سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

مَكِّيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وخَمْسُونَ آيَةً

١

{ الر } يشير بالالف الى القسم بآلائه ونعمائه وباللام الى لطفه وكرمه وبالراء الى القرآن يعنى قسما بآلائى ونعمائى ان صفة لطفى وكرمى اقتضت انزال القرآن وهو كتاب الخ كما فى التأويلات النجمية وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره اهل السلوك يعرفون المتشابهات على قدر مرتبتهم فمثل قوله تعالى

{ ق } و

{ ن } اشارة الى مرتبة واحدة فى ملك وجوده ومثل

{ حم } اشارة الى مرتبتين ومثل

{ الم . الر } اشارة الى ثلاث مراتب ومثل

{ كهيعص . وحمعسق } اشارة الى خمس مراتب . وفى البعض اشارة الى سبع مراتب فقوله عليه السلام ( ان للقرآن ظهرا وبطنا ) لا يعرفه غير اهل السللوك وما ذكره العلماء تأويله لا تحقيقه فمثل القاضى وصاحب الكشاف سلوكهم من جهة اللفظ لا المعنى وكان فى تفسير القاضى روحانية لكنه بدعاء عمر النسفى صاحب تفسير التيسير والمنظومة فى الفقه وكان هو مدرس الثقلين - روى - ان شخصا رأى الامام عمر النسفى بعد موته فى المنام فقال كيف كان سؤال منكر ونكير فقال رد اللّه الى روحى فسألانى لهما اخبركما فى رد الجواب نظما او نثرا فقالا قل نظما فقلت

ربى اللّه لا اله سواه ... ونبيى محمد مصطفاه

دينى الاسلام وفعلى ذميم ... اسأل اللّه عفوه وعطاه

فانتبه ذلك الشخص من المنام وقد حفظ البيتين

يقول الفقير علم الحروف المقطعة من نهايات علوم الصوفية المحققين فانهم انما يصلون الى هذا العلم الجليل بعد اربعين سنة من اول السلوك بل اول الفتح فهو من الاسرار المكتوبة وى بد لطالبه من الاجتهاد الكثير على يدى انسان كامل : قال الكمال الحنجدى قدس سره

كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكوكن جه سوداز خواندن اسما

بنا اهل ارنشان دادى كمال ازخاك دركاهش ... كشيدى كحل بنيانى ولى درجسم نابينا

قال الكاشفى [ درشرح تأويلات ازامام ما تريدى مذكوراست كه حروف مقطعه ابتلاست مرتصديق مؤمن وتكذيب كافررا وخداى تعالى بندكانرا بهرجه ميخواهد امتحان كند ]

{ كتاب } اى القرآن المشتمل على هذه السورة وغيرها فهو خبر مبتدأ محذوف

وفى تفسير الكاشفى [ جمعى برآنندمه اين حروف اسامى قرآنندوبدين وجه توان كفت كه الريعنى قرآن كتاب ]

{ انزلناه اليك } يا محمد بواسطة جبرائيل حال كونه حجة على رسالتك باعجازه يناسب قوله تعالى فيما بعد

{ ولقد ارسلنا موسى بآياتنا } ثم بين المصلحة فى انزال الكتاب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله

{ لتخرج الناس } كافة بدعائك وارشادك اياهم الى ما تضمنه الكتاب من العقائد الحقة والاحكام النافعة

{ من الظلمات الى النور } اى من انواع الضلالة الى الهدى ومن ظلمة الكفر والنفاق والشك والبدعة الى نور الايمان والاخلاص واليقين ومن ظلمة الكثرة الى نور الوحدة ومن ظلمة حجب الافعال واستار الصفات لى نور وحدة الذات ومن ظلمة الخلفية الى نور تجلى صفة الربوبية وذلك ان اللّه تعالى خلق عالم الآخرة وهو عالم الارواح من النور وجعل زبدته روح الانسان وخلق عالم الدنيا وهو عالم الاجسام وجعل زبدته جسم الانسان وكما انه تعالى جعا عالم الاجسام حجابا لعالم الارواح جعل ظلمات صفات جسم الانسان حجابا لنور صفات روح الانسان وجعل العالمين بظلماتهما وانوارهما حجابا صفة الوعيته كما قال صلى اللّه عليه وسلم

( ان لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفت لاحترقت سبحات وجه ما انتهى اليها بصره ) وما جعل اللّه لنوع من انواع الموجودات استعدادا للخروج من هذه الحجب الا للانسان لا يخرج منها احد الا بتخريجه اياه منها واختص المؤمن بهذه الكرامة كما قال اله تعالى

{ واللّه ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } فجعل النبى صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن من اسباب تخريج المؤمنين من حجب الظلمات الى النور

{ باذن ربهم } اى بخوله وقوته اى لا سبيل له الى ذلك الا له وانما قال ربهم لانه تعالى مربيهم وما قال باذن ربك ليعلم ان هذه التربية من اللّه لا من النبى عليه السلام كذا فى التأويلات النجمية

وقال اهل التفسير الباء متعلق بتخرج اى تخرج منها اليه لكن لا كيف ما كان فانك لا تهدى من احببت بل باذن ربهم فانه لا يهتدى مهتد الا باذن ربه اى بتيسيره وتسهيله ولما كان الاذن من اسباب التيسير اطلق عليه فان التصرف فى ملك الغير متعذر فاذا اذن تسهل وتيسر

واعلم ان الدعوة عامة والهداية خاصة كما قال تعالى

{ واللّه يدعو الى دار السلام ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم } واذن اللّه شامل لجميع الناس فى الظلمات اذ المقصود من ايجاد العوالم وانشاء النشآت كلها ظهور الانسان الكامل وقد حصل وهو الواحد الذى كالالف وهو السواد الاعظم فى تقتضى الحكمة اتفاق الكل على الحق لان اللّه تعالى جمالا وجلالا لا بد لكليهما من اثر

دركارخانه عشق ز كفرنا كزيرست ... آتش كرا بسوزد كر بولهب نباشد

{ الى صراط العزيز الحميد } بدل من قوله الى النور بتكرير العامل واضافة الصراط الى العزيز وهو اللّه على سبيل التعظيم له والمراد دين الاسلام فانه طريق موصل الى الجنة والقربة ووالوصلة والعزيز الغالب الذى ينتقم لاهل جينه من اعدائهم والحميد المحمود الذى يستوجب بذلك الحمد من عباده

وفيه اشراة الى ان العبور على الظلمات الجسمانية والنوار الروحانية هو الطريق الى اللّه تعالى وهو العزيز الذى لا يصل العبد اليه الا بالخروج من هذه الحجب وهو الحميد الذى يستحق من كمالية جماله وجلاله ان يحتجب العزة والكبرياء والعظمة

﴿ ١