سُورَةُ النَّحْلِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانٍ وَعِشْرُونَ آيَةً

١

{ أتى امر اللّه } روى ان كفار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي عليه السلام وتكذيباً للوعد ويقولون ان صح ما يقولون من مجيء العذاب فالاصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت * وامر اللّه هو العذاب الموعود لان تحققه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب واتيانه عبارة عن دنوه واتقرابه على طريقة نظم المتوقع في سلك الواقع وقد وقع يوم بدر . والمعنى دنا واقترب ما وعدتم به ايها الكفرة

{ فلا تستعجلوه } اى امر اللّه ووقعوه اذلا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه واستعجالهم وان كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم والاستعجال طلب الشئ قبل حينه

{ سبحانه } [ يا كست خداى ]

{ وتعالى } [ وبرثرست ]

{ عما يشركون } اى تبرأ وتقدس بذاته على ان يكون له شريك فيدفع له شريك فيدفع ما اراد بهم بوجه من الوجوه ولما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبرى * وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما لما انزل اللّه تعالى

{ اقتربت الساعة وانشق القمر } قال الكفار بعضهم لبعض ان هذا يزعم ان القيامة قد قربت فامسكوا بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن فملا رأوا انه لا ينزل شئ قالوا ما نرى شيأ فانزل

{ اقترب للناس حسابهم } الآية فاشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الايام قالوا يا محمد ما نرى شيأ مما تخوفنا به فانزل اللّه تعالى

{ اتى امر اللّه } فوثب النبي عليه السلام قائما مخافة الساعة وحذر الناس من قيامها ورفع الناس رؤسهم فنزل

{ فلا تسعجلوه } اى لا تطلبوا الامر قبل حينه فاطمأنوا وجلس النبى عليه السلام بعد قيامه وليس في هذه الرواية استعجال المؤمنين بل خوفهم وظنهم ثم ان الاستعجال بها لا يوصف به المؤمنون قال اللّه تعالى

{ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفعون منها } بل الظاهر انهم لما سمعوا اول الآية اضطربوا لظن انه وقع ثم لما سمعوا خطاب الكفار بقوله فلا تستعجلوه اطمأنوا كما في حواشى سعدى المفتى * ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ( بعثت انا والساعة كهاتين ) يعني اصبعيه المسبحة والوسطى معناه ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على المسبحة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحى لتصوير غاية قرب الساعة وفى حديث آخر ( مثلى ومثل الساعة كفرسى رهان ) قال فى القاموس كفرسى رهان يضرب للاثنين يسبقان الى غاية فيستويان وهذا التشبيه فى الابتداء لان الغاية تجلى عن السابق لا محالة انتهى

والاشارة الى ان قوله تعالى

{ اتى امر اللّه فلا تستعجلوه } كلام قديم كان اللّه فى الازل به متكلما والمخاطبون به بعد فى العدم محبوسون وهم طبقات ثلاث منهم الغافلون والعاقلون والعاشقون فكان الخطاب مع الغافلين بالعتاب اذ كانوا مشتاقين الى الدنيا وزخارفها ولذاتها وشهواتها وهم اصحاب النفوس

نفس اكرجه زير كست وخرده دان ... قبله اش دنياست اورا مرده دان

والخطاب مع العاقلين بوعد الثواب اذ كانوا مشتاقين الى الطاعات والعبادات والاعمال الصالحات التى تبلغهم الى الجنة ونعيمها الباقية وهم ارباب العقول

نصبيب ماست بهشت اى خداشناس برو ... كه مستحق كرامت كنا هكارانند

والخطاب مع العاشقين بوصلة رب الارباب اذ كانوا مستاقين الى مشاهدة جمال ذى الجلال

جه سود ازروزن جنت اكر شيرين معاذ اللّه ... زكوى خود درى در روضه فرهاد نكشايد

فاستعجل ارواح كل طبقة منهم للخروج من العدم الى الوجود لنيل المقصود وطلب المفقود فتكلم اللّه فى الازل بقوله

{ اتى امر اللّه } اى سيأتى امر اللّه للخروج من العدم لاصابة ما كتب لكل طبقة منكم فى القسمة الازلية

{ فلا تستعجلوه } فانه لا يفوتكم يدل عليه قوله تعالى

{ وآتاكم من كل ما سألتموه } اى في العدم وهو يسمع خفيات اسراركم ويبر خفيات سرائركم المعدومة

{ سبحانه وتعالى عما يشركون } اى هو منزه فى ذاته ومتعال فى صفاته ان يكون له شريك يعمل عمله او شبيه يكون بدله

قهار بى منازع وغفار بى ملال ... ديان بى معادل وسلطان بى سباه

باغير او اضافت شاهى بود جنانك ... بريك دوجوب باره زشطرنج نام شاه

﴿ ١