|
١٥ { وسلام } سلامة من اللّه تعالى وامان { عليه } على يحيى اصله وسلمنا عليه فى هذه الاحوال وهى اوحش المواطن لكن نقل الى الجملة الاسمية للدلالة على ثبات السلام واستقراره فان وحشتها لا تكاد تزول الا بثبات الاسلام فيها ودوامه { يوم ولد } من رحم امه من طعن الشيطان كما يطعن سائر بنى آدم { ويوم يموت } بالموت الطبيعى من هو الموت وما بعده من عذاب القبر { ويوم يبعث } حال كونه { حيا } من هول القيامة وعذاب النار. وفيه اشارة الى الولادة من ام الطبيعة والموت بالفناء عن مقتضيات الطبيعة فى اللّه والبعث بالبقاء بعد الفناء. وقال ابن ابى عيينة اوحش ما يكون الانسان فى هذه الاحوال يوم ولد فيخرج مما كان ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث فيرى نفسه فى محشر لم ير مثله فخص يحيى بالسلام فى هذه المواطن. واعلم ان زكريا اشارة الى الروح الانسانى وامرأته الى الجثة الجسدانية التى هى زوج الروح ويحيى الى القلب وقد استبعد الروح بسب طول زمان التعلق بالقالب ان يتولد له قلب قابل لفيض الالوهية بلا واسطة كما قال ( لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن ) وهو الفيض الازلى لم يؤت لواحد من الحيوانات والملائكة كام قال المولى الجامى ملائكة را جه سود از حسن طاعت ... جو فيض عشق بر آدم فرو ريخت ما بشر بولادة القلب المصوف بما ذكر طلب آية يهتدى بها الى كيفية حمل القالب العاقر بالقلب الحيى الذى حيى بنور اللّه تعالى قال { آيتك ان لا تكلم الناس } اى لا تخاطب غير اللّه ولا تلتفت الى ما سوى اللّه ثلث ليال وبها يشير الى مراتب ما سوى اللّه وهى ثلاث الجمادات والحيوانات والروحانيات فاذا تقرب الى اللّه تعالى بعدم الالتفات الى ما سواه يتقرب اليه بموهبة الغلام الذى هو القلب الحى بنوره فخرج زكريا الروح من محراب هواه وتبعه على قوم صفات نفسه وقلبه وانانيته فقال كونوا متوجهين الى اللّه معرضين عما سواه آناء الليل واطراف النهار بل بكرة الازل وعشىّ الابد فلام ولد له يحيى القلب قيل له يا يحيى خذ كتاب الفيض الالهى بقوّة ربانية لا بقوّة انسانية لانه خلق الانسان ضعيفا وهو عن القوة بمعزل وان اللّه هو الرزاق ذو القوّة المتين فجاء صاحب علم وحكمة ورحمة وطهاره من الميل الى ما سوى اللّه واتقاء { وبرّا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا } كالنفس الامارة بالسوء اما بره بوالد الورح فتنويره بنور الفيض الالهى اذ هو محل قبول الفيض لان الفيض الالهى وان كان نصيب الروح اولا ولكن لا يمسكه للطافة الروح بل يعبر عنه الفيض وقبله القلب وسكه لان فيه صفاء وكثافة فبالصفاء يقبل الفيض فتقبل فيضها بصفائها وتمسكه لكثافتها وهذا أحد اسرار حمل الامانة التى حملها الانسان ولم تحملها الملائكة واما برّه بوالدة القالب فباستعمالها على وفق اوامر الشرع ونواهيه لنجبيها من عذاب القبر ويدخلها الجنة كذا فى التأويلات النجمية باختصار. قال بعض الاولياء كنت فى تيه بنى اسرائيل فاذا رجل بماشينى فتعجبت منه والهمت انه الخضر فقلت له بحق الحق من انت قال انا اخوك الخضر فقلت له اريد ان اسألك قال سل قلت بأى وسيله رأيتك قال ببرك امك كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوى. فعلى العاقل ان يكون بارا بوالديه مطلقا انفسيين او افاقيين فان البر يهدى الى الجنة ودار الكرامه ويبشر فى شدائد الاحوال بالامن والامان وانواع السلامة. |
﴿ ١٥ ﴾