سُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ ومَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ آيَةً

١

{ الر } اسم للسورة وعليه الجمهور اى هذه السورة مسماة بالر

وقال الكاشفى [ علما را در حروف مقطعه اقاويل بسيارست جمعة بر آنندكه مطلقا درباب آن سخن كفتن سلوك سبيل جرأتست . ودرينابيع آودكه كه فاروق را از معنى اين حروف برسيدند فرمودند اكردروى سخن كويم متكلف باشم وحق تعالى بيغمبر خودرا فرمودكه كه بكو وما ابا من المتكلفين ] يقول الفقير انما عد حضرة الفاروق رضى اللّه عنه المقال فيه من باب التكلف لا من قبيل ما يعرف بالذوق الصحيح والمشرب الشافى واللسان قاصر عن افادة ما هو كذلك على حقيقته لانه ظرف الحروف والالفاظ لا ظرف المعانى والحقائق ولا مجال له لكونه منتهيا مقيدا ان يسع فيه ما لا نهاية له

وفيه اسعار بان الكلام فيه ممكن فى الجملة

واما قول من قال ان هذه الحروف من اسرار استأثر اللّه بعلمها فى حق القاصرين عن فهم حقائق القرآن والخالين عن ذوق هذا الشأن وعلم عالم المشاهدة والعيان والا فالذى استأثر بعلمه انما هى الممتنعات وهى ما لم يشم رائحة الوجود بل بقى فى غيب العلم المكنون بخلاف هذه الحروف فانها ظهرت فى عالم العين وما هو كذلك لا بد وان يتعلق به علم الاكملين لكونه من مقدوراتهم فالفرق بين عالم الخالق والمخلوق ان علم الخالق عام شامل بخلاف علم المخلوق فافهم هداك اللّه [ وبعضى كويند هرحرفى اشارت باسميت جنانجه در الر الف اشارت باسم اللّه است ولام باسم جبريل ورا باسم حضرت رسول صلّى اللّه عليه وسلّم اين كلام ازخداى تعالى بواسطة جبريل برسول رسيده ]

{ تلك } السورة العظيمة الشأن

{ آيات الكتاب } الكامل الحقيق باختصاص اسم الكتاب على الاطلاق على ما يدل عليه اللام اى بعض من جميع القرآن او من جميع المنزل او من جميع المنزل اذ ذاك او آيات اللوح المحفوظ

{ وقرآن } عظيمى الشأن

{ مبين } مظهر لما فى تضاعيفه من الحكم والمصالح او لسبيل الرشد والغى او فارق بين الحق والباطل والحلال والحرام فهو من ابان المتعدى ويمكن ان يجعل من اللازم الظاهر امره فى الاعجاز او الواضحة معلنيه للمتدبرين او البين للذين انزل عليهم لانه بلغتهم واساليبهم وعطف القرآن على الكتاب من عطف احدى الصفتين على الاخرى اى الكلام الجامع بين الكتابية والقرآنية

وفى التأويلات النجمية يشير بكلمة

{ تلك } الى قوله

{ الر } اى كل حرف من هذه الحروف حرف من آية من

{ آيات الكتاب و } هى { قرآن مبين }

فالالف اشارة الى آية

{ اللّه لا اله الا هو الحى القيوم } واللام اشارة الى آية

{ ولله ملك السموات والارض يغفر لمن يشاء } والراء اشارة الى آية

{ ربنا ظلمنا } فاللّه تعالى اقسم بهذه الآيات الثلاث باشارة هذه الحروف الثلاثة ثم اقسم بجميع القرآن بقوله { وقرآن مبين }

٢

{ ربما } رب ههنا للتكثير كما فى مغنى اللبيب والمعنى بالفارسية اى بساوقت كه

{ يود } يتمنى في الآخرة

{ الذين كفروا } بالقرآن وبكونه من عند اللّه

{ لو كانوا مسلمين } يعنى فى الدنيا مستسلمين لاحكام اللّه تعالى واوامره ونواهيه ومفعول يود محذوف لدلالة لو كانوا مسلمين عليه أى يودون الاسلام على أن لو للتمنى حكاية لوداداتهم فر تقتضى جوابا وانما جيء بها على لفظ الغيبة نظرا الى انهم مخبر عنهم واو نظر الى الحكاية لقيل لو كنا مسلمين

واما من جعل لو الواقعة بعد فعل يفهم منه معنى التمنى حرفا مصدرية فمفعول يود عنده لو كانوا مسلمين على ان يكون الجملة فى تأويل المفرد وفى الحديث ( اذا كان يوم القيامة واجتمع اهل النار ومعهم من شاء اللّه من اهل القبلة قال الكفار لمن فى النار من اهل القبلة ألستم مسلمين فقالوا بلى قالوا ففما اغنى عنكم اسلامكم وانتم معنا فى النار من اهل القبلة ألستم مسلمين فقالوا بلى قالوا فما اغنى عنكم اسلامكم وانتم معنا فى النار قالوا كانت لنا ذنوب فاخذنا بها فيغضب اللّه لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من اهل القبلة فى النار فيخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كطانوا مسلمين ) وفى الحديث ( لا يزال الرب يرحم ويشفع اليه حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة فعند ذلك يتمنون الاسلام ) اى يتمنونه اشد التمنى ويودونه اشد الودادة والا فنفس الودادة ليست بمختصة بوقت دون وقت بل هى مستمرة فى كل آن يمر عليهم قبل دخول النار وبعده كما يدل عليه رب التكثيرية

وقال بعضهم ربما يود الذين فسقوا لو كانوا مطيعين وربما يود الذين كسلوا لو كانوا مجتهدين وربما يود الذين غفلوا لو كانوا ذاكرين

اكر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى

كه اى زنده جون هست امكان كفت ... لب ازذكر جون مرده برهم مخفت

جومارا بغفلت بشد روزكار ... توبارى دمى جند فرصت شمار

وقال عبد اللّه بن المبارك ما خرج من الدنيا من مرمن وكافر الا على ندامة وملامة لنفسه فالكافر لما يرى من سوء ما يجازى به والمؤمن لرؤية تقصيره فى القيام بموجب الخدمة وترك الحرمة وشكر النعمة

وقال ابن العرجى الكفران هنا كفران النعمة ومعناه ربما يود الذين جهلوا نعم اللّه عندهم وعليهم ان لو كانوا شاكرين عارفين برؤية الفضل والمنة

يقول الفقير عبادة الكفر وان كانت شاملة لكفر الوحدة وكفر النعمة لكن الآية نص فى الاول ولا مزاحمة فى باب المعانى الثوانى التى هى من قبيل الاشارات القرآنية والمدلولات المحتملة فعليك العمل بالكل فانه سلوك لخير السبل

٣

{ ذرهم } اى دع الكفار يا محمد عن النهى عماهم عليه بالتذكرة والنصيحة لا سبيل الى ارعوائهم عن ذلك

والآية منسوخة بآية القتال كما فى بحر العلوم

قال الكاشفى [ امر تهوين وتحقير است يعنى كافران درجه حسابند دست ازيشان بدار تا در دنيا ]

{ يأكلوا } كالانعام

{ ويتمتعوا } بدنياهم وشهواتها والمراد دوامهم على ذلك لاحداثهم كانوا كذلك وهما امران بتقدير اللام لدلالة ذرهم عليه او جواب امر على التجوز لان الامر بالترك يتضمن الامر بهما اى دعهم وبالغ فى تخليتهم وشانهم بل مردهم بتعاطى ما يتعاطون

{ ويلههم } اى يشغلهم عن اتباعك او عن الاستعداد للمعاد

{ الامل } التوقع لطول الاعمار وبلوغ الاوطار واستقامة الاحوال وان لا يلقوا فى العاقبة والمآل الاخيرا : قال الصائب

درسر اين غافلان طول امل دانى كه جيست ... اشيان كردست مارى دركبوتر خانه

قال فى بحر العلوم ان الامل رحمة لههذ الامة لولاه لتعطل كثير من الامور وانقطع اغلب اسباب العيش والحياة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( انما الامل رحمة اللّه لامتى لولا الامل ما ارضعت ام ولدا ولا غرس غارس شجرا ) رواه انس والحكمة لا تتضى اتفاق الكل على الاخلاص والاقبال الكلى على اللّه فان ذلك مما يخل بامر المعاش وولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا

قال بعضهم لو كان الناس كلهم عقلاء لما اكلنا رطبا ولا شربنا ماء باردا يعنى ان العقلاء لا يقدمون على صعود النخيل لاجتناء الرطب ولا على حفر الآبار لاستنباط الماء البارد كما فى اليواقيت

قال فى شرح الطريقة الامل ارادة الحياة للوقت للتراخى بالحكم والجزم اعنى بلا استثناء ولا شرط صلاح وهو مذموم فى الشرع جدا وغوائله اربع الكسل فى الطاعة وتأخيرها وتسويف التوبة وتركها قسوة القلب بعد ذكر الموت والحرص على جميع الدنيا والاشتغال بها عن الآخرة

{ فسوف يعلمون } سوء صنيعهم اذا عاينوا جزاءه وهو وعيد لهم

قال فى التأويلات النجمية قوله

{ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل } تهديد لنفس ذاقت حلاوة الاسلام ثم عادت الى طبعها الميشوم واستحلت مشاربها من نعيم الدنيا والتمتع بنعيمها ثم قال

{ فسوف يعلمون } ما خسروا من انواع السعادات والكرامات والدرجات والقربات وما فات منهم من الاحوال السينية والمقامات العلية وما اورثتهم الدنيا الدنية من البعد من اللّه والمقت وعذاب نار القطيعة والحرمان

٤

{ وما أهلكنا } شروع فى بيان سر تأخير عابهم الى يوم القيامة وعدم نظمهم فى سلك الامم الدارجة فى تعجيل العذاب اى وما اهلكنا

{ من قرية } من القرى بالخسف بها وباهلها كما فعل ببعضها او باخلائها عن اهلها غب اهلاكهم كما فعل بآخرين

{ الا ولها } فى ذلك الشأن

{ كتاب } اى جعل مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ واجب المراعاة بحيث لا يمكن تبديله لوقوعه حسب الحكمة المقتضية له

{ معلوم } لا ينسى ولا يغفل حتى يتصور التخلف عنه التقدم والتأخر . فكتاب مبتدأ خبره الظرف والجملة حال من قرية فانها لعمومها لا سيما بعد تأكده بكلمة من فى حكم الموصوفة كما اشير اليه . والمعنى وما اهلكنا قرية من القرى فى حال من الاحوال الا حال ان يكون لها كتاب اى اجل مؤقت لهلكها قد كتبناه لانهلكها قبل بلوغ معلوم لا يغفل عنه حتى تمكن مخالفته بالتقدم والتأخر او صفة للقرية المقدرة التى هى بدل من المذكورة على المختار فيكون بمنزلة كونه صفة للمذكورة اى وما اهلكنا قرية من القرى الا قرية لها كتاب معلوم وتوسيط بينهما وان كان القياس عدمه للايذان بكمال الالتصاق بينهما من حيث ان الواو شأنها الجمع والربط

٥

{ ما تسبق } ما نافية

{ من } زائدة

{ امة } من الامم الهالكة وغيرهم

{ اجلها } المكتوب فى كتابها اى لا يجيئ هلاكها قبل مجيئ كتابها

{ وما يستأخرون } اى وما يتأخرون عنه وانما حذف لانه معلوم ولرعاية الفواصل وصيغه الاستفعال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له

واما تأنيث ضمير امة فى اجلها وتذكيره فى يستأخرون فللحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى اخرى

وفى التأويلات النجمية

{ ما تسبق من امة اجلها } حتى يظهر منها ما هو سبب هلاكها وتستوفى نفسها من الحظوظ ما يبطل الحقوق

{ وما يستأخرون } لحظة بعد استيفاء اسباب الهلاك والعذاب : قال السعدى

طريقى بدست وصلحى بجوى ... شفيعى برانكيز وعذرى بكوى

كه يك لحظة صورت نه بنددامان ... جو بيمانه برشد بدور زمان

فعلى العاقل ان يجتهد فى تزكية النفس الامارة وازالة صفاتها المتمردة ومن المعلوم ان الدنيا كالقرية الصغيرة والآخرة كالبدة الكبيرة ولم يسلم من الآفات الا من توجه الى السواد الاعظم فانه ما من لكل نفس فلو مات عند الطريق فقد وقع اجره على اللّه ولو تأخر واجتهد فى عمارة قرية من الجسد واشتغل بالدنيا واسبابها هلك مع الهالكين واذا كان لكل نفس اجل لا تموت الا عند حلوله وهو مجهول فلا بد من التهيئ فى كل زمان وذكر الموت كل حين وآن وقصر الامل واصلاح العمل ودفع الكسل

وعن ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه انه اشترى اسامة ابن زبد من زيد بن ثابت وليدة بمائة دينار الى شهر فسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( ألا تعجبون من اساموة المشترى الى شهر ان اسامة لطويل الامل والذى نفسى بيده ما طرفت عيناى الا ظننت ان شفرى لا يلتقيان حتى يقبض اللّه روحى ولا رفعت طرفى فظننت انى واضعه حتى اقبض ولا لقمت لقمة الا ظننت انى لا اسيغها حتى اغص بها من الموت ثم قال يا بنى آدم ان كنتم تعقلون فصدوا انفسكم من الموتى والذى نفسى بيده انما توعدون لآت وما انتم بمعجزين ) اى لا تقدرون على اعجاز اللّه عن اتيان ما توعدون به من الموت والحشر والحساب وغيرها من احوال القيامة واهوالها

٦

{ وقالوا } اى مشركوا مكة وكفار العرب لغاية تماديهم فى العتو والغى

وفى بعض التفاسير نزلت فى عبد اللّه بن امية

{ يا ايها الذى نزل عليه الذكر } نادوا به النبى عليه السلام على وجه التهكم ولذا جننوه بقولهم

{ انك لمجنون } اذ لا يجتمع اعتقاد نزول الذكر عليه ونسبه الجنون الهي . والمعنى انك لتقول قول المجانين حين تدعى ان اللّه نزل عليك الذكر اى القرآن

وقال الكاشفى [ بدرستى توديوانه كه مارا از نقد بنسيه مى خوانى ] وجواب هذه الآية قوله تعالى فى سورة القلم

{ ما ان بنعمة ربك بمجنون } اى ما انت بمجنون حال كونك منعما عليك بالنبوة وكمال العقل

يقول الفقير الجنون من اوصاف النقصان يجب تبرئة ساحة الانبياء وكمل اولالياء منه وعد نسبته اليهم من الجنون اذ لاسفه اشد من نسبة النقصان وسخافة العقل والاذعان الى المراجيح الرزان ولا عقل من العقول الا وهو مستفيض من العقل الاول الذى هو الروح المحمدى والعاقل بالعقل المعادى مجنون عند العاقل بالعقل المعاشى وبالعكس ولا يكون مجنونا بالجنون المقبول الا بعد دخول ائرة العشق

قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر

جننا مثل مجنون بليلى ... شغفنا حب جيران بسلمى

يعنى جننا من الازل الى الابد بجنون عشق المعشوق الوجه الحق وحب المحبوب الجمال المطلق كما جن مجنون بجنون عشق المعشوق ليلى الخلق وحب المحبوب الجمال المقيد : قال الصائب

روزن عالم غيبست دل اهل جنون ... من وآن شهركه ديوانه فراوان باشد

٧

{ لوما } حرف تحضيض بمعنى هلا وبالفارسية [ جرا ]

{ تأتينا } [ نمى آرى ] فالباء للتعدية فى قوله

{ بالملائكة } يشهدون بصحة نبوتك ويعضدونك فى الانذار كقوله تعالى

{ لولا انزل عليك ملك فيكون معه نذيرا } يعنى [ اكر راست مى كويى كه بيغميرى فرشتكانرا حاضركن تابحضور ما كواهى دهند برسالت تو ] او يعاقبوننا على التكذيب كما اتت الامم المكذبة لرسلهم

{ ان كنت من الصادقين } فى دعواك فان قدرة اللّه على ذلك مما لا ريب فيه وكذا احتياجك اله فى تمشية امرك

٨

فقال اللّه تعالى فى جوابهم

{ ما ننزل الملائكة الا بالحق } اى ملتبسا بالوجه الذى يحق ملابسة التنزيل مما تقتضيه الحكمة وتجرى به السنة الالهية والذى اقترحوه من التنزيل لاجل الشهادة لديهم وهم هم ومنزلتهم فى الحقارة والهوان منزلتهم مما لا يكاد يدخل تحت الصحة والحكمة اصلا فان ذلك من باب التنزيل بالوحى الذى لا يكاد يفتح على غير الانبياء العظام من افراد كمل المؤمنين فكيف على امثال اولئك الكفرة اللئام وانما الذى يدخل فى حقهم تحت الحكمة فى الجملة هو التنزيل للتعذيب والاستئصال كما فعل باضرابهم من الامم السالفة ولو فعل ذلك لاستؤصلوا بالمرة

{ وما كانوا اذن منظرين } اذن جواب وجزاء لشرط مقدر وهر مركبة من اذ وهو اسم بمعنى الحين ثم ضم اليه ان فصار اذان ثم استثقلوا الهمزة فخذوها فمجيئ لفظة ان دليل على اضمار فعل بعدها والتقدير وما كانوا اذا كان ما طلبوه منظرين والانظار التأخير . والمعنى ولو نزلنا الملائكة ما كانوا مؤخرين بعد نزولهم طرفة عين كدأب سائر الامم المكذبة المستهزئة ومع استحقاقهم لذلك قد جرى علم القضاء بتأخير عذابهم الى يوم القيامة لتعلق العلم والارادة بازديادهم عذابا وبايمان بعد ذراريهم

وفى تفسير الكاشفى

{ ما ننزل الملائكة الا بالحق } مكر بوحى نازل بعذاب : يعنى ملك رابصورت اصل وقتى توانندديدكه بجهت عذاب نازل شوند جنانجه قوم ثمود جبريل رادرزمان صيحه ديدند يا بوقت مرك جنانجه همه كس مى بينند

{ وما كانوا اذن } ونباشند آن هنكام كه ملائكه را بدين صزرت فرستيم

{ منظرين } از مهلت داد كان يعنى فى الحال معذب شوند ]

٩

{ انا نحن } لعظم شأننا وعلو جنابنا ونحن ليست بفصل لانها بين اسمين وانما هى مبتدأ كما فى الكواشى

{ نزلنا الذكر } ذلك الذكر الى انكروه وانكروا نزوله عليك ونسبوك بذلك الى الجنون وعموا منزله حيث بنوا الفعل للمفعول ايماء الى انه امر لا مصدر له وفعل لا فاعل له

قال الكاشفى [ وذكر بمعنى شرف نيزمى آيد يعنى اين كتاب موجب شرف خوانند كانست ] يعنى فى الدنيا والآخرة كما قال تعالى

{ بل اتيناهم بذكرهم } اى بما فيه شرفهم وعزهم وهو الكتاب

{ وانا له لحافظون } فى كل وقت من كل ما لا يليق به كالطعن فيه والمجادلة فى حقيته والتكذيب له والاستهزاء به والتحريف والتبديل والزيادة والنقصان ونحوها

واما الكتل المتقدمة فلما لم يتول حفظها واستحفظها الناس تطرق اليها الخلل

وفى التبيان او حافظوا له من الشياطين من وساوسهم وتخاليطهم : يعنى [ شيطان نتواندكه دروجيزى ازباطل بيفزايد يا جيزى از حق كم كند ]

قال فى بحر العلوم حفظه اللّه بالصرفة على معنى ان الناس كانوا قادرين على تحريفه ونقصانه كما حرفوا التوراة والانجيل لكن اللّه صرفهم عن ذلك او بحفظ العلماء وتصنيفهم الكتب التى صنفوها فى شرح الفاظه ومعانيه ككتب التفسير والقراآت وغير ذلك : وفى المثنوى

مصطفى را وعده كرد الطاف حق ... كر بميرى تونميرد اين سبق

من كتاب معجزت را رافعم ... بيش وكم كن را زقرآن مانعم

من ترا اندر دو عالم حافظهم ... طتعنانرا از حديثت دافعم

كس نتاند بيش وكم كردن درو ... تو به ازمن حافظى ديكر مجو

رونقت را روز افزون كنم ... نام توبر زر و بر نقره زنم

منبر ومحراب سازم بهرتو ... در محبت قهر من شد قهرتو

جاكرانت شهرها كيرند وجاه ... دين توكيرد زماهى تابماه

تا قيامت باقيش داريم ما ... تومترس از نسخ دين اى مصطفى

وعن ابى هريرة ال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان اللّه يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) ذكره ابن داود فى سننه

وفيما ذكر اشارة الى ان القرآن العظيم ما دام بين الناس لا يخلو وجه الارض عن المهرة من العلماء والقراء والحفاظ -روى- ( انه يرفع القرآن فى آخر الزمان من المصاحف فيصبح الناس فاذا الورق ابيض يلوح ليس فيه حرف ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا يذكر منه كلمة ثم يرجع الناس الى الاشعار والا عانى واخبار الجاهلية ) كما فى فصل الخطاب

فعلى العاقل التمسك بالقرآن وحفظه نظما ومعنى فان النجاة فيه وفى الحديث ( من استظهر القرآن حفف عن والديه العذاب وان كانا مشركين ) وفى حديث آخر ( اقرأوا القرآن واستظهروه فان اللّه لا يعذب قلبا وعى القرآن )

وفى حديث آخر ( لو جعل القرآن فى اهاب ثم القى فى النار ما احترق ) اى من جعله اللّه حافظا للقرآن لا يحترق

وسئل الفرزدق لم يهجوك جرير بالقيد فقال قال لى ابى يوما تعالى فذهبت اثره حتى جئنا الى بادية رأينا من بعيد شخصا يجلس تحت شجرة مشغولا بالعبادة فغير ابى اوضاعه فمشى على مسكنة وذلة فلما قرب منه خلع نعليه وسلم بالخضوع والخشوع عليه وهو لم يلتفت اليه ثم تضرع ثانيا فرفع رأسه ورد سلامه ثم خاطبه ابى بالتواضع اليه وقال هذا ابنى وله قصائد من نفسه فقال مرة قل لابنك تعلم القرآن واحفظه

در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كه سراسر سخنش حكمت يونان كردد

كما قال مولانا سيف الذين المنارى وكان من كبار العلماء رأيت لبعضهم كلمات فى الدنيا عالية ثم رأيته حال الرحلة عن الدنيا فى غاية الضعف والتشويش وقد ذهب عنه التحقيقات والمعارف فى ذلك الوقت فان الامر الحاصل بالتعمل والتكلف كيف يستقر حال الهرم والامراض وضعف الطبيعة سيما حال مفارقة الروح قال ثم رجعنا من عنده فبكيت فقال ابى لم تبكى يا بنى ونو عينى قلت لم لا ابكى وقد التفت الى شخص وانت من فضلاء الدهر وفصحائه وهو لم يلتفت اليك اصلا قال اسكت هو امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى اللّه عنه فقلت الآن هو امرنى بحفظ القرآن فقال نعم فعهدت ان احفظه وقيت قدمىّ بالادهم حتى حفظته ثم اطلقت فانظر الى اهتمامه وحفظه

قيل اشتغل الامام زفر رحمه اللّه فى آخر عمره بتعليم القرآن وتلاوته سنتين ثم مات ورآه بعض شيوخ عصره فى منامه فقال لولا سنتان لهلك زفر

قال الكاشفى [ وكويند ضمير عائد بحضرت رسالت است يعنى نكهبان وييم از مضرت اعدا ] كما قال تعالى { واللّه يعصمك من الناس }

كر جمله جهانم خصم كردند ... نترسم جون نكهدارم توباشى

زشادى در همه حالم نكنجم ... اكريك لحظه غموخوارم توباشى

والاشارة

{ انا نحن نزلنا الذكر } فى قلوب المؤمنين وهو قول لا اله الا اللّه نظيره قوله تعالى

{ اولئك كتب فى قلوبهم الايمان } وقوله

{ هو الذى انزل السكينة فى قلوب المؤمنين } فالمنافق يقول لا اله الا اللّه ولكن لم ينزل اللّه فى قلبه ولم يحصل فيه الايمان

{ وانا له لحافظون } اى فى قلوب المؤمنين ولو لم يحفظ اللّه الذكر والايمان فى قلوب المؤمن لما قدر المؤمن على حفظه لانه ناس

١٠

{ ولقد ارسلنا } اى رسلا وانما لم يذكر لدلالة ما بعده عليه

{ من قبلك } متعلق بارسالنا

{ فى شيع الاولين } اى فرقهم واحزابهم جمع شيعة وهى الفرقة المتفقة على طريقة ومذهب سموا بذلك لان بعضهم يشايع بعضا ويتابعه من شايعه اذا تبعه ومنه الشيعة وهم الذين شايعوا عليه وقالوا انه الامام بعد رسول اللّه واعتقدوا ان الامامة لا تخرج عنه وعن اولاده واضافته الى الاولين من اضافة الموصوف الى صفة عند الفراء والاصل فى الشيع الاولين ومن حذف الموصوف عند البصريين اى فى شيع الامم الاولين ومعنى ارسالهم فيهم جعل كل منهم رسولا فيما بين طائفة منهم ليتابعوه فى كل ما يأتى وما يذر من امور الدين

١١

{ وما يأتيهم من رسول } اى ما اتى شيعة من تلك الشيع رسول خاص بها

{ الا كانوا به يستهزئون } كما يفعله هؤلاء الكفرة وفيه تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بان هذه عادة الجهال مع الانبياء والجملة فى محل النصب على انها حال مقدرة من ضمير مفعول وفى يأتيهم اذا كان المراد بالاتيان حدوثه او فى محل الرفع على انها صفة لرسول فان محله الرفع على الفاعلية اى الا رسول كانوا به يستهزئون

١٢

{ كذلك } اى كادخالنا الاستهزاء فى قلوب الاولين

{ نسلكه } اى ندخل الاستهزاء . والسلك ادخال الشيء فى الشيء كادخال الخيط فى المخيط اى الابرة والرمح فى المطعون

{ فى قلوب المجرمين } على معنى انه يخلقه ويزينه فى قلوبهم والمراد بالمجرمين مشركوا مكة ومن شايعهم فى الاستهزاء والتكذيب

١٣

{ لا يؤمنون به } اى بالذكر وهو بيان للجملة السابقة واختار المولى ابو السعود رحمه اللّه ان يكون ذلك اشارة الى ما دل عليه الكلام السابق من القاء الوحى مقرونا بالاستهزاء وان يعود ضمير نسلكه به والى الذكر على ان يكون لا يؤمنون به حالا من ضمير نسلكه . والمعنى اى مثل ذلك المسلك الذى سلكناه فى قلوب اولئك المستهزئين برسلهم وبما جاءوا به من الكتب نسلك الذكر فى قلوب المجرمين جال جونها مكذبا غير مؤمن به لانهم كانوا يسمعون القرآن بقراءة النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فيدخل فى قلوبهم ومع ذلك لا يؤمنون لعدم استعدادهم لقبول الحق لكونهم من اهل الخذلان : قال السعدى قدس سره

كسى را كه بندار در سر بود ... مبندار هر كزكه بشنود

زعلمش ملال آيد ازوعظ ننك ... شقائق بباران نرويد ز سنك

قال سعدى المفتى مكذبا اى حال الالقاء من فير توقف كقوله تعالى

{ فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } اى فى ذلك الزمان من غير توقف وزتفكر فلا حاجة الى جعلها حالا مقدرة اى كما فعله الطيبى

وفى التأويلات النجمية

{ كذلك نسلكه } اى الكفر

{ فى قلوب المجرمين لا يؤمنون به } بواسطة جرمهم فان الجرم يسلك الكفر فى القلوب كما يسلك الايمان بالعمل الصالح فى القلوب نظيره

{ بل طبع اللّه عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا } { وقد خلت سنن الاولين } اى قد مضت طريقتهم التى سنها اللّه فى اهلاكهم حين فعلوا ما فعلوا من التكذيب والاستهزاء : يعنى [ هركه ازايشان هلاك شده بترك قبول حق وتكذيب رسل بوده ] وفيه وعيد لاهل مكة على استهزائهم وتكذيبهم

نه هر كز شنيدم درين عمر خويش ... كه برمردرا نيكى آمد به بيش

١٤

{ ولو فتحنا عليهم } اى على هؤلاء المقترحين المعاندين الين يقولون لوما تأتينا بالملائكة

{ بابا من السماء } اى بابا ما لا بابا من ابوابها المعهودة كما قيل ويسرنا لهم الرقى والصعود اليه { فظلوا }

قال فى بحر العلوم الظلول بمعنى الصيرورة كما يستعمل اكثر الافعال الناقصة بمعناها اى فصاروا

{ فيه } اى فى ذلك الباب

يعرجونؤ يصعدون بآلة او بغيرها ويرون ما فيها من العجائب عيانا او فضل الملائكة يصعدون وهم يشاهدونهم ويقال ظل يعمل كذا اذا عمله بالنهار دون الليل فالمعنى فظل الملائكة الذين اقترحوا اتيانهم يعرجون فى ذلك الباب وهم يرونه عيانا مستوضحين طول نهارهم كما قال الكاشفى [ بس باشند همه روزفرشتكان در نزر ايشان دران بالا ميروند وازان در زير مى آيند ]

١٥

{ لقالوا } لغاية عنادهم وتشكيكهم فى الحق

{ انما سكرت ابصارنا } اى سدت من باب الاحساس : يعنى [ اين صورت در خارج وجود ندارد ]

قال فى القاموس قوله تعالى

{ سكرت ابصارنا } اى حبست عن النظر وحيرت او غطيت وغشيت

وفى تهذيب المصادر السكر [ بند بستن ] كما قال الكاشفى [ جزين نيست كه برسته اند جشمهاى مارا و خيره ساخته ]

{ بل نحن قوم مسحورون } قد سحرنا محمد كما قالوا عند ظهور سائر الآيات الباهرة كما قال تعالى حكاية عنهم

{ ويقولوا سحر مستمر } تلخيصه لو اتوا بما طلبوا لكذبوا لتماديهم فى الجحود والعناد وتناهيهم فى ذلك كما فى الكواشى . وفى كلمتى الحصر والاضراب دلالة على انهم يبتون القول بذلك وان ما يرونه لا حقيقة له وانما هو امر خيل اليهم بنوع من السحر قالوا انما تفيد الحصر فى المذكور آخرا فيكون الحصر فى الابصار لا فى التسكير فكأنهم قالوا سكرت ابصارنا لا عقولنا فنحن وان نتخايل بابصارنا هذه الاشياء لكنا نعلم بقولنا ان الحال بخلافه ثم قالوا بل نجن كأنهم اضربوا عن الحصر فى الابصار وقالوا بل جاوز ذلك الى عقولنا بسحر سحره لنا

اى رسول ماتو جادو نيستى ... آنجنانكه هيج مجنون نيستى

واعلم ان السحر من خرق العادة قد يصدر من الاولياء فيسمى كرامة وقد يصدر من اصحاب النفوس القوية من اصل الفطرة وان لم يكونوا اولياء وهم على قمسين اما خير بالطبع او شرير والاول ان وصل الى مقام الولاية فهو ولىّ وان لم يصل فهو من الصلحاء المؤمنين والمصلحين والثانى خبيث ساحر ولكل منهما التصرّف فى العالم الشهادى بحسب مساعدة الاسباب المهيأة لهم فان ساعدتهم الاسباب الخارجية استولوا على اهل العالم كالفراعنة من السحرة وان لم تساعدهم ليس لهم ذلك الا بقدر قوّة اشتغالهم باسبابهم الخاصة والسحر لا بقاء له بخلاف المعجزة كالقرآن فانه باق على وجه كل زمان والسحر يمكن معارضته بخلافها ولا يظهر السحر الا على يد فاسق وكذا الكهانة والضرب بالرمل والحصى ونحو ذلك والضرب بالحصى هو الذى يفعله النساء ويقال له الطرق

وقيل الخط فى الرمل واخذ العوض عليه حرام كما فى فتح القريب

قال الشيخ صلاح الدين الصفدى فى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الابدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة

وقال الامام ابو حنيفة لا حقيق له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال جعفر الاسترابادى من الشافعية وتعلمه حرام بالاجماع وكذا تعلم الكهانة والشعبذة والتنجيم والضرب بالشعير

واما المعزم الذى يعزم على المصروع ويزعم انه يجمع الجن وانها تطيعه فذكره اصحابنا فى اسلحرة -روى- عن الامام احمد انه توقف فيه وسئل سعيد بن المسيب عن الرجل الذى يؤخذ عن امرأته ويلتمس من يداويه فقال انما نهى اللّه عما يضر ولم ينه عما ينفع فان استطعت ان تنفع اخاك فافعل انتهى ما فى اختلاف الائمة باختصار وكون السحر اشراكا مبنى على اعتقاد التأثير منه دون اللّه والتطير والتكهن والسحر على اعتقاد التأثير كفر فعلى الاول معنى قوله عليه السلام

( ليس منا من تطير او تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سحر له ) انهى كافر وعلى الثانى ليس من اهل سنتنا وعامل طريقتنا ومستحق شفاعتنا

واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء اللّه تعالى لدفع البلاء فلا بأس ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التاتارخانية وعند البعض يجوز عدم النزع اذا كان مستورا بشيء والاولى النزع كذا فى شرح الكردى على الطريقة

١٦

{ ولقد جعلنا } الجعل هنا بمعنى الخق والابداع . والمعنى بالفارسية [ وبدرستى كه ما آفرديم وبيدا كرديم ]

{ فى السماء } متعلق بجعلنا

{ بروجا } قصورا ينزلها السيارات السبع فى السموات السبع كما اشار فى نصاب الصبيان على الترتيب بقوله

هفت كوكب هست كيتى را ... كاه ازيشان مدار وكاه خلل

قمرست وعطارد وزهره ... شمس ومريخ ومشترى وزحل

وهى البروج الاثنا عشر المشهورة المختلفة الهيأت والخواص واسماؤها الحمل والثور والجوزاء والسرطان والاسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت وقد بسطنا القول فى البروج والمنازل فى اوائل سورة يونس فليراجع ثمة وانما سميت البروج التى هى القصور المرفوعة لانها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها واشتقاق البرج من التبرج لظهورها

وفى شرح التقويم البرج فى اللغة الحصن وغاية الحصن المنع عن الدخول والوصول الى ما فيه ويقسم دور الفلك ويسمى كل قسم منها برجا طول كل واحد ثلاثون درجة وعرضه مائة وثمانون من القطب الى القطب وكل ما يقع فى كل قسم يكون فى ذلك البرج ولما كانت هذه الاقسام المتوهمة فى الفلك كالموانع عن تصرفات اشخاص العالم السفلى فيما فيها من الانجم وغيرها كما اشير اليه فى الكتاب الهى بقوله

{ وجعلنا السماء سقفا محفوظا } اعتبر المناسبة وسميت بالبروج

{ وزيناها } اى السماء بتلك البروج المختلفة الاشكال والكواكب سيارات كانت او ثوابت وسميت السيارة لسرعة حركاتها وسميت الثابتة بالثوابت اما لثبات اوضاعها ابدا

واما لقلة حركاتها الثابتة وغاية بطئها فان السماويات ليست بساكنة وحركات الثوابت على رأى اكثر المتأخرين درجة واحدة فى ست وستين سنة شمسية وثمان وستين سنة قمرية فيتم برجا فى الفى سنة ودورة فى اربعة وعشرين الف سنة وتسمى الثوابت بالكواكب البيابانية اذ يهتدى بها فى الفلاة وهى البيابان بالعجمية والكواكب الثابتة باجمعها على الفلك الثامن وهو الكرسى وفوقه الفلك الاطلس اى فلك الافلاك وهو العرش سمى بالاطلس لخلوه عن الكواكب بالعرض اذ كل منها مركوز فى الفلك كالكرة المنغمسة فى الماء والكواكب التى ادركها الحكماء بارصادهم الف وتسعة وعشرون فمنها سيارة ومنها ثوابت والكل مما ادركوا وما لم يدركوا زينة السماء كما ان فى الارض زينة لها

{ للناظرين } لكل من ينظر اليها فمعنى التزيين ظاهر او للمتفكرين المعتبرين المستدلين بذلك على قدرة مقدرها وحكمة مدبرها فتزيينها ترتيبها على نظام بديع مستتبع للآثار الحسنة وتخصيصهم لانهم هم المنتفعون بها

واما غيرهم فنظرهم كلا نظر قال السعدى قدس سره

دوجشم از بى صنع بارى نكوست ... زعيب برادر فرو كير ودوست

غبار هوا جسم عقلت بدوخت ... سموم هواكشت عمرت بسوخت

بكن سرمه غفلت از جشم باك ... كه فردا شوى سرمه در جشم خاك

١٧

{ وحفظناها } اى السماء

{ من كل شيطان رجيم } مرمى بالنجوم فلا يقدر ان يصعد اليها ويوسوس فى اهلها ويتصرف فى اهلها ويقف على احوالها فيلاحظ فى الكلام معنى الاضافة اذ الحفظ لا يكون من ذات الشيطان وفى كلمة ههنا دلالة على ان اللام فى الشيطان الرجيم فى الاستعاذة لاستغراق الجنس كما فى بحر العلوم

وقال بعضهم هل المراد فى الاستعاذة كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال اللّه تعالى

{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين } وفى حق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ابليس اما نحن فلان الانسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضر شيأ

والعاقل لا يستعيذ مما لا يؤذيه

واما الرسول عليه السلام فلانه لما قيل له ولا انت يا رسول اللّه قال ( ولا انا ولكن اللّه تعالى اعاننى عليه حتى اسلم فلا يأمرنى الا بخير ) فاذا كان قرينه عليه السلام قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ام يكون ابليس او اكابر جنوده لانه قد ورد فى الحديث ( ان عرش ابليس على البحر الاخضر وجنوده حوله واقربهم اليه اشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الامور العظام ) والظاهر ان امر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته

يقول الفقير انما يستعيذ عليه السلام من الشيطان امتثالا للامر الالهى لا غير اذ لا تسلط على افراد امته المخلصين بالفتح فضلا عن التسلط عليه وهو آيس من وسوسته صلّى اللّه عليه وسلّم لانه يحترق من نوره عليه السلام فلا يقرب منه

واما قوله تعالى

{ واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه } ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى

{ ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه } ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى

{ ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون } لا يدل على وقوع المس فى حق كل متق بل يكفى وجوده فى حق بعض افراد الامة فى الجملة ولئن سلم كما يدل عليه قوله تعالى

{ وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبى الا اذا تمنى القى الشيطان فى امنيته } اى اذا قرأ وناجى القى الوسوسة فى قراءته ومناجاته فهو يعلم انه عليه السلام لا يعمل بمقتضى وسوسته لانه نفسه اخرج المخلصين بالفتح من ان يتعرض لهم اغواء او يؤثر فيهم وسوسة ولا مانع من الاستعاذة من كل شيطان سواء كان مؤذيا ام لا اذ عداوته القديمة لبنى آدم مصححة لها ومن نصب نفسه للعداوة فاولاده تابعة له فى ذلك وقد ذكروا ان لوسوسته اليوم فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة واحدة وهو كقبض عزرائيل عليه السلام والارواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة فى كل مكان واحد

١٨

{ الا من استرق السمع } محله النصب على انه استثناء متصل لان المسترق من جنس الشيطان الرجيم اى ان فسر الحفظ بمنع الشياطين عن التعرض لها على الاطلاق والوقوف على ما فيها فى الجملة او منقطع اى ولكن من استرق السمع ان فسر ذلك بالمنع عن دخولها او التصرف فيها والاستراق افتعال وبالفارسية [ بدزديدن ] والمسترق المستمع مختفيا كما فى القاموس والسمع بمعنى المسموع كما قال الكاشفى [ بدزدد سخنى مسموع ] واستراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم اليسيرة من قطاع السموات لما بينهم من المناسبة فى الجوهر

{ فاتبعه } اى تبعه ولحقه وبالفارسية [ بس از بى در آيدش وبدو رسد وبسوزدش ] قال ابن الكمال الفرق قائم بين تبعه واتبعه يقال اتبعه اتباعا اذا طلب الثانى اللحوق بالاول وتبعه تبعا اذا مر به ومضى معه

{ شهاب } لهب محترق وهى شعلة نار ساطعة

{ مبين } ظاهر امره للمبصرين ومما يجب التنبه له ان هذا حكاية فعل قبل النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وان الشياطين كانت تسترق فى بعض الاحوال قبل ان يبعثه اللّه فلما بعض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق رأسا وبالكلية

مهى برآمد وبازار تيركى بشكست ... كلى شكفت وهياهوى خار آخر شد

ويعضده ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان الشياطين كانوا لا يحجبون عن السموات فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سموات ولما ولد محمد عليه السلام منعوا من السموات كلها بالشهب وما يوجد اليوم من اخبار الجن على ألسنة المخلوقين انما هو خبر منهم عما يرونه فى الارض مما لا نراه نحن كسرقة سارق او خيبة فى مكان خفى ونحو ذلك وان اخبروا بما سيكون مكان كذبا كما فى آكام المرجان

وفى الحديث ( ان الملائكة تنزل الى العنان فتذكر الامر الذى قضى فى السماء فيسترق الشيطان السمع فيوحيه الى الكهان فيكذبون مائة كذبة من عند انفسهم ) وفى بعض التفاسير ان الشياطين كانوا يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا او كان الشيطان المارد يصعد ويكون الآخر اسفل منه فاذا سمع قال للذى هو اسفل منه قد كان من الامر كذا وكذا فيهرب الاسفل لاخبار الكهنة ويرمى المستمع بالشهاب فهم لا يرمون بالكواكب نفسها لانها قارة بالفلك على حالها وما ذاك الا كقبس يؤخذ من نار والنار ثابتة كاملة لا تنقص فمنهم من يحرق وجهه وجبينه ويده وحيث يشاء اللّه ومنهم من يحرق وجهه وجبينه ويده وحيث يشاء اللّه ومنهم من يبخل اى يفسد عقله حتى لا يعود الى الاستماع من السماء فيصير غولا فيضل الناس فى البوادى ويغتالهم اى يهلكهم ويأخذهم من حيث لم يدروا

قال ابن الاثير فى النهاية الغول احد الغيلان وهى جنس من الجن والشيطان وكانت العرب تزعم ان الغول فى الفلاة تترا اى الناس فتتلون تلونا فى صور شتى تضلهم عن الطريق وتهلكهم انتهى

وفيه اشارة الى ان وجود الغول لا ينكر بل المنكر تشكلهم باشكال مختلفة واهلاكهم بنى آدم وهو مخالف لما سبق آنفا من التفاسير اللهم الا ان يراد ان ذلك قبل بعثة للنبى عليه السلام وقد ابطله عليه السلام بقوله ( لأغول ولكن السعالى ) اى لا يستطيع الغول ان يضل احدا فلا معنىى للزعم المذكور . والسعالى بالسين المفتوحة والعين المهملة سحرة الجن جمع سعلاة بالكسر ولكن فى الجن سحرة تتلبس وتتخيل لهم

قال فى انوار المشارق والذى ذهب اليه المحققون ان الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر

الجود والغول والعنقاء ثالثة ... اسماء اشياء لم توجد ولم تكن

وتزعم العرب انه اذا انفرد فى الصحراء ظهرت له فى خلقة انسان ورجلاها رجلا حمار انتهى

واما قول صاحب المثنوى قدس سره

ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز ... جشم نركس را ازين كركس بدوز

فيشير الى الشياطين الخبيثة المفسدة بل الى كل مضل عن طريق الحق على سبيل التشبيه وفائدة الذكر كونه دافعا لوساوسه لانه اذا ذكر اللّه خنس الشيطان اى تأخر ولعل المراد واللّه اعلم ان الجن ليس بهم دماغ كادمغة بنى آدم فلا تحمل لهم على استماع الصوت الجهورى الشديد فالذاكر اذا رفع صوته بالذكر طرد عن نفسه الشيطان واحرقه بنور ذكره وافسد عقله بشدة صوته وشهاب نفسه المؤثر

ذكر ابو بكر الرازى ان التكبير جهرا فى غير ايام التشريق لا يسن الا بازاء العدو واللصوص تهيبا لهم انتهى

يقول الفقير لما كان اعدى العدو هى النفس واشد اللصوص والسراق هو الشيطان اعتاد الصوفية بجهر الذكر فى كل زمان ومكان تهيبا لهما وطردا لوسوستهما والقاآتهما

والعاقل لا يستريب فيه اصلا ولا يصيخ الى قول المنكر رأسا

وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه واوقع فى قلوبهم انتهى

وفيه اشارة الى ان الروح مع القوى والاعضاء كالسلطان مع الاتباع والرعايا فما هو ملتزم فى الآفاق ملتزم فى الانفس الا ان ترتفع الحاجة والضرورة بانه اوقع المكالمة مع الندماء ليكون المقام مقام الانبساط وقس عليه حال اهل الشهود والوصول الى اللّه والحصول عنده بحيث ما غابوا لحظة

١٩

{ والارض } نصب على الحذف على شريطة التفسير

{ مددناها } بسطناها ومهدناها للسكنى . وبالفارسية [ وزمين را باز كشيدم برروى آب ازز يرخانه كعبه ] عن ابى هريرة رضى اللّه عنه خلقت الكعبة اى موضعها قبل الارض بالفى سنة كانت خشفة على الماء عليها ملكان يسبحان اللّه فلما اراد اللّه ان يخلق الارض دحاها منها اى بسطها فجعلها فى وسط الارض

وفى بعض الآثار اللّه سبحانه وتعالى قبل ان يخلق السموات والارض كان عرشه على الماء اى العذب فلما اضطرب العرش كتب عليه لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فسكن فلما اراد ان يخلق السموات والارض ارسل الريح على لذك الماء فتموج فعلاه دخان فخلق من ذلك الدخان السموات ثم ازال ذلك الماء عن موضع الكعبة فيبس . وفى لفظ ارسل على الماء ريحا هفافة فصفقت الريح الماء اى ضرب بعضه بعضا فابرز عنه خشفة بالخاء المعجمة وهى حجارة يبست بالارض فى موضع البيت كأنها قبة وببسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الارض طولها وعرضها وهى اصل الارض وسرتها اى وسط الارض المعمورة المسكونة

واما وسط الارض عامرها وخرابها فقبة الارض وهو مكان معتدل فيه الازمان فى الحر والبرد ومستوفية الليل والنهار ابدا

واعلم ان من الامكنة الارضية ما يلحق بعالم الجنان كمكة والمدينة وبيت المقدس والمساجد والبقاع للعبودية خصوصا ما بين قبر النبى عليه السلام ومنبره روضة من رياض الجنة ومن دخله وزاره بالاعتقاد الخالص والنية الصادقة كان آمنا من المكاره والمخاوف فى الدنيا والآخرة

اين جه زمين است كه عرش برين ... رشك برد باهمه رفعت بدين

جونكه نيم محرم ديوار تو ... مى نكرم بردر وديوار تو

آنكه شرف يافت بديدار تو ... جان جه بودتا كند ايثار تو

{ والقينا فيها رواسى } اى جبالا ثوابت لولا هى لمارت فلم يستقر له احد على ظهرها يقال رسا رسوا ورسّوا ثبت كأرسى شبه الجبال الرواسى استحقارا لها واستقلالا لعددها وان كانت خلقا عظيما بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن وما هو الا تصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وان كل فعل عظيم يتحير فيه الاذهان فهو هين عليه . والمعنى وجعلنا فى الارض رواسى بقدرتنا الباهرة وحكمتنا البالغة وذلك بان قال لها كونى فكانت فاصبحت الارض وقد ارسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا فلم يدر احد مم خلقت وعدد الجبال سوى التلول ستى آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون على ما فى زهرة واول جبل نصب على وجه الارض ابو قبيس وهو جبل بمكة وافضل الجبال على ما قاله السيوطى احد بضمتين وهو جبل بالمدينة لقوله عليه السلام ( احد يحبنا ونحبه ) وكان مهبط عليه السلام بارض الهند بجبل عال يراه البحريون من مسافة ايام وفيه اثر قدم آدم مغموسة فى الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا بد له فى كل يوم مم مطر يغسل قدمى ادم وذروة هذا الجبل اقرب ذرى جبال الارض الى السماء كما فى انسان العيون ويضاف هذا الجبل الى سرنديب وهو بلد بالهند والجبال خزائن اللّه فى ارضه لمنافع عياده وانها بمنزلة الرجال فى الاكوان يقال للرحال الكامل جبل -حكى- ان بعض الاولياء رأى مناما فى الليلة التى هلك فيها رجال بغداد على يد هولا كوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الأرض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولا كوخان قد دخل مدينة بغداد فى تلك الليلة وقتل من الاولياء والعلماء والصلحاء والامراء وسائر الناس ما لا يحصى عددا

سر كشته بودخواه ولى خواه نبى ... دروادى ما أدرى ما يفعل بى

وفى التأويلات النجمية والارض مددناها اى ان ارض البشرية تميد كنفس الحيوانات الى ان ارساها اللّه بجبال العقل وصفات القلب

كشتى بى لنكر آمد مردشر ... كه زباد كرنمى يابد حذر

لنكر عقلست عاقل رامان ... لنكرى دربوزه كن ازعاقلان

{ وانبتنا فيها } اى فى الارض لان الفواكه الجبلية غير منتفع بها فى الاكثر اولان الارض تغمها قالها لما القيت فيها صارت منها

{ من كل شئ موزون } بميزان الحكمة ذاتا وصفة ومقدارا اى مستحسن مناسب من قولهم كلام موزون . يعنى [ برويانيديم اززمين جيزهاى نيكو مشتمل بر منافع كلية ازاشجار ومزروعات باآنكه وزن كنند وبه بيمانند ]

٢٠

{ وجعلنا لكم فيها معايش } بالياء التصريحية لنه من العيش فالياء اصلية فوجب تصريحا وهو جمع معيشة اى ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرها مما يتعلق به البقاء

{ ومن لستم له برازقين } [ روزى دهند كان ] وهو عطف على معايش كأنه قيل جعلنا لكم معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما اشبهها على طريقة التغليب وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبانهم انهم يكفون مؤوناتهم ولتحقيق ان اللّه تعالى هو الذى يرزقهم واياكم او عطف على محل لكم وهو النصب كأنه قيل وجعلناكم معايش ولمن بستم له برازقين فيكون من عطف الجار والمجرور على الجار والمجرور

٢١

{ وان من شئ } اى ما من شئ من الاشياء الممكنة

{ الا عندنا } يعنى [ در تحت فرماننا ]

{ خزائنه } جمع خزانة بمعنى المخزن وهى ما يحفظ فيه نفائس الاموال لا غير غلب فى العرف على ما للملوك والسلاطين من خزائن ارزاق الناس شبهت مقدوراته تعالى فى كونها مستورة عن علوم العالمين ومصونة من وصول ايديهم مع كمال افتقارهم اليها ورغبتهم فيها وكونها مهيأة منأتية لايجاده وتكوينه بحيث متى تعلقت الارادة بوجودها وجت بلا تأخير بنفائس الاموال المخزونة فى الخزائن السلطانية فذكر الخزائن على طريقة الاستعارة التخييلية

يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى قدس سره ان الاشارة بالخزائن الى الاعيان الثابتة فلا يفيض شئ الا من الاعيان الثابتة وعلم اللّه تابع المعلوم وما يقتضيه من الاحوال فما ظلمهم اللّه ولكن كانوا انفسهم يظلمون

{ وما ننزله } اى ما نوجد وما نكون شيأ من تلك الاشياء ملتبسا بشئ من الاشياء

{ الا بقدر معلوم } اى لا ملتبسا بمقدار معين يقتضيه الحكمة ويستدعيه المشيئة التابعة لها

وفى الكواشى وما نوجده مع كثرته وتمكننا منه الا بحد محسوب على قدر المصلحة . وبالفارسية [ مكر باندازه دانسته شده كه كم از ان شايدونه زياده بران بايد ] وحيث كان انشاء ذلك بطريق التفضل من العالم العلوى الى العالم السفلى كما فى قوله تعالى

{ وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج } وكان ذلك بطريق التدريج عبر عنه بالتنزيل

وفى تفسير ابى الليث

{ وان من شئ الا عندنا خزائنه } اى مفاتيح رزقه ويقال خزائن المطر

{ وما ننزله } اى المطر

{ الا بقدر معلوم } يعنى بكيل ووزن معروف

قال ابن عباس رضى اللّه عنها يعنى يعلمه الخزان الا يوم الطوفان الذى اغرق اللّه فيه قوم نوح فانه طغى على خزانه وكثر فلم يحفظوا ما خرج منه يومئذ اربعين يوما

وفى بحر العلوم وما من شئ ينتفع به العباد الا ونحن قادرون على ايجاده وتكوينه والانعام باضعاف ما وجد وما نعطيه الا بمقدار فعلم ان ذلك خير لهم واقرب الى جمع شملهم او بتقدير علمنا انهم يسلمون معه من المضرة ويصلون الى المنفعة ولو بسط اللع الرزق لعباده لبغوا فى الارض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير

وفى التاويلات النجمية ان لكل شئ خزائن مختلفة مناسبة له كما لو قدرنا شيأ من الاجسام فله خزانة لصورته وخزانة لاسمه وخزانة لمعناه وخزانة للونه وخزانة لرائحته وخزانة لطعمه وخزانة لطبعه وخزانة لخواصه وخزانة لاحواله المختلفة الدائرة عليه بمرور الايام وخزانة لتفعه وضره وخزانة لظلمته ونور وخزانة لملكوته وغير ذلك وهو خزانة لطف اللّه وقهره وما من شئ الا وفيه لطف اللّه وقهره مخزون وقلوب العباد خزائن صفات اللّه تعالى باجمعها وما ننزل شيأ مما فى خزائنه الا بقدر ما هو فى الازل لحكمتنا البالغة المقتضية لايجاده وانزاله

٢٢

{ وارسلنا الرياح لواقح } حال مقدور جمع ريح لاقح اذا اتت بسحاب ماطر من لقحت الناقة تلقح حبلت والقحها الفحل اذا احبلها وحماهل الماء فكان الريح حملت الماء وحملته السحاب فشبهت الريح التى تجيء بالخير من انشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه بالعقيم ما لا يكون كذلك

وقال ابو عبيدة لواقح بمعنى ملاقح جمع ملقحة لانها تلقح السحاب والاشجار بان تقويها وتنميها الى ان يخرج ثمرها

وقيل بان تجرى الماء فيها حتى تهتز وتخرج الزهر

قالوا الرياح للخير والريح للشر لقوله عليه السلام ( اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا )

واما قوله تعالى

{ وجرين بهم بريح طيبة } فقد جاء فيه الريح المفردة بمعنى الخير ولانفع باعتبار قيدها لاعتبار اطلاقها

وقال محمد بن على رضى اللّه عنه ما هبت ريح ليلا ونهارا الا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقعد وقال ( اللهم ام كان بك اليوم سخط على احد من خلقك بعثتها تعذيبا له فلا تهلكنا فى الهالكين وان كنت بعثتها رحمة فبارك لنا فيها ) فاذا قطرت قطرة قال ( رب لك الحمد ذهب السخط ونزلت الرحمة )

قال مطرف رحمه اللّه لو حبست الريح عن الناس لانتن ما بين السماء والارض

{ فانزلنا } بعدما انشأنا بتلك الرياح سحابا ماطرا

{ من السماء } من جانب العلو فان كل ما علاك وهو ظاهر هناك لا الفلك

{ ماء } اى بعض الماء كما يفيده التنكير فانه معلوم عند الناس علما يقينيا انه لم ينزل من السماء الماء كله بل قدر ما يصلون به الى المنفعة ويسلمون معه من المضرة

{ فاسقيا كموه } اى جعلنا المطر لكم سقيا تشربونه وتسقونه المواشى والضياع . وبالفارسية [ بس بخوارانيديم شمارا آن آب وتصرف داديم دران ] وسقى واسقى واحد

قال فى الارشاد هو ابلغ من سقيناكموه لما فيه من الدلالة على جعل الماء معدا لهم يرتفقون به متى شاؤا وهى اطول كلمة فى القرآن وحروفها احد عشر وحروف انلزمكموها عشرة

{ وما انتم له } اى للمطر المنزل

{ بخازنين } اى نحت القادرون على ايجاده وخزنه فى السحاب وانزاله وما انتم على ذلك بقادرين .

وقيل ما انتم بخازنين له بعدما انزلناه فى الغدران والآبار والعيون بل نحن نخزن فى هذه المخازن ونحفظ فيها لنجعلها سقيا لكم مع ان طبيعة الماء تقتضى الغور وهو بالفارسية [ فروشدن آب درزمين امام ما تريدى در تأويلات فرموده كه نبستند شمامر خدايرا خزينه داران يعنى خزاين او دردست شمانيست زآنجه شما خزينه نهيد همه ازان اوست ]

٢٣

{ وانا لنحن نحيى } بايجاد الحياة فى بعض الاجسام القابلة لها وتقديم الضمير للحصر وهو اما تأكيد للاول او مبتدأ خبره الفعل والجملة خبر لانا ولا يجوز كونه ضمير الفصل لانه يقع بين الاسمين

{ ونميت } باعدامها وازالتها عنها وقد يعم الاحياء والاماتة لما يشمل الحيوان والنبات واللّه تعالى يحيى الارض بالمطر ايام الربيع ويميتها ايام الخريف ويحيى بالايمان ويميت بالكفر [ در لطائف قشيرى مذكوراست كه زندكى ميدهيم دلهارا بانوار مشاهده ومى ميانيم نفوس را درنار مجاهده يازنده نى سازيم بمواقت كاعات ومرده مى كردانيم بمتابعت شهوات ]

ومن مقالات حضرة الشيخ الاكبر لولده صدر الدين القنوى قدس اللّه سرهما وكم قتلت واحييت من الاولاد والاصحاب ومات من مات وقتل من قتل ولم يحصل له ما حصل وهو شهود تجلى الذات الدائم الابدى الذى لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه فقال صدر الدين يا سيدى الحمد لله على اختصاصى بهذه الفضيلة اعلم انك تحيى وتميت وتفصيله فى شرح الفصوص

قال الامام الغزالى رحمه اللّه معنى المحيى والمميت الموجد ولكن الوجود اذا كان هو الحياة سمى فعله احياء واذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا اللّه فمرجع هذين الاسمين الى صفات الفعل

{ ونحن الوارثون } قيل للباقى وارث الميت لانه يبقى بعد فنائه . فالمعنى ونحن الباقون بعد فناء الخلق جميعا المالكون للملك عند انقضاء زمان الملك الجازى الحاكمون فى الكل اولا وآخرا وليس لهم الا التصرف الصورى والملك المجازى وفيه تنبيه على ان المتأخر ليس بوارث للمتقدم كما يترا أى من طاهر الحال والمكاشفون المشاهدون المعاينون يرون الامر الآن على ما هو عليه من العدم فان قيامة العارفين دائمة فهم سامعون الآن من اللّه تعالى من غير حرف ولا صوت نداء لمن الملك اليوم موقنون بان الملك لله الواحد القهار فى كل يوم وفى كل يوم وفى كل ساعة وفى كل لحظة

وفى التأويلات النجمية

{ وانا لنحن نحيى } قلوب اوليائنا بانوار جمالنا

{ ونميت } نفوسهم بسطوة نظرات جلالنا

{ ونحن الوارثون } بعد افناء وجودهم ليبقوا ببقائنا : وفى المثنوى

بشه آمد از حديقه وزكياه ... وز سليمان كشته بشه داد خواه

كاى سليمان معدلت مى كسترى ... بر شياطين وآدمى زادة وبرى مشكلات هر ضعيفى از توحل

بشه باشد در ضعيفى خود مثل داد در مارا ارين غم كن جدا ... دست كيراى دست تو دست خدا بس سليمان كفت اى انصاف وجو

داد وانصاف ازكه ميخواهى بكو كيست آن ظالم كه ازباد بروت ... ظلم كرست وخرا شيده است روت كفت بشه داد من ازدست باد

كو دودست ظلم مارا بركشاد بانك زد آن شه كه اى باد صبا ... بشه افغان كرد از ظلمت بيا هين مقابل شو نوبا خصم وبكو

باسخ خصم وبكن دفع عدو باد جون بشنيد آمد تيز تيز ... بشه بكرفت آن زمان راه كريز بس سليمان كفت اى بشه كجا

باش تابرهر دورانم من قضا كفت اى شه مرك من ازيود اوست ... خودسياه اين روز من ازدوداوست او جون آمد من كجا يابم قرار

كو برآرد ازنهار من دمار همجنين جوياى دركاه خدا ... جون حدا آمد شود جوينده لا

كرجه آن وصلت بقا اندر بقاست ... ليك زاول ان بقا اندر فناست

سايهايى كه بود جوياى نور ... نيست كردد جون كند نورش ظهور

عقل كى ماند جو باشد سرده او ... كل شيء هالك الا وجهه

هالك آمد بيش وجهش هست ونيست ... هست اندر نيستى خود طرفه ايست

٢٤

{ ولقد علمنا المستقدمين منكم } استقدم بمعنى تقدم اى من تقدم منكم ولادة وموتا يعنى الاولين من زمان آدم الى هذا الوقت

{ ولقد علمنا المستأخرين } استأخر بمعنى تأخر اى من تأخر منكم ولادة وموتا يعنى الآخرين الى يوم القيامة ام من تقدم فى الاسلام والجهاد وسبق الى الطاعة ومن تأخر فى ذلك لا يخفى علينا من احوالكم

٢٥

{ وان ربك هو } لا غير

{ يحشرهم } اى يجمع المتقدمين والمتأخرين يوم القيامة للجزاء وهو القادر على ذلك والمتولى له لا غير فهو رد لمنكرى اغلبعث

{ انه حكيم } بالغ الحكمة متقن فى افعاله فانها عبارة عن العلم بحقائق الاشياء على ما هى عليه والاتيان بالافعال على ما ينبغى وهى صفة من صفاته تعالى لا من صفات المخلوقين وما يسمونه الفلاسفة الحكمة مهى من نتائج العقل والعقل من صفات المخلوقين فكما لا يجوز ان يقال اللّه العاقل لا يجوز للمخروق الحكيم الا بالمجاز لمن آتاه اللّه الحكمة كما فى التأويلات النجمية

{ عليم } وسع علمه كل شئ ولعل تقديم صفى الحكمة للايذان باقتضائها للحشر والجزاء

وقال الامام الواحدى فى اسباب النزول عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال كانت تصلى خلف النبى عليه السلام امرأة حسناء فى آخر النساء فكان بعضهم يتقدم فى الصف الول ليراها وكان بعضهم فى الصف المؤخر فاذا ركع نظر من تحت ابطه فنزلت

وقيل كانت النساء يخرجن الى الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما كان من الرجال من فى قلبه ريبة يتأخر الى آخر صف الرجال ومن النساء من فى قلبها ريبة تتقدم الى وصف النساء لتقرب من الرجال فنزلت وفى الحديث ( خير صفوف الرجال اولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها اولها ) قال فى فتح القريب هذا ليس على عمومه بل محمول على ما اذا اختلطن بالرجال فاذا صلين متميزات لامع الرجال فهن كالرجال ومن صلى منهن فى جانب بعيد عن الرجال فاول صفوفهن خير لزوال العلة والمراد بشر الصفوف فى الرجال والنساء كونها اقل ثوابا وفضلا وابعدها عن مطلوب الشرع وخيرها بعكسه . وانما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهن عند رؤية حركاتهن وسماع كلامهن ونحو ذلك . وذم اول صفوفهن لعكس ذلك والصف الاول الممدوح الذى وردت الاحاديث بفضله والحث عليه هو الذى بلى الامام سواء كان صاحبه على بعد من الامام واقرب وسواء تخلله مقصورة او منبرا واعمدة ونحوها ام لا هذا هو الصحح

وقيل الصف الاول هو المتصل من طرف المسجد الى طرفه ر تتخلله مقصورة ونحوها فان تخلل الذى بلى الامام شئ فليس باول الاول ما لم يتخلله شئ وان تأخر

وقيل الصف الاول عبارة عن مجيئ الانسان الى المسجد اولا وان صلى فى صف متأخر وعن انس رضى اللّه عنه حض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الصف الاول فى الصلاة فازدحم الناس عليه وكان بنو عذرة ورهم قاصيه عن المسجد فقالوا نبيع دورنا ونشترى دورا قريبة من المسجد فانزل اللّه تعالى هذه الآية يعنى انما يؤجرون بالنية وفى الحديث

( الا ادلكم على ما يمحو اللّه به الخطايا ويرفع به الدرجات ) قالوا بلى يا رسول اللّه ( اسباغ الوضوء غلى المكاره وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة )

قال فى فتح القريب الدار البعيدة لمن يقدر على المشى افضل وهذا فى حق من هو متفرغ لذلك ولا يفوته بكثرة خطاه او مشيه الى المسجد مهم من مهمات الديسن فان كان يفوته ذلك كالاشتغال بالعلم والتعلم والتعليم ونحو ذلك من فروض الكفاية فالدار القريبة فى حقه افضل وكذا الضعيف عن المشى ونحوه

فان قيل روى الامام احمد فى مسنده ان النبيى صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( فضل البيت القريب من المسجد على البعيد منه كفضل المجاهد على القاعد عن الجهاد )

فالجواب ان هذا فى نفس البقعة وذاك فى الفعل فالبعيد دارا مشيه اكثر وثوابه اعظم والبيت القريب افضل من البيت البعيد ولهذا قيل فى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم ( الشؤم فى ثلاث المرأة والدار والفرس ) ان شؤم الدار ان تكون بعيدة عن المسجد لا يسمع ساكنها الاذان

قال العلماء ينبغى ان يستثنى من افضلية الا بعد الامام فان النبى عليه السلام والائمة بعده لم تتباعد عن المسجد لطلب الاجر

واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الافضل له لن يصلى فيه او يذهب الى الا بعد فقالت طائفة الصلاة فى الابعد افضل عملا بظاهر الاحاديث

وقيل الصلاة فى الاقرب افضل لما روى الدارقطنى ان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد ) ولا حياء حق المسجد ولماله من الجوار فان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه تحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار افضل على المذهب لما فى ذلك من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة اما لو كان اذا صلى فى المسجد الجوار صلى وحده فالبعيد افضل ولو كان اذا صلى فى بيته جماعة واذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته افضل

قال بعضهم جار المسجد اربعون دارا من كل جانب

وقيل جار المسجد من سمع النداء ويقال اراد بالآية المصلين فى اول الوقت والمؤخرين الى آخره وفى الحديث ( اول الوقت رضوان اللّه ووسط الوقت رحمة اللّه وآخر الوقت عفو اللّه تعالى ) قال فى شرح كتاب الشهاب للقضاعى عند قوله عليه السلام ( نوروا بالفجر فانه اعظم للاجر ) [ كفت نمازبامداد بروشنايى كنيد كه مزدبزر كتر باشد يعنى بآخر وقت واين مذهب ابو حنيفة رحمه اللّه باشد كه نماز بآخر وقت فاضلتر باشد يعنى كه وجوب متأكد تر باشد كه بفوات نزديكتر باشد ومذهب امام شافعى رحمه اللّه كفت اول الوقت رضوان اللّه وآخر الوقت عفو اللّه وعفو نباشد الا از كناه بس معلوم كشت كه اول وقت فاضلتر باشد ] قال ابو محمد النيسابورى المراد بآخر الوقت بعد خروجه لان العفو يقتضى ذلك لانه لا يكون الا عن ذنب فالمراد باول الوقت عنده جميع الوقت كما قال فى اسئلة الحكم الوقت وقتان وقت الاداء ووقت القضاء فوقت الاداء هو اول الوقت المرضى عند اللّه ووقت القضاء هو الوقت المرخص فيه وآخر الوقت هو القضاء وهو عفو اللّه عمن قضى الصلاة خارج وقتها

فان قيل ما معنى اول الوقت رضوان الله

والجواب ان اول الوقت بمنزلة المفتاح فاذا حصل وعرف قدره فقد استعد لرضى اللّه تعالى لان العبرة للفاتح والخاتم فاذا حصل المفتاح حصل الختم وينبغى ان يشتغل باسباب الصلاة عند دخول الوقت او يقدم ما يمكن من الاسباب قبل دخول الوقت ويشرع فى الصلاة اذا دخل الوقت لتنطبق الصلاة على اول الوقت ويستحب التأخير فى مسائل.

منها الابراد بالظهر . ومنها فقد الماء واول الوقت وكان ذائقة من وجوده آخر الوقت . ومنها اذا كان بحضرة طعام تتوق اليه نفسه . ومنها اذا كان يتحقق الجماعة آخر الوقت . ومنها اذا كان بمواضع منهى عنها كمواضع المكس والاسواق والربا ومن اعظم مواضع الربا الصاغة فانه يحرم دخولها بغير حاجة لغلبة الربا فيها

قال فى شرح المهذب فاذا تيقنت بهذا المذكور فعليك بالاقدام على الطاعات والمسارعة الى العبادات حتى لا يظفر بك النفس والشيطان فى جميع الحالات واحذر من التسويف ولعلك لا تنال ما املت من عمر وزمان : وفى المثنوى

صوفى ابن الوقت باشداى رفيق ... نيست فردا كفتن از شرط طريق

٢٦

{ ولقد خلقنا الانسان } اى هذا النوع بان خلقنا اصله واول فرد من افراده خلقا بديعا منطويا على خلق سائر افراده انطواء اجماليا

{ من صلصال } من طين يابس غير مطبوخ يصلصل اي يصوت عند نقره واذا طبخ اى مسته النار فهو فخار

{ من حمأ } اى كان ذلك الصلصال من طين تغيروا واسود بطول مجاورة الماء

{ مسنون } صفة حمأ اى منتن . وبالفارسية [ بوى كرفته بواسطه بسيار بودن درآب جون لايى كه درنك حوض وجوى باشد ] او مصور من سنة الوجه وهى صورته او مصبوب من سن الماء صبه اى مفرغ على هيئة الانسان الحمأ فصور من ذلك تمثال انسان اجوف فيبس حتى اذا نقر صوت ثم غيره الى جوهر آخر فتبارك احسن الخالقين

قال الكاشفى [ صاحب تبيان كفته كه حق سبحانه وتعالى آدم را ازخاك آفريد بران وجه كه ىب برخاك بارانيد تاكل شد ومدتى بكذشت تاحمأ كشت بس انرا تصوير كرد مسنون بمعنى مصوراست آنكه بكذاشت تاخشك شد وبمرتيه صلصال رسيد ] وكان بين خلقه ونفخ روحه اربع جمع من الآخرة وخلق بعد العصر يوم الجمعة والظاهر انه خلق فى جنة من جنات الدنيا بتغريبها وعليه اكابر اهل اللّه تعالى

٢٧

{ والجان } ابا الجن

قال فى الروضة ابليس هو ابو الجن والجان اسم جمع للجن كما فى القاموس وسمى بذلك لانه يجن اى يستتر ويجوز ان يراد به الجنس كما هو الظاهر من الانسان لان تشعب الجنس لما كان من فرد واحد مخلوق من مادة واحدة كان الجنس باسره مخلوقا منها

{ خلقنا من قبل } من قبل خلق الانسان

{ من نار السموم } من نار الشديد الحر فان السموم فى اللغة الريح الحارة والريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار كما فى القاموس .

وقيل سميت سموما لانها بلطفها تنفذ فى مسام البدن وهى ثقبه كالفم والمنخر والاذن .

وقيل نار السموم نار لا دخان لها والصواعق تكون منها وهى نار بين السماء والحجاب فان احدث اللّه امرا خرقت الحجاب فهوت الى ما امره فالهدة التى تسمعون خرق ذلك وقدم خلق الانسان على الجان مع انه خلق قبله تعظيما لشأنه واظهارا لفضله وكان بين خلق آدم والجن ستون الف سنة

واتفق اهل العلم من اهل التحقيق ان عالم الملك مقدم خلقة الى عالم الجان وعالم الجان مقدم على عالم الانسان وانتقل ملك الدنيا الى آدم ليحصل له الاعتبار بالسابقين ويظهر له الفضل على الكل بتأخيره عن جميع المخلوقات لانه كالخاتم على الباب وهو خاتم المخلوقات ونسخة الكليات من المحسوسات والمعقولات وبه تم كمال الوجود لتحققه بوصفى الجمال والجلال واللطف والقهر بخلاف الملك فانه مخلوق على جناح واحد وهو اللطف : قال المولى الجامى

ملاتك را جه سود از حسن طاعت ... حو فيض عشق بر آدم فروريخت

ولم يكن قبل آدم خلق من التراب فخلق آدم منه ليكون عبدا خضوعا وضوعا ذلولا مائلا الى السجود لانه مقام العبودية الكاملة فكل جنس يميل الى جنسه ولهذا تواضع آدم لله واستكبر ابليس عن التواضع فابى وعلا وتكبر فمال الى جنسه لانه خلق من نار

قال اهل الحكمة لا شك ان اللّه تعالى قادر خلق آدم ابتداء على هيئة خاصة من مادة خاصة وانما خلقه من تراب ثم من طين ثم من حمأ مسنون ثم من صلصال كالفخار اما لمحض المشيئة الالهية التى هى محض الحكمة الجامعة او لما فيه من دلالة الملائكة ومصلحتهم ومصلحة الخلق لان خلق الانسان منهذه الامور اعجب من خلق الشيء من شكله وجنسه

٢٨

{ واذ قال ربك } اى اذكر يا محمد وقت قوله تعالى

{ للملائكة } [ بهجت خلافت زمين ]

يقول الفقير ان فى هؤلاء الملائكة اختلافا شديدا والحق ما ذهب اليه اكابر اهل اللّه تعالى من ان المقول لهم القول الآتى والساجدين لآدم عليه السلام هم الذين تنزلوا من مرتبة الارواح الى مرتبة الاجسام فدخل فيهم جبريل ونحوه من اكابر الملائكة واصاغرهم سماوية كانت او ارضية لان كلهم ملتبسون بملابس الجسمانية اللطيفة فاللام لاستغراق الجنس

واما المراد بالعالين فى قوله تعالى

{ أستكبرت ام كنت من العالين } الملائكة المهيمون الذين بقوا فى عالم الارواح واستغرقوا فى نور شهود الحق وليس لهم شعور بنفوسهم فضلا عن آدم وغيره وهم خير من هذا النوع الانسانى فى شرف الحال لان فى الجمعية والكمال والانسان فوق الملائكة الارضية والسماوية فى رتبة الفضيلة والكمال بل فى شرف الحال ايضا لانهم ملهم عنصريون مخلوقون بيج واحد فليس لهم شرف حاله ولا رتبة كماله : قال الحافظ

فرشته عشق نداندكه جيست قصه مخوان ... بخوان جام وكلابى بخاك آدم ريز

{ انى خالق } فيما سيأتى البتة كما يدل عليه التعبير باسم الفاعل الدال على التحقق

{ بشرا } قال فى القاموس البشر محركة الانسان ذكرا او انثى واحدا او جمعا وقد يثنى ويجمع ابشارا وظاهر جلد الانسان

{ من صلصال } متعلق بخالق او صفة لبشرا اى بشرا كائنا من صلصال كائن

{ من حمأ مسنون } تقدم تفسيره شاورهم اللّه تعالى بصورة الامتحان يكرم الرجل او يهان

وقيل اخبرهم سبحانه بتكوين آدم قبل ان يخلقه ليوطنوا انفسهم على فناء الدنيا وزوال ملكوتها كما قال تعالى لآدم

{ اسكن انت وزوجك الجنة } والسكنى لا يكون الا على وجه العارية ليوطن نفسه على الخروج من الجنة : قال الصائب

مهياى فنارا از علائق نيست بروايى ... نيند يشد زخاك آنكس كه دامن دركمر دارد

وانما خلق اللّه آدم بعد جميع المخلوقات ليكون خاتم الملك على باب الكنز الخاص

٢٩

{ فاذا سويته } اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية

{ ونفخت فيه من روحى } النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صالح لامساكها والامتلاء بها وهو كناية عن ايجاد الحياة ولا نفخ ثمة ولا منفوخ بل ليس عند الحقيقة الالقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه

قال الشيخ عز الدين النفخ عبارة عما اشعل نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشتعال وصورة النفخ فى حق اللّه تعالى محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال

واما السبب الذى اشتعل به نور الروح فهو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذى هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس عن كل قابل الاستنارة عند ارتفاع الحجاب فيما بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذى لا تلون له

واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية كما قال تعالى

{ فاذا سويته } ومثال صفة القابل صقالة المرآة فان المرآة قبل صقالتها لا تقبل الصورة وان كانت محاذية لها فاذا صقلت حدثت صورة من ذى الصورة المحاذية لها فكذلك اذا حصل الاستواء فى النطفة حدث فيها الروح

آن صفاى آينه وصف دلست ... صورت بى منتهارا قابلست

اهل صيقل رسته انذاز بوورنك ... هر دمى خوبى بى درنك

وانما اضاف النفخ الى ذاته لانه تعالى باشر تسويته وتعديله فخلقه وعدله بيديه المقدستين ثم نفخ بذاته دون واسطة فيه من روحه الاضافى وهو نفسه الرحمانى الذى يقال له الوجود الظلى المشار اليه بقوله

{ ألم تر الى ربك كيف مد الظل } نفخا استلزم لكونه نفخا بالذات فيما بوشرت تسويته باليدين معرفة الاسماء كلها جمالية لطيفة كانت او جلالية قهرية

قال الشيخ عز الدين لروح منزه عن الجهة والمكان وفى قوتها العلم بجميع الاشياء والاطلاع عليها وهذه مناسبة ومضاهاة ليست لغيره من الجسمانيات فلذلك اختصت بالاضافة الى اللّه تعالى

قال الامام الجلدكى فى كتاب الانسان من كتاب البرهان جوهر الانسان بالاضافة الى اللّه تعالى

قال الامام الجلدكى فى كتاب الانسان من كتاب البرهان جوهر الانسان حقيقة واحدة فى الفطرة الاولى ذات قوى كثيرة وهو المسمى عند الصوفية روحا وقلبا وعند الحكيم نفسا ناطقة فاذا تعلق بالبدن انتشرت قواه واختفى نوره وحصل له مراتب كثيرة وعند احتجاجه بغواشى النشأة واستحالته بالامور الطبيعية يسمى نفسا وعند تجرده وظهور نوره يسمى عقلا وعند اقباله على الحق ورجوعه الى العالم القدسى ومشاهدته يسمى روحا وباعتبار اطلاعه ومعرفته للحق وصفاته واسمائه جمعا وتفصيلا يسمى قلبا وباعتبار ادراكه للجزئيات فقط واتصافه بالملكات والهيآت التى هى مصادر الافعال سمى نفسا انتهى كلامه

يقول الفقير ذهب جمع من اهل السنة والجماعة منهم الغزالى والامام الرازى وفاقا للحكماء والصوفية الى ان الروح اثر مجرد غير حال بالبدن يتعلق به تعلق العاشق بالمعشوق يدبر امره على وجه لا يعلمه الا اللّه تعالى.

وتحقيق المقام ان الروح سلطانى وحيوانى فالاول من عالم الامر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى الاعضاء ومحل تعينه هو القلب الصنوبرى والقلب من عالم الملكوت

قال فى التعريفات الروح الاعظم هو الروح الانسانى مظهرالذات الالهية من حيث ربوبيتها والثانى من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سائر فى جميع اعضاء البدن كما قال فى التعريفات الروح الحيوانى جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسمانى وينتشر بواسطة العروق الضوارب الى سائر اجزاء البدن واقوى مظاهره الدم ومحل تعينه هو الدماغ وهو اثر الروح السلطانى ومبدأ الافعال والحركات وهو بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال تتفرع على اجتماع الروح السلطانى بالروح الحيوانى وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى بطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيوانى كان بالقوة فى باطن الروح السلطانى قبل تعلقه بهذا البدن

قال حضرة شيخى قدس سره فى بعض تحريراته غيب السر وهو السر الاخفى اى سر السر مظهر الوجود المطلق عن جميع التعينات السلبية والايجابية بالاطلاق الذاتى الاصلى الحقيقى الوجودى لا بالاطلاق الاضافى النسبى الوهمى الاعتبارى والسر مظهر التعين الاول الذاتى الاحدى الجمعى والروح السلطانى مظهر التعين الثانى الصفاتى الواحد الفرقى والروح الحيوانى مظهر التعين الثالث الفعلى ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها وغفلتها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الامر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها اللهم ارفع الحجب عن القلوب حتى تنفتح ابواب الغيوب انتهى بعبارته

قال اللّه تعالى فى بعض كتبه المنزلة اعرف نفسك يا انسان تعرف ربك وقال عليه الصلاة والسلام ( اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه ) ومن فضل اللّه تعالى على الانسان ان علمه طريق معرفته بان جمع فى شخصه مع صغر حجمه من العجائب ما يكاد يوازى عجائب كل العالم حتى كأنه نسخة مختصرة من هيئة العالم

آدمى جيست برزخى جامع ... صورت خلق وحق درو واقع

متصل با دقائق جبروت ... مشتمل بر حقائق ملكوت

ليتوسل الانسان بالتفكر فيها الى العلم باللّه الذى هو اجل المعلوم واشراف المعارف . ومعنى الآية فاذا كملت استعداده وجعلت فيه الروح حتى جرى آثاره فى تجاويف اعضائه فحيى وصار حساسا متنفسا

{ فقعوا له } امر من وقع يقع وفيه دليل على انه ليس المأمور به مجرد الانحناء قيل اى لسقطوا له

{ ساجدين } امتثالا لامر اللّه تعالى وتحية لآدم وتعظيما وتكريما له واسجدوا لله على انه عليه السلام بمنزلة القبلة حيث ظهر فيها تعاجيب آثار قدرته وحكمته

يقول الفقير لى رؤيا صادقة فى هذا المقام وهى انى رأيت حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه فى المنام فى غاية من الانبساط فسألته عن بعض ما يتعلق بالموت فقال كنت على الطهارة الكاملة الى آخر النفس فلما قبض روحى دخلت فجا يجرى فيه عين ماء فتوضأت منه لانه وقع الحدث بالنزع ثم عرج بى الى السماء ثم رجعت الى جنازتى فصليت مع الحاضرين فقلت له هل يبقى العقل والادراك الذى هو فى النشأة الدنيوية على حاله قال نعم ثم اخذ بيدى وهو مبتسم فقال لى مرتين كن معتقدا لى كأنه اظهر السرور من حسن اعتقادى له فاستيقظت ففى هذه الرؤيا امور.

منها ان الوضوء ينتقض عند النزع وعليه بنى مشروعية الغسل فى الاصح والمؤمن الكامل طاهر فى حياته ومماته فلا يتنجس والحدث غير التنجس ولو سلم فهو بالنسبة الى الناقص

والحاصل انه يغسل الكامل غسل الناقص لانه على غير وضوء بحسب الظاهر ولانه فى هذه النشأة الدنيوية تابع للناقص فيما يتعلق بالامور الظاهرة . ومنها بيان بقاء العقل والادراك على حاله لان العقل والايمان والولاية ونحوها من صفات الروح وهو لا يتغير بالموت . ومنها ان الروح الكامل يشهد جنازته فيكون اسوة للناس فى الصلاة فصلاته على نفسه اشارة الى ان الكامل هو الساجد والمسجود له فى مرتبة الحقيقة فعبادته له لا غير فافهم جدا وصلاة الناس عليه اشارة الى سجود الملائكة لآدم ولهذا شرعت صلاة الجنازة مطلقا تحقيقا لهذا السر العظيم ولا ينافيه كونها دعاء وثناء فى مرتبة الشريعة اذ لكل مرتبة حد بحسب الوقوف عنده

قال فى التأويلات النجمية

{ فاذا سويته } تسوية تجعله قابلا لنفختى وللروح المضاف الىّ

{ ونفخت فيه من روحى } يشير بتشريف هذه الاضافة الى اختصاص الروح باعلى المراتب من الملكوت الاعلى وكمال قربه الى اللّه كما قال

{ ونحن اقرب اليه من حبل الوريد } والى اختصاصه بقبول النفخة فانه تشرف بهذا التشريف وخص به من سائر المخلوقات

{ فقعوا له ساجدين } وذلك لان الروح لما ارسل من اعلى مراتب القرب بنفخة الحق تعالى الى اسفل سافلين القالب كان عبوره على الروحانيات والملائكة المقربين وهم خلقوا من نور فاندرجت انوار صفاتهم فى نور صفاته كما تندرج انوار الكواكب فى نور الشمس ثم عبر عن الجن والشياطين فاتخذ زيدة خواص صفاتهم ثم عبر على الحيوانات فاستفاد منهم الحواس والقوى ثم تعلق بالقالب المخلوق بيد اللّه المخمر فيه لطف اللّه وقهره المستعد لقبول التجلى فلما خلق اللّه آدم وتجلى فيه قال لاهل الخطاب وهم الملائكة فقعوا له ساجدين لاستحقاق كماله فى الخلقة وشرفه بالعلم وقابليته للتجلى

٣٠

{ فسجد الملائكة } اى فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة

{ كلهم } بحيث لم يشذ منهم احد ارضيا كان او سماويا

{ اجمعون } بحيث لم يتأخر فى ذلك احد منهم عن احد بل سجدوا مجتمعين

يقول الفقير ها فى الحقيقة تعظيم للنور المنطبع فى مرآة آدم عليه السلام وهو النور المحمدى والحقيقة الاحمدية ولله در الحافظ فى قوله

ملك در سجده آدم زمين بوس تونيت كرد ... كه در حسن تو لطفى يافت بيش از طور انسانى

قوله اجمعون تأكيد بعد لكنه لوحظ فيه معنى الجمع والمعية بحسب الوضع كما تلاحظ المعانى الاصلية فى الكنى اذ لا ينافى اقامته مقام كل فى افادة معنى الاحاطة افادة معنى زائد يقصد ضمنا وتبعا فاذا فهمت الاحاطة من لفظ آخر لم يكن بدّ من مراعاة الاصل صونا للكلام عن الالغاء ولا ريب فى ان السجود معا اكمل اصناف السجود فيحمل عليه

قال فى بحر العلوم قالوا هو نظير المفسر فان قوله فسجد الملائكة ظاهر فى سجود جميع الملائكة لان الحرف المعرف باللام ظاهر فى العموم يتناول كل واحد من الافراد كالمفرد لكنه يحتمل التخصيص وارادة البعض كما فى قوله

{ واذ قالت الملائكة يا مريم } اى جبريل فبقوله كلهم انقطع ذلك الاحتمال وصار نصا لازدياد وضوحه على الاول ولكنه يحتمل التأويل والحمل على التفرق فبقوله اجمعون انسد ذلك الاحتمال وصار مفسرا لانقطاع الاحتمال عن اللفظ بالكلية

فان قلت قد استثنى ابليس فيكون محتملا للتخصيص

قلت الاستثناء ليس بتخصيص

٣١

{ الا ابليس } ابلس يئس وتحير منه ابليس او هو اعجمى انتهى

وعلى الثانى ليس فيه اشتقاق وهو الاصح عند الجمهور والاستثناء متصل لانه الاصل لانه كان جنيا مفردا مستورا فيما بين الملائكة فارم بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله فسجد الملائكة تغليب الذكر على الانثى ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا ونظيره قولك رأيتهم الا هندا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال اللّه لجماعة من الملائكة اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فارسل عليهم نارا فاحرقتهم ثم قال لجماعة اخرى اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس

يقول الفقير فيه اشكالان الاول ان عبادة الملائكة طبيعية فلا يتصور منهم التردد فضلا عن الامتناع عن الامتثال للامر الالهى لا سيما ان ابليس لو شاهد تلك الحال لبادر الى الامتثال خوفا من سطوة الجلال اللهم الا ان لا يكون بحضوره والثانى ان التأكيدين افادا المعية والاجتماع وذلك بالنظر الى جميع الملائكة وفيه ذكره تفريق لطائفة عن اخرى

{ أبى ان يكون مع الساجدين } ابى الشيء يأباه ويأبيه اباه واباءة كرهه وابيته اياه كما فى القاموس وهو جواب قائل قال لم لم يسجد اى عدم سجوده لم يكن من تردده بل من ابائه واستكباره ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا فيتصل به ما بعده اى لكن ابليس أبى ان يكون معهم فى السجود لآدم

وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث ادمج فى معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الامر والاستكبار مع تحقير آدم ومفارقة الجماعة والاباء عن الانتظام فى سلك اولئك المقربين الكرام

قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره فى روح القدس اعلم انه لا شيء انكى على ابليس من آدم فى جميع احواله فى صلاته من سجوده لانها خطيئته يتذكر الشيطان معصيته فيحزن فيشتغل بنفسه عنه ولهذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( اذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويثول يا ويلتى امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وارمت بالسجود فابيت فعلى النار ) فالعبد فى سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس فخواطر السجود اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا اقام من سجوده غابت تلك الصفة عن ابليس فزال حزنه فاشتغل به : وفى المثنوى

آدمى را دشمن بنهان بسيست ... آدمى باحذر عاقل كسيست

خل بنهان زشتشان وخوبشان ... مى زند بردل بهر دم كوبشان

بهر غسل اردر روى در جويبار ... بر تو آسيبى زند در آب خار

كرجه بنهان خار در آبست بست ... جونكه دو تومى خلد دانى كه هست

خار خارو حيلها ووسوسه ... از هزاران كس بوديك كسه

باش تاخسهاى تو مبدل شود ... تا بينى شان ومشكل حل شود

٣٢

{ قال } استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال تعالى عند ذلك فقيل قال اللّه

{ يا ابليس ما لك } اى أى سبب لك

{ ان لا تكون } فى ان لا تكون

{ مع الساجدين } لآدم مع انهم ومنزلتهم فى الشرف منزلتهم وما كان التوبيخ عند وقوعه لمجرد تخلفه عنهم بل لكل من المعاصى الثلاث المذكورة

٣٣

{ قال } ابليس وهو ايضا استئناف بيانى

{ لم اكن لاسجد } اللام لتأكيد النفى اى ينافى حال ولا يستقيم منى ان اسجد

{ لبشر } اى جسم كثيف وانا جوهر روحانى

{ خلقته من صلصال } [ از كل خشك ]

{ من حمأ مسنون } [ ازلاى سياه بوى ناك ] وقد تقدم تفسيره : يعنى [ اورا ازا خس عناصر آفريدى كه خاست ومرا از اشرف آن كه آتش است بس روحانى لطيف جرا فرمان جسمانى كثيف برد واورا سجده كند ابليس نظر بظاهر آدم داشت واز باطن او غافل بود صورتش را ويرانه ديد ندانست كه كنج اسرار دران خرابه مدفونست

كجست درين خانه كه در كون نكنجد ... اين كنج خراب از بى آن كنج نهانست

فى الجمله هرآنكس كه درين خانه رهى يافت ... سلطان زمين است وسليمان زمانست

وفى التأويلات النجمية

{ فسجد الملائكة كلهم اجمعون } لما فيهم من خصوصية انقياد النورية واختصاص العلم بقبول النصح

{ الا ابليس ابى ان يكون مع الساجدين } لاختصاصه بالتمرد وتمرد النارية والجهل الذى هو مركوز فيه ولحسبانه انه عالم اذ

{ قال } له ربه

{ يا ابليس مالك ان لا تكون مع الساجدين } اى ما حجتك فى الامتناع عن السجود

{ قال لم اكن لاسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون } اى حجتى انك خلقتنى من نار وهى جوهر لطيف نورانى علوى وخلقته من طين وهو كثيف ظلمانى سفلى فانا خير منه لهذا الدليل فاشار بهذا الاستدلال الى ان آدم ر ينبغى ان يسجد له لفضله عليه ومن غاية جهالته وسخافة عقله يشم من نتن كلامه ان اللّه اخطأ فيما أمره وامر الملائكة من السجود لآدم وحسب ان اللّه جعل استحقاق آدم لسجود الملائكة فى بشرية آدم وخلقته من الطين وهو بمعزل عما جعل اللّه استحقاقه للسجود فى سر الخلافة المودعة فى روحه المشرف بشرف الاضافة الى حضرته المختص باختصاص نفخته المتعلم للاسماء كلها المستعد لتجلى جماله وجلاله فيه ومن ههنا قيل لابليس انه اعور لانه كان بصيرا باحدى عينيه التى يشاهد بها بشرية آدم وما اودع فيها من الصفات الذميمة الحيوانية السبعية المذمومة المتولد منها الفساد وسفك الدماء وانه كان اعمى باحدى عينيه التى يشاهد بها سر الخلافة المودع فى روحانيته وما كرم به من علم الاسماء والنفخة الخاصة وشرف الاضافة الى نفسه وغير ذلك من الاصطفاء والاجتباء

قال حضرة شيخى وسندى فى بعض تحريراته الارض وحقائق الارض فى الطمأنينة والاحسان بالوجود لذلك لا يزال ساكنا وسكونا وساكتا وسكوتا لفوزه بوجود مطلوبه فكان اعلى مرتبة العلو فى عين السفل وقام بالرضى المتعين من قلب الارض فمقامه رضى وحاله تسليم ودينه اسلام انتهى

ويشير الى سر كلام حضرة الشيخ قول من قال

ارس را در بيابان جوش باشد ... بدريا جون رسد خاموش باشد

وقول الصائب ايضا

عاشقانرا تافنا از شادى وغم جاره نيست ... سيل را بست وبلندى هست تادريا شدن

٣٤

{ قال } اللّه تعالى

{ فاخرج منها } امر اهانة وابعاد كما فى قوله تعالى

{ قال فاذهب } والضمير للجنة وخروجه منها لا ينافى دخولها بطريق الوسوسة وكذا يستلزم خروجه من السموات ايضا ومن زمرة الملائكة المقربين ومن الخلقة التى كان عليها وهى الصورة الملكية وصفاتها كما هو شأن المطرودين النغضوبين وقد كان يفتخر بخلقته فغير اللّه خلقته فاسود بعد ما كان لبيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا

قال ابو القاسم الانصارى ان اللّه باين بين الملائكة والجن والانس فى الصور والاشكال فان قلب اللّه تعالى الملك الى بنية الانسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وقس عليه غيره

{ فانك رجيم } من الرجم بالحجر اى الرمى به وهو كناية عن الطرد لان من يطرد يرجم بالحجارة على اثره اى مطرود من رحمة اللّه ومن كل خير وكرامة او من الرجم بالشهب وهو كناية عن كونه شيطانا اى من الشياطين الذين يرجمون بالشهب وهو وعيد يتضمن الجواب عن شبهته قال من عارض النص بالقياس فهو رجيم ملعون

٣٥

{ وان عليك اللعنة } الابعاد عن الرحمة وحيث كان من جهة اللّه تعالى وان كان جارياعلى السنة العباد

وقيل فى سورة ص

{ وان عليك لعنتى } { الى يوم الدين } الى يوم الجزاء والعقوبة وفيه اشعار بتأخير عقابه وجزائه اليه وان اللعنة مع كمال فظاعتها ليست جزاء لفعله وانما يتحقق ذلك يومئذ وحد اللعن بيوم الدين لانه عليه اللعنة فى الدنيا فاذا كان يوم الدين اقترن له باللعنة عذاب ينسى عنده اللعنة

وفى التبيان هذا بيان للتأبيد لا للتوقيت كقوله

{ ما دامت السموات } فى التأبيد ويؤيده وقع اللعن فى ذلك اليوم كما قال تعالى

{ فاذن مؤذن بينهم ان لعنة اللّه على الظالمين } وهو لعن مقارن بالعذاب الاليم نسأل اللّه الفوز والعاقبة وانما حكم عليه باللعنة لاستحقاقه لذلك بحسب الفطرة وفى الازل فكانت غذاءه الى ابد الآباد : وفى المثنوى

كر جهان باغى براز نعمت شود ... قسم مور ومار هم خاكى بود

كرم سركين درميان آن حدث ... در جهان نقلى نداند جز خبث

وفيه اشارة الى ان ابليس النفس مأمور بسجود آدم الروح ومن دأبه وطبعه الاباء عن طاعة اللّه تعالى والاستكبار عن خليفة اللّه والامتناع عن سجوده وذلك فى بدء خلقتهما على فطرة اللّه التى فطر الناس عليها فلما امر ابليس بسجوده وابى قال

{ فاخرج منها } اى من فطرة اللّه المستعدة لقبول الكفر والايمان

{ فانك رجيم } مطرود عن جوارنا لانك قبلت الكفر دون الايمان

{ وان عليك اللعنة } وهى من نتائج صفات القهر اى مقهورا مبعدا عن مقام عبادنا المقبولين

{ الى يوم الدين } اى الى ان نولج ليل الدين فى نهار الدين وتطلع شمس شواهدنا من مشرق الروح وتصير ارض النفوس مشرقة بانوار الشواهد فتكون مطمئنة بها متبدلة صفاتها الذميمة الحيوانية المظلمة باخلاق الروحانية الحميدة النورانية الحميدة لخطاب ارجعى كما فى التأويلات النجمية

٣٦

{ قال } ابليس عليه ما يستحق

{ رب } [ اى بروردكار ]

{ فانظرنى } الفاء متعلقة بمحذوف دل عليه فاخرج منها فانك رجيم اى اذا جعلتنى رجيما فامهلنى واخرجنى

{ الى يوم يبعثون } اى آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم والبعث احياء الميت كالنشر واراد بذلك ان يجد لاغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت اذ لا موت بعد يوم البعث فاجابه الى الاول دون الثانى كما قال تعالى

{ قال } اللّه تعالى

٣٧

{ فانك من المنظرين } اى من جملة الذين اخرت آجالهم ازلا ودل على ان ثمة منظرين غير ابليس وهم الملائكة فانهم ليسوا بذكور ولا اناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون الى آخر الزمان

واما الشياطين فذكور واناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون كما خلد ابليس

واما الجن فيتوالدون وفيهم ذكور واناث ويموتون

بلغ الحجاج بن يوسف ان بارض الصين مكانا اذا اخطأوا فيه الطريق سمعوا صوتا يقول هلموا الى الطريق ولا يرون احدا فبعث اناسا وامرهم ان يتخاطأوا الطريق عمدا فاذا قالوا لكم هلموا الى الطريق فحملوا عليهم فقالوا انكم لن ترونا فقلت منذ كم انتم ههنا قالوا ما نحصى السنين غير ان الصين خربت ثمانى مرات وعمرت ثمانى مرات ونحن ههنا والصين موضع بالكوفة ومملكة بالمشرق منها الاوانى الصينية وبلدة باقصى الهند

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان ابليس اذا مرت عليه الدهور وحثل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة

ويقال ان الخضر عليه السلام يجدده اللّه تعالى فى بدنه فى كل مائة وعشرين سنة فيعود شابا وهو من المنظرين كما فى الاخبار الصحيحة وهذه المخاطبة وان لم تكن بواسطة لكن لا تدل على علو منصب ابليس لان خطاب اللّه تعالى له على سبيل الاهانة والاذلال كما فى التفاسير

وقال بعضهم الصحيح انه لا يجوز ان يكون كلمه كفاحا اى شفاها ومواجهة وانما كلمه على لسان ملك لان كلام البارى لمن كلمه رحمة ورضى وتكرّم واجلال الا ترى ان موسى عليه السلام فضل بذلك على سائر الانبياء ما عدا الخليل ومحمدا عليهما السلام وجميع الآى الواردة محمولة على انه رسل اليه بملك يقول له

فان قلت أليس رسالته اليه ايضا تشريفا

قيل مجرد الارسال ليس بتشريف وانما يكون لاقامة الحجة بدلالة ان موسى عيله السلام ارسل الى فرعون وهامان ولم يقصد اكرامهما وتشريفهما كذا فى آكام المرجان

٣٨

{ الى يوم الوقت المعلوم } اى المعين عند اللّه تعالى لا يتقدم ولا يتأخر وهو وقت موت الخلق عند النفخة الاولى ثم لا يبقى بعد ذلك حى الا اللّه تعالى اربعين سنة الى النفخة الثانية

همه تخت وملكى يذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لا يزال

قال الكاشفى : يعنى [ زمان فناء خلق بنفخه اول كه نفخه صعقه كويند جه قول جمهور آنست كه نفخه اول نفخه موت ياشد ونفخهه ثانى نفخه احياء وميان دو نفخه بقول اشهر جهل سال خواهد بود بس ابليس جهل سال مرده باشد بس انكيخته شود ]

قال فى السيرة الحلبية هذه النفخة التى هى نفخة الصعق مسبوقة بنفخة الفزع التى يفزع بها اهل السموات والارض فتكون الارض كالسفينة فى البحر تضربها الامواج وتسير الجبال كسير السحاب وتنشق السماء وتكسف الشمس ويخسف القمر

وعن وهب ان اليوم المعلوم الذى انظر اليه ابليس هو يوم بدر قتلته الملائكة فى ذلك اليوم

وقيل وقت طلوع الشمس من مغربها بدليل قول النبى عليه السلام ( اذا طلعت الشمس من مغربها خر ابليس ساجدا ينادى ويجهر الهى مرنى ان اسجد لمن شئت فيجتمع ذريته فيقولون يا سيدنا ما هذا التضرع فيقول انما سألت ربى ان ينظرنى الى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم ثم تخرج دابة الارض من صدع فى الصفا فاول خطوة تضعها بانطاكية فيأتى ابليس فتلطمه وتقتله بوطئها ) والقول الاول اشهر

قال احنف بن قيس قدمت المدينة اريد امير المؤمنين عمر رضى اللّه عنه فاذا انا بحلقة وكعب الاحبار فيها يحدث الناس ويقول لما حضر آدم عليه السلام الوفاة قال يا رب سيشمت بى عدوى ابليس اذا رآنى ميتا وهو منظر الى يوم القيامة فاجيب ان يا آدم انك سترد الى الجنة ويؤخر اللعين الى النظرة ليذوق الم الموت بعدد الاولين والآخرين ثم قال لملك الموت صف كيف تذيقه الموت فلما وصفه قال يا رب حسبى فضج الناس وقالوا يا ابا اسحاق كيف ذلك فابى فالحوا فقال يقول اللّه تعالى لملك الموت عقيب النفخة الاولى قد جعلت فيك قوة اهل السموات السبع واهل الارضين السبع وانى البستك اليوم اثواب السخط والغضب كلها فانزل بغضبى وسطوتى على رجيمى ابليس فاذقه الموت واحمل عليه مرارة الاولين والآخرين من الثقلين اضعافا مضاعفة وليكن معك من الزبانية سبعون الفا وقد امتلأوا غيظا وغضبا وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم وغل من اغلالها وانزع روحه المنتن بسبعين الف كلاب من كلاليبها وناد مالكا ليفتح ابواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر اليها اهل السموات والارضين لماتوا بغتة من هولها فينتهى الى ابليس فيقول قف لى يا خبيث لاذيقنك الموت كم من عمر ادركت وقرون اضللت وهذا هو الوقت المعلوم قال فيهرب اللعين الى المشرق فاذا هو بملك الموت بين عينيه فيهرب الى المغرب فاذا هو بين عينيه فيغوص البحار فنتنزه عنه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب فى الارض ولا محيص له ولا ملاذ ثم يقوم فى وسط الدنيا عند قبر آدم عليه السلام ويتمرغ فى التراب من المشرق الى المغرب ومن المغرب الى المشرق حتى اذا كان فى الموضع الذى اهبط فيه آدم عليه السلام وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الارض كالجمرة احتوشته الزبانية وطعنوه بالكلاليب ويبقى فى النزع والعذاب الى حيث شاء اللّه تعالى

هركسى آن درود عاقبت كاركه كشت ... ويقال لآدم وحواء عليهما السلام اطلعا اليوم الى عدوكما كيف يذوق الموت فيطلعان فينظران الى ما هو فيه من شدة العذاب فيقولان ربنا اتممت علينا نعمتك

شكر خداكه هرجه طلب كردم ازخدا ... بر منتهاى همت خود كامران شدم

قال فى اسئلة الحكم انما استجاب اللّه دعاءه بانظاره الى يوم الدين مكافاة له بعبادته التى مضت فى السماء وعلى وجه الارض ليعلم انه لا يضيع اجر العاملين فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره اما فى الدنيا معجلا مثوبته

واما فى الآخرة فى حق المؤمن وقال فى موضع آخر اهلك اللّه تعالى اعداء سائر الانبياء كفرعون ونمرود وشداد وابقى عدو آدم الصفى وهو ابليس وذريته لان ابليس لم يكن عدو آدم فحسب انما كان عدو اللّه فامهله وابقاه الى آخرؤ الدهر استدراجا من حيث لا يعلم ليتحمل من الوزار ما لا يتحمله غيره من الاشرار والكفار فانظره الى يوم القرار ليحصل به الاعتبار لذوى الابصار بان اطول الاعمار فى هذه الدار لرئيس الكفار وقائد زمرة الفجار واساء الادب ودعا لنفسه بالبقاء والكبرياء والفراعنة لم يدعوا بالبقاء لانفسهم وما اصروا على الاستكبار فى جميع اعمارهم

٣٩

{ قال } ابليس

{ رب } [ اى برورد كار من ]

{ يما اغويتنى } الباء للقسم وما مصدرية والجواب

{ لازينن لهم } اى اقسم باغوائك اياى لازينن لهم اى لذرية آدم المعاصى والشهوات واللذات فالمفعول محذوف . والاغواء [ بى راه كردن ] يقال غوى غواية ضل . والتزيين [ بياراستن ]

{ فى الارض } اى فى الدنيا التى هى دار الغرور كما فى قوله تعالى

{ اخلدا لى الارض } لان الارض محل متاعها ودارها

وفى التبيان ازين لهم المقام فى الارض كى يطمئنوا اليها واقسامه بعزة اللّه المفسرة بسلطانه وقهره كما فى قوله

{ فبعزتك } لا ينافى اقسامه بهذا فانه فرع من فروعها واثر من آثارها فلعله اقسم بهما جميعا فحكى تارة قسمه بصفة فعله وهو الاغواء واخرى بصفة ذاته وهى العزة

قال الكاشفى [ برخى برانندكه دربما اغويتنى باسبى است يعنى سبب آنكه مرا كمراه كردى من بيارايم معاصى رايجشم مردمان ] وجعله سعدى المفتى اولى لان جعل الاغواء مقسما به غير متعارف اذ الايمان مبنية على العرف [ هرجه بعرف مردمان أنرا سوكند توان كفت يمين است والالا ] يقول الفقير حفظه اللّه القدير سمعت من حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه ان آدم عليه السلام كاشف عن شأنه الذاتى فسلك طريق الادب حيث

{ قال ربنا ظلمان انفسنا }

واما ابليس فلم يكن له ذلك ولذلك قال

{ بما اغويتنى } حيث اسند الاغواء الى اللّه تعالى اذ تلك الغواية كانت ثابتة فى عينه العلمية وشأنه الغيبى فاقتضت الظهور فى هذا العالم فاظهرها اللّه تعالى ومن المحال ان يظهر اللّه تعالى ما ليس بثابت ولا مقدور وقولهم السعادة الازلية والعناية الرحمانية من طريق الادب والا فاحوال كل شئ تظهر لا محالة فاسمع واحفظ وصن : قال الحافظ

بير ما كفت خطا برقلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر باك خطا بوشش بود

{ ولاغوينهم اجمعين } ولاحملنهم اجمعين على الغواية والضلالة

٤٠

{ الا عبادك منهم المخلصين } الذين اخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من شوائب الشرك الجلى والخفى فلا يعمل فيهم كيدى فانهم اهل التوحيد الحقيقى على بصيرة من امرهم ويقظة

وفى التاويلات النجمية اخصلتهم من حبس الوجود بجذبات الالطاف وافنيتهم عنهم بهويتك

ومما كتب لى من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية والثانى اوسع فلكا واكثر احاطة فاجتهد فى اللحوق باصحاب الثانى حتى تامن من جميع الاغيار والاكدار وكفاك فى شرف الصدق ان اللعين ما رضى لنفسه الكذب حتى استثنى المخلصين : قال الحافظ

طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب ازاد كى كوسرو جمن

وعن ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( قال ابليس لربه عز وجل بعزتك وجلالك لا ابرح اغوى بنى آدم ما دامت الارواح فيهم فقال اللّه تعالى وعزتى وجلالى لا ازال اغفر لهم ما استغفرونى ) وفى الحديث ( لما لعن ابليس قال فبعزتك لا افارق قلب ابن آدم حتى يموت قال قيل له وعزتى لا احظر عنه التوبة حتى يغرغر بالموت ) وانما خلق اللّه ابليس ليميز به العدو من الحبيب والشقى من السعيد فخلق اللّه الانبياء ليقتدى به الاشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار على النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكافرين قيل ما ثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون واعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا فى قلوبهم ترك الدين ولا الدنيا فقالوا له اعطنا مذاقة منها حتى ننظر ما هى فقال ابليس اعطونى رهنا فاعطوه سمعهم وابصارهم ولذا يحب ارباب الدنيا استماع اخبارها ومسارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وبصرهم رهن عند ابليس فاعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فلم يسمعوا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخرفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشئ يعمى ويصم

ودخل قوم على ابى مدين فشكوا وسوسة الشيطان فقال قد خرج من عندى الساعة وشكا منكم وقال قل لاصحابك يتركوا دنياى حتى اترك لهم دينهم ومتى تعرضوا لمتاعى الدنيا اتشبث بمتاعهم الآخرة

قال احمد بن حنبل رحمه اللّه اعداؤك اربعة الدنيا وسلاحها لقاء الخلق وسجنها العزلة

جامى بملك ومال جوهر سفله دل مبند ... كنج فراع وكنج قناعت ترابس است

والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع

جوع باشد غذاى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا

والنفس سلاحها النوم وسجنها السهر

تركس اندرخواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته تابينا بود دولت به بيداران رسد

والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت

اكربسيار دانى اندكى كوى ... يكى راصد مكوصدرا يكى كوى

٤١

{ قال } اللّه تعالى لابليس

{ هذا } اى تخلص المخلصين من اغوائك

{ صراط } [ راهيست حق است ]

{ على } [ برمن رعايت آن ] اى كالحق الذى يجب مراعاته فى تأكيد ثبوته وتحقق وقوعه اذ لا يجب على اللّه شئ عند اهل السنة

{ مستقيم } لا عوج فيه ولا انحراف عنه . ويجوز ان يكون هذا اشارة الى الاخلاص على معنى انه طريق يؤدى الى الوصول الى من غير اعوجاج وضلال فايثار حرف الاستعلاء على حرف الانتهاء لتأكيد الاستقامة والشهادة باستعلاء من ثبت عليه فهو ادل على التمكين من الوصول وهو تمثيل اذلا استعلاء لشئ على اللّه تعالى

٤٢

{ ان عبادى } وهم المشار اليهم بالمخلصين الجديرون بالاضافة الى جنابه تعالى لخلوصهم فى الايمان وسلامتهم من اضافة الوجوج الى انفسهم وحريتهم عما سوى اللّه تعالى

{ ليس لك عليهم } على قلوبهم

{ سلطان } تسلط وتصرف بالاغواء

قال فى الاسئلة قيل للشيطان ما حالك مع ابى مدين قال كمثل رجل يبول فى البحر المحيط يريد ان يلوثه هل اسفه منه او كمثل رجل يريد ان يطفئ انوار الشمس بنفسه هل ترى اجهل منه

وقيل لبعضهم كيف مجاهدتك للشيطان قال ما الشيطان نحن قوم صرفنا هممنا الى اللّه تعالى فكفانا من دونه وفى معناه انشد

تسترت عن دهرى بظل جنابه ... فعينى ترى دهرى وليس يرانا

فلو تسأل الايام ما اسمى ما درت ... واين مكانى ما عرفن مكانيا

{ الا من اتبعك من الغاوين } [ مكر آنكس كه متابعت تو كند از كمراهان كه توبدو مسلط توانى شد ]

وفيه اشراة الى ان اغواءه للغاوين ليس بطريق السلطان بمعنى القهر والجبر بل بطريق اتباعهم له بسوء اختيارهم فيتسلط عليهم بالوسوسة والتزيين

فان قلت ان اللّه تعالى لم يمنع ابليس عن النبى صلى اللّه عليه وسلم

قلت سلطه عليه ثم عصمه منه ولذا اسلم شيطانه على يديه واخذه مرة وجعل رداءه فى عنقه حتى استعاذ منه فهو كمثل الفلاش يريد ان يطفئ نور السراج فيحرق نفسه

قال على رضى اللّه عنه الفرق بين صلاتنا وصلاة اهل الكتاب وسوسة الشيطان لنه فرغ من عمل الكفار لانهخم وافقوه يقول اذا كفر احد انى بريئ منك والمؤمن يخالفه والمحاربة تكون مع المخالفة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان الشيطان يوسوس لكم ما تكلمتم به لكفرتم فعليكم بقراءة قل هو اللّه احد )

قال حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه

{ وعباد الرحمن } العلماء الصلحاء

{ الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلام } وهم الذين قال اللّه تعالى فى حقهم

{ ان عبادى ليس لك عليهم سلطان } والعلماء الفسقاء الجهلاء الذين يمشون على الارض كبرا وتعظما واذا خاطبهم العالمون قالوا كلاما شنيعا وملاما قبيحا وهم الذين قال اللّه فى حقهم

{ الا من اتبعك من الغاوين } فاتقوا اللّه يا اولى الالباب من العلم الخبيث الذى مال اليه الخبيثون اذ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات واطلبوا يا ذوى القلوب العلم الطيب الذى قصد اليه الطيبون اذ الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات اولئك هم الراشدون المهديون لعلكم تفلحون فى الدنيا والآخرة بالعلم النافع والعمل الصالح وانفع جميع العلوم النافعة هو العلم الالهى الحاصل بالتجلى الالهى والفيض الرحمانى والالهام الربانى المؤيد بالكتاب اللاهى والحديث النبوى ولا يحصل ذلك العلم بهذا التجلى والفيض والالهام الا عند اصلاح الطبيعة بالشريعة تزكية النفس بالطريقة وتخلية القلب وتحلية الفؤاد بالمعرفة وتجلية الروح وتصفية السر بالحقيقة باكمل التوحيد واشمل التجريد وافضل التفريد من جميع ما سوى اللّه حتى لا يبقى فى الطلب والقصد والتوجه والمحبة شئ مما سواله من السفات الفانية ففروا الى اللّه من جميع ما سوى اللّه سبق المفردون السابقون اولئك المقربون انتهى كلام الشيخ فى اللائحات البرقيات : قال الجامى

از عالم صورت كه همه نقش خيالست ... ره سوى حقيقت نبرى درجه خيالى

٤٣

{ وان جهنم } معرب فارسى الاصل

يقال ركيه اى بعيدة الغور وكأنه فى الفرس [ جه نم ] وفى تفسير الفاتحة للفنارى سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام اذا كانت بعيدة القعر وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين وهى اعظم المخلوقات وهى سجن اللّه فى الآخرة

{ لموعدهم } مكان الوعد للمتبعين اى مصيرهم

{ اجمعين } تأكيد للضمير والعامل الاضافة يعنى الاختصاص لا اسم مكان فانه لا يعمل

٤٤

{ لها سبعة ابواب } يدخلون منها كا باب فوق باب على قدر الطبقات لكل طبقة باب

{ لكل باب } من تلك الابواب المنفتح على طبقة من الطبقات وقوله

{ منهم } اى من الاتباع حال من قوله

{ جزء مقسوم } ضرب معين مفرز من غيره حسبما استعداده فللطبقة الاولى وهى العليا العصاة من المسلمين

وعن الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر انه قال تبقى جهنم خالية ومراده الطبقة العالية فانها مقر عصاة المؤمنين ولا ريب ان من كان فى قلبه مثقال ذرة من ايمان اى من معرفة اللّه تعالى فانه لا يبقى مخلدا فتبقى جهنم خالية .

واما الطبقات السافلة فاهلها مخلدة

يقول الفقير لكلامه محمل آخر عندى معلوم عند القوم لا يصح كشفه وللطبقة الثانية اليهود وللثالثة الناصرى وللرابعة الصابئون وللخامسة المجوس وللسادسة المشركون وللسابعة المنافقون

واختلف الروايات فى ترتيب طبقات النار وفى الاكثر جهنم اولها وفيما بعدها اختلاف ايضا كما فى حواشى سعدى جلبى المفتى . وسميت جهنم لما سبق . ولظى لشدة ايقادها . والحطمة لانها تحطم . والسعير لتوقدها . وسقر لشدة الالتهاب . والجحيم لعمقها . والهاوية لهويها وتسفلها . وفى بحر العلوم اعلم انه لا يتعين لتلك الابواب السبعة الا من عصى اللّه تعالى بالاعضاء السبعة العين والاذن واللسان والبطن والفرج والرجل والاولى فى الترتيب ما فى الفتوحات ان كونها سبعة ابواب بحسب اعضاء التكليف وهى السمع والبصر واللسان واليدان والقدمان والفرج والبطن والاعضاء السبعة مراتب ابواب النار فاحفظها كلها من كل ما نهاه اللّه وحرمه والا يصير ما كان لك عليك وتنقلب التعمة عقوبة

هفت در دوزخند درتن تو ... ساخته نقششان درو در بند

هين كه درست تست قفل امروز ... درهرفت محكم اندر بند

وفى التأويلات النجمية

{ وان جهنم } البعد والاحتراق من الفراق

{ لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب } من الحرص والشره والحقد والحسد والغضب والشهوة والكبر

{ لكل باب } من الرواح المتبعين لابليس النفس المتصفين بصفاتها

{ جزؤ مقسوم } بحسب الاتصاف بصفاتها

وقيل خلق تعالى للنار سبعة ابواب دركات بعضها تحت بعض . وللجنة ثمانية ابواب درجات بعضها فوق بعض لن الجنة فضل والزيادة فى الفضل والثواب كرم وفى العذاب جور .

وقيل الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان فمن اذن واقان غلقت عنه ابواب النيران وفتحت له ابواب الجنة الثمانية

واعلم ان اشد الخلق عذابا فى النار ابليس الذى سن الشرك وكل مخالفة وعامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه فى اصل خلقته وهى النار فيعذب غالبا بما فى جهنم من الزمهرير

٤٥

{ ان المتقين } الاتقاء على ثلاثة اوجه اتقاء عن محارم اللّه باوامر اللّه واتقاء عن الدنيا وشهواتها بالآخرة وردجاتها واتقاء عما سوى اللّه تعالى باللّه وصفاته والاول تقوى العوام والثانى تقوى الخواص والثالث تقوى الاخص

{ فى جنات وعيون } مستقرون فيها لكل واحد منهم جنة وعين على ما تقتضى قاعدة مقابلة الجمع بالجمع والاستغراق هو المجموعى لو لكل منهم عدة منهما على ان يكون الالف واللام للاستغراق الافرادى

قال الكاشفى يعنى [ باغها كه دران جشمها روان بود از شير وخمر وانكبين وآب ]

يقول الفقير جعل ما يستقرون فيه فى الآخرة كأنهم مستقرون فيه فى الدنيا لشدة اخذهم بالاسباب المؤدية اليه ونظيره فى حق اهل النار { ان الذين يأكاون اموال اليتامى ظلما انما ياكلون فى بطونهم نارا }

٤٦

{ ادخلوها } اى يقال لهم من ألسنة الملائكة عند وصولهم الى الباب وعند توجههم من جنة الى جنة ادخلوا ايها المتقون تلك الجنات ملتبسين

{ بسلام } اى حال كونكم سالمين من كل مخوف او مسلما عليكم يسلم اللّه تعالى عليكم والسلام من اللّه هو الجذبة الالهية كما فى التأويلات النجمية

{ آمنين } من الآفات حال اخرى

وفى التاويلات

{ آمنين } من الموانع للدخول والخروج بعد الوصول وفيه اشارة الى ان السير فى اللّه لا يمكن الا باللّه وجذباته كما كان حال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج حين تأخر عنه جبريل فى سدرة المنتهى

جنان كرم درتيه قربت براند ... كه درسدره جبريل ازو باز ماند

ونفى عنه الرفرف فى مقام قاب قوسين وما وصل الى مقام او ادنى وهو كمال القرب الابجذية ادن منى بفبسلام اللّه سلم من موانع الدخول والخروج بعد الوصول

٤٧

{ ونزعنا } [ وبيرون كشيم ]

{ ما فى صدورهم } [ آنجه درسينهاى بهشتيان باشد ]

{ من غل } اى حقد كامن فى القلب بسبب عداوة كانت منهم فى الدنيا

عن على رضى اللّه عنه ارجو ان اكون انا وعثمان وطلحة والزبير منهم

وفيه اشارة الى ان غل اوصاف البشرية من امارية النفس وصفاتها الذميمة لا ينتزع من النفوس الا بنزع اللّه تعالى اياه ومن لم ينزع عنه الغل لم يأمن من الخروج بعد الدخول كما كان حال آدم عليه السلام لما ادخل الجنة قيل تزكية النفس ونزع صفاتها عنها اخرج منها بالغل الذى كان من نتائجه وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه ونزع الغل بالتوبة وهداه الى الجنة

يقول الفقير انتزاع الغل اما ان يكون فى الدنيا وذلك بتزكية النفس عن الاوصاف القبيحة وتخلية القلب عن سفساف الاخلاق وهو للكاملين

واما ان يكون فى الآخرة وهو للناقصين جعلنا اللّه واياكم من المتصافين

{ اخوانا } حال من الضمير فى جنات

قال الكاشفى [ در آيند ببهشت در حالى كه برادران باشند يكديكريرا يعنى درمهر بانى ودوستارى ] وزاد فى هذه السورة اخوانا لنها نزلت فى اصحاب رسول اللّه عليه السلام وما سواها عام فى المؤمنين

يقول الفقير فهم اذا كانوا اخوانا يعنى على المصافاة لم يبق بينهم التحاسد لا فى الدنيا على العلوم والمعارف ولا فى الآخرة على درجات الجنة ومراتب القرب

{ على سرر } [ برادران نشسته بر تحتها از زر مكلل بجواهر

{ متقابلين } رويها بيكديكر أورده اند بهشتيان قفاى يكديكر نمى بينند ] قال مجاهد تدور بهم الاسرة حيث ما ارادوا فهم متقابلون فى جميع احوالهم يرى بعضهم بعضا وذلك من نتائج مصافاتهم فى الدنيا

٤٨

{ لا يمسهم } [ نميرسد ايشانرا ]

{ فيها } [ دربهشت ]

{ نصب } [ رنحى ومشقتى كه آن سراى تنعم وراحتست ] اى شئ منه اذ التنكير للتقليل لا غير

قال فى الارشاد اى تعب بان لا يكون لهم فيها ما يوجبه من الكد فى تحصيل ما لا بد منه لحصول كل ما يريدونه من غير مزاولة عمل اصلا او بان لا يعتريهم ذلك وان باشروا الحركات العنيفة لكمال قوتهم

{ وما هم منها بمخرجين } ابد الآباد لان تمام النعمة بالخلود

وفى التأويلات النجمية

{ لا يمسهم فيها نصب } من الحسد لبعضهم على درجات بعض واهل كل درجة مقيمون فى تلك الدرجة لا خروج لهم منها الى درجة تحتها ولا فوقها وهم راضون بذلك لان غل الحسد منزوع منهم

باك وصافى شو واز جاه طبيعت بدر آى ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده

وفى الحديث ( اول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب وامشاطهم من الذهب والفضة ومجامر هم الالوة ورشحهم المسك لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض فى قلوبهم على قلب واحد يسبحون اللّه بكرة وعشيا ) رواه البخارى

قال فى فتح القريب اى يصبحون اللّه بقدر البكرة والعشى فاوقات الجنة من الايام والساعات تقديرات فان ذلك انما يجيئ من اختلاق الليل والنهار وسير الشمس والقمر وليس فى الجنة من ذلك

قال القرطبى هذا التسبيح ليس عن تكليف والرزام لان الجنة ليست بمحل التكليف وانما هى محل جزاء وانما هو عن تيسير والهام كما قال فى الرواية الاخرى ( يلهمون التسبيح والتحميد والتكبير كما يلهمون النفس ) ووجه التشبيه ان نفس الانسان لا بد له منه ولا كلفة عليه ولا مشقة فى فعله وسر ذلك ان قلوبهم قد تنورت بمعرفته وابصارهم قد تمتعت برؤيته وقد غمرتهم سوابغ نعمه وامتلآت افئدتهم بمحبته ومخالته فألسنتهم ملازمة ذكره ورهينة شكره فمن احب شيأ اكثر ذكره

٤٩

{ نبئ عبادى } [ آورده اندكه روزى حضرت بيغمبر صلّى اللّه عليه وسلّم درباب بنى شيبه بمسجد الحرام در آمد جمعى از اصحابه را ديدكه مى خندند فرمودكه ( مالى اراكم تضحكون ) جيست كه شمارا حندان مى بينم صحابه رايحه عتابى ازين سخن استشمام نمودند وآن حضرت در كنشت وهنوز بحجره نار سيده باز كشت وكفت جبرائيل آمد وبيغام أوردكه جرابتد كان مرا ن اميد سازى ]

{ نبئ عبادى } اى اعلم عبادى واخبرهم

{ انى } اى بانى

{ انا } وحدى فهو لقصر المسند على المسند اليه

{ الغفور } [ من لآمر زنده ام كسى راكه آمرزش طلبد ]

{ الرحيم } [ وبخشنده ام بركسى كه توبه كند ] اى لا يستر عليهم ولا يمحو ما كان منهم ولا ينعم عليهم بالجنة الا انا وحدى ولا يقدر على ذلك غيرى

٥٠

{ وان عذابى } [ وبآنكه عذاب من برعاصى كه از توبه واستغفار منحرفست ]

{ هو العذاب الاليم } هو مثل انا المذكور اى واخبرهم بان ليس عذابى الا العذاب الاليم وفى توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب حيث لم يقل على وجه المقابلة وانى المعذب المؤلم ايذان بانهما مما يقتضيهما الذات وان العذاب انما يتحقق بما يوجبه من خارج وترجيح وعد الطف وتأكيد صفة العفو

كرجه جرم من از عدد بيش است ... سقت رحمتى از ان بيش است

جه عجب كر عذاب ننمايد ... بركنه بيشكان ببخشايد

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المختصين بعبوديته هم الاحرار عن رق عبودية ما سواه من الهوى والدنيا والعقبى وهم مظاهر صفات لطفه ورحمته والعذاب لمن يكون عبد الهوى والدنيا وما سوى اللّه وانه مظهر صفات قهره وعزته

وفيه اشارة اخرى الى ان سير السائرين وطيران الطائرين فى هواء العبودية وفضاء الربوبية انما يكون على قدمى الخوف والرجاء ولجناحى الانس والهيبة معتدلا فيهما من غير زيادة احداهما على الاخرى وفى الروضة لقى يحيى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى اراك لاهيا كأنك آمن فقال ما لى اراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى اللّه تعاللى احبكما الى احسنكما ظنا بى وروى احبكما الى الطلق البسام ولم يزل زكريا عليه السلام يرى ولده يحيى مغموما باكيا مشغولا بنفسه فقال يا رب طلبت ولدا فانتفع به قال طلبته وليا والولى لا يكون الا هكذا

قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان اللّه تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار

يقول الفقير الذى ينبغى ان يقدمه العبد هو الخوف لانه الاصل وفيه تخلية القلب من الامانى الفاسد ولا ينافيه كون متعلق الرجاء هو السابق وهو رحمة اللّه الواسعة فانها الاصل وهو بالنسبة الى صفات اللّه ولذا جاء فى الحديث ( لو يعلم العبد قدر رحمة اللّه ما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عقوبة اللّه لبخع نفسه ) اى اهلكها فى عبادة اللّه تعالى ( ولما اقدم على ذنب )

واعلم ان اسباب المغفرة كثيرة اعظمها العشق والمحبة فان اللّه تعالى انما خلق الانس والجن للعبادة الموصلة الى المعرفة الالهية والجذبة الربانية : قال الحافظ

هرجند غرق بحر كناهم زشش جهت ... كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم

واسباب العذاب ايضا كثيرة اعظمها الجهل باللّه تعالى وصفاته

فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العشق والمحبة والمعرفة الى ان يصل الى المراد ويستريح من تعب الطلب والاجتهاد فان الواصل الى المنزل مستريح

وقد قيل الصوفى من لا مذهب له

واما من بقى فى الطريق فهو فى اصبعى الرحمن لا يزال يتقلب من حال الى حال ومن امن الى خوف وبالعكس الى ان تنقطع الاضافات وعند ذلك يعتدل حاله ويستقيم ميزان علمه وعمله فيعبد اللّه تعالى الى ان يأتيه اليقين وهو الموت

٥١

{ ونبئهم } واخبر امتك يا محمد

{ عن ضيف ابراهيم } يستوى فيه القليل والكثير اى اضيافه وهو جبؤيل مع احد عشر ملكا على صورة الغلمان الوضاء وجوههم جعلهم ضيفا لانهم كانوا فى صورة الضيف او لكونهم ضيفا في حسبان ابراهيم عليه السلام

٥٢

{ اذ دخلوا عليه } ظرف لضيف فانه مصدر فى الاصل

{ فقالوا } عند دخولهم عليه

{ سلاما } اى نسلم سلاما قال سلام فما لبث ان جاء يعجل حنيذ فلما رأى ايديهم لا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة

{ قال } ابراهيم

{ انا منكم وجلون } خائفون فان الوجل اضطراب النفس لتوقع مكروه وانما قاله عليه السلام حين امتنعوا من اكل ما قربه اليهم من العجل الحنيذ لما ان المعتاد عندهم انه اذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا انه لم يجئ بخير لا عند ابتداء دخولهم

٥٣

{ قالوا } اى الملائكة

{ لا توجل } لا تخف يا ابراهيم

{ انما نبشرك } استئناف فى معنى التعليل للنهى عن الوجل فان المبشر به لا يكاد يحوم حول ساحته خوف ولا حزن كيف لا وهو بشارة ببقائه وبقاء اهله فى عافية وسلامة زمانا طويلا . والبشارة هو الاخبار بما يظهر سرور المخبر به . والمعنى بالفارسية [ بدرستى ترامرده ميدهم ]

{ بغلام } [ به بشرى اسحاق نام ]

{ عليم } اي اذا بلغ . يعنى [ وقتى كه بلوغ رسد علم نبوت بوى خواهد رسيد ]

٥٤

{ قال أبشرتمونى } [ آيا بشارت ميدهدمرا ]

{ على ان مسنى الكبر } واثر فى الاستفهام للتعجب والاستبعاد وعلى بمعنى مع اى مع مس الكبر بان يولد لى اى ان الولادة امر مستنكر عادة مع الكبر عجيب من بين هرمين وهو حال اى أبشرتمونى كبيرا او بمعنى بعد اى بعدما اصابنى الكبر والهرم

{ فبم تبشرون } هى ما الاستفهامية دخلها معنى التعجب كأنه قيل فبأى اعجوبة تبشرون

وفى التفسير الفارسى [ بس بجه نوع مرده ميدهيدمرا ] وهو بفتح النون مع التخفيف لانها نون الجماعة وقرئ بكسر النون مع التخفيف لان اصله تبشرونى حذفت الياء واقيم الكسر مقامها

٥٥

{ قالوا بشرناك بالحق } اى بما يكون لا محالة

{ فلا تكن من القانطين } من الآيسين من ذلك فان اللّه تعالى قادر على ان يخلق بسرا بغير ابوين فكيف من شيخ وعجوز عاقر وكان مقصده عليه السلام استعظام نعمته تعالى عليه فى ضمن التعجب العادى المبنى على سنة اللّه المسلوكة فيما بين عباده لا استبعاد ذلك بالنسبة الى قدرته تعالى كما ينبئ قوله تعالى بطريق الحكاية

{ من القانطين } دون من الممترين ونحوه

٥٦

{ قال ومن يقنط } استفهام انكارى اى لا يقنط

{ من رحمة ربه } [ ازبخشش آفريده كارحود ]

{ الا الضالون } اى المخطئون طريق المعرفة والصواب فلا يعرفون سعة رحمته وكمال علمه وقدرته كما قال يعقوب عليه السلام

{ لا ييأس من روح اللّه الا القوم الكافرون } ومراده نفى القنوط عن نفسه على ابلغ وجه اى ليس بى قنوط من رحمته تعالى وانما الذى اقول البيان منافاة حالى لفيضان تلك النعمة الحليلة على

وفيه اشارة الى ان بشارته بغلام عليم مع كبره وكبر امرأته بشارة لطالب الصادق وانه وان كان مسنا قد ضعف جسمه وقواه وعجز عن جهاد النفس ومكاب\تها واستعمالها فى مباشرة الطاعات والاعمال البدنية ويؤسسه الشيطان من نيل درجات القرب لان اسباب تحصيل الكمال قد تناهت ومعظمها العمر والشباب ولهذا قال المشايخ الصوفى بعد الاربعين بارد فلا يقنط من رحمة ربع ويتقرب اليه باعمال القلبية ليتقرب اليه ربه باصناف الطاف الربوبية وجذبات اعطافه فيخرج من صلب روحه ورحم قلبه غلاما عليما بالعلوم اللدنية والرسوم الدينية وهو واعظ اللّه الذى فى قلب كل مؤمن وقد اشتغل افراد كالقفال والقدورى بعد كبرهم ففاقوا على علمهم وراقوا بمنظرهم ولطف اللّه تعالى واصل على كل حال

قال فى شرح الحكم من استغرب ان ينقذه اللّه مة شهوته التى اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التي شملته فى جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية واللّه تعالى يقول

{ وكان اللّه على كل شئ مقتدرا } فابان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شئ وهذا من الاشياء وان اردت الاستعانة على تقوية رجائك فى ذلك فانظر لحال من كان مثلك ثم انقذه اللّه مخصه بعنايته كابراهيم بن ادهم والفضيل ابن عياض وابن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية

تا سقا هم ربهم آيد جواب ... تشنه باش واللّه اعلم بالصواب

قال فى تاج العروس من قصر عمره فليدكر بالاذكار الجامعة مثل سبحان اللّه عدد خلقه ونحو ذلك والمراد بقصر العمر ان يكون رجوعه الى اللّه فى معترك المنايا ونحوها من الامراض المخوفة والاعارض المهولة

دع التكاسل تغنم قد جرى مثل ... كه زاد راهروان جستيست وجالاكى ...

٥٧

{ قال } ابراهيم

{ فما خطبكم ايها المرسلون } اى امركم وشأنكم الخطر لعل ابراهيم عليه السلام علم بالقرائن ان مجيئ الملائكة ليس لمجرد البشارة بل لهم شأن آخر لاجله ارسلوا فكأنه قال ان لم يكن شأنكم مجرد البشارة فماذا هو

٥٨

{ قالوا } اى الملائكة

{ انا ارسلنا الى قوم مجرمين } مصرين على اجرامهم متناهين فى آثامهم وهم قوم لوط

٥٩

{ الا آل لوط } استثناء متصل من الضمير فى مجرمين اى الى قوم اجرموا جميعا الا آل لوط يريد اهله المؤمنين فالقوم والارسال شاملان للمجرمين وغيرهم . والمعنى انا ارسلنا الى قوم اجرم كلهم الا آل لوط لنهلك الاولين وننجى الآخرين واكتفى بنجاة الآل لانهم اذا نجوا وعم تابعون فالمتبوع وهو لوط اولى بذلك ولوط بت هاران بن تارخ وهو ابن اخى ابراهيم الخليل كان قد آمن به وهاجر معه الى الشام بعد نجاته من النار واختتن لوط مع ابراهيم وهو ابن ثلاث وخمسين وابراهيم ابن ثمانين او مائة وعشرين فنزل ابراهيم فلسطين وهى البلاد التى بين الشام ومصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها ونزل لوط الاردن وهى كورة بالشام فارسل اللّه لوطا الى اهل سدوم بالدال وكانت تعمل الخبائث فارسل اللّه اليهم ملائكة للاهلاك

{ انا لمنجوهم اجمعين } اى مما يصيب القوم من العذاب وهو قلب مدائنهم

٦٠

{ الا امرأته } استثناء من الضمير واسمها واهله

{ قدرنا } حكمنا وقضينا

{ انها لمن الغابرين } الباقين مع الكفرة لتهلك معهم واسند الملائكة فعل التقدير الى انفسهم وهو فعل اللّه تعالى لما لهم من القرب والاختصاص كما يقول خاصة الملك امرنا بكذا والآمر هو الملك.

٦١

{ فلما جاء آل لوط المرسلون } اى الملائكة.

٦٢

{ قال } لوط

{ انكم قوم منكرون } غرباء لا يعرفون او ليس عليكم زى السفر ولا انتم من اهل الحضر فاخاف ان تطرقونى بشر

٦٣

{ قالوا } ما جئناك بما تنكرنا لاجله

{ بل جئناك } [ بلكه آمده ايم بتو ]

{ بما كانوا فيه يمترون } اى بما فيه سرورك وتشفيك من عدوك وهو العذاب الذى كنت تتوعدهم بنزوله فيمتورن فى وقوعه اى يشكون ويكذبوك جهلا وعنادا

٦٤

{ واتيناك } [ آورده اين بتو ]

{ بالحق } بالمتقين الذى لا مجال فيه للامتراء والشك وهو عذابهم

{ وانا لصادقون } فى الاخبار بنزوله بهم

٦٥

{ فاسر باهلك } فاذهب بهم من السرى وهو السير فى الليل

قال الكاشفى [ بس برون بر از شهر اهل خودرا بشب ]

{ بقطع من الليل } فى طائفة من الليل اى بعض منه . وبالفارسية [ در باره ازشب بكذرد ]

{ واتبع ادبارهم } جمع دبر وهو من كل شئ عقبه ومؤخره اى وكن على اثرهم لتسوقهم وتسرع بهم وتطلع على احوالهم فلا تفرط منهم التفاتة استحياء منك ولا غيرها من الهفوات

قال فى برهان القرآن لانه اذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم

{ ولا يلتفت منكم } اى منك ومنهم

{ احد } فيرى ما وراءه من الهول فلا يطيقه او جعل الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التوانى والتوقف لان من يلتفت لا بد له من ادنى وقفة ولم يقل ولا يلتفت منكم احد الا امرأتك كما فى هود اكتفاء بما قبله وهو قوله الا امرأته

{ وامضوا } [ وبرويد ]

{ حيث تؤمرون } حيث امركم اللّه بالمضى اليه وهو الشام او مصر او زغر وهى قرية بالشام

قال الكاشفى [ شهرستان بنجم لست اهل آن هلاك نخوا هندشد ]

٦٦

{ وقضينا اليه } واوحينا الى لوط مقتضيا مبتوتا

{ ذلك الامر } مبهم يفسره

{ ان دابر هؤلاء } المجرمين اى آخرهم

{ مقطوع } [ بريده وبركنده است ] اى مهلك يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم احد

{ مصبحين } خال من هؤلاء اى وقت دخولهم فى الصبح وهو تعين وقت هلاكهم كما قال اللّه تعالى

{ ان موعدهم الصبح } وتلخيصه اوحينا اليه انهم يهلكون جميعا وقت الصبح فكان كذلك

وفى الآيات اشارات

الاولى ان لا عبرة بالنسب والقرابة والصحبة بل بالعلم النافع والعمل الصالح ألا ترى ان اللّه استثى امرأة لوط فجعلها فى الهالكين ولم تنفعها الزوجية بينها وبين لوط كما لم تنفع البوة والنبوة بين نوح وابنه كنعان ولله در من قال

بابدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد

وذلك انها اصبحت لوطا صورة لا سيرة وصحبت الكفرة صورة وسيرة فلم تنفعها الصورة

بيش اند ناس صورت ونسناس سيرتان ... خلقى كه آدم اند بخلق وكرم كم اند

والنسناس حيوان بحرى صورته كصورة الانسان

وقيل غير ذلك

والثانية ان الشك من صفات الكفرة كما ان اليقين من صفات المؤمنين : وفى المثنوى

افت وخيزان ميرود مرغ كمان ... با يكى بر بر اميد آشيان

جون زطن وارست علمش رونمود ... شد دوبر آن مرغ برها را كشود

والثالثة ان سالك طريق الحق ينبغى اة لا يلتفت الى شئ سوى اللّه تعالى لانه المقصد الاقصى والمطلب الاعلى بل يمضى الى حيث امر وهو عالم الحقيقة ألا ترى ان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم لم يلتفت الى يمينه ويساره ليلة المعراج بل توجه الى مقام قاب قوسين وهو عالم الصفات ثم الى مقام اوادنى وهو عالم الذات ولم يعقه عائق اصلا وهكذا شأن من له علو همة من المهاجرين من بلد الى بلد ومن مقام الى مقام : قال المولى الجامى قدس سره

نشان عشق جه برسى زهر نشان بكسل ... كه تا اسير نشاتى به بى نشان نرسى

نسأل اللّه العصمة من الوقوف فى موطن النفس والوصول الى حظيرة القدس والانس

٦٧

{ وجاء اهل المدينة } [ جون زن لوط مهمانان نيكورورا ديد خبر بقوم فرستاد ] وجاء اهل سدوم التى ضرب بقاضيها المثل فى الجور منزل لوط ومدائن قوم لوط كانت اربعا

وقيل سبعا واعظمها سدوم

وفى درياق الذنوب لابن الجوزى كانت خمسين قرية

{ يستبشرون } الاستبشار [ شاد شدن ] اى مظهرين السرور بانه نزل بلوط عدة من المرد فى غاية الحسن والجمال قصدا الى ارتكاب الفاحشة

٦٨

{ قال } لوط لهم لما قصدوا اضيافه

{ ان هؤلاء ضيفى } اطلاق الضيف على الملائكة بحسب اعتقاده عليه السلام لكونهم فى زى الضيف

{ فلا تفضحون } [ بس مرا رسواى مكنيد درنزد ايشان ] بان تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا انه ليس لى قدر وحرمة او لا تفضحون بفضيحة فان من اهين ضيفه او جاره فقد اهين كما ان الاكراك كذلك . يقال فضحه كمعه كشف مساويه واظهر من امره ما يلزمه العار

٦٩

{ واتقوا اللّه } فى مباشرتكم لما يسوءنى او فى ركوب الفاحشة واحفظوا ما امركم له ونهاكم عنه

{ ولا تخزون } ولا تذلونى ولا تهينونى بالتعرض لمن اجرتهم بمثل تلك الفعلة القبيحة . وبالفارسية [ ومرا خار وحنجل مسازيد بيش مهمانان ] من الخزى وهو الهوان

٧٠

{ قالوا أو لم ننهك عن العالمين } [ از حمايت عالميان يعنى غريبان كه فاحشه ايشان مخصوص بغربا بوده ]

قال فى الارشاد الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر اى ألم نقدم اليك وننهك عن التعرض لهم بمنعهم عنا وكانوا يتعرضون لكل واحد من الغرباء بالسوء وكان عليه السلام يمنعهم عن ذلك بقدر وسعه وهم بنهونه عن ان يجير احد او يوعدونه بقولهم لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين ولما رآهم لا يقلعون عما هم عليه

٧١

{ قال هؤلاء بناتى } اى بنات قومى فازوجهن اياكم او تزوجوهن ففى الكلام حذف وانما جعل بنات قومه كبناته فان كل نبى ابو امته من حيث اشفقة والتربية رجالهم بنوه ونساؤهم بناته او اراد بناته الصلبية اى فتزوجوهن ولا تتعرضوا للاضياف وقد كانوا من قبل يطلبوهن ولا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لعدم مشروعية النكاح بين المسلمات والكفار فان نكاح المؤمنات من الكفار كان جائزا فاراد ان يقى اضيافه ببناته كرما وحمية

وقيل كان لهم سيدان مطاعان فاراد ان يزوجهما ابنتيه ايثا وزعورا

{ ان كنتم فاعلين } قضاء الشهوة فيما احل اللّه دون ما حرم فان اللّه تعالى خلق النساء للرجال لا الرجال للرجال

وفى الآيات فوائد

الاولى ان اكرام الضيف ورعاية الغرباء من اخلاق الانبياء والاولياء وهو من اسباب الذكر الجميل : قال الحافظ

تيمار غريبان سبب ذكر جميلست ... جانا مكراين قاعده درشهر شمانيست

وقال السعدى قدس سره

غريب آشنا باش وسياح دوست ... كه سياح جلاب نام نكوست

وفى الحديث ( من اقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وقى الضيف دخل الجنة ) كما فى الترغيب

والثانية انه لا بد لكل مؤمن متق ان يسد باب الشر بكل ما امكن له من الوجوه ألا ترى ان لوطا عليه السلام لما لم يجد مجالا لدفع الخبيثين عرض عليهم بناته بطريق النكاح وان كانوا غير اكفاء دفعا للفساد

والثالثة ان محل التمتع هى النساء لا الرجال كما قالوا ضرر النظر فى الامرد اشد لامتناع الوصول فى الشرع لانه لا يحل الاستمتاع بالامرد ابدا : قال السعدى قدس سره

خرابت كند شاهد خانه كن ... برو خانه آباد كردان بزن

نشايد هوس باختن باكلى ... كه هر بامدادش بود بلبلى

مكن بد بفرزند مردم نكاه ... كه فرزند خويشت برآيد تباه

جرا طفل يكروزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن جه بالغ جه خرد

محقق همى بيند از آب وكل ... كه در خو برويان جين وجكل

٧٢

{ لعمرك } قسم من اللّه تعالى بحياة النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وهو المشهور وعليه الجمهور والعمر بالفتح والضم واحد وهو البقاء الا انهم خصوا القسم بالمفتوح لايثار الاخف لان الحلف كثير الدور على ألسنتهم ولذلك حذفوا الخبر وتقديره لعمرك قسمى كما حذفوا الفعل فى قولهم تاللّه

{ انهم } اى قوم لوط

{ لفى سكرتهم } غوايتهم او شدة غلمتهم التى ازالت عقولهم وتمييزهم بين الخطأ الذى هم عليه والصواب الذى يشار به اليهم من ترك البنين الى البنات

{ يعمهون } يتحيرون ويمتازون فكيف يسمعون النصح

قال فى القاموس العمه التردد فى الضلال والتحير فى منازعة او طريق او ان لا يعرف الحجة عمه كجعل وفرح عمها وعموها وعموهة وعمهانا فهو عمه وعامه انتهى . ويعمهون حال من الضمير فى الجار والمجرور كما فى بحر العلوم وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ما خلق اللّه تعالى نفسا اكرم على اللّه من محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وما سمعت اللّه اقسم بحياة احد غيره

وفى التأويلات النجمية هذه مرتبة ما نالها احد من العالمين الا سيد المرسلين وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام من الازل الى الابد وهو انه تعالى اقسم بحياته عن نفسه باقيا بربه كما قال تعالى

{ انك ميت } اى ميت عنك حى بنا وهو مختص بهذا المقام المحمود انتهى

جون نبى ازهستئ خود سربتافت ... فرق باكش از لعمرك تاج يافت

داشت از حق زندكى دربندكى ... شد لعمرك جلوه آن زندكى

واعلم ان اللّه تعالى قد اقسم بنفسه فى القرآن فى سبعة مواضع والباقى من القسم القرآنى قسم بمخلوقاته كقوله

{ والتين والزيتون . والصافات . والشمس . والضحى } ونحوها

فان قلت ما الحكمة فى معنى القسم من اللّه تعالى فان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده

قلت ان القرآن نزل بلغى العرب ومن عادتها القسم اذا ارادت ان تؤكد امرا

فان قلت ما الحكمة فى ان اللّه تعالى قد اقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير اللّه تعالى

قلت فى ذلك وجوه

احدها انه على حذف مضاف اى ورب التين ورب الشمس وواهب العمر

والثانى ان العرب كانت تعظم هذه الاشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون

والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظم المقسم او يجله وهو فوقه واللّه تعالى ليس فوقه شئ فاقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته فان القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل اذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل فهو يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد ان يقسم الا باللّه وهذا كالنهى عن الامتنان قال اللّه تعالى

{ بل اللّه يمن عليكم } وعن تزكية النفس ومدحها وقد مدح اللّه تعالى نفسه وقد اقسم اللّه تعالى بالنبى عليه الصلاة والسلام فى قوله

{ لعمرك } ليعرف الناس عظمته عند اللّه ومكانته لديه فالقسم اما لفضيلة او لمنفعة كقوله

{ والتين والزيتون } وكان الحلف بالآباء معتادا فى الجاهلية فلما جاء اللّه تعالى بالاسلام نهاهم الرسول عليه السلام عن الحلف بغير اللّه تعالى

واختلف فى الحلف بمخلوق والمشهور عند المالكية كراهيته وعند الحنابلة حرام

وقال النووى هو عند اصحابنا مكروه وليس بحرام قيد العراقى ذلك فى شرح الترمذى بالحلف بغير اللات والعزى وملة الاسلام فاما الحلف بنحو هذا فحرام والحكمة فى النهى عن الحلف بغير اللّه تعالى ان الحلف يقتضى تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة باللّه تعالى لا يضاهى بها غيرها وقسمه تعالى بما شاء من مخلوقاته تنبيه على شرف المحلوف له فهو سبحانه ليس فوقه عظيم يحلف به فتارة يحلف بنفسه وتارة بمخلوقاته كما فى الفتح القريب . ويمكن ان يكون المراد بقولهم لعمرى وامثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لانه اقوى من سائر المؤكدات واسلم من التأكيد بالقسم باللّه تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعى وتشبيه غير اللّه تعالى به فى التعظيم وذكر صورة القسم على هذا الوجه لا بأس به كما قال عليه السلام ( قد افلح وابيه ) كذا فى الفروق

٧٣

{ فاخذتهم } اى قوم لوط

{ الصيحة } اى صيحة جبريل عليه السلام

{ مشرقين } اى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس وهو بالفارسية [ برآمدن خرشيد ] وكان ابتداء العذاب حين اصبحوا كما قال

{ ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين } وتمامه حين اشرقوا لان جبريل قلع الارضين بهم ورفعها الى السماء ثم هوى بها نحو الارض ثم صاح بهم صيحة عظيمة فالجمع بين مصبحين ومشرقين باعتبار الابتداء والانتهاء فمقطوع على حقيقته فان دلالة اسمى الفاعل والمفعول على الحال وحال القطع هو حال المباشرة لا حال انقضائه لانه مجاز حينئد وذلك ان تقول مقطوع بمعنى بقطع عن قريب

٧٤

{ فجعلنا عاليها } [ زبر آن شهر ستانهارا ]

{ سافلها } زير آن يعنى زير وبر طردانيم آنرا ] وذلك بان رفعناها الى قريب من السماء على جناح جبريل ثم قلبناها عليهم فصارت منقلبة بهم

وقوله عاليها مفعول اول لجعلنا وسافلها مفعول ثان له وهو ادخل فى الهول والفظاعة من العكس

{ وامطرنا عليهم } فى تضاعيف ذلك قبل تمام الانقلاب

{ حجارة } كائنة

{ من سجيل } من طين متحجر عليه اسم من يرمى به فهلكوا بالخسف والحجارة

قال فى القاموس السجيل كسكيت حجارة كالمدر معرب [ سنك كل ] او كان طبخت بنار جهنم وكتب فيها اسماء القوم او قوله تعالى

{ من سجيل } اى من سجل مما كتب لهم انهم يعذبون بها قال تعالى

{ وما ادراك ما سجين كتاب مرقوم } والسجيل بمعنى السجين

قال الازهرى هذا أحسن ما مر عندى وابينها انتهى

وفى الكواشى وامطرنا على شذاذهم اى على من غاب عن تلك البلاد

٧٥

{ ان فى ذلك } اى فيما ذكر من القصة من تعرض قوم لوط لضيف ابراهيم طمعا فيهم وقلب المدينة على من فيها وامطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم

{ لآيات } لعلامات يستدل بها على حقيقة الحق ويعتبر

{ للمتوسمين } اى المتفكرين المتفرسين الذين يبسطون فى نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشئ وباطنه بسمته . وبالفرسية [ مرخدا وندان فراست راكه بريركى درنكرند وحقيقت ايشان بسمات آن بشناسند ] يقال توسمت فى فلان كذا اى عرفت وسمه فيه اى أثره وعلامته وتوسم الشئ تحيره وتفرسه

٧٦

{ وانها } [ وبدرستى كه آن شهر ستانهاى مؤتفكة ]

{ لبسبيل مقيم } اى طريق ثابت يسلكه الناس ويروم آثار تلك البلاد بين مكة والشام لم تندرس بعد فاتعظوا بآثارهم يا قريش اذا ذهبتم الى الشام لانها فى طريقكم

٧٧

{ ان فى ذلك } اى فى كون آثار تلك القرى بمرأى من الناس يشاهدونها فى ذهابهم وايابهم

{ لآية } عظيمة

{ للمؤمنين } باللّه ررسوله فانهم الذين يعرفون ان ما حاق بهم من العذاب الذى ترك ديارهم بلاقع انما حاق بهم لسوء صنيعهم

واما غيرهم فيحملون ذلك على الاتفاق او الاوضاع الفلكية . وافراد الآية بعد جمعها فيما سبق لما ان المشاهد ههنا بقية الآثار لا كل القصة كما فيما سلف

وقال فى برهان القرآن ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل وما جاء من الآية فلوحدانية المدلول عليه فلما ذكر عقبيه المرمنين وهم مقرون بوحدانية اللّه تعالى وحد الآية انتهى

وفى الآيات فائدتان

الاولى مدح الفراسة وهى الاصابة فى النظر وفى الحديث ( ان كان فيما مضى قلبكم من الامم محدثون ) المحدث بفتح الدال المشددة هو الذى يلقى فى نفسه شئ فيخبر به فراسة ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الاعلا وهذه منزلة جليلة من منازل الاولياء ( فانه ان كان فى امتى هذه فانه عمر بن الخطاب ) لم يرد النبى عليه السلام بقوله ان كان فى امتى التلادد فى ذلك لان امته افضل الامم واذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل اراد بها التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يريد بذلك اختصاصه بكمال الصداقة لانفى سائر الاصدقاء وفى الحديث ( اتقوا فراسة العلماء لا يشهدوا عليكم بشهادة فيكبكم اللّه بها يوم القيامة على مناخركم فى النار فواللّه انه لحق يقذفه اللّه فى قلوبهم ويجعله على ابصارهم ) وعنه عليه السلام ( اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه وينطق بتوفيق اللّه ثم قرأ ان فى ذلك لآيات للمتوسمين ) كذا فى بحر العلوم [ لآورده اندكه خراجه بزركوار قطب الاخيار خواجه عبد الخالق مجدوانى قدس سره روزى درمعرفت سخن مى كفت ناكاه جوانى در آمد بصورت زاهدان خرقه در بر وسجاده بر كتف دركوشه بنشست وبعد اززمانى برخاست وكفت حضرت رسالت صلّى اللّه عليه وسلّم فرموده كه ( اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه ) سراين حديث جيست حضرت خواجه فرمودندكه سراين حديث آنست كه زنار ببرى وايمان آرى جوان كفت نعوذ باللّه كه در من زنار باشد خواجه بخادم كفت خزقه ازسر جوان بركش زنارى بديد آمد جوان فى الحال زمار ببريد وايمان آورد وحضرت خواجه فرمودندكه اى ياران بياييد تابر موافقت اين نوعهدكه زنار ظاهر ببريد زنارهاى باطن را قطع كنيم خروش از مجلسيان برآمد ودرقدم خواجه افتادند تجديد توبه كردند

توبه جون باشد بشمان آمدن ... بر درحق نومسلمان آمدن

هام را توبه زكار بدبود ... خاص را توبه زديد خود بود

والفائدة الثانية ان فى اهلاك الامم الماضية وانجاء المؤمنين منهم ايقاظا وانتباها ووعدا ووعيدا وتأديبا لهذه الامة المعتبرين فاعبتروا باحوالهم واجتنبوا عن افعالهم وابكوا فهه ديار الظالمين ومصارعهم

وكان يحيى بن زكريا عليه السلام يبكى حتى رق خده وبدت اضراسه هذا وقد كان على الجادة فكيف بمن حادوا خوانى الدنيا سموم قاتلة والنفوس عن مكايدها غافلة كم من دار دارت عليها دوائر النعم فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس وفقنا اللّه واياكم للهدى وعصمنا من اسباب الجهل والردى وسلمنا من شر النفوس فانها شر العدى وجعلنا من المنتفعين بوعظ القرآن والمعتبرين بآيات الفرقان ما دام هذا الروح فى البدن وقام فى المقام والوطن

٧٨

{ وان كان } ان مخففة من ان وضمير الشأن الذى هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى وان الشأن كان

{ اصحاب الايكة } وهم قوم شعيب عليه السلام . والايكة الشجر الملتف المتكاثف وكانت عامة شجرهم المقل

قال فى القاموس المقل المكى ثمر شجر الدوم وكانوا يسكنونها فبعثه اللّه اليهم كما بعثه الى اهل مدين فكذبوه

وقال بعضهم مدين وايكة واحد لان الايكة كانت عند مدين وهذا اصح كما فى تفسير ابى الليث

قال الجوهرى من قرأ اصحاب الايكة فهى الغيضة ومن قرأ ليكة فهى اسم القرية

{ لظالمين } متجاوزين عن الحد

٧٩

{ فانتقمنا منهم } [ بس انتقام كشيديم از ايشان بعذاب يوم الظلمة ]

قال فى التبيان اهلك اللّه اهل مدين بالصيحة واهل الايكة بالنار وذلك ان اللّه ارسل عليهم حرا شديدا سبعة ايام فخرجوا ليستظلوا بالشجر من شدة الحر فجاءت ريح سموم بنار فاحرقتهم

وفى بعض التفاسير بعث اللّه سحابة فالتجأوا اليها يلتمسون الروح فبعث اللّه عليهم منها نارا فاحرفتهم فهو عذاب يوم الظلة ونعم ما قيل والشر اذا جاء من حيث لا يحتسب كان اغم

{ وانهما } يعنى سدوم التى هى اعظم مدائن قوم لوط والايكة

{ لبأمام مبين } لبطريق واضح . وبالفارسية [ برراهى روشن وهويداست كه مردم ميكذرند ومى بينند ] والامام اسم ما يؤنم به قال اللّه تعالى

{ انى جاعلك للناس اماما } اى يؤتم ويقتدى بك ويسمى به الكتاب ايضا لانه يؤتم بما احصاه الكتاب قال اللّه تعالى

{ يوم ندعو كل اناس بامامهم } اى بكتابهم وقال

{ وكل شئ احصيناه فى امام مبين } يعنى فى اللوح المحفوظ وهو الكتاب ويسمى الطريق اماما لان المسافر يأتم به ويستدل به ويسمى مطمر البناء اماما وهو الزيج اى الخيط الذى يكون مع البنائين

[ معرب زه ]

قال ابو الفرج بن الجوزى كان قوم شعيب مع كفرهم يبخسون المكاييل والموازين فدعاهم الى التوحيد ونهاهم عن التقطيف - روى - عن ابى هريرة رضى اللّه عنه ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف يبيع فاخبره فاوحى اللّه اليه ان ادخل يدك فاذا هو مبلول فقال عليه الصلاة والسلام ( ليس منا من غش )

قال فى القاموس غشه لم يمحضه النصح او اظهر خلاف ما اضمر والمغشوش الغير الخالص والاسم الغش بالكسر

وفى تهذيب المصادر الغش

[ خيانت كردن ]

واشتقاقه من الغشش وهو الماء الكدر

وفى الفتح القريب اصله اى الغش من اللبن المغشوش وهو المخلوط بالماء تدليسا

وعن ابن عمر رضى اللّه عنهما قال مر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بطعام وقد حسنه صاحبه فادخل فيه يده فاذا هو طعام رديئ فقال ( بع هذا على حدة وهذا على حدة فمن غشنا فليس منا )

وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه عن النيى صلّى اللّه عليه وسلّم ان رجلا كان يبيع الخمر فى سفينة له ومعه قرد فى السفينة وكان يشوب الخمر بالماء فاخذ القرد الكيس فصعد الذروة وفتح الكيس فجعل يأخذ دينارا فى السفينة ودينارا فى البحر جتى جعله نصفين وفى الحديث ( اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة ) وفى الحديث ( ليأتين على الناس زمان لا يبالى المرؤ مم اخذ المال من حلال او من حراك ) يا ابن آدم عينك مطلقة فى الحرام ولسانك مطلق فى الآثام وجسدك يتعب فى كسب الحطام تيقظ يا مسكين مضى عمرك وانت فى غفلتك فاين الدليل على سلامتك

عليك بالقصد لا تطلب مكاثرة ... فالقصد افضل شئ انت طالبه

فالمرؤ يفرح بالدنيا وبهجتها ... ولا يفكر ما كانت عواقبه

حتى اذا ذهبت عنه وفارقها ... تبين الغبن فاشتدت مصائبه

قال السعدى قدس سره

قناعت كن اى نفس براند كى ... كه سلكان ودرويش بينى يكى

مبر طاعت نفس شهوت برست ... كه هرساعتش قبله جيكرست

٨٠

{ ولقد كذب اصحاب الحجر المرسلين } الحجر بكسر الحاء اسم لارض ثمود قوم صالح عليه السلام بين المدينة والشام عند وادى القرى كانوا يسكنونها وكانوا عربا وكان صالح عليه السلام من افضلهم نسبا فبعثه اللّه اليهم رسولا وهو شاب فدعاهم حتى شمط ولم يتبعه الا قليل مستضعفون

كوى توفيق وسلامت درميان افكنده اند ... كس بميدان درنمى آيد سوارانرجه شد

فكذب اصحاب الحجر اى ثمود المرسلين اى صالحا فان من كذب واحدا من الانبياء فقد كذب الجميع لاتقانهم على التوحيد والاصول التى لا تختلف باختلاف الامم والاعصار ونظيره قولهم فلان يلبس الثياب ويركب الدواب وماله الاثوب ودابة

يقول الفقير كما لا اختلاف بين الانبياء فى اصول الشرائع كذلك لا اختلاف بين الاولياء فى اصول الحقائق بل وقد تتحد العبارات ايضا اذا لكل اخذون من مشرب واحد مكاشفون عن ذات اللّه تعالى وصفاته وافعاله ومن فرق بينهم كان مكذبا للكل

بى خبر كازاراين آزار اوست ... آب اين خم متصل با آب جوست

٨١

{ وآتيناهم } اى ثمود

{ آياتنا } هى الناقة كان فيها آيات كما قال الكاشفى [ خروج ناقه ازسنك معجزه ايست مشتمل بربسيارى ازغرائب جون بزركى خلقت كه هركز شترى بعظمت او نبوده وزادن بعد از خروج يعنى ولادتها مثلها فى العظم فى الحال وبسيارى شيركه همه يمودرا كافى بود وبرسرجاه آمدن آب در روز نوبت اووخوردن تمام آب رابيك نوبت ]

قال فى الفتح القريب لما طال دعاؤه اقترحوا ان يخرج لهم الناقة فكان من امرها وارمهم ما ذكر اللّه تعالى فى كتابه العزيز

{ فكانوا عنها } اى عن تلك الآيات

{ معرضين } اعراضا كليا بل كانوا معارضين لها حيث فعلوا بالناقة ما فعلوا . والاعراض [ روى بكردانيد ازجيز ] وكان عقر الناقة وقسم لحمها يوم الاربعاء

قال ابن الجوزى لا بالناقة اعتبروا ولا بتعويضهم اللبن شكروا عتوا عن المنعم وبطروا وعموا عن الكرم فما نظروا وكلما رأوا آية من الآيات كفروا الطبع الخبيث لا يتغير والمقدر عليه ضلالة لا يزول : قال الحافظ

بآب زمزم وموثر سفيد نتوان كرد ... كليم بخت كسى راكه بافتند سياه

٨٢

{ وكانوا ينحتون } النحت بالفارسى [ بتراشيدن ]

{ من الجبال } جمع جبل . وبالفارسية [ كوه ]

قال فى القاموس الجبل محركة كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فاكمة اوقنة

{ بيوتا } جمع بيت وهى اسم مبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة سواء كان حيطانه اربعة او ثلاثة والدار تطلق على العرصة المجردة بلا ملاحظة البناء معها

{ آمنين } من الانهدام ونقب اللصوص وتخريب الاعداء لوثاقتها فهو حال مقدرة او من العذاب والحوادث لفرط غفلتهم

٨٣

{ فاخذتهم الصيحة } اى صيحة جبريل قانه صاح فيهم صيحة واحدة فهلكوا جميعا

وقيل اتتهم من السماء صيحة فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شئ فى الارض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وفى سورة الاعراف { فاخذتهم الرجفة } اى الزلزلة ولعلها لوازم الصيحة لتموج الهواء تموجا شديدا يفضى اليها فهى مجاز عنها

{ مصبحين } حال من الضمير المنصوب اى داخلين فى وقت الصبح فى اليوم الرابع وهو يوم الاحد والصبح يطلق على زمان ممتد الى الضحوة واول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم وفى الثانى احرت وفى الثالث اسودت فلما كلمت الثلاثة صح استعدادهم للفساد والهلاك فكان اصفرار وجوه الاشقياء فى موازنة اسفار وجوه السعداء قال تعالى

{ وجوه يومئذ مسفرة } ثم جاء فى موازنة الاحمرار قوله تعالى فى السعداء

{ وجوه يومئذ ضاحكة } فان الضحك من الاسباب المولدة لاحمرار الوجوه فالضحك فى السعداء احمرار الوجنات ثم جعل فى موازنة تغيير بشرة الاشقياء بالسواد قوله تعالى

{ مستبشرة } وهو ما اثره السرور فى بشرتهم كما اثر السواد فى بشرة الاشقياء

٨٤

{ فما اغنى عنهم } اى لم يدفع عنهم ما نزل بهم يقال ما يغنى عنك هذا اى ما يجدى عنك وما ينفعك

{ ما كانوا يكسبون } من بناء البيوت الوثيقة والاموال الوافرة والعدد المتكاثرة - روى - ان صالحا عليه السلام انتقل بعد هلاك قومه الى الشام بمن اسلم معه فنزلوا رملة فلسطين ثم انتقل الى مكة فتوفى بها وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان اقام فى قومه عشرين سنة

وعن جابر رضى اللّه عنه مررنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الحجر فقال لنا ( لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم الا ان تكونوا باكين حذرا ان يصيبكم مثل ما اصاب هؤلاء ) ثم زجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على اصحابه رضى اللّه عنه ان يجتازوا على تلك الديار غير متعظين بما اصاب اهل تلك الديار فنبه عليه الصلاة والسلام على ان الانسان لا ينبغى له السكنى فى اماكن الظلمة مخافة ان يصيبهم بلاء فيصاب به او تسرق طباعه من طباعهم ولو كانت خالية منهم لان آثارهم مذكرة باحوالهم وربما اورثت قسوة وجبروتا

يقول الفقير اذا كان لا ينبغى للمؤمن السكنة فى اماكن الظلمة لا ينبغى له اداء الصلاة فيها ولا الحركة اليها بلا ضرورة قوية فان اللّه تعالى خلق الاماكن على التفاوت كما خلق الازمان كذلك وشان التقوى العزيمة دون الرخصة والمرؤ اذا اطلق اعضاءه الظاهرة اطلق قواه الباطنة وفيه اختلال الحال وميل القلب الى ما سوى اللّه المتعال ولن يكون عارفا الا بالتوجه الى الحضرة العلياء

ذو النون المصرى قدس سره [ ميكويد روزى دراثناء سفر بدر شهرى رسيدم خواستم كه دراندرون شهر روم بردر آن شهر كوشكى ديدم وجوبى روان بنزديك جوى رفتم وطهارت كردم جون جشم بربام كوشك افتاد كنيز كى ديدم ايستاده درغايت حسن وجمال جون نظر او بمن افتاد كفت اى ذو النون جون ترا ازدور ديدم بنداشتم كه مجنونى وجون طهارت كردى تصور كردم كه عالمى وجون از طهارت فارغ شدى وبيش آمدى بنداشتم كه عارفى اكنون محقق شدم كه نه مجنونى ونه عالمى ونه عارفى كفتم جرا كفت اكرديوانه بودى طهارت ونكردى واكر عالم بودى نظر بخائه بيكانه ون محرم نكردى واكر عارف بودى دل تو بما سوى اللّه مائل نبودى : قال الخجندى

سالك باك رو نخوانندش ... آنكه ازماسوى منزه نيست

آستين كوتعى جه سودانرا ... كه زدنياش كوته نيست

٨٥

{ وما خلقنا السموات والارض وما بينهما } اى بين جنسى السموات والارضين ولو اراد بين اجزاء المذكور لقال بينهن

وفيه اشارة الى ان اصل السموات واحدة عند بعضهم قم قسمت كذا فى الكواشى

{ الا بالحق } اى الا خلقا ملتبسا بالحق والحكمة لا باطلا وعبثا او للحق والباء توضع موضع اللام يعنى لينظر عبادى اليهما فيعتبروا

دوجشم ازبى صنع بارى نكوست ... زعيب برادر فرو كير ودوست

در معرفت ديده آدميست ... كه بكشوده بر آسمان وزميست

{ وان الساعة } اى القيامة لتوقعها كل ساعة كما فى المدارك

وقال ابن ملك هى اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم

وقال ابن الشيخ سميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافتها الانفاس

{ لآتية } لكائنة لا محالة كما قيل [ كرجه قيامت دير آمد ولى مى آمد ] اى فينتقم اللّه لك يا محمد فيها من اعدائك وهم المكذبون ويجازيك على حسناتك واياهم على سيآتهم فانه ما خلق السموات والارض وما بينهما الا ليجزى كل محسن باحسانه وكل مسئ باساءته

{ فاصفح الصفح الجميل } يقال صفح عنه عفا وصفح اعرض وترك اى فاعرض عن المكذبين اعراضا جميلا وتحمل اذيتهم ولا تعجل بالانتقام منهم وعاملهم معاملة الصفوح الحليم

قال الكاشفى يعنى [ عفوكن حق نفس خودرا ورد صدد مكافات مباش ]

٨٦

{ ان ربك } الذى يبلغك الى غاية الكمال

{ هو الخلاق } لك ولهم ولسائر الموجودات على الاطلاق

قال الكاشفى [ اوست آفريننده خلائق وافلاك نظم خالق افلاك وانجمبر علا مردم وديو وبرى وردغ را ]

خالق دريا ودشت وكوه وتيه ... ملكت او بى حد واولى شبيه

نقش اوكرجست ونقاش من اوست ... غيرا كردعوى كندا وظلم جوست

{ العليم } [ دانا باهل وفاق ونفاق ]

وفى الارشاد باحوالك واحوالهم بتفاصيلها فلا يخفى عليه شئ مما جرى بينك وبينهم فهو حقيق بان تكل جميع المور ليحكم بينهم

وفى الآية امر بالمخالفة بالخلق الحسن وكان صلّى اللّه عليه وسلّم احسن الناس خلقا وارجح الناس حلما واعظم الناس عفوا واسخى الناس كفا

قال الفضيل الفتوة الصفح عن عثرات الاخوان

وكان زين العابدين عظيم التجاوز والصفح والعفو حتى انه سبه رجل فتغافل عنه فقال له ابارك اعنى فقال وعنك اعرض اشار الى آية خذ العفو ائمر بالعرف واعرض عن الجاهلين

ولما ضرب جعفر بم سليمان العباسى والى المدينة مالكا رضى اللّه عنه ونال منه وحمل مغشيا وافاق قال اشهدكم انى جعلت ضاربى فى حل ثم سئل فقال خفت ان اموت والقى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم واستحيى منه ان يدخل بعض آله النار بسببى

ولما قدم المنصور المدينة ناداه ليقتص له من جعفر فقال اعوذ باللّه واللّه ما ارتفع منها سوط الا وقد جعلته فى حل لقرابته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

قيل الحلم ملح الاخلاق

وكانت عائشة رضى اللّه عنها تبكى على جارية فقيل لها فى ذلك فقالت ابكى حسرة على ما فاتنى من تحمل السفه منها والحلم عن سوء خلقها فانها سيئة الخلق

والاشارة

{ وما خلقنا السموات والارض وما بينهما الا بالحق } اى لا مظهر الآيات الحث بالحق لارباب الحق المكاشفين بصفات الحق فانه لا شعور للسموات والارض وما بينهما من غير الانسان بانها مظهر لآيات الحق وانما الشعور بذلك للانسان الكامل كما قال

{ ان فى خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لاولى الالباب } وهم الذين خلص لب اخلاقهم الربانية من قشر صفاتهم الانسانية وفيه معنى آخر

{ وما خلقنا السموات } اى سموات الارواح

{ والارض } اى ارض الاشباح

{ وما بينهما } من النفوس والقلوب والاسرار والخفيات

{ الا بالحق } اى الا بالمظهر الحق ومظهره الانسان فانه مخصوص به من بين سائر المخلوقات والمكونات لانه بجميع مبانيه الظاهرة ومعانيه الباطنة مرآة لذات الحق تعالى وصفاته فهو مظهره عند التزكية والتصفية ومظهره عند التخلية والتحلية لشعوره بذلك كما كان حال من صقل مرآته عن صدأ انانيته وتجلى بشهود هويته عند تجلى ربوبيته بالحق فقال انا الحق ومن قال بعد فناء انانيته عند بقاء السبحانية سبحانى ما اعظم شأنى

وفى قوله

{ وان الساعة لآتية } اشارة الى ان قيامة العشق لآتية لنفوس الطالبين الصادقين من اصحاب الرياضات فى مكابدة النفس ومجاهدتها لان الطلب والصدق والاجتهاد من نتائج عشق القلب وانه سيتعدى الى النفس لكثرة الاجتهاد فى رياضتها فتموت عن صفاتها فى يامة العشق ومن مات فقد قامت قيامته

{ فاصفح الصفح الجميل } يا ايها الطالب الصادق عن التفس المرتاضة بان تواسيها وتدارسها ولا تحمل عليها اصرا ولا تحملها ما لا طاقى لها به فان فى قيامة العشق يحصل من تزكية العشق فى لحظة واحدة ما لا يحصل بالمجاهدة فى سنين كثيرة لان العشق جذبة لحق وقال صلّى اللّه عليه وسلّم ( جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين )

{ ان ربك هو الخلاق العليم } يشير بالخلاق وهو المبالغة الى انه تعالى خالق لصور المخلوقات ومعانيها وحقائقها العلم بمن خلقه مستعدا لمظهرية ذاته وصفاته ومظهريتهما له شعوره بها كذا فى التأويلات النجمية

٨٧

{ ولقد آتيناك } قال الحسين بن الفضل ان سبع قوافل وافت من بصرى واذرعات ليهود قريظة والنضير فى يوم واحد بمكة فيها انواع من البزوافاويه الطيب والجوهر وامتعة البحر فقالت المسلمون لو كانت هذه الاموال لنا لتقوينا بها وانفقناها فى سبيل اللّه فانزل اللّه هذه الآية وقال قد اعطيتكم سبع آيات هى خير لكم من هذه السبع القوافل ويدل على صحة هذا قوله تعالى على اثرها

{ لا تمدن عينيك } الآية كما فى اسباب النزول للامام الواحدى [ ودر تيسير آورده كه هفت كاروان قريش دريكروز بمكه در آمدند با مطاعم بسيار وملابس بيشمار ودر خاطر مبارك حضرت فرمودكه مؤمنان ران كرسنه وبرهنه كذرانند ومشركانرا اين همه مال باشد ] فقال اللّه تعالى

{ ولقد آتيناك } يا محمد

{ سبعا } هى الفاتحة لانها مائة وثلاثة وعشرون حرفا وخمس وعشرون كلمة وسبع آيات بالاتفاق غير ان منهم من عد انعمت عليهم دون التسمية ومنهم من عكس

{ من المثانى } وهى القرآن ومن للتبعيض كما قال تعالى فى سورة الزمر

{ اللّه نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثانى } جمع مثنى لانه ثنى فيه اى كرر فى القرآن الوعد والوعيد والامر والنهى والثواب والعقاب والقصص كما فى الحواشى

{ والقرآن العظيم } [ وديكر داديم ترا قرآن عظيم كه نزد ما قدر او بزرك وثواب او بسيارات ] وهو من عطف الكل على البعض وهو السبع ويجوز ان يكون من للبيان فالسبع هى المثانى كقوله

{ فاجتنبوا الرجس من الاوثان } يعنى اجتنبوا الاوثان وتسمية الفاتحة مثانى لتكرر قراءتها فى الصلاة ولانها تثنى بما يقرأ بعدها فى الصلاة من السورة والآيات لان نصفها ثناء العبد لربه ونصفها عطاء الرب للعبد ويؤيد هذا الوجه قوله عليه السلام لابى سعد لاعلمنك سورة هى اعظم سورة فى القرآن قال ما هى قال ( الحمد لله رب العالمين وهى السبع المثانى والقرآن العظيم الذى اوتيته ) وهذا يدل على جواز اطلاق القرآن على بعضه

قال فى الفتح القريب عطف القرآن على السبع المثانى ليس من باب عطف الشيء على نفسه وانما هو من باب ذكر الشيء بوصفين احدهما معطوف على الآخر اى هى الجامعة لهذين الوصفين

يقول الفقير لما كانت الفاحة اعظم ابعاض القرآن من حيث اشتمالها على حقائقهصح اطلاق الكل عليها

واما كونا مثانى فباعتبار تكرر كل آية منها فى كل ركعة ولا يبعد كل البعد ان يقال ان تسميتها بالمثانى باعتبار كونها من اوصاف القرآن والجزؤ اذا كان كأنه الكل صح اتصافه بما اتصف به الكل

٨٨

{ لا تمدن عينيك } اى نظر عينيك ومد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه اى ولا تطمح ببصرك طموح راغب ولا تدم نظرك

{ الى ما متعنا به } من زخارف الدنيا وزينتها ومحاسنها وزهرتها اعجابا به وتمنيا ان يكون لك مثله

{ ازواجا منهم } اصنافا من الكفرة كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الاصنام فان ما فى الدنيا من اصناف الاموال والذخائر بالنسبة الى ما اوتيته من النبوة والقرآن والفضائل والكمالات مستحقر لا يعبأ به فان اوتيته كمال مطلوب بالذات مفض الى دوام اللذات يعنى قد اعطيت النعمة العظمى

بيش درياى قدر حرمت تو ... نه محيط فلك حبابى نيست

دارى آن سلطنت كه در نظرت ... ملك كوين در حسابى نيست

فاستغن بما اعطيت ولا تلتفت الى متاع الدنيا ومنه الحديث ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) ذكر الحافظ لهذا الحديث اربعة اوجه : احدها ان المراد بالتغنى رفع الصوت . والثانى الاستغناء بالقرآن عن غيره من كتاب آخر ونحوه لفضله كما قال ابو بكر رضى اللّه عنه من اوتى القرآن فرأى ان احدا اوتى من الدنيا افضل مما اوتى فقد صغر عظيما وعظم صغيرا . والثالث تغريد الصوت وتطييبه بالقراءة من غير تغريد الصوت

{ ولا تحزن عليهم } اى على الكفرة حيث لم يؤمنوا ولم ينتظموا فى سلك اتباعك ليتقوى بهم ضعفاء المسلمين لان مقدورى عليهم الكفر

وقال الكاشفى [ واندوه مخور برياران خود بى نوايى ودرويشى ]

{ واخفض جناحك للمؤمنين } وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وارفق بهم وطب نفسا عن ايمان الاغنياء مستعار من خفض الطائر جناحه اذا اراد ان ينخط قال فى تهذيب المصادر الخفض [ فرو بردن ] وهو ضد الرفع قال اللّه تعالى

{ خافضة رافعة } اى ترفع قوما الى الجنة وتخفض قوما الى النار [ ودر كشف الاسرار كفته كه خفض جناح كنايتست از خوش خويى ومقرراست كه خلعت خلق عظيم جزبر بالاى آن حضرت نيامده ]

ذات ترى وصف نكو خوييست ... خوى توسؤ مايه نبكوييست

روز ازل دوخته حكيم قديم ... برقد تو خلعت خلق عظيم

٨٩

{ وقل انى انا النذير المبين } اى المنذر المظهر لنزول عذاب اللّه وحلوله

وقال فى انسان العيون ذكر فى سبب نزول قوله تعالى

{ ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم } ان عيرا لابى جهل قدمت من الشام بمال عظيم وهى سبع قوافل ورسول اللّه واصحابه ينظرون اليها واكثر اصحابه بهم عرى وجوع فخطر ببال النبى عليه السلام شيء لحاجة اصحابه فنزلت اى اعطيناك سبعا من المثانى مكان سبع قوافل فلا تنظر لما اعطيناه لابى جهل وهو متاع الدنيا الدنية ولا تحزن على اصحابك واخفض جناحك لهم فان تواضعك لهم اطيب لقلوبهم من ظفرهم بما يجب من اسباب الدنيا

ففى زوائد الجامع الصغير ( ان لو فاتحة الكتاب جعلت فى كفة الميزان والقرآن فى الكفة الاخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات )

وفى لفظ ( فاتحة الكتاب شفاء من كل داء ) ذكر فى خواص القرآن انه اذا كتبت الفاتحة فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل وجه المريض بها عوفى باذن اللّه تعالى واذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء الورد وشرب ذلك الماء البليد الذهن الذى لا يحفظ سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع

والاشارة قال اللّه تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو الانسان الكامل

{ ولقد آتيناك سبعا } هى سبع صفات ذاتية لله تبارك وتعالى السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة

{ من المثانى } اى من خصوصية المثانى وهى المظهرية والمظهرية لذاته وصفاته مختصة بالانسان فان غير الانسان لم توجد له المظهرية ولو كان ملكا ومن ههنا يكشف سر من اسرار وعلم آدم الاسماء كلها فمنها اسماء صفات اللّه وذاته لان آدم كان مظهرها ومظهرها وكان الملك مظهر بعض صفاته ولم يكن مظهرا ولذا قال تعالى

{ ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئونى باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين } فلما لم يكونوا مظهرها وكانوا مظهر بعضها

{ قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا } ولهذا السر اسجد اللّه الملائكة لآدم عليه السلام

{ والقرآن العظيم } اى حقائقه القائمة بذاته تعالى وخلقا من اخلاقه القديمة بان جعل القرآن العظيم خلقه العظيم كما قال تعالى

{ وانك لعلى خلق عظيم } ولما سئلت عائشة رضى اللّه عنها عن خلق النبى صلّى اللّه عليه وسلّم قالت كان خلقه القرآن وفى قوله

{ لا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم } اشارة الى ان اللّه تعالى اذا انعم على عبده ونبيه بهذه المقامات الكريمة والنعم العظيمة يكون من نتائجها ان لا يمد عينيه لا عين الجسمانى ولا عين الروحانى الى ما متع اللّه به ازواجا من الدنيا والآخرة منهم اى من اهلها

{ ولا تحزن عليهم } اى على ما فاته من مشاركتهم فيها كما كان حالة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج اذ يغشى السدرة ما يغشى من نعيم الدارين ما زاغ البصر برؤيتها وما طغى بالميل اليها ثم قال

{ واخفض جناحك للمؤمنين } فى هذا المقام قياما باذاء تشكر نعم اللّه وتواضعا له لنزيدك بها فى النعمة والرفعة

وفيه معنى آخر واخفض بعد وصولك الى مقام المحبوبية جناحك لمن اتبعك من المؤمنين لتبلغهم على جناح همتك العالية الى مقام المحبوبية يدل على هذا التأويل قوله تعالى

{ قل ان كنتم تحبون اللّه فاتبعونى يحببكم اللّه } كما فى التأويلات النجمية

٩٠

{ كما انزلنا على المقتسمين } هو من قول اللّه تعالى لا من قول الرسول عليه الصلاة والسلام متعلق بقوله ولقد آتيناك لانه بمعنى انزلنا عليك سبعا من المثانى والقرآن العظيم انزالا مماثلا لا نزال الكتابين على اليهود والنصارى المقتسمين

٩١

{ الذين جعلوا القرآن } المنزل عليك يا محمد

{ عضين } اجزاء . وبالفارسية [ باره باره يعنى بخش كردند قرآنرا ] والموصول مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامها اى قسموا القرآن الى حق وباطل حيث قالوا عنادا وعدوانا بعضه حق موافق للتوراة والانجيل وبعضه باطل مخالف لهما وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما . والغرض بيان المماثلة بين الايتاءين لا بين متعلقيهما كما فى الصلوات الخليلية فان التشبيه فيها ليس لكون رحمة اللّه الفائضة على ابراهيم وآله اتم واكمل مما فاض على لنبى عليه الصلاة والسلام وانما ذلك للتقدم فى الوجود فليس فى التشبيه اشعار بافضلية المشبه به فضلا عن ايهام افضلية ما تعلق به الاول مما تعلق به الثانى فان عليه الصلاة والسلام اوتى ما لم يؤت احد قبله ولا بعد مثله . وعضين جمع عضة وهى الفرقة والقطعة اصلها عضوة فعلة من عضى الشاة تعضية اذا جعلها اعضاء وانما جمعت جمع السلامة جبرا للمحذوف وهو الواو كسنين وعزين والتعبير عن تجزية القرآن بالتعضية التى هى تفريق الاعضاء من ذى الروح المستلزم لازالة حياته وابطال لسمعه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين يوجدان فيما لا يضره التبعيض من المثليات للتنصيص على كمال قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم هذا

وقد

قال بعضهم المقتسمون اثنا عشر او ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة ايام موسم الحج فاقتسموا عقاب مكة وطرقها وقعدوا على ابوابها فاذا جاء الحاج قال واحد منهم لا تغتروا بهذا الرجل فانه مجنون وقال آخر كاهن وآخر عرّاف وآخر شاعر وآخر ساحر فثبط كل واحد منهم الناس عن اتباعه عليه الصلاة والسلام ووقعوا فيه عندهم فاهلكهم اللّه يوم بدر وقبله بآفات وعلى هذا فيكون الموصول مفعولا او لا لانذر الذى تضمنه النذير اى انذر المعضين الذين يجزؤن القرآن الى شعر وسحر وكهانة واساطير الاولين مثل ما انزلنا على المقتسمين اى سننزل على ان يجعل المتوقع كالواقع وهو من الاعجاز لانه اخبار بما سيكون وقد كان هذا المعنى هو الاظهر ذكره ابن اسحاق كذا فى التكملة لابن عساكر

٩٢

{ فوربك لنسألنهم اجمعين } اى لنسألن يوم القيامة اصناف الكفرة من المقتسمين وغيرهم سؤال توبيخ وتقريع بان يقال لم فعلتم وقوله تعالى

{ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان } اى لا يسألون اى شيء فعلتم ليعلم ذلك من جهتهم لان سؤال الاستعلام محال على الملك العلام ويجوز ان يكون السئوال مجازا عن المجازاة لانه سببها

٩٣

{ عما كانوا يعملون } فى الدنيا من قول وفعل وترك

وقال فى بحر العلوم فان قلت قد ناقض هذا قوله

{ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان } قلت ان يوم القيامة يوم طويل مقدار خمسين الف سنة ففيه ازمان واحوال مختلفة فى بعضها لا يسألون ولا يتكلمون كما قال النبى عليه الصلاة والسلام ( تمكثون الف عام فى الظلمة يوم القيامة لا يتكلمون ) وفى بعضها يسألون ويتساءلون قال اللّه تعالى

{ واقبل بعضهم على بعض يتساءلون } وفى بعضها يتخاصمون

وقال كثير من العلماء يسألهم عن لا اله الا اللّه وهى كلمة النجاة وهى كلمة اللّه العليا لو وضعت فى كفة والسموات والارضون السبع فى كفة لرجحت بهن من قالها مرة غفر له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر : قال المغربى

اكرجه آيينه دارى از براى رخش ... ولى جه سودكه دارى هميشه آينه تار

بيا بصيقل توحيد زآينه بردار ... غبار شرك كه تاباك كردد از زنكار

وفى التأويلات النجمية كان النبى عليه الصلاة والسلام مأمورا باظهار مقامه وهو النبوة وبتعريف نفسه انه نذير للكافرين كما انه بشير للمؤمنين وانه لما امر بالرحمة والشفقة ولين الجانب للؤمنين بقوله

{ واخفض جناحك للمؤمنين } اظهارا للطف امر بالتهديد والوعيد والانذار بالعذاب للكافرين اظهارا للقهر بقوله

{ وقل انى انا النذير المبين كما انزلنا على المقتسمين } اى ننزل عليكم العذاب كما انزلنا على المقتسمين وهو الذين اقتسموا قهر اللّه المنزل على انفسهم بالاعمال الطبيعية غير الشرعية فانها مظهر قهر اللّه وخزائنه كما ان الاعمال الشرعية مظهر لطف اللّه وخزائنه فمن قرع باب خزانة اللطف اكرم اللّه به وانعم به عليه ومن دق باب خزانة القهر اهين به وعذب ثم اخبر عن اعمالهم التى اقتسموا قهر اللّه بها على انفسهم بقوله

{ الذين جعلوا القرآن عضين } اى جزأوه اجزاء فى الاستعمال فقوم قرأه وداموا على تلاوة ليقال لهم القراء وبه يأكلون وقوم حفظوه بالقراآت ليقال لهم الحافظ وبه يأكلون وقوم حصلوا تفسيره وتأويله طلبا للشهرة واظهارا للفضل ليأكلوا به وقوم استخرجوا معانيه واستنبطوا فقهه وبه يأكلون وقوم شرعوا فى قصصه واخباره ومواعظه وحكمه وبه يألكون وقوم اولوه على وفق مذاهبهم وفسروه بآرائهم فكفروا لذلك ثم قال

{ فوربك لنسألنهم اجمعين عما كانوا يعملون } انما عملوه باللّه وفى اللّه ولله او بالطبع فى متابعة النفس للمنافع الجنيوية نظيره قوله

{ ليسأل الصادقين عن صدقهم } انتهى ما فى التأويلات

قوله عن صدقهم اى عنده تعالى لا عندهم كذا فسره الجنيد قدس سره وهو معنى لطيف عميق غان الصدق والاسلام عند الخلق سهل ولكن عند الحق صعب فتسأل اللّه تعالى ان يجعل اسلامنا وصدقنا حقيقيا مقبولا لا اعتباريا مردودا

وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها اذا صحت ففيها النجاة ولا يتم بعضها الا ببعض الاسلام الخالص عن الظلمة وطيب الغذاء والصدق لله فى الاعمال

قال فى درياق الذنوب وكان عمر بن عبد العزيز يخاف من العدل ولا يأمن العدول رؤى فى المنام بعد موته باثنتى عشرة سنة فقال الآن تخلصت من حسابى فاعتبر من هذا يا من اكب على الاذى

٩٤

{ فاصدع بما تؤمر } ما موصولة والعائد محذوف اى فاجهر بما تؤمر به من الشرائع اى تكلم به جهارا واظهره وبالفارسية [ بس آشكارا كن وبظاهر قيام نمادى بآنجه فرستاده اند ازاوامر ونواهى ] يقال صدع بالحجة اذا تكلم بها جهارا من الصديع وهو الفجر اى الصبح او فاصدع فافرق بين الحق والباطل واكشف الحق وابنه من غيره من الصدع فى الزجاجة وهو الابانة كما قال فى القاموس الصدع الشق فى شيء صلب ثم قال وقوله تعالى

{ فاصدع بما تؤمر } اى شق جماعاتهم بالتوحيد

وفى تفسير ابى الليث كان رسول اللّه عليه السلام قبل نزول هذه الآية مستخفيا لا يظهر شيأ مما انزل اللّه تعالى حتى نزل { فاصدع بما تؤمر }

يقول الفقير كان عليه الصلاة والسلام مأمورا باظهار ما كان من قبيل الشرائع والاحكام لا ما كان من قبيل المعارف والحقائق والحقائق فانه كان مأمورا باهفائه الا لاهله من خواص الامة وقد توارثه العلماء باللّه الى هذا الآن كما قال المولى الجامى

رسيد جان بلب ودم نمى توانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود

واما ما صدر من بعضهم من دعوى المأمورية فى اظهار بعض الامور الباعثة على تفرق الناس واختلافهم فى الدين فمن الجهل بالمراتب وعدم التمييز بين ما كان ملكيا ورحمانيا وبين ما كان نفسانيا وشيطانيا فان الطريق والمسلك والمطلب عزيز المنال واللّه الهادى الى حقيقة الحال

نكته عرفان مجو از خاطر آلود كان ... جوهر مقصود را دلهاى باك آمد صدف

{ واعرض عن المشركين } اى لا تلتفت الى ما يقولون ولا تبال بهم ولا تقصد الانتقام منهم

فان قلت قد دعا النبى عليه الصلاة والسلام على بعض الكفار فاستجيب له كما روى انه مر بالحكم ابن العاص فجعل الحكم يغمز به عليه السلام فرآه فقال ( اللهم اجعل به وزغا ) فرجف وارتعش مكانه والوزغ والارتعاش وهذا لا ينافى ما هو عليه من الحلم والاغضاء على ما يكره

قلت ظهر له فى ذلك اذن من اللّه تعالى ففعل ما فعل وهكذا جميع افعاله واقواله فان الوارث الكامل لا يصدر منه الا ما فيه اذن اللّه تعالى فما ظنك باكمل الخلق علما وعملا وحالا

٩٥

{ انا كفيناك المستهزئين } بقمعهم واهلاكهم

قال الكاشفى [ بدرستى كه ما كفايت كرديم ازتوشر استهزا كنندكان ]

٩٦

{ الذين يجعلون مع اللّه } [ آنانكه ميزنند وشريك ميكنند باخداى حق ]

{ الها آخر } [ خداى ديكر باطل ] يعنى الاصنام وغيرها والموصول منصوب بانه صفة المستهزئين ووصفهم بذلم تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتهوينا للخطب عليه باعلامه انهم لم يقتصروا على الاستهزاء به عليه السلام بت اجترأوا على العظيمة التى هى الاشراك باللّه سبحانه

{ فسوف يعلمون } [ بس زود بدانند عاقبت كاروبينند مكافات كردار خودرا ] فهو عبارة عن الوعيد وسوف ولعل وعسى فى وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الامر وجده ولا مجال للشك بعده فعلى هذا جرى وعد اللّه وعيده والجمهور على انها نزلت فى خمسة نفر ذوى شأن وخطر كانوا يبالغون فى ايذاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والاستهزاء به فاهلكهم اللّه فى يوم واحد وكان اهلاكهم قبل بدر منهم العاص بن وائل السهمى والد عمر بن العاص رضى اللّه عنه كان يخلج خلف رسول اللّه بانفه وفمه يسخر به فخرج فى يوم مطير على راحلة مع ابنين له فنزل شعبا من تلك السعاب فلما وضع قدمه على الارض قال لدغت فطلبوا فلم يجدوا شيأ فانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير فمات مكانه ومنهم الحارث بن القيس بن العطيلة اكل حوتا لمالحا فاصابه عطش شديد فلم يزل يشرب الناء حتىنقد اى انشق بطنه فمات فى مكانه ومنهم الاسود بن المطلب بن الحارث خرج مع غلام له فاتاه جبريل وهو قاعد الى اصل شجرة فجعل ينطح اى يضرب جبريل رأسه على الشجرة وكان يستغيث بغلامه فقال غلامه لا أرى احد يصنع بك شيأ غير نفسك فمات مكانه وكان هو واصحابه ويصفرون اذا رأوه ومنهم اسود بن عبد يغوث خرج من اهله فاصابه السموم فاسود حتى صتر كالفحم واتى اهله فلم يعرفوه فاغلقوا دونه الباب ولم يدخلوه دارهم حتى مات

قال فى انسان العيون هو اى الاسود هذا ابن خال النبى عليه الصلاة والسلام وكان اذا رأى المسلمين قال لاصحابه استهزاء بالصحابة كانت رثة وعيشهم خشنا ومنهم الوليد ابنى المغيرة والد خالد رضى اللّه عنه وعم ابى جهل خرج يتبختر فى مشيئته حتى وقف على رجل يعمل السهام فتعلق سهم فى ثوبه فلم ينقلب لينحيه تعاظما فاخذ طرف ردائه ليجعله على كتفه فاصاب السهم اكحله فقطعه ثم لم ينقطع عنه الدم حتى مات

وقال الكاشفى فى تفسيره [ آورده اندكه بنج تن از اشراف قريش در ايذاء وآزارسيد عالم صلّى اللّه عليه وسلّم بسيار كوشيدندى وهرجاكه ويرا ديدندى بفسوس واستهزاء بيش آمدندى روزى آن حضرت در مسجد حرام نشستسه بودبا جبرائيل اين بنج تن بر آمدند وبدستور معهود سخنان كفته بطواف حرم مشغول شدند جبرائيل فرمود يا رسول اللّه مردا فرموده اندكه شر ايشانرا كفايت كنم بس اشارت كرد بساق وليد بن مغيره وبكف باى عاص بن وائل وبه بينى حارث بن قيس وبروى اسود بن عبد يغوث وبجشم اسود بن مطلب وهربنج ازيشان دراندك زمانى هلاك شدند وليد بدبكان تير تراشى بكذشت وبيكانى دردامن او آويخت ازروى عظمت سر زير نكردكه از جامه باز كند آن بيكان ساق ويرا مجروح ساخت ورك شريانى ازان بريده كشت وبدوزخ رفت وخارى در كف باى عاص خليده بايش ورم كردوبدان بمرد واز بينى حارث خون وقيح روان شدوجان بداد واسود روى خود را بخاك وخاشاك ميزد تاهلاك شد وجشم اسود بنم مطلب نابيناشد از غضب سربر زمين زدتاجانش بر آمد ] وحينئذ يكون معنى كفاية هذا له عليه الصلاة والسلام انه لم يسع ولم يتكلف فى تحصيل ذلك كما فى انسان العيون وهؤلاء هم المرادون

{ بقوله انا كفيناك المستهزئين } وان كان المستهزئون غير منحصرين فيهم فقد جاء ان ابا جهل وابا لهب وعقبة والحكم بن العاص ونحوهم كانوا مستهزئين برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى اكثر الاوقات بكل ما امكن لهم من طرح القذر على بابه والغمز ونحوهما : وفى المثنوى

آن دهان كزكرد واز تسخر بخواند ... مر محمد رادهانش كزبماند

باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن من تر افسوس مى كردم زجهل

من بدم افسوس رامنسوب واهل ... جون خدا خواهد كه برده كس درد

ميلش اندر طعنه باكان برد ... ورخدا خواهدكه بوشد عيب كس

كم زندد درعيب معيوبان نفس ... وفى التأويلات

{ انا كفيناك المستهزئين } الذين يستعملون الشريعة بالطبيعة للخليقة ويرائون انهم لله يعملون استهزاء بدين اللّه اللّه يستهزئ بهم الى قوله وما كانوا مهتدين لانهم

{ الذين يجعلون مع اللّه الها آخر } وهو الخلق والهوى والدنيا فى استعمال الشريعة بالطبيعة

{ فسوف يعلمون } حين يجازيهم اللّه بما يعملون لمن عملوا كما قيل

سوف ترى اذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك ام حمار

٩٧

{ ولقد نعلم انك يضيق صدرك } [ تنك ميشود سينه تو ]

{ بما يقولون } [ بىنجه كافران ميكويند ] من كلمات الشرك والطعن فى القرآن والاستهزاء بك وبه : يعنى [ دشوارمى آيد ترا كفتار كفار ] وادخل قد توكيدا لعلمه بما هو عليه من ضيق الصدر بما يقولون ومرجع توكيد العلم الى توكيد الوعد والوعيد لهم . ذكر ابن الحاجب انهم نقلوا قد اذا دخلت على المضارع من التقليل الى التحقيق كما ان ربما فى المضارع نقلت من التقليل الى التحقيق

٩٨

{ فسبح بحمد ربك } فافزع اليه تعالى والتجئ فيما نابك اى نزل بك من ضيق الصدر والحرج بالتسبيح والتقديس ملتبسا بحمده

قال الكاشفى [ بس تسبيح كن تسبيحى مقترن بحمد بروردكاتو يعنى بكو سبحان اللّه والحمد لله ] واعلم ان سبحان اللّه كلمة مشتملة على سلب النقص والعيب عن ذات اللّه وصفاته فما كان من اسمائه سلبا فهو مندرج تحت هذه الكلمة كالقدوس وهو الطاهر من كل عيب والسلام وهو الذى سلم من كل آفة والحمد لله كلمة مشتملة على اثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته تعالى فما كان من اسمائه متضمنا للاثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير ونحوهما فهو مندرج تحتها فنفينا بسبحان اللّه كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه واثبتنا بالحمد كمال عرفناه وكل جلال ادركناه

{ وكن من الساجدين } اى المصلين يكفك ويكشف الغم عنك -روى- انه عليه الصلاة والسلام كان اذا حزبه امر فزعالى الصلاة اى لجأ

وفى بحر العلوم وكن من الذين يكثرون السجود له لان المراد بالساجدين الكاملون فى السجود المبالغون فيه وذلك ما يكون الا باكثاره

يقول الفقير كثرة السجود فى الظاهر باعثة لدوام التوجه الى اللّه وهو المطلوب هذا باعتبار الابتداء

واما باعتبار الانتهاء فالذى وصل الى دوام الحضور يجد فى نفسه تطبيق حاله بالظاهر فلا يزل يسجد شكرا آناء الليل واطراف النهار بلا تعب ولا كلفة ويجد فى صلاته ذوقا لا يجده حين فراغه منها

ليك ذوق سجدة بيش خدا ... خوشتر آيد ازدوصد دولت ترا

قال الكاشفى [ صاحب كشف الاسرار آورجه كه ازتنكدلئ توآكاهيم وآنجه بتومير سداز غصه بيكانكان خبر داريم توبحضور دل بنماز در آى كه ميدان مشاهده است وبامشاهده دوست بار بلاكشيدن آسان باشد

يكى از بيران طريقت كفته كه دربازار بغداد ديدم كى يكى راصد تازيانه زدند آهى نكرد ازوى برسيدم كه اى جوانمردان همه زخم خوردى ونناليدى كفت آرى شيخا معذورم داركه معشوقم در برابر بود وميديدكه مرا براى او ميزنند از نظاره وى بالم زحم شعور نداشتم ]

توتيغ ميزن وبكذار تا من بيدل ... نظاره كنم آن جهرخ نكارين را

قال فى شرح الحكم ما تجده القلوب من الهموم والاحزان يعنى عند فقدان مرادها وتشويش معتادها فلاجل ما منعت من وجود العيان اذ لو عاينت جمال الفاعل جمل عليها ألم البعد كما اتفق فى قصة النسوة اللاتى قطعن ايديهن -ويحكى- ان شابا ضرب تسعة وتسعون سوطا ما صاح ولا استغاث ولا تأوه فلما ضرب الواحدة التى كملت بها المائة صاح واستغاث فتبعه الشبلى قدس سره فسأله عن امره فقال ان العين التى ضربت من اجلها كانت تنظر الى فى التسعة والتسعين وفى الواحدة حجبت عتى وقد قال الشبلى من عرف اللّه لا يكون عليه غم ابدا

٩٩

{ واعبد ربك } دم على ما انت عليه من عبادته تعالى

{ حتى يأتيك اليقين } اى الموت فانه متيقن الى الحى طالب للوصول اليه . والمعنى دم على العبادة ما جمت حيا من غير اخلال بها لحظة كقوله

{ واوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا } ووقت العبادة بالموت لئلا يتوهم ان لها نهاية دون الموت فاذا ما انقطع عنه عمله وبقى ثوابه وهذا بالنسبة الى مرتبة الشريعة .

واما الحقيقة فباقية فى كل موطن اذهى حال القلب والقلب من الملكوت ولا يعرض الفناء والانقطاع لاحوال الملكوت نسأل اللّه الوصول اليه والاعتماد فى كل شيء عليه وفى الحديث ( ما اوحى لى ان اجمع المال واكن من لتاجرين ولكن اوحى الىّ ان سبح بحمد ربك وكن من الساجدين وابعد ربك حتى يأتيك اليقين )

وفى التأويلات النجمية

{ ولقد نعلم انك يضيق صدرك } من ضيق البشرية وغاية الشفقة وكمال الغيرة

{ بما يقولون } من اقوال الاخيار ويعملون عمل الاشرار

{ فسبح بحمد ربك } انك لست منهم

{ وكن من الساجدين } لله سجدة الشكر

{ واعبد ربك } بالاخلاص

{ حتى يأتيك اليقين } اى الى الابد انتهى كلامه

قال فى العوارف منازل طريق الوصول لا تقطع ابد الآباد فى عمر الآخرة الابدى فكيف فى العمر القصير الدنيوى

اى برادر بى نهايت دركهيست ... هر كجاكه ميرسى باللّه مائست

قيل اليقين اسم ورسم وعلم وعين وحق فالاسم والرسم للعوام والعلم علم اليقين للاولياء وعين اليقين لخواص الاولياء وحق اليقين للانبياء وحقيقة

حق اليقين اختص بها نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.

﴿ ٠