سُورَةُ النُّورِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَ سِتُّونَ آيَةً ١ { سورة } سورة القرآن طائفة منه محيطة بما فيها من الآيات الكلمات والعلوم والمعارف مأخوذة من سورة المدينة وهو حائطها المشتمل عليه وهى خبر مبتدأ محذوف اى هذه سورة وانما اشير اليها مع عدم سبق ذكرها لانها باعتبار كونها فى شرف الذكر فى حكم الحاضر المشاهد والتنكير مفيد للفخامة من حيث الذات كما ان قوله تعالى { انزلناها } مفيد لها من حيث الصفة اى انزلناها من عالم القدس بواسطة جبريل { وفرضناها } اى اوجبنا ما فيها من الاحكام ايجابا قطعيا فان اصل الفرض قطع الشىء الصلب والتأثير فيه كقطع الحديد والفرض كلايجاب لكن الايجاب يقال اعتبار بوقوعه وثباته والفرض بقطع الحكم فيه كما فى المفردات { وانزلنا فيها } اى فى تضاعيف السورة { آيات } هى الآيات التى نيطت بها الاحكام المفروضة كما هو الظاهر لامجموع الآيات { بينات } واضحات دلالاتها على احكامها وتكرير انزلنا مع استلزام انزال السورة لانزالها لابراز كمال العناية بشأنها { لعلكم تذكرون } [ شايدكه شمايند بذيريد واز محارم برهيزيد ] وهو بحذف حدى التاءين اى تتذكرونها فتعلمون بموجبها عند وقوع الحوادث الداعية الى اجراء احكامها وفيه ايذان بان حقها ان تكون على ذكر منهم بحيث متى مست الحاجة اليها استحضروها ، قال بعضهم لو لم يكن من آيات هذه السورة الا براءة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب اللّه لكان كثيرا فكيف وقد جمعت من الاحكام والبراهين مالم يجمعها غيرها. ٢ { الزانية والزانى } شروع فى تفصيل ما ذكر من الآيات البينات وبيان احكامها والزنى وطىء المرأة من غير عقد شرعى وقد يقصر واذا مد يصح ان يكون مصدر المفاعلة والنسبة اليه زنوى كذا فى المفردات والزانية هى المرأة المطاوعة للزنى الممكنة منه كما ينبىء عنه الصيغة لا المزينة كرها وتقديمها على الزانى لما ان زنى النساء من اماء العرب كان فاشيا فى ذلك الزمان او لانها الاصل فى الفعل لكون الداعية فيها اوفر والشهوة اكثر ولولا تمكينها منه لم يقع ورفعها على الابتداء والخبر قوله { فجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط اذ اللام بمعنى الموصول والتقدير التى زنت والذى زنى . والجلد ضرب الجلد بالكسر وهو قشر البدن يقال جلده ضرب جلده نحو بطنه وظهره اذا ضرب بطنه وظهره او معنى جلده ضربه بالجلد نحو عصاه اذا ضربه بالعصا ومائة نصب على المصدر : واملعنى بالفارسية [ بس بزنيد اى اهل واحكام هربكى را ازان هردو صد تازيانه ] وكان هذا عاما فى المحصن وغيره وقد نسخ فى حق المحصن قطعا ويكفينا فى حق الناسخ القطع بانه عليه السلام والحرية والعقل والبلوغ والنكاح الصحيح والدخول فلا احصان عند فقد واحدة منها وفى باب القذف الاربع الاول والعفة فمعنى قولهم رجم محصن اى مسلم حر عاقل بالغ متزوج وذو دخول ومعنى قولهم قذف محصنا اى مسلما حرا عاقلا بالغا عفيفا واذا فقدت واحدة منها فلا احصان { ولا تأخذكم بهما رأفة } رحمة ورقة ، وفى البحر الرأفة ارق الرحمة : وبالفارسية [ مهربانى كردن ] وتنكيرها للتقليل اى لا يأخذكم بهما شىء من الرأفة قليل من هذه الحقيقة ، وبالفارسية [ وفرانكيرد شمارا باين روزناكننده مهربانى ] { فى دين اللّه } فى طاعته واقامة حده فتعطلوا او تسامحوا فيه بعدم الايجاع ضربا والتكميل حدا وذلك ان المضروب يفعل اثناء الضرب افعالا غريبة ويتضرع ويستغيث ويسترحم وربما يغشى عليه فيرأف به الامام او الضارب او بعض الحاضرين لا سيما اذا كان احب الناس اليه كالولد والاخ مثلا فلا يستوفى حداللّه وحقه ولا يكمل جلد مائة بل ينقصه بترك شىء منها او يخفف الضرب فنهاهم اللّه عن ذلك ، وفيه تنبيه على ان اللّه تعالى اذا اوجب امرا قبح استعمال الرحمة فيه وفى الحديث ( يؤتى بوال نقص من حد سوطا فيقال لم نقصت فيقول رحمة لعبادك فيقال له انت ارحم منى انطلقوا به الى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقال لم زدت فيقول لينهوا عن معاصيك فيقال له انت احكم منى فيؤمر به الى النار ) ، قال فى الاسئلة المقحمة ان اللّه نهى عن الرأفة والرحمة وعلى هذا ان وجدنا واحا بقلبه اشفاق على اخيه المسلم حيث وقع فى المعصية يؤاخذ بها والجواب انه لم يرد الرأفة الجبلية والرحمة الغريزية فانها لا تدخل تحت التكليف وانما اراد بذلك الرأفة التى تمنع عن اقامة حدود اللّه وتفضى الى تعطيل احكام الشرع فهى منهى عنها ، قال فى بحر العلوم وفيه دلالة على ان المخاطبين يجب عليهم ان يجتهدوا فى حد الزنى ولا يخففوا الضرب بل يوجعوها ضربا وكذلك حد القذف عند الزهرى لاحد الشرب وعن قتادة يخفف فى حد الشرب والقذف ويجتهد فىحد الزنى { ان كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر } من باب التهييج والتهاب الغضب لله ولدينه فان الايمان بهما يقتضى الجد فى طاعته والاجتهاد فى اجراء الاحكام ، قال الجنيد رحمه اللّه الشفقة على المخالفين كالاعراض عن الموافقين وذكر اليوم الآخر لتذكر ما فيه من العقاب فى مقابلة المسامحة والتعطيل وانما سمى يوم القيامة اليوم الآخر لانه يكون بعده ليل فيصير كله بمنزلة يوم واحد وقد قيل انه تجتمع الانوار كلها وتصير فى الجنة يوما واحدا وتجتمع الظلمات كلها وتصير فى النار ليلة واحدة { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } الشهود الحضور والعذاب الايجاع الشديد ، قال بعضهم التعذيب اكثار الضرب بعذبة السوط اى طرفه وقيل غير ذلك وفى تسميته عذابا دليل على انه عقوبة ويجوز ان يسمى عذابا لانه الم مانع من المعاودة كما سمى نكالا اى عقابا يردع عن المعاودة والطائفة فرقة يمكن ان تكون حافة حول الشىء وحلقة من الطوف والمراد به جمع يحصل به التشهير والزجر وقوله من المؤمنين لان الفاسق من صلحاء قومه اخجل وظاهر الامر الوجوب لكن الفقهاء قالوا بالاستحباب. والمعنى لتحضره زيادة فى التنكيل فان التفضيح قد ينكل اكثر مما ينكل التعذيب : وبالفارسية [ وبايد كه حاضر شونددر وقت عذاب آن دوتن يعنى درزمان اقامت برايشان كروهى ازمؤمنان تاتشهيرايشان حاصل وآن تفضيح مانع كردد ازمعاودت بامثال آن عمل ] فخد غير المحصن جلد مائة وسطا بسوط لاثمرة له ويجلد الرجل قائما ينزع عنه ثيابه الا ازاره ويفرق على بدنه الا رأسه ووجهه وفرجه وتجلد المرأة قاعدة لا ينزع من ثيابها الا الحشو والفروا وجاز الحفر لها لا اله ولا يجمع بين جلد ورجم ولا بين جلد ونفى الا سياسة ويرجم مريض زنى ولا يجلد حتى يبرأ وحامل زنت ترجم حين وضعت وتجلد بعد النفاس وللعبد نصفها ولا يحده سيده الا باذن الامام خلافا للشافعى وفى الحديث ( اقامة حد بارض خير لاهلها من مطر اربعين ليلة ) ، وعلم ان الزنى حرام وكبيرة روى حذيفة رضى اللّه عنه عنه عليه السلام يا معشر الناس اتقوا الزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. اما التى فى الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر . واما التى فى الآخرة فسخط اللّه وسء الحساب وعذاب النار ومن الزنى زنى النظر والنظرة سهم مسموم من سهام ابليس : وفى المثنوى اين نظر ازدور جون تيراست وسم ... عشقت افزون ميكند توكم وفى التأويلات النجمية قوله { الزانية والزانى } يشير الى النفس اذا زنت وزناها بان استلسمت لتصرفات الشيطان والدنيا فيها بما نهاها اللّه عنه والى الروح اذا زنى وزناه تصرفه فى الدنيا وشهواتها مما نهاه اللّه عنه { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } من الجوع وترك الشهوات والمرادات تزكية لهما { وتأديبا ولا تأخذكم بها رأفة فى دين اللّه } يعنى اذا ادعيتم محبة اللّه فابغضوا مخالفى امره ولا ترحموا انفسكم وارواحكم على مخالفة اللّه فانهم يظلمون انفسهم بجهلهم بحالهم ون رحمتكم عليهم فى ترك تزكيتهم وتأديبهم كترك الولد علاج ولده المريض شفقة عليه لينهكه المرض فادبوهما { ان كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } يشير الى شهود اهل الصحبة وان يزكى النفس ويؤدب الروح بمشهد شيخ واصل كامل ليحفظه من طرفى الافراط والتفريط ويهديه الى صراط مستقيم هو صراط يسلكه فيه قط اين مرحلة بنى همرهىء خضر مكن ... ظلما تست بترس از خطر كمراهى ٣ { الزانىلاينكح الا زانية او مشركة والزانية لاينكحها الا زان او مشرك } النكاح انما ورد فى القرآ ن بمعنى العقد اى التزوج لا الوطىء ، قال الراغب اصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع ومحال ان يكون فى الاصل للجماع ثم استعير للعقد لان اسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم ذكره كاسقباح تعاطيه ومحال ان يستعير من لا يقصد فحشا ما يستفظعونه لما يستحسنونه انتهى وهذا حكم مؤسس على الغالب المعتاد جىء به لزجر المؤمنين عن نكاح الزوانى بعد زجرهم عن الزنى بهن يعنى الغالب ان المائل الى الزنى والتقحب لا يرغب فى نكاح الصوالح من النساء وانما يرغب فى نكاح فاسقة من شلكه او مشركة والمسافحة لا يرغب فى نكاحها الصلحاء وينفرون عنها وانما يرغب فيها فاسق مثلها او مشرك فان المشاكلة سبب الائتلاف والاجتماع كما ان المخالفة سبب الوحشة والافتراق . وقدم الزانى فى هذه الآية لان الرجل اصل فى النكاح من حيث انه هو الطالب ومنه تبدأ الخطبة ولان الآية نزلت فى فقراء المهاجرين الذين رغبوا فى نكاح موسرات كانت بالمدينة من بقايا المشركين لنفقن عليهم من اكسابهن على عادة الجاهلية كا قال الكاشفى [ بقايا از يهود ومردم را بخود دعوت نموده اجرت كرفتندى ضعفه مهاجرين كه مسكنى وعشرتى نداشند و ازتنك بريشان مى كذرانيدند داعية كردند كه ايشانرا بنكاح درآ ورده كه وكراين نفس ازايشان كرفته برعادت اهل جاهليت معاش كذرانند ] فاستأذنوا رسول اللّه فى ذلك فنفروا عنه ببيان انه افعال من الزناة وخصائص المشركين كأنه قيل الزانى لايرغب الا فى نكاح احداهما والزانية لا يرغب فى نكاحها الا احدهما لا تحوموا حوله كيلا تنتظموا فى سلكها او تتسموا بسمتهما فايراد الجملة الاولى منع ان مناط التتنفير هى الثانية لتأكيد العلاقة بين الجانبين مبالغة فى الزجر والتنفير لا مجرد الاشراك وانما تعرّض لها فى الاولى اشباعا فى التنفير عن الزانية بنظمها فى سلك المشركة { وحرم ذلك } اى نكاح الزانى { على المؤمنين } لما فيه من التشبيه بالفسقة والتعرض للتهمة والتسبب بسوء المقالة والطعن فى النسب وغير ذلك من المفاسد لا يكاد يليق باحج من الا دانى والا رازل فضلا عن المؤمنين ولذلك عبر عن التنزيه بالتحريم مبالغة فى الزجر والحكم اما مخصوص بسبب النزول او منسوخ بقوله تعالى { وانحكوا الايامى منكم } فانه متناول للمسافحات ويؤيده ماروى انه عليه السلام سئل عن ذلك فقال ( اوله نكاح وآخره نكاح ) والحرام لايحرم الحلال ، وفى الآية اشارة الى الحذر عن اخدان السوء والحث عن مخالطة اهل الصحبة والاخدان فى اللّه تعالى فان الطبع من الطبع يسرق والمقارنة مؤثرة والامراض سارية وفى الحديث ( لاتساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا ) اى لاتساكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد لا تجتمعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لايسرى اليكم اخلاقهم وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة وللناس اشكال فكل يطير بشكله همه مرغان كند باجنس برواز ... كبوتر باكبوتر باز با باز وكل مساكن مثله كما قال قائلهم عن المرء لا تسأل وابصر قرينة ... فان القرين بالمقارن يقتدى فاما اهل الفساد فالفساد يجمعهم وان تناءت ديارهم واما اهل السداد فالسداد يجمعهم وان تباعد مزارهم ، قال الكاشفى [ جنسيت عت ضمست ومشاكله سبب الفت هركس ماسب كهرخود كرفت يار ... بلبل بباغ رفت وزغن سوى خارزار وحرم محافظة اخدان السوء على المؤمنين لئلا يؤثر فيهم فساد حالهم وسوء اخلاقهم ، ومن بلاغات الزمخشرى لا ترضى لمجالستك الا اهل مجانستك اى لا ترض ان تكون جليس احد من غير جنسك فانه العذاب الشديد ليس الا ، وجاء فى مسائل الفقه ان من رأى نصرانية سمينة فتمنى ان يكون نصرانيا ليتزوجها كفر . فقال بعضهم السمينة موجودة فى المؤمنات ايضا ولكن علة الضم الجنسية فعلى العاقل ان يصون نفسه بقدر الا مكان اللّه فانه اللّه غيور ينبغى ان يخاف منه كل آن. ٤ { والذين يرمون المحصنات } الرمى يقال فى الاعيان كالسهم والحجر ويقال فى المقال كناية عن الشتم كالقذف فانه فى الاصل الرمى بالحجارة ونحوها مطلقا ، قال فى الارشاد فى التعبير عن النفوه بما قالوا فى حقهن بالرمى المنبىء عن صلابة الآله وايلام المرمى وبعده ايذان بشدة تأثيره فيهن والمحصنات العفائف وهو بالفتح يقال اذا تصور حصنها من نفسها وبالكسر يقال اذا تصور حصنها من غيرها والحصن فى الاصل معروف ثم تجوز به فى كل تحرز ومنه درع حصينة لكونها حصنا للبدن وفرس حصان لكونه حسنا لراكبه امرأة حصان للعفيفة والمعنى والذين يقذفون العفائف بالزنى بدليل ذكر المحصنات عقيب الزوانى وتخصيص المحصنات لشيوع الرمى فيهن والا قذف الذكر والانثى سواء فى الحكم الآتى والمراد المحصنات الاجنبيات لان رمى الازواج اى النساء الداخلات تحت نكاح الرامين حكمه سيأتى ، واجمعوا على ان شروط احصان القذف خمسة الحرية والبلوغ والعقل والاسلام والعفة من الزنى حتى ان من زنى مرة فى اول بلوغه ثم تاب وحسنت حاله فقذفه سخص لاحد عليه والقذف بالزنى ان يقول العاقل لمحصنة يازانية يابن الزانى يابن الزنية ياولد الزنى اولست لابيك يابن فلان فى غضب والقذف بغيره ان يقول يافاسق ياشارب الخمر يا آكل الربا ويا خبيث يانصرانى يايهودى يامجوسى فيوجب التعزير كقذف غير المحصن واكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطا واقله ثلاثة لان التعزير ينبغى ان لا يبلغ اقل الحد اربعين وهى حد العبيد فى القذف بالزنى والشرب واما ابو يوسف فاعتبر حد الاحرار وهو ثمانون سوطا ونقص منها سوطا فى رواية وخمسة فى رواية وقال للامام ان يعزر الى المائة والفرق بين التعزير والحد ان الحد مقدر والتعزير مفوض الى رأى الامام وان الحد يندرىء بالشهبات دونه وان الحد لا يجب على الصبى والتعزير شرع والحد يطلق على الذمى ان كان مدقرا والتعزير لا يطلق عليه لان التعزير شرع للتطهير والكافر ليس من اهل التطهير وانما سمى فى حق اهل الذمة اذا كان غير مقدر عقوبة وان التقادم يسقط الحد دون التعزير وان التعزير حق العبد كسائر حقوقه ويجوز فيه الابراء والعفوا والشهادة على الشهادة ويجرى فيه اليمن ولا يجوز شىء منها فى الحد { ثم لم يأتوا باربعة شهداء } يشهدون عليهن بما رموهن به ولا يقبل فيه شهادة النساء كما فى سائر الحدود وفى كلمة ثم اشعار بجواز تأخيره الاتيان بالشهود وفى كلمة لم اشارة الى العجز عن الاتيان بهم ولا بد من اجتماع الشهود عند الاداء عند ابى حنيفة رحمه اللّه اى الواجب ان يحضروا فى مجلس واحد وان جاؤا متفرقين كانوا قذفة وفى قوله باربعة شهداء دلالة على انهم ان شهدوا ثلاثة يجب حدهم لعدم النصاب وكذا ان شهدوا عميانا او محدودين فى قذف او احدهم محدود او عبد لعدم اهلية الشهادة { فاجلدوهم ثمانين جلدة } انتصاب ثمانين كانتصاب المصادر ونصب جلدة على التمييز اى اضربوا كل واحد من الرامين ثمانين ضربة ان كان القاذف حرا واربعين ان كان عبدا لظهور كذبهم وافترائهم بعجزهم عن الاتيان بالشهداء : وبالفارسية [ بس بزنيد ايشانزا هشتاد تازيانه ] وان كان المقذوف زانيا عزر القاذف ولم يحد الا ان يكون المقذوف مشهورا بما قذف به فلاحد ولا تعزير حينئذ ويجلد القاذف كما يجلد الزانى الا انه لا ينزع عنه الثياب الا ماينزع عن المرأة من الحشو والفرو والقاذفة ايضا فى كيفية الجلد مثل الزانية وضرب التعزير اشد ثم للزنى ثمى للشرب ثم للقذف لان سبب حده محتمل للصدق والكذب وانما عوقب صيانة للاعراض : وبالفارسية [ حد قذف ازحد زنى وحد شرب اخص است زيراكه حد زنى بقرآن ثابت شده وثبوت حد شرب يقول صحابه است وسيب حد قذف محتمل است مر صدق رائى ] وان كل نفس الحد ثابتا بالنص وانما يحد بطلب المقذوف المحصن لان فيه حقه من حيث دفع العار عنه ولا بد ان يكون الطلب بالقول حتى لو قذف الاخرس وطلبه بالاشارة لا يجب الحد وكون المقذوف عائبا عن مجلس القاذف حال القذف او حاضرا سواء فاحفظه ويجوز للمقذوف ان يعفو عن حد القذف قبل ان يشهد ويثبت الحد والامام ايضا ويحسن منه ان يحمل المقذوف على كظم الغيظ ويقول له اعرض عن هذا ودعه لوجه اللّه قبل ثبوت الحد فاذا ثبت لمن يكن لواحد منهما ان يعفوا لانه خالص حق اللّه لهذا لم يصح ان يصالح عنه بمال واذا تاب القاذف قبل ان يثبت الحد سقط واذا قذف الصبى او المجنون امرأته او اجنبيا فلا حد عليهما ولا لعان لا فى الحال والا اذا بلغ او افاق ولكن يعذران تأديبا ولو قذف شخصا مرارا فان اراد زنية واحدة وجب حد واحد وان اراد زنيات مختلفة كقوله زنيت بزيد وبعمرو وتعدد لتعدد اللفظ كما فى الكبير { ولا تقبلوا لهم شهادة } عطف على اجلدوا داخل فى حكمه تتملة له ما فيه من معنى الزجر لانه مؤلم للقلب كما ان الجلد مؤلم للبدن وقد اذى المقذوف بلسانه فعوقب باهدار منافعه جزاء وفاقا واللام فى لهم متعلقة بمحذوف هو حال من شهادة قدمت عليها لكونها نكرة وفائدتها تخصيص الرد بشهادتهم الناشئة عن اهليتهم الثابتة لهم عند الرمى وهو السر فى قبول شهادة الكافر المحدود فى القذف بعد التوبة والاسلام لانها ليست ناشئة ع اهليته السابقة بل اهليته حدثت له بعد اسلامه فلا يتناول الرد والمعنى لا تقبلوا من القاذفين شهادة من الشهادات حال كونها حاصلة لهم عند القذف { ابدا } اى مدة حياتهم وان تابوا واصلحوا { واولئك هم } لاغيرهم { الفاسقون } الكاملون فى الفسق والخروج عن الطاعة والتجاوز عن الحدود كأنهم هم المستحقون لاطلاق اسم الفاسق عليهم من الفسقة ، قال الكبير يفيد ان القذف من الكبائر لان الفسق لايقع الا على صاحبها. ٥ { الا الذين تابوا } استثناء من الفاسقين { من بعد ذلك } اى من بعد ماقترفوا ذلك الذنب العظيم { واصلحوا } اعمالهم بالتدارك ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف { فان اللّه غفور رحيم } عليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة بموجب الفسق كأنه قيل فحينئذ لا يؤاخذهم اللّه بما فرط منهم ولا ينظمهم فى سلك الفاسقين لانه مبالغ فى المغفرة والرحمة ، وفى الآية اشارة الى غاية كرم اللّه ورحمته على عبادة بان يستر عليهم ماراد بعضهم اظهاره على بعض ولم يظهر صدق احدهما او كذبه ولتأديبهم اوجب عليهم الحد ورد قبول شهادتهم ابدا وسماهم الفاسقين وليتصفوا بصفاته السارية والكريمية والرحيمية فيما يسترون عيوب اخوانهم المؤمنين ولا يبتعوا عوراتهم وقد شدد النبى على من يتبع عورات المسلمين ويفشى اسرارهم فقال ( يامعشر من آمن بلسانه ولم يؤمن قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فانه من يتبع عوراتهم يفضحه اللّه يوم القيامة على رؤس الاشهاد ) وقال عليه السلام ( من ستر على مسلم ستر اللّه عليه فى الدنيا والآخرة ) قال الشيخ سعدى منه عيب خلق فروماية بيش ... كه جشمت فرودوز دازعيب خويش كرت زشت خويى بود درسرشت ... نه بينى زطاوس جزياى زشت طريق طلب كزعقوبت رهى ... نه حرفى كه انكشت بروى نهى وفى الآية اشارة ايضا الى كما عنايته تعالى فى حق عباده بانه يقبل توبتهم بعد ارتكاب الذنوب العظام ولكن بمجرد التوبة لا يكون العبد مقبولا الا بشرط ازالة فساد حاله واصلاح اعماله ، قال بعضهم علامة تصحيح التوبة وقبولها ما يعقبها من الصلاح والتوبة هى الرجوع من كل ما يذمه لعلم واستصلاح ما تعدى فى سالف الازمنة ومداومتها باتباع العلم ومن لم يعقب توبته الصلاح كانت توبة بعيدة عن القبول فراشوا جوبينى در صلح باز ... كه ناكه درتوبه كردد فراز مروزير بار كناه اى بشر ... كه حمال عاجز بود درسفر بهشت اوستاندكه طاعت برد ... كرا نقد بايد بضاعت برد اكرمرغ دولت زقيدت بجست ... هنوزش سر رشته دارى بدست اى فاسع الى اصلاح عملك قبل حلول اجلك. ٦ { والذين يرمون ازواجهم } بيان لحكم الرامين لزوجاتهم خاصة بعد بيان حكم الرامين لغيرهن اى والذين يقذفون نساءهم بالزنى بان يقول لها يازانية او زنيت او رأيتك تزنى ، قال فى بحر العلوم اذا قال يازانية وهما محصنان فردت بلا بل انت حدث لانها قذفت الزوج وقذفه اياها لا يوجد الحد بل اللعان وما لم ترفع القاذف الى الامام لم يجب اللعان ، قال ابن عباس رضى اللّه عنهما لما نزل قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء } قال عاصم بن عدى الانصارى ان دخل رجل منا بيته فرأى ردلا على بطن امرأته فان جاء باربعة رجال يشهدون بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج وان قتله قتل به وان قال وجدت فلانا مع تلك المرأة ضرب وان سكت سكت على غيظ الللهم افتح وكان لعاصم هذا بان عم يقال له عويم وكان له امرأة يقال لها خولة بنت قيس فاتى عويم عاصما فقال لقد رأيت شريكا بن السحماء على بطن امرأتى خولة فاسترجع عاصم واتى رسول اللّه عليه السلام فقال يا رسول اللّه ما اسرع مابتليت بهذا السؤال فى اهل بيتى فقال عليه السلام ( وماذاك ) قال اخبرنى عويم بان عمرى انه رأى شريكا على بطن امرأته خولة فدعا رسول اللّه اياهم جمعيا فقال لعويم ( اتق اللّه فى زوجتك وابنة عمك ولا تقذفها ) فقال يارسول اللّه تاللّه لقد رأيت شريكا على بطنها وانى ما قربتها منذ اربعة اشهر وانها حبلى من غيرى فقال لها رسول اللّه ( اتقى اللّه ولا تخبرى الا بما صنعت ) فقالت يا رسول اللّه ان عويما رجل غيور وانه رأى شريكا يطيل النظر الىّ ويحدثنى فحملته الغيرة على ما قال فانزل اللّه تعالى قوله { والذين يرمون ازاجهم } وبين به ان حكم قذف الزوجة اللعان فامر رسول اللّه بان يؤذن للصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويم قم وقل ( اشهد باللّه ان خولة لزانية وانى لمن الصادقين ) فقال ثم قال فى الثانية ( اشهد انز رأيت شريكا على بطنها وانى لمن الصادقين ) ثم قال فى الثالثة ( اشهد باللّه انها لحبلى من غير وانى لمن الصادقين ) ثم قال فى الرابعة ( اشهد باللّه انها زانية ونى ماقربتها من اربعة اشهر ونى من الصادقين ) ثم قال فى الخامسة ( لعنة اللّه على عويم ) يعني نفسه ( ان كان من الكاذبين ) ثم قال له اقعد وقال لخولة قومى فقامت وقالت ( اشهد باللّه ما انا بزانية وان زوجى لمن الكاذبين ) وقالت فى الثانية ( اشهد باللّه ما رأى شركا على بطنى وانه لمن الكاذبين ) وقالت فى الثالثة ( اشهد باللّه ما انا حبلى الا منه وانه لمن الكاذبين ) وقالت فى الربعة ( اشهد باللّه ما رأنى على فاحشة قط وانه لمن الكاذبين ) وقالت فى الخامسة ( غضب اللّه على خولة ان كان عويم من الصادقين فى قوله ) ففرق النبىّ عليه السلام بينهما وقضى او الولد لها ولا يدعى لاب وذلك قوله تعالى { والذين يرمون ازواجهم } { ولم يكن لهم شهداء } يشهدون بما رموهن من الزنى { الا انفسهم } يدل من شهداء جعلوا من جملة الشهداء ايذانا من اول الامر بعدم القاء قولهم بالمرة ونظمها فى سلك الشهادة فى الجملة { فشهادة احدهم } اى شهادة كل واحد منهم وهو مبتدأ خبره قوله { اربع شهادات } اى فشهادتهم المشروعة اربع شهادات { باللّه } متعلق بشهادات { انه لمن الصادقين } اى فيما رماها به من الزنى واصله على انه الخ فحذف الجار وكسرت ان وعلق العامل عنها للتأكيد. ٧ { والخامسة } اى الشهادة الخامسة للاربع المتقدمة اى الجاعلة لها خمسا بانظمامها اليهن هى مبتدأ خبره قوله { ان لعنة اللّه عليه } اللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وذلك من اللّه فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع من قبول فيضه وتوفيقه ومن الانسان دعاء على غيره ، قال بعضهم لعنة الكفار دائمة متصلة الى يوم القيامة ولعنة المسلمين معناها البعد من الخير والذى يعمل معصية فهو فى ذلك الوقت بعيد عن الخير فاذا خرج من المعصية الى الطاعة يكون مشغولا بالخير { ان كان من الكاذبين } فيما رماها به من الزنى فاذا لاعن الرجل حبست الزوجة حتى تعترف فترجم او تلاعن. ٨ { ويدرؤا عنها العذاب } اى يدفع عن المرأة المرمية العذاب الدنيوى وهو الحبس المغيا على احد الوجهين بالرجم الذى هو اشد العذاب يقال درأ دفع وفى الحديث ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد { ان تشهد اربعة شهادات باللّه انه } اى الزوج { لمن الكاذبين } فيما رمانى به من الزنى. ٩ { والخامسة } بالنصب عطفا على اربع شادات { ان غضب اللّه عليها } الغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام ( اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ اوداجه وحمرة عينيه ) فاذا وصف اللّه به فالمراد الانتقام دون غيره { ان كان } اى الزوج { من الصادقين } اى فيما رمانى به من الزنى وتخصيص الغضب بجانب المرأة للتغليظ عليها لما انها مادة الفجور ولان النساء كثيرا ما يستعمل اللعن فربما يجترىء على التفوه به لسقوط وقعه على قلوبهن بخلاف عضبه تعالى ، والفرقة الواقعة باللعان فى حكم التطليقة البائنة عند ابى حنيفة ومحمد رحمهما اللّه ولا يتأبد حكمها حتى اذا كذب الرجل نفسه بعد ذلك فحدّ جاز له ان يتزوجها وعند ابى يوسف وزفر والحسن بن زياد والشافعى هى فرقة بغير طلاق توجب تحريما مؤبد اليس لهما اجتماع بعد ذلك ابدا واذا لم يكن الزوج من اهل الشهادة بان كان عبدا او كافرا بان اسلمت امرأته فقذفها قبل ان يعرض عليه الاسلام او محدودا فى قذف وهى من اهلها حد الزوج ولا لعان لعدم اهلية اللعان وبيان اللعان مشبعا موضعه الفقه فليطلب هناك وكذا القذف. ١٠ { ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته وان اللّه تواب حكيم } جواب لولا محذوف لتهويله والاشعار بضيق العبارة عن حصره كأنه قيل لولا تفضله عليكم ورحمته ايها الرامون والمرميات وانه تعالى مبالغ فى قبول التوبة حكيم فى جميع افعاله واحكامه التى من جملتها ما شرع لكم من حكم اللعان لكان ما كان مما لايحيط به نطاق البيان ومن جملته انه تعالى لوم لم يشرع لهم ذلك لوجب على الزوج حد القذف مع ان الظاهر صقده لانه اعرف مجال زوجته وانه لا يفترى عليها لاشتراكهما فى الفضاحة وبعد ما شرع لهم ذلك لو جعل شهاداته موجبة لحدّ القذف عليه لفات النظر له ولا ريب فى خروج الكل عن سنن الحكمة والفضل والرحمة فجعل شهادات كل منهما مع الجز بكذب احدهما حتما درائة لما توجه اليه من الغائلة الدنيوية وقد ابتلى الكاذب منها فى تضاعيف شهاداته من العذاب بما هو اتم ما درأه عنه واطم وفى ذلك من احكام الحكم البالغة وآثار التفضل والرحمة ما لايخفى اما على الصادق فظاهر واما على الكاذب فهو امهال له والستر عليه فى الدنيا ودره الحد عنه وتعريضه للتوبة حسبما ينبىء عنه التعرض لعنوان توابيته سبحانه وما اعظم شأنه واوسع رحمته وادق حكمته ، قال الكاشفى [ واكرنه فضل خداى تعالى بودى برشما وبخشايش او وآنكه خداى قبول كنندة توبه است حكم كننده درحدود احكام هر آيينه شمارا فضيحت كردى ودروغ كواهى را بعذاب عظيم مبتلا ساختى وكويند اكرنه فضل خدا بودى بتأخير عقوبت شما هلاك شديد يا اكر نه فضل فرمودى باقامت زواجر ونهى ازفواحش هر آينه نسل منقطع شدى ومردم يك ديكررا هلاك كردندى يا اكر نه خداى تعالى بخشيدى برشما بقبول توبه درتيه ن اميدى سركردان ميشديد بس شما بمدد وتوفيق توبه بسر منزل رجا رسانيد كر توبه مددكار كنهكار نبودى ... اوراكه بسر حد كرم راه نمودى ورتوبه بنودى كه در فيض كشودى ... زنك غم از آينه عاصى كه زدودى قال بعض الكبار قال اللّه { ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته } ولم يقل ولولا فضل عبادتكم وصلاتكم وجهادكم وحسن قيامكم بامر اللّه { ما زكى منكم من احد ابدا } لنعلم ان العبادات وان كثرت فانها من نتائج الفضل جوروبى بخدمت نهى بر زمين ... خدارا ثنا كوى وخودرا مبين اللهم اجعلنا من اهل الفضل والعطاء والمحبة والولاء. ١١ { ان الذين جاؤا بالافك } ى مابلغ مما يكون من الكذب والافتراء : وبالفارسية [ بدرستى آنانكه آورده اند دروغ بررك درشان عائشة ] واصله الافك وهو القلب اى الصرف لانه مأفوك عن وجهه وسننه والمراد به ما افك على عائشة رضى اللّه عنها وذلك ان عائشة كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الامانة والعفة والشرف فمن رماها بالسوء قلب الامر من وجهه روى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان اذا اراد سفرا اقرع بين نسائه فأيهن خرجت قرعتها استصحبها والقرعة بالضم طينة او عجينة مدورة مثلا يدرج فيها رقعة يكتب فيها السفر والحضر ثم تسلم الى صبى يعطى كل امرأة واحدة منهن كذا فى القهستانى فى القسم فلما كان غزوة بنى المصطلق فى السنة الخامسة من الهجرة وهى غزوة المريسيع كما فى انسان العيون خرج سهمها وبنو المصطلق بطن من خزاعة وهم بنوا خزيمة والمصطلق من الصلق وهو رفع الصوت والمريسيع اسم ماء من مياه خزاعة مأخوذ من قولهم رسعت عين الرجل اذا دمعت من فساد ذلك الماء فى ناحية قديد ، قال فى القاموس المريسيع بئر او ماء واليه تضاف غزوة بنى المصطلق انتهى فخرجت عائشة معه عليه السلام وكان بعد نزول آية الحجاب وهو قوله تعالى { يايها الذين آمنوا لا تخلوا بيوت النبى } الآية لانه كان ذلك سنة ثلاث من الهجرة قالت فحملت فى هودج فسرنا فلما دنونا من المدينة قافلين اى راجعين نزلنا منزلا ثم نزلت من الرحل فقمت ومشيت لقضاء الحاجة حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأنى اقبلت الى رحلى فلمست صدرى فاذا عقد لى من جزع ظفار كقطام وهى بلد باليمن قرب صنعاء اليه نسبة الجزع وهو بالفتح وسكون الزاى المعجمة الخرز اليمانى فيه سواد وبياض يشبه به الاعين كما فى القاموس كان يساوى اثنى عشر درهما قد انقطع فرجعت فالتمسته فحبسنى ابتغاؤه واقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بى بتخفيف الحاء اى يجعلون هودجها على الرحل وهو ابو مويهبة مولى رسول اللّه وكان رجلا صالحا مع جماعة معه فاحتملوا هودجى فرحلوه على بعيرى وهم يحسبون انى فيه بخفتى وكان النساء اذ ذاك خفافا لقلة اكلهن اى لان السمن وكثرة اللحم غالبا تنشأ عن كثرة الا كل كما فى انسان العيون فلم يستنكرواخفة الهودج حين رفعوه وذهبوا بالبعير فوجدت عقدى فدجئت منازلهم وليس فيها احد واقمت بمنزلى الذى كنت فيه وظننتا نهم سيفقدوننى فيرجعون فى طلبى فبينا انا جالسة فى منزلى غلبتنى عينى فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمى خلف الجيش ، قال القرطبى وكان صاحب ساقة رسول اللّه لشجاعته كان من خيار الصحابة انتهى كان يسوق الجيش ويلتقط ما يسقط من المتاع كما فى الانسان فاصبح عند منزلى فرأى سوادا اى شخص اناسن نائم فاتانى فعرفنى فاستيقطت باسترجاعه اى بقوله انا لله وانا اليه راجعون اى لان تخلف ام المؤمنين عن الرفقة فى مضيقة مصيبة اى مصيبة فخمرت وجهى فى جلبابى وهو ثوب اقصر من الخمار ويقال له المقنعة تغطى به المرأة رأسها واللّه ما تكلمت بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه اى لانه استعمل الصمت ادبا وهوى حتى اناخ راحلته فقمت اليها فركبتها وانطاق يقود بى الراحلة حتى اتينا الجيش فى بحر الظهيرة اى وسطها وهو بلوغ الشمس منتهاها من الارتفاع وهم نازلون ، وبهذه الواقعة استدل بعض الفقهاء على انه يجوز الخلوة بالمرأة الاجنبيه اذا وجدها منقطعة ببرية او نحوها بل يجب استصحابها اذا خاف عليها لو تركها ، وفى معنى الآثار للطحاوى قال ابو حنيفة وكان الناس لعائشة محرما فمع ابهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس غيرها من النساء كذلك انتهى ، يقول الفقير لعل مراد الامام رحمه اللّه تعالى ان ازواج النبى عليه السلام وان كان كلهن محارم للامة لانه تعالى قال { وازواجه امهاتهم } وحرم عليهم نكاحهن كما قال { ولاتنكحوا ازواجه من بعده ابدا } الا ان عائشة كانت افضل نسائه بعد خديجة واقربهن منه من حيث خلاقتها عنه فى باب الدين ولذا قال ( خذوا ثلثى دينكم من عائشة ) فتأكدت الحرمة من هذه الجهة اذ لابد لاخذ الدين من الاستصحاب للسفر والحضر واللّه اعلم قالت فلما نزلنا هلك فى من هلك بقول البهتان والافتراء وكان اول من اشاعه فى المعسكر عبد اللّه بن ابى ابن سلول رئيس المنافقين فانه كان ينزل مع جماعة المنافقين متبعدين من الناس فمرت عليهم فقال من هذه قالوا عائشة وصفوان فقال فجربها ورب الكعبة فافشوه وخاض اهل المعسكر فيه فجعل يرويه بعضهم عن بعض ويحدث به بعضهم بعضا قالت فقدمنا المديننة فاشتكيت اى مرضت حين قدمت شهرا ووصل الخبر الى رسول اللّه والى ابوىّ ولا اشعر بشىء من ذلك غير انه يريبنى ان لا اعرف من رسول اللّه العطف الذى كنت ارى منه حين اشتكيت فلما رأيت ذلك قلت يا رسول اللّه لو اذنت لى فانقلب الى ابوىّ يمرضانى والتمريض القيام على المريض فى مرضه قال لا بأس فانقلبت الى بيت أبوىّ وكنت فهي الى ان برئت من مرضى بعد بضع وعشرين ليلة فخرجت فى بعض الليالى ومعى ام مسطح كمنبر وهى بنت خالة ابى بكر رضى اللّه عنه قبل المناصع وهى مواضع يتخلى فيها لبول او حاجة ولا يخرج اليها الا ليلا وكان عادة اهل المدينة حنيئذ انهم كانوا لايتخذون الكنيف فى بيوتهم كلاعاجم بل يذهبون الى محل متسع قالت فلما فرغنا من شأننا واقبلنا الى البيت عثرت ام مسطح فى مرطها وهو كساء من صوف او خزكان يؤتزر به فقالت تعس مسطح بفتح العين وكسرها اى هلك تعنى ولدها والمسطح فى الاصل عمود الخيمة واسمه عوف فقلت لها أتسبين رجلا قد كشهد بدرا فقالت أو لم تسمعنى ما قال قلت وما قال فاخبرتنى بقول اهل الافك فازددت مرضا على مرض اى عاودنى المرض وازددت عليه وبكيت تلك الليلة حتى اصبحت لا ير قألى دمع ولا اكتحل بنوم ثم اصبحت ابكى جشمم ذكريه بر سر آبست روز شب ... جانم زناله درتب وتابست روز شب فاستشار رسول اللّه فى حقى فاشار بعضهم بالفرقة وبعضهم بالصبر وقد لبث شهرا لا يوحى اليه فى شأنى بشىء فقال واقبل حتى دخل علىّ وعندى ابواى ثم جلس فتشهد ثم قال ( اما بعد ياعائشة فانه قد بلغنى عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فيبرئك اللّه وان كنت الممت بذنب فاستغفرى اللّه وتوبى فان العبد اذا اعترف بذنب ثم تاب اللّه تاب الى اللّه عليه ) فلما قضى رسول اللّه كلامه قلص دمعى اى ارتفع حتى ما احس منه بقطرة قلت لابى اجب عنى رسول اللّه فيما قال قال واللّه لادرى ما اقول لرسول اللّه فقلت لامى اجيبى عنى رسول اللّه قالت واللّه مادرى ما اقول لرسول اللّه فقلت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر فى نفوسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم انى بريئة لا تصدقونى ولئن اعترفت لكم بامر واللّه يعلم انى بريئة منه لتصدقونى واللّه وماجد لى ولكم مثلا الا ما قال ابو يوسف يعقوب { فصبر جميل واللّه المستعان على ماتصفون } صبرى كنيم تاكرم او جه ميكند ... قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشى وانا واللّه حنيئذ اعلم انى بريئة واللّه مبرئى ببراءة ولكنى واللّه ما كنت اظن ان ينزل فى شأنى وحى يتلى ولشأنى كان احقر فى نفسى من ان يتكلم فى بامر يتلى ولكنى كنت ارجو ان يرى النبى عليه السلام رؤيا يبرئنى اللّه بها قالت فواللّه ما قام رسول اللّه عن مجلسه ولا خرج من البيت حتى اخذه ما كان يأخذه عند نزول الوحى اى من شدة الكرب فسجى اى غطى بثوب ووضعت له وسادة من ادم تحت رأسه وكان ينحدر مه مثل الجمان من العرق فى اليوم الثانى من ثقل القول الذى انزل عليه والجمان حبوب مدحرجة تجعل من الفضة امثال اللؤلؤ فلما سرى عه وهو يضحك ويمسح العرف من وجهه الكريم كان اول كلمة تكلم بها ( ابشرى عائشة اما ان اللّه قد برأك ) فقالت امى قومى اليه فقلت واللّه لا احمد اللّه فانزل اللّه تعالى { ان الذين جاؤا بالافك } الآيات ، قال السهيلى كان نزول براءة عائشة بعد قدومهم المدينة من الغزوة المذكورة لسبع وثلاثين ليلة فى قول المفسرين فمن نسبها الى الزنى كغلاة ا لرافضة كان كافرا لان فى ذلك تكذيبا للنصوص القرآنية ومكذبها كافر ، وفى حياة الحيوان عن عائشة رضى اللّه عنها لما تكلم اناس بالافك رأيت فى منامى فتى فقال لى مالك قلت حزينة مما ذكر النار فقال ادعى بكلمات يفرج اللّه عنك قلت وما هى قال قولى ياسابغ النعم ويا دافع النقم ويا فارج الغم ويا كاشف الظلم ويا اعدل من حكم ويا حسيب من ظلم وياول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية اجعلى لى من امرى فرجا مخرجا قالت فانتبهت وقلت ذلك وقد انزل اللّه فرجى ، قال بعضهم برأ اللّه اربعة يوسف بشاهد من اهل زليخا وموسى من قول اليهود فيه ان له ادرة بالحجر الذى فر بثوبه ومريم بانطاق ولدها وعائشة بهذه الآيات وبعد نزولها خرج عليه السلام الى الناس وخطبهم وتلاها عليهم وامر بجلد اصحاب الافك ثمانين جلدة ، وعن عائشة ان عبد اللّه بن ابىّ جلد مائة وستين اي حدين قال عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما وهكذا يفعل لكل من قذف زوجة نبىّ ى يجوز ان يفعل به ذلك ، وفى الخصائص الصغرى من قذف ازواجه عليه السلام فلا توبة له البتة كما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما وغيره ويقتل كما نقله القاضى وغيره ويل يختص القتل بمن قذف عائشة ويحدّ فى غيرها حدّين كذا فى انسان العيون ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لم تبغ امرأة بنى قط واما قوله تعالى فى امرأة نوح وامرأة لوط { فخانتاهما } فالمراد آذاتاهما قالت امرأة نوح فى حقه انه لمجنون وامرأة لوط دلت على اضيافه وانما جاز ان تكون امرأة النبى كافرة كامرأة نوح ولوط ولم يجز ان تكون زانية لان النبى مبعوث الى الكفار ليدعوهم الى الدين والى قبول ما قاله من الاحكام والثواب والعقاب وهذا المقصود لا يحصل اذا ان فى الانبياء ما ينفر لكفرة عنهم والكفر ليس مما ينفر عندهم بخلاف الفجور فانه من اعظم المنفرات ، وعن كتاب الاشارات للفخر الرازى رحمه اللّه انه عليه السلام فى تلك الايام التى تكلم فيها بالافك كان اكثر اوقاته فى البيت فدخل عليه عمر فاستشاره فى تلك الواقعة فقال يارسول اللّه انا اقطع بكذب المنافقين واخذت براءة عائشة من ان الذباب لا يقرب بدنك فاذا كان اللّه صان بدنك ان يخالطه الذباب لمخالطته القاذورات فكيف بأهلك ودخل عليه عثمان فاستشاره فقال يارسول اللّه اخذت براءة عائشة من ظلك لانى رأيت اللّه صان ظلك ان يقع على الارض اى لان ظل شخصه الشريف كان لا يظهر فى شمس ولا قمر لئلا يوطأ بالاقدام فاذا صان اللّه ظلك فكيف باهلك ودخل علىّ فاستشاره فقال يا رسول اللّه اخذت براءة عائشة من شىء هو انا صلينا خلفك وانت تصلى بنعليك ثم انك خلعت احدى نعليك فقلنا ليكن ذلك سنة لنا فقلت ( لا ان جبريل قال ان فى تلك النعل نجاسة ) فاذا كان لا تكون النجاسة بنعليك فكيف باهلك فسر عليه السلام بذلك فصدقهم اللّه فيما قالوا وفضح اصحاب الافك بقوله { ان الذين جاؤا بالافك } { عصبة منكم } خبران والعصبة والعصابة جماعة من العشرة الى الاربعين والمراد هنا عبد اللّه بن ابىّ وزيد بن رفاعة ومسطح بن اثاثة وحمنة بن جحش ومن ساعدهم واختلفوا فى حسان بن ثابت والذى يدل على براءته ما نسب اليه فى ابيات مدح بها عائشة رضى اللّه عنها منها مهذبة قد طيب اللّه خيمها ... وطهرها من كل سوء وباطل فان كنت قد قلت الذى قد زعمتمو ... فلا رفعت سوطى الى ّ اناملى وكيف وودّى ما حييت ونرصرتى ... لآل رسول اللّه زين المحافل كما فى انسان العيون ، قال الامام السهيلى فى كتاب التعريف والاعلام قد قيل ان حسان لم يكن فيهم اى فى الذين جاؤا بالافك فمن قال انه كان فيهم انشد البيت المروى حين جلدوا الحدّ لقد ذاق حسان الذى كان اهله ... وحمنة اذ قالا لهجر ومسطح ومن برأه الافك قال انما الرواية فى البيت لقد ذاق عبداللّه ما كان اهله ... انتهى : ومعنى الآية ان الذين اتوا بالكتاب فى امر عائشة جماعة كائنة منكم فى كونهم موصوفين بالايمان وعبد اللّه ايضا كان من جملة من حكم له بالايمان ظاهرا ون كان رئيس المنافقين خفية { لاتحسبوه شرا لكم } الخطاب لرسول اللّه وابى بكر وعائشة وصفوان ولمن ساءه ذلك من المؤمنين تسلية لهم من اول الامر والضمير للافك { بل هو خير لكم } لاكتسابكم الثواب العظيم لانه بلاء مبين ومحنة ظاهرة وظهور كرامتكم على اللّه بانزال ثمانى عشرة آية فى نزاهة ساحتكم وتعظيم شأنكم وتشديد الوعيد فيمن تكلم فيكم والثناء على من ظنّ بكم خيرا { لكل امرىء منهم } اى من اولئك العصبة والامرؤ الانسان والرجل كالمرء والالف للوصل { ما اكتسب من الاثم } بقدر ماخاض فيه لان بعضهم تكلم بالافك وبعضهم ضحك وبعضهم سكت ولم ينههم. قال فى التأويلات على حسب سعايتهم وفساد ظنهم وهتك حرمة حرم نبيهم انتهى والاثم الذنب { والذى تولى كبره } اى تحمل معظم الافك ، قال فى المفردات فيه تنبيه على ان كل من سن سنة قبيحة يصير مقتدى به فذنبه اكبر { منهم } من العصبة وهو ابن ابى فانه بدأ به واذاعه بين الناس عداوة لرسول اللّه كما سبق { له عذاب عظيم } اى لعبد اللّه نوع من العذاب العظيم المه لان معظم الشر كان منه فلما كان مبتدئا بذلك القول لا جرم حصل له من العقاب مثل ما حصل لكل من قال ذلك لقوله عليه السلام ( من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ). وفى التأويلات النجمية { له عذاب عظيم } يؤاخذ بجرمه وهو خسارة الدنيا والآخرة ثم ارود الحديث المذكور هركه بنهد سنتى بداى فتى ... تا در افتد بعد او خلق ازعمى جمع كردد بروى آه جمله بزه ... كوسرى بودست وايشان دم غزه ١٢ { لولا } تخضيضية بمعنى هلا : وبالفارسية [ جرا ] ومعناها اذا دخلت على الماضى التوبيخ واللوم عل ترك الفعل اذ لا يتصور فى الماضى واذا دخلت على المضارع فمعناها الحض على الفعل والطلب له فهى فى المضارع بمعنى الامر { اذ سمعتموه } ايها الحائضون اى الشارعون فى القول الباطل { ظن المؤمنون والمؤمنات بانفسهم خيرا } عدول الى الغيبة لتأكيد التوبيخ فان مقتضى الايمان الظن بالمؤمن خيرا وذب الطاغين فيه فمن ترك هذه الظن والذب فقد ترك العمل بمقتضى الايمان والمراد بانفسهم ابناء جنسهم النازلون منلزة انفسهم كقوله تعالى { ولا تلمزوا انفسكم } فان المراد لا يعيب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة اذ كان الواجب ان يظن المؤمنين والمؤمنات اول ماسمعوه ممن اخترع بالذات او بالواسطة من غير تلغثم بمثلهم ن آحاد المؤمنين خيرا { وقالوا } فى ذلك الآن { هذا } [ اين سخن ] { افك مبين } اى ظاهر مكشوف كونه افكا فكيف بالصديقة بن الصديق ام المؤمنين حرم رسول اللّه : يعنى حق سبحانه [ ازواج بيغمبر نكاه ميدارد ازمثل اين حالها بتعظيم وتكريم ايشان ]. ١٣ { لولا جاؤا } [ جرا نياوردند ] { عليه } [ برين سخن را ] { باربعة شهداء } اى هلا جاء الخائضون باربعة شهداء يشهدون على ماقالوا وهو اما من تمام القول او ابتداء كلام من اللّه { فاذا لم يأتوا بالشهداء } الاربعة { فاولئك } المفسدون { عند اللّه } فى حكمه وشرعه المؤسس على الدلائل الظاهرة المتقنة { هم الكاذبون } الكاملون فى الكذب المشهود عليه بذلك المستحقون لاطلاق الاسم عليهم دون غيرهم ، قال الكاشفى [ ايشانند دروغ كويان در ظاهر وباطن جه اكر كواه آوردندى در ظاهر حكم كاذب بنودندى اما در باطن كاذب بودندى زير كه اين صورت برازدواج انيا ممتنع است وجون كواه نياوردند در ظاهر اين كار نيز كاذبند ] ، قال القرطبى وقد يعجز الرجل عن اقامة البينة وهو صادق فى قذفه ولكنه فى حكم الشرع وظهر الامر كاذب لا فى علم اللّه وهو سبحانه انما رتب الحدود على حكمه الذى شرعه فى الدنيا على مقتضى علمه الذى تعلق بالانسان على ما هو عليه واجمع العلماء على ان احكام الدنيا على الظاهر وان السرائر الى اللّه. ١٤ { ولولا } امتاعية اى لامتناع الشىء لوجود غيره { فضل اللّه عليكم ورحمته } خطاب للسامعين والمسلمين جميعا { فى الدنيا } من فنون النعم التى من جملتها الامهال بالتوبة { والآخرة } من ضروب الآلاء التى من جملتها العفو والمغفرة والمقدر ان لكم { لمسكم } عاجلا : يعنى [ هر آينه برسيدى شمارا ] { فما افضتم فيه } اى بسبب ما خضتم فيه من حديث الافك { عذاب عظيم } يستحقر دونه التوبيخ والجلد. ١٥ { اذ تلقونه } بحذف احى التاءين ظرف للمس اى لمسكم ذلك العذاب العظيم وقت تلقيكم اياه من المخترعين { بالسنتكم } يأخذه بعضكم من بعض وذلك ان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول له ما وراءك فيحدثه بحديث الافك حتى شاع وانتشر فلم يبق بيت ولا دار الا طار فيه يقال تلقى الكلام من فلان وتلقنه وتلقفه ولقفه اذا اخذه من لفظه وفهمه ، وفى الارشاد التلقى والتلقف والتلقن معان متقاربة خلا ان فى الاول معنى الاستقبال وفى الثانى معنى الخطف والاخذ بسرعة وفى الثلث معنى الحذق والمهارة { وتقولون بافواهكم ماليس لكم به علم } معنى بافواهكم مع ان القول لا يكون الا بالفم هو ان الاخبار بالشىء يجب ان تستقر صورته فى القلب اولا ثم يجرى على اللسان وهذا الافك ليس الا قول لايجرى على الالسنة من غير علم به فى القلب وهو حرام لقوله تعالى { ولا تقف ماليس لك به علم } والمعنى وتقولون قولا مختصا بالافواه من غير ان يكن له مصداق ومنشأ فى القلوب لانه ليس بتعبير عن علم به فى قلوبكم { وتحسبونه هينا } سهلا لا تبعة له وهى بالفارسية [ عاقبة به ] ، او ليس له كثير عقوبة { وهو عند اللّه } والحال انه عنده تعالى { عظيم } فى الوزر واستجرار العذاب وعن بعضهم لا تقولن لشىء من سيآتك نقير فلعله عند اللّه نخلة وهو عندك نقير وقال عبداللّه بن المبارك ما ارى هذه الآية نزلت الا فيمن اعتاد الدعاوى العظيمة ويجترىء على ربه فى الاخبار عن احوال الانبياء والاكابر ولا يمنعه عن ذلك هيبة ربه و لاحياؤه ، وقال الترمذى من تهاون بما يجرى عليه من الدعاوى فقد صغر ما عظمه اللّه ان اللّه تعالى يقول { وتحسبونه } الخ اكرمردى ازمردىء خوك مكوى ... نه هر شهوارى بدر برد كوى ١٦ { ولولا } [ جرا ] { اذ سمعتموه } من المخترعين والتابعين لهم { قلتم } تكذيبا لهم وتهويلا لما ارتكبوه { مايكون لنا } ما يمكننا { ان نتكلم بهذا } القول ومايصدر عنا ذلك بوجه من الوجوه وحاصله نفى وجود التكلم به لانفى وجوده على وجه الصحة والاستقامة { سبحانك } تعجب ممن تفوه به واصله ان يذكر عند معاينة العجب من صنائعه تنزيها له سبحانه من ان يصعب عليه امثاله ثم اكثر حتى استعمل فى كل متعجب منه او تنزيه له تعالى من ان يكون حرم نبيه فاجرة فان فجورها تنفير للناس عنه ومخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها كا سبق : وبالفارسية [ باكست خداى تعالى ازآنكه در حرم محترم بيغمبر قدح تواند كرد ] { هذا } الافك الذى لايصح لاحد ان يتكلم به { بهتان عظيم مصدر } بهته اى قال عليه ما لم يفعل اى كذب عظيم عند اللّه التقاول به كمافى التأويلات النجمية او يبهت ويتحير من عظمته لعظمة المبهوت عليه اى الشخص الذى يبهت عليه ان يقال عليه ما لم يفعل فان حقارة الذنوب وعظمها كما تكون باعتبار مصادرها كا قال ابو سعيد الخراز قدس سره ( حسنات الابرار سيآت المقربين ) كذا تكون باعتبار متلعقاتها. ١٧ { يعظكم اللّه } الوعظ النصح والتذكير بالعواقب اى ينصحكم ايها الخائضن فى امر عائشة { ان تعودوا لمثله } كراهية ان تعودوا لمثل هذا الخوض { ابدا } اى مدة حياتكم { ان كنتم مؤمنين } باللّه وبرسوله وباليوم الآخر فان الايمان يمنع عنه ، وفيه اشارة الى ان العود الى مثل هذا يخرجهم من الايمانن قال فى الكبير يدخل فى هذه من قال ومن سمع ولم ينكر لاستائهما فى فعل ما لايجوز وان كان المقدم اعظم ذنبا. ١٨ { ويبين اللّه لكم الآيات } الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب دلالة واضحة لتتعظوا وتتأدبوا بها اى ينزلها مبينة ظاهرة الدلالة على معانيها لا انه يبينها بعد ان لم تكن كذلك { واللّه عليم } باحوال جميع مخلوقاته جلائلها ودقائقها { حكيم } فى جميع تدابيره وافعاله فأنى يمكن صدق ما قيل فى حق حرمة من اصفطاه لرسالته وبعثه الى كافة الخلق ليرشدهم الى الحق ويزكيهم ويطهرهم تطهيرا ، وقال الكاشفى [ وخداى تعالى داناست بطهارت ذيل عائشة حكم كننده ببرائت ذمت او ازعيب وعار ] تاركيبان دامنش باكست ازلوث خطا ... وز مذمت عيب جو آلوده ازسر تابيا وجه زيبا كفته است كرا رسد كه كند عيب دامن باكت ... كه همجو قطره كه بر برك كل جكدبا كى وفى التأويلات النجمية ن اللّه تعالى لاجرى على خواص عباده الا ما يكون سببا لحقيقة اللطف وان كان فى صورة القهر تأديبا وتهذيبا وموجبا لرفعة درجاتهم وزايدة فى قرابتهم وان قصة الافك وان كانت فى صورة القهر كانت فى حق النبى عليه السلام وفى حق عائشة وابويها وجميع الصحابة ابتلاء وامتحانا لهم وتربية وتهذيبا فان البلاء للولاء كاللهب للذهب كما عليه السلام ( ان اشد الناس بلاء الانبياء ثم الاولياء ثم الامثل فالامثل ) وقال عليه السلام ( يبتلى الرجل على قدر دينه ) فان اللّه غيور على قلوب خواص عباده المحبوبين فاذا حصلت مساكنة بعضهم الى بعض يجرى اللّه تعالى ما يرد كل واحد منهم عن صاحبه ويرده الى حضرته وان النبى عليه السلام لما قيل له أى الناس احب اليك قال ( عائشة فساكنها ) وقال ( ياعائشةحبك فى قلبى كالعقدة ) وفى بعض الاخبار ان عائشة قالت يا رسول اللّه انى احبك واحب قربك فاجرى اللّه تعالى حديث الافك حتى رد رسول اللّه قلبه عنها الى اللّه بانحلال عقدة حبها ع قلبه وردت عائشة قلبها عنه الى اللّه حيث قالت لما ظهرت براءة ساحتها نحمد اللّه لا نحمدك فكشف اللّه غيابة تلك المحبة وازال الشك واظهر براءة ساحتها حين ادبهم وهذبهم وقربهم وزاد فى رفعة درجاتهم وقرباتهم ، قال فى الحكم العطائية وشرحها قال ابو بكر الصديق رضى اللّه عنه لعائشة رضى اللّه عنها لما نزلت براءتها من الافك على لسان رسول اللّه عليه السلام يا عائشة اشكرى رسول اللّه نظرا منه لوجه لكمال لها فقالت لا واللّه لاشكر الا اللّه رجوعا منها الى اصل التوحيد اذ لم يسع غيره فى تلك الحال قلبها دلها ابو بكر فى ذلك على المقام الاكمل عند الصحو وهو مقام البقاء باللّه المقتضى لاثبات الآثار وعمارة الدارين التزاما لحق الحكم والحكمة وقد قال تعالى { ان اشكر لى ولوالديك } فقرن شكرهما بشكره اذ هما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقى فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وقال عليه السلام ( لايشكر اللّه من لا يشكر الناس ) فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب اللّه على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده وكانت هى يعنى عائشة فى ذلك الوقت لا فىعموم اوقاتها مصطلمة اى مأخوذة عن شاهدها فلم يكن لها شعور بغير ربها غائبة عن الآثار لما استولى عليه من سلطان الفرح لمنة المولى عليها فلم تشهد الا الواحد القهار من غير اعتبار لغيره وهذا هو كمل المقامات فى حالها وهو مقام ابينا ابراهيم عليه السلام اذ قال حسبى من سؤالى علمه بحالى واللّه المسؤل فى اتمام النعمة وحفظ الحرمة والثبات لمرادات الحق بالآداب اللائقة بها وهو حسبنا ونعم الوكيل. ثم قال فى التأويلات النجمية الطريق الى اللّه طريقان طريق اهل السلامة وطريق اهل الملامة فطريق اهل السلامة ينتهى الى الجنة ودرجاتها لانهم محبوسون فى حبس وجودهم وطريق اهل الملامة ينتهى الى اللّه تعالى لان الملامة مفتاح باب حبس الوجود وبها يذوب الوجود ذوبان الثلج بالشمس فعلى قدر ذوبان الوجود يكون الوصول الى اللّه تعالى فاكرم اللّه تعالى عائشة بكرامة الملامة ليخرجها بها من حبس الوجود بالسلامة وهذا يدل على ولايتها لان اللّه تعالى اذا تولى عبدا يخرجه من ظلمات وجوده المخلوقة الى نور القدم كما قال تعالى { اللّه ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } انتهى : قال الحافظ قدس سره وفاكنيم وملامت كشيم خوش باشيم ... كه در طريقت ما كافر يست رنجيدن وقال الجامى قدس سره عشق درهر دل كه سازد بهروردت خانه ... اول از سنك ملامت افنكند بنياد او ١٩ { ان الذين } هم ابن ابىّ ومن تبعه فى حديث الافك { يحبون } يريدون { ان تشيع الفاحشة } تنتشر وتظهر والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والاقوال المراد هنا الزنى اى خبره { فى الذين آمنوا } اخلصوا الايمان { لهم } بسبب ذلك { عذاب اليم } نوع من العذاب متفاقم المه { فى الدنيا } كالحد ونحوه { والآخرة } كالنار وما يلحق بها ، قال ابن الشيخ ليس معناه مجرد وصفهم بانهم يحبون شيوعها فى حق الذين آمنوا من غير ان يشيعوا ويظهروا فان ذلك القدر لا يوجب الحد فى الدنيا بل المعنى ان الذين يشيعون الفاحشة والزنى فى الذين آمنوا كصفوان وعائشة عن قصد ومحبة لاشاعتها ، وفى الارشاد يحبون شيوعها وتصدون مع ذلك لاشاعتها وانما لم يصرح به اكتفاء بذكر المحبة فانها مستتبعة له لا محالة وفى الذين آمنوا متعلق بتشيع اى تشيع فيما بين الناس وذكر المؤمنين لانهم العمدة فيهم او بمضمر هو حال من الفاحشة فالموصول عبارة عن المؤمنين خاصة اى يحبون ان تشيع الفاحشة كائنة فى حق المؤمنين وفى شأنهم { واللّه يعلم } جميع الامور وخصوصا ما فى ضمائر من حب الاشاعة { وانتم لا تعلمون } فابنوا لامر فى الحد ونحوه على الظواهر واللّه يتولى السرائر. ٢٠ { ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته وان اللّه رؤف رحيم } جواب لولا محذوف اى لولا فضله وانعامه عليكم وانه بليغ الرأفة والرحمة بكم لعاجلكم بالعقاب على ما صدر منكم. وفى الآيتين اشارات ، منها ان اهل الافك كما يعاقبون على الاظهار يعاقبون باسرار محبة الاشاعة فدل على وجوب سلامة القلب للمؤمنين كوجوب كف الجوارح والقول عما يضرهم وفى الحديث ( انى لاعرف قوما يضربون صدورهم ضربا يسمعه اهل النار وهو الهمازون الذي يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون لهم الفواحش ) وفى الحديث ( ايما رجل اشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برىء يرى ان يشينه بها فى الدنيا كان حقا على اللّه ان يرميه بها فى النار ) كما فى الكبير فالصنيع الذى ذكر من اهل الافك ليس من صنيع اهل الايمان ما قال عليه السلام ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) وقال ( مثل المؤمنين فى تواردهم وتراحمهم كنفس واحدة اذا اشتكى منها عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر ) بنى آدم اعضاى يكديكررند ... كه در آفرينش زيك كوهرند جو عضوى بدرد آوردروز كار ... دكر عضوها را نماند قرار تو كز محنت ديكران بى غمى ... نشايد كه نامت نهند آدمى فمن ار كان الدين مظاهرة المسلمين واعانة اهل الدين واردة الخير بكافة المؤمنين والذى يود الفتنة وافتضاح الناس فهو شر الخلق كالخناص ، ومنها ان ترك المعاجلة بالعذاب تعريض للتوبة فدل على ان عذاب الآخرة انما هو على تقدير الاصرار وعليه يحمل قوله عليه السلام ( اذا كان يوم القيامة حد اللّه الذي شتموا عائشة ثمانين على رؤس الخلائق فستوهب لى المهاجرين منهم واستأمرك يا عائشة ) ، قال الراوى فلما سمعت عائشة وكانت فى البيت بكت وقالت ( والذى بعثك بالحق نبيا لسرورك احب الىّ من سرورى ) فتبسم رسول اللّه ضاحكا وقال ( ابنة صديق ) ، ومنها غاية كرم اللّه ورحمته وفضله على عباده حيث يتفضل عليهم ويرحمهم ويزكيهم عن اوصافهم الذميمة مع استحقاقهم العذاب الاليم فى الدنيا والآخرة فانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب ولو كان للعذاب لكان من جهتهم بسوء اختيارهم وعصمنا اللّه واياكم م الاوصاف الذميمة الموجبة للعذاب الاليم وشرفنا بالاخلاق الحميدة الباعثة على الدرجات والتنعمات فى دار النعيم. ٢١ { يايها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } جمع خطوة بضم الخاء وهى ما بين القدمين اى مابين رجلى الخاطى وبالفتح المرة الواحدة من الخطو ثم استعمل اتباع الخطوات فى الاقتداء وان لم يكن ثمة خطو يقال اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه اذا استن بسنته ولمراد ههنا سيرة الشيطان وطريقته . والمعنى لاتسلكوا الطريق التى يدعوكم اليها الشيطان ويوسوس بها فى قلوبكم ويزينها لاعينكم ومن جملتها اشاعة الفاحشة وحبها { ومن يتبع خطوات الشيطان } فقد ارتكب الفحشاء والمنكر فقوله { فانه } اى الشيطان { يأمر بالفحشاء المنكر } علة للجزاء وضعت موضعه والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه عرفا وعقلا سواء كان فعلا او قولا والمنكر ما ينكره الشرع ، وقال ابو الليث المنكر مالا يعرف فى شريعة ولا سنة ، وفى المفردات المنكر ما ينكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة واستعير الامر لتزيينه وبعثه لهم على الشرك تحقيرا لشأنهم { ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته } بهذه البيانات والتوفيق للتوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها { مازكا } ما طهر من دنس الذنوب { منكم من احد } امن الاولى بيانية والثانية زائدة واحد فى حيز الرفع على الفاعلية { ابدا } آخر الدهر لا الى نهاية { ولكن اللّه يزكى } يطهر { من يشاء } من عباده بافاضة آثار فضله ورحمته عليه وحمله عل التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم ، وفيه حجة على القدرية فانهم زعموا ان طهارة النفوس بالطاعات والعبادات من غير توفيق من اللّه { واللّه سميع } مبالغ فى سمع الاقوال التى من جملتها ما قالوه من حديث الافك وما اظهروه من التوبة منه { عليم } بجميع المعلومات التى من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الاخلاص فى التوبة كر نباشد نيت خالص جه حاصل از عمل ... وفى الآية امور ، منها ان خطوات الشيطان كثيرة وهى جملة ما يطلق عليه الفحشاء والمنكر مومن جملته القذف والشتم الكذب وتفتيش عيوب الناس وفى الحديث ( كلام ابن آدم كله عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر اللّه تعالى ) وفى الحديث ( كثرت خيانة ان تحدث اخاك حديثا هو لك به مصدق وانت له كاذب ) وفى الحديث ( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ) وانفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط اهل الفقه والحكمة وجانب اهل الجهل والمعصية ، وعن بعضهم خطوت الشيطان النذور فى معصية اللّه كما فى تفسير ابى الليث فيخرج منها النذور فى طاعة اللّه كالصلاة والصوم ونحوهما مما ينهى عن الفحشاء والمنكر فضلا عن كونه فحشاء او منكرا ، ومنها انا مر التزكية انما هو الى اللّه فانه بفضله ورحمته وفق العبد للطاعات والاسباب ولكن لا بد للعبد من استاذ يتعلم منه كيفية التزكية على مراد اللّه تعالى واعظم الوسائل هو النبى عليه السلام ثم من ارشده الى اللّه تعالى ، قال شيخ الاسلام عبد اللّه الانصارى قدس سره مشايخى فى علم الحديث وعلم الشريعة كثيرة واما شيخى فى الطريقة فالشيخ ابو الحسن الخرقانى فلولا رأتيه ما عرفت الحقيقة فاهل الارشاد هداة طريق الدين ومفاتيح ابواب اليقين فوجود الانسان الكامل غنيمة ومجالسته نعمة عظيمة زمن اى دوست اين يك بند بيذير ... بروفتراك صاحب دولتى كير كه قطره تا صدف را درنيا بد ... نكردد كوهر روشن نتابند ثم ان التزكية الحقيقية تطهر القلب عن تعلقات الاغيار بعد تطهيره عن الميل الى المعاصى والاوزار وقوله { من يشاء } انما هو لان كل احد ليس باهل للتزكية كالمنافقين واهل الرين والرعونة ، ومنها الاشارة الى مغفرة من خاض فى حديث الافك من اهل بدر كمسطح ويدل عليها الاعتناء بشأنه فى الآية الآتية وقد ثبت ان اللّه اطلع على اهل بدر يعنى نظر اليهم بنظر الرحمة والمغفرة فقال ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) والمراد به اظهار العناية بهم واعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ماشئت ، وفى المقاصد الحسنة كأنك من اهل بدر هو كلام يقال لمن يتسامح او يتساهل واللّه المسئول فى قبول التوبة كل حوبة. ٢٢ { ولا يأتل } من الائتلال وهو القسمك وبالفارسية [ سوكند خرودن ] كما فى تاج المصادر من الالية بمعنى اليمين اى لا يخلف نزل فى شأن الصديق رضى اللّه عنه حين حلف ان يقطع نفقته عن مسطح ابن خالته لخوضه فى عائشة رضى اللّه عنها وكان فقيرا بدريا مهاجرا ينفق عليه ابو بكر رضى اللّه عنه { اولوا فضل منكم } ذووا الفضل فى الدين والفضل الزيادة { والسعة } فى المال { ان يؤتوا } اى على ان لا يؤتوا شيأ ولا يحسنوا باسقاط الحافض وهو كثير شائع { اولى القربى } ذوى القرابة { والمساكين والمهاجرين فى سبيل اللّه } صفات لموصوف واحد اى ناسا جامعين لها لان الكلام فيمن كان كذلك لان مسطحا قريب ومسكين ومهاجر جىء بها بطريق العطف تنبيها على ان كلا منها علة مستقلة لاستحقاق الايتاء { وليفعوا } عن ذنبهم { وليصفحوا } اى ليعرضوا عن لومهم ، قال الراغب الصفح ترك التثريب وهو ابلغ من العفو وقد يعفو الانسان ولا يصفح { ألا تحبون } [ آيا دوست نمى داريد ] { ان يغفر اللّه لكم } اى بمقابلة عفوكم وصفحكم واحسانكم الى من اساء اليكم { واللّه غفور رحيم } مبالغ فى المغفرة والرحمة مع كمال قدرته على المؤاخذة وكثرة ذنوب العباد الداعية اليها ، وفيه ترغيب عظيم فى العفو ووعد كريم بمقابلته كأنه قيل ألا تحبون ان يغفر اللّه لكم فهذا من موجباته روى انه عليه السلام قرأ هذه الآية على ابى بكر رضى اللّه عنه فقال بلى احب ان يغفر اللّه لى فرد الى مسطح نفقته كفر عن يمينه وقال اواللّه لا انزعها ابدا ، وفى معجم الطبرانى الكبير انه اضعف له النفقة التى كان يعطيه اياها قبل القذف اى اعطاه ضعف ما كان يعطيه قبل ذلكن وفى الآية دليل على ان من حلف على امر فرأى الحنث افضل منه فله ان يحنث ويكفر عن يمينه ويكون له ثلاثة اجور احدها ائتماره بامر اللّه تعالى والثانى اجر بره وذلك فى صلة قرابته والثالث اجر التكفير. ثم فى الآية فوائد ، منها ان العلماء استدلوا بها على فضل الصديق رضى اللّه وشرفه من حيث نهاه مغايبة ونص على فضله وذكره بلفظ الجمع للتعظيم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم لا يفعلوا كيت وكيت والمنكرون يحملون الفضل على فضل المال لكن لا يخفى ان يستفاد منه قوله { والسعة } فيلزم التكرير فثبت كونه افضل الخلق بعد رسول اللّه عليه السلام ، قال فى انسان العيون وصف اللّه تعالى الصديق باولى الفضل موافق لوصفه عليه السلام بذلك فقد جاء ان عليا كرم اللّه وجهه دخل على النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وابو بكر رضى اللّه عنه جالس عن يمين رسول اللّه فتنحى ابو بكر عن مكانه واجلس عليا بينه وبين النبى عليه السلام فتهلل وجه النبى فرحا وسرورا وقال ( لايعرف الفضل لاهل الفضل الا اولوا الفضل ) قال الحكيم سنايى بود جندان كرامت وفضلش ... كه اولوا الفضل خوانذ ذو الفضلش صورت وسيرتش همه جان بود ... زان زجشم عوان بنهان بود روزوشب سال وما درهمه كار ... ثانى اثنين اذ هما فى الغار ومنها انها كفت داعية الى المجاملة والاعراض عن مكافاة المسىء وترك الاشتغال بها وعن انس رضى اللّه عنه بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالس اذ ضحك حتى بدت نواجذه فقال عمر رضى اللّه عنه بابى انت وامى مالذى اضحكك قال ( رجلان من امتى جثيا بين يدى رب العزة فقال احدهما خذ لى مظلمتى من هذا فقال اللّه تعالى رد على اخيك مظلمته فقال يارب لم يبق من حسناتى شىء فقال يارب فليحمل عن من اوزارى ) ثم فاضت عينا رسول اللّه بالبكاء فقال ( ان ذك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس الى ان يحمل عنه اوزارهم ) قال ( فيقول اللّه تعالى للمتكلم ارفع بصرك فانظر فى الجنان فقال يارب ارى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبى هذا او لأى صديق او لأى شهيد قال اللّه تعالى لمن اعطى الثمن قال يارب ومن يملك ذلك قال اللّه تعالى انت تملكه قال بماذا يارب قال اللّه تعالى يعفوك عن اخيك قال يارب قد عفوت عنه قال اللّه تعالى خذ بيد اخيك فادخله الجنة ) من كان يرجوا عفو من فوقه ... فلعفف عن ذنب الذى دونه در عفو لذ تيست كه درا انتقام نيست ... ومنها بيان تأديب اللّه للشيوخ والاكابر ان لا يهجروا صاحب الزلات اهل العثرات من المريدين ويتخلقوا بخلق اللّه حيث يغفر الذنوب ولا يبالى واعلمهم ان لايكفوا اعطاءهم عنهم ويخبروهم ما وقع لهم من احكام الغيب فان من له استعداد لايحتجب بالعوارض البشرية عن احكام الطريقة ابدا واللّه المعين على كل حال وبيده العفو عن سيآت الاعمال. ٢٣ { ان الذين يرمون } قد سبق معنى الرمى فى اوائل السورة { المحصنات } العفائف مما رمين من الفاحشة والزنى { الغافلات } [ بيخبران ] عنها على الاطلاق بحيث لم يخطر ببالهن شىء منها ولامن مقدمتها اصلا ففيها من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس فى المحصنات ، قال فى التعريفات الغفلة عن الشىء هو ان لايخطر ذلك بباله { المؤمنات } اى المتصفات بالايمان بكل ما يجب ان يؤمن به من الواجبات والمحظروات وغيرها ايمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبىء عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع اصالة وصف الايمان والمراد بها عائشة الصديقة رضى اللّه عنها والجمع باعتبار ان رميها رمى لسائر امهات المؤمنين لاشتراك الكل فى العصمة والنزاهة والانتساب الى رسول اللّه عليه السلام كما فى قوله تعالى { كذبت قوم نوح المرسلين } ونظائره { لعنوا } بما قالوا فى حقهن وهتكوا حرمتهن { فى الدنيا والآخرة } حيث يلعنهم اللاعنون من المؤمنين والملائكة ابدا : وبالفارسية [ دور كرده شدند در دنيا از نام نيكو در آخرت از رحمت يعنى درين عالم مردود وملعونند ودران سراى مبغوض ومطرود ] واصل اللعنة الطرد والابعاد على سبيل السخط وذلك من اللّه تعالى فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الانسان دعاء على غيره { ولهم } مع ماذكر من اللعن الابدى { عذاب عظيم } لعظم ذنوبهم ، قال مقاتل هذا خاص فى عبداللّه بن أبىّ المنافق واليه الاشارة بقول حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته { ان الذين } الخ اى ان الذين لم يكونوا من اهل بدر من اصحاب الافك اه ليخرج مسطح نحوه كما سبقت الاشارة الى مغفرته ، وقال بعضهم الصحيح انه حكم كل قاذف مالم يتب لقوله عليه السلام ( اجتنبوا الموبقات السبع الشرك باللّه والسحر وقتل النفس التى حرم اللّه الا بالحق واكل الربا واكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المؤمنات الغافلات ) وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما من قذف ازواج النبى عليه السلام فلا توبة له ومن قذف مؤمنة سواهن قد جعل اللّه له توبة ثم قرأ { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء } الى قوله { الا الذين تابوا واصلحوا } الآية ٢٤ { يوم } ظرف لما فى الجار والمجرور المتقدم من معنى الاستقرار { تشهد } الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة { عليهم } تقديمه على الفاعل للمسارعة الى بيان كون الشهادة ضارة لهم { ألسنتهم } بغير اختيار منهم وهذا قبل ان يختم على افواههم فلا تعارض بينه وبين قوله تعالى { اليوم نختم على افواههم } { وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون } فتخبر كل جارحة بما صدر من افاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجنايتها المعهودة فقط فالموصل عبارة عن جميع اعمالهم السيئة. ٢٥ { يومئذ يوفيهم اللّه دينهم الحق } التوفية بذل الشىء وافيا والوافى الذى بلغ التمام والدين الجزاء الحق منصوب على ان يكون صفة للدين اى يوم اذ تشهد جوارحهم باعمالهم القبيحة يعطيهم اللّه جزاءهم الثابت الواجب الذى هم اهله وافيا كاملا { ويعلمون } عند معاينتهم الاهوال والخطوب { ان اللّه هو الحق المبين } اى الظاهر حقيته لما انه ابان لهم حقية ما كان بعدهم به فى الدنيا من الجزاء ويقال ان ما قال اللّه هو الحق. وفى الآية امور ، منها بيان جواز اللعنة على من كان من اهلها ، قال الامام الغزالى رحمه اللّه الصفا المقتضية للعن ثلاثى الكفر والبدعة والفسق وله فى كل واحدة ثلاث مراتب الاولى اللعن بالوصف الاعم كقولك لعنة اللّه على الكافرين او المبتدعة او الفسقة والثانية اللعن باوصاف اخص منه كقولك لعنة اللّه على اليهود والنصارى او على القدرية والخوارج والروافض او على الزناة والظلمة وآكلى الربا وكل ذلك جائز ولكن فى لعن بعض اصناف المبتدعة خطر لان معرفة البدعة غامضة فما لم يرد فيه لفظ مأثور ينبغى ان يمنع منه العوام لان ذلك يستدعى المعارضة بمثله ويثير نزاعا وفسادا بين الناس والثالثة اللعن على الشخص فينظر فيه ان كان ممن ثبت كفره شرعا فيجوز لعنه ان لم يكن فيه اذى على مسلم كقولك لعنة اللّه على النمرود وفرعون وابى جهل لانه ثبت ان هؤلاء ماتوا على الكفر وعرف ذلك شرعا وان كان ممن لم يثبت حال خاتمته بعد كقولك زيد لعنه اللّه وهو يهودى او فاسق فهذا فيه خطر لانه ربما يسلم او يتوب فيموت مقربا عند اللّه تعالى فكيف يحكم بكونه معلونا ، ومنها شهادة الاعضاء وذلك بانطاق اللّه تعالى فكما تشهد على المذنبين بذنوبهم تشهد للمطيعين بطاعتهم فاللسان يشهد على الاقرار وقراءة القرآن واليد تشهد باخذ المصحف والرجل تشهد بالمشى الى المسجد والعين تشهد بالبكاء الاذن تشهد باستماع كلام اللّه . وقال شهادة الاعضاء فى القيامة مؤجلة وشهادتها فى المحبة اليوم معجلة من صفره الوجه وتغير اللون ونحافة الجسم وانسكاب الدموع وخفقات القلب وغير ذلك : قال الحافظ باضعف وناتوانى همجون خوش باش ... بيمارى اندرين ره بهتر زتن درستى ومنها ان المجازاة بقدر الاستحقاق فللفاسقين بالقطيعة والنيران وللصالحين بالدرجات وللعارفين بالوصلة والقربة ورؤية الرحمن. ٢٦ { الخبيثات } من النساء اى الزوانى : وبالفارسية [ زنان ناباك ] { للخبيثين } من الرجال اى الزناة كابن ابىّ المنافق تكون له امرأة زانية اى مختصات بهم لا يكدن يتجاوزنهم الى غيرهم لان لله ملكا يسوق الاهل الى الاهل ويجمع الاشكال بعضا الى بعض على ان اللام للاختصاص { والخبيثون } ايضا : وبالفارسية [ مردان ناباك ] { للخبيثات } لان المجانسة من دواعى الانظمام { والطيبات } منهن اى العفائف { للطيبين } منهم اى العفيفين { والطيبون } ايضا { للطيبات } منهن بحث لا يكادون يجاوزونهن الى من عداهن وحيث كان رسول اللّه عليه السلام اطيب الاطيبين وخيرة الاولين والآخرين تبين كون الصديقة من اطيب الطيبات بالضرورة واتضح بطلان ما قيل فى حقها من الخرفات حسبما نطق به قوله تعالى { اولئك } الموصوفون بعلو الشان يعنى اهل البيت ، وقال فى الاسئلة المقحمة آية الافك نزلت فى عائشة وصفوان فكيف ذكرها بلفظ الجمع والجواب لان الشين وعار الزنى والمعرة بسببه تتعدى الى الرسول لانه زوجها ولاى ابى بكر الصديق لانه ابوها والى عامة المسلمين لانها امهم فذكر الكل بفلظ الجمع { مبرؤن } [ بيزار كرده شدكان يعنى منزره ومعراند ] { مما يقولون } اى مما يقوله اهل الافك فى حقهم من الاكاذيب الباطلة وفى جميع الاعصار والاطوار الى يوم القيامة { لهم مغفرة } عظيمة لما يخلوا عنه البشر من الذنب { ورزق كريم } فى الجنة اى كثير ويقال حسن ، قال الكاشفى [ يعنى ريح وبسيار وبايدار مراد نعيم بهشت است ] ، قال الراغب كل شىء بشرف فى بابه فانه يوصف بالكرم وقال بعضهم الرزق الكريم هو الكفاف الذى لامنه فيه لاحد فى الدنيا ولا تبعة له فى الآخرة ، يقول الفقير الظاهر من سوق الآيات ولا سيما من قوله { ممايقولون } ان المعنى ان الخبيثات من القولك يعنى [ سخنان ناشايسته وناباك ] للخبيثين نم الرجال والنساء وى مختصة ولائقة بهم لاينبغى ان تقاتل فى حق غيرهم وكذا الخبيثون من الفريقين احقاء بان يقال فى حقهم خبائث القول الطيبات من الكلم للطيبين من الفريقين اى مختصة وحقيقة بهم وكذا الطيبون من الفريقين احقاء بان يقال فى شأنهم طيبات لكم اولئك الطيبون مبرأون مما يقول الخبيثون فى حقهم فمآ له تنزيه الصديقة ايضا ، وقال بعض خبيثات القول مختصة بالخبيثين من فريقى الرجال والنساء لا تصدر عن غيرهم والخبيثون من الفريقين مختصون بخبائث القول متعرضون لها كابن ابى المنافق ومن تابعه فى حديث الافك من المنافقين اذ كل اناء يترشح بما فيه والطيبات من الكلام للطيبين من الفريقين اى مختصة بهم لا تصدر عن غيرهم والطيبون من الفريقين مختصون بطيبات الكلام لايصدر عنهم غيرها اولئك الطيبون مبرأون مما يقول الخبيثون من الخبائث اى لا يصدر عنهم مثل ذلك فمآله تنزيه القائلين سبحانك هذا بهتان عظيم ، وقد وقع ان الحسن بن زياد بن يزيد الساعى من اهل طبرستان وكان من العظماء وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وكان يرسل فى كل سنة الى بغداد عشرين الف دينار تفرق على اولاد الصحابة فحصل عنده رجل من اشياع العلوين فذكر عائشة رضى اللّه عنها بالقبيح فقال الحسن لغلامه يا غلام اضرب عنق هذا فنهض اليه العلويون وقالوا هذا رجل من شيعتنا فقال معاذ اللّه هذا طعن على رسول اللّه فان كانت عائشة خبيثة كان زوجها ايضا كذلك وحاشاه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك بل هو الطيب الطاهر وهى الطيبة الطاهرة المبرأة من السماء يا غلام اضرب عنق هذا الكافر فضرب عنقه : وفى المثنوى ذره كاندر همه ارض وسماست ... جنس خودرا همجوا كاه وكهرباست ناريان مر ناربانرا جازبند ... نوريان مر نوريانرا طالبند اهل باطل باطلاترا مى كشند ... اهل حق ازاهل حق هم سرخوشتند طيبات آمد زبهر طيبين ... الخبيثات للخبيثين است بين وقال الراغب الخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان او معقولا وذلك تناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال وقوله { الخبيثات للخبيثين } اى الاعمال الرديئة الاختيارات النبهرجة لامثالها واصل الطيب ما يستلذه الحواس وقوله { والطيبات للطيبين } تنبيه على ان الاعمال الطيبة تكون من الطيبين كما روى { المؤمن اطيب من عمله والكافر اخبت من عمله }. وفى التأويلات النجمية يشير الى خباثة الدنيا وشهواتها انها للخبيثين من ارباب النفوس المتمردة والخبيثون من اهل الدنيا المطمئنين بها للخبيثات من مستلذات النفس ومشتهيات هواها معناه انها لا تصلح الا لهم وانهم لا يصلحون الا لها ، وايضا الخبيثات من الاخلاق الذميمة والاوصاف الرديئة للخبيثين من الموصوفين بها والطيبات من الاعمال الصالحة والاخلاق الكريمة للطيبين من الصالحين وارباب القلوب يعنى خلقت الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات كقوله { ولذلك خلقهم } وقال عليه السلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) وقال عليه الصلاة والسلام ( خلقت الجنة وخلق لها اهل وخلقت النار وخلق لها اهل ) وفى حقائق البقلى خبيثات هواجس النفس ووساوس الشيطان للباطلين من المرائين والمغالطين وهم لها وطيبات الهام اللّه بواسطة الملائكة لاصحاب القلوب والارواح والعقول من العارفين ، وايضا الترهات والطامات للمرتابين والحقائق والدقائق من المعارف وشرح الكواشف للعارفين والمحبين انتهى ، وكان مسروق اذا روى عن عائشة رضى اللّه عنها يقول حدثتنى الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول اللّه المبرأة من السماء وجاء ان ابن عباس رضى اللّه عنهما دخل على عائشة فى موتها فوجدها وجلة من القدوم على اللّه فقال لها لا تخافى فانك لا تقدمين الا على مغفرة ورزق كريم فغشى عليها من الفرح بذلك لانها كانت تقول متحدثة بنعمة اللّه عليها لقد اعطيت خصالا ما اعطيتهن امرأة لقد نزل جبريل بصورتى فى راحته حتى امر رسول اللّه ان يتزوجنى ولقد تزوجنى بكرا وما تزوج بكرا غيرى ولقد توفى وان رأسه لفى حجرى ولقد قبر فى بيتى وان الوحى ينزل عليه فى اهله فيتفرقون منه وانه كان لينزل عليه وانا معه فى لحاف واحد وابى رضى اللّه عنه خليفته وصديقه ولقد نزلت براءتى من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب لقد وعدت مغفرة وزرقا كريما. ٢٧ { ياأيها الذين آمنوا } روى عن عدى بن ثابت عن رجل من الانصار قال جاءت امرأة الى رسول اللّه عليه السلام فقالت يارسول اللّه انى اكون فى بيتى على الحالة التى لا احب ان يرانى عليها احد فيأتى الآتى فيدخل فكيف اصنع قال ( ارجعى ) فنزلت هذه الآية { لاتدخلوا بيتوا غير بيوتكم } [ يعنى بهيج خانة بيكانه درمياييد ] وصف البيوت بمغايرة بيوتهم خارج مخرج العادة التى هى سكنى كل احد فى ملكه والا فالآجر وةالمعير ايضا منهيان عن الدخول بغير اذن يقال اجره اكراه والاجره الكراء واعاره دفعه عارية { حتى تستأنسوا } اى تستأذنوا ممن يملك الاذن من اصحابها : وبالفارسية [ تاوقتى كه خبر كيريد ودستورى طلبيد ] ، من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشىء اذا ابصره مكشوفا فعلم به فان المستأذن مستعلم للحال مستكشف انه هل يؤذن له اولا ومن الاستئناس الذى هو خلاق الاستيحاش لما ان المستأذن مستوحش خائف ان لا يؤدن له فاذا اذن له استأنس ولهذا يقال فى جواب القادم المستأذن مرحبا اهلا وسهلا اى وجدت مكانا واسما واتيت اهلا لا اجانب ونزلت مكانا سهلا لا حزنا ليزول به استيحاشه وتطيب نفسه فيؤول المعنى الى ان يؤذن لكم وهو من باب الكناية حيث ذكر الاستئناس اللازم واريد الاذن الملزوم ، وعن النبى عليه السلام فى معى الاستئناس حيث سئل عنه فقال ( وهو ان يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة ويتنحنح يؤذن اهل البيت ) ، قال فى نصاب الاحتساب امرأة دخلت فى بيت غير بغير اذن صاحبه هل يحتسب عليها فالجواب اذا كانت المرأة ذات محرم منه حل لامرأته الدخول فى منازل محارم زوجها بغير اذنهم وهذا غريب يجتهدفى حفظه ذكره فى سرقة المحيط ولهذا لو سرقت من بيت محارم زوجها لاقطع عليها عند ابى حنيفة رحمه اللّه وما فى غير ذلك يحتسب عليها كما يحتسب على الرجل لقوله تعالى { لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا } اى تستأذنوا انتهى ، فالدخول بالاذن من الآداب الجميلة والافعال المرضية المستتبعة لسعادة الدارين { وتسلموا على اهلها } عند الاستئذان بان يقول السلام عليكم أادخل ثلاث مرات فان اذن له دخل وسلم ثانيا والا رجع { ذلكم } الاستئذان مع التسليم { خير لكم } من ان تدخلوا بغتة ولو على الام فانها تحتمل ان تكون عريانة ، وفيه ارشاد الى ترك تحية اهل الجاهلية حين الدخول فان الرجل منهم كان اذا دخل بيتا غريبا صباحا ، قال ( حييتم صباحا ) واذا دخل مساء ، قال ( حييتم مساء ) قال الكاشفى [ وكفته اند كسى كه برعيال خود درمى آيد بايدكه بكلمه يا بآ وازيا بتنحنحى اعلام كند تاهل آن خانه يسترعورات ودفع مكروهات اقدام نمايند ] { لعلكم تذكرون } متعلق بمضمر اى امرتم به كى تذكروا وتتعظوا وتعملوا بموجبه ، اعلم ان السلام من سنة المسلمين وهو تحية اهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة روى عنه عليه السلام قال ( لما خلق اللّه تعالى آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله فقال اللّه تعالى يرحمك ربك يا آدم اذهب الى هؤلاء الملائكة وملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم فلما فعل ذلك رجع الى ربه قال هذه تحيتك وتحية ذريتك ) وروى عنه عليه السلام قال ( حق المسلم على المسلم ست يسلم عليه اذا لقيه ويجيبه اذا دعاه وينصح له بالغيب ويشمته اذا عطس ويعوده اذا مرض ويشهد جنازته اذا مات ) ثم انه اذا عرض امر فى دار من حريق او هجوم سارق او قتل نفس بغير حق او ظهور منكر يجب ازالته فحينئذ لا يجب الاستئذان والتسليم فان كل ذلك مستثنى بالدليل وهو ما قاله الفقهاء من ان مواقع الضرورات مستثناة من قواعد الشرع لان الضرورات تبيح المحظروات ، قال صاحب الكشاف وكم من باب من ابواب الدين هو عند الناس كالشريعة المنسوخة قد تركوا العمل بها وباب الاستئذان من ذلك انتهى ، وفى الآية الكريمة اشارة الى ترك الدخول والسكون فى البيوت المجازية الفانية من الاجساد وترك الاطمئنان بها بل لا بد من سلام الوداع للخلاص فاذا ترك العبد الركون الى الدنيا الفانية وشهواتها واعرض عن البيوت التى ليست بدار قرار فقد رجع الى الوطن الحقيقى الذى حبه من الايمان اكر خواهى وطن بيرون قدم نه ... ٢٨ { فان لم تجدوا فيها } اى فى تلك البيوت { احدا } اى ممن يملك الاذن على ان من لا يملكه من النساء والولدان وجدانه كفقدانه اولم تجدوا احدا اصلا { فلات تدخلوها } فاصبروا { حتى يؤذن لكم } اى من جهة من يملك الاذن عند اتيانه فان فى دخول بيت فيه النساء والولدان اطلاعا على العورات وفى دخول البيوت الخالية اطلاعا على مايعتاد الناس اخفاءه مع نان التصرف فى ملك الغير محظور مطلقا : يعنى [ دخول درخانه خالى باى اذن كسى محل تهمت سرقه است ] ، يقول الفقير قد ابتليت بهذا مرة غفلة عن حكم الآية الكريمة فاطال علىّ وعلى رفقائى بعض من خارج البيت لكوننا مجهولين عندهم فوجدت الامر حقنا { وان قيل لكم ارجعوا } انصرفوا { فارجعوا } ولا تقفوا على ابواب الناس اى ان امرتم من جهة اهل البيت بالرجوع سواء كان الامر ممن يملك الاذن ام لا فارجعوا ولا تلحوا بتكرير الاستئذان كما فى الوجه الاول اولا تلحوا بالاصرار على الانتظار على الابواب الى ان يأتى الاذن كما فى الثانى فان ذلك ممايجلب الكراهة فى قلوب الناس ويقدح فى المروءة اى قدح { هو } اى الرجوع { ازكى لكم } ايى اطهر مما لا يخلو عنه اللج والعناد والوقوف على الابواب من دنس الدناءة والرزالة { واللّه بما تعملون عليم } فيعلم ما تأتون وما تذرون مما كلفتموه فيجازيكم عليه. وفى التأويلات النجمية { فان لم تجدوا فيها احدا } يشير الى فناء صاحب البيت وهو وجود الانسانية { فلا تدخلوها } بتصرف الطبيعة الموجبة للوجود { حتى يؤذن لكم } بامر من اللّه بالتصرف فيها للاستقامة كما امر { وان قيل لكم ارجعوا } اى الى ربكم { فارجعوا } ولا تتصرفوا فيها تصرف المطمئنين { هو ازكى لكم } لئلا تقعوا فى فتنة من الفتن الانسانية وتكونوا مع اللّه باللّه بلا انتم { واللّه بما تعملون } من الرجوع الى اللّه وترك تعلقات البيوت الجسدانية { عليم } انه خير لكم. ٢٩ { ليس عليكم جناح } ، قال فى المفردات جنحت السفينة ى مالت الى احد جانبيها سمى الاثم المائل بالانسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا { ان تدخلوا } اى بغير استئذان { بيوتا غير مسكونة } اى غير موضوعة لسكنى طائفة مخصوصة فقط بل لينتفع بها من يضطر اليها كائنا من كان من غير ان يتخذها سكنا كالرابط والخانات والحوانيت والحمامات ونحوها فانها معدة لمصالح لناس كافة كمى ينبى عنه قوله تعالى { فيها متاع لكم } فانه صفة للبيوت اى حق تمتع لكم وانتفاع كالاستكنان من الحرب والبرد وايواء الامتعة والرحال والشراء والبيع والاغتسال وغير ذلك مما يليق بحال البيوت وداخلها فلا بأس بدخولها بغير استئذان من قوام الرباطات والخانات واصحاب الحوانيت ومتصرفى الحمامات ونحوهم { واللّه يعلم ما تبدون } تظهرون { وما تكتمون } تستترون وعيد لمن يدخل مدخلا من هذه المداخل لفساد او اطلاع على عورات ، قال فى نصاب الاحتساب رجل له شجرة فرصاد قد باع اغصانها فاذا ارتقاها المشترى يطلع على عورات الجار قل يرفع الجار الى القاضى حتى يمنعه من ذلك ، قال الصدر الشهيد فى واقعات لمختار ان المشترى يخبرهم وقت الارتقاء مرة او مرتين حتى يستروا انفسهم لان هذا جمع بين الحقين وان لم يفعل الى ان يرفع الجار الى القاضى فان رأى القاضى المنع كان له ذلك . ولو فتح كوّة فى جداره حتى وقع نظره فيها الى نساء جاره يمنع من ذلك ، وفى البستان لايجوز لاحد ان ينظر فى بيت غيره بغير اذنه فان فعل فقد اساء واثم فى فعله فان نظر ففقأ صاحب البيت عينه اختلفوا فيه قيل لاشىء عليه وقيل عليه الضمان وبه نأخذ ، وكان عمر رضى اللّه عنه يعس ليلة مع ابن مسعود رضى اللّه عنه فاطلع من خلل باب فاذاشيخ بين يديه شراب وقينة تغنيه فتسروا فقال عمر رضى اللّه عنه ما صح لشيخ مثلك ان يكون على مثل هذه الحالة فقال اليه الرجل فقال يا امير المؤمنين انشدك باللّه ألا ما انصفتنى حتى اتكلم قال قل قال ان كنت عصيت اللّه فى واحدة فقد عصيت انت فى ثلاث قال ماهن قال تجسست وقد نهاك اللّه فقال { ولا تجسسوا } وتسورت وقد قال اللّه { ليس البر ان تأتوا البيوت من ظهروها } الى { وائتوا البيوت من ابوابها } ودخلت بغير اذن وقد قال اللّه { لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } فقال عمر صدقت فهل نت غافر لى فقال غفر اللّه لك فخرج عمر يبكى ويقول ويل لعمر ان لم يغفر اللّه له ، فان قلت دل هذا على ان المحتسب لا يدخل بيتا بلا اذن وقد صح انه يجوز له الدخول فى بيت من يظهر البدع بلا اذن ، قلت هذا فما اظهر وذلك فيما اخفى. وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى جواز تصرف السالك الواصل فى بيت الجسد الذى هو غير مسكون لصاحبه وهو الانسانية لفنائها عن وجودها بافناء الحق تعالى فيها متاع لكم اى الآلات والادوات التى تحتاجون اليها عند السير فى عالم اللّه ولتحصيلها بعثت الارواح لى اسفل سافلين الاجساد واللّه يعلم ما تبدون من تصرفاتكم بالآلات الانسانية وما تكتمون من نياتكم لنها لطلب رضى اللّه تعالى او الهوى نفوسكم انتهى : قال الجامى قدس سره جيب خاص است كه كنج كهر اخلاص است ... نيست اين درثمين دربغل هردغلى ٣٠ { قل } يا محمد { للمؤمنين } حذف مفعول الامر تعويلا على دلالة جوابه عليه اى قل لهم غضوا { يغضوا من ابصارهم } ما يحرم : وبالفارسية [ بيوشند ديدهاى خودرا ازديدن نامحرم كه نظر سبب فتنه است ] ، والغض اطباق الجفن بحيث يمنع الرؤية ولما كان ما حرم النظر اليه بعضا من جملة المبصرات تبعض البصر باعتبار تبعض متعلقة فجعل ماتعلق بالمحرم بعضا من البصر وامر بغضه { ويحفظوا فروجهم } عمن لا يحل او يستروها حتى لاتظهر والفرج الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج مابين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه اتى بمن التبعيضية فى جانب الابصار دون الفروج مع ان المأمور به حفظ كل واحد منهما عن بعض ما تلقا به فان المستثنى من البصر كثير فان الرجل يحل له النظر الى جميع اعضاء ازواجه واعضاء ما ملكت يمينه وكذا لا بأس عليه فى النظر الى شعور محارمه وصدورهن وثديهن واعضائهن وسوقهن وارجلهن وكذا من امة الغير حال عرضها للبيع ومن الحرة الاجنبية الى وجهها وكفيها وقدميها فى رواية فى القدم بخلاف المستثنى من الفرج فانه شىء نادر قليل وهو فرج زوجته وامته فلذلك اطلق لفظ الفرج ولم يقيد بما استثنى منه لقلته وقيد غض البصر بحرف التبعض { ذلك } اى ماذكر من الغض والحفظ { ازكى لهم } اى اطهر لهم من دنس الريبة { ان اللّه خبير بما يصنعون } لا يخفى عليه شىء فليكونوا على حذر مه فى كل حركة وسكون روى ، عن عيسى ابن مريم عليهما السلام انه قال اياكم والنظرة فانها تزرع فى القلب شهوة ، قال الكاشفى [ درذخيرة الملوك آورده كه تيزرترين بيكى شيطانرا دروجود انسان جشم است زيرا حواس ديكر درمسماكن خود ساكن اند وتاجيزى بديشان نميررسد باستدراج آن مشغول نميتوانند شد امياديده حاسه ايست كه ازدور ونزيدك ابتلا وانام راصيد ميكند اين همه آفت كه بتن ميرسد ... از نظر توبه شكن ميرسد ديده فرويوش جودر در صدف ... تانشوى تيربلارا هدف وفى النصاب النظرة الاولى عفو والذى يليها عمد وفى الاثر ( يابن آدم لك النظرة الاولى فما بال الثانية ) وفى الحديث ( اضمنوا لى ستا من انفسكم اضمن لكم الجنة اصدقوا اذا حدثتم واوفوا اذا وعدتم وادوا مائتمتم واحفظوا فروجكم وغضوا ابصاركم وكفوا ايديكم ) وفى الحديث ( بينما رجل يصلى اذ مرت به امرأة فنظر اليها واتبعها بصره فذهبت عيناه ). قال الشيخ نجم الدين فى تأويلاته يشير الى غض ابصار الظواهر من المحرمات وابصار النفوس عن شهوات الدنيا ومألوفات الطبع ومستحسنات الهوى وابصار القلوب عن رؤية الاعمال ونعيم الآخرة وابصار الاسرار عن الدرجات والقربات وابصار الارواح عن الالتفات لما سوى اللّه وابصار الهم عن العلل بان لا يروا انفسهم اهلا للشهود من الحق سبحانه غيره عليه تعظيما واجلالا ويشر ايضا الى حفظ فروج الظواهر عن المحرمات وفروج البواطن عن التصرفات فى الكونين لعلة دنيوية او اخروية { ذلكم ازكى لهم } صيانة عن تلوث الحدوث ورعاية للحقوق عن شوب الحظوظ { ان اللّه خبير بما يصنعون } يعملون للحقوق والحظوظ اللهم اجعلنا من الذين يراغون الحقوق فى كل عمل. ٣١ { وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن } فلا ينظرن الى مالا يحل لهن النظر اليه من الرجل وهى العورة عند ابى حنيفة واحمد وعند مالك ماعدا الوجه والاطراف ولاصبح من مذهب الشافعى انها لاتنظر اليه كما لا ينظر هو اليها { ويحفظن فروجهن } بالتصون عن الزنى او بالتستر ولا خلاف بين الائمة فى وجوب ستر العورة عن اعين الناس ، واختلفوا فى العورة ماهى فقال ابو حنيفة عورة الرجل ما تحت سرته الى ركبته والركبة عورة ، وفى نصاب الاحتساب من لم يستر الركبة ينكر عليه برفق لان فى كونها عورة اختلافا مشهورا ومن لم يستر الفخذ يعنف عليه ولا يضرب لان فى كونها عورة خلاف بعض اهل الحجيث ومن لم يستر السوءة يؤدب اذ لاخلاف فى كونهاعورة عن كراهية الهداية انتهى ومثل الرجل الامة وبالاولى بطنها وظهرها لانه موضع مشتهى والمكاتبة وام الولد والمدبرة كالامة وجميع الحرة عورة الا وجهها وكفيها والصحيح عنده ان قدميها عورة خارج الصلاة لا فى الصلاة وقال مالك عورة الرجل فرجاه وفخذاه والامة مثله وكذا المدبرة والمعتقة الى اجل والحرة كلها عورة الا وجهها ويديها ويستحب عنده لام الولد ان تستر من جسدها ما يجب على الحرة ستره والمكاتبة مثلها وقال الشافعى واحمد عورة الرجل مابين السرة والركبة وليست الركبة من العورة وكذا الامة والمكاتبة وام الولد والمدبرة والمعتق بعضها والحرة كلها عورة سوى الوجه والكفين عند الشافعى وعند احمد سوى الوجه فقط على الصحيح واما سرة الرجل فليست من العورة بالاتفاق كذا فى فتح الرحمن وتقديم الغض لان النظر يريد الزنى ورائد الفساد يعنى ان اللّه تعالى قرن النهى عن النظر الى المحارم بذكر حفظ الفرج تنبيها على عظم خطر النظر فانه يدعو الى الاقدام على الفعل وفى الحديث ( النظر سهم من سهام ابليس ) قيل من ارسل طرفه اقتنص حتفه : وفى المثنوى كرزناى جشم حظى مى برى ... نى كباب ازبهلوى خود مى خورى اين نظر ازدور جون تيرست وسم ... عشقت افزون مى شود صبرتوكم { ولا يبدين زينتهن } فضلا عن ابداء مواقعها يقال بدا الشىء بدوا وبدوّا اى ظهر ظهورا بينا وابدى اى اظهر { الا ما ظهر منها } [ مكر آنجهظاهر شود ازان زينت بوقت ساختن كارها جون خاتم واطراف ثياب وكحل درعين وخضاب در كف ] فان فى سترها حرجابينا ، قال ابن الشيخ الزينة ما تزينت به المرأة من حلى او كحل او ثوب واو صبغ فما كان منها ظاهرا كالخاتم والفتخة وهى مالا فص فيه من الخاتم والكحل والصبغ فلا بأس بابدائه للاجانب بشرط الامن من الشهوة وما خفى منها كالسوار والدملج وهى خلقة تحملها المرأة على عضدها والوشاح والقرط فلا يحل لها ابداؤها الا للمذكورات فيما بعد بقوله { الا لبعولتهن } الآية. وفى التأويلات النجمية يشير الى كتمان مازين اللّه به سرائرهم من صفاء الاحوال زكاء الاعمال فانه بالاظهار ينقلب الزين شينا الا ما ظهر مها واردحق او يظهر على احد منهم نوع كرامة بلا تعملة وتكلفه فذلك مستنثى لانه غير مؤاخذ بما لم يكن بتصرفه وتكلفه انتهى ، قال فى حقائق البقلى فيه استشهاد على انه لا يجوز للعارفين ان يبدوا زينة حقائق معرفتهتم وما يكشف اللّه لهم من عالم الملكوت وانوار الذات والصفات ولا المواجيد الا ماظهر منها بالغلبات من الشهقات والزعقات والاصفرار والاحمرار وما يجرى على ألسنتهم بغير اختيارهم من كلمات السطح والاشارات المشاكلة وهذه الاحوال اشرف زينة للعارفين ، قال بعضهم ازين ما تزين به العبد الطاعت فاذا اظهرها فقد ذهبت زينتها ، وقال بعضهم الحكمة فى هذه الآية لاهل المعرفة انه من ظهر شيأ من افعاله الا ما ظهر عليه من غير قصد له فيه سقوط به عن رؤية الحق لان من وقع عليه رؤية الخلق ساقط عن رؤية الحق : قال الشيخ سعدى قدس سره همان به كر آبستن كوهرى ... كه همجون صدف سربخود دربرى وفى المثنوى داند وبوشد بامر ذى الجلال ... كه نباشد كشف را ازحق حلال سر غيب آنرا سنرد آموختن ... كه زكفتن لب تواند دوختن { وليضربن بخمورهن على جيوبهن } ضمن الضرب عنى الالقاء ولذا عدى بعلى . والخمر جمع خمار وهو ما تغطى به المرأة رأسها وتسترها وما ليس بهذه الصفة فليس بخمار ، قال فى المفردات اصل الخمر ستر الشىء ويقال لما يسرت به خمار لكن الخمار صار فى التعارف اسما لما تغطى به المرأة رأسها . والجيوب جمع جيب وهو ماجيب من القميص اى قطع لادخال الرأس . والمعنى وليلقين مقانعهن على جويبهن ليسترن بذلك شعورهن وقروطهن واعناقهن عن الاجانب : وبالفارسية [ وبايدكه فرو كذارند مقنعهاى خودرا بركريبانهاى خويش يعنى كردن خودرا بمقنعة بيوشند تاشوى وبنا كوش وكردن وسينه ايشان يوشيده ماند ] ، وفيه دليل على ان صدر المرأة ونحرها عورة لايجوز للاجنبى النظر اليها { ولا يبدين زينتهن } اى الزينة الحفية كالسوار والدملج والوشاح والقرط ونحوها فضلا عن ابداء مواقعها كرره لبيان من يحل له الابداء ومن لايحل له ، وقال ابو الليث لا يظهرن مواضع زينتهن وهو الصدر والساق والساعد والرأس لان الصدر موضع الوشاح والساق موضع الخلخال والساعد موضع السوار والرأس موضع الاكليل فقد ذكر الزانية وارد بها موضع الزينة انتهى { الا لبعولتهن } ، قال فى المفردات البعل هو الذكر من الزوجين وجمعه بعولة كفحل وفحولة انتهى الا لازواجهن فانهم المقصودون بالزينة ولهم ان ينظروا الى جميع بدنهن حتى الموضع المعهود خصوصا اذا كان النظر لتقوية الشهوة الا انه يكره له النظر الى الفرج بالاتفاق حتى الى فرج نفسه لانه يروى انه يورث الطمس والعمى وفى كلام عائشة رضى اللّه عنها ما رأى مى ولا رأيت منه اى العورة ، قال فى النصاب اى الزينة الباطنية يجوز ابداؤها لزوجها وذلك لاستدعائه الهيا ورغبة فيها ولذلك لعن رسول اللّه عليه السلام السلقاء والمرهاء فالسلقاء التى لا تختصب والمرهاء التى لا تكتحل { او آبائهن } والجد فى حكم الاب { او آباء بعولتهن } [ يابدران شوهران خويش كه ايشان حكم آباء دارند ] { أو ابنائهن } [ يابسران خويش وبسر بسر هرجندبا شد درين داخلست ] { أو ابناء بعولتهن } [ يابسران شوهران خودجه ايشان درحكم بسرانندمر زنرا ] { أو اخوانهن } [ بابسران برادران خودكه حكم برادران دارند ] { او بنى اخوانهن } [ باسران برادران خود ] { او بنى اخواتهن } [ يابسران خواهران خود واينها جماعتى اندكه نكاح زن با ايشان روانيست كه ] والعلة كثرة المخالطة الضرورية بينهم وبينهن وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما فى طباع الفريقين من النفرة عن مماسة القرائب ولهم ان ينظروا منهن لى ما يبدوا عند الخدمة ، قال فى فتح الرحمن فيجووز لجميع المذكورين عند الشافعى النظر الى الزينة الباطنية سوى ما بين السرة والركبة الالزوج فيباح له مابينهما ، وعند مالك ينظرون الى الوجه والاطراف ، وعند ابى حنيفة ينظرون الى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين ولا ينظرون الى ظهرها وبطنها وفخذها ، وعند احمد ينظرون الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ، قال ابو الليث النظر الى النساء على اربع مراتب فى وجه يجوز النظر الى جميع اعضائهن وهو النظر الى زوجته وامته وفى وجه يجوز النظر الى الوجه والكفين وهو النظر الى المرأة التى لاتكون محرماله ويأمن كل واحد منهما على نفسه فلا بأس بالنظر عند الحاجة وفى وجه يجوز النظر الى الصدر والرأس الساق والساعد هو النظر الى امرأة ذى رحم او ذوات رحم محرم مثل الام والاخت والعمة والخالة وامرأة الاب وامرأة الابن وام المرأة سواء كان من قبل الرضاع او من قبل انلسب وفى وجه لا يجوز النظر الى شىء وهو ان يخاف ان يقع فى الاثم اذا نظر انتهى وعدم ذكر الاعمام والاخوال لا ان الاحوط ان يتسترن عنهم حذرا من ان يصفوهن لابنائهم فان تصور الابناء لها بالوصف كنظرهم اليها { او نسائهن } المختصات بهن بالصحبة والخدمة من حرائر المؤمنات فان الكوافر لا يتأثمن عن وصفهن للرجال فيكون تصور الاجانب اياها بمنزلة نظرهم اليها فان وصف مواقع زين المؤمنات للرجال الاجانب معدود من جملة الآثام عند المؤمنات فالمراد بنسائهن نساء اهل دينهن وهذا قول الكثر السلف ، يقول الفقير اكثر التفاسير المعتبرة مشحون بقول السلف فانه جعلوا المرأة اليهودية والنصراينة والمجوسية والوثنية فى حكم الرجل الاجنبى فمنعوا المسلمة من كشف بدنها عندهن الا ان تكون امة لها كما منعوها من التجرد عند الاجانب والظاهر ان العلة فى المنع شيآن عدم المجانسة دينا فان الايمان والكفر فرق بينهما وعدم الامن من الوصف المذكور فلزم اجتناب العفائف عن الفواسق وصحبتها والتجرد عندها. ولذا منع المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال كما فى مجمع الفتاوى وذلك لان اختلاف العقائد والاوصاف كالتباين فى الدين والذات واصلح اللّه نساء الزمان فان غالب اخلاقهن كاخلاق الكوافر فكيف تجتمع بهن وبالكوافر فى الحمام ونحوه من كانت بصدد العفة والتقوى . وكتب عمر رضى اللّه عنه الى ابى عبيدة ان يمنع الكتابيات من دخول الحمامات مع المسلمات { او ما ملكت ايمانهن } اى من الاماء فان عبد المرأة بمنزلة الاجنبى منها خصيا كان او فحلا وهو قول ابى حنيفة رحمه اللّه وعليه عامة العلماء فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وان جاز رؤيته اياها اذا وجد الامن من الشهوة ، وقال ابن الشيخ فان قيل ما الفائدة فى تخصيص الاماء بالذكر بعد قوله { او نسائهن } فالجواب واللّه اعلم انه تعالى لما قال او نسائهن دل ذلك على ان المرأة لايحل لها ان تبدى زينتها للكافرات سواء كن حرائر او اماء لغيرها او لنفسها فلما قال { او ما ملكت ايمانهن } مطلقا اى مؤمنات كن او مشركات علم انه يحل للامة ان تنظر الى زنية سيدتها مسلمة كانت الامة او كافرة لما فى كشف مواضع الزينة الباطنية لامتها الكافرة فى احوال استخدامها اياها من الضرورة التى لا تخفى ففارقت الحرة الكافرة بذلك { او التابعين غير اولى الاربة من الرجال } الا ربة الحاجة اى الرجال الذين هم اتباع اهل البيت لاحاجة لهم فى النساء هم الشيوخ الاهمام والممسوخون بالخاء المعجمة وهم الذين حولت قوتهم واعضاؤهم عن سلامتها الاصيلة الى الحالة المنافية لها المانعة من ان تكون لهم حاجة فى النساء وان يكون لهن حاجة فيهم ويقال للممسوخ المخنث وهو الذى فى اعضائه لين وفى لسانه تكسر باصل الخلقة فلا يشتهى النساء وفى المجبوب والخصى خلاف والمجبوب من قطع ذكره وخصيتاه معا من الجب وهو القطع والخصى ن قطع خصيتاه والمتان ان الخصى والمجبوب والعنين فى حرمة النظر كغيرهم من الفحولة لانهم يشتهون ويشتهون وان لم تساعد لهم الآلة : يعنى [ ايشانرا آرزوى مباشرت هست غايتش آنكه توانابى بران نيست ] ، قال بعضهم قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم } محكم وقوله { والتابعين } مجمل والعمل بالمحكم اولى فلا رخصة للمذكورين من الخصى ونحوه فى النظر الى محاسن النساء وان لم يكن هناك احتمال الفتنة ، وفى الكشاف لا يحل امساك الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم ولم ينقل عن احد من السلف امساكهم انتهى ، وفى النصاب قرأت معاوية انما هو بمنزلة امرأة فقالت أترى ان المثلة به قد احلت ما حرم اللّه من النظر فتعجب من فطنتها وفقهها انتهى ، وفى البستان انه لايجوز خصاء بنى آدم لانه لامنفعه فيه لانه لايجوز للخصى ان ينظر الى النساء كما لايجوز للفحل بخلاف خصاء سائر الحيوانات ألا ترى ان خصى الغنم اطيب لحما واكثر شحما وقس عليه غيره { او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع او لعدم بلوغهم حد الشهوة ومن الظهور بمعنى الغلبة والقدرة : وبالفارسية [ تمييز ندراند وازحال مباشرت بى خبرند با آنكه قادر نيستند براتيان زنان يعنى بالغ نشده وبحد شهوت نرسيده ] والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف كالعدو فى قوله تعالى { فانهم عدو لى } قال فى المفردات الطفل الولد مادام ناعما والطفيلى رجل معروف بحضور الدعوات ، وفى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى حد الطفل من اول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة اعوام انتهى . والعورة سوءة الانسان وذلك كناية واصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهورها من الر اى المذمة ولذلك سمى النساء عورة من ذلك العوراء اى الكلمة القبيحة كما فى المفردات ، قال فى فتح القريب العورة كل ما يستحيى منه اذا ظهر وفى الحديث ( المرأة عرة جعلها نفسها عروة لانها اذا ظهرت يستحيى منها كما يستحى من العورة اذا ظهرت ) ، قال اهل اللغة سميت العورة عورة لقبح ظهروها ولغض الابصار مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين ، يقول الفقير يفهم من عبارة الطفل ان التقوى من الصبيان حضرة النساء بعد سبع سنين فان ابن السبع وان لم يكن فى حد الشهوة لكنه فى حد التمييز مع ابن بعض من لم يبلغ حد الحلم مشتهى فلا خير فى مخالطة النساء ، وفى ملتقط لناصرى الغلام اذا بلغ مبلغ الرجال الى قدمه يعنى لا يحل لانظر اليه عن شهوة . فاما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به ولذعها لم يؤمر بالنقاب حكى ان احدا من العلماء مات فرؤى فى المنام وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاما فى موضع كذا فنظر اليه فاحترق وجهى فى النار ، قال القاضى سمعن الامام يقول ان مع كل امرأة شيطانين ومع غلام ثمانية عشر شيطانا . ويكره مجالسة الاحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة كما فى البستان ، قال فى انوار المشارق يحرم على الرجل النظر الى وجه الامرد اذا كان حسن الصورة سواء نظر بشهوة ام لا وسواء من من الفتنة ام خافها ويجب على من فى الحمام ان يصون نظره ويده وغيرهما عن عورة غيره وان يصون عورته عن نظر غيره ويجب الانكار على كاشف العورة { ولايضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين } اى يخفينه من الرؤية { من زينتهن } اى لايضربن بارجلهن الارض ليتقعقع خلخالهن فيعلم انهن ذوات خلخال فان ذلك مما يورث الرجال ميلا اليهن ويوهم ان لهن ميلا اليهم واذا كان اسماع صوت خلخالها للاجانب حراما كان رفع صوتها بحيث يسمع الاجانب كلامها حراما بطريق الاولى لان صوت نفسها اقرب الى الفتنة من صوت خلخالها ولذلك كرهوا اذان النساء لانه يحتاج فيه لى رفع الصوت ، يقول الفقير وبهذا القياس الخفى ينجلى امر النساء فى باب الذكر الجهرى فى بعض البلاد فان الجمعية والجهر فى حقهن مما يمنع عنه جدا وهن مرتكبات للاثم العظيم بذلك اذ لو استحب الجمعية والجهر فى حقهن لاستحب فى حق الصلاة والاذانوالتلبية ، قال فى نصاب الاحتساب ومما يحتسب على النساء اتخاذ الجلاجل فى ارجلهن لان اتخاذ الجلاجل فى رجل الصغير مكروه ففى المرأة البالغة اشد كراهة لانه مبنى حالهن على التستر { وتوبوا الى اللّه جميعا ايها المؤمنون } اذ لا يكاد يخلوا احدكم من تفريط فى امره ونهيه سيما فى الكف ع الشهوات. وجميعا حال من فاعل توبوا اى حال كونكم مجتمعين : وبالفارسية [ همه شما ] وايها المؤمنون تأكيد للايجاب وايذان بان وصف الايمان موجب للامتثال حتما ، وفى هذه الآية دليل على ان الذنب لا يخرج البعد من الايمان لانه قال { ايها المؤمنون } بعدما امر بالتوبة التى تتعلق بالذنب { لعلكم تفلحون } تفوزون بسعادة الدارين وصى اللّه تعالى جميع المؤمنين بالتوبة والاستغفار لان العبد الضعيف لاينفك عن تقصير يقع منه وان اجتهد فى رعاية تكاليف اللّه تعالى ، اما قشيرى رحمه اللّه تعالى [ فرموده كه محتاجتر بتوبه آنكس است كه خوردا محتاج توبة نداند ، در كشف الاسار آورده كه همه را ازمطيع وعاصى بتوة امر فرمود تاعاصى خجل زده نشود ده اكر فرمودى كه اى كنهاكاران شما توبه كنيد موجب رسوايى ايشان شدى دون دردنيا ايشانرا رسو نمى خواهند اميدهست كه درعقبى هم رسوانكند ] جو رسوا نكردى بجندين خطا ... درين عالم بيش شاه وكدا دار علم هم برخاص وعام ... بيامرز ورسوا مكن السلام قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان التوبة كما هى واجبة على المبتدىء من ذنوب مثله كذلك لازمة للمتوسط والمنتهى فان حسنات الابرار سيآت المقربين وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( توبوا الى اللّه جميعا فانى اتوب اليه فى كل يوم مائة مرة ) فتورة المبتدىء من المحرمات وتبوة المتوسط من زوائد المحللات وتوبة المنتهى بالاعراض عما سوى اللّه بكليته والاقبال على اللّه بكليته { لعلكم تفلحون } ففلاح المبتدىء من النار الى الجنة والمتوسط من ارض الجنة الى اعلى عليين مقامات القرب ودرجاتها والمنتهى من حبس الوجود المجازى الى الوجود الحقيقى ومن ظلمة الخلقية الى نور الربوبية : وفى المثنوى جون تجلى كرد اوصاف قديم ... بس بسوزد وصف حادث راكليم قرب نى بالاوبستى رفتن است ... قرب حق ازحبس هستى ستن است قال بعض الكبار ان اللّه تعالى طالب المؤمنين جميعا بالتوبة ومن آمن باللّه وترك الشرك فقد تاب وصحت توبته ورجوعه الى اللّه وان خطر عليه خاطرا او جرى عليه معصية فى حين التوبة فان المؤمن اذا جرى عليه معصية ضاق صدره واهتم قلبه وندم روحه ورجع سره هذا للعموم والاشارة فى الخصوص ان الجميع محجوبون باصل النكرة وماوجدوا منه من القربة وسكنوا بمقاماتهم ومشاهداتهم ومعرفتهم وتوحيدهم اى انتم فى حجب هذا المقام توبوا منها الىّ فان رؤيتها اعظم الشرك فى المعرفة لان من ظن انه واصل فليس له حاصل من معرفة وجوده وكنه جلال عزته فمن هذا اوجب التوبة عليهم فى جميع الانفاس لذلك هجم حبيب اللّه فى بحر الفناء وقال ( انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر اللّه فى كل يوم مائة مرة ) ففهم ان عيب كل توبة توبة حتى تتوب من التوبة وتقع فى بحر الفناء من غلبة رؤية القدم والبقاء اللهم اجعلنا فانين باقين. ٣٢ { وانحوا الايامى منكم } مقلوب ايايم جمع ايم كيتامى مقلوبن يتايم جمع يتيم فقلب قلب مكان ثم ابدلت الكسرة فتحة والياء الفا فصار ايامى ويتامى والايم من لا زوج له من الرجال والنساء بكرا كان او يثبا ، قال فى المفردات الايم المرأة التى لا بعل لها وقد قيل الرجل الذى لازوج له وذكل على طريق التشبيه بالمرأة لا على التحقيق : والمعنى زوجوا ايها الاولياء والسادات من لازوج له من احرار قومكم وحرائر عشيرتكم فان النكاح سبب لبقاء النوع وحافظ من السفاح { والصالحين من عبادكم وامائكم } ، قال فى الكواشى اى الخيرين او المؤمنين ، قال فى الوسيط معنى الصلاح ههنا اللايمان ، وفى المفردات الصلاح ضد الفساد وهما مختصمان فى اكثر الاستعمال بالافعال وتخصيص الصالحين فان من لا صلاح له من الارقاء بمعزل من ان يكون خليقا بان يعتنى مولاه بشأنه ويشفق عليه ويتكلف فى نظم مصالحه بما لابد منه شرعا وعادة من بذلك المال والمنافع بل حقه ان لايستبقيه عنده واما عدم اعتبار الصلاح فى الاحرار والحرائر فلان الغالب فيهم الصلاح ، يقول الفقير قد اطلق فى هذه الآية الكريمة العبد والامة على الغلام والجارية وقد قال عليه السلام ( لايقولن احدكم عبدى وامتى كلكم عبيد اللّه وكل نسائكم اماء اللّه ولكن ليقل غلامى وجاريتى وفتاى وفتاتى ) والجواب ان ذلك انما يكره اذا قاله على طريق التطاول على الرقيق والتحقير لشأنه والتعظيم لنفسه فسقط التعارض والحمد لله تعالى { ان يكونوا } [ اكرباشند ايامى وصلحا ازعباد واما { فقراء } [ درويشان وتنكدستان ] { يغنهم اللّه من فضله } اى لايمنعن نقر الخاطب والمخطوبة من المناكحة فان فى فضل اللّه غنية عن المال فانه غاد ورائح [ كه كاه آيدوكه رود مال وجاه ] واللّه يرزق من يشاء من حيث لا يحتسب ، قال بعضهم من صح افتقاره لى اللّه صح استغناؤه باللّه { واللّه واسع } غنى ذو سعة لا تنفد نعمته اذ لاتنتهى قدرته { عليم } يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر على ما تقتضيه حكمته ، اتفق الائمة على ان النكاح سنة لقوله عليه السلام ( من احب فطرتى فليستن بسنتى ومن سنتى النكاح ) وقوله عليه السلام ( يامعشر الشباب من استطاع من منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء ) فان كان تائق اى شديد الاشتياق الى الوطىء يخاف العنت وهو الزنى وجب عليه عند ابى حنيفة واحمد وقال مالك والشافعى هو مستحب لمحتاج اليه يجد اهبة ومن لم يجد التوقان فقال ابو حنيفة واحمد النكاح له افضل من نفل العبادة وقال مالك والشافعى بعكسه وعند الشافعى ان لم يتعبد فالنكاح افضل ، واختلفوا فى تزويج المرأة نفسها فاجازه ابو حنيفة لقوله تعالى { فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن } نهى الرجال عن منع النساء عن النكاح فدل على انهن يملكن النكاح ومنعه الثلاثة وقالوا انما يزوجها وليها بدليل هذه الآية لان اللّه تعالى خاطب الاولياء به كما ان تزويج العبيد والاماء الى السادات واختلفوا هل يجبر السيد على تزويج رقيقة اذا طلب ذلك فقال احمد يلزمه ذلك الا امة يستمتع بها فان امتنع السيد من الواجب عليه فطلب العبد البيع لزمه بيعه وخالفه الثلاثة ، قال فى الكواشى وهذا امر ندب اى ما وقع فى الآية ، قال فى ترجمة الفتوحات [ واكر عزم نكاح كنى جهد كن كه ازقريشيات بدست كنى واكر از اهل بيت باشد بهتر ونيوكتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرموده كه بهترين زنانى كه برشتر سوار شدند زنان قريش اند ] قال الزجاج حث اللّه على النكاح واعلم انه سبب لنفى الفقير ولكن الغنى على وجهين غنى بالمال وهو اضعف الحالين وغنى بالقناعة وهو اقوى الحالين وانما كان النكاح سبب الغنى لان العقد الدينى يجلب العقد الدنيوى اما من حيث لايحتسبه الفقير او من حيث ان النكاح سبب للجد فى الكسب والكسب ينفى الفقر رزق اكر جند بيكمان برسد ... شرط عقسلت جستن ازدرها واختلف الائمة فى الزوج اذا اعسر بالصداق والنفقة والكسوة والمسكن هل تملك المرأة فسخ نكاحها فقال ابو حنيفة رحمه اللّه لا تملك الفسخ بشىء من ذلك وتؤمر بالاستدانة للنفقة لتحيل عليه فاذا فرضها القاضى وامرها بالاستدانة صارت دينا عليه فتتمكن من الاحالة عليه والرجوع فى تركته لو مات روى عن جعفر بن محمد ان رجلا شكا اليه الفقر فامره اني تزوج فتزوج الرجل ثم جاء فشكا اليه الفقر فامره بان يطلقها فسئل عن ذلك قلت لعله من اهل هذه الآية { ان يكونوا فقراء } الخ فلما لم يكن من اهلها قلت لعله من اهل آية اخرى { وان يتفرقا يغن اللّه كلا من سعته } قال بعضهم ربما كان النكاح واجب الترك اذا ادى الى معصية او مفسدة وفى الحديث ( يأتى على الناس زمان لا ينال فيه المعيشة الا بالمعصية فاذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة ) وفى الحديث ( اذا اتى على امتى مائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزوبة والترهب على رؤس الجبال ) كما فى تفسير الكواشى ، قال امير المؤمنين على كرم اللّه وجهه اذا نفد عدد حروف بسم اللّه الرحمن الرحيم فان يكون اوان خروج المهدى من بطن امه وقد نظم حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر هذا المعنى فى بيتين بقوله اذا نفد الزمان على حروف ... ببس اللّه فالمهدى قاما ودروات الخروج عقيب صوم ... الا بلغة من عندى سلام ولولا الحسد لظهر سر العدد انتهى ، يقول الفقير ان اعتبر كل راء مكرر الان من صفتها التكرار يبلغ حساب الحروف الى الف ومائة وستة وثمانين فالظاهر من حديث الكواشى ان المراد مائو وثمانون بعد الالف وعليه قوله عليه السلام ( خيركم بعد المائتين خفيف الحاذ ) قالوا ما خفيف لحاذ يا رسول اللّه قال ( الذى لا اهل له ولا ولد ) وفى التأويلات النجمية { وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم } يشر الى المريدين الطالبين وهم محرومون من خدمة شيخ يتصرف فيهم ليودع فى ارحام قلوبهم النطفة من صلب الولاية فندبهم الى طلب شيخ من الرجال البالغين الواصلين الذين بهم تحصل الولادة الثانية فى عالم الغيب بالمعنى وهو طفل الولاية كما ان ولادتهم اولى حصلت فى عالم الشهادة بالصورة ليكون ولوجهم فى الملكوت كما ان عيسى عليه السلام قال لم يلج ملكوت السموات والارض من لم يولد مرتين والنشأة الاخرى عارة عن الولادة الثانية والعبد فى هذا المقام امن من رجوعه الى الكفر والموت اما انه من الكفر فبقوله تعالى { كيف تكفرون باللّه وكنتم امواتا } يعنى اذا كنتم نطفة { فاحياكم } بالولادة الاولى { ثم يميتكم } بموت الارادة { ثم يحييكم } بالولادة الثانية { ثم اليه ترجعون } بجذبة { ارجعى الرى ربك راضية } وما امنه من الموت فبقوله تعالى { او من كان ميتا } يعنى الارادة من الصفات النفسانية الحيوانية { فاحييناه } بنور الربوبية { وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس } اى بنور اللّه فهو وحى بحياة اللّه لا يموت ابدا بل ينقل من دار الى دار { ان يكونوا فقراء } معدومى استعداد قبل الفيض الالهى { يعنهم اللّه من فضله } بان يجعلهم مستعدى قبول الفيض فان طريق من العبد الى اللّه مسدود وانما الطريق من اللّه الى العبد مفتةح بانه تعالى هو الفتاح وبيد المفتاح { واللّه واسع } الارحام القلوب لتستعد لقبول فيضه { عظيم } بايصاله الفيض اليها انتهى. ٣٣ { وليستعفف } ارشاد للعاجزين عن مبادى النكاح واسبابه الى ماهو اولى لهم واحرى بهم بعد بيان جواز مناكحة الفقراء والعفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطى لذلك بضرب من الممارسة والقهر والاستعفاف طلب العفة . والمعنى ليجتهد فى العفة وقمع الشهوة { الذين لايجدون نكاحا } اى اسباب نكاح من مهر ونفقة فانه لا معنى لوجدان نفس العقد والتزويج وذلك بالصوم كما قال عليه السلام ( ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه لو وجاء ) معناه ان الصوم يضعف شهوته ويقهرها عن طلب الجماع فيحصل بذلك صيانة الفرج وعفته فالامر فى { ليستعفف } محمول على الوجوب فى صورة التوقان { حتى يغنيهم اللّه من فضله } فيجدوا ما يتزوجون به ، قال فى ترجمة الفتوحات [ بعض ازصالحانرا جيزى نبود وزن خواست فرزند آمد وما يحتاج آن نداشت بس فرزندرا كرفت وبيرون آمد وندا كردكه اين جزاى آنكس است كه فرمان حق نبرد كفتند زناكرده كفت نى ولكن حق تعالى فرمود { وليستعفف الذين لايجدون نكاحا حتى يغنيهم اللّه من فضله } من فرمان نبردم وتزوج كردم وفضيحت شد مردمان بروى شفقت كردند وباخير تمام بمنزل خود بازكشت ] اى فكان التزوج سببا للغنى كا فى الآية الاولى. قال فى التأويلات النجمية { وليستعفف الذين لايجدون نكاحا } ايى ليحفظ الذين لايجدون شيخا فى الحال ارحام قلوبهم عن تصرفات الدنيا والهوى والشيطان { حتى يغنيهم اللّه من فضله } بان يدلهم على شيخ كامل كما دل موسى على الخضر عليهما السلام او يقيض لهم شيخا كما كان يبعث لى كل قوم نبيا او يختص بجذبة عناية من يشاء من عباده كما قال تعالى { يجتبى اليه من يشاء ويهدى اليه من ينيب } فلا يخلو حال المستعفف عن هذه الوجوه { والذين يبتغون الكتاب } الابتغاء الاجتهاد فى الطلب والكتاب مصدر كاتب كالمكاتبة اى الذين يطلبون المكاتبة { مما ملكت ايمانكم } عبدا كان او امة وهى ان يقول المولى لمملوكه كاتبتك على كذا كذا درهما تؤديه الىّ وتعتق ويقول المملوك قبلته او نحو ذلك فان اداه اليه عتق يقال كاتب عبده كتابا اذا عاقده على مال منجم يؤديه على نجوم معلومة فيعتق اذا ادى الجميع فان المكاتب عبد ما بقى عليه درهم ومعنى المفاعلة فى هذا العقد ان المولى يكتب اى يفرض ويوجب على نفسه ان يعتق المكاتب اذا ادى البدل ويكتب العبد على نفسه ان يؤدى البدل من غير اخلال وايضا بدل هذا العقد مؤدل منجم على المكاتب والمال المؤجل يكتب فيه كتاب على من عليه المال غالبا ، وفى المفردات كتابة العبد ابتياع نفسه من سيده بما يوديه من كسبه واشتقاقها يصح ان يكون من الكتابة التى هى الايجاب وان يكون من الكتب الذى هو النظم باللفظ والانسان يفعل ذلك روى ان صبيحا مولى حويطب بن عبد العزى سأل مولاه ان يكاتبه فابى عليه فنزل الآية كما فى التكملة { فكاتبوهم } خبر الموصول والفاء لتضمنه معنى الشرط اى فاعطوهم ما يطلبون من الكتابة والامر فيه للندب لان الكتابة عقد يتضمن الارفاق فلا تجب كغيرها ويجوز حالا ومنجما واعير منجم عند ابى حنيفة رضى اللّه عنه { ان عملتم فيهم خيرا } اى امانة ورشدا وقدرة على اداء البدل لتحصيله من وجه الحلال وصلاحا بحيث لايؤذى الناس بعد العتق واطلاق العنان ، قال الجنيد ان علمتم فيهم علما بالحق وعملا به وهو شرط الامر اى الاستحباب للعقد المستفاد من قوله فكاتبوهم فاللازم من انتفائه انتفاء الاستحباب لا انتفاء الجواز { وآتوهم من مال اللّه الذى آتيكم } امر للموالى امر ندب بان يدفعوا الى المكاتبين شيأ مما اخذوا منهم وفى معناه حط شىء من مال الكتابة وقد قال عليه السلام ( كفى بالمرء من الشح ان يقول آخذ حقى لا اترك منه شيأ ) وفى حديث الاصمعى اتى اعرابى قوما فقال لهم هذا فى الحق او فيما هو خير منه قالوا وما اخير من الحق قال التفضل والتفضل افضل من اخذ الحق كله كذا فى المقاصد الحسنة للسخاوى ، قال الكاشفى [ حويطب صبيح را بصد دينار مكاتب ساخنة بود بعد از استماع اين آيت بيست دينار بدو بخشيد ] يعنى وهب له منها عشرين دينارا فاداها وقتل يوم حنين فى الحرب واضافة المال اليه تعالى ووصفه باتيانه اياهم للحث على الامتثال بالامر بتحقيق المأمور به فان ملاحظة وصول المال اليهم من جهته تعالى مع كونه هو المالك الحقيقى له من اقوى الدواعى الى صرفه الى الجهة المأمور بها ، قال بضعهم هو امر لعامة المسلمين باعانة المكاتبين بالتصدق عليهم : يعنى [ خطاب { وآتوهم } راجع بعامه مسلما نانست كه اعانت كنند اورا زكات بدهند تامال كتابت ادا كنا وكردن خودرا از طوق بندكى مخلوق بيرون آرد وبدين سبب اين خير را فك رقبه مى كويند واز عقبه عقوبت بدان ميتوان كذشت ] بشنو از من نكته اى زنده دل ... زل بس مركم به نيكى يادكن كه بلطف آزاده را بنده ساز ... كه باحسان بنده آزاد كن وفى الحديث ( ثلاثة حق على اللّه عونهم المكاتب الذى يريد الاداء والناكح يريد العفاف والمجاهد فى سبيل اللّه ) واختلفوا فيما اذا مات المكاتب قبل اداء النجوم فقال ابو حنيفة رحمه اللّه ومالك ان ترك وفاء بما بقى عليه من الكتابة كان حرا وان كان فيه فضل فالزيادة لاولاده الاحرار وقال الشافعى احمد يموت رقيقا وترتفع الكتابة سواء ترك مالا او لم يترك كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع { ولاتكرهوا فتياتكم } اى ماءكم فان كلا من الفتى والفتاة كناية مشهوره عن البعد والامة وباعتبار المفهوم الاصلى وهو ان الفتى الطرى من الشباب ظهر مزيد مناسبة الفتيات لقوله تعالى { على البغاء } وهو الزنى من حيث صدوره عن الشواب لانهن اللاتى يتوقع منهن ذلك غالبا دون من عداهن من العجائز والصغائر يقال بغت المرأة بغاء اذا فجرت وذلك لتجاوزها الى ما ليس لها ثم الاكراه انما يحصل متى حصل التخويف بما يقتضى تلف النفس او تلف العضو واما اليسير من التخويف فلا تصير مكرهة { ان اردن تحصنا } تعففا اى جعلن انفسهن فى عفة كالحصن وهذا ليس لتخصيص النهى بصورة ارادتهن التعفف عن الزنى واخراج ماعداها من حكمه بل للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه وكان لعبد اللّه بن ابىّ ست جار جميلة يكرههن على الزنى وضرب عليهن ضرائب جمع ضريبة وهى الغلة المضروبة على العبد والجزية فشكت اثنتان الى رسول اللّه وهما معاذة ومسيكة فنزلت وفيه من زيادة تقبيح حالهم وتشنيعهم على ماكانوا يفعلونه من القبائح مالا يخفى فان من له ادنى مروءة لايكاد يرضى بفجور من يحويه من امائه فضلا عن امرهن او اكراههن عليه لاسيما عند ارادتهن التعفف وايثار كلمة ان على اذ تحقق الارادة فى مورد النص حتما للايذان بوجوب الانتهاء عن الاكراه عند كون ارادة التحصن فى حيز التردد والشك فكيف اذا كانت محققة الوقوع كما هو الواقع { لتبتغوا عرض الحياة الدنيا } قيد للاكراه والعرض ما لايكون له ثبوت ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له قائما بالجوهر كاللون والطعم وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها على ان لا ثبات لها والمعنى لا تفعلوا ما انتم عليه من اكراههن على البغاء لطلب المتاع السريع الزوال من كسبهن وبين اولادهن ، قال الكاشفى [ در تبيان آورده كه زانى بودى كه صد شتر ازبراى فرزندى كه ازمزنى بها داشت بدادى ] { ومن } [ هركه ] { يكرههن } على ماذكر من البغاء { فان اللّه من بعند اكراههن } اى كونهن مكرهات على ان الاكراه مصدر من المبنى للمفعول { غفور رحيم } اى لهن وتوسيط الاكراه بين اسم ان وخبرها للايذان بان ذلك هو السبب للمغفرة والرحمة ، وفيه دلالة على ان المكرهين محرومون منهما بالكلية وحاجتهن الى المغفرة المنبئة عن سابقة الاثم باعتبار انهن وان كن مكرهات لا يخلون من تضاعيف الزنى عن شائبة مطاوعة بحكم الجبلة البشرية ، وفى الكواشى المغفرة ههنا عدم الاثم لانها لا اثم عليها اذا اكرهت على الزنى بقتل او ضرب مفض الى التلف او تلف العضو واما الرجال فلا يحل له الزنى وان اكره عليه لان الفعل من جهته ولا يتأتى الا بعزيمة منه فيه فكان كالقتل بغير حق لايبيحه الاكراه بحال انتهى. وفى الآيتين الكريمتين اشارتان ، الاولى ان بعض الصلحاء الذين لم يبلغوا مراتب ذوى الهمم العلية فى طلب اللّه ولكن ملكت ايمانهم نفوسهم الامارة بالسوء فيريدون كتابتها من عذاب اللّه وعتقها من النار بالتوبة والاعمال الصالحة فكاتبوهم هى توّبوهم ان تفرستم فيهم آثار الصدق وصحة الوفاء على ما عاهدوا اللّه عليه فانه لايلزم التلقين لكل من يطلبه وانما يلزم لاهل الوفاء وهم انما يعرفون بالفراسة القوية التى اعطاها اللّه لاهل اليقين وآتوهم من قوة الولاية والنصح فى الدين الذى اعطاكم اللّه فان لكل شىء زكاة وزكاة الولاية العلم والمعرفة والنصيحة للمستنصحين والارشاد للطالبين والتعاون على البر والتقوى والرفق بالمتقين وكما ان المال ينتقض بل يزول ويفنى بمنع الزكاة فكذا الحال يغيب عن صاحبه بمنع الفقراء المسترشدين عن الباب ألا ترى ان السلطنة الظاهرة انما هى لاقامة المصالح واعانة المسلمين فكذا السلطنة الباطنة وللارض من كأس الكرام نصيب ... والثانية ان النفوس المتمردة اذا اردن التحصن بالتوبة والعبودية بتوفيق اللّه وكرمه فلا ينبغى اكراهها على الفساد طلبا للشهوات النفسانية ، واعلم ان من لم يتصل نسبه المعنوى بواحد من اهل النفس الرحمانى وادعى لنفسه الكمال والتكميل فهو زان فى الحقيقة ومن هو تحت تربيته هالك لانه ولد الزنى وربما رأيت من يكره بعض اهل الطلب على التردد لباب اهل الدعوى ويصرفه عن باب اهل الحق عنادا وغرضا ومرضا واتباعا لهواه فهو انما يكرهه على الزنى لانه بملازمة باب اهل الباطل يصير المرء هالكا كولد الزنى اذ يفسد استعداده فساد البيضة نسأل اللّه تعالى ان يحفظنا من كيد الكفارين ومكر الماكرين. ٣٤ { ولقد انزلنا اليكم آيات مبينات } اى وباللّه لقد انزلنا اليكم فى هذه السورة الكريمة آيات مبينات لكل مابكم حاجة الى بيانه من الحدود وسائر الاحكام والآداب والتبيين فى الحقيقة لله تعالى واسناده الى الآيات مجازى { ومثلا من الذين خلوا من قبلكم } اى وانزلنا مثلا كائنا من قبيل امثال الذين مضوا من قبلكم من القصص العجيبة والامثال المضروبة لهم فى الكتب السابقة والكلمات الجارية على ألسنة الانبياء فتنتظم قصة عائشة الحاكية لقصة يوسف وقصة مريم فى الغرابة وسائر الامثال الواردة انتظاما واضحا فان فى قصتهما ذكر تهمة من هو بريىء مما اتهم به فيوسف اتهمته زليخا ومريم اتهمها اليهود مع براءتهما { وموعظة } تتعظون بها وتنزجرون عما لا ينبغى من المحرمات والمكروهات وسائر ما يخل بمحاسن الآداب ومدار العطف هو التغاير العنوانى المنزل منزلة التغاير الذاتى { للمتقين } وتخصيصهم مع شمول الموعظة للكل حسب شمول الانزال لانهم المنتفعون. وفى التأويلات النجمية اى ليتعظ من يريد الاتقاء عما اصاب المتقدمين فان السعيد من وعظ بغيره : قال الشيخ سعدى قدس سره نرود مرغ سوى دانه فراز ... جون دكرمرغ بيند اندر بند بند كير از مصائب دكران ... تانكيرند ديكران ز توبند روى عن الشعبى انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحشى وغزالا وارنبا فقال الاسد للذئب اقسم فقال الحمار الوحشى للملك والغزال لى والارنب للثعلب قال فرفع الاسد يده وضرب رأس الذب ضربة فاذا هو متجندل بين يدى الاسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والارنب بين ذلك فقال الاسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضاء فقال القضاء الذى نزل رأس الذئب ويقال الموعظة هى التى تلين القلوب القاسية وتسيل العيون اليابسه وهى من صفات القرآن عند من يلقى السمع وهو شهيد وفى الحديث ( ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد ) قيل وما جلاؤها قال ( تلاوة القرآن وذكر اللّه تعالى ) فعلى العاقل ان يستمع الى القرآن ويتعظ بمواعظة ويقبل الى قبول ما فيه من الاوامر والى العمل بما يحويه من البواطن والظواهر مهترى در قبول فرمانست ... ترك فرمان دليل حرمانست ٣٥ { اللّه نور السموات والارض } ، قال الامام الغزالى قدس سره فى شرح الاسم النور هو الظاهر الذى به كل ظهور فان الظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمى نورا ومهما قوبل الوجود بالعدم كان الظهور لا محالة للوجود ولا ظلام اظلم من العدم فالبريى من ظلمة العدم الى ظهور الوجود جدير بان يسمى نورا والوجود نور فائض على الأشياء كلها من نور ذاته فهو نور السموات والارض فكما انه لاذرة من نور الشمس الا وهى دالة على وجود الشمس النيرة فلاذرة من وجود السموات والارض ومابينهما الا وهى بجواز وجودها دالة على وجوب وجود موجدها انتهى ويوافقه النجم فى التأويلات حيث قال { اللّه نور السموات والارض } اى مظهرهما من العدم الى الوجود فان معنى النور فى اللغة الضياء وهو الذي يبين الاشياء ويظهرها للابصار انتهى نقوله تعالى { اللّه نور السموات والارض } من باب التشبيه البليغ اى كالنور بالنسبة اليهما من حيث كونه مظهرا لهما اى موجدا فان اصل الظهور وهو الظهور من العدم الى الوجود فان الاعيان الثابتة فى علم اللّه تعالى خفية فى ظلم العدم وانما تظهر بتأثير قدرة اللّه تعالى كما فى حواشى ابن الشيخ ، يقول الفقير لاحاجة الى اعتبار التشبيه البليغ فان النور من الاسماء الحسنى واطلاقه على اللّه حقيقى لامجازى فهو بمعنى المنور ههنا فان تعالى نور الماهيات المعدومة بانوار الوجود واظهارها من كتم العدم بفيض الجود كما قال عليه السلام ( ان اللّه خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره ) فخلق ههنا بمعنى التقدير فان التقدير سابق على الايجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات والممكن يوصف بالظلمة فانه يتنور بالوجود فتنويره اظهاره ، واعلم ان النور على اربعة اوجه . اولها نور يظهر الاشياء للابصار وهو لا يراها كنور الشمس وامثالها فهو يظهر الاشياء المخفية فى الظلمة ولايراها . وثانيها نور البصر وهو يظهر الاشياء للابصار ولكنه يراها وهذا النور اشرف من الاول . وثالثها نور العقل وهو يظهر الاشياء المعقولة المخفية فى ظلمة الجهر للبصائر وهو يدركها ويراها . ورابعها نور الحق تعالى وهو يظهر الاشياء المعدومة المخفية فى العدم للابصار والبصائر من الملك والملكوت وهو يراها فى الوجود كما كان يراها فى العدم لانها كانت موجودة فى علم اللّه وان كانت معدومة فى ذواتها فما تغير علم اللّه ورؤيته باظهارها فى الوجود بل كانت التغير راجعا الى ذوات الاشياء وصفاتها عند الايجاد والتكوين فتحقيق قوله تعالى { اللّه نور السموات والارض } مظهرما ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الازلية در ظلمت عدم همه بوديم بى خبر ... نور وجود سر شهود از تو يافتيم قال بعض الكبار [ در زمان ظلمت هيجكس ساكن ازمتحرك نشناسد وعلو ازسفل تمييز نكنند وقبيح را ازصبيح باز نداند وجون رايت نور ظهور نمود خيل ظلام روى بانهزام آرند ووجودات وكيفيات ظاهر كردد وصفو از كدر وعرض ازجوهر متميزشود مدركة انسانية داندكه استفاده اين دانش وتميز بنور كرده اما در ادراك نور متحير باشدجه داندكه عالم ازنور مملو است واومخفى ظاهر بدلالات وباطن بالذات بس حق سبحانه وتعالى كه مابدو دولت ادراك يافته ايم وبمربتة تميز اشيا رسيده سزاوار آن باشد كه آنرا نور كويند همه عالم بنور اوست بيدا ... كجا او كرد از عالم هويدا زهى نادانكه اوخروشيد تابان ... بنور شمع جويد در بيابان در تبيان آورده كه مدلول السموات والارض جه هو دليلى از دلائل قدرت وبدائع حكمت كه در دو اثر سبهر برين ومراكز زمين واقعست دلالتى واضح دارد بروجود قدرت وبدائع حكمت او ] ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد وجود جمله اشيا دليل قدرت او ... وقال سلطان المفسرين ابن عباس رضى اللّه عنهما اى هادى اهل السموات والارض فهم بنوره تعالى يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون : يعنى [ بهدايت او بهستىء خود راه بردند وبارشاد او مصالح دين ودنيا بشناسند ] ولما وصلوا الى نور الهداية يتوفيقه تعالى سمى نفسه باسم النور جريا على مذهب العرب فان العرب قد تسمى الشىء الذى من الشىء باسمه كما يسمى المطر سحابا لانه يخرج منه ويصحل به فلما حصل نور الايمان والهداية بتوفيقه سماه بذلك الاسم ويجوز ان يعبر عن النور بالهداية وعن الهداية بالنور لما يحصل احدهما من الآخر قال اللّه تعالى { وبالنجم هم يهتدون } لما اهتدوا بنور النجم جعل النجم كالهادى لهم وجعلهم من المهتدين بنوره وعلى هذا سمى القرآن نورا والتوراة نورا بمعنى الاهتداء بهما كما فى الاسئلة المقحمة فعلى هذا شبهت الهداية بالنور فى كونها سببا للوصول الى المطلوب فاطلق اسم النور عليها على سبيل الاستعارة ثم اطلق النور بمعنى الهداية عليه تعالى على طريق رجل عدل ، وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره خطر ببالى على وجه الكشف ان النور فى قوله تعالى { اللّه نور السموات والارض } بمعنى العلم وهو بمعنى العالم من باب رجل عدل ووجه المناسبة بينهما انه تنكشف بالنور المحسوسات وبالعلم تنكشف المعقولات بل جميع الامور كذا فى الواقعات المحمودية ويقال انه منور السموات بالشمس والقمر والكواكب والارض بالانبياء والعلماء والعباد ، وقال عرائس البيان اراد بالسموات والارض صورة المؤمن رأسه السموات وبدنه الارض وهو تعالى بجلالة قدره نور السموات والارض اذ زين الرأس بنور السمع والبصر والشم والذوق والبيان فى اللسان فنور العين كنور الشمس والقمر ونور الاذن كنور الزهرة والمشترى ونور الانف كنور المريخ وزخل ونور اللسان كنور عطارد وهذه السيارات النيرات تسرى فى بروج الرأس ونور ارض البدن الجوارج والاعضاء والعضلات واللحم والدم والشعرات وعظامها الجبال [ امام زاهد فرموده كه خدايرا نورتوان كفت ولى روشنى نتوان كفت جه روشنى ضد تاربكست وخداى تعالى آفريد كار هردوضداست ] فالنور الذى بمقابلة الظلمة حادث لان ما كان بمقابلة الحادث حادث فمعنى كونه تعالى نورا هو انه مبدأ هذا النور المقابل بالظلمة ثم ان اضافة النور الى السموات والارض مع ان كونه تعالى نورا ليس بالاضافة اليهما فقط للدلالة على سعة اشراقه فانهما مثلان فى السعة قال تعالى { وجنة عرضها السموات والارض } ويجوز ان يقال قد يراد بالسموات والارض العالم باسره كما يراد بالمهاجرين والانصار جميع الصحابة كما فى حواشى سعدى المفتى ونظيره قوله تعالى ف يالحديث القدسى خطابا للنبى عليه السلام ( لولاك لما خلقت الافلاك ) اى العوالم باسرها لكنه خصص الافلاك بالذكر لعظمها وكونها بحيث يراها كل من هو من اهل النظر وهو اللائح بالبال واللّه الهادى الى حقيقة الحال { مثل نوره } اى نوره الفائض منه تعالى على الاشياء المستنيرة وهو القرآن المبين كما فى الارشاد فهو تمثيل له فى جلاء مدلوله وظهرو ما تضمنه من الهدى بالمشكاة المنعوتة والمراد بالمثل الصفة العجيبة اى صفة نوره العجيب واضافته الى ضميره تعالى دليل على ان اطلاقه عليه لم يكن على ظاهره كما فى انوار التنزيل { كمشكاة } اى سفة كوة غير نافذة فى الجدار فى الانارة وهى بلغة الحبشة : والفارسية [ مانندروزنه ايست درديوارى كه او بخارج راه ندارد جون طاقى ] { فيها مصباح } اى قنديل من الزجاج الصافى الازهر وفائدة جعل المصباح فى زجاجة والزجاجة فى كوة غير نافذة شدة الاضاءة لان المكان كلما تضائق كان اجمع للضوء بخلاف الواسع فالضوء ينتشر فيه وخص الزجاج لانه احكى الجواهر لما فيه { الزجاجة كأنها كوكب درى } متلألىْ وقاد شبيه بالدر فى صفائه وزهرته كالمشترى والزهرة والمريخ ودرارى الكواكب عظامها المشهورة ومحل الجملة الاولى على انها صفة لزجاجة او للام مغنية عن الرابض كأنه قيل فيها مصباح هو فى زجاجة هى كأنها كوكب درى وفى اعادة المصباح والزجاجة معرفين اثر سبقهما منكرين والاخبار عنهما بما بعدهما مع انتظام الكلام بان يقال كمشكاة فيها مصباح فى زجاجة كأنها كوكب درى من تفخيم شأنها بالتفسير بعد الابهام ما لايخفى { يوقد من شجرة } اى يبتدأ ايقاد المصباح من زيت شجرة { مباركة } اى كثيرة المنافع لان الزيت يسرج به وهو ادام ودهان ودباغ ويوقد بحطب الزيتون وبثقله ورماده يغسل به الابريسم ولا يحتاج فى استخراج دهنه الى عصار وفيه زيادة الاشراق وقلة الدخان وهو مصحة من الباسور { زيتونة } بدل من شجرة وبالفارسية [ كه آن زيتونست كه هفتاد بيغمبر بدو دعا كرده ببركت وازجملة ابراهيم خليل عليه السلام ] وخصها من بين سائر الاشجار لان دهنها اضوء واصفى ، قال فى انسان العيونشجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة { لاشرقية ولاغربية } اى لاشرقية تطلع عليها الشمس فى وقت شروقها فقط ولاغربية تقع عليها حين غروبها فقط بل بحيث تقع عليها طول النهار فلا يسترها عن الشمس فى وقت من النهار شىء كالتى على قلة او صحراء فتكون ثمرتها انضج وزيتها اصفى اولا فى مضحى تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ولافى مفيأة تغيب عنها دائما فتتركها نيئا اولا نابتة فى شرق المعمورة نحو كنكدر وديار الصين وخطا ولا فى غربها نحو طنجة وطرابلس وديار قيروان بل فى وسطها وهو الشام فان زيتونه اجود الزيتون او فى خط الاستواء بين المشرق والمغرب وهى قبة الارض فلاتوصف باحد منهما فلا يصل اليها حر وبرد مضرين وقبة الارض وسط الارض عامرها وخرابها وهو مكان تعتدل فيه الازمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لايزيد احدهما على الآخر اى يكون كل منهما اثنتى عشرة ساعة [ حسن بصرى رحمه اللّه فرموده كه اصل اين شجره ازبهشت بدنيا آورده اند بس از اشجار اين عالم نيست كه وصف شرقى وغربى برو تواند كرد ] { يكاد زيتها يضيء } [ روشنى دهد ] { ولو لم تمسسه نار } [ واكرجه نرسيده باشد بوى آتشى يعنى درخشندكى بمثابه ايست بى آتش روشنايى بخشد ] اى هو فى الصفاء والاناره بحيث يكاد يضيء المكان بنفسه من غير مساس نار اصلا وتقدير الآية يكاد زيتها يضيء لو مسته نار ولو لم تمسه نار اى يضيء كائنا على كل حال من وجود الشرط وعدمه فالجملة حالية جيء بها لاستقصاء الاحوال حتى فى هذه الحال { نور } خبر مبتدأ محذوف اى ذلك النور الذى عبر به عن القرآن مثلت صفته العجيبة الشأن بما فصل من صفة المشكاة نور كائن { على نور } كذلك اى نور متضاعف فان نور المصباح زاد فى انارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لاشعته فليس عبارة عن مجموع نورين اثنين فقط بل المراد به التكثير كما يقال فلان يضع درهما على درهم لا يراد به درهمان { يهدى اللّه لنوره } اى يهدى هداية خاصة موصلة الى المطلوب حتما لذلك النور المتضاعف العظيم الشأن { من يشاء } هدايته من عباده بان يوفقهم لفهم مافيه من دلائل حقيته وكونه من عند اللّه من الاعاجز والاخبار عن الغيب وغير ذلك من موجبات الايمان وهذا من قبيل الهداية الخاصة ولذا قال من يشاء ففيه ايذان بان مناطط هذه الهداية وملاكها ليس الا مشيئته وان تظاهر الاسباب بدونها بمعزل من الافضاء الى المطالب قرب تو باسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقه فضل ازل نتوان يافت { ويضرب اللّه الامثال للناس } اى بينهما تقريبا الى الافهام وتسهيلا لسبل الادراك : يعنى [ معقولات را در صورت محسوسات بيان ميكند براى مردم تازود در يابند ومقصود سخن بر ايشان كردد ] وهذا من قبيل الهداية العامة ولذا قال للناس { واللّه بكل شىء عليم } من ضرب الامثال وغيره من دقائق المعقولات والمحسوسات حقائق الجليات والخفيات ، قالوا اذا كان مثلا القرآن فالمصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن والمشكاة فمه ولسانه والشجرة المباركة شجرة الوحى وهى لا مخلوقة ولا مختلقة [ نزديكست كه هنوز قرآن ناخوانده دلائل وحجج او برهمكنان واضح شود بس جودبر آن قراءت كند { نور على نور } باشد ] ، فان قبل لم شبهه بذلك وقد علمنا ان ضوء الشمس ابلغ من ذلك بكثير اجيب بانه سبحانه اراد ان يصف الضوء الكامل الذى يلوح فى وسط الظلمة لان الغالب على اوهام الخلق وخيالاتهم انما هى الشبهات التى هى كالظلمات وهداية اللّه تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذى يظهر فيما بين الظلمات وهذا المقصود لا يحصل من تشبيهه بضوء الشمس لان ضوءها اذا ظهر امتلأ العالم من النور الخالص واذا غاب امتلأ العالم من الظلمة الخالصة فلا جرم كان ذلك المثل ههنا أليق ، وقال بعضهم [ مراد نور ايمانست حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد سينه مؤمن را بمشكاة ودل را درسينه بقنديل زجاجه درمشكاة وايمانرا بجراغى افورخته در قنديل وقنديل بكوكبى درخشنده ولكمه اخلاص بشجره مباركة ازتاب آفتاب خوف وخلال نوال رجا بهره دارد نونزديكست كه فيض كلمه بى آنكه بزبان مؤمن كذرد علام را منور كند جون اقرار بآن برزبان جارى شده وتصديق جنان بآن ياركشته { نور على نور } بظهور رسيد ] وشبه بالزجاج دون سائر الجواهر لاختصاص الزجاج بالصفاء يتعدى النور من ظاهره الى باطنه وبالعكس وكذلك نور الايمان يتعدى من قلب المؤمن الى سائر الجوارح والاعضاء وايضا ان الزجاج سريع الانكسار بادنى آفة تصيبه فكذا القلب سريع الفساد بادنى آفة تخل فيه [ وكفته اند آن نور معرقت اسرار الهيست يعنى جراغ معرفت دوزجاجه دل غارف ومشكاة سينه او افروخته است از بركت زيت تلقين شجره مبارك حضرت محمدى عليه السلام نه شرقيست ونه غربى بلكه مكبست ومكه مباركة سره علام وازفرا كرفتن عارف آن اسراررا ازتعليم آن سيد ابرار { نور على نور } معلوم توان كرد ] وانما شبه المعرفة بالمصباح وه سريع الانطفاء وقلب المؤمن بالزجاج وهو سريع الانكسار ولم يشبهها بالشمس التى لا تطفىء ولا قلب المؤمن بالاشياء الصلبة التى لاتنكسر تنبيها على انه على خطر وجدير بحذر كما فى التيسير [ در ورح الارواح آورده كه آن نور حضرت محمد يست عليه السلام مشكاة آدم باشد وزجاجه نوح زيتون ابراهيم كه نه يهوديه مائل است جون يهود غرب را قبله ساختند ونه نصرانية جون نصارى روى بشرق آورده اند ومصباح خضرت رسالتست عليه السلام يا مشكاة ابراهيم است وزجاجة دل صافى مطهر او مصباح عام كامل او شجره خلق شامل او كه نه در جانب خلود افراط است ونه در طرف تقصير وتفريط بلكه طريق اعتدال كه ( خير الامور اوسطها ) واقع شده وصراط سوى عبارت از آنست. ودر عين المعانى فرموده كه نور محبت حبيب بانور خلت خليل نور على نور است ] بدر نور بسر نوريست مشهور ... ازينجافهم كن نور على نور قال القشيرى { نور على نور } نور اكتسبوه بجهدهم ونظرهم واستدلالهم ونور وجدوه بفضل اللّه بافعالهم واقوالهم قال تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } وفى التأويلات النجمية هذا مثل ضربه اللّه تعالى للخلق تعريفا لذاته وصفاته فلكل طائفة من عوام الخلق وخواصهم اختصاص بالمعرفة من فهم الخطاب على حسب مقاماتهم وحسن استعدادهم فما العوام فاختصاصهم بالمعرفة فى رؤية شواهد الحق وآياته بار انه اياهم فى الآفاق واما الخواص فاختصاصهم بالمعرفة فى مشاهدة انوار صفات اللّه تعالى واذاته تبارك وتعالى باراءته فى انفسهم عند التجلى لهم بذاته وصفاته كما قال تعالى فى الطائفتين { سنريهم آياتنا فى الآفاق } اى لعوامهم { وفى انفسهم } اى لخواصهم { حتى يتبين لهم انه الحق } فكل طائفة بحسب ماقمهم تخطى من المعرفة فاما حظ العوام من رؤية شواهد الحق وآياته فى الآفاق باراءة الحق فبان يرزقهم فهما ونظرا فى معنى الخطاب ليتفكروا فى خلق السموات والارض ان صروتها وهى علام الاجسام هى المشكاة والزجاجة فيها هى العرش والمصباح الذى هو عمود القنديل الذى يجعل فيه الفتيلة فهى بمثابة الكرسى من العرش وزجاجة العرش { كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة } وهى شجرة الملكوت وهو باطن السموات والارض ومعناهما { لاشرقية } اى ليست من شرق الازق والقدم كذات اللّه وصفاته { ولاغربية } اى ليست من غرب الفناء والعدم كعالم الاجسام وصورة العالم بل هى مخلوقة ابدية لايعتريها الفناء { يكاد زيتها } وهو عالم الارواح { يضيء } اى يظهر من العد فى عالم الصور المتولدات بازدواج الغيب والشهادة طبعا وخاصية كما توهمه الدهرية والطبائعية عليم لعنات اللّه تترى { ولو لم تمسسه نار } نار القدرة الالهية { نور على نور } اى نور الصفة الرحمانية على نور اى باستوائه على نور العرش فينقسم نور الصفة الحرمانية من العرش الى السموات والارض فيتولد منه متولدات ما فى السموات والارض بالقدرة الآلهية على وفق الحكمة والارادة القديمة فلهذا قال تعالى { ان كل من فى السموات والارض الا آتى الرحمن عبدا } فافهم جدام ، واما حظ الخواص فى مشاهدة انوار صفات اللّه تعالى وذاته باراءة الحق فى انفسهم فانما يتعلق بالسير فيها لان اللّه تعالى خلق نفس الانسان مرآة قابلة لشهود ذاته وجميع صفاته اذا كانت صافية عن صدأ الصفات الذميمة والاخلاق الرديئة مصقولة بمصقلة كلمة لا اله الا اللّه لينتفى بنفى لا اله تعلقها عما سوى اللّه ويثبت باثبات الا اللّه فيها نور جمال اللّه وجلاله فيرى بنور اللّه الجسد كالمشكاة والقلب كالزجاجة والسر كالمصباح { والزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة } وهى شجرة الروحانية { لاشرقية } اى لا قديمة ازلية { ولاغربية } اى لافانية تغرب فى سماء الوجود فى غين العدم { يكاد زيتهام } وهو الروح الانسانى { يضيء } بنور العقل الذى هو ضوء الروح وصفاؤه اى يكاد زيت الروح ان يعرف اللّه تعالى بنور العقل { ولو لم تمسسه نار } اى نار نور الالهية فابت عظمة جلال اللّه وعزة كبريائه ان تدرك بالعقول الموسومة بوصمة الحدوث الا ان يتجلى نور القدم لنور العقل الخارج من العدم كما قال تعالى { نور على نور يهدى اللّه لنوره من يشاء } اى ينور مصباح سر من يشاء بنور القدم فتتنور زجاجة القلب ومشكاة الجسد ويخرج اشعتها من روزنة الحواس فاستضاءت ارض البشرية { واشرقت الارض بنور ربها } وتحقق حنيئذ مقام ( كنت له سمعا وبصرا ) الحديث ، وفيه اشارة الى ان نور العقل مخصوص بالانسان مطلقا ولا سبيل له بالوصول الى نور اللّه فهو مخصوص بهدية اللّه اليه فضلا وكرما لا يتطرق اليه كسب العباد وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء { ويضرب اللّه الامثال للناس } اى للناسين عهود ايام الوصال بلاهم فى ازل الآزال { واللّه بكل شىء عليم } فى حالات وجود الاشياء وعدمها بغير التغير فى ذاته وصفاته انتهى كلام التأويلات ، قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره ، اعلم ان النور الحقيقى يدرك به وهو لايدرك لانه عين ذات الحق من حيث تجردها عن النسب والاضافات ولهذا سئل النبى عليه السلام هل رأيت ربك قال ( نورانى اراه ) اى النور المجرد لايمكن رؤيته وكذا اشار الحق فى كتابه لما ذكر ظهور نوره فى مراتب المظاهر قال { اللّه نور السموات والرض } فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل قال { نور على نور } فاحد النورين هو الضياء والآخر هو النور المطلق الاصلى ولهذا تمم فقال { يهدى اللّه لنور من يشاء } اى يهدى اللّه بنوره المتعين فى المظاهر والسارى فيها الى نوره المطلق الاحدى انتهى كلامه فى الفكوك ، وقال فى تفسير الفاتحة فالعالم بمجموع صوره المحسوسة وحقائقه الغيبية المعقولة اشعة نور الحق وقد اخبر الحق انه نور السموات والارض ثم ذكر الامثلة والتفاصيل المتعينة بالمظاهر على نحو ما تقتضيه مرآتها ثم قال فى آخر الآية { نور على نور يهدى اللّه لنوره من يشاء } فاضاف النور الى نفسه مع انه عين النور وجعل نوره المضاف الى العالم الاعلى والاسفل هدايا الى معرفة نوره المطلق ودالا عليه كما جعل المصباح والمشكاة والشجرة وغيرها من الامثال هاديا الى نوره المقيد وتجلياته المتعينة فى مراتب مظاهره وعرّف ايضا على لسان نبيه عليه السلام انه النور وان حجابه النور انتهى باجمال ، قال حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه قوله { نور على نور } النور الاول هو النور الاضافى المنبسط على سموات الاسماء وارض الاشياء والنور الثانى هو النور الحقيقى المستغنى عن سموات الاسماء وارض الاشياء والنور الاضافى دليل دال على النور الحقيقى والدليل ظاهر النور المطلق والمدلول باطنه وفى التحقيق الاتم هو دليل على نفسه لا يعرف اللّه الا اللّه سبحانه. ٣٦ { فى بيوت } متعلق بالفعل المذكور بعده وهو يسبح ، قال فى المفردات اصل البيت مأوى الانسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه ابيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن اخص والابيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان الشىء بانه بيته والمراد بالبيوت المساجد كلها لقول ابن عباس رضى اللّه عنهما المساجد بيوت اللّه فى الارض تضيء لاهل السماء كما تضيء النجوم فى الارض { اذن اللّه } الاذن فى الشىء اعلام باجازته والرخصة فيه { ان ترفع } بالبناء او التعظيم ورفع القدر : يعنى [ آنرا رفيع قدر وبزرك مرتبه دانند ] ، قال الامام الراغب الرفع يقال تارة فى الاجسام الموضوعة اذا عليتها عن مقرها نحو قوله تعالى { ورفعنا فوكم الطور } وتارة فى البناء اذا طولته نحو قوله تعالى { واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت } وتارة فى الذكر اذا نوهته نحو قوله تعالى { ورفعنا لك ذكرك } وتارة فى المنزلة اذا شرفتها نحو قوله تعالى { ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات } { ويذكر فيها اسمه } اسم اللّه تعالى ما يصح ان يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من افعاله كالخالق لكنها توقيفيه عند بعض العلماء وهو عام فى كل ذكر توحيدا كان او تلاوة قرآن او مذاكرة علوم شرعية او اذانا او اقامة او نحوها : يعنى [ در آنجا بذكر ونماز اشتغال بايد نمود وازسخن دنيا وكلام مالا يعنى براحتراز بايد بود ] وفى الاثر ( الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البيهمة الحشيش ) { يسبح له فيها } فيها تكرير لقوله فى بيوت للتأكيد والتذكير لما بينهما من الفاصلة وللايذان بان التقديم للاهتمام لا لقصر التسبيح على الوقوع فى البيوت فقط والتسبيح تنزيه اللّه واصله المرّ السريع فى عبادة اللّه فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء يستعمل باللام وبدونها ايضا وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية اريد به ههنا الصلوات المفروضة كما ينبىء عنه تعيين الاوقات بقوله تعالى { بالغدو والآصال } اى بالغدوات والعشيات فالمراد بالغدو وقت صلاة الفجر المؤداة بالغداة وبالآصال ماعداه من اوقات صلوات الظهر والعصر والعشائين لان الاصل يجمعها ويشملها كما فى الكواشى وغيره . والغدو مصدر يقال غدا يغدو غدوا اى دخل فى وقت الغدوة وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والمصدر لا يقع فيه الفعل فاطلق على الوقت حسبما يشعر اقترانه بالآصال جمع اصيل وهو العشى اى من زوال الشمس الى طلوع الفجر. ٣٧ { رجال } فاعل يسبح { لا تلهيهم } لا تشغلهم من غاية الاستغراق فى مقام الشهود يقال الهاه عن كذا اذا شغله عما هو أهم { تجارة } التجارة صفة التاجر من بيع وشراء والتاجر الذى يبيع ويشترى ، قال فى المفردات التجارة الصترف فى رأس المال طالبا للربح وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة وتخصيص التجارة لكونها اقوى الصوارف عندهم واشهرها اى لا يشغلهم نوع من انواع التجارة { ولا بيع } البيع اعطاء الثمن واخذ الثمن والشراء اعطاء الثمن واخذ الثمن اى ولافرد من افراد البياعات وان كان فى غاية الربح وافراده بالذكر مع اندراجه تحت التجارة لكونه اهم من قسمى التجارة فان الريح يتحقق بالبيع ويتوقع بالشراء اى ربح الشراء متقوع فى ثانى الحال عند البيع فلم يكن ناجزا كربح البيع فاذا لم يلههم المقطوع فالمظنون اولى { وعن ذكر اللّه } بالتسبيح والتمجيد { واقام الصلوة } اى اقامتها بمواقيتها من غير تأخير وقد اسقطت التاء المعوضة عن العين الساقطة بالاعلال وعوض عنها الاضافة ، قال ابن الشيخ اقامة الصلاة اتمامها برعاية جميع ما اعتبره الشرع من الاركان والشرائط السنن والآداب فمن تساهل فى شىء منها لا يكون مقيما لها { وايتاء الزكوة } اى المال الذى فرض اخراجه للمستحقين وايراده ههنا وان لم يكن مما يفعل فى البيوت لكونه قرين اقامة الصلاة لا يفارقها فى عامة المواضع { يخافون } صفة ثانية للرجال والخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة وايضاد الخوف الامن . والمعنى بالفارسية [ مى ترسند اين مردمان باودود جنين توجه واستغراق ] { يوما } مفعول ليخافون لا ظرف ولمراد يوم القيامة اى من اليوم الذى { تتقلب فيه القلوب والابصار } صفة ليوما والتقلب التصرف والتغير من حال الى حال وقلب الانسان سمى به لكثرة تقلبه من وجه الى وجه والبصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التى فيها . والمعنى تضطرب وتتغير فى انفسها وتنتقل عن اماكنها من الهول والفزع فتنقلب القلوب فى الجوف وترتفع الى الحنجرة ولا تنزل ولا تخرج كا قال تعالى { وبلغت القلوب الحناجر } وتقلب الابصار شخوصها كما قال تعالى { ليوم تشخص فيه الابصار } وذا زاغت الابصار او تتقلب القلوب بين توقع النجاة وخوف الهلاك والابصار من أى ناحية يؤخذ بهم ومن أى جهة يأتى كتابهم. ٣٨ { ليجزيهم اللّه } متعلق بمحذوف يدل عليه ماحكى من اعمالهم المرضية اى يفعلون ما يفعلون من المداومة على التسبيح والذكر واقامة الصلاة وايتاء الزكاة والخوف من غير صارف لهم عن ذلك ليجزيهم اللّه تعالى والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شر فشر والاجر خاص بالمثوبة الحسنى كما فى المفردات { احسن ما علموا } اى احسن جزاء اعمالهم حسبما وعد لهم بمقابلة حسنة واحدة عشرة امثالها الى سبعمائة ضعف { ويزيدهم من فضله } اشياء لم يعدهم بها على اعمالهم ولم تخطر ببالهم وهوالعطاء الخاص لا العمل { واللّه يرزق من يشاء بغير حساب } تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الاحسان . والرزق العطاء الجارى والحساب استعمال العدد اى يفيض ويعطى من يشاء ثوابا لايدخل تحت حساب الخلق ، قال كثير من الصحابة رضى اللّه عنهم نزلت هذه الآية فى اهل الاسواق الذين اذا سمعوا النداء بالصلاة تركوا كل شغل وبادروا اليها اى لا فى اصحاب الصفة وامثالهم الذين تركوا التجارة ولزموا المسجد فانه تعالى قال { وايتاء الزكوة } واصحاب الصفة وامثالهم لم يكن عليهم الزكاة قال الامام الراغب قوله تعالى { لاتلهيهم } الآية ليس ذلك نهيا عن التجارة وكراهية لها بلى نهى عن التهافت والاشتغال عن الصلوات والعبادات بها انتهى [ آورده اندكه مالك حسين كه والىء هرات بود ازحضرت قطب الاقطاب خواجه بهاء الحق الدين محمد نقشبند قدس سره برسيد كه در طريقه شما ذكر جهر وخلوت وسماع مى باشد فرمودندكه نمى باشد بس كفت ببناى طريقت شما برجيست فرمودندكه ( خلوات درانجمن بظاهر باخلق وبباطن باحق ) ] ازدورن شوآشنا وازبرون بياكنه وش ... انيجنين زيبا روش كم مى بود اندر جهان آنجه حق سبحانه وتعالى فرمايدكه { رجال لاتلهيهم تجارة } الآية اشارت بدين مقامست سر رشته دولت اى برادر بكف آرا ... وين عمر كرامى بخسارت مكذار دائم همه جا باهمه كس درهمه كار ... ميدار نهفت جشم دل جانب يار قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص الرجال بالمدح والثناء دون النساء فالجواب لانه لاجمعة على النساء ولا جماعة فى المساجد ، قال بعضهم من اسقط عن سره ذكر مالم يكن فكان يسمى رجلا حقيقة ومن شغله عن ربه ذلك شىء فليس من الرجال المتحققين. وفى التأويلات النجمية وانما سماهم رجالا لانه لا تتصرف فيهم تجارة وهى كناية عن النجاة من دركات النيران كما قال تعالى { هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم } ولا بيع كناية عن الفوز بدرجات الجنان كما قال { فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به } وقهو قوله { ان اللّه اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة } ولوتصرف فيهم شىء من الدارين بالتفاتهم اليه وتعلقهم به حتى شغلهم عن ذكر اللّه اى عن طلبه والشوق الى لقائه لكانوا بمثابة النساء فانهن محال التصرف فيهن وما استحقوا اسم الرجال واوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام فقال ( ياداود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يارب انت منزه عن البيوت قال فرغ لى قلبك ) وتفريغها اى القلوب التى اشارت اليها البيوت تصفيتها عن نقوش المكونات وتصقيلها عن صدأ تعلقات الكونين وانما هو بذكر اللّه والمداومة عليه كما قال عليه السلام ( ان لكل شىء صقالة وان صقالة القلوب بذكر اللّه ) فاذا صقلت تجلى اللّه فيها بنور الجمال وهو الزيادة فى قوله تعالى { للذين احسنوا الحسنى وزيادة } والرزق بغير حساب فى ارزاق الارواح والمواهب الالهية قاما ارزاق الاشباح فمحصورة معدودة ، فعلى العاقل الاجتهاد باعمال الشريعة وآداب الطريقة فانه سبب الوصول الى انوار الحقيقة ومن تنور باطنه فى الدنيا تنور ظاهره وباطنه فى العقبى وكل جزاء فانما هو من جنس العمل روى انه اذا كان يوم القيامة يحشر قوم وجوههم كالكوكب الدرى فتقول لهم الملائكة ما اعمالكم فيقولون كنا اذا سمعنا الاذان قمنا الى الطهارة لا يشغلنا غيرها ثم يحشر طائفة وجوههم كلاقمار فيقولون بعد السؤال كنا نتوضأ قبل الوقت ثم يحشر طائفة وجوههم كالشموس فيقولون كنا نسمع الاذان فى المسجد وفى الحديث ( اذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من ابواب المسجد ملائكة يكتبون الاول فالاول ) اى ثواب من يأتى فى الوقت الاول والثانى ( فاذا جلس الامام ) يعنى صعد على المنبر ( طووا الصحف وجاؤا يسمعون الذكر ) اى الخطبة ( فلا يكتبون ثواب من يأتى فى ذلك الوقت ) والمراد منه اجر مجرد مجيئه قيل لا يكتبون اصلا وقيل يكتبونه بعد الاستماع والمراد بالملائكة كتبة ثواب من يحضر الجمعة وهم غير الحفظة اللهم اجعلنا من المسارعين المسابقين واحشرنا فى زمرة اهل الصدق والحق واليقين. ٣٩ { والذين كفروا اعمالهم } اى اعمالهم التى هى من ابواب البرّ كصلة الارحام وعتق الرقاب وعمارة البيت وسقاية الحاج واغاثة الملهوفين وقرى الاضياف واراقة الدماء ونحو ذلك مما لو قارنه الايمان لا ستتبع الثواب { كسراب } هو مايرى فى المفازة من لمعان الشمس عليها نصف النهار فيظن انه ماء يسرب اى يذهب ويجرى وكان السراب فيما لاحقيقة له كالشراب فيما له حقيقة { بقيعة } متعلق بمحذوف هو صفة السراب اى كائن فى قاع وهى الارض المنبسطة المستوية قد انفرجت عنها الجبال ، قال فى المختار القيعة مثل القاع وبعضهم يقول هو جمع { يحسبه الضمأن ماء } صفة اخرى لسراب اى يظنه الشديد العطش ماء حقيقة من ظمىء بالكسر يظمأ والظمىء بالكسر مابين الشربتين الورودين والظمأ العطش الذى يحدث من ذلك وتخصيص الحسبان بالظمأن مع شموله لكل من يراه كائنا من كان من العطشان والريان لتكميل التشبيه بتحقيق شركة طرفيه فى وجه الشبه وهو الابتداء المطمع والانتهاء الموئس { حتى اذا } [ تاجون ] { جاءه } اى جاء ما توهمه ماء وعلق به رجاءه ليشرب منه { لم يجده } اى ماحسبه ماء { شيأ } اصلا لا متحققا ولا متوهما كما كان يراه من قبل فضلا عن وجدان ماء فيزداد عطشا { ووجد اللّه } اى حكمه وقضاءه { عنده } عند المجىء كما قال { ان ربك لبالمرصاد } يعنى مصير الخلق اليه { فوفيه حسابه } اى اعطاه وافيا كاملا حساب عمله يعنى ظهر له بعد ذلك من سوء الحال مالا قدر عنده للخيبة والقنوط اصلات كمن يجىء الى باب السلطان للصلة فيضرب ضربا وجيعا { واللّه سريع الحساب } لا يشغله حساب عن حساب ، قال الكاشفى [ زود حسابست حساب يكى اورا از حساب ديكرى بازندارد تمثيل كرد اعمال كافررا بسراب واورا بتشنه جكر سوخته بس همجاننكه تشنه ازسراب ناميد شده باشد شدتش زيادة مى شود كافر انرا ازاميد به باداش اعمال خود جون نيايند حسرت افزون ميكردد ] ، وفى الآية اشارة الى اهل كفران النعمة وهم الذين يصرفون نعمة اللّه فى معاصيه ومخالفته ثم يعاملون على الغفلة بالرسم والعادة التى وجدوا عليها آباءهم صورة بلا معنى بل رياء وسمعة وهم يحسبون بجهلهم انهم يحسنون صنعا زين لهم الشيطان اعمالهم فمثل اعمالهم كسراب لا طائل تحته وصاحب الاعمال يحسب من غفلته وجهالته ان اعماله المشوبة هى ما يطفىء به نار غضب اللّه حتى اذا جاءه عند الموت لم يجده شيأ مما توهمه ووجد اللّه عند اعماله للوزن والجزاء والحساب وهو غضبان عليه لسوء معاملته معه فجازاه حق جزائه واللّه سريع الحساب يشير الى ان من سرعة حسابه ان يظهر على ذاته وصفاته آثار معاملته السيئة بالاخلاق الذميمة والاحوال الرديئة فى حال حياته. ٤٠ { او كظلمات } عطف على كسراب واو للتنويع فان اعمالهم ان كانت حسنة فكالسراب وان كانت قبيحة فكالظلمات { فى بحر لجى } اى عميق كثير الماء منسوب الى اللج وهو معظم ماء البحر ، قال الكاشفى [ دردرياى عميق كه دم بدم ] { يغشيه موج } صفة اخرى للبحر اى يستره ويغطيه بالكلية { من فوقه موج } مبتدأ وخبر والجملة صفة لموج اى يغشاه اماج متراكمة بعضها على بعض { من فوق سحاب } صفة لموج ثانى واصل السحب الجر وسمى السحاب اما لجر الريح او لجره الماء اى من فوق الموج الثانى الا على سحاب غطى النجوم وحجب انوارها ، وفيه ايماء الى غاية تراكم الامواج وتضاعفها حتى كأنها بلغت السحاب { ظلمات } اى هذه ظلمات { بعضها فوق بعض } اى متكائفة متراكمة حتى { اذا اخرج } اى من ابتلى بهذه الظلمات واضماره من غير ذكر اللّه لدلالة المعنى عليه دلالة واضحة { يده } وهى اقرب اعضائه المرئية اليه وجعلها بمرأى منه قريبة من عينه لينظر اليها { لم يكد يريها } لم يقرب ان يراها لشدة الظلمة فضلا عن ان يراها { ومن لم يجعل اللّه له نورا } اى ومن لم يشأ اللّه ان يهديه لنور القرآن ولم يوفقه للايمان به { فما له من نور } اى فماله هداية ما من احد اصلا ، قال الكاشفى [ اين تمثيل ديكراست مر عملهاى كفاررا ظلمات اعمال تبرهْ اوست وبحر لجى دل او وموج آنجه دل اورا مى بوشند ازجهل وشرك وسحاب مهر خذلان برآن بس كرادار وكفتارش ظلمت ومدخل ومخرجش ظلمت ورجوع اودر روز قيامت هم بظلمت عكس مؤمن كه اورانوراست واين را { ظلمات بعضها فوق بعض } ] مؤمنات ازتيركى دور آمدند ... لاجرم على نور آمدند كافر تاريك دل را فكرتست ... حال كارش ظلمت اندر ظلمتست والاشارة بالظلمات الى صورة الاعمال التى وقعت على الغفلة بلا حضور القلب وخلوص النية فهى { كظلمات فى بحر لجى } وهو حب الدنيا { يغشاه موج } من الرياء { من فوق موج } من حب الجاه وطلب الرياسة { من فوقه سحاب } من الشرك الخفى { ظلمات بعضها فوق بعض } يعنى ظلمة غفلة الطبيعة وظلمة حب الدنيا وظلمة حب الجاه وظلمة الشرك { اذا اخرج يده } يعنى العبد يد قصده واجتهاده وسيعه ليرى صلاح حاله وما آله فى تخصله من هذه الظلمات لم ير بنظر عقله طريق خلاصه من هذه الظلمات لان من لم يصبه رشاش النور الالهى عند قسمه الانوار فماله من نور يخرجه من هذه الظلمات فان نور العقل ليس له هذه القوة لانها من خصوصية نور اللّه كقوله تعالى { اللّه ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } والنكتة فى قوله تعالى { يخرجهم } الخ كأنه يقول اخرجت الماء من العين والمطر من السحاب والنار من الحجر والحديد من الجبال الدخان من النار والنبات من الارض والثمار من الاشجار كما لايقدر احد ان يرد هذه الاشياء الى مكانها كذلك لايقدر ابليس وسائر الطواغيت ان يردك الى ظلمة الكفر والشك والنفاق بعدما اخرجتك الى نور الايمان واليقين والاخلاص واللّه الهادى. ٤١ { ألم تر ان اللّه يسبح له من فى السموات والارض } الهمزة للتقرير والمراد من الرؤية رؤية القلب فان التسبيح الآتى لا يتعلق به نظر البصر اى قد علمت يا محمد علما يشبه المشاهدة فى القوة واليقين بالوحى او الاستدلال ان اللّه تعالى ينزهه على الدوام فى ذاته وصفاته وافعاله عن كل مالا يليق بشأنه من نقص وآفة اهل السموات والارض من العقلاء وغيرهم ومن لتغليب العقلاء { والطير } بالرفع عطف على من جمع طائر كركب وراكب والطائر كل ذى جناح يسبح فى الهواء وتخصيصها بالذكر مع اندراجها فى جلمة ما فى الارض لعدم استقرارها قرار ما فيها لانها تكون بين السماء والارض غالبا { صافات } اصل الصف البسط ولهذه يسمى اللجم القديم صفيفا لانه يبسط اى تسبحه تعالى حال كونها صافات اى باسطات اجنحتها فى الهواء تصففن { كل } من اهل السموات والارض { قد علم } بالهام اللّه تعالى ويوضحه ما قرىء علم مشددا اى عرف { صلاته } اى دعاء نفسه { وتسبيحه } تنزيهه { واللّه عليم بما يفعلون } اى يفعلونه من الطاعة والصلاة والتسبيح فيجازيهم على ذلك وفيه وعيد لكفرة الثقلين حيث لا تسبيح لهم طوعا واختيارا. ٤٢ { ولله } لا لغيره { ملك السموات والارض } لانه الخالق لهما ولما فيهما من الذوات والصفات وهو المتصرف فى جميعها ايجادا واعداما ابداء واعادة { والى اللّه } خاصة { المصير } اى رجوع الكل بالفناء والبعث فعلى العاقل ان يعبد هذا المالك القوى ويسبحه باللسان الصورى المعنوى وهذا التسبيح محمول عند البعض على مكان بلسان المقال فانه يجوز ان يكون لغير العقلاء ايضا تسبيح حقيقة لا يعلمه الا اللّه ومن شاء من عباده كما فى الكواشى وقد سبق تفصيل بديع عند قوله تعالى فى سورة الاسراء { وان من شىء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } فارجع تغنم ، وعن ابى ثابت قال كنت جالسا عند ابى جعفر الباقر فقال لى أتدرى ما تقول هذه العصافير عند طلوع الشمس وعبد طلوعها قلت لا قال فانهن يقدسن ربهن ويسألن قوت يومهن [ آورده اندكه ابو الجناب نجم الكبرى قدس سره در رساله فواتح الجمال ميفرمايندكه ذكرى كه جارى بر نفوس حيوانات انفاس ضروريه ايشانست زيرا كه در بر آمدن وفرو رفتن نفس حرف هاكه اشارت بغيب هروبت حق است كفته ميشود اكر خواهند واكر نخواهند وآن حرف هاست كه در اسم مبارك اللّه است والف ولام از براى تعريفست وتشديد لام از براى مبالغة در آن تعريف بس مى بايد كه طالب هوشمند در وقت تلفظ باين حرف شريف هويت حق سبحانه وتعالى ملحوظ وى باشد ودر خروج ودخول نفس واقف بودكه در نسبت حضور مع اللّه فتورى واقع نشود ] ويقال لهذا عند النقشبندية [ هوش دردم ] هاغيب هويت آمداى حرف شناس ... انفاس ترابود بآن حرف اساس باش آكه ازان حرف دراميدوهراس ... حرفى كفتم شكرف اكردارى باس يقول الفقير ايقظه القدير رأيت فى بعض المبشرات حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يخاطبنى ويقول هل تعرف سر قولهم اللّه بالرفع دون اللّه بالنصب والجر فقلت لا فقال انه فى الاصل اللّه هو فبضم الشفتين فى اسم تحصل هذه الاشارة الى نور الذات الاحدية فى الممكنات وسر الكمال السارى فى الظاهر ولا تحصل هذه الاشارة فى النصب والجر الحمد لله تعالى ، وقال بعض العلماء تسبيح الحيوان والجماد محمول على ما كان بلسان الحال فان كل شىء يدل بوجوده واحواله على وجود صانع واجب الوجود متصف بصفات الكمال مقدس عن كل مالا يليق بشأنه. وقال فى التأويلات اعلم ان التسبيح على ثلاثة اوجه تسبيح العقلاء وتسبيح الحيوانات وتسبيح الجمادات . فتسبيح العقلاء بالنطق والمعاملات . وتسبيح الحيوانات بلسان الحاجات وصورة الدلالات على صانعها . وتسبيح الجمادات بالخلق هو عام فى جميعها فاها مظهر الآيات فاما تسبيح العقلاء فمخصوص بالملك والانسان فتسبيح الملك غذاؤه يعيش به ولو قطع عنه لهلك وليس موجبا لترقية لانه مسبح بالطبع وتسبيح الانسان تنزيه الحق بالامر لا بالطبع فموجب لترقية بان يفنى فيه اوصاف انسانيته ويبقيه بوصف سبوحيته فانه به ينطق عند فناء وجوده { كل قد علم صلوته وتسبيحه } يشير الى ان لكل شىء علما وشعورا مناسب له على صلاته وهى القيام بالعبودية وعلى تسبيحه هو ثناء الربوبية وذلك لان كل شىء ملكوتا هو قائم به وقيام الملكوت بيده تعالى كما قال { فسبحان الذي بيده ملكوت كل شىء } وعالم الملكوت هو الحياة المحض والعلم كما قال { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } الملكوت هو عالم الارواح فلكل شىء روح منه بحسب استعداده لقابلية الروح فخلق الانسان فى احسن تقويم لقابلية الروح الاعظم فلهذا صار كاملهم افضل المخلوقات واكرمها فهو يعلم خصوصية صلاته وتسبيحه على قدر حظه من عالم الملكوت بل على قدر حظه من عالم الربوبية وهو منفرد به عما دونه والملك يعلم صلاته وتسبيحه على قدر حظه من عالم الملكوت والحيوانات والجمادات تعلم صلاتها وتسبيحها بملكوتها بلا شعور منها بالصورة { واللّه عليم بما يفعلون } اى بحقيقته بالكمال وهم يعلمون بحسب استعدادهم انتهى مافى التأويلات وهذا لا ينفى نطق الجمادات عند انطاق اللّه تعالى وكذا نطق الحيوانات العجم بطريق خرق العادة او بطريق لا يسمعه ولا يفهمه الا اهل الكشف والعيان كما سبق امثلته فى سورة الاسراء نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن لا يمضى نفسه الا بذكر شريف ولا يمر وقته الا بحال لطيف اه الفياض الوهاب الجواد. ٤٣ { ألم تر ان اللّه يزجى سحابا } الازجاء سوق الشىء برفق وسهولة لينساق غلب فى سوق شىء يسير أو غير معتد به ومنه البضاعة المزجاة فانها يزجها كل احد ويدفعها لقلة الاعتداد بها ففيه ايماء الى ان السحاب بالنسبة الى قدرته تعالى مما لايعتد به ويسمى السحاب سحابا لانسحابه فى الهواء اى انجراره وهو اسم جنس يصح اطلاقه على سحابة واحدة وما فوقها والمراد ههنا قطع السحاب بقرينة اضافة بين الى ضميره فانه لايضاف الا الى متعدد . والمعنى قد رأيت رؤية بصرية ان اللّه يسوق غيما الى حيث يريد { ثم يؤلف بينه } اى بين اجزائه بضم بعضها الى بعض فيجعله شيأ واحدا ابعد ان كان قطعا { ثم يجعله ركاما } اى متراكما بعضه فوق بعض فانه اذا اجتمع شىء فوق شىء فهو ركوم مجتمع ، قال فى المفردات يقال سحاب مركوم اى متراكم والركام ما يلقى بعضه على بعض { فترى الودق } اى المطر اثر تكاثفه وتراكمه ، قال ابو الليث الودق المكر كله شديده وهينه ، وفى المفردات الودق قيل ما يكون خلال المطر كأنه غبار وقد يعبر به عن المطر { يخرج من خلاله } حال من الودق لان الرؤية بصرية والخلال جمع خلل كجبال وجبل وهو فرجة بين الشيئين والمراد ههنا مخارج القطر . والمعنى حال كون ذلك الودق يخرج من اثناء ذلك السحاب وفتوقه التى حدثت بالتراكم وانعصار بعضه من بعض ، قال كعب السحاب غربال المطر ولولاه لا فسد المطر ما يقع عليه { وينزل من السماء } اى من الغمام فان كل ماعلاك سماء وسماء كل شىء اعلاه { من جبال } اى من قطع عظام تشبه الجبال فى العظم كائنه { فيها } اى فى السماء فان السماء من المؤنثات السماعية { من برد } مفعول ينزل على ان من تبعيضية والاوليان الاتبداء الغاية على ان الثانية بدل اشتمال من الاولى باعادة الجار والبرد محركه الماء المنعقد اى مايبرد من المطر فى الهواء فيصلب كما فى المفردات . والمعنى ينزل اللّه مبتدئا من السماء من جبال فيها بعض برد قال بعضهم ان اللّه تعالى خلق جبالا كثيرة فى السماء من البرد والثلج ووكل بها ملكا من الملائكة فاذا اراد ان يرسل البرد والثلج على قطر من اقطار الارض يأمره بذلك فثلج هناك ماشاء اللّه بوزن ومقدار فى صحبة كل حبة منها ملك بضعها حيث امر بوضعها ، قال ابن عباس رضى اللّه عنهما لا عين تجرى على الارض الا واصلها من البرد والثلج ويقال ان اللّه تعالى خلق ملائكته نصف ابدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفىء النار ولا النار تذيب الثلج فاذا اراد اللّه ارسال الثلج فى ناحية امرهم حتى يترفرفوا باجنحتهم من الثلج فما تساقط عن الترفرف فهو الثلج الذى يقع هناك يقال رفرف الطائر اذا حرك جناحيه حول الشىء يري دان يقع عليه وقيل المراد من السماء اى فى الآية المظلة اى الفلك وفيها جبال من برد كما ان فى الارض جبالا من حجر وليس فى العقل ما ينفيه والمشهور ان الابخرة اذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء وقوى البرد اجتمت هناك وصارت سحابا فان لم يشتد البرد تقاطرت مطرا وان اشتد فان وصل الى الاجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل بردا وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض وينعقد سحابا وينزل منه المطر او الثلج وكل ذلك مستند الى ارادة اللّه تعالى ومشيئته المبنية على الحكم والمصالح ، وفى اخوان الصفاء الاجزاء المائية والترابية اذا كثرت فى الهواء وتراكمت فالغيم منها هو الرقيق والسحاب هو المتراكم والمطر هو تلك الاجزاء المائية اذا التأم بعضها مع بعض وبردت وثقلت رجعت نحو الارض والبرد قطر تجمد فى الهواء بعد خروجه من سمك السحاب والثلوج قطر صغار تجمد فى خلال الغيم ثم تنزل برفق من السحاب انهى والاجزاء اللطيفة الارضية تسمى دخانا والمائية بخارا ، قال ابن التمجيد اذا اشرقت الشمس على ارض يابسة تحللت منها اجزاء نارية ويخالطها اجزاء ارضية يسمى المركب منهما دخانا ، وفى الشرح القانون الفرق بين الدخان والبخار هو ان تركيب الدخان من الاجزاء الارضية والنارية وتركيب البخار من المائية والهوائيه فيكون البخار الطف من الدخان { فيصيب به } اى بما ينزل من البرد والباء للتعدية : وبالفارسية [ بس ميرساند آند تكرك را ] { من يشاء } فيناله ما يناله من ضرر فى نفسه وماله نحو الزرع والضرع والثمرة { ويصرفه عمن يشاء } فيأمن غائلته { يكاد سنا برقه } اى يقرب ضوء برق السحاب فان السنا مقصورا بمعنى الضوء الساطع وممدودا بمعنى الرفعة والعلو والبرق لمعان السحاب ، وفى القاموس البرق واحد بروق السحاب او ضرب ملك السحاب وتحريكه اياه لينساق فترى النيرا ، وفى اخوان الصفاء البرق نار تنقدح من احتكاك تلك الاجزاء الدخانية فى جوف السحاب { يذهب بالابصار } اى يخطفها من فرط الاضاءة وسرعة ورودها ، قال الكاشفى [ واين دليل است بر كمال قدرت كه شعله آتش ازميان ابر آبدار بيرون مى آرد ] فسبحان من يظهر الضد من الضد. ٤٤ { يقلب اللّه الليل والنهار } بالمعاقبة بينهما او بنقص احدهما وزيادة الآخر او بتغيير احوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور وغيرها مما يقع فيهما من الامور التى من جملتها ما ذكر من ازجاء السحاب وماترتب عليه وفى الحديث قال اللّه تعالى ( يؤذينى ابن آدم بسب الدهر وانا الدهر بيدى الامر اقلب الليل والنهار ) كذا فى المعالم والوسيط { ان فى ذلك } الذى فصل من الازجاء الى التقليب { لعبرة } لدلالة واضحة على وجود الصانع القديم ووحدته وكمال قدرته واحاطة علمه بجميع الاشياء ونفاذ مشيئته وتنزهه عما لا يليق بشأه العلى واصل العبر تجاوز من حال الى حال والعبرة الحالة التى يتوصل بها من معرفة المشاهد الى ما ليس بمشاهد { لاولى الابصار } لكل من يبصر ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة كما فى المفردات . يعنى ان من له بصيرة يعبر من المذكور الى معرفة المدبر ذلك من القدرة التامة والعلم الشامل الدال قطعا على الوحدانية ، وسئل سعيد بن المسيب اى العبادة افضل قال التفكر فى خلقه والتفقه فى دينه ، ويقال العبر باوقار والمعتبر بمثقال فعلى العاقل الاعتبار آناء الليل اطراف النهار ، قالت رابعة القيسية رحمها اللّه ما سمعت الاذان الا ذكرت منادى يوم القيامة وما رأيت الثلوج الا ذكرت تطاير الكتب مارأيت الجراد الا ذكرت الحشر. والاشارة فى الآية الكريمة ان اللّه تعالى يسوق السحب المتفرقة الت تنشأ من المعاصى والاخلاق الذميمة ثم يؤلف بينها ثم يجعلها مترا كما بعضها على بعض فترى مطر التوبة يخرج من خلاله كما خرج من سحاب وعصى آدم ربه فغوى مطر ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى فالانسان من النيسان والشر جزء من البشر فاذا انب الانسان فلتكن همته طلب العفو والرحمة من اللّه تعالى ولا يمتنع منه مستعظما لذنبه ظانا ان اللّه تعالى وصف ذاته الازلية بالغفارية والتوابية حين لم يكن بشر ولا ذنب ولا حادث من الحوادث فاقتضى ذلك وجود الذنب من الانسان البتة لان المغفرة انما هى بالنسبة الى الذنب : ولذا قال الحافظ سهو وخاطاى بنده كرش نيست اعتبار ... معنىء عفو ورحمت آمر زكار جيست وينزل اللّه من سماء القلب من قساوة فيها جموده من قهر الحق وخذلانه فيصيب من برد القهر من يشاء من اهل الشقاوة ويصرفه عمن يشاء من اهل السعادة يكاد سنا برق القهر يذهب البصائر يقلب اللّه ليل معصية من يشاء نهار الطاعة كما قلب فى حق آدم عليه السلام ويقلب نهار طاعة من يشاء ليل المعصية كما قلب فى حق ابليس ان فى ذلك التقليب لعبرة لارباب البصائر بان يشاهدوا آثار لطفه وقهره فى مرآة التقليب كذا فى التأويلات النجمية. ٤٥ { واللّه خلق كل دابة } الدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الخيوان وفى الحشرات اكثر كما فى المفردات والدابة هنا ليست عبارة عن مطلق ما يمشى ويتحرك بل هى اسم للحيوان الذى يدب على الارض ومسكنه هنالك فيخرج منها الملائكة والجن فان الملائكة خلقوا من نور والجن من نر ، وقال فى فتح الرحمن خلق كل حيوان يشاهد فى الدنيا ولا يدخل فيه الملائكة والجن لانا لانشاهدهم انتهى . ةوالمعنى خلق كل حيوان يدب على الارض { من ماء } هو جزؤ مادته اى احد العناصر الاربعة على ان يكون التنوين للوحدة الجنسية فدخل فيه آدم المخلوق من تراب وعيسى المخلوق من روح او من ماء مخصوص هو النطفة اى ماء الذكر والانثى على ان يكون التنوين للوحدة النوعية فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل اذ من الحيوان ما يتولد لاعن نطفة [ درتبيان از ابن عباس رضى اللّه عنهما نقل ميكندكه حق سبحانه جوهرى آفريد ونظر هيبت برو افكند بكداخت وآب شد بعض آنراتغليب نمود بآتش وازان جن بيافريد بس بغضى را تغليب كرد بباد وازان ملائكة بيافريد بس تغليب نمود مقدارى را بخاك وازان آدمى وسائر حيوانات خلق كرد واصل آن همه آبست ] ، قال فى الكواشى تنكير ماء موذن ان كل دابة مخلوقة من ماء مختص بها وهو النطفة فجميع الحيوان سوى الملائكة والجن مخلوق من نطفة وتعريف الماء فى قوله { وجعلنا من الماء كل شىء حى } نظر الى الجنس الذى خلق مه جميع الحيوان لان اصل جميع الخلق من الماء ، قالوا خلق اللّه ماء فجعل بعضه ريحا فخلق منها الملائكة وجعل بعضه نارا فخلق منها الجن وبعضه طينا فخلق منه آدم انتهى. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ذى روح خلق من نور محمد عليه السلام لان روحه اول شىء تعلقت به القدرة كما قال ( اول ما خلق اللّه روحى ) ولما كان هو درة صدف الموجودات عبر عن روحه بدرة وجوهرة فقال ( لما اراد اللّه ان يخلق العالم خلق درة ) وفى رواية جوهرة ( ثم نظر اليها بنظر الهيبة فصارت ماء ) الحديث فخلقت الارواح من ذلك الماء اه ، فان قيل ما الحكمة فىخلق كل شىء من الماء قيل لان الخلق من الماء اعجب لانه ليس شىء من الاشياء اشد طوعا من الماء لان الانسان لو اراد ان يمسكه بيده او اراد ان يبنى عليه او يتخذ مه شيأ لايمكنه والناس يتخذون من سائر الاشياء انواع الاشياء ، قيل فاللّه تعالى اخبر انه يخلق من الماء الوانا من الخلق وهو قادر على كل شىء كذا فى تفسير ابى الليث عليه الرحمة { فمنهم من يمشى على بطنه } كالحية والحوت ونحوهما وانما قال يمشى على وجه المجاز وان كان حقيقة المشى بالرجل لانه جمعه مع الذى يمشى على التبع. يعنى ان تسمية حركة الحية مثلا ومرورها مشيا مع كونها زحفا للمشاكلة فان المشى حقيقة هو قطع المسافة والمرور عليها مع قيد كون ذلك المرور على الارجل { ومنهم من يمشى على رجلين } كلانس والجن والطير كما فى الجلالين { ومنهم من يمشى على اربع } كالنعم والوحش وعدم التعرض لما يمشى على اكثر من اربع كالعناكب ونحوها من الحشرات لعدم الاعتداد بها كما فى الارشاد ، وقال فى فتح الرحمن لانها فى الصورة كالتى تمشى على اربع وانما تمشى على اربع منها كما فى الكواشى وتذكير الضمير فى منهم لتغليب العقلاء والتعبير عن الاصناف بمن ليوافق التفصيل الاجمال وهوهم فى فمنهم والترتيب حيث قدم الزاحف على الماشى على رجلين وهو على الماشى على اربع لان المشى بلا آلة ادخل فى القدرة من المشى على الرجلين وهو اثبت لها بالنسبة الى من مشى على اربع { يخلق اللّه مايشاء } مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا كان او مركبا على ماشاء من الصور والاعضاء والهيآت والحركات والطبائع والقوى والافاعل مع اتحاد العنصر [ صابح حديقه فرموده اوست قادر بهرجه خواهدوخواست ... كارها جمله نزد او بيداست وقال بعضهم نقشنبد برون كلها اوست ... نقش دان درون دلها اوست { ان اللّه على كل شىء قدير } فيفعل اللّه مايشاء كما يشاء. ٤٦ { لقد انزلنا آيات مبينات } اى لكل مايليق بيانه من الاحكام الدينية والاسرار التكوينية { واللّه يهدى من يشاء } بالتوفيق للنظر الصحيح فيها والارشاد الى التأمل فى معانيها { الى صراط مستقيم } يعنى الاسلام الذى هو دين اللّه وطريقه الى رضاه وجنته. وفى التأويلات النجمية اخبر عن سيرة هذه الدواب التى خلقت من الماء فقال { فمنه من يمشى على بطنه } يعنى سيرته فى مشيه ان يضيع عمره فى تحصيل شهوات بطنه { ومنهم من يمشى على رجلين } اى يضيع عمره فى تحصيل شهوا فرجه فان كل حيوان اذا قصد قضاء شهوته يمشى على رجلين عند المباشرة وان كان له اربع قوائم { فمنهم من يمشى على اربع } اى يضعي عمره فى طلب الجاه لان اكثر طالبى الجاه يمشى راكبا على مركوب اربع قوائم كالخيل والبغال الحمير كما قال تعالى { والخيل والبغال الحمير لتركبوها وزينة يخلق اللّه مايشاء } من انواع المخلوقات على مقتضى حكمته ومشيته الازليه لما يشاء كما يشاء اظهارا للقدرة ليعلم ان اللّه على خلق كل نوع من انواع المخلوقات والمقدروات قادر ومن اخبار الرشيد انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى اللّه عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفه الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك واكرمه { لقد انزلنا آيات مبينات } اى انزلنا القرآن مبينات آياته ماخلقنا من كل نوع من انواع الانسان المذكورة اوصافهم ولكنهم لو وكلوا الى ما جبلوا عليه لما كانوا يهتدون الا الى هذه الاوصاف التى جبلوا عليها ولا يهتدون الى صراط مستقيم هو صراط اللّه بارادتهم ومشيئتهم { واللّه يهدى من يشاء الى صراط مستقيم } يصل به الى الحضرة بمشيئة اللّه وارادته الازلية تسأل اللّه الهداية الى سواء الطريق والتوفيق لجادة التحقيق. ٤٧ { ويقولون آمنا باللّه وبالرسول } نزلت فى بشر المنافق خاصم يهوديا فى ارض فدعاه الى كعب بن الاشرف من احبار اليهود ودعاه اليهودى الى النبى عليه الصلاة والسلام فصيغه الجمع للايذان بان للقائل طائفة يساعدونه ويتابعونه فى تلك المقالة كما يقال بنوا فلان قتلوا فلانا والقاتل منهم واحد { واطعنا } اى اطعناهما فى الامر والنهى والاطاعة فعل يعمل بالامر لاغير لانها الانقياد وهو لا يتصور الابعد الامر بخلاف العبادة وغيرها { ثم يتولى } يعرض عن قبول حكمه ، قال الامام الراغب تولى اذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله فى اقرب المواضع واذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك القرب فان الولى القرب والتولى قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الاصغاء والائتمار وثم يجوز ان يكون للتراخى الزمانى وان يكون لاستبعاد امر التولى عن قولهم آمنا واطعنا { فريق منهم } اى من القائلين ، قال فى فى المفردات الفرق القطعة المنفصلة ومنه الفرقة للجماعة المنفردة من الناس والفريق الجماعة المنفردة عن آخرين { من بعد ذلك } القول المذكور { وما اولئك } اشارة الى القائلين فان نفى الايمان عنهم مقتض لنفيه عن الفريق المتولى بخلاف العكس اى وما اولئك الذين يدعون الايمان والاطاعة ثم يتولى بعضهم الذين يشاركونهم فى الاعتقاد والعمل { بالمؤمنين } حقيقة كما يعرف عنه اللام اى ليسوا بالمؤمنين المعهودين بالاخلاص فى الايمان والثبات عليه. ٤٨ { واذا دعوا ال اللّه ورسوله ليحكم } اى الرسول { بينهم } لانه المباشر للحكم حقيقة وان كان الحكم حكم اللّه حقيقة وذكر اللّه لتفخيمه عليه السلام والايذان بجلالة محله عنده تعالى والحكم بالشىء ان تقضى بانه كذا وليس بكذا سواء الزمت بذلك غير او لم تلزمه { اذا فريق منهم معرضون } اى فاجأ فريق منهم الاعراض عن المحاكمة اليه عليه السلام لكون لحق عليهم وعلمهم بانه عليه السلام يحكى بالحق عليهم ولا يقبل الرشوة وهو شرح للتولى ومبالغة فيه واعرض اظهر عرضه اى ناحيته. ٤٩ { وان يكون لهم الحق } اى الحكم لا عليهم { يأتوا اليه } الى صلة يأتوا فان الاتيان والمجيء يعديان بالى { مذعنين } منقادين لجزمهم بانه عليه السلام يحكم لهم. ٥٠ { أفى قلوبهم مرض } انكار واستقباح لاعراضهم المذكور وبيان لمنشأة اى أذلك الاعراض لانهم مرضى القلوب لكفرهم ونفاقهم { ام } لانهم { ارتابوا } اى شكوا فى امر نبوته عليه السلام مع ظهور حقيقتها { ام } لانهم { يخافون ان يحيف اللّه عليهم ورسوله } فى الحكومة . والحيف الجور والظلم الميل فى الحكم الى احد الجانبين يقال حاف فى قضيته اى جار فيما حكم ثم اضرب عن الكل وابطل منشئيته وحكم بان المنشأ شىء آخر من شنائعهم حيث قيل { بل اولئك هم الظالمون } اى ليس ذلك الشىء مما ذكر اما الاولان فلانه لو كان لشىء مهما لاعرضوا عنه عليه السلام عند كون الحق لهم ولما اتوا اليه مذعنين لحكمه لتحقق نافقهم وارتيابهخم حينئذ ايضا واما الثالث فلانتفائه رأسا حيث كانوا لايخافون الحيف اصلا لمعرفتهم امانته عليه لسلام وثباته على الحق بل لانهم هم الظالمون يريدون ان يظلمموا من له الحق عليه ويتم لهم جحوده فيأبون المحاكمة اليه عليه السلام لعلهم بانه يقضى عليهم بالحق فمناط النفى المستفاد من الاضراب فى الاولين هو و صف منشئيتهما فى الاعراض فقط مع تحققهما فى نفسهما وفى الثالث هو الوصف مع عدم تحققه فى نفسه وفى الرابع هو الاصل والوصف جميعا. ٥١ { انما كان قول المؤمنين } بالنصب على انه خبر كان وان مع مافى حيزها اسمها { اذا دعوا الى اللّه ورسوله ليحكم } اى الرسول { بينهم } وبين خصومهم سواء كانوا منهم او من غيرهم { ان يقولوا سمعنا } الدعاء { وأطعنا } بالاجابة والقبول والطاعة موافقة الامر طوعا وهى تجوز لله ولغيره كم فى فتح الرحمن [ يهرجه كنى درميان حكمى ] { واولئك } المنعوتون بما ذرك من النعت الجميل { هم المفلحون } الفائزون بكل مطلب والناجون من كل محذور . قال فى المفردات الفلاح الظفر وادراك البغية. ٥٢ { ومن } [ وهركه ] { يطع اللّه ورسوله } اى من يطعهما كائنا من كمان فما امرا به من الاحكام الشرعية اللازمة والمتعدية { ويخش اللّه } على ما مضى من ذنوبه ان يكون مأخوذا بها { ويتقه } فيما بقى من عمره واصله يتقيه فحذف الياء للجزم فصار يتقه كسر القاف والهاء ثم سكن القاف تخفيفا على خلاف القياس لان ما هو على صيغة فعل انما يسكن عينه اذا كانت كلمة واحدة نحو كتف فى كتف ثم اجرى ما اشبه ذلك من المنفصل مجرى المتصل فان تقه فى قولنا يتقه بمنزلة كتف فسكن وسطه كما سكن وسط كتف { فاولئك } الموصوفون بالطاعة والخشية والاتقاء { هم الفائزون } بالنعيم المقيم لامن عداهم . والفوز مع حصول السلامة كما فى المفردات [ در كشاف أورده كه ملكى از علما التماس آيتى كردكه بدان عمل كافى باشد ومحتاج بآيات ديكر بناشد علماى عصار وبرين آيت اتفاق كردند جه حصول فوز وفلاح جزبفرمان بردارى وخشيت وتقوى ميسر نيست ] اينك ره اكر مقصد اقصى طلبى ... وينك عمل ار رضاى مولى طلبى فلابد من الاطاعة لله ولرسوله فى اداء الفرائض واجتناب المحارم فقد دعا اللّه تعالى فلا بد من الاجابة ، قال ابن عطاء رحمه اللّه الدعوة الى اللّه بالحقيقة والدعوة الى الرسول بالنصيحة فمن لم يجب داعى اللّه كفر ومن لم يجب داعى الرسول ضل وسبب عدم الاجابة المرض ، قال الامام الراغب المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالانسان وذلك ضربان جسمى وهو المذكور فى قوله تعالى { ولاعلى المريض حرج } والثانى عبارة عن الرذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق ونحوها من الزذائل الخلقية نحو قوله تعالى { فى قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا } ويشبه النفاق والكفر وغيرهما من الزذائل بالمرض اما لكونها مانعة عن ادراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل واما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة فى قوله تعالى { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } واما ليل النفس بها الى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض الى الاشياء المضرة انتهى و فى الحديث ( لايؤمن احدكم حتى يكون هواه تابعا لما جئت به ) معناه لايبلغ العبد كمال الايمان ولا يستكمل درجاته حتى يكون ميل نفسه منقادا لما جاء به النبى عليه السلام من الهدى والاحكام ثم ان حقيقة الاطاعة والاجابة انما هى بترك ما سوى اللّه والاعراض عما دونه فمن اقبل على غيره فهو لأفات عرضت له وهى انحراف مزاج قلبه عن فطرة اللّه التى فطر الناس عليها من حب اللّه وحب الآخرة والشك فى الدين بمقالات اهل الاهواء والبدع من المتفلسفين والطبائعيين والدهريين وغيرهم من الضلال وخوف الحيف بان يأمره اللّه ورسوله بترك الدنيا ونهى النفس عن الهوى وانواع المجاهدات والرياضات المؤدية الى تزكية النفس وتصفية القلب لتحلية الروح بحلية اخلاق الحق والوصول الى الحضرة ثم لا يوفيان بما وعدا بقوله { للذين احسنوا الحسنى وزيادة } ويظلمان عليه بعدم اداء حقوقه اما علم ان اللّه لا يظلم مثقال ذرة. ٥٣ { واقسموا باللّه } اى حلق المنافقون باللّه واصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين فى الدم ثم صار اسما لكل حلف { جهد ايمانهم } الجهد بالفتح الطاقة واليمين فى اللغة القوة وفى الشرع تقوية احد طرفى الخبر بذكر اللّه ، قال الامام الراغب اليمين فى الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المجاهد والمعاهد عنده ، قال فى الارشاد جهد نصب على انه مصدر مؤكد لفعله الذى هو فى حيز النصب على نه حال من فاعل اقسموا اى اقسموا به تعالى يجهدون ايمانهم جهدا ومعنى جهد اليمين بلوغ غايتها بطريق الاستعارة من قولهم جهد نفسه اذا بلغ اقصى وسعها وطاقتها اى جاهدين بالغين اقصى مراتب اليمين فى الشدة والوكادة فممن قال اقسم باللّه فقد جهد بيمينه ومعنى الاستعارة انه لما لم يكن لليمين وسع وطاقة حتى يبلغ المنافقون اقصى وسع اليمين وطاقتها كان باصله يجهدون ايمانهم جهدا ثم حذف الفعل وقدم المصدر فوضع موضعه مضافا الى المفعول نحو فضرب الرقاب : وبالفارسية [ وسوكند كردند منافقان بخداى تعالى سخترين سوكندان خود ] { لئن امرتهم } اى بالخروج الى الغزو فانهم كانوا يقولون لرسول اللّه اينما كنت نكن معك ولئن خرجت خرجنا معك وان اقمت اقمنا وان امرتنا بالجهاد جاهدنا { ليخرجن } جواب لاقسموا لان اللام الموطئة للقسم فى قوله لئن امرتهم جعلت ما يأتى بعد الشرط المذكور جوابا للقسم لاجزاء للشرط وكان جزاء الشرط مضمرا مدلولا عليه بجواب القسم وجواب القسم وجزاء الشرط لما كانا متماثلين اقتصر على جواب لقسم وحيث كانت مقالتهم هذه كاذبة ويمينهم فاجرة امر عليه السلام بردها حيث قيل { قل لاتقسموا } لا تحلقوا باللّه على ماتدعون من الطاعة { طاعة معروفة } خبر مبتدأ محذوف والجملة تعليل للنهى اى لان طاعتكم طاعة نفاقية واقعة باللسان فقط من غير مواطأة من القلب وانما عبر عنها بمعروفة للايذان بان كونها كذلك مشهور معروف لكل احد كذا فى الارشاد ، وقال بعضهم طاعة معروفة بالاخلاص وصدق النية خير لكم وامثل من قسمكم باللسان بالمطلوب منكم هى لا اليمين الكاذبة المنكرة. وفى التأويلات النجمية { قل لا تقسموا } بالكذب قولا بل اطيعوا فعلا فانه { طاعة معروفة } بالافعال غير دعوى القيل والقال { واللّه خبير بما تعملون } بالحال صدقا وبالقال كذبا او بطاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل فيجازيكم على ذلك. ٥٤ { قل اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول } فى الفرائض والسنن على رجاء الرحمة والقبول { فان تولوا } بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا عن هذه الطاعة اثر ما امرتهم بها { فانما عليه } اى فاعلموا انما عليه صى اللّه عليه وسلم { ما حمل } اى ما كلف وامر به من تبليغ الرسالة { وعليكم ما حمتلم } ما امرتم به من الاجابة والطاعة ولعل التعبير عنه بالتحمل للاشعار بثقله وكونه مؤونة باقية فى عهدتهم بعد كأنه قيل وحيث توليتم عن ذلك فقد بقيتم تحت ذلك الحمل الثقيل { وان تطيعوه } اى فيما امركم به من الطاعة { تهتدوا } الى الحق الذى هو المقصد الاقصى الموصل الى كل خير والمنجى من كل شر وتأخيره عن بيان حكم التولى لما فى تقديم الترهيب من تأكيد الترغيب { وما على الرسول } محمد ويبعد ان يحمل على الجنس لانه اعيد معرفا { الا البلاغ المبين } التبليغ الموضح لكل ما يحتاج الى الايضاح وقد فعل وانما بقى ما حملتم فان اديتم فلكم وان توليتم فعليكم ، قال ابو عثمان رحمه اللّه من امر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة لان اللّه تعالى قال { وان تطيعوه تهتدوا } ، ياقل ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل واحدة منها بغير قرينتها : اولاها قوله تعالى { واقيموا الصلوة وآتوا الزكوة } فمن صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة : والثانية قوله تعالى { اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول } فمن اطاع اللّه ولم يطع الرسول لم يقبل منه : والثالثة قوله تعالى { ان اشكر لى ولوالديك } فمن شكر اللّه فى نعمائه ولم يشكر الوالدين لا يقبل منه ذلك فاطاعة الرسول مفتاح باب القبول ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة اللّه وعدله دخول الجنة فاذا كان من تبع المطيعين كذلك فما ظنك بالمطيعين ، قال حاتم الاصم رحمه اللّه من ادعى ثلاثا بغير ثلاث فهو كذاب من ادعى حب الجنة من غير انفاق فهوه كذاب ومن ادعى محبة اللّه من غير ترك محارم اللّه فهو كذاب ومن ادعى محبة النبى عليه السلام من غير محبة الفقراء فهو كذاب محب درويشان كليد جنت است ... واعلم ان احمد بن حنبل رحمه اللّه لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة فى الحمام قيل له فى المنام ان اللّه تعالى جعلك اماما للناس برعايتك الشريعة : وفى المثنوى رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود نسأل اللّه التوفيق. ٥٥ { وعد اللّه الذين آموا وعلموا الصالحات } الخطاب لعامة الكفرة ومن تبعيضية او له عليه السلام ولمن معه منن المؤمنين ومن بيانية وتوسيط الظرف بين المعطوفين لاظهار اصالة الايمان { ليستخلفنهم فى الارض } جواب للقسم اما باضمار على معنى وعدهم اللّه واقسم لستخلفنهم او بتنزيل وعده تعالى منزلة القسم لتحقق انجازه لا محالة اى ليجعلهم خلفاء متصرفين فى الارض تصرف الملوك فى ممالكهم ، قال الكاشفى [ فى الارض : درزمين كفار ازعرب وعجم ] لقوله عليه السلام ( ليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل ) ، قال الراغب الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه واما لموته واما لعجزه واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الاخير استخلف اللّه اولياءه فى الارض { كما استخلف الذين من قبلهم } اى استخلافا كائنا كاستخلاف الذين من قبلهم وهم بنوا اسرائيل استخلفهم اللّه فى مصر والشام بعد اهلاك فرعون والجبابرة { وليمكنن لهم دينهم } التمكين جعل الشىء مكانا لآخر يقال مكن له فى الارض اى جعلها مقر له ، قال فى تاج المصادر التمكين [ دست دادن وجاى دادن ] يقال مكنتك ومكنت لك مثل نصحتك وتصحت لك ، وقال ابو على يجوز ان يكون على حد ردف لكم انتهى . والمعنى ليجعلن دينهم مقررا ثابتا بحيث يستمرون على العمل باحكامه من غير منازع { الذى ارتضى لهم } الارتضاء [ بسنديدن ] كما فى التاج. قال فى التأويلات النجمية يعنى يمكن كل صنف من الخلفاء حمل امانته التى ارتضى لهم من انواع مراتب دينهم فانهم ائمة اركان الاسلام ودعائم الملة الناصحون لعباده الهادون من يسترشد فى اللّه حفاظ الدين وهم اصناف . قوم هم حفاظ اخبار الرسول عليه السلام وحفاظ القرآن وهم بمنزلة الخزنة . وقوم هم علماء الاصول من الرادين على اهل العناد واصحاب البدع بواضح الادلة غير مخلصين الاصول بعلوم الفلاسفة وشبههم فانها مهلكة عظيمة لا يسلم منها الا العلماء الراسخون والاولياء القائمون بالحق وهم بطارقة الاسلام وشجعانه . وقوم هم الفقهاء الذين اليهم الرجوع فى علوم الشريعة من العبادات وكيفية المعاملات وهم فى الدين بمنزلة الوكلاء والمتصرفين فى الملك . وآخرون هم اهل المعرفة واصحاب الحقائق وارباب السلوك الكاملون المكملون وهم خلفاء اللّه على التحقيق واقطاب العالم وعمد السماء واوتاد الارض بهم تقوم السموات والارض وهم فى الدين كخواص الملك واعيان مجلس السلطان فالدين معمور بهؤلاء على اختلاف طبقاتهم الى يوم القيامة { وليبدلنهم } التبديل جعل الشىء مكان آخر وهو اعم من العوض فان العوض هو ان يصير لكم الثانى باعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله : والمعنى بالفارسية [ وبدل دهد ايشانرا ] { من بعد خوفهم } من الاعداء { امنا } منهم واصل الامن طمانينة النفس وزوال الخوف كان اصحاب النبى عليه السلام قبل الهجرة كثر من عشر سنين خائفين ثم هاجروا الى المدينة وكانوا يصبحون فى السلاح ويمسون فيه حتى نجز اللّه وعده فاظهرهم على العرب كلهم وفتح لهم بلاد الشرق والغرب دمبدم صيت كمال دولت خدام او ... عرصه روى زمين راسر بسر خواهد كرفت شاهباز همتش جون بر كشايد بال قدر ... ازثريا تا ثرى در زير برخواهد كرفت { يعبدوننى } حال من الذين آمنوا لتقييد الوعد بالثبات على التوحيد { لايشركون بى شيأ } حال من الواو اى يعبدوننى غير مشركين بى فى العباد شيأ { ومن كفر } ومن ارتد { بعد ذلك } الوعد او اتصف بالكفر بان ثبت واستمر عليه ولم يتأثر بمامر من الترغيب والترهيب فان الاصرار عليه بعد مشاهدة دلائل التوحيد كفر مستأنف زائد على الاصل او كفر هذه النعمة العظيمة { فاولئك هم الفاسقون } الكاملون فى الفسق والخروج عن حدود الكفر والطغيان ، قال المفسرون اول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضى اللّه عنه فلما قتلوه غير اللّه ما بهم من الامن وادخل عليهم الخوف الذى رفع عنهم حتى صاروا يقتلون بعد ان كانوا اخوانا متحابين واللّه تعالى لا يغير نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم وفى الحديث ( اذا وضع السيف فى امتى لا يرفع عنها الى يوم القيامة ) وفى المثنوى هرجه باتوا آيد از ظلمات غم ... آن زبى شرمى وكستاخيست هم قال ابراهيم بن ادهم رحمه اللّه مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير اللّه معرفتى. ٥٦ { واقيموا الصلوة وآتوا الزكاة } عطف على مقدر يستدعيه المقام اى فآمنوا وعلموا صالحا واقيموا الخ { واطيعوا الرسول } فى سائر ما امركم به فهو من باب التكميل { لعلكم ترحمون } اى افعلوا ما ذكر من الاقامة والايتاء والاطاعة راجين ان ترحموا فهو متعلق بالاوامر الثلاثة. ٥٧ { لاتحسبن } يا محمد او يامن يصلح للخطاب كائنا من كان { الذين كفروا } مفعول اول للحسبان { معجزين فى الارض } العجز ضد القدرة واعجزت فلانا جعلنه عاجزا اى معجزين لله عن ادراكهم واهلاكهم فى قطر من الاقطار بما رحبت وان هربوا منها كال مهرب { ومأواهم النار } عطف على جملة النهى بتأويلها بجملة خبرية اى لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الارض فانهم مدركون ومأواهم النار { ولبئس المصير } جواب لقسم مقدر والمخصوص بالمدح محذوف اى وباللّه لبئس المصير والمرجع هى اى النار يقال صار الى كذا اى انتهى اليه ومنه صير الباب لمصيره الذى ينتهى اليه فى تنقله وتحركه ، وفى الآية اشارة الى كفران النعمة فان الذين انفقوا النعمة فى المعاصى وغيروا ما بهم من الطاعات مأواهم نار القطيعة ، قال على رضى اللّه عنه اقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه ، قال الحسن رحمه اللّه اذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان اللّه زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وكل ما اوجد لفعل ما فشرفه لتمام وجود ذلك الفعل منه كالفرس للعدو فى الكرّ والفرّ والسيف للعمل والاعضاء خصوصا اللسان للشكر ومتى لم يوجد فيه المعنى الذى لاجله اوجد كان ناقصا فالانسان القاصر فى عباداته كالانسان الناقص فى اعضائه والآته ، واعلم ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد دعا جميع الناس الى اللّه تعالى والى توحيده وطاعته فاجاب من اجاب وهم اهل السعادة واولهم الصاحبة رضىة اللّه عنهم واعرض من اعرض وهم اهل الشقاوة واقدمهم الكفرة والمنافقون المعاصرون له عليه السلام ولما هربوا من باب اللّه تعالى بترك اطاعة رسوله واصروا عليه عاقبهم اللّه تعالى عاجلا ايضا حيث قتلوا فى الوقائع واصيبوا بما لايخطر ببالهم فانظر كيف ادركهم اللّه تعالى فلم يعجزه كما ادرك الامم السالفة العاصة نسأل اللّه تعالى ان يجعلنا فى حصين عصمته ويتغمدنا برحمته ويحرسنا بعين عنايته. ٥٨ { يا ايها الذين آمنوا } روى ان غلاما لاسماء بنت ابى مرثد دخل عليها فى وقت كراهته فنزلت والخطاب للرجال المؤمنين والنساء المؤمنات جميعا بطريق التغليب { ليستأذنكم } هذه اللام لام الامر الاستئذان طلب الاذن والاذن فى الشىء اعلام باجازته والرخصة فيه : والمعنى بالفارسية [ بايدكه دستورى طلبند از شما ] { الذين ملكت ايمانكم } من العبيد والحوارى { والذين لم يبلغوا الحلم } اى الصبيان القاصرون عن درجة البلوغ المعهود والتعبير عن البلوغ بالاحتلام لكونه اظهر دلائله وبلوغ الغلام صيرورته بحال لو جامع انزل ، قال فى القاموس الحلم بالضم والاحتلام الجماع فى النوم والاسم الحلم كعنق انتهى ، وفى المفردات ليس الحلم فى الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل وتسمى البلوغ بالحلم لكونه جديرا صاحبه بالحلم { منكم } اى من الاحرار { ثلث مرات } ظرف زمان ليستأذن ايى ليستأذنوا فى ثلاثة اوقات فى اليوم والليلة لانها ساعات غرة وغفلة ثم فسر تلك الاوقات بقوله { من قبل صلوة الفجر } لظهور انه وقت القيام عن المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة ومحله النصب على انه بدل من ثلاث مرات { وحين تضعون ثيابكم } اى ثيابكم التى تلبسونها فى النهار وتخلعونها لاجل القيلولة وهى النوم نصف النهار { من الظهيرة } بيان للحين وهى شدة الحر عند انتصاف النهار ، قال فى القاموس الظهيرة حد انتصاف النهار انما ذلك فى القيظ والتصريح بمدار الامر اعنى وضع الثياب فى هذا الحين دون الاول والآخر لما ان التجرد عن الثياب فيه لاجل القيلولة لقلة زمانها ووقوعها فى النهار الذى هو مظنة لكثرة الورود والصدور ليس من التحقق والاطراد بمنزلة مافى الوقتين فان تحقق التجرد واطراده فيهما امر معروف لايحتاج الى التصريح به { ومن بعد صلوة العشاء } الآخرة ضرورة انه وقت التجرد عن اللباس والالتحاف باللحاف وهو كل ثوب تغطيت به { ثلث عورات } خبر مبتدأ محذوف اى هن ثلاثة اوقات كائنة { لكم } يختل فيها التستر عادة والعورة الخلل الذى يرى منه مايراد ستره وسميت الاوقات المذكورة عورات مع انها ليست نفس العورات بل هذه اوقات العورات على طريق تسمية الشىء باسم ما يقع فيه مبالغة فى كونه محلاله { ليس عليكم ولا عليهم } اى على المماليك والصبيان { جناح } اثم فى الدخول بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الامر والاطلاع على العورات { بعدهن } اى بعد كل واحدة من تلك العورات الثلاث وهى الاوقات المتخللة بين كل وقتين منهم فالاستئذان لهؤلاء مشروع فيها لابعادها ولغيرهم فى جميع الاوقات { طوافون } اى هم يعنى المماليك والاطفال طوافون { عليكم } للخدمة طوافا كثيرا والطواف الدوران حول الشىء ومنه الطائف لمن يدور حول البيت حافا ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها { بعضكم } طائف { على بعض } اى هم يطوفون عليكم للخدمة وانتم تطوفون للاستخدام ولو كلفهم الاستئذان فى كل طوفة اى فى هذه الاوقات الثلاثة وغيرها لضاف الامر عليهم فلذا رخص لكم فى ترك الاستئذان فما وراء هذه الاوقات { كذلك } اشارة الى مصدر الفعل الذى بعده والكاف مقحمة اى مثل ذلك التبيين { يبين اللّه لكم الآيات } الدالة على الاحكام اى ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها لا انه تعالى بينها بعد ان لم تكن كذلك { واللّه عليم } مبالغ فى العلم بجميع المعلومات فيعلم احوالكم { حكيم } فى جميع افاعليه فيشرع لكم ما فيه صلاح امركم معاشا ومعادا روى عن عكرمة ان رجلين من اهل العراق سألا ابن عباس رضى اللّه عنهما عن هذه الآية فقال ان اللّه ستير يحب الستر وكان الناس لم يكن لهم ستور على ابوابهم ولا حجال فى بيوتهم فربما فاجأ الرجل ولده او خادمه او يتيم فى حجره ويرى منه مالا يحبه فامرهم اللّه تعالى ان يستأذنوا الثلاث ساعات التى سماها ثم جاء باليسر وبسط الرزق عليهم فاتخذو الستور والحجال فرأى الناس ان ذلك قد كفاهم عن الاستئذان الذى امروا به ، ففيه دليل على ان الحكم اذا ثبت لمعنى فاذا زال المعنى زال الحكم فالتبسط فى اللباس والمعاش والسكنى ونحوها مرخص فيه اذا لم يؤد الى كبر واغترار ، قال عمر رضى اللّه عنه اذا وسع اللّه عليكم فوسعوا على انفسكم. ويقال اليسار مفسدة للنساء لاستيلاء شهوتهن على عقولهن وفى الحديث ( ان اللّه يحب ان يرى اثر نعمته على عبده ) يعنى اذا آتى اللّه عبده نعمة من نعم الدنيا فليظهرها من نفسه وليلبس لباسا نظيفا يليق بحاله ولتكن نيته فى لبسه اظهار نعمة اللّه عليه ليقصده المحتاجون لطلب الزكاة والصدقات وليس لبس الخلق مع اليسار من التواضع ، وفى الآية رخصة اتخاذ العبيد والاماء للخدمة لمن قال بحقهم وبيان ان حق الموالى عليهم الخدمة وفى الحديث ( حسنة الحر بعشر وحسنة المملوك بعشرين ) يضاعف له الحسنة وهو لمن احسن عبادة اللّه ونصح لسيده اى اراد له خيرا واقام بمصالحه على وجه الخلوص كذا فى شرح المشارق ، قال فى نصاب الاحتساب وينبغى ان يتخذ الرجل جارية لخدمة داخل البيت دون العبد البالغ لان خوف الفتنة فى العبد اكثر من الاحرار الاجانب لان الملك يقلل الحشمة والمحرمية منتفية والشهوة داعية فلا يأمن الفتنة . وقيل من اتخذ عبدا لخدمة داخل البيت فهو كسحان بالسين المهملة اى اعرج او مقعد . وابتاع بعض المشايخ غلاما فقيل بورك لك فيه فقال البركة مع من قدر على خدمة نفسه واستغنى عن استخدام غيره فخفت مؤوته وهانت تكاليفه وكفى سياسة العبد والمرء فى بيته بمنزلة القلب وقلما تنتفع خدمة الجوارح الا بخدمة القلب ، ودلت الآية على ان من لم يبلغ وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع وينهى عن ارتكاب القبائح فانه تعالى امرهم بالاستئذان فى الاوقات المذكورة وفى الحديث ( مروهم بالصلاة وهم ابناء سبع واضربوهم على تركها وهم ابناء عشر ) وانما يؤمر بذلك ليعتاده ويسهل عليه بعد البلوغ ولذا كره الباسه ذهبا او حريرا لئلا يعاده والاثم على الملبس كما فى القهستانى : قال الشيخ سعدى قدس سره بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك وبدش وعده وبيم كن قال ابن مسعود رضى اللّه عنه اذا بلغ الصبى عشر سنين كتبت له حسناته ولم تكتب سيآته حتى يحتلم ، قال فى الاشباه وتصح عبادة الصبى وان لم تحب عليه واختلفوا فى ثوابها والمعتمد انه له وللمعلم ثواب التعليم وكذا بجميع حسناته وليس كالبالغ فى النظر الى الاجنبية والخلوة بها فيجوز له الدخول على النساء الى خمس عشرة سنة كما فى الملتقط : وقال الشيخ سعدى بسرجون زده بر كذشته سنين ... زنا محرمان كوفراتر نشين بر بنبه آتش تشايد فروخت ... كه تاجشم برهم زنى خانه سوخت ٥٩ { واذا بلغ الاطفال منكم الحلم } اى الاطفال الاحرار الاجانب فيخرج العبد البالغ فانه لايستأذن فى الدخول على سيدته فى غير الاوقات الثلاثة المذكورة كما قال فى التتمة يدخل العبد على سيدته بلا اذنها بالاجماع { فليستأذنوا } اى ان ارادوا الدخول عليكم { كما استأذن الذين } بلغوا الحلم { من قبلهم } او ذكورا من قبلهم كما قال تعالى فيما تقدم { لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا } الآية فالمعنى فليستأذنوا استئذنا كائنا مثل استئذان المذكورين قبلهم بان يستأذنوا فى جميع الاوقات ويرجعوا ان قيل لهم ارجعوا { كذلك يبين اللّه لكم آياته واللّه عليكم حكيم } كرره للتأكيد والمبالغة فى الامر بالاستئذان ، اعلم ان بلوغ الصغير بالاحبال والانزال والاحتلام وبلوغ الصغيرة بهما وبالحبل والحيض فان لم يوجد فيهما شىء من الاصل وهو الانزال والعلامة وهو الباقى فيبلغان حين يتم لهما خمس عشرة سنة كما هو المشهور وبه يفتى لقصر اعمار اهل زماننا ، قال بعض الصحابة كان الرجل فيمن قبلكم لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة ، قال وهب ان اصغر من مات من ولد ابن آدم مائتى سنة وادنى مدة البلوغ للغلام اثنتا عشرة سنة ولذا تطرح هذه المدة من سن الميت الذكر ثم يحسب ما بقى منع مره فتعطى فدية صلاته على ذلك وادنى مدته للجارية تسع سنين على المختار ولذا تطرح هذه المدة من الميت الانثى فلا تحتاج الى اسقاط صلاتها بالفدية ثم هذه بلوغ الظاهر واما بلوغ الباطن فبالوصول الى سر الحقيقة وكماليته فى اربعين من اول كشف الحجاب وربما يحصل للبعض علامة ذلك فى صباه ، قال ايوب عليه السلام ان اللّه يزرع الحكمة فى قلب الصغير والكبير فاذا جعل اللّه العبد حكيما فى الصبى لم تضع منزلته عند الحكماء حداثة سنهوهم يرون عليه من اللّه نور كرامته ، ودخل الحسين بن فضل على بعض الخلفاء وعنده كثير من اهل العلم فاحب ان يتكلم فمنعه فقال أصبى يتكلم فى هذا المقام فقال ان كنت صبيا فلست باصغر من هدهد سليمان ولا انت اكبر من سليمان حين قال { احطت بما لم تحط به } [ حكما كفته اند توانكرى بهنرست نه بمال وبزركى بعقلست نه بسال ] فالاعتبار لفضل النفس لا للصغر والكبر وغيرهما ، قال هشام بن عبدالملك لزيد بن على بلغنى انك تطلب الخلافة ولست لها باهل قال لم قال لانك ابن امة فقال فقد كان اسماعيل ابن امة واسحق ابن حرمة وقد اخرج اللّه من صلب اسماعيل خير ولد آدم صلوات اللّه عليه وعليهم اجمعين : قال الموالى الجامى قدس سرة جه غم زمنقصت صورت اهل معنى را ... جوجان زروم بود كوتن از حبش مى باش قال السعدى قدس سره جو كنعانرا طبيعت بى هنر بود ... بيمبر زادكى قدرش نيفزود هنر بنماى اكر دارى نه كوهر ... كل ازخارست وابراهيم ازآزر ٦٠ { والقواعد } مبتدأ جمع قاعد بلا هاء لاختصاصها بالمرأة واذا اردت القعود بمعنى الجلوس قلت قاعدة كحامل من حمل البطن وحاملة من حمل الظهر ، قال فى القاموس القاعد التى قعدت عن الولد وعن الحيض وعن الزوج { من النساء } حال من المستكن من القواعد اى العجائز اللاتى قعدن عن الحيض الحمل : وبالفارسية [ وتشستكان درخانها وباز ماندكان ] { اللاتى لا يرجون نكاحا } صفة للقواعد لا للنساء اى لايطمعن فى النكاح لكبرهن فاعتبر فيهن القعود عن الحيض الحمل الكبر ايضا لانه ربما ينقطع الحيض والرغبة فيهن باقية : وبالفارسية [ آنانكه اميد ندارند نكاح خودرا يعنى طمع نمى كنندكه كسى ايشانرا نكاح كند بجهت بيرى وعجز ] { فليس عليهن جناح } الجملة خبر مبتدأ اى اثم ووبال فى { ان يضعن } عند الرجال { ثيابهن } اى الثياب الظاهرة كالجلباب والازار فوق الثياب والقناع فوق الخمار { غير متبرجات بزينة } حال من فاعل يضعن . واصل التبرج التكلف فى اظهار ما يخفى خص بكشف عورة زينتها ومحاسنها للرجال . والمعنى حال كونهن غير مظهرات لزينة خفية كالسوار والخلخال والقلادة لكن لطلب التخفيف جاز الوضع لهن { وان يستعففن } بترك الوضع اى يطلبن العفة وهى حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة وهو مبتدأ خبره قوله { خير لهن } من الوضع لبعده من التهمة { واللّه سميع } مبالغ فى جميع مايسمع فيسمع ما يجرى بينهن وبين الرجال من المقاولة { عليم } فيعلم مقاصدهن وفيه من الترهيب ما لايخفى ، اعلم ان العجوز اذا كانت بحيث لا تشتهى جاز النظر اليها لأمن الشهوة . وفيه اشارة الى ان الامور اذا خرجت عن معرض الفتنة وسكنت ناشرة الآفات سهل الامر وارتفعت الصعوبة وابيحت الرخص ولكن التقوى فوق امر الفتوى كما اشار اليه قوله تعالى { وان يستعففن خير لهن } وفى الحديث ( لايبلغ العبد ان يكن من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به بأس ) ، قال ابن سيرين ما غشيت امرأة ققط لا فى يقظة ولا فى نوم غير ام عبداللّه وانى لارى المرأة فى المنام فاعلم انها لاتحل لى فاصرف بصرى ، قال بعضهم ليت عقلى فى اليقظة كعقل ابن سيرين فى المنام ، وفى الفتوحات المكية يجب على الورع ان يجتنب فى خياله كما يجتنب فى ظاهره لان الخيال تابع للحس ولهذا كان المريد اذا وقع له احتلام فلشيخه معاقبته على ذلك لان الاحتلام برؤيا فى النوم او بالتصور فى اليقظة لايكون الامن بقية الشهوة فى خياله فاذا احتلم صاحب كمال فانما ذلك لضعف اعضائه الباطنة لمرض طرأ فى مزاجه لاعن احتلام لا فى حلال ولا فى حرام انتهى . ثم ان العجوز فى حكم الرجل فى ترك الحجاب لا فى مرتبته كما قال حكيم ان خير نصفى الرجل أخره يذهب جهله ويتقرب حلمه ويجتمع رأيه وشر نصفى المرأة آخرها يسوء خقلها ويحد لسانها ويعقم رحمها ، وعدم رجاء النكاح انما هو من طرف الرجل لا من طرف العجوز غالبا فانه حكى ان عجوزا مرضت فاتى ابنها بطبيب فرآها متزينة باثواب مصبوغة فعرف حالها فقال ماحوجها الى الزوج فقال الابن ما للعجائز والازواج فقالت ويحك انت اعلم من الطبيب وحكى لما مات زوج رابعة العدوية استأذن عليها الحسن البصرى واصحابه فاذنت لهم بالدخول عليها وارخت سترا وجلست وراء الستر فقال لها الحسن واصحابه انه قد مات بعلك ولا بد لك منه قالت نعم وكرامة لكن من اعلمكم حتى ازوجه نفسى فقالوا الحسن البصرى فقالت ان اجبتنى فى اربع مسائل فانا لك فقال سلى ان وفقنى اللّه اجبتك قالت ما تقول لوم مت انا وخرجت من الدنيا مت على الايمان ام لا قال هذا غيب لا يعلمه الى اللّه ثم قالت ما تقول لو وضعت فى القبر وسألنى منكر ونكير أأقدر على جوابهما ام لا قال هذا غيب ايضا ثم قالت اذا حشر الناس يوم القيامة وتطايرت الكتب أأعطى كتابى بيمينى ام بشمالى قال هذا غيب ايضا ثم قالت اذا نودى فى الخلق فريق فى الجنة وفريق فى السعير كنتا انا من أى الفريقين قال هذا غيب ايضا قالت من كان له علم هذه الاربعة كيف يشتغل بالتزوج ثم قالت يا حسن اخبرنى كم خلق اللّه العقل قال عشرة اجزاء تسعة للرجال وواحد للنساء ثم قالت يا حسن كم خلق اللّه الشهوة قال عشرة اجزاء تسعه للنساء وواحد للرجل قالت يا حسن انا اقدر على حفظ تسعة اجزاء من الشهوة بجزء من العقل انت لا تقدر على حفظ جزء من الشهوة بتسعة اجزاء من العقل فبكى الحسن وخرج من عندها ، وعن سليمان عليه السلام الغالب على شهواته اشد من الذى يفتح المدينة وحده : قال الشيخ سعدى قدس سره مبر طاعت نفس شهوت برست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست ٦١ { ليس على الاعمى } مفتقد البصر : وبالفارسية [ نابينا ] { حرج } اثم ووبال { ولا على الاعرج حرج } العروج ذهاب فى صعود وعرج مشى مشى العارج اى الذاهب فى صعود فعرج كدخل اذا اصابه شىء فى رجله فمشى مشية العرجان وعرج كطرب اذا صار ذلك خلقة له والاعرج بالفارسية [ لنك ] { ولا على المريض حرج } المريض بالفارسية [ بيمار ] والمرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالانسان كانت هذه الطوائف يتحرجون من مواكلة الاصحاء حذرا من استقذارهم اياهم وخوفا من تأذيهم بافعالهم واوضاعهم فان الاعمى ربما سبقت اليه عين مواكله ولا يشعر به والاعرج يتفسح فى مجلسه فيأخذ اكثر من موضعه فيضيق على جليسه والمريض لا يخلو عن حالة تؤذى قرينه اى برائحة كريهة او جرح يبدوا او انف يسيل او نحو ذلك فقال تعالى لا بأس لهم بان يأكلوا مع الناس ولا مأثم عليهم { ولا على انفسكم } اى عليكم وعلى من يماثلكم فى الاحوال المؤمنين حرج { ان تأكلوا } الاكل تنول المطعم اى ان تأكلوا انت ومن معكم { من بيوتكم } اصل البيت مأوى الانسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه لكن البيوت بالمسكن اخص الابيان بالشعر وليس المعنى ان تأكلوا من البيوت التى تسكنون فيها بانفسهم وفيها طعامكم وسائر اموالكم لان الناس لايتحرجون من اكل طعامهم فى بيوت انفسهم فينبغى ان يكون المعنى من بيوت الذين كانوا فى حكم انفسكم لشدة الاتصال بينهم وبينكم كالازواج والاولاد والمماليك ونحوهم فان بيت المرأة كبيت الزوج وكذا بيت الاولاد فلذلك يضيف الزوج بيت زوجته الى نفسه وكذا الاب يضيف بيت ولده الى نفسه وفى الحديث ( ان اطيب ما كل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ) فى حديث آخر ( انت ومالك لابيك ) فاذا كان هذا حال الاب مع الولد فقس عليه حال المملوك مع المولى { او بيوت آبائكم } الاب الوالد اى حيوان يتولد من نطفته حيوان آخر { او بيوت امهاتكم } جمع ام زيدت الهاء فيه كا زيدت فى اهراق من اراق والام بازاء الاب اى الوالدة { او بيوت اخوانكم } الاخ المشارك لآخر فى الولادة من الطرفين او من احدهما او من الرضاع ويستعار فى كل مشارك لغيره فى القبيلة او فى الدين اوفى صنعه او فى معاملة اوفى مودة او فى غير ذلك من المناسبات { او بيوت اخواتكم } الاخت تأنيث الاخ وجعل التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه { او بيوت اعمامكم } العم اخ الاب العمة اخته واصل ذلك من العموم وهو الشمول ومنه العامة لكثرتهم وعمومهم فى البلد العمامة لشمولها { او بيوت عماتكم } [ خواهران بدرانخود ] { او بيوت اخاوالكم } الخال اخ الام والخالة اختها : وبالفارسية [ برادران مادران خود ] { او بيوت خالاتكم } الفتح والفتح ازالة الاغلاق والاشكال. والمعنى { او ماملكتم مفاتحه } اى اومن البيوت التى تملكون التصرف فيها باذن اربابها كما اذا خرج الصحيح الى الغزوا وخلف الضعيف فى بيته ودفع اليه مفتاحه واذن له ان يأكل مما فيه من غير مخافة ان يكون اذنه لا عن طيب نفس منه ، وقال بعضهم هو مايكمون تحت ايديهم وتصرفهم من ضيعة او ماشية كالة او حفظا فملك المفاتح حينئذ كناية عن كون المال فى يد الرجل وحفظه ، فالمعنى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من اموال لكم يد عليها لكن لامن اعيانها بل من اتباعها وغلاتها كثمر البستان ولبن الماشية { او صديقكم } الصداقة صدق الاعتقاد فى المودة وذلك مختص بالانسان دون غيره فالصديق هو من صدقك فى مودته : وبالفارسية [ دوست حقيقى ] ، قال ابو عثمان رحمه اللّه الصديق من لايخالف باطنه باطنك كما لايخالف ظاهره ظاهرك اذ ذاك يكون الانبساط اليه مباحا فى كل شىء من امور الدين والدنيا . ونعم ما قيل صديقك من صدقك لامن صدّقك . والمعنى او بيوت صديقكم وان لم يكن بينكم وبينهم قرابة نسبية فانهم ارضى بالتبسط واسر به من كثير من الاقرباء روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان الصديق اكبر من الوالدين روى ان الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والامهات وانما قالوا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ، وعن الحسن انه دخل يوما بيته فرأى جماعة من اصدقائه قد اخذوا طعاما من تحت سريره وهم يأكلون فتهلك وجهه سرورا وقال هكذا وجدناهم يعنى من لقى من البدريين ، قال الكاشفى [ فتح موصلى رحمه اللّه در خانه دوتسى آمد واو حاضر نبودكيسه اورا زجاريه طلبيدزو درم برداشت وباقى بكنيزك بازداد وجون خواجه بخانه رسيدو صورت واقعة زجارية بشنيد شكرانه آن انبساط كنيزك را آزاردكرد وبنواخت : درنكارستان آورده ] شبى كفتم نهان فرسوده را ... كه بود آسوده در كنج رباطى زلدتهاجه خوشتر در جهان كفت ... ميان دوستدراران انبساطى [ ودر عوارف المعارف فرموده كه جون كسى يارخودرا كويد ( اعطنى من مالك ) ودر جواب كويد كمترست دوستى نمى شايد يعنى بايدكه هرجه درميان دراد ميدهد واز استفسار جند وجون بكذردكه دوست جانى بهترست از مال فانى ودرين باب كفته اند اى دوست برو بهرجه دارى يارى بخر بهيج مفروش ] : ولله در من قال ياران بجان مضايقه باهم نميكنند ... آخر كسى بحال جدايى جراكند بيسار جد وجهد ببايدكه تاكسى ... خودرا بآدمى صفتى آشنا كند قال المفسرون هذا كله اذا علم رضى صاحب البيت بصريح الاذن او بقرينه دالة كالقرابة والصداقة ونحو ذلك ولذلك خص هؤلاء بالذكر لاعتيادهم التبسط فيما بينهم يعنى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من منازل هؤلاء اذا دخلتموها وان لم يحضروا ويعلموا من غير ان تتزودوا وتحلموا ، قال الامام الواحدى فى الوسيط وهذه الرخصة فى اكل مال القرابات وهم لا يعملون ذلك كرخصته لمن دخل حائطا وهو جائع ان يصيب من ثمره او مرّ فى سفره بغنم وهو عطشان ان يشرب من رسلها توسعة منه تعالى ولطفا بعباده ورغبة بهم عن دناءة الاخلاق وضيق النظر ، واحتج ابو حنيفة بهذه الآية على من سرق من ذى محرم لا تقطع يده اى اذا كان ماله غير محرز كما فى فتح الرحمن الانه تعالى اباح لهم الاكل من بيوتهم ودخولها بغير اذنهم فلا يكون ماله محرزا منهم اى اذا لم يكن مقفلا ومخزونا ومحفوظا بوجه من الوجوه المعتادة ولا يلزم منه ان لا تقطع يده اذا سرق من صديقه لان من اراد سرقة المال من صديقه لايكون صديقا له بل خائنا عدوا له فى ماله بل فى نفسه فان من تجاسر على السرقة تجاسر على الاهلاك قرب سرقة مؤدية الى ما فوقها من الذنوب فعلى العاقل ان لايغفل عن اللّه وينظر الى احوال الاصحاب رضى اللّه عنهم كيف كانوا اخوانا فى اللّه فوصلوا بسبب ذلك الى ماوصلوا من الدرجات والقربات وامتازوا بالصدق الاتم والاخلاص الاكمل والنصح الاشمل عمن عداهم فرحمهم اللّه تعالى ورضى عنهم وألحقنا بهم فى نياتهم اعمالهم { ليس عليكم جناح } فى { ان تأكلوا } حال كونكم { جميعا } اى مجتمعين { او اشتاتا } جمع شت بمعنى متفرق على انه صفة كالحق او بمعنى تفرق على انه مصدر وصف به مبالغة. واما شتى فجمع شتيت كمرضى ومريض ، نزل فى بنى ليث بن عمرو وهم حى من كنانة كانوا يتحرجون ان يأكلوا طعامهم منفردين وكان الرجل منهم لايأكل ويمكث يومه حتى يجد ضيفا يأكل معه فان لم يجد من يواكله لم يأكل شيأ وربما قعد الرجل والطعام بين يديه لا يتناوله من الصباح الى الروح وربما كان معه الابل الحفل اى المملوءة الضرع لبنا فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه فاذا امسى ولم يجد احدا اكل فرخص فى هذه الآية الاكل وحده لان الانسان لا يمكنه ان يطلب فى كل مرة احدا يأكل معه واما اذا وجد احدا فلم يشاركه فما اكله فقد جاء الوعيد فى حقه كما قال عليه السلام ( من اكل وذو عينين ينظر اليه ولم يواسه ابتلى بداء لادواء له ) ، قال الامام النسفى رحمه اللّه دل قوله تعالى { جمعيا } على جواز التناهد فى الاسفار وهو اخراج كل واحد من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه اى على السوية ، وقال بعضهم فى خلط المال ثم اكل الكل منه الاولى ان يستحل كل منهم غذاء كل او يتبرعون لامين ثم يتبرع لهم الامين { فاذا دخلتم بيوتا } اى من البيوت المذكورة بقرينة المقام اى للاكل وغيره وهذا شروع فى بيان ادب الدخول بعد الترخيص فيه { فسلما على انفسكم } اى فابدأوا بالتسليم على اهلها الذين بمنزلة انفسكم لما بينكم وبينهم من القرابة الدينية والنسبية الموجبة لذلك { تحية } ثابتة { من عند اللّه } اى بأمره مشروعة من لدنه ويجوز ان يكون صلة للتحية فانها طلب الحياة التى من عنده تعالى. والتسليم طلب السلامة من اللّه للمسلم عليه وانتصابها على المصدرية لانها بمعنى التسليم اى فسلموا تسليما { مباركة } مستتبعة لزيادة الخير والثواب ودوامها { طيبة } تطيب بها نفس المستمع { كذلك } اشارة الى مصدر الفعل الذى بعده اى مثل ذلك التبيين { يبين اللّه لكم الآيات } الدالة على الاحكام اى ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها { لعلكم تعقلون } اى لكى تفقهوا مافى تضاعيفها من الشرائع والاحكام والآداب وتعملون بموجبها وتفوزون بذلك بسعادة الدارين ، وعن انس رضى اللّه عنه قال خدمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عشر سنين فما قال لشىء فعلته ولا لشىء كسرته لم كسرته وكنت قائما اصب الماء على يديه فرفع رأسه فقال ( ألا اعلمك ثلاث خصال تنفتع بها ) فقلت بلى بأبى أنت وامى يارسول اللّه قال ( متى لقيت احدا من امتى فسلم عليه يطل عمرك واذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خيرك وصل صلاة الضحى فانها صلاة الابرار الاوابين ) ، يقول الفقير لاحظ عليه السلام فى التسليم الخارجى المعنى اللغوى للتحية فرتب عليه طول العمر لانه ربما يستجيب اللّه تعالى دعاء المسلم عليه فيطول عمر المسلم بمعنى وجدان البركة فيه ولاحظ فى التسليم الداخلى معنى البركة فرتب عليه كثرة الخير لانها المطلوبة غالبا بالنسبة الى البيت ولما كان الوقت وقت الوضوء لصلاة الضحى واللّه اعلم الحقها بالتسليم واوردها بعد الداخلى منه اشارة الى ان الافضل اخفاء النوافل بادائها فى البيت ونحوه ، قالوا ان لم يكن فى البيت احد يقول السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين فقد روى ان الملائكة ترد عليه وكذا حال المسجد وفى الحديث ( اذا دخلتم بيوتكم فسلما على اهلها واذا طعم احدكم طعاما فليذكر اسم اللّه عليه فان الشيطان اذا سلم احدكم فلم يدخل بيته معه واذا ذكر اللّه على طعامه قال لا مبيت لكم ولاعشاء وان لم يسلم حين يدخل بيته ولم يذكر اسم اللّه على طعامه قال ادركتم العشاء والمبيت ) والتسليم على الصبيان العقلاء افضل من تركه كما فى البستان . ولا يسلم على جماعة النساء الشواب كيلا يحصل بينهما معرفة وانبساط فيحدث من تلك المعرفة فتنة . ولا يبتدىء اليهود والنصارى بالسلام فانه حرام لانه اعزاز الكافر وذا لايجوز. وكذا السلام على اهل البدعة ولو سلم على من لايعرفه فظهر ذميا او مبتدعا يقول استرجعت سلامى تحقيرا له ولو احتاج الى سلام اهل الكتاب يقول السلام على من اتبع الهدى ولو رد يقول وعليكم فقط وقد مر ما يتعلق بالسلام مشبعا فى الجلد الاول عند قوله تعالى فى سورة النساء { واذا حييتم بتحية } ارجع ، قال فى حقائق البقلى قدس سره اذا دخلتم بيوت اولياء اللّه بالحرمة والاعتقاد الصحيح فانتم من اهل كرامة اللّه فسلموا على انفسكم بتحية اللّه فانها محل كرامة اللّه فى تلك الساعة ، يقول الفقير وكذا الحال فى دخول المزارات والمشاهد المتربكة وان كان العامة لا يعرفون ذلك ولايعتقدون : قال الكمال الخجندى معتقد صوفيان ... ست جو من صوفىء نيك اعتقاد فظ ت ماجون كذرى همت خواه ... زيارتكه رندان جهان خواهد بود امى صبح زرعنى ربى نجد وقبلها ... بوى دوست مى آيدازان ياكيزه منزلها علنا من الذين يجدون النفس الرحمانى من قبل اليمن فى كل حين وزمن. ٦٢ { انما المؤمنون } نزلت حين جمع النبى عليه السلام المسلمين يوم الجمعة ليستشيرهم فى امر الغزو وكان يثقل المقام عنده على البعض فيخرج بغير اذنه او فى حفر الخندق وكان المنافقون ينصرفون بغير امر رسول اللّه وكان الحفر من اهم الامور حتى حفر رسول اللّه بنفسه وشغل عن اربع صلوات حتى دخلت فى حد القضاء فقال تعالى { انما المؤمنون } اى الكاملون فى الايمن وهو مبتدأ خبره قوله { الذين آمنوا باللّه ورسوله } عن صميم قلوبهم واطاعوهما فى جميع الاحكام فى السر والعلانية { واذا كانوا معه } مع النبى عليه السلام { على امر جامع } الى آخره معطوف على آمنوا داخل معه فى حيز الصلة اى على امر مهم يجب اجتماعهم فى شأنه كالجمعة والاعياد والحروب والمشاورة فى الامور وصلاة الاستسقاء وغيرها من الامور الداعية الى الاجتماع وصف الامر بالجمعم للمبالغة فى كونه سببا لاجتماع الناس فان الامر لكونه مهما عظيم الشان صار كأنه قد جمع الناس فهو من قبيل اسناد الفعل الى السبب { لم يذهبوا } من الجمع ولم يتفرقوا عنه عليه السلام { حتى يستأذنوه } عليه السلام فى الذهاب فيأذن لهم واعتبر فى كمال الايمان عدم الذهاب قبل الاستئذان لانه المميز للمخلص من المنافق ثم قال لمزيد التأكيد { ان الذين يستأذنوك } يطلبون الاذن منك { اولئك الذين يؤمنون باللّه ورسوله } لاغير المستأذنين ، قال الكاشفى [ تعريض جمع منا فقانست كه درغزوه تبوك بتخلف ازجهاد دستورى جستند ودر باره ايشان نازل شد كه ] { انما يستأذنك الذين لايؤمنون باللّه } الآية اى فبعض المستأذنين وكل غير المستأذنين دخلوا فى الترهيب وذلك بحسب الاغراض الفاسدة ولانه فرق بين الاستئذان فى التخلف وبين الاستئذان فى الانصراف ألا ترى الى عمر رضى اللّه عنه استأذنه عليه السلام فى غزوة تبوك فى الرجوع الى اهله فأذن له فقال ( انطلق فواللّه ما انت بمنافق ) هكذا لاح بالبال { فاذا استأذنوك } اى وبعد ما تحقق ان الكاملين فى الايمان هم المستأذنون فاذا استأذنوك فى الانصراف { لبعض شأنهم } الشأن الحال والامر ولا يقال الا فما يعظم من الاحوال والامور كما فى المفردات لبعض امرهم المهم او خطبهم الملم لم يقل لشؤنهم بل قيد بالبعض تغليظا عليهم فى امر الذهاب عن مجلس رسول اللّه مع العذر المبسوط ومساس الحاجة { فأذن لمن شئت منهم } لما علمت فى ذلك من حكمة ومصلحة فلا اعتراض عليك فى ذلك { واستغفر لهم اللّه } بعد الاذن فان الاستئذان وان كان لعذر قوى لايخلوا من شائبة تفضيل امر الدنيا على الآخرة ، ففيه اشارة الى ان الافضل ان لايحدث المرء نفسه بالذهاب فضلا عن الذهاب { ان اللّه غفور } مبالغ فى فرطات العباد { رحيم } مبالغ فى افاضة اثر الرحمة عليم ، وفى الآية بيان حفظ الادب بان الامام اذا جمع الناس لتدبير امر من امور المسلمين ينبغى ان لا يرجعوا الا باذنه ولا يخالفوا امير السرية ويرجعوا بالاذن اذا خرجوا للغزو ونحوه وللامام ان يأذن وله ان لا يأذن الا على مايرى فمن تفرق بغير اذن صار من اهل الهوى والبدع وكان عليه السلام اذا صعد المنبر يوم الجمعة واراد رجل الخروج وقف حيث يراه فيأذن له ان شاء ولذا قال عظماء الطريقة قدس اللّه اسرارهم ان المريد اذا اراد ان يخرج لحاجة ضرورية ولم يجد الشيخ مكانه فان يحضر الباب ويتوجه بقلبه فيستأذن من روحانية الشيخ حتى لايستقل فى خروجه بل يقع ذلك من طريق المتابعة فان للمتابعة تأثيرا عظيما. قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان المريد الصادق من يكون مستسلما لتصرفات شيخه وان لا تنفس الا باذن شيخه ومن خالف شيخه فى نفسه سرا او جهرا لا يشم رائحة الصدق وسيره غير سريع وان بدر منه شىء من ذلك فعليه بسرعة الاعتذار والافصاح عما حصل منه من المخالفة والخيانة ليهديه شيخه الى مافيه كفارة جرمه ويلتزم فى الغرامة بما يحكم به عليه واذا رجع المريد الى اللّه والى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته فان المريدين عيال على الشيوخ فرض عليهم ان ينفقوا عليهم من قوت اموالهم بما يكون جبرانا لتقصيرهم انتهى ، فعلى المريدين ان يوافقوا مشايخهم فى جميع الاحوال وان لايستبدوا بآرائهم فى امور الشريعة والطريقة وان لايخالفوهم بالاستبعاد بالخروج من عندهم الى السفر والحضر والمجاهدة والرياضة ، قال عبداللّه الرازى قال قوم من اصحاب ابى عثمان قدس سره اوصنا قال عليكم بالاجتماع على الدين واياكم ومخالفة الاكابر والدخول فى شىء من الطاعات الا باذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما امكنكم فارجعوا ان لايضيع اللّه لكم سعيا انتهى فمن وقع منه تقصير فلا يقنط فان لله تعالى قبولا ثم قبولا : قال المولى الجامى بلى بنود درين ره ن اميدى ... سياهى را بود رو درسفيدى ز صد در كر اميدت بر ينايد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد در ديكر ببايد زد كه ناكاه ... ازان درسوى مقصود آورى راه واللّه تعالى يقبل التوبة والاستغفار ، واعلم ان هذه الابيات تشير الى ابواب الشفاعة وكثرتها والا فمن رده باب من الابواب الحقة فلا تقبله سائر الابواب ألا ترى ان من رده اللّه تعالى لايقبله النبى عليه السلام ومن رده النبى عليه السلام لا يقبله الخلفاء الاربعة ولا غيرهم من امته فمن ترك الاستئذان من رسول اللّه لا يأذن له احد ولو اذن لايفيد وكذا حال من ترك الاستئذان من وارث رسول اللّه يعنى انه لايفيد اذن غير الوارث وما اذن وارث آخر فلا يتصور لان الوارثين كالحلقة المفرغة فاذا لم ينطبع فى مرآة واحد منهم صورة صلاح احد لم ينطبع فى مرآة الآخر نسأل اللّه القبول بحرمة الرسول. ٦٣ { لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم } المصدر مضاف الى الفاعل اى لاتجعلوا دعوته وامره اياكم فى الاعتقاد والعمل بها { كدعاء بعضكم بعضا } اى لا تقيسوا دعوته اياكم الى شىء من الامور على دعوة بعضكم بعضا فى جواز الاعراض والمساهلة فى الاجابة والرجوع بغير اذن فان المبادرة الى اجابته واجبة والمراجعة بغير اذنه محرمة ، وقال بعضهم المصدر مضاف الى المفعول والمعنى لاتجعلوا نداءكم اياه وتسميتكم له كنداء بعضكم بعضا باسمه مثل يا محمد ويا ابن عبداللّه وفع الصوت به والنداء وراء الحجرة ولكن بلقبه المعظم مثل يانبى اللّه ويارسول اللّه كما قال تعالى { يايها النبى } { يايها الرسول } قال الكاشفى [ حضرت عزت همه انبيارا بنداى علامت خطاب كرده وحبيب خودرا بنداى كرامت ] يا آدمست با بدرانبيا خطاب ... ايا ايها النبى خطاب محمد است قال ابو الليث فى تفسيره وفى الآية بيان توقير معلم الخير لان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معلم الخير فامر اللّه بتوقيره وتعظيمه وفيه معرفة حق الاستاذ وفيه معرفة اهل الفضل ، قال فى حقائق البقلى احترام الرسول من احترام اللّه ومعرفته من معرفة اللّه والادب فى متابعته من الادب مع اللّه. وفى التأويلات النجمية يشير الى تعظيم المشايخ فان الشيخ فى قومه كالنبى فى امته اى عظموا حرمة الشيوخ فى الخطاب واحفظوا فى خدمتهم الادب وعلقوا طاعتهم على مراعاة الهيبة والتوقير { قد يعلم اللّه الذين يتسللون منكم} قد للتحقيق بطريق الاستعارة لاقتضاء الوعيد اياه كما ان رب يجيىء للتكثير وفى الكواشى قد هنا موذنة بقلة المتسللين لانهم كانوا اقل من غيرهم ، والتسلل الخروج من البين على التدريج والخفية يقال تسلل الرجل اى انسرق من الناس وفارقهم بحيث لايعلمون والمعنى يعلم اللّه الذين يخرجون من الجماعة قليلا قليلا على خفية { لواذا } هو ان يستتر بشىء مخالفة من يراه كما فى الوسيط ، قال فى القاموس اللوذ بالشىء الاستتار والاحتصان به كاللواذا مثلثة انتهى . والمعنى ملاوذة بان يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج او بان يلوذ بمن يخرج بالاذن ، اراءة انه من اتباعه وانتصابه على الحالية من ضمير يتسللون اى ملاوذين او على انه مصدر مؤكذ بفعل مضمر هو الجللة فى الحقيقة اى يلاوذون لواذا وهو عام للتسلل من صف القتال ومن المسجد يوم الجمعة وغيرهما من المجامع لحقة ، وقال بعضهم كان يثقل على المنافقين خطبة النبى يوم الجمعة فيلوذون ببعض اصحابه او بعضهم ببعض فيخرجون من المسجد فى استتار من غير استئذان فاوعدهم اللّه تعالى بهذه الآية { فليحذر الذين يخالفون عن امره } يخالفون امره بترك مقتضاه ويذهبون سمتا بخلاف سمته وعن لتضمينه معنى الاعراض والميل والضمير لله لانه الآمر حقيقة او للرسول لانه المقصود بالذكر { ان } اى من ان { تصيبهم } [ برسدبريشان ] { فتنة } محنة فى الدنيا فى البدن او فى المال او فى الولد كالمرض والقتل والهلاك وتسلط السلطان ، قال الكاشفى [ يامهرغفلت بردل ياروى توبة. جنيد قدس سره فرموده كه فتنة سختىء دلست ومتأثر ناشدن او ازمعرفت آلهى ] { او يصيبهم عذاب اليم } اى فى الآخرة ، وفى الجلالين { ان تصيبهم فتنة } بلية تظهر نفاقهم { او يصيبهم عذاب اليم } عاجل فى الدنيا انتهى وكلمة او لمنع الخلودون الجمع واعادة الفعل صريحاً للاعتناء بالتحذير وفى ترتيب العذابين على المخالفة دلالة على ان الامر للوجوب. وفى التأويلات النجمية { فليحذر الذين يخالفون عن امره } اى عن امر شيخهم { ان تصبيهم فتنة } من موجبات الفترة بكثرة المال او قبول الخلق او التزويج بلا وقته او السفر بلا امر الشيخ او مخالفة الاحداث و النسوان والافتتان بهم او صحبة الاغنياء او التردد على ابواب الملوك او طلب المناصب او كثرة العيال فان الاشتغال بما سوى اللّه فتنة { او يصيبه عذاب اليم } بالانقطاع عن اللّه ا نتهى ، وفى حقائق البقلى الفتنة ههنا واللّه اعلم فتنة صحبة الاضداد والمخالفين والمنكرين وذلك ان من صاحبهم يسوء ظنه باولياء اللّه لانهم اعداء اللّه واعداء اوليائه يقعون كل وقت فى الحق ويقبحون احوالهم عند العامة لصرف وجوه الناس اليهم وهذه الفتنة اعظم الفتن ، قال ابو سعيد الحراز ورحمه اللّه الفتنة هى اصباغ النعم مع الاستدراج من حيث لا يعلم العبد ، وقال رويم الفتنة للعوام والبلاء للخواص ، وقال ابو بكر بن طاهر الفتنة مأخوذ بها والبلاء معفو عنه ومثاب عليه. ٦٤ { الا } [ بدانيدو آكاه باشيد ] { ان لله مافى السموات والارض } من الموجودات باسرها خلقا وملكا وتصريفا ايجادا واعداما بدأ واعادة { قد } كما قبله { يعلم ما أنتم عليه } ايها المكلفون من الاحوال والاوضاع التى من جملتها الموافقة والمخالفة والاخلاص والنفاق { ويوم يرجعون اليه } عطف على ما أنتم عليه ويوم مفعول به لاظرف اى يعلم تحقيقا يوم يرد المنافقون المخالفون للامر اليه تعالى للجزاء والعقاب فيرجعون من الرجع المعتدى لامن الرجوع اللازم والعلم بوقت وقوع الشىء مسلتزم للعلم بوقوعه على ابلغ وجه { فينبئهم بما علموا } من الاعمال السيئة اى يظهر لهم على رؤس الاشهاد ويعلمهم اى شىء شنيع عملوا فى الدنيا ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء وعبر عن اظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم ك انوا جاهلين بحال مارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته لغلبة احكام الكثرة الخلقية الامكانية وآثار الا مزجة الطبيعية الحيوانية فى نشأتهم { واللّه بكل شىء عليم } لا يخفى عليه شىء فى الارض ولا فى السماء وان كان المنافقون يجتهدون فى ستر اعمالهم عن العيون واخفائها آنكس كه بيافريد بيدا ونهان ... جون نشناسدنهان وبيدايجهان وفى التأويلات النجمية { ألا ان لله مافى السموات اولارض } من نعيم الدنيا والآخرة فمن تعلق بشىء مننه يبعده اللّه عن الحضرة ويؤاخذه بقدر تعلقه بغيره { ويوم يرجعون اليه } بسلاسل المتعلقات { فينبئهم بما عملوا } عند مطالبتهم بمكافأة الخير خيرا ومجازاة الشر شرا { واللّه بكل شىء عليم } اى بكل شىء من مكافأة الخير ومجازاة الشر عليم بالنقير والقطمير مما عملوا من الصغير والكبير انتهى ، واعلم ان التعلق بكل من نعيم الدنيا ونعيم الآخرة حرام على اهل اللّه تعالى نعم ان اهل اللّه يحبون الآخرة بمعنى ان الآخرة فى الحقيقة هو الآخر بالكسر وهو اللّه تعالى ، قال بعض اهل الحقيقة ما ألهاك عن مولاك فهو دنياك . فعلى العاقل ان يقطع حبل العلاقات ويتصل بسر تجرد الذات والصفات ويتفكر فى امره ويحاسب نفسه قبل ان يجيء يوم الجزاء والمكافات فان عقب هذه الحياة مماة وهذا البقاء ليس على الدوام والثبات وفى الحديث ( ما قال الناس لقوم طوبى لكم الا وقد خبأ لهم الدهر يوم سوء ) قال الشاعر ان الليالى لم تحسن الى حد ... الا اساءت اليه بعد احسان وق آخر احسنت ظنك بالايام اذا حسنت ... ولم تخف شعر ما يأتى به القدر وقال آخر لا صحة المرء فى الدنيا تؤخره ... ولا يقدم يوما موته الوجع { واللّه بكل شىء عليم } من يوم الموت والرجوع اختيارا واضطرارا وغير ذلك من الامور سرا وجهرا فطوبى لمن شاهد ولاحظ هذا الامر وختم بالخوف والمراقبة الوقت والعمر. |
﴿ ٠ ﴾