سُورَةُ الْإسْرَاءِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً

١

{ سبحان } اسم بمعنى التسبيح الذى هو التنزيه ومتضمن معنى التعجب وانتصابه بفعل مضمر متروك واظهاره تقديره اسبح اللّه عن صفات المخلوقين سبحان بمعنى تسبيحا ثم نزل منزلة الفعل فناب مثابة كقولهم معاذ اللّه وغفرانك وغير ذلك .

وقيل هو مصدر كغفران بمعنى التنزه وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكره بعده وهو لا ينفى التعجب.

قال فى التأويلات النجمية كلمة سبحان للتعجب بها يشير الى اعجب امر من اموره تعالى جرى بينه وبين حبيبه.

وفى الاسئلة الحكم اما اقتران الاسراء بالتسبيح ليتقى بذلك ذو العقل وصاحب الوهم ومن يحكم عليه خياله من اهل التشبيه والتجسيم مما يخيله فى حق الخالق من الجهة والجسد والحد والمكان . وأنما تعجب بعروجه دون نزوله عليه السلام لانه لما عرج كان مقصده الحق تعالى ولما نزل كان مقصد الخلق والمقصود من التعجب التعجب بعروجه . وايضا ان عروجه اعجب من نزوله لان عروج الكشف الى العلو من العجائب { الذى اسرى بعبده }.

قال الكاشفى [ با كى وبى عيسى آنراكه بجهت كرامت ببرد بنده خودرا كه محما ست صلّى اللّه عليه وسلّم ] الاسراء السير بالليل خاصة كالسرى يقال اسرى وسرى اى سار ليلا ومنه السرية لواحدة السرايا لانها تسرى فى خفية واسرى به اى سيره ليلا.

قال النضر سقط السؤال والاعتراضات على المعراج بقول اسرى دون سار ونظيره قوله عليه السلام ( حببّ الى من دنياكم ثلاث ) حيث لم يقل احببت . وانما قال بعبده دون بنبيه لئلا يتوهم فيه نبوة والوهة كما توهموا فى عيسى ابن مريم عليهما السلام بانسلاخه عن الاكوان وعروجه بجسم الى الملأ الاعلى مناقصا للعادات البشرية واطوارها . وادخل الباء للمناسبة بين العبودية التى هى الذلة والتواضع وبين الباء التى هى حرف الخفض والكسر فان كل ذليل منكسر.

وفيه اشارة الى شرف مقام العبودية حتى قال الامام فى تفسيره ان العبودية افضل من الرسالة لان بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق فهى مقام الجميع وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق فهى مقام الفرق والعبودية ان يكل اموره الى سيده فيكون هو المتكفل باصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما.

قال الشيخ الاكبر قدس سره ان معراجه عليه السلام اربع وثلاثون مرة واحدة بجسده والباقى بروحه رؤيا رآها اى قبل النبوة وبعدها وكان الاسراء الذى حصل له قبل ان يوحى اليه توطئة له وتيسيرا عليه كام كان بدأ نبوته الرؤيا الصادقة والذى يدل على انه عليه السلام عرج مرة بروحه وجسده معا قوله اسرى بعبده فان العبد اسم للروح والجسد جميعا وايضا ان البراق الذى هو من جنس الدواب انما يحمل الاجساد وايضا لو كان بالروح حال النوم او حال الفناء او الانسلاخ لما استبعده المنكرون اذ المتهيئون من جميع الملل يحصل لهم مثل ذلك ويتعارفونه بينهم.

قال الكاشفى [ آنانكه درين قصه ثقل جسدرا مانع دانند از صعود ارباب بدعت اند ومنكر قدرت ]

آنكه سرشت تنش ازجان بود ... سير وعروجش بتن آسان بود

وقد ذكروا ان جبريل عليه السلام اخذ طينة النبى صلىلله علهي وسلم فعجنها بمياه الجنة وغسلها من كل كثافة وكدورة فكأن جسده الطاهر كان من العالم العلوى كروحه الشريف.

فان قلت ففيم اسرى به . قالت قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( اسرى بى فى قفص من لؤلؤ فراشه من ذهب ) كما فى بحر العلوم

{ ليلا } نصب على لاظرف وهو تأكيد اذا الاسراء فى لسان العرب لا يكن الا ليلا حتى لا يتخيل انه كان نهارا ولا يظن انه حصل بروحه او لافادة تقليل مدة الاسراء فى جزء من الليل لما فى التنكير من الدلالة على البعضية من حيث الافراد فان قولك سيرت ليلا كما يفيد بعضية زمان سيرك من الليلالى يفيد بعضيته من فرد واحد منها بخلاف ما اذا قلت سرت الليل فانه يفيد استيعاب السير له جميعا فيكون معيارا للسير لا ظرفا له وهى ليلة سبع وعشرين من رجب ليلة الاثنين وعليه عمل الناس قالوا انه عليه السلام ولد يوم الاثنين بعث يوم الاثنين واسرى به ليلة الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين ومات يوم الاثنين ولعل سره ان يوم الاثنين اشارة الى التعين الثانى الذى هو مبدأ الفياضة ونظيره الباء كام ان الباء من الحروف الهجائية له التعين الثانى فكذا يوم الاثنين فكان الالف ويوم الاحد بمنزلة تعين الذات والباء ويوم الاثنين اى تعينهما بمنزلة تعين الصفات فافهم وفى وصف هذه الليلة : قال المولى الجامى قدس سره

ز قدر او مثالى ليلة القدر ... ز نور او براتى ليلة البدر

سوادطره اش خجلت ده حور ... بياض غره اش نور على نور

نسيمش جعد سنبل شانه كرده ... هوايش اشك بشنم دانه كرده

بمسمار ثوابت جرخ سيار ... به بسته در جهان درهاى ادبار

طرب را جون سخن خندان ازولب ... كريزان روز محنت زو شباشب

فان قلت فلم جعل المعراج ليلا ولم يجعل نهارا حتى لا يكون اشكال وطعن.

قلت ليظهر تصديق من صدق وتكذيب من كذب . وايضا ان اليل محل الخلوة بالحبيب فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق والليل مظهر البطون والنهار نظهر الظهور والليل راحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار وكان الاسراء قبل الهجرة بسنة : يعنى [ درسال دوازدهم از مبعث بوده ]

{ من المسجد الحرام } اصح الروايات على ان الاسراء كان من بيت ام هانئ بنت ابى طالب وكان بيتها من الحرم والحرم كله مسجد.

قالوا حدود الحرم من جهة المدينة على ثلاثة اميال ومن طريقة العراق على سبعة اميال ومن طريق الجعرانة على تسعة اميال ومن طريق الطائف على سبعة اميال ومن طريق جده على شعرة اميال والمواقيت الخمسة التى وقتها النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وعينها للاحرام فناء للحرم وهو فناء للمسجد الحرام وهو فناء للبيت شرفه اللّه تعالى فالبيت اشارة الى الذات الالهية والمسجد الحرام على الصفات والحرم الى الافعال وخارج المواقيت الى الآثار ومن قصد مكة سواء كان للزيارة او غيرها لا يحل له التجاوز من هذه الافنية غير محرم تعظيما لها وقس عليه دخول المساجد وحضور المشايخ اصحاب القلوب للصلاة والزيارة فانه لا بدمن ادب الظاهر والباطن فى كل منهما - ذكروا - ان الحجر الاسود اخرج من الجنة وله ضوء فكل موضع بلغ ضوءه كان حرما.

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لما هبط آدم الى الارض خر ساجدا معتذرا فارسل اللّه تعالى جبريل بعد اربعين سنة يعلمه بقبول توبته فشكا الى اللّه تعلى ما فاته من الطواف بالعرش فاهبط اللّه له البيت المعمور وكان ياقوتة حمراء فاضاء ما بين المشرق والمغرب فنفرت من ذلك النور الجن والشياطين وفزعوا وتفرقوا فى الجو ينظرونه فلما رأوه اى النور من جانب مكة اقبلوا يريدون الاقتراب اليه فارسل اللّه تعالى ملائكته فقاموا حوالى الحرم فى مكان الاعلام اليوم ومنعوهم فمن ثمة تسمى الحرم بالحرم

{ الى المسجد الاقصى } اى بيت المقدس وسمى بالاقصى اى الا بعد لانه لم يكن حينئذ ورآه مسجد فهو ابعد المساجد من مكة وكان بيتهام اكثر من مسيرة شهر.

قال بعض العارفين اشارة بالمسجد الحرام الى مقام القلب المحرم ان يطوف به مشركوا القوى البدنية الحيوانية وترتكب فيه فواحشها وخطاياها وتحجه غير القوى الحيوانية من الصفات البهيمية والسبعية . واشار بالمسجد الاقصى الى مقام الروح الا بعد من العالم الجسمانى لشهود تجليات الذات.

قال فى هدية المهديين معراج النبى عليه السلام الى المسجد الاقصى ثابت بالكتاب وهو فى اليقظة وبالجسد باجماع القرن الثانى ثم الى السماء بالخبر المشهور ثم الى الجنة او العرش او الى طواف العالم بخبر الواحد انتهى.

قال الكاشفى [ رفتن آن حضرت ازمه ببيت المقدس بنص قرآن ثابتست ومنكرآ أن كافر وعروج برآسمانها ووصول بمرتبهقربت باحاديث صححه مشهوره كه قريبست بحد تواتر ثابت كشك وهركه انكار آن كند ضال ومبتدع باشد ]

شاهد معراج نبى وافرست ... وآنكه مقرنيست بدين كافرست

دستكه سلطنت اين وصال ... نيست به بامزدى خيل خيال

عقل جه داند جه مقامست اين ... عشق شناست كه جه دامست اين

{ الذى باركنا حوله } [ آن مسجدى كه بركت كرديم بركرد او ] ببركات الدين والدنيا لانه مهبط الوحى والملائكة ومتعبد الانبياء من لدن موسى عليه السلام ومحفوف بالانهار والاشجار المثمرة فدمشق والاردنّ فلسطين من المدائن التى حوله

{ لنريه من آيتنا } غاية للاسراء واشارة الى ان الحكمة فى الاسراء به اراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التى ما شرف باراءتها احدا من الاولين والآخرين الا سيد المرسلين وخاتم النبيين فانه نبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو اعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال

{ وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والارض } وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال

{ لقد رأى من آيات ربه الكبرى } ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لان ما اراه اللّه تعالى فى تلك الاليلة انما هو بعض آياته العظمة واضافة الآيات الى نفسه على سبيل التعظيم لها لان المضاف الى العظيم عظيم.

وسقط الاعتراض بان اللّه تعالى ارى ابراهيم ملكوت السموات والارض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم ان يكون معراج ابراهيم افضل.

وحال الجواب انه يجوز ان يكون بعض الآيات المضافة الى اللّه تعالى اعظم واشرف من ملكوت السموات والارض كلها كما قال تعالى

{ لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قالوا فى التفاسير هى ذهابه فى بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الانبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها.

قال فى اسئلة الحكم اما الآيات الكبرى . فمنها فى الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الادنى وصرير الاقلام وشهود الالواح وما غشى اللّه سدرة المنتهى من الانوار وانتهاء الارواح والعلوم والاعمال اليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق ومنها آيات الافنس وهو مقام المحبة والاختصاص بالهو

{ فاوحى الى عبده ما اوحى } مقام المسامرة وهو الهوّ غيب الغيب وايده

{ ما كذب الفؤاد ما رأى } والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى كما قال تعالى

{ ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور } والفؤاد لا يعمى لانه لا يعرف الكون وما له تعلق الا بسيده فان العبد هنا عبد من جميع الوجوده منزه مطلق التنزيه فى عبوديته فما تقل عبده من مكان الى مكان الا ليريه من آياته التى غابت عنه كانه تعالى قال ما اسريت به الا لرؤية الآيات لا الى ّ فانى لا يحدنى مكان ولا يقيدنى زمان ونسبة الامكنة والازمنة الى نسبة واحدة وانا الذى وسعنى قلب عبدى فكيف اسرى به الىّ وانا عنده ومعه اينما كان نزولا وعروجا واستواء

{ انه هوالسميع } لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم بلا اذن كما يتكلم من غير آلة الكلام وهو اللسان ويعلم من غير اداة العلم وهو القلب

{ البصير } بافعال له بلا بصر حسبما يؤذن به القصر فيكرمه ويقربه بحسب ذلك.

وفيه ايماء الى ان الاسراء المذكور ليس الا لتكرمته ورفع منزلته والا فالاحاطة باقواله وافعلها حاصلة من غير حاجة الى التقريب.

وفى التأويلات وفى قوله

{ انه هو السميع البصير } اشارة الى ان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم هو السميع الذى قال اللّه ( كنت سمعا فى يسمع وبى يبصر ) فتحقيقه لنريه من آيتنا المخصوصة بجمالنا وجلالنا انه هو السميع بسمعنا البصير ببصرنا فانه لا يسمع كلامنا الا بسمعنا ولا يبصر جمالنا الا ببصرنا

جودر مكتب بى نشانى رسيد ... جكويم كه آنجاجه ديد وشنيد

ورق در نوشتند وكم شد سبق ... شنيدن بحق بود وديدن بحق

( وتفصيل القصة ) انه عليه السلام بات ليلة الاثنين لسلة السابع والعشرين من رجب كما سبق فى بيت ام اهنى بنت ابى طالب واسمها على الاشهر فاختة اسلمت يوم الفتح وهرب زوجها جبيرة الى نجران ومات بها على كفره واضطجع عليه السلام هناك بعد ان صلى الركعتين اللتين كان يصليهما وقت العشاء ونام ففرج عن سقف بيتها ونزل جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام ومع كل واحد منهم سبعون الف ملك وايقظه جبريل بجناحه كما قال المولى الجامى

درين شب آن جراغ جشم ببنش ... سزاى آفرين از آفرينش

جو دولت شد زبد خواهان نهانى ... سوى دولت سراى امهانى

به بهلوتكيه بر مهد زمين كرد ... زمين را مهد جان نازنين كرد

دلش ببدار جشمش درشكر خواب ... نديده جشم بخت اين خواب درخواب

درآمد ن كهان ناموس اكبر ... سبك روترازين طاوس اخضر

برو ماليد بر كاى خواجه بر خيز ... كه امشب خواب آمد دولت انكيز

برون بر يكزمان زين خوابكه رخت ... توبخت عالمى يبخواب به بخت

قال عليه السلام ( فقمت الى جبريل فقلت اخى جبريل مالك فقال يا محمد ان ربى تعالى بعثنى اليك امرنى ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها احد قبلك ولا يكرم بها احد بعدك فانك ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها احد قبلك ولا يكرم بها احد بعدك فانك تريد ان تكلم ربك وتنظر اليه وترى فى هذه الليلة من عجائب ربك وعظمته وقدرته ) قال عليه السلام ( فوضأت وصليت ركعتين ) وشق جبريل صدره الشريف من الموضع المنخفض بين الترقوتين الى اسفل بطنه اى اشار الى ذلك فانشق فلم يكن الشق بآلة ولم يسل دم ولم يج له عليه السلام الما لانه من خرق العادة وظهور المعجزات فجاء بطست من ماء زمزم واستخرج قلبه عليه السلام فغسل ثلاث مرات ونزع ما كان فيه من اذى.

وفيه اشارة الى فضل زمزم على المياه كلها جنانية او غيرها ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ ايمانا وحكمة فافرغ فيه لان المعانى تمثل بالاجسام كالعلم بصورة اللبين ووصعت فيه السكنة ثم اعاد القلب الى مكانه والتأم صدره الشريف فكانوا يرون اثرا كأثر المخيط فى صدره وهو اثر مر وريد جبريل.

ووقع له عليه السلام شق الصدر ثلاث مرات . والمرة الاولى . حين كان فى بنى سعد وهو ابن خمس سنين على ما قاله ابن عباس رضى اللّه عنهما واخرج فى هذه المرة الملقة السوداء من القلب التى هى حظ الشيطان ومحل غمزه اى محل ما يلقيه من الامور التى لا تنبغى فلم يكن للشيطان فى قلب النبى عليه السلام حظ وكذا لم يكن لقلبه الطاهر ميل الى لعب الصبيان ونحوه وهو مما اختص به دون الانبياء عليهم السلام اذ لم يكن لهم شرح الصدر على هذا الاسلوب وللورثة الكمل حظ من هذا المعنى فانه يخرج من بعضهم الدم الاسود بالقيئ فى حال اليقظة ومن بعضهم حال الفناء والانسلاخ والاول اتم لانه يزول القلب بالكلية فينشط للعبادات كالعادات وجاء جبريل فى هذه المرة بخاتم من نور يحار الناظرون دونه فختم به قلبه عليه السلام لحفظ ما فيه وختم ايضا بين كتفيه بخاتم النبوة اى الذى هو علامة على النبوة وكان حوله خيلان فيها شعرات سود مائلة الى الحضرة وكان كالتفاحة او كبيض الحمامة او كرز الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة كالقطاة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر وزرها بيضتها.

قال الترمذى والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرها الذى يدخل فى عروتها كما فى حياة الحيوان مكتوب عليه ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) او ( محمد نبى امين ) او غير ذلك . والتوفيق بين الروايات بتنوع الحظوظ بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين.

قال الامام الدميرى ان بعض الاولياء سأل اللّه تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق هيكل الانسان فى صورة بلور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر اللّه تعالى فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الالهى كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه اشارة الى عصمته من وسوسته لقوله ( اعاننى اللّه عليه فاسلم ) اى بالختم الالهى ايده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فاسلم قرينه وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك . والمرة الثانية عند مجيئ الوحى فى بلوغه سن اربعين ليحصل له التحمل لاعباء الرسالة.

والمرة الثالثة . ليلة الاسراء وهو ابن ثنتين وخمسين ليتسع قلبه لحفظ الاسرار الالهية والكلمات الربانية جاء جبريل هذه الليلة بدابة بيضاء ومن ثمة قيل لها البراق بضم الموحدة لشدة بريقها او لسرعتها فهى كالبرق الذى يلمع فى الغيم كما قال المولى الجامى قدس سره

يسيج راه عرشت كردم اينك ... براقى برق سير آوردم اينك

جهنده برزمين خوش باديابى ... برنده درهوا فرخ همايى

جو عقل كل سوى افلاك كردى ... جو فكر هندسه كيتى نوردى

نه دست كس عنان او بسوده ... نه از بابى ر كابش كشته سوه

وهى دابة فوق الحمار دون البغل.

قال صاحب المنتقى الحكمة فى كونه على هيئة بغل ولم يكن على هيئة فرس التنبيه على ان الركوب فى سلم وامن لا فى خوف وحرب اولا ظهار الآية فى الاسراع العجيب فى دابة لا يوصف شكله بالاسراع فانه كان يضع خطوه عند اقصى طرفه ويؤخذ من هذا انه اخذ من الارض الى السماء فى خطة لان بصر من فى الارض يقع على السماء والى السموات السبع فى سبع خطوات لان بصر من يكون فيى السماء يقع على السماء التى فوقها وبه يرد على من استبعد من المتكلمين احصار عرش بلقيس فى لحظة واحدة.

وقال فى ربيع الابرار خد البراق كخد الانسان وقوائمها كقوائم البعير وعرفها كعرف الفرس وعليها سرج من لؤلؤة بيضاء وركابان من زبرجد اخصر وعليها لجام من ياقوت احمر يتلألأ نورا.

قال فى انسان العيون لا ذكر ولا اثنى ومن لا يوصف بوصف المذكر والمؤنث فهو حقيقة ثالثة ويكون خارجا من قوله تعالى

{ ومن كل شئ خلقنا زوجين } كما خرجت الملائكة من ذلك فانهم ليسوا ذكورا ولا اناثا.

قال عليه السلام ( فما رأيت دابة أحسن منها وانى لمشتاق اليها من حسنها فقلت يا جبريل ما هذه الدابة فقال هذا البراق فاركب عليه حتى تمضى الى دعوة ربك فاخذ جبريل بلجامها وميكائيل بركابها واسرافيل من خلفها فقصدت الى ان اركبها فجمحت الدابة وابت فوضع جبريل يده على وركبها وقال لها أما تستحيين مما فعلت فواللّه ما ركبك احد اكرم على اللّه من محمد فرشحت عرقا من الحيا )

قال ابن ديحة لم يركب البراق احد قبله عليه السلام ووافقه الامام النووى فقول جبريل ما ركبك لا ينافيه لان السالبة تصدق بنفى الموضوع.

فقالت يا جبريل لم استصعب منه الا ليضمن ان يشفع لى يوم القيامة لانه اكرم الخلائق على اللّه فضمن لها ذلك . قالوا الورد الابيض خلق من عرق جبريل والاصفر من عرق البراق.

وعن انس رضى اللّه عنه رفعه ( لما عرج بى الى السماء بكت الارض من بعدى فنبث الاصفر من نباتها فلما رجعت قطر عرقى على الارض فنبت ورد احمر ألا من اراد ان يشم رائحتى فشم الورد الاحمر ).

قال ابو الفرج النهر وانى هذا الخبر يسير من كثير مما اكرم اللّه تعالى نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة.

يقول الفقير هذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا ورد احمر وابيض واصفر اذ ذلك من باب الكرامة ونظير ذلك ان حواء عليها السلام حين اهبطت الى الارض بكت فما وقع من قطرات دموعها فى البحر صار لؤلؤا وهذا لا يستزم ان لا يكون قبل هذا در فى البحر وقيس عليه الملح فان ابراهيم عليه السلام اتى بكف من كافور الجنة فذراه فحيثما وقع ذره منه فى اطراف العالم انقلب مملحة وكان قبل هذا ملح لكن لا بهذه المثابة.

قال عليه السلام ( فركبتها ).

ازان دولت سرا جون خواجه دين ... خرامان شد بعزم خانه زين

شد از سبوحيان كردون صداده ... كه سبحان الذى اسرى بعبده

واختلفوا هل ركبها جبريل معه . قال صاحب المنتقى الظاهر عندى انه لم يركب لانه عليه السلام مخصوص بشرف الاسراء فانطلق البراق يهوى به يضع حافره حيث ادرك ( لا ) قال صليت بمدين وهى قرية تلقاء غزة عند شجرة موسى سميت باسم مدين بن موسى لما نزلها فانطلق البراق يهوى به فقال له جبريل انزل فصصل ففعل ثم ركب فقال له أتدرى أين صليت قال ( لا ) قال صليت ببيت لحم وهى قرية تلقاء بيت المقدس حيث ولد عيسى عليه السلام بينا هو صلّى اللّه عليه وسلّم على البراق اذ رأى عفاريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رآه فقال له جبريل ألا اعلمك كلمات تقولهن اذا انت قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فقال عليه السلام ( بلى ) فقال جبريل قل اعوذ بوجه اللّه الكريم وبكلمات اللّه التامات اللاتى لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ فى الارض ومن شر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار الا طارقا يطرق بخير يا رحمن فقال عليه السلام ( ذلك ) فانكب فيه وطفئت شعلته.

ورآى صلّى اللّه عليه وسلّم حال المجاهدين فى سبيل اللّه اى كشف له عن حالهم فى دار الجزاء بضرب مثال . فرأى قوما يزرعون ويحصدون من ساعته وكلما حصدوا عاد كما كان فقال ( يا جبرائيل ما هذا ) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل اللّه تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما انفقوا من خير فهو يخلفه والمراد تكرير الجزاء لهم.

ونادى مناد عن يمينه يا محمد انظرنى اسألك فلم يجبه فقال ( ما هذا يا جبريل ) فقال هذا داعى اليهود أما انك لواجبته لتهودت امتك اى لتمسكوا بالتوراة والمراد غالب الامة.

ونادى مناد عن يساره كذلك فلم يجبه فقال ( ما هذا يا جبريل ) فقال هذا داعى النصارى أما انك لو اجبته لتنصرت امتك اى لتمسكوا بالانجيل.

وكشف له عليه السلام عن حال الدنيا بضرب مثلا فرأى امرأىة حاسرة عن ذراعيها لان ذلك شأن المقتنص لغيره عليها من كل زينة خلقها اللّه تعالى ومعلوم ان النوع الواحد من الزينة يجلب القلوب اليه فكيف بوجود سائر انواع الزينة : قال الحافظ

خوش عروسيست جهان ازسر صورت ليكن ... هر كه بيوست بدو عمر خودش كابين داد

وقال

از ره مرو بعشوه دنيى كه اين عجوز ... مكاره مى نشيند ومحتاله رود

فقالت يا محمد انظرنى اسألك فلم يلتفت اليها فقال ( من هذه يا جبريل ) فقال تلك الدنيا أما انك لواجبتها لاختارت امتكم الدنيا على الآخرة.

ورأى صلّى اللّه عليه وسلّم على جانب الطريق عجوزا فقالت يا محمد انظرنى فلم يلتفت اليها فقال ( من هذه يا جبريل ) فقال انه لم يبق شئ من عمر الدنيا الا ما بقى من عمر تلك العجوز.

وفى كلام بعضهم قد يقال لها شابة وعجوز بمعنى يتعلق بذاتها وبمعنى يتعلق بغيرها . الاول وهوانها من اول وجود هذا النوع الانسانى الى ايام ابراهيم عليه السلام تسمى الدنيا شابة وفيما بعد ذلك الى بعثة نبينا عليه السلام كهلة ومن بعد ذلك الى يوم القيامة تسم عجوزا وهذا بالنسبة الى القرن الانسانى والا فقد خلق آدم عليه السلام والدنيا عجوز ذهب شبابها ونضارتها كما وردفى بعض الاخبار.

فان قلت الشباب ومقابله انما يكون فى الحيوان . قلت الغرض من ذلك التمثيل . وكشف له عليه السلام عن حال من يقبل الامانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فاتى على رجل جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال ( ما هذا يا جبريل ) قال هذا الرجل من امتك يكون عنده امانات الناس لا يقدر على ادائها ويريد ان يتحمل عليها.

قيل ( اتقوا الواوات ) اتى اتقوا مدلولات الكلمات التى اولها واو كالولاية والوزارة والوصاية والوكالة والوديعة.

وكشف له عن حال من ترك الصلاة المفروضة فى دار الجزاء فاتى على قوم ترضخ رؤسهم كلما ارضخت عادت كما كانت فقال ( يا جبريل من هؤلا ) قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة المكتوبة اى المفروضة عليهم.

وكشف له عن حال من يترك الزكاة الواجبة عليه فاتى على قوم على اقبالهم رقاع وعلى ادبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الابل والغنم ويأكلون الضريع وهو اليابس من الشوك والزقوم ثمر شجر مر له زفرة قيل انه لا يعرف شجره فى الدنيا وانما هو شجر فى النار وهى المذكورة فى قوله تعالى { انها شجرة تخرج فى اصل الجحيم }

ويأكلون وضف جهنم اى حجارتها المحماة التى تكون بها فقال ( من هؤلاء يا جبريل ) قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات اموالهم المفروضة عليهم.

وكشف له عن حال الزناة بضرب مثل فاتى على قوم بين ايديهم لحم نضيج فى قدور ولحم نيئ ايضا فى قدورة خبيث فجعلوا يأكلون من ذلك النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال ( من هذا يا جبريل ) قال هذا الرجل من امتك يكون عند المرأة الحلال الطيب فيأتى امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتى رجلا خبيثا فتبيت عنده حتى تصبح.

وكشف له عن حال من يقطع الطريق بضرب مثال فاتى عليه السلام على خشبة لا يمر بها ثوب ولا شئ الا خرقته فقال ( ما هذه يا جبريل ) قال هذا مثل اقوام من امتك يقعدون على الطريق فيقطعونه وتلا

{ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون } وفيه اشارة الى الزناة المعنوية وقطاع الطريق عن اهل الطلب وهم الجداجلة والائمة والمصلة فى صورة السادة القادة الاجلة فانهم يفسدون ارحام الاستعدادات والاعتقادات بما يلقون فيها من نطف خلاف الحق ويصرفون المقلدين عن طريق التحقيق ويقطعون عليهم خير الطريق فاولئك يحشرون مع الزناة والقطاع.

وكشف له عن حال من يأكل الربا اى حالته التى يكون عليها فى دار الجزاء فرأى رجلا يسبح فى نهر من دم يلقم الحجارة فقال ( من هذا ) فقال آكل الربا.

وكشف له عن حال من يغظ ولا يتعظ فاتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت فقال ( من هؤلاء يا جبريل ) فقال هؤلاء خطباء الفتنة خطباء امتك يقولون ما يفعلون

ازمن بكوى عالم تفسير كوى را ... كردر عمل نكوشى تونادان مفسرى

بار درخت علم ندانم بجز عمل ... باعلم اكر عمل نكنى شاخ بى برى

وكشف له عن حال المغتابين للناس فمر على قول لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقال ( من هؤلاء يا جبريل ) فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى اعراضهم.

وكشف له عن حال من يتكلم بالفحش بضرب مثال فأتى على حجر يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد ان يرجع من حيث يخرج فلا يستطيع فقال ( ما هذا يا جبريل ) فقال هذا الرجل من امتك يتكلم الكلمة العظيمة ثم يندم عليه فلا يستطيع ان يردها.

وكشف له حال من احوال الجنة فأتى على واد فوجده طيبا باردا ريحه ريح المسك وسمع صوتا فقال ( ياجبريل ما هذا ) قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتنى ما وعدتنى.

وكشف له عن حال من احوال النار فأتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا خبثة فقال ( ما هذا يا جبريل ) قال صوت جهنم تقول يا رب استنى ما وعدتنى : وفى المثوى

ذره ذره كاندرين ارض وسمامست ... جنس خود راهريكى جون كهرباست

معده نانرا مى كشد تامستقر ... مى كشد مر آب را تف جكر

جشم جذاب بتان زاين كويهاست ... مغز جويان از كلستان بويهاست

ومر عليه السلام على شخص متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد قال جبريل سر يا محمد قال عليه السلام ( ما هذا ) قال عدو اللّه ابليس اراد ان تميل اليه.

آدمى را دشمن بنهان بسيست ... آدمئ باحذر عقال كسيست

ومر عليه السلام على موسى وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الاحمر وهو يقول برفع صوته اكرمته وفضلته فقال ( من هذا يا جبريل ) قال هذا موسى بن عمران عليه السلام قال ( ومن يعاتب ) قال له يعاتب ربه فيك . والعتاب مخاطبة فيها ادلال والظاهر انه عليه السلام نزل عند قبره فصلى ركعتين . ومر عليه السلام على شجرة تحتها شيخ وعياله فقال ( من هذا يا جبربيل ) قال هذا ابوك ابراهيم عليه السلام فسلم عليه فرد عليه لاسلام فقال من هذا الذى معك يا جبريل قال هذا ابنك محمد صلّى اللّه عليه وسلّم قال مرحبا بالنبى العربى الامى ودعا له بالبركة وكان قبر ابراهيم تحت تلك الشجرة فنزل عليه السلام وصلى هناك ركعتين ثم ركب وسار حتى اتى الوادى الذى فى بيت المقدس فاذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابى وهى النمارق اى الوسائد فقيل يا رسول اللّه كيف وجدتها قال ( مثل الحممة ) اى الفحمة ومضى عليه السلام حتى انتهى الى ايليا من ارض الشام وهو بالكسر مدينة القدس واستقبله من الملائكة جم غفير لا يحصى عددهم فدخلها من الباب اليمانى الذى فيه مثال الشمس والقمر ثم انتهى الى بيت المقدس وكان بباب المسجد حجر فادخل جبريل يده فيه فخرقه فكان كهيئة الحلقة وربط به البراق . وفى حديث ابى سئفيان رضى اللّه عنه قبل اسلامه انه قال لقيصر يحط من قدره صلّى اللّه عليه وسلّم ألا اخبرك ايها الملك عنه خبرا تعلم منه انه يكذب فقال وما هو قال انه يزعم انه خرج من ارضنا ارض الحرم فجاء مسجدكم هذا ورجع الينا فى ليلة واحدة فقال بطريق انا اعرف تلك الليلة فقال له قيصر ما اعلمك بها قال انى كنت لا ابيت ليلة حتى اغلق ابواب المسجد فلما كانت تلك الليلة اغفلقت الابواب كلها غير واحد وهو الباب الفانى غلبنى فاستعنت عليه بعمالى ومن يحضرنى فلم يفد فقالوا ان البناء نزل عليه فاتركوه الى غد حتى يأتى بعض التجارين فيصلحه فتركته مفتوحا فلما اصبحت غدوت فاذا الحجر الذى من زاوية الباب مثقوب واذا فيه اثر مربط الدابة ولم اجد بالباب ما يمنعه من الاغلاق فعلمت انه انما امتنع لاجل ما كنت اجده فى العلم القديم ان نبيا يصعد من بيت المقدس الى السماء وعند ذلك قلت لاصحابى ما حبس هذا الباب الليلة الا لهذا الامر.

ولا يخفى ان عدم انغلاق الباب انما كان ليكون آية والا فجبريل لا يمنعه باب مغلق ولا غيره وكذا خرق المربط وربط البراق والا فالبراق لا يحتاج الى الربط كسائر الدواب الدنيوية فان اللّه تعالى قد سخره لحبيبه عليه السلام.

ولما استوى عليه السلام على الحجر المذكور قال جبريل يا محمد هل سألت ربك ان يريك الحور العين قال ( نعم ) قال جبريل فانطلق الى اولئك النسوة فسلم عليهن فسلم عليه السلام عليهن فرددن عليه السلام فقال من انتثن قلن خيرات حسان نساء قوم ابرار نقوا فلم يدرنوا واقاموا فلم يظعنون وخلدوا فلم يموتوا ثم دخل عليه السلام المسجد ونزلت الملائكة واحيى اللّه له آدم ومن دونه من الانبياء من سمى اللّه ومن لم يسم حتى لم يشذ منهم احد فرآهم فى صورة مثالية كهيئتهم الجسدانية الا عيسى وادريس والخضر والياس فانه رآهم باجسادهم الدنيوية لكونهم من زمرة الاحياء كما هو الظاهر فسلموا عليه وهنأوه بما اعطاه اللّه تعالى من الكرامة وقالوا الحمد لله الذى جعلك خاتم الانبياء فنعم النبى انت ونعم الاخ انت وامتك خير الامم ثم قال جبريل تقدم يا محمد وصل باخوانك من الانبياء ركعين فصلى بهم ركعتين وكان خلف ظهره ابراهيم وعن يمينه اسماعيل وعن يساره اسحاق عليهم السلام وكانوا سبعة صفوفو ثلاثة صفوف من الانبياء المرسلين واربعة من سائر الانبياء.

قال فى انسان العيون والذى يظهر واللّه اعلم ان هذه الصلاة كانت من النفل المطلق ولا يضر وقوع الجماعة فيها انتهى.

وفى منية المفتى ايضا امامة النبى عليه السلام ليلة المعراج لارواح الانبياء وكانت فى النافلة انتهى.

قال عليه السلام ( لما وصلت الى بيت المقدس وصليت فيه ركعتين اى اماما بالانبياء والملائكة اخذنى العطش اشد ما اخذنى فأتيت بإناءين فى احدهما لبن وفى الآخر خمر فاخذت الذى فيه اللبن وكان ذلك بتوفيق ربى فشرتبه الا قليلا منه وتركت الخمر فقال جبريل اصبت الفطرة يا محمد ) لان فطرته هى الملائكة للعلم والحلم والحكمة ( اما انك لو شربت الخمر لغوت امتك كلها ولو شربت اللبن كله لما ضل احد من امتك بعدك فقلت يا جبريل اردد علىّ اللبن حتى اشربه كله فقال جبريل قضى الامر ليقضى اللّه امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وان اللّه لسميع عليم ).

قال بعضهم انه لما يختلف احد انه عرج به صلّى اللّه عليه وسلّم من عند القبة التى يقالها قبةالمعراج عن يقين الصخرة وقد جاء ( صخرة بيت المقدس من صخور الجنة ) وفيها اثر قدم النبى عليه السلام.

قال ابى بن كعب ما ماء عذب الا وينبع من تحت صخرة بيت المقدس ثم يتفرق فى الارض وهذه الصخرة من عجائب اللّه فاناه صخرة شعثاء فى وسط المسجد الاقصى قد انقطعت من كل جهة لا يمسكها الا الذى يمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه ومن تحتها المغارة التى انفصلت من كل جهة فهى معلقة بين السماء والارض.

قال الامام ابو بكر بن العربى فى شرح الموطأ امنعت لهيبتها ان ادخل من تحتها لانى كنت اخاف ان تسقط علىّ بالذنوب ثم بعد مدة دخلتها فرأيت العجب العجاب تمشى فى جوانبها من كل جهة فتراها منفصلة عن الارض لا يتصل بها من الارض شئ ولا بعض شئ وبعض الجهات اشد انفصالا من بعض

قال بعضهم بيت المقدس اقرب الارض الى السماء بثمانية عشر ميلا وباب السماء الذى يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس اى ولهذا اسرى به عليه السلام من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ليحصل العروج مستويا من غير تعويج.

يقول الفقير رقاه اللّه القدير الى معرفة سر المعراج المنير لعل وجه الاسراء الى بيت المقدس هو التبرك بقدمه الشريفة لكون مدينة القدس ومسجدها متعبد كثير من الانبياء ومدفنهم لا لانه يحصل العروج مستويا فان ذلك من باب قياس الغائب على الشاهد وتقدر الملكوت بالملك اذا لارواح الطيبة والطفها النبى عليه السلام بجسمه وروحه لا حائل لهم واعتبار الاستواء والتعويج من بابا التكلف الذى لا يناسب حال المعراج . وقد ثبت ان عيسى عليه السلام سينزل الى المنارة البيضاء الدمشقية . ولم يعهد انها حيال باب السماء فالجواب العقلى لا يتمشى ههنا.

قال فى ربيع الابرار ( ثم قال لى جبريل قم يا محمد فقمت فاذا بسلم من ذهب قوائمه من فضة مركب من اللؤلؤ والياقوت يتلألأ نوره واذا اسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه فى السماء فقيل لى يا محمد اصعد فصعدت )

وفى انسان العيون عرج الى السماء من الصخرة على المعراج لا على البراق . والمعراج بكسر الميم وفتحها الذى تعرج ارواح بنى آدم فيه وهو سلم له مرقاة من ذهب وهذا المعراج لم تر الخلائق احسن منه أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا الى السماء اى بعد خروج روحه فان ذلك عجبه بالمعراج الذى نصب لروحه لتعرج عليه وذلك شامل للمؤمن والكافر الا ان المؤمن يفتح لروحه باب السماء دون الكافر فترد بعد عروجها تحسرا وندامة وتكبيتا له وذلك المعراج اتى به من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ اى جعل فيه اللؤلؤ بعضه على بعض عن يمينه ملائكة ويساره ملائكة فصعد صلّى اللّه عليه وسلّم ومعه جبريل.

وفى كلام بعض المشايخ ان المراد بالمعراج صورة الجذب والانجذاب وتمثيل اصعود ولا فالآلة لا تتمشى هناك اذ لا يقاس السير الملكوتى على السير الملكى والظاهر ان عالم الملكوت مشتمل على ما هو صورة ومعنى والصورة هناك تابعة للمعنى كحال صاحب السير والاسراء فانه لو لم يكن جسده تابعا لروحه لتعذر العروج لصورته صورة ولمعناه معنى وكل منهما خلاف ما تتصوره الاوهام وهو اللائح بالبال والحمد اللّه الملك المتعال.

واعلم ان المعدن والنبات والحيوان مركبات تسمى بالمواليد الثلاثة آباؤها الاثيرايات الى الاجرام الاثيرية التى هى الافلاك بما فيها من الاجرام النيرة وامهاتها العنصريات والعناصر اربعة الارض والماء والهواء والنار فالارض ثقيل على الاطلاق والماء ثقيل بالاضافة الى الهواء والنار وهو محيط باكثر الارض والهواء خفيف مضاف الى الثقلين يطلب العلو وهو محيط بكرة الارض والماء والنار خفيف على اطلاق يحيط بكرة الهواء والنبى صلّى اللّه عليه وسلّم جاوز هذه العناصر ليلة المعراج بالحركة القسرية والحركة القسرية غير منكورة عندنا وعند المحيلين لهذا الاسراء الجسمانى فانا نأخذ الحجر وطبعه النزول فنرمى به فى الهواء صعوده فى الهواء بخلاف طبعه وبطبعه اما قولنا بخلاف طبعه فان طبعه يقتضى الحركة نحو المركز فصعوده فى الهواء عرضى بالحركة القسرية وهى الرمى به علوا

واما قولنا وبطبعه فانه عليه السلام الفلك الاثيرى وهو نار والجسم الانسانى مهيأ مستعد لقبول الاحتراق ثم ان المانع من الاحتراق امور يسلمها الخصم فتلك الامور كانت الحجب التى خلقها اللّه سبحانه فى جسم المسرى به فلم يكن عنده استعداد الانفعال للحرق كبعض الاجسام المطلية بما يمنعها من الاحتراق بالنار اوامر آخر وهو ان الطريق الذى اخترقه ليس النار فيه الا محمولة فى جسم لطيف ذلك الجسم هو المحرق بالنار فسلب عنه النار وحل به ضدها كنار ابراهيم عليه السلام قال عليه السلام ( انتهيت الى مجر اخضر عظيم اعظم ما يكون من البحار فقلت يا جبرائيل ما هذا البحر فقال يا محمد هذا بحر فى الهواء لا شئ من فوقه يتعلق به ولا شئ . من تحته يفر فيه ولا يدرى قعره وعظمته الا اللّه تعالى ولولا ان هذا البحر كان حائلا لاحترق ما فى الدنيا من حر الشمس ) ثم قال ( ثم انتهيت الى السما ءالدنيا واسمها رقيع فأخذ جبريل بعضدى وضرب بابها به وقال افتح الباب ) وانما استفتح لكون انسان معه ولو انفرد لما طلب الفتح ولكون مجيئه على خلاف ما كانوا يعرفونه قبل ( قال الحارس من انت قال جبريل قال ومن معك فانه رأى شخصا معه لم يعرفه قال محمد قال اوقد بعث محمد قال نعم ) وذلك لجواز ان يعرف ولادته عليه السلام ويخفى عليه بعثته قال ( الحمد لله ففتح لنا الباب ودخلنا فلما نظر الىّ قال مرحبا بك يا محمد ولنعم المجيئ مجيئك فقلت يا جبريل من هذا قال هذا اسماعيل خازن السماء الدنيا وهو ينتظر قدومك فاذن وسلم عليه فدنوت وسلمت فرد علىّ السلام وهنأنى فلما صرت اليه قال ابشر يا محمد فان الخير كله فيك وفى امتك فحمد اللّه على ذلك ) وهذا الملك لم يهبط الى الارض قط الا مع ملك الموت لما نزل لقبض روحه الشريفة ( تحت يده سبعون الف ملك تحت يد كل ملك سبعون الف ملك قال واذا جنوده قائمون صفوفا ولهم زجل بالتسبيح يقولون سبوحا سبوحا لرب الملائكة والروح قدوسا قدوسا لرب الارباب سبحان العظيمالاعظم وكان قراءتهم سورة الملك فرأيت فيها كهيئة عثمان بن عفان فقلت بم بلغت الى هنا قال بصلاة الليل )

هر كبج سعادت كه خداد داد بحافظ ... ازيمن دعاى شب وورد سحرى بود

قال ( ثم انتهيت الى آدم فاذا هو كهيئة يوم خلقه اللّه تعالى ) اى على غاية من الحسن والجمال ( وكان تسبيحه سبحان الجليل الاجل سبحان الواسع الغنى سبحان اللّه العظيم وبحمده فاذا هو تعرض عليه ارواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة خرجت من جسد طيب اجعلوها فى عليين وتعرض عليها ارواح ذريته الكفار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة خرجت من جسد خبيث اجعلوها فى سجين ) فان قلت ارواح الكفار لا تفتح لها ابواب السماء فكيف تعرض عليه وهو فى السماء . قلت المراد بعض ارواح ذريته الكفار قلت المراد بعض ارواح ذريته الكفار يقع نظره عليها وهى دون السماء لانها شفافة . فان قلت ما ذكر يقتضى ان يكون ارواح المؤمنين كلهم فى عليين فى السماء السابعة وقد ثبت ان ارواح العصاة محبوسة بين السماء والارض . قلت التحقيق ان مبدأ مراتب السعدآء من السماء الدنيا على درجات متفاوتة الى عليين ومبدأ مراتب الاشقياء من مقعر سماء الدنيا الى منازل مختلفة الى سجين تحت السابعة وهو مسكن ابليس وذريته فمراتب ارواح الكفار انزل من مراتب ارواح عصاة المؤمنين تلتحق بعد التهذيب لى مقارها العلوية قال عليه السلام ( فتقدمت اليه وسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والتى الصالح ) اى لقيت رحبا وسعة وكان مقره فلك القمر لمناسبته فى السرعة فان القمر يسير فى الشهر ما يسير الشمس فى السنة من المنازل فناسب فى سرعة حركاته حركات الذهنية وانتقالاته الباطنية وموجب هذه الرؤية الخاصة اى رؤيته عليه السلام لآدم فى السماء الدنيا دون غيره من الانبياء عليهم السلام مناسبة صفاتية او فعلية او حالية فلا تنافى ان يشارك آدم فى هذه السماء غيره من بعض الانبياء وقس عليها الرؤية فيما فوقها من السموات كما سيجيئ.

قال فى تفسير المناسبات فى سورة النجم فاول ما رأى صلّى اللّه عليه وسلّم من الانبياء عليهم السلام آدم عليه السلام الذى كان فى امن اللّه وجواره فاخرجه ابليس عدوه منهما . وهذه القصة تشبهها الحالة الاولى من احوال النبى عليه السلام حين اخرجه اعداؤه من حرم اللّه وجوار بيته فأشبهت قصته فى هذا قصة آدم مع ان آدم يعرض عليه ذريتة البر والفاجر منهم فكان فى السماء الدنيا بحيث يرى الفريقين لان ارواح اهل الشقاء لا تلج فى السماء ولا تفتح لهم ابوابها انتهى قال عليه السلام ( ورأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الابل ) اى كشفاه الابل ( وفى ايديهم قطع من نار كالافهار ) اى الحجارة ( التى كل واحد منها ملئ الكف يقذفونها فى افواههم تخرج من ادبارهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال اكلة اموال اليتامى ظلما ) وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الارض ولعل المراد بالرجال الاشخاص او خصوا بذلك لانهم اولياء للايتام غالبا ( ثم رأيت رجال لهم بطون امثال البيوت فيها حيات ترى من خارج البطون بطريق آل فرعون يمرون عليهم كالابل المهيومة حين يعرضون على النار لا يقدرون ان يتحولوا من مكانهم ذلك ) اى فتطأهم آل فرعون الموصوفون بما ذكر المقتضى لشدة وطئهم لهم والمهيومة التى اصابها الهيام وهوداء يأخذ الابل فتهيم فى الارض ولا ترعى او العطاش والهيام شدة العطش . وفى رواية ( كلما نهض احدهم خر ) اى سقط ( قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اكلة الربا ) وتقدمت رؤيته عليه السلام لهم فى الارض لا بهذا الوصف بل ان الواحد منهم يسبح فى نهر مندم يلقم الحجارة ولا مانع من اجتماع الوصفين لهم اى فيخرجون من ذلك النهر ويلقون فى طريق من ذكر وهكذا عذابهم دائما ( ثم رأيت اخونة عليها لحم طيب ليس عليها احد واخرى عليها لحم منتن عليها ناس يأكلون قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام ) اى من الاموال اعم مما قبله وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الارض ( ثم رأيت نساء متعلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتى ادخلن على الرجال ما ليس من اولادهن اى بسبب زناهن ) وفى رواية ( انه عليه السلام رأى فى هذه السماء النيل والفرات ) وذلك لان متبعهما من تحت سدرة المنتهى ويمران فى الجنة ويجاوزانها الى السماء الدنيا فينصبان الى الارض من طرف العالم فيجريان . وفى زيادة الجامع الصغير ( ان النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يسبح لوجدتم فيه من ورقها )

قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بابنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام ) اى شبيه احدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما ( ومعهما نفر من قومهما فرحبا بى ودعوا لى بخير ) وكونهما ابن الخالة اى ان ام كل خالة الآخر هو المشهور والتفصيل فى آل عمران.

قال فى تفسير المناسبات ثم رأى فى الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود اما عيسى فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه اللّه

واما يحيى فقتلوه : قال فى المثنوى

جون سفيها نراست اين كاروكيا ... لازم آ مد يقتلون الانبياء

ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد انتقاله الى المدينة صار الى حالة ثانية من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود وآذوه وظاهروا عليه وهموا بالقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه اللّه كما نجى عيس ىمنهم ثم سموه فى الشاة فلم تزل تلك الاكلة تعاده حتى قطعت ابهره كما قال عند الموت وهكذا فعلوا بابنى الخالة عيسى ويحيى . قوله تعاده يقال عادته اللسعة اذا اتته لعداد بالكسر اى لوقت وفى الحديث ( ما زالت اكلة خيبر تعادنى فهذا فهذا اوان قطعت ابهرى ) وهو عرق فى الظهر متصل بالقلب اذا انقطع مات صاحبه وذلك ان يهودية اتت رسول اللّه بشاة مسمومة فاكل منها واكل القوم فقال عليه السلام ( ارفعوا ايديكم فانها اخبرتنى انها مسمومة ) فمات بشر بن البراء منه فجيئ بها الى رسول اللّه فسألها عن ذلك فقالت اردت ان اقتلك فقال عليه السلام ( ما كان اللّه ليسلط على ذلك ) اى على قتلى

قال الشيخ افتاده قدس سره وانما لم يؤثر السم فيه عليه السلام الى الاحتضار لان ارشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان من مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه الا الاحتضار فلما احتضر تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه ( ثم عرج بنا الى السماء الثالثة فاستفح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل اوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بيوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه واذا هو اعطى شطر الحسن ) اى نصف الحسن الذى اعطيه الناس غير نبينا عليه السلام وفى كلام بعضهم اعطى شطر الحسن الى اوتيه نبينا عليه السلام وكان نبينا عليه السلام املح وان كان يوسف ابيض : قال المولى الجامى

دبير صنع نوشت است كرد عارض تو ... بمشك ناب كه الحسن والملاحة لك

وذلك ان الحسن والملاحة من عالم الصفات ولم يحصل لغيره عليه السلام ما حصل له من تجليات الصفات على الكمال صورة ومعنى اذ هو افضل من الكل فالتجلى له اكمل وهو اللائح بالبال قال عليه السلام

( فرحب بى ودعا لى بخير ) قال فى تفسير المناسبات اما القاؤه ليوسف عليه السلام فى السماء فانه يؤذن بحالة ثالثة تشبه حالة يوسف عليه السلام وذلك ان يوسف ظفر باخوته بعدما اخرجوه من بين ظهرانيهم فصفح عنهم وقال

{ لا تثريب عليكم اليوم } الآية وكذلك نبينا عليه السلام اسر يوم بدر جملة من اقاربه الذين اخرجوه فيهم عمه العباس وابن عمه عقيل فمنعم من اطلقه ومنهم من فداه ثم ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم فقال لهم ( اقول ما قال اخى يوسف لا تثريب عليكم ) ( ثم عرج بنا الى السماء الرابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل اوقد بعث اليه قال قد بعث اليه ففتح لنا فاذا انا بادريس عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير ) قال اللّه تعالى فى حقه

{ ورفعناه مكانا عليا } اى السماء الرابعة حال حياته على احد الوجوه وكونه فى الجنة كما فى بعض الروايات لا ينافى وجوده فى السماء المذكورة تلك الليلة . قيل رفع الى السماء من مصر بعد ان خرج منها ودار الارض كلها وعاد اليها ودعا الخلائق الى اللّه تعالى باثنتين وسبعين لغة خاطب كل قوم بلغتهم وعلمهم العلوم وهو اول من استخراج علم النجوم اى علم الحوادث التى تكون فى الارض باقتران الكواكب وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذى يخطئ لعدم استيفائه النظر . قال فى المناسبات ثم لقاؤه لادريس عليه السلام فى السماء الرابعة وهو المكان الذى سماه اللّه مكانا عليا وادريس اول من آتاه اللّه الخط بالقلم فكان ذلك موذنا بحالة رابعة وهو شأنه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى اخاف الملوك وكتب اليهم يدعوهم الى طاعته حتى قال ابو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاء كتاب النبى عليه السلام ورأى ما رأى من خوف هرقل لقد امر امر ابن أبى كبشه حين اصبح يخافه ملك ابن ابى الاصفر وكتب بالقلم الى جميع ملوك الارض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشى وملك عمان ومنهم من هادن واهدى اليه واتحفه المقوقس ومنهم من تعصى عليه فاظفره اللّه به وهذا مقام علىّ وخط بالقلم على نحو ما اوتى ادريس عليه السلام ( ثم عرج بنا الى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بهارون عليه السلام ونصف لحيته بيضاء ونصف لحيته سوداء تكاد تضرب الى سرته من طولها وحوله قوم من بنى اسرائيل وهو يقص عليهم فرحب بى ودعا لى بخير ) وكان هارون محببا فى قومه لانه كان الين اليهم من موسى لان موسى كان فيه بعض الشدة عليهم ومن ثمة كان له منهم بعض الاذى.

قال فى المناسبات لقاؤه عليه السلام فى السماء الخامسة لهارون المحبب فى قومه يوذن بحب قريش وجميع العرب له بعد بغضهم فيه.

قال وهب بن منبه وجدت فى احد وسبعين كتابا ان اللّه تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنياء الى انقضائها من العقل فى جنب عقله صلّى اللّه عليه وسلّم الا كحبة بين رمال الدنيا . ومما يتفرع على العقل اقناء الفضائل واجتناب الرذائل واصابة الرأى وجودة الفطنة وحسن السياسة والتدبير وقد بلغ من ذلك صلّى اللّه عليه وسلّم الغاية التى لم يبلغها بشر سواه ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره صلّى اللّه عليه وسلّم للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه واختاروه على انفسهم وقاتلوا دونه اهلهم وآباءهم وابناءهم وهجروا فى رضاه اوطانهم ( ثم عرج بنا الى السماء السادسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بموسى عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير ) وكان موسى رجلا آدم طوالا كثير الشعر مع صلابته لو كان عليه قميصان لنفذ الشعر منهما وكان اذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه صار يضربه حتى ضربه ست ضربات او سبعا مع انه لا ادراك له ووجه بانه لما فر صار كالدابة والدابة اذا جمحت فصاحبها يؤدبها بالضرب.

يقول الفقير انما فر الحجر لان للجمادات حياة حقانية عند اهل اللّه تعالى وربما يظهر اثرها فى الظاهر فتصير فى حكم الاحياء من ذوى الروح واليه الاشارة بهذه الابيات المثنوية

بادرا بى شم اكر بينش نداد ... فرق جون مى كرد اندر قوم عاد

كرنبودى نيل را آن نور ديد ... ازجه قبطى را زسبطى مى كزيد

كرنه كوه وسنك باديدار شد ... بس جرا داودرا اويار شد

اين زمين را كرنبودى جشم وجان ... ازجه قارون را فراخوردى جنان

قال عليه السلام ( فلما جاوزت اى عن موسى بكى فقيل له ما يبكيك قال ابكى لان غلاما بعث بعدى يدخل الجنة من امته اكثر ممن يدخل من امتى ) اى بل ومن سائر الامم لان اهل الجنة من الامم مائة وعشرون صفا هذه الامة منها ثمانون صفا وسائر الامم اربعون.

قال ابن الملك انما بكى موسى اشفاقا على امته حيث قصر عددها عن عدد امة محمد لا حسدا عليه لانه لا يليق به

واما قوله ان غلاما بعث بعدى فلم يكن على سبيل التحقير بل على معنى تعظيم المنة لله تعالى لان محمدا مع كونه غير طويل المر فى عبادة ربه خصه بهذه الفضيلة.

يقول الفقير بكاء موسى عليه السلام هو المناسب لمقامه لانه كان له غيرة غالبة ولذا لما مر عليه السلام عليه وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الاحمر سمع منه وهو يقول برفع صوته اكرمته فضلته يخاطب ربه وياتبه ادلالا وهو لا يستلزم الحسد والتحقير لان كمل افراد الامة مطهرون عن مثل هذا فكيف الانبياء خصوصا اولوا العزم منهم ومن البين ان اهل الجنة يرضون بما اوتوا من الدرجات على حسب استعداداتهم فلا يتمنى بعضهم مقام بعض لكونه خارجا عن الحكمة فكذا الانبياء والاولياء فى مقاماتهم المعنوية والا لما استراحوا وهو مخل برتبتهم.

قال فى المناسبات ولقاؤه فى السماء السادسة لموسى عليه السلام يوذن بحالة تشبه حالة موسى عليه السلام حين امر بغزوة الشام وظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وادخل بنى اسرائيل البلد الذى خرجوا منه بعد اهلاك عدوهم وكذلك غزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبوك من ارض الشام وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد ان اتى به اسيرا وافتتح مكة ودخل اصحابه البلد الذى خرجوا منه ( ثم عرج بنا الى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بابراهيم عليه السلام قال هذا ابوك ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبى الصالح )

قال الامام التوربشتى امر النبى عليه السلام بالتسليم على القاعد والمرئى كان ارواح الانبياء مشكلة بصورهم التى كانوا عليها الا عيسى فانه مرئى بشخصه قال عليه السلام ( واذ ابراهيم رجل اشمط جالس عند باب الجنة ) اى فى جهتها والا فالجنة فوق السماء السابعة ( على كرسى مسند ظهره الى البيت المعمور ) وهو من عقيق محاذ للكعبة بحيث لو سقط سقط عليها ( يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون كالانفاس الانسانية يدخلون من الباب الواحد ويخرجون من الباب الآخر ) فالدخول من باب مطالع الكواكب والخروج من باب مغاربها قال عليه السلام ( واذا انا بامتى شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمدة فدخلت البيت المعمور ودخل معى الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمدة فصليت انا ومن معى فى البيت المعمور ) اى ركعتين والظاهر انه ليس المراد بالشطر النصف حتى يكون العصاة من امته بقدر الطائعين منهم.

يقول الفقير المراد بالشطرين الفرقتان والفرقة التى عليهم ثياب بيض طائفة بالنسبة الى الذين عليهم ثياب رمدة لان الحكمة الالهية اقتضت كون اهل العصيان والنفس اكثر من اهل الطاعة والتزكية اذ المقصود ظهور الانسان الكامل وهو حاصل مع ان الواحد على الحق هو السواد الاعظم فيكون اهل الطاعة كالشطر بالنسبة الى اهل العصيان نسأل اللّه تعالى ان يدخلنا بيت القلب مع الداخلين ويزيل اوساخ وجوداتنا بحرمة النبى الامين.

قال السهيلى قد ثبت فى الصحيح ان اطفال المؤمنين والكافرين فى كفالة سيدنا ابراهيم عليه السلام وان رسول اللّه قال لجبريل حين رآهم مع ابراهيم ( من هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء اولاد المؤمنين الذين يموتون صغارا ) قاله له ( واولاد الكافرين ) قال واولاد الكافرين.

وقد روى فى اطفال الكافرين ايضا ( انهم خدم لاهل الجنة )

وجاء ان ابراهيم عليه السلام قال لرسول اللّه ( اقرئ امتك منى السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وان غراسها سبحان اللّه والحمدلله ولا اله الا اللّه واللّه اكبر ) كما قال المولى الجامى

يا دكن آنكه درشب اسرا ... باحبيب خدا خليل خدا

كفت كووى ازمن اى رسول كرام ... امت خويش را زبعد سلام

كه بود باك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت

خاك او باك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده

غرس اشجاران بسعى جميل ... بسمله حمد له است بس تهليل

هست تكبير نيزا ازان اشجار ... خوشى كسى كش جزين نيايد كار

ابغ جنات تحتها الانهار ... سبز وخرم شود ازان اشجار

قال عليه السلام ( واستقبلتنى جارية لعساء وقد اعجبتنى فقلت لها يا جارية انت لمن قالت لزيد بن حارثة ) واللعس لون الشفة اذا كان تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح.

يقول الفقير زيد هذا هو الذى تبناه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكانت زينت تحت نكاحه فطلقها ليتزوجها رسول اللّه فلما آثر النبى عليه السلام بها ابدل اللّه مكانها زوجا له من الحور مليحة جدا وجازاه بها فان لكل فناء وترك مشروع اثرا معنويا فما انتقص شئ فى الظاهر الا وقد انتقل فى الباطن والآخر باطن بالنسبة الى الدنيا فمن ترك حظه فيها وجده فى الآخرة اعلى منه واوفر . ورأى عليه السلام فى السماء السابعة فوجا من الملائكة نصف ابدانهم من النار ونصفها من الثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهم يقولون اللهم كما الفت بين النار والثلج فالف بين قلوب عبادك المؤمنين حمله بعض الاكابر على معنى ان نصف اجزائه ثلج ونصف اجزائه نار فامتزجا وحصل بينهما مزاج واحد والظاهر ان الاول ادل على القدرة فان اجتماع الاضداد بالمعنى الذى ذكره موجود فى اكثر المركبات.

قال فى المناسبات ثم لقاؤه فى السماء السابعة ابراهيم عليه السلام لحكمتين احداهما انه رآه عند البيت المعمور مسندا ظهره اليه والبيت المعمور حيال الكعبة اى بازائها ومقابلتها واليه تحج الملائكة كما ان ابراهيم هو الذى بنى الكعبة واذن فى الناس بالحج والحكمة الثانية ان آخر احوال النبى عليه السلام حجه الى البيت الحرام وحج معه ذلك العام نحو من سبعين الفا من المسلمين ورؤية ابراهيم عند اهل التأويل تؤذن بالحج لانه الداعى اليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( ثم ذهب بى ) اى جبريل ( الى سدرة المنتهى ) وهى شجرة فوق السماء السابعة فى اقصى الجنة اليها ينتهى الملائكة باعمال اهل الارض من السعداء واليها تنزل الاحكام العرشية والانوار الرحمانية ( واذا اوراقها كآذان الفيلة ) جميع الفيل اى فى الشكل وهو الاستدارة لا فى السعة اذ الواحدة منها تظل الخلق كما فى بعض الروايات ( وثمرها كلاقلال ) جمع قلة وهى الجرة العظيمة وهذه الشجرة هى الحد البرزخى بين الدارين فاغصانها نعيم لاهل الجنة واصولها زقوم لاهل النار ولا فنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيحات عجيبة الالحان تطرب لها الارواح وتظهر عليها الاحوال وام فيها رسول اللّه ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الانبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الارض والسماء ويخرج من اصل تلك الشجرة اربعة انهار باطنان اى يبطنان ويغيبان فى الجنة بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة وهما الكوثر ونهر الرحمة ونهران ظاهران اى يستمران ظاهرين بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة فيجاوزان الجنة وهما النيل نهر مصر والفرات نهر الكوفة.

قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذى يقال له البحر الاخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج لما قدر احد على شربه لشدة حلاوته ومر الفرات فى بعض السنين فوجد فيه رمان مثل البعير فيقال انه رمان الجنة.

يقول الفقير لعله من البساتين التى يقال لها جنان الارض اذ سقوط الثمار من اماكنها من الفساد غالبا وليس لثمار الجنة ذلك اللهم الا ان يقال وجود ذلك الرمان فى الفرات على تقدير ان يكون من رمان الجنة انما هو ليكون آية لذوى الاستبصار ودخل عليه السلام الجنة فاذا فيها نابذ اى قباب الدر واذا ترا بها المسك ورمانها كالدلاء وطيرها كالبخت وانتهى الى الكوثر فاذا فيه آنية الذهب والفضة فشرب منه فاذا هو احلى من العسل واشد رائحة من المسك وفى الحديث ( ما فى الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة الا وهى فى الجنة حتى الحنظل والذى نفس محمد بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل الى فيه حتى يبدل اللّه مكانها خيرا منها )

وهذا القسم يرشد الى ان ثمرة الجنة كلها حلوة تؤكل وانها تكون على صورة ثمرة الدنيا المرة وغشى السدرة ما غشى من نور الحضرة الالهية فصار لها من الحسن غير تلك الحالة التى كانت عليها فما احد من خلق يستطيع ان ينعتها من حسنها لان رؤية الحسن تدهش الرائى ورأى عليه السلام جبرائيل عند تلك السدرة على الصورة التى خلقه اللّه عليها له ستمائة جناح كل جناح منها قدسه الافق اى ما بين المشرق والمغرب يتناثر من اجنحته الدر والياقوت - روى - ان جبريل لما وصل الى السدرة التى هى مقامه تأخر فلم يتجاوز فقال عليه السلام ( أفى مثل هذا المقام يترك الخليل خليله ) فقال لو تجاوزت لاحرقت بالنور . وفى رواية لو دنوت انماله لاحرقت : قال الشيخ سعدى قدس سره

جنان كرم درتيه قربت براند ... كه درسدره جبريل ازوبازماند

بدو كفت سالار بيت الحرام ... كه اى حامل وحى برتر خرام

جو در دوستى مخلصم با فتى ... عنانم ز صحبت جرا تافتى

بكفتا فرا تر مجالم تماند ... بما ندم نيروى بالم نماند

اكريك سرموى بر تر برم ... فروغ تجلى بوزد برم

فقال عليه السلام ( يا جبريل هل لك من حاجة الى ربك قال يا محمد سل اللّه لى ان ابسط جناحى على الصراط لامتك حتى يجوزوا عليه ) قال عليه السلام ( ثم زج بى فى النور فخرق بى سبعون الف حجاب ليس فيها حجاب يشبه حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام وانقطع عنى حس كل ملك فلحقنى عند ذلك استيحاش فعند ذلك نادى مناد بلغة ابى بكر قف فان ربك يصلى ) اى يقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى وجاء نداء من العلى الاعلى ( ادن يا خير البرية ادن يا احمد ادن يا محمد فادنانى ربى حتى كنت كما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ) - روى - انه عليه السلام عرج من السماء السابعة الى الدرة على جناح جبريل ثم منها على الرفرف وهو بساط عظيم.

قال الشيخ عبد الوهاب الشعرانى هو نظير المحفة عندنا ونادى جبريل من خلفه يا محمد ان اللّه يثنى عليك فاسمع واطع ولا يهولنك كلامه فبدأ عليه السلام بالثناء وهو قوله ( التحيات لله والصلوات والطيبات ) اى العبادات القولية والبدنية والمالية فقال تعالى ( السلام عليك ايها النبى ورحمة اللّه وبركاته ) فعمم عليه السلام سلام الحق فقال ( السلام علينا وعلى عبد اللّه الصالحين ) فقال جبريل ( اشهد ان لا اله الا اللّه واشهد ان محمدا عبده ورسوله ) وتابعه جميع الملائكة.

قال بعض الكبار اخترق الافلاك من غير ان تسكن عن تحريكها كاختراق الماء والهواء الى ان وصل سدرة المنتهى فقعد على الرفرف فاخترق عوالم الانوار الى ان جاز موضع القدمين الى العرش اى المستوى المفهوم من قوله

{ الرحمن على العرش استوى } كل ذلك بجسمه فعاين محل الاستواء فلما فارق عالم التركيب والتدبير لم يبق له انيس من جنه فاستوحش من حيث مركبه فنودى بصوت ابى بكر ( قف يا محمد ان ربك يصلى ) فكن وتلا عليه عند ذلك

{ هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور } هذا لسان الاحباب وخطاب الاخلاء والاصحاب وهذا اول الابواب المعنوية من هنا تقع فى بحر الشارات والمعانى وهو الاسراء البسيط فتقع المشاهدة بالبصر لا بالجارحة لا عيان الارواح المهيمة التى لا مدخل لها فى عالم الاجسام فترك الرفرف ومشاهدة الجسم وانسلخ من الرسم والاسم وسافر برفرف عمته فحطت العين بساحل بحر العمى حيث لا حيث ولا اين فادركت ما ادركت من خلف حجاب العزة الا حمى الذى لا يرتفع ابدا ثم عادت بلا مسافة الى شهود عينها ثم الى تركيب كونها المتروك بالمستوى مع الرفرف فقوله

{ ثم دنا } اشارة الى العروج والوصول وقوله

{ فتدلى } الى النزول والرجوع وقوله

{ فكان قاب قوسين } بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى مرتبة الذات الواحدية اى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى

{ اللّه الصمد } وقوله تعالى

{ او ادنى } اشارة الى مرتبة الذات الاحدية اى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى

{ اللّه احد } وكان المعراج فى صورة الصعود والهبوط لانه وقع بالجسم والروح معا والا فالملك والملكوت مندرج فى الوجود الانسانى وكل تجل يحصل له انما هو من الداخل لا من الخارج قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( سألنى ربى فلم استطع ان اجيبه فوضع يده بين كتفىّ بلا تكييف ولا تحديد ) اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة ( فوجدت بردها فاورثنى علم الاولين والآخرين وعلمنى علوم شتى فعلم اخذ على كتمانه اذ علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه وعلم امرنى بتبليغه الى العام والخاص من امتى ) وهى الانس والجن وهذا التفصيل يدل على ان العلوم الشتى هذه العلوم الثلاثة كما يدل عليه الفاء وهى زائدة على علوم الاولين والآخرين فالعلم الاول من باب الحقيقة الصرفة والثانى من باب المعرفة والثالث من باب الشريعة.

ومن جملة ما اوحى فى هذا الموطن من القرآن خواتيم سورة البقرة وبعض سورة والضحى وبعض الم نشرح لك وقوله تعالى

{ هو الذى يصلى عليكم وملائكته يخرجكم من الظلمات الى النور } والوحى بلا واسطة يقتضى الخطاب فسمع عليه السلام كلم الحق من غير كيفية كما سمعه موسى عليه السلام من كل جانب ورآه

كلام سرمدى بى نقل بشنيد ... خداوند جهانرا بى جهت ديد

بديد آنجه زحدديندن برون بود ... مبرس اما ز كيفيت كه جون بود

قال الامام النووى الراجع عند اكثر العلماء انه رأى ربه بعينى رأسه . يقول الفقير يعنى بسره وروحه فى صورة الجسم بان كان كل جزء منه سمعا واتحد البصر بالبصيرة فهى رؤية بهما معا من غير تكييف فافهم فانه جملة ما ينفصل.

فان قل ما الفرق بين الانبياء وبين نبينا عليه السلام فى باب الربية فافهم يرونه ويشاهدونه حال الانسلاخ انما هى بالبصيرة فقط

واما رؤيته تعالى فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة

وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة.

قال بعضهم وقياس عدم رؤية الملائكة عدم رؤية الجن له تعالى ورد ذلك.

يقول الفقير لعل وجه الاختلاف عند الحقيقة ان الملائكة والجن على جناح واحد وهو الجمال والانس على جناحين وهما الجمال والجلال المقول لهما الكمال فلا يرونه تعالى من مرتبة مؤمنى الانس وانما يشاهدونه تعالى من مرتبة انفسهم فافهم

واما انه ليس لهم مشاهدة اصلا فلا مساعدة له بوجه من الوجوه واتفق العلماء على جواء رؤية اللّه تعالى فلاى المنام وصحتها اى وقوعها لان ذلك المرئى انما هو صفة من صفات اللّه تعالى - روى - عن ابى يزيد البسطامى قدس سره انه قال رأيت ربى فى المنام فقلت له كيف الطريق اليك فقال اترك نفسك ثم تعال - روى - ان حمزة القارئ قرأ عليه القرآن من اوله الى آخره فى المنام حتى اذا بلغ الى قوله

{ وهو القاهر فوق عباده } قال اللّه تعالى قل يا حمزة وانت القاهر.

يقول الفقير سمعت من شخى وسند قدس سره ان شيخه عبد اللّه الشهير بذاكر زاده روح اللّه روحه اراد ان يستخلفه فامتنع عليه فرأى فى تلك الليلة فى المنام ان اللّه تعالى اعطا المصحف وقال له خذ هذا وادع عبادى الىّ وكان من آثار هذا المنام ان اللّه تعالى وفقه لا حياء العلم والدعوة الى اللّه فى المراتب الاربع وزاد خلفاؤه على المائة والخمسين كلهم من اهل التفسير ولم يتيسر هذا المقام لغيره من مشايخ العصر قال عليه السلام ( فرض اللّه علىّ خمسين صلاة فى كل يوم وليلة ) قيل كانت كل صلاة منها ركعتين ألا يرى انه من قال اللّه علىّ صلاة يلزمه ركعتان ويخالفه ما قالوا انه عليه السلام كان يصلى كل يوم وليلة ما يبلغ الى خمسين صلاة وفق ما فرق ليلة المعراج فالظاهر ان هذه الخمسين باعتبار الركعات لانه هو المضبوط عنه عليه السلام يعنى كان يصلى فى اليوم واليلة من الفرائض والنوافل خمسين ركعة وصرح بعضهم بان المراد الخمسون وقتا فالظاهر ان كل وقت كان مشتملا على ركعتين لان الصلاة فى الاصل كانت ركعتين ركعتين ثم زيدت فى الحضر واقرت فى السفر قال عليه السلام

( فنزلت الى ابراهيم فلم يقل شيأ ثم اتيت موسى ) اى فى الفلك السادس ( فقال ما فرض ربك على امتك قلت خمسين صلاة قال ارجع الى ربك فاسأله التخفسف فان امتك لا تطيق ذلك وانى واللّه قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل اشد المعالجة ) يعنى مارستهم ولقيت الشدة فيما رادت فيهم من الطاعة قال عليه السلام ( فرجعت الى ربى ) يعنى رجعت الى الموضع الذى ناجيت ربى فيه وهو سدرة المنتهى ( فخررت ساجدا فقلت اى ربى خفف عن امتى فحط عنى خمسا فرجعت الى موسى واخبرته قال ان امتك لا تطيق ذلك قال فلم ازل ارجع بين ربى وموسى ويحيط خمسا خمسا حتى قال موسى بم امرت قلت امرت بخمس صلوات كل يوم قال ارجع فاسأله التخفيف فقلت قد راجعت ربى حتى استحييت ولكن ارضى واسلم ) يعنى فلا ارجع فان رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكن ارضى بما قضى اللّه واسلم امرى وامرهم الى اللّه ( فلما جاوزت نادى مناد امضيت فريضتى ) يعنى قال اللّه تعالى يا محمد هى خمس صلوات فى كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة كما قال

{ من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } والصلاة انما تحصل بتوجه القلب والعمل الواحد فى مرتبة القلب يقابل العشرة وقال ( من همّ بحسنه فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا وهم همّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب شئ فان عملها كتبت سيئة واحد )

وعن ابن عمر رضى اللّه عنهما كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرات وغسل البول من الثوب سبع مرات ولم يزل صلّى اللّه عليه وسلّم يسأل ربه حتى جعلت الصلاة وخمسا وغسل الجنابة مرة واحدة وغسل البول من الثوب مرة وفى الحديث ( اكثروا من الصلاة على موسى فما رأيت احدا من الانبياء احوط على امتى منه ) وجاء ( كان موسى اشدهم على حين مررت به وخيرهم علىّ حين رجعت فنعم الشفيع كان لكم موسى ) وذلك فانه كما تقدم لما جاوزه النبى عند الصعود بكى فنودى ما يبكيك فقال رب هذا غلام اى لانه صلّى اللّه عليه وسلّم كان حديث السن بالنسبة الى موسى بثته بعدى يدخل الجنة من امته اكثر ممن يدخل من امتى . فان قلت هذا وقوع النسخ قبل البلاغ وقد اتفق اهل السنة والمعتزلة على منعه . قلت وقع بعد البلاغ بالنسبة الى النبى عليه السلام لانه كلف بذلك ثم نسخ فاذا نسخ فى حقه نسخ فى حق امته لان الاصل ان ما ثبت فى حق كل نبى ثبت فى حق امته الا ان يقول الدليل على الخصوصية.

وعن انس رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( رأيت ليلة اسرى بى الى السماء تحت العرش سبعين مدينة كل مدينة مثل دنياكم هده سبعين مرة مملوءة من الملائكة يسبحون اللّه ويقدسونه ويقولون فى تسبيحهم اللهم اغفر لمن شهد الجمعة الى صلاتها اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة ) اى لصلاتها ( ورأيت ليلة اسرى بى مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر امثالها والقرض بثمانين عشر فقلت لجبريل ما بال القرض افضل من الصدقة قال لان السائل يسأل وعنده شئ والمستقرض لا يستقرض الا من حاجة ) وبيان كون درهم القرض بثمانية عشر درهما ان درهم القرض بدرهمين من دراهم الصدقة كما جاء فى بعض الروايات ودرهم الصدقة بعشر تصير الجملة عشرين ودرهم القرض يرجع للمقرض بدله بدرهمين من عشرين بتخلف ثمانية عشر ( ورأيت رضوان خازن الجنة فلما رآنى فرح بى ورحب بى وادخلنى الجنة وارانى فيها من العجائب ما وعد اللّه فيها لاوليائه مما لا عين رأيت ولا اذن سمعت ورأيت فيها درجات اصحابى ورأيت فيها الانهار والعيون وسمعت فيها صوتا وهو يقول آمنا برب العالمين فقلت ما هذا الصوت يا رضوان قال هم سحرة فرعون وازواجهم وسمعت آخر وهو يقول لبيك اللهم فقلت من هو قال ارواح الحجاج وسمعت التكبير فقال هؤلاء الغزاة فى الارض السابعة فاذ على بابها مكتوب وان جهنم لموعدهم اجميعن ) قال عليه السلام ( وابصرت ملكا لم يضحك فى وجهى فقلت يا اخى جبريل من هذا قال مالك خازن النار لم يضحك منذ خلقه اللّه ولو ضحك الى احد لضحك اليك فقال له جبريل يا مالك هذا محمد فسلم عليه فسلم علىّ وهنأنى بما صرت اليه من الكرامة والشرف ) وانما بدأ خازن النار بالسلام عليه صلّى اللّه عليه وسلّم ليزيل ما استشعر من الخوف مننه ويشير الى انه ومن اتبعه من الصالحين سالمون من النار ناجون قال عليه السلام ( فسألته ان يعرض علىّ النار بدركاتها فعرضها علىّ بما فيها واذا فيها غضب اللّه ) اى نقمته ( لو طرحت فيها الحجارة والحديد لاكتلها واذا قوم يأكلون الجيف فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ورأيت قوما تنزع ألسنتهم من انفيتهم فقلت من هم فقال هم الذين يحلفون باللّه كاذبين ورأيت جماعة من النساء علقن بشعورهن فقلت من هن قال هن اللاتى لا يستترن من غير محارمهن ورأيت جماعة منهن لباسهن من القطران فقلت من هن قال نائحات ) جمع نائحة وهى الباكية على الميت مع عدا خلاقه ومحاسنه.

ودل حديث المعراج على ان الجنة والنار مخلوقتان الآن لان الانسان اذا علم ثوابا مخلوقا اجتهد فى العبادة ليحصل ذلك الثواب واذا علم عقابا مخلوقا اجتهد فى اجتناب المعاصى لئلا يصيبه ذلك العقاب وقد صح ان الجنان قيعان عمارتها بالاعمال كما دل عليه حديث الغراس فيما سبق.

واعلمانه عليه السلام اسرى به من مة الى بيت المقدس على البراق ومن بيت المقدس الى السماء الدنيا على المعراج ومنها الى السماء السابعة على جناح الملائكة ومنها الى السدرة على جناح جبريل ومنها الى العرش على الرفرف والظاهر ان النزول كان على هذا الترتيب.

وقال بعض الاكابر من اهل اللّه انه اسرى به الى السدرة على البراق واياما كان فلما نزل الى السماء الدنيا نظر الى اسفل منه فاذا هو بهرج ودخان واصوات فقال ما هذه يا جبريل قال هذه الشياطين يحومون على اعين بنى آدم حتى لا ينظروا الى العلامات ولا يتفكروا فى ملكوت السموات ولولا ذلك لرأوا العجائب اى ادركوها ونزل عليه السلام الى بيت المقدس وتوجه الى مكة وهو على البراق حتى وصل الى بيته الاشرف بالحرم المكى الاحمى بحجر الكعبة العظيمة او الى بيت ام هانى كما يدل عليه ما يجيئ من تقرير القصة وكان زمان ذهابه ومجيئه ثلاث ساعات او اربع ساعات.

وفى كلام السبكى ان ذلك كان قدر لحظة ولا بدع لان اللّه تعالى قد يطيل الزمن القصير كما يطوى الطويل لمن يشاء - روى - فى مناقب الشيخ موسى السدرانى من اكابر اصحاب الشيخ ابى مدين قدس اللّه سرهما ان له وردا فى اليوم والليلة سبعين الف ختمة.

يقول الفقير قال شيخى وسندى قدس سره فى الكلام عليه ان اليوم والليلة اربع وعشرون ساعة فيكون فى كل اثنتى عشر ساعة خمس وثلاثون الف ختمة لانه اما ان ينبسط الى ثلاث واربعين سنة وتسعة اشهر

واما الى اكثر وعلى التقدير الاول يكون اليوم والليلة منبسطا الى سبع وثمانين سنة وستة اشهر فيكون فى كل يوم وليلة من ايام السنين المنبسطة اليها ولياليها ختمتان ختمة فى اليوم وختمة فى الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه باقل من ذلك باعتبار سرعة القارى هذا فانه صدق وقد كوشف لى هكذا وقد صدقته وقبلته وهذا سر عظيم انتهى كلام الشيخ.

وقد ثبت فى الهندسة ان ما بين طرفى قرص الشمس اى عظمة وسمته ضعف ما بين طرفى كرة الارض مائة ونيفا وستين مرة ثم ان طرفها الاسفل يصل موضع طرفها الاعلى فى اقل من ثانية وهى جزء من ستين جزأ من الدقيقة والدقيقة جزء من ستين جزأ من الدرجة وهى جزء من خمسة عشرة جزأ من الساعة فاذا كانت هذه السرعة ممكنة للجماد فكيف لا يمكن لأفضل العباد اذا اراد رب البلاد واللّه تعالى قادر على جميع الممكنات فيقدر ان يخلق مثل هذه الحركة فى جسد النبى عليه السلام او فيما يحمله.

قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره قد ذهب عليه السلام وجاء ولم يتم ماء ابريقه انصبابا ومن كان مؤمنا لا ينكر المعراج ولكن وقوع السير المذكور فى مقدار ذلك الزمن اليسير يشكل عند العقل بحسب الظاهر

واما عند التحقيق فلا اشكال ألا يرى ان فى الوجود الانسانى شيأ لطيفا اعنى القلب يسير من المشرق الى المغرب بل جميع العوالم فى آن واحد وهو بديهى لا ينكره من له ادنى تمييز حتى البله والصبيان أفلا يجوز ان تحصل تلك اللطافة لوجود النبى صلّى اللّه عليه وسلّم بقدرة اللّه تعالى فوقع ما وقع فى الزمن اليسير

راه زاندازه برون رفته ... بى نتوان بردكه جون رفته

عقل درين واقعه حاشا كند ... عقل نه حاشا كه تمنا كند

- روى - ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما رجع من ليلته قص القصة على ام هانئ وقال ( انى اريد ان اخرج الى قريش فاخبرهم بذلك ) فقالت اشندك اللّه اى بفتح الهمزة اى اسألك باللّه ابن عم اى يا ابن عمى ان لا يحدث اى لا تحدث بهذا قريشا فيكذبك من صدقك فلما كان الغداة تعلقت بردائه فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدها وانتهى الى نفر من قريش فى الحطيم هو ما بين باب الكعبة والحجر الاسود واولئك النفر مطعم بن عدى وابو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة فقال ( انى صليت العشاء ) اى اوقعت صلاة فى ذلك الوقت ( فى هذا المسجد وصليت به الغداة ) اى اوقعت صلاة فى ذلك الوقت والا فصلاة العشاء لم تكن فرضت وكذا صلاة الغداة التى هى الصبح لم تكن فرضت كما تقدم ( واتيت فيما بين ذلك بيت المقدس ) واخبرهم عما رأى فى السماء من العجائب وانه لقى الانبياء وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى وجاء انه لما دخل المسجد الحرام وعرف ان الناس يكذبونه وما احب ان يكتم ما هو دليل على قدرة اللّه تعالى وهما هو دليل على علو مقامه الباعث على اتباعه قعد حزينا فمر به عدو اللّه ابو جهل فجاء حتى جلس اليه عليه السلام فقال كالمستهزئ هل كان من شئ قال ( نعم أسرى بى الليلة ) قال الى اين قال ( الى بيت المقدس ) قال ثم اصبحت بين ظهرانينا قال ( نعم ) قال ارأيت ان دعوت قومك تحدثهم ما حدثتنى قال

( نعم ) قال يا معشر كعب بن لوى فانفضت اليه المجالس وجاؤوا حتى جلسوا اليهما فقال حدث قومك بما حدثتنى به فقال ( انى اسرى بى ) قالوا الى اين قال ( الى بيت المقدس فنشر لى الانبياء وصليت بهم وكلمتهم ) فقال ابو جهل كالمستهزئ صفهم لنا فقال عليه السلام ( ما عيسى فوق الربعة دون الطويل ) اى لا طويل ولا قصير ( عريض الصدر جاعد الشعر ) اى فى شعره ( تثنى وتكسر تعلوه صهبه ) اى يعلو شعره شقرة ( ظاهر الدم ) اى يعلوه حمرة ( كأنما خرج من ديماس ) اى حمام واصله الكنّ الذى يخرج منه الانسان وو عريان واصله الظملة يقال ليل دامس والحمام لفظ عربى . واول واضع له الجن وضعته لسليمان عليه السلام

وقيل الواضع بقراط الحكيم

وقيل شخص سابق على بقراط استفاده من رجل كان به تعقيد الغصب فوقع فى ماء حار فى جب فسكن فصار يستعمله حتى برئ وفى الحديث ( اتقوا بيتا يقال له الحمام فمن دخله فليستتر ) ولم يدخل عليه السلام الحمام ولم يكن ذلك فى بلاد الحجاز وانما كان فى ارض العجم والشام

( واما موسى فضخم آدم ) اى اسمر ومن ثمة كان خروج يده بيضاء مخالفا لونها لسائر لون جسده آية ( طويل كأنه من رجال شنوءة ) وهى طائفة من اليمن اى ينسبون الى سنوءة وهو عبد المطلب بن كعب من اولاد الازد معروفون بالطول ( كثير الشعر غائر العينين متراكم الاسنان متقلص الشفتين خارج اللثة ) وهو اللحم الذى خارج الاسنان عابس

( واما ابراهيم فواللّه انه لأشبه الناس بى خلقا وخلقا فضجوا ) اى صاح قريش وعظموا ذلك وصار بعضهم يصفق وبعضهم يضع يده على رأسه متعجبا ومنكرا قالوا نحن نضرب اكباد الابل الى بي المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا أتزعم انك اتيته فى ليلة واحدة واللات والعزى لا نصدقك وارتد ناس ممن كان آمن به وسعى رجال الى ابى بكر رضى اللّه عنه اى اسرع او مشى فقال ان كان قد قال ذلك فلقد صدق قالوا أتصدقه على ذلك قال انى اصدقه على ابعد من ذلك اى ان ذهب الى بيت المقدس فى ليلة واحدة اصدقه فانى اصدقه فى خبر السماء فى غدوة وهى ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس وروحه وهى اسم للوقت من الزوال الى الليل والمراد هنا انه ليخبرنى ان الخبر ليأتيه من السماء الى الارض فى ساعة من ليل او نهار فاصدقه فهذا اى مجيئ الخبر له من السماء بواسطة الملك ابعد مما تعجبون منه فسمى الصديق وهو الكثير الصدق فهو للمبالغة وتسمية ابى بكر بسبب هذا الجواب الصدق بهذا الاسم للمبالغة فى كيفية الصدق فانه صدق كامل فى مثل هذا المقام الذى كذب فيه اكثر الناس وكان على رضى اللّه عنه يحلف باللّه ان الل انزل اسم ابى بكر من السماء الصديق اى فهى تسمية اللّه بالذات لا تسمية الخلق وكان فيهم من يعرف بيت المقدس فاستنعتوه المسجد اى قالوا يا محمد صف لنا بيت المقدس كم له من باب ارادوا بذلك اظهار كذبه عليه السلام لانهم عرفوا انه عليه السلام لم يره قال

( فكربت كربا شديدا لم اكرب مثله قط لانهم سألونى عن اشياء لم اثبتها وكنت دخلته ليلا وخرجت منه ليلا فقمت فى الحجر فجلى اللّه لى بيت المقدس ) اى كشفه لى اى بوجود صورته ومثاله فى جناح جبريل او برفع الجحاب بينه وبين بيت المقدس حتى رآه عليه السلام وهو فى مكانه اذ كان يصل بصرة الى حيث يصل اليه قلبه او باعدامه هناك وايجاده فى مكة طرفة عين بحيث يتصل بعدمه وجوده على ما هو شأن الخلق الجديد ومنه زيادة الكعبة لبعض الاولياء كما قال فى المثنوى

هرنفس نوميشود دنيا وما ... بى خبر زنوشدن اندر بقا

عمر همجون جوى نونو مى رسد ... مستمرى مى نمايد درجسد

آن زتيزى مستمر شكل آمده است ... جون شرركس تيز جنبانى بدست

شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد بس دراز

اين درازى مدت ازتيزى صنع ... مى نمايد سرعت انكيزى صنع

قال ( فطفقت ) اى جعلت اخبرهم عن آياته اى علاماته وانا انظر اليه.

قال فى المواهب ولم يسأله عما رأى فى السماء لانه لا عهد لهم بذلك فقالوا اما النعت فقد اصاب فقالوزا ما آية ذلك يا محمد اى ما العلامة الدالة على هذا الذى اخبرت به فانا لم نسمع بمثل هذا قط اى هل رأيت فى مسراك وطريقك ما نستدل بوجوده على صدقك اى لان وصفك لبيت المقدس يحتمل ان تكون حفظته عمن ذهب اليه فقال عليه السلام ( آية ذلك انى مررت بعير بنى فلان بوادى كذا ) اى فى الروحاء وهو محل قريب من المدينة اى بينه وبين المدينة ليلتان ( قد اضلوا ناقة لهم ) اى وانا متوجه وذاهب ( وانتهيت الى رحالهم واذا قدح ماء فشربت منه ) فاسألوهم عن ذلك وشرب الماء للغير جائز لانه كان عند العرب كاللبن مما يباح لكم مجتاز من ابناء السبيل قالوا فاخبرنا عن عيرنا قال ( مررت بها فى التنعيم ) وهو محل قريب من مكة اى وانا راجع الى مكة فاخبرهم بعدد جمالها واحوالها ( وانها تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل اورق ) وهو ما بياضه الى سواد

( عليه غرارتان احداهما سوداء والاخرى برقاء ) اى فيها بياض وسواداى حوالق مخطط بياض فابتدر القوم الثنية اى الجبل فقال قائل منهم هذه واللّه الشمس قد اشرقت فقال آخر هذه واللّه العير قد اقبلت يتقدمها جمل اورق كما قال محمد عليه الغرارتان فتاب المرتدون واصر المشركون وقالوا انه ساحر.

وجاء فى بعض الروايات الن الشمس حبست له عليه السلام عن الطلوع حتى قدمت تلك العير وحبس الشمس وقوفها عن السير اى عن الحركة بالكلية

وقيل بطؤ حركتها

وقيل ردها الى ورائها فان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت اوردت لاختلت الافلاك وفسد النظام . قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات وقد وقع حبس الشمس لبعض الانبياء كداود وسليمان ويوضع وموسى عليهم السلام.

واما عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلّى اللّه عليه وسلّم فى خيبر فعن اسماء بنت عميش رضى اللّه تعالى عنها قالت كان عليه السلام يوحى اليه ورأسه الشريفة فى حجر على رضى اللّه عنه ولم يسر عنه حتى غربت الشمس وعلى لم يصل العصر فقال له رسول اللّه ( أصليت العصر ) قال لا فقال عليه السلام ( اللهم انه كان فى طعاتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس ) قالت اسماء فرأيتها طلعت بعد ما غربت وهو من اجل اعلام النبوة فليحفظ.

وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد كان يعظ بعد العصر ثم اخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس فظن وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار اليهم ان لا يتحركوا ثم ادار وجهه الى ناحية المغرب وقال

لا تغربى يا شمس حتى ينتهى ... مدحى لآل المصطفى ولنجعله

ان كان للمولى وقوفك فليكن ... هذا الوقوف لولده ولنسله

فطعلت الشمس فلا يحصى ما رمى عليه من الحلى والثياب وهو من الاتفاقات الغريبة كما حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبة رؤيته من شدة الحزن والنشد يخاطب البدر.

شقيقك غيب فى لحده ... وتطلع يا بدر من بعده

فهلا خسفت وكان الخسوف ... لباس الحداد على فقده

فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس الغقلوب : قال الكمال الخجندى

بجشم اهل نظركم بود زبروانه ... دلى كه سوخته آتش محبت نيست

اللهم اجعلنا من اهل المحبة والوداد آمين وحين زالت الشمس من اليوم الذى يلى ليلة المعراج نزل جبريل وام بالنبى عليه السلام ليعلمه اوقات الصلوات وهيئتها واعداد ركعاتها ثم صبح باصحابه ( الصلاة جامعة ) لان الاقامة المعروفة للصلاة لم تشرع الا بالمدينة فاجتمعوا فصلى النبى عليه السلام بالناس فسميت تلك الصلاة صلاة الظهر لانها فعلت عند قيام الظهيرة اى شدة الحر او عند نهاية ارتفاع الشمس فصلاته عليه السلام بالناس كانت بعد صلاته مع جبريل وامه جبريل يومين يوما فى اول الوقت ويوما فى آخره وكان ذلك عند باب الكعبة مستقبلا لصخرة اللّه ثم التفت جبريل وقال يا محمد هذا وقتك ووقت الانبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين وانما لم تقع البداءة بالصبح مع انها اول صلاة بعد ليلة الاسراء لان الاتيان بها يتوقف على بيان الاتيان بالكيفية اى على بيان علم كيفيتها المعلق عليه الوجوب كأنه قيل اوجبت حيث ما تبين كيفية فى وقته والصبح لم تبين كيفيتها فى وقتها فلم تجب.

فان قيل قول جبريل هذا وقتك ووقت الانبياء من قبلك يقتضى ان هذه الصلوات كانت مشروعة لكل واحد من الانبياء قبله وليس كذلك لانها من خصائص هذه الامة.

قلنا معناه ان وقتك هذا المحدود الطرفين مثل وقت الانبياء قبلك فانه كان محدود الطرفين او ان بعضهم صلى الفجر وبعضهم ما يليهم وهو لا ينافى كون المجموع على هذه الكيفية من خصائص هذه الامة - روى - ان اول من صلى الفجر آدم عليه السلام حين اهبط الى الارض من الجنة اظلمت عليه الدنيا وجنّ الليل ولم يكن يرى قبل ذلك فخاف خوفا شديدا فلما انشق الفجر صلى ركعتين شكرا لله تعالى لحصول النجاة من ظلمة الليل ولرجوع النهار او لما تيب عليه كان ذلك عند الفجر فصلى ركعتين شكرا لحصول التوبة وزوال المخالفة وطلوع النور التوفيق وغروب ظلمة المخالفة . واول من صلى بعد الزوال ابراهيم عليه السلام حين فدى ابنه عند الظهر صلى اربعا شكرا لذهاب غم الولد ولنزول الفداء ولرضى اللّه حين نودى قد صدقت الرؤيا ولصبر ولده على اذى الذبح ومشقته . واول من صلى العصر يونس عليه السلام حين انجاه من ظلمات اربع الزلة والليل والماء وبطن الحوت . واول من صلى المغرب عيسى عليه السلام فالركعة الاولى لنفى الالوهية عن نفسه والثانية لنفيها عن والدته والثالثة لاثباتها لله تعالى

وقيل غفر لداود عليه السلام عند الغروب فقام يصلى اربع ركعات فجهد اى تعب فجلس فى الثالثة اى سلم فيها فصارت المغرب ثلاثا . واول من صلى العشاء موسى عليه السلام حين خرج من مدين وضل الطريق وكان فى غم المرأة وغم اخيه هارون وغم فرعون عدوهوغم اولاده فلما انجاه اللّه من ذلك كله صلى اربعاء واول من صلى الوتر نبينا عليه الصلاة والسلام.

قال فى تفسير التيسير ام رسول اللّه ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الانبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الارض والسماء انتهى.

قال فى التقدمة شرح المقدمة قيل لما قام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه ثم كبر وقنت واستغاث باللّه من النار واهلها واتمها على ثلاث ركعات فصارت وترا . قيل فرضت الصلوات الخمس فى المعراج ركعتين ركعتين حتى المغرب ثم زيد فى صلاة الحضر فاكملها اربعا فى الظهر اى فى غير يوم الجمعة واربعا فى العصر وثلاثا فى المغرب واربعا ف العشاء واقرت صلاة الصبح على ركعتين فعن عائشة رضى اللّه عنها فربضت صلاة الحضر والسفر ركعتان اى فى الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فلما اقام رسول اللّه اى بعد شهر

وقيل وعشرة ايام من الهجرة زيد فى صلاة الحضر صلاة المغرب فلم يزد عليها الا ركعة فصارت ثلاثا

وقيل فرضت الخمس فى المعرراج اربعا الا المغرب ففرضت ثلاثا والا الصبح ففرضت ركعتين والا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الاربع فى السفر اى فى السنة الرابعة من الهجرة وهو المناسب لقوله تعالى

{ فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة }

قال بعضهم والحكمة فى جعل الصلاة فى اليوم والليلة خمسا ان الحواس لما كانت خمسا والمعاصى تقع بواسطتها كانت كذلك تلكوم ماحية لما يقع فى اليوم والليلة من المعاصى اى بسبب تلك الحواس وقد اشار الى ذلك النبى عليه السلام بقوله ( أرأيتم لو كان بباب احدكم نهر يغتسل منه فى اليوم والليلة خمس مرات أكان ذلك يبقى من درنه شيأ ) قالوا لا يا رسول اللّه قال ( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو اللّه بهن الخطايا )

وقال بعضهم جعلها خمس صلوات اظهارا لسر التضعيف قال تعالى

{ من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } فالخمس عشر مرات خمسون وهى العدد الذى فرض ليلة المعراج قبل التخفيف.

وقيل لان الكعبة بنيت من خمس جبال طور سينا وطور زيتا والجودى زجلات وحرا وابو قبيس ولهذا السر جعل الطواف حول البيت الحرام بمنزلة الصلاة ولكن الصلاة افضل من الطواف الا فى حق الحاج فانه مختص بالمحل الشريف والصلاة بخلافه.

وقيل جعلها خمسا شكرا للعناصر الاربعة وجمعيتها فى نشأة الانسان وقد جعل اللّه الصلاة على اربعة اركان القيام والركوع والقعود والسجود لتكون شكرا لهذه العناصر الاربعة.

او لان الخلق اربعة اصناف قائم مثل الاشجار وراكع مثل الانعام وقاعد مثل الاحجار وساجد مثل الهوام فاراد ان يوافق الجميع فى احوالهم فيشأ كل واحد من الخلق ودجعل اللّه فى اوضاع الصلاة جمعية العالم كلها وجعلت الصلاة مثنى وثلاث ورباع لتوافق اجنحة الملائكة فانها جعلت اجنحة للشخص بها يطير الى اللّه تعالى.

قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره صلاة الصبح فى مقابلة الجسم والروح والاربع فى المراتب الاربع اى الطبيعة والنفس والقلب والروح وصلاة المغرب كانت لعيسى ولذلك صارت ثلاثا لانه ليس له حظ الطبيعة

وقال حضرة شيخى وسندى قدس اللّه سره فى كتاب اللائكات البريات عند قوله تعالى

{ وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحوان آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة } ان الليل اشار الى مرتبة اللاتعين وهى مرتبة الجلال الاطلاقى الذاتى الحقيقى الوجودى لكمال الاطلاق الذاتى لذلك الكمال المذكور نعته ثم صلاة الفجر من الصلوة الخمس المشتمل عليها الليل والنهار بركعتيها اشارة الى الاثنينية والتمايز بين المرتبتين المذكورتين والركعة الاولى اشارة الى مرتبة الجلال والركعة الثانية اشارة الى مرتبة الجمال واحدية مجموع الركعتين واجتماع الرُكعتين والتقاؤهما فى ذلك المجموع اشارة الى كمال واجتماع الجلال والجمال والتقائهما فى ذلك الكمال ثم صلاة المغرب منها عكس صلاة الفجر ليظهر فيها ما بطن فيها من الاحدية الجامعة والركعة الاولى اشارة الى الجلال والثانية الى الجمال والثالثة الى الكمال الجامع ومرتبة اللاتعين مرتبة القوة ومرتبة التعين مرتبة الفعل ولولا القوة لما تحقق الفعل والقوة اجماعل والفعل تفصيل فلولا خزينة القوة لما ظهر كرم الفعل وجود الفضل ثم صلاة العشاء منها بركعاتها الاربع اشارة الى التعينات الاربعة الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية فى مرتبة اللاتعين والجلال بالقوة وصلاة الظهر منها بركعاتها الاربع اشارة الى تلك التعينات الاربعة فى مرتبة الجمال الالهى بالفعل وصلاة العصر منها بركعاتها الاربع اشارة اليها فى مرتبة الجمال الكونى بالفعل ثم الفرائض اشارة الى الوجود الحقانى الالهى المنبسط على الاكوان مطلقا والواجبات اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الاخصية والسنن اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الخاصية والمستحبات اشارة الى الوجودات الخلقية العامية ثم ساق حضرة الشيخ روح اللّه روحه فى ذلك الكتاب كلاما طويلا من طلبه وجده.

وسئل ابن عباس رضى اللّه عنهما هل تجد الصلوات الخمس فى كتاب اللّه تعالى فقال نعم وتلا قوله

{ فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد فى السموات والارض وعشيا وحين تظهرون } واراد بحين تمسون المغرب والعشاء وبحين تصبحون الفجر وبعشيا العصر وبحين تظهرون الظهر واطلاق التسبيح بمعنى الصلاة جاء فى قوله تعالى

{ فلولا انه كان من المسبحين } قال القرطبى اى من المصلين . وفى الكشاف عن ابن عباس رضى اللّه عنهما كل تسبيح فى القرآن فهو صلاة والعمدة فى الصلاة الطهارة الباطنة وحضور القلب : وفى المثنوى

روى ناشسته نبيند روى خور ... لا صلاة كفت الا بالطهور

وهو بالفتح مصدر بمعنى التطهير ومنه ( مفتاح الصلاة الطهور ) واسم لما يتطهر به كما فى المغرب قال الحافظ

طهارت ارنه بخون جكر كند عاشق ... بقول مفتى عشقش درست نيست نماز

٢

{ وآيتنا موسى الكتاب } اى التوراة جملة واحدة بعدما اسريناه الى لاطور

{ وجعلناه } اى ذلك الكتاب

{ هدى لنبى اسرائيل } هاديا لاولاد يعقوب يهتدون الى الحق والصواب بما فيه من الاحكام والخطاب

{ ان لا تتخذوا } ان مفسرة لما يتضمنه الكتاب من الامر والنهرى بمعنى اى كما فى قوله كتبت اليه ان افعل كذا . :

قال الكاشفى [ وكفتيم مرايشانرا كه آيافرا ميكيريد ]

{ من دونى } [ بجز از من ]

{ وكيلا } [ برور دكاريكه مهم خود بدو كذا ريد ].

قوله من دونى بمعنى غيرى احد مفعولى لا تتخذوا ومن مزيدة.

٣

{ ذرية } اى يا ذرية

{ من حملنا مع نوح } فى السفينة او نصب على الاختصاص بتقدير اعنى يقال ذرأ خلق والشئ كثر منه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس . والمراد تأكيد الحمل على التوحيد بتذكير انعامه عليهم فى ضمن انجاء آبائهم من الغرق فى سفينة نوح.

قال فى الكواشى هذا منة على جميع الناس لانهم كلهم من ذرية من انجى فى السفينة من الغرق . والمعىن كانوا مؤمنين فكونوا مثلهم واقتفوا بآثار آبائكم.

قال الكاشفى [ مرادسامست كه ابراهيم عليه السلام جد بنى اسرائيل است ازنسل اوبود يعنى نعمت نجات از طوفان كه به بدرشاما ارزانى داشتيم ياد كنيد وشكر كوييد ]

{ انه } اى نوجا عليه السام

{ كان عبدا شكورا } كثير الشكر فى مجامع حالاته وكان اذا اكل قال الحمد لله الذى اطمعنى ولو شاء اجاعنى واذا شرب قال الحمد لله الذى سقانى ولو شاء اظمأنى واذا اكتسى قال الحمد لله الذى كسانى ولو شاء جردنى واذا تغوط قال الحمدلله الذى اخرج عنى اذاه فى عافية ولو شاء حبسه - روى - انه كان اذا اراد الافطار عرض طعامه على من آمن به فان وجده محتاجا آثره به وفيه ايذان بان انجاء من معه كان ببركة شكره عليه السلام وحث الذررية على الاقتداء به وزجر لهم عن الشرك الذى هو اعظم مراتب الكفران.

وفى التأويلات النجمية

{ انه كان عبدا شكورا } اى كان نوح عبدا شكورا يرى الضراء نعمة منا كما يرى السراء نعمة منا فيشكرنا فى الحالتين جميعا فلما بالغ فى الشكر سمى شكورا فاللّه تعالى بالغ فى ازدياد النعمة جزاء لمبالغته فى الشكر حتى انعم على ذرية من حملهم مع نوح وهم بنوا اسرائيل بايتاء التوراة الهادية الى التوحيد المنجية من الشرك.

٤

{ وقضينا الى بنى اسرائيل } يقال قضى اليه انهاه وابلغه اى اعلمناهم واوحينا اليهم وحيا جزما وبينا

{ فى الكتاب } فى التوراة فان الانزال والوحى الى موسى انزال ووحى اليهم

{ لتفسدن فى الارض } واللّه لتفسدن فى ارض الشام وبيت المقدس

{ مرتين } مصدر والعامل فيه من غير لفظه اى افسادا بعد افساد افسادتين . اولاهما مخالفة حكم التوراة وقتل شعيا وحبس ارميا حين انذرهم سخط اللّه وارميا بتشديد الياء مع ضم الهمزة على رواية الزمخشرى وبضم الهمزة وكسرها مخففا على رواية غيره.

وفى القاموس ارميا بالكسر نبى . والثانية قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى

{ ولتعلن علوا كبيرا } ولتستكبرن عن طاعة اللّه تعالى [ يعنى سركش خواهيد شد ازطاعت من ] والعلو العتو على اللّه والجراءة.

قال الكاشفى [ درين قصة اختلاف بسيارست وهر مفسرى نقلى كه بدور سيده ايراد نموده وقول اصح واشهر در مختار القصص وسير وغير آن از كتبى كه در اخبار انبيا عليهم السلام نوشته اند جنانست كه جون سلطنت بنى اسرائيل درولايت شام بصديقه رسيده ازاولاد سلما واومردى ضعيف حال واعرج بودملوك اطراف طمع درولايت ايليه بسته متوجه آن صوب شدند اول سنجاريب ملك موصل بيامد ومتاقب او سلما بادشاه آذربايجان رسيد وهردوتلاش شهر بيت المقدس نموده بايكديكر محاربه آغاز كردند آتش قتال ميان ايشان اشتعال بذيرفت ودرياى مبارزت ازصرصر مخاصمت بموج درآمد

سيهداران سبه درهم فكندند ... صلاى مرك در عالم فكندند

زبيكان عالمى را زاله بكرفت ... زخون روى زمين را لا له بكرفت

عاقبت سطوت هيبت الهى ظهور نموده هردولشكر ازيكديكر منهزم كشتند وغنايم ايشان بدست بنى اسرائيل افتاد ديكر باره بادشاه روم وملك صقاليه وسلطان اندلس هريك بالشكر جرار كرار همه تيغ زن ويزه كذار بردر بيت المقدس جمع شدند وجون رتبه سلطنت شركت برنتابد ايشان نيزآ غاز نزاع كرده بلشكر آرايى ونبرد آزمايى قيام واهتمام نمودند

ذر افتادند همجون شير غران ... بكرز ونيزه وشمشير بران

بنى اسرائيل دعاى ( اللهم اشتغل الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين غانمين ) آغاز كردند ونكباى نكبت غبار ادبار برديده آن خا كساران باشيد هزيمت را

غنيمت دانته دلها برفرار قرار داده از يكديكر كريزال شدند

نه جاى قرار ونه جاى ستيز ... نهادند ن كام رو در كريز

اموال ايشان نيز به دست بنى اسرائيليان افتاد وجون غنيمت بنج لشتكر عظيم درحوزه تصرف در آوردند بحكم

{ ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى } سر تجبر از كريبان عصيان برآورده ودست تغلب از آستين طغيان بيرون كرده حكم توراترا برطرف نهادندهر جند ارميا بيغمبر ايشانرا بند داد وكفت از آنجه درتورات مقرر شده واين فساد اول است مكنيدو خودرا در معرض سخط الهى مياريد نشنيدند حق سبحانه وتعالى بخت نصر مجوسى را كه كاتب يسنجاريب بود وبعداز فوت او بحكم وصيت ملك بوى رسيدبر ايشان كما شت تابيا مدو بايسان حرب كرده غالب شدو مسجدرا خراب كرد تورات را بسوخت وفتادهزار كسى را بنى اسرائيل بنده كرفت وابن عقوبت اول بود بعد ازان كورش همدانى كه زنى اربنى اسرائيل حواسته بودازين حال خبر يافت مال بسياربر كرفت وسى هزار بنا وسائر عمله باخود آورد وسى سال بعمارت ولايت ايليه اشتغال نمود تابحال اول باز آمد ويكر باره بنى اسرائيل خوش وقت شدند واموال واولاد ايشان روى بازويادنهادند باز سوداى اين مخالفت ازنهاد ايشان سر برزد ويحيئ معصوم را بقتل رسانيدند وقصد هلاك عيسى عليهما لاسلام كردند عقوبت دوم دررسيد وطرطوس رومى برايشان غلبه كرد ديكر باره مسجد خراب كرد واند وختهاى ايشانرا بغارت بردند ].

٥

{ فاذا جا } [ بس جون بيايد ]

{ وعد اولهما } اى اولى كرتى افساد اى حان وقت حلول العقاب الموعود

{ بعثنا عليكم } لمؤاخذتكم بجناياتكم

{ عبادا لنا } اكثر ما يقال عباد اللّه وعبيد الناس.

قال الكاشفى [ اضافت خلق است نه اضافت مدح جه مراد بخت نصراست بقول اصح ].

يقول الفقير المراد من الاضافة بيان كونهم مظاهر الاسم المذل المنتقم القهار كما يفيده مقام العظمة لا التشريف فان الكافر ليس من اهل

اولى بأس شديدؤ كقولهم ظل ظليل لان البأس يتضمن الشدة اى ذوى قوة وبطش فى الحروب [ دمياطى كفت كه مهيب باشد آوازهاى ايشان جون رعد ] وهم بخت نصر من مجوس بابل وهم بضم الباء اصله بوخت بمعنى ابن ونصر بفتح النون والصاد المشددة والراء المهملة اسم صنم وجد عنده بخت نصر ولم يعرف له اب ينسب اليه.

وقال بعضهم كان بخت نصر عاملا على العراق لملك الاقاليم فى ذلك الحين لهراست بن اجواد كان لهراست مشتغلا يقتال الترك فوجه بخت نصر الى بنى اسرائيل فى المرة الاولى

{ فجاسوا } من الجوس وهو التردد خلال الدور والبيوت فى الغارة اى ترددوا لطلبكم بالفساد

{ خلال الديار } قال فى القاموس الخلل منفرج ما بين الشيئين ومن السحاب مخارج الماء كخلاله وخلال الدار ايضا ما حوالى جدرها وما بين بيوتها انتهى.

قالوا يجز ان يكون مفردا بمعنى الوسط او جمع خلل بمعنى الاوساط المنازل او فى اوساطها للقتل والاسر والغارة فقتلوا علماءهم وكبارهم وحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين الفا وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت به السنة الالهية

{ وكان } وعد عقابهم

{ وعدا مفعولا } وعدا لا بد ان يفعل.

٦

{ ثم رددنا } اعدنا

{ لكم الكرة عليهم } اى الدولة والغلبة على الذين فعلوا بكم ما فعلوا بعد مائة سنة حين تبتم ورجعتم من الافساد والعلو تلخيصه بعد ظفرهم بكم اظفرناكم بهم . والكرة فى الاصل المرة وعليهم متعلق بها لانه يقال كر عليه اى عطف - حكى - ان كورش الهمذانى غزا اهل بابل فظهر عليهم وسكن الدار فتزوج امرأة من بنى اسرائيل فطلبت من زوجها ان يرها قومها الى ارضهم فردهم الى ارضهم بيت المقدس فالكرة هى قتل بخت نصر واستنقاذ بنى اسرائيل اسراراهم ورجوع الملك اليهم فمكثوا فيها فرجعوا الى احسن ما كانوا عليه ثم عادوا فعصوا الثاني

{ وامددناكم باموال } يقال امد الجيس اذا قواه وكثره عددا اى قويناكم باموال كثيرة بعد ما نهبت اموالكم

{ وبنين } بعد ما سبيت اولادكم

{ وجعلناكم اكثر نفيرا } عددا مما كنتم او من عدوكم وهو من ينفر مع الرجل من قومه.

٧

{ ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها } اى احسان الاعمال واساءتها كلاهما مختص بكم لا يتعدى ثوابها وبالها الى غيركم فاللام على اصلها وهو الاختصاص.

قال سعدى المفتى الاولى ان تكون للاستحقاق كما فى قوله لهم عذاب فى الدنيا.

قال فى تفسير النيسابورى قال اهل الاشارة انه اعاد الاحسان ولم يذكر الاساءة الامرة ففيه دليل على ان جانب الرحمة أغلب ويجوز ان يترك تكريره استهجانا

{ فاذا جاء } [ بس جون بيايد ]

{ وعد الآخرة } اى حان وقت ما وعد من عقوبة المرة الآخرة من الافسادين [ دويست ودوسال ]

{ ليسوأوا وجوهكم } يقال ساءة مساءة فعل به ما يكره وهو متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه أى بعثناهم ليجعلوا آثار المساءة فعل به ما يكره وهو متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه أى بثناهم ليجعلوا آثار المساءة والكآبة بادية فى وجوهكم فاريد بالوجوه الحقيقة وآثار الاعراض النفسانية فى القلب تظهر فى الوجه.

وفى الكواشى وخصت الوجوه بالمساءة والمراد اهلها لان اول ما يظهر من الحزن عليها

{ وليدخلوالمسجد } الاقصى ويخربوه

{ كما دخلوه اول مرة } وخربوه

{ وليتبتروا } اى ليهلكوا

{ ما علوا } كل شئ علبوه واستولوا عليه او بمعنى مدة علوهم

{ تتبيرا } اهلاكا فظيعا لا يوصف والمراد بهم طرطوس الرومى وجنوده كما سبق.

وقال بعضهم سلط اللّه عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه هردوس قال لواحد من عظماء جنوده كنت حلفت بالهى اذا ظفرت باهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى يسيل دماؤهم وسط عسكرى فامره ان يقتلهم فدخل بيت المقدس فقام فى البقعة التى كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلى فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتمونى فقتل على ذلك الدم سبعين الفا من رؤسائهم وغلمانهم وازواجهم فلم يهدأ الدم ثم قال ان لم تصدقونى ما تركت منكم احدا فقالوا انه دم نبى كان ينهانا ويخبرنا بأمركم فلم نصدقه فقتلناه فهذا دمه فقال ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكريا قال الآن صدقتمونى لمثل هذا ينتقم ربكم منكم.

وكان قتل يحيى ملك من بنى اسرائيل يقال له لاخت حمله على قتله امرأة اسمها اربيل وكانت قتلت سبعة من الانبياء وقتل يحيى كان بعد رفع عيسى فلما رأى انهم صدقوا خر ساجدا ثمقال يا يحيى قد علم ربى وربك ما اصاب قومك من اجلك وما قتل منهم فاهدأ باذن اللّه قبل ن لا ابقى احد منهم فهدأ فرفع عنهم القتل وقال آمنت بما آمنت به بنواسرائيل وايقنت انه لا رب غيره وقال لبنى اسرائيل ان هردوس امرنى ان اقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره ولست اتطيع ان اعصيه قالوا افعل ما امرت فامرهم ان يحفروا خندقا ويذبحوا دوابهم حتى سال الدم فى العسكر فلما رأى هردوس ذلك ارسل اليه ان ارفع عنهم القتل فسلب عنهم الملك والرياس وضرب عليهم الذلة والمسكنة ثم انصرف الى بابل وهى الوقعة الاخيرة النازلة على بنى اسرائيل وبقى بيت المقدس خرابا الى عهد خلافة عمر رضى اللّه عنه فعمره المسلمون بامره.

قال الكاشفى [ حق سبحانه وتعالى درتورات بعداز وعده ابن دوعقوبت با ايشان كفته بود ].

٨

{ عسى ربكم } [ شايد كه برورد كار شما يا نبى اسرائيل ] توبة اخرى وانزجرتم عن المعاصى فتابوا فرحمهم

{ وان عدتم } مرة ثالثة الى المعاصى.

قال سعدى المفتى الاولى كما فى الكشاف مرة ثانية اذا العود مرتان والاول بدء لا عود ألا ان يقال اول المرات كونهم تحت ايدى القبط

{ عدنا } الى عقوبتكم ولقد عادوا فاعاد اللّه عليهم النقمة بان سلط عليهم الا كاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الاتاوة ونحو ذلك او عادوا بتكذيب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وقصد قتله فعاد اللّه بتسليطه عليهم فقتل قريظة واجلى بنى النضير وقدر الجزية على الباقين فهم يعطونها عن يد وهم صاغرون وهم فى عذاب من المؤمنين الى يوم القيامة.

وفى التأويلات النجمية

{ وان عدتم } الى الجهل

{ عدنا } الى العدل بل الى الفضل : وفى المثنوى

جونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخمست وبروياند خداش

دند كاهى او بيوشاند كه تا ... آيد آخر زان بشيمان تورا

بارها بوشد بى اظهار فضل ... باز كيرد از بى اظهار عدل

تاكه اين هرد وصفت ظاهر شود ... آن مبشر كردد اين منذر شود

{ وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } اى محبسا ومقرا يحصرون فيه لا يستطيعون الخروج منها ابدا الآباد فهو فعيل بمعنى فاعل اى حاصر لهم ومحيطة بهم وتذكيره اما لكونه بمعنى النسبة كلابن وتامر او لحمله على فعيل بمعنى مفعول او بالنظر الى لفظ جهنم اذ ليس فيه علامة التأنيث.

وعن الحسن حصيرا اى بساطا كما يبسط الحصير المرمول والحصير المنسوج وانما سمى الحصير لانه حصرت طاقاته بعضها فوق بعض.

واعلم ان جهنم عصمنى اللّه واياك منها من اعظم المخلوقات وهى سجن اللّه فى الآخرة يسجن فيه المعطلة اى نفاة الصانع والشمركون والكافرون والمنافقون واهل الكبائر من المؤمنين ثم يخرج بالشفاعة وبالامتنان الالهى من جاء النص الالهى فيه واوجدها اللّه تعالى بطالع الثور ولذلك خلقها اللّه تعالى فى صورة الجاموس وجميع ما يخلق فيها من الآلام التى يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الالهى ولا يكون ذلك عند دخول الخلق فيها من الجن والانس متى دخولها

واما اذا لم يكن فيها احد من اهلاه فلا ألم فيها فى نفسها ولا فى نفس ملائكتها بل هى ومن فيها من زبانتيها فى رحمة اللّه لمنغمسون ملتذون يسبحون اللّه لا يفترون.

فعلى العاقل ان يتباعد عن الاسباب المقربة الى النار ويستعيذ باللّه من حرها وبردها آناء الليل واطراف النهار ويرجون رحمة اللّه تعالى وهى فى التسليم والتلقى من النبوة والوقوف عند الكتاب والسنة عصمنا اللّه واياكم من المخالفة والعصيان وشرفنا بالموافقة والطاعة كل حين وآن وجعلنا من المخلصين فى بابه المقبلين على جنابه المحترزين عن عذابه وعقابه.

٩

{ ان هذا القرآن } الذى آتيناك يا محمد

{ يهدى } الناس كافة لا فرقة مخصوصة منهم كدأ الكتاب الذى آتيناه موسى

{ للتى } للطريقة التى

{ هى اقوم } اى اقوم الطرائق واسدها واصوبها اعنى ملة الاسلام والتوحيد والمراد بهدايته لها كونه بحيث يهتدى اليها من يتمسك به لا تحصيل الاهتداء بالفعل فانه مخصوص بالمؤمنين

{ ويبشر } [ مزده ميدهيد ]

{ المؤمنين } بما فى تضاعيفه من الاحكام والشرائع

{ الذين يعملون الصالحات } التى شرحت فيه

{ ان لهم } اى بان لهم بمقابلة تلك الاعمال

{ اجرا كبيرا } بحسب الذات وبحسب التضعيف عشر مرات فصاعدا.

قال الكشافى [ مزدى بزرك يعنى بهشت ] وذلك لانه يستصغر عند الجنة ونعيمها الدنيا وما فيها.

١٠

{ وان الذين لا يؤمنون بالآخرة } واحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء

{ اعتدنا لهم } [ آماده كرديم براى ايشان ] اى فيما كفروا به وانكروا وجوده من الآخرة

{ عذابا اليما } وهو عذاب جهنم والجملة معطوفة على جملة يبشر باضمار يخبر ويجوز ان يكون معطوفا على ان لهم اجرا كبيرا فالمعنى انه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب اعدائهم فان المرء يستبشر ببلية عدوه

يا وصال يار يا مرك عدو ... بازئ جرخ زين دو يك كارى كند

واعلم ان القرآن مظهر الاسم الهادى وهو كتاب اللّه الصامت والنبى عليه السلام كتاب اللّه الناطق وكذا ورثته الكمل بعده وان الدلالة والارشاد انما تنفع المؤمنين العاملين بما فيه وهو لم يترك شيأ من امور الدين والدنيا الا وتكفل ببيانه اما اجمالا او تفصيلا.

قال ابن مسعود رضى اللّه عنه اذا اردتم العلم فآثروا القرآن فان فيه علم الاولين والآخرين - روى - انه تفكر بعض العارفين فى انه هل فى القرآن شئ يقوى قوله عليه السلام ( يخرج روح المؤمن من جسده كما يخرج الشعر من العجين ) فختم القرآن بالتدبر فما وجده فرأى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فى منامه وقال يا رسول اللّه قال اللّه ( ولا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين ) فما وجدت معنى هذا الحديث فى كتاب اللّه تعالى فقال عليه السلام ( اطلبه فى سورة يوسف ) فلما انتبه من نومه قرأها فوجده وهو قوله

{ فلما رأينه اكبرنه وقطعن ايديهن } اى لما رأين جمال يوسف عليه السلام اشتغلن به وما وجدن ألم القطع وكذلك المؤمن اذا رأى ملائكة الرحمة ورأى انعامه فى الجنة وما فيها من النعيم والحور والقصور اشتغل قلبه بها ولا يجد ألم الموت وانفهم من الحكاية ان القرائ ينبغى ان يقرأ القرآن بتدبر تام حتى يصل الى كل مرام وقد نهى النبى عليه السلام ان يختم القرآن فى اقل من ثلاث وقال ( لم يفقه ) اى لم يكن فقيها فى الدين ( من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث ) يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر وبتدبير لم يكن فقيها فى الدين ( من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث ) يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر ويتدبر فى معنى القرآن فى ليلة او ليلتين لانه يقرأ على العجلة حينئذ بل ينبغى ان يقرأ القرآن فى ثلاث ليال او اكثر حتى يقرأ عن طيب نفس ونشاطها ويتفرغ لتدبر معناه ولذا اختبار بعضهم الختم فى كل جمعة وبعضهم فى كل شهر وبعضهم فى كل سنة بحسب درجات التدبر والتفتيش ويغتنم الحضور للدعاء عند ختم القرآن فانه يستجاب وفى الحديث

( من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل اللّه ) ففى الافتتاح عند الاختتام احراز لهاتين الفضيلتين واذلالال للشيطان.

قال فى شرح الجزرى ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالامور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة امورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاونهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين ومما يقول النبى عليه السلام عند ختم القرآن ( اللهم ارحمنى بالقرآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقنى تلاوته آناء الليل واطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين ) وكان ابو القاسم الشاطى رحمه اللّه يدعو بهذا الدعاء عند ختم القرآن ( اللهم انا عبيدك وابناء عبيدك وابناء امائك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك او علمته احدا من خلقك او انزلته فى شئ من كتابك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء احزاننا وهمومنا وسائقنا وقائدنا اليك والى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين )

قال فى القنية لا بأس باجتماعهم على قراءة الاخلاص جهرا عند ختم القرآن ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو اولى انتهى.

وجه الاولوية ان الغرض الاهم من القراءة انما هو تصحيح مبانيها لظهور معانيها ليعمل بما فيها وفى القراءة بصوت واحد يتشوش الخواطر مع ان بعض القارئين بالجمعية يأتى ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويقع حذف الحرف والزيادة وتحريك الساكن وتسكين المحرك ومد القصر وقصر المد مراعاة للاصوات فيأثمون

عشقت رسد بفرياد كرخود بسان حافظ ... قرآن زبر بخوانى در جار ده روايت

نسأل اللّه تعالى ان يوصلنا الى حقائق القرآن واسراره ويطعلنا على الحكم والمصالح فى قصصه واخباره ويجعلنا من اهل التحقيق انه ولى التوفيق.

١١

{ ويدع الانسان بالشر } ويدعو اللّه عند غضبه بالشر واللعن والهلاك على نفسه واهله وخدمه وماله . والمراد بالانسان الجنس اسند اليه حال بعض افراده او حكى عنه حاله فى بعض احيانه وحذفت واو يدع ويمح وسندع لفظا كياء سوف يؤت اللّه ويناد المناد وما تغن النذر وصلا لاجتماع الساكنين ووقفا وهى مرادة معنى حملا للوقف على الوصل ولو وقف عليها اضطرار الوقف بلا واو فى ثلاثتها اتباعا للامام كما فى الكواشى

{ دعاء بالخير } مثل دعائه بالخير والرزق والعافية والرحمة ويستجاب له فلو استجيب له اذا دغا باللعن كما يجاب له بالخير لهلك او يدعوه بما يحسبه خيرا وهو شر فى نفسه فينبغى ان يدعو بما هو خير عند اللّه تعالى لا بما يشتهيه

{ وكان الانسان } بحسب جبلته

{ عجولا } يسارع الى طلب ما يخطر بباله ولا ينظر عاقبته ولا يتأنى الى ان يزول عنه ما يعتريه.

قال الكاشفى [ تعجيل دارد دار انقلاب ازحالى بحالى نه درسرا تحمل دارد ونه در ضرا نه دركرمان شكيباست ونه درسرما ].

واعلم ان الدعاء اما بلسان الحقيقة

واما باعتبار السيئة المفضية الى الشر الموجبة له فالانسان عجول قولا وفعلا يتمادى فى الاعمال الموجبة للشر والعذاب وفى الحديث ( المؤمن وقاف والمنافق وثاب ) قال آدم عليه السلام لاولاده كل عمل تريدون ان تعملوا فقفوا له ساعة فانى لو وقفت ساعة لم يكن اصابنى ما اصابنى قال اعرابى اياكم والعجلة فان العرب تكنيها ام الندامات : وفى المثنوى

بيش سك جون لقمة ثان افكنى ... بوكندوا انكه خورد اى مقتنى

او بينى بوكند ما باخرد ... هم ببو ئيمش بعقل منتقد

قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة مواضع اداء الصلاة اذا دخل الوقت ودفن الميت اذا حضر وتزويج البكر اذا ادركت وقضاء الدين اذا وجب واطعام الضيف اذا نزل وتعجيل التوبة اذا اذنب.

ثم شرع فى بيان بعض الهداية التكوينية التى اخبر بها القرآن الهادى فقال

١٢

{ وجعلنا الليل والنهار } قدم الليل لان فيه تظهر غرر الشهور اى جعلنا هما بسبب تعاقبهما واختلافهما فى الطول والقصر

{ آيتين } دالتين على وجود الصانع القدير ووحدته اذ لا بد لكل متغير من مغير وانما قال وجعلنا الليل والنهار آيتين وقال فى موضع آخر

{ وجعلنا ابن مريم وامه آية } لان الميل والنهار ضدان بخلاف عيسى ومريم

وقيل لان عيسى ومريم

وقيل لان عيسى ومريم كانا فى وقت واحد والشمس والقمر آيتان لانهما فى وقتين ولا سبيل الى رؤيتهما معا

{ فمحونا آية الليل } الفاء تفسيرية والاضافة بيانية كما فى اضافة العدد ال المعدود اى فمحونا الآية التى هى الليل.

والمحو فى الاصل ازالة الشئ الثابت والمراد هنا ابداعها ممحوة الضوء مطموسة كما فى قولهم سبحانه من صغر البعوض وكبر الفيل اى انشأهما كذلك بقرينة ان محو الليل فى مقابلة جعل النهار مضيئا

{ وجعلنا آي النهار } اى الآية التى هى النهار

{ مبصرة } مضيئة تبصر فيها الاشياء وصفها بحال اهلها ويجوز ان تكون الاشافة فى المحلين حقيقة فالمراد بآية الليل والنهار والقمر والشمس - روى - ان اللّه تعالى خلق كلا من نور القمر والشمس سبعين جزأ ثم امر جبريل فمسح بجناحة ثلاث مرات فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس ليتميز الليل من النهار اذ كان فى الزمن الاول لا يعرف الليل والنهار فالسواد الذى فى القمر اثر المحو وهذا السواد فى القمر بمنزلة الخال على الوجه الجميل ولما كان زمان الدولة العربية الاحمدية قمريا ظهر عليه اثر السيادة على النجوم وهو السواد لانه سيد الالوان كما ظهر على الحجر المكرم الذى خرج ابيض من الجنة اثر السيادة بمايعة الانبياء والاولياء عليهم السلام وجعل اللّه شهورنا قمرية لا شمسية تنبيها من اللّه للعارفين ان آياتهم ممحوّة من ظواهرهم مصروفة الى بواطنهم فاختصوا من بين جميع الامم الماضية بالتجليات الخاصة.

وقيل فيهم كتب فى قلوبهم الايمان مقابلة قوله فانسلخ منها قال تعالى

{ لا الشمس ينبغى لها ان تدرك القمر } اى فى علو المرتبة والشرف.

قال حضرت شيخى وسندى قدس سره فى كتاب البرقيات بعد تفصيل بديع ثم لآية الليل مرتبة الرعية والتبعية ولآية النهار مرتبة الاصلية والاستقلالية لان نور القمر مستفاد من نور الشمس ثم سر محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة هو نفى الاستواء واثبات الامتياز حتى يتعين حد المستفيد وطوره بان يكون انزل بحسب الضعف والنقصان وحد المفيد وطوره بان يكون ارفع بحسب القوة والكمال ويرتبط كل منهما بالآخرة من غير تعد وتجاوز عن حده وطوره بل عرف كل قدره لزوم مقامه حتى يطرد النظام والانتظام ويستمر القيام والدوام من غير خلل واختلال ثم هذا لسر اشارة الى سرأن لمظاهر الجلال مرتبة التبعية والفرعية ولمظاهر الجمال مرتبة الاستقلالية والاصلية لان الامداد الواصل الى مظاهر الجلال لقيامهم ودوامهم وبقائهم مستقاد من مظكاهر الجمال ولذا قيل لولا الصلحاء لهلك الطلحاء وحكمة محو افكار مظاهر الجلال عن الاصابة الى الاخطاء وجعل افكار مظاهر الجمال مبصرة مصيبة هو نفى المساواة واثبات المباينة بينهما حتى يتحقق رتبة الاصل بالقوة والغلبة والعزة ورتبة الفرع بالضعف والعجز والذلة ويقوم النظام ويدوم الانتظام من غير ان يظهر التجاوز والتعدى من طرف مرتبة التبعية الى رتبة الاستقلالية عند المقابلة والمقاومة بل يطرد الارتفاع والاعتلاء والاستيلاء على الوجه الاوفق والحد الاحق فى طرف الاصالة ويستمر الامر فى نفسه الى ما شاء اللّه خالق البرية ثم مرتبة القمر اشارة فى المراتب الالهية الى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس الى مرتبة الالوهية وفى المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسى واللوح ومرتبة الشمس اشارة لى مرتبة العرش والقلم وفى مراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر وغير ذلك من الاشارات القرآنية

{ لتبتغوا } متعلق بقوله وجعلنا آية النهار اى لتطلبوا لانفسكم فى بياض النهار

{ فضلا من ربكم } اى رزقا وسماه فضلا لان اعطاء الرزق لا يجب على اللّه وانما يفيضه بحكم الربوبية وفى التعبير عن الكسب بالابتغاء دلالة على ان ليس للعبد فى تحصيل الرزق تأثير سوى الطلب

{ ولتعلموا } متعلق بكلا الفعلين اى لتعلموا باختلاف الجديدين او ميزهما ذاتا من حيث الاظلام والاضاءة مع تعاقبهما وسائر احوالهما

{ عدد السنين } التى يتعلق بها غرض علمى لاقامة مصالحكم الدينية والدنيوية

{ والحساب } اى الحساب المتعلق بما فى ضمنها من الاوقات اى الاشهر والليالى والايام وغيرذلك مما نيط به شئ من المصالح المذكورة ولولا ذلك لما علم احد حسبان الاوقات ولتعطلت امور كثيرة.

والحساب احصاء ماله كمية منفصلة بتكرير امثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة فيها حد معين منه له اسم خاص وحكم مستقل والعد احصاؤه بمجرد تكرير امثاله من غير ان يتحصل منه شئ كذلك السنة تتحصل بعدة شهور والشهر بعدة ايام واليوم بعدة ساعات . والسنين جمع سنة وهى شمسية وقمرية فالسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التى فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يومان وثلث يوم قالوا ان اقر العنين انه لم يصل اجله الحاكم سنة قمرية فىلصحيح وبحسب فدية الصلاة بالسنة الشمسية اخذا بالاحتياط من غير اعتبار ربع اليوم ففدية كل فرض من الحنطة خمسمائة درهم وعشرون درهما وللوتر كذلك فيكون فدية كل صلاة يوم وليلة ومن الحنطة ثلاثة آلاف درهم ومائة وعشرين درهما وفدية كل سنة شمسية مائة واثنان واربعون كيلا يكيل القسطنطينية وسبع اوقية ويكون قيمة هذا المقدار من الحنطة محسوبة بالحساب الجارى بين الناس فى كل عهد وزمان

{ وكل شئ } تقتقرون اليه فى المعاش والمعاد وهو منصوب يفعل يفسره قوله تعالى

{ فصلناه تفصيلا } اى بيناه فى القرآن بيانا بليغا لا التباس معه فازحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا فليتبع العاقل ما ادركه اى لحقه علمه وليفوض ما جهله منه الى العلم.

وفيه اشارة الى ان العالم اذا تدبر فى القرآن وقف على جميع المهمات وكان الصحابة رضى اللّه عنهم يكرهون ان يمضى يوم ولم ينظروا فى مصحف لان النظر اليه عبادة.

وفي ايضا وقوف على المرام فان التدبر يؤدى الى ظهور خفايا الكلام - حكى - ان الامام محمد بن الحسن صاحب ابى حنيفة دخل على ابى حنيفة لتعلم الفقه قال استظهرت القرآن يا بنى قال لا قال استظهر او لا فغاب سبعة ايام ثم رجع الى ابى حنيفة فقال ألم اقل لك استظهر قال استظهرت.

قال الشافعى رضى اللّه عنه بت عنده ليلة فصليت الى الصبح واضطجع هو الى الصبح فاستنكرت ذلك منه فقام وصلى ركعتى الفجر غير توضى فقلت له فى ذلك فقال أظننت انى نمت كلا استخرجت من كتاب اللّه نيفا والف مسألة فانت عملت لنفسك وانا عملت للامة او انما اضطجعت لان صفاء خاطرى فى تلك الحالة . وهذه الصورة سرّ ما قال حضرت الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر سبب اضطجاع الانبياء على ظهورهم عند نزول الوحى اليهم ان الوارد الالهى الذى هو صفة القيومية اذا جاءهم اشتغل روح الانسان عن تدبيره فلم يبق للجسم من يحفظ عليه قيامة ولا قعوده فرجع الى اصله وهو لصوقه بالارض.

ثم ان فى القرآن تفصيلا لأهل العبارة واهل الاشارة : وفى المثنوى

تو زقرآن اى بسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند غير طين

ظاهر قرآن جو شخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانس خفيست

١٣

{ وكل انسان } مكلف مؤمنا كان او كافرا ذكرا او انثى عالما او اميا سلطانا او رعية حرا او عبدا

{ الزمناه } الالزام [ لازم كردن ]

{ طائره } اى عمله الاصدر عنه باختياره حسبما قدر له كانه طار اليه من عشر الغيب ووكر القدر

{ فى عنقه } تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط اى الزمناه عمله بحيث لا يفارقه ابدا بل يلزمه لزوم القلادة والغل للعنق لا ينفك عنه بحال

كه هرنيك وبدى كان ازمن آيد ... مرا ن كام غل در كردن آيد

قال فىلاسئلة المقحمة كيف خص العنق بالزامة الطائر الجواب لان العنق موضع السماء والقلائد مما يزين او يشين فينسبون الاشياء اللازمة الى الاعناق يقال هذا فى عنقى وفى عنقك انتهى.

وفى حياة الحيوان انهم قالوا تقلدها طوق الحمامة الهاء كناية عن الخضلة القبيحة اى تقلد طوق الحمامة لانه لا يزايلها ولا يفارقها كما لا يفارق الطوق الحمامة ومثل قوله تعالى

{ وكل انسان الزمناه طائره فى عنقه } ان عمله لازم له لزوم القلادة والغل لا ينفك عنه انتهى.

قال فى التأويلات النجمية يشير الى ما طار لكل انسان فى الازل وقدر بالحكمة الازلية والارادة القديمة من السعادة والشقاوة وما يجرى عليه من الاحكام المقدرة والاحزال التى جرى بها القلم من الخلق والخلق والرزق والاجل من صغائر الاعمال وكبائرها المكتوبة له وهو بعد فى العدم وطائره ينتظر وجوده فلما اخرج كل انسان رأسه من العدم الى الوجود وقع طائره فى عنقه ملازما له فى حياته ومماته حتى يخرج من قبره يوم القيامة وهو فى عنقه وهو قوله

{ ونخرج له } اى لكل انسان

{ يوم القيامة } والبعث للحساب

{ كتابا } مسطورا فيه عمله نقيرا وقطميرا وهو مفعول نخرج

{ يلقيه } الانسان اى يجده ويراه

{ منشورا } مفتوحا بعدما كان مطويا صفتان لكتابا او الاول صفة والثانى حال.

قال الحسن بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان فهما عن يمينك وعن شمالك . فاما الذى عن يمينك فيحفظ حسناتك .

واما الذى عن شمالك فيحفظ سيأتك حتى اذ مت طويت صحيفتك وجعلت معك فى قبرك حتى تخرج لك يوم القيامة . يعنى [ جون آدمى درسكرات افتد نامه عمل او در بيجند وجون مبعوث كردند باز كشاده بدست وى دهند ].

١٤

{ اقرأ كتابك } على ارادة القول اى يقال اقرأ كتابك.

عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا

{ كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } اى كفى نفسك والباء زائدة واليوم ظرف لكفى وحسيبا تمييز وعلى صلته لانه بمعنى الحاسب وتذكيره مبنى على تأويل النفس بالشخص . يعنى [ خود به بين كه جه كرده ومستحق جه نوع باداشتى ] وفوض تعالى حساب العبد اليه لئلا ينسب الى الظلم ولتجب الحجة عليه باعترافه.

قال الحسن انصف من انصفك انصف من جعلك حسيب نفسك [ عمر رضى اللّه عنه كفته كه حاسبوا قبل ان تحاسبوا امروز دفتر اعمال خود در بيش نه ودرنكركه ازنيك وبد جه كرده وجون فرصتد دارى درتدارك احوال خود كوش كه فردا مجال تلافى نخواهد بود . دركشف الاسرار آوزرده كه بدرى بسر خويش را كفت امروز هرجه بامردم كويى وهرجه ازايشان شنوى وهر عملى كه كنى بامن بكوى وحركات وسكنات خويش برمن عرض كن آن بسر تانماز شام تمام كردار يكروزه را باز كفت بدر روزى ديكر از بسر همين حال درخواست بسر كفت اى بدر زينهار هرجه خواهى از رنج وكلفت بكشم اين صورت بكذار كه طاقت نمدارم بدر كفت من تراب درين كارمى بندم تابيدار وهشيار باشى واز موقف حساب غافل نشوى كه ترا طاقت يكروزه حساب دادن بابدر نيست حساب همه عمر باحق تعالى جون خواهى داد ]

تو نمى دانى حساب روز وشام ... بس حاساب عمر جون كويى تمام

زين عملها ى نه بر نهج صواب ... نيست جز شر مندكى وقت حساب

١٥

{ من اهتدى } [ هركه راه يابد وبراه رلست رود ] اى بهداية القرآن وعمل بما فى تضاعيفه من الاحكام وانتهى عما نهاه

{ فانما يهتدى لنفسه } فانما تعود منفعة اهتدائه الى نفسه لا تتخطاه الى غيره ممن لم يهتد

{ ومن ضل } عن الطريقة التى يهديه اليها

{ فانما يضل عليها } فانما وبال اضلاله عليها على على من عداه ممن لم يباشره حتى يمكن مفارقة العمل من صاحبه.

وقال البيضاوى لا ينجى اهتداؤه غير ولا يردى ضلاله سواه اى فى الآخرة والا ففى حكم الدنيا يتعدى نفع الاهتداء وضرر الضلال الى الغبر كما فى حواشى سعدى المفتى

{ولا تزر وازرة وزر اخرى }.قال فى القاموس الوزر بالكسر الاثم والثقل والحمل الثقيل انتهى اى لا تحمل نفس حاملة للوزر اى الاثم وزر نفس اخى حتى يمكن تخلص النفس الثانية من وزرها ويختل ما بين العامل وعمله من التلازم بل انما تحمل كل منهما وزرها فلا يؤاخذ احد بذنب غيره وهذا تحقيق لمعنى قوله تعالى

{ وكل انسان الزمناه طائره فى عنقه }

واما ما يدل عليه قوله تعالى

{ من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها } وقوله تعالى

{ ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم } من حمل الغير وزر الغير وانتفاعه بحسنته وتضرره بسيئه فهو فى الحقيقة انتفاع بحسنة نفسه وتضرر بسيئته فان جزاء الحسنة والسيئة اللتين يعملهما العامل الازم له وانما الذى يصل الى من يشفع جزاء شفاعته لا جزاء اصل الحسنة والسيئة وكذلك جزاء الضلالة وقوله

{ ولا تزر } الخ تأكيد للجملة الثانية وانما خص بها قطعا للاطماع الفارغة حيث كانوا يزعمون انهم لم يكونوا على الحق فالتبعة على اسلافهم الذين قلدوهم والتبعة ما يترتب على الشئ من المضرة ويتفرع عليه من العقوبة.

وقال الكاشفى [ وليد بن مغيره كافرانرا ميكفت متابعت من كنيد ومن كناهان شمارا بردارم حق سبحانه وتعالى ميفر ما يدكه هر نفسى بارخود خواهد برداشت نه بار ديكرى ] هذا.

وقد

قال بعضهم المراد بالكتاب نفسه المنشقة بآثار اعماله فان كل عمل يصدر من الانسان خيرا او شرا يحدث منه فى جوهر روحه اثر مخصوص الا ان ذلك الاثر يخفى ما دام الروح متعلقا بالبدن مشتغلا بواردات الحواس والقوى فاذا انقطعت علاقته عن البدن قامت قيامته لان النفس كانت ساكنة مستقرة فى الجسد وعند ذلك قامت وتوجهت نحو الصعود الى العالم العلوى فيزول الغطاء وينكشف الاحوال يظهر على لوح النفس نقش كل شئ عمله فى مدة عمره وهذا معنى الكتابة والقراءة بحسب العقل وانه لا ينافى ما ورد فى النقل بل يؤيد هذا المعنى ما روى عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا ثم المراد بالقيامة علىهذا التفصيل هى القيامة الصغرى لكن هذا الكلام اشبه بقواعد الفلسفة كما فى حواشى سعدى المفتى.

يقول الفقير لا يخفى ان الآخرة جامعة للصورة والمعنى فللانسان صحيفتان صحيفة عمله التى هى الكتاب وصحيفة نفسه فكل منهما ناطق عن عمله وحاله كما قال فى التأويلات النجمية يجوز ان يكون هذا الكتاب الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها نسخة نسخها الكرام الكاتبون بقلم اعماله فى صحيفة انفاسه من الكتاب الطائر الذى فى عنقه ولهذا يقال له

{ اقرأ كتابك } اى كتابتك التى كتبتها

{ كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } فان نفسك مرقومة بقلم اعمالك اما برقوم السعادة او برقوم الشقاوة من اهتدى الى الاعمال الصالحة فانما يهتدى لنفسه فيرقمها برقوم السعادة ومن ضل عنها بالاعمال الفاسدة فانما يضل عليها فيرقمها برقوم الشقاوة

{ ولا تزر وازرة وزر اخرى } اى لا يرقم راقم بقلم اوزاره نفس غيره

{ وما كنا معذبين } اى ووما صح وما استقام منا بل استحال فى عادتنا المبنية على الحكم البالغة ان نعذب احدا من اهل الضلال والاوزار اكتفاء بقضية العقل

{ حتى نبعث } اليهم

{ رسولا } يهديهم الى الحق ويردعهم عن الضلال ويقيم الحجج ويمهد الشرائع قطعا للمعذرة والزاما للحجة.

وفيه دلالة على ان البعثة واجبة لا بمعنى الوجوب على اللّه بل بمعنى ان قضية الحكمة تقتضى ذلك لما فيه من المصالح والحكم والمراد بالعذاب المنفى هوالعذاب الدنيوى وهو من مقدمات العذاب الاخروى فجوزوا على الكفر والمعاندة بالعذب فى الدارين وما بينهما ايضا وهو البرزخ والبعث غاية لعدم صحة وقوعه فى قوته المقدر له لا لعدم وقوعه مطلقا كيف لا والاخروى لا يمكن وقوعه عقيب العبث والدنيوى ايضا لا يحصل الا بعد تحقق ما يوجبه من الفسق والعصيان.

١٦

{ واذا اردنا ان نهلك قرية } اى واذا دنا وقت تعلق ارادتنا باهلاك قرية بان نعذب اهلها

{ امرنا } بالطاعة على لسان الرسول المبعوث الى اهلها

{ مترفيها } متنعميها وكبارها وملوكها . والمترف كمكرم من ابطرته النعمة وسعة العيش والترفة بالضم والنعمة والطعام الطيب وخصهم بالذكر مع توجه الامر الى الكل النهم الاصول فى الخطاب والباقى اتباع هلم

{ ففسقوا فيها } اى خرجوا عن الطاعة وتمردوا فى تلك القرية

{ فحق عليها القول } اى ثبت وتحقق موجبه بحلول العذاب اثر ما ظهر فسقهم وطغيانهم.

قال الكاشفى [ بس واجب شود براهل آن ده كلمه عذاب كه سبقت كرفته درحكم ازلى مستوجب عقوبت شدند ]

{ فدمرناها } بتدمير اهلها وتخريب ديارها . والتدمير الاهلاك مع طمس الاثر وهدم البناء

{ تدميرا }

وقيل الامر مجاز من الحمل على الفسق والتسبب له بان صب عليهم ما ابطرهم وافضى بهم الى الفسوق.

١٧

{ وكم اهلكنا من القرون } كم مفعول اهلكنا ومن القرون تبيين لابهامكم وتمييز له كما يميز العدد بالجنس اى وكثيرا من القرون اهلكنا والقرن مدة من الزمان يحترم فيها المرؤ والاصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام ( عش قرنا ) فعاش مائة والقرن كل امة هلكت فلم يبق منها احد وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم

{ من بعد نوح } من بعد زمنه كعاد وثمود ومن بعدهم ولم يقل من بعد آدم لان نوحا اول نبى بالغ قومه فى تكذيبه وقومه او لمن حلت بهم العقوبة العظمى وهو الاستئصال بالطوفان

{ وكفى بربك } اى كفى ربك

{ بذنوب عباده خبيرا بصيرا } يحيط بظواهرها وبواطنها فيعاقب عليها وتقديم الخبير مع انه مضاف الى الغيب والامور الباطنة والبصير مضاف الى الامور الظاهرة كالشهيد لتقدم متعلقه من الاعتقادات والنيات الى هى مبادى الاعمال الظاهرة . وفيه اشارة الى ان البعث والامر وما يتلوهما من فسقهم ليس لتحصيل العلم بما صدر عنهم من الذنوب فان ذلك حاصل قبل ذلك وانما هو لقطع الاعذار والزام الحجة من كل وجه.

وفى الآية تهديد لهذه الامة لا سيما مشركى مكة لكى يطيعوا اللّه ورسوله ولا يعصوه فيصيبهم مثل ما اصابهم - روى - عن الشعبى انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وارنبا فقال الاسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والارنب للثعلب قال فرفع الاسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الاسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والارنب بين ذلك فقال الاسد ويحك ما اقضاك من عملك هذا القضاء فقال القضاء الذى نزل برأس الذئب ولذلك قبل العاقل من وعظ بغيره

مرد دركارها جوكرد نظر ... بهزه اعتبار ازاز برداشت

هرجه آن سودمند بود كرفت ... هرجه ناسود مندبود كذا شت

وفى التأويلات النجمية

{ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } يشير الى ان الاعمال الصالحة والفاسدة التى ترقم النفوس يرقوم السعادة والشقاوة لا يكون لها اثر الا بقبول دعوة الانبياء او بردها فان السعادة والشقاوة مودعة فى اوامر الشريعة ونواهيها

{ واذا اردنا ان نهلك قرية } اى من قرى النفوس

{ امرنا مترفيها } وهى النفوس الامارة بالسوء

{ ففسقوا فيها } اى فخرجوا عن قيد الشريعة ومتابعة الانبياء بمتابعة الهوى واستيفاء شهوات النفس

{ فحق عليها القول } اى فوجبت لها الشقاوة بمخالفة الشريعة

{ فدمرناها تدميرا } بابطال استعداد قبول السعادة اذ صارت النفس مرقومة برقوم الشقاوة الابدية

{ وكم اهلكنا من القرون من بعد نوح } اى ابطلنا حسن استعدادهم لقبول السعادة برد دعوى الانبياء عليهم السلام

{ وكفى بربك بذنوب عباده } اذ لم يقبلوا دعوة الانبياء

{ خبيرا بصيرا } فانه المقدر فى الازل المدبر الى الابد اسباب سعادة عباده واسباب شقاوتهم.

١٨

{ من كان } [ هركه باشد از روى خساست همت ]

{ يريد } باعماله

{ العاجلة } الدار الدنيا فقط اى ما فيها من فنون مطالبها وهم الكفرة والفسقة واهل الرياء والنفاق والمهاجر للدنيا والمجاهد لمحضن الغنيمة والذكر

{ عجلنا له فيها } اى فى تلك العاجلة

{ ما نشاء } تعجيله له من نعيمها لا كل ما يريد فان الحكمة لا تقتضى وصور كل واحد الى جميع ما يهواه

{ لمن نريد } تعجيل ما نشاء له فانها لا تقتضى وصول كل طالب الى مرامه فان اللّه تعالى يبتلى بعض العباد بالطلب من غير حصول المطلوب وبعضهم يبتلى به بحصول المطلوب المشروط به اما مقارنا لطلبه

واما بعده لان وقت الطلب قد يفارق وقت حصول المطلوب فيحصل الطلب فى وقت والمطلوب فى وقت وبعضهم لا يبتلى بالطلب بل يصل اليه الفيض بلا طلب فالاول طلب ولا شئ . والثانى طلب وشئ . والثالث شئ ولا طلب قوله

{ لمن نريد } بدل من الضمير فى له باعادة الجار بدل البعض فانه راجع الى الموصول المبنئ عن الكثرة

{ ثم جعلنا له } مكان ما جمعنا له

{ جهنم } وما فيها من اصناف العذاب

{ يصليها } يدخلها وهو وهو حال من الضمير المجرور

{ مذموما } ملوما لان الذم اللوم وهو خلاف المدح والحمد يقال ذممته وهو ذميم غير حميد كما فى بحر العلوم

{ مدحورا } مطرودا من رحمة اللّه تعالى فان الدحر الطرد والابعاد.

١٩

{ ومن } [ هركه ازروى علو همت ]

{ أراد } بالاعمال

{ الآخرة } الدار الآخرة وما فيها من النعيم المقيم

{ وسعنى لها سعيها } اى لاسعى اللائق بها وهو الاتيان بما امر والانتهاء عما نهى لا التقرب بما يخترعون بارآئهم وفائدة اللام اعتبار النية والاخلاص فانها للاختصاص

{ وهو مؤمن } اى والحال انه مؤمن ايمانا صحيحا لاشرك معه ولا تكذيب فانه العمدة

{ فاولئك } الجامعون الشرائط الثلاثة من ارادة الآخرة والسعى الجميل لها والايمان

{ كان سعيهم مشكورا } مقبولا عند اللّه تعالى بحسن القبول مثابا عليه فان شكر اللّه الثواب على الطاعة وفى تعليق المشكورية بالسعى دون قرينيه اشعار بانه العمدة فيها.

اعلم ان اللّه تعالى خلق الانسان مركبا من الدنيا والآخرة ولكل جزء منهما ميل وارادة الى كله ليتغى منه ويتقوى ويتكمل به ففى جزئه الدنيوى وهو النفس طريق الى دركات النيران وفى جزئه الاخرزى وهو الروح طريق الى درجات الجنان وخلق القلب من هذين الجزءين وله طريق الى ما بين اصبعى الرحمن اصبع اللطف واصبع القهر فمن يرد اللّه به ان يكون مظهر قهره ازاغ قلبه ويصلى نار القطيعة ومن يرد اللّه به ان يكون مظهر لطفه اقام قلبه وحوله وجهه الى عالم العلو فيزيد الآخرة ويسعى لها سعيها وهو الطلب بالصدق وهو مؤمن بان من طلبه وجده فاولئك كان سعيهم فى الوجود مشكورا من الموجد فى الازل.

٢٠

{ كلا } منصوب بنمد اى كل واحد من مريدى الدنيا ومريدى الآخرة

{ نمد } اى نزيد مرة اخرى بحيث يكون الآنف مدد للسالف لا تقطعه وما به الامداد هو ما عجل لاحدهما من العطايا العاجلة وما اعد للآخر من العطايا الآجلة المشار اليها بمشكورية السعى

{ هؤلاء } بدل من كلا

{ وهؤلاء } عطف عليه اى نمد هؤلاء المعجل لهم وهؤلاء المشكور سعيهم

{ من عطاء ربك } اى من معطاه الواسع الذى لا تناهى له لان العطاء اسم ما يعطى وهو متعلق بنمد ومغن عن ذكر ما به الامداد ومنه على ان الامداد المذكور ليس بطريق الاستيجاب بالسعى والعمل بل يمحض التفضل

{ وما كان عطاء ربك } اى دنيوى واخرويا

{ محظورا } ممنوعا عمن يريده من البر والفاجر بل هو فائض على البر فى الدنيا والآخرة وعلى الفاجر فى الدنيا فقط وان وجد منه ما يقتضى الحظر وهو الفجور والكفر : قال الشيخ سعدى

اديم زمين سفره عام اوست ... برين ان يغماجه دشمن جه دوست

بس برده بيند عملهاى بد ... هم اوبرده بوشد بآلاى خود

وكر برجفا بيشه بشتافتى ... كى از دست قهرش امان يا فتى

٢١

{ انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض } كيف فى محل النصب بفضلنا على الحالية لا بانظر لان الاستفهام يحجب ان يتقدم عليه عامله لاقتضائه صدر الكلام اى انظر يا محمد بنظر الاعتبار كيف فضلنا بعض الآدميين على بعض فيما امددناهم من العطايا الدنيوية فمن وضيع ورفيع ومالك ومملوك وموسر وصعلوك تعرف بذلك مراتب العطايا الخروية ودرجات تفاضل اهلها على طريقة الاستشهاد بحال الادنى على حال الاعلى كما افصح عنه قوله تعالى

{ وللآخرة } اى هى وما فيها

{ اكبر } من الدنيا

{ درجات } نصب على التمييز وهى جمع درجة معنى المرتبة والطبقة

{ واكبر تفضيلا } وذلك لان التفاوت فى الآخرة بالجنة ودرجاتها العالية لان ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض.

وفى التأويلات النجمية

{ انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض } من اهل الدنيا فى النعمة والدولة وموافاة المرادات ليتحقق لك انها من امدادنا اياهم

{ وللآخرة } اى اهل الآخرة

{ اكبر درجات واكبر تفضيلا } من اهل الدنيا لان مراتب الدرجات الاخروية وفضائل اهلها باقية غير متناهية ونعمة الدنيا وفضائل اهلها فانية متناهية : قال الحافظ

فى الجملة اعتماد مكن بر ثبات دهر ... كين كار خانه ايست كه تغيير ميكنند

فعلى العاقل تحصيل الدرجات الاخروية الباقية . وفى الحديث ( اكثر اهل الجنة البله وعليون لذوى الالباب ) اراد بذوى الالباب العلماء ألا يرى الى قوله عليه السلام ( فضل العالم على العابد كفضلى على ادناكم ) وفى رواية ( كفضل القمر على سائر الكواكب ) وقد قال ابن عباس رضى اللّه عنهما فى تفسير قوله تعالى

{ والذين اوتوا العلم درجات } يرفع العالم فوق المؤمن بسبعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والارض فبهذه الشواهد يتضح ان تفاوت درجات اهل الجنة بحسب تفاوت معارفهم الالهية وعلومهم الحقيقة كما قال عليه السلام ( ان فى الجنة مدينة من نور لم ينظر اليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والازواج والخدم من النور اعدها اللّه للعاقلين فاذا ميز اللّه اهل الجنة من اهل النار ميزاهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم قيتفاوتون فى الدرجات كما بين المشارق والمغارب بالف ضعف ) وعنه عليه السلام ( ان فى الجنة درجة لا ينالها الا اصحاب الهموم ) يعنى فى طلب الخير والمعيشة وقال عليه السلام ( ان فى الجنة درجة لا ينالها الا ثلاثة اقسام عادل وذو رحم واصل وذو عيال صبور ) فقال على رضى اللّه عنه ما صبر ذى العيال قال ( لا يمن على اهله ما ينفق عليهم ) - روى - ان عدة من الناس اجتمعوا بباب عمر رضى اللّه عنه فخرج الاذن لبلال وصهيب فشق على ابى سفيان فقال لسهيل بن عمرو انما ابينا من قبلنا فانهم دعوى ودعينا يعنى الى الاسلام فاسرعوا وابطأنا وهذا باب عمر فكيف التفاوت فى الآخرة ولئن حسدتموهم على باب عمر فما اعد اللّه لهم فى الجنة اكثر.

وقرئ واكثر تفضيلا . وفى قول بعضهم ايها المباهى بالرفع منك فى مجالس الدنيا أما ترغب فى المباهاة بالرفع فى مجالس الآخرة وهى اكبر وافضل وعنه عليه السلام ( بين المجاهد والقاعد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة ) اى عدوه وعنه عليه السلام ( تعلموا العلم فاللّه تعالى يبعث يوم القيامة الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر الخلق على درجاتهم ) كما فى بحر العلوم وفى المثنوى

علم را دوبر كما نرا يك براست ... ناقص آمد ظن به برواز ابتراست

مرغ يك بر زود افتد سرنكون ... بازبر برد دوكامى يا فزون

افت وخيزان مييرد مرغ كمان ... بايكى بر بر اميد آشيان

دون زظن وارست وعلمش رونمود ... شد دوبر آن مرغ يك بربر كشود

بعد ازان يمشى سويا مستقيم ... نى على وجه مكبا او سقيم

اللهم اجعلنا من اهل اليقين والتمكين.

٢٢

{ لا تجعل مع اللّه الها آخر } الخطاب للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم والمراد امته فان بعضهم قالوا الاصل فى الاوامر هو وفى النواهى امته

{ فتقعد } بالنصب جوابا باللنهى والقعود بمعنى الصيرورة او عبارة عن المكث اى فتمكث فى الناس كما تقول لمن سأل عن حال شخص قاعد فى اسوأ حال ومعناه ماكث سواء كان قائما او جالسا وقد يراد القعود حقيقة لان من شأن المذموم المخذول ان يقعد حائرا يتفكر او عبر بغالب حاله وهو القعود

{ مذموما مخذولا } خبر ان او حالان اى جامعا على نفسك الذم من الملائكة والمؤمنين والخذلان من اللّه تعالى فان الشريك عاجز عن النصرة . وفيه اشعار بان الموحد جامع بين المدح والنصرة اشارة الى ان طالب الحق لا يطلب مع اللّه غيره من الدارين ونعمهما.

٢٣

{ وقضى ربك } اى امر كل مكلف امرا مقطوعا به فضمن قضى معنى امر وجعل المضمن اصلا والمضمن فيه قيدا له لان المقضى يجب وقوعه ولم يقع من بعض المخاطبين التوحيد.

وفى التأويلات النجمية وانما قال ربك اراد به النبى لا نه مخصوص بالتربية اصالة والامة تبع له فى هذا الشأن وقوله

{ وقضى ربك } اى حكم وقدر فى الازل

{ ان لا تعبدوا } اى بان لا تعبدوا على ان ان مصدرية ولا نافية

{ الا اياه } لان العبادة غاية التعظيم فلا تحق الا لمن له غاية العظمة ونهاية الانعام

{ وبالوالدين احسانا } اى بان تسحنوا بهما احسانا لانهما السبب الظاهرى للوجود والتعيش واللّه تعالى هو السبب الحقيقى فاخبر بتعظيم السبب الحقيقى ثم اتبعه بتعظيم السبب الظاهرى يعنى اللّه تعالى قرن احسان الوالدين بتوحيده لمناسبتهما لحضرة الالوهية والربوبية فى سبيتهما لوجودك وتربيتهما اياك عاجزا صغيرا وهما اول مظهر ظهر فيهما آثار صفات اللّه تعالى من الايجاد والربوبية والرحمة والرأفة بالنسبة اليك ومع ذلك فهما محتاجان الى قضاء حقوقهما واللّه غنى عن ذلك . فاهم الواجبات بعد التوحيد احسانهما وفى الحديث ( بر الولدين افضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد فى سبيل اللّه ) ذكره الامام

{ اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما } [ اكر برسد نزديك تو بزرك سالى وكبر سن يكى ازايشان يا هردو ايشان يعنى بزنيد تابير شوند ومحتاج خدمت تو كردند ].

قوله اما مركبة من ان الشرطية وما المزيدة لتأكيدها ولذلك حل الفعل نون التأكيد ومعنى عندك فى كنفك وكفالتك واحدهما فاعل للفعل وتوحيد ضمير الخطاب فى عندك وفيما بعده مع ان ما سبق على الجمع للاحتراز عن التباس المراد فان المقصود نهى كل احد عن تأفيف والديه ونهرهما ولو قوبل الجمع بالجمع او بالتثنية لم يحصل هذا المراد.

قال فى الاسئلة المقحمة ان قلت كيف خص اللّه حال الكبر بالاحسان الى الوالدين وهو واجب فى حقهما على العموم والجواب ان هذا وقت الحاجة فى الغالب وعند عدم الحاجة اجابتهما ندب وفى حالة الحاجة فرض انتهى

{ فلا تقل لهما } اى لواحد منهما حالتى الانفراد والاجتماع

{ اف } هو صوت يدل على تضجر واسم للفعل الذى هو الضجر وقرئ بحركات الفاء فالتنوين على قصد التنكير كصه ومه وايه وغاق وتركه على قصد التعريف والكسر على اصل البناء ان بنى على الكسر لالتقاء الساكنين وهما الفا آن والفتح على التخفيف والضم للاتباع كمنذ وهو بالشاذ . والمعنى لا تتضجر بما تستقذر منهما وتستثقل من مؤونتهما وهو عام لكل اذى لكل خص بعضه بالذكر اعتناء بشأنه فقيل

{ ولا تنهرهما } اى لا تزجرهما باغلاظ اذا كرهت منهما شيأ

{ وقل لهما } بدل التأفيف

{ قولا كريما } ذا كرم وهو القول الجميل الذى يقتضيه حسن الآدب ويستدعيه النزول على المروءة مثل ان تقول يا آبتاه ويا اماه كدأب ابراهيم عليه السلام اذ قال لابيه يا أبت مع ما به من الكفر ولا يدعوهما باسمائهما فانه من الجفاء وسوء الادب وديدن الدعاء الا ان يكون فى غير وجههما كما قالوا ولا يرفع صوته فوق صوتهما ولا يجهر لهما بالكلام بل يكلمهما بالهمس والخضوع الا لضرورة الصمم والا فهما ولا يسب والدى رجل فيسب ذلك الرجل والديه ولا ينظر اليهما بالغضب.

٢٤

{ واخفض لهما جناح الذل } جناح الذل استعارة بالكناية جعل الذل والتواضع بمنزله طائر فاثبت له الجناح تخبيلا اى تواضع لهما ولين جانبك وذلك ان الطائر اذا قصد ان ينحط خفض جناحه وكسره واذا قصد ان يطير رفعه فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا فى التواضع ولين الجانب.

قال القاضى وامره بخفضه مبالغة فى ايجاب الذل وترشيحا للاستعارة.

قال ابن عباس رضى اللّه عنهما كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل الضعيف للسيد الفظ الغليظ اى فى التوضع والتملق

{ من الرحمة } من ابتدائيه او تعليلية اى من فرض رحمتك عليهما لافتقارهما اليوم الى من كان افقر خلق اللّه اليهما قالوا ينظر اليهما بنظر المحبة والشفقة والترحم وفى الحديث ( ما من ولد ينظر الى الوالد والى والدته نظر مرحمة الا كان له بهاحجه وعمرة ) قيل وان نظر فى اليوم الف مرة قال ( وان نظر فى اليوم مائة الف ) كما فى خالصة الحقائق ويقبل رجل امه تواضعا - حكى - ان رجلا جاء الى الاستاذ ابى اسحق فقال رأيت البارحة فى المنام ان لحيتك مرصعة بالجواهر واليواقيت فقال صدقت فانى البارحة مسحت لحيتى تحت قدم والدتى قبل ان نمت فهذا من ذاك ويباشر خدمتهما بيده ولا يفوضها الى غيره لانه ليس بعار للرجل ان يخدم معلمه وابويه وسلطانه وضيفه ولا يؤمه للصلاة وان كان افقه منه اى اعلم بالفقه من الاب ولا يمشى امامهما الا ان يكون لاماطة الاذى عن الطريق ولا يتصدر عليهما فى المجلس ولا يسبق عليهما فى شئ اى فى الا كل والشرب والجلوس والكلام وغير ذلك.

قال الفهاء لا يذهب بابيه الى البيعة واذا بعث اليه منها ليحمله فعل ولا يناوله الخمر ويأخذ الاناء منه اذا شربها . وعن ابى يوسف اذا امره ان يوقد تحت قدره وفيها لحم الخنزير او قد كما فى بحر العلوم ولا ينسب الى غير والديه استنكافا منهما فانه يستوجب اللعنة قال عليه السلام ( فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس اجمعين لا يقبل اللّه منه صرفا ولا عدلا ) اى نافلة وفريضة كام فى الاسرار المحمدية.

قال فى القاموس الصرف فى الحديث التوبة والعدل الفدية او هو النافلة والعدل الفريضة او بالعكس او هو الوزن والعدل الكيل او هو الاكتساب والعدل الفدية

{ وقل رب ارحمهما } وادع اللّه ان يرحمهما برحمته الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية وان كانا كافرين لان من الرحمة ان يهديهما الى الاسلام.

قال الكاشفى [ حقيقت دعا رحمت ازولد درحق والدين آأنست كه اكر مؤمن اند ايشانرا ببهشت رسان واكر كافراند راه نماى باسلام وايمان ].

قال ابن عباس ما زال ابراهيم عليه السلام يستغفر لابيه حتى مات فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه يعنى ترك الدعاء ولم يستغفر له بعدما مات على الكفر كذا فى تفسير ابى الليث وفى الحديث ( اذا ترك العبد الدعاء للوالدين ينقطع عنه الرزق فى الدنيا ) سئل ابن عيينة عن الصدقة عن الميت فقال كل ذلك واصل اليه ولا شيئ انفع له من الاستغفار ولو كان شئ افضل منه لامرت به فى الابوين ويعضده قوله عليه السلام ( ان اللّه ليرفع درجة العبد فى الجنة فيقول يا رب أنى لى هذا فيقول باستغفار والدك ) وفى الحديث ( من زار قبر ابويه او احدهما فى كل جمعة كان بارا ) قال الشيخ سعدى قدس سره

سالها بر تو بكذردكه كذر ... نكنى سوى تربت بدرت

نو بجاى بدرجةه كردى خير ... تاهمان جشم دارى ازبسرت

{ كما ربيانى صيغرا } الكاف فى محل النصب على انه نعت مصدر محذوف اى رحمة مثل رحمتهما علىّ وتربيتهما وارشادهما لى فى حال صغرى وفاء بوعدك للراحمين - روى - ان رجلا قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ان ابوى بلغا من الكبر أنى الى منهما ما وليا منى فى الصغر فهل قضيتهما حقهما قال ( لا فانهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وانت تفعل ذلك وانت تريد موتهما )

٢٥

{ ربكم اعلم بما فى نفوسكم } بما فى ضمائركم من قصد البر والتقوى وكأنه تهديد على ان يضمر لهما كراهة واستثقالا

{ ان تكونوا صالحين } قاصدين الصلاح والبر دون العقوق والفساد

{ فانه } تعالى

{ كان للاوابين } اى الرجاعين اليه تعالى مهما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر

{ غفورا } لما وقع منهم من نوع تقصير او اذية فعليه او قولية.

قال الامام العزالى رحمه اللّه اكثر العلماء على ان طاعة الوالدين واجبة فى الشبهات ولم تجبل فى الحرام المحض لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم اى واجب.

قيل اذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى احدهما بمراعاة الآخرة يرجح حق الاب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح الحق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الاعطاء بالام كما فى منبع الآداب.

قال الفقهاء تقدم الام على الاب فى النفقة اذا لم يكن عند الولد الا كفاية احدهما لكثرة تعبهما عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة الشماق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة اوساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى فتح القريب

جنت سراى ما درانست ... زير قدمات ما درانست

روزى بكن اى خدى مارا ... جيزى كه رضاى مادرانست

- وشكا - رجل الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اباه وانه يأخذ ماله فدعا به فاذا شيه يتوكأ على عصا فسأله فقال انه كان ضعيفا وانا قوى وفقيرا وانا غنى فكنت لا امنعه شيأ من مالى واليوم انا ضعيف وهو قوى وانا فقير وهو غنى ويبخل علىّ بماله فبكى عليه السلام فقال ( ما من حجر ولا مدر يسمع هذا الا بكى ) ثم قال للولد ( انت ومالك لابيك ) وفى الحديث ( رغم انفه ) فقيل من يا رسول اللّه ( قال من ادرك والده عند الكبر احدهما او كلاهما ثم لم يدخل الجنة ) يعنى بسبب برهما واحسانهما : وعن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه انه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( لولا انى اخاف تغير الاحوال عليكم بعدى لامرتكم ان تشهدو الاربعة اضناف بالجنة . اولهم امرأة وهبت صداقها من زوجها لاجل اللّه والثانى ذو عيال كثير يجهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطمعهم الحلال . والثالث التائب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدى . والرابع البار بوالديه ) ويجب على الابوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر - وحكى - عن بعض العرفاء انه قال ان لى ابنا منذ ثلاثين سنة ما امرته بامر مخافة ان يعصينى فيحق عليه العذاب.

يقول الفقير فسد الزمان وتغير الاخوان ولنبك على انفسنا من سوء الاخلاق وقد كانت الصحابة رضى اللّه عنهم وهم هم يبكون دما من اخلاق النفس فما لنا لا نبكى ونحن منغمسون فى بحر الخطايا والذنوب متورطون فى بئر القبائح والعيون لا انصاف لنا فى حق انفسنا ولا فى حق الغير ونعم ما قال الحافظ حكاية لهذا التغير الناشئ من النفس الامارة بالسوء

هيج رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيج شوقى نه بدررا به بسر مى بينم

دخترانرا همه جنكست وجدل بامادر ... بسرانرا همه بدخواه بدر مى بينم

جاهلان راهمه شربت ز كلا بست وعسل ... قوت دانا همه از قوت جكر مى بينم

اسب تازى شدة مجروح بزير بالان ... طوق زرين همه بركردن خر مى بينم.

٢٦

{ وآت } يا افضل المخلوق ويدخل فيه كل واحد من امته

{ ذا القربى } اى القرابة وهم المحارم مطلقا عند ابى حنيفة رحمه اللّه سواء كانت قرابتهم ولادية كالود والوالدين او غير ولادية كالاخوة والاخوات

{ حقه } وهى النفقة اى اذا كانوا فقراء.

اعلم انه لا يجب على الفقير الا نفقة اولاده الصغار الفقراء ونفقة زوجته غنية او فقيرة مسلمة او كافرة

واما الغنى وهو صاحب النصاب الفاضل عن الحوائج الاصلية ذكر اكان وانثى فيجب عليه نفقة الابوين ومن فى حكمهما من الاجداد والجدات اذا كانوا فقراء سواء كانوا مسلمين او كافرين وهذا اذا كانوا ذمة فان كانوا حربا لا يجب وان كانوا مستأمنين . ويجب نفقة كل ذى رحم محرم مما سوى الوالدين ان كان فقيرا صغيرا او انثى او زمنا او اعمى ولا يحسن الكسب لخرقه فان كان قادرا عليه لا يجب اتفاقا ولكونه من الشرفاء والعظماء . وتجب نفقة الابوين مع القدرة على الكسب ترجيحا لهما على سائر المحارم وطالب العلم اذا لم يقدر على الكسب لا تسقط نفقته على الاب كالزمن فان نفقة البنت بالغة والابن زمنا بالغا الى الاب واذا كان للفقير اب غنى وابن غنى فالنفقة على الابوين ولا نفقة مع اختلاف الدين الا بالزوجية كما سبق والولادة فنفقة الاصول الفقراء مسلمين اولا على الفروع الاغنياء ونفقة الفروع الفقراء مسلمين اولا على الاصول الغنياء فلا تجب على النصرانى نفقة اخيه المسلم ولا على المسلم نفقة اخيه النصرانى لعدم الولاء بينهما ويعتبر فى نفقة قرابة الولاد اصولا وفروعا الاقرب فالاقرب وفى نفقة ذى الرحمن يعتبر كونه اهلا للارث المعاشرة والموافقة والتفصيل فى باب النفقة فى افروع فارجع اليه وفى الحديث ( البر والصلة يطيلان الاعمار ويعمران الديار ويكثران الاموال ) وان كان القوم فجارا وان البر والصلة ليخففان الحساب يوم القيامة.

وفى الآية اشارة الى النفس فانها من ذوى قربى القلب ولها حق كما قال عليه الصلاة والسلام ( ان لنفسك عليك حقا ) المعنى لا تبالغ فى رياضة النفس وجهادها لئلا تسأم وتمل وتضعف عن حمل اعباء الشريعة وحقها رعايتها عن السرف فى المأكول والملبوس والاناث والمسكن وحفظها عن طرفى الافراط والتفريط كما فى التأويلات النجمية

{ والمسكين وابن السبيل } اى وآتهما حقهما مما كان مفترضا بمكة بمنزلة الزكاة المسكين من لا شئ له والفقير من له شئ دون نصاب

وقيل بالعكس . وابن السبيل اى الملازم لها هو من له مال لا معه وهو المسافر المنقطع عن ماله

{ ولا تبذر تبذيرا } بصرف المال الى من سواهم ممن لا يستحقه فان التبذير تفريق فى غير موضعه

واما الاسراف الذى هو تجاوز الحد فى صرفه فقد نهى عنه بقوله

{ ولا تبسطها كل البسط } سعدى

نه هر كس سزاوار باشد بمال ... يكى مال خواهد يكى كوشمال

٢٧

{ ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين } اى اعوانهم فى اهلاك انفسهم ونظراءهم فى كفران النعمة والعصيان كما قال

{ وكان الشيطان لربه كفورا } مبالغا فى الكفر به لا يشكر نعمة امثال اوامره ونواهيه وكان قريش ينحرون الابل ويبذرون اموالهم فى السمعة وسائر ما لا خير فيه من المناهى والملاهى [ مجاهد فرموده كه اكبر برابركوه زردر وجوه خير صرف كنند اسراف نباشد اكر جوى يا حبه در باطل خرج نمايند اسراف باشد ] وقد انفق بعضهم نفقة فى خير فاكثر فقال له صاحبه لا خير فى السرف فقال لا سرف فى الخير . سعدى

كنون بر كف دست نه هرجه هست ... كه فردا بدندان كزى بشت دست

٢٨

{ واما } [ واكر ]

{ تعرضن } [ اعراض كنى ]

{ عنهم } اى ان اعتراك امر اضطر الى ان تعرض عن اولئك المستحقين من ذوى القربى وغيرهم

{ ابتغاء رحمة من ربك } اى لفقد رزق من ربك اقامة للمسبب مقام السبب فان الفقد سبب للابتغاء

{ ترجوها } من اللّه تعالى لتعطيهم والجملة صفة رحمة وكان عليه السلم اذا سئل شيأ وليس عنده سكت حياء وامر بالقول الجميل لئلا يعتريهم الوحشة بسكوته فقيل

{ فقل لهم قولا ميسورا } سهلا لينا وعدهم بوعد فيه يسر وراحة لهم

وقيل القول الميسور الدعا لهم بالميسور اى اليسر فهو مصدر على مفعول اى قل لهم اغناكم اللّه من فضله رزقنا اللّه واياكم - روى - ان عيسى عليه السلام قال من رد سائلا خائبا عن بابه لم تعبر الملائكة بيته سبعة ايام ومن مات فقيرا راضيا من اللّه بفقره لا يدخل الجنة احد اغنى منه كذا فى الخالصة.

٢٩

{ ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك } [ يدبسته بر كردن خود واين كنايتست ازامساك ]

{ ولا تبسطها كل البسط } [ ومكشاى دست خودرا همه كشادن يعنى اسراف مكن ].

قال اهل التفسير هما تمثيلان لمنع الشحيح واعطاء المسرف زجرا لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد الذى هو بين التقتير والاسراف وهو الكرم والجود . والمعنى ولا تمسك يدك عن النفقة فى الحق كل الامساك بحيث لا تقدر على مدها كمن يده مغلولة الى عنقه فلا يقدر على اعطاء شئ ولا تجد كل الجود فتعطى جميع ما عندك ولا يبقى شئ منه كمن يبسط كفه كل البسط فلا يبقى شئ فيها

{ فتقعد } جواب للنهيين اى فتصير

{ ملوما } عند اللّه وعند الناس فى الدارين وهو راجع لقوله

{ ولا تجعل يدك } { محسورا } نادميا او منقطعا بك لا شئ عندك وهو راجع الى قوله { ولا تبسطها }

مبند ازسر امساك دست در كردن ... كه خصلتيست نكوهيده بيش اهل بها

مكن بجانب اسراف نيز جندان ميل ... كه هرجه هست بيكدم كنى زدمت رها

جودر ميانه اين هر دوراه جندانى ... تفاوتست كه از آفتاب تابسها

بس اختيار وسط راست در جميع امور ... بدان دليل كه خير الامور اوسطها

وفى الكواشى الصحيح ان هذا الخطاب للنبى والمرد غيره لانه افسح الناس صدرا وكان لا يدخر شيأ لغد انتهى وسيأتى تحقيق المقام.

قال الكاشفى [ در اسباب نزول آمده كه مسلمه بايهوديه كرو بستند ومضمون رهن آنكه حضرت رسالت بناه عليه السلام از موسى كليم عليه السلام سخى ترست وسخاوت موسى آن بود كه سائر را ردنميكرد بجيزيكه ازوفاضل بوده يابسخن خوش اورا خوشنود ميساخت القصه ازجهت ازمايش شخصى دختر خودرا بجانب نبو آب فرستاد دخترك آمد وكفت كه يا رسول اللّه مادر من از شمايير امن ميطلبد حصرت فرمود امان تازمان برسد توساعتى ديكر بازا ئى دخترك بعداز زمانى باز آمدكه مادر من آن بيراعى ميطلبد كه دربر شماست حضرت بحجره درآمد وبيراهن بيرون كرده بوى داد وخود برهنه بنشست بلال قامت صلاة كشيد وياران منتظر خروج آن حضرت بودند وآن حضرت بسبب برهنكى بيرون نمى آمد آيت آمدكه ولا تجعل الخ ].

قال فى برهان القرآن فدخل وقت الصلاة ولم يخرج للصلاة حياء فدخل عليه اصحابه فرأوه على تلك الصفة فلاموه على ذلك فانزل اللّه

{ فتقعد ملوما محسورا } مكشوفا هذا هو الاظهر من تفسيره انتهى.

يقول الفقير وذلك لان اصحابه لاموه فصار ملوما وبقى عريانا فصار محسورا اى مكشوفا لان الحسر الكشف فعلى هذا كان الانسب ان يراد القعود حقيقة ولم يرض فى الارشاد بهذه الرواية بناء على ان السورة مكية والقصة مدنية والعلم عند اللّه تعالى.

٣٠

{ ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } يوسعه على بعض ويضيقه على بعض آخرين بمشيئته التابعة للحكمة وبالفارسية [ بدرستى كه بروردكار توكشاده مى كرداند روزى را برى هركه خواهد وتنك مى سازد براى هركه ارادت او اقتضا كند واين يبسط وقبض از محض حكمت است وكسن زهرة اعتراض ندارد ].

وفى التأويلات النجمية يشير به الى الخروج عن أوطان البشرية والطبيعية الانسانية الى فضاء العبودية بقدمى التوكل على اللّه وتفويض الامور اليه فان كان يبسط للنفس فى بعض الاوقات ببعض المرادات ليفرش لها بساط البسط ويقدر عليها فى بضع الاوقات متمناها ليضبط احوالها بمجامع القبض فالامور موكولة الى حكمه البالغة واحكامه الازلية

{ انه كان بعباده خبيرا بصيرا } اى يعلم سرهم وعلنهم فيعلم من مصالحهم ما يخفى عليهم قال اللّه تعالى ( وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح ايمانه الا الغنى لو افقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح ايمانه الا الفقر لو اغنيته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح ايمانه الا الصحة لو اسقمته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح ايمانه الا السقم لو اصححته لافسده ذلك انى ادبر امر عبادى بعلمى بقلوبهم انى عليم خبير ) رواه انس رضى اللّه عنه كما فى بحر العلوم فيغنى اللّه ويفقر ويبسط ويقبض لو اغناهم جميعا لطغوا لو افقرهم لنسوا فهلكوا وفى الحديث ( بادروا بالاعمال خمسا غنى مطغيا وفقرا منسيا وهرما مفندا ومرضا مفسدا وموتا مجهزا ) فاذا كان الغنى لبعض مطغيا صرفه اللّه تعالى عمن علم ذلك منه وافقره لان الفقر علم منه انه لا ينسيه بل يشغل لسانه بذكره وحمده وقلبه بالتوكل عليه والالتجاء اليه واذا كان الفقر لبعضهم منسيا صرفه عمن علم ذلك منه : وفى المثنوى

فقر ازين رو فخر آمد جودان ... كه بتقوى ماند دست نارسان

زان غنا وزان مردود شد ... كه ز قدرت صبرها بدرود شد

آدمى را عجز وفقر آمد امان ... از بلاى نفس بر حرص وغمان

فعلى العاقل التسليم لامر اللّه تعالى والرضى بقضائه والصبر فى موارد القبض والشكر فى مواقع البسط والانفاق مهما امكن.

قال فى اسرار المحمدية كان اويس القرنى رحمه اللّه اذا اصبح او امسى تصدق بما فى بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول اللهم من مات جزعا فلا تؤاخذنى به ومن مات عريانا فلا تؤاخذنى به.

وكان الخلاج رحمه اللّه يقول مخبرا عن حاله اذا قعد الرجل عشرين يوما جائعا ثم فتح له طعام فعرف ان فى البلد من هو احوج الى ذلك منه فاكله ولم يؤثر به ذلك المحتاج فقد سقط عن رتبته وهذا مقام عال بالنسبة الى حال اويس ظاهرا ولكن قال الشيخ الكامل محمد بن على العربى قدس سره اعلم ان قول اويس ينبه على مقامه الاعلى وطبيعته المثلى لان ذلك القول معرب عن حال امام القوت فيطعى ما ملك ويتضرع هذا التضرع لمن استخلفه على عبيده بالرحمة لهم والشفقة عليهم والمكمل من سبقت رحمته غضبه كما اخبر اللّه سبحانه عن اكمل الخلفاء وسيد الاقطاب بقوله

{ وما ارسلناك الا رحمة للعالمين } ولكن العارف اذا كان صاحب حال مثل الحلاج فرق بين نفسه ونفس غيره فعامل نفسه بالشدة والقهر والعذاب ونفس غيره بالايثار والرحمة والشفقة .

واما اذا كان صاحب مقام وتمكين وقوة بان عرف الفرق بين الحال والمقام صارت نفسه عنه اجنبية وارتفع هو علويا وبقيت مع ابناء جنسها سفلية فلزمه العطف عليها كما لزمه العطف على غيرها لان ادب العارف من ذى الولاية انه اذا خرج بصدقة ولقى اول مسكين يليق لدفع الصدقة اليه يدفعها اليه البتة فاذا تركه الى مسكين آخر ولم يدفع للاول فقد انتقل من ربه الى هوى نفسه فانها مثل الرسالة لا يختص بالدعوة شخصا دون شخص فاول من يلقاه بقوله قل لا اله الا اللّه فالولى الكامل خليفة الرسول فاذا وهب البارى للولى رزقا يعلم انه مرسل به الى عالم النفوس الحيوانية فينزل من سماء عقله الى ارض النفوس ليؤدى اليهم ذلك القدر الذى وجه به فاول نفس تستقبله نفسه لا نفس غيره لان النفوس الغير ليست متعلقة به فلا تعرفه .

واما نفسه فمتعلقة به ملازمة بابه فلا يفتحه الا عليها فتطلب امانتها فيقدمها على غيرها بالاعطاء لانها اول سائل والى هذا السر اشار الشارع صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله ( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ) والاقربون اولى بالمعروف لتعلقهم بك ولزومهم بابك ولا تعلق للغير بك ولا له ملازمة نفسك واهلك فلما تأخروا اخروا كسائر اسرار اللّه تعالى متى خرج من عند الحلق على باب الرحمة فأى قلب وجد سائلا متعرضا دفع اليه حظه من الاسرار والحكم على قدر ما يراقبه من التعطش والجوع والذلة والافتقار وهم خاصة اللّه وعلى هذا المقام حرض الشارع بقوله ( تعرضوا لنفحات اللّه سبحانه ) وهذا سر الحديث ومراد الشرع فمن تأخر اخر ومن نسى نسى فانظر الآن كم بين المنزلتين والمقامين ثم انظر ايضا الى هذا المقام على علوه وسموه كيف اشترك فى الظاهر مع احواله العامة فانهم اول ما يجودون فعلى نفوسهم ثم الى غيرها وانما تصرفهم تحت حكم هذه الحقيقة وهم لا يشعرون وبعماهم عن هذه الاسرار ونزولهم الى حضيض البهائم بحيث لا يعرفون مواقع اسرار العالم مع اللّه حرصوا على الايثار ومدحوا به وهو مقام الحلاج الذى ذكر عنه وظننت انه غاية فى الترقى والعلو وهكذا فلتعزل الحقائق وتحاط حلل الدقائق اهم كلام الشيخ الا كبر والكبريت الاحمر والمسك الا ذفر قدس سره الاطهر.

٣١

{ ولا تقتلوا } يا معشر العرب

{ اولادكم } [ فرزندان شما ]

{ خشية املاق } مخافة الفقر ولا لغير مخافته الا ان الحال اقتضت ذلك يقال املق افتقر وقتلهم اولادهم وادهم بناتهم مخافة الفقر اى دفنها حية فنهاهم اللّه تعالى عنه وضمن لهم ارزاقهم فقال

{ نحن نرزقهم واياكم } لا غيرنا [ بس غم روزى ايشان مخوريدكه هركرا اوجان دهد نان دهد ] : سعدى

خداوند كارى كه عبدى خريد ... بدارد فكيف آنكه عبد آفريد

ترا نيست اين تكيه بر كردكار ... كه مملوك را بر خداوند كار

قال هرم لاويس القرنى اين تأمرنى ان اكون فاومأ الى الشام فقال الهرم كيف المعيشة بها قال اويس اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة

{ ان قتلهم كان خطأ كبير } ذنبا عظيما لما فيه من هدم بنيان اللّه وقطع النسل . والخطئ كالاثم وزنا ومعنى من خطئ وقرئ خطا بفتحتين بالقصر والمد.

اعلم ان من اول هذه الآية الى قوله تعالى

{ ملوما مدحورا } عشر آيات وهو اشارة الى تبديل عشر خصال مذمومة بعشر خصال محمودة.

اما المذمومات . فاولها البخل

وثانيها الامل وهما فى قوله تعالى

{ ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق } فان البخل وطول الامل حملهم على قتل اولادهم فدلهم على تبديلهما بالسخاء والتوكل بقوله

{ نحن نرزقهم واياكم } - يحكى - ان يحيى بن زكريا عليهما السلام لقى ابليس فى صورته فقال له يا ابليس اخبرنى باحب الناس اليك وابغض الناس اليك فقال احب الناس الى المؤمن البخيل وابغضهم الى الفاسق والسخى قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخى اتخوف ان يطلع اللّه عليه فى سخاه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم اخبرك . قالوا ولا ينبغى ان يلجئ اهل بيته على الزهد بل يدعوهم اليه فان اجابوا والا تركهم ووسع عليهم فى دنياهم من غير خروج عن حد الاعتدال وفعل بنفسه ما شاء.

٣٢

{ ولا تقربوا الزنى } بالقصر واتيان المقدمات من القبلة والغمزة والنظر بالشهوة فضلا عن ان تباشروه . وقرئ بالمد لغتان او مصدر زانى زناء كقاتل قتلا كما فى الكواشى

{ انه } اى الزنى

{ كان فاحشة } فعلة ظاهرة القبح متجاوزة الحد وهو كالقتل فان فيه تضييع الانساب فان من لم يثبت نسبه ميت حكما

{ وساء سبيلا } اى بئس طريق الزنى لانه يجر صاحبه الى النار وهو طريق ايضا الى قطع الانساب وتهيج الفتن وفى الحديث ( اذا زمنى العبد خرج منه الايمان فكان على رأسه كالظلة فاذا انقطع رجع اليه الايمان ) - روى - عن بعض الصحابة رضى اللّه عنه انه قال اياكم والزنى فان فيه ست خصلا ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة . فاما التى فى الدنيا فنقصان الرزق يعنى تذهب البركة من الرزق ويصير محروما من الخير ونقصان العمر والبعض فى قلوب الناس فانه يذهب بالهباء

واما الثلاث التى فى الآخرة فغضب الرب وشدة الحساب والدخول فى النار وفى الخبر ( العينان تزنيان واليدان تزنيان ) : وفى المثنوى

مرغ زان دانه نظر خوش ميكند ... دانه هم از دور راهش مى زند

اين نظر ازدورجون تيرست وسم ... عشقت افزون مى شود صبرتوكم

واعلم ان غلبة الشهوة . تورث الزنى فالشهوة هى الثالثة من العشر المذمومة فتبلها اللّه تعالى بالعفة حين نهاهم عن الزنية - حكى - انه كان بالبصرة رجل معروف بالمسكى لانه كان يفوح منه رائحة المسك فسئل عنه فقال كنت من احسن الناس وجها وكان لى حياء فقيل لابى لو اجلسته فى السوق لانبسط مع الناس فاجلسنى فى حانوت بزاز فجاءت عجوز فطلبت متاعا فاخرجت لها ما طلبت فقالت لو توجهت معى لثمنه فمضيت معها حتى ادخلتنى فى قصر عظيم فيه قبة عظيمة عليها سرير فاذا فيه جارية على فرش مذهبة فجذبتنى الى صدرها فقلت اللّه فقال لا بأس فقلت انى حاقب ودخلت الخلاء وتغوطت ومسحت به وجهى وبدنى فقيل انه مجنون فخلصت ورأيت الليلة رجلا قال لى اين انت من يوسف بن يعقوب ثم قال أتعرفنى قلت لا قال انا جبريل ثم مسح يده على وجهى وبدنى فمن ذلك الوقت يفوح السمك على منم رائحة جبريل عليه السلام وذلك ببركة العفة والتقوى.

ولفى ابليس موسى عليه السلام فقال يا موسى اذكرنى حين تغضب فان وجهى فى قلبك وعينى فى عينك واجرى منك مجرى الدم واذكرنى حين تلقى الزحف فانى آتى ابن آدم حين يلقى الزحف فاذكره ولده وزوجته واهله حتى يولى واياك ان تجالس امرأة ليست بذات محرم فانى رسولها اليك ورسولك اليها كما فى آكام المرجان.

٣٣

{ ولا تقتلوا النفس التى حرم اللّه } قتلها بان عصمها بالاسلام او بالعهد فدخل فيه الذمى والمعاهد

{ الا بالحق } استثناء مفرغ اى لا تقتلوها بسبب من الاسباب الا سببب الحق اى باحدى ثلاث كفر بعد ايمان وزنى بعد احصان وقتل نفس معصومة عمد

{ ومن } [ هركه ]

{ قتل مظلوما } غير مرتكب واحدة من هذه الثلاث

{ فقد جعلنا لوليه } لمن يلى امره بعد وفاته من الوارث او السلطان عند عدمه اذ هو ولى من لا ولى له

{ سلطانا } تسلطا واستيلاء على القاتل ان شاء قتل وان شاء اخذ الدية

{ فلا يسرف } اى الولى

{ فى القتل } اى فى امر القتل بان يجاوز الحد المشروع بان يزيد عليه المثلة او بان يقتل غير القاتل من اقاربه وكانوا يقتلون غير القاتل اذا لم يكن القتل بواء اى سواء يقال فلان بواء لدم فلان اى سواء.

قال الكاشفى [ درجاهليت جون كسى كشته سدى وارث قاتل اورا نكشتى بلكه قصد مهتر قبيله قاتل كردى ] او بان يقتل الانثني مكان الواحد كعادة الجاهلية كان اذا قتل منهم شريف لا يرضون بالقاتل بل بان يقتلوا معه جماعة من اقاربه او بان يقتل القاتل فى مادة الدية

{ انه } اى الولى

{ كان منصورا } ينصره الشرع والسلطان يعنى ان اللّه ينصره بان اوجب له القصاص او الدية وامر الحكام باعانته فى الاستيفاء او الهاء للمقتول ونصره قتل قاتله وحصول الاجر له . فان قلت ما توبة القاتل عمدا . قلت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( توبة القاتل عمدا فى ثلاث اما ان يقتل

واما ان يعفى عنه

واما ان يؤخذ منه الدية فأى هذه الخصال فعل به فهى توبته ) رواه انس رضى اللّه عنه.

٣٤

{ ولا تقربوا مال اليتيم } فضلا عن ان تتصرفوا فيه

{ الا بالتى هى احسن } الا بالخصلة والطريقة التى هى احسن الخصال والطرائق وهى حفظه واستثماره . يعنى [ معامله كنيدكه اصل ما يه براى وى بما ندوربح او بوصله معاش او نشيند ]

{ حتى } غاية لجواز التصرف على الوجه الاحسن المدلول عليه بالاستثناء

{ يبلغ اشده } قوته وهو ما بين ثمانى عشر سنة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كآنك ولا نظير لهما كما فى القاموس.

وقال فى بحر العلوم بلوغ الاشد بالادراك

وقيل ان يؤنس منه الرشد مع انه يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة انتهى.

٣٥

{ واوفوا بالعهد } سواء جرى بينكم وبين ربكم او بينكم وبين غيركم من الناس والايقاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه بالمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل الا بالباء فرقا بينه وبين الايفاء الحسى كايفاء الكيل والوزن

{ ان العهد كان مسئولا } مطلوبا يطلب من المعاهد ان لا يضيعه ويفى به فمسؤلا من سألته الشئ او كان مسؤولا عنه على ان يكون من سألته عن الشئ فيكون من باب الحذف والايصال فان جعل الضمير بعد انقلابه مرفوعا مستكنا فى اسم المفعول كقوله تعالى

{ وذلك يوم مشهود } اى مشهود فيه.

وفى الكواشى او يسأل حقيقة توبيخا لنا كثيه كسؤال الموؤدة لم قتلت توبيخا لقاتلها فيكون تمثيلا اى جعل العهد متمثلا على هيئة من يتوجه السؤال اليه كما تجعل الحسنات اجساما نورانية والسيآت اجساما ظلمانية فتوزن كما فى حواشى سعدى المفتى

{ وافوا الكيل } اى اتموه ولا تخسروه

{ اذا كلتم } وقت كيلكم للمشترين وتقييدا لامر بذلك لان التطفيف هناك

واما وقت الاكتيال على الناس فلا حاجة الى الامر بالتعديل قال تعالى

{ اذا اكتالوا على الناس يستوفون } { وزنوا بالقسطاس } وهو القرسطون اى القبان وهو معرب كبان بمعنى الميزان العظيم او هو كل ما يوزن به من موازين العدل صغيرا كان او كبيرا.

قال بعضهم هو معرب رومى ولا يقدح ذلك فى عربية القرآن لانتظام المعربات فى سلك الكلم العربية.

وقال فى بحر العلوم والجمهور على انه عربى مأخوذ من القسط وهو العدل وهو الاصح فان كان من القسط وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس والا فهو رباعى على وزن فعلال

{ المستقيم } اى العدل السوى ولعل الاكتفاء باستقامته عن الامر بايفاء الوزن لما انه عند استقامته لا يتصور الجور غالبا بخلاف الكيل فان كثير ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما ان الاكتفاء بايفاء الكيل عن الامر بتعديله لما ان ايفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد امر بتقويمه ايضا فى قوله تعالى

{ اوفوا المكيال والميزان بالقسط } { ذلك } اى ايفاء الكيل والوزن السوى

{ خير } لكم فى الدنيا اذ هو امانة توجب الرغبة فى معاملته والذكر الجميل

{ واحسن تأويلا } عاقبة تفعيل من آل اذا رجع والمراد ما يؤول اليه.

اعلم ان رابع الخصال العشر المذمومة الغضب وهى فى قوله تعالى

{ ولا تقتلوا النفس التى حرم اللّه الا بالحق } فان استيلاء الغضب يورث القتل بغير الحق فبدله بالحكم فى قوله

{ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } وفى الحديث ( قرب بالخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة المؤمن الذى قتل مظلوما رأسه عن يمينه وقاتله عن شماله واوداجه تشخب دما فيقول رب سل هذا لم قتلنى فبم حال بينى وبين صلواتى فيقول اللّه تعست ويذهب به الى النار )

قال انوشروان اربع قبائح وهى فى اربعة اقبح البخل فى الملوك والكذب فى القضاءة والحدة فى العلماء اى شدة الغضب والوقاحة فى النساء وهى قلة الحياة قيل الحلم حجاب الآفات.

وخامسها الاسراف فان الافراط فى كل شئ يورث الاسراف فبدله بالقوام فى قوله

{ فلا يسرف فى القتل انه كان منصورا } وعن عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما مر رسول اللّه يسعد وهو يتوضأ فقال ( ما هذا السرف يا سعد ) قال أفى الوضوء سرف ( قال نعم وان كنت على نهر جار )

وسادسها الحرص وهو فى قوله

{ ولا تقربوا مال اليتيم } فان التصرف فى مال اليتيم من الحرص قال لانه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب : قال الصائب

ريشه نخل كهن سال ازجوان افزونترست ... بيشتر دلبستكى باشد بدينار بير را

وعن الثورى رحمه اللّه من باع الحرص بالقناعة فقد ظفر بالغنى.

وسابعها نقض العهد فبدله بالوفاء به بقوله

{ واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا } [ سلمى آورده كه خدا يرا عهد هست برجوارح آدمى بملازمت آداب وبر نفس او باداء فرائض وبردل او بخوف وخشيت وبرجان او بآنكه از مقام قرب دور نشود وبر سر او بآنكه مشاهده ما سوى نكند وازهر عهدى خواهند برسيد ]

تاكسى از عهده آن عهد جون برون ... ولا شك ان اخوان الزمان ليس وفاء لا بحقوق اللّه تعالى ولا بحقوق الناس : حافظ

وفا مجوى زكس ورخسن نمى شنوى ... بهره ز طالب سيمرغ وكيميا ميباش

وثامنها الخيانة فبدلها بالامانة بقوله

{ واوفوا الكيل اذا كلتم } الآية.

واختضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل باحدهما ويكتال بالآخر.

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما اتى رسول اللّه التجار فقال ( يا معشر التجار ان اللّه باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وادى الامانة ) وفى نوابغ الكلم الامين آمن والخائن خائن وهو من الحين بمعنى الهلاك ولله در القائل

امين مجوى ومكو باكسى امانت عشق ... درين زمانه مكر جبرائيل امين باشد

٣٦

{ ولا تقف } اى لا تتبع من قفا اثره يقفو نبعه ومنه سميت القافية قافية

{ ما ليس لك به علم } اى لا تكن فى اتباع ما لا علم لك به من قول او فعل كمن يتبع مسلكا لا يدرى انه يوصل الى مقصده.

قال الزمخشرى وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لان ذلك نوع من العلم فقد اقام الشرع غالب الظن مقام العلم وامر بالعمل به انتهى . يعنى ان لاعتقاد الراجح فى حكم الاعتقاد الجازم للاجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد فى القبلة ونحو ذلك فلا دليل فى الآية على من منع اتباع الظن والعمل بالقياس كالظاهرية

{ ان السمع } [ بدرستى كه كوش ]

{ والبصر } [ وجشم ]

{ والفؤاد } [ ودل ]

{ كل اولئك } اى كل واحد من هذه الجوارح فاجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن احوالها شاهدة على اصحابها

{ كان عنه } عن نفسه وعما فعل به صاحبه

{ مسئولا } [ برسيده شده يعنى از ايشان خواهند برسيدكه صاحب شما باشما جه معامله كرده ازسمع سؤال كنند جه شنيدى وازجشم برسندكه جه ديدى وجرا ديدى وجرا ديدى واز دل برسندكه جه دانستى وجرا دانستى ].

قال فى بحر العلوم اعم ان المراد بالنهى عن اتباع كل ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع والبصر والقلب كأنه تعالى قال لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه ولا تبصر كل ما لا يجوز ابصاره ولا تعزم على كل مالا يجوز لك العزم عليه لان كل واحد منها يسأله اللّه تعالى ويجازيه ولم يذكر اللسان مع انه من اعظمها لان السمع يدل عليه لان ما يكب الناس على مناخرهم فى نار جهنم الا حصائد ألسنتهم وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع.

وفى الآية دلالة على ان العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية كما قال تعالى

{ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } اى بما كسبت مما يدخل تحت الاختيار من خبائث اعمال القلب من حب الدنيا ومن الرياء والعجب والحسد والكبر والنفاق مثلا

واما ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يؤاخذ به الا ترى الى قوله عليه السلام ( عفى عن امتى ما حدثت بها نفوسها )

قال فى الاشباءه والنظائر حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم او بعمل به كما فى حديث مسلم وحاصل ما قالوه ان الذى يقع فى النفس من قصد المعصية علىخمس مراتب الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل اولا ثم الهم وهو ترجيح قصد العمل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما هو شئ اورد عليه لا قدرة له على رده ولا صنع والخاطر الذى بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس اول وروده ولكن هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح واذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالاولى.

وقال بعض الكبار جميع الخواطر معفوة الا بمكة المكرمة ولهذا اختار عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما السكنى بالطائف احتياطا لنفسه ثم هذه الثلاث لو كانت فى الحسنات لم يكتب له بها اجر لعدم القصد

واما الهم فقد بين فى الحديث الصحيح ( ان الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب عليه سيئة وينتظر فان تركها لله تعالى كتب حسنة وان فعلها كتب سيئة واحدة ) والاصح فى معناه انه يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وان الهم مرفوع

واما العزم فالمحققون على انه يؤاخذ به ومنهم من جعله من الهم المرفوع.

وفى البزازية من كتاب الكراهية هم بمعصية لا يأثم ان لم بصمم عزمه عليه وان عزم يأثم اثم العزم لا اثم العمل بالجوارح الا ان يكون امرا يتم بمجرد العزم كالكفر.

واعلم ان قوله تعالى

{ ولا تقف ما ليس لك به علم } اشاه الى تاسع الخصال العشر وهو الظلم وهو وضع الشئ

{ السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا } فظلم السمع استعماله فى استماع الغيبة واللغو والرفث والهبتان والقذف والملاهى والفواحش وعدله استعماله فى استماع القرآن والاخبار والعلوم والحكم والمواعظ والنصحية والمعروف وقول الحق

كذركاه قرآن وبندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش

وظلم البصر النظر الى المرحمات والشهوات والى من فوقه فى دنياه والى من دونه فى دينه والى متاع الدنيا وزينتها وزخارفها وعدله النظر فى القرآن والعلوم والى وجه العلماء والصلحاء والى آثار رحمة اللّه كيف يحيى الارض بعد موتها والى الاشياء بنظر الاعتبار والى من دونه فى دنياه والى من فوقه فى دينه.

دوجشم از بى صنع بارى نكوست ... نه عيب برا در فروكيرو دوست

وقد ثبت عن على رضى اللّه عنه انه ما نظر الى عورته وسوأته منذ ما تعلق نظره الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بناء على ان الابصار الناظرة لوجهه عليه السلام لا يليق لها ان تنظر الى السوأة فاعتبر وتأدب . ونظيره ما قال عثمان رضى اللّه عنه ما كذبت منذ اسلمت وما مست فرجى باليمين منذ بايعت النبى عليه السلام ولا اكلت الكراث ونحوه منذ قرأت القرآن وظلم الفؤاد قبول الحقد والحسد والعداوة وحب الدنيا والتعلق بما سوى اللّه تعالى وعدله تصفيته عن هذه الاوصاف الذميمة وتحليته بتبديل هذه الصفات والتخلق باخلاق اللّه تعالى

بيا بى بيفشان از آيينه كرد ... كه صيقل نكيرد جو زنكار خورد

٣٧

{ ولا تمش فى الارض } التقييد لزيادة التقرير

{ مرحا } ذا مرح فهو مصدر وقع موقع الحال بمعنى التكبر والتبختر.

قال الكاشفى [ مرحا رفتن خداوند تكبر يعنى مخرام جنانكه متكبران خرامند ] والمراد النهى عن المشى بالتكبر والتعظيم

{ انك لن تخرق الارض } لن تجعل فيها خرقا ونقبا بشدة وطأتك

{ ولن تبلغ الجبال طولا } بتطاولك فالمراد به هو الطول المتكلف الذى يتكلفه المختال وهو تهكم بالمتكبر وتعليل للنهى بان التكبر حماقة مجردة ولن ينال الانسان بكبره وتعظمه شيأ من الفائدة وهو اى الكبر عاشر الخصال العشر فان المشية بالخيلاء من الكبر فبدله بالتواضع بقوله

{ انك لن تخرق } الآية

زخاك آفريدت خداوند باك ... بس اى بنده افتادكى كن جوخاك

وفى الحديث ( من تعظم فى نفسه واختال فى مشيته لقى اللّه وهو عليه غضبان )

وجود توشهريست برنيك وبد ... توسلطان ودستور دانا خرد

هما ن كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز

جو سلطان عنايت كند بابدان ... كجا ماند آسايش بخردان

وعن ابى هريرة انه قال ما رأيت شيأ احسن من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كأنما الشمس تجرى فى وجهه وما رأيت احدا اسرع فى مشيه من رسول اللّه كأنما الارض تطوى له انا نجهد انفسنا وانه لغير مكترث.

٣٨

{ كل ذلك } اشارة الى ما ذكر من الخصال الخمس والعشرين من قوله تعالى

{ لا تجعل مع اللّه الها آخر } هو نهى عن اعقتاد ان مع اللّه الها آخر وهو اولاها والثانية والثالثة قوله

{ وقضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه } فهو امر بعبادة اللّه ونهى عن عبادة غيره والبواقى ظاهرة بعد الاوامر والنواهى

{ كان سيئه } يعنى المنهى عنه وهو اربع عشرة خصلة فان المأمور به حسن وهو احدى عشرة ثلاث مستترة وثمان ظاهرة كما فى بحر العلوم

{ عند ربك مكروها } المراد به المبغوض المقابل للمرضى لا ما يقابل المراد لقيام القاطع على ان الحوادث كلها واقعة بارادته تعالى . فاندفع تمسك المعتزلة بالآية على مذهبهم فى ان القبائح لا تتعلق بها الارادة والا لاجتمع الضدان الارداة والكراهة ووصف ذلك بمتعلق الكراهة مع ان البعض من الكبائر للايذان بان مجرد الكراهة عنده تعالى كافية فى جوب الانتهاء عن ذلك ولذا كان المكروه عند اهل التقوى كالحرام فى لزوم الاحتراز ومن لم يعرفه تعدى الى دائرة الباحية فتدبر وتحفظ وتأدب.

٣٩

{ ذلك } اى الذى تقدم من التكاليف المفصلة

{ مما اوحى اليك ربك } اى بعض منه او من جنسه حال كونه

{ من الحكمة } التى هى علم الشرائع ومعرفة الحق لذاته وهو مقصود الحكمة النظرية وعمدتها والخير للعمل به وهى الحكمة العلمية او من الاحكام المحكمة التى لا يتطرق اليها النسخ والفساد

{ ولا تجعل مع اللّه الها آخر } الخطاب للرسول والمراد غيرة ممن يتصور منه صدور المنهى عنه وتكريريه للتنبيه بان التوحيد مبدأ الامر ومنتهاه فان من لا قصد له بطل عمله ومن قصده بفعله او تركه غيره ضاع سعيه وانه رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه وان بدّ فيها اساطين الحكماء وحك بيافوخه عنان السماء وما اغنت عن الفلاسفة اسفار الحكم وهم عن دين اللّه اضل من النعم وقد رتب عليه ما هو عائدة الاشراك فى الدنيا حيث قيل

{ فتقعد مذموما مخذولا } ورتب عليه ههنا نتيجته فى العقبى فقيل

{ فتلقى فى جهنم ملوما } تلوم نفسك وتذمك وتلومك الناس والملائكة

{ مدحورا } مطرودا مبعدا من رحمة اللّه ومن كل خير وهو تمثيل فانه تعالى شبه من اشرك باللّه استحقارا له بخشبة يأخذها آخذ فى كفه فيطرحها فى التنور فالتوحيد اصل الحسنات والشرك اصل السيآت.

قال اهل التحقيق ان كلمة لا اله الا اللّه اذا قالها الكافر تنفى ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد واذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان من قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفعه المرة الاولى ومقام العلم باللّه لا ينتهى الى الابد قال تعالى { وقل ربى زدنى علما }

اى برادر بى نهايت دركهيست ... هركجا كه ميرسى باللّه مأيست

قال يحيى بن معاذ رحمه اللّه ما طابت الدنيا الا بذكرك ولا الآخرة الا بعفوك ولا الجنة الا بلقائك وفى الحديث ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر اللّه وما والاه وعالم او متعلم ) والتوحيد اثبات الوحدة فاهله على الكمال من يفر من الكثرة الى الوحدة.

قال الشيخ ابو الحسن رحمه اللّه سمعت وصف ولىّ فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا اريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك حققنا اللّه واياك بحقائق هذا المقام وشرفنا بالفرار كل لحظة الى جنابه العلام ومعنى الفرار ايثاره تعالى على ما سواه لان علو الهمة انما يظهر فيه - حكى - ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حاله فى الحب فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما اعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما اعجبه من الجواهر والمتاع واخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما اعجبنى الا انت : قال الحافظ

كداى كوى توازهشت خلد مستغنيست ... اسير عشق توازهر دوكون ازادست

يعنى ان العاشق الصاق لا يختار الا المعشوق ويصير حرا عن هوى غيره على كل حال.

٤٠

{ أفاصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة اناثا } خطاب للقائلين بان الملائكة بنات اللّه وكان المشركون يستنكفون من البنات فيختارون لانفسهم الذكور ومع ذلك ينسبون اليه تعالى الاناث فانكر اللّه ذلك منهم . والاصفاء بالشئ جعله خالصا والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يفسره المذكور وعبر عن البنات بالاناث اظهارار لجهة خساستهن لان الانوثة اخس اوصاف الحيوان . والمعنى افضلكم على جنابه فخصكم بافضل الاولاد على وجه الخلوص وآثر لذاته اخسها وادناها كما فى قوله تعالى

{ ألكم الذكر وله الانثى } اى هذا خلاف الحكمة وما عليه عقولكم وعادتكم فان العبيد لا يؤثرون بأجود الاشياء واصفاها من الشوب ويكون ارادها وادوتها للسادات.

قال الكاشفى [ ايا بركزيد شمارا برورد كار شما به بسران وفرا كرفت برى خودرا ازملائكه دختران اين خلاف آنست كه عادت شما ربان جارى شده كه ازدختران ننك ميداريد وبه بسران مى نازيد ]

{ انكم لتقولون } باضافة الولد اليه تعالى

{ قولا عظيما } لا يجترئ عليه احد حيث تجعلونه من قبيل الاجسام المجانسة السريعة الزوال ثم تضيفون اليه ما تكرهون من اخس الاولاد وتفضلون عليه انفسكم بالبنين ثم تصفون الملائكة الذين هم من اشرف الخلق بالانوثة التى هى اخس اوصاف الحيوان.

قال فى التأويلات النجمية قوله تعالى

{ أفاصفاكم } الآية يشير الى كمال ظلومية الانسان كمال جهوليته اما كمال ظلوميته فانهم ظنوا باللّه سبحانه انه من جنس الحيوانات التى من خاصيتها التوالد

واما كمال جهوليته فانهم لم يعلموا ان الحاجة الى التوالد لبقاء الجنس فان اللّه تعالى باق ابدى لا يحتاج الى التوالد لبقاء الجنس ولم يعلموا ان اللّه منزه عن الجنس وليست الملائكة من جنسه فانه خالق ازلى ابدى

واما الملائكة فهم المخلوقون ومن كمال الظلومية والجهولية انهم حسبوا ان اللّه تعالى انما اصفاهم بالبنين واختار لنفسه البنات لجهله بشرف البنين على البنات فلهذا قال تعالى

{ انكم لتقولون قولا عظيما } اى قولا ينبئ عن عظيم امر ظلوميتكم وجهوليتكم.

٤١

{ ولقد صرفنا } هذا المعنى وكررناه وبيناه.

قال الكاشفى [ وبدرستى كردانيديم ومكرر ساختيم برآيت خودرا ازولد ]

{ فى هذا القرآن } على وجوه من التصريف فى مواضع من

{ ليذكروا } اى ليذكروا ما فيه ويقفوا على بطلان ما يقولونه

{ وما يزيدهم } اى والجال انه ما يزيدهم ذلك التصريف البالغ

{ الا نفورا } عن الحق واعراضا عنه.

قال الكاشفى [ مكر رميدن ازحق ودورشدن ].

٤٢

{ قل } فى اظهار بطلان ذلك من جهة اخرى

{ لو كان معه } تعالى

{ آلهة كما يقولون } اى المشركون قاطبة والكاف فى محل النصب على انها وقعت صفة لمصدر محذوف اى كونا مشابها لما يقولون والمراد بالمشابهة الموافقة والمطابقة

{ اذا } [ آنكاه ]

{ لابتغوا } اى طلبت تلك الآلهة

{ الى ذى العرش } [ بسوى خداوند عرش ] اى الى من له الملك والربوبية على الاطلاق

{ سبيلا } بالمغالبة والممانعة اى ليغالبوه ويقهروه ويدفعوا عن انفسهم العيب والعجز كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض يشير الى ان الآلهة لا يخلوا امرهم من انهم كانوا اكبر منه او كانوا امثاله او كانوا ادون منه فان كانوا اكبر منه طلبوا طريقا الى ازعاج صاحب العرش ونزع الملك قهرا وغلبة ليكون لهم الملك لا له كما هو المعتاد من الملوك.

فالآية اشارة الى برهان التمانع على تصويرها قياسا استثنائيا استثنى فيه نقيض التالى وان كانوا امثاله لم يرضوا بان يكون الملك واحد مثلهم وهم جماعة معزولون عن الملك فايضا نازعوه فى الملك وان كانوا ادون منه فالناقص لا يصلح للالهية اذا لا بتغوا الى ذى العرش الكامل فى الالهية سبيلا للخدمة والعبودية والقربة فالآية اشارة الى قياس اقترانى تصويره لو فرض معه آلهة لتقربوا اليه بالطاعة وكل من تقربوا اليه بها لا تكونون آلهة فما فرض آلهة لا يكون آلهة فلو مستعمل لمجرد الشرط لا للامتناع والمراد بالالهة ما هو من اولى العلم كعيسى وعزير والملائكة كذا فى التأويلات النجمية مع مزج من حواشى سعدى المفتى.

٤٣

{ سبحانه } اى تنزه بذاته تنزها حقيقيا به

{ وتعالى } متباعدا

{ عما يقولون } من ان معه آلهة وان له بنات.

قال فى بحر العلوم هو تنزيه وتعجيب من قولهم اى ما ابعد من له الملك والربوبية وما اعلاه عما يقولون

{ علوا } واقع موقع تعاليا كقوله تعالى

{ واللّه انبتكم من الارض نباتا } اى انباتا

{ كبيرا } لا غاية وراءه كيف لا وانه سبحانه فى اقصى غايات الوجود وهو الوجوب الذاتى وما يقولون من ان له تعالى شركاء واولاد فى ابعد مراتب العدم اعنى الامتناع.

واعلم ان اللّه تعالى احد فى ذاته وواحد فى صفاته والشرك انما يجيئ من التوهم فكما ان للمشركين آلهة بحسب توهمهم فكذا لضعفاء المؤمنين بحسب جهلهم وغفلتهم كما قال الدينورى فى قوله تعالى

{ واجنبنى وبنى ان نعبد الاصنام } منهم من صنمه نفسه قال تعالى

{ أرأيت من اتخذ آلهه هواه } ومنهم من صنمه زوجته فى المحبة والاطاعة ومنهم نم صنمه تجارته بان اتكل عليها حتى ترك طاعة اللّه لاجلها - حكى - ان مالك بن دينار رحمه اللّه كان اذا قرأ فى الصلاة

{ اياك نعبد وإياك نستعين } غشى عليه فسئل فقال نقول اياك نعبد ونعبد انفسنا اى باطاعة الهوى ونقول اياك نستعين ونرجع الى ابواب غيره

اى تو بنده اين جهان محبوس جان ... جند كويى خويش را خواجه جهان

خدمت ديكر كنى هر صبح وشام ... وانكهى كويى كه من حق را غلام

بنده حق در درش باشد مقيم ... با خاوص واعتقاد مستقيم

فعلى العاقل ان يكرر ذكر التوحيد ويجدد العهد الذى بينه وبين ذى العرش المجيد فانه سبب المغفرة والترقى الى درجات الابرار والمقربين كما لا يخفى على ارباب اليقين.

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لما خلق اللّه العرش وهو اعظم مخلوق اضطرب اربعة وعشرين الف عام فاظهر اللّه اربعة وعشرين حرفا وهو قوله ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) فسكن اربعة وعشرين الف عام حتى خلق اللّه اول خلق وامره بالتوحيد فقال لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فاضطرب العرش فقال اللّه اسكن فقال كيف اسكن وانت لا تغفر لقائلها فقال تعالى اسكن فانى آليت على نفسى قبل ان خلقتك بالفى عام ان لا اجريها على لسان عبد الاغفرت له نسأل اللّه العفو والغفران.

٤٤

{ تسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن } التسبيح تنزيه الحق وتبعيده عن نقائص الامكان والحدوث وتسبيح السموات والارض بلسان الحال الدال على وجود الخالق وقدرته وحكمته وتسبيح من فيهن من الملائكة والجن والانس بلسان القال الناطق بما يسمع منهم على ان المراد بالتسبيح معنى منتظم لما ينطق به لسان المقال ولسان الحال بطريق عموم المجاز وهو الاشتمال على ما يدل على التنزيه فانه مشترك بين اللفظ الدال عليه وبين مثل الحدوث والامكان الدال على تنزيه اللّه تعالى عن لوازم الامكان وتوابع الحدوث

{ وان } نافيةاى ما

{ من شئ } من الاشياء حيوانا كان او نباتا يدل على الصانع وقدرته وحكمته فانها تنطق بذلك.

قال الكاشفى [ تنزيه ميكند اورا ازسمات نقصان وستايش مينمايد بصفات كمال ]

{ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه اى لا تفهمون ايها المشركون لا خلا لكم بالنظر الصحيح الذى به يفهم التسبيح وهم وان كانوا اذا سئلوا عن خالق السموات والارض قالوا اللّه الا انهم لما جعلوا معه آلهة مع اقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لان نتيجة النظر الصحيح والاقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فاذن لم يفهموا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق

{ انه كان حليما } ولذلك لم يعاجلكم بالعقوبة مع انتم عليه من الاعراض عن التدبر فى الدلائل والانهماك فى الاشراك . والحلم تأخير مكافأة الظالم بالنسبة الى الخالق والطمأنينة عند سورة الغضب بالنسبة الى المخلوق

{ غفورا } لمن تاب منكم ورجع الى التوحيد هذا ما عليه الزمخشرى والبيضاوى وابو السعود ومن يلهيهم من اهل الظاهر وهم الذين لهم عين واحد وسمع واحد.

وقال الشيخ على السمرقندى قدس سره فى بحر العلوم ذهب السلف الصالح الى ان التسبيح فى الآية فى المحلين محمول على حقيقته وهو الاصح فانه ان كان كلام الجماد مسلما فينبغى ان يكون تسبيحه ايضا مسلما.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( انى لاعرف حجرا بمكة كان يسلم علىّ قبل ان بعث انى لاعرفه الآن )

وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم.

وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما فى قوله تعالى

{ انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق } كان داود اذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح.

وقال مجاهد كل الاشياء تسبح اللّه حيا كان او جمادا وتسبيحها ( سبحان اللّه وبحمد )

وعن المقداد بن معدى كرب ان التراب يسبح ما لم يبتل والخرزة جديدا فاذا اتسخ ترك التسبيح والوحش والطير اذا صاحت فاذا سكتت تركت التسبيح وفى الحديث

( ما اصطيد حوت فى البحر ولا طائر يطير الا بما يضيع من تسبيح اللّه ) كما فى تفسير المدارك . وقال النخعى كل شئ من جماد وحى يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السفق . وقال عكرمة الشجرة تسبح والاسطوانة لا تسبح والشجر او النبات اذا قطع يسبح ما دام رطبا.

قال فى الكواشى وهذا ممكن عقلا وقدرة . وذكر فى جنائز الخلاصة يكره قطع الحطب والحشيش الرطب من القبر من غير حاجة اى لانه يسبح . وفى الملتقط مقبرة قديمة لم يبق من آثارها شئ ليس للناس ان ينتفعوا بها ولا بالبناء فيها ولا بارسال الدابة فى حشيشها.

قال فى فتح القريب الميجب اذا حصلت البركة بتسبيح الجماد فالقرآن الذى هو اشرف الاذكار اولى بحصول البركة ولا سيما اذا كان من رجل صالح ولهذا استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر . وهل يغرس الريحان او الجرير على باب منزل القبر او على قافية الحد . الجواب انه ورد فى الحديث مطلقا فيحصل المقصود بأى موضع غرس فى القبر . وكان عليه السلام يخطب مستندا الى جذع فصنع رجل منبرا ثلاث درجات واراد النبى عليه السلام ان يقوم على المنبر فحنّ الجذع فرجع النبى عليه السلام اليه ووضع يده عليه وقال ( اختر ان اغرسك فى المكان الذى كنت وتكون كما كنت وان شئت اغرسك فى الجنة فتشرب من انهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل اولياء اللّه من ثمرك ) فاختار الجنة والدار الآخرة على الدنيا فلما قبض النبى عليه السلام رفع الى مكان ففنى واكلته الارضة

وقيل دفن كما قال فى المثنوى

استن حنانه از هجر رسول ... ناله مى زد همجو ارباب عقو

كفت بيغمبر جه خواهى اى ستون ... كفت جانم ازفراقت كشت خون

مسندت من بودم از من تاختى ... بر سر منبر تو مسند ساختى

كفت خواهيكه ترا نخلى كنند ... شرقى وغربى ز تو ميوه جنند

يا دراآن عالم ترا سروى كند ... تا ترو تازه بمانى بى كزند

كفت آن خواهم كه دائم شد بقاش ... بشنوا اى غافل كم ازجوبى مباش

آن ستون را دفن كرد اندر زمين ... تا جو مردم حشر كردد يوم دين

آنكه اورا نبود از اسرار داد ... كى كند تصديق او ناله جماد

ابى ذر رضى اللّه عنه ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جلس فى مكان معه ابو بكر وعمرو وعثمان رضى اللّه عنهم فتناول النبى عليه السلام سبع حصيات فوضعهن فى كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن فى يد ابى بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فى يد عمر ثم فى يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل.

وكذر عبد اللّه القرطبى ان داود عليه السلام قال لاسبحن اللّه تعالى هذه الليلة تسبيحا ما سبحه به احد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية فى داره أتفخر على اللّه بتسبيحك وان لى سبعين سنة ما جف لسانى من ذكر اللّه وان لى عشر ليال ما طعمت ولا شربت اشتغالا بكلمتين فقال وما هما قالت ( يا مسبحا بكل لسان ويا مذكورا بكل مكان ) فقال داود لنفسه وما عسى ان اقول ابلغ من هذا.

وذكر الشيخ ابو عمر وفى سبب توبته انى كنت ليلة على ظهرى متوجها الى السماء فرأيت خمس حمامات . احداهن تقول سبحان من عنده خزائن كل شئ وما ينزله الا بقدر معلوم . والثانية تقول سبحان من اعطى كل شئ خلقه ثم هدى . والثالثة تقول سبحان من بعث الانبياء حجة على خلقه ويفضل عليهم محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم . والرابعة تقول كل ما فى الدنيا باطل الا ما كان لله ولرسوله والخامسة تقول يا اهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمعت ذلك ذهبت عنى فلما جئت الىّ وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما اصبحت سلكت طريقا بنية ان اسلم نفسى الى مرشد فلقيت شيخا ذا هيبة ووقار فبعد التسليم اقسمت باللّه ان يخبرنى من هو فقال انا الخضر وقد كنت عند الشيخ عبد القادر وهو سيد العارفين فى الوقت فقال لى يا ابا العباس ان رجلا اصابه جذبة الهية ونودى من فوق السماء مرحبابك عبدى وعاهد اللّه على ان يسلم نفسه الى شيخ فئتنى به ثم قال لى الخضر فعليك بملازمته ثم وجدت نفسى ببغداد فلقيت الشيخ عبد القادر فقال لى مرحبا بمن جذبه مولاه بألسنة الطير وجمع له كثير من الخير وبالجملة فالتسبيح غير ممتنع من الجمادات بل هو كائن من الكائنات لا ينكره الا منكر خوارق العادات [ درفتوحات مذ كوراست كه اكر مراد ازين تسبيح آنست كه ايشان بلسان الحال كويند بس درايراد ولكن لا تفقهون تسبيحهم فائدة نباشد ] يعنى ان قوله ولكن الخ يحقق ان المراد هو حقيقة التسبيح لا الدلالة على وحدانيته فالخطاب عند اهل الحقيقة فى قوله لا تفقهون عام للمسلمين والمشركين اى لا تسمعون فلا تفقهون تسبيحهم لانه ليس المقصود سماع اللفظ مجردا بل التدبر فيه ليدرك ما ادى اللافظ فيسبح كما سبحه.

قال فى الكواشى

{ ولكن لا تفقهون تسبيحهم } لانه ليس بلغتكم ويجوز ان يفهم تعالى بعض عباده تسبيح بعض الجمادات والعجماوات كدواد وسليمان عليهما السلام.

يقول الفقير هذا التعليل غير مناسب لعموم الآية لان لغات ماله اصوات مخلتقة لا تفقه وان كانت مسموعة ومن الاشياء ما ليس له صوت مسموع وقد اثبت له ايضا تسبيح فافقه [ سلمى از ابو عثمان مغربى قدس سرهما نقل ميكندكه تمام مكونات باختلاف لغات تسبيح الهى ميكويند اما آنر انشنود وفهم نكند مكر عالم ربانى كه كوش دل او كشاده بود ] ونعم ما قال

بذكرش هرجه بينى درخروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست

نه بلبل بركلش تسبيح خوانست ... كه هر خارى بتسبيحش زبانست

وفى الخصائص الصغرى وخص عليه السلام بتسليم الحجر وبكلام الشجر وبشهادتها له صلّى اللّه عليه وسلّم بالنبوة واجابتها دعوته.

قال السهيلى يحتمل ان يكون نطق الحجر كلاما مقرونا بحياة وعلم ويحتمل ان يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة.

وقال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا عقل فوقفوا عند بصرهم والامر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق اللّه فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والامر عندنا كذلك بل سر الحياة سار فى جميع العالم وقد ورد ان كل شئ سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ولا يشهد الا من علم وفد اخذ اللّه بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء اللّه كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق سبحانه قد كشف لنا عن حياتها عينا واسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلى انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة اللّه تعالى ولولا ما عنده من العظمة لما تد كدك [ ودرباب ثانى عشر از سفر ثانى فتوحات فرموده كه ما بكوش خودشنيديم كه سنكى بزبان قال ذكر ملك متعال كفت وباما خطاب كرد جون مخاطبه عارفان وسخنان آرا نموده كه هر آدمى آنرا درنيابد ].

وقال فى كتاب الطريقة له اذا رأيت هؤلاء العوالم مشتغلين بالذكر الذى انت عليه فكشفك خيالى غي صحيح وانما ذلك خيالك اقيم لك فى الموجودات واذا شهدت فى هؤلاء تنوعات الاذكار فهو الكشف الصحيح.

قال بعض الكبار كل معلوم حى لانه يعطى العلم للعالم فكما ان نور الشمس ينور كل من يراه فكذلك الحى لذاته يحيى به كل من يراه فكل شئ به حى فالاشجار والجمادات لهن حياة عند ارباب الكشف وكلام يسمعه من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد.

قال حضرة الشيخ افتاده قدس سره ان السالك يسمع حركات الافلاك فى اثناء سلوكه وذلك بقوة رياضية وقال خليفته حضرة الهدائى قدس سره خرجت للوضوء وقت التهجد فسمعت الماء الجارى يقول بهذا الوزن يا دائم يا دائم يا دائم يا دائم ونظائره كثيرة لا تحصى.

يقول الفقير دعا حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه بعض الصوفية للافطار وكان وقتئذ لا يفطر الا على الماء والخبر.

ثم لا يأكل الا عشية الغد فقال هذا الخبز له روح حقانى فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم الروح جميعا ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى اى غير روحه الذى فارقه ألا ترى ان اللّه تعالى لو انطقه لنطق فنطقه بانطاق اللّه تعالى انما هو لان له روحا حقانيا وقد جاء ان كل شئ يسبح بحمده وما هو الا يكون المسبح ذا روح ولو كان حجرا او شجرا او غير ذلك : وفى المثنوى

جون شماسوى جمادى مى رويد ... محرم جان جمادان جون شويد

از جمادى عالم جانها رويد ... غلغل اجزى عالم بشنويد

فاش تسبيح جمادات آيدت ... وسوسه تأويلها نر بايدت

جون ندارد جان تو قنديلها ... بهر بينش كرده تأويلها

كه غرض تأويل ظاهر كى بود ... دعوى ديدن حيال وغى بود

بلكه هر بيننده را ديدار آن ... وقت عبرت ميكند تسبيح خوان

بس جواز تسبيح يادت مى دهد ... آن دلالت همجو كفتن مى بود

اين بود تأويل اهل اعتزال ... واى آنكس كوندارد نورحال

جون زحس بيرون نيامد آدمى ... باشد ازتصوير غيبى اعجمى

وفى التأويلات النجيمة

{ يسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن } اى ينزهه عما يقولون من كل نقيصة ذرات المكونات واجزاء المخلوقات فمن له روح فبلسانه ولغته وهذا مما يفقه العقلاء

واما الجمادات فبلسان الملكوتى كما قال

{ وان من شئ لا يسبح بحمد } اى حميد على نعمة الايجاد والتربية

{ ولكن لا تفقهون تسبيحهم } لانه ليس من جنس تسبيحكم.

واعلم ان اللّه اثبت لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوتا بقوله

{ فسبحان الذى بيده ملكوت كل شئ } والمكوت باطن الكون وهو الآخرة والآخرة حيوان لا جماد لقوله تعالى

{ وان الدار الآخرة لهى الحيوان } فثبت بهذا الدليل ان لكل ذرة من ذرات الموجودات لسانا ملكوتيا ناطقا بالتسبيح والحمد تنزيهاه لصانعه وبارئه وحمدا له على ما اولاه من نعمه وبهذا اللسان نطق الحسى فى يد النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وبهذا تنطق الارض يوم القيامة كما قال

{ يومئذ تحدث اخبارها } وبهذا اللسان تشهد اجزاء الاننسان وابعاضه يوم القيامة ويقولون انطقنا اللّه الذى انطق كل شئ وبهذا اللسان نطق السموات والارض حين

{ قالتا اتينا طائعين } فافهم جدا واغتنم

{ انه كان حليما } فى الازل اذا خرج من العدم من يتولد منه ان يتخذ مع اللّه آلهة اخرى

{ غفورا } لمن تاب عن مثل هذه المقالات انتهى.

وقال القاشانى اعلم ان لكل شئ خاصية لا يشاركه فيها غيره وكمالا يخصه دون ما عداه يشتاقه ويطلبه اذ لم يكن حاصلا ويحفظه ويحبه اذا حصل فهو باظهار خاصيته وتوحده فى تلك الخاصية ينزهه تعالى عن الشريك فكانه يقول بلسان الحال اوحده على ما وحدنى والا لم يكن متفردا بها من وحدا فيها وبطلب كماله بنزهه عن صفات النقص كأنه يقول يا كامل كملنى وباظهار كماله يحمده ويقول احمده على ما كملنى حتى ان الحيوان فى طلب الرزق يقول يا رزاق ارزقنى وبوجود الرزق يقول احمده على ما رزقنى وباشفاقه على ولده يقول ارأفنى الرؤف وارحمنى الرحيم فالسموات السبع تسبحه وتنزهه على العجز والفناء وتحمده بالمديمومية والعلو والتأثير والقدرة والبقاء والملك والربوبية وبان كل يوم هو فى شأن والارض بالدوام والثبات والخلاقية والرازقية وقبول الطاعة وامثال ذلك والملائكة بالحياة والعلم والقدرة والمجردات منهم بالنزه عن التعلق بالماد والوجوب مع جميع ما ذكر منهم مع كونهم مسبحين اياه مقدسين له حامدين فان كل ما يحمده بصفة كمالية ينزهه ويسبحه بمقابلها وكل مسبح عن نقصان يحمده بكمال يقابله فهم يسبحونه فى عين التحميد ويحمدونه فى عين التسبيح ولكون لا تفقهون تسبيحهم لقلة النظر والفكر فى ملكوت الاشياء وعدم الاصغاء اليهم للغفلة وانما يفقه من كان له قلب منور بنور التوحيد الاشياء لانه لى عالمه انه كان حليما لا يعاجلكم بعقوبة ترك التسبيح فى طلب كمالاتكم واظهار خوافيكم التى منها فهم تسبيح الاشياء وتوحيده كما وحدوه غفورا يغفر غفلاتكم واهمالكم انتهى كلامه مع بعض تغييرات وزيادة واللّه الهادى الى طريق حقيقة التسبيح والتوحيد لكل سالك مريد.

٤٥

{ واذا قرأت القرآن } [ وجون مى خوانى قرآنرا ]

{ وجعلنا بينك } [ مى سازيم ومى آريم ميان تو ]

{ وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة } وهم كفار قريش وكانوا منكرى البعث

{ حجابا } يحجبهم من ان يدركوك على ما انت عليه من النبوة ويفهمون قدرك الجليل ولذلك اجبترأوا على ان يقولوا ان تتبعون الا رجلا مسحورا

{ مستورا } عن الحس بمعنى غير حسى مشاهد فمستور علىموضعه او ذا ستر فصيغة مفعول للنسبة كقولهم سيل مفعهم اى ذو افعام من افعمت الاناء اى ملأته هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه اللّه فى هذه الآية.

وقال فى الكواشى كان المشركون يؤذون النبى صلّى اللّه عليه وسلّم مصليا وجاءت ام لهب بحجر لترضخحه فزل انتهى فيكون معنى قوله واذا قرأت القرآن واذا صليت عبر عن الصلاة بالقرآن لاشمالها عليه كما عبر عن الخطبة به على بعض الاقوال فى قوله تعالى

{ واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا } الآية فيلزم ان تحمل الآية علىخصوص المادة فهم اذا لم يروا الحجاب فلا يرون المحتجب به فيسلم من اذاهم ولم يكن كذلك دائما كما يدل عليه القوطع.

وقال سعدى المفتى لعل الاولى ان يحمل على ما روى انها نزلت فى ابى سفيان والنضير وابى جهل وام جميل امرأة ابى لهب كانوا يؤذون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا قرأ القرآن فحجب اللّه ابصارهم اذا قرأ وكانوا يمرون به ولا يرونه انتهى.

وهو ذهول عما بعد الآية من قوله تعالى

{ نحن اعلم بما يستمعون به } كما يأتى مع ما فيه من الرواية وهو اللائح بالضمير فى هذا المقام الخطير.

وفى الآية اشارة الى ان من قرأ القرآن حق قراءته ارتقى الى اعلى مراتب القرب كما جاء فى الاثر ( ان عدد آى القرآن على عدد درج الجنة فمن استوفى جميع آى القرآن استولى على اقصى درج الجنة ) واستيفاء جميع آى القرآن فى الحقيقة هو التخلق باخلاق القرآن فالقرآن من اخلاق اللّه وصفاته والمتخلق باخلاقه يكون متخلقا باخلاق اللّه وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظمانية والنورانية تمكنا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الذى جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ولم يقل ساترا لان الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل بالحجاب مستورا عن المنقطع كافى التأويلات النجمية.

وفيه اشارة ايضا الى ان من تحصن بكتابه فهو فى حصن حصين والمضيع لوقته من تحصن بعلمه او بنفسه فيكون هلاكه فى موضع امته

هركه او بييرون شد ازحصن خدا ... جان او آخر شد از جسمش جدا

مرد حق بين كى كندتكيه بغير ... هر قضا جون از خدا آيد بسير

٤٦

{ وجعلنا على قلوبهم اكنة } اغطية كثيرة جمع كنان وهو الغطاء

{ ان يفقهوه } مفعول له اى كراهة ان يفهموا القرآن على كنهه ويعرفون انه من عند اللّه تعالى وهو على رأى الكوفيين ولا يرضاه البصريون لقلة حذف لا بالنسبة الى حذف المضاف وهذا تمثيل لتجافى قلوبهم عن الحق ونبوها عن قبوله واعتقاده كأنها فى غلف واغطية تحول بينهما وبينه وتمنع من نفوذه فيها كما فى بحر العلوم.

يقول الفقير ذلك التجافى والنبو انما هو من تراكم الحجب المعنوية على القلب والفطرة الاصلية وان كانت مقتضيته للفقه والادراك والخروج الى نور العلم لكن ظلمة تلك الحجب مانعة عن ذلك فالكلام وان كان واردا فى صورة التمثيل لكنه على حقيقته فى نفس الامر

{ وفى آذانهم وقرا } صمما ونقلا مانعا عن سماعه اللائق به وهو تمثيل لمج اسماعهم للحق ونبوها عن الاصغاء اليه كأن بها صمما يمنع عن سماعه ولما كان القرآن معجزا من حيث اللفظ والمعنى اثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى حق فهمه وادراك اللفظ حق ادراكه

{ واذا ذكرت ربك فى القرآن وحده } اى وادا غير مشفوع به آلهتهم اى اذا قلت لا اله الا اللّه وهو مصدر توقع موقع الحال اصله تحده وحده بمعنى واحدا وحده اى منفردا فحذف الفعل الذى هو الحال واقيم المصدر مقامه

{ ولوا على ادبارهم } [ باز كردند كافران بربشتهاى خود ] اى هربوا ونفروا

{ نفورا } هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم هربوا ونفروا

{ نفورا } هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم نافرين والنفور

{ برميدن } كما فى التهذيب.

٤٧

{ نحن اعلم بما يستمعون } ملتبسين

{ به } من اللغو والاستخفاف والهزؤ بك وبالقرآن فمحل به حال كما تقول يستمعون بالهزؤ اى هازئين فالباء للملابسة ويجوز ان تكون للسببية اى بسببه ولاجله - ويروى - انه كان يقوم عن يمينه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا قرأ رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار

{ اذ يستمعون اليك } ظرف لا علم وفائدته تأكيد الوعيد بالاخبار بانه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجى المدلول عليه بسياق النظم . والمعنى نحن اعلم بالذى يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الامور المذكورة وبالذى يتناجون به فيما بينهم ونجوى مرفوع على الخبر بتقدير المضاف اى ذووا نجوى

{ اذ يقول الظالمون } بدل من اذهم ووضع الظالمون موضع المضمر للدلالة على ان هذا القول منهم ظلم وتجاوز عن الحد.

وفيه دليل على ان ما يتناجون غير ما يستمعون به اى يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم

{ ان تتبعون } اى ما تتبعون ان وجد منكم الاتباع فرضا

{ الا رجلا مسحورا } اى سحر فجنّ فمن ظلمهم وضعوا اسم المسحور موضع المبعوث.

٤٨

{ انظر كيف ضربوا لك الامثال } اى مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون.

قال الكاشفى [ بزدند برى تومثلها وترا توصيف كردند بمجنون وساحر وكاهن وشاعر ]

{ فضلوا } فى جميع ذلك عن منهاج المحاجة

{ فلا يستطيعون سبيلا } الى طعن يمكن ان يقبله احد فيتهافتون ويخطون كالمتحير فى امر لا يدرى ما يصنع ويأتون بما لا يرتاب فى بطلانه احد او فضلوا عن الحق والرشاد فلا يستطيعون سبيلا اليه لانهم بالغوا فى الضلالة والانكار وكانوا مستمعين بالهوى فيستمعون الاساطير والسحير والشعر ولو استعموا باللّه لاستمعوا كلام اللّه وصفاته ولانحراف مزاجهم وحصول المرض فى قلوبهم كانوا يتنفرون عند استماع ذكر الواحد الاحد بالوحدانية والواحدة ولا يجدون حلاوة التوحد بل يجدون منه المرارة لسوء المزاج . ومن هذا القبيل اكباب اهل الهوى فى كل عصر على استماع القصص والاساطير معرضين عن كلام اللّه الملك العلى الكبير بل واكثرهم لا يريد الا المحادثة الدنيوية والمذاكرة العرفية والتعدى الى اعراض الناس والاتباع الى ما يوسوس به الوسواس الخناس والقدح فى شان اهل الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال . يا عبدى أما تستحيى منى اذا يأتيك كتاب من بعض اخوانك وانت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شئ وهذا كتابى انزلته اليك انظرهكم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم انت معرض عنه أو كنت اهون عليك من بعض اخوانك . يا عبدى يقعد اليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك بقلبك عنى أفجعلتنى اهون عندك من بعض اخوانك كذا فى الاحياء

هركه تعظيم حق كند دائم شود از دل بامراو قائم

٤٩

{ وقالوا } اى الكفرة المنكرون للبعث من اهل مكة نسوا بداية خلقهم انهم خلقوا من تراب بل انهم خلقوا من لا شئ كقوله تعالى

{ خلقتك ولم تك شيأ } فقالوا على سبيل الانكار والاستبعاد

{ ائذا كنا } [ آيا آنهنكام كه سويم ما بعد ازمرك بمرور زمان ]

{ عظاما } [ استخوانها ]

{ ورفاتا } هو ما بولغ فى دقه وتفتيته

{ ائنا لمبعوثون } [ آيابر انكيخته شد كان شويم ]

{ خلقا جديدا } نصب على المصدر من غير لفظه او على الحالية على ان الخلق بمعنى المخلوق . قوله اذا متمحضة للظرفية وهو الاظهر والعامل فيها ما دل عليه مبعوثون لا نفسه لان ما بعد ان والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث او نعاد وهو المرجع للانكار اى حياتنا بعد الموت محال منكر لما بين غضاضة الحى ويبوسة الرميم من التنافى وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيص به فانهم فمنكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الانكار للبعث بتوجيهه اليه فى حالة منافيه له.

٥٠

{ قل } جوابا لهم

{ كونوا حجارة } [ سنك ]

{ او حديدا } [ يا آهن ].

٥١

{ او خلقا مما يكبر فى صدوركم } يعظم عندكم من قبول الحياة لكونه ابعد شئ منها فانكم مبعوثون ومعادون لا محالة اى فان قدرته تعالى لا تقصر عن احيائكم لاشتراك الاجسام فى قبول الاعراض فكيف اذا كنتم عظاما مرفوته وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشئ اقبل لما عهد فيه مما لم يعهد والامر وارد على التمثيل يعنى فى المثل [ كرديد بتن خود سنك يا آهن ] كما فى تفسير الكاشفى.

وقال فى الكواشى هو امر تعجيز وتوبيخ لا امر الزام.

وقال فى بحر العلوم ليس الامر ههنا على حقيقته بل على المجاز لان المقصود اهانتهم وقلة المبالاة بهم لا طلب كونه حجارة او حديدا لعدم قدرتهم على ذلك وما يكبر فى صدورهم السموات والجبال والجمهور على انه الموت اذ ليس فى النفس شئ اكبر من الموت اى لو كنتم الموت بعينه لأميتكم ولأبعثكم

{ فسيقولون } [ بس زود باشدكه كويند ]

{ من } [ كيست كه ]

{ يعيدنا } يبعثنا بعد الموت . يعنى [ زنده سازد مارا بس ازمرك ] وقد نسوا مبدئهم فلزمهم نسيان معبدهم

{ قل الذى فطركم } اى يعيدكم القادر العظيم الذى اخترعكم وانشأكم

{ اول مرة } من غير مثال وكنتم ترابا ما شم رائحة الحياة فهو المبدئ والمعيد.

يعنى [ بس آنكه خاك را تواند جان داد در بدايت هم خاك را زنده تواند ساخت درنهايت ]

{ فيسنغضون اليك رؤسهم } انغض حرك اى سيحرّ كونها نحوك تجبا وانكارا

{ ويقولون } استهزاء

{ متى هو } اى ما ذكرت من الاعادة فهو سؤال عن قوت البعث بعد تعيين الباعث

{ قل } لهم

{ عسى ان يكون } ذلك

{ قريبا } فان كل آت قريب او لانه مضى اكثر الزمان وبقى اقله.

قال فى بحر العلوم اى هو قريب لان عسى فى الاصل للطمع والاشفاق من اللّه تعالى واجب يعنى انه قرب وقته فقد قرب ما يكون فيه من الحساب والعقاب.

٥٢

{ يوم يدعوكم } من الاجداث كما دعاكم من العدم

{ فتستجيبون } منها استجابة الاحياء اى اذكروا يوم يبعثكم فتنبعثون وقد استعير لهما لادعاء والاجابة ايذانا بكمال سهولة التأتى.

وقال ابو حيان والظاهر ان الدعاء حقيقة اى يدعوكم بالنداء الذى يسمعكم وهو النفخة الاخيرة كما قال

{ يوم ينادى المناد من مكان قريب } ومعنى فتستجيبون توافقون الداعى فيما دعاكم اليه كما قال الكاشفى [ بخواند شمارا اسرافيل در نفخه اخيره بجهت قيام ازقبور بس شما اجابت كنيد اسرافيل را ].

وقال بعضهم المقصود منها الاحضار للمحاسبة والجزاء.

يقول الفقير لا يخفى ان الدعوة متعددة فدعاء البعث والنشر ودعاء الحشر كما قال تعالى

{ مهطعين الى الداع } اى مسرعين ودعاء الكتاب كما قال تعالى

{ وترى كل امة جاثة كل امة تدعى الى كتابها اليوم } والمراد فى هذا المقام هو الدعوة الاولى لان الكلام فى البعث

{ بحمده } حال من فاعل تستجيبون اى حامدين لله تعالى على قدرته على البعث كما قال سعيد ابن جبير انهم ينفضون التراب عن رؤسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك فيقدسونه ويحمدونه حين لا ينفعهم ذلك.

وفى الكواشى بحمده اى بارادته وامره كما قال الكاشفى [ در تفسير بصائر حمد را بمعنى امر داشت جنانجه درآيت فسبح بحمد برك باى وصل بامره بس معنى آيت جنين بودكه خدى شمارا بخواند بامر او واجابت كنيد اورا ]

{ وتظنون } عند ما ترون من الامور الهائلة

{ ان لبثتم } اى ما لبثتم فى القبور او فى الدنيا

{ الا قليلا } بالنسبة الى لبثكم بعد الحياء الى البد.

فان قيل كل احد يستقصر مدة حياته فى الدنيا ولو عمر اطول الاعمار.

قلنا ذلك الاستقصار مع العلم بمدة العمر ليطول امله وفى القيامة يذهل عن تلك المدة لشدة الهول.

قال الكاشفى [ يعنى زندكى خودرا دردنيا اندك شمريد نسبت بأن يس بايدكه خردمند آكاه نيز حيات دنيارا درجنب زندكى عقبى اندك شمرد واين اندك فانى را دركار آن بسيار باقى صرف كند تادران روز بعذا حسرت وندامت درنماند ].

قال الشيخ سعدى قدس سره

بدنيى توانى كه عقبى خرى ... بخرجان من ورنه حسرت خورى

كسى طوى دولت زدنيا ببرد ... كه باخود نصيبى بعقبى ببرد

فلا بد من الاستعداد ليوم القيامة بالاعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصى فانه عما قريب يصير العلم عينا.

واعلم انك اذا مت فقد قامت قيامتك لان الانسان اذا مات فقد عاين امر القيامة لانه يرى الجنة والنار والملائكة ولا يقدر على عمل من الاعمال فصار بمنزلة من حضر يوم القيامة فختم على عمله بالموت فيقوم يوم القيامة على ما ما تعليه فطوبى لمن كان خاتمته بخير.

قال ابو بكر الواسطى رحمه اللّه الدولة ثلاث.

دولة فى الحياة وهى ان يعيش فى طاعة اللّه تعالى . ودولة عند الموت وهى ان تخرج روحه بشهادة ان لا اله الا اللّه . ودولة يوم القيامة وهو ان يأتيه البشير بالجنة حين يخرج من قبره ولا ريب فى ان العاصى ومنكر البعث يأتيه النذير بالنار فلا بد من الطاعة والاقرار فان اللّه تعالى يحيى الارض بعد موتها وهو دليل على النشور : وفى المثنوى

خاك ونطفه را ومضغه را ... بيش جشم ما همى دارد خدا

كز كجا آوردمت اى بدنيت ... كه ازان آيد همى خفر بقيت

توبدان عاشق بدى در دورآن ... منكر اين فضل بودى آن زمان

اين كرم جون دفع آن انكارتست ... كه ميان خاك مى كردى نخست

حجت انكار شد انشار تو ... از دوابدتر ترشد اين بيمارتو

خاك را تصوير اين كار از كجا ... نطفه را خصمى وانكارا از كجا

جون دران دم بى دل وبى سربدى ... فكرت وانكاررا منكر بدى

ازجمادى جونكه انكارت برست ... هم ازين انكار حشرت شد درست

بس مثال توجو آن حلقه زنيست ... كزدرونش خواجه كويد خواجه تيست

حلقة زن زين نيست دريا بدكه هست ... بس زخلقه بر ندارد هيج دست

بس هم انكارت مبين ميكند ... كز جماد او حشر صدفن ميكند

٥٣

{ وقل } يا محمد

{ لعبادى } اى المؤمنين

{ يقولوا } اى للمشركين عند محاورتهم معهم بنى على حذف النون لما كان بمعنى الامر كما بنى الاسم المتمكن فى النداء فى قولك يا زيد على الضمة لما اشبه قبل وبعد

{ التى } اى الكلمة التى

{ هى احسن } ولا يخاشنوهم كقوله تعالى

{ ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتى هى احسن } قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان اختصاص بعض العباد بتشريف الاضافة الى نفسه يؤدى الى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الاحسن والفعل الاحسن والخلق الاحسن . اما القول الاحسن فهو الدعاء الى اللّه بلا اله الا اللّه مخلصا .

واما الفعل الاحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجها الى عالم الحقيقة .

واما الخلق الاحسن فهو مع اللّه بان يسلم وجهه لله محسنا فى طلبه ومع الخلق بان يحسن اليهم بلا طمع فى الاحسان والشكر منهم ويتجاوز عن اساءتهم اليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة

{ ان الشيطان ينزغ بينهم } يقال نزغ بينهم افسد واغرى ووسوس اى يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تقضى الى العناد وازدياد الفساد.

وفى التأويلات

{ ان الشيطان ينزغ بينهم } اذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغى لعقلاء كل زمان ان يكونوا فى باب النصيحة مثل الاصحاب رضى اللّه عنهم بحيث ان خالهم ومعاملتهم مع اهالى زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا فى زمن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم

{ ان الشيطان كان } قدما

{ للانسان عدوا مبينا } ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم اصلا بل يريد هلاكهم وقد ابان عداوته لهم اذا خرج اباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور.

٥٤

{ ربكم } ايها المشركون

{ اعلم بكم } منا

{ ان يشأ يرحمكم } بالتوفيق للايمان

{ او ان يشأ يعذبكم } بالاماتة على لاكفر فهو تفسير للتى هى احسن وما بينهما اعتراض اى قولوا لهم هذه الكلمة وما يشا كلها ولا تصرحوا بانهم من اهل النار فانه مما يهيجهم على الشر مع ان العاقبة مما لا يعلمه الا اللّه فعسى يهديهم الى الايمان هذا ما ذهب اليه صاحب الكشاف وتبعه البيضاوى وابو السعود رحمهما اللّه.

وقال الجمهور المراد بالتى هى احسن هى المحاورة الحنسة بحسب المعنى والرحمة الانجاء من كفار مكة واذا هم والتعذيب تسليطهم عليهم فيكون الخطاب فى ربكم للمؤمنين.

وفى التأويلات هو اعلم بمن جعله منكم مظهر صفه لطفه ورحمته فيرحمه ويخلصه من اضلال الشيطان واغوائه وبمن جعله منكم مظهر صفة قهره وعذابه فيعذبه باضلاله واغوائه

{ وما ارسلناك عليهم وكيلا } موكولا اليك يا محمد امورهم وموضا تجبرهم على الايمان كما قال

{ ليس لك من الامر شئ وانما ارسلناك بشيرا } ونذيرا فدارهم ومر اصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المخاصمة وعنه عليه السلام ( ان اللّه امرنى بمداراة الناس كم امرنى باقامة الفرائض ) حافظ

اسايشى دوكيتى تفسير اين دوحر فست ... بادوستان تلطف بادشمتان مدارا

كما

قال بعضهم فى عيش الانسان الكامل [ باخدا بصدق . وباخلق بانصاف . وبانفس بقهر . وبازير دستان بشفقت . وبابزركان بحرمت . وبادوستان بنصيحت . وباد شمنان بمدارا . وبأعلما يتواضع . وبادرويشان بسخا . وباجاهلان . بخاموشى.

٥٥

{ وربك اعلم بمن فى السموات والارض } وتفاصيل احوالهم الظاهرة والباطنة التى بها يستأهلون الاصطفاء والاجتباء فيختار منهم لنبوته وولايته من يستحقه وهو رد لاستبعاد قريش ان يكون يتيم ابى طالب نبيا وان يكون العراة الجوع اصحابه كصهيب وبلال وخباب وغيرهم دون ان يكون ذلك فى بعض الاكابر والصناديد وذكر من فى السموات ابطال قولهم

{ لولا انزل علينا الملائكة } وذكر من فى الارض لرد قولهم

{ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } اى من احدى القريتين مكة والطائف كالوليد بن المغيرة المخزومى وعروة بن مسعود الثقفى

وقيل غيرهما.

وفى التأويلات هو اعلم بمن جعل منهم مظهر صفة لطفه ومن جعل منهم مظهر صفة قهره فى السموات كالملائكة وابليس والارض كالمؤمنين والكافرين

{ ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } قال البيضاوى وتبعه ابو السعود اى بالفضائل النفسانية والتبرى من العلائق الجمسانية لا بكثرة الاموال والاتباع حتى داود فانه شرفه بما اوحى اليه من الكتاب لا بما اوتى من الملك انتهى.

يقول الفقير هذا صريح فى انهم متفاضلون فى معنى التبرى من العلائق الجسمانية وهو خطأ فان تفاضلهم فىذلك انما هو على من عداهم من افراد الامة لا على اخوانهم الانبياء وتحقيقه انه ليس فيهم العلائق الروحانية لمنافاتها الوصول الى اللّه تعالى والاخذ من عالم القدس ولذا قالوا باب العلم باللّه لا ينفتح وفى القلب لحمة للعالم باسره الملك والملكوت

واما العلائق الجسمانية كالملك وكثرة الازواج والاولاد ونحو ذلك فهى وعدمها سواء بالنسبة اليهم فعيسى ويحيى عليهما السلام مع ما هما عليه من الزهد والتجرد الفضلية لهما فى ذلك على داود وسليمان عليهما السلام مع ما هما عليه من الملك وكثرة الازواج واسناد العلاقة اليهم ولو صورة ليس من الادب فالوجه ان التفضيل انما هو بالكتاب والرسالة والخلة والتكليم والمعراج والرؤية والشفاعة ونحو ذلك كما قال تعالى

{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم اللّه } الآية والقرآن يفسر بعضه بعضا.

قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سيره الاطهر فضل سليمان عليه السلام بالظهور بمجموع الملك وعيسى بالكلام فى المهد والتأييد بروح القدس واحياء الموتى وخلق الطين طيرا بالاذن ونحو ذلك وموسى بالتكليم واليد والعصا وفرق البحر والنفجار الحجر ونحوها وفضل صالح بخروج ناقة من الحجر ونحوها وهو دبالريح العقيم وابراهيم بالنجاة من النار ونحو ذلك ويوسف بالجمال وتأويل الرؤيا ولما تفاضل استعدادهم لتمام التجلى من حيث النبوة تفاضلوا ايضا فانه ليس فى الوجود الا متغذ مرزوق وقد فضل اللّه بعض المرزوقين على بعض والرزق حسى للجسوم وعقلى للارواح كالعلوم فاما من حيث ولايتهم الذاتية واستنادهم الى اللّه تعالى فهم نفس واحدة فلا فاضل ولا مفضول ولذا قال عليه السلام

( لا تفضلونى بين الانبياء )

{ وآتينا داود زبورا } فضيلا له كان زبور داود مائة وخمسين سورة ليس فيها حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود بل تمجيد وتحميد ودعاء نكر زبورا هنا وعرفه فى الانبياء حيث قال

{ ولقد كتبنا فى الزبور } لانهما واحد كعباس والعباس.

وفى التأويلات النجمية قوله

{ ولقد فضلنا } الآية يشير الى ان الحكمة الازلية اقتضت ارتفاع درجات المقبولين واتضاع دركات المردودين فانهما مظاهر صفة اللطف والقهر ولكل واحد من اللطف والقهر نصيب منه حكمة بالغة فى اظهار كمالات اللطف والقهر من الازل الى الابد وفضلنا الانبياء بعضهم على بعض بارتفاع المكان فى القربة وقبول اثر نظر العناية على حسب سرايته فى الامة وخيريتها ألا ترى انه عليه السلام لما كان افضل الانبياء كانت امته خير الامم وكتابه افضل الكتب ففى قوله

{ وآتينا داود زبورا } اشارة الى ان فضل النبى صلّى اللّه عليه وسلّم على داود بقدر فضل القرآن على الزبور انتهى.

وقد نعت اللّه نبينا عليه السلام وامته المرحومة فى جميع الكتب المتقدمة

اى وصف تو در كتاب موسى ... وى نعت تو در زبور داود

مقصود تويى ز آفرينش ... باقى بطفيل تست موجود

وفضله اللّه بكثرة الاتباع ايضا كما قال عليه السلام ( اهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها امتى )

وفى جامع الاصول عن الزهرى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال جلس ناس من اصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتذاكرون وهم ينتظرون خروجه فخرج حتى دنا منهم فسمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم عجبا ان اللّه تعالى اتخذ من خلقه خليلا اتخذ ابراهيم خليلا وقال آخر ماذا باعجب من كلام موسى كلمة تكليما وقال آخر ماذا باعجب من جعل عيسى كلمة اللّه وروحه فقال آخر ما باعجب من ادم اصطفاه اللّه عليهم فسلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على اصحابه وقال ( قد سمعت كلامكم واعجبكم ان ابراهيم خليل اللّه وهو كذلك وان موسى نجى اللّه وهو كذلك وان عيسى روح اللّه وكلمته وهو كذلك وان ام اصطفاه اللّه وهو كذلك ألا وانا حبيب اللّه ولا فخر وانا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وانا اكرم الاولين والآخرين على اللّه ولا فخر وانا اول من يحرك حلقة الجنة فيفتح اللّه فادخلها ومعنى فقراء المهاجرين ولا فخر ) وفى الحديث ( ان اللّه اختارنى على الانبياء واختار اصحابى على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من اصحابى اربعا ابا بكر وعمر وعثمان وعليا ) رضى اللّه عنهم كما فى بحر العلوم : قال المولى الجامعى قدس سره

خدا بر سروران سرداريش داد ... ز خيل انبيا سا لا ريش داد

بى ديوار ايمان بود كارش ... شد اورا جار ركن از جار يارش

فكما ان البيت يقوم بالاركان الاربعة فكذا الدين يقوم بالخلفاء الاربعة ولذلك قال عليه السلام ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى ) لانهم اصول بالنسبة الى من عداهم من المؤمنين.

٥٦

{ قل ادعوا } [ بخوانييد اى مشركان مكة ]

{ الذين زعمتم } انهم آلهة

{ من دونه } اى متجاوزين اللّه تعالى كالملائكة والمسيح وامه وعزير

{ فلا يملكون } فلا يستطيعون

{ كشف الضر عنكم } ازالة نحو المرض والفقر والقحط

{ ولا تحويلا } والا تحويله ونقله منكم الى غيركم من القبائل.

٥٧

{ اولئك الذين يدعون } اولئك مبتدأ صفته الذين وخبره يبتغون اى اولئك الآلهة الذين يدعونهم المشركون من المذكورين

{ يبتغون } يطلبون لانفسهم

{ الى ربهم } ومالك امورهم

{ الوسيلة } اى لاقربة بالطاعة والعبادة.

قال الكاشفى [ وسيلتى ودست آويزى يعنى تقرب ميكنند بطاعت وعبادت او بحضرت او جل جلاله ]

{ ايهم اقرب } بدل من واو يبتغون واى موصولة اى يبتغى من هو اقرب الى اللّه منهم الوسيلة فكيف بمن دونه من غير الاقرب [ يعنى آنها كه مقربان در كاهند از ملائكه وغير ايشان توسل ميكنند بحق سبحانه بس غير مقرب خود بطريق اولى كه وجه توجه بدان حضرت آورد ].

قال فى الكواشى او أيهم استفهام متبدأ خبره اقرب والجملة نصب بيدعون . والمعنى يطلبون القرب اليه تعالى لينظروا اىمعبوديهم اقرب اليه فيتوسلوا به تلخيصه آلهتهم ايضا يطلبون القرب اليه تعالى

{ ويرجون رحمته } بالوسيلة

{ ويخافون عذابه } بتركها كدأب سائر العباد فاين هم من كشف الضر فضلا عن الالهية

{ ان عذاب ربك كان محذورا } حقيقا بان يحذره كل احد حتى الرسل والملائكة وان لم يحذره العصاة لكمال غفلتهم بل يتعرضون له وتخصيصه بالتعليل لما ان المقام مقام التحذير من العذاب.

فعلى العاقل ان يترك الاعتذار ويحذر من بطش القهار.

عن عبد اللّه بن عباس رضى اللّه تعالى عنهما انه قال لعمر رضى اللّه عنه حين طعن يعنى [ نيزه زده ] يا امير المؤمنين اسلمت حين كفر الناس وجاهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين خذله الناس وتوفى رسول اللّه وهو عنك راض ولم يختلف عليك اثنان وقتلت شهيدا قال عمر رضى اللّه عنه المغرور من غررتموه واللّه لو ان لى ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلق اى القيامة وما بعد الموت لان المرء يطلع فيه على عمله ويلقى امورا هائلة.

قال بعض الحكماء الحزن يمنع الطعام والخوف يمنع الذنوب والرجاء يقوى على الطاعات وذكر الموت يزهد عن الفضول والخوف والرجاء انما يكونان من اللّه تعالى لان المعبود مفيض الخير والجود .

واما الانبياء وورثتهم الكمل فوسائط بين اللّه تعالى وبين الخلق ولا بد من طاعتهم من حيث نبوتهم ووراثتهم ومن التقرب اليهم لتحصيل الزلفى : وفى المثنوى

از انس فرزند مالك آمده است ... كه بمهمانئ او شخصى شده است

او حكايت كرد كز بعد طعام ... ديد انس دستار خوانرا زرد فام

جركن وآ لوده كفت اى خادمه ... اندر افكن در تنورش يكدمه

در تنور بر ز آتش در فكند ... آن زمان دستار خوانرا هو شمتد

جمله مهمانان دران حيران شدند ... انتظار دور كندورى بدند

بعد يكاسعت در آورد از تنور ... باك واسبيد وازان اوساخ دور

قوم كفتند اى صحابئ عزيز ... جون نه سوزيد ومنقى كشت نيز

كفت زانكه مصطفى دست ودهان بس بماليد اندرين دستار خوان ... اى دل ترسنده از نار وعذاب

باجنان دست ولبى كن اقتراب ... جون جمادى را جنين تشريف داد

جان عاشق را جها خواهد كشاد ... مركلوخ كعبه را جون قبله كرد

خاك مردان باش اى جان درنبرد ...

٥٨

{ وان } نافية

{ من } استغراقية

{ قرية } [ ديهى وشهرى ].

قال المولى ابو السعود رحمه اللّه المراد بها القرية الكافرة اى ما من قرية الكفار

{ الا نحن مهلكوها } اى مخربوها البتة بالخسف بها او باهلاك اهلها بالكلية لما ارتكبوا من عظائم المعاصى الموجبة لذلك

{ قبل يوم القيامة } لان الهلاك يومئذ غير مختص بالقرى الكافرة ولا هو بطريق العقوبة وانما هو لانقضاء عمر الدنيا

{ او معذبوها } اى معذبوا اهلها على الاسناد المجازى

{ عذابا شديدا } بالقتل والقحط والزلالزل ونحوها من البلاء الدنيوية والعقوبات الاخروية لان التعذيب.

مطلق عما قيد به الاهلاك من قبلية يوم القيامة وكثير من القرى العاصية قد اخرت عقوبتها الى يوم القيامة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه اللّه.

يقول الفقير لا يخفى ان هذا التعميم لا يناسب سوق الآية وقيد القبيلة معتبر فى الشق الثانى ايضا وهو لا ينافى العذاب الشديد الواقع بعد يوم القيامة حسبما افصح عنه القاطع فالوجه حمل الاهلاك على الاستئصال والتعذيب على انواع البلية التى هى اشد من الموت وعمم فى بحر العلوم القرية يدل عليه ايراده قوله عليه السلام ( ان امتى امة مرحومة انما جعل عذابها فى القتل والزلازل والفتن ) وقوله عليه السلام ( ان حظ امتى من النار بلاها تحت الارض ) وقد قيل الهلاك للقرى لاصالحة والعذاب للصالحة قالوا خراب مكة من الحبشة وخراب المدينة من الجوع وخراب البصرة من الغرق وخراب ايلة من العراق وخراب الجزيرة من الجبل وخراب الشام من الروم وخراب مصر من انقطاع النيل وخراب الاسكندرية من البربر وخراب الاندلس من الروم وخراب فارس من الزلازل وخراب اصفهان من الدجال وخراب نهاوند من الجبل وخراب خراسان من حوافر الخيل وخراب الرى من الديلم وخراب الديلم من الارمن وخراب السند من الهند وخراب الهند من اهل السد يأجوج ومأجوج - روى - عن وهب بن منبه ان الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب ارمينية وارمينية آمنة حتى تخبر مصر ومصر آمنة حتى تخرب الكوفة ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخبر الكوفة واذا كانت الملحمة الكبرى فتحت قسطنطينية على يدى رجل من بنى هاشم

{ كان ذلك } الذى ذكر من الهلاك والتعذيب

{ فى الكتاب } اى اللوح المحفوظ

{ مسطورا } مكتوبا لم يغادر منه شئ الا بين فيه كيفياته واسبابه الموجبة له ووقته المضروب له وفى الحديث ( اول شئ خلق اللّه القلم من نور فاخذه بيمنه وكلتا يديه يمين والقلم مسيرة خمسمائة عام واللوح مثله فقال للقلم اجر فجرى بما هو كائن الى يوم القيامة برها وفاجرها رطبها ويابسها فصدقوا بما بلغكم عن اللّه من قدرته )

وفى الحديث ( اول ما خلق اللّه القلم بيده ثم خلق النون وهو الدواة ثم قال اكتب فقال وما اكتب قال ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ختم على فم القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة ) رواه ابن عباس رضى اللّه عنهما.

وفى التأويلات النجمية

{ وان من قرية } اى قرية قالب الانسان

{ الا نحن مهلكوها } بموت قلبه وروحه

{ قبل يوم القيامة } اى قبل موت القلب فان من مات فقد قامت قيامته

{ او معذبوها } بصب البلاء والمحن والامراض والعلل والمصائب والنقص فى الاموال والانفس وانواع الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى بالاختيار والاضطرار

{ عذابا شديدا } فان الفطام من المألوفات شديد

{ كان ذلك فى الكتاب مسطورا } من الازل عزة وعظمة وكبرياء وجبروتاً فلا يصل السائر الصادق المحب الى سرادقات جلاله شوقا الى جماله الا بعد العبور على العقبه الكؤود ( فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة ) فلما كان حال البلوغ الى بيته قوله

{ لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس } فكيف يكون حال اهل الوصال اليه ولهذا قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( ما اوذى بنى مثل ما اوذيت ) فلما لم يصل احد الى مقامه الذى وصل ما اوذى احد فى السير الى اللّه والسير فى اللّه والسير باللّه مثل ما اوذى صلّى اللّه عليه وسلّم وايذاء السائرين باذابة وجودهم فى السير ففى السير الى اللّه ذوبان الافعال وفى السير فى اللّه ذوبان الصفات وفى السير باللّه ذوبان الذبات فافهم جدا : سعدى

جفا نبرده جه دانى توقدر يار ... تحصيل كام دل بتكابوى خوش ترست

حافظ

ممكن زغسه شكايت كه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيت

وقال خام را طاقت بروانه برسوخته نيست ... ناز كانرا نرسد شيوه جان افشانى

اللهم اجعلنا من اهل الصبر على البلاء وارزقنا من غنائم اهل الولاء.

٥٩

{ وما منعنا ان نرسل بالآيات } الباء مزيدة اى وما صرفنا عن ارسال الآيات التى اقترحها قريش من احياء الموتى وقلب الصفا ذهبا ورفع جبال مكة لتنبسط الارض وتصلح للزراعة واجراء الانهار لتحصل الحدائق ونحو ذلك

{ الا ان كذب بها الاولون } استثناء مفرغ من اعم الاشياء اى وما منعنا عن ارسالها شئ من الاشياء الا تكذيب الاولين الذين هم امثالهم فى الطبع كعاد وثمود وانها لو ارسلت لكذبوا تكذيب اولئك واستوجبوا الاستئصال على ما مضت به سنتنا وقد قضينا ان لا نستأصلهم لان فيهم من يؤمن او يلد من يؤمن ثم ذكر بعض الامم المهلكه بتكذيب الآيات المقترحة فقال

{ وآتينا ثمود الناقة } وهو عطف على ما يفصح عنه النظم الكريم كأنه قيل وما منعنا ان نرسل بالآيات الا ان كذب بها الولون حيث آتيناهم ما اقترحوا من الآيات الباهرة فكذبوها وآتينا ثمود الناقة بسؤالهم

{ مبصرة } بينة ذات ابصار على ان يكون للنسبة فالتاء للبالغة او ساند اليها حال من يشاهدها مجازا

{ فظلموا بها } فكفرا بها ظالمين اى لم يكتفوا بمجرد الكفر بها بل فعلوا بها ما فعلوا نم العقر وظلموا انفسهم وعرضوها للهلاك بسبب عقرها ولعل تخصيصها بالذكر لما ان ثمود عرب مثلهم وان لهم من العالم بحالهم ما لا مزيد عليه حيث يشاهدون آثار هلاكهم ورودا وصدورا

{ وما نرسل بالآيات } المقترحة

{ الا تخويفا } من نزول العذاب المستأصل كالطليعة له فان لم يخافوا انزل او بغير المقترحة كالمعجزات وآثار القرآن الا تخويفا بعذاب الآخرة فان امر من بعثت اليهم مؤخر الى يوم القيامة كرامة لك.

قيل ان الرسول عليه السلام هو الامان الاعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فاذا اماتوها اماتهم اللّه واهلكم اذ لهذه الامة نصيب من عذاب الدنيا بقدر حالهم وذلك فى اواخر الزمان كما سبق فى المجلس السابق . ومنه الزلازل والمخاوف والطاعون فانه زجرل لاهل الفسق وتسلط الظلمة فانه عذب أى عذاب.

فينبغى للمؤمن ان يسارع الى طريق التقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث ( من احيى سنتى فقد احيانى ومن احيانى فقد احبنى ومن احبنى كان معى فى الجنة ) وفى الحديث ( من حفظ سنتى اكرمه اللّه باربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقه بالدين ) كما ان السول عليه السلام امان ما عاش فكذا وارثه الاكمل فان اعتقاده واتباع طريقته كالايمان بالرسول واتباع شريعته اذ هو نائب عنه وخليفة له فالاقتران باهل الصلاح والتقوى مما يرفع اللّه به العذاب وقد ورد فى الحديث ( اذا تحيرتم فى الامور فاستعينوا من اللّه القبور ) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى الربعين حديثا والمراد باهل القبور من مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار : قال الحافظ

مدد از خاطر رندان طلب اى دل ورنى ... كار صعبست مبادا كه خطايى بكنيم

واعلم ان المؤمن الصادق فى ايمانه لا يعذبه اللّه فى الآخرة لان نبيه يكون فيهم يوم القيامة وما دام هو بين الامة لا يعذبهم اللّه وتقول لهم جهنم جزيا مؤمن فان نورك قد اطفأ نارى فان دخل المجرمون النار فذلك بجهة الخلوص لا الخلود.

٦٠

{ واذا قلنا لك } واذكر اذ اوحينا اليك

{ ان ربك احاط بالناس } اى علما وقدرة فهم فى قبضته فامض لامرك ولا تخف احدا.

قال بعض الكبار احاطة اللّه سبحانه عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصورة الموجودات فهو سبحانه باحدية جميع اسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد باحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فىلسموات والارض وكل ما يعزب عنه يلتحق بالعدم وقالوا هذه الاحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكلى بجزيئاته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته الملطقة انما هى لوازم له بسواطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها

{ وما جعلنا الرؤيا التى اريناك الا فتنة للناس } المراد بالرؤيا ما عاينه عليه السلام ليلة المعراج من عجائب الارض والسماء والتعبير عن ذلك البريا اما لانه لا فرق بينه وبين الرؤية كما فى الكواشى الرؤيا تكون نوما ويقظة كالرؤية اولانها وقعت بالليل ونقضت بالسرعة كأنها منام او لان الكفرة قالوا لعلها رؤيا فتسميتها رؤيا على قول المكذبين.

قال فى الحواشى السعدية قد يقال تسميتها رؤيا على وجه التشبيه والاسعتارة لما فيها من الخوارق التى هى بالمنام اليق فى مجارى العادات انتهى.

اى وما جعلنا الريا التى اريناكها ليلة الاسراء عيانا مع كونها آية عظيمة حقيقة بان لا يتلعثم فى تصديقها احد ممن له ادنى بصيرة الا فتنة افتتن بها الناس حتى ارتد بعضهم

{ والشجرة الملعونة فى القرآن } عطف على الرؤيا والمراد بلعنها فيه لعن طاعمها على الاسناد المجازى او ابعادها عن الرحمة فان تلك الشجرة التى هى الزقوم تنبت فى اصل الجحيم فى ابعد مكان من الرحمة اى وما جعلناها الا فتنة لهم حيث انكروا ذلك وقالوا ان محمدا يزعم الجحيم تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجرة ولقد ضلوا فى ذلك ضلالا بعيدا حيث كابروا قضية عقولهم فانهم يرون النعامة تبتلع الجمر وقطع الحديد المحماة فلا يضرها ويشاهدون المناديل المتخذة من وبر السمندل تلقى فى النار ولا تؤثر فيها.

قال الكاشفى [ وعجب ازايشان بودكه ازدرخت سبزآتش ميكر فتند كما قال تعالى

{ جعل لكم من الشجرة الاخضر نارا } وهيج فكر نمى كردندكه آتش در درخت وديعت نهد جه عجب كه درخت درآتش بروياند ] وهو المرخ والعفار يوجدان فى اغلب بوادى العرب يقطع الرجل منهما عصنين مثل السواكين وهما اخضران يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو انثى فنتقدح النار باذن اللّه تعالى

{ ونخوفهم } بذلك وبنظائره من الآيات فان الكل للتخويف

{ فما يزيدهم } التخويف

{ الا طغيانا كبيرا } عتوا متجاوزا عن الحد فلو انا ارسلنا بام اقترحوه من الآيات لفعلوا بها ما فعلوا بنظائرها وفعل بهم ما فعل باشياعهم وقد قضينا بتأخير العقوبة العامة لهذه الامة الى الطامة الكبرى.

واوحى اللّه الى عيسى عليه السلام كم من وجه مليح صبيح ولسان فصيح وبدن صحي غدا بين طباق النيران يصيح فلا بد من الخوف فان العارفين يخلفون فما ظنك بغيرهم.

قال المزنى دخلت على الشافعى رحمه اللّه فى مرضه الذى مات فيه فقلت له كيف اصبحت يا استاذى قال اصبحت عن الدنيا راحلا ولاخوانى مفارقا ولعملى ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى اللّه واردا فما ادرى أروحى الى جنة ام الى نار ثم انا اقول

ولم ادرأى الحانتين تنوبنى ... وانك لا تدرى متى انت ميت

وفى المثوى

لا تخافون هست نزل خائفان ... هست درخور از برى خائفان

هركه ترسد مرورا ايمن كنند ... مردل ترسند را ساكن كنند آنكة خوفش نيست جون كويى مترس

درس جه دهى نيست او محتاح درس ... واعلم ان رؤية الآيات واستماعها تزيد المؤمنين ايمانا وتقويهم فى باب اليقين لان الترربة الطيبة لا تغير الماء الزلال ولا تخرجه عن طبعه والخبثة لا يحصل لها به نما اذ لا يستعد ولا يستحق الا العقم نسأل اللّه تعالى ان يفيض علينا سجال العلوم ويزيدنا فى الفهوم.

٦١

{ واذ قلنا للملائكة } اى واذكر وقت قولنا للملائكة ما عدا الارواح العالية وهم الملائكة المهيمة الذين لا شعور لهم بخلق آدم عليه السلام ولا بغيره لاستغراقهم فى شهود الحق تعالى

{ اسجدوا لآدم } تحية وتكريما لماله من الفضائل المستوجبة لذلك.

قال فى التأويلات النجمية ان اللّه خلق آدم فتجلى فيه فكانت السجدة فى الحقيقة للحق تعالى وكان آدم بمثابة الكعبة قبلة للسجود

{ فسجدوا } له من غير تلعثم اداء الحقه عليه السلام وامتثالا للامر فدل ائتمارهم باوامر الحق والانتهاء عن نواهيه على السعادة الازلية

{ الا ابليس } فانه ابى واستكبر فدل المخالفة ولاستكبار والاباء على الشقاوة الازلية اذ الابد مرآة الازل يظهر فيها صورة الحال سعادة وشاقوة.

قال فى بحر العلوم التثنىبليس من الملائكة وهو جنى لانه قد امر السجود معهم فغلبوا عليهم تغليب الرجال على المرأة فى قولك خرجوا الا فلانة ثم استثنى الواحد منهم استثناء متصلا

{ قال } اعتراضا وعجبا وتكبرا وانكارا عندما وبخه تعالى بقوله

{ يا ابليس مالك ان لا تكون مع الساجدين } { ءاسجد } وانا مخلوق من النصر العالى وهو النار.

قال الكاشفى [ ايا سجده كنم يعنى نكنم ] ولم يصح منى واستحال ان اسجد لان الاستفهام المعنى به الانكار يكون بمعنى النفى

{ لمن خلقت طينا } نصب على نزع الخافض اى من طين مثل واختار موسى قومه اى من قومه فاستحق اللعن والطرد والبعد.

٦٢

{ قال } ابليس بعد ما لعن وطردوا ابعد اظهار للعداوة واقداما على الحسد كما قال فى الارشاد وقال ابليس لكن لا عقيب كلامه المحكى بل بعد الانظار المترتبعلى الاستنظار المتفرع على الامر بخروجه من بين الملأ الاعلى باللعن المؤبد وانما لم يصرح اكتفاء بما ذكر فى موضع آخر فان توسيط قال بين كلامى اللعين للايذان بعدم اتصال الثانى بالاول وعدم ابتنائه عليه بل على غيره

{ أرأيتك هذا الذى كرمت علىّ } الكاف حرف خطاب اى ليس باسم حتى يكون فى محل النصب على انه مفعول رأيت بل هو حرف اكذبه ضمير الفاعل المخاطب لتأكيد الاسناد فلا محل له من الاعراب وهذا مفعول اول والموصول صفته والثانى محذوف لدلالة الصفة عليه وأرأيت ههنا بمعنى اخبرنى بان يجعل العلم الذى هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وبان يجعل الاستفهام مجازا عن الامر بجامع الطلب . والمعنى اخبرنى عن هذا الذى كرمته علىّ بان امرتنى بالسجود له لم كرمته علىّ وفضلته بالخلافة والسجود وانا خير منه لانه خلق من طين وخلقت من نار . وفى المثنوى

آنكه آدم را بدن ديد اورميد ... وآنكه نور مؤتمن ديد او خميد

تو زقرآن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم را نه بيند جز كه طين

{ لئن اخرتن } حياء . يعنى [ مررك مرا تأخيرك كنى جنانكه موعودست ]

{ الى يوم القيامة } يعنى على صفة الغواء والاضلال وهو كلام مبتدأ واللام موطئة وجوابه قوله

{ لاحتنكن ذريته } لا لاستولين على اولاده ونسله استيلاء قويا بالاغواء كما قال

{ فبعزتك لأغوينهم اجميعن } يقال احتنكه استولى عليه كما فى القاموس.

قال فى الارشاد من قولهم حنكت الدارة واحتنكتها اذا جعلت فى حنكها الاسفل حبلا تقودها به او لاستأصلنهم بالاغواء . يعنى [ هر آينه ازبيخ بركنم فرزندان اورا باغوا وجنان كنم كه بعذاب تومستأصل شوند ] من قولهم احتنك الجراد الارض اذا جرد ما عليها كلا.

قال فى الاسئلة المقحمة علم ابليس ان فيهم شهوات مركبة فهى سبب ميلهم عن الحق ال الباطل قياسا على ابيهم حين مال الى اكل الشجرة بشهوته انتهى

وقيل غير ذلك

{ الا قليلا } منهم وهم المخلصون الذين عصمهم اللّه تعالى.

٦٣

{ قال } اللّه تعالى

{ اذهب } على طريقتك السوء بالاغواء والاضلال.

وفى بحر العلوم ليس من الذهاب الذى هو نقيض المجيئ بل معناه امض لما قصدته او طرد له وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه او هو على وجه الاهانة والتهديد تقول لمن لا يقبل منك اذهب وكن على ما اخترت لنفسك . قال الكاشفى [ امراهانت است وابعاد يعنى اورا براند ازدركاه قرب وكفت دربى مهم خودبرو ]

{ فمن تبعك منهم } على الضلالة.

قال الكاشفى [ هركه متابعت كندتبرا وفرمان توبرد ]

{ فان جهنم جزاؤكم } اى جزاؤك وحزاؤهم فغلب المخاطب رعاية لحق المتبوعية

{ جزاء موفورا } من وفر الشئ كمل اى تجزون جزاء مكملا فنصبه على المصدر باضمار فعله.

قال الكاشفى [ جزايى تمام يعنى عذابى بردوام ]

٦٤

{ واستفز } اى استخف وحرك ومنه استفزه الغضب استخفه والاستفزاز [ بسك كردن ].

وفى بحر العلوم واستزل وحرك . يعنى [ ازجاى بجنبان وبلغزان ]

{ من استطعت منهم } من قدرت ان تستفزه من ذريته.

وقال الكاشفى [ هركه را توانى لغزانيد ازايشان ]

{ بصوتك } بوسوستك ودعائك الى الشرك والمعصية وكل داع الى معصية اللّه فهو من حزب ابليس وجنده . [ وامام زاهدى ازابن عباس نقل ميكندكه هرآوازى كه نه در ضاى خداى تعالى ازدهان بيرون آيد آواز شيطانست ].

قولا مجاهد بالغناء والمزامير المغنون والزامرون من جند ابليس وقدورد فى الخبر الوعيد على الزامر وفى الحديث ( بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير ) المزامير جمع مزمار وهو آلة معروفة يضر بها ولعل المراد آلات الغناء كلها تغليبا والكسر ليس على حقيقته بل مبالغة عن النهى لقرينة . فان قلت الحديث المذكور صريح فى قبح المزمار والظاهر من قوله عليه السلام حين سمع صوت الاشعرى وهو يقرأ ( لقد اوتى هذا من مزامير آل داود ) خلافه . قلت ضرب المزامير مثلا لحسن صوت داود عليه السلام وحلاوة نغمة كأن فى حلقه مزامير يرمز بها والآل مقحم ومعناه الشخص كذا فى شرح الاربعين حديثا لابن كمال.

وفى التأويلات النجمية واستزال بتمويهات الفلافة وتشبيهات اهل الاهواء والبدع وخرافات الدهرية وطامات الاباحية وما يناسبها من مقالات اهل الطبيعة مخالفا للشريعة

{ واجلب عليهم بخيلك ورجلك } [ وبرانكيزان برايشان بسواران وبياد كان يعنى ديوانى كه معاون تواند دروسوسه واغوا همه را جمع كن درتسلط برايشان ].

وفى الكواشى جلب واجلب واحد بمعنى الحث والصياح اى صح عليهم باعوانك وانصارك من راكب وراجل من اهل الفساد والخيل الخيالة بتشديد الياء وهى اصحاب الخيول ومنه قوله عليه السلم ( يا خيل اللّه اركبى )

والرجل بالسكون بمعنى الراجل وهو من ليكن له ظهر يركبه . قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ان خيلا ورجلا من الجن والانس فما كان من راكب يقاتل فى معصية اللّه فهو من خيل ابليس وما كان من راجل يقاتل فى معصية اللّه فهو من رجل ابليس ويجوز ان يكون استفزازه بصوته واجلابه بخيله ورجله تمثيلا لتسلطه على من غيويه فكأنه مغوارا وقع على قوم فصوت بهم صوتا يزعجهم من اماكنهم ويقعلهم عن مراكزهم واجلب عليهم بجنده من خيالة ورجالة حتى استأصلهم

{ وشاركهم } [ شركت ده باشان ]

{ فى الاموال } بحملهم على كسبها او جمعها من الحرام والتصرف فيها على ما لا ينبغى من الربا والاسراف ومنع الزكاة وغير ذلك

{ والاولاد } بالحثعلى التوصل اليهم بالاسباب المحرمة والوأدج والاشراك كتسينهم بعبد العزى وعبد الحارث وعبد الشمس وعبد الدار وغير ذلك . والتضليل بالحمل على الاديان الزائغة والحرف الذميمة والافعال القبيحة.

وقال فى التأويلات النجمية بتضييع زمانهم وافساد استعدادهم فى طلب الدنيا ورياستها متغافلين عن تهذيب نفوسهم وتزكيتها وتأديبها وتوقيها عن الصفات المذمومة وتحليتها بالصفات المحمودة وتعليمهم الفرائض والسنن والعلم الدينية وتحريضهم على طلب الآخرة والدرجات العلى والنجاة من النار والدركات السفلى انتهى.

وعن جعفر بن محمد ان الشيطان يقعد على ذكر الرجل فاذا لم يقل باسم اللّه اصاب معه امرأته وانزل فى فرجها كما ينزل الرجل وقد جعل اللّه له فى كثير من الاشياء نصيبا وفى الحديث ( ان ابليس لما انزل الى الارض قال يا رب انزلتنى الارض وجعلتنى رجيما فاجعل لى بيتا قال الحمام قال فاجعل لى مجلسا قال الاسواق ومجامع الطرق قال فاجعل لى طعاما قال ما لم يذكر اسم اللّه عليه قال اجعل لى شرابا قال كل مسكر قال اجعل لى مؤذنا قال المزامير قال اجعل لى قرآنا قال الشعر قال اجعل لى كتابا قال الوشم قال اجعل لى حديثا قال الكذب قال اجعل لى رسلا قال الكهنة قال اجعل لى مصائد قال النساء ) كما فى بحر العلوم للسمرقندى

{ وعدهم } المواعدي الباطلة كشفاعة الآلهة والاتكال على كرامة الآباء وتأخير التوبة بتطيول الامل واخبارهم ان لا جنة ولا نار ونحو ذلك

{ وما يعدهم الشيطان } اللام يحتمل العهد والجنس قال عليه السلام ( ما منكم من احد الا وله شيطان )

{ الا غرورا } يعنى [ خطارا درصورت ثواب مى آرايد ] وهو تزيين الخطأ بما يوهم انه صواب.

قال فى بحر العلوم هذه الاوامر واردة على طريق التهديد كقوله للعصاة اعملوا ما شئتم

وقيل على سبيل الخذلان والتخلية.

٦٥

{ ان عبادى } الاضافة للتشريف وهم المخلصون وفيه ان من تبعه ليس منهم [ امام قشيرى فرموده كه بنده حق آنست كه دربند غير نباشد . وشيخ عطار فرمايد ]

{ ليس لك عليهم سلطان } اى تسلط وقدرة على اغوائهم كما قال

{ انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } { وكفى بربك وكيلا } لهم يتوكلون عليه ويستمدونه يا ابليس الخلاق من اغوائك.

قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان عباد اللّه هم الاحرار عن رق الكونين وتعلقات الكونين فلا يستعبدهم الشطيان ولا يقدر على ان تعلق بهم فيضلهم عن طريق الحق ويغويهم بما سواه عنه

{ وكفى بربك وكيلا لهم } فى ترتيب اسباب سعادتهم وتفويت اسباب شقاوتهم والحراسة من الشطيان والهداية الى الرحمن.

يقول الفقير لا يلزم من نفى التسلط ان لا يقسط هم الشيطان اصلا فان ذلك يرده قوله تعالى ( ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون ) فانه كلمة اذ تدل على التحقيق والوقوع ولكنهم محفوظ من الاتباع لكونهم مؤيدين من عند اللّه تعالى - حكى - انه جاء يهودى الى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فقال يا محمد نحن نعبد بحضور القلب بلا وسواس الشيطان ونسمع من اصحابك انهم يصلون بالوساس فقال عليه السلام لأبى بكر رضى اللّه عنه ( اجبه ) فقا ليا يهودى بيتان بيت مملوء بالذهب والفضة والدر والياقوت والاقمشة النفسية وبيت خراب خال ليس فيه شئ من المذكورات أيقصد اللص الى البيت المعمور المملوء من الاقمشة النفسية ام يقصد الى البيت الخراب فقال اليهودى يقصد الى البيت المعمور المملوء بذلك فقال ابو بكر رضى اللّه تعالى عنه قلوبنا مملوءة بالتوحيد والمعرفة والايمان واليقين والتقوى والاحسان وغيهرا من الفضائل وقلوبكم خالية عن هذه فلا يقصد الخناس اليها فاسلم اليهودى فظهر ان الشيطان قاصد ولكنه غير واصل الى مراده فان اللّه يحفظ اولياءه.

٦٦

{ ربكم } [ برور دكار شما ] وهو مبتدأ خبره قوله

{ الذى } القادر الحكيم الذى

{ يزجى } الازجاء [ راندن ] يقال زجاه وازجاه ساقه اى يسوق ويجرى بقدرته الكاملة

{ لكم } لمنافعكم

{ الفلك } اى السفن

{ فى البحر } [ در دريا ].

قال فى القاموس البحر الماء الكثير

{ لتبتغوا } لتطلبوا

{ من فضله } من رزق هو فضل من قبله

{ انه كان بكم } ازلا وابدا

{ رحيما } حيث هيأ لكم ما تحتاجون اليه وهسل عليكم ما يعسر من اسبابه فالمراد الرحمة الدنيوية والنعمة العاجلة المنقسمة الى الجليلة والحقيرة.

٦٧

{ واذا مسكم } [ وجون برسد شمارا ]

{ الضر فى البحر } خوف الغرق فيه

{ ضل من تدعون } اى ذهب عن خواطركم كل من تدعون فى حوادثكم وتسغيثون

{ الا اياه } تعالى وحده من غير ان يخطر ببالكم احد منهم وتدعوه لكشفه استقلالا او اشتراكا ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا اى ضل كل من تدعونه وتعبدونه من الآلهة كالمسبح والملائكة وغيرهم من عونكم وغوثكم ولكن اللّه هو الذى ترجونه لصرف النوازل عنكم

{ فلما } [ بس آن هنكام كه ]

{ نجيكم } من الغرق واوصلكم

{ الى البر } [ بسوى بيابان ]

{ اعرضتم } عن التوحيد وعدتم الى عباد الاوثان ونسيتم النعمة وكفرتم بها

{ وكان الانسان كفورا } بليغ الكفران ولم يقل وكنتم كفورا ليسجل على ان هذا الجنس موسوم بكفران النعمة.

٦٨

{ أفأمنتم } الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف تقدييره أنجوتم فأمنتم من

{ ان يخسف بكم جانب البر } الذى هو مأمنكم كقارون وبكم فى موضع الحال وجانب البر مفعول به اى يقلبه اللّه وانتم عليه ويجوز ان تكون الباء للسببية اى يلقبه بسبب كونكم فيه.

قال سعدى المفتى اى يقلب جانب البر الذى انتم فيه فيحصل بخسفه اهلاككم والا فلا يلزم من خسف جانب البر بسببهم اهلاكهم.

وقال الكاشفى [ آيا ايمن شديدكه ازدريا بصحرا آمديد يعنى ايمن مباشيد ازآنكه فرو بردشمارا بكرانه از زمين يعنى آنكه قادراست كه شمارا درآب فروبرد توانست برآنكه درخاك نهان كند ].

قال فى القاموس خسف المكان يخصف خسوفا ذهب فى الارض وخسف اللّه بفلان الارض غيبه فيها لازم ومتعد.

وفى التهذيب الخسف بزمين فروبردن قال اللّه تعالى

{ فخسفنا وبداره الارض } { او يرسل عليكم } من فوقكم

{ حاصبا } ريحا ترمى الحصباء وهى الحصا الصغار يرجمكم بها فيكون اشد عليكم من الغرق فى البحر

وقيل ايى يمطر عليكم حصباء كما ارسلها على قوم لوط واصحاب الفيل

{ ثم لا تجدوا لكم وكيلا } يحفظكم من ذلك ويصرفه عنكم فانه لا رادّ لامره الغالب.

٦٩

{ ام امنتم ان يعيدكم فيه } فى البحر بعد خروجكم الى البر وسلامتكم

{ تارة } مرة

{ اخرى } بخلق دواعى تلجئكم الى ان ترجعوا فتركبوه فاسناد الاعادة اليه تعالى مع ان العود اليه باختيارهم ابعتبار خلق تلك الدواعى الملجئة.

وفيه ايماء الى كمال شدة هول ما لاقوه فى التارة الاولى بحيث لولا الاعادة لما عادوا واثرت كلمة فى على كلمة الى المنبئة عن مجرد الانتهاء للدلالة على استقرارهم فيه

{ فيرسل عليكم } وانتم فى البحر

{ قاصفا من الريح } وهى التى لا تمر بشئ الا قصفته اى كسرته وجعلته كالرميم وذكر قاصفا لانه ليس بازائه ذكر فجرى مجرى حائض كما فى الكواشى

{ فيغرقكم } بعد كسر فلككم كما ينبئ عنه عنوان القصف

{ بما كفرتم } بسبب اشراككم وكفرانكم لنعمة الانجاء

{ ثم لا تجدوا لكم علينا به } [ بآن غرق كردن ]

{ تبيعا } مطالبا يتبعنا بانتصار او صرف.

قال فى القاموس التبيع كاميرا التابع ومنه قوله تعالى

{ ثم لا تجدو لكم علينا به تبيعا } اى ثائرا ولا طالبا انتهى.

وفى الآيات اشارة منها ان الشريعة كالفلك فى بحر الحقيقة اذ لو لم يكن هذا الفلك ما تيسر لاحد العبور على بحر الحقيقة والمقصود منه جذبة العناية اذ هى ليست بمكتسبة للخلق بل من قبيل الفضل فعلى من يريد النيل الى هذه الجذبة ان يسير بقدمى العلم والعمل : قال فى المثنوى

رهروراه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت مى رود

ومنها ان الاعراض عن الحق بالكفران يؤدى الى الخسران . قال الجنيد لو اقبل صديق على اللّه الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله.

قال اوحد المشايخ فى وقته ابو عبد اللّه الشيرازى رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى اللّه فسلكه ثم رجع عنه عذبه اللّه تعالى بعذاب لم يعذب به احدا من العالمين

درين ره دائما ثابت قدم باش ... بروازرهزن غم بى الم باش

زبازار توجه رو مكردان ... همه سودى كه خواهى اتدرين دان

ومنها ان جميع الجوانب والجهات متساوية بالنسبة الى قدرته تعالى وقهره سلطانه لا ملجأ ولا منجى منه الا اليه فعلى العبد ان يستوى خوفه من اللّه فى جميع الجوانب حيث كان فان اللّه كان متحليا بجماله وجلاله فى جميع الاينيات ولذا كان اهل اليقظة والحضور لا يفرقون بين اين واين وبين حال وحال لمشاهدتهم احاطة اللّه تعالى فان اللّه تعالى لو شاء لاهلك من حيث لا يخطر بالبال ألا ترى انه اهلك النمرود بالبعوض فكان البعوض بالنسبة الى قدرته كالاسد ونحوه فى الاهلاك وربما رأيت من غص بلقمة فمات فانظر فى ان تلك اللقمة مع انها من اسباب الحاية كانت من مبادى الممات قاماته اللّه منن حيث يدرى حياته فيه ولو امعنت النظر لوجدت شؤون اللّه تعالى فى هذا العالم عجيبة

هركرا خواهد خدا آرد بجنك ... نيست كن را قوت بازوى جنك

٧٠

قال اللّه تعالى

{ ولقد كرمنا بنى آدم } التكريم والا كرام بمعنى والاسم منه الكرامة والمعنى [ بالفارسية وهر آيينه كرامى كرديم فرزندان آدم را ].

قال المولى ابو السعود بنى آدم قاطبة تكريما شاملا لبرهم وفاجرهم.

وفى التأويلات النجمية خصصناهم بكرامة تخرجهم من حيز الاشتراك وهى على ضربين جسدانية وروحانية فالكرامة الجسدانية عامة يستوى فيها المؤمن والكافر وهى تخمير طينته بيده اربعين صباحا وتصويره فى الرحمم بنفسه وانه تعالى صوره فاحسن صورته وسواه فعدله فى أى صورة ما شاء ركبه وماشاه سويا على صراط مستقيم مستقيم القامة اخذا بيديه آكلا بصابعه مزينا باللحى والذوائب صانعا بانواع الحرف والكرامة الروحانية على ضربين خاصة وعامة فالعامة ايضا يستوى فيها المؤمن والكفار وهى ان كرمة بنفخه فيه من روحه وعلمه الاسماء كلها وكلمه قبل ان خلقه بقوله ألست بربكم فاسمعه خطابه وانطقه بجوابه بقوله قالوا بلى وعاهده على العبودية واولده على الفطرة وارسل اليه الرسل وانزل عليه الكتب ودعاءه الى الحضرة ووعده الجنة وخوفه النار واظهر له الآيات والدلالات والمعجزات والكرامة الروحانية الخاصة ما كرم به انبياءه ورسوله واولياء وعباده المؤمنين من النبوة والرسالة والولاية والايمان والاسلام والهداية الى الصراط المستقيم وهو صراط اللّه والسير الى اللّه وفى اللّه وباللّه عند العبور على المقامات والترقى عن الناسوتيه بجذبات اللاهوتيه والتخلق باخلاق الالهية عند فناء الانانية وبقاء الهوية [ امام قشيرى قدس سره فرموده كه مراد ازبنى آدم مؤمنا نند جه كافرا انرا بنص

{ من يهن اللّه فماله من مكرم } ازيتكريم هيج نصيبى نيست وتكريم مؤمنا بدانست كه ظاهر ايشانرا بتوفيق مجاهدات بياراست وباطن ايشانرا بتحقيق مشاهدات منورساخت ] كما قال فى بحر العلوم الظاهر عندنا تكريمهم بالايمان والعمل الصالح بدليل قوله عليه السلام ( ان المؤمن يعرف فيى السماء كما يعرف الرجل اهله وولده وانه اكرم على اللّه من ملك مقرب ) انتهى [ محمد ابن كعب رضى اللّه عنه كفت كه كرامت آدميان بدانست كه حضرت محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ازايشانست ]

اى شرف دوده آدم بتو ... روشنئ ديده عالم بتو

كيست درين خانه كه خيل تونيست ... كيست برين خوان كه طفيل تونيست

ازتو صلايى بالست آمده ... نيست بمهمانئ هست آمده

{ وحملناهم } [ وبرداشتيم ايشانرا وسوار كرديم ]

{ فى البر } [ دربيابان بر جهار بايان ]

{ والبحر } [ ودردريا بكشتيها ] من حملته اذا جعلت له ما يركبه وليس من المخلوقات شئ كذلذك.

وفى التأويلات النجمية اى عبرناهم عن بر الجسمانية وبحر الروحانية الى ساحل الربانية [ ودر حقائق سلمى آمده كه كرامى صاختيم آدميانرا بمعرفت وتوحيد وبرداشتيم ايشانرا دبربر نفس وبحر قلب وكفته اند بر آنست كه ظهور دارد از صفات وبحر آنجه مستوراست ازحقائق ذات ]

{ ورزقناهم } [ وروى داديم ايشانرا ]

{ من الطيبات } من فنون النعم المستلذة مما يحصل وبعير صنعهم كالسمن والزبد والتمر والعسل وسائر الحلاوى.

وفى التأويلات النجمية وهى المواهب الى طيبها من الحدوث فيطعم بها من يبيت عنده ويسقيهبها وهى طعام المشاهدات وشراب المكاشفات التى لم يذق منها الملائكة المقربون اطعم بها اخس عباده فى اوانى المعرفة وسقاهم بها فى كأسات المحبة افردهم بها عن العالمين ولهذا اسجد لهم الملائكة المقربين : قال المولى الجامى قدس سره

ملائك را جه سوداز حسن طاعت ... جوفيض عشق بر ىدم فروربخت

وقال الحافظ

فرشته عشق نداندكه جيست قصة مخوان ... بخواه جام وكلابى بخاك آدم ريز

{ وفضلناهم } [ وافزونى داديم ايشانرا ] اى فى العلوم والادرا كات بما ركبنا فيه من القوى المدركة التى يتميز بها الحق من الباطل والحسن من القبيح

{ على كثير ممن خلقنا } وهم ما عدا الملائكة عليهم السلام

{ تفضيلا } عظيما فح عليهم ان يشكروا نعم اللّه ولا يكفروها ويستعملوا قواهم فى تحصيل العقائد الحقة ويرفضوا ما هم عليه من الشرك الذى لا يقبله احد ممن له ادنى تمييز فضلا عمن فضل على من عدا الملأ الاعلى الذين هم العقول المحصنة وانما استثنى جنس الملائكة من هذا التفضيل لان علوم مهم دائمة عارية عن الخطأ والخلل وليس فيه دلالة على الافضلية بالمعنى المتنازع فيه فان المراد ههنا بيان التفضيل فى امر مشترك بين جميع افراد البشر صالحها وطالحا ولا يمكن ان يكون ذلك هو افضل فى عظم الدرجة وزيادة القربة عند اللّه تعالى كما فى الارشاد.

وقال فى بحر العلوم فيه دلالة على ان بنى آدم فضلوا على كثر وفضل عليهمقليل وهو ابوهم آدم وامهم حواء عليهما السلام لما فيهما من فضل الاصالة على من تفرع منهما من سائر الناس لا الملائكة المقربون كما زعم الكلبى وابو بكر الباقلانى وحثالة المعتزلة والا يلزم التعارض بين الآيات وذلك ان اللّه امر الملائكة كلهم بالسجود لآدم على وجه التعظيم والتكريم ومقتضى الحكمة الامر للادنى بالسجود للاعلى دون العكس وايضا قال

{ وعلم آدم الاسماء كلها } فيفهم منه كل احد من اهل اللسان قصده تعالى الى تفضيل آدم على الملائكة وبيان زيادة علمه واستحقاقه التعظيم والتكريم وقال

{ ان اللّه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين } والملائكة من جملة العالم فمحال ان تدل الآية التى نحن بصددها على ما زعموا من تفضيل الملك على البشر كلهم وايضا مما يدل على بطلان ما زعموا قول النبى صلىلله عليه وسلم ( ان اللّه فضل المرسلين على الملائكة المقربين لما بلغت السماء السابعة لقينى ملك من نور على سرير فسلمت عليه فرد على السلام فاوحى اللّه اليه سلم عليك صفى ونبيى فلم تقم اليه وعزتى وجلالى لتقومن فلا تقعدن الى يوم القيامة )

انتهى.

وفى الاسئلة المقحمة المشهور من مذهب اهل الحق ان الانبياء افضل من الملائكة انتهى.

قال الكاشفى [ علمارا در تفضيل بشر مباحث دور ودرازاست آنكه جمهور اهل سنت برآنند كه بنى آدم فاضل ترند از رسل ملائكة ورسل ملائكه افضلند از اولياى بنى آدم واولياى بنى آدم شريفترند ازاولياى ملائكة وصلحاى اهل ايمانرا افضل است برعوام ملائكة وعوام ملائكة بهترند از فساق مؤمنا ].

وفى التأويلات النجمية

{ وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } يعنى على الملائكة لانهم الخلق الكثير ممن خلق اللّه تعالى وفضل الانسان الكامل على الملك بانه خلق فى احسن تقويم وهو حسن استعداده فى قبول فيض نرو اللّه بلا واسطة وقد ترفد به الانسان عن سائر المخلوقات كما قال تعالى

{ انا عرضنا الامانة } الى قوله

{ وحملها الانسان } والامانة هى نور اللّه كما صرح به فى قوله

{ اللّه نور السموات والارض } الى ان قال

{ نور على نور يهدى اللّه لنوره من يشاء } فافهم جدار واغتنم فان هذا البيان اعز من الكبريت الاحمر واغرب من عنقاء مغرب انتهى.

قال الكاشفى [ وعلى الجملة اين آيت دليل فضيلت وجامعيت انسانست كه ازهمه مخلوقات مرآت صافى جهت انعكاسى صفات آلهى همه اوست وبس جنانجه ازمضمون اين ابيات حقائق سمات فهم توان فرمود ]

مد آيينه جمله كون ولى ... همجون آيينه نكرده جلى

به نمودند درو بوجه كمال ... صورت ذو الجلال والافضال

زانكه بوداين تفرق عددى ... مانع از سر جامع واحدى

كشت آدم جلاى اين مرآت ... شدعيان ذات او بجمله صفات

مظهرى كشت كلى وجامع ... سر ذات از صفات از لامع

شد تفاصيل كون را مجمل ... بر مثال تعين اول

بوى اين دائره مكمل شد ... آخر اين نقطه عين اول شد

٧١

{ يوم ندعو } نصب باضمار اذكر على انه مفعول به

{ كل اناس } [ هر كر وهى را ازبنى آدم ] والاناس جمع الناس كام فى القاموس

{ بامامهم } اى بمن ائتموا به من نبى فيقال يا امة موسى ويا امة عيسى ونحو ذلك او مقدم فىلدين فيقال يا حنفى ويا شافى ونحوهما او كتاب فيقال يا اهل القرآن ويا اهل الانجيل وغيرهما او دين فيقال يا مسلم ويا يهودى ويا نصرانى ويا مجوسى وغير ذلك.

وفى التأويلات النجمية يشير الى ما يتبعه كل قوم وهو امامهم . فقوم يتبعون الدنيا وزينتها وشهواتها فيدعون يا اهل النيا . وقوم يتبعون الآخرة ونعيمها ودرجاتها فيدعون يا اهل الآخرة . وقوم يتبعون الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم محبة لله وطلبا لقربته ومعرفته فيدعون يا اهل اللّه.

وقيل الامام جمع ام كخف وخفاف والحكمة فىدعوتهم ومهاتهم اجلال عيسى عليه السلام وتشريف الحسنين رضى اللّه عنهما اذ فى نسبتهما الى امهما اظهار انتسابهما الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نسبا بخلاف نسبتهما الى بيهما والستر على اولاد الزنى وينصره ما روى عن عائشة رضى اللّه عنها وابن عباس رضى اللّه عنهما ان النبى عليه الصلاة والسلام قال ( ان اللّه يدعو الناس يوم اليامة بامهاتهم سترا منه على عباده ) كما فى بحر العلوم ويؤديه ايضا حديث التلقين حيث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( اذا مات احد من اخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم احدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانه فانه يستوى قاعدا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول ارشدك اللّه رحمك اللّه ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا اللّه وان محمد اعبده ورسوله وانك رضيت باللّه ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم نبيا وبالقرآن اماما وبالكعبة قبلة فان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منها بيد صاحبه يقول انطلق لا تقعد عن من لقن حجته فيكون حجيجه دونهما ) فقال رجل يا رسول اللّه فان لم يعرف اسم امه قال ( فلينسبه الى حواء ) ذكره الامام السخاوى فى المقاصد الحسنة وصححه باسانيده وكذا الامام القرطبى فى تذكرته وفهم منه شيآن الاول استحباب القيام وقت التلقين والثانى ان المرء يدعى باسمه واسم امه لا باسم ابيه ولكن جاء فى احاديث المقاصد والمصابيح انه عليه السلام قال ( انكم تدعون يوم القيامة باسمائكم واسماء آبائكم ) ولعله لا يخالف ما سبق فانه ورد ترغيبا فى تحسين الاسماء وتغيير القبيح منها اذ كانوا يسمون بالاسماء القبيحة على عادة الجاهلية مثل المضطجع واصرم وعاصية ونحوها وكان عليه السلام يغير القبيح الى الحسن فغير اصرم وهو الصرم بمعنى القطع الى زرعة وهو بالضم والسكون قطعة من الزرع كأنه قال لست مقطوعا بل انت منبت متصل بالاصل وغير المضطجع الى المنبعث وعاصية الى جميلة

{ فمن } [ هركه را ]

{ اوتى } [ داده شود ] يومئذ من اولئك المدعوين

{ كتابه } صحفه اعماله

{ بيمينه } وهم السعداء وفى ايتاء الكتاب من جانب اليمين تشريف لصاحبه وتبشير

{ فاولئك } الجمع باعتبار معنى من

{ يقرأون كتابهم } قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الاشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم اذا قرأوا ما فيها لم فصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شئ من الحسنات ينتفعون به

{ ولا يظلمون } الى لا ينقصون من اجور اعمالهم المرتسمة فىكتبهم بل يؤتونها مضاعفى

{ فتيلا } اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين اصبعين من الوسخ او القشرة التى فى شق النواة او ادنى شئ فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة

٧٢

{ ومن } [ وهركه ] اى من المدعوين المذكورين

{ كان فى هذه } الدنيا

{ اعمى } اعمى القلب لا يهتدى الى رشده. يعنى [ دلش راه صواب نه بيند ]

{ فهو فى الآخرة اعمى } لا يرى طريق النجاة لان العمى الاول موجب للثانى فالكافر لا يهتدى الى طريق الجنة والعاصى الى ثواب المطيع والقاصر الى مقامات الكاملين

{ واضل سبيلا } من الاعمى فى الدنيا لزوال الاستعداد وتعطل الاسباب والآلات وفقدان المهلة.

قال فى التأويلات النجمية

{ فمن اوتى كتابه بيمينه } فهو اهل السعادة من اصحاب المين وفيه اشارة الى ان السابقين الذين هم اهل اللّه تعالى لا يؤتون كتابهم كما لا يحاسبون حسابهم

{ فاولئك يقرأون كتابهم } لانه ما صاحب البصيرة والقراءة والدراية

{ ولا يظلمون فتيلا } فى جزاء اعمالهم الصالحة وفيه اشارة الى ان اهل الشقاوة الذين هم اصحاب الشمال لا يقرأون كتابهم لانهم اصحاب العمى والجهالة

{ ومن كان فى هذه اعمى } اى فى هذه القراءة والدراية بالبصيرة اعمى فى الدنيا لقوله

{ فانها لا تعمى الابصار } الآية

{ فهو فى الآخرة اعمى } لا يوم تبلى السرائر تجعل الوجوه من السرائر فمن كان فى سريرته اعمى ههنا يكون ثمة فى صورته اعمى للمبالغة لان عمى السريرة ههنا كان قابلا للتدارك وقد خرج ثمة الامر من التدارك فيكون اعمى عن رؤية الحق

{ واضل سبيا } فى الوصول اليه لفساد الاستعداد واعزاز التدارك انتهى.

يقول الفقير ان قلت هل يحصل الترقى والتيقظ لبعض الافراد بعد الموت الصورى . قلت ان السالك الصادق فى طلبه اذا سافر من مقام طبيعته ونفسه فمات فى الطريق اى بالموت الاضطرارى قبل ان يصل الى مراده بالموت الاختيارى فله نصيب من اجر الواصلين واليه الاشارة بقوله تعالى

{ ومن يخرج من بيته مهاجرا الى اللّه ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على اللّه } كما قال بعض الكبار من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين انتهى

اشار الى ان اللّه تعالى قادر على ان يكمله فى عالم البرزخ بواسطة روح من الارواح او بالذات فيصير امره بعد النقصان الموهوم الى الكمال المعلوم وقد ثبت فى الشرع ان اللّه تعالى يوكل ملكا لبع ض عباده فى القبر فيقرئه القرآن ويعلمه اى ان كان قد مات اثناء التعلم .

واما غير السالك فلا يجد الترقى بعد الموت اى بالنسبة الى معرفة الحق اذ من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذى الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك فما يدل على عدم الترقى بعد الموت من قوله تعالى

{ ومن كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى } انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له اصلا فانه اذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والاحوال التى فيها

واما قوله عليه السلام ( اذا مات ابن آدم انقطع عمله ) فهو يدل على ان الاشياء التى يتوقف حصولها على الاعمال لا تحصل وما لا يتوقف عليها بل يحصل بفضل اللّه ورحمته فقد يحصل وذلك من مراتب الترقى كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى قدس سره فقوله تعالى

{ ليس للانسان الا ما سعى } ليس معناه ان ما يحصل للانسان مقصور على صعيه بل معناه ليس للانسان الا ما يمكن ان يكون بسعيه فما يمكن ان يكون بسعيه فهو بسعيه والباقى فضل من اللّه تعالى كالسعى فى مرتب الملك .

واما الملكوت فلا يمكن الا بمحض فضل اللّه فلا مدخل فيه للسعى كما فى الواقعات المحمودية.

فعلى العاقل ان يسعى فى تحصيل البصيرة قبل ان يخرج من الدنيا ويكون من الذين يشاهدون اللّه تعالى فى كل مرآة من المرايا : وفى المثنوى

اين جهان برآ فتاب ونوره ماه ... او بهشته سرفرو برده بجاه

كه اكر حقست كوآن روشنى ... سربر آر ازجاه بنكر اى دنى

جمله عالم شرق وغرب آن نوريافت ... تاتودر جاهى نخواهد برتوتافت

جه رها كن رو بايوان وكروم ... كم هتيزا ينجا بدان كاللج شوم

اى بسابيدار جشم وخفته دل ... خودجه بيند جشم اهل آب وكل

وانكه دل بيدار ودارد جشم سر ... ربخسبد بر كشايد صد بصر

كرتو اهل دل نه بيدار باش ... الب دل باش ودربيكار باش

وردلت بيدار شدمى خسب خوش ... ست غائب ناظرت ازهفت وشش

كفت بيغمبركه خسبد جشم من ... يك كى خسبد دلم اندر وسن

شاه بيدارست حارس خفته كير ... ان فداى خفتكان دل بصير

٧٣

{ وان كادوا ليفتنونك } ذكروا فى سبب نزول هذه الآية وجوها والاسلم ما فى تفسير الكواشى من ان المشركين طلبوا من النبى عليه السلام ان يجعل آية رحمة مكان آية عذاب وبالعكس ويمس آلهتهم عند استلام الحجر ويطرد الضعفاء والمساكين عنه ونحو ذلك واطمعوه فى اسلامهم قالوا فمال الى بعض ذلك فنزل وان هى المخلفة من المشددة وضمير الشأن الذى هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن قاربوا ان يوقعوك فى الفتنة بالاستزلال ويخدعوك.

قال الكاشفى [ بكردانند ترا ]

{ عن الذى اوحينا اليك } من الامر والنهى والوعد والوعيد

{ لتفتى علينا } اى لتختلق علينا

{ غيره } اى غير الذى اوحينا اليك كما تقدم

{ واذا } اى ولو اتبعت اهواهم وفعلت ما طلبوا منك

{ ا تخذوك خليلا } اى صديقا ووليا وكنت لهم وليا وخرجت من ولايتى.

٧٤

{ ولولا ان ثبتاك } اى ولولا تثبيتنا اياك على الحق وعصمتنا

{ لقد كدت تركن اليهم شيأ قليلا } من الركون الذى هو ادنى ميل فنصبه على المصدرية اى لقاربت ان تميل الى اتباع مرادهم شيأ يسيرا من الميل اليسير لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن ادركتك العصمة فمنعتك من ان تقرب من ادنى مراتب الركون اليهم فضلا عن نفس الركون وهو صريح فى انه عليه السلام ما هم باجابتهم مع قوة الداعى اليها ودليل على ان العصمة بتوفيق اللّه وعنايته.

قال بعض الكبار انما سماه قليلا لان روحانية النبى اليه السلام كانت فى اصل الخلقة غالبة على بشريته اذ لم يكن حينئذ لروحه شئ يحجب عن اللّه فالمعنى لولا التثبيت وقوة النبوة ونور الهداية واثر نظر العناية لقد كدت تركن الى اهل الاهواء هوى النفسانية لمنافع الانسانية قدرا يسير لغلبة نور الروحانية وخمود نور البشرية.

٧٥

{ اذا } لو قاربت ان تركن اليهم ادنى ركنة

{ لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات } اى عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به فى الدارين يمثل هذا الفعل غيرك لان خطأ الخطير اخطر وكان اصل الكلام عذابا ضعفا فى الحياة وعذابا ضعفا فى الممات بمعنى مضاعفا ثم حذف الموصوف واقيمت مقامه الصفة وهو الضعف ثم اضيفت اضافة موصوفها فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل لاذقناك اليم الحياة واليم الممات

{ ثم لا تجد لك علينا نصيرا } يدفع عنك العذاب .

[ امام ثعلبى آورده كه بعد از نزول اين آيت بحضرت فرمود : اللهم لا تكلنى الى نفسى ولو طرفة عين : ]

الهى برره خوددار مارا ... دمى بانفس ما مكذار مارا

٧٦

{ وان كادوا } اى وان الشأن قارب اهل مكة

{ ليستفزونك } يقال استفزه ازعجه اى ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم وينزعونك بسرعة وفسر بعضهم الاستفزاز بالاستزلال بالفارسية [ بلغزانيد ]

{ من الارض } اى الارض التى انت فيها وهى ارض مكة

{ ليخرجوك منها } . ان قلت أليس اخرجوه بشهادة قوله تعالى

{ وكأين من قرية هى اشد قوة من قريتك التى اخرجتك } وقوله عليه السلام حين خرج من مكة متوجها الى المدينة ( واللّه انى لاخرج منك وانى لاعلم انك احب بلاد اللّه الى اللّه واكرمها على اللّه ولولا ان اهلك اخرجونى منك ما خرجت )

قلت لم يتحقق الاخراج بعد نزول هذه الآية ثم وقع بعده حيث هاجر عليه السلام باذن اللّه تعالى وكانوا قد ضيقوه قبل الهجرة ليخرج كما قال الكاشفى [ اهل مكة در اخراج آنحضرت عليه الصلاة والسلام مشاورت كردند ورأى ايشان بران قرار كرفت كه دردشمنى بحد افراط نمايندكه آنحضرت بضرورت بيرون بايد رفت اين آيت نازل شد ]

{ واذا } اى ولئن اخرجت

{ لا يلبثون خلافك } اى بعد اخراج

{ الا قليلا } اى الازمانا قليلا وقد كان كذلك فانهم اهلكوا ببدر بعد هجرته عليه السلام.

٧٧

{ سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا } السنة العادة ونصبها على المصدرية اى سن اللّه سنة وهى ان يهلك كل امة اخرجت رسولهم من بين اظهرهم فالسنة لله تعالى واضافتها الى الرسل لانها سنت لاجلهم على ما ينطق به قوله تعالى

{ ولا تجد لسنتنا } اى لعادتنا باهلاك مخرجى الرسل من بينهم

{ تحويلا } اى تغييرا وفيه اشارة الى ان من سنة اللّه تعالى على قانون الحكمة القديمة البالغة فى تربية الانبياء والمرسليمن ان يجعل لهم اعداء يبتليهم بهم فى اخلاص ابريز جواهرهم الروحانية الربانية عن غش اوصافهم النفسانية الحيوانية وهذا الابتلاء لا يتبدل لانه مبنى على الحكمة والمصلحة والارادة القديمة وما هو مبنى عليها لا يتغير.

قال بعض الكبار اهرب من خير الناس اكثر مما تهرب من شرهم فان خيرهم يصيبك فى قلبك وشرهم يصيبك فى بدنك ولان تصاب فى بدنك خير من ان تصاب فى قلبك ولعدو ترجع به الى مولاك خير من حبيب يشغلك عن مولاك وكل بلاء سوط من سياط اللّه تعالى يسوق الى حقيقة التوحيد ويقطع اسباب العلاقات فهو لذة فى صورة الم : قال الحافظ

بدرد وصاف تراحكم نيست دم دركش ... كه هرجه ساقئ ما كرد عين الطافست

واعلم ان النبى عليه السلام لم يتحرك لا فى ظاهره ولا فى باطنه الا بتحريك اللّه تعالى فالقاء اهل الفتنة لا يؤثر فى باطنه المنور بفكر ما وميل لكن اللّه تعالى اشار الى لزوم التحفظ والاحتياط فى جميع الامور فان للانسان اعداء ظاهرة وباطنة والصابر لا يرى الا خيرا وهو زوال الابتلاء وهلاك الاعداء كما قال تعالى

{ واذاً لا يلبثون خلافك الا قليلا } وفى الحديث القدسى ( من اهان لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة ) اى من اغضب وآذى واحدا من اوليائى وهم المتقون حقيقة التقوى فقد بارزنى بالمحاربة لان الولى ينصر اللّه فيكون اللّه ناصره فمن عادى من كان اللّه ناصره فقد برز لمحاربة اللّه وظهر.

٧٨

{ اقم الصلاة } ادمها

{ لدلوك الشمس } اى وقت زوالها او غروبها يقال دلكت الشمس دلوكا غربت او اصفرت ومالت او زالت عن كبد السماء كما فى القاموس

{ الى غسق الليل } الى ظلمته وهو وقت صلاة العشاء الاخيرة والغاسق الليل اذا غاب الشفق والمراد اقامة كل صلاة فى وقتها المعين لا اقامتها فيما بين الوقتين على الاستمرار

{ وقرآن الفجر } اى صلاة الفجر بالنصب عطفا على مفعول اقم او على الاغراء اى الزم وسميت قرآنا لانه ركنها كما تسمى ركوعا وسجودا فالآية تدل على تفسير الدلوك بالزوال جامعة للصلوات الخمس

{ ان قرآن الفجر كان مشهودا } يشهده ويحضره ملائكه الليل وملائكة النهار ينزل هؤلاء ويسعد هؤلاء فهو فى آخر ديوان الليل واول ديوان النهار . يعنى [ رشتكان شب اورا مشاهده ميكنند ودر آخر ديوان اعمال شب ثبت مى نمايند وملائكهُ روز اورا مى بينند وافتتاح اعمال روز ثبت ميكنند ] وفى وقت الصباح ايضا شواهد القدرة من تبدل الظلمة بالضياء والنوم الذى هو اخو الموت بالانتباه

٧٩

{ ومن الليل } نصب على الظرفية اى قم بعض الليل

{ فتهجد به } اى ازل والق الهجود وهو النوم فان صيغة التفعل تجيئ للازالة نحو تأثم اى جانب الاثم وازاله ويكون التهجد نوما من الاضداد والضمير المجرور للقرآن من حيث هو لا بقيد اضافته الى الفجر او للبعض المفهوم من قوله ومن الليل اى تهجد فى ذلك البعض على ان الباء بمعنى فى

{ نافله لك } النفل فى الاصل بمعنى الزيادة اى فريضة زائدة على الصوات الخمس المفروضة خاصة بك دون الامة كما روت عائشة رضى اللّه عنهما ( ثلاث على فريضة وهى سنة لكم الوتر والسواك وقيام الليل ) او تطوعا لزيادة الدرجات بخلاف تطوع الامة فانه لتكفير الذنوب وتدارك الخلل الواقع فى فرائضهم كما قال قتادة ومجاهد ان الوجود قد نسخ فى حقه عليه السلام كما نسخ فى حق الامة فصارت الامور المذكورة نافلة لان اللّه تعالى قال

{ نافلة لكم } ولم يقل عليك وانتصاب نافلة على المصدرية بقدير تنفل

{ عسى } فى اللغة للطمع والطمع والاشفاق من اللّه كالواجب.

قال الكاشفى [ شايد والبته جنين بود ]

{ ان يبعثك ربك } من القبر فيقيمك

{ مقاما محمودا } عندك وعند جميع الناس وهو مقام الشفاعة العاملة لاهل المحشر يغبطه به الاولون والآخرون لان كل من قصد من الانبياء للشفاعة يجيد عنها ويحيل على غيره حتى يأتوا محمدا للشفاعة فيقول انا لها ثم يشفع فيشفع فيمن كان من اهلها [ صاحب فتوحات أورده كه مقام محمود مقاميست مرجع جميع مقامات ومنظر تمام اسماء الهية وآن خاصه حضرت محمد است وباب شفاعت درين مقام كشاده ميتود

اى ذات تودردوكون مقصودودود ... نام تو محمد ومقامت محمود

والآية رد على المعتزلة المنكرين للشفاعة زعما انها تبليغ غير المستحق للثواب الى درجة المستحقين للثواب وذلك ظلم ولم يعلموا ان المستحق للثواب والعقاب من جعله اللّه لذلك مستحقا بفضله وعدله ولا واجب لاحد على اللّه بل هو يتصرف فى عباده على حكم مراده فان قالت المتزلة رويتم عن النبى عليه السلام ( شفاعتى لاهل الكبائر من امتى ) فعلى هذا المستحق للشفاعة انما هو من قتل النفس وزنى وشرب الخمر فان اصحاب الكبائر هؤلاء وهذا اغراء ظاهر لخلق اللّه على مخالفة اوامره.

فالواب انه ليس فيه اغراء وانما فيه ان صاحب الكبائر مع قربه من عذاب اللّه واستحقاقه عقوبته تستدركه شفاعتى وتنجيه عنايتى وينقذه ارحم الراحمين بحرمتى ومكانتى ففيه مدح الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه بماله عند اللّه تعالى من الدرجة الرفيعة والوسيلة فاذا كان حكم صاحب الكبائر هذا فكيف ظنك بصاحب الصغيرة ودعواهم بان يكون ظلما قلت أليس خلقه اللّه وخلق له القدرة على ارتكاب الكبائر ومكنه منها ولم يكن ذلك اغراء منه على ارتكاب الكبائر كذلك فى حق الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم كذا فى الاسئلة المقحمة : وفى المثنوى

غمركه روز رستخبز ... كذارم مجرمانرا اشك ريز

من شفيع عاصيان باشم بجان ... ارهانم شان زاشكنجه كران

عاصيان واهل كبائر را بجهد ... ارهانم ازعتاب ونقض عهد

صالحان امتم خود فارغند ... زشفا عتهاى من روز كزند

بلكه ايشانرا شفاعتها بود ... فت شان جون حكم نافذمى رود

ترغيب لصلاة التهجد وفى ثمان ركعات قالت عائشة رضى اللّه عنها ما كان يزيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى رمضان ولا فى غيره على احدى عشرة ركعة يصلى اربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى اربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا.

قال الشيخ عبد الرحمن البسطامى صدر سره فى ترويح القلوب اذا دخل الثلث الاخير من الليل يقوم ويتوضأ ويصلى التهجد اثنتى عشرة ركعة يقرأ فيها بما شاء واراد من حزبه وكان عليه الصلاة والسلام يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بخمس لا يجلس الا فى آخرهن انتهى وفى الحديث ( اشراف امتى حملة القرآن واصحاب الليل )

دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به زهر كارست ... سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست

خروسان درسحر كوينده قم يا ايها الغافل ... تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيارست

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما

اذا كثر الطعام فحذرونى ... فان القلب يفسده الطعام

اذا كثر المنام فنبهونى ... فان العمر ينقصه المنام

اذاكثر الكلام فسكتونى ... فان الدين يهدمه الكلام

اذا كثر المشيب حرّ كونى ... فان الشيب يتبعه الحمام

وفى الخبر ( اذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فان قعدو ذكر اله انحلت عقدة فان توضأ انحلت عقدة اخرى وان صلى ركعتين انحلت العقد كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا اصبح كسلان خبث النفس ) وليل القائم يتنور بنور عبادته كوجهه - حكى - عن شاب عابد انه قال نمت عن وردى ليلة فرأيت كأنّ محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن اوجها منهن واذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار اقبح منها منظرا فقلت لمن انتهن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التى مضين وهذه ليلة نومك فلو مت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك . وكان بعض الصالحين يقوم الليل كله ويصلى صلاة الصبح بوضوء العشاء كأبى حنيفة رحمه اللّه ونحوه .

قال بعضهم لان أرى فى بيتى شيطانا احب الى من ان ارى وسادة فانها تدعو الى النوم . وقال بعض العارفين ان اللّه يطلع على قلوب المستيقظين بالاسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر من قلوبهم الى قلوب الغافلين.

٨٠

{ وقل رب أدخلنى } القبر

{ مدخل صدق } اى ادخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيآت

{ وأخرجنى } منه عند البعث

{ مخرج صدق } اى اخراجا مرضيا ملقى بالكرامة آمنا من السخط يدل على هذا المعنى ذكره اثر البعث . فالمدخل والمخرج مصدران بمعنى الادخال والاخراج والاضافة الى الصدق لاجل المبالغة نحو حاتم الجود اى ادخالا يستأهل ان يسمى ادخالا ولا يرى فيه ما يكره لانه فى مقابلة مدخل سوء ومخرج سوء

وقيل المراد ادخال المدينة والاخراج من مكة فيكون نزولها حين امر بالهجرة ويدل عليه قوله تعالى

{ وان كادوا ليستفزونك }

وقيل ادخاله فى كل ما يلابسه من مكان اوامر واخراجه منه ورجح الاكثرون هذا الوجه فالمعنى حديثنا ادخلتنى واخرجتنى فليكن بالصدق منى ولا تجعلنى ذا وجهين فان ذا الوجهين لا يجوز ان يكون امينا

{ واجعل لى من لدتك } من خزائن نصرك ورحمتك

{ سلطانا } برهانا وقهرا

{ نصيرا } ينصرنى من اعداء الدين او ملكا وعزا ناصر اللاسلام مظهرا له على الكفر فاجيبت دعوته بقوله واللّه يعصمك من الناس فان حزن اللّه هم الغالبون ليظهره على الدين كله ليستخلفنهم فى الارض ووعده لينزعن ملك فارس والروم فيجعل له وعنه عليه السلام انه استعمل عتاب بن اسيد على اهل مكة وقال ( انطلق فقد استعملتك على اهل اللّه ) وكان شديدا على المريب لينا على المؤمن وقال لا واللّه لا اعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة فى جماعة الا ضربت عنقه فانه لا يتخلف عن الصلاة الا منافق فقال اهل مكة يا رسول اللّه لقد استعملت على اهل اللّه عتاب بن اسد اعرابيا جافا فقال عليه السلام ( انى رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب ابن اسيد اتى باب الجنة فاخذ بحلقة الباب فقلقها قلقا شديدا حتى فتح له فدخلها ) فاعز اللّه الاسلام لنصرته المسلمين على من يريد ظلمهم فذلك السلطان النصير.

٨١

{ وقل جاء الحق } الاسلام والقرآن

{ وزهق الباطل } من زهق روحه اذا خرج اى ذهب وهلك الشرك والشيطان

ديو بكريزد ازان قوم كه قرآن خوانند ... امام قشيرى قدس سره [ فرموده حق آنست كه براى خداى بود وباطل آنكه بغير او باشد صاحب تأويلات بر آنست كه حق وجود ثابت واجبست عز شانه كه ازلى وابديست وباطل وجود بشرى امكانى كه قابل زوال وفناست وجون اشعة لمعان وجود حقانى ظاهر كردد وجود موهوم ممكن درجنب آن متلاشى ومضمحل شود ]

همه هرجه هستند ازان كمترند ... كه باهستيش نام هستى برند

جو سلطان عزت علم بر كشد ... جهان سر بجيب عدم دركشد

{ ان الباطل } كائنا ما كان

{ كان زهوقا } اى شانه ان يكون مضمحلا غير ثابت.

عن ابن مسعود رضى اللّه عنه انه عليه السلام دخل مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل بنكت بمحضرة كانت بيده فى عين واحد واحد ويقول

{ جاء الحق وزهق الباطل } فينكب لوجه حتى القى جميعا وبقى صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من صفر فقال ( يا على ارم به ) فصعد فرمى به فكسره.

٨٢

{ وننزل من القرآن ما هو شفاء } لما فى الصدور من ادواء الريب واسقام الاوهام

{ ورحمة للمؤمنين } به فانهم ينتفعون به ومن بيانية قدمت على المبيناعتناء فان كل القرآن فى تقويم دين المؤمنين واستصلاح نفوسهم كالدواء الشافى للمرضى

{ ولا يزيد الظالمين الا خسارا } اى لا يزيد القرآن الكافرين المكذبين به الواضعين للاشياء فى غير مواضعها مع كونه فى نفسه شفاء من الاسقام الا هلاكا بكفرهم وتكذيبهم.

وفيه ايماء الى ان ما بالمؤمنين من الشبه والشكوك المعترية لهم فى اثناء الاهداء والاسترشاد بمنزلة الامراض وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك . وفيه تعجيب من امره حيث يكون مدارا للشفاء والهلاك كبعض المطر يكون در او سما باستعداد المحل وعدم استعداده : قال الحافظ

كوهر باك ببابدكه شود قابل فيض ... ورنه هرسنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود

واعلم ان القرآن شفاء للمرض الجسمانى ايضا روى انه مرض للاستاذ ابى القاسم القشيرى قدس سره ولد مرضا شديدا بحث ايس منا فشق ذلك على الاستاذ فرأى الحق سبحانه فى المنام فشكا اليه فقال الحق تعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها فى اناء واجعل فيه مشروبا واسقه اياه ففعل ذلك فعوفى الولد وآيات الشفاء فى القرآن ست

{ ويشف صدور قوم مؤمنين } { شفاء لما فى الصدور } { فيه شفاء للناس } { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } { واذا مرضت فهو يشفين } { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } قال تاج الدين السبكى رحمه اللّه فى طبقاته ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها فى الاناء طلبا للعافية وقوله عليه السلام

من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه اللّه يشمل الاستشفاء به للمرض الجسمانى والروحانى .

قال الشيخ التميمى رحمه اللّه فى خواص القرآن اذا كتبت الفاتحة فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل المريض وجهه عوفى باذن اللّه فاذا شرب من هذا الماء من يجد فى قلبه تقلبا او شكا او رجيفا او خفقانا يسكن باذن اللّه وزال عنه الماء واذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء ورد وشرب ذلك الماء البليد الذى لا يحفظ يشربه سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع . فعلى العاقل ان يتمسك بالقرآن ويداوى به مرضه وقد ورد ( القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فذنوبكم

واما دواؤكم فالاستغفار ) فلا بد من معرفة المرض اولا فانه ما دام لم يعرف نوعه لا تتيسر المعالجة واهل القرآن هم الذين يعرفون ذلك فالسلوك بالوسيلة اولى.

٨٣

{ واذا انعمنا } [ وجون انعام كنيم ما ]

{ على الانسان } بالصحة والسعة

{ اعرض } [ روى بكرداند ازشكرما ]

{ ونأى بجانبه } [ وبنفس خود دور شود وكرانه كيرد يعنى تكبر وتعظم نمايد وازطريق حق برطرف كردد ] فهو كناية عن الاستكبار والتعظم لان نأى الجانب وتحويل الوجه من ديدن المستكبرين يقال نأيته وعنه بعدت وكذا ناء

{ واذا مسه الشر } من فقر او مرض او نازلة من النوازل وفى اسناد المساس ال الشر بعد اسناد الانعام الى ضمي الجلالة ايذان بان الخير مراد بالذات والشر ليس كذلك

{ كان بؤسا } شديد اليأس من روح اللّه وفضله وهذا وصف للجنس باعتبار بعض افراد ممن هو على هذه الصفة ولا ينافيه قوله تعالى

{ فاذا مسه الشر فذو دعاء عريض } واظاهره فان ذلك شأن بعض منهم.

٨٤

{ قل كل } من المؤمنين والكافرين

{ يعمل } عمله

{ على شاكلته } طريقته التى تشاكل حاله فى الهدى والضلالة : يعنى [ هركس آن كندكه ازوسزد ]

هركسى آن كند كزوشايد ... من قولهم طريق ذو شواكل وهى الطرق التى تشعب منه.

قال فى القاموس الشاكلة الشكل والناحية والنية والطريقة والمذهب

{ فربكم } الذى برأكم على هذه الطبائع المختلفة

{ اعلم بمن هو اهدى سبيلا } اسد طريقا وابين منهاجا اى يعلم المهتدى والضال فيجازى كلا بعمله.

وفى الآية اشارة الى ان الاعمال دلائل الاحوال : وفى المثنوى

درزمين كنيشكر ورخودنيست ... ترجمان هرزمين نبت ويست

فمن وجد نفسه فى خير وطاعة وشكر فليحمد اللّه تعالى كثيرا ومن وجدها فى شر وفسق وكفران ويأس فليرجع قبل ان يخرج الامر من يده - روى - ان ملكا صاحب زينة واسع المملكة كثير الخزينة اتخذ ضيافة وجمع امراءه واحضر الوان الاطعمة والاشربة فلما ارادوا التناول اذا طرق رجل حلقة الباب بحيث تزلزل السرير فقال له الغلمان ما هذا الحصر وسوء الادب ايها الفقير اصبر حتى نأكل ونطعمك فقال مالى حاجة الى طعاكم وانما اريد الملك فقالوا مالك وللملك فطرق ثانيا اشد من الاول فقصدوا اليه بالسلاح فصاح صيحة وقال مكانكم انا ملك الموت جئت اقبض روح ملك دار الفناء فبطلت حواسهم وقواهم عن الحركة فاستمهل الملك فابى فتأسف وقال لعن اللّه المال فانه غرنى فاليوم خرجت صفر اليد وبقى نفعه للاعداء وحسابه وعذابه علىّ فانطق اللّه الما فقال لا تلعنى بل العن نفسك فانى كنت مسخرا لك وكنت مختارا فالآن لم تترك الظلم لاعتيادك حتى تسب البريئ والمذنب انت ففى هذه الحكاية امور . الاول ان اللّه تعالى انعم على هذا الملك بالملك والمال والجاه والجلال فاعرض عن شكرها ولم يقيدها به : سعدى

خردمند طبعان منت شناس ... بدوزند نعمت بميخ سباس

والثانى انه مسه الموت فكان بؤسا من فضل اللّه حيث اشتغل باللعن والسب بدل التوبة والتوجه الى اللّه تعالى واللّه تعالى يقبل توبة عبده ما لم يغرغر : سعدى

طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انكيز وعذرى بكوى

كه يكلحظه صورت نبندد امان ... جون بيمانه برشد بدور زمان

والثالث انه عمل على شاكلته فجوزى الشر اذ لم يكن له استعداد لغيره.

٨٥

{ ويسألونك } [ آورده اندكه كفار عرب نضر بن حارث وابى بن خلف وعقبة بن ابى معيط را بمدينه فرستادند تا از يهود يثرب استفسار حال حضرت بيغمبر عليه السلام نمايند جون با ايشان ملاقات كرده احوال باز كفتند يهود متعجب شد كفتند اى صناديد عرب ما دانسته ايم كه زمان ظهور بيغمبرى نزديكست وازسخنان شما رائحه احوال آن نبى اسشمام ميتوان كرد شما بجهت آز مايش ازوبر سيد كه طواف مشرق ومغرب كه كرده واحوال جوانان كه درزمان بيشين كم شدند جوكنه است وروح جيست اكرهرسه سؤال راجواب دهد ياهيج كدام را جواب ندهد بدانيدكه او بيغمبر نيست واكر دورا جوا دهد وازروح هيج نكويد بيغمبر است ايشان بمكة آمده مجلس ساختند وازان حضرت سؤال كردند آن دوسؤال را جوا بداد ودر قصه روح اين آيت نازل شد ]

{ ويسألونك } اى اليهود

{ عن الروح } الذى هو روح البدن الانسانى ومبدأ حياته سألوه عن حقيقته فاجيبوا بقوله

{ قل الروح من امر ربى } اى من جنس ما استأثر اللّه بعلمه من الاسرار الخفية التى لا يكاد يحوم حولها عقول البشر فالامر واحد الامور بمعنى الشأن والاضافة للاختصاص العلمى لا الايجادى لاشتراك الكل فيه كذا فى الارشاد.

وقال البيضاوى من الابداعيات الكائنة بكن من غير مادة وتولد من اصل كاعضاء جسده انتهى.

اعلم ان ما تعلق به الايجاد ودخل تحت الوجود فاما ان يكون حصوله ووجوده لا من مادة ولا فى مدة فهو المبدعات كالمجردات فهى موجودة من كل وجه بالفعل وليس لها حالة منتظرة الوجود وهى مظاهر للاسماء التى بحركة بعضها يتقدر الزمان

واما من مادة وفى مدة فهى المسميات بالمحدثات وهى العناصر والمركبات منها

واما فى مدة لا من مادة فقيل لا وجود لهذا القسم لان كل ما يتحصل فى مدة لا بد وان يكون من مادة الاعلى قول من ذهب بحدوث النفس الناطقة عند حدوث البدن وهذه الاقسام الباقية مظاهر الاسماء المتغيرة الاحكام على الوجه الذى اطلع عليه اهل اللّه ذكره دواود القيصرى قدس سره.

قال حضرت شيخى وسندى روح اللّه روحه الظاهر فى شرح تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الخلق علام العين والكون والحدوث روحا وجسما والامر عالم العلم والالة والوجوب وعالم الخلق تابع لعالم الامر اذ هو اصله ومبدأ قل الروح من امر ربى انتهى وسيجيئ غير هذا

{ وما اوتيتم } ايها المؤمنون والكافرون كما فى تفسير الكواشى

{ من العلم الا قليلا } لا يمكن تعلقه بامثال ذلك اى الا علما قليلا تستفيدونه من طرق الحواس فان اكتساب العقل للمعارف النظرية انما هو من الضروريات المستفادة من احساس الجزئيات ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما ولعل اكثر الاشياء لا يدركه الحسن ولا شيأ من احوال المعرفة لذاته وهو اشارة الى ان الروح مما لم يمكن معرفة ذاته الا بعوارض تميزه عما يلتبس به.

قال فى بحر العلوم الخطاب فى

{ وما اوتيتم } عام ويؤيده ما روى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما قال لهم ذلك قالوا انحن مختصون بهذا الخطاب ام انت معنا فيه فقال ( بل نحن وانتم لم نؤت من العلم الا قليلا ) فقالوا ما اعجب شأنك ساعة تقول ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وساعة تقول هذا فنزلت

{ ولو ان ما فى الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفذت كلمات اللّه } ما قالوه باطل مردود فان علم الحادث فى جنب علم القديم قليل اذ علم العباد متناه وعلم اللّه لا نهاية له والمتناهى بالنسبة الى غير المتناهى كقطرة بالاضافة الى بحر عظيم لا غاية له.

قال بعض الكبار علم الاولياء من علم الانبياء بمنزلة قطرة من سبعة ابحر وعلم الانبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المثابة وعلم نبينا منن علم الحق سبحانه بهذه المنزلة فالعلم الذى اوتيه العباد وان كان كثيرا فى نفسه لكنه قليل بالنسبة الى علم الحق تعالى [ شيخ ابومدين مغربى قدس سره فرمودكه اين اندكى كه خدى تعالى داده است از علمنه ازان ماست بلكه عاريتست نزيدك ما وبسيارى آن برسيده ايم بس على الدوام جاهلانيم وجاهل رادعوى دانش نرسد ] قال المولى الجامى

سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت والهمت لنا الهاما

قال فى الكواشى اختلفوا فى الروح وماهيته ولم يأت احد منهم على دعواه بدليل قطعى غير انه شئ بمفارقته يموت الانسان وبملازمته له يبقى انتهى.

يقول الفقير الروح سلطانى وحيوانى والاول من عالم الامر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى اعضاء البدن ومحل تعينه هو القلب الصنوبرى والقلب من عالم الملكوت والثانى من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع اعضاء البدن الا ان سلطانه قوى فى الدم فهو اقوى مظاهره ومحل تعينه هو الدماغ وهو انما حدث بعد تعلق الروح السلطانى بهذا الهيكل المحسوس فهو من انعكاس انوار الروح السلطانى وهو مبدأ الافعال والحركات فان الحياة امر مغيب مستور فى الحى لا يعلم الا بآثاره كالحس والحركة والعلم والارداة وغيرها ولولا هذا الروح ما صدر من الانسان ما صدر من الآثار المختلفة لانه بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال الانسانية تتفرع من اجتماع الروح السلطانى بالورح الحيوانى وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى باطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيوانى كان بالقوة فى باطن الروح السلطانى قبل تعلقه بهذا البدن فاذا عرفت هذا وقفت على معنى قوله عليه السلام

( اولياء اللّه لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار ) لان الانتقال كالانسلاخ حال الفناء التام.

وللروح خمسة احوال . حالة العدم قال اللّه تعالى

{ هل اتى على الانسان } الآية . وحالة الوجود فى عالم الارواح قال اللّه تعالى ( خلقت الارواح قبل الاجساد بالفى سنة ) وحالة التعلق قال

{ ونفخت فيه من روحى } وحالة المفارقة قال

{ كل نفس ذائقة الموت } وحالة الاعادة قال

{ سنعيدها سيرتها الاولى } اما فائدة حالة العدم فلحصول المعرفة بحدوث نفسه وقدم ضانعه . وما فائدة حالة الوجود فى عالم الارواح فلمعرفة اللّه بالصفات الذاتية من القادرية والحياتية والعالمية والموجودة والسميعة والبصرية والمتكلمية والمريدية .

واما فائدة تعلقه بالجسد فالاكتساب كمال المعرفة فى عالم الغيب والشهادة من الجزئيات والكليات .

واما فائدة نفخ الروح فى البدن فلحصول المعرفة بالصفات الفعلية . من الرزاقية والتوابية والغفارية والرحمانية والرحيمية والمنعمية والمحسنية والوهابية .

واما فائدة حالة المفارقة فلدفع الخبائث التى حصلت للروح بصحبة الاجسام ولشرب الذوق فى مقام العندية .

واما فائدة حالة الاعادة فلحصول النعمات الاخروية.

وفى التأويلات النجمية ان اللّه تعالى خلق العوالم الكثيرة ففى بعض الروايات خلق ثلاثمائة وستين الف عالم وكنه جعلها محصورة فى عالمين اثنين وهما الخلق والامر كما قال تعالى

{ الا له الخلق والامر } فعبر عن عالم الدنيا وما يدريك بالحواس الخمس الظاهرة وهى السمع وابصر والشم والذوق واللمس بالخلق وعبر عن عالم الآخرة وهو ما يدريك بالحواس الخمس الباطنة وهى العقل والقلب السر والروح والخفى بالامر فعالم الامر هو الاوليات العظائم التى خلقها اللّه تعالى للبقاء من الروح والعقل والقلم واللوح والعرش وةالكرسى والجنة والنار ويسمى عالم الامر امرا لانه اوجده بامركن من لا شئ بلا واسطة شئ كقوله

{ خلقتك من قبل ولم تك شيأ } ولما كان امره قديما فما كوّن بالامر القديم وان كان حادثا كان باقيا وسمى عالم الخلق خلقا لانه اوجده بالوسائط من شئ كقوله

{ وما خلق اللّه من شئ } فلم ان الوسائط كانت مخلوقة من شئ مخلوق سماه خلقا خلقه اللّه للفناء فتبين ان قوله

{ قل الروح من امر ربى } انما هو لتعريف الروح معناه انه من عالم الامر والبقاء لا من عالم الخلق والفناء وانه لا من عالم الخلق والفناء وانه ليس للاستبهام كما ظن جماعة ان اللّه تعالى ابهم علم الروح على الخلق واستأثره لنفسه حتى قالوا ان النبى عليه السلام لم يكن علاما به جل منصوب حبيب اللّه عن ان يكون جاهلا بالروح مع انه عالم باللّه وقد من اللّه عليه بقوله

{ وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل اللّه عليك عظيما } احسبوا ان علم الروح مما لم يكن يعلمه الم يخبر ان اللّه علمه ما لم يكن يعلم فاما سكوته عن جواب سؤال الروح وتوقفه انتظار للوحى حين سألته اليهود فقد كان لغموض يرىفى معنى الجواب ودقة لا تفهمهما اليهود لبلادة طباعهم وقساوة قلوبهم وفساد عقائدهم فانه وما يعقلها الا العالمون وهم ارباب السلوك والسائرون الى اللّه فانهم لما عبروا عن النفس وصفاتها ووصلوا الى حريم القلب عرفوا النفس بنور القلب ولما عبروا بالسر عن القلب وصفاته ووصلوا الى مقام السر عرفوا بعلم السر القلب واذا عبروا عن السر ووصلوا الى عالم الروح عرفوا بنور الروح السر واذا عبروا عن عالم الروح ووصلوا الى منزل الخفى عرفوا بشواهد الحق الروح واذا عبروا عن منزلة الخفى ووصلوا الى ساحل بحر الحقيقة عرفوا بانوار صفات مشاهدات الجميل الخفى واذا فنوا بسطوات تجلى صفات الجلال عن اناية الوجود ووصلوا الى الجنة بحر الحقيقة كوشفوا بهوية الحق تعالى واذا استغرقوا فى بحر الهوية وابقوا ببقاء الالهية عرفوا اللّه باللّه فاذا كان هذا حال الولى فكيف حال من يقول علمتت ما كان وما سيكون.

واعلم ان الروح الانسانى وهو اول شئ تعلقت به القدرة جوهرة نورانية ولطيفة ربانية من عالم الامر وعالم الامر هو الملكوت الذى خلق من لا شئ وعالم الخلق هو املك الذى خلق من شئ كقوله تعالى

{ أولم ينظروا فى ملكوت السموات والارض } وما خلق اللّه من شئ والعالم عالمان يعبر عنهما بالدنيا والآخرة والملك والملكوت والشهادة والغيب والصورة والمعنى والخلق والامر والظاهر والباطن والاجسام والارواح ويراد بهما ظاهر الكون وباطنه فثبت بالآية ان الملكوت الذى هو باطن الكون خلق من لا شئ اذ ما عداه من الملك خلق من شئ

واما قوله صلّى اللّه عليه وسلّم ( اول ما خلق اللّه جوهرة . واول ما خلق اللّه روحى . واول ما خلق اللّه العقل . واول ما خلق اللّه القلم )

وقول بعض الكبراء من الائمة ان اول المخلوقات على الاطلاق ملك كروبى يسمى العقل وهو صاحب القلم وتسميته قلما كتسمية صاحب السيف سيفا كما قيل لخالد بن وليد رضى اللّه عنه سيف اللّه وهو او لقب فى الاسلام وقوله تعالى

{ يوم يقوم الروح والملائكة صفا } وقد جاء فى الخبر ( ان الروح ملك يقوم صفا ) فلا يبعد ان يكون هذا الملك العظيم الذى هو اول المخلوقات هو الروح النبوى فان المخلوق الاول مسمى واحد وله اسماء مختلقة فبحسب كل صفة فيه سمى باسم آخر ولا ريب ان اصل الكون كان النبى عليه السلام لقوله

( لولاك لما خلقت الكون ) فهو اولى ان يكون اصلا وما سواه اولى ان يكون تبعا له لانه كان بالروح بذر شجرة الموجودات فلما بلغ اشده وبلغ اربعين سنة كان بالجسم والروح ثمرة شجرةالموجودات وهى سدرة المنتهى كما ان الثمرة تخرج من فرع الشجرة كان خروجه الى قاب قوسين او ادنى ولهذا قال ( نحن الآخرة السابقون ) يعنى الآخرون بالخروج كالثمرة والسابقون بالخلق كالبذر فيلزم من ذلك ان يكون روحه صلّى اللّه عليه وسلّم اول شئ تعلقت به القدرة وان يكون هو المسمى بالاسماء المختلفة فباعتبار انه كان درة صدق الموجودات سمى درة وجوهرة كما جاء فى الخبر ( اول ما خلق اللّه جوهرة ) وفى رواية ( درة فنظر اليها فذابت فخلق منها كذا وكذا ) وباعتبار نورانيته سمى نورا وباعتبار وفور عقله سمى عقلا وباعتبار غلبات الصفات الملكة عليه سمى ملكا وباعتبار انه صاحب القلم سمى قلما وكيف يظن به عليه السلام انه لم يكن عارفا بالروح والروح هو نفسه وقد قال ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) والارواح حلها خلقت من روح النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وان روحها اصل الارواح ولهذا سمى اميا اى انه ام الارواح فكما كان آدم عليه السلام ابا البشر كان النبى عليه السلام ابا الارواح وامها كما كان آدم ابا وحوا امها وذلك ان اللّه تعالى لما خلق روح النبى عليه السلام كان اللّه ولم يكن معه شئ الا روحه وما كان شئ آخر حتى ينسب روحه اليه او يضاف اليه غير اللّه فلما كان روحه اول باكورة اثمرها اللّه تعالى بايجاده من شجرة الوجود واول شئ تعلقت به القدرة شرفه بتشريف اضافته الى نفسه تغعلاى فسماه روحى كماسمى اول بيت من بيوت اللّه وضع للناس وشرفه بالاضافة الى نفسه فقال له بيتى ثم حين اراد ان يخلق آدم سواه ونفخ فيه من روحه اى من الروح المضافة الى نفسه وهو روح النبى صلّى اللّه عليه وسلّم كما قال ( فاذا سويته ونفخت فيه من روحى ) فكان روح آدم من روح النبى عليه السلام بهذا الدليل وكذلك ارواح اولاده لقوله تعالى

{ ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه } وقال فى عيسى ابن مريم عليه السلام

{ ونفخنا فيه من روحنا } فكانت النفخة لجبريل وروحها من روح النبى عليه السلام المضاف الى الحضرة وهذا احد اسرار قوله ( ادم من دونه تحت لوائى يوم القيامة ) ثم قوله تعالى

{ وما اوتيتم من العلم الا قليلا } راجع الى اليهود الذين سألوا النبى عليه السلام عن الروح يعنى انكم سألتمونى وقد اجبتكم انه من امر ربى ولكنكم ما تفقهون كلامى لانى اخبركم عن عالم الآخرة وعن الغيب وانتم اهل الدنيا والحسن وعلمها قليل بالنسبة الى الآخرة وعلمها فانكم عن علمها غافلون كقوله تعالى

{ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } انتهى ما فى التأويلات باختصار.

٨٦

{ ولئن شئنا لنذهبن بالذى اوحينا اليك } اللام الاولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب وهذا الجواب ساد مسد جوابى القسم والشرط والمعنى واللّه ان شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصدور فلم نترك منه اثر او بقيت كما كنت لا تدرى ما الكتاب وهذا الكلام وارد على سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض فكيف ما ليس بمحال

{ ثم لا تجد لك به } بالقرآن اى بعد ذهابه كما قال الكاشفى

[ بس ثيابى تو براى خود بآن يعنى نيابى بعد ازبردن آن ] { علينا وكيلا } [ وكيلى كه آنرا استرداد برماكند وبسينها ومصحفها باز آرد ] وعلينا متعلق بوكيلا.

٨٧

{ الا رحمة من ربك } الا ان يرحمك ربك فيرد علينا كأن رحمته تتوكل عليك بالرد فالاستثناء متصل.

وقال الكاشفى [ ليكن رحمتست از برورد كار توكه آنرا باقى ميكذارد ومحو نمى كند ] فالاستثناء منقطع.

وفى الكواشى الا رحمة مفعول له اى حفظناه عليك للرحمة ثم قال وهذا خطبا له عليه السلام والمرد غيره

{ ان فضله كان عليك كبيرا } بارسالك وانزال الكتاب عليك وابقائه فى حفظك.

قال الكاشفى [ بدرستى كه فضل اوست برتو بزرك كه تراسيد ولد آدم ساخته وختم بيغمبران كردانيد ولواء حمد ومقام محمود بتوادد وقرآن بتو فرستاده درميان امت نوباقى ميكذارد ومحو نمى سازد ].

٨٨

{ قل } للذين لا يعرفون جلالة قدر التنزيل بل يزعمون انه من كلام البشر

{ لئن اجتمعت الانس والجن } اى اتفقوا

{ على ان يأتوا } [ بيارند ]

{ بمثل هذا القرآن } فى البلاغة وكما المعنى وحسن النظم والاخبار عن الغيب وفهم العرب العرباء وارباب البيان واهل التحقيق وتخصيص الثقلين بالذكر لان التحدى معهما لا مع الملائكة اذا المنكر لكونه من عند اللّه منهما لا من غيرهما والا فلا يقدر على اتيان مثله الا اللّه تعالى وحده.

وفى عين الحياة لفظ الجن يتناول الملائكة وكل من لم يدركه حسن البصر لان مستورون عن البصر يقال جن بترسه اذا ستر به ولذا قيل للترس المجن.

وفى بحر العلوم ذكر الانس والجن دون الملائكة اشارة الى ان من شأن الثقلين ان يجتمعوا على المحال بخلاف الملائكة اذ ليس من شأنهم لك

{ لا يأتون بمثله } بكلام مماثل فله فى صفاته البديعة وهو جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة وساد مد جزاء الشرط ولولاها لكان جوابها له بغير جزم لكون الشرط ماضيا.

قال فى التأويلات النجمية وانما قال لا يأتون بمثله لانه ليس لكلام اللّه تعالى مثل اذا كلامه صفته وكما انه ليس لذاته مثل فكذلك ليس لصفاته مثل لانها قديمة قائمة بذاته تبارك وتعالى وصفات المخلوقات مخلوقة قابلة للتغير والفناء

{ ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } مظاهرا ومعاونا فى الاتيان بمثله اى لم يكن بعضهم ظهيرا لبعض ولو كان الخ.

٨٩

{ ولقد صرفنا } اى باللّه قد رددنا وكررنا بوجوه مختلفة توجب زيادة تقرير وبيان ووكادة رسوخ واطمئنان

{ للناس فى هذا القرآن } المنعوت بالنعوت الفاضلة

{ من كل مثل } من كل معنى بديع هو كالمثل فى الغرابة والحسن واستجلاب النفس ليتلقوه بالقبول

{ فابى اكثر الناس الا كفورا } جحودا وانكارا للحق وانكا جماز الاستثناء من الموجب مع انه لا يصح ضربت الا زيد لانه متأول بالنفى مثل لم يرد ولم يرض وما قبل وما اختار.

وفى الآية فوائد منها ان القرآن العظيم اجل النعم واعظمها فوجب على كل عالم وحافظ ان يقوم بشكره ويحافظ على اداء حقوقه قبل ان يخرج الامر من يده . وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ان اول ما تفقدون من دينكم الامانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وان هذا القرآن تصبحون يوما وما فيكم منه شئ فقال رجل كيف ذلك وقد اثبتناه فى قلوبنا واثبتناه فى مصحافنا نعلم ابناءنا ويعلم ابناؤنا ابناءهم فقال يسرى عليه ليلا فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما فى القلوب.

وقال عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضى اللّه عنهما لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوى حول العرش كدوى النحل فيقول الرب تعالى ملك فيقول يا رب اتلى ولا يعمل بى اتلى ولا يعمل بى وفى الحديث ( ثلاثة هم الغرباء فى الدنيا القرآن فى جوف الظالم والرجل الصالح فى قوم سوء والمصحف فى بيت لا يقرأ منه ) قال الشيخ سعدى

علم جندانكه بيشتر خوانى ... جون عمل نيست نادانى

نه محقق بود نه دانشمند جار ... بايى برو كتاب جند

آن تهى مغزرا جه علم وخبر ... كه برو هيزمست ويا دفتر

وقال

عالم اندرميان جاهل را ... مثلى كفته اند صديقان

شاهدى درميان كورانست ... مصحفى درسيان زنديقان

ومنها انه ليس فى استعداد الانسان ولا فى مخلوق غيره ان يأتى بكلام جامع مثل كلام اللّه تعالى له عبارة فى غاية الجزالة والفصاحة واشارة فىغاية الدقة والحذاقة ولطائف فى غاية اللطف والنظافة وحقائق فى غاية الحقية والنزاهة.

قال جعفر بن محمد الصادق رضى اللّه عنهما عبارة القرآن للعوام والاشارة للخواص واللطائف للاولياء والحقائق للانبيا : وفى المثنوى

خوش بيان كرد آن حكيم غزنوى ... بهر محجوبان مثال معنى

كه زقرآن كرنه بيند غير قال ... اين عجب نبود ز اصحاب ضلال

كز شعاع آفتاب بر زنور غير ... كرمى مى نيابد جشم كور

تور زقرآن اى بسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نيابد جشم كور

تو زقرآن اى بسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين

ظاهر قرآن جو شخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست

اعلم ان القرآن غير مخلوق لانه صفة اللّه تعالى وصفاته باسرها ازلية غير مخلوقة.

قال ابو حنيفة رحمه اللّه فمن قال انها مخلوقة او وقف فيها او شك فيها فهو كافر باللّه وما ذكر من الوجوه الدالة على حدوث اللفظ فهو غير المتنازع فيه عند الاشعرية والمنصورية ايضا كمن قال بان كلامه تعالى حرف وصوت يقومان بذاته ومع ذلك قديم واعجب من هذا قولهم الجلد والعلاقة قديمان ايضا.

وفى الفتوحات المكية قدس اللّه سر مصدرها ان المفهوم من كون القرآن حروفا امران الامر الواحد يسمى قولا وكلاما ولفظا والامر الآخر يسمى كتابة ورقما وخطا والقرآن يخط فله حروف القرم وينطق به فله حروف اللفظ فهل يرجع كونه حروفا منطوقا بها لكلام اللّه الذى هو صفته او للمترجم عنه.

فاعلم انه قد اخبرنا نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم انه سبحانه يتجلى فى يوم القيامة بصورة مختلفة فيعرف وينكر فمن كان حقيقته تقبل التجلى لا يبعد ان يكون الكلام بالحروف المتلفظ بها المسماة كلاما لبعض تلك الصور كما يليق بجلاله وكما تقول تجلى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك تقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وقال رضى اللّه عنه بعد كلام طويل فاذا تحققت ما قررناه يثبت ان كلام اللّه هو هذا المتلو المسموع المتلفظ به المسمى قرآنا وتوراة وزبور وانجيلا انتهى.

قال بعضهم كلام اللّه عين المتكلم فى رتبة ومعنى قائم به فى اخرى كلالكلام النفسى وانه مركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحسن يحسبهما.

ومنها ان اكثر الناس لا يعرفون قدر النعم الالهية ولا يتنبهون للتنبيهات الربانية فواحد من الالف للجنة وبعث الباقى الى النار وهم الجهلاء الذين اعرضوا عن الحق وتعلمه : وفى المثنوى

بند كفتين باجهول خوابناك ... تخم افكندن بوددرشوره خاك

جاك حمق وجهل نبذيرد رفو ... تخم حكمت كم دهش اى بندكو

٩٠

{ وقالوا } قال الامام الواحدى فى اسباب النزول روى عكرمة عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان عتبة وشيبة وابا سفيان والنضر بن الحارث وابا البخترى والوليد بن المغيرة وابا جهل وعبد اللّه بن ابى امية وامية بن خلف ورؤساء قريش اجتمعوا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا الى محمد فلكموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا اليه ان اشرف قومك اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم سريعا وهو يظن انه بدا لهم فى امره بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عتبهم حتى جلس اليهم فقالوا يا محمد انا واللّه لا نعلم رجلا من العرب ادخل على قومه ما ادخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الاحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة وما بقى امر قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك فان كنت انما جئت بهذا تطلب به ما لا جعلنا لك من اموالنا ما تكون به اكثرنا ما لا وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا وان كان هذا الرىّ الذيى يأتيك قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن الرىّ بذلنا اموالنا فى طلب الطب لك حتى نبرئك منه او نعذر فيك فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ما بى ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب اموالكم ولا للشرف فيكم ولا للملك عليكم ولكن اللّه بعثنى اليكم روسلا وانزل على كتابا وامرنى ان اكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تدروه على اصبر لامر اللّه حتى يحكم اللّه بينى وبينكم ) قالوا يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا فقد علمت انه ليس من الناس احد اضيق بلادا ولا اقل مالا ولا اشد عيشا منا فسل لنا ربك الذى بعثك بما بعثك فليسر عنا هذه الجبال الى قد ضيقت علينا او يبسط لنا بلادنا وليجر فيها انهارا كانهار الشام والعراق وليبعث لنا ما مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب فانه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فان صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند اللّه وانه بعثك رسولا كما تقول فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ما بهذا بعثت انما جئتكم من عد اللّه بما بعثنى به فقد بلغتكم ما ارسلت به فان تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه اصبر لامر اللّه ) قالوا فان لم تفعل هذا فسل ربك ان يبعث ملكا يصقدك وسله ان يجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما سواك فانك تقوم فى الاسواق وتلتمس المعاش فقال عليه السلام

( ما انا بالذى يسأل ربه هذا وما بعثت اليكم بهذا ولكن اللّه بعثنى بشيرا ونذيرا ) قالوا سله ان يسقط علينا السماء كما زعمت ان ربك ان شاء فعل فقال عليه السلام ( ذلك الى اللّه تعالى ان شاء فعل ) وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتى تأتينا باللّه والملائكة قبيلا وقام عبد اللّه بن ابى امية بن المغيرة المخزومى وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبى عليه السلام ثم اسلم بعد وحسن اسلامه فقال لا اومن بك ابدا حتى تتخذ الى السماء سلما وترقى فيه وانا انظر حتى تأتينا وتأتى بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك انك كما تقول فانصرف رسول اللّه عليه السلام الى اهله حزينا لما فاته من متابعة قومه لما رأى من مباعدتهم عنه فانزل اللّه تعالى

{ وقالوا } اى مشركوا مكة ورؤساؤهم

{ لن نؤمن لك } لن نعترف لك يا محمد بنبوتك ورسالتك

{ حتى تفجر لنا } [ تا وقتى كه روان سازى براى ما ] { من الارض } ارض مكة

{ ينبوعا } [ جشمه برآب كه هر كز كم نكردد ] فالينبوع العين الكثيرة الماء ينبع ماؤها ولا يغور ولا ينقطع.

٩١

{ او تكون لك جنة } بستان يستر اشجاره ما تحتها من العرصة

{ من نخيل وعنب } [ از درختان خرما وانكور يعنى مشتمل بران درختان ] وهما اسم جمع لنخلة وعنبة

{ فتفجر الانهار } اى تجريها بقوة

{ خلالها } [ درميان آن بستانها ]

قال فى القاموس خلال الدار ما حوالى جدورها وما بين بيوتها وخلال السحاب مخارج الماء

{ تفجيرا } كثيرا والمراد اما اجراء الانهار خلالها عند سقيها او ادامة اجرائها كما ينبئ عنه الفاء لا ابتداؤه.

٩٢

{ او تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا } جمع كسفة كقطع وقطعة لفظا ومعنى حال من السماء والكاف فى كما فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف اى اسقاطا مماثلا لما زعمت يعنون بذلك قوله تعالى

{ او يسقط عليهم كسفا من السماء } { او تأتى } [ يابيارى ]

{ باللّه والملائكة قبيلا } مقابلا كالعشير والمعاشر كما قال الكاشفى [ در مقابله يعنى عيان نمايى انتهى ] او كفيلا يشهد بصحة ما تدعيه وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها اى والملائكة قبيلا.

٩٣

{ او يكون لك بيت من زخرف } من ذهب واصله الزينة.

قال الكاشفى [ خانه از زركه درانجا بنشينى واز درويشى بازرهى ]

{ او ترقى } تصعد

{ فى السماء } فى معرجها فحذف المضاف يقال رقى فى السلم وفى الدرجة كرضى رقيا اى صعد وعلا صعودا وعلوا

{ ولن نؤمن لرقيك } اى لاجل رقيك فيها وحده اى صعودك فاللام للتعليل او لن نصدق رقيك فيها فاللام صلة

{ حتى تنزل } منها

{ علينا كتابا } فيه تصديقك

{ نقرؤه } نحن من غير ان يتلقى من قبلك وكانوا يقصدون بمثل هذه الاقتراحات اللج والعناد ولو كان مرادهم الاسترشاد لكفاهم ما شاهدوا من المعجزات

{ قل } تعجبا من شدة شكيمتهم واقتراحهم وتنزيها لساحة السبحان

{ سبحان ربى } [ باكست بروردكار من از آنكه بروى تحكم كند كسى يا شريك او شود در قدرت ]

{ هل كنت } [ آيا هستم من ]

{ الا بشر } لا ملكا حتى يتصور منى الترقى فى السماء ونحوه

{ رسولا } مأمورا من قبل ربى بتبليغ الرسالة من غير ان يكون لى ف الامر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم الا بما يظهره اللّه على ايديهم حسبنا يلائم حال قومهم ولم تكن الآيات اليهم ولا لهم ين يتحكموا على اللّه بشئ منها وقوله بشرا خبر كنت ورسولا صفته وفيه اشارة الى انهم ارباب الحس الحيوانى يطلبون الاعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النوبة واعجاز عالم المعانى بالولاية الروحانية والقوة الربانية فيطلبون فيه تزكية النفوس وتصفية القلوب وتحلية الارواح وتفجير ينابيع الحكمة من ارض القلوب لينبت منها تخيل المشاهدات واعناب المكاشفات فى جنات المواصلات.

فعلى السالك الصادق ان يطلب الوصول الى عالم المعنى فانه هو المطلب الاعلى ولن يصل اليه الا بقدمى العلم والعمل والرجوع الى حالة التراب بالواضع قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الارض فقال عيسى كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الارض يشير الى التواضع ورفع الكبر والى هذا الاشارة بقول سيد البشر صلّى اللّه عليه وسلّم ( ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) والينابيع لا تكون الا فى الارض وهو موضع نبع الماء وهذا المقام انما يحصل بترك الرياسة وهو بمعرفة النفس وعبوديتها فلا يجتمع العبودية والرياسة ابدا فان واحد لا يصير سلطان ورعية معا والى هذا يشير المولى الجامى بقوله

بالباس فقر بايد خلعت شاهى درست ... زشت باشد جامه نيمى اطلس وثيمى بلاس

فانظر فى هذه الاآيات الى سوء ادب المشركين بالاقتراحات المنقولة عنهم والى كمال الادب المحمدى والفاء الاحمدى وترك الاعتراض - حكى - ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك فقد كسرت اناءك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر يعنى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء فالطالب لا يصل الى مقصوده الا بعد افناء وجوده

خمير مائه هرنيك وبدتويى جامى ... خلاص ازهمه مى بايدت زخوذ بكريز

فالعاقل يسعى فى افناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد فى تطهير القلب من الادناس ولا يأنس بشئ سوى ذكر رب الناس.

وقال الامام الغزالى رحمه اللّه لا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اعنى طهارته عن ادناس الدنيا وانسه بذكر اللّه تعالى وحبه لله وصفاء القلب وطهارته لا يكون لا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هى المنجيات.

٩٤

{ وما منع الناس } اى قريشا من

{ ان يؤمنوا } بالقرآن وبالنبوة

{ اذ جاءهم الهدى } وقت مجيئ الوحى ظرف لمنع او يؤمنوا

{ الا ان قالوا } الا قولهم

{ أبعث اللّه بشرا } حال من

{ رسولا } منكرين ان يكون رسول اللّه من جنس البشر فالمانع هو الاعتقاد المستلزم لهذا القول

{ قل } جوابا الشبهتهم.

٩٥

{ لو كان } لو وجد واستقر

{ فى الارض } بدل البشر

{ ملائكة يمشون } على اقدامهم كما يمشى الناس ولا يطيرون باجنحتهم الى السماء فيسمعوا من اهلها ويعلموا ما يجب علمه

{ مطمئنين } ساكينين فيها قارين

{ لنزلنا عليهم من السماء ملكا } حال من

{ رسولا } ليبين لهم ما يحتاجون اليه من امور الدنيا والدين لان الجنس الى الجنس يميل ولما كان سكان الارض بشرا وجب ان يكون رسولهم بشرا ليمكن الافادة والاستفادة وهم جهلوا ان التجانس يورث التوانس والتخالف يوجب التنافر

او بشر فرمود وخودرا مثلكم ... تابجنس آيندوكم كر دندوكم

زانكه جنسيت عجائب جاذبيست ... جاذب جنست هرجاطا البيست

٩٦

{ قل كفى باللّه } وحده

{ شهيدا } على انى بلغت ما ارسلت به اليكم وانكم كذبتم وعاندتم

{ بينى وبينكم } لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة

{ انه كان بعباده } من الرسل والمرسل اليهم

{ خبيرا بصيرا } محيطا بظواهر احوالهم وباطنها فيجازيهم على ذلك.

وفيه تسلية له عليه السلام وتهديد للكافرين.

وفى الآية اشارة الى ان الجهلاء يستبعدون ارسال الانسان الكامل من ابناء جنسهم ويحسبون ان الملائكة اعلى درجة منه مع ما جعله اللّه مسجودا للملائكة واودع فيه من سر الخلافة ولو كان الملك مستأهلا للخلافة فى الارض لكان اللّه نزل رسولا من الملائكة وهو شاهد بانه مستعد للرسالة والخلافة والملك.

٩٧

{ ومن يهد اللّه } ابتداء كلام ليس بداخل تحت الامر اى يخلق فيه الاهتداء الى الحق.

قال الكاشفى [ وهر كراره نما يدخداى تعالى يعنى حكم كند بهدايت اوونوفيق ]

{ فهو المتهد } لا غير

{ ومن يضلل } اى يخلق فيه الضلال بسوء اختياره.

قال الكاشفى [ وهركرا كمراه سازد يعنى حكم فرمايد بضلالات او وفرو كذارد اورا ]

{ فلن تجد لهم } اشار بالتوحيد فى جانب الهداية الى وحدة طريق الحق وقلة سالكيه وبالجمع فى جانب الضلال الى تعدد سبل الباطل وكثرة اهله

{ اولياء } كائنين

{ من دونه } تعالى فهو فى موقع الصفة ويجوز ان يكون حالا كما فى بحر العلوم اى انصارا يهدونهم الى طريق الحق ويدفعون عنهم الضلالة وفى الحديث ( انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شئ ولو كانت الهداية الىّ لآ من كل من فى الارض وانما ابليس مزين وليس له من الضلالة شئ ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الارض ولكن اللّه يضل من يشاء ويهدى من يشاء ) قال الحافظ

مكن بجشم حقارت نكاه برمن مست كه نيست معصيت وزهد بى مشيت او

{ ويحشرهم يوم القيامة } كائنين

{ على وجوههم } سحبا او مشيا فان الذى امشاهم على اقدامهم قادر على ايمشيهم على وجوههم

{عميا } حال من ضمير وجوههم وهو جمع اعمى

{ وبكما } جمع ابكم وهو الاخرس

{ وصما } جمع اصم من الصمم محركة وهو انسداد الاذن وثقل السمع.

ان قيل ما وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى

{ سمعوا لها تغيظا وزفيرا } وقوله

{ ورأى المجرمون النار } قووله { ادعوا هنالك ثبورا }.

قلت قال ابن عباس رضى اللّه عنهما معنى الآية لا يرون ما يسرّهم ولا ينطقون بما يقبل منهم ولا يستمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا فى الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعون.

وقال مقاتل هذا اذا قيل لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون فيصيرون باجمعهم صما بكما عميا نعوذ باللّه من سخطه.

وفى التأويلات النجمية

{ ونحشرهم } الخ لانه كانوا يعشون فى الدنيا مكبين

{ على وجوههم } فى طلب السفليات فى الدنيا وزخارفها وشهواتها

{ عميا } عن رؤية الحق

{ وبكما} منقول الحق { وصما } عن استماع الحق وذلك لعدم اصابة النور المرشوش على الارواح

{ ومن كان فى هذه اعمى } الآية وقال صلّى اللّه عليه وسلّم ( يموت الانسان على ما عاش ويحشر على ما مات عليه )

{ مأواهم } منزلهم ومسكنهم والمأوى كل مكان أى اليه شئ ليلا كان او نهارا

{ جهنم } خبر مأواهم والجملة استنائف

{ كلما خبت } يقال خبت النار والحرب والحدة خبوا وخبوّا سكنت وطفئت كما فى القاموس

{ زدناهم سعيرا } [ بيفرزاييم براى ايشان آتش سوزان افروزيم آتش را ] اى كلما سكن لهبها بان اكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار زدناهم توقدا بان بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومسعرة.

فان قلت قوله تعالى

{ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } يدل على ان النار لا تتاجوز فى تعذيبهم عن حد الانضاج الى حد الاحراق والافناء.

قلت النضج مجاز عن مطلق تأثير النار ثم ما ذكر من التجديد بعد الافناء عقوبة لهم على انكارهم الاعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد اخرى ليروها بعد اخرى فيروها عيانا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله

٩٨

{ ذلك } مبتدأ خبر قوله

{ جزاؤهم بانهم } بسبب انهم

{ كفروا بآياتنا } العقلية والنقلية الدالة على صحة الاعادة دلالة واضحة.

وفى التأويلات كانوا فى جهنم الحرص والشهوات كلما اسكنت نادر شهوة باستفياء حظها زادوا سعيرها باشتغال طلب شهوة اخرى ولو كانوا مؤمنين بالحشر والنشر ما اكبوا على جهنم الحرص على الدنيا وشهواتها وما اعرضوا عن الآيات البينات الى جا بها الانبياء عليهم السلام : وفى المثنوى

كوزه جشم حريصان برنشد ... تاصدف قانع نشد بردر نشد

{ وقالوا } منذرين اشد الانكار

{ ائذا كنا عظاما } [ آيا آن وقت كه كرديم استخوان ] { ورفاتا } الرفات الحطام وهو الفتات المكسر.

وقال مجاهد رفاتا اى ترابا

{ أئنا لمبعوثون خلقا جديدا } اما مصدر مؤكد من غير لظفه اى لمبعوثون بعثا جديدا

واما حال اى مخلوقين متسأنفين وقد سبق تفسير هذه الآية فى هذه السورة.

٩٩

{ أولم يروا } اى ألم يتفكروا ولم يعلموا

{ ان اللّه الذى خلق السموات والارض } من غير مادة مع عظمهم

{ قادر على ان يخلق مثلهم } فى الصغر على ان المثل مقحم والمراد بالخلق الاعادة.

قال الكاشفى

[ مثل تعبير ازنفس شئ كنند جنانكه مثلك لا يفعل كذا اى انت ]

{ وجعل لهم اجلا لا ريب فيه } عطف على أولم يروا فانه فى قوة قد رأوا والمعنى قد علموا ان من قدر على خلق السموات والارض فهو قادر على خلق امثالهم من الانس وجعل لهم ولبعثهم اجلا محققا لا ريب فيه هو يوم القيامة.

قال الكاشفى [ بدرستى كه خدى تعالى مقرر كرده است براى فناى ابشان مدتى كه هيج شك نيست دران وآن زمان مركست يابجهت اعاده ايشان اجلى نهاده كه قيامتست ]

{ فابى الظالمون } فامتنعوا من الانقياد للحق ولم يرضوا

{ الا كفورا } جحودا به.

١٠٠

{ قل } [ بكوكافرانرا ]

{ لو انتم تملكون خزائن رحمة ربى } خزائن رزقه التى افضاها على كافة الموجودات وانتم مرتفع بفعل يفسره المذكور لا مبتدأ لانها لا تدخل الا على الفعل والاصل لو تملكون انتم تملكون

{ اذا لأمسكتم } لبخلتم من قولك للبخيل ممسك فلا يقدر له مفعول

{ خشية الانفاق } مخافة عاقبته وهو النفاد

{ وكان الانسان قتورا } يقال قتر ضيق . والمعنى كان ضيقا مبالغا فى البخل لان مبنى امره على الحاجة والضنة بما يحتاج اليه وملاحة العوض فيما يبذل قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لحى من الانصار ( من سيدكم يا بنى سلمة ) قالوا الجد بن قيس على بخل فيه فقال عليه السلام ( واى داء ادوى من البخل بل سيدكم عمر بن الجموح ) فالبخل والحرص من الصفات المذمومة فلا بد من تطهير النفس عنهما وتحليتها بالسخاء والقناعة وترك طول الامل فان الشيطان يستعبد البخيل ولو كان مطيعا وينأى عن السخى ولو كان فاسقا وجنس الانسان وان كان قتورا مخلوقا على القبض واليبوسة كالتراب الا ان من افراده خواص متخلقين بصفات اللّه تعالى ومتحققين باسرار ذاته.

قال حسان بن ثابت رضى اللّه عنه فى مدح النبى صلى اللّه عليه وسلم

له راحة لو ان معشار جودها ... على البر كان البر اندى من البحرالراحة

الكف والمعشار بمعنى العشر - روى - ان زيد العابدين رضى اللّه عنه لقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالى فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال ماستر من امرنا اكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصة كانت عليه وهى كساء اسود معلم وامر بالف درهم فكان الجل بعد ذلك يقول اشهد انك من اولاد الرسل ولا يتوهم مغرور انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الاموال انما كانوا اهل سخاء ومروءة كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل

وهم ينفقون المال فى اول الغنى ... ويتسأنفون الصبر فى آخر الفقر

اذا نزل الحى الغريب تقارعوا ... عليه فلم تدر المقل من المثرى

قال الشيخ سعدى قدس سره

اكر كنج قارون بجنك آورى ... نماند مكر آنكه بخشى برى

بخيل توانكر بدينار وسيم ... طلسمست بالاى كنجى مقيم

ازان سالها مى بماند زرش ... كه لرز طلسمى جنين بر سرش

بسنك اجل ناكهان بشكنند ... بآسود كى كنج قسمت كنند

١٠١

{ ولقد آتينا موسى تسع آيات } معجزات

{ بينات } واضحات الدلالة على نبوته وصحة ما جاء به من عند اللّه وهى العصا واليد البيضاء والجراد والقمل والضفادع والجم والطوقان والسنون ونقص الثمرات

{ فاسأل بنى اسرائيل } اى فقلنا له

{ اذ جاءهم } سلهم يا موسى من فرعون وقل له ارسل معى بنى اسرائيل اى اولاد يعقوب.

وقال الكاشفى [ بس بيرس اى محمد ز بنى اسرائيل يعنى ازعلماى ايشان همين آيات را تا صدق قول توبر مشركان ظاهر كردد ] اى ليظهر صدقك حين اختبروك عندهم على وفق ما اخبرتهم اذ جاءهم [ جون آمد موسى برايشان كه جه كذشت ميان وى وفرعون ].

وفى التأويلات النجمية اذ جاءهم موسى بهذه الآيات هل رأوها وستدلوا بها وآمنوا كاهل الحق ممن جعلهم اللّه ائمة يهدون بامره وكانوا بآياته يوقنون

{ فقال له فرعون } قال فى الارشاد الفاء فصيحة اى فاظهر عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما ارسل به فقال له فرعون

{ انى لاظنك يا موسى مسحورا } سحرت فتخبط عقلك ولذا تتكلم بمثل هذه الكلمات الغير المعقولة هو هذا يشبه قوله

{ ان رسولكم الذى ارسل اليكم لمجنون } ويجوز ان يكون السحور للنسبة بمعنى ذى السحر كما قال فى التأويلات النجمية لما كان فرعون من اهل الظن لا من اهل اليقين رآه بنظر الظن الكاذب ساحرا ورأى الآيات سحرا

١٠٢

{ قال } موسى

{ لقد علمت } [ بدرستى كه تو دانسته اى فرعون بدل خود اكرجه بزبان تلفظ نسكنى ].

وفى التأويلات النجمية لو نظرت بنظر العقل لعلمت انه

{ ما انزل هؤلاء } يعنى الآيات التى اظهرها

{ الا رب السموات والارض } خالقهما ومدبرهما

{ بصائر } حال من الآيات اى بينات مكشوفات تبصرك صدقى ولكنك تعاند وتكابر . وبالفارسية [ آيتهاى روشن كه هريبك دليلست برنبوت من ].

وفى التأويلات النجمية اى ترى بنور البصيرة والعقل انتهى.

قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر العلم ليس جالبا للسعادة الا من حيث كرده الجهل فلا تحجب علمك فان فرعون علم نبوة موسى وابليس علم حال آدم واليهود علموا نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى اخوانه وحرموا التوفيق للايمان فاشقاهم زمانا ذلك الاستيقان قال تعالى

{ وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا } قال الكمال الخجندى

در علم محققا جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست

وقال الحافظ

نه من زبى عملى درجهان ملولم وبس ... ملالت علما هم ز علم بى عملست

{ وانى لاظنك يا فرعون مثبورا } مصروفا عن الخير مطبوعا على الشر من قولهم ما ثبرك عن هذا اى ما صرفك او هالكا فان الثبور الهلاك.

وفى التأويلات النجمية اى بلا بصيرة وعقل والظن ظنان ظن كاذب وظن صادق وكان ظن فرعون كاذابا وظن موسى صادقا.

١٠٣

{ فاراد } اى فرعون من نتائج ظنه الكاذب

{ ان يستفزهم } الاستفزاز الازعاج . والمعنى بالفارسة.

[ برانكيزد ودور كند موسى وقوم او ]

{ ومن الارض } اى ارض مصر او من وجه الارض بالقتل الاستئصال

{ فاغرقناه } اى فرعون

{ ومن معه } من القبط

{ جميعا } ونجينا موسى وقومه من نتائج ظنه الصادق.

قال فى الارشاد فعكسنا عليه مكره واستفززناه وقومه بالاغراق.

١٠٤

{ وقلنا من بعده } اى من بعد اغراق فرعون

{ لبنى اسرائيل } اولاد يعقوب

{ اسكنوا الارض } التى اراد ان يستفزكم منها وهى ارض مصر ان صح انهم دخلوها بعده او الارض مطلقا

{ فاذا جاء وعد الآخرة } يعنى قيامة الساعة

{ جئنا بكم } [ بياريم شما وايشانرا بحشره كاه ]

{ لفيفا } [ جماعتى آميخته باهم بس حكم كنيم ميان شما ] تمييز سعداء واشقياء.

واللفيف الجماعات من قبائل شتى قد لف بعضها ببعض.

قال فى القاموس

{ جئنا بكم لفيفا } مجتمعين مختلطين من كل قبيلة انتهى.

وفى التأويلات النجمية اى يلتف الكافرون بالمؤمنين لعلهم ينجون بهم من العذاب فيخاطبون بقوله تعالى

{ وامتازوا اليوم ايها المجرمون } ولا ينفعهم التلفف بل يقال لهم

{ فريق فى الجنة وفريق فى السعير } انتهى.

يقول الفقير وذلك لان التلفف الصورى والارتباط الظاهرى لا ينفع الكفار والمنافقين اذ لم يجمع بينهم وبين المؤمنين الاعتقاد الخالص والعمل الصالح فكانوا كمن انكسرت فينتهم فتعلق من لا يحسن السباحة بالسباح فتعلقه هذا لا ينفعه اذ البحر عميق والساحل بعيد فكم من سباح لا ينجو فكيف غيره : سعدى

در آبى كه بيدا نباشد كنار ... غرور شناور نيايد بكار

وفى الحديث ( من ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) يعنى من احره فى الآخرة عمله السيئ او تفريطه فى العمل الصالح لم ينفعه شرف النسب من جهة الدنيا ولم ينجبر به نقيصته فان نسبه ينقطع هناك ألا ترى ان الغصن اليابس يقطع من الشجرة ليبوسته ورطوبة الباقى وغضارته اذ لا مناسبة بينه وبين الاغصان الغضة الطرية فهو وان كان غصن تلك الشجرة متعلقا بها منسوبا اليها لكنه ليبوسته حرى بالقطع وانما النسب المفيد هو نسبه التقوى ولذا قال عليه السلام ( كل تقى نفى آلى ) وكل من لم يكن متصفا بالتقوى والنقاوة فليس من آله كابى لهب ونحوه وليس له طريق ينتهى الى اللّه تعالى فياحسرة قوم ظنوا الوصول مع تضييع الاصول وبذل النقد فى الفضول وعرضت على بعض الاكابر عطية من اللّه تعالى بلا وساطة فقال لا اقبلها الا على يد محمد صلّى اللّه عليه وسلّم يعنى على الصراط السوى فجاءته من تم فقد ضوعفت فهذا شاه بان صحة الاتصال باللّه انما هى بصحة الاتصار بواسطة وهو الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وان الرسول وشريعته محك فتضرب المواهب والعطايا عليه فان جاءت موافقة لما امره قبلت والا ردت اذ يحتمل ان يكون ذلك من قبل الشيطان والنفس جاء ملبوسا بلباس الحق مزخرفا فلا بد من التمييز وهو من اصعب الامور فعليك ايها الاخ فى اللّه بالثبات والوقار ولا يستفزك العدو حتى لا تقع فى ورطة البوار : قال الحافظ

در راه عشق وسوسه اهر من بسيست ... هش دار وكوش دل بيبام سروش كن

واللّه المنجى والموافق

{ وبالحق انزلناه وبالحق نزل } اى وما انزلنا القرآن الا ملتبسا بالحق المقتى لانزاله وما نزل الا ملتبسا بالحق الذى اشتمل عليه فالمراد بالحق فى كل من الموضعين معنى يغاير الآخر فلا يرد ان الثانى تأكيد للأول.

قال الكاشفى [ درتيبان آمده كه با بمعنى على است ومراد ازحق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم يعنى وعلى محمد نزل . درمدارك آورده احمد ابن ابى كجوارى كفت محمد بن سماك بيمارشد قاروزه او بطيب ترسا مى برديم مردى نيكو روى وخوشبووى وجامه باكيزه بوشيده بما رسيد وصورت حال برسيد بوى كفيتم فرمودكه سبحان اللّه در مهم دوست خدى تعالى از دشمن خدى استعانت مى كنيد باز كرديد وباين سماك بكوييدكه دست خود برموضع وجع بنه وبكوى.

١٠٥

{ وبالحق انزلناه وبالحق نزل } وازجشم ما غائب شد باز كشتيم وقصه بعرض شيخ رسانيديم دست بران موضع نهاد واين كلمات بكفت فى الحال شفا يافت وكفته اند آن كس خرض عليه السلام بود اثر حكمت اين كار طيبيان الهبست ].

وفى التأويلات النجمية انزال القرآن كان بالحق لا بالباطل وذلك لانه تعالى لما خلق الارواح المقدسة فى احسن تقويم ثم بالنفخة رده الى اسفل سافلين وهو القالب الانسانى احتاجت الارواح فى الرجوع الى اعلى عليين قرب الحق وجواره الى حبل تعتصم به فى الرجوع فانزل اللّه القرآن وهو حبله المتين وقال

{ واعتصموا بحبل اللّه جميعا } وبالحق نزل ليضل به اهل الشقاوة وبالرد والجحود والامتناع عن الاعتصام به ويبقى فى الاسفل حكمة بالغة منه ويهدى به اهل السعادة بالقبول والايمان والاعتصام به والتخلق بخلقه الى ان يصل به الى كمال قربه فيعتصم به كما قال

{ واعتصموا باللّه هو مولاكم } { وما ارسناك الا مبشرا } للمطيع بالثواب

{ ونذيرا } للعاصى من العقاب فلا عليك الا التبشير والانذار.

وفى التأويلات النجمية

{ مبشرا } الاهل السعادة بسعادة الوصول والعرفان عند التمسك بالقرآن

{ ونذيرا } لاهل الشقاوة بشقاوة البعد والحرمان والخلود فى النيران عند الانفصام عن حبل القرآن وترك الاعتصام به [ سلمى قدس سره فرموده كه مزده دهنده آنراكه ازماروى بكرداند وبيم كننده آنراكه روى بما آورد يعنى بدكارانرا بشارت دهدبست رحمت وكمال فعوما تاروى بدركاه ما آرند

حافظا رفت او بهر كنهكار نست ... ن اميدى مكن اى دوست كه فاسق باشى

نيكانرا انذار كند از اثر هيبت وجلال تابر اعمال خود اعتماد ننمايند

زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه ... رنده ازره نياز بدار السلم رفت

١٠٦

{ وقرآنا } منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى

{ فرقناه } نزلناه مفرقا . وبالفارسية [ وبرا كنده فرستاديم قرآنرا يعنى آيت آيت وسوره سوره ]

{ لتقرأه على الناس على مكث } اى مهل وتأن فانه ايسر للحفظ واعون على الفهم

{ ونزلناه } فى ثلاث وعشرين سنة

{ تنزيلا } على قانون الحكمة وحسب الحوادث وجوابات السائلين.

١٠٧

{ قل } للذين كفروا

{ آمنوا به } اى بالقرآن

{ اول لا تؤمنوا } فان ايمانكم به لا يزيده كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا

حاجت مشاطه نيست روى دلارام را ... والامر للتهديد كما فى تفسير الكاشفى

{ ان الذين اوتوا العلم من قبله } اى العلماء الذين قرأوا الكتب السالفة من قبل تنزيله وعرفوا حقيقة الوحى وامارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين الحق والباطل والمحق والمطبل نحو عبد اللّه بن سلام واتباعه من اليهود والنجاشى واصحابه من النصارى

{ اذا يتلى } اى القرآن

{ عليهم يخرون للاذقان } [ بيفتند برزنخهاى خود ] اى يسقطون على وجوههم فاللام بمعنى على والاذقان الوجوه على سبيل التعبير عن الكل بالجزء مجاز

{ سجدا } اى حال كونهم ساجدين تعظيما لامر اللّه وهوتعليل لما يفهم من قوله آمنوا به اولا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك اى ان لم يتؤمنوا فقد آمن به احسن ايمان من هو خير منكم.

قال البيضاوى ذكر الذقن لانه اول ما يلقى الارض من وجه الساجد واللام فيه لاختصاص الخرور به.

قال سعدى المفتى فى حواشيه فيه بحث فانه ظاهر ان اول ما يلقى الارض من وجه الساجد جبهته وانفه الا ان يقال ان طريق سجدتهم غير ما عرفناه انتهى.

يقول الفقير معنى اللقاء هنا كون الذقن اقرب شئ الى الارض من الانف والجبهة حال السجدة اذا الاقرب ال الارض بالنسبة الى حال الخرور الركبة ثم اليدان ثم الرأس واقرب اجزاء الرأس الذقن والاقرب الى السماء بالاضافة الى حال الرفع الرأس واقرب اجزاء الرأس الجبهة فافهم.

١٠٨

{ ويقولون } فى سجودهم

{ سبحان ربنا } [ باكست بروردكارما ] عما يفعل الكفرة من التكذيب او عن خلفه وعده الذى فى الكتب السالفة ببعث محمد وانزال القرآن عليه

{ ان } اى ان الشأن

{ كان وعد ربنا مفعولا } كائنا لا محالة واقعا البتة لان الخلف نقص وهو محال على اللّه تعالى.

يقول الفقير الظاهر ان المراد بالوعد وعد الآخرة كما يدل عليه سياق الآية من قصة موسى وفرعون وما قبلها من قصة قريش فى انكار البعث واللّه اعلم.

١٠٩

{ ويخرون للاذقان يبكون } اى حال كونهم باكين من خشية اللّه تعالى كرر الخرور للاذقان لاختلاف السبب فان الاول لتعظيم امر اللّه والثانى لما اثر فيهم من مواعظ القرآن.

عن عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما قال قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( تضرعوا وابكوا فان السموات والارض والشمس القمر والنجوم يبكون من خشية اللّه )

{ ويزيدهم } اى القرآن بسماعهم

{ خشوعا } كما يزيدهم علما ويقينا باللّه والخشوع [ فروتنى ] وتضرع.

واعلم ان التواضع والسجود من شأن الارواح والبكاء والخشوع من شأن الاجساد وانما ارسلت الارواح الى الاجساد لتحصيل هذه المنافع فى العبودية.

قال الكاشفى [ اين سجده جهارم است ار سجدات قرآن وحضرت شيخ قدس سره اين را سجود العلماء خوانده وفرموده كه بحقيقت اين سجود متجليست زيراكه خشوع ازوقوع تجلى باشد برظاهر يابرهردو وجون خبر دادكه خشوع ايشان زيادة ميشود وخشوع نمى باشد الا از تجلى الهى بس زيادتى خشوع دليل زيادتئ تجلى باشد وبر آن تقدير اين سجود تجلى بود وساجد بايدكه ببركت اين سجده از فيض تجلى بهره مند وخضوع او بيفزايد ] ما تجلى اللّه لشئ الا خضع له

لمعه نور تجلى از قدم ... برحدوث افتد فرو ريزدزهم

بس خضوع اينجا زوال هستى است ... وزبلندى موجب اين بستى است

فعليك بذلك الوجود وافنائه فانه تعالى انما يتجلى لاهل الفناء نعم ان الفناء من التجلى كما دل عليه الخبر المذكور : وفى المثنوى

جون تجلى كرد اوصاف قديم ... بس بسوزد وصف محدث را كليم

١١٠

{ قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن } - روى - ان اليهود قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انك لتقل ذكر الرحمن وقد اكثر اللّه فى التوراة فنزلت . والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء والمراد باللّه والرحمن الاسم لا المسمى واو للتخيير والمراد انهما سيان فى حسن الاطلاق والافضاء الى المقصود . والمعنى سموا بهذا الاسم او بهذا واذكروا اما هذا

واما هذا

{ ايا ما تدعوا } [ هر كدام را بخوانيد وبدان حق را خوانده باشيد ] والتنوين عوض عن المضاف اليه وما صلة لتأكيد ما فى أى من الابهام اى أى هذين الاسمين سميتم وذكرتم

{ فله } اى للمسمى لان التسمية لمسمى هذين الاسمين وهو ذاته تعالى لا للاسم

{ الاسماء الحسنى } حسن جميع اسمائه يستدعى حسن ذينك الاسمين . والحسنى تأنيث الاحسن لان حكم الاسماء حكم المؤنث نحو الجماعة الحسنى وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والجمال.

قال فى بحر العلوم معنى كونها احسن الاسماء انها متسقلة بمعانى التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والاليهة والافعال التى هى النهارة ف الحسن.

وقال بعضهم نزلت هذه الآية حين سمع المشركون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول يا اللّه يا رحمن فقالوا انه ينهانا ان نعبد الهين وهو يدعو الها آخر فالمراد هو التسوية بين اللفظين بانهما مطلقان على ذات واحدة وان اختلف معناهما واعتبار اطلاقهما والتوحيد انما هو للذات الذى هو المعبود واو للاباحة لان الاباحة يجوز فيا الجمع بين الفعلين دون التخيير واللّه اعلم.

قال المولى الفنارى رحمه اللّه ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة مسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه اللّه مثلا انتهى.

وقال الامام السهيلى رحمه اللّه فى كتاب التعريف والاعلام كان مسيلمة قديما يتكذب ويتسمى بالرحمن وقد قيل انه تسمى بالرحمن قبل مولد عبد اللّه والد النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ثم عمر عمرا طويلا الى ان قتل باليمامة قتله وحشى فى خلاقة ابى بكر رضى اللّه عنه انتهى - روى - ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته لان هذا الاسم الجليل لا يليق الا لجناب الحق تعالى ولهذا لم يشاركه فيه احد كما قال تعالى

{ هل تعلم له سميا } اى مشاركا له فى هذا الاسم وقال فرعون مصر للقبط انا ربكم الاعلى ولم يقدر ان يقول انا اللّه تعالى.

قال حضرة الهدائى قدس سره استمداد جميع الاسماء من الاسم الرحمن الذى هو مقام خاتم النبوة والشفاعة العامة واليه ينتهى كل الاسماء واستمداده من اسم الذات فينبغى للسالك ان لا يقصر بالعبادة فى مراتب بعض الاسماء حتى يصل الى المسمى ويجمع جميع الاسماء ويكون فوق الكل : وفى المثنوى

دست شد بالاى دست اين تاكجا ... تابيزدان كه اليه المنتهى

كان يكى درياست بى غور وكران ... جملة درياها جوسيلى بيش ان

{ ولا تجهر بصلاتك } اى بقراءة صلاتك فى المسجد الحرام بحيث تسمع المشركين فان ذلك يحملهم على سب القرآن ومن انزله ومن انزله ومن جاء به واللغو فيه ففيه حذف المضاف لان الجهر والمخافتة صفتان تعتقبان على الصوت لا غير والصلاة افعال واذكار او هو من تسمية الجزء بالكل مجازا

{ ولا تخافت بها } اى بقراءتها بحيث لا تسمع من خلفك من المؤمنين.

قال الكاشفى [ وآواز فمدار رآن ]

{ وابتغ } اطلب

{ بين ذلك } اى بين الجهر والمخافتة على الوجه المذكور

{ سبيلا } امرا وسطا فان خيرا الامور اوساطها والتعبير عن ذلك بالسبيل باعتبار انه امر يتوجه اليه المتوجهون ويؤمه المتقدون فيوصلهم الى المطلوب - روى - ان ابا بكر رضى اللّه عنه كان يخفت ويقول انا جى ربى وقد علم حاجتى وعمر رضى اللّه عنه يجهر بها ويقول اطرد الشيطان واوقظ الوسنان فلما نزلت امر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ابا بكر ان يرفع قليلا وعمر ان يخفض قليلا.

١١١

{ وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا } لان الولادة من صفات الاجسام لا غير وهو رد لليهود والنصارى وبنى مدلج حيث قالوا عزير ابن اللّه والمسيح ابن اللّه والملائكة بنات اللّه تعالى عن ذلك علوا كبيرا

{ ولم يكن له شريك فى الملك } فى ملك العالم اى الالوهية فان الكل عبيده والعبد لا يصلح ان يكون شريكا لسيده فى ملكه وهو رد للثنوية القائلين بتعد الآلهة : وفى المثنوى

واحد اندر ملك اورا يارنى ... بند كانش را جز اوسالارنى

نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شر كتش دعوى كند جزهالكى

{ ولم يكن له ولى من الذل } لم يوال احدا من اجل مذلة ليدفعها بموالاته فانه محال انه يذل فيحتاج الى احد يتعزز به ويدفع عنه المذلة اذ له العزة كلها فليس له مذلة دلالة ولا له احتياج الى ولى يدفع الذل عنه وهو رد للمجوس والصابئين فى قولهم لولا اولياء اللّه لذل اللّه تعالى عن ذلك.

وفى الاسئلة المقحمة كيف جعل عدم الولد علة استحقاق الحمد الجواب ان هذا ليس بتعليل لوجوب الحمد انما هو بيان من يقع له الحمد كما تقول الحمد لله الاول الآخر الحمد لله رب العالمين انتهى.

وفى الكشاف كيف رتب الحمد على نفى الولد والشريك والذل اى مع انه لم يكن من الجميل الاختيارى قلت ان من هذا وصفه هو الذى يقدر على ايلاء كل نعمة فهو الذى يستحق جنس الحمد

{ وكبره تكبيرا } عظمه تعظيما او قل اللّه اكبر من الاتخاذ والشريك والولى.

وقال الكاشفى [ يعنى حق را بزر كتر دان ازوصف واصافان ومعرفت عارفان

فكرها عاجزست زا وصافش ... عقهلا هرزه ميزند لافش

عقل عقلست جان جانست او ... آن كزو برترست آنت او

وكان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم اذا افصح الغلام من بنى عبد المطلب علمه هذه الآية وكان يسميها آية العزة.

قال فى التأويلات النجمية

{ قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن } يشير الى ان اللّه اسم الذات والرحمن اسم الصفة

{ ايا ما تدعوا } اى بأى اسم من اسم الذات والصفات تدعونه

{ فله الاسماء الحسنى } بدعائك وعبادتك رياء وسمعة

{ ولا تخافت بها } اى ولا تخفها بالكلية عن نظر لئلا يحرموا المتابة والاسوة الحسنة

{ وابتغ بين ذلك سبيلا } وهو اظهار الفرائض بالجماعات فى المساجد واخفاء النوافل وحدانا فى البيوت

{ وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا } فيكون كمال عنايته وعواطف احسانه مخصوصا بولده ويحرم عباده معه

{ ولم يكن له شريك فى الملك } فيكون مانعا له من اصابة الخير الى عباده واوليائه

{ ولم يكن له ولى من الذل } فيكون محتاجا اليه فينعم عليه دون ما استغنى عنه بل اولياؤه الذين آمنوا وجاهدوا فى اللّه حق جهاده.

وكبروا اللّه وعظموه بالمحبه والطلب والعبودية وهو معنى قوله

{ وكبره تكبيرا } انتهى [ علم الهدى فرموده كه حق سبحانه دوست نكيرد تابمدد ايشان ازدل بعز رسد بلكه دوست كيرد تابلطف وى از حضيض مذلت تاباوج عزت ترقى كند ] كما قال اللّه تعالى

{ اللّه ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } وهذه الولاية عامة مشتركة بين جميع المؤمنين وترقيهم من الجهل الى العلم وقال تعالى

{ ألا ان اولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } وهذه الولاية خاصة بالواصلين الى اللّه من اهل السلوك وترقيهم من العلم الى العين ومن العين الى الحق.

قال فى شرح الحكم العطائية ان عباد اللّه المخلصين قسمان قوم اقامهم الحق لخدمته وهم العباد والزهاد واهل الاعمال والاوراد وقوم خصهم بمحبته وهم اهل المحبة والوداد والصفاء واتباع المراد وكل فى خدمته وتحت طاعته وحرمته اذ كلهم قاصد وجهه ومتوجه اليه قال اللّه تعالى

{ كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك } وهذا عام فى كل طريق وظاهر فى كل فريق

{ وما كان عطاء ربك محظورا } فيحجر او يحصر فى نوع واحد او صفة واحدة.

وقد قال يحيى بن معاذ رضى اللّه عنه الزاهد صيد الحق من الدنيا والعارف صيد الحق من الجنة.

وقال ابو يزيد البسطامى قدس سره اطلع اللّه سبحانه الى قلوب اوليائه فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة فشغلهم بالعبادة : قال الحافظ

درين جمن نكنم سرز نش بخودرويى ... جنانكه برورشم ميدهند ميرويم

تمت سورة الاسراء فى اوسط جمادى الاولى من سنة خمس ومائة والف.

﴿ ٠