سُورَةُ مَرْيَمَ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانٍ وَتِسْعُونَ آيَةً

١

{ كهيعص } اسم للسورة ومحله ارفع على انه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير هذا كهيعص الى مسمى به وانما صحت الاشارة اليه مع عدم جريان ذكره لانه باعتبار كونه على جناح الذكر صار فى حكم الحاضر المشاهد كما يقال هذا ما اشترى فلان كما فى الارشاد.

وقال فى تفسر الشيخ قسم اقسم باللّه تعالى او هى اسم من اسمائه الحسنى ويدل عليه ما قرأوا فى بعض الادعية من قولهم يا كهيعص يا حمعق اوانه مركب من حروف يشير كل منها الى صفة من صفاته العظمى . فالكاف من كريم وكبير . والهاء من هاد . والياء من رحيم . والعين من عليم وعظيم . والصاد من الصادق او معناه هو تعالى كاف لخلقه هاد لعباده يده فوق ايديهم عالم ببريته صادق فى وعده.

قال الكاشفى [ درمواهب صوفيان از مواهب الهى كه برحضرت شيخ ركن الدين علاء الدوله سمنانى قدس سره فرود آمده مذكوراست كه حضرت رسالت را صلّى اللّه عليه وسلّم سه صورتست يكى بشرى كقوله تعالى

{ انما انا بشر مثلكم } دوم ملكى نانكه فرموده است ( لست كاحد ابيت عند ربى ) سيوم حقى كما قال ( لى مع اللّه وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ) وازين روشنتر ( من رآنى فقد رأى الحق ) وحق سبحانه را يا او درهر صورتى سخن بعبارتى ديكر واقع شده است درصورت بشرى كلمات مركبه جون

{ قل هو اللّه احد } ودرصورت ملكى حروف مفرده مانند

{ كهيعص } واخواته ودرصورت حقى كلامى مبهم كه

{ فاوحى الى عبده ما اوحى } درتنكناى حرف نكنجد بيان ذوق زان سوى حرف ونقطعه حكايات ديكرست

وفى التأويلات النجمية فى سورة البقرة يحتمل ان يكون

{ الم } وسائر الحروف المقطعة من قبيل المواضعات والمعميات بالحروف بين المحبين لا يطلع عليها غيرهم وقد واضعها اللّه تعالى مع نبيه عليه السلام فى وقت لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ليتكلم بها معه على لسان جبريل باسرار وحقائق لا يطلع عليها جبريل ولا غيره . يدل على هذا ما روى فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى

{ كهيعص } فلما قال كاف قال النبى عليه السلام ( علمت ) فقال ها فقال ( علمت ) فقال يا فقال ( علمت فقال عين فقال ) علمت ( فقال صاد فقال ) علمت فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم.

وفى اسئلة الحكم علوم القرآن ثلاثة

علم لم يطلع اللّه عله احدا من خلقه وهو ما استتأثر به من علوم اسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق اسمائه وصفاته وتفصاسيل علوم غيوبه التى لا يعلمها الا هو وهذا لا يجوز لاحد الكلام فيه بوجه من الوجوه اجماعا .

العلم الثانى ما اطلع عليه نبيه من اسرار الكتاب واختصه به وهذا لا يجوز الكلام فيه الاله عليه السلام او لمن اذن له واوآئل السور من هذا القسم

وقيل من القسم الاول .

العلم الثالث علوم علمها اللّه نبيه مم اودع كتابه من المعانى الجليلة والخفية وامره بتعليمها.

٧٢

{ ثم ننجى الذين اتقوا } [ بس نجات دهيم آنانرا كه برهيز كردند ازشرك يعنى بيرون آريم ازدوزخ ] احال الورود الى الوارد واحال النجاة الى نفسه تعالى.

ففيه اشارة الى ان كل وارد يرد بقدم الطبيعة فى هاوية الهوى ان شاء وان ابى ولو خلى الى طبيعته لا ينجو منها ابدا ولكن ما نجا من نجا الا بانجاء اللّه تعالى اياه

{ ونذر } نترك

{ الظالمين } لانفسهم بالكفر والمعاصى

{ فيها } فى جهنم

{ جثيا } [ بزانو در آمد كان ] وهو اشارة الى هوانهم وتقاعدهم عن الحركة الى الجنة مع الناجين.

وفى تفسير الجلالين جثيا اى جميعا انتهى.

اعلم ان الوعيدية وهم المعتزلة قالوا ان من دخلها لا يخرج منها وقالت المرجئة لا يدخلها مؤمن قط وقالوا ان الورود ههنا هو الحضور لا الدخول فاما اهل السنة فقالوا يجوز ان يعاقب اللّه العصاة من المؤمنين بالنار ثم يخرجهم منها.

وقالوا معنى الورود الدخول كقوله تعالى

{ فاوردهم النار } وقال تعالى

{ حصب جهنم انتم لهم واردون } وبدليل قوله تعالى

{ ثم ننجى الذين اتقوا } والنجاة انما تكون بعد الدخول فيها كقوله تعالى

{ فنجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين } فان قلت كيف يدخلونها واللّه تعالى يقول

{ اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها } قلت المراد به الابعاد عن عذابها . قال فى الاسئلة المقحمة يجوز ان يدخلوها ولا يسمعوا حسيسها لان اللّه تعالى يجعلها عليهم بردا وسلاما كما جعلها على ابراهيم عليه السلام فالمؤمنون يمرون بجهنم وهى برد وسلام والكافرون وهى نار كما ان الكوز الواحد كان يشربه القبطى فيصير دما والاسرائيلى فيكون ماء عذبا

مؤمن فسون جه داند برآتشش بخواند ... سوزش درو نماند كردد جونور روشن

وفى الحديث ( جز يا مؤمن فان نورك قد اطفأ لهبى ) وفى المثنوى

كويدش بكذر سبك اى محتشم ... ورنه آتشهاى تومرد آتشم

فان قلت اذا لم يكن فى دخول المؤمنين عذاب فما الفائدة فيه . قلت وجوه . الاول ان يزيدهم سرور اذا علموا الخلاص منه . والثانى يزيد غم اهل النار لظهور فضيحتهم عند المؤمنين والاولياء الذين كانوا يخوفونهم بالنار.

والثالث يرون اعداءهم المؤمنين قد تخلصوا منها وهم يبقون فيها . والرابع ان المؤمنين اذا كانوا معهم فيها بكتوهم فيزداد غمهم . والخامس ان مشاهدة عذابهم توجب مزيد التذاذهم بنعيم الجنة . يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان جهنم صورة النفس الامارة ففى الدنيا يرد كل من الانبياء والاولياء والمؤمنين والكافرين هاوية الهوى بقدم الطبيعة لكن الانبياء لكون نفوسهم من المطمئنة يجدونها حامدة

واما الاولياء فيردون عليها وهى ملتهبه ثم يجهدون الى ان يطفئوها بنور الهدى ويلتحق بهم بعض المؤمنين وهم المعفو عنهم ولا يمر هؤلاء الطوائف الجليلة بالنار فى الآخرة فلا يحترقون بها اصلا

واما الكفار فلما كان كفرهم كبرت الهوى فى الدنيا فلا جرم يدخلون النار فى الآخرة وهى ملتهبة فيبقون هناك محترقين مخلدين ويلتحق بهم بعض العصاة وهم المعذبون لكنهم يخرجون منها بسبب نور تقواهم عن الشرك.

وقال ابن مسعود والحسن وقتادة ورودها الجواز على الصراط الممدود عليها وذلك لانه لا طريق الى الجنة سوى الصراط فالمرور فى حكم الورود وفى الحديث ( لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار الا تحلة القسم ) وهى قوله تعالى

{ وان منكم الا واردها } والنحلة مصدر حللت اليميين اى ابررتها ونحلة القسم ما يفعله الحالف مما اقسم عليه مقدار ما يكون بارا فى قسمه فهو مثل فى القليل المفرط القلة . وقال مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده فى الدنيا لقوله عليه السلام ( الحمى من فيح جهنم فابردوها ) بالماء وفى الحديث ( الحمى حظ كل مؤمن من النار ) وقد جاء ( ان حمى ليلة كفارة سنة ومن حم يوما كان له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه ) وعن جابر رضى اللّه عنه استأذنت الحمى على رسول اللّه عليه السلام فقال ( من هذه ) قالت ام ملدم فامر بها عليه السلام الى اهل قبا فلقوا منها ما لا يعلمه الا اللّه فشكوا اليه عليه السلام فقال ( ان شئتم دعوت اللّه ليكشفها عنكم وان شئتم تكون لكم طهورا ) قالوا أو يفعل ذلك قال ( نعم ) قالوا فدعها قالت عائشة رضى اللّه عنها قدمنا المدينة وهى اوبى ارض اللّه ولما حصلت لها الحمى قال لها عليه السلام ( مالى اراك هكذا ) قالت بابى انت وامى يا رسول اللّه هذه الحمى وسبتها فقال ( لا تسبيها فانها مأمورة ولكن ان شئت علمتك كلمات اذا قلتهن اذهب اللّه عنك ) قال فعلمنى قال ( قولى اللهم ارحمن جلدى الرقيق وعظمى الدقيق من شدة الحريق يا ام ملدم ان كنت آمنت باللّه العظيم فلا تصدعى الرأس ولا تنتنى الفم ولا تأكلى اللحم ولا تشربى الدم وتحولى عنى الى من اتخذ مع اللّه الها آخر ) فقالت فذهبت عنها كذا فى انسان العيون.

٧٣

{ واذا تتلى } [ وجون خوانده شود ]

{ عليهم } الى على المشركين

{ آياتنا } القرآنية

{ بينات } واضحات الاعجاز والمعانى وهى حال مؤكدة فان آيات اللّه لا ينفك عنها الوضوح

{ قال } [ كويند ]

{ الذين كفروا } كنضر بن الحارث واصحابه

{ للذين آمنوا } اى لفقراء المؤمنين واللام للتبليغ كما فى مثل قوله تعالى

{ وقال لهم نبيه } او لام الاجل اى لاجلهم فى حقهم

{ أيّ الفريقين } اى المؤمنين والكافرين كأنهم قالوا اينا

{ خير } نحن او انتم

{ مقاما } مكانا ومسكنا يعنى [ مارا منازل نزه است وهمه اسباب معيشت ]

{ واحسن نديا } اى مجلسا ومجتمعا.

قال بعض المفسرين الندى المجلس الجامع لوجوه قومهم واعوانهم وانصارهم يعنى [ در مجمع ما همه صناديد قريش واشراف عرب اند ودر مجلس او همه موالى وضعفا ] - روى - انهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنونها ويتطيبون ويتزينون بالزين الفاخرة فاذا مسعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها قالوا مفتخرين بالحظوظ الدنيوية على فقراء المؤمنين لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم فى الدنيا احسن لان الحكيم لا يليق به ان يوقع اولياءه فى لاعذاب والذل واعداءه فى العز والراحة لكن الامر بالعكس وقصدهم بهذا الكلام صرفهم عن دينهم فرد اللّه عليهم بقوله

{ وكم اهلكنا قبلهم من قرن } كم مفعول اهلكنا ومن قرن بيان لابهامها واهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مأخوذ من قرن الدابة وهو مقدمها.

وقال الكاشفى [ من قرن : كروهى را مجتمع بودند در زمان واحد ] انتهى كأنه اخذه من الاقتران

{ هم احسن } فى محل النصب على انه صفة لكم

{ اثاثا } تمييز عن النسبة وهو متابع البيت يعنى [ نيكوتر ازجهت امتعه بيت كه آرايش منازل بدان باشد ]

{ ورئيا } هو المنظر والهيئة فعل من الرؤية لما يرى كالطحن لما يطحن والمعنى كثير من القرون التى كانوا افضل منهم فيما يفتخرون به من الحظوظ الدنيوية كعاد وثمود واضرابهم من الامم العاتية قبل هؤلاء اى كفار قريش اهلكناهم بفنون العذاب لو كان ما آتيناهم لكرامتهم علينا لما فعلنا بهم ما فعلنا.

وفيه من التهديد والوعيد ما لا يخفى كأنه قيل فلينظر هؤلاء ايضا مثل ذلك.

قال الكاشفى [ نه آن مال هلاك از ايشان دفع كرد ونه آن جمال عذاب از ايشان باز داشت ].

برمال وجمال خوبشتن تكيه مكن ... كانرا بشى برند وآنرا بتبى

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الانكار واهل العزة باللّه

{ واذا تتلى عليهم آيتنا بينات } من الحقائق والاسرار

{ قال الذين كفروا } ستروا الحق بالانكرا والاستهزاء

{ للذين آمنوا } من اهل التحقيق اذا رأوهم مرتاضين مجاهدين مع انفسهم متحملين متواضعين متذللين متخاشعين وهم متنعمون متمولون متكبرون متبعوا شهوات انفسهم ضاحكون مستبشرون

{ أى الفريقين } منا ومنكم

{ خير مقاما } منزلة ومرتبة فى الدنيا ووجاهة عند الناس وتوسعا فى المعيشة

{ واحسن نديا } مجلسا ومنصبا وحكما فقال تعالى فى جوابهم

{ وكم اهلكنا قبلهم من قرن } اى اهلكناهم بحب الدنيا ونعيمها اذا غرقناهم فى بحر شهواتها واستيفاء لذاتها والتعزز بمناصبها

{ هم احسن اثاثا ورئيا } استعدادا واستحقاقا فى الكمالات الدينية منكم كما قال عليه السلام ( خياركم فى الاسلام خياركم فى الجاهلية اذا فقهوا )

﴿ ١