سُورَةُ الْحَجِّ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ آيَةً

١

{ يا أيها الناس اتقوا ربكم } أي احذروا من عقوبة مالك اموركم ومربيكم بطاعته

{ ان زلزلة الساعة شىء عظيم } الزلزلة التحريك الشديد بطريق التكرير كما يدل عليه تكرير الحروف لان زلزل مضاعف زل والساعة عبارة عن القيامة سيمت بذلك لسرعة حسابها كما في المفردات ، اختلف العلماء في وقت هذه الزلزلة ، فقال بعضهم تكون في الدنيا قبيل طلوع الشمس من مغربها فيكون الذهول والوضع الاتيان على حقيقتهما ، وقال بعض تكون يوم القيامة فيحملان على التمثيل والاظهر ما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان زلزلة الساعة قيامها فيكون معناها ان الزلزلة الواقعمة عند قيام الساعة شىء عظيم لا يحيط به الوصف فلا بد من التقوى لتخليص النفس من العذاب.

٢

{ يوم ترونها } منتصب بما بعده أي وقت رؤيتكم تلك الزلزة

{ تذهل كل مرضعة عما أرضعت } الذهول الذهاب عن الامر مع دهشة والمرضعة المرأة المباشرة للارضاع بالفعل وتبغير التاء هى التى من شأنها الارضاع لكن لم تلابس الفعل ومثلها حائض وحائضة والتبير عن الطفل بما دون من لتأكيد الذهول الذى ألقمته ثديها اشتغلا بنفسها وخوفاً : وبالفارسية [ غافل شود وفراموش كند أزهبيت آن هر شير دهنده ازان فرزندى كه ويرا شيرميدهدبا وجود مهربائى مرضعه بررضيع ] اى لو كان مثلها في الدنيا لذهلت المرضعة عما أرضعته لغير قطاع وكذا قوله تعالى

{ وتضع كل ذات حمل حملها } أي تلقى وتسقط جنينها لغير تمام من شدة غشيها والحمل بالفتح ما كان في البطن أو على رأس الشجر وبالكسر ما كان على الظهر.

وفي التأويلات النجمية يشير الى مواد الأشياء فان لكل شىء مادة هى ملكوته ترضع رضيعها من الملك وذهولها عنه بهلاك استعدادها للارضاع وذات حمل هى ما تسمى هيولى فاها حامل بالصور اى تسقط حمل الصور الشهادية املاك الهيولى

{ وترى الناس } اهل الموقف

{ سكارى } جمع سكران اى كأنهم سكارى وافراد الخطاب هنا بعد جمعه فى ترونها لان الزلزلة يراها الجميع لكونها امرا مغايرا للناس بخلاف الحالة القائمة بهم من أثر السكر فان كل احد لا يرى الا ماقام بغيره والسكر حالة تعرض بين المرء وعقله واكثر ما يستعمل ذلك في الشراب وقد يعترى من الغضب والعشق ولذا قال الشاعر

سكران سكر هوى وسكر مدامة ... ومنه سكرات الموت ، قال جعفر رضى اللّه عنه اسكرهم ما شاهدوا من بساط العز والجبروت وسرادق الكبرياء حتى الجأ النبيين الى ان قالوا نفسى نفسى

دران روز كزفعل برسند وقول ... اولوا العز را تن بلرزد زهول

بجابي كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را جه دارى بيا

{ وما هم بسكارى } حقيقة ، قال الكاشفى [ زيرا زوال عقل ازخوف وحيرت سكر نباشد واكر رأى العين ما نند سكر نمايد ] وفي اشاره الى صور الاخروية وان كانت مثل الصور الدنيوية في ظاهر النظر لكن بين الحقيقتين تخالف ولذا قال ابن عباس رضى اللّه عنهما لا يشبه شىء مما فى الجنة شيأ مما فى الدنيا الا بالاسم ، واعلم ان السكر من انواع شتى . فمن شراب الغفلة والعصيان . ومن حب الدنيا وشهواتها . ومن التنعم . ومن لذة العلم . ومن الشوق . ومن المحبة . من الوصال . ومن المعرفة . من المحبية والمحبوبية . كما

قال بعضهم

لى سركتان وللندمان واحدة ... شىء خصصت به من بينهم وحدى

{ ولكن عذاب اللّه شديد} فغشيهم هوله وطير عقولهم وسلب تمميزهم وللعذاب نيران نار جهنم نار القطيعة والفراق ونار الاشتياق ونار الفناء في النار والبقاء بالنار كقوله تعالى { ان بورك من فى النار ومن حولها } وكانت استغاثة النبى عليه السلام بقوله ( كلمينى ياحميراء ) من فروان هذه النار وهيجانها واللّه اعلم ، قال يحيى بن معاز الرازى رحمه اللّه لو أمرنى اللّه ان اقسم العذاب بين الخلق ما قسمت للعاشقين عذابا : قال الحافظ

هرجند غرق بحر كناهم زصد جهت ... كر آشناى عشق شوم زاهل رحمتم

قال بعضهم نزلت هاتان الآيتان في عزوة بنى المصطلق ليلا فقرأهما رسول اللّه على اصحابه فلم يراكثر باكيا من تلك الليلة فلما اصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام وقت النزول ولم يطبخوا قدرا وكانوا بين حزين وباك ومفكر فقال عليه السلام ( أتدرون اى يوم ذلك ) فقالوا اللّه ورسوله اعلم قال ( ذلك يوم يقول اللّه لآدم يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك فيقول اخرج بعث النار فيقول من كل كم قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين ) قال عليه السلام ( فذلك ) أي التقاول ( حين تيشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى ) أي من الخوف ( وما هم بسكارى ) أي من الخمر ( ولكن عذاب اللّه شديد ) فكبر ذلك على المسلمين فبكوا وقالوا يا رسول اللّه اينا ذلك فقال ( ابشروا فان من يأجوج مأجوج الفا ومنكم رجل ) ثم قال ( والذى نفسى بيده أنى لارجوا ان تكونوا ثلث أهل الجنة ) ثم قال ( والذى نفسى بيده انى لارجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة ) فكبروا وحمدوا اللّه ثم قال ( والذي نفسي بيده انى لارجوا ان تكونوا ثلثى أهل الجنة وان اهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها امتى وما المسلمون الا كالشامة في جنب البعير او كالرقمة فى ذراع الحمار بل كالشعرة السوداء في الثور الاربيض او كالشعرة البيضاء في الثور الاسود ) ثم قال ( ويدخل من امتى سبعون الفا الجنة بغير حساب ) فقال عمر رضى اللّه عنه سبعون الفا قال ( نعم ومع كل ألف سبعون ألفا ) فقام عكاشة بن محصن رضى اللّه عنه فقال يا رسول اللّه ادع اللّه ان يجعلنى منهم فقال عليه السلام ( انت منهم ) فقام رجل من الانصار فقال ادع اللّه ان يجعلنى منهم فقال عليه السلام ( سبقك بها عكاشة ) ، قال بعض ارباب الحقائق وجه كون هذه الامة ثمانين صفا ان اللّه تعالى قال في حقهم

{ الئك هم الوارثون } ولما كانت الجنة دارابيهم آدم فالاقرب اليه من اولاده يحجب الا بعد واقر بنيه اليه وافضلهم على الاطلاق هو محمد عليه السلام وامته فكان ثلثا الجنة للاصل الاقرب وبقى الثلث للفرد الابعد وذلك ان الامة المحمدية اقرب الى الكمال من سائر الامم كالذكر اقرب الى الكمال من الانثى مثل حظ الانثيين ولهذا السر يكنى آدم في الجنة بابى محمد ولا شك انه عليه السلام ابو الارواح كما ان آدم ابو البشر فالاب الحقيقى يحجب اولاد اولاده فأمته هم الاولاد الاقربون وسائر الاولاد هم الابعدون.

٣

{ ومن الناس } مبتدأ اى وبعض شالناس وهو النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات اللّه والقرآن اساطير الاولين ولابعث بعد الموت

{ من يجادل } الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمقاتلة واصله من جدلت الحبل اى احكمت فتله كان المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه

{ فى اللّه } اى في شأنه ويقوله فيه مالا خير فيه من الاباطيل حال كون ذلك المجادل ملابسا

{ بغير علم } [ بى دانشى وبى معرفتى وبى برهانى وحجتى ] ، والآية عامة فى كل كافر يجادل فى ذات اللّه وصفاته بالجهل وعدم اتباع البرهان.

وفي التأويلات النجمية يشير الى ان من يجادل فى اللّه ماله علم باللّه ولا معرفة به والا لم يجادل فيه ولم يستسئل وانما يجادل لاتباعه الشيطان كما قال

{ ويتبع } في جداله وعامة احواله

{ كل شيطان مريد } متجرد للفساد متعر من الخيرات وهم رؤساء الكفرة الذين يدعون من دونهم الى الكفر أو ابليس وجنوده يقال مردا لشىء اذا جوزه حد مثله واصله العرى يقال غلام امرد وغصن امرد اذا عرى من الشعر والورق ، وروى ( اهل الجنة مرد ) فقد حمل على ظاهره

وقيل ان معناه معرّون عن المقابح والشوائب

٤

{ كتب عليه } اى قضى على كل شيطان من الجن والانس كما في التأويلات النجمية ، قال الكاشفى [ نوشته شدة است بران ديو درلوح محلفوظ ]

{ انه } أي الشأن

{ من } [ هركس كه ]

{ تولاه } اتخذه وليا وتبعه

{ فانه يضله } بالفتح على انه خبر مبتدأ محذوف اى فشأن الشيطان ان يضل من تولاه عن طريق الحق

{ ويهديه } يدليه

{ الى عذاب السعير } بحمله على مباشرة ما يؤدى اليه من السيآت واضافة العذاب الى السعير وهى النار الشديدة الاشتعال بيانية كشجر الاراكن وعن الحسن انه اسم من اسماء جهنم.

قال في التأويلات النجمية اما الشيطان الجنى فيضله بالوساوس والتسويلات والقاء الشبه

واما الشيطان الانسى فبايقاعه في مذاهب اهل الاهواء والبدع والفلاسفة والزنادقة المنكرين للبعث والمستدلين بالبراهين المعقولة بالعقول المشوبة بشوائب الوهم والخيال وظلمة الطبيعة فستدل بشبههم ويتمسك بعقائدهم حتى يصير من جملتهم ويعد في زمرتهم كما قال تعالى

{ ومن يتولهم منكم فانه منهم } ويهديه بهذه الاستدلالات والشبهات الى عذاب السعير سيعر القعطية والحرمان انتهى ، واعلم ان الكمال الآدمى في العلوم الحقيقية وهي اربعة . الول معرفة النفس وما يتعلق بها . والثاني معرفة اللّه تعالى وما يتعلق به . والثالث معرفة الدنيا وما يتعلق بها . والرابع معرفة الآخرة وما يتعلق بها واهل التقليد دون اهل الاستدلال وهم دون اهل الايقان وهم دون اهل العيان ولا بد للسالك ان يجتهد في الوصول الى مرتبة العيان وذلك بتسليك مرشد كامل فان الاتباع بغيره لا يوصل الى المنزلك قال المولى الجامى

خواهي بصوب كعبه تحقيق ره برى ... بى بر بى مقلدكم كرده ره مرو

وعند الوصول الى مرتبة العيان يلزم غسل الكتب فانه لا يحتاج الى دليل بعد الوصول الى المدلول : وفى المثنوى

جون شدى بربامهاى آسمان ... سردباشد جست وجوى نردبان

آينه روشن كه شد صاف وجلى ... جهل باشد برنهادن صيقلى

بيش سلطان خوش نشته درقبول ... زشت باشد جستن نامه ورسول

وعند هذا المقام ينقطع الجدل من الانام اذ لاجدال بعد العلم الحقيقى ولا اتباع للشيطان الاسود والابيض بعد حط الرحل في عالم الذات الذى لا يدخله الشيطان هو مقام آمن من شر الوسواس الخناس ، فعلى العاقل الاجتهاد في الليل والنهار لتزكية النفس وقمع الانكار فانه جهاد اكبر اذ النفس من الاعداء الباطنة التي يستصعب الاحتراز عنها

نفس ازدرون وديو زبيرون زندرهم ... ازمكراين دورهزن برحيله جون كنم

تسأل اللّه سبحانه ان يحفظنا من شر الاعداء ويجعلنا تابعين للحق الصيح الذي لا محيد عنه انه اعظم ما يرجى منه.

٥

{ يا أيها الناس } يا اهل مكة المنكرين للبعث

{ ان كنتم في رقيب من البعث } البعث الاخراج من الارض والتسير الى الموقف وجيء بان مع كثرة المرتابين لاشتمال المقالم على ما يقلع الريب من اصله وتصوير ان المقام لا تصلح الا لمجرد الفرض له كما يفرض المحال ان كنتم في شك من امكان الاعادة كونها مقدورة له تعالى او من وقوعها

{ فانا خلقناكم } ليس جزاء للشرط لان خلقهم مقدم على كونهم مرتابين بل هو علة للجزاء المحذوف اي فانظروا الى مبدأ خلقكم ليزول ريبكم اى خلقنا كل فرد منكم خلقا اجماليا

{ من تراب } فى ضمن خلق آدم منه وفى الحديث ( ان اللّه جعل الارض ذلولا تمشون في مناكبها خلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة و استكبارا ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر )

{ ثم } خلقناكم خلقا تفصيليا

{ من نطفة } هى الماء الصافى قل او كثر ويعبر بها عن ماء الرجل من نطف الماء اذا سال اومن النطف وهو الصب

{ ثم من علقة } قطعة من الدم جامدة مكونة من المنى

{ ثم من مضغة } اى قطعة من اللحم مكونة من العلق وهى فى الاصل مقدار ما يمضغ

{ مخلقة } بالجرصفة مضغة اى مستبينة الخلق مصورة

{ وغير مخلقة } اى لم يستبن خلقها وصورتها بعد والمراد تفصيل حال المضغة وكونها اولا قطعة لم يظهر فيها شىء من الاعضاء ثم ظهر بعد ذلك شىء لكنه آخر غير المخلقة لكونها عدم الملكة كذا في الارشاد.

ويؤيده قول حضرة النجم في التأويلات

{ مخلقة } اى منفوخة فيها الروح

{ وغير مخلقة } اى صورة لا روح فيها وفى الحديث ( ان احدكم يجمع خلقه ) اي يحر زويقر مادة خلقه ( في بطن امه ) اى في رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء ( اربعين يوما ) روى عن ابن مسعود رضى اللّه عنه ان النطفة اذا وقعت في الرحم فاراد اللّه ان يخلق منها تنشر فى بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث اربعين ليلة ثم تنزل دما في الرحم فذاك جمعها ( ثم تكون علقة مثل ذلك ثم تكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الهل اليه الملك فينفخ فيه الروح ) وهذا يدل لى ان التصوير يكون في الاربعني الثانى لكن المراد تقدير تصويرها لان التصوير قبل المصغة لا يتحقق عادة ( ويؤمر باربع كلمات ) يعنى يؤمر الملك بكتابه اربع من القضايا وكل قضية سمية كلمة ( يكتب رزقه واجله ) اي مدة حياته ( وعمله وشقى )

وهو من وجبت له النار ( او سعيد ) وهو من وجبت له الجنة قدم ذكر شقى لان اكثر الناس كذا

{ لنبين لكم } اى خلقناكم على هذا النمط البديع لنبين لكم بذلك امر البعث والنشور فان من قدر على خلق البشر اولا من تراب لم يشم رائحة الحياة قط فهو قادر على اعادته

بعث انسان كرنشد نزدت عيان ... اول خلشن نكر هذا بيان

هر كاه برايجاد او قادر بود ... قدرتش بربعث او ظاهر شود

اوست خلاقى كه ازبعد خزان ... ميكند بيدا بهار بوستان

{ ونقر في الارحام ما نشاء } استئناف مسوق لبيان حالهم بعد تمام خلقهم ونحن نقر في الارحام بعد ذلك ما نشاء ان نقره فيها

{ الى أجل مسمى } وقت معين هو وقت الوضع وادناه ستة اشهر عند الكل واقصاه سنتان عند ابى حنيفة رحمه اللّه واربع سنين عند الشافعى وخمس سنين عند مالك روى ان الضحاك بن مزاحم التابعى مكث في بطن امه سنتين ومالكا ثلاث سنين كما ذكره السيوطى واخبر الامام مالك رحمه اللّه ان جاره له ولدت ثلاثة اولاد فى اثنتى عشرة سنة تحمل اربع سنين وفيه اشارة الى ان بعض ما فى الارحام لا يشاء اللّه تعالى اقراره فيها بعد تكامل خلقه فيسقط

{ ثم نخرجكم } اى من بطون امهاتكم بعد اقراركم فيها عند تمام الاجل المسمى حال كونكم

{ طفلا } اطفالا بحيث لا تقومون لاموركم من غاية الضعف والافراد باعتبار كل واحد منهم اوبارادة الجنس المنتظم للواحد والمتعدد والطفل الولد ما دام ناعما كما في المفردات ، وقال المولى الفنارى في تفسير الفاتحة حد الطفل من اول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة اعوام

{ ثم لتبلغوا اشدكم } على لنخرجكم معطوفة على علة اخرى مناسبة لها كأنه قيل ثم نخرجكم لتكبروا شيأ فشيأ ثم لتبلغوا كما لكم في القوة والعقل والتمييز وهو فيما بين الثلاثين والاربعين ، وفي القاموس ما بين ثمانى عشرة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كآنك ولا نظير لهما انتهى

{ ومنكم من يتوفى } اى يقبض روحه ويموت بعد بلوغ الاشد او قبله والتوفى عبارة عن الموت وتوفاه اللّه قبض روحه

{ ومنكم من يرد الى ارذل العمر } وهو الهرم والخرف والرذل والرذل المرغوب عنه لرداءته والعمر مدة عمارة البدن بالحياة

{ ليكلا يعلم من بعد علم } كثير

{ شيئا } أي شيأ من الاشياء او شيأ من العلم وهو مبالغة فى انتقاض علمه وانتكاس حاله والا فهو يعلم بعض الاشياء كالطفل اى ليعود الى ما كان عليه او ان الطفولية من ضعف البنية وسخافة لعقل وقلة الفهم فينسى ما عمله وينكر ما عرفه ويعجز عما قدر عليه وقد سبق بعض ما يتعلق بهذه الآية في سورة النحل عن قوله تعالى

{ واللّه خلقكم ثم يتوفاكم } الآية : قال الشيخ سعدى قدس سره

طرب نوجوان زبير مجوى ... كه دكر نايد آب رفته بجوى

زرع رادجون رسيدوقت درو ... نخرامد جنانكه سبزءه نو

وقال

جو دوران عمر از جهل دركذشت ... مزن دست وباكاب از سر كذشت

بسيزى كجا تاره كردد دلم ... كه سبزى نخواهد دميد از كلم

تفرج كنان در هوا وهوس ... كذشتيم بر خاك بسيار كس

كسانى كه ديكر بغيت اندرند ... بيايند وبر خاك ما بكذرند

دريغاكه فصل جوانى كذشت ... بلهو ولعب زندكانى كذشت

جه خوش كفت باكودك آموزكار ... كه كارى نكرديم وشه روزكار

قال النسفي في كشف الحقائق [ اى درويش جهل بيش ازعمل دوزخست وجهل بعد ازعلم بهشت است ازجهت آنكه جهل بيش از علم سبب حرص وطمعست وجهل بعد از علم سبب رضا وقناعت است ] ، وفى عرائس البقلى ارذل لعمر ايام المجاهدة بعد المشاهدة وأيا الفترة بعد المواصلة لكيلا يعلم بعد علم بما جرى عليه من الاحوال الشريفة والمقامات الرفيعة وهذا غيرة الحق على المحققين حين أفشوا اسراره بالدعاوى الكثيرة استعيذ باللّه واستزيد منه فضله وكرمه ليخلصنا به من فتنة النفس وشرها.

وفى التأويلات النجمية في الآية اشارة الى ان اطفال المكونات كانوا في ارحام امهات العدم متقربين بتقرير الحق اياهم فيها ولكل خارج منها اجل مسمى بالارادة القديمة والحكمة الازلية فلا يخرج طفل مكون من رحم العدم الا بمشيئة اللّه تعالى واوان اجله وهذا رد على الفلاسفة يقولون يقدم العالم ويستدلون في ذلك بانه هل كان لله تعالى فى الازل اسباب الالهية في ايجاد العالم بالكمال اولا فان قلنا لم تكن اثبتناله نقصانا فالناقص لا يصلح للالهية وان قلنا قد كان له اسباب الالهية بالكمال بلا مانع يلزم ايجاد العالم في الازل بلا تقدم زمانى للصانع على المصنوع بل بتقدم رتبى فنقول في جوابهم ان الآية تدل على ان اللّه تعالى كان فى الازل ولم يكن معه شىء شاء وكان قادرا على ايجاد ما يشاء كيف يشاء ولكن الارادة الازلية اقتضت بالحكمة الازلية اجلا مسمى باخراج طفل العالم من رحم العدم اوان اجله وان لم يكن قبل وجود العالم او ان وانما كان مقدار الاوان في ايام اللّه التى لم يكن لها صباح ولا مساء كما قال اللّه تعالى

{ وذكرهم بايام اللّه } وبقوله

{ نخرجكم } الخ يشير الى ان كل طفل من اطفال المكونات يخرج من رحم العدم مستعدا للتربية وله كما يبلغه بالتدريج ومن المكونات ما ينعدم قبل بلوغ كماله ومنا ما يبلغ حد كماله ثم يتجاوز عن حد الكمال فيؤول الى ضد الكمال لكيلا يبقى فيه من اوصاف الكمال شىء وذلك معنى قوله { لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً }

دفتر دانش من جمله بشوييد بمى ... تاشودازنم فيض ازلى جانم حى

{ وترى الارض } يا من شأنه الرؤية وهو حجة اخرى على البعث

{ هامدة } ميتة يابسة همدت النار اذا صارت رمادا

{ فاذا } [ بس جون ]

{ انزلنا عليها الماء } اى المطر

{ اهتزت } تحركت بالنبات والاهتزاز الحركة الواقعة على البهجة والسرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت الا ذا كان الامر من المحاسن والمنافع

{ وربت } انفتحت وازدادت من ربا يربو ربا زاد ونما والفرس ربوا انفتخ من عدو وفزع كما فى القاموس

{ وانبتت من كل زوج } صنف

{ بهيج } البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا سرورا بان اثره في وجهه.

والمعنى حسن رائق يسر ناظره : وبالفارسية [ تازه وتر ونيكو وبهجت افزاى بس قادرى كه زمين مرده را بابى زنده سازد تواناست برآنكه اجزاى موتىرا جمع ساخته بهمان حال كه بوده اندباز كرداند

آنكة بى دانة نهال افراخت ... دانة هم شجر تواند ساخت

كرد نابوده را يقدرت بود ... جه عجب كردهد ببوده وجود

٦

{ ذلك بإن اللّه } ايى ذلك الصنع البديع وهو خلق الانسان على اطوار مختلفة وتصريفه في اطوار متابينة واحياء الارض بعد موتها حاصل بسبب انه تعالى

{ هو الحق وانه يحيي لمتى } أي شأنه وعادته احياؤها وحاصله انه تعالى قادر على احيائها بدأ واعادة والا لما احي النطفة والارض الميتة مرارا بعد مرار

{ وانه على كل شىء قدير } مبالغ في القدرة والا لما اوجد هلى الموجودات.

٧

{ وأن الساعة } اي القيامة

{ آتية } فيما سيأتى لمجازاة المحسن والمسيء

{ لاريب فيها } اذ قد وضح دليلها وظهر امرها وهو خبر ثان

{ وان اللّه يبعث } [ برمى انكيزد ] اى بمقتضى وعده الذى لا يقبل الخلف

{ من في القبور } جمع قبر وهو مقر الميت والبعث هو ان ينشر اللّه الموتى من القبور بان يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الارواح اليها وانكره الفلاسفة بناء على امتناع عادة المعدوم قلنا ان اللّه يجمع الاجزاء الأصلية للانسان وهى الباقية من اول عمره الى آخره ويعيد روحه اليه سواء سمى ذلك اعادة المعدوم بعينه ام لا

واما الاجزاء المأكولة فانما هى فضل فى الاكل فليست باصلية روى ان السماء تمطر مطرا يشبه المنى فمنه النشأة الآخرة كما ان النشأة الدنيا من نطفة تنزل من بحر الحياة الى اصلاب الآباء ومنها الى ارحام الامهات فيتكون من قطرة الحياة تلك النطفة جسدا في الرحم وقد علمنا ان النشأة الاولى اوجدها اللّه على غير مثال سبق وركبها فى أى صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على غير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشىء اللّه النشأة الاخرى على عجب الذنب الذى يبقى من هذا النشأة الدنيا وهو اصلها فعليه تركب النشأة الآخرة ثم ان اللّه تعالى كما يحي الارض والموتى بالماء الصورى كذلك القلوب القاسية بالماء المعنوى وهو الاذكار وانوار الهداية ، فالعاقل يجتهد في تنوير القلب واحيائه بانوار الطاعات والاذكار كى يتخلص من ظلمات الشكوك والشرك جليا كان او خفيا ولا شك ان الجسد من الروح كالقبر من الميت ينتفع في قبره بدعوات الاحياء كذلك الروح يترقى الى مقامه العلوى بما حصل من امداد القوى والاعضاء نسأل اللّه الحياة الابدية بفضله وكرمه

اكر ه شمندى بمعنى كراى ... كه معنى بما ندنه صورت بجاى

٨

{ ومن الناس من } هو ابو جهل

{ يجادل في اللّه } حال كون ذلك المجادل

{ بغير علم } ضرورى او بديهى فطرى

{ ولا هدى } استدلال ونظر صحيح هاد الى المعرفة ، قال الكاشفى [ وبادليلى كه راه نمايد بمقصد ]

{ ولا كتاب منير } وحى مظهر للحق ، قال الكاشفى [ وبى كتابى روشن كه بدان صواب ازخطا ظاهر كردد ] اى يجادل فى شأنه تعالى من غير تمسك بمقدمة ضروية ولا بحجة نظرية ولا ببرهان سمعى بل بمحض التقليد والجدال بغير هذه الامور الثلاثة شهادة على المجادل بافراطه فى الجهل فى اللّه ويستحيل عليه بانهماكه فى الغى والضلال.

٩

{ ثانى عطفه } حال ا خرى من فاعل يجادل من ثنى العود اذا حناه وعطفه لانه ضم احد طرفيه الى الآخر وعطف الانسان بكسر شالعين جانبه من رأسه الى وركه او قدمه ، قال ابن الشيخ العطف بكسر العين الجانب الذى يعطفه الاسنان ويلويه يمليه عند الاعراض عن الشىء وبفتح العين التعطف والبر وثنى العطف وكناية عن التكبر كلى الجيد والشدق ، ففى الجلالين لاوى عنقه تكبرا ، وفى التفسير الفارسى [ يجبده دامن خوداست واين كناية باشد از تكبرجه متكبر دامن ازهر جيزدرمى جيند ] ، وفي الارشاد عاطفا بجانبه وطاويا كشحه معرضا متكبراً

{ ليضل عن سبيل اللّه } متعلق بيجادل فان غرضه الاضلال عنه وان لم يعترف بانه اضلال اي ليخرج المؤمنين من الهدى الى الضلال او ليثبت الكفرة عليه

{ له في الدنيا خزى } الخزى الهوان والفضيحة اى ليثبت له في الدنيا بسبب ما فعله خزى وهو ما اصابه يوم بدر من القتل والصغار

{ ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } الحريق بمعنى المحرق فيجوز ان يكون من اضافة المسبب الى سببه على ان يكون الحريق عبارة عن النار وان يكن من اضافة الموصوف الى صفته والاصل العذاب الحريق.

١٠

{ ذلك } اى يقال له يوم الكقيامة ذلك الخزى فى الدنيا وعذاب الآخرة كائن

{ بما قدمت يداك } بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصى واسناده الى يديه لما ان الا كتسات عادة بالأيدى ويجوز ان يكون الكلام من باب الالتفات لتأكيد الوعيد وتشديد التهديد

{ وان اللّه ليس بظلام للعبيد } محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والامر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبله ، فان قلت الظاهر ان يقال ليس بظالم للعبيد ليفيد نفى اصل الظلم ونفى كونه مبالغا مفرطا في الظلم لا يفيد نفى اصله ، قلت المراد نفى اصل الظلم وذكر لفظ المبالغة مبنى على كثرة العبيد فالظالم لهم يكون كثير الظلم لا صابة كل منهم ظلما لانه العبيد دال على الاستغراق فيكون ليس بظالم لهذا ولا ذلك الى ما لا يحصى وايضا ان من عدله تعالى ان يعذب المسىء من العبيد ويحسن الى المحسن ولا يزيد في العقاب ولا ينقص من الاجر لكن بناء على وعده المحتوم فلو عذب من لا يستحق العذاب لكان قليل الظلم منه كثيرا لاستغنائه عن فعله وتنزيهه عن قبحه وهذا كما يقال زلة العالم كبيرة وفى المرفوع ( يقول اللّه تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا يظلمون ) يقال من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه وشر الناس من ينصر الظلوم ويخذل المظلوم ، وفى الآية اشارة الى ان العبيد ظلامون لانفسهم كما قال تعالى

{ وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون } بان يضعوا العبادة والطب في غير موضعه : قال المولى الجامى

قصد مابروى تست ازسجده در محرابها ... كرنباشد نيت خالص جه حاصل ازعمل

واعلم ان جدال المنافق والمرائى واهل الاهواء والبدع مذموم وامامن يجادل فى معرفة اللّه ودفع الشبه وبيان الطريق الى اللّه تعالى بالعلم باللّه وهدى نبيه عليه السلام وشاهد نص كتاب منير يظهر بنوره الحق من الباطل فجداله محمود ،

قال بعضهم البحث والتفتيش عما جاءت به السنةن بعد ما وضح سنده يجر الباحث الى التعمق والتوغل فى الدين فانه مفتاح الضلال لكثير من الامة يعنى الذين لم يرزقوا باذهان وقادة وقرائح نقادة وما هلكت الامم الماضية الا بطول الجدال وكثرة القيل والقال فوالجب ان يعض باضراسه على ما ثبت من السنة ويعمل بها ويدعو اليها ويحكم بها ولا يصغى الى كلام اهل البدعة ولا يميل اليهم ولا الى سماع كلامهم فان كل ذلك منهى شرعا وقد ورد فيه وعيد شديد وقد قالوا الطبع حذاب والمقارنة مؤثرة والامراض سارية : قال المولى الجامى قد سره

بوش باش كه راه زد ... عروس دهر كه مكاره است ومحتاله

بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ... ومروجوسامرى ازره ببانك كواسله

في كلام اهل البدعة والاهواء كخوار العجل فكما ان السامرى ضل بذلك الخوار واضل كثير من بنى اسرائيل فكذا كل من كان في حكمه فانه يغتر باوهامه وخيالاته ظنا انها علوم صحيحة فيدعو اهل الاوهام اليهم فيضلهم بخلاف من له علم صحيح وكشف صريح فانه لا يلتفت الى كلمات الجهال ولا يميل الى خارق العادة ألا ترى ان من ثبت على دين موسى لم يصخ الى الخور وعرف انه ابتلاء من اللّه تعالى للعباد فويل للمجادل المبطل وويل للسامع الى كلامه وقد ذم اللّه تعالى هذا المجادل بالكبر وهو من الصفات العائقة عن قبول الحق ولا شىء فوقه من الذمائم ، وعن ارسطو من تكبر على الناس احب الناس ذلته ، وعنه باصابة المنطق يعظم القدر . وبالتواضع تكثر المحبة . وبالحلم تكثر الانصار . وبالرفق يستخدم القلوب . وبالوفاء يدوم الاخاء . وبالصدق يتم الفضل تسئأل اللّه التخلى عن الصفات القبيحة الرذيلة والتحلى بالملكات الحسنة الجميلة.

١١

حيث فسره بالجهة التى اقبل اليها وهى الاسلام

{ خسر الدنيا والآخرة } فقدهما وضيعهما بذهاب عصمته وحبوط عمله بالارتداد والاظهر ان خسران الدنيا ذهاب اهله حيث اصابته فتنة وخسران الآخرة الحرمان من الثواب حيث ذهب الدين ودخل النار مع الداخلين كما قال الكاشفى [ زيان كرد در دنياكه بمراد نرسد وزيان دراد درآخت كه عملهاى اونابو شد ]

{ ذلك } [ زيان هردو سراى ]

{ هو الخسران المبين } [ آنست زيان هويدا جه برهمه عقلا ظاهر است زيان ازان عظيم ترنيست ]

نه مال ونه اعمال نه دنيا ونه دين ... لامعه صدق ونه انوار يقين

درهر دوجهان منفعل وخوار وحزين ... البته زيانى نبود بدتر ازين

قال بعضهم الخسران في الدنيا ترك الطاعات ولزوم المخالفات والخسران فى الآخرة كثرة الخصوم والتبعات.

١٢

{ يدعو من دون اللّه } استئناف مبين لعظم الخسران فيكون الضمير راجعا الى المرتد المشرك اى يعبد متجاوزا عبادة اللّه تعالى

{ مالا يضره } اذا لم يعبده

{ ومالا ينفعه } ان عبده اى جمادا ليس من شأنه الضر النفع كما يلوح به تكرير كلمة ما

{ ذلك } الدعاء

{ هو الضلال البعيد } عن الحق والهدى مستعارا من ضلال من ابعد في التيه ضالا عن الطريق فطالت وبعدت مسافة ضلاله فان القرب والبعد من عوارض المسافة الحسية.

١٣

{ يدعوا لمن ضره اقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير } الدعاء بمعنى القول واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له ومن متبدأ وخيره مبتدأ ثان خبره اقرب والجملة صلة للمبتدأ الاول وقوله لبئس الخ جواب لقسم مقدر وهو وجوابه خبر للمبتدأ الاول وايثار من على ما مع كون معبوده حمادا وايراد صيغة التفضيل مع خلوه عن النفع بالكلية للمبالغة في تقبيح حاله والا معان في ذمه اى يقول ذلك الكافر يوم القيامة بدعاء وصراخ حين يرى تضرره بمعبوده ودخوله النار بسببه ولا يرى منه اثر النفع اصلا لمن ضره اقرب منه نفعه واللّه لبئس الناصر ولبئس الصاحب والمعاشر والخليط هو فكيف بما هو ضرر محض عار عن النفع بالكلية فالآية استئناف مسوق لبيان مآل دعائه المذكور وتقير كونه ضالا بعيدا والظاهر ان اللام زائدة ومن مفعول يدعو ويؤيده القراءة بغير اللام ايى يعبد من ضره بكونه معبودا لانه يوجب القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة اقر من نفعه الذى يتوقع بعبادته فى زعمهم وهو الشفاعة والتوسل الى اللّه فايراد كلمة من وصيغة التفضيل تهكم به والجملة القسمية مستأنفة.

١٤

{ ان اللّه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الانهار } بيان لكمال حسن حال المؤمنين العابدين له تعالى اثر بيان سوء حال الكفرة . والجنة الارض المشتملة على الاشجار المتكاثفة الساترة لما تحتها والنهر مجرى الماء الفائض فاسناد الجرى الى الانهار من الاسناد الحكمى كقولهم سال الميزاب اذ الجريان من اوصاف الماء لا من اوصاف النهر ووصف الجنات به دلالة على انها من جنس ما هو ابهى الاماكن التى يعرفونهاك لتميل اليها طباعهم كما قال الكاشفى [ غايت نزهت باغ وبستان بآب روانست ]

{ ان اللّه يفعل ما يريد } اى يفعل البتة كل ما يريده من اثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك لا دافع له ولا مانع.

وفى الآيات اشارات ، منها ان من يعبد اللّه على طبع وهو ورؤية عوض وطمع كرامات ومحمدة الخلق ونيل الدنيا فاذا اصابته امانيه سكن في العبادة واذا لم يجد شيأ منها ترك التحلى بتحلية الاولياء فخسرانه ف يالدنيا فقدان القبول والجاء عند الخالق وافتضاحه عندهم وسقوطه من طريق السنة والعبادة الى الضلالة والبدعة وخسرانه في الآخرة بقاؤه فى الحجاب عن مشاهدة الحق واحتراقه بنيران البعد وايضا ان بعض الطالبين ممن لا صدق له ولا ثبات فى الطلب يكون من اهل التمنى فيطلب اللّه فى شك فان اصابه شىء مما يلائم نفسه وهواه او فتوح من الغيب اقام على الطلب فى الصحبة وان اصابه بلاء او شدة وضيق فى المجاهدات والرياضات وترك الشهوات ومخالفة النفس وملازمة الخدمة ورعاية حق الصبحة والتأدب بآداب الصحبة والتحمل من الاخوان انقلب على وجه يتبدل الافرار بالانكار والاعتراض والتسليم بالاباء والاستكبار والارادة بالارتداد والصحبة بالهجران خسر ماكان عليه من الدنيا وبتركه وخمسر الآخرة بارتداده عن الطلب والصحبة ، ومن هنا قال المشايخ مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة ذلك هو الخسران المبين فان من رده صاحب قلب يكون مردود القلوب كلها كما ان من قبله يكون مقبول الكل : قال الحافظ

كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند

شبان وادىء ايمن كهى رسد بمراد ... كه جندان سال بجان خدمت شعيب كند

يقول الفقير المسلمون صنفان صنف مشتغل بالجهاد الاصغر وصنف مشتغل بالجهاد الاكبر فضفعاء الصنف الاول يكونون على طرف الجيش والثانى على طرف الدين فان كان الامر على مرادهم اقبلوا والا ادبروا وفى ذلك خسارة لهم من جهة الدنيا والآخرة لانهم يغلبهم الكفار والنفس الامارة فى الدنيا ويفوت عنهم درجات السعداء فى الآخرة فلا يظفرون بغنيمة مطلقا فلا بد من الصبر على المشاق : وقال الشيخ سعدى فى وصف الاولياء

خوشا وقت شوريد كان غمش ... اكر زخم بينند اكر مرهمش

دما دم شراب الم در كشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند

نه تلخست صبرى كه بريادد اوست ... كه تايخى شكرباشد دازدست دوست

ومنها ان من يعبد اللّه يعبد الضار والنافع الذى يصدر مه كل نفع وضر اما بواسطة الملائكة والانس والجمادات اوب غير الواسطة

واما من يعبد ماسواه تعالى فيعبد مالا يضر ومالا يفنع وذلك لان الملك او الانسان او الشيطان او شيأ من المخلوقات من فك او كوكب او غيرها لا يقدر على خير أو شربنفسه او نفع او ضر بل كل ذلك اسباب مسخرة لا يصدر منها الا ما سخرت له وجملة ذلك بالاضافة الى القدرة الازلية كالقلم بالاضافة الى الكاتب فلبئس المولى ما عبده وطلبه من دون اللّه تعالى ولبئس لعشير اى ما عاشره من الدنيا وشهواتها ، ومنها ان من يدخل الجنة من المؤمنين لا يدخل الجنة بمجرد الايمان التقليدى والاعمال الظاهرية بل يدخله اللّه بالايمان الحقيقى الذي كتبه بقلم العناية فى قلبه الذى من نتائجه الاعمال الصالحة الخالصة لوجه اللّه تعالى.

١٥

{ من } شرطية : المعنى بالفارسية [ هركه ازظانين باللّه ظن السوء ]

{ كان يظن } يتوهم

{ ان لن ينصره اللّه } أى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم

{ فى الدنيا } باعلاء دينه وقهر اعدائه

{ والآخرة } باعلاء درجته والانتقام من مكذبيه يعنى انه تعالى ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن كان يظن من اعاديه وحساده خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه

{ فليمدد بسبب الى السماء } السبب الذى تصعد به النخل اى ليربط بحبل الى سقف بيته لان كل ما علاك فهو سماء

{ ثم ليقطع } ، قال في القاموس قطع فلان الحبل اختنق ومنه قوله تعالى

{ ثم ليقطع } اى ليختنق انتهى وسمى الاختناق قطعا لان المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه ، واقل الكاشفى [ بس ببرد آن رسن را تا بزمين افتد وبميرد ]

{ فلينظر } المراد تقدير النظر وتصوره لان الامر بالنظر بعد الاختناق غير معقول اى فليتصور فى نفسه وليقدر النظر ان فعل

{ هل يذهبن كيده } فعل ذلك بنفسه وسماه كيدا لانه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره او على وجه الاستهزاء لانه لم يكدبه محسودة انما كادبه نفسه

{ ما يغيظ } الغيظ اشد غضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من فوران دم قلبه اى ما يغيظه من النصرة كلا يعنى انه لا يقدر على دفع النصرة وان مات غيظا كما قال ، الحافظ

كرجان بدهد سنك سيه لعل نكردد ... باطنيت اصلى جه كندبد كهر افتاد

وفي الآية اشارة الى نفى العحز عن اللّه تعالى وانه فوق عباده وانه يصنر اولياءه روى عن أنس بن مالك رضى اللّه عنه قال اقبل يهودى بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى دخل المسجد قال اين وصى محمد فاشار القوم الى ابى بكر رضى اللّه عنه فقال اسألك عن اشياء لا يعلمها الا نبى او وصى نبي فقال ابو بكر سل عما بدالك فقال اليهودى اخبرنى عما لا يعلم اللّه وعما ليس لله وعما ليس عند اللّه فقال ابو بكر هذا كلام الزنادقة وهمّ هو المسلمون به فقال ابن عباس رضى اللّه عنهما ما انصفتم الرجل ان كان عندكم جوابه والا فاذهبوا به الى من يجيبه فانى سمعت رسول اللّه يقول لعلى رضى اللّه عنه ( اللهم ايد قلبه وثبت لسانه ) فقام ابو بكر ومن حضره حتى اتوا عليا فافادوا له ذلك فقال ما مالا يعمله اللّه فذلكم يا معشر اليهود قولكم ان عزيرا ابن اللّه واللّه لا يعلم ان له ولدا

واما ما ليس لله فليس له شريط و اما ما ليس عند اللّه فليس عند اللّه ظلم وعجز فقال اليهودى اشهد ان لا اله الا اللّه وانك وصى رسول اللّه ففرح المسلمون بذلك ، واعلم ان الكفار ارادوا ان يطفئوا نور اللّه فاطفاهم اللّه حيث نصر حبيبه وانجز وعده وهزم الاحزاب وحده

واما تشديد المحننة فى بعض الاحيان وتأخير النصرة فلحكم ومصالح فعلى العبد الصالح الراضى باللّه تعالى ربا ان يصبر على اذى الاعداء وحسدهم فان الحق يعلو ولا يعلى وسيرجع الامر من المحنة الى الراحة فيكون اهل الايمان والاخلاص مستريحين ومن الراحة الى المحنة فيكون اهل الشرك والنفاق مستراحا منهم واللّه تعالى يفعل ما يريد.

١٦

{ وكذلك } اى مثل ذلك الانزال البديع المنطوى على الحكم البالغة

{ انزلناه } اى القرآن الكريم كله حال كونه

{ آيات بينات } واضحات الدلالة على معانيها اللطيفة

{ وان اللّه يهدى من يريد } محل الجملة الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والامر ان اللّه تعالى يهدى بالقرآن ابتداء او يثبت على الهدى او يزيد فيه من يريد هدايته او تثبيته او زيادته وفى الحديث ( ان اللّه يرفع بهذا الكتاب اقواما ويضع به آخرين ) اى يرفع بالقرآن درجة أقوام وهم من آمن به وعمل بمقتضاه ويحط به اقواما آخرين وهم من اعرض عنه ولم يحفظ وصاياه وكان نظر الصاحبة رضى اللّه عنهم وشغلهم فى الاحوال والاعمال ولذا كانوا يتعلمون عشر آيات لا يجاوزونها الى غيرها حتى يعملوا بما فيها ، قال في الاحياء مات النبى عليه السلام عن عشين الفا من الصاحبة ولم يحفظ القرآن منهم الا ستة اختلف منهم فى اثنين فكان اكثرهم يحفظ السورة او السورتين وكان الذى يحفظ البقرة والانعام من علمائهم فالاشتغال بعلم القرآن والعمل بمقتضاه من علامات الهداية ولا بد من الاجتهاد آناء اللي واطراف النهار الى ان يحصل المقصود فان من راد ان يصل الى ماء الحياة يقطع الظلمات بلا فتور وجمود والنملال من العلم واستماعه سبب الانقطاع عن طريق التحقيق واثر الحرمان من العناية والتوفيق

دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت ... جو باطلان زكلام حقت ملوى جيست

وعن ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عه انه قال جلست فى عصابة من ضعفاء المهاجرين وان بعضهم ليستتر ببعض من العى وقارىء يقرأ علينا اذ جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقام علينا فلما قام رسول اللّه سكت القارىء فسلم ثم قال ( ما كنتم تصنعون ) قلنا كنا نستمع الى كتاب اللّه فقال ( الحمد لله الذى جعل من امتى من امرت ان اصبر نفسى معهم ) قال فجلس وسطنا ليعدل بنفسه فينا ثم قال بيده هكذا فتحلقوا وبرزت وجوههم له فقال ( ابشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل اغنياء الناس بنصف يوم ) وذلك خمسمائة سنة وذلك لان الاغنياء يوقفون فى العرصات ويسألون من اين جمعوا امال وفيم صرفوه ولم يكن للفقراء مال حتى يوقفوا ويسألوا عنه ويعنى رسول اللّه بالفقراء الفقراء الصابرين الصالحين وبالاغنياء الاغنياء الشاكرين المؤدين حقوق اموالهم هذا ثم ان كون القرآن مشتملا على متشبهات وغوامض لا ينافى كون آياته بينات لانه ليس فيه ما لايعلم معناه لكن العلماء يتفاتون في طبقات المعرفة هدانا اللّه واياكم الى ما هدى العلماء الراسخين اليه وشرفنا فى كل غامض بالاطلاع عليه.

١٧

{ ان الذين آمنوا } بكل ما يجب ان يؤمن به

{ والذين هادوا } دخلوا في اليهوديةن قال الراغب الهود الرجوع برفق وصار فى التعارف التوبة قال تعالى

{ انا هدنا اليك } اى تبنا اليك ،

قال بعضهم ليهوج فى الاصل هو من قولهم هدنا اليك وكان اسم مدح ثم ص ربعد نسخ شريعتهم لازمالهم وان لم يكن فيه معنى المدح كما ان النصارى ف الاصل من قوله

{ من انصارى الى اللّه } ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم

{ الصابئين } اى الذين صبأوا عن الاديان كلها اى خرجوا واختاروا عبادة الملائكة والكواكب من صبأ الرجل عن دينه اذا خرج عنه الى دين آخر قال الراغب الصابئون قوم كانوا على دين نوح

وقيل لكل خارج من الدين الى دين آخر صابىء من قولهم صبأ ناب البعير اذا طلع

{ والنصارى } جمع نصران ونصرانة مثل الندامى جمع ندمان وندمانة ويستعمل بغير الياء فيقال رجل نصران وامرأة نصرانة

{ والمجوس } ، قال في القاموس مجوس كصبور رجل صغير الاذنين وضع دينا ودعا اليه معرب ( منج كوش ) ورجل مجوسى جمعه مجوس كيهودى ويهودوهم عبدة النار وليسوا من اهل الكتاب ولذا لا تنكح نساؤهم ولاتؤ كل ذبائحهم وانما اخذت الجزية منهم لانهم من العجم لا لانهم من اهل الكتاب

{ والذين اشركوا } يعنى عبدة الاوثان

{ ان اللّه يفصل بينهم يوم القيامة } فى حيز الرفع على انه خبر لان السابقة اى يقضى بين المؤمنين وبين الفرق الخمس والمتفقة على ملة الكفر باظهار المحق من المبطل باثابة الاول وعقاب الثانى بحسب الاستحقاق بعنى ان اللّه تعالى يعامل كل صنف منهم يوم القيامة على حسب ا تسحاقه اما بالنعيم

واما بالجحيم وبالوصال او بالفراق وعلم من الآية ان الاديان ستة واحد للرحمن وهو دين المؤمنين الى هو الاسلام كما قال تعىل

{ ان الدين عند اللّه الاسلام } وخمسة للشيطان وهى ما عدا الاسلام لانها مما دعى اليها الشيطان وزينها فى اعين الكفرة

{ ان اللّه على كل شىء شهيد } [ كواه وازهمه حال آكاه ] ، قال الامام الغزالي رحمه اللّه الشهيد يرجع معناه الى العلم مع خصوص اضافة فانه تعالى عالم الغيب والشهادة والغيب عبارة عما بطن والشهادة عما ظهر وهو الذى يشاهد فاذا اعتبر العلم المطلق فهو العليم مطلقا واذا اضيف الى الغيب والامور الباطنة فهو الخبير واذا اضيف الى الامور الظاهرة فهو الشهيد وقد يعتبر مع هذا ان يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم ، وفى الآية وعيد وتهديد فعلى العاقل ان يذكر يوم الفصل والقضا ويجتهد فى الأعمال لتى يحصل بها الرضى : قال الشيخ سعدى قدس سره

قيامت كه نيكان باعلى رسند ... ز قعر ثرا با ثريا رسند

تراخود بما ند سرازننك بيش ... كه كردت بر آيد عملهاى خوبش

برادر زكار بدان شرم دار ... كه درروى نيكان شوى شرمسار

بناز وطرب نفس برورده كير ... با يام دشمن قوى كرده كير

بكى بجة كرك مى برويد ... جوبر ورده شدخواجه رابردريد

بهشت واستاند كه طاعت برد ... كرا نقد باشد بضاعت برد

بى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هركوا سعادت طلب كرديافت

ولكن تودنبال ديوا خسى ... ندانم كه درصا لحان كى رسى

سميبر كسى را شفاعتكرست ... كه بر جاده شرع بيغمبرست

ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كفارهم ازروى صورت جوماست

وأعلم ان الايمان والكفر اوصاف القلب وللقلب بابان علوى وسفلى فالعلوى يتصل الى الروح والسفلى الى النفس فاذا انسد الباب السفلى بالمخالفة الى النفس ينفتح لباب العلوى من الحجب النفسانية واذا انسد لباب العلوى بسبب الاتباع الى النفس ينفتح الباب السفلى فتظهر فى القلب الوساوس الشيطانية وكل بدعة و هوى والدين الباطل انما يحصل من النفس والشيطان فمن اتبع هوى النفس ووساوس الشيطان ضل عن طريق الحق والدين المبين واتخذ الهه هواه فان اللّه تعالى يفصل بينه وبين المهتى فانه كما ان الايمان والكفر لا يجتمعان في قلب فكذا اهلهما لا يجتمعون فى دار والبرزخ الفاصل بينهم وان كان موجوداً الآن على ماعرفه اهل المعرفة لكنه معنوى فاذا كان يوم القيامة يصير صوريا حسيا.

١٨

{ ألم تر } ألم تعلم يا من من شأنه العلم

{ ان اللّه يسجد له من فى السموات ومن فى الارض } ايى ينقاد لتدبيره ومشيئته الملائكة والجن والانس مطيعا او عاصيا وذلك لان السجود اما سجود باختيار وهو للانسان وبه يستحسق الثواب

واما سجود تسخير وهو للانسان والحيوان والنبات شبه الانقياد باكمل افعال المكلف فى باب الطاعة وهو سجود ايذانا بكمال التسخير والتذلل وانما حمل على المعنى المجازى اذ ليس فى كفرة الانس ومردة الجن والشياطين وسائر الحيوانات والجمادات سجود طاعة وعبادة وهو وضع الجبهة على الارض خصوصا لله تعالى

{ والشمس والقمر والنجوم } بالسير والطلوع والغروب لمنافع العباد

{ والجبال } باجراء الينبيع وانبات المعان

{ والشجر } بالظل وحمل الثمار ونحوها

{ والدواب } [ جهار بايان ] اى بعجائب التركيب ونحوها فكل شىء ينقاد له سبحانه على ما خلقه وعلى ما رزقه وعلى ما اصحه وعلى اما اسقمه فالبر والفاجر والمؤمن والكافر فى هذا سواء

{ وكثير من الناس } اى ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة فهو مرتفع بمحذوف لا بالمذكور والا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.

قال فى التأويلات اهل العرفان يسجدون سجود عبادة بالارادة والجماد ومالا يعقل ومن لا يدين يسجدون سجود خضوع للحاجة ، قال الكاشفى [ همه ذرات على مرخدايرا خاضع وخاشعئد بدلالت حال كه افصح است ازدلايت مقال ]

درنكر تابنى ازعين شهود ... جلمة ذرات جهانرا درسجود

{ وكثير } من الناس

{ حق } ثبت

{ عليه العذاب } بسبب كفره وابائه عن الطاعة ، قال الكاشفى [ اين سجده ششم است باتفاق علما ازسجدات قرآن ، درفتوحات اين را سجدة مشاهد واعتبار كفته اندكه ازهمه اشياغير آدميانرا تبعيض نكرد بس بنده بايدكه مبادرت نمايد بسجده تاز كثير اول باشد كه ازاهل سجده واقترا بندنه زكثير ثاني كه مستحق عذاب وعقابند ]

ذوق سجده وطاعتى بيش خدا ... خوشترا باشد زصد دولت ترا

يقول الفقير الكثير الاول كثير فى نفسه قليل بالنسبة الى الكثير الثانى اذ اهل الجمال اقل من اهل الجلال وهو الواحد من الالف وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ان الواحد على الحق هو السواد الاعظم وعن بعضهم قليل اذا عدوا كثير اذا شدوا اى اظهروا الشدة

{ ومن } [ وهر كرا ]

{ يهن اللّه } تهنه اللّه : بالفارسية [ خوار كرداند ] بان كتب عليه الشاقوة فى الازل حسبما علمه من صرف اختياره الى الشر

{ فما له من مكرم } يكرمه بالسعادة الى الابد

{ ان اللّه يفعل مايشاء } من الاكرام والاهانة من الازل الى الابد ، قال الامام النيسابورى رحمه اللّه فى كشف الاسرار جعل اللّه الكفار اكثر م المؤمنين ليريهم انه مستغن عن طاعتهم كما قال ( خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم )

وقيل ليظهر عز المؤمنين فيما بين ذلك لان الاشياء تعرف باضدادها والشىء اذا قل وجوده عز ألا ترى ان المعدن لعزته صار مظهرا للاسم العزيز

وقيل ليرى الحبيب قدرته بحفظه بين اعدائه الكثير كما حفظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو واحد واهل الارض اعداد كله ليتبين ان النصر من عند اللّه والقليل يغلب الكثير بعونه وعنايته ومن اكرمه بالغلبة لا يهان بالخذلان البتة ، فان قيل ان رحمته سبقت وغلبت غضبه فيقتضى الامر ان يكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب واهل الغضب تسع وتسعون من كل الف واحد يؤخذ للجنة كما ورد فى الصحيح وورد

( اهل الرحمة كشعرة بيضاء فى جلد الثور الاسود ) ، قلنا هذه الكثرة بالنسبى الى بنى آدم

واما أهل الرحمة بالنسبة ا ليهم والى الملائكة والحور والغلمان فاكثر م اهل الغضب والتحقيق ان المقصود من النشآت ظهرو الانسان الكامل وهو احد كالالف فالناس عشرة أجزاء فتسعة الاعشار كفار والواحد مؤمنون ثم المؤمنون عشرة فتسعة عصاة وواحد مطيعون ثم المطيعون عشرة فتسعة اهل الزهد وواحد اهل العشق ثم اهل العشق عشرة فعستة اهل البرزخ والفرقة وواحد اهل المنزل والوصلة فهو اعز من الكبريت الاحمر المسك الاذفر وهو الذى اكرمه اللّه بكرامة لم يكرم بها احدا من العالمين فلو ان اهل العالم اجتمعوا على اهانته ما قدرا اذله العز الحقيقى لانه اذل نفسه بالفناء في اللّه وهو مقام السجود الحقيقى فاعزه اللّه ورفعه ألا ترى الى قوله ( من عاد لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة ) ايى من اغضب واذى واهان واحدا من اوليائى فقد ظهر وخرج بالمحاربة لى واللّه ينصر اولياءه فيكن المبارز مقهورا مهانا بحيث لا يوجد له ناصر ومكرم

اهل حق هر كز نمى باشد مهان ... اهل باطل خوار باشد درجهان

١٩

{ هذان } اى فريق المؤمنين وفريق الكفرة المنقسم الى الفرق الخمس

{ خصمان } اى فريقان مختصمان

{ اختصموا } [ جنك كردند وجدل نمودند ]

{ في ربهم } في شأنه او فى دينه او فى ذاته وصفاته والكل من شؤنه فان اعتقاد كل من الفريقين بحقية ما هو عليه وبطلان ما عليه صاحبه وبناء اقواله وافعاله عليه خصوصة للفريق الآخر وان لم يجر بينهما التحاور والخصام

اهل دين حق ونواع ملل ... مختصم شد بى زبان اندر علل

{ فالذين كفروا } تفصيل لما اجمل فى قوله يفصل بينهم يوم القيامة

{ قطعت لهم } التقطيع [ باره باره كردن ] ولمراد هنا قدرت على مقادير جثتهم

{ ثاب من نار } اى نيران هائلة تحيط بهم احاطة الثياب بلابسها

{ يصب } [ ريخته ميشود ] صب الماء اراقته من اعلى

{ من فوق رءوسهم الحميم } ايى الماء الحار الذى انتهت حراته لو قطرت قطرة منه على جبال الدنيا لاذابتها ، قال الراغب الحميم الماء الشديد الحرارة وسمى العرق حميما على التشبيه واستحمّ الفرس عرق وسمى الحمام حماما اما لانه يعرق

واما لما فيه من الماء الحار والحمى سميت بذلك اما لما فيها من الحرارة المفرطة

واما لما يعرض فيها من الحميم اى العرق

واما لكونها من امارات الحمام ايى الموت

٢٠

{ يصهر به } [ كداخته شود ] اى يذاب بذلك الحميم من فرط الحرارة يقال صهرت الشىء فانصهر اى اذبته فذاب فهو صهير والصهر اذابة الشيىء والصهارة ما ذاب مه

{ مافى بطونهم } من الامعاء والاحشاء

{ والجلود } تشوى جلودهم فتتساقط ععطب على ما وتأخيره عنه لمراعاة الفواصل اى اذا صب الحميم على رؤسهم يؤثر من فرط حرارته فى باطنهم نحو تأثيره فى ظاهرهم فيذاب به احشاؤهم كما يذاب به جلودهم ثم يعاد كما كان

٢١

{ ولهم } للكفرة ايى لتعذيبهم وجلودهم

{ مقامع من حديد } [ كرزها باشد دردست زبانية ازآهن ] جمع مقمعة وهى آلة القمع ، قال فى بحر العلوم سياط منه يجلدون بها وحقيقتها ما يقمع به اى يكف بعنف وفى الحديث ( لو وضعت مقمعة منها فى الارض فاجتمع عليها الثقلان ما اقلوها منها ) اى رفعوها

٢٢

{ كلما ارادوا ان يخرجوا منها } اى اشرفوا على الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى انه تضربهم بلهبها فترفعهم حتى اذا كانوا فى اعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا وهو من ذكر البعث وارادة الكل اذ الخريف آخر الفصول الاربعة

{ من غم } اى غم شديد من غمومها يصيبهم وهو بدل اشتمال من الهاء

{ اعيدوا فيها } اى في قعرها بان ردوا من اعلاها الى اسفلها من غير ان يخرجوا منها ، قال الكاشفى [ باركزدانيده شوندبدان كرزها دردوزخ يعنى دون بكنارة دوزخ رسيده بخروج نزديك شوندزبانية كرزبرسر ايشان ميزند وبازمى كرداند بدركات ]

{ و } قيل لهم

{ ذوقوا } [ بجشيد ]

{ عذاب الحريق } [ عذاب آتش سوزنده ] او العذاب المحرق كما سبق والعدول الى صيغة الفعيل للمبالغة.

قال فى التأويلات النجمية

{ فالذين كفورا } من ارباب النفس بانقاطاعهم عن اللّه ودينه وباتباعهم الهوى وطلب الشهوات الدنيوية ومن اصحاب الروح باعراضهم عن اللّه ورد دعوة الانبياء

{ قطعت لهم ثياب من نار } بتقطيع خياط القضاء على قدّرهم وهى ثياب نسجت من سدى مخالفات الشرع ولحمة موافقات الطبع

{ يصب من قوق رؤسهم الحميم } حميم الشهوات النفسانية يذاب ويخرج ما فى قلوبهم من الاخلاق الحميدة

{ ولهم مقامع من حديد } اى الاخلاق الذميمة واستيلاء الحرص والامل

وقيل لهم ذوقوا عذاب ما احرقت منكم نار الشهوات من الاستعدادات الحسنة انتهى ، ان قيل نار جهنم خير ام شر ، قلنا ليست هى بخير ولا بشر بل عذاب وحكمة ،

وقيل خير من وجه كنار نمرود شر فى اعينهم وبرد وسلام على ابراهيم وكالسوط فى يد الحاكم خير للطاغى وشر للمطيع فالنار خير ورحمة على مالك وجنوده وشر شعلى من دخل فيها من الكفار ، وايضا خير لعصاة المؤمنين حيث تخلص جواهر نفوسهم من ألواث المعاصى وشر لغيرهم كالطاعون رحمة للمؤمنين ورجز للكافرين والوجود خير محض عند العارفين والعدم شر محض عند المحققين لان الوجود اثر صنع الحكيم كما قال

{ ما خلقت هذا باطلا سبحانك } فالشرور بالنسبة الى الاعيان الكونية لا بالنسبة الى افعال اللّه ولله فى ملكه ان يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فالنار مظهر الجلال فمن مظهريتها خير محض ومن جهة تعلقها ببعض الاعيان شر محض وقد خلق اللّه النار ليعلم الخلق قدر جلال اللّه وكبريائه ويكونوا على هيبة وخوف منه ويؤدب بها من لم يتأدب بتأديب الرسل ولهذا السر علق النبى عليه السلام السوط حيث يراه اهل البيت لئلا يتركوا الادب وروى ان اللّه تعالى قال لموسى عليه السلام ما خلقت النار بخلا منى ولكن اكره ان اجمع اعدائى واوليائى فى دار واحدة ،

وقيل خلق النار لغلبة الشفقة كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى اكرمته ومن لم يجىء ليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الىّ اكرمته ومن لم يجىء ضربته وحبسته ليتبين غاية كرمه وهو اكمل واتم من الكرم الاول واللّه تعالى دعا الخلق الى دعوته بقوله

{ واللّه يدعو الى دار السلام } ثم دفع السيف الى رسوله فقال من لم يجب ضيافتى فاقتله فعلى العاقل ان يجيب الى دعوة اللّه ويمتثل لامره حتى يأمن من قهره : قال الشيخ سعدى قدر سره

هنوزت اجل دست هوشت نبست ... بر آور بدر كاه داور دودست

توبيش از عقوبت درغفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زيرجوب

جنان شرم دار از خداوند خويش ... كه شرمت زهمسا يكانست وخوبش

بترس از كناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نترسى زكس

بران خورد سعدى كه بيخى نشاند ... كسى برد خرمن كه تخمى فشاند

٢٣

{ ان اللّه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ وكردند عملهاى شايسته ]

{ جنات تجرى من تحتها الانهار } الاربعة

{ يحلون فيها } من حليت المرأة اذا ألبست الحلى وهو ما يتحلى به من ذهب او فضة اى تحليهم الملائكة بامره تعالى وتزينهم : بالفارسية [ آراسته كردانند وبيرايه بندند ايشانرا دربهشت ]

{ من اساور } اى بعض اساور وهى جمع اسورة جمع سوار : بالفارسية [ دستوانة ]

{ من ذهب } بيان للاساور

{ ولؤلؤا } عطف على محل من اساور وقرىء بالجر عطفا على ذهب على ان الاساور مرصعة بالذهب واللؤلؤ او على انهم يسورون بالجنسين اما على المعاقبة

واما على الجمع كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلى وما احسن المعصم اذا كان فيه سواران سوار من ذهب احمر قان وسوار من لؤلؤ ابيض يقق

وقيل عطف على اساور لا على ذهب لأن السوار لا يكون من اللؤلؤ فى العادة وهو غلط لما فيه من قياس عالم الملك بعالم الملكوت وهو خطأ لقوه ( اعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) وينصره قول سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة اساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من اللؤلؤ واليواقيت ، قال ابن الشيخ وظاهر ان السوار قد يتخذ من اللؤلؤ وحده بنظم بعضه الى بعض غاية ما فى الباب ان لايكون معهودا فى الزمان الاول اى فيكون تشويقا لهم بما لم يعرفوه فى الدنيا

{ ولباسهم فيها حرير } يعنى انهم يلبسون فى الجنة ثياب الابريسم وهو الذى حرم لبسه فى الدنيا على الرجال على ما روى ابو سعيد على النبي عليه اسلام انه قال ( من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة ) فان دخل الجنة لبس اهل الجنة ولم يلبس هو ولذلك قال ابو حنيفة رحمه اللّه لا يحل لرجل ان يلبس حريرا الا قدر اربع اصابع لما روى انه عليه السلام لبي جبة مكفوفة بالحرير ولم يفرق بين حالة الحرب وغيره وقال ابو يوسف ومحمد يحل فى الحرب ضرورة ، قلنا الضرورة تندفع بما لحمته ابريسم وسداه غيره وعكسه فى الحرب فقط كما فى بحر العلوم ، قال الامام الدميرى في حياة لا تختص بالسفر كما فى انوار المشارق.

٢٤

{ وهدوا الى الطيب من القول } [ راه نموده شده اند مؤمنان به با كيزه ازقول بسخنهاى باك راه نمايند ايشانرا درآخرت وآن جنان باشدكه جون نظر ايشان بربهشت افتدكويند ( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) وجون ببهشت در آيندبرزبان رانندكه ( الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ) وجون درمنارل خود قرار كيرند كويند ( الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض ) الآية واكثر مفسران برانندكه ايشان راه يافته اند بقول طيب دردنياكه كلمه طيبه ( لا اله الا اللّه ومحمد رسول اللّه ) است ] كما مقال فى التأويلات النجمية هو الاخلاص فى قول لا اله الا اللّه والعمل به ، وقال فى حقائق البقلى هو الذكر والامر بالمعروف او نصيحة المسلمين او دعاء المؤمنين وارشاد السالكين ، قال اكاشفى [ حضرت الهى در كشف الاسرار فردموده كه كلام باكيزه آنست كه ازدعوى باك باشد وازعجب دوروبنياز نزديك . سهل تسترى رحمه اللّه فرموده كه درين كلام نظر كردم هيج راه بحق نزديكنر ازنياز تديدم وهيج عجائب صعبتر ازدعوى نايفتم

ايمن آباديست اين راه نياز ... ترك نازش كيروبا اين ره بساز

روبترك دعوى دوعت بكو ... راه حق ازكبرو از نخوت مجو

{ وهدوا الى صراط الحميد } اى المحمود نفسه او عاقبته وهو الجنة اخر بيان الهداية لرعاية الفواصل ، وقال الكاشفى [ وراه يافته شده اند اهل ايمان براه خداوند ستودنكه دين اسلامست ] اى فيكون المعنى دين اللّه المحمود فى افعاله.

وفى التأويلات النجمية هو الطريق الى اللّه فان الحميد هو اللّه تعالى ، واعلم ان علامة الاهتداء الى الطريق القويم السلوك بقدم العمل الصالح وهو ما كان خالصا لله تعالى ومجرد الايمان وان كان يمنع المؤمن من الخلود فى النار ويدخله الجنة لكن العمل يزيد نور الايمان وبه يتنور قلب المؤمن ، قال موسى عليه السلام يارب اى عبادك اعجز قال الذى يطلب الجنة لا عمل والرزق بلا دعاء قال وأى عبادك ابخل قال الذى سأله سائل وهو يقدر على اطعامه ولم يطعمه وكان رجل بيثرب جمع قوما من ندمائه ودفع الى غلام له اربعة دراهم وامره ان يشترى شيأ من الفواكه للمجلس فمر الغلام بباب مسجد منصور بن عمار وهو يسأل الفقير شيأ ويقول من دفع اليه اربعة دراهم دعوت له اربع دعوات فدفع لغلام الدراهم فقال منصور ما الذى تريد ان ادعولك فقال لى سيد اريد ان اتخلص منه فدعاه منصور ثم قال والآخران يخلف اللّه على دارهمى فدعاه ثم قبل والآخر فقال ان يتوب اللّه على سدى فدعاه ثم قال والآخر فقال ان يغفر اللّه لى ولسيدى ولك وللقوم فدعاه منصور فرجع الغلام الى سيده فقال لم ابطأت فقص عليه القصة فقال وبم دعا فقال سألت لنفسى العتق فقال اذهب فانت حر ثم قال وأى شىء الثانى فقال ان يخلف اللّه علىّ الدراهم فقال لك اربعة آلاف درهم ثم قال وأى شىء الثالث فقال ان يتوب اللّه عليك فقال تبت الى اللّه ثم قال وأى شيء الرابع فقال ان يغفر اللّه لى ولك وللمذكور وللقوم فقال هذا الواحد ليس الىّ فقد غفرت لك في المنام كأن قائلا يقول له انت فعلت ما كان اليك أترى انى لا افعل ما الىّ فلما بات رأى فى المنام كأن قائلا يقول له انت فعلت ما كان اليك أترى أنى لا افعل ما الىّ فقد غفرت لك وللغلام ولمنصور وللقوم الحاضرين ففى الحكاية فوائد لا تخفى نسأل اللّه المغفرة والعاقبة المحمودة

توجا كر در سلطان عشق شوجواياز ... كه هست عاقبت كار علشقان محمود

٢٥

{ ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل اللّه } اي يمنعون الناس عن طاعة اللّه والدخول فى دينه ولمراد بيصغة المضارع الاستمرار لا الحال والاستقبال كأنه قيل ان الذين كفروا ومن شأنهم الصد عن سبيل اللّه ومثله قوله تعالى

{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللّه } { والمسجد الحرام } عطف على سبيل اللّه والمراد به مكة او يمنعون المؤمنين عن طواف ، قال الكاشفى [ بقول اشهر روز حديبيه است كه حضرت بيغمبر عليه السلام واصحاب اورا ازطواف خانة ومسجد بازداشتند ]

{ الذى جعلناه } صيرناه حال كونه معبدا

{ للناس } كائنا من كان من غير فرق بين مكى وآفاقى

{ سواء العاكف فيه والباد } مفعول ثان لجعلنا والعاكف مرتفع به على الفاعلية يقال للمقيم بالبادية باد والبادية كل مكان يبدو ما يعن فيه وبالعكس فى شىء من ساعاة الليل والنهار : وبالفارسية [ يكسانست مقيم درو وآينده يعنى غريب وشهرى درقضاى مناسك وادارى مراسم تعظيم خانه مساوى اند ] ، وفائدة وصف المسجد الحرام بذلك زيادة تشنيع الصادين عنه وخبران محذوف اى معذبون كما يدل عليه آخر الآية

{ ومن } [ وهركه ]

{ يرد } مراداما

{ فيه } [ درحرم ]

{ بالحلم بظلم } حالان مترادفان اى حال كونه مائلا عن القصد ظالما وحقيقته ملتبسا بظلم فالباء للملابسة والالحاد الميل ، قال الراغب الحد فلان مال عن الحق والالحاد ضربان الحاد غلى الشرك باللّه والحاد الى الشرك بالاسباب فالاول ينافى الايمان ويبطله والثاني يوهن عراه ولا يبطله ومن هذا النحو الآية

{ نذقه من عذاب اليم } جواب من يعنى يجب على من كان فيه ان يعدل في جميع ما يريده والمراد بالالحاد والظلم صيد حمامه وقطع شجره ودخوله غير محرم وجميع المعاصي حتى قيل شتم الخادم لان السيآت تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات : يعنى [ جون مكة محترمه مخصوصيت بتضاعف حسنات جونمازى درو باجندين نماز در غير أو برابراست بس جزاى مساوى نيزدروكلى ترست ازسائر مواضع ] ، ولحرمة المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الاقصى قال الفقهاء لونذر ان يصلى فى احد هذه الثلاثة تعين بخلاف سائر المساجد فان من نذران يصلى فى احدها له ان يصلى فى آخر ، قال حضرة الشيخ الاكر قدس سره الاطهر اعلم ان اللّه تعالى قد عفا عن جميع الخواطر التى لا تستقر عندنا الا بمكة لان الشرع قد ورد ان اللّه يؤاخذ فيه من يريد فيه بالحاد وبظلم وهذا كان سبب سكنى عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما بالطائف احتياطا لنفسه لانه ليس فى قدرة الانسان ان يفدع عن قلبه الخواطر انتهى.

وفى الآية اشارات ، منها ان من ح ال النفوس المتمردة والارواح المرتدة مع انكارهم واعراضهم عن الحق يصدون الطالبين عن طريق اللّه بالانكار والاعتراضات الفاسدة على المشايخ ويقطعون الطريق على اهل الطلب ليردوهم عن طلب الحق وعن دخول مسجد حرم القلب فانه حرم اللّه تعالى : قال الحافظ

در راه عشق وسوسة اهرمن بسيست ... هش دارو كوش دل به بيام سروش كن

وفي المثنوى

بس عدو جان صرافست قلب ... دشمن درويش كه بوذ غير كلب

مغزوا خالى كن از انكار يار ... تاكه ريحان يابد از كلزار يار

ومنها انه يستوى فى الوصول الى مقام القلب الذى سبق اليه بمدة طويلة والذى يصل اليه في الحال ليس لاحد فضل على الآخر الا بالسيف الى مقامات القلب ، قال فى الحقائق المقيم بقلبه هناك من اول عمره الى اخره والطارىء لحظة من المكاشفين والمشاهدين ينكشف له ما انكشف للمقيمين لانه وهاب كريم يعطى للتائب من المعاصى ما يعطى المطيع المقيم فى طاعته طول عمره : قال الحافظ

فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ... دكران هم بكنند آنجه مسيحا ميكرد

وقد

قال بعضهم امسيت كرديا واصبحت عربيا ، ومنها ان من اراد في القلب ميلانالى غير الحق يذيقه اللّه عذاب اليم البعد والقطيعة عن الحضرة فالقلب معدن محبة اللّه ووضع محبة غيره فيه ظلم : قال الشيخ سعدى قدس سره

دلم خانه مهريارست وبس ... ازان مى نكنجد دروكين كس

وقال الخجندى

بادوست كزين كمال ياجان ... يك خانه دوميهمان نكنج

فلا يسع القلب غير محبة اللّه تعالة وعشقه وتوجهه

٢٦

{ واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت } يقال برأه منزلا اى انزله فيه . والمعنى اذكر وقت جعلنا مكان البيت اى الكعبة مباءة له عليه السلام اى مرجعا يرجع اليه للعامرة والعبادة ، وفى الجلالين بينا له ان يبنى روى ان الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات ، احداها بناء الملائكة اياها قبل آدم وكانت من ياقوتة حمراء ثم رفعت الى السماء ايام الطوفان ، والثانية بناء ابراهيم روى ان اللّه تعالى لما امر ابراهيم ببناء البيت لم يدر اين يبنى فاعلمه اللّه مكانه بريح ارسلها يقال لها الحجوج كنست ما حوله فبناه على القديم ، وقال الكلبي بعث اللّه سحابة على قدر البيت فقامت بحيال البيت وفيها رأس يتكلم يا ابراهيم ابن على قدرى فبنى عليه ، والمرة الثالثة بناء قريش فى الجاهلية وقد حضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذا البناء وكان يومئذ رجلا شابا فلما ارادوا ان يرفعوا الحجر الاسود اختصموا فيه فاراد كل قبيلة ان تتولى رفعه ثم توافقوا على ان يحكم بينهم اول رجل يخرج من هذه السكة فكان عليه السلام او من خرج فقضى بينهم ان يجعلوه فى مرط ثم يرفعه جميع القبائل كلهم فرفعوه ثم ارتقى هو عليه السلام فرفعوه اليه فوضعه في مكانه وكانوا يدعونه الامين قيل كان بناء الكعبة قبل المبعث بخمس عشرة سنةن والمرة الرابعة بناء عبداللّه بن الزبير رضى اللّه عنه ، والخامسة بناء الحجاج وهو البناء الموجود اليوم كان البيت فى الوضع القديم مثلث الشكل اشارة الى قلوب الانبياء عليهم السلام اذ ليس لنبى الا خاطر الهى وملكى ونفسى ثم كان فى الوضع الحادث على اربعة اركان اشارة الى قلوب المؤمنين بزيادة الخاطر الشيطانى ذكر المحدث الكازورنى فى مناسكه ان هذا البيت خامس خمسة عشر سبعة منها فى السماء الى العرش وسبعة منها الى تخوم الارض السفلى لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط منها بيت لسقط بعضها على بعض الى تخوم الارض السابعة ولكل بيت من اهل السماء والارض من يعمره كما يعمر هذه البيت وافضل الكل الكعبة المكرمة

روبحرم نه كه دران خوش حريم ... هست سيه بوش نكارى مقيم

صحن حرم روضه خلد برين ... اوبجنان ضحن مربع تشين

قلبه خوبان عرب روى او ... سجده شوخان عجم سوى او

كعبه بودنو كل مثكين من ... تازه ازو باغ دل ودين من

{ ان لاتشرك بى شيئا } مفسرة لبوأنا من حيث انه متضمن لمعنى تعبدنا اذ التوبة لا تقصد الام من اجل العبادة فكأنه قيل واذ تعبدنا ابراهيم قلنا له لا تشرك بى شيأ [ آنكه شرك ميار وانباز مكير بمن جيزى راكه من ازشرك منزه ومقدسم ]

{ وطهر بيتى } من الاوثان والاقذار ان تطرح حوله اضافه الى نفسه لانه منور بانوار آياته

{ للطائفين } لمن يطوف به

{ والقائمن والركع السجود } جمع راكع وساجد اى ويصلى فيه ولعل التعبير عن الصلاة باركانها وهى القيام والركوع والسجود للدلالة على ان كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك فكيف وقد اجتمعت ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان المراد بالقائمين المقيمون بالبيت فيكون المراد بالطائفين من يطوف به وآفاقى غير مقيم هناك ، قال الكاشفى [ اين بزبان اهل علمست

واما بلسان اشارت ميفروما يدكه دل خودراكه دار الملك كبرياى منست ازهمه جيزاباك كن وغيرى را بروراه مده كه او بيمانه اشراب محبت ماست ( القلوب اوانى اللّه فى الارض فاحب اواني الى اصفاها ) حى آمد بداود عليه السلام كه براى من خائه باك سازكه نظر عظمت من بوى فرود آيد داود عليه السلام كفت ( واى بيت يسعك ) كدام خانه است كه عظمت وجلال ترا شايد فرمودكه آن دل بنده مؤمن است داود عليه السلام فرمودكه اوراجه كونه باك دارم كفت آتش عشق دورى زن تاهرجه غير ماست همه رابسوزد

خوش آن آتش كه دردل برفروند ... بجز حق هرجه بيش آيد بسوزد

قال سهل رحمه اللّه كما يطهر البيت من الاصنام والاوثان يطهر القلب من الشرك والريب والغل والغش والقسوة والحسد : قال الشيخ المغربى رحمه الله

كل توحيد نرويد ززمينى كه درو ... خرشرك وحسد وكبر وريا وكينست

مسكن دوست زجان ميطلبيدم كفتا ... مسكن دوست اكرهست دل مسكين است

وفى التأويلات النجمية كن حارسا للقلب لئلا يسكن فيه غيرى وفرغ القلب من الاشياء سواى ويقال

{ وطهر بيتى } اى باخراج كل نصيب لك فى الدنيا والآخرة من تطلع اكرام وتطلب انعام او رادة مقام ويقال طهر قلبك

{ للطائفين } فيه من واردات الحق وموارد الاحوال على ما يختاره الحق

{ والقائمين } وهى الاشياء المقيمة من مستوطنات العرفان والامور المغنية عن البرهان وتطلعه بما هى حقيقة البيان

{ والركع السجود } وهى اركان الاحوال المتوالية من الرغبة والرهبة والرجاء والمخافة والقبض والبسط والانس والهيبة وفى معناها انشدوا

لست من جملة المحبين ان لم ... اجعل القلب بيته والمقاما

وطوافى اجالة السر فيه ... وهو كنى اذا اردت استلام

٢٧

{ واذن فى الناس } التأذين النداء الى الصلاة كما فى القاموس والمؤذن كل من يعلم بشىء نداء كما فى المفردات والمعنى ناد فيهم يا ابراهيم

{ بالحج } بدعوة الحج والامر به : وبالفارسية [ وندا درده اى ابراهيم درميسان مردمان وبخوان ايشانرا بحج خانه خداى ] ، روى ان ابراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت قال اللّه تعالى له اذن فى الناس بالحج قال يا رب وما يبلغ صوتى قال تعالى عليك الاذان وعلى البلاغ فصعد ابراهيم الصفا وفى رواية اباقبيس وفى اخرى على المقام فارتفع المقام حتى صار كطول الجبال فادخل اصبعيه فى اذنيه واقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وقال ايها الناس ألا ان ربكم قد بنى بيتا وكتب عليكم الحج الى بيت العتيق فاجيبوا ربكم وحجوا بيته الحرام ليثيبكم به الجنة ويجيركم من النار فسمعه اهل مابين السماء والارض فما بقى شىء سمع صوته الا اقبل يقول لبيك اللهم لبيك فاول من اجاب اهل اليمن فهم اكثر الناس حجا ومن ثمة جاء فى الحديث ( لايمان يمان ) ويفكى شرفا لليمن ظهور اويس القرنى منه واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن ) ، قال مجاهد من اجاب مرة حج مرة ومن اجاب مرتين او اكثر يحج مرتين او اكثر بذلك المقدار ، قال فى اسئلة الحكم فاجابوه من ظهور الآباء وبطون الامهات فى عالم الارواح

اذن فى الناس نداييست عام ... توكه بخواب آمده بين الانام

دعوى خاصى كنى وامتياز ... خاص نباشد همه كس جوز اياز

بهرهمين شد دل خاصان دونيم ... حالت لبيك زاميد وبيم

وفي الخصائص الصغرى وافترض على الانبياء والرسل وهو الوضوء والغسل من الجنابة والحج والجهاد وما وجب فى حق ن بى وجب فى حق امته الا ان يقوم الدليل الصحيح على الخصوصية

{ يأتوك } جواب للامر والخطاب لابراهيم فان من اتى الكعبة فكأنه قد اتى ابراهيم لانه مجيب نداءه

{ رجالا } حال اى مشاة على ارجلهم جمع راجل كقيام جمع قائم ، قال الراغب اشتق من الرجل رجل وراجل للماشى بالرجل

{ وعلى كال ضامر } عطف على رجالا اى وركبانا على كل بعير ضامر اى مهزول اتعبه بعد السفر فهزل ، قال الراغب الضامر من الفرس الخفيف اللحم من الاصل لا من الهزال

{ يأتين } صفة لضامر لان المعنى على ضوامر من جماعة الابل

{ من كل فج } طريق واسع ، قال الراغب الفج طريق يكتنفها جبلان

{ عميق } بعيد واصل العمق البعد سفلا يقال بئر عميق اذا كانت بعيدة القعر روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول

( للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعون حجة وللحاج الماشى بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم ) قال قيل وما حسنات الحرم قال ( الحسنة بمائة الف ) قال مجاهد حج ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ماشيين وكانا اذا قربا من الحرم خلعا نعالهما هذا اذا لم يتغير خلقه بالمشى ولا فالركوب افضل ولما انفرد الرهبانيون فى الملل السالفة بالسياحة والسفر الى البلاد والبواد سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه سلم عن ذلك فقال ( ابدل اللّه بها الحج ) فانعم بالحج على امته بان جعل الحج وسفره رهبانية لهم وسياحة وفى الخبر ( ان اللّه ينظر الى الكعبة كل سنة فى نصف شعبان فعند ذلك تحن اليها القلوب ) فلا يحن عند التجلى الا القلب المسارع لاجابة ابراهيم فما حن قلب لتلك الاجابة الا القلب المسارع لدعوة الحق فى قوله

{ ألست بربكم قالوا بلى } قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اخبرنى بعض المسافرين عن رجل من اهل الثروة فى الدنيا لم يحدث نفسه بالحج قط فجرى له امر كان سببا لان قيد بالحديد وجي به الى الامير صاحب مكة ليقتله لامر بلغه عنه والذى وشى به عند الامير حاضر فاتفق ان كان وصوله يوم عرفة والامير بعرفة فاحضره بين يديه وهو مغلول العنق بالحديد فاستدعى الامير الواشى وقال له هذا صاحبنا فنظر الى الرجل فقال لا ايها الامير فاعتذر اليه الامير وازيل عنه الحديد واغتسل واهل بالحج ولى من عرفة ورجع معفوا مغفورا بالظاهر والباطن فانظر العناية الالهية ما تفعل بالعبد فمن الناس من يقاد الى الجنة بالسلاسل وهو من اسرار الاجابة والابراهيمية : وفى فتوح الحرمين

هركه رسيده بوجود ازعدم ... در ره اوساخته از سرقدم

هيج نبى هيج ولى هم نبود ... كونبرد در ره اميدسود

جملة خلائق زعرب تاعجم ... باديه بيما بهواى حرم

٢٨

{ ليشهدوا } متعلق بيأتوك اى ليحضروا

{ منافع } كامنه

{ لهم } من المنافع الدينية والدنيوية وهى العفو والمغفرة والتجارة فى ايام الحج فتكبرها لان المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة لا يوجد فى غيرها من العباداتن وعن ابى حنيفة رحمه اللّه انه كان يفاضل بين العبادات قبل ان يحج فلما حج فضل الحج على العبادات كلها لما شاهد من تلك الخصائص

{ ويذكروا اسم اللّه } عند اعداد الهدايا والضحايا وذبحها ، قال الكاشفى [ مراد قربانيست كه بنام خداى كنند كفار بنام بت ميكردند ] وفى جعله غاية للاتيان ايذان باه الغاية القصوى دون غيره

{ فى ايام معلومات } هى ايام النحر كما ينبى عنه قوله تعالى

{ على مارزقهم من بهيمة الانعام } فان المراد بالذكر . ما وقع عند الذبح علق الفعل بالمرزوق وبينه بالبهيمة تحريضا على التقرب وتنبيها على مقتضى الذكر والبهيمة واسم لكل ذات اربع فى البحر والبرفبينت بالانعام وهى الابل والبقر والضأن والمعز لان الهدى والذبيحة لا يكونان من غيرها ، قال الراغب البهيمة ما لانطق له وذلك لما فى صوته من الابهام لكن خص فى التعارف بما عدا السباع والطير . والانعام جمع نعم وهو مختص بالابل وتسميته بذلك لكون الابل عندهم اعظم نعمة لكن الانعام يقال للابل والبقر والغنم ولا يقال لها انعام حتى يكون فى جملتها الابل

{ فكلوا منها } التفات الى الخطاب والفاء فيصحة عاطفة لمدخولها على مقدر اى فاذكر اسم اللّه على ضحاياكم فكلوا من لحومها والامر للاباحة كان اهل الجاهلية لا يأكلون من نسائكهم فاعلم اللّه ان ذلك جائز ان شاء اكل وان شاء لم يأكل

{ واطعموا البائس } هذا الامر للوجوب والبائس الذى اصابه بؤس وشدة وبالفارسية [ در مانده ومخت كشيده ]

{ الفقير } المحتاج ، قال الكاشفى [ محتاج تنكدست را ] فالبائس الشديد الفقر والفقير المحتاج الذى اضعفه الاعسار ليس له عنى او البائس الذى ظهر بؤسه فى ثبابه وفى وجهه والفقير الذى لا يكون كذلك بان تكون ثبابه نقية ووجهه وجه غنى ، وفى مختصر الكرخى اوصى بثلث ماله للبائس الفقير والمسكين قال فهو يقسم لاى ثلاثة اجزاء جزء للبائس وهو الذى به الزمانة اذا كان محتاجا والفقير المحتاج الذى لا يعرف بالابواب والمسكين الذى يسأل ويطوف عون ابى يوصف الى جزءين الفقير المسكين واحد واتفق العلماء على ان الهدى ان كان تطوعا كان للمهدى ان يأكل منه وكذا اضحية التطوع لما روى انه عليه السلام ساق فى حجة الوداع مائة بدنة فنحر منها ثلاثا وستين بدنة بنفسه اشارة الى مدة عمره ونحر على رضى اللّه عنه ما بقى ثم امر عليه السلام ان يؤخذ بضعة من لك بدنة فتجعل فى قدر ففعل ذلك فطبخ فاكلا من لحمها وحسيا مرقها وكان هدى تطوع ، واختلفوا فى الهدى الواجب هل يجوز للمهدى ان يأكل منه شيأ مثل دم التمتع والقران والنذور والكفارات والدماء الواقعة جبرا للنقصان والتى وجبت باصياد لحج وفواته وجزاء الصيد فذهب قوم الى انه لايجوز للمهدى ان يأكل شيأ منها ومنهم الشافعى رحمه اللّه وذهب الائمة الحنفية الى انه يأكل من دم التمتع والقران لكونهما دم الشكر لا دم الجناية ولا يأكل من واجب سواها وكذا لا يأكل اولاده واهله وعبيده واماؤه وكذا الاغنياء اذ الصدقة الواجبة حق للفقراء ، وفى الآية اشارة الى انه يلزم على الاغنياء ان يشاركوا الفقراء فى المآكل والمشارب فلا يطعموهم الا مما يأكلون ولا يجعلوا لله ما يكرهون ، قال ابن عطاء البائس الذى تأنف من مجالسته ومواكلته والفقير من تعلم حاجته الى طعامك ولم يسأل

٢٩

{ ثم ليقضوا تفثهم } عطف على يذكروا اى ليزبلوا وسخهم بخالق الرأس وقص الشارب والاظفار ونتف الابط ولاستحداد عند الاحلال اى الخروج من الاحرام فالتفث الوسخ يقال للرجل ما أتفثك وما ادرنك اى وما اوسخك وكل ما يستقذر من الشعث وطول الظفر ونحوهما تفث ، قال الراغب اصل التفث سخ الظفر وغير ذلك مما شأنه ان يزال عن البدن والقضاء فصل الامر قولا كان ذلك او فعلا وكل واحد منها على وجهين الهى وبشرى والآية من قبيل البشرى كما فى قوله تعالى

{ ثم اقضوا الىّ ولا تنظرون } اى افرغوا من امركم وقول الشاعر

قضيت امرا ثم غادرت بعدها ... يحتمل القضاء بالقول والفعل جميعا كما فى المفردات

{ وليوفوا نذورهم } يقال وفى بعهده واوفى اذا تمم العهد ولم ينقض حفظه كما دل عليه الغدر وهو الترك والنذر ان توجب على نفسك ما ليس بواجب والمراد بالنذور ما نذروه من اعمال البر فى ايام الحج فان الرجل اذا حج واعتمر فقد يوجب على نفسه من الهدى وغيره ما لولا ايجابه لم يكن الحج يقتضيه وان كان على الرجل نذور مطلقة فالافضل ان يتصدق بها على اهل مكة

{ وليطوفوا } طواف الركن الذى به يتم التحلل فاه قرينة قضاء التفث

{ بالبيت العتيق } اى القديم فاه اول بيت وضع للناس او المعتق من تسلط الجبابرة فكم من جبار سار اليه ليهدمه فعصمه اللّه

واما الحجاج الثقفى فنام قصد اخراج ابن الزبير رضى اللّه عنه لا التسلط عليه ولما قصد التسلط عليه ابرهه فعل به ما فعل ، اعلم ان طواف الحجاج ثلاثة . الاول طواف القدوم وهو ان من قدم مكة يطوف بالبيت سبعا يرمل ثلاثا من الحجر الاسوج الى ان ينتهى اليه ويمشى اربعا وهذا الطواف سنة لاشىء بتركه . والثانى طواف الافاضة يوم النحر بعد الرمى والحلق ويسمى ايضا طوافق الزيارة وهو ركن لا يحصل التحلل من الاحرام ما لم لأت به والثالث طواف الوطاع لا رخصه لمن اراد مفارقة مكة الى مسافة القصر فى ان يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعا فمن تركه فعليه دم الا المرأة الحائضة فانه يجوز لها ترك طواف الوداع ثم ان الرمل يختص بطواف القدوم ولا رمل فى طواف الافاضة والوداع

اى كه درين كوى قدم مى نهى ... روى توجه بحرم مى نهى

باى باندازه درين كوى نه ... باى كر سوده شود روى نه

جرخ زنان طوف كنان برحضور ... توشده بروانه واوشمع نور

عادت براوبة ندانى مكر ... جرخ زند اول وسوزد دكر

قال الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات المكية لما نسب اللّه العرش فى السماء الى نفسه وجعله حل استواء للرحمن فقال { الرحن على العرش استوى }

وجعل الملائكة حافين به بنزلة الحراس الذين يدورون بدار الملك والملازمين له لتنفيذ امره كذلك جعل اللّه بيته فى الارض ونصبه للطائفين على ذلك الاسلوب وتميز البيت على العرش بامر جلى وسر الهى ما هو فى العرش وهي يمين اللّه فى الارض لتبايعه فى كل شوط مبايعة رضوان فالحجر يمين اللّه يبايع به عباده بلا شك ولكن على الوجه الذى يعلمه سبحانه من ذلك فصح السنب بالتقديس ومن هنا يعرف ان مافى الوجود الا اللّه سبحانه وتعالى وتقدس

كعبه كرو درهمه دلها ره است ... جزوى از اعضاى يمين اللّه است

قال بعض لكبار وضع اللّه بيته فى الارض قبل آدم وذريته وآجال الطائفين حوله ابتلاء وامتحانا ليحتجبوا بالبيت عن صاحب البيت يعنى حجبهم بالوسائط عن مشاهدة جماله غيرة على نفسه من ان يرى احد اليه سبيلا حكى ان عارفا من اولياء اللّه تعالى قصد الحج وكان له ابن فقال ابنه الى اين تقصد فقال الى بيت اللّه فظن الغلام ان من يرى البيت يرى رب البيت فقال يا بى لم لا تحملنى معك فقال انت لا تصلح لذلك فبكى الغلام فحمله معه فلما بلغا الى الميقات احرما ولبيا ودخلا الحرم فلما شوهد البيت تحير الغلام عند رؤيته فخر ميتا فدهش والده وقال اين ولدى وقطعة كبدى فنودى من زواية البيت انت طلبت البيت فوجدته وهو طلب رب البيت فوجد رب اليت فرفع الغلام من بينهم فهتف هاتف انه ليس فى القر ولا فى الارض ولافى الجنة بل هو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر : وفى المثنوى

خوش بكش اين كاروانرا تابحج ... اى امير الصبر مفتاح الفرج

حج زيارت كردن خانه بود ... حج رب البيت مردانه بود

فمن اعرض عن الجهة وتوجه الى الوجه الاحدى صار الحف قبله له فيكون هو قبله الجميع كآدم عليه السلام كان قبلة الملائكة لانه وسيلة الحق بينه وبين ملائكته لما عليه نم كسوة جماله وجلاله كما قال عليه السلام ( خلق اللّه آدم على صورته ) يعنى القى عله حسن صفاته ونو مشاهدته ، قال بعض العارفين لما كانت البيت المحرم سر لباس شمس الذات الاحدية وحد الحق سبحانه القصد اليه فقال

{ ولله على الناس حج البيت } فجاء بلفظ البيت لما فيه من اشتقاق المبيت والمبيت لا يكون الا فى الليل والليل محل التجلى للعباد فانه فيه نزول الحق كما يليق وهو مظهر الغيب وهو محل التجلى ولباس الشمس كذلك البيت الحرام مظهر حضر الغيب الالهى وسر التجلى الوحدانى وسر منبع رحمة الرحمانية لأن الحق اذا تجلى لاهل الارض بصفة الرحمة ينزل الرحمة اولا على البيت ثم تقسم منه فالبيت سر وحدانية ا لحق فجعل الحق حجة واحدة لا يتكرر وجوبه كتكرر سائر العبادات لاجل مضاهاته بحضرة الاحدية وفضل البيت على سائر البويت كفضله سبحانه على خلقه والفضل كله لله تعالى فانوار جميع البيوت وفضائلها مقتبسة من نوره كما وردت الاشارة ان الارض مدت من البيت وهو حقيقة الحقائق الكونية الشهادية فلذلك سميت مكة بام القرى شرفها اللّه تعالى وتقدس.

وفى التأويلات النجمية

{ واذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا } اى وناد فى الناسين من النفس وصفاتها والقالب وجوارحه بزيارة القلب للاتصاف بصفاته والدخول فى مقاماته يأتوك مشاة وهى النفس وصفاتها

{ وعلى كل ضامر } وهو القالب وجوارحه يعنى يقصدون القلب بالاعمال الشرعية البدنية فانهم كالركبان لأن الاعمال البدنية مركبة بحركات الجوارح ونيات الضمير كما ان اعمال النفس مفردة لانها نيات الضمير فحسب

{ يأتين من كل فج عميق } وهو سفل الدنيا لأن القالب من الدنيا واكثر استعماله فى مصالح الدنيا بالجوارح والاعضاء فردها الى استعمالها فى مصالح لقلب اتيانها من كل فج عميق

{ ليشهدوا منافع لهم } اى ليحضروا وينتفعوا بالمنافع التى هى مستكنة فى القلب فاما النفس وصفاتها فمنافعها بتبديل الاخلاق

واما القالب وجوارحه فمنافعهم قبول طاعاتهم وظهو آثارها على سيماهم ويذكروا اسم اللّه اى القلب والنفس والقالب شكرا على ما رزقهم من بهيمة الانعام بان جعل الصفات البهيمية الحيوانية مبدلة بالصفات القلبية الروحانية الربانية وبقوله

{ فكلوا منها واطعموا البائس الفقير } يشير الى ان انتفعوا من هذه المقامات والكرامات واطعموا بمنافعها الطالب المحتاج والقاصد الى اللّه بالخدمة والهداية والارشاد ثم ليقضوا الطلاب تفثهم وهو ما يجب عليهم من شرائط الارادة وصدق الطلب

{ وليوفوا نذورهم } فما عاهدوا اللّه على التوجه ا ليه وصدق الطلب والارادة

{ وليطوفوا بالبيت العتيق } اى يطوفوا حول اللّه بقلبهم وسرهم ولا يطوفوا حول ما سواه واراد بالعتيق القديم هو من صفات اللّه تعالى.

٣٠

{ ذلك } اى الامر والشان ذلك الذي ذكر من قوله

{ واذ بوأنا } الى قوله

{ بالبيت العتيق } فان هذه الآية مشتملة على الاحكام المأور بها والمنهى عنها وهذا وامثاله يطلق للفصل بين الكلامين اوبين وجهى كلام واحد

{ ومن } [ وهركه ]

{ يعظم حرمات اللّه } جمع حرمة وهى ما لا يحل هتكه وهو خرق ا لستر عما وراءه اى احكامه وفرائضه وسننه وسائر مالا يحل هتكه كالكعبة الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام بالعلم بوجوب مراعاتها والعمل بموجبه

{ فهو خير له } اى فالتعظيم خير له ثوابا

{ عند ربه } اى فى الآخرة ، قال ابن الشيخ عند ربه يدل على الثواب المدخر لانه بطاعة ربه فيما حصل من الخيرات ، وفى الآية اشارة الى ان تعظيم حرمات اللّه هو تعظيم اللّه فى ترك ما حرمه عليه وتعظيم ترك ا أمره اللّه به يقال بالطاعة يصل العبد الى الجنة وبالحرممة يصل الى اللّه ولهذا قال

{ فهو خير له عند ربه } يعنى تعظيم الحرمة خير للعبد فى التقرب الى اللّه من تقربه بالطاعة ويقال ترك الخدمة يوجب العقوبة وترك الحرمة يوجب الفرقة ويقال كل شىء من المخالفات فللعفو فيه مساغ وللامل فيه طريق وترك الحرمة على خطر ان لا يغفر ذلك وذلك بان يؤدى شؤمه لصاحبه الى ان يختل دينه وتوحيده

{ واحلت } جعلت حلالا وهو من حل العقدة

{ لكم } لمنافعكم

{ الانعام } وهى الازواج الثمانية على الاطلاق من الضأن اثنين اى الذكر والانثى ومن المعز اثنين ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين فالخيل والبغال الحمير خارجة من الانعام

{ الا ما يتلى عليكم } آية تحريمه كما قال في سورة المائدة

{ حرمت عليكم الميتة والدم } الآية وهو استثناء متصل بناء على ان ما عبارة عما حرم منها العارض كالميتة وما اهل به لغير اللّه والجملة اعتراض جيء به تقريرا لما قبله من الامر بالاكل والاطعام ودفعا لما عسى يتوهم ان الاحرام يحرمها كما يحرم الصيد والمعنى ان اللّه تعالى قد احل لكم ان تأكلوا الانعام كلها الا ما استثناه كتابه فحافظوا على حدوده واياكم ان تحرموا مما احل اللّه شيأ كتحريم عبدة الاوثان البحيرة والسائبة ونحوهما وان تحلوا مما حرم حلالهم شيأ كاكل الموقوذة والميتة ونحوهما

{ فاجتنبوا الرجس من الاوثان } اى الرجس الذى هو الاوثان يعنى عبادتها كما يجتنب الانجاس والرجس الشىء القذر يقال رجل رجس ورجال ارجاس والرجس يكون على اربعة اوجه اما من حيث الطبع

واما من جهة العقل

واما من جهة الشريعة

واما من كل ذلك كالميتة فانها تعاف طبعا وعقلا وشرعا والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر والاوثان وهى جمع وثن وهو حجارة كانت تعبد كما فى المفردات ، وقال بعضهم الفرق بينه وبين الصنم ان الصنم هو الذي يؤلف من شجر او ذهب او فضة فى صورة الانسان والوثن هو الذى ليس كذلك ، قال فى الارشاد وقوله

{ فاجتنبوا } الخ مرتب على ما يفيده قوله تعالى

{ ومن يعظم حرمات اللّه } من وجوب مراعاتها والاجتناب عن هتكها ولما كان بيان حل انعام من دواعى التعاطى لامن مبادى الاجتناب عقبه بما يجب الاجتناب عنه من الحرمات ثم امر بالاجتناب عما هو اقصى الحرمات كأنه قيل ومن يعظم حرمات اللّه فهو خير له والانعام ليست من الحرمات فانها محللة لكم الا ما يتلى عليكم آية تحريمه فانه مما يجب الاجتناب عنه فاجتنبوا ما هو معظم الامور التى يجب الاجتناب عنها

{ واجتنبوا قول الزور } تعميم بعد تخصيص فان عبادة الاوثان التى هى رأس الزور والمشرك يزعم ان الوثن يحق له العبادة كأنه قيل فاجتنبوا عبادة الاوثان التى هي رأس الزور واجتنبوا قول الزول كله ولا تقربوا شيأ منه وكأنه لما حث على تعظيم الحرمات اتبع ذلك رد لما كانت الكفرة عليه من تحريم السوائب والبحائر ونحوهما والافتراء على اللّه تعالى بانه حكم بذلك : وبالفارسية [ واجتناب كنيد ازسخن دروغ مطلقا ]

وقيل المراد به شهادة اتلزور لما روى انه عليه السلام قال

( عدلت شهادة الزور الاشراك باللّه تعالى ثلاثا ) وتلا هذه الآية وكان عمر رضى اللّه عنه يجلد شاهد الزور اربعين جلدة ويسود وجهه بالفحم ويطوف به فى الاسواق والزور من الزور وهو الانحراف كلافك المأخوذ من الافك الذى هو القلب والصرف فان الكذب منخرف مصروف عن الواقع.

وفى التأويلات النجمية قول الزور كل قول باللسان مما لايساعده قول القب ومن عاهد اللّه بقلبه فى صدق الطلب ثم لا يفى بذلك فهو من جملة قول الزور

طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب ازادكى جو سروجمن

وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست وتجيدم

٣١

{ حنفاء لله } حال من واو فاجتبنوا اى حال كونكم مائلين عن كل دين زائغ الى الدين الحق مخلصين له والحنف هو الميل عن الضلال الى الاستقامة والخيف هو المائل الى ذلك وتحنف فلان اى تحرى طريق الاستقامة

{ غير مشركين به } اى شيأ من الاشياء فيدخل فى ذلك الاوثان دخولا اوليا وهو حال اخرى من الواو

{ ومن } [ وهركه ]

{ يشرك باللّه فاكأنما خر من السماء } ، قال الراغب معنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير وهو سوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو

{ فتخطفه الطير } الخطف الاختلاس بالسرعة وصيغة المضارع لتصوير هذه الحالة الهائلة التى اجترأ عليها المشرك للسامعين ، قال الكاشفى [ وهركه شرك آرد بخداى تعالى بس همجنا نست كه كوييا درا فتاد ازآسمان برروى زمين وهلاك شد بس مىربايند اورا مرغان مردارخوار ازورى زمين واجزا واعضاى اورا متفرق ومتمزق ميسازند ]

{ أو تهوى به الريح } ايى تسقطه وتقذفه يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا سقط من علو الى سفل

واما هوى يهوى من باب علم هوى فمعناه احب

{ في مكان سحيق } اى بعيد فان السحق البعد وليس اسحاق العلم منه فانه عبرانى معناه الضحاك واو للتخيير كما فى قوله

{ أو كصيب من السماء } قال الكاشفى [ يابزير افكند اورا باد ازموضعى مرتفع درجانبى دوراز فريارد رس ودستكير اين كلمات ازتشبيهات مركبه است يعنى هركه ازواج ايمان بحضيض كفر افتد هواى نفس اورا بريشان سازد يابا وسوسة شيطان اورا در وادىء ضلالت افكند ونابود شود ملخص سخن آنكه هلاك مشر كانست ] فالهلاك فى الشرك كما ان النجاة فى الايمان ، وفى الصحيحين عن معاذ بن جبل رضى اللّه عنه انه عليه السلام قال له ( هل تدرى ما حق اللّه ) قال قلت اللّه ورسوله اعلم قال ( فان حق اللّه على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيأ يا معاذ هل تدرى ما حق العباد على اللّه اذا فعلوا ذلك ) قلت اللّه ورسوله اعلم قال ( ان لا يعذبهم ) فلا بد من تخصيص العبادة باللّه والتخليص من شوب الشرك ليكون العبد على الملة الحنيفية وهى واحدة من لدن آدم الى يومنا هذا وهى ملازمة التوحيد واليقين ، وسئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اى الاعمال افضل قال ( الايمان باللّه ورسوله ) قيل ثم ماذا قال ( الجهاد فى سبيل اللّه ) قيل ثم ماذا قال ( حج مبرور ) وفى الحديث ( ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر ) قالوا يا رسول اللّه وما الشرك الاصغر قال ( الرياء )

مُرائي هر كسى معبود سازد ... مُرائي را زان كفتند مشرك

قال الحافظ

كوييا باورو ونمى دارند روز داورى ... كين همه قلب ودغل دركار دراورميكنند

فالشرك اقبح الزذائل كا ان التوحيد احسن الحسنات وفى الحديث ( اذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها بعشرة امثالها ) فقال المخاطب يارسول اللّه قول لا اله اللّه من الحسنات قال ( احسن الحسنات )

٣٢

وهو الاوفق لما بعده . والشعائر جمع شعيرة وهى العلامة من الاشعار وهو الاعلام والشعور العلم وسميت البدنة شعيرة من حيث انها تشعر بان تطعن فى سنامها من الجانب الايمن والايسر حتى يسيل الدم فيعلم انها هدى فلا يتعرض لها فهى من جملة معالم الحج بل من اظهرها واشهرها علامة وتعظيمها اعتقاد ان التقرب بها من اجل القربات وان يختارها حسانا سمانا غالية الاثمان روى انه عليه السلام اهدى مائة بدنة فيها جمل لابى جهل فى انفه برة من ذهب وان عمر اهدى نجيبة اى ناقة كريمة طلبت منه بثلاثمائة دينار

هركسى ازهمت اولاى خويش ... سود بردارد خور كالاى خويش

قال الجنيد من تعظيم شعائر اللّه التوكل والتفويض والتسليم فانها من شعائر الحق فى اسرار اوليائه فاذا عظمه وعظم حرمته زين اللّه ظاهره بفنون الآداب

{ فانها } أى فان تعظيمها ناشىء

{ من تقوى القلوب } وتخصيصها بالاضافة لانها مركز التقوى التى اذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر اثرها فى سائر الاعضاء.

٣٣

{ لكم فيها } اى فى الهدايا المشعرة ليعرف انها هدى

{ منافع } هى درها ونسلها وصوفها وظهرها فان للمهدى ان ينتفع بهدية الى وقت النحر اذا احتاج اليه

{ الى اجل مسمى } هو وقت نحرها والتصدق بلحمها والاكل منه

{ ثم محلها الى البيت العتيق } المحل اسم زمان بتقدير المضاف من حل الدين اذا وجب اداؤه معطوف على قوله منافع والى البيت حال من ضمير فيها والعامل فى الحال الاستقرار الذى تعلق به كلمة فى . والمعنى ثم بعد تلك المنافع هذه المنفعة العظمى وهى وقت حلول نحرها ووجوبه حال كونها متهيئة الى البيت العتيق اى الى الحرام الذى هو في حكم البيت فاتن المراد به الحرم كله كا فى قوله تعالى

{ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } اى الحرم كله فان البيت وما حوله نزهت عن اراقة دماء الهدايا وجعل منى منحرا ولا شك ان الفائدة التى هى اعظم المنافع الدينية فى الشعائر هى نحرها خالصة لله تعالى وجعل وقت وجوب نحرها فائدة عظيمة مبالغة فى ذلك فان وقت الفعل اذا كان فائدة جليلة فما ظنك بنفس الفعل والعتيق المتقدم فى الزمان والمكان والرتبة ، قال الكاشفى [ بس جان ذبح باجوب نحران منتهى شود بخانة كه آزادست ازغرق شدن بوقت طوفان ياخانة بزركوار ] روى ان ابراهيم عليه السلام وجد حجرا مكتوبا عليه اربعة اسطر . الاول ( انى انا اللّه الا اله الا انا فاعبدنى ) . والثاني ( أنى انا اللّه لا اله الا انا محمد رسولى طوبى لمن آمن به واتبع ) . والثالث ( انى انا اللّه لا اله الا انا من اعتصم بى نجا ) . والرابع ( انى انا اللّه لا اله الا انا الحرم لى والكعبة بيتى من دخل بيتى امن من عذابى ) وفى الحديث ( ان اللّه تعالى ليدخل ثلاثة نفر بالحجة الواحدة الجنة الموصى بها والمنفذ لها والحاج عنه ) ، وفى الاشباه ليس للمامور بالحج ولو لمرض الا اذا قال له الآمر اصنع ما شئت فله ذلك مطلقا والمأمور بالحج له ان يؤخره عن السنة الاولى ثم يحج ولا يضمن كا فى التاتارخانية ولو عين له هذه السنة لان ذكرها للاستعجال لا للتقييد واذا امر غيره بان يحج عنه ينبغى ان يفوض الامر الى المأمور فيقول حج عنى بهذا المال كيف شئت مفردا بالحج او العمرة او متمتعا او قارنا والباقى من المال لك وصية كيلا ضيق الامر على الحاج ولا يجب عليه ردما فضل الى الورثة ولو احج من لم يحج عن نفسه جاز والافضل ان يحج من قد حج عن نفسه كا فى الفتاوى المؤيدية ولا يسقط به الفرض عن المأمور وهو الحاج ك فى حواشى اخرى جلبى ولو احج امراة اوامة باذن السيد جاز لكنه اساء ولزوال عجز الآمر صار مادى المأمور تطوعا للآمر وعليه الحج كما فى الكاشفى ، وعن ابى يوسف ان زال العجز بعد فراغ المأمور عن الحج يقع عن الفرض وان زال قبله فعن النفل كا فى المحيط والحج النفل يصح بلا شرط ويكون ثواب النفقة للآمر بالاتفاق

واما ثواب النفل فالمأمور يجعله للآمر وقد صح ذلك عند اهل السنة كالصلاة والصوم والصدقة كا فى الهداية وان مات الحاج المأمور فى طريق الحج يحج غيره وجوبا من منزل آمره الموصى او الوارث قياسا اذا اتحد مكانهما والمال واف فيه ان السفر هل يبطل بالموت اولا وهذا اذا لم يبين مكانا يحج منه بالاجماع كما فى المحيط.

٣٤

{ ولكل امة } من الامم لا البعض منهم دون بعض فالتقديم للتخصيص

{ جعلنا منسكا } متعبدا وقربانا يتقربون به الى الهل تعالى والمراد به اراقة الدماء لوجه اللّه تعالى . والمعنى شرعنا لكل امة مؤمنة ان ينسكوا له تعالى يقال نسك ينسك نسكا ونسوكا ومنسكا بفتح السين اذا ذبح القربان

{ ليذكروا اسم اللّه } خاصة دون غيره ويجعلوا نسكهم لوجهه الكريم علل الجعل به تنبيها على ان المقصود الاصلى من المناسك تذكر المعبود

{ على ما رزقهم من بهيمة الانعام } عند ذبحها وفى تبيين البهيمة باضافتها الى الانعام تنبيه على ان القربان يجب ان يكون من الانعام

واما البهائم التى ليست من الانعام كالخيل والبغال والحمير فلايجوز ذبحها فى القرابين.

وفى التأويلات النجمية ولكل سالك جعلنا طريقة ومقاما وقربة على اختلاف طبقاتهم فمنهم من يطلب اللّه من ط ريق المعاملات ومنهم من يطلبه من باب المجاهدات ومنهم من يطلبه به ليتمسك كل طائفة منهم فى الطلب بذكر اللّه على ما رزقهم من قهر النفس وكسر صفاتها البهيمية والانعامية فانهم لا يظفرون على اختلاف طبقاتهم بمنازلهم ومقاماتهم الا بقهر النفس وكسر صفاتها فيذكرون اللّه بالحمد والثناء على ما رزقهم من قهر النفس من العبور على المقامات والوصول الى الكمالات

{ فالهكم اله واحد } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الجعل المذكور والخطاب للكل تغليبا اى فالهاكم اله منفرد يمتنع ان يشاركه شىء فى ذاته وصفاته والا لاختل النظام المشاهد فى العالم

{ فله اسلموا } اى فاذا كان الهكم اله واحد فجعلوا التقرب او الذكر سالما له اى خالصا لوجهه ولا تشوبوه بالاشراكك وبالفارسية [ بس مرورا كردن نهيد وقربانرا بشرك آميخته مسازيد ].

وفى التأويلات النجمية والاسلام يكون بمعنى الاخلاص والاخلاص تصفية الاعمال من الآفات ثم تصفية الاخلاق من المكدورات ثم تصفية الاحوال من الالتفاتات ثم تصفية الانفاس من الاغيار

{ وبشر المخبتين } المتواضعين والمخلصين فان الخبثهو المطمئن من الارض وحقيقة المخبت من صار فى خبت الارض ولما كان الاخبات من لوازم التواضع والاخلاص صح ان يجعل كناية عنهما ، قال الكاشفى [ وبشارت ده اى محمد فروتنانرا بيزركى آن سرا ياترسكارانرا برحمت بى منتهى . سلمى قدس سره فرموده كه مثردة ده مشتاقانرا بسعادت لقاكه هيج مثرده ازين فرح آفزاى ترنيست بس درصفت مخبتين ميفراميد ]

٣٥

{ الذين اذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم } الوجل استشعار الخوف كما فى المفردات اى خافت مه تعالى لاشراق اشعة جلاله علهيا وطلوع انوار عظمته والوجل عند الذكر على حسب تجلى الحق للقلب

هركر انور تجلى شد فزون ... خشيت وخوفش بوداز حد برون

{ والصابرين على ما اصابهم } من المصائب والكلف ، قال فى بحر العلوم الذين صبروا على البلايا والمصائب من مفارقة اوطانهم وعشائرهم ومن تجرع الغصص والاحزان واحتمال المشاق والشدائد فى نصر اللّه وطاعته وازدياد الخير ومعنى الصبر الحبس يقال صبرت نفسى على كذا اى حبستها.

وفى التأويلات النجمية

{ والصابرين على ما اصابهم } اى خامدين تحت جريان الحكم من غير استكراه ولا تمنى خروجه ولا روم فرجه يستسلمون طوعا : قال الحافظ

اكر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست

وقال

بدرد وصاف ترا حكم نيست دم دركش ... كه هرجه ساقى ما كرد عين الطافست

وقال

عاشقاتراكر در آتش منيشاند قهر دوست ... تنك جشمم كرد نظر زجشمة كوثر كنم

وقال

آشنيان ره عشف أكرم خون بخورند ... ناكسم كر بشكايت سوى بيكانه روم

وقال

حافظ از جور توحاشا كه بنالد روزى ... كه ازان روز كه دربند تؤام دلشادم

وايضا الحافظين مع اللّه اسرارهم لا يطلبون السلوة باطلاع الخلق على احوالهم

{ والمقيمى الصلوة } فى اوقاتها اصله مقيمن والاضافة لفظية.

وفى التأويلات النجمية والمديمى النجوى مع اللّه كقوله

{ الذين هم على صلاتهم دائمون } قال شاعرهم

اذا ما تمنى الناس روحا وراحة ... تمنيت ان اشكو اليك وتسمع

{ ومما رزقناهم ينفقون } فى وجوه الخيرات قدم المفعول اشعارا بكونه اهم كأنه قيل ويخصون بعض المال الحلال بالتصدق به والمراد به اما الزكاة المفروضة لاقترانها بالصلاة المفروضة او مطلق ما ينفق فى سبيل اللّه لوروده مطلق اللفظ من غير قرينة الخصوص وفى الحديث ( بدلاء امتى لا يدخلون الجنة بصيامهم وقيامهم ولكن دخلوها بسلامة الصدر وسخاء النفس والنصح للمسلمين ) ، واعلم ان خدمة المولى بالمال وبالوجود سبب السعادة الدنيا والعقبى ، قال بعض الكبار ان اللّه لما اظهر الصنائع وعرضها على الخلق فى الازل اختار كل منهم صنيعة وقال طائفة ما اعجبنا شىء فاظهر اللّه لهم العبادة ومقامات الاولياء فقالوا قد اخترنا خدمتك فقال لاسخرنهم لكم ولاجعلنهم خداما لكم واشفعنكم فيمن خدمكم وعرفكم ، قال الشيخ ابو الحسن سمعت وصف ولى فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول ا لهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا اريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجىء الا الى حضرتك قال فلما اصبحت سألت عن ذلك فقال يا ولدى قال اللهم كن لى مكان قولك اللهم سخر لى فاذا كان اللّه لك فلا تحتاج الى شىء ابدا فلابد من الاجتهاد فى طريق الطلب والجد فى الدعاء الى حصول المطلب : قال المولى الجامى

بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جزراه بيابان برده را

٣٦

{ والبدن } منصوب بمضمر يفسره ما بعده كقوله تعالى

{ والقمر قدرناه } جمع بدنة وهى الابل والبقر ممايجوز فى الهدى والاضاحى سميت بها لعظم بدنها ، قال فى بحر العلوم البدنة فى اللغة من الابل خاصة وتقع على الذكر والانثى

واما فى الشريعة فللابل والبقر لاشتراكهما فى البدانة ولذا الحق عليه السلام البقر بالابل فى الاجزاء عن السبعة ، وفى القاموس البدنة محركة من الابل والبقر كالاضحية من الغنم تهدى الى مكة للذكر والاثنى ، قال الكاشفى [ وشتران و كاوان كه براى هدى رانده آيد ]

{ جعلناها لكم من شعائر اللّه } اى من اعلام دينه التى شرعها اللّه مفعول ثان للجعل ولكم ظرف لغو متعلق به واضيف الشعائر الى اسم اللّه تعظيما لها كبيت اللّه فان المضاف الى العظيم عظيم وقد سبق معنى الشعائر : وبالفارسية [ ساختيم آنها يعنى كشتن آنها شمارا از نشاهاى دين خدايرا تعالى ]

{ لكم فيها } فى البدن

{ خير } نفع كثير فى الدنيا واجر عظيم فى العقبى ، وفيه اشارة الى قربان بهيمة النفس عند كعبة القلب وانه من اعلام الدين وشعار اهل الصدق فى الطلب وان الخير فى قربانها وذبحها بسكين الصدق

ظاهرش مرك وبباطن زنده كى ... طاهرش ابترنهان بايندكى

{ فذكروا اسم اللّه عليها } بان تقولوا عند ذبحها ( اللّه اكبر لا اله الا اللّه واللّه اكبر اللهم منك واليك ) اى هى عطاء منك ونتقرب بها اليك

{ صواف } كناية عن كونها قائمات لان قيام الابل يستلزم ان تصف ايديها وارجلها جمع صافة . والمعنى حال كونها قائمات قد صففن ايديهن وارجلهن معقولة الايدى اليسرى ، والآية دلت على ان الابل تنحر قائمة كما قال الكاشفى [ صواف درحالتى كه برباى ايستاده باشند وشتررا ايستاده ذبح كردن سنت است ]

{ فاذا وجبت جنوبها } يقال وجب الحائط يجب وجبة اذا سقط ، قال فى التهذيب الوجب [ بيفتادن ديوار ] وغيره والمعنى سقطت على الارض هو كناية عن الموت ، قال الكاشفى [ بس جون بيفتد برزمين يهلوهاى مذبوحان وروح از ايشان بيرون رود ]

{ فكلوا منها } ايى من لحومها ان لم يكن دم الجناية والكفارة والنذر كما سبق والامر للاباحة

{ واطعموا } الامر للوجوب

{ القانع } اى الراضى بما عنده وبما يعطى من غير مسألة

{ والمعتر } الاعترار التعرض للسؤال من غير ان يسأل كما قال فى القاموس المعتر الفقير المعترض للمعروف من غير ان يسأل انتهى يقال اعتره وعررت بك حاجتى والعر الجرب الذى يعر البدن اى يعترضه ، قال الكاشفى [ درزاد المسير آورده كه قانع فقير مكة است ومعتر درويش آفاقى ]

{ كذلك } مثل ذلك التسخير البديع المفهوم من قوله صواف

{ سخرناها لكم } ذللناها لمنافعكم : وبالفارسية [ رام كردانيم ] مع كمال عظمها ونهاية قوتها فلا تستعصى عليكم حتى تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحسبونها صافة قوائمها ثم تطعنون فى لباتها اى منحارها من الصدور ولولا تسخير اللّه لم تطق ولم تكن اعجز من بعض الوحوش التى هى اصغر منها جرما واقل قوة

{ لعلكم تشكرون } لتشكروا انعامنا عليكم بالتقرب والاخلاص ولما كان اهل الجاهلية ينضحون البيت اى الكعبة بدماء قرابينهم ويشرحون اللحم ويضعونه حوله زاعمين ان ذلك قربة قال تعالى نهيا للمسلمين.

٣٧

{ لن ينال اللّه } لن يصيب ويبلغ ويدرك رضاه ولا يكون مقبولا عنده

{ لحومها } المأكولة والمتصدق بها

{ ولا دماؤها } المهراقة بالنحر من حيث انها لحوم ودماء

{ ولكن يناله التقوى منكم } وهو قصد الا تمار وطلب الرضى والاحتراز عن الحرام والشبهة ، وفيه دليل على انه لا يفيد العمل بلا نية واخلاصك وبالفارسية [ وليكن ميردسد بمحل قبول وى برهيز كارى ازشما كه آن تعظيم امر خداوندست وتقرب بدو بقربان بسنديده ]

{ كذلك سخرها لكم } تكرير للتذكير والتعليل بقوله

{ لتكبروا اللّه } اى لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لايقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء

{ على ماهديكم } على متعلقة بتكبروا لتضمنه معنى الشكر وما مصدرية اى على هدايته اياكم او موصولة اى على ما هداكم اليه وارشدكم وهو طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها

{ وبشر المحسنين } اى المخلصين فى كل ما يأتون وما يذرون فى امور دينهم بالجنة او بقبول الطاعات ، قال ابن الشيخ هم الذين يعبدون اللّه كأنهم يرونه يبتغون فضله ورضوانه لايحلمهم على ما يأتونه ويذرون الا هذا الابتغاء وامارة ذلك ان لايستثقل ولايتبرم بشىء مما فعله او تركه والمقصود منه الحث والتحريض على استصحاب معنى الاحسان فى جميع افعال الحج ، واعلم ان كل ما لايصلح لخزانة الرب ولا كل قلب يصلح لخدمة الرب فجعل ايها العبد فى تدارك حالك وكن سخيا محسنا بمالك فان لم يكن فبالنفس والبدن وان كان لك قدرة على بذلهما فيهما معا ألا ترى ان ابراهيم عليه السلام كيف اعطى ماله الضيافة وبدنه النيران وولده للقربان وقلبه للرحمن حتى تعجب الملائكة من سخاوته فاكرمه اللّه بالخلة ، قالوا للحجاج يوم عيد القربان مناسك . الاول الذهاب من منى الى المسجد الحرام فلغيرهم الذهاب الى المصلى موافقة لهم . والثانى الطواف فلغيرهم صلاة العيد لقوله عليى السلام ( الطواف بالبيت صلاة ) والثالث اقامة السنن من الحلق وقص الاظفار ونحوهما فلغيرهم ازالة البدعة واقامة السنة والرابع القربان فلغيرهم ايضا ذلك الى غير ذلك من العبارات وافضل القربان بذل المجهود وتطهير كعبة القلب لتجليات الرب المعبود وذبح النفس بسكين المجاهدة والفناء عن الوجود ، قال مالك بن دينار رحمه اللّه خرجت الى مكة فرأيت فى الطريق شابا اذا جن عليه الليل رفع وجهه نحو السماء وقال يا من تسره الطاعات ولا تضره المعاصى هب لى ما يسرك واغفر لى مالا يضرك فلما احرم الناس ولبوا قلت له لم لا تلبى فقال يا شيخ وما تغنى التلبية عن الذنوب المتقدمة والجرائم المكتوبة اخشى ان اقول لبيك فيقال لى لا لبيك ولا سعديك لا اسمع كلامك ولا انظر اليك ثم مضى فما رأيته الا بمنى وهو يقول اللهم اغفر لى ان الناس قد ذبحوا وتقربوا اليك وليس لى شىء اتقرب به اليك سوى نفسى فتقلبها منى ثم شهق شهقة وخر ميتا

جان كه نه قربانىء جانان بود ... جيفهء تن بهتر از آن جان بود

هركه نشد كشته بشمشير دوست ... لا شهْ مر دار به ازجان اوست

وفى المثنوى

معنىء تكبير اينست اى اميم ... كاى خدا بيش تو ما قربان شديم

وقت ذبح اللّه اكبر ميكنى ... همجنان در ذبح نفس كشتنى

تن جو اسماعيل وجان شد دجون خليل ... كرد جان تكبير برجسم نبيل

كشتة كشتة تن ز شهوتها وآز ... شد ببسم اللّه بسمل در نماز

٣٨

{ ان اللّه يدافع ع الذين آمنوا } ، قال الراغب الدفع اذا عدى بالى اقتضى معنى الانالة نحو قوله تعالى

{ فادفعوا اليهم اموالهم } واذا عدى بعن اقتضى معنى الحماية نحو

{ ان اللّه يدافع عن الذين آمنوا } اى يبالغ فى دفع ضرر المشركين عن المؤمنين ويحميهم اشد الحماية من اذاهم

{ ان اللّه لا يحب كل خوان } بليغ الخيانة فى امانة اللّه امرا كانت او نهيا او غيرهما من الامانات

{ كفور } بليغ الكفران لنعمته فلا يرضى فعلهم ولا ينصرهم ، والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وصيغة المبالغة فيهما لبيان انهم كانوا كذلك لا لتقييد البعض بغاية الخيانة والكفرفان نفى الحب كناية عن البغض والبغض نفار النفس من الشىء الذى ترغب عنه وهو ضد الحب فان الحب انجذاب النفس الى الشىء الذى ترغب فيه قال عليه السلام ( ان اللّه يبغض المتفحش ) فذكر بعضه له تنبيه على بعض فيضه وتوفيق احسانه منه ، وفى الآية تنبيه على انه بارتكاب الخيانة والكفران يصير بحيث لا يتوب لتماديه فى ذلك وهذا لم يتب لم يحبه اللّه المحبة التى وعد بها التائبين والمتطهرين وهى اصابتهم والانعام عليهم فان محبة اللّه للعبد انعامه عليه ومحبة العبد له طلب الزلفى لديه ، واعلم ان الخيانة والنفاق واحد لان الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والامانة والنفاق يقال اعتبار بالدين ثم يتداخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر ونقيض الخيانة الامانة ومن الخيانة الكفر فانه اهلاك للنفس التى هى امانة اللّه عند الانسان وتجرى فى الاعضاء كلها قال تعالى

{ ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا } ويجرى فى الصلاة والصوم ونحوهما اما بتركها او بترك شرط من شرائطها الظاهرة والباطنة فاكل السحور مع غلبة الظن بطلوع الفجر او الافطار مع الشك بالغروب خيانة للصوم ومن اكل السحور فنام عن صلاة الصبح حتى طلع الشمس فقد كفر بنعمة اللّه التى هى السحور وخانه بالصلاة ايضا فترك الفرض من اجل السنة تجارة خاسرة روى ان واحدا ضاع له تسعة دراهم فقال من وجدهم وبشرنى فله عشرة دراهم فقيل له فى ذلك فقال ان فى الوجدان لذة لا تعرفونها انتم فاهل الغفلة وجدوا فى المنام لذة هى افضل عندهم من الف صلاة نعوذ باللّه تعالى ، ومن الخيانة النفس في المكيال والميزان حكى انه احتضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل باحدهما ويكتال بالآخر ، ومن الخيانة التسبب الى الخيانة ، وكتب رجل الى الصاحب بن عباد ان فلانا مات وترك عشرة آلاف دينار ولم يخلف الا بنتا واحدة فكتب على ظهر المتكوب النصف للبنت والباقى يرد عليها وعلى الساعى الف الف لعنة ، ثم ان المؤمن لكامل منصور على كل حال فلا يضره مكيد الخائنين فان اللّه لا يحب الخائنين فاذا لم يحبهم لم ينصرهم ويحب المؤمن فينصره ، وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى يدافع خيانة النفس وهواها عن المؤمنين وان مدافعة النفس وهواها عن اهل الايمان انما كان لازالة الخيانة وكفران النعمة لانه لا يحب المتصفين بها وانه يحب المؤمنين المخلصين عنها فالآية تنبيه على اصلاح النفس الامارة وتخليصها عن الاوصاف الرذيلة

وجود تو شهريست بر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد

هما ن كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسود او آزر

جو سلطان عنايت كند بابدان ... كجا ماند آسايش بخردان

٣٩

قال اللّه تعالى

{ اذن } الاذن فى الشىء اعلام باجازته والرخصة فيه والمأذون فيه محذوف اى رخص فى القتال

{ للذين } للمؤمنين الذين

{ يقاتلون } بفتح التاء على صيغة المجهول اى يقاتلهم المشركون

{ بانهم ظلموا } اى بسبب انهم ظلموا وهم اصحاب النبي عليه السلام كان المشركون يؤذونهم وكانوا يأتونه عليه السلام بين مضروب ومشجوج ويتظلمون اليه فيقول عليه السلام لهم ( اصبروا فانى لم اومر بالقتال ) حتى هاجروا فنزلت وهى اول آية نزلت في القتال بعدما نهى عه فى نيف وسبعين آية

{ وان اللّه على نصرهم لقدير } وعد للمؤمنين بالنصر والتغليب على المشركين بعدما وعد بدفع اذاهم وتخليصهم من ايديهم ، قال الراغب القدرة اذا وصف بها الانسان فاسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شىء ما واذا وصف اللّه بها فنفى للعجز عنه ومحال ان يوصف غير اللّه بالقدرة المطلقة معنى وان اطلقت عليه لفظا بل حقه ان يقال قادر على كذا ومتى قيل هو قادر فعلى سبيل معنى التقييد ولهذا لا احد غير اللّه يوصف بالقدرة من وجه الا ويصح ان يوصف بالعجز من وجه واللّه تعالى هو الذى ينتفى عنه العجز من كل وجه والقدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضى الحكمة لازائدا عليه ولانا ناقصاعنه ولذلك لا يصح ان يوصف به غير اللّه تعالى

تعالى اللّه زهى قيوم ودانا ... توانابى ده هر ناتوانا

ة اشارة الى ان قتال الكفار بغير اذن اللّه لا يجوز ولهذا لما وكز موسى عليه السلام القبطى الكافر وقتله قال هذا من عمل الشيطان لانه ما كان مأذونا من اللّه فى ذلك وبهذا المعنى يشير الى ان الصلاح فى قتال كافر النفس وجهاده ان يكون باذن اللّه على وفق الشرع واوانه وهو بعد البلوغ فان قبل البلوغ تحلى المجاهدة باستكمال الشخص الانسانى الذي هو حامل اعياء الشريعة ولهذا لم يكن مكلفا قبل البلوغ وبنبغى ان تكون المجاهدة محفوظة عن طرفى التفريط والافراط بل يكون على حسب ظلم النفس على القلب باستيلائها عليه فيما يضره من اشتغالها بمخالفة الشريعة وموافقة الطبيعة فى استيفاء حظوظها وشهواتها من ملاذ الدنيا فان منها يتولد رين مرآة القلب وقسوته واسوداده وان ارتاضت النفس ونزلت عن ذميم صفاتها وانقادت للشريعة وتركت طبعها واطمأنت الى ذكر اللّه واستعدت لقبول جذبة ارجعى الى ربك راضية مرضية من فرط المجاهدة ولكن لايؤمن مكر اللّه المودع فى مكر النفس وآخر الىية يشير الى ان الانسان لا يقدر على النفس وتزكيتها بالجهاد المعتدل الا بنصر اللّه تعالى

خدمت نهى بر زمين ... ارا ثنا كوى وخودرا مبين

كراز حق نه توفيق خيرى رسد ... ازبنده خيرى بغيرى رسد

٤٠

{ الذين اخرجوا من ديارهم } فى حيز الجر على انه صفة للموصول ، قال ابن الشيخ لما بين انهم انما اذنوا فى القتال لاجل انهم ظلموا فسر ذلك الظلم بقوله الذين الى آخره والمراد بديارهم مكة المعظمة وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها للتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من غرب الدار يريدون من عرب البلدة ، قال الراغب الدار المنزل اعبارا بدور انها الذى لها بالحائط

وقيل دارة وجمعها ديار ثم تسمى البلدة دارا

{ بغير حق } اى خرجوا بغير موجب استحقوا الخروج به فالحق مصدر قولك حق الشىء يحق بالكسر اى وجب

{ الا ان يقولوا ربنا اللّه } بدل من حق اى بغير موجب سوى التوحيد الذى ينبغى ان يكون موجبا للاقرار والتمكين دون الاخراج والتسبير لكن لاعلى الظاهر بل على طريقة قول النابغة

ولاعيب فيهم غير ان سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

{ ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض } بتسليط المؤمنين على الكافرين فى كل عصر وزمان

{ لهدمت } الهدم اسقاط البناء والهديم للتكثير اى لخربت باستيلاء المشركين

{ صوامع } للرهبانية

{ وبيع } للنصارى وذلك فى زمان عيسى عليه السلام الصوامع جمع صومعة وهى موضع يتعبد فيه الرهبان وينفردون فيه لاجل العبادة ، قال الراغب الصومعة كل بناء منصمع الرأس متلاصقة والاصمع اللاصق اذنه برأسه والبيع جمع بيعة وهى كنائس النصارى التى يبنونها فى المواضع الخيالية كالجبال والصحارى ، قال الراغب البيعة مصلى النصارى فان يكن ذلك عربيا فى الاصل فتسميته بذلك لما قال

{ ان اللّه اشترى من المؤمنين انفسهم } الآية

{ وصلوات } كنائس لليهود فى ايام شريعة موسى عليه اسلام ، قال الكاشفى [ صومعهاى راهبان وكليساهى ترسايان وكنشتهاى جهودان ] سميت بالصلوات لانها تصلى فيها ، قال الراغب يسمى موضع العبادة بالصلاة ولذلك سميت الكنائس صلوات ، وقال بعضهم هى كلمة معربة وهى بالعبرية ( صلونا ) بالثا المثلثة وهى فى لغتهم بمعنى المصلى

{ ومساجد } للمسلمين فى ايام شريعة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وقدم ماسوى المساجد عليها فى الذكر لكونه اقدم فى الوجود بالنسبة اليها ، وفى الاسئلة المقحمة تقديم الشىء بالذكر لا يدل على شرفه كقوله تعالى

{ فمنكم كافر ومنكم مؤمن } { يذكر فيها اسم اللّه كثيرا } اى ذكرا كثيرا ووقتا كثيرا صفة مادحة للمساجد خصت بها دلالة على فضلها وفضل اهلها ويجوز ان يكون صفة للاربع لان الذكر فى الصوامع والبيع والصلوات كان معتبرا قبل انتساخ شرائع اهلها ، وفى الآية اشارة الى انه تعالى لو لم ينصر القلوب على النفوس ويدافع عن القلوب استيلاء النفوس لهدمت صوامع اركان الشريعة وبيع آداب الطريقة وصلوات مقامات الحقيقة ومساجد القلوب التى يذكر فيها اسم اللّه كثيرا فان الذكر الكثير لا يتسع الا فى القلوب الواسعة المنورة بنور اللّه

{ ولينصرن اللّه من ينصره } اى باللّه لينصرن اللّه من ينصر اولياءه او من ينصر دينه ولقد انجز اللّه وعده حيث سلط المهاجرين والانصار على صناديد العرب واكاسرة العجم وقياصرة الروم وارثهم ارضهم وديارهم

{ ان اللّه لقوى } على كل مايريده

{ عزيز } لا يمانعه شىء ولا يدافعه ، وفى بحر العلوم يغنى بقدرته وعزته فى اهلاك اعداء دينه عنهم وانما كلفهم النصر باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح فى مجاهدة الاعداء وبذل الارواح والاموال لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الامر فيها الى منافع دينية ودنيوية ، فان قلت فاذا كان اللّه قويا عزيزا غالبا غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات فما وجه انهزام المسلمين فى بعض وقد وعدهم النصرة ، قلت ان النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بحال الكفار لكن اللّه تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار واخرى على المؤمنين لانه لو شدد المحنة على الكفار فى جميع الاوقات وازالها عن المؤمنين فى جميع الاوقات لحصل العلم الاضطرارى بان الايمان حق وماسواه باطل ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط اللّه المحنة على اهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكمون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر فى الدلائل الدالة على صحة الاسلام فيعظم ثوابه عند اللّه ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصى فيكون تشديد المحنة عليه فى الدنيا كفارة له فى الدينا

واما تشديد المحنة على الكافر فانه يكون غضبا من اللّه كالطاعون مثلا فانه رحمة للمؤمنين ورجز اى عذاب وغضب للكافرين ، مر عامر برجل قد صلبه الحجاج قال يارب ان حلمك على الظالمين اضر بالمظلومين فرأى فى منامه ان القيامة قد قامت وكأنه دخل الجنة فرأى المصلوب فيها فى اعلى عليين فاذا مناد ينادى حلمى على الظالمين احل المظلومين فى اعلى عليين ، وعلم ان اللّه تعالى يدفع فى كل عصر مدبرا بمقبل ومبطلا بمحق وفرعونا بموسى ودجالا بعيسى فلا تستبطىء ولا تنضجرك قال الحافظ

اسم اعظم بكند كارخود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود

قال بعض الكبار الامراء يقاتلون فى الظاهر واولياء اللّه فى الباطن والافلا ، وفى التوراة فى حق هذه الامة اناجيلهم فى صدروهم اى يحفظون كتابهم لا يحضرون قتالا الا وجبريل عليه السلام معهم وهو يدل على ان كل قتال حق يحضره جبريل ونحوه الى قيام الساعة بل القتال اذا كان حقا قالواحد يغلب الالفك قال الحافظ

تيغىكه آسمانش ازفيض خود دهد آب ... تنها جهان بكيرد بى منت ساهى

٤١

{ الذين ان مكناهم فى الارض } وصف من اللّه للذين اخرجوا من ديارهم بما سيكون منهم من حسن السيرة عند تمكينه تعالى اياهم فى الارض واعطائه اياهم زمام الاحكام

{ اقاموا الصلوة } لتعظيمى ، قال الراغب كل موضع مدح اللّه بفعل الصلاة اوحث عليه ذكر بلفظ الاقامة ولم يقل المصلين الا فى المنافقين نحو

{ فويل للمصلين } وانما خص لفظ الاقامة تنبيها على ان المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها لا الاتيان بهيئتها فقط ولهذا روى ان المصلين كثير والمقيمين لها قليل

{ واتوا الزكوة } لمساعدة عبادى

{ وامروا بالمعروف } وكل ما عرف حسنه شرعا وعرفا

{ ونهوا عن المنكر } هو ما يستقبحه اهل العلم والعقل السليم ، قال الراغب المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه والمنكر ما ينكر بهما ، وفى الآية اشارة الى ان وصف القلوب المنصورة انهم ان مكنهم اللّه فى ارض البشرية استداموا المواصلات وآتوا زكاة الاحوال وهى ان يكون من مائتى نفس من انفاسهم مائة وتسعة وتسعون ونصف جزء منها لهم والباقى ايثار على خلق اللّه فى اللّه مهما كان زكاة اموال الاغنياء من مائتى درهم خمسة للفقراء والباقى لهم وامروا بالمعروف حفظ الحواس عن مخالفة امره ومراعاة الانفاس معه اجلالا لقدره ونهوا عن المنكر ومن وجوه المنكرات الرياء والاعجاب والمساكنة والملاحظة

{ ولله } خاصة

{ عاقبة الامور } فان مرجعها الى حكمه وتقديره فقط : يعن [ انجام امور آن كه او ميخواهد ]

اين دولت فقر وها وهو ميخواهد ... وان كلشن وحوض وآب جوميخواهد

از حق همه كس حال نكو ميخواهد ... آنست سرانجام كه اوميخواهد

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما رفعه الى النبى عليه السلام ( ان من اشراط الساعة اماتة الصلوات واتباع الشهوات والميل الى الهوى ويكون امراء خونة ووزراء فسقه ) فوثب سلمان فقال بابى وامى ان هذا لكائن قال ( نعم يا سلمان عندها يذوب قلب المؤمن ما يذوب الملح فى الماء ولا يستطيع ان يغير ) قال أو يكون ذلك قال ( نعم يا سلمان ان اذل الناس يومئذ المؤمن يمشى بين اظهرهم بالمخالفة ان تلكم اكلوه وان سكت مات بغيظه ) قال عمر رضى اللّه عنه للنبى عليه السلام اخبرنى عن هذا السلطان الذى ذلت له الرقاب وخضعت له الاجساد ماهو فقال ( ضل اللّه فى الارض فاذا احسن فله الاجر وعليكم الشكر واذا اساء فعليه الاصر وعليكم اصبر ) وفى الحديث ( عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة ) قال الحافظ

شاه رابه بود ازطاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعت عمرى دروداد كند

قال الشيخ سعدى قدس سره

بقومى كه نيكى بسندد خداى ... دهد خسر وعادل نيك رأى

جوخوهدكه ويران كند عالمى ... كند مالك درنجهء ظالمى

تخواهى كه نفرين كنند ازبست ... نكو باش تابد تايد نكويد كست

نخفتست مظلوم از آهش بترس ... زدود دل صبحكا هش بترس

نترس كه باك اندرون شبى ... بر آرد ز سوز جكر ياربى

نمى ترى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى بلنكيت برهم درد

ألا تابغفلت نخسبى كه نوم ... حرامست بر جشم سالار قوم

غم زير دستان بخور زينهار ... بتر از زبر دستىء روزكار

وعن ازدشير لا سلطان الا برجال ولا رجال الا بمال ولا مال الا بعمارة ولا عمارة الا بعدل وحسن سياسة قيل السياسة اساس الرياسة.

٤٢

{ وان يكذبوك } يا محمد وصيغة المضارع فى الشرط مع تحقق التكذيب لما ان المقصود تسليته عليه السلام عما يترتب على التكذيب من الحزن المتوقع اي وان تحزن على تكذيب قومك اياك فاعلم انك لست باوحدى فى ذلك

{ فقد كذبت قبلهم } قبل تكذيبهم

{ قوم نوح } اى نوحا

{ وعاد } اى هودا

{ وثمود } اى صالحا

٤٣

{ وقوم ابراهيم } اى ابراهيم

{ وقوم لوط } أى لوطا

٤٤

{ واصحاب مدين } اى شعيبا ومدين كان ابنا لابراهيم عليه السلام ثم صار علما لقرية شعيب

{ وكذب موسى } كذبه القبط واصروا الى وقت الهلاك

واما بنو اسرائيل فانهم وان قالوا لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة ونحوه فما استمروا على العناد بل كلما تجدد لهم المعجزة جددوا الايمان هكذا ينبغى ان يفهم هذا المقال وغير النظم بذكر المفعول وبناء الفعل له للايذان بان تكذيبهم لهم كان فى غاية الشناعة لكون آياته فى كمال الوضوح

{ فامليت للكافرين } امهلتهم الى اجلهم المسمى

{ ثم اخذتهم } اى اخذت كل فريق من فرق المكذبين بعد انقضاء مدة املائه وامهاله بعذاب الطوفان والريح الصرصر والصيحة وجند البعوض والخسف والحجارة وعذاب يوم الظلمة والغرق فى بحر القلزم ، قال الراغب الاخذ وضع الشىء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو معاذ اللّه ان نأخذ الامن وجدنا متاعنا عنده وتارة بالقهر ومنه الآية

{ فكيف كان نكير } اى انكارى عليهم بتغيير النعمة محنة والحياة هلاكا والعمارة خرابا اى فكان ذلك فى غاية الهول والفظاعة فمعنى الاستفهام التقرير ومحصول الآية قد اعطيت هؤلاء الانبياء ما وعدتهم من النصرة فاستراحوا فاصبر انت الى هلاك من يعاديك فتستريح ففى هذا تسلية للنبى عليه السلام.

٤٥

{ فكأين من قرية } ، قال المولى الجامى فى شرح الكافية من الكناية كاين وانما نبى لان كاف التشبيه دخلت على أى وأى كان فى الاصل معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى . ولمعنى فكثير من القرى : وبالفارسية [ يس بسيارديه وشهر ] وهو مبتدأ وقوله

{ اهلكناها } خبره

{ وهى ظالمة } جملة حالية من قوله اهلكناها والمراد ظلم اهلها بالكفر والمعاصى وهو بيان لعدله وتقدسه عن الظلم حيث اخبر بانه لم يهلكهم الا اذا استحقوا الاهلاك بظلمهم

{ فهى خاوية } عطف على اهلكناها والمراد بضمير القرية حيطانها ولخواء بمعنى السقوط من خوى النجم اذا سقط اى ساقطة حيطان تلك القرية

{ على عروشها } اى سقوفها بان تعطل بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف فالعروش السقوف لان كل مرتفع اظلك فهو عرش سقفا كان او كرما او ظلة او نحونها.

وفى التأويلات النجمية يشر الى خراب قلوب اهل الظلم فان الظلم يوجب خراب اوطان الظالم فيخرب اولا اوطان راحة الظالم وهو قبله فالوحشة التى هي غالبة على الظلمة من ضيق صدروهم وسوء اخلاقهم وفرط غيظهم على من يظلممون عليهم كل ذلك من خراب اوطان راحاتهم وهى فى الحقيقة من جملة العقوبات التى تلجقهم على ظلمهم ويقال خراب منازل الظلمة ربما يستأخر وبما يستعجل وخراب نفوسهم فى تعطلها عن العبادات بشؤم ظلمها كما قال

{ فهى خاوية على عروشها } وخراب قلوبهم باستيلاء الغفلة عليهم خصوصا فى اوقات صلواتهم واوان خلواتهم غير مستأخر

{ وبئر معطلة } البئر فى الاصل حفيرة يستر رأسها لئلا يقطع فيها من مر عليها وعطلت المرأة وتعطلت اذا لم يكن عليها حلى فهى عاطل والتعطيل التفريغ يقال لمن جعل العالم بزعمه فارغا من صانع اتقنه وزينه معطل وهو عطف على قرية اى وكم بئر عامرة فى البوادى اى فيها الماء ومعها آلات الاستقاء الا انها تركت لا يستقى منها لهلاك اهلها

{ وقصر } يقال قصرت كذا ضممت بضعه الى بعض ومنه سمى القصر ، قال فى القاموس القصر خلاف الطول وخلاف المد والمنزل وكل بيت من حجر وعلم لسبعة وخمسين موضعا مابين مدينة وقرية وحصن ودار اعجبها قصر بهرام جور من حجر واحد قرب همذان

{ مشيد } مبنى بالشيد اخليناه عن ساكنيه واهل المدينة يسمون الجص شيدا

وقيل مشيد اى مطول مرفوع البنيان وهو يرجع لى الاول كما في المفردات ويقال شيد قواعده احكمها كأنه بناها بالشيد ، وفى القاموس شاد الحائط يشيده طلاه بالشيد وهو ما طلى به حائظ من جص ونحوه والمشيد المعمول به وكمؤيد المطول روى ان هذه بئر نزل عليها صالح النبى عليه السلام مع اربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم اللّه من العذاب وهى بحضرموت وانما سمى بذلك لان صالحا حين حضرها مات وثمة بلدة عند البئر اسمها حاضوراء بناها قوم صالح وامروا عليهم جليس بن جلاس واقاموا بها زمانا ثم كفروا وعبدوا صنما فارسل اللّه عليهم حنظلة بن صفوان نبيا وكان حمالا فيهم فقتلوه فى السوق فاهلكهم اللّه وعطل بئرهم وخرب قصورهم ، قال الامام السهيلى قيل ان البئر الرس وكانت بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العلس وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت لها بكرات كثيرة منصوبة عليها ورجال كثيرون موكلون بها وابازن بالنون من رخام وهى تشبه الحياض كثيرة تملأ للناس واخر الدواب واخر الغنم والبقر والهوام يستقون عليها بالليل النهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا يتغير وكذلك يفعلون اذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان امرهم قد فسد وضجوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل فى جثة الملك بعد موته بايام كثيرة فكلمهم فقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى ارى صنيعكم بعدى ففرحوا اشد الفرح وامر خاصته ان يضربوا له حجابا بينه وبينهم يكلمهم من ورائه كيلا يعرف الموت فى صورته ووجهه فنصبوه صنما من وراء حجاب لا يأكل ولا يشرب واخبرهم انه لايموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله يتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب ببعضهم وكان المؤمن المذكب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فعبث اللّه تعالى لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه فى النوم دون اليقظة وكان سمه حنظلة بن صفوان فاعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد اضلهم ان اللّه تعالى لا يتماثل بالحلق وان الملك لايجوز ن يكون شريكا لله واوعدهم ونصحهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه حتى قتلوه وطرحوه فى بئر فعند ذلك حلت عليهم النقمة فباتوا شباعا رواء من الماء واصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها فصلحوا باجمعهم وصج النساء والولدان وضجت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الهلاك وخلفهم فى ارضهم السباع وفى منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت بهم جناتهم واموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد فلا تسمع فيه الاعزيف الجن وزئير الاسد نعوذ باللّه من سطواته ومن الاصرار على ما يوجب نقماته ،

واما القصر المشيد فقصر بناه شداد بن عاد بن ارم ولم يبن فى الارض مثله فيما ذكر وحاله كحال هذه البئر المذكورة فى ايحاشه بعد الانس واقفاره بعد العمران وان احدا لا يستطيع ان يدنو منه على امال لما يسمع فيه من عزيف الجن والاصوات المنكرة بعد النعيم والعيش الرغيد وبها الملك وانتظام الاهل كالسلك فبادوا وما عادوا فذكرهم اللّه تعالى فى هذه الآية موعظة وذكرا وتحذيرا من سوء عاقبة المخالفة والمعصية ، قال الكاشفى [ در تيسير آورده كه بادشاهى كاف ربر وزير مسلمان غضب كرد وخواست اورا بكشد وزير بكريخت باجهار هزاركس ازاهل ايمان ودربايان كوه حضرموت كه هواى خوش داشت منزل ساخهت هرجند جادمى كندند آب تلخ بيرون آمديكى ازرجال الغيب بديشان رسيده موضعى جهت جاه نشان كرد جون بكندن آبى درغايت صاف لطافت ونهايت رقت وعذوبت بيرون آمد

درمزه جون شيرهء شاخ نبات ... در حوشى همشيرهء آب حيات

ايشان آن جاه را كشاده ساختند وازبايان تابالابخشتهاى زر ونقره بر آوردند وبرستش بروردكلر خود مشغول كشتند بعد ازمدتى متمادى شيطان بصورت عجوز صالحة برآمد زنانرا دلالت كرد برآنكه بوقت غيبت شوهران سحاقى اشتغال كند وديكر باره بشكل مردى زاهد برايشان ظاهر شدمر دانرا بوقت دورىء ازواج ازايشان باتيان بهائم فرمود وجون اين عمل قبيح درميان ايشان بديد آمد حق سبحانه حنظلة يا قحافة بن صفوان رابه بيغمبرى بديشان فرستاد وبدو نكر ديدند آب ايشان غائب شد وبعد ازوعده ايمان بيغمبر دعا فرموده آب بازآمد وهم فرمان نبردند حق تعالى فرمودكه بعد ازهفت سال وهفت ماء وهفت روز عذاب بديشان ميفرستم ايشان قصر مشيدرا بنا كردند بخشتهاى زر ونقره ويواقيت وجواهر مرضع ساختند وبعد انقضاى زمانه مهلت رجوع بآن قصر كرده درها فروبستند وجبرئيل فرود آمد ويشانرا بكوشك برزمين فرو وجاه ايشان ما نده است ودود سياه منتن از انجا برمى آمد ودران نواحى ناله هلاك شدكان ميشنوند ]

نه هركز شنيدم درين عمر خويش ... كه بدمردرا نيكى آمد به بيش

رطب ناورد دوب خرزهره بار ... جه تخم افكنى برهمان جثم دار

غم وشاد مانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك

٤٦

{ أفلم يسيروا } اى كفار مكة اى اغفلوا فلم يسافروا

{ فى الارض } فى اليمن والشام ليروا مصارع المهلكين

{ فتكون لهم } بسبب ما يشاهدونه من مواد الاعتبار وهو منصوب على جواب الاستفهام وهو فى التحقيق منفى

{ قلوب يعقلون بها } مايجب ان يعقل من التوحيد

{ او آذان يسمعون بها } مايجب ان يسمع من اخبار الامم المهلكة ممن يجاورهم من النار فانهم اعرف منهم بحالهم وهم ان كانوا قد سافروا فيها ولكنهم حيث لم يسافروا للاعتبار جعلوا غير مسافرين فحثوا على ذلك الاستفهام للانكار

{ فانها } اى القصة وبالفارسية [ بس قصة اينست ]

{ لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور } اى ليس الخلل فى مشاعرهم وانما هو فى عقولهم باتباع الهوى والانهماك فى الغفلة وبالفارسية [ نابينا نشود ديدهاى حس يعنى در مشاعر ايشان خلل نيست همه جيز مى بينند ولكن نابينا شود ازمشاهده اعتبارآن دلها كه هست درسينها يعنى جثم دل ايشان بوشيده است ازمشاهده احوال كذشتكان لاجرم بدان عبرتى نمى كيرند ] اولا يعتد بعمى الابصار فكأنه ليس بمعى بالاضافة الى عمى القلوب والعمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة وذكر الصدور للتأكد ونفى توهم التجوز قصدا للتنبيه على ان العمى الحقيقى ليس المتعارف الذى يتخص بالبصر وفى الحديث ( مامن عبد ا لا وله اربع اعين عينان فى رأسه يبصر بهما امر ديناه وعينان فى قلبه يبصر بهما امر دينه ) واكثر الناس عميان بصر القلب لا يبصرون به امر دينهم

جشم جل بكشابين بى انتظار ... هرطرف آيات قدرت آشكار

جشم سرجزبوست خود جيزى نديد ... جشم سردر مغز هرجيزى رسيد

قال في حقائق البقلى قدس سره الجهال يرون الاشياء الظاهر وقلوبهم محجوبة عن رؤية حقائق الاشياء التى هى تابعة انوار الذات والصفات اعماهم اللّه بغشاوة الغفلة وغطاء الشهوة ، قال سهل اليسير من نور بصر القلب يغلب الهوى والشهوة فاذا عمى بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة وتواترت الغفلة فعند ذلك يصير البدن متخبطا فى المعاصى غير منقاد للحق بحال.

وفى التأويلات النجمية الآية اشارة الى ان العقل الحقيقى انما يكون من نتائج صفاء القلب بعد تصفية حواسه عن العمى والصمم فاذا صح وصف القلوب بالسمع والبصر صح وصفها بسائر صفات الحى من وجوه الادراكات فكما تبصر القلوب بنور اليقين تدرك نسيم الاقبال بمشام السر وفى الخبر ( انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن ) وقال تعالى خبر عن يعقوب عليه السلام

{ انى لاجد ريح يوسف } وما كان ذلك الا بادراك السرائر دون اشتمام ريح فى الظاهر فعلى العاقل ان يجتهد فى تصفية الباطن وتجلية القلب وكشف الغطاء عنه بكثرة ذكر اللّه تعالى وعن مالك بن انس رضى اللّه عنه بلغنى ان عيسى بن مريم عليهما السلام قال لا تكثروا الكلام فى غير ذكر اللّه فتقسوا قلوبكم والقلب القاسى بعيد من اللّه ولكن لا تعلمون ، وقال مالك بن دينار من لم يأنس بحديث اللّه عن حديث المخلوقين فقد قل عمله وعمى قلبه وضاع عمره وفى الحديث ( لكل شىء صقالة وصقالة القلب ذكر اللّه ) وقال ابو عبداللّه الانطاكى دواء القلب خمسة اشياء مجالسة الصالحين وقراءة القرآن واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند الصبح كذا في تنبه الغافلين.

٤٧

{ ويستعجلونك بالعذاب } كانوا يقولون له عليه السلام ائتنا بما وعدتنا ان كنت من الصادقين : والمعنى بالفارسية [ وبشتاب ميخواهند ازتوكافران مكه جون نضر ابن حارث واضراب او يعنى تعجيل مينمايند بطريق استهزاء وتعجيز بنزول عذاب موعود ].

قال فى التأويلات النجمية يشير الى عدم تصديقهم كما قال تعالى

{ يستعجل بها الذين لايؤمنون بها } ولو آمنوا لصدقوا ولصدقوا لسكتوا عن الاستعجال وهو طلب الشىء وتحريه قبل اوانه

{ ولن يخلف اللّه وعده } ابدا وقد سبق الوعد فلابد من مجيئه حتما وقد انجز اللّه ذلك يوم بدر.

قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الخلف فى وعيد الكفار لايجوز كما ان الخلف فى الوعد للمؤمنين لايجوز ويجوز الخلف فى وعيد المؤمنين لانه سبقت رحمة اللّه غضبه فى حق المؤمنين ووعدهم بالمغفرة بقوله

{ ان اللّه لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وبقوله

{ ان اللّه يغفر الذنوب جميعا } انتهى واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على اللّه ضمن لهم اذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من اللّه والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم ، قال السرى الموصلى

اذا وعد السراء انجز وعده ... وان اوعد الضراء فالعفو مانعه

كذا فى شرح العضد للجلال الدوانى ثم ذكر ان لهم مع عذاب الدنيا فى الآخرة عذابا طويلا وهو قوله

{ وان يوما عند ربك } أيى من ايام العذاب

{ كالف سنة مما تعدون } وذلك ان لليوم مراتب فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان فمنه يتمد الكل وهو مشار اليه بقوله تعالى

{ كل يوم هو فى شأن } فالشأ الالهى بمنزلة الروح يسرى فى ادوار الزمان ومراتبه سريان الروحفى الاعضاء ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة والخطاب للرسول ومن معه من المؤمنين كأنه قيل كيف يستعجلون بعذاب ويوم واجد من ايام عذابه فى طول الف سنة من سنيكم اما من حيث طول ايام عذابه حقيقة اومن حيث ان ايام الشدائد مستطالة كما يقال ليل الفراق طويل وايام الوصل قصار ويقال سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة

ويوم لا اراك كالف شهر ... وشهر لا اراك كالف عام

ق الحافظ

آندم كه باتو يكساله هست روزى ... واندم بى تو باشم يك لحظه هست سالى

ويجوز ان يكون قوله وان يوما الخ متعلقا بقوله ولن يخلف الخ والمعنى ما وعدوه تعالى ليصبنهم ولو بعد حين لكنه تعالى حليم صبور لا يعجل بالعذاب وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون لكمال حلمه ووقاره وتأنيه حتى استقصر المدد الطوال شبه المدة القصيرة عنده بالمدة الطويلة عند المخاطبين اشارة الى ان الايام تتساوى عنده اذلا استعجال له فى الامور فسواء عنده يوم واحد والف سنة ومن لا يجرى عليه الزمان فسواء عليه وجود الزمان وعدم الزمان وقلة الزمان وكثرة الزمان اذ ليس عنده صباح ولا مساء : وبالفارسية [ نزيدك خداى تعالى يكروز برابر هزار سالست زيراكه حكم زمان برجارى نيست بس وجود وعدم وقلت وكثرت آن نزديك خداى يكسانست هركاه كه خواهد عذاب فرستد وبر استعجال زمان عقوبت هيج اثرى مترتب نشود

تادر نرسد وعده هركاركه هست ... هزجند كنى جهد بجابى نرسد

فعلى العاقل ان يلاحظ ان كل آت قريب ولا يغتر بالامهال فان بطش اللّه شديد وعذابه لا يطاق ويسارع الى رضى اللّه تعالى بامتثال اوامره والاجتناب عن نواهيه وترك الاستهزاء بالدين واهله باحكام اللّه ووعده وعيده فان اللّه صادق فى قوله حكيم فى فعله وليس للعبد الا تعظيمه وتعظيم امره

٤٨

{ وكأين من قرية } وكثير من اهل قرية

{ امليت لها } امهلتها بتأخير العذاب كما امهلمت لهؤلاء

{ وهى ظالمة } اى والحال انها ظالمة مستوجبة لتعجيل العقوبة كدأب هؤلاء

{ ثم اخذتها } بالعذاب بعد طول الامهال : يعنى [ بس كرفتيم ايشانرا جون توبة نكردند بعذابى سخت دردنيا ]

{ والىّ المصير } اى الى حكمى مرجع الكل لا الى احد غيرى لا استقلالا ولا شكرة فافعل بهم مافعل مما يليق باعمالهم وفيه اشارة الى ان الامهال يكون من اللّه تعالى والاهمال لايكون فانه يمهل ولا يهمل ويدع الظالم فى ظلمه ويوسع له الحبل ويطيل به المهل فيتوهم انه يفلت من قبضة التقدير وذلك ظنه الذى اراد ويأخذه من حيث لا يرتقب فيعلوه ندامة ولات حينه وكيف يستبقى بالحلية ما حق فى التقدير عدمه والى اللّه مرجعه فالظلم من العبد سبب للاخذ من اللّه فلا يلومن الان نفسه : قال الحافظ

تو بتقصير خود افتادى ازين در محروم ... از كه مى نالى وفرياد جرا ميدارى

٤٩

{ قل يا ايها الناس انما انا لكم نذير مبين } انذركم انذارا بينا بما اوحى الىّ من اخبار الامم المهلكة من غير ان يكون لى دخل فى اتيان ما تو عدونه من العذاب حتى يستعجلونى به والاقتصار على الانذار مع بيان حال الفريقين بعده لان صدر الكلام ومساقه للمشركين وعقابهم وانما المؤمنون وثوابهم زيادة فى غيظهم.

قال فى التأويلات النجمية يشير الى انذار اهل النسيان اى قل لهم يا محمد انى اشابهكم من حيث الصورة لكن اباينكم من حيث السيرة فانا لمحسنكم بشير ولمسيئكم نذير وقد ايدت باقامة الراهين ما جئتكم به من وجوه الامر بالطاعة والاحسان والنهى عن الفجور والعصيان.

٥٠

{ فالذين آمنوا وعلموا الصالحات لهم مغفرة } تجاوز لذنوبهم

{ ورزق كريم } نعيم الجنة : يعنى [ رزق بى رنج ومنت ] والكريم من كل نوع ما يجمع فضائله.

٥١

{ والذين سعوا } اسرعوا واجتهدوا

{ فى آياتنا } فى رد آياتنا وابطالها بالطعن فيها وتستبها الى السحر والشعر وغير ذلك من الافتراء

{ معاجزين } حال كونهم يعاجزون الانبياء واولياءهم اى يقابلونهم ويمانعونهم ليصيروهم الى العجز عن امر اللّه او ظانين انهم يعجزننا فلا نقدر عليهم او معاندين مسابقين من عاجز فلان فلانا سباقه فعجزه سبقه كما قال الكاشفى [ در حالتى كه بيشى كيرند كانند برما بكمال خود يعنى خواهندكه ازما دركذرند وعذاب مازيشان فوت ]

{ اولئك } الموصوفون بالسعى والمعاجزة

{ اصحاب الجحيم } اى ملازمون النار الموقدة

وقيل هواسم دركة من دركاتها : وفى المثنوى

هركه برشمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد بوزاو

كى شود دريا زبوزسك نجس ... كى شود خورشيد ازبف منطمس

وفى التأيلات النجمية يشير الى ان من عاند اهل آياته من خواص اوليائه اولئك اصحاب جحيم الحقد والعداوة ورد الولاية والسقوط عن نظر اللّه وجحيم نار جهنم فى الاخرة واذا اراد اللّه تعالى بعبد خيرا يحوله عن الانكار ويوفقه للتوبة والاستغفار روى ان رجلا قال كنت ابغض الصوفية فرأيت بشرا الحافى يوما قد خرج من صلاة الجمعة فاشترى خبزا ولحما مشويا وفالوذجا وخرج من بغداد فقلت انه زاهد البلد فتبعته لانظر ماذا يصنع وظنتت انه يريد التنعم فى الصحراء فمشى الى العصر فدخل مسجدا فى قرية وفيه مريض فجعل يطعمه فذهبت الى القرية لانظر جئت فلم اجد بشرا فسألت المريض فقال ذهب الى بغداد فقلت كم بينى وبين بغداد قال اربعون فرسخا فقلت انا لله وانا اليه راجعون ولم يكن عندى ما اكترى به وانا عاجز عن المشى فبقيت الى جمعة اخرى فجاء بشء ومعه طعام للمريض فقال المريض يا ابا نصر رد هذا الرجل الى منزله فنظر الىّ مغضبا وقال لم صحبتنى فقلت اخطأت فاوصلنى الى محلتى فقال اذهب ولا تعد فتبت الى اللّه وانفقت الاموال وصحبتهم وفى الحكاية اشارات منها ان كرامات الاولياء حق ومنه ان انكار ماليس للعقل فيه مجال خطأ ومنها ان الرجوع الى باب وارث الرسول ينظم العبد فى سلك القبول : قال الحافظ

كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مبادكس كه درين نكته شك وريب كند

قال بعض الكبار الاستمداد من اهل الرشاد وان كان صالحا غظيما فى نيل المراد الا ان حسن الاعتقاد مع مباشرة الاسباب يسهل الامور الصعاب ويوصل الى رب الارباب واللّه مفتح الابواب والهادى الى سبيل الصواب ، وقال بعضهم المنكر على العلماء باللّه انما انكر لقصور فهمه وقلة معرفته فان علومهم مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والاذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحى القيوم ونهاية علوم غيرهم تحصيل الوظائف المناصب والخطام الذى لا يدوم فلا طريق الا طريق السادة الائمة الهداة القادة.

٥٢

{ وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبى } هذا دليل بين تغير الرسول والنبى والرسول انسان ارسله اللّه الى الخلق لتبليغ رسالته وتبيين ما قصرت عنه عقولهم من مصالح الدارين وقد يشترط فيه لكتاب بخلاف النبى فانه اعم وبعضده ماروى انه عليه السلام سائل عن الانبياء فقالت ( مائة الف واربعة وعشرون الفا ) قيل فكم الرسم منهم قال ( ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا ) وفى رواية ( مائتا الف واربعة وعشرون الفا ) ، وقال القهستانى الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او انسانا بخلاف النبى فانه مختص بالانسان ، قال الكاشفى فى تفسيره [ در بعض تفاسير قصة القاء الشيطان درامنيت بيغمبر وبروجهى آورده اندكه مرضى اهل تحقيق نيست وما ازتأويلات علم الهدى وتيسير وديكر كتب معتبره جون معتمد فى المعتقد وذروة الاحباب مدت انوار جمال مؤلفه الى يوم الحساب آنرا اينجايراد كرديم بطريقى كه موافق اهل سنت است آورده اندكه جون والنجم نازل شد سيد عالم عليه السلام آنرا در مسجد الحرام درمجمع قريش ميخواند ودرميان آيتها توقف مى نمود تامردم تلقى نموده ياكيرند بس طريق مذكور بعد ازتلاوت آيت

{ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى } متوقف شد وشيطان دران ميان مجال يافت بكوش مشركان رسانيدكه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى حاصل معنى آنكه ايشان بزركان يامرغان بلند بروازند واميد بشفاعت ايشان ميتوان داشت كفار باستماع اين كلمات خوش دل شده بنداشتندكه حضرت بيغمبر خواند وبتان ايشانرا ستايش كرد لا جرم در آخر سوره كه آن حضرت بامؤمنان سجده كردند اهل شرك اتفاق كردند جبرائيل فرود آمد وصورت حال بعرض رسانيد ودل مبارك حضرت بسيار اندوهناك شد وحق تعالى جهت تسليت خاطر عاطرسيد عالم آيت فرستاد وفرمود وما ارسلنا الخ ]

{ الا اذا تمنى } اى قرأ ، قال فى القاموس تمنى الكتاب قرأه ، قال الراغب التمنى تقدير شيء فى النفس وتصويره فيها والامنية الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشىء وقوله تعالى

{ ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا امانى } معناه الا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث ان التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى امنية تمناها على التخمين

{ القى الشيطان فى امنيته } اى قراءته كما فسره الراغب وغيره ، قال الكاشفى [ بيفكند شيطان نزديك تلاوت آز آنجه خواست جنانكه بوقت تلاوت حضرت بيغمبر ماعليه السلام شيطانى كه اورا ابيض كويند بهنجار آواز حضرت آن كلمات برخواند وكمان بردند آن تلاوت بيغمبراست ]

{ فينسخ اللّه } يزيل ويبطل فالمراد بالنسخ هو النسخ اللغوى لا النسخ الشرعى المستعمل فى الاحكام

{ ما يلقى الشيطان } من كلمات الكفر

{ ثم يحكم اللّه } يثبت

{ آياته } التى تلاها الانبياء عليهم السلام حتى لايجد احد سبيلا الى ابطالها

{ واللّه عليم } بما اوحى وبما القى الشيطان

{ حكيم } ذو الحكمة فى تمكنه من ذلك يفعل ما يشاء ليميز به الثابت على الايمان من المتزلزل فيه وقوله لوجوز مثل هذا لأدى الى اشتباه احةوال الانبياء من حيث ان مايسمع عند تلاوتهم من قولهم او من القاء الشيطان فيتعذر الاقتداء مدفوع بان ما القى الشيطان امر ظاهر بطلانه عند المؤمنين المخلصين ألا ترى ان القرآن ورد بابطال الاصنام فكيف يجوز كون قوله تلك الغرانيق الخ من القرآ ولو سلم فالنسخ والاحكام والايقاف على حقيقة الامر ولو بعد حين يجلى كل مشتبه فيكون القاء الشيطان من باب الامتحان والتعليل الآتى يرفع النقاب ويهدى المتردد الى طريق الصواب.

٥٣

قوله

{ ليجعل } اى مكنه اللّه من الالقاء فى قراءة النبى عليه السلام خاصة ليجعل ان تمكينه تعالى اياه من الالقاء فى حق سائر الانبياء لا يمكن تعليله بما سيأتى فأول الآية عام وآخرها خاص

{ وما يقلى الشيطان فتنة } [ ازمايشى وابتلايى ]

{ للذين فى قلوبهم مرض } اى شك ونفاق لانه مرض قلبى مؤد الى الهلاك الروحانى كما ان المرض القلبى مؤد الى الهلاك الجسمانى

{ والقاسية قلوبهم } أى المشركين والقسوة غلظ القلب واصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك ، قال الكاشفى [ مرد آنست كه منافق ومشرك از القاى شيطان درشك وخلاف افتند ]

{ وان الظالمين } اى المنافقين والمشركين وضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم

{ لفى شقاق } خلاف

{ بعيد } عن الحق اى لفى عداوة شديدة ومخالفة تمة ووصف الشقاق بالبعد مع ان الموصوف به حقيقة هو معروضه للمبالغة.

٥٤

{ وليعلم الذين اتوا العلم انه } اى القرآن ، وفى التفسير الجلالين ان الذى احكم اللّه من آيات القرآن

{ الحق من ربك } اى هو الخلق النازل من عنده ليس للشيطان مجال تصرف فيه من حق الامر اذا ثبت ووجب

{ فيؤمنوا به } القرآن اى يثبتوا على الايمان به او يزدادوا ايمانا برد ما يلقى الشيطان وهو عطف على قوله ليعلم

{ فتخبت له قلوبهم } تخشع وتتواضع وقد مر بيان الاخبات فى هذه السورة ، قال الكاشفى [ بس نرم شود براى قرآن دلها ايشاتن واحكام آنرا قبول كنند ]

{ وان اللّه لهادى الذين آمنوا } اى فى الامور الدينية خصوصا فى المداحض والمشكلات التى من جملتها ماذكر

{ الى صراط مستقيم } هو النظر الصحيح الموصل الى الحق الصريح.

وفى التأويلات النجمية ان اللّه ليبتلى المؤمن المخلص بقتنة وبلاء ويرزقه حسن بصيرة يميز بها بين الحق والباطل فلا يظله غمام الريب وينجلى عنه غطاء الغفلة فلا يؤثر فيه دخان الفتننة والبلاء كما لا تأثير للضباب الغداة فى شعاع الشمس عند متوع النهار اى ارتفاعه وان الهداية من اللّه ومن تأييده لامن الانسان وطبعه وان من وكله اللّه الى نفسه وخذله بطبعه لا يزول عنه الشك والكفر والضلالة الى الابد ولو عالجه الصالحونك قال المولى الجامى

آنراكه زمين كشد درون جون قارون ... نى موسيش آورد برون نى هارون

فاسد شده راز روزكار وارون ل ... ايمكن ان يصلحه العصارون

وقال الشيخ

توان باك كردن زرنك آينه ... وليكن نيايد زسند آينه

فعلى العاقل ان يستسلم لامر القرآن المبين ويجتهد فى اصلاح النفس الامارة الى ان يأتى اليقين فان النفس سحارة ومكارة ومحتالة وغدارةك قال الشيخ المغربى

ملك بودكه افتاد درجة بابل ... جه سحرها ست درين قعرجاه بابل ما

٥٥

{ ولا يزال الذين كفروا فى مرية منه } اى فى شك وجدال من القرآن ، قال الراغب المرية التردد فى الامر وهى اخص من الشك

{ حتى تأتيهم الساعة } القيامة وقد سبق وجه تسميتها بها مرارا

{ بغتة } فجاءت على غفلة منهم : وبالفارسية [ ناكهان ]

{ او يأتيهم عذاب يوم عقيم } اصل العقم اليبس المانع من قبول الاثر والعقيم من النساء التى لا تقبل ماء الفحل ولمعنى عذاب يوم لا يوم بعده كان كل يوم يلد ما بعده من الايام فما لايوم بعده يكون عقيما والمراد به الساعة ايضا بشهادة ما بعد الآية من تخصيص الملك فيه باللّه والحكم بين الفريقين كأنه قيل او يأتيهم عذابها فوضع ذلك موضع ضميرها لمزيد التهويل كذا فى الارشاد ، يقول الفقير ان الساعة شفعت فى القرآن بالعذاب الدنيوى فى مواضع كثيرة كما فى قوله تعالى

{ أفامنوا ان تأتيهم غاشية من عذاب اللّه او تأتيهم الساعة بغتة } وفى قوله تعالى

{ حى اذا رأوا ما يوعدون اما العذاب وما الساعة } ونحوها فالظاهر ان اليوم العقيم يوم لا يلد خيرا وليس لهم فيه فرج ولا فرح اصلا كيوم بدر ونحوه ولما كان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدينا واول زمان من ازمنة الآخرة اثبت فيه تخصيص التصرف باللّه والحكم بين الفريقين فى الآية الآتية من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة.

٥٦

{ الملك } اى السلطان القاهر والاستيلاء التام والتصرف على الاطلاق : وبالفارسية [ بادشاهى وفرمان وهى ]

{ يومئذ } يوم اذتأتيهم الساعة او العذاب

{ لله } وحده بلا شريك اصلا لامجازا ولا حقيقة : يعنى [ امروز ملوك وسلاطين دعوىء سلطنت ملك دارى ميكنند دران روز كمر تكبر ازميان متجبران بكسايند وتاج ازسر خسروان بربايند ودعويها منقطع وكلماتها مرتفع كردد ومالك ملك رخت تخيلات وتصورات ملوك را در قعر درياى عدم افكند ورسوم توهمات وتفكرات سلاطين بصدمت لمن الملك اليوم درهم شكندهمه را جزا ظهار عبوديت واقرار بعجز ويجاركى جاره نباشد

آن سركه صيت افسرش ازجرخ دركذشت ... روزى بر آستانه او خاك در شود

قال الشيخ سعدى قدس سره

همه تخت وملكى بذيرد زوال ... بجز مالك فرمان ده لايزال

قال ابن عطاء الملك على دوام الاوقات وجميع الاحوال له تعالى ولكن يكشف للعوام الملك يومئذ لابراز القهاية والجبارية فلا يقدر احد ان يجحد ما عاين

{ يحكم بينهم } كأنه قيل فماذا يصنع بهم حينئذ فقيل يحكم بين فريقى المؤمنين بالقرآن والمجادلين فيه بالمجازاة ثم فسر هذا الحكم وفصله بقوله

{ فالذين آمنوا } بالقرآن ولم يجادلوا فيهي

{ وعملوا الصالحات } امتثالا بما امر فى تضاعيفه

{ في جنات نعيم } مستقرون فيها ، قال الكاشفى [ در بوستانهاى ناز ونعمت اند بى رنج ومحنت ] ، قال الراغب النعيم النعمة الكثيرة.

٥٧

{ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } اى اصروا على ذلك استمروا

{ فاولئك } متبدأ خبره جملة قوله

{ لهم عذاب مهين } [ خوار كننده ورسوا سازنده ] ، قال السمرقندى مهين يذهب بعزهم وكبرهم رأسا وبالكلية ويلحقهم من الخزى والصغار مالا يحيط به الوصف ، قال فى الارشاد ومهين صفة لعذاب مؤكدة لما افاده التنوين من الفخامة وادخال الفاء فى خبر الثانى دون الاول تنبيه على ان اثابة المؤمنين بطريق التفضل لا لايجاب الاعمال الصالحة اياها وان عقاب الكفارين بسبب اعمالهم السيئة ، واعلم ان الفصل والحكومة العادلة كائن لامحالة وان كان الكفار فى شك من القرآن ومانطق به من البعث والمجازاة روى ان لقمان وعظ انبه وقال يا بنىّ ان كنت فى شك من الموت فادفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وان كنت فى شك من البعث فاذا نمت فادفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك فانك اذ فكرت فى هذا علمت ان نفسك بيد غيرك فان النوم بمنزلة الموت واليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت فاذا عرف العبد مولاه قبل امره ونال به عزة لاتنقطع ابدا و هى عزة الآخرة التى تستصغر عندها عزة الدنيا روى ان عابدا رأى سليمان عليه السلام فى عزة الملك فقال يابن دود لقد آتاك اللّه ملكا عظيما فقال سليمان لتسبيحه واحدة خير مما فيه سليمان فانها تبقى وملك سليمان يفنى فاذ كانت التسبيحة الواحدجة افضل من ملك سليمان فما ظنك بتلاوة القرآن الذى هو افضل الكتب الالهية ، قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات المكية يستحب لقارىء القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر وتأخذ اليد حظها من المس قال وهكذا كان يتلو ثلاثة من اشياخنا منهم عبداللّه بن مجاهد فعلى العاقل ان يجتهد فى الوصول الى اعالى درجات الجنان بالاذكار وتلاوة القرآن.

٥٨

{ والذين هاجروا } فارقوا اوطانهم

{ في سبيل اللّه } فى الجهاد الموصل الى جنته ورضاه حسبما يلوح به قوله تعالى

{ ثم قتلوا } [ بس كشته شدند درجهاد بادشمنان دين ] والقتل ازالة الورح عن الجسد لكن اذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل واذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت

{ او ماتوا } ايى في تضاعيف المهاجرة . وبالفارسية [ يابمردن شربت شهادت ناجشيده ]

{ ليرزقهم اللّه رزقا حسنا } مرزوقا حسنا والمراد نعيم الجنة الغير المنقطع ابدا ، قال الكاشفى [ هر آينه روزى دهد خداى تعالى ايشانرا روزى نيكركه نعيم بهشت است نه تعبى رسد در تحصيل ىن ونه علتى بود درتناول آن ونه دغدغة انقطاع باشد دران روزى ]

{ وان اللّه خير الرزاقين } فانه يرزق بغير حساب مع ان ما يرزقه لايقدر عليه احد غيره والرزق العطاء الجارى دنيويا كان او اخرويا ثم بين مسكنهم.

٥٩

بقوله

{ ليدخلنهم مدخلا } اسم مكان اريد به الجنة

{ يرضونه } لما انهم يرون فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

{ وان اللّه لعليم } باحوال كل

{ حليم } لا يعاجل بعقوبة الاعداء مع غاية الاقتدار روى ان ابراهيم عليه السلام رأى عاصيا فى معصيته فدعا عليه وقال اللهم اهلكه ثم رأى ثانيا وثالثا ورابعا فدعا عليه فقال اللّه تعالى يا ابراهيم لو اهكلنا كل عبد عصى ما بقى الا القليل ولكن اذا عصى امهلناه فان تاب قبلناه وان استغفر اخرنا العذاب عنه لعلمنا انه لايخرج عن ملكنا ، قال الكاشفى [ آورده اندكه بعضى ازصحابه كفتند يا رسول اللّه باجمع بردران دينى بجهاد ميرويم ايشان شهيد ميشوند وبعطيات الهى اختصاص ميكردند اكر ما بميريم وشهيد نميشويم حال ما جون باشد اين آيت فرود آمد ] يعنى سوى فى الآية بين المقتول والمتوفى على حاله فى الوعد لاستوائهما فى العقد وهو التقرب الى اللّه ونصرة الدين ونظيره ما قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات المكية انما قال المؤذن قد قامت الصلاة بلفظ الماضى مع ان الصلاة مستقبلة بشرى من اللّه لعباده لمن جاء الى المسجد ينتظر الصلاة او كان فى الطريق آتيا اليها او كان فى حال الوضوء بسببها او كان فى حال القصد الى الوضوء قبل الشروع فيه ليصلى بذلك الوضوء فيموت فى بعض هذه المواطن قبل وقوع الصلاة منه فبشره اللّه بان الصلاة قد قامت له فى هذه المواطن كلها فله اجر من صلاها وان كانت ماوقعت منه فلذلك جاء بلفظ الماضى لتحقق الحصول فاذا حصلت بالفعل ايضا فله اجر الحصول كذلك وقد ورد ان احدكم فى صلاة ما انتظر الصلاة انتهى روى ان جنازتين اصيب احدهما بمنجنيق والآخر توفى فجلس فضالة بن عبيد عند قبر المتوفى فقيل له تركت الشهيد فلم تجلس عنده فقال ما ابالى من أى حفرتيهما بعثت ان اللّه تعالى يقول

{ والذين هاجروا فى سبيل اللّه ثم قتلوا او ماتوا } الآية وفى الحديث ( من خرج حاجا فمات كتبه له اجر الحاج الى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فما كتب له اجر المعتمر الى يوم القيامة ومن خرج غازيا فمات كتب له اجر الغازى الى يوم القيامة ) روى ان ابا طلحة رضى اللّه عنه لما غزا فى البحر فمان طلبوا جزيرة يدفنونه فيها فلم يقدروا عليها الا بعد سبعة ايام وما تغير جسده وهذا من صفة الشهداء ، وقال بعضهم مراتب حسن الارزاق متفاوتة تفاوت حسن حال المرزوقين فلا تقتضى الآية تساوى المقتول والمتوفى على كل حال فللمقتول فى سبيل اللّه مزية على الميت بما اصابه فى ذات اللّه تعالى فهو فضل منه ويدل عليه دلائل كثيرة منها قوله عليه السلام لما سئل أى الجهاد افضل ( ان يعقر جوادك ويهراق دمك ) وايضا المقتول فى سبيل اللّه يجيء وريح دمه ريح المسك والميت لم ينل ذلك وايضا المقتول يتمنى الرجعة الى الدنيا ليقتل في سبيل اللّه مرة ثانية لما يرى من فضل الشهادة وليس كذلك الميت وايضا القتل فى سبيل اللّه يكفر كل ذنب ولم يرد ذلك فى الموت وايضا الميت فى سبيل اللّه يغسل والمقتول لايغسل وايضا الشهيد المقتول يشفع ولم يرد ذلك فى الميت وايضا لشهيد يرى الحور العين قبل ان يجف دمه وليس كذلك الميت ، وفى الىية اشارة الى المهاجرة عن اوطان الطبيعة فى طلب الحقيقة وقتل النفس بسيف الصدق او الموت عن الاوصاف البشرية واجر هذا هو الرزق المعنوى فى الدينا فرزق القلوب حلاوة العرفان ورزق الاسرار مشاهدات الجمال ورزق الاوراح مكاشفات الجلال : وفى المثنوى

اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده دردينا وزنده مى رود

اى بسا خامى كه ظاهر خويش ريخت ... ليك نفس زندة آن جانب كريخت

آلتش بشكست وره زن زنده ماند ... نفس زندة است ارجه مركب خون فاشند

٦٠

{ ذلك } خبر مبتدأ محذوف اى الامر ذلك الذى قصصنا علكيم وبينا لكم والجملة لتقرير ما قبله والتنبيه على ان ما بعده كلام مستأنف

{ ومن } [ وهركه ]

{ عاقب بمثل ما عوقب به } اى من جازى الظالم بمثل ماظلم ولم يزد فى الاقتصاص والعقوبة اسم لما يعقب الجرم من الجزاء وانما سمى الابتداء بالعقاب الذى هو جزاء الجناية اى مع انه ليس بجزاء يعقب الجريمة للمشالكة او على المجاز المرسل فانه ما وقع ابتداء سبب لما وقع جزاء وعقوبة فسمى السبب باسم المسبب

{ ثم بغى عليه } ظلم عاليه بالمعاودة الى العقوبة يقال بغى عليه بغيا علا وظلم ، قال الراغب البغى طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى تجاوزه اولم يتجاوزه فتارة يعتبر فى القدرة التى هى الكمية وتارة يعتبر فى الوصف الذى هو الكيفية يقال بغيت الشىء اذا طلبت اكثر ما يجب

{ لينصرنه اللّه } على من بغى عليه لا محالة وهو خبر من

{ ان اللّه لعفو غفور } مبالغ فى العفو والغفران فيعفو عن المنتصر ويغفر له ما صدر عنه من ترجيح الانتقام على العفو الصبر المندوب اليهما بقوله

{ ولمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الامور } فالعفو وان اقتضى سابقية الجناية من المعفو عنه لكن الجناية لا تلزم ان تكون بارتكاب المحرم بل قد يعد ترك ما ندم اليه جناية على سبيل الزجر والتغليظ وفى بحر العلوم العفو محاء للذنوب بازالة آثرها من ديوان الحفظة والقلوب بالكلية كى لا يطالبهم بها يوم القيامة ولا يخجلوا عند تذكرها وبان يثبت مكان كل ذنب عملا صالحا كما قال

{ اولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات } غفور اى مريد لازالة العقوبة عن مستحقها من الغفر وهو الستر اى ستور عليهم وقدم العفو لانه ابلغ لانه يشعر بالمحو الذى هو ابلغ من الستر وفيه اشارة الى ان الاليق بالمنتصر والاقرب بحاله ان يعفو ويغفر عن كل من ظلمه ويقابله بالاحسان

بدى را بدى سهل باشد جزا ... اكر مردى احسن الى من اساء

ولا يذكر ما صدر منه من النواع الجفاء والاذى فانه متى فعل ذلك فان اللّه اكرم الاكرمين اولى ان يفعل ذلك عى ان الانتصار لا يؤمن فيه تجاوز لتسوية والاعتداء خصوصا فى حال العضب والحرب والتهاب الحمية فربما كان المنتصر من الظالمين وهو لايشعر انتهى كلام البحر ، يقول الفقير سمعت من فى حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يقول الانسان لكامل كالبحر فمن آذاه واغتابه او قصد اليه بسوء فانه لا يتكدر به بل يعفو عنه ألا يرى ان الوبل اذا وقع فى البحر فالبحر يطهره وكذا من اجنب اذا دخل البحر واغتسل فانه يتطهر ولا يتغير البحر لا بالبول ولا بدخول الجنب وقال روح اللّه روحه من قال حقنا قولا فاحشا او فعل فعلا مكروها فهو فى حال فانه ارادة الانتقام له او وقوعه فى امر مكروه من باب الشرك فى طريقنا فنحن لانلتف اليه اصلا بل الى ما وتر اللّه لنا من الامور وكل فعله حسن وقد اخفى جماله فى جلاله واطال فى ذلك وهو مذكور فى كتابنا المسمى بتمام الفيض ، قال فى الخلاصة فى كتاب الحدود رجل قال لآخر يا خبيث هل يقول له بل انت الاحسن ان يكف عنه ولا يجيب ولو رفع الامر الى القاضى ليؤدب يجوز ومع هذا لو اجاب لا بأس به ، وفى مجمع الفتاوى فى كتاب الجنايات لو قال لغيره يا خبيت فجازاه بمثله جاز لانه انتصار بعد الظلم وذلك مأذون فيه قال اللّه تعالى

{ ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل } والعفو افضل قال اللّه تعالى

{ فمن عفا و اصلح فاجره على اللّه } وان كانت تلك الكلمة موجبة للحد لا ينبغى له ان يجيبه بمثلها تجرزا عن ايجاب لحد على نفسه انتهى كام قال فى التنوير لو قال لآخر يا زانى فقال الآخر لا بل انت الزانى حد بخلاف مالو قال له مثلا يا خبيث فقال انت تكافئا ، وفى التوير ايضا ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب بعزران ويبدأ فى اقامة التعزير بالبادى.

٦١

{ ذلك } النصر هو مبتدأ خبره قوله

{ بان اللّه يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل } اى بسبب ان القادر على ما يشاء من التغليب وغيره من آيات قدرته البالغة الدالة على التغليب انه يحصل ظلمة الليل فى مكان ضياء النهار بتعييب الشمس وضياء النهار فى مكان ظلمة الليل باطلاعها وجعلها طالعة او يزيد فى احد الملوين ما ينقص من الآخر من الساعات ، قال الراغب الولوج الدخول فى مضيق قال تعالى

{ حتى يلج الجمل فى سم الخياط } وقوله

{ يولج الليل } الخ تنبيه على ركب اللّه عليه العالم من زيادة الليل فى النهار وزيادة النهار فى الليل وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها

{ وان اللّه سميع } يسمع قول المعاقب والمعاقب

{ بصير } يرى افعالهما فلا يهملهما.

٦٢

{ ذلك } الوصف بكمال العلم والقدرة

{ بان اللّه هو الحق } فى الالوهية

{ وان ما يدعون } يعبدون

{ من دونه هو الباطل } الهية

{ وان اللّه هو العلى } على جميع الاشياء

{ الكبير } عن ان يكون له شريك لا شىء اعلى منه شأنا واكبر سلطانا.

وفى التأويلات النجمية اعلى من مايجده الطالبون بداية والعظيم الذى لا يدرك الواصلون نهايته ، وفى بحر العلوم هو العلى شأنه اى امره وجلاله فى ذاته وافعاله لا شىء اعلى منه شأنا لانه فوق الكل بالاضافة وبحسب الوجوب وهو فعيل من العلو فى مقابلة السفل وهما فى الامور المحسوسة كالعرش والكرسى مثلا وفى الامور المعقولة كام بين النبى وامته وبين الخليفة والسلطان والعالم والمتعلم من التفاوت فى الفضل والشرف والكمال والرفعة ولما تقدس الحق سبحانه عن الجسمية تقدس علوه عن ان يكون بالمعنى الاول وهو الامور المحسوسة فتعين واختص بالثاني ، قال الامام الغزالى رحمه اللّه العبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا اذلا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ماهو فوقها وهى درجات الانبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لايكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درحة نبينا عليه الصلاة والسلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر انه علو بالاضافة الى الوجود لابطريق الوجوب بل يقارنه امكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذى له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذى يقارنه امكان نقيضه والكبير هو ذو الكبرياء عبارة عن كمال الذات المعنى به كمال الوجود وكمال الوجود بشيئين احدهما ان يصدر عنه كل موجود والثانى ان يدوم اذ كل وجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان اذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لايستعمل فيه العظيم والكبير من العباد هو الكامل الذى لاتقتصر عليه صفات كماله بل تسرى الى غيره ولا يجالسه احد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من انواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء

وقيل لعيسى عليه السلام يا روح اللّه من نجالس فقال من يزيد فى علمكم منطقه ويذكركم اللّه رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله ، وفى الآية اشارة الى ان ماسوى اللّه باطل اى غير موجود بوجود ذاتى : وفى المثنوى

كل شىء ماخلا اللّه باطل ... ان فضل اللّه غيم هاطل

ملك ملك وست او خودمالكست ... غير ذاتش كل شىء هالكست

قال الشيخ ابو الحسن الكبرى استغفر اللّه مما سوى اللّه اى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الشهود واليقين ويصل فى التوحيد الى مقام التمكين

تدام وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش برورق اين وآن

نسأل اللّه التوفيق لدرك الحقيقة على التحقيق.

٦٣

{ ألم تر ان اللّه ا نزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة } [ سبز كشته يكبار بعد ازبزمردكى وخشكى ] ، قال الراغب الخضرة احد الالوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب ولهذا يسمى الاسود اخضر والاخضر اسةود

وقيل سواد العراق للموضع الذى تكثر فيه الخضرة قوله ألم تر استفهام تقرير ولذلك رفع فتصبح عطفا على انزل اذلو نصب جوابا للاستفهام لدل على نفى الاخضرار والمقصود اثباته كما يدل النصب على نفى النظر فو قوله

{ افلم يسيروا فى اللاض فينظروا } واورد تصبح بصيغة المضارع ليدل على بقاء اثر المطر زمانا بعد زمان

{ ان اللّه لطيف } يصل لطفه الى الكل من حيث لا يعلم ولا يحتسب ، وقال الكاشفى [ لطف كننده است بربندكان باروييدن كياه تا ايشانرا ازان روزى دهد ]

{ خبير } بما يليق من التدابير الحسنة ظاهرا وباطنا ، وقال الكاشفى [ داناست بحال رزقا ومرزوقا ]

٦٤

{ له مافى السموات ومافى الارض } خلقا وملكا وتصرفا

{ وان اللّه لهو الغنى } فى ذاته عن كل شىء : وبالفارسية [ هر آينه اوست بى نياز درذات خود ازهمه اشياء ].

وفى التأويلات النجمية لا ينقص غناه من مواهبه

{ الحميد } المستوجب للحمد بصفاته وافعاله.

وفى التأويلات النجمية فى ذاته مستعن عن الحامدين ، قال الامام العزالى رحمه اللّه الحميد هو المحمود المثنى عليه واللّه تعالى هو الحميد لحمده لنفسه ازلا ولحمد عباده له ابدا ويرجع هذا الى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبا الى ذكر الذاكرين له فان الحمد هو ذكر اوصاف الكمال من حيث هو كمال.

٦٥

{ الم تر ان اللّه سخر لكم مافى الارض } اى جعل ما فيها من الاشياء مذللة لكم معدة لمنافعكم تتصرفون فيها كيف شئتم فلا اصلب من الحجر ولا اشد من الحديد ولا اهيب من النار وهى مسخرة منقادة لكم

{ والفلك } عطف على ما او على اسم ان

{ تجرى فى البحر بامره } حال من الفلك والمراد بالامر التيسير والمشيئة

{ ويمسك السماء } من

{ ان تقع على الارض } بان خلقها على صورة متداعية الى الاستمساك يقال امسك الشىء اذا اخذه والوقوع السقوط

{ الا باذنه } اى بمشيئة ، قال الراغب الاذن فى الشىء الاعلام باجازته والرخصة فيه انتهى ، وذلك يوم القيامة وفيه رد لاستمساكها بذاتها فانها مساوية لسائر الاجسام فى الجسيمة فتكون قابلة للميل الهابط كقبول غيرها ، يقول الفقير من الغرائب ما رأيت فى بعض الكتب ان طائرا كان يتدلى من الشجرة برجله كل ليلة الى الصباح ويصبح خوفا من وقوع السماء عليه ونظيره ما ذكره الحافظ ان الكركى لا يطأ الارض بقدميه بل باحدهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الارض وفى هذين عبرة لاولى الابصار

{ ان اللّه بالناس لرؤوف رحيم } [ مهربان وبخشاينده است ] حيث هيألهم اسباب معاشهم وفتح لهم ابواب المنافع ودفع عنهم انواع المضار واوضح لهم مناهج الاستدلال بالآيات التكوينية والتنزيلية والرؤف بمعنى الرحيم او الرأفة اشد الرحمة او ارقها كما فى القاموس ، قال فى بحر العلوم لرؤف لمريد للتخفيف على عباده رحيم مريد للانعام عليهم.

٦٦

{ وهو الذى احياكم } بعد ان كنتم جمادا عناصر ونطفا حسبما فصل فى مطلع السورة الكريمة

{ ثم يميتكم } عند مجيء آجالكم

{ ثم يحييكم } عند البعث

{ ان الانسان لكفور } اى لجحود للنعم مع ظهورهاه فلا يعبد المنعم الحقيقى وهذا وصف للجنس بوصف بعض افراده ، قال الجنيد قدس سره احياكم بمعرفته ثم يميتكم باوقات الغفلة والفترة ثم يحييكم بالجذب بعد الفترة ثم يقطعكم عن الجملة فيوصلكم اليه حقيقة ان الاسنان لكفور يذكر ماله وينسى ما عليه ، اعلم ان اللّه تعالى كرم الانسان وعظم شأنه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم منه الى عالم الحيوان ثم جعله ناطقا وافاض عليه نعمة الصورية والمعنوية وجعل الموجودات خادمة له فلا بد من الشكر لالطافه والشكر اظهار النعمة والكشف عنها ونقيضه الكفران وهو سترها واخفاؤها وكل نعمة فهى سبيل الى معرفة المنعم لانها اثره فيلزم الاستدلال بالاثر على المؤثر وهو الايمان اليقينى وفى الحديث القدسى ( كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق وتحببت اليهم بالنعم حتى عرفونى ) فعلى العاقل ان لا يغتر بالنعم والغنى ويلاحظ التوفيق فى كل حال وفى الخبر ان اللّه تعالى قال للنبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( قل للقوى لا تعجبنك قوتك فان اعجبتك قوتك فادفع الموت عن نفسك وقل للعالم لا يعجبنك علمك فان اعجبك علمك فاخبرنى متى اجلك وقل للغنى لا يعجبنك مالك وغناؤك فان اعجبك فاطعم خلقى غداء واحدا ) فالانسان عاجز واللّه على كل شىء قدير ومنه النعمة الى الصغير ولكبير قال الشيخ سعدى قدس سره

اديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغماجه دشمن جه دوست

ولكن عضو من اعضاء الانسان طاعة تخصه فاذا لم يصرفه الى مصارفه لم يستخدمه فيما يناسب له فقد تعرض لسخط اللّه تعالى : وفى البستان

يكى كوش كودك بماليد سخت ... كه اىبوالعجب رأى وبركشته بخت

تراتيشه دادم كه هيزم شكن ... نكفتم كه ديوان مسجد بكن

زبان آمد از بهر شكر وسباس ... بغيبت نكر داندش حق شناس

كذركاه قرآن ويندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش

دوجشم از بى صنع بارى نوكست ... زعيب برادر فروكير ودوست

يقال علامة المنيب اى المقبل الى اللّه تعالى فى ثلاث خصال . اولاها ان يجعل قلبه للتفكر فى صفات اللّه والامور الاخروية . والثانية ان يجعل لسانه للذكر والشكر . والثالثة ان يجعل بدنه للخدمة فى سبيل اللّه تعالى بلا فتور الى ان يأتى الموت نسأل اللّه سبحانه ان يوفقنا لطاعته وخدمته ويشرفنا بجنته ووصلته.

٦٧

{ لكل امة } معينة من الامم الماضية والباقية والامة جماعة ارسل اليم رسول

{ جعلنا } [ معني ساختيم ]

{ منسكا } مصدر مأخوذ من النسك وهو العبادة اى شريعة خاصة لا لامة اخرى منهم على معنى عينا مكل شريعة لامة معينة من الامم بحيث لا تتخطى امة منهم شريعتها المعينة لها الى شريعة اخرى لا استقلالا ولا اشتراكا

{ هم ناسكوه } صفة لمنسكا مؤكدة للقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور على الفعل والضمير لكل امة باعتبار خصوصها اى تلك الامة المعينة ناسكوه والعاملون به لامة اخرى فالامة التى كانت من مبعث موسى الى مبعث عيسى علهيما السلام منسكهم التوراة هم ناسكوها والعاملون بها لاغيرهم والامة التى من مبعث عيسى الى مبعث النبى عليه السلام منسكهم الانجيل هم ناسكوه والعاملون به لا غيرهم

واما الامة الموجودة عند بعث النبى عليه السلام ومن بعدهم من الموجودين الى يوم القيامة فهم امة واحدة منسكهم الفرقان ليس الا

{ فلا ينازعنك } ايى من يعاصرك من اهل الملل يقال نزع الشىء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والمنازعة المخاصمة

{ فى الامر } اى فى امر الدين زعما منهم ان شريعتهم ما عين لآبائهم الاولين من التوراة والانجيل فانهما شريعتان لمن مضى من الامم قبل انتساخهما وهؤلاء امة مسستقلة منسكهم القرآن المجيد فحسب : وبالفارسية [ بست بايدكه نزاع نكنند سائر ارباب اديان باتو دركار دين جه امردين توازان ظاهر تسرت كه تصور نزاع دران توان كرد درنور آفتاب جاى تأمل است ]

{ وادع } الناس كافة ولا تخص امة دون امة بالدعوة فان كل الناس امتك

{ الى ربك } الى توحيده وعبادته حسبما بين لهم فى منسكهم وشريعتهم

{ انك لعلى هدى مستقيم } اى طريق موصل الى الحق سوى وهو الدين.

٦٨

{ وان جادلوك } وخاصموك بعد ظهور الحق ولزوم الحجة واصله من جدلت الحبل اى حكمت فتله فكأن المجادلين يفتل كل واحد . منهما الآخر عن رأيه

{ فقل } لهم على سبيل الوعيد

{ واللّه اعلم بما تعملون } من الاباطيل التى من جملتها المجادلة فيجازيكما عليها.

٦٩

{ اللّه يحكم بينكم } يفصل بني المؤمنين منكم والكافرين

{ يوم القيامة } بالثواب والعقاب كما فصل فى الدينا بالحجج والآيات

{ فيما كنتم فيه تختلفون } من امر الدين.

٧٠

{ ألم تعلم } الاستفهام للتقرير اى قد علمت

{ ان اللّه يعلم مافى السماء والارض } فلا يخفى عليه شىء من الاشياء التى من جملتها ما يقول الكفرة وما يعملونه

{ ان ذلك } اى مافى السماء والارض

{ فى كتاب } هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك امرهم مع علمنا به وحفظنا له

{ ان ذلك } اى ما ذكر من العلم والاحاطة به واثباته فى اللوح

{ على اللّه يسير } سهل : وبالفارسية [ آسانست ] فان علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور.

وفى الآيات اشارات ، منها ان لكل فريق من الطلاب شرعة هم واردوها ولكل قوم طريقة هم سالكوها ومقاماهم سكانه ومحلاهم قطانه ربط كل جماعة بما اهلهم واوصل كل ذوى رتبة الى ما جعله محلهم فبساط التعبد موطوء باقدام العابدين ومشاهد الاجتهاد معمورة باصحاب الكلف من المجتهدين ومجالس اصحاب المعارف مأنوسة بلوازم العارفين ومنازل المحبين مأهولة بحضور الواجدين ولتفاوت مقامات السلوك والموصول تفاوتت الدعوة الى اللّه تعالى فمنهم من يدعو الخلق من باب الفناء فى حقيقة العبودية وهو قوله تعالى

{ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا } ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة العبودية وهو الذلة والافتقار وما يقتضيه مقام العبودية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الاخلاق الرحمانية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الاخلاق بالقهرية ومنهم من يدعوهم من باب الاخلاق الالهية وهو ارفع باب واجله وقد قالوا الطرق الى اللّه بعدد الانفاس الالهية فان الشؤون المتجددة من اللّه تعالى فى كل مظهر انفاس الالهية ، ومنها ان اهل المجادلة هم اهل التابى والانكار والاعتراض واللّه اعمل باحوالهم ويحكم يوم القيامة بين كل فريق بما يناسب حاله اما الاجانب فيقول لهم

{ كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا }

واما الاولياء فقوم منهم يحاسبهم حسابا يسيرا وصنف منهم يؤتون اجورهم بغير حساب

واما الاحباب فيقعدون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ومنها ان السماء سماء القلب وقيه نور اليقين والصدق والاخلاص والمحبة والارض ارض البشرية والنفس الامارة وفيها ظلمة الشك والكذب والشرك وحرص الدنيا فيزيل اللّه عن ارباب القلوب البلوى ويجمل لهم النعمى وتنزل بارباب النفوس البلوى ولا يسمع منهم الشكوى ان ذلك فى كتاب مكتوب بقلم التقدير فى القدم كما قال الشيخ سعدى

كرت صورت خال بد يانكوست ... نكاريده دست تقدير اوست

ان ذلك على اللّه يسير مجازاتهم على وفق التقدير سهلة على اللّه تعالى ولكن ليعرف المؤمن ان كلا ميسر او مهيأ لما خلق له فمن وفق للعلم والعمل كان ذلك علامة للسعادة العظمى ومن ابتلى بالجهل فى طريق الحق بالشريعة والطريقة الى ان يحصل الوصول الى المعرفة والحقيقة

واما قوله

قضا كشتى انجا كه خواهد برد ... وكر ناخدا جامه برتن درد

فانظر الى عالم القضاء والعبد اعمى منه وليس له التفحص عن ذلك واللّه تعالى يقول الحق وهو يهدى السبيل

٧١

{ ويعبدون } اى اهل الشرك

{ من دون اللّه } اى متجاوزين عبادة اللّه تعالى

{ مالم ينزل به } اي بجواز عبادته وما عبارة عن الاصنام

{ سلطان } اى حجة وبرهانا

{ وما ليس لهم به } اى بجواز عبادته

{ علم } حصل لهم من ضرورة العقل او استدلاله فهم انما يعبدون الاصنام بمجرد الجهل ومحض التقليد

{ وما للظالمين } اى المشركين الذين ارتكبوا مثل هذا الظلم العظيم

{ من نصير } يدفع عنهم العذاب الذى يعتريهم بسبب ظلمهم.

وفى التأويلات النجمية يشير الى من كان من جملة خواصه افرده ببرهان وايده ببيان واعزه بسلطان ومالا هل الخذلان سلطان فميا عبدوه من اصناف الاوثان ولا برهان على ما طلبوه ومالهم نصرة من اللّه بل خذلان.

٧٢

{ واذا تتلى عليهم } اى على المشركين

{ آياتنا } من القرآن حال كونها

{ بينات } واضحات الدلالة على العقائد الحقية والاحكام الالهية

{ تعرف فى وجوه الذين كفروا المنكر } اى الانكار بالعبوس والكراهة كالمكرم بمعنى الاكرام : وبالفارسية [ يعنى جون قرآن بركافران خوانى اثر كراهت ونفرت درروى ايشان به بينى ازفرط عناد ولجاج كه باحق دارند ] ، وعلم ان الوجوه كالمرائى فكل صورة من الاقرار والانكار تظهر فيها فهى اثر احوال الباطن وكل اناء يترشح بما فيه كتلون وجوه قوم صالح فما ظهر عليهم فى ظاهرهم الاحكام ماستقر فى باطنهم ، قال الفقير

هركرا صورت بياض الوجوه بود ... صورت حال درونش رونمود

كرسياه ويا كبودى بود رنك ... رنك او اهر شد ازدل بى دل نك

{ يكادون يسطون بالذين عليهم آياتنا } اى يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لا باطيل اخذوها تقليدا من السطوة وهى البطش برفع اليد يقال سطابه

{ قل } ردا عليهم واقناطا مما يقصدونه من الاضرار بالمسلمين

{ أفأنبئكم } اى أخاطبكم فأخبركم

{ بشر من ذلكم } الذى فيكم من غيضكم على التالين وسطوتكم بهم

{ النار } اى هو النار على انه جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ماهو

{ وعدها اللّه الذين كفروا وبئس المصير } ايى النار والمصير المرجع ، وفيه اشارة الى ان نار القطيعة والطرد والابعاد شر من الانكار الذى في قلوب المنكرين فعلى العاقل ان يجتنب عن كل ما يؤدى الى الشرك والانكار ويصحب اهل التوحيد والاقرار ويقبل الحقائق والاسرار ويحب ارباب الولاية ويبغض اصحاب الضلالة ، وفى بعض الاخبار يقول اللّه تعالى غدا يابن آدم اما زهدك من الدنيا فانما طلبت الراحة لنفسك

واما انقطاعك الى فانما طلبت العزة لنفسك ولكن هل عاديت لى عدوا اوواليت لى وليا ، واعلم ان الكفر والانكار يؤديان الى النار كما ان التوحيد والاقرار يفضيان الى الجنة وهما من افضل النعم فان العبد يصل بسبب التوحيد الى السعادة الابدية ولذلك كل عمل يوزن الا شهادة ان لا اله اللّه واذا رسخ التوحيد فى قلب المؤمن لم يجد بدا من الاقرار والذكر كما وجد مجالا صالحا له حكى ان بعض الصالحين رأى زبيدة امرأة هارون الرشيد فى المنام بعد الموت وسأل عن حالها فقالت غفر لى ربى فقال ابالحياض التى حفرتها بين الحرمين الشريفين فقالت لا فانها كانت اموالا مغصوبة فجعل ثوابها لاربابها فقال فيم قالت كنت فى مجلس شرب الخمر فامسكت عن ذلك حين أذن المؤذن وشهدت ماشهد المؤذن فقال اللّه تعالى لملائكته امسكوا عن عذابها لو لم يكن التوحيد راسخا فى قلبها لما ذكرتنى عند السكر فغفر لى واحسن حالى

واما اهل النار المؤاخذة فالادنى منهم عذابا يتنعل من نار يغلى منه دماغه ولذلك قال اللّه تعالى

{ وبئس المصير } فانه لا راحة فيها لاحد عصمنا اللّه واياكم من نار العبد وعذاب السعير انه خير عاصم ومجير.

٧٣

{ يايها الناس ضرب مثل } اى بين لكم حالة مستغربة به او قصة بديعة حقيقة بان تسمى مثلا وتسير فى الامصار والاعصار

{ فاستمعوا له } اى للمثل استماع تدبر وتفكر : وبالفارسية [ بس بشنويد آن مثل را بكوش هوش ودران تأمل كنيد ].

وفى التأويلات النجمية يشير بقوله

{ يايها الناس } الى اهل النسيان عن حقيقة الامر بالعيان فلا بد لهم من ضرب مثل لعلهم ينبهون من نومن الغفلة فالخطاب لناسى عهد الميثاق عامة وللمسعين المستعدين لادراك الخطاب بقوله

{ فاستمعوا له } خاصة وهذا الامر امر التكموين بسمعهم الخطاب ويتعظون به ثم بين المعى فقال

{ ان الذين تدعون من دون اللّه } بعنى الاصنام التى تعبدونها متجاوزين عبادة اللّه تعالى وهو بيان للمثل وتفسير له ، قال الكاشفى [ وآن سيصد وشصت بت بودند برحوالى خانه نهاده حق سبحانه وتعالى فرمودكه اين همه بت كه مى برستيد بجز خداى تعالى ].

وفى التأويلات من انواع الاصنام الظاهرة والباطنة

{ لن يخلقوا ذبابا } اى لن يقدروا على خلقه ابدا مع صغره وحقارته فان لن بما فيها من تأكيد النفى دالة على منافاة مابين المنفى والمنفى عنه والذباب من الذب اي يمنع ويدفع ، قال فى المفردات الذباب يقع على المعروف من الحشرات الطائرة وعلى النحل والزنابير وفى قوله

{ وان يسلبهم الذباب شيئاً } فهو المعروف ، وفى حياة الحيوان فى الحديث ( الذباب فى النار لا النحل ) وهو يتولد من العفونة لم يخلق لها اجفان لصغر احداقها ومن شأن الاجفان ان تصقل مرآة الحدقة من الغبار فجعل اللّه لها يدين تصقل بهما مرآة حقدتها فلهذا ترى الذباب ابدا يسمح بيديه عينيه واذا بخر البيت بورق القرع ذهب منه الذباب

{ ولو اجتمعوا له } اى الحلقة وهومع الجواب القدر فى موضع حال جيء بها للمبالغة اى لا يقدرون على خلقه مجتمعين له متعاونين عليه فكيف اذا كانوا منفردين

{ وان يسلبهم الذباب شيئا } اى ان يأخذ الذباب منهم شيأ ويخطفه

{ لايستنقذوه منه } اى لايستردوه من الذباب مع غاية ضعفه لعجزهم : وبالفارسية [ نميتوانند رهانيد يعنى باز نميتوانند ستانند آن جيزرا ] قيل كانوا يطيبون الاصنام بالطيب والعسل ويغلقون عليها الابواب فيدخل الذباب من الكى فيأكله ، قال الكاشفى [ رسم ايشان آن بودكه بتان را بعسل وخلوق مى اندودند ودرهاى بتخانه برايشان مى بستند مكسان ازروزن در آمده آنها ميخوردند وبعد ازجند روز اثر طيب وعسل برايشان نبود شادى مينمودندكه آنهارا خورده آند حق سبحانه وتعالى ازعجز وضعف بتان خبر ميد هدكه نه بر آفريدن مكس قادرند ونه بردفع ايشان ازخود ]

{ ضعف الطالب والمطلوب } اى عابد الصنم ومعبوده او الذباب الطالب لما يسلبه عن الصنم من الطيب والصنم المطلوب منه ذلك.

٧٤

{ ماقدروا اللّه حق قدره } اى ما عرفوه حق معرفته او ما عظموه حق تعظيمه حيث اشركوا به مالا يمتنع من الذباب ولا ينتصر منه وسموا باسم ماهو ابعد الاشياء منه مناسبة

{ ان اللّه لقوى } على خلق الممكنات باسرها وافناء الموجودات عن آخرها

{ عزيز } غالب على جميع الاشياء لايغلبه شىء وآلهتهم التى يدعونها عجزة عن اقلها مقهورة من اذلها ، قال ابن عطاء دلهم بقوله

{ وان يسلبهم } الخ على مقادر الخلقية فمن كان اشد هيبة واعظم ملكا لا يمكنه الاحتراز من اهون الخلق واضعفه ليعلم بذلك عجزه وضعفه وعبوديته وذلته ولئلا يفتخر على ابناء جنسه من بنى آدم بما يملكه من الدنيا

عاجز انكه عاجز نرا بنده اند ... جون فتد كارى زهم شرمنده اند

عجزو امكان لازم يكديكرند ... بس همه خلقى زهم عاجز ترند

قوت ازحق است وقوت حق اوست ... آن او مغزاست وآن خلق بوست

قال الواسطى فى الآية الاخيرة لا يعرف قدر الحق الا الحق وكيف يقدر قدره احد وقد عجز عن معرفة قدر الوسائط والرسل والاولياء الصديقين ومعرفة قدره ان لا يلتفت منه الى غيره ولا يغفل عن ذكره ولايفتره عن طاعته اذ ذاك عرفت ظاهر قدره

واما حقيقة قدره فلا يقدر قدرها الا هو ، قال الكاشفى [ محققان برآنندكه جنانجه اهل شرك بحق المعرفه اورا نشناخته اند اهل علم نيز بحقيقت معرفت اوراه نبرده اندزيراكه دورباش

{ ولا يحيطون به علما } كسى را در حوالىء باركاه كبريا نميكذارد وبعيب هوبت خود هيج رهبر ورهنمارا راه نميدهد ميان اووماسوى بهيج نوع نستبى نيست تادر طريق معرفتش شروع تواند كرد ومعرفت بى مناسبت ازقبيل محالات است ماللطين ورب العالمين

جه نسبت خاك را باعالم ياك ... قال بعض الكبار وماعرفناك حق معرفتكم اى بحسب ولكن عرفناك حق معرفتك اى بحسبنا ، وفي شرح مفتاح الغيب لحضرة شيخى وسندى قدس اللّه سره العلم الالهى الشرعى المسمى فى مشرب اهل اللّه علم الحقائق هو العلم بالحق سبحانه من حيث الارتباط بينه وبين الخلق ونتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية وهو ماوقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة واقروا بالعجز عن حق المعرفة انتهى ، قال الشيخ ابو العباس رحمه اللّه معرفة الولى اصعب من معرفة اللّه فان اللّه معروف بكماله وجماله متى يعرف مخلوقا مثله يأكل كا يأكل ويشرب كما يشرب انتهى ، وهذا الكلام موافق لما فى شرح المفتاح ولما قبله كما لا يخفى على من له ادنى ذوق فى هذاب الباب.

٧٥

{ اللّه يصطفى } [ بركزيند ]

{ من الملائكة رسلا } يتوسطون بينه وبين الانبياء بالوحى مثل جبرائيل وميكائيل واسرافيل ، قال فى المفردات اصل الصفاء خلوص الشىء من الشوب والاصطفاء تناول صفو الشىء كما ان الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته واصطفاء اللّه بعض عباده قد يكون بايجاده تعالى اياه صافيا عن الثوب الموجود فى غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وان لم يتعر ذلك من الاول.

وفى التأويلات يصطفى من الملائكة رسلا بينه وبين العباد ولتربيتهم باداء الرسالة اذ لم يكونوا بعد مستأهلين لاستماع الخطاب بلا واسطة فيربيهم بواسطة رسالة الملائكة

{ ومن الناس } [ ومى كزيند ازآدميان بيغمبران تاخلق را دعوت كند بوى ] وهم المختصون بالنفوس الزكية المؤيدون بالقوة القدسية المتعلقون بكلام العالمين الروحانى والجسمانى يتلقون من جانب ويلقون الى جانب ولا يعوقهم التعلق بمصالح الخلق عن التبتل الى جانب الحق فيدعونهم اليه تعالى بما انزل علهيم ويعلمونهم شرائعه واحكامه

{ ان اللّه سميع } بجميع المسموعات ، وقال الكاشفى [ شنواست مقاله بيغمبر را در وقت تبليغ ]

{ بصير } مدرك لجميع المبصرات فلا يخفى عليه شىء من الاقوال والافعال ، وقال الكاشفى [ بيتا بحال ىمت اوردر رد وقبول دعوت ].

وفى التأويلات النجمية سميع يسمع ضراعتهم فى احتياج الوجود وهم فى العدم بصير من يستحق للرسالة وهومعدوم.

٧٦

{ يعلم مابين ايديهم وما خلفهم } عالم بواقع الاشياء ومترقبها ، وقال الكاشفى [ ميداند آنجه در بيش آدمانست يعنى عملها كه كرده وآنجه ازبس ايشانست يعنى كارهاكه خواهندكرد ]

{ والى اللّه } لا الى احد غيره لاشتراكا ولا استقلالا

{ ترجع } ترد من الرجع القهقرى

{ الامور } كلها لانه مالكها بالذات لا يسأل عما يفعل من الاصطفاء وغيره وهم يسألون روى انه تكلم رجل فى زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى اللّه عنهم وافترى عليه فقال له زين العابدين ان كنت كما قلت فاستغفر اللّه وان لم اكن كما قلت فغفر اللّه لك فقام اليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداءك لست كا قلت فاغفر لى قال غفر اللّه لك فقال الرجل اللّه اعلم حيث يجعل رسالته ، وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالى فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل على الرجل وقال ما سترعنك من امرنا اكثر لك حاجة تعينك عليها فاستحي الرجل فالقى اليه حميصه كانت عليه وامر له بالف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من اولاد الرسول ولا يتوهم انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الاموال انما كانوا اهل سخاء وفتوة ومروءة وجود ومكارم كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل

تعد بسط الكف حتى لو انه ... ثناها لقبض لم تطعه انامله

فلو لم يكن فى كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق اللّه سائله

٧٧

{ يايها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } اى فى صلاتكم امرهم بها لما انهم ما كانوا يفعلونها اول اسلام ، قال ابو الليث كانوا يسجدون بغير ركوع فامرهم اللّه بان يركعوا ويسجدوا وقال بعضهم كانوا يركعون بلا سجود ويسجدون بلا ركوع ، قال الكاشفى [ در اول اسلام همين قعد وقيام بوده بدين آيت ركوع وسجود ادخل شد ] او المعنى صلوا عبر عن الصلاة بهما لانهما اعظم اركانها

{ واعبدوا ربكم } بسائر ما تعبدكم به

{ وافعلوا الخير } وتحروا ماهو خير واصلح فى كل ما تأتون وما تذرون كنوافل الطاعات وصلة الارحام ومكارم الاخلاق وفى الحديث ( حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم ) وفى المرفوع ( النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن احدكم هديته وليطيبها ) ، قال فى المفردات لخير ما يرغب فيه الكل كالعقل مثلا والعدل والفضل والشىء النافع والشر ضده

وقيل الخير ضربان خير مطلق وهو ان يكون مرغوبا فيه بكل حال وعند كل احد كما وصف عليه السلام الجنة فقال ( لاخير بخير بعده النار ولا شر بشر بعده الجنة ) وخير مقيد وهو ان يكون خير الواحد شر الآخر كالمال الذى ربما كان خيرا لزيد وشرا لعمرو

{ لعلكم تفلحون } اى افعلوا هذه كلها وانتم راجون بها الافلاح غير متيقنين له واثقين باعمالكم : قال الشيخ سعدى قدس سره

بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا زعفوم مكن ن اميد

والفلاج الظفر وادراك البغية وذلك ضربان دنيوى واخروى فالدنيوى الظفر بالسعادات التى يطيب بها حياة الدنيا هو البقاء والغنى والعز والعلم والاخروى اربعة اشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الا عيش الآخرة

زنهار دل مبند بر اسباب دنيوى ... قالوا الآية آية سجدة عند الشافعى واحمد لظاهر مافيها من الامر بالسجود ، قال الكاشفى [ اين سجده مختلف فيه است وبمذهب امام شافعى سجده هفتم باشد از سجدات قرآن وحضرت شيخ اين را سجدة الفلاح كفته ] وقال الامام الاعظم والامام مالك دل مقارنة السجود بالركوع فى الآية على ان المراد سجود الصلاة.

قال فى التأويلات النجمية يشير بقوله

{ ياأيها الذين آمنوا } الآية الى الرجوع من تكبر قيام الانسانية الى تواضع خشوع الحيوانية فان الحيوانات على اربع فى الركوع لقوله

{ ومنهم من يمشى على اربع } والرجوع من الركوع الى الانكسار والذلة والنباتية فى السجود فان النبات فى السجود لقوله

{ والنجم والشجر يسجدان } لان الروح بهذه المنازل كان مجيئة من عالم الاوراح عبر على المنزل النباتى ثم على المنزل الحيوانى الى ان بلغ المنزل الانسانى فعند رجوعه الى الحضرة يكون عبورة على هذه المنازل وهذا سر قوله صلّى اللّه عليه وسلّم ( الصلاة معراج المؤمنين ) ثم قال

{ واعبدوا ربكم } يعنى بهذا الرجوع اليه خالصا لوجه تعالى

{ وافعلوا الخير } بالتوجه الى اللّه فى جميع احوالكم واعمال الخير كلها

{ لعلكم تفلحون } بالعبور على هذا المنازل من حجب الظلمات النفسانية والانوار الروحانية.

٧٨

{ وجاهدوا } الجهاد والمجاهدة استفراغ الوصع فى مدافعة العدو

{ فى اللّه } اى فى سبيل اللّه كما فى تفسير الجلالين ، وقال فى غيره اى لله ولاجله اعداء دينه الظاهرة كاهل الزيغ والباطنة كالهوى والنفس

{ حق جهاده } [ جنانكه سزاوار جهاد او باشد يعنى بدل صافى وينت خالص ] اى جهادا فيه حقا خالصا لوجهه فعكس واضيف الحق الى الجهاد مبالغة واضيف الجهاد الى الضمير الراجع الى اللّه اتساعا ، قال الامام الراغب الجهاد ثلاثة اضرب مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس وتدخل ثلاثتها فى قوله تعالى

{ وجاهدوا فى اللّه حق جهاده } وفى الحديث ( جاهدوا الكفار بايديكم والسنتكم ) وفى الحديث ( جاهدوا اهواءكم كما تجاهدون اعداءكم ) وعنه صلّى اللّه عليه وسلّم انه رجع من غزوة تبروك فقال ( رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر ) فجهاد النفس اشد من جهاد الاعداء والشياطين وهو حملها على اتباع الاوامر والاجتناب عن النواهى : وفى المثنوى

اى شهان كشتيم ماخصم برون ... ماند ازو خصمى بتر در اندرون

كشتن اين كارعقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خركوش نيست

{ هو اجتباكم } اى هو اختاركم لدينه ونصرته لا غيره وفيه تنبيه على ما يقتضى الجهاد ويدعو اليه ، قال ابن عطاء الاجتبائية اورثت المجاهدة لا المجاهدة اورثت الاجتبائية ، وفى التأويلات النجمية

{ وجاهدوا فى اللّه حق جهاده } بان تجاهدوا النفوس فى تزكيتها باداء الحقوق وترك الحظوظ وتجاهدوا القلوب فى تصفيتها بقطع تعلقات الكونين ولزوم المراقبات عن الملاحظات وتجاهدوا الارواح فى تحليتها بافناء الوجود فى وجوده ليبقى بوجوده وجوده

{ هو اجتباكم } لهذه الكرامات من بين سائر البريات ولولا ان اجتباكم واستعداد هذا الجهاد اعطاكم واليه هداكم لما جهدتم فى اللّه كما قيل

فلولا كمو ماعرفناه الهوى ... ولولا الهوا ماعرفنا كمو

ومن مبادى الحق الجهاد وهو ان لايفتر مجاهدة النفس لحظة كما قال قائلهم

يارب ان جهادى غير منقطع ... فكل ارضك لى تثر وطرطوس

{ وما جعلا عليكم فى الدين من حرج } اصل الحرج والحراج مجتمع الشىء وتصور منه ضيق ما بنيهما فيل للضيق حرج اى ما جعل فيه من ضيق بتكليف ما يشق عليه اقامته ولذلك ازال الحرج فى الجهاد عن الاعمى والاعرج وعادم النفقة والراحلة والذى لا يأذن له ابواه ، قال الكاشفى [ يعنى برشماتنك فرانكرفت ودر احكام دين تكليف مالا يطاق نكرد بوقت ضرورت رخصتها دادجون قصر تميم وافطار در مرض وسفر ].

وفى التأويلات النجمية اى ضيف في السير الى اللّه والوصول اليه لانك تسير الى اللّه بسيره لا يسيرك وتصل اليه بتقربه اليك لا بتقربك اليه وان كانت ترى ان تقربك اليه منك و لاترى تقربك اليه من نتائج تقربه اليك وتقربه اليك سابق على تقربك اليه كما قال

( من تقرب الىّ شرا تقربت اليه ذراعا ) فالذراع اشارة الى الشبرين شبر سابق على تقربك اليه وشبر لاحق يتقربك اليه حتى لو مشيت اليه فانه يسارعك من قبل مهر ولا انتهى

{ ملة ابيكم ابراهيم } تصب على المصدر بفعل دل عليه مضمون ما قبله بحذف المضاف اى وسع عليكم دينكم توصعة ملكة ابيكم ابراهيم واتبعوا ملة ابيكم كما فى الجلالين ، قال الراغب الملة كالدين وهو اسم لما شرع اللّه لعباده على لسان الانبياء ليتصلوا به الى جوار اللّه تعالى والفرق بينها وبين الدين ان الملة لاتضاف الا الى النبى الذى تسند اليه نحو اتبعوا ملة ابراهيم واتبعت ملة آبائى ولا يكاد يوجد مضافا الى اللّه تعالى ولا الى آحاد مة النبى ولا يستعمل الا فى جملة الشرائع دون آحادها ولايقال ملة اللّه ولا ملتى وملة زيد كما يقال دين اللّه واصل الملة من مللت الكتاب ويقال الملة اعتبارا بالنبى الذى شرعها والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه اذا كان معناه الطاعة هذا كله في مفردات الراغب وانما جعله اباهم لانه ابو رسول اللّه وهو كالاب لامته من حيث انه سبب لحياتهم الابدية ووجودهم على الوجه المعتد به فى الآخرة او لان اكثر العرب كانوا من ذريته فغلبوا على غيرهم ، قال ابن عطاء ملة ابراهيم هو السخاء والبذل وحسن الاخلاق والخروج عن النفس والاهل والمال والولد.

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان السير والذهاب الى اللّه من سنة ابراهيم عليه السلام لقوله

{ اني ذاهب الى ربى سيهدين } وانما سماه بابيكم لانه كان اباكم فى طريقة السير الى اللّه كا قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( انا لكم كالوالد لولده )

{ هو } اى اللّه تعالى

{ سماكم المسلمين من قبل } اى فى الكتب المقتدمة

{ وفى هذا } اى في القرآن

{ ليكون الرسول } يعنى حضرة محمد يوم القيامة متعلق بسماكم واللام لام العاقبة

{ شيهدا عليكم } بانه بلغكم فيدل على شهادته لنفسه اعتمادا على عصمته او بطاعة من اطاع وعصيان من عصى

{ وتكونوا شهداء على الناس } بتبليغ الرسل اليهم

{ فاقيموا الصلوة وآتوا الزكوة } اى فتقربوا الى اللّه بانواع الطاعات لما خصكم بهذا الفضل والشرف وتخصيصهما بالذكر لفضلها فان الاول دال على تعظيم امر اللّه والثانى على الشفقة على الخلق

{ واعتصموا باللّه } اى ثقوا به فى مجامع اموركم ولا تطلبوا الاعانة والنصرة الا منه : وبالفارسية [ وجنك در زنيد بفضل خداى يعنى در مجامع امور خود اعتماد بدو كنيد يا بكتاب وسنت متمسك شويد سلمى فرموده كه اعتصام بحبل اللّه امر عوام است وباللّه كار خواص اما اعتصام بحبل اللّه تمسك باوامر وتنفر ازنواهى واعتصام باللّه خلوت دلست ازماسواى حضرت الهى ]

{ هو مولاكم } ناصرم ومتولى اموركم

{ فنعم المولى ونعم النصير } اذ لا مثل فى الولاية والنصرة بل لاولى ولا نصير فى الحقيقة سواه تعالى ، قال الكاشفى [ بس نيك ياريست او ونيكو مدد كارى بيارى عيبها ببوشد وبمدد كارى كناهان بجنشديارى ازوجوى كه ازبارى درنماند مدد كارى ازوى طلب كه از مددكارى عاجز نشود ]

ازيارى خلق بكذراى مرد خدا ... يارى طلب آنجنان كه از روى وفا

كارتوتواند كه بسازد همه وقت ... دست توتواند كه بكيرد همه جا

قال فيتاغورث متى التمست فعلا من الافعال فابدأ الى ربك بالابتهال فى النحج فيه ، وشكا رجل الى اخيه الحاجة والضيق فقال له ياخى أغير تدبير ربك تريد لا تسأل الناس وسل من انت له ، ودخل سليمان بن عبدالملك الكعبة فقال لسالم بن عبداللّه ارفع حوائجك فقال اللّه لاسأل فى بيت اللّه غير اللّه فينبغى للعبد الطالب لعصمة اللّه تعالى ان يعتصم به فى كل الامور ويجتهد فى رضاه فى الخفاء والظهرو ولا يقول ان هذا الامر عسير فان ذلك على اللّه يسير فانه هو المولى فنعم المولى ونعم النصير قال تعالى ذلك اى النصر بان اللّه مولى الذين آمنوا الاية

﴿ ٠