن ربها } بارادة خالقها وتيسيره وتكوينه

{ ويضرب اللّه الامثال للناس } [ وميراند خداى تعالى مثلها را يعنى بيان ميكند براى مردمان ]

{ لعلهم يتذكرون } يتفطنون بضرب الامثال لان فى ضربها زيادة افهام وتذكير فانه تصوير للمعانى بصور المحسوسات . وفى الانجيل سورة تسمى سورة الامثال وهى فى كلام الانبياء والعلماء والحكماء كثيرة لا تحصى

٢٦

{ ومثل كلمة خبيثة } هى كلمة الكفر ويدخل فيها كلمة قبيحة من الدعاء الى الكفر وتكذيب الحق ونحوهما

{ كشجرة خبيثة } كمثل شجرة خبيثة اى صفتها كصفتها وهى الحنظل ويدخل فيها كل ما لا يطيب ثمرها من الكسوب وهو نبت يتعلق باغصان الشجر من غير ان يضرب بعرق فى الارض ويقال له اللبلاب والعشقة والنوم قد يقال انها من النجم لا الشجر والظاهر انه من باب المشاكلة

قال فى التبيان وخبثها غاية مرارتها ومضرتها وكل ما خرج عن اعتداله فهو خبيث

وقال الشيخ الغزالى رحمه اللّه شبه العقل بشجرة طيبة والهوى بشجرة خبيثة فقال

{ ألم تر كيف } الخ انتهى

فالنفس الخبيثة الامارة كالشجرة الخبيثة تتولد منها الكلمة الخبيثة وهى كلمة تتولد من خباثة النفس الخبيثة الظالمة لنفسها بسوء اعتقادها فى ذات اللّه وصفاته او باكتساب المعاصى والظالمة لغيرها بالتعرض لعرضه او ماله

{ اجتثت } الجث القطع باستئصال اى اقتلعت جثتها واخذت بالكلية

{ من فوق الارض } لكون عروقها قريبة منها

{ مالها من قرار } استقرار عليها . يقال قر الشئ قرارا نحو ثبت ثباتا : قال الكاشفى [ نيست اورا ثبات واستحكام يعنى نه بيخ دارد برزمين ونه شاخ درهوا ]

نه بيخى كه آن باشد اورا مدار ... نه شاخى كه كردد بدان سايه دار

كيا هيست افتاده بر رؤى خاك ... بريشان وبى حاصل وخورناك

[ حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد درخت ايمانرا كه اصل آن در دل مؤمن ثابتست واعمال او بجانب اعلاى عليين مرتفع وثواب او در هر زمان بدو واصل بدرخت خرما كه بيخ او مستقراست درمنبت او وفرع متوجه بجانب علو ونفع او در هروقت دهنده بخلق وتمثيل نمود كلمه كفر وعبادت اصنام راكه دردل كافر مقلد بجعت عدم حجت وبرهان بران ثباتى ندارد وعملى كه نيز بمقصد قبول رسد ازو صادر نميشود بشجرة حنظل كه نه اصل اورا قراريست ونه فرع اورا اعتبارى ]

نهال سايه ورى شرع ميوه دارد ... جنان لطيف كه برهيج شاخسارى نيست

درخت زندقه شاخيست خشك وبى سايه ... كه بيش هيجكسش هيج اعتبارى نيست

وفى الكواشى قالوا شبه الايمان بالشجرة لان الشجرة لا بد لها من اصل ثابت وفرع قائم ورأس عال فكذا الايمان لا بد له من تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالابدان

وقال ابو الليث المعرفة فى قلب المؤمن العارف ثابتة بل هى اثبت من الشجرة فى الارض لان الشجرة تقطع ومعرفة العارف لا يقدر احد ان يخرجها من قلبه الا المعرف الذى عرفه

٢٧

{ يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت } هو كلمة التوحيد لانها رساخة فى قلب المؤمن كما قال الكاشفى

[ قول ثابت كلمة لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه است كه خداى تعالى بران ثابت ميدارد مؤمنانرا ]

{ فى الحيوة الدنيا } اى قبل الموت فاذا ابتلوا ثبتوا ولم يرجعوا عن دينهم ولو عذبوا انواع العذاب كمن تقدمنا من الانبياء والصالحين مثل زكريا ويحيى وجوجيس وشمعون والذين قتلهم اصحاب الاخدود والذين مشطت لحومهم بامشاط الحديد

قال سعدى المفتى روى ان جرجس كان من الحواريين علمه اللّه الاسم الذى يحيى به الموتى وكان رياض الموصل جبار يعبد الصنم فدعاه جرجيس الى عبادة اللّه وحده فامر به فشدر رجلاه ويداه بامشاط من الحديد فنشرح بها صدره ويديه ثم صب عليه ماء الملح فصبره اللّه تعالى ثم دعا بمسامير من حديد فمر بها عينيه واذنيه فصبره اللّه تعالى عليه ثم دعا بحوض من نحاس فأوقد تحته حتى ابيض ثم القى فيه فجعله اللّه بردا وسلاما ثم قطع اعضاءه اربا اربا فاحياه اللّه تعالى ودعاهم الى اللّه تعالى ولم يؤمن الملك فاهلكه اللّه مع قومه بان قلب المدينة عليهم وجعل عاليها سافلها

وشمعون كان من زهاد النصارى وكان شجاعا يحارب عبدة الاصنام من الروم ويدعوهم الى الدين الحق وكان يكسر بنفسه جنودا مجندة واحتال عليه ملك الروم بانواع من الحيل ولم يقدر عليه الى ان خدع امرأته بمواعيد فسألته فى وقت خلوة كيف يغلب عليه فقال ان اشد بشعرى فى غير حال الطهارة فانى حينئذ لم اقدر على الحل فاحاطوا به فى منامه وشدوه كذلك والقوه من قصر الملك فهلك

وفى نفائس المجالس عمدوا الى قتله بالاذية فدعا اللّه تعالى ان ينجيه من الاعداء فانجاه اللّه تعالى فاخذ عمود البيت وخر عليهم السقف فهلكوا

{ وفى الآخرة } اى يثبتهم فى القبر عند سؤال منكر ونكير وفى سائر المواطن والقبر من الآخرة فانه اول منزل من منازل الآخرة

{ ويضل اللّه الظالمين } اى يخلق اللّه فى الكفرة والمشركين الضلال فلا يهديهم الى الجواب بالصواب كما صلوا فى الدنيا

{ ويفعل اللّه ما يشاء } من تثبيت اى خلق ثبات فى بعض واضلال اى خلق ضلال فى آخرين من غير اعتراض عليه

وفى التأويلات النجمية يمكنهم فى مقام الايمان بملازمة كلمة لا اله الا اللّه والسير فى حقائقها فى مدة بقائهم فى الدنيا وبعد مفارقة البدن يعنى ان سير اصحاب الاعمال ينقطع عند مفارقة الروح عن البدن وسير ارباب الاحوال يثبت بتثبيت اللّه ارواحهم بانوار الذكر وسيرهم فى ملكوت السموات والارض بل طيرهم فى عالم الجبروت باجنحة انوار الذكر وهى جناحا النفى والاثبات فان نفيهم باللّه عما سواه واثباتهم باللّه فى اللّه لا ينقطع ابجا الآباد

والآية دليل على حقيه سؤال القبر وعلى تنعيم المؤمنين فى القبر فان تثبيت اللّه عبده فى القبر بالقول الثابت هو النعمة كل النعمة

قال الفقيه ابو الليث قد تكلم العلماء فى عذاب القبر

فان بعضهم يجعل الروح فى جسده كما كان فى الدنيا ويجلس اى ياتيه ملكا اسودان ازرقان فظان غليظان اعينهما كالبرق الخاطف واصاواتها كالرعد القاصف معهما مرزبة فيقعدان الميت ويسألانه فيقولان له من ربكة وما دينك ومن نبيك فيقول المؤمن اللّه ربى والاسلام دينى ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم نبى فذلك هو الثبات

واما الكافر والمنافق فيقول لا ادرى فيضرب بتلك المرزبة فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين الا الجن والانس

وقال بعضهم يكون الروح بين جسده وكفنه

وقال بعضهم يدخل الروح فى جسده الى صدره وفى كل قد جاءت الآثار والصحيح ان يقر الانسان بعذاب القبر ولا يشتغل بكيفيته

وفى اسئلة الحكم الارواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى لكل ذلك نعيم او عذاب معنوى حتى تبعث اجسادها فترد اليها فتنعم عند ذلك حبسا ومعنى

ألا ترى الى بشر الحافى رحمه اللّه لما رؤى فى النوم قيل ما فعل اللّه بك قال غفر لى واباح لى نصف الجنة يعنى روحه منعمة بالجنة فاذا حشر ودخل الجنة ببدنه يكمل النعيم بالنصف الآخر وهل عذاب القبر دائم او ينقطع فالجواب نوع دائم بدليل قوله تعالى

{ النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } ونوع منقطع وهو بعض العصاة الذين خفت جرائمهم فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه كما يعذب فى النار مدة ثم يزول عنه العذاب وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء او صدقة او استغفار او ثواب بحج او فراءة تصل اليه من بعض اقاربه او غيرهم كما فى الفتح القريب وفى الحديث ( اللهم انى اعوذ بك من البخل واعوذ بك من الجبن واعوذ بك ان ارد الى ارذل العمر واعوذ بك من فتنة الدجال واعوذ بك من عذاب القبر ) وكان صلّى اللّه عليه وسلّم اذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال ( استغفروا لاخيكم وسلوا له التثبت فانه الآن يسال ) - روى - ان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم لما دفن ولده ابراهيم وقف على قبره فقال ( يا بنى القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب انا لله وانا اليه راجعون يا بنى قل اللّه ربى والاسلام دينى ورسول اللّه ابى ) فبكت الصحابة منهم عمر رضى اللّه عنه حتى ارتفع صوته فالتفت اليه رسول اللّه فقال ( ما يبكيك يا عمر ) فقال يا رسول اللّه هذا ولدك وما بلغ الحلم ولا جرى عليه القلم ويحتاج الى تلقين مثلك يلقنه التوحيد فى مثل هذا الوقت فما حال عمر وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم وليس له ملقن مثلك فبكى النبى عليع السلام وبكت الصحابة معه فنزل جبريل بقوله تعالى

{ يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحيوة الدنيا وفى الآخرة } قتلا النبى عليه السلام الآية فطابت الانفس وسكنت القلوب وشكروا الله

وقال بعضهم الانبياء والصبيان والملائكة لا يسألون وقد اختص نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم بسؤال امته عنه بخلاف بقية الانبياء وما ذاك الا ان الانبياء قبل نبينا كان الواحد منهم اذا اتى امته وابوا عليه اعتزلهم وعوجلوا بالعذاب

واما نبينا عليه السلام فبعث رحمة بتأخير العذاب ولما اعطاه اللّه السيف دخل فى دينه مخافة من السيف فقبض اللّه فتانى القبر ليستخرجا بالسؤال ما كان فى نفس الميت فيثبت المسلم ويزل المنافق

وفى بعض الآثار يتكرر السؤال فى المجلس الواحد ثلاث مرات وفى بعضها ان المؤمن يسأل سبعة ايام والمنافق اربعين يوما.

ولا يسأل من مات يوم الجمعة ليلته من المؤمنين . وكذا فى رجب وشعبان ورمضان وهو بعد العيد فى مشيئته اللع تعالى لكن اللّه تعالى هو اكرم الاكرمين فالظن على انه لا يؤمر بالسؤال كما فى الواقعات المحمودية

وفى كلام الحافظ السوطى لم يثبت فى التلقين حديث صحيح اوحسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين والحديث الضعيف يعمل به فى فضائل الاعمال

فعلى العاقل ان يموت قبل ان يموت ويحيى بالحياة الطيبة وذلك بظهور سر الحياة له بتربية مرشد كامل كما قال فى المثنوى

هين كه اسرافيل وقتند اوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما

جانهاى مرده اندر كورتن ... برجهد زآوازشان اندر كفن

كويداين أوزا زآواهاجداست ... زنده كردن كار آواز خداست

ما بمرديم وبكلى كاستيم ... بانك حق آمد همه بر خاستيم

مطلق ان أواز خودازشه بود ... كرجه از حلقوم عبد اللّه بود

كفت اورامن زبان وحشم تو ... من حواس ومن رضا وخشيم تو

روكه بى يسمع وبى يبصر توئى ... سر توئى جه جاى صاحب سر توئى

جون شدى من كان لله ازوله ... حق ارلباشد كه كان اللّه له

كه توئى كويم تراكاهى منم ... خرجه كوئى آفناب روشنم

هركجا تابم زمشكات دمى ... حل شد آنجا مشكلات عالمى

ظلمتى راكافتا بش برنداشت ... ازدم كردد آن ظلمت جوجاشت

وكما ان لانفاس الاولياء بركة ويمنا للاحياء فكذا للاموات حيثن التلقين فانه فرق بين تلقين الغافل الجاهل وبين تلقين المتنقط العالم باللّه نسأل اللّه تعالى ان يثبتنا واياكم على الحق المبين الى ان يأتى اليقين ويجعلنا من الصديقين الذين يتمكنون فى مقام الامن عند خوف اهل التلوين

٢٨

{ ألم تر الى الذين } من رؤية البصر وهو تعجب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اى هل رأيت عجبا مثل هؤلاء

{ بدلوا } غيروا

{ نعمة اللّه } على حذف المضاف اى شكر نعمته

{ كفرا } بان وضعوه مكانه او بدلوا نفس النعمة كفرا فانهم لما كفروها سلبت منهم فصاروا تاركين لها محصلين الكفر بدلها كأهل مكة خلقهم اللّه تعالى واسكنهم حرمه وجعلهم قوام بيته ووسع عليهم ابواب رزقه وشرفهم بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم فكفروا ذلك فحفظا سبع سنين واسروا وقتلوا يوم بدر فصاروا اذلاء مسلوبى النعمة

وعن عمر وعلى رضى اللّه عنهما هم الافجران من قريش بنوا امية اما بنوا المغيرة فكيفتموهم يوم بدر

واما ينوا امية فمتعوا الى حين كأنهما يتأولان ما سيتلى من قوله تعالى

{ قل تمتعوا } الآية

{ واحلوا } انزلوا

{ قومهم } بارشاطهم اياهم الى طريقة الشرك والضلال وعدم التعرض لحلولهم لدلالة الاحلال عليه اذ هو فرعه كقوله تعالى

{ يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار } واسند الاحلال وهو فعل اللّه الى اكابرهم لان سببه كفرهم وسبب كفرهم امر اكابرهم اياهم بالكفر

٢٩

{ دار البوار } اى الهلاك

{ جهنم } عطف بيان لها

{ يصلونها } حال منها اى داخلين فيها مقاسين لحرها يقال صلى النار صليا قاسى حرها كتصلاها

{ وبئس القرار } اى بئس جهنم

٣٠

{ وجعلوا } عطف على احلوا داخل معه فى حكم التعجب اى جعلوا فى اعتقادهم الباطل وزعمهم الفاسد

{ لله } الفرد الاحد الذى لا شريك له فى الارض ولا فى السماء

{ اندادا } اشابها فى التسمية حيث سموا الاصنام آلهة او فى العبادة

{ ليضلوا } قومهم الذين يشايعونهم حسبما ضلوا

{ عن سبيله } القويم الذى هو التوحيد ويوقعونهم فى ورطة الكفر والضلال وليس الاضلال غرضا حقيقيا لهم من اتخاذ الانداد ولكن لما كان نتيجة له كما كان الاكرام قى قولك جئتك لتكرمنى نتيجة المجئ شبه بالغرض وادخل اللام عليه بطريق الاستعارة التبعية ونسب الاصلال الذى هو فعل اللّه اليهم لانهم سبب الضلالة حيث يأمرون بها ويدعون اليها

{ قل } تهديدا لاولئك الضالين المضلين

{ تمتعوا } انتفعوا بما انتم عليه من الشهوات التى من جملتها كفران النعم العظام واستتباع الناس فى عبادة الاصنام . وبالفارسية [ بكدرانيد عمر هاى خود بارزوها وعبادت بتان ]

{ فان مصيركم } يوم القيامة

{ الى النار } ليس الا فلا بد لكم من تعاطى ما يوجب ذلك او يقتضيه من احوالكم والمصير مصدر صار التامة بمعنى رجع وخبر ان هو قوله الى النار

دلت الآيتان على امور

الول ان الكفران سبب لزوال النعمة بالكلية كما ان الشكر سبب لزيادتها

شكر نعمت تعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند

وفى حديث المعراج ( ان اللّه شكا من امتى شكايات . الاولى انى لم اكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد . والثانية انى لا ادفع ارزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى . والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى . والرابعة ان العزة لى وانا لمعزوهم يطلبون العزة من سواى . والخامسة انى خلقت النار لكل كافروهم يجتهدون ان يوقعوا انفسهم فيها )

والثانى ان القرين السوء يجر المرء الى النار ويحله دار البوار فينبغى للمؤمن المخلص السنى ان يجتنب عن صحبة اهل الكفر والنفاق والبدعة حتى لا يسرق طبعه من اعتقادهم السوء وعملهم السئ ولهم كثرة فى هذا الزمات واكثرهم فى زى المتصوفة

اى فغان ازيارنا جنس اى فغان ... همنشين نيك جوييد اى مهان

والثالث ان جهنم دار القرار للاشرار وشدة حرها مما لا يوصف . وعن النعمان بن بشير رضى اللّه عنه عن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( ان اهون اهل النار عذابا رجل فى اخمص قدميه جمرتان يغلى منهما دماغه كما يغلى المرجل بالقمقمة ) والاخمص بفتح الهمزة هو المتجافى من الرجل اى من بطنها عن الارض والغليان شدة اضطراب الماء نحوه على النار لشدة ايقادها . والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم قدر معروف سواء كان من حديد او نحاس او حجارة او خزف هذا هو الاصح.

وقيل هو القدر من النحاس خاصة

وفى الآية اشارة الى نعمة الوهية وخالقية ورازقية عليهم بدلوها بالكفر والانكار والجحود واحلوا ارواحهم وقلوبهم ونفوسهم وابدانهم جار الهلاك وانزلوا ابادانهم جهنم يصلونها وبئس القرار وهى غاية البعد عن الحضرة والحرمان عن الجنان وانزاللوا نفوسهم الدركات وقلوبهم العمى والصمم والجهل وارواحهم العلوية اسفل سافلين الطبيعة بتبديل نعم الاخلاق الملكية الحميدة بالاخلاق الشيطانية السبعية الذميمة وجعلوا لله اندادا من الهوى والدنيا وشهواتها ليضلوا الناس بالاستنباع عن طلب الحق تعالى والسير اليه على اقدام الشريعة والطريقة الموصل الى الحقيقة قل تمتعوا بالشهوات الدنيا ونعيمها فان مصيركم نار جهنم للابدان ونار الحرمان للنفوس ونار الحسرة للقلوب ونار القطيعة للارواح كما فى التأويلات النجمية

٣١

{ قل لعبادى الذى آمنوا } قال بعض الحكماء شرف اللّه عباده بهذه الياء وهى خير لهم من الدنيا وما فيها لان فيها اضافة الى نفسه والاضافة تدل على العتق لان رجلا لو قال لعبده يا ابن او ولد لا يعتق ولو قال يا ابنى او ولدى يعتق بالاضافة الى نفسه كذلك اذا اضاف العباد الى نفسه فيه دليل ان يعتقهم من النار ولا شرف فوق العبودية : قال الجامى

كسوت خواجكى وخلعت شاهى جه كند ... هركرا غاشية بند كيت بردوشست

وكان سلطان العارفين ابو يزيد البسطامى قدس سره يقول الخلق يفرون من الحساب وانا اطلبه فان اللّه تعالى لو قال لى اثناء الحساب عبدى لكفانى شرفا والمقول هنا محذوف دل عليه الجواب اى قل لهم اقيموا وانفقوا

{ يقيموا الصلوة وينفقوا مما رزقناهم } اى يداوموا على ذلك . وبالفارسية [ بكو اى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم يعنى امركن مربند كان مراكه ايمان آورده اندبرين وجه كه نماز كزاريد ونفقه كنيد تايشان بامر تونماز كزارند ونفقه دهند از آنجه عطاداده يابشان ازامول ] ويجوز ان يكون المقول يقيموا وينفقوا على ان يكونا بمعنى الامر وانما اخرجا عن صورة الخبر للدلالة على التحقيق بمضمونها والمسارعة الى العمل بهما

فان قيل لو كان كذلك لبقى اعرابه بالنون

قلنا يجوز ان يبنى على حذف النون لما كان بمعنى الامر

{ سرا وعلانية } منتصبان على المصدر من الامر المقدور اى نفقوا انفاق سر وعلانية او على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية

والاحب فى الانفاق اخفاء المتطوع واعلان الواجب وكذا الصلوات والمراد حث المؤمنين على الشكر لنعم اللّه تعالى بالعبادة البدنية والمالية وترك التمتع بمتاع الدنيا والركون اليها كما هو صنيع الكفرة

{ من قبل ان يأتى } قال فى الارشاد الظاهر ان من متعلقة لانفقوا

{ يوم } وهو يوم القيامة

{ لا بيع فيه } فيبتاع المقصر ما تيلافى تقصيره به وتخصيص البيع بالذكر لاستلزام نفيه نفى الشراء

{ ولا خلال } ولا مخالة فيشفع له خليل والمراد لمخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس فلا يخالف قوله تعالى

{ الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين } لان الواقع فيما بينهم المخالة لله ام من قبل ان يأتى يوم القيامة الذى لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة وانما ينتفع فيه بالطاعة التى من جملتها اقامة الصلاة والانفاق لوجه اللّه تعالى وادخار المال وترك انفاقه انما يقع غالبا للتجارات والمهاداة فحيث لا يمكن ذلك فى الآخرة فلا وجه لادخاره الى وقت الموت

وفى الآية اشارة الى الاعمال الباطنة القلبية كالايمان والى الاعمال الظاهرة القابية كاقامة الصلاة والانفاق

قال ابو سعيد الخراسانى قدس سره خزائن اللّه فى السماء وخزائنه فى الارض القلوب لنه تعالى خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم ارسل ريحا فهبت فيه فكنسته من الكفر والشرك والنفاق والغش ثم انشأ سحابة فامطرت فيه ثم انبت شجرة فانمرت الرضى والمحبة والشكر والصفوة والاخلاص والطاعة ثم كاب الظاهر بحسب طيب الباطن

وعن مكحول الشامى رحمه اللّه اذا تصدق المؤمن بصدقة ورضى عنه ربه تقول جهنم يا رب ائذن لى بالسجود شكرا لك فقد اعتقت احدا من امة محمد من عذابى ببركة صدقته لانى استحيى من محمد ان اعذب امته مع ان طاعتك واجبة على : قال المولى الجامى

هرجه دارى جون شكوفه برفشان زيرا كه سنك ... بهر ميوه ميخور دهردم زدست صفله شاخ

والاشارة

{ قل لعبادى } لا عباد الهوى

{ الذين آمنوا } بنور العناية وعرفوا قدر نعمة الوهيتى ولم يبدلوها كفرا

{ يقيموا الصلوة } ليلازموا عتبة العبودية ويديموا العكوف على بساط القربة ويثبتوا فى المناجاة والمكالمة

{ وينفقوا } على الطالبين المريدين

{ مما رزقناهم سرا } من اسرار الالوهية

{ وعلانية } من احكام العبودية فى طريق الربوبية

{ من قبل ان يأتى يوم } وهو يوم مفارقة الارواح عن الابدان

{ لا بيع فيه } اى لا يقدر على الانفاق بطريق طلب المعاوضة

{ ولا خلال } اى ولا بطريق المخالة من غير طلب العوض لان آلة الانفاق خرجت من يده وبطل استعداد دعوة الخلق الى الحق وتربيتهم بالتسليك والتزكية والتهذيب والتأديب كما فى التأويلات النجمية

٣٢

{ اللّه } مبتدأ خبره

{ الذى خلق السموات } وما فيها من الاجرام العلوية

{ والارض } وما فيها من انواع المخلوقات وقدم السماوات لانها بمنزلة الذكر من الانثى

{ وانزل من السماء } اى من السحاب فان كل ما علاك سماء او من الفلك فان المطر منه يبتدئ الى السحاب ومنه الى الارض على ما دلت عليه ظواهر النصوص

يقول الفقير هو الارجح عندى لان اللّه تعالى زاد بيانه نعمه على عباده فبين اولا خلق السماوات والارض ثم اشار الى ما فيها من كليات المنافع لكنه قدم واخركتأخير تسخير الشمس والقمر ليدل على ان كلا من هذه النعم نعمة على حدة ولو اريد السحاب لم يوجد التقابل التام واياما كان فمن ابتدائية

{ ماء } اى نوعا منه وهو المطر

{ فاخرج به } اى بسبب ذلك الماء الذى اودع فيه القوة الفاعلية كما انه اودع فى الارض القوة القابلية

{ من الثمرات } من انواع الثمرات

{ رزقا لكم } تعيشون به وهو بمعنى المرزوق شامل للمطعوم والملبوس مفعو لاخرج ومن للتبيين حال منه ولكم صفة كقولك انفقت من الدراهم الفا او للتبعيض بدليل قوله تعالى

{ فاخرجنا به ثمرات } كانه قيل انزل من السماء كل الماء ولاخرج بالمطر كل الثمار ولاجل كل الرزق ثمر او كان احب الفواكه الى نبينا عليه السلام الرطب والبطيخ وكان يأكل البطيخ بالرطب ويقول ( يكسر حر هذا ببرد هذا وبرد هذا بحر هذا ) فان الرطب حار رطب والبطيخ بارد رطب كما فى شرح المصابيح وفى الحديث ( من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر ) قوله تصبح اى اكل وقت الصباح قبل ان يأكل شيأ آخر وعجوة عطف بيان لسبع تمرات وهى ضرب من اجود التمر فى المدينة يضرب الى السواد يحتمل ان يكون هذا الخاصية فى ذلك النوع من التمر ويحتمل ان يكون بدعائه له حين قالوا احرق بطوننا تمر المدينة وفى الحديث ( كلوا التمر على الريق فانه يقتل الديدان فى البطن ) وكان عليه السلام ياخذ عنقود العنب بيده اليسرى ويتناول حبة حبة بيده اليمنى كذا فى الطب النبوى وفى البطيخ والرمان قطرة من ماء الجنة

وروى عن على كلوا من الرمان فليس منه حبة تقع فى المعدة الا انارت القلب واخرست الشيطان اربعين يوما

وقال جعفر بن محمد ريح الملائكة ريح الورد وريح الانبياء ريح السفر جل وريح الحور ريح الآس

{ وسخر لكم الفلك } بان اقدركم على صنعتها واستعمالها بما الهمكم كيفية ذلك

{ لتجرى } اى الفلك لانه جمع فلك

{ فى البحر } [ دردريا ]

{ بامره } بارادته الى حيث توجهتم وانطوى فى تسخير الفلك تسخير البخار وتسخير الرياح

قال فى شرح حزب البحر قال عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه لعمرو بن العاص صف لى البحر فقال يا امير المؤمنين مخلوق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود

وفى انوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء عند غبلة السلامة كذا قال الجمهور.

وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر عن المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال

{ وسخر لكم الانهار } اى المياه العظيمة الجارية فى الانهار العظام وتسخيرها جعلها معدة لانتفاع الناس حيث يتخذون منها جداول يسقون بها زروعهم وجنانهم وما اشبه ذلك

قال فى بحر العلوم اللام فيها للجنس او للعهد اشير بها الى خمسة انهار سيحون نهر الهند وجيحون نهر بلخ ودجلة والفرات نهر العراق والنيل نهر مصلا انزلها اللّه من عين واحدة من عيون الجنة فاستودعها الجبال واجراها فى الارض وسخرها للناس وجعل فيها منافع لهم فى اصناف معاشهم وسائر الانهار تبع لها وكأنها اصولها

٣٣

{ وسخر لكم الشمس والقمر } حال كونهما

{ دائيين } قال فى تهذيب المصادر الدأب [ دانم شدن ] فالمعنى دائمين متصلين فى سيرهما لا ينقطعان الى يوم القيامة

وقال فى القاموس دأب فى عمله كمنع دابا ويحرك فى ودؤوبا بالضم جدذ وتعب . فالمعنى مجدين فى سيرهما وانارتهما ودرئهما الظلمات واصلاحهما يصلحان الارض والابدان والنبات لا يفتران اصلا ويفضل الشمس على القمر لان الشمس معدن الانوار الفلكية من البدور والنجوم واصلها فى النورانية وان انوارهم مقتبسة من نورالشمس على قدر تقابلهم وصفوة اجرامهم

{ وسخر لكم الليل والنهار } يتعاقبان بالزيادة والنقصان والاضاءة والاظلام والحركة والسكون فيهما اى لمعاشكم ومنامكم ولعقد الثمار وانضاجها

واختلفوا فى الليل والنهار ايهما افضل

قال بعضهم قدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الانبياء عليهم السلام كانت بالليل ولذا قال الاملم النيسابورى الليل افضل من النهار

يقولىلفقير الليل محل السكون ففيه سر الذات وله المرتبة العليا والنهار محل الحركة ففيه سر الصفات وله الفضيلة العظمى واول المراتب وآخرها السكون كما اشار اليه قوله تعالى فى الحديث القدسى ( كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق ) فالخلق يقتضى الحركة المعنوية وما كان قبل الحركة والخلق الا سكون محض وذات بحت فافهم . وسيد الايام يوم الجمعة واذا وافق يوم عرفة يومالجمعة تضاعف الحج لسبعين حجة على غيره وبهذا ظهر فضل يوم الجمعة على يوم عرفة . وافضل الليالى ليلة المولد المحمدى لولاه ما نزل القرىن ولا نعتت ليلة القدر وهو الاصح

٣٤

{ وآتيكم من كل ما سألتموه } اى اعطاكم مصلحة لكم فى بعض جميع ما سألتموه فان الموجود من كل صنف بعض ما قدره اللّه وهذ كقوله تعالى

{ من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء } فمن للتبعيض او كل ما سألمتوه على ان من للبيان وكلمة كل للتكثير كقولك فلان يعلم كل شيء واتاه كل الناس وعليه قوله تعالى

{ فتحنا عليهم ابواب كل شيء } قال الكاشفى [ وبداد شمارا ازهر جه خواستيد يعنى آنجه محتاج اليه شما بود خواسته وناخواسته بشما ارزانى داشت ]

{ وان تعدوا نعمة اللّه } التى انعم بها عليكم بسؤال وبغيره

{ لا تحصوها } لا تطيقوا حصرها وعدها ولو اجمالا لكثرتها وعدم نهايتها

وفيه دليل على ان المفرد يفيد الاستغراق بالاضافة واصل الاحصاء ان الحساب كان اذا بلغ عقدا معينا من عقود الاعداد وضعت له حصاة ليحفظ بها ثم استؤنف العدد . والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة والنعم على قسمين نعمة المنافع لصحة البدن والامن والعافية والتلذذ بالمطاعم والمشارب والملابس والمناكح والاموال والاولاد ونعمة دفع المضار من الامراض والشدائد والفقر والبلاء واجل النعم استواء الخلقة والهام المعرفة [ سلمى قدس سره فرمودكه مراد ازين نعمت حضرت بيعمبر ماست صلّى اللّه عليه وسلّم كه سفر بزر كتر وواسطة نزديكترمايان حق وخلق اوست وفى نفس الامر حصر صفات كمال وشرح انوار جمال اواز دائرة تصور وتخيل بيرن وازاندازه تأمل وتفكر افزونست ]

بر ذروه معارج قدر رفيع تو ... نى عقل راه يابد ونى فهم فى برد

{ ان الانسان لظلوم } لبليغ فى الظلم يظلم النعمة باغفال شكرها او بوضعها فى غير موضعها او يظلم نفسه بتعريضها للحرمان

{ كفار } شديد الكفران لها او ظلوم فى الشدة يشكو ويجزع كفار فى النعمة يجمع ويمنع . واللام فى الانسان للجنس ومصداق الحكم بالظلم والكفران بعض من وجد فيه من افراده كما فى الارشاد -روى- انه شكا بعض الفقراء الى واحد من السلف فقره واظهر شدة اهتمامه به فقال ايسرّك انك اعمى ولك عشرة آلاف درهم فقال لا فقال اقطع اليدين والرجلين ولك عشرون الف درهم فقال لا فقال ايسرّك اللّه انك مجنون ولك عشرة آلاف قال لا فقال اما تستحيى انك تكشو مولاك وعندك عروض باربعين الف

ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوز ماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعط هذه الشربة الا ببذل جميع اموالك والا بقيت عطشان فهل كنت تعطيه قال نعم قال ولو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يساوى شربة ماء وان نعمة على العبد فى شربة ماء عند العطش اعظم من ملك الارض كلها بل كل نفس لا يستوى بملك الارض كلها فلو اخذ لحظة حتى انقطع الهواء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام فيه هواء حار او بئر فيه هواء ثقيل برطوبة الماء مات غما ففى كل ذرة من بدنه نعم لا تحصى

نعمت حق شمار وشكر كذار ... نعتش را اكرجه نيست شمار

شكر باشد كليد كنج مزيد ... كنج خواهى منه زدست كليد

والاشارة

{ اللّه الذى خلق السموات } سموات القلوب

{ والارض } ارض النفوس

{ وانزل من السماء } من سماء القلوب

{ ماء } ماء الحكمة

{ فاخرج به من الثمرات } من ثمرات الطاعات

{ رزقا } لارواحكم فان الطاعات غذاء الارزاح كما ان الطعام غذاء الابدان

{ وسخر لكم الفلك } فلك الشريعة

{ لتجرى فى البحر } فى بحر الطريقة

{ بامره } بامر الحق لا بامر الهوى والطبع لان استعمال فلك الشريعة اذا كان بامر الهوى والطبع سريعا ينكسر ويغرق ولا يبلغ ساحل الحقيقة الا بامر اولى الامر وملاحيه وهو الشيخ الواصل الكامل المكمل كما قال تعالى

{ اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول واولى الامر منكم } وقال النبى عليه السلام ( من اطاع اميرى فقد اطاعنى ومن اطاعنى فقد اطاع اللّه ) وكم من سفن لارباب الطلب لما شرعت فى هذا البحر بالطبع انكسرت بنكباء الاهواء وتلاطم امواج الغرة وانقطعت دون ساحلها { وسخر لكم الانهار } انها العلوم اللدنية

{ وسخر لكم الشمس } شمس الكشوف

{ والقمر } قم المشاهدات

{ داءبين } بلكشف والمشاهدة

{ وسخر لكم الليل } ليل البشرية

{ والنهار } نهار الروحانية وتسخير هذه الاشياء عبارة عن جعلها يببا لاستكمال استعداد الانسان فى قبول الفيض الالهى المختص به من بين سائر المخلوقات وفى قوله

{ وآتيكم من كل ما سألتموه } اشارة الى انه تعالى اعطى الانسان فى الازل حسن استعداد استدعى منه لقبول الفيض الالهى وهو قوله تعالى

{ لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم } ثم للابتلاء رده الى اسفل سافلين ثم آتاه من كل ما سأله من الاسباب التى تخرجه من اسفل سافلين وتصعده الى اعلى عليين فاذا امعنت النظر فى هذه الآيات رأيت ان العالم بما فيه خلق تبعا لوجود الانسان وسببا لكماليته كما ان الشجرة خلقت تبعا لوجود الثمرة وسببا لكماليتها فالانسان البالغ الكامل الواصل ثمرة شجرة المكونات فافهم جدا

{ وان تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها } لان نعمته على الانسان قسمان قسم يتعلق بالمخلوقات كلها وقد بينا انها خلقت لاستكمال الانسان وهذه النعمة لا يحصى عدها لان فوائدها عائدة الى الانسان الى الابد وهى غير متناهية فلا يحصى عدها وقسم يتعلق بعواطف الوهيته وعوارف ربوبيته فهى ايضا غير متناهية فلا يحصى عدها وقسم يتعق بعواطف الوهيته وعوارف ربوبيته فهى ايضا غير متناهية

{ ان الانسان لظلوم } لنفسه بان يفسد هذا الاستعداد الكامل بالاعراض عن لحق والاقبال على الباطل

{ كفار } لا نعم اللّه اذا لم يعرف قدرها ولم يشكر لها وجعلها نقمة لنفسه بعد ما كانت نعمة من ربه كما فى التأويلات النجمية

٣٥

{ واذ قال ابراهيم } واذكر وقت قول ابراهيم فى مناجاته اى بعد الفراغ من بناء البيت

{ رب اجعل هذا البلد } [ اين شهر مكه را ]

{ آمنا } اهله بحيث لا يخاف فيه من المخاوف والمكاره كالقتل والغارة والامراض المنفرة من البرص والجذام ونحوهما فاسناد الامن الى البلد مجاز لوقوع الامن الا من فيه وانما الآمن فى الحقيقة اهل البلد

{ واجنبنى وبنى } يقال جنبته كنصرته واجنبته اى ابعدته . والمعنى بعدنى واياهم

{ ان نعبدالاصنام } واجعلنا منه فى جانب بعيد اى ثبتنا على ما كنا عليه من التوحيد وملة الاسلام والبعد عن عبادة الاصنام

قال بعضهم رأى القوم يعبدون الاصنام فخاف على بنيه فدعا

يقول الفقير الجمهور على ان العرب من عهد ابراهيم استمرت على دينه من رفض عبادة الاصنام الى زمن عمرو بن لحى كبير خزاعة فهو اول من غير دين ابراهيم وشرع للعرب الضلالات وهو اول من نصب الاوثان فى الكعبة وعبدها وامر الناس بعبادتها وقد كان اكثر الناس فى الارض المقدسة عبدة الاصنام وكان ابراهيم يعرفه فخاف سرايته الى كل بلد فيه واحد من اولاده فدعا فعصم اولاده الصلبية من ذك وهى المرادة من قوله

{ وبنى } فانه لم يعبد احد منهم الصنم لا هى واحفاده وجميع ذريته وذلك لان قريشا مع كونهم من اولاد اسماعيل عبادتهم الاصنام مشهورة

واما قوله تعالى فى حم الزخرف

{ وجعلها كلمة باقية فى عقبه } فالصحيح ان هذا لا يستلزم تياعد جميع الاحفاد عن عبادة الاصنام بل يكفى فى بقاء كلمة التوحيد فى عقبه ان لا ينقرض قرن ةلا ينقضى زمان الا وفى ذريته من هو من اهل التوحيد قلوا او كثروا الى زمان نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم وقد اشتهر فى كتب السير ان بعض آحاد العرب لم يعبد الصنم قط ويدل عليه قوله عليه السلام ( لا تسبوا مضر فانه كان على ملة ابراهيم ) هذا ما لاح لى من التحقيق ومن اللّه التوفيق . وانما جمع الاصنام ليشتمل على كل صنم عبد من دون اللّه لان الجمع المعرف باللام يشمل كل واحد من الافراد كالمفرد باتفاق جمهور ائمة التفسير والاصول والنحو اى واجبنا ان نعبد احدا مما سمى بالصنم كما فى بحر العلوم وخصصها الامام الغزالى بالحجرين اى الذهب والفضة اذ رتبة النبوة اجل من ان يخشى فيها ان تعتقد الالهية فى شيء من الحجارة فاستعاذ ابراهيم من الاغترار بمتاع الدنيا

يقول الفقير الظاهر ان الامام الغزالى خصص الحجرين بالذكر بناء على انهما اعظم ن يضل الناس وقد شبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طلاب الدراهم والدنانير بعبدة الحجارة فقال ( تعس عبد الدراهم تعس عبد الدنانير ) والا فكل ما هو من قبيل الهوى فهو صنم الا ترى الى قوله تعالى

{ أفرأيت من اتخذ آلهه هواه } ولذا قال فى التاويلات النجمية . صنم النفس الدنيا . وصنم القلب العقبى . وصنم الروح الدرجات العلى . وصنم السر عرفان القربات . وصنم الخفى الركون الى المكاشفات والمشاهدات وانواع الكرامات فلا بد من الفناء عن الكل

سالك باك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزعه نيست

قال شيخى وسندى روّح اللّه روحه فى بعض المجالس معى اهل الدنيا كثير واهل العقبى قليل واهل المولى اقل من القليل وذلك كالسلاطين والملوكفانهم بالنسبة الى الوزراء اقل وهم بالنسبة الى سائر ارباب الجاه كذلك وهم بالنسبة الى الرعية كذلك فارعايا كثيرون واقل منهم ارباب الجاه واقل منهم الوزراء واقل منهم السلاطين فلا بد من ترك الاصنام مطلقا واعظم الحجب والاصنام الوجود المعبر عنه بالفارسية

هستى بودوجود مغربى لات ومنات او بود ... نيست بتى جو بود او درهمه سومنات تو

وفى الاية دليل على ان عصمة الانبياء بتوفيق اللّه تعالى وحقيقة العصمة ان لا يخلق اللّه تعالى فى العبد ذنبا مع بقاء قدرته واختياره ولهذا قال الشيخ ابو منصور العصمة لا تزيل المحنة اى التكليف فينبغى للمؤمن ان لا يامن على ايمانه وينبغى ان يكون متضرعا الى اللّه ليثبته على الايمان كما سأل ابراهيم لنفسه ولبنيه الثبات على الايمان -وروى- عن يحيى بن معاذ انه كان يقول اللهم ان جميع سرورى بهذا الايمان واخاف ان تنزعه منى فما دام هذا الخوف معى رجوت ان لا تنزعه منى

٣٦

{ رب } باى بروردكار من ]

{ انهن } اى الاصنام

{ اضللن كثيرا من الناس } ولذلك سألت منك ان تعصمنى وبنى من اضلالهت واستعذت بك منه يقول بهن ضل كثير من الناس فكان الاصنام سببا لضلالتهم فنسب الاضلال اليهن وان لم يكن منهن عمل فى الحقيقة كقوله تعالى

{ وغرتهم الحيوة الدنيا } اى اغتروا بسببها وقال بعضهم كات الاضلال منهن لان الشياطين كانت تدخل اجواف الاصنام وتتكلم -كما حكى- ان واجحد من الشياطين دخل جوف صنم الى جهل فاخذ يتحرك ويتكلم فى حق النبى عليه السلام كلمات قبيحة فامر اللّه واحدا من الجن فقتل ذلك الشيطان ثم لما كان الغد واجتمع الناس حول ذلك الصنم اخذ يتحرك ويقول لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه وانا صنم لا ينفع ولا يضر ويل لمن عبدنى من دون اللّه فلما سمعوا ذلك قام ابو جهل وكسر صنمه وقال ان محمدا سحر الاصنام : قال الكمال الخجندى قدس سره

بشكن بت غرور كه دردين عاشقان ... يك بت كه بشكنند ازصد عبادتست

{ فمن } [ هركس كه ]

{ تبعنى } منهم فيما دعوا اليه من التوحيد وملة الاسلام

{ فانه منى } من تبعضية فالكلام على التشبيه اى كبعضى فى عدم الانفكاك عنى وكذلك قوله ( من غشنا فليس منا ) اى ليس بعض المؤمنين على ان الغش ليس من افعالهم واوصافهم

{ ومن عصانى } اى لم يتبعنى فانه فى مقابلة تبعنى كتفسير الكفر فى مقابلة الشكر بترك الشكر

{ فانك غفور رحيم } قادر على ان تغفر له وترحمه ابتداء وبعد توبته

وفيه دليل على ان كل ذنب فلله تعالى ان يغفره حتى الشرك الا ان الوعيد فرق بينه وبين غيره فالشرك لا يغفر بدليل السمع وهو قوله تعالى

{ ان اللّه لا يغفر ان يشرك به } ان جاز غفرانه عقلا فان العقاب حقه تعالى فيحسن اسقاطه مع ان فيه نفعا للعبد من غير ضرر لاحد هو مذهب الاشعري

وفى التاويلات النجمية قد حفظ الادب فيما قال ومن عصانى وما قال ومن عصاك لانه بعصيان اللّه لا يستحق المغفرة والرحمة والاشارة فيه ان من عصانى لعلى لا اغفر ولا ارحم عليه فان المكافأة فى الطبيعة واجبة ولكن من عذانى فتغفر له وترحم عليه فيكون من غاية كرمك وعواطف احسانك فانك غفور رحيم وفى الحديث ( ينادى مناد من تحت العرش يوم القيامة يا امة محمد أمّا كان لى من قبلكم فقد وهبت لكم ) [ يعنى كناهى كه درميان من وشماست بخشيدم ] ( وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتى ) والتبعات جمع تبعة بكسر الباء ما اتبع به من الحق

وذكر ان يحيى بن معاذ الرازى رحمه اللّه قال الهى ان كان ثوابك للمطيعين فرحمتك للمذنبين انى وان كنت لست بمطيع فارجو ثوابك وانا من المذنبين فارجو رحمتك

نصيب ماست بهشت اى خداشناش برو ... كه مستحق كرامت كناهكارانند

٣٧

{ ربنا } [ اى بروردكارما ] والجمع لان الآية متعلقة بذريته فالتعرض لوصف ربوبيته تعالى لهم ادخل فى القبول

{ انى اسكنت من ذريتى } اى بعض ذريتى وهم اسماعيل ومن ولد منه فان اسكانه متضمن لاسكانهم

{ بواد غير ذى زرع } هو وادى مكة فانها حجرية لا تنبت اى لا يكون فيها شيء من زرع قط كقوله تعالى

{ قرآنا عربيا غير ذى عوج } بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج وما فيه الا الاستقامة لا غير

وفى تفسير الشيخ لانهاواد بين جبلين لم يكن بها بها ماء ولا حرث

وفى بحر العلوم

واما فى زماننا فقد رزق اللّه اهله ماء جاريا

{ عند بيتك المحرم } ظرف لاسكنت كقولك صليت بمكة عند الركن وهو الكعبة والاضافة للتشريف وسمى محرما لانه عظيم الحرمة حرم اللّه التعرض له بسوء يوم خلق السموات والارض وحرم فه القتال والاصطياد وان يدخل فيه احد بغير احرام ومنع عنه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمى عتيقا لانه اعتق منه

وفى التأويلات النجمية عند بيتك المحرم وهو القلب المحرم ان يكونب يتا لغير اللّه كما قال ( لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن )

آنكه ترا كوهر كنجينه ساخت ... كعبه جان حرم سينه ساخت

{ ربنا } كرر النداء لاظهار كمال العناية بما بعده

{ ليقيموا الصلوة } اللام لام كى متعلقة باسكنت اى ما اسكنتكم بهذا الوادى البلقع الخالى من كل مرتفق ومرتزق الا لاقاكة الصلاة عند بيتك المحرم لدلالة قوله

{ بواد غير ذى زرع } على انه لا غرض له دنيوى فى اسكانهم عند البيت المحرم وتخصيص الصلاة بالذكر من بين سائر شعائر الدين لفضلها ولان بيت اللّه لا يسعه الا الصلاة وما فى معناها وهى الاصل فى اصلاح النفس وكان قريش يمتنعون عن ذلك لزيادة كبرهم

{ فاجعل افئدة من الناس } جمع فؤاد وهى القلوب ومن للتبعيض

{ تهوى اليهم } تسرع اليهم شوقا وتطير نحوهم محبة يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا وهويا سقط من علو الى سفل سرعة . وايضا صعد وارتفع كما فى كتب اللغة

واما ما يكون من باب علم فهو بمعنى احب يقال هويه فهو احبه وتعديته بالى لتضمنه معنى الشوق والنزوع . والمعنى بالفارسية [ بس نكردان دلهاى بعضى از مردان راكه بكشش محبت بشتابند بسوى ايشان ] اى اسماعيل وذريته وهم المؤمنون ولو قال افئدة الناس بدون من التبعضية لازدحمت عليهم فارس والروم والترك والهند

آنراكه جنان جمال باشد ... كردل ببرد حلال باشد

وآنكس كه برانجان جمالى ... عاشق نشود وبال باشد

قال المولى الجامى قدس سره

روبحرم نه كه بران خوش حريم ... هست سيه بوش نكارى مقيم

قبله خوبان عرب روى او ... سجدة شوخان عجم سوى او

{ وارزقهم } اى ذريتى الذين اسكنتهم هناك او مع من ينحاز اليهم من الناس وانما لم يخص الدعاء بالمؤمنين كما فى قوله

{ وارزق اهله من الثمرات من آمن منهم باللّه واليوم الآخر } اكتفاء بذكر اقامة الصلاة

{ من الثمرات } من انواعها بان يجعل بقرب منه قرى يحصل فيها ذلك او يحبى اليه من الاقطار البعيدة وقد حصل كلاهما حتى انه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية فى يوم واحد -روى- عن ابن عباس ان الطائف وهى على ثلاث مراحل من مكة كانت من ارض فلسطين فلما دعا ابراهيم بهذه الدعوة رفعها اللّه ووضعها رزقا للحرم

{ لعلهم شكرون } تلك النعمة باقامة الصلاة واداء سائر مراسم العبودية

يقول الفقير اختلف العلماء فى ان هذا الدعاء بعد بناء البيت او قبله اول ما قدم مكة ويؤيد الاول قوله

{ رب اجعل هذا البلد } فان الظاهر ان الاشارة حسية وقوله

{ عند بيتك المحرم } وقوله

{ الحمد لله الذى وهب لى على الكبر اسماعيل واسحق } فان اسحاق لم يكن موجودا قبل البناء

وقال بعضهم الاشارة فى هذا البلد الى الموجود فى الذهن قبل تحقق البلدية فان اللّه لما ابان موضعه صحت اشارته اليه والمسئول توجه القلوب الى الذرية للمساكنة معهم لا توجيها الى البيت للحج فقط والا لقيل تهوى اليه وهو عين الدعاء بالبلدية

يقول الفقير فيه نظر لانه لم لا يجوز ان يكون المعنى على حذف المضاف اى تهوى الى موضعهم الشريف للحج وقد اشار اليه فى التيسير حيث قال عند قوله

{ تهوى اليهم } حبب هذا البيت لى عبادك ليأتوه فيحجوه

قال فى الارشاد تسميته اذ ذاك وذات الشمال باعتبار ما كان من قبل فان تعدد بناء الكعبة المعظمة مما لا ريب فيه وانما الاختلاف فى كمية عدده كما قال الكاشفى عند قوله

{ بيتك المحرم } [ مراد موضع خانه ضراح است كه درزمان آدم بوده واكر نه بوقت دعاء ابراهيم خانه نبوده ] والضراح كغراب البيت المعمور فى السماء الرابعة كما فى القاموس

ويؤيد هذا ما روى ان ابراهيم عليه السلام كان يسكن فى ارض الشام وكانت لزوجته سارة جارية اسمها هاجر فوهبتها من ابراهيم فلما ولدت له اسماعيل غارت سارة وحلفته ان يخرجهما من ارض الشام الى موضع ليس فيه ماء ولا عمارة فتأمل ابراهيم فى ذلك كما قال الكاشفى [ خليل متأمل شد وجبرائيل وحى آورده هرجه ساره ميكويد جنان كن بس ابراهيم ببراقى نشسته وهاجر واسماعيل را سوار كرده باندك زمانى ازشام حرم آمد ] فلما اخرجهما الى ارض مكة جاء بها وبابنها وهى ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم فى اعلى المسجد ولم يكن بمكة يومئذ احد وليس فيها ماء ووضعه عندها جرابا فيه تم وسقاء فيه ماء ثم عاد متوجها الى الشام فتبعته ام اسماعيل وجعلت تقول له الى من تكلنا وهو لا يرد عليها جوابا حتى قالت اللّه امرك بهذا بان تسكننى وولدى فى هذا البلقع فقال ابراهيم نعم قالت اذا لا يضيعنا فرضيت ورجعت الى ابنها ومضى ابراهيم حتى اذا استوى على ثنية كداء وهو كسماء جبل باعلى مكة اقبل على الوادى اى استقبل بوجهه نحو البيت ورفع يديه فقال

{ ربنا انى اسكنت } الآية وجعلت ام اسماعيل ترضعه وتأكل التمر وتشرب الماء فنفد التمر والماء فعطشت هى وابنها فجعل يتلبط فذهبت عنه لئلا تراه على تلك الحالة فصعدت الصفا تنظر لترى احدا فلم تر ثم نزلت اسفل الوادى ورفع طرف درعها ثم سعت سعى الانسان المجهود حتى اتت المروة وقامت عليها ونظرت لترى احد فلم تر فعلت ذلك شبع مرات فلذلك سعى الناس بينهما بعد الطواف سبع مرات فلما اشرفت على المروة سمعت صوتا فاذا هى بالملك عند موضع زمزم فبحث اى حفر بجناحه حتى ظهر الماء

قال الكاشفى [ جشمه زمزم بركف جبريل يا باثر قدم اسماعيل بديد آمد ] فجعلت تحوضه بيدها وتغرف من الماء لسقائها وهو يفور بعد ما تغرف قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( رحم اللّه ام اسماعيل لو تركت زمزم ) او قال ( لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا ) اى جارية ظاهرة على وجه الارض فشربت وارضعت ولدها فقال الملك لا تخافوا الضيعة فان ههنا بيت اللّه يبنيه هذا الغلام وابوه وان اللّه لا يضيع اهله كما فى تفسير الشيخ

قال فى الارشاد واول آثار هذه الدعوة ما روى انه مرت رفقة من جرهم تريد الشام وهم قبيلة من اليمن فرأوا الطير تحوم على الجبل فقالوا لا طير الا على الماء فقصدوا اسماعيل وهاجر فرأوهما وعندهما عين ماء فقالوا اشركينا فى مائك نشركك فى الباننا ففعلت وكانوا معها الى ان شب اسماعيل وماتت هاجر فتزوج اسماعيل منهم كما هو المشهور

قال الكاشفى [ قبيله جرهم آنجا داعيه اقامت نمودند وروز بروز شوق مردم بران جانب درتزايدست

وفى التأويلات النجمية قوله

{ انى اسكنت } الآية تسير الى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فانه كان من ذريته وكان فى صلب اسماعيل فتوسل بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم الى اللّه تعالى فى اعانة هاجر واسماعيل يعنى ان ضيعت اسماعيل ليهلك فقد ضيعت محمدا واهلكته

٣٨

{ ربنا } [ اى بروردكارما ]

{ انك تعلم ما نخفى وما نعلن } من الحاجات وغيرها ومقصده ان اظهار هذه الحاجات ليس لكونها غير معلومة لك بل انما هو لاظهار العبودية والافتقار الى رحمتك والاستعجال لنيل اياديك

جز خضوع وبندكى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار

{ وما يخفى } دائما اذ ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى اللّه تعالى

{ على اللّه } علام الغيوب

{ من } للاستغراق

{ شيء } ما

{ فى الارض ولا فى السماء } لانه العالم بعلم ذاتى تستوى نسبته الى كل معلوم

آنجه بيدا وآنجه بنهانست ... همه بادانش تويكسانست

لا عارضى ولا كسبى ليختص بمعلوم دون معلوم كعلم البشر والملك تلخيصه لا يخفى عليك شيء ما فى مكان فافعل بنا ما هو مصلحتنا فالظرف متعلق يخفى او شيء ما كائن فيهما على انه صفة لشيء

٣٩

{ الحمد لله الذى وهب لى على الكبر } على ههنا بمعنى مع وهو فى الحال اى وهب لى وانا كبير آيس من الولد قيد الهبة بحال الكبر استعظاما للنعمة واظهارا لشكرها لان زمان الكبر زمان العقم

{ اسمعيل } سمى اسماعيل لان ابراهيم كان يدعو اللّه ان يرزقه ولدا ويقول اسمع يا ايل وايل هو اللّه فلما رزق به سماه به كما فى معالم التنزيل

وقال فى انسان العيون معناه بالعبرانية مطيع اللّه روى انه ولد له اسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة

{ واسحق } اسمه بالعبرانية الضحاك كما فى انسان العيون روى انه ولد له اسحاق وهو ابن مائة وثنتى عشرة سنة واسماعيل يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة

{ ان ربى } ومالك امرى

{ لسميع الدعاء } لى لمجيبه من قولهم سمع الملك كلامه اذا اعتد به وفيه اشعار بانه دعا ربه وسأل منه الولد كما قال

{ رب هب لى من الصالحين } فاجابه ووهب له سؤله حين ما وقع اليأس منه ليكون من اجل النعم واجلاها

٤٠

{ رب اجعلنى مقيم الصلوة } معدّ لا لها من اقمت العود اذا قومته او مواظبا عليها من قامت السوق اذا نفقت اى راجت او مؤديا لها والاستمرار يستفاد من العدول من الفعل الى الاسم حيث لم يقل اجعلنى اقيم الصلاة

{ ومن ذريتى } اى وبعض ذريتى عطف على المنصوب فى اجعلنى وانما بعض لعلمه بعلام اللّه تعالى واستقرار عادته فى الامم الماضية ان يكون فى ذريته كفار وهو يخالف قوله

{ وجعلها كلمة باقية فى عقبه } والاشارة فى اقامة الصلاة الى ادامة العروج فان الصلاة معراج المؤمن به ويشير الى دوام السير فى اللّه باللّه

{ ربنا وتقبل دعاء } واستجب دعائى هذا المتعلق باجعلنى وجعل بعض ذريتى مقيمى الصلاة ثابتين على ذلك مجتنبين عن عبادة الاصنام ولذلك جيئ بضمير الجماعة

٤١

{ ربنا اغفر لى } اى ما فرط منى ترك الاولى فى باب الدين وغير ذلك مما لا يسلم منه البشر

{ ولوالدى } وهاذ الاستغفار منه انما كان قبل تبين الامر له عليه السلام . يعنى [ قبل ازنهى بوده وهنوز يأس ازايمان ايشان نداشت ]

قال فى الكواشى استغفر لابويه وهما حيان طمعا فى هدايتهما وان امه اسلمت فاراد اسلام ابيه وذلك انهم صرحوا بان امه كانت مؤمنة ولذا قرأ بعضهم

{ ولوالدتى } وقال الحافظ السيوطى يستنبط من قول ابراهيم

{ رب اغفر لى ولوالدى } وكان وكان ذلك بعد موت عمه بمدة طويلة ان المذكور فى القرآن بالكفر والتبرى من الاستغفار له اى فى قوله

{ وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه فلما تيبن له انه عدو لله تبرأ منه } هو عمه لا ابوه الحقيقى والعرب تسمى العم ابا كما تسمى الحالة اما

قال فى حياة الحيوان فى الحديث

يلقى ابراهيم اباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر فترة وغبرة فيقول له ابراهيم الم اقل لك لا تعص فيقول ابوه فاليوم لا اعصيك فيقول ابراهيم يا رب انك وعدتنى ان لا تخزينى يوم يبعثون فأى خزى اخزى من ابى ان يكون فى النار فيقول اللّه تعالى انى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فاذا هو بذيخ متلطخ واليح بكسر الذال ذكر الضباع الكثيرة الشعر فيؤخذ بقوائمه ويلقى فى النار والحكمة فى كونه مسخ ضبعا دون غيره من الحيوان ان الضبع لما كان يفعل عما يجب التيقظ له وصف بالحمق لان الصياد اذا اراد ان يصيدها رمى فى حجرها بحجر فتحسبه شيأ تصيده فتخرج لتاخذه فتصاد عند ذلك ولان أزر لو مسخ كلبا او خنزيرا كان فيه تشويه لخلقه فاراد اللّه اكرام ابراهيم بجعل ابيه على هيئة متوسطة

قال فى المحكم يقال ذيخته اى ذللته فلما خفض ابراهيم له جناح الذل من الرحمة لم يحشر بصفة الذل يوم القيامة

انتهى كلام الامام الدميرى فى حياة الحيوان

{ وللمؤمنين } كافة من ذريته وغيرهم واكتفى بذكر مغفرة المؤمنين دون مغفرة المؤمنات لآنهن تبع لهم فى الاحكام وللايذان باشتراك الكل فى الدعاء بالمغفرة جيئ بضمير الجماعة وفى الحديث ( من عمم بدعائه المؤمنين والمؤمنات استجيب له ) فمن السنة ان لا يختص نفسه بالدعاء

قال فى الاسرار المحمدية اعلم انه يكرم للامام تخصيص نفسه بالدعاء بان يذكر ما يذكر على صيغة الافراد لا على صيغة الجمع

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) لا يؤم عبد قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فان فعل فقد خانهم ( رواه ثوبان بل الاولى ايضا ان كان منفردا ان يأتى بصيغة الجمع فينوى نفسه وآباءه وامهاته واولاده واخوانه واصدقاء المؤمنين الصالحين فيعممهم بالدعاء وينالهم بركة دعائه وينال الداعى بركات هممهم وتوجيههم بارواحهم اليه -روى- عن السلف بل عن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ان يصيبه بعدد كل مؤمن ومؤمنة ذكره حسنة يعنى ان نواه بقلبه حين دعائه فهكذا افهم واعمل فى جميع دعواتك انتهى كلام الاسرار

{ يوم يقوم الحساب } اى يثبت ويتحقق محاسبة اعمال المكلفين على وجه العدل استعير له من ثبوت القائم على الرجل بالاستقامة ومنه قامت الحرب على ساق

وفى التأويلات

{ ربنا اغفر لى } اى استرنى وامحنى بصفة مغفرتك لئلا ارى وجودى فانه حجاب بينى وبينك

خمير مايه هر نيك وبد تويى جامىخلاص از همه مى بايدت زخودبكريز

{ ولوالدى } اى لومن كان سبب وجودى من آبائى العلوى وامهاتى اسفلى لكلا يحجبونى وعن رؤيتك

{ للمؤمنين يوم يقوم الحساب } وهو يوم كان فى حساب اللّه فى الازل يقوم لكمالية كل نفس او نقصانيته انتهى

يقول الفقير دعا ابراهيم عليه السلام بالمغفرة وقيدها بيوم القيامة لان يوم القيامة آخر الايام والخلاص فيه من المحاسبة والمناقشة يؤدّى الى نجاة الابد والفوز بالدرجات لانه ليس بعد النخلية بالمعجمة الا التحلية بالمهملة فقدّم الاهم والاصل ولشدة هذا اليوم

قال الفضيل بن عياض رحمه اللّه انى لا اغبط ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة واهوالها وانما اغبط من لم يخلق لانه لا يرى اهوال القيامة وشدائدها

قال ابو بكر الواسطى رمه اللّه الدول ثلاث دول فى الحياة ودولة عند الموت ودولة يوم القيامة.

فاما دولة الحياة فبان يعيش فى طاعة اللّه . ودولة الموت بان تخرج روحه مع شهادة ان لا اله الا اللّه .

واما دولة النشر فحين يخرج من قبره فيأتيه البشير بالجنة جعلنا اللّه واياكم من اهل هذه الدول الثلاث التى لا دولة فوقها فى نظر اهل السعادة والعناية

٤٢

{ ولا تحسبن اللّه غافلا عما يعمل به الظالمون } الحسبان بالكسر بمعنى الظن والغفلة معنى يمنع الانسان من الوقوف على حقيقة الامور والظالمون اهل مكة وغيرهم من كل اهل شرك وظلم وهو خطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المراد تثبيته على ما كان عليه من عدم حسبانه تعالى كذلك نحو قوله تعالى

{ ولا تكونن من المشركين } مع ما فيه من الايذان لكونه واجب الاحتراز عنه فى الغاية حتى نهى من لا يمكن تعاطيه . والمعنى دم على ما كنت عليه من عدم حسبانه تعالى غافلا عن اعمالهم ولا تخزن بتأخير ما يستوجبونه من العذاب الاليم

{ انما يؤخرهم ليوم } تعليل للنهى اى لا يؤخر عذابهم الا لاجل يوم هائل

{ تشخيص فيه الابصار } ترتفع فيه ابصار اهل الموقف اى تبقى اعينهم مفتوحة لا تتحرك اجفانهم من هول ما يرونه يعنى ان تأخيره للتشديد والتغليظ لا للغفلة عن اعمالهم ولا لاهمالهم يقال شخص بصر فلان كمنع واشخصه صاحبه اذا فتح عينيه ولم يطرف بجفنيه

٤٣

{ مهطعين } حال مقدرة من مفعول يؤخرهم اى مسرعين الى الداعى مقبلين عليه بالخوف والذل والخشوع كاسراع الاسير والخائف . وبالفارسية [ بشتابند بسوى اسرافيل كه ايشانرا بعرصه محشر خواند ] يقال اهطع البعير فى السير اذا اسرع

{ مقنعى رؤوسهم } اى رافعيها مع ادامة النظر من غير التفات الى شيء

قال فى تهذيب المصادر الاقناع ان يرفع رأسه ويقبل بطرفه الى ما بين يديه

وعن الحسن وجوه الناس يوم القيامة الى السماء لا ينظر الى احد

{ لا يرتد اليهم طرفهم } لا يرجع اليهم تحريك اجفانهم حسب ما يرجع اليهم كل لحظة بل تبقى اعينهم مفتوحة لا تطرف اى لا تضم

وفى الكواشى اصل الطرف تحريك الجفون فى النظر ثم سميت العين طرفا مجازا والمعنى انهم لا يلتفتون ولا ينظرون مواقع اقدامهم لما بهم انتهى

{ وافئدتهم } قلوبهم

{ هواء } خالية من العقل والفهم لفرط الحيرة والدهش كأنها نفس الهواء الخالى عن كل شاغل

وفى الكواشى لخيصه الابصار شاخصة والرؤوس مقنعة والقلوب فارغة زائلة لهول ذلك اليوم ثبتك اللّه وايانا فيه

وفىلآية تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتعزية للمظلوم وتهديد للظالم

قال احمد بن حضرويه لو اذن لى فى الشفاعة ما بدأت بظالمى قيل له وكيف قال لانى نلت به ما لم انله بوالدى قيل وما ذاك قال تعزية اللّه فى قوله

{ ولا تحسبن اللّه غافلا عما يعمل الظالمون } وفى المثنوى

آن يكى واعظ جوبر تخت آمدى ... قاطعان راه را داعى شدى

دست برمى داشت يا رب رحم ران ... بربدان ومفسدان وطاغيان

برهمه تسخر كنان اهل خير ... برهمه كافر دلان واهل دير

او نكردى ىن دعا براصفيا ... مى نكردى جز خبيثانرا دعا

مرورا كفتند كين معهود نيست ... دعوت اهل ضلالت جود نيست

كفت نيكويى ازينها ديده ... ام من دعاشان زين سبب بكزيده ام

خبث وظلم وجور جندان ساختند ... كه مرا ازشر بخير انداختند

هركهى كه رو بدنيا كرد مى ... من ازيشان زخم وضربت خودرمى

كردمى از زخم آن جانب بناه ... باز آوردندمى كركان براه

جون سبب ساز صلاح من شدند ... بس دعاشان برمنست اى هوشمند

وفى الكواشى واستدل بعضهم على قيام الساعة بموت المظلوم مظلوما قالوا وجد على جدار الصخرة

نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين اللّه لم تنم

قال السعدى فى سره

نخفتست مظلوم ازآهش بترس ... زدود دل صبحكاهش بترس

نترسى كه باك اندرونى شبى ... برآرد سوز جكر يا ربى

نمى ترسى از كرك ناقص خرد ... كه روزى بلنكيت برهم درد

والاشارة

{ ولا تحسبن اللّه غافلا } اى فى الازل

{ عما يعمل الظالمون } اليوم يعنى كل عمل يعمله الظالمون لم يكن اللّه غافلا عنه فى الازل بل كان ذلك بقضائه وقدره وارادته مبنيا على حكمته البالغة جعل سعادة اهل السعادة وشقاوة اهل الشقاوة مودعة فى اعمالهم والاعمال مودعة فى اعمارهم ليبلغ كل واحد من الفرقتين على قدمى اعمالهم الشرعية والطبيعية الى منزل من منازل السعداء ومنزل الاشقياء يوم القيامة فلذا آخر الظالمين ليزدادوا اثما يبلغهم منازل الاشقياء

٤٤

{ وانذر الناس } اى خوفهم جميعا يا محمد

{ يوم يأتيهم العذاب } اى من يوم القيامة او من يوم موتهم فانه اول ايام عذابهم حيث يعذبون بالسكرات وهذا الانذار للكفرة اصالة وللمؤمنين تبعية وان لم يكونوا معذبين

{ فيقول الذين ظلموا } منهم بالشرك والتكذيب

{ ربنا اخرنا } ردنا الى الدنيا وامهلنا

{ الى اجل قريب } الى امد وحدّ من الزمان قريب قال سعدى المفتى لعل فى النظم تضمينا والتقدير درنا الى ذى اجل قريب اى قليل وهو الدنيا مؤخرا عذابنا

وقال الكاشفى [ عذاب مارا تاخير كن ومارا بدنيا فرست ومهلت ده تامدتى نزديك او ] اخر آجالنا وابقنا مقدار ما نؤمن بك ونجيب دعوتك

{ نجب دعوتك } جواب للامر اى الدعوة اليك والى توحيدك

{ ونتبع الرسل } فيبما جاؤنا به اى نتدارك ما فرطنا فيه من اجابة الدعوة واتباع اغلرسل

{ أولم تكونوا اقسمتم من قبل } على اضمار القول عطفا اى فيقال لهم توبيخا وتبكيتا ألم تؤخروا فى الدنيا ولم تكونوا اقسمتم اى حلفتم بألسنتكم تكبرا وغرورا

{ ما لكم من زوال } ما انتم عليه من التمتع جواب للقسم او بألسنة الحال حيث بنيتم شديدا واملتم بعيدا ولم تحدثوا انفسكم بالانتقال عن هذه الحال

وفيه اشعار بامتداد زمان التأخير وما لكم من زوال من هذه الدار الى دار اخرى للجزاء فالاول مبنى على انكار الموت والثانى على انكار البعث

وفى التأويلات النجمية يشير به الى التناسخية فانهم يزعمون ان لا زوال لهم ولا للدنيا بان واحدا منهم اذا مات انتقل روحه الى قالب آخر فاراد بهذا الجواب ان لو رجعناكم الى الدنيا لتحقق عندكم مذهب التناسخ وما اقسمتم من قبل على انه مالكم من زوال

قال فى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتى بين الروح والجسد

٤٥

فينبغى للمؤمن ان يكثر ذلك الموت فانه لا غنية للمؤمن عن ست خصال . اولاها علم يدله على الآخرة . والثانية رفيق يعينه على طاعة اللّه ويمنعه عن معصية اللّه . والثالثة معرفة عدوه والحذر منه . والرابعة عبرة يعتبر بها . والخامسة انصاف الخق لكيلا تكون له يوم القيامة خصماء . والسادسة الاستعداد للموت قبل نزوله لكيلا تكون مفتضحا يوم القيامة

٤٦

{ وقد مكروا مكرهم } اى فعلنا بالذين ظلموا ما فعلنا والحال انهم قد مكروا فى ابطال الحق وتقرير الباطل مكرهم العظيم الذى استفرغوا فى عمله المجهود وجاوزنا فى كل حد معهود بحيث لا يقدر عليه غيرهم والمكر خديعة

{ وعند اللّه مكرهم } اى جزاء مكرهم الذى فعلوه

{ وان } وصلية

{ كان مكرهم } فى العظم والشدة

{ لنزول منه الجبال } مسوى لازالة الجبال عن مقارّها معدا لذلك

قال فى الارشاد اى وان كان فى غاية المتانة والشدة وعبر عن ذلك بكونه مسوى ومعدا لذلك مثلا فى ذلك

٤٧

{ فلا تحسبن اللّه مخلف وعده رسله } بتعذيب الظالمين ونصر الظالمين ونصر المؤمنين واصله مخلف رسله وعده وقدم المفعول الثانى لعلاما بان لا يخلف وعده احدا فكيف يخلف رسله الذين هم خيرته وصفوته والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها . والمعنى دم على ما كنت عليه من اليقين بعد اخلافنا رسلنا وعدنا

{ ان اللّه عزيز } غالب لا يماكر قادر لا يدافع

{ ذو انتقام } لاوليائه من اعدائه

قال فى القاموس انتقم منه عاقبة

[ ودر معالم از مرتضى على رضى اللّه عنه نقل ميكند كه اين آيت درقصه نمرود جباراست كه جون سلامت ابراهيم از آتش مشاهده كرد كفت بزرك خدايى دارد ابراهيم كه اورا از آتش رهانيد من خواهم كه برآسمان روم واورا به بينم اشراف مملكت كفتند كه آسمان بغايت مرتفع است وبدو رفتن با آسانى ميسر نشود نمرود نشنيد وفرمود تاصرحى شازند درسه سال بغايت بلندكه ارتفاع آن بنجهزار كزبود ودو فرسخ عرض آن بود وجون برانجا رفت آسمانرا همجنان ديدكه در زمين ميديد روز ديكر آن بنا بنهاد وبادى مهيب بوزيد وآن بنارا از بيخ وبنياد بكند وجون آن صرح از باى در آمد وخلق بسيار هلاك شد نمرود خشم كرفت وكفت برآسمان روم وباخداى ابراهيم كه مناره مرا بيفكند جنك كنم بس جهار كركس برورش داد تاقوت تمام كرفتند وصندوقى جهار كوشة ساخت ودو دريكى فوقانى وديكرى تحتانى در راست كرد برجهار طرف او جها نيزه كه زير وبالا توانستى شد تعبيه نمود بس كركسانرا كرسنه داشتند وجهار مردار برسر نيزها كرده اطراف صندوق را برتن كركسان بستند ايشان ازغايت جوع ميل ببالا كرده جانب مردار برواز نمودند وصندوق راكه نمرود بايك تن در آنجا بود بهوا بعد ازشبانروزى نمرود در فوقانى كشاده آسمانرا برهمان حال ديد كه برزمين ميديد رفيق را كفت تادر تحتانى بكشاد كفت بنكر تاجه مى بينى آنكس نكاه كرد وجواب دادكه روز ستبق مشاهده نمود ورفيق كه باب تحتانى بكشود بجزدود وتاريكى جيزى مشهود نبود نمرود بترسيدى ] فنودى ايها الطاغى اين تريد

قال عكرمة كان معه فى التابوت غلام قد حمل القوس والنشاب فرمى بسهم فعاد اليه السهم متلطخا بدم سمكة قذفت نفسها من بحر فىلهواء

وقيل طائر اصابه السهم فقال كفيت شغل اله السماء ثم امر نمرود صاحبه ان يصوب الخشبات وينكس اللحم ففعل فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال هفيف التابوت والنسور ففزعت فظنت انه قد حدث حادث فى السماء وان الساعة قد قامت فكادت تزول عن اماكنها وهو المراد من مكرهم

يقال ان نمرود اول من تجبر وقهر وسن سنن السوء واول من لبس التاج فاهلكه اللّه ببعوضة دخلت فى خياشيمه فعذب بها اربعين يوما ثم مات سوى اوخصمى كه تير انداخته بشه كارش كفايت ساخته

وفى المثنوى

اى خنك انراكه ذلت نفسه ... واى آن كزسركشى شد جون كه او

بندكى اوبه از سلطانى است ... كه انا خيردم شيطانى است

فرق بين وبركزين تواى جليس ... بندكى آدم از كبر بليس

ايها المؤمنون اين الانبياء والمرسلون واين الاولياء المقربون واين الملوك الماضية والجبارون المتكبرون ما لكم لا تنظرون اليهم ولا تعتبرون فاجتهدوا فى الطاعات وان كنتم تعقلون واتقوا يوم ترجعون فيه الى اللّه ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون

٤٨

{ يوم تبدل الارض غير الارض والسموات } اى اذكر يوم تبدل هذه الارض المعروفة ارضا اخرى غير معرفة وتبدل السموات غير السموات ويكون الحشر وقت التبديل عند الظلمة دون الجسر او يكون الناس على صراط كما روى عن عائشة رضى اللّه عنها قالت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يا رسول اللّه هل تذكرون اهاليكم يوم القيامة قال ( اما عند مواطن ثلاثة فلا عند الصراط والكتاب والميزان ) قالت قلت يا رسول اللّه يوم تبدل الارض غير الارض اين الناس يومئذ قال ( سألتنى عن شيء ما سألنى احد قبلك الناس يومئذ على الصراط ) والتبديل قد يكون فى الذات كما بدلت الدراهم دنانير وقد يكون فى الصفات كما فى قولك بدلت الحلقة خاتما اذا اذبتها وغيرت شكلها والاية تحتملهما

نقل القرطبى عن صاحب الافصاح ان الارض والسماء لا تبدلان مرتين المرة الاولى تبدل صفتهما فقط وذلك قبل نفخة الصعق فتتناثر كواكبها وتخسف الشمس والقمر اى يذهب نورهما ويكون مرى كالدهان ومة كالمهل وتكشف الارض وتسير جبالها فى الجو كالسحاب وتسوى اوديتها وتقطع اشجارها وتجعل قاعا صفصفا اى بقعة مستوية والمرة الثانية تبدل ذاتهما وذلك ان وقفوا فى المحشر فتبدل الارض بارض من فضة لم يقع عليها معصية وهى الساهرة والسماء تكون من ذهب كما جاء عن على رضى اللّه عنه

والاشارة تبدل ارض البشرية بارض القلوب فتضمحل ظلماتها بانوار القلوب وتبدل سموات الاسرار بسموات الارواح فان شموسها بل تبدل ارض الوجود المجازى عن اشراق تجلى انوار الربوبية بحقائق انوار الوجود الحقيقى كما قال

{ واشرقت الارض بنور ربها } { وبرزوا } اى خرج الخلائق من قبورهم

{ لله الواحد القهار } اى لمحاسبته ومجازاته وتوصيفه بالوصفين للدلالة على ان الامر فى غاية الصعوبة كقوله

{ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } فان الامر اذا كان لواحد غلاب لا يغالب فلا مستغاث لاحد الى غيره ولا مستجار

يقول الفقير سمعت شيخى وسندى قدس سره وهو يقول فى هذه الآية هذا ترتيب انيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى

وقال فى المفاتيح القهار هو الذى اذل الجبابرة وقصم ظهورهم بالاهلاك

٤٩

{ وترى المجرمين يومئذ } اى يوم هم بارزون

{ مقرنين } حال من المجرمين قرن بعضهم مع بعض بحسب مشاركتهم فى العقائد الفاسدة او قرنوا مع الشياطين الذين اغووهم او قرنت ايديهم وارجلهم الى رقابهم بالاغلال

{ فى الاصفاد } متعلق بمقرنين اى يقرنون فى الاصفاد وهى القيود كما فى القاموس جمع صفد محركة واصله الشد صفدته اذا شددنه شاد وثيقا

٥٠

{ سرابيلهم } اى قمصانهم جمع سربال

{ من قطران } وهو عصارة الابهل والارز ونحوهما

قال فى التفاسير هو ما يتحلب من الابهل فيطبخ فتهنأ به الابل الجربى فيرحق الجرب بحدته وقد تصل حرارته الى الجوف وهو اسود منتن يسرع عليهم الالوان الاربعة من العذاب لذع القطران وحرقته واسراع النار فى جلودهم واللون الموحش ونتن الري على ان التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين فانه ورد ( وان ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم ) وقس عليها القطران ونعوذ باللّه من عذابه كله فى الدنيا والآخرة وما بينهما

وقال فى التبيان القطران فى الآخرة ما يسيل من ابدان اهل النار

وعن يعقوب

{ من قطران } والقطر النحاس او الصفر المذاب التى تمس جلدهم المسربل بالقطران لانهم لم يتوجهوا بها الى الحق ولم يستعملوا فى تدبره مشاعرهم وحواسهم التى خلقت فيها لاجله كما تطلع على افئدتهم لانها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات

وفى بحر العلوم الوجه يعبر به عن الجملة والذات مجازا وهو ابلغ من الحقيقة اى وتشملهم النار وتلبسهم لان خطاياهم شملتهم من كل جانب فجوزوا على قدرها حتى الاصرار والاستمرار

٥١

{ ليجزى اللّه } متعلق بمضمر اى يفعل بهم وذلك ليجزى

{ كل نفس } مجرمة

{ ما كسبت } من انواع الكفر والمعاصى جزاء موافقا لعملعا

{ ان اللّه سريع الحساب } اذ لا يشغله حساب عن حساب فيتمه فى اعجل ما يكون من الزمان فيوفى الجزاء بحسبه او سريع المجيئ يأتى عن قريب

وفى التأويلات وترى المجرمين وهم اوراح اجرموا اذا تبعوا النفوس ووافقوها فى طلب الشهوات والاعراض عن الحق يومئذ اى يوم التجلى مقيدين فى النفوس بقيود صفاتها الذميمة الحيوانية ولا يستطيعون للبروز والخروج لله سرابيلهم من قطران المعاصى وظلمات النفوس وهم محجوبون بها عن اللّه وتغشى وجوههم نار الحسرة والقطيعة والحرمان ليجزى اللّه كل نفس اى كل روح بما كسبت من صحبة النفس وموافقتها ان اللّه سريع الحساب اى يحاسبب الارواح بالسرعة فى الدنيا ويجزيهم بما كسبوا فى متابعة النفوس من العمى والصمم والجهل والغفلة والبعد وغير ذلك من الآفات قبل يوم القيامة

٥٢

{ هذا } القرآن بما فيه من فنون العظات والقوارع

{ بلاغ للناس } كفاية لهم فى الموعظة والتذكير

قال فى القاموس البلاغ كسحاب الكفاية

{ ولينذورا به } عطف على مقدر واللام متعلقة بالبلاغ اى كفاية لهم فى ان ينصحوا وينذروا به

وفى التأويلات اى لينتبهوا بهذا البلاغ اى كفاية لهم فى ان ينصحوا وينذروا به

وفى التأويلات اى لينتبهوا بهذا البلاغ قبل المفارقة عن الابدان فينتفعوا به فان الانتباه بالموت لا ينفع

{ وليعلموا } بالتأمل فيما فيه من الآيات

{ انما هو اله واحد } [ آنكه اوست خداى يكتا ] اى لا شريك له فيعبدوه ولا يعبدوا الها غيره من الدنيا والهوى والشيطان وما يعبدون من دون اللّه

{ وليذكر اولوا الالباب } اى لتذكروا ما كانوا يعملون من قبل من التوحيد وغيره من شؤون اللّه ومعاملته مع عباده فيرتدعوا عما يرديهم من الصفات التى يتصف بها الكفار ويتدرعوا بما يحصنهم من العقائد الحقة والاعمال الصالحة

قال البيضاوى اعلم انه سبحانه ذكر لهذا البلاغ ثلاث فوائد هى الغاية والحكمة فى انزال الكتب تكميل الرسل للناس واستكمال القوة النظرية التى منتعهى كمالها التوحيد واستصلاح القوة العملية التى هو التدرع بلباس التقوى

قال فى بحر العلوم وليذكروا اولوا الالباب اى وليتعظ ذووا الالباب من الاولين والآخرين قال اللّه تعالى

{ ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا اللّه } ويكفيهم ذلك عظة ان اتعظوا والعقول فى ذلك متفاوتة فيجزى كل احد منهم على قدر عقله قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان الجنة مدينة من نور لم ينظر اليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والازواج والخدام من النور اعدها اللّه للعاقلين فاذا ميز اللّه اهل الجنة من اهل النار ميز اهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم فيتفلوتون فى الدرجات كما بين مشارق الارض ومغاربها بالف ضعف ) يقول الفقير اشير بالعقلاء ههنا من اختاروا اللّه على غيره وان كانا متفاوتين فى مراتبهم بحسب تفاوت عقولهم وعلومهم باللّه وهم المرادون فيما ورد ( اكثر اهل الجنة البله ) والعقلاء فى عليين فالابله وهو من اختار الجنة ونعيمها دون من اختار اللّه وقربه فى المرتبة فانه العابد بالمعاملات الشرعية وهذا العارف بالاسرار الالهية والعارف فوق العابد ألا ترى ان مقامه من نور ومقام العابد من الجوهر والنور فوق الجوهر فى اللطافة : قال الكمال الخجندى

نيست مارا غم طوبى وتمناى بهشت ... شيوه مردم ن اهل بود همست بست

وقال الملوى الجامى

يا من ملكوت كل شيء بيده ... طوبى لمن ارتضاك ذخره الغده

اين بس كه دلم جز توندارد كامى ... توخواه بده كام دلم خواه مده

﴿ ٠