سُورَةُ الْفُرْقَانِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ سَبْعٌ وَسَبْعُونَ آيَةً

١

{ تبارك الذى نزل الفرقان } اى تكاثر خير الذى الخ فالمضاف محذوف من البركة وهى كثرة الخير وترتيبه على تنزيل الفرقان لما فيه من كثرة الخير دينيا ودنيويا او معناه تزايد على كل شىء وتعالى عنه فى صفاته وافعاله فان البركة تتمضمن معنى الزيادة فترتيبه عليه لدلالته على تعاليه ، قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة يروى ان الصاحب ابن عباد كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم واخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنهم وعرف ان الرقيم الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيسمح به القصاع وان تباك بمعنى صعد ، وقال بعضهم البركة ثبوت الخير الآلهى فى الشىء وسمى محبس الماء بركة لدوام الماء فيها وثبوته . فمعنى تبارك دام دواما ثابتا لانتقال له ولهذا لا يقال له يتبارك مضارعا لانه للانتقال ، قال فى برهان القرآن هذه لفظة لاتستعمل الا لله و لاتستعمل الا بلفظ الماضى وخص هذه الموضع بالذكر لان ما ابعده امر عظيم وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتب اللّه . والفرقان مصدر فرق بين الشيئين اى فصل وسمى به القرآن لغاية فرقه بين الحق والباطل والمؤمن والكافر

{ على عبده } الاخلص ونبيه الاخص وحبيبه الاعلى وصفيه الاولى محمد المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم وفيه تشريف له بالعبدية المطلقة وتفضيل بها على جميع الانبياء فانه تعالى لم يسم احد منهم بالعبد مطلقا كقوله تعالى

{ عبده زكريا } وتنبيه على ان الرسول لايكون الا عبدا للمرسل ردا على النصارى ولذا قدم فى التشهد عبده على رسوله

{ ليكون للعالمين نذيرا } غاية للتنزيل اى ليكون العبد منذرا بالقرآن للانس والجن ممن عاصره او جاء بعده ومخوفا من عذاب اللّه وموجبات سخطه . فالنذير بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف كما ان التبشير اخيار فيه سرور ، قال الامام الراغب العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والاعراض وهو فى الاصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة فالعالم آلة فى الدلالة على صانعه

واما جمعه فلان كل نوع قد يسمى عالما فيقال عالم الانسان وعالم الماء وعالم النار

واما جمعه جمع السلامة فلكون الناس فى جملتهم والانسان اذا شارك غيره فى اللفظ غلب حكمه انتهى ، قال ابن الشيخ جمع بالواو والنون لان المقصود استغراق افراد العقلاء من جنس الجن والانس فان جنس الملائكة وان كان من جملة اجناس العالم الا ان النبى عليه السلام لم يكن رسولا الى الملائكة فلم يبق من العالمين المكلفين الا الجن والانس فهو رسول اليهما جميعا انتهى اى فتكون الآية وقوله عليه السلام

( ارسلت للخلق كافة ) من العام المخصوص ولم يبعث نبى غيره عليه السلام الا الى قوم معين

واما نوح عليه اسلام فانه وان كان له عموم بعثة لكن رسالته ليست بعامة لمن بعده

واما سليمان عليه السلام فانه ما كان مبعوثا الى الجن فانه نم التسخير العام لايلزم عموم الدعوة ، والآية حجة لابى حنيفة رضى اللّه عنه فى قوله ليس للجن ثواب اذا اطاعوه سوى النجاة من العذاب ولهم عقاب اذا عصوا حيث اكتفى بقوله

{ ليكون للعالمين نذيرا } ولم يذكر البشارة ، قال فى الارشاد عدم التعرض للتبشير لا نسياق الكلام على احوال الكفرة.

٢

{ الذى } اى هو الذى

{ له } خاصة دون غيره استقلالا او اشتراكا

{ ملك السموات والارض } الملمك هو التصرف بالامر والنهى فى الجمهور ، قال الكاشفى [ بادشاهىء آسمانهارا وزميمنها جه وى منفرداست بآ فريد آنها بس اورا رسد تصرف دران ] ثم قال ردا على اليهود والنصارى

{ ولم يتخذ ولدا } ليرث ملكه لانه حى لا يموت وهو عطف على ما قبله من الجملة الظرفية ، قال فى المفردات تخذ بمعنى اخذ واتخذ افتعل منه والولد المولود ويقال للواحد والجمع والصغير والكبير والذكر والانثى ثم قال ردا على قريش

{ ولم يكن له شريك فى الملك } اى فى ملك السموات والارض لينازعه او ليعاونه فى الايجاد : وفى المثنوى

وحد اندر ملك اورا يارنى ... بندكانش را جز اوسالارنى

نيست خلقش رادكركس مالكى ... شركتش دعوت كند جزهالكى

{ وخلق كل شىء } احدث كل موجود من الموجودات من مواد مخصوصة على صور معينة وربت فيه قوى وخواص مختلفة الاحكام والآثار

{ فقدره تقديرا } اى فهيأه لما راده منه من الخصائص والافعال اللائقة به كهيئة الانسان للادراك والفهم والنظر والتدبر فى امور المعاش والمعاد واستنباط الصانع المتنوعة ومزاولة الاعمال المختلفة وهكذا احوال سائر الانواع.

٣

{ واتخذوا } اى المشركون لا نفسهم

{ من دونه } اى حال كونهم متجاوزين عبادة الذى خلق هذه الاشياء

{ آلهة } من الاصنام

{ لايخلقون شيأ } اى لاتقدر تلك الآلهة على خلق شىء من الاشياء اصلا لاعلى ذهاب ولا على غيره وانما ذكره الاصنام بلفظ العقلاء لان الكفار يجعلونهم بمنزلة العقلاء فخاطبهم بلغتهم كما فى تفسير ابى الليث

{ وهم يخلقون } كسائر المخلوقات

{ ولا يملكون لانفسهم } اى لايستطيعون

{ ضرا } اى دفع ضر قدم لكونه اهم من النفع

{ ولا نفعا } ولا جلب نفع فكيف يملكون شيأ منهما لغيرهم فهم اعجز من الحيوان فانه ربما يملك دفع الضر وجلب النفع لنفسه فى الجملة

{ ولا يملكون موتا ولا حيوة ولا نشورا } اى لا يقدرون على اماتة الاحياء واحيائهم اولا وبعثهم ثانيا ومن كان كذلك فبمعزولين عن الالوهية لعرائه عن لوازمها واتصافه بما ينافيها ، وفيه تنبيه على ان الاله يجب ان يكون قادرا على البعث والجزاء يعنى ان الضار والنافع والمميت والمحي والباعث ه واللّه تعالى فهو المعبود الحقيقى وما سواه فليس بمعبود بل عابد لله تعالى كما قال تعالى

{ ان كل من فى السموات والارض الا آتى الرحمن عبدا } وفى الآية اشارة الى الاصنام المعنوية وهم المشايخ المدّعون والدجاجلة المضلون فانهم ليسوا بقادرين على احياء القلوب واماته النفوس فالتابعون لهم فى حكم عابدى الاصنام فليحذر العاقل من اتخاذ اهل الهوى متبوعا فان الموت الاكبر الذى هو الجهل انما يزول بالحياة الاشرف الذى هو العلم فان كان للعبد مدخل فى افادة الخلق العلم النافع ودعائهم الى اللّه على بصيرة فهو الذى رقى غيره من الجهل الى المعرفة وانشأة نشأة اخرى واحياه حياة طيبة باذن اللّه تعالى وهى رتبة الانبياء ومن يرثهم من العلماء العاملين

واما من سقط عن هذه الرتبة فليس الاستماع الى كلامه الا كاستماع بنى اسرائيل الى صوت العجل : قال المولى الجامى قدس سره

بلاف ناخلفنان زمانه غره مشو ... مروجو سامرى ازره ببانك كوساله

وقد قال تعالى

{ وكونوا مع الصادقين } اى كونوا فى جملة الصادقين ومصاحبين لهم وبعضهم ولذا قالوا يلزم للمرء ان يختار من البقاء احسنها دينا حتى يتعاون بالاخوان الصادقين ، قيل لعيسى عليه السلام ياروح اللّه من نجالس فقال من يزيدكم فى علمه منطقه ويذكركم اللّه رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله : قال الصائب قدس سره

نورى ازبيشانىء صاحب دلان دريوزه كن ... شمع خودرا برى دل مرده زين محفل جرا

اى كه روى عالمى را جانب خود كرده ... رونمى آرى بروى صائب بيدل جرا

اللهم بحق الفرقان اجعلنا مع الصادقين من الاخوان.

٤

{ وقال الذين كفروا } كنضر ابن الحارث وعبداللّه بن امية ونوفل بن خويلد ومن تابعهم

{ ان هذا } اى ماهذا القرآن

{ الا افك } كذب مصروف عن وجهه لان الافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل

{ افتريه } اختلقه محمد من عند نفسه . والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه كما فى الاسئلة المقحمة

{ واعانة عليه } اى على اختلاقه

{ قوم آخرون } اى اليهود فانهم يلقون اليه اخبار الامم وهو يعبر عنها بعبارته

{ فقد جاؤا } فعلوا بما قوالوا فان جاء واتى يستعملان فى معنى فعل فيعديان تعديته

{ ظلما } عظيما بجعل الكلام المعجز افكا مختلقا مفتعلا من اليهود يعنى وضعوا الافك فى غير موضعه

{ وزورا } اى كذبا كبيرا حيث نسبوا اليه عليه السلام ماهو بريىء منه ، قال الامام الراغب قيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته لان الزور ميل فى الزور اى وسط الصدر والازور المائل الزور.

٥

{ وقالوا } فى حق القرآن هذا

{ اساطير الاولين } ماسطره المتقدمون من الخرافات والاباطيل مثل حديث رستم واسفنديار : وبالفارسية [ افسانهاى اوليانست كه در كتابها نوشته اند ] وهو جمع اسطار جمع سطر او اسطورة كاحدوثة واحاديث ، قال فى القاموس السطر الصف من الشىء الكتاب والشجر وغيره والخط والكتابة والقطع بالسيف ومنه الساطر للقصاب واسطره كتبه والاساطير الاحاديث التى لا نظام لها

{ اكتتبها } امر ان تكتب له لانه عليه السلام لايكتب وهو كاحتجم وافتصد اذا امر بذلك ، قال فى المفردات الا كتتاب متعارف فى الاختلاق

{ فهى } اى الاساطير

{ تملى عليه } تلقى على محمد وتقرأ عليه بعد اكتتابها وانتساخها ليحفظها من افواه من يمليها عليه لكونه اميا لا يقدر على ان يتلقاها منه بالقراءة والاملاء فى الاصل عبارة عن القاء الكلام على الغير ليكتبه

{ بكلاة وأصيلا } اول النهار وآخره اى دائما او خفية قبل انتشار الناس وحين يأوون الى مساكنهم ، وفى ضرام السقط اول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجيرة ثم الظهر ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الاصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق.

٦

{ قل } يا محمد ردا عليه وتحقيقا للحق

{ أنزله الذى يعلم السر } الغيب

{ فى السموات والارض } لانه اعجزكم لفصاحته عن آخركم وتضمن اخبارا عن مغيبات مستقبله او اشياء مكنونة لا يعلمها الا عالم الاسرار فكيف تجعلونه اساطير الاولين

{ انه كان غفورا رحيما } اى انه تعالى ازلا وابدا مستمر على المغفرة والرحمة فلذلك لايعجل على عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته عليه واستحقاقكم ان يصب عليكم العذاب صبا ، وفيه اشارة الى ان اهل الضلالة من الذين نسبوا القرآن الى الافك لو رجعوا عن قولهم وتابوا الى اللّه ليكن غفورا لهم رحيما بهم كما قال تعالى { وانى لغفار لمن تاب }

در توبه بازست وحق دستكير ... اعلم ان اللّه تعالى أنزل القرآن على وفق الحكمة الازلية فى رعاية مصالح الخلق ليهتدى به اهل السعادة الى الحضرة وليضل به اهل الشقاوة عن الحضرة وينسبوه الى الافك كما قال تعالى

{ واذ لم يهتدوا فسيقولون هذا افك قديم } والقرآن لا يدرك الا بنور الايمان والكفر ظلمة وبالظلمة لايرى الا الظلمة فبظلمة الكفر رأى الكفار القرآن النور انى القديم كلاما مخلوقا ظلمانيا من جنس كلام الانس فكذلك اهل البدعة لما رأوا القرآن بظلمة البدعمة رأوا كلاما مخلوقا ظلمانيا بظلمة الحدوث وظلموا انفسهم بوضع القرآن فى غير موضعه من كلام الانس وفى الحديث ( القرآن كلام اللّه تعالى غير مخلوق فمن قال بكونه مخلوقا فقد كفر بالذى انزله ) نسأل اللّه العصمة والحفظ من الالحاد وسوء الاعتقاد ، ثم اعلم ان الامور اللازمة تعليم الجهلاء ورد الملاحدة والمبتدعة فانه كوضع الدواء على جراحة المجروح او كقتل الباغى المضر وردهم بالاجوبة القاطعة مما لايخالف الشريعة والطريقة ألا ترى ان اللّه تعالى امر حبيبه عليه السلام بالجواب للطاعنين فى القرآن وقد اجاب السلف عمن اطال على القرآن وذهب على حدوثه ومخلوقيته وكتبوا رسائل وكذا علماء كل عصر جاهدوا المخالفين بما امكن من المعارضة حتى ألقوهم الحجر اوفحموهم وخلصوا الناس من شبهاتهم وشكوكهم وفى الحديث ( من انتهر ) اى منع ( بكلام غليظ صاحب بدعة سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل ملأ اللّه تعالى قلبه امنا وايمانا ومن اهان صاحب بدعة آمنه اللّه تعالى يوم القيامة من الفزع الاكبر ) اى النفخة الاخيرى التى تفزع الخلائق عندها او الانصراف الى النار أو حين يطبق على النار او يذبح الموت واطلق الا من فى صورة الانتهار والمراد والمراد الامن فى الدنيا مما يخاف خصوصا من مكر من انتهره ويدل عليه مابعده وهو الايمان فانه من مكاسب الدنيا نسأل اللّه الامن والامان وكمال الايمان والقيام باوامره والاتعاظ بمواعظه وزواجره.

٧

{ وقالوا } اى المشركون من اشراف قريش كابى جهل وعتبة وامية وعاص وامثالهم وذلك حين اجتماعهم عند ظهر الكعبة

{ ما } استفهامية بمعنى انكار الوقوع ونفيه مرفوعة على الابتداء خبرها قوله

{ ل هذا الرسول } وجدت اللام مفصولة عن الهاء فى المصحف واتباعه سنة وفى هذا تصغير لشأنه عليه السلام وتسميته رسولا بطريق الاستهزاء اى أى سبب حصل لهذا الذى يدعى الرسالة حل كونه

{ يأكل الطعام } كما نأكل والطعام ما يتناول من الغذاء

{ ويمشى فى الاسواق } لطلب المعاش كمانمشى جمع سوق وهو الموضع اذى يجلب اليه المتاع للبيع ويساق انكروا ان يكون الرسول بصفة البشر يعنى ان صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا ،

قال بعضهم ليس بملك ولا ملك وذلك لان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوفون ولا يبتذلون فعجبوا ان يكون مثلهم فى الحال ولا يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال لعدم بصيرتهم وقصور نظرهم على المحسوسات فان تمييز الرسل عمن عداهم ليس بامور جسمانية وانما هو باحوال نفسانية فالبشرية مركب الصورة والصورة مركب القلب والقلب مركب العقل والعقل مركب الروح والروح مركب المعرفة والمعرفة قوة قدسية صدرت عن كشف عين الحق ، قال الكاشفى [ ندانستندكه نبوت منافى بشريت نيست بلكه مقتضى آنست تاتناسب وتجانس كه سبب افاده واستفاده است بحصول بيوندد ]

جنس بايد تادر آميزد بهم ... وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار صم بكم عمى فهم لايعقلون لانهم نظروا الى الرسول بنظر الحواس الحيوانية وهم بمعزل من الحواس الروحانية والربانية فما رأوا منه الا مايرى من الحيوان ومارأوه بنظر يرى به النبوة والرسالة ليعرفوه انه ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين فلهذا قال تعالى

{ وتراهم ينظرون اليك وهم لايبصرون } وذلك لانه لهم قلوب لايفقهون بها النبوة والرسالة ولهم أعين لا يبصرون بها الرسول والنبى ولهم آذان لا يسمعون بها القرآن ليعلموا انه معجزة الرسول فيؤمنوا به

{ لولا } حرف تحضيض بمعنى : هلا وبالفارسية [ جرا ]

{ أنزل اليه ملك } اى على هيئته وصورته المباينة لصورة البشر والجن

{ فيكون } نصب لانه جواب لولا

{ معه } مع الرسول

{ نذيرا } معينا له فى الانذار معلوما صدقه بتصديقه.

٨

{ او يلقى اليه كنز } من السماء يستظهر به ويستغنى عن تحصيل المعاش . والكنز المال المكنوز اى المجموع المحفوظ : وبالفارسية [ كنج ]

{ او تكون له جنة يأكل منها } اى ان لم يلق اليه كنز فلا اقل من ان يكون له بستان يتعيش بفائدة كما لاهل الغنى والقرى

{ وقال الظالمون } وهم القائلون الاولون لكن وضع المظهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم وتجاوز الحد فيما قالوا لكونه اضلالا خارجا عن حد الضلال اى قالوا للمؤمنين

{ ان تتبعون } اى ماتتبعون

{ الا رجلا مسحورا } قد سحر فغلب على عقله ، قال بعض اهل الحقائق كانوا يرون قبح حالهم فى مرآة النبوة وهم يحسبون انه حال النبى عليه السلام . والسحر مشتق من السحر الذى هو اختلاط الضوء والظملة من غير تخلص لاحد الجانبين والسحر له وجه الى الحق ووجه الى الباطل فانه يخيل الى المسحور انه فعل ولم يفعل.

٩

{ انظر كيف ضربوا لك الامثال } اى كيف قالوا فى حقك تلك الاقاويل العجيبة الخارجة عن العقول الجارية لغرابتها مجرى الامثال واخترعوا لك تلك الاحوال الشاذة البعدية من الوقوع وذلك من جهلهم بحالك وغفلتهم عن جمالك ،

قال بعضهم مثلوك بالمسحور والفقير الذى لا يصلح ان يكون رسولا والناقص عن القيام بالامور اذ طلبوا ان يكون معك مثلك

{ فضلوا } عن الحق ضلالا مبينا

{ فلان يستطيعون سبيلا } لى الهدى ومخرجا من ضلالتهم ، قال بعض الاكابر وقد ابطلوا الاستعداد بالاعتراض والانكار عن النبوة فحرموا من الوصول الى اللّه تعالى.

١٠

{ تبارك الذى } اى تكاثر وتزايد خير الذى

{ ان شاء جعل لك } فى الدنيا لانه قد شاء ان يعطيه ذلك فى الآخرة

{ خيرا من ذلك } مما قالوا من القاء الكنز وجعل الجنة ولكن اخره الى الآخرة لانه خير وابقى وخص هذا الموضع بذكر تبارك لان مابعده من العظائم حيث ذكر النبى عليه السلام واللّه تعالى خاطبه بقوله ( لولاك يامحمد ما خلقت الكائنات ) كذا فى برهان القرآن

{ جنات تجرى من تحتها الانهار } بدل من خيرا ومحقق لخيريته مما قالوا لان ذلك كان مطلقا عن قيد التعدد وجريان الانهار

{ ويجعل لك قصورا } بيوتا مشيدة فى الدنيا كقصور الجنة : وبالفارسية [ كوشكهاى عالى ومسكنهاى رفيع ] ، قال الراغب يقال قصرت كذا ضممت بعضه الى بعض ومنه سمى القصر انتهى والجملة عطف على محل الجزاء الذى هو جعل وفى الحديث ( ان ربى عرض على ان يجعل لى بطحاء مكة ذهبا قلت لا يارب ولاكن اجوع يوما واشبع يوما فاما اليوم الذى اجوع فيه فأتضرع اليك وادعوك وما اليوم الذى اشبع فيه فأحمدك واثنى عليك ) ، قال الكاشفى [ دراسباب نزول مذكوراست كه جون مالداران قريش حضرت رسالت را بفقر وفاقة سرزنش كردند رضوان كه آراينده روضات جنانست باين آيت نازل شد ودرجى از نور بيش حضرت نهاد وفرمودكه بروردكارتو ميفرما يدكه مفاتح خزائن دنيا درانيجاست آنرا بدست تصرف توميدهيم بى آنكه از كرامت ونعمتى كه نامزد توكرده ايم در آخرت مقدار بريشه كم نكردد حضرت فرمودكه اى رضوان مرا بدينها حاجت نيست فقررا دوستر ميدارم وميخواهم كه بنده شكور وصبور باشم رضوان كفت ( اصبت اصاب اللّه ) يك نشانه علو همت آن حضرت همينست كه باوجود تنكدستى واحتياج كوشه جشم التفات بر خزائن روى زمين نيفكند آنرا ملاحظه بايد نمودكه درشب معراج مطلقا نظر بما سوى اللّه نكشوده وبهيج جيز از بدائع ملكوت وغرائب عرصه جبروت التفاوت نفرمود تاعبارت ازان اين آمد كه { مازاغ البصر وما طغى }

زرنك آميزىء ريحان آن باغ ... نهاده جشم خودرا مهر مازاغ

نظر جون بر كرفت ازتقش كونين ... قدم زد در حريم قاب قوسين

وعن عائشة رضى اللّه عنها قلت يارسول اللّه ألا تستطعم اللّه فيطعمك قالت وبكيت لما رأيت به من الجوع وشد الحجر على بطنه من السغب فقال ( يا عائشة والذى نفسى بيده لو سألت ربى ان يجرى معى جبال الدنيا ذهبا لاجراها حيث شئت من الارض ولكن اخترت جوع الدنيا على شبعها وفقرها علىغناها وحزن الدنيا على فرحها . ياعائشة ان الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل محمد ) ، يقول الفقير عصمه اللّه القدير كان عليه السلام من اهل الاكسير الاعظم والحجر المكرم فانه شأنه على من شأن سائر الانبياء من كل وجه وقد اوتوا ذلك العلم الشريف وعلم به بعضهم كادريس وموسى ونحوهما على مافى كتب الصناعة الحجرية لكنه عليه السلام لم يلتفت اليه ولم يعمل به ولو عمل به لجعل مثل الجبال ذهبا ولملك مثل ملك كسرى وقيصر لانه ليس بمناف للحكمة بالكلية فان بعض الانبياء قد اوتوا فى الدنيا مع النبوة ملكا عظيما ، وانما اختار الفقر لنفسه لوجوه.

احدها انه كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار اللّه له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى . والثانى ما قيل ان اللّه اختار الفقر له نظرا لقلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله . والثالث ما قيل ان فقره دليل على هوان الدنيا على اللّه تعالى كما عليه السلام ( لو كانت الدنيا تزن عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ) فاللّه تعالى قادر على ان يعطيه ذلك الذى عيروه بفقده وماهو خير من ذلك بكثير وكلنه يعطى عباده على حسب المصالح وعلى وفق المشيئة ولا اعتراض لاحد عليه فى شىء من افعاله فيفتح على واحد ابواب المعارف والعلوم ويستدّ عليه ابواب الدنيا وفى حق الآخر بالعكس من ذلك وفى القصيدة البردية

وروادته الجبال الشم من ذهب ... عن نفسه فاراها ايما شمم

الشم جميع الاشم والشمم الارتفاع اى اراها ترفعا اى ترفع لا يكتنه كنهه

واكدت زهده فيها ضرورته ... ان الضرورة لا تعدوا على العصم

جمع عصمة يعنى ان شدة حاجته لم تعد ولم تغلب على العصمة الازلية بل اكدت ضرورته زهده فى الدنيا الدنية فما زاغ بصر همته فى الدنيا وما طغى عين نهمته فى العقبى

وكيف تدعو الى الدنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

يقال دعاه اليه اى طلبه اليه وحمله عليه ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال ( اوحى اللّه تعالى الى عييى ان صدق محمدا وائمر امتك من ادركه منهم ان يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولاه ماخلقت الجنة والنار والقد خلقت العرش فاضطرب فكتبت عليه لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فسكن ) فمن كانت الدنيا رشحة من فيض نعمه فكيف تدعو الى الدنيا ضرورة فاقته كذا فى شرح القصيدة لابن الشيخ : فى المثنوى

راهزن هركز كدابى را نزد ... كرك كرك مرده را هر كزكزد

خضر كشتى را براى آن شكست ... تاتواند كشتى از فجار رست

دون شكسته مى رهدا شكسته شو ... امن در فقرست اندر فقر رو

آنكهى كوداشت از كان نقد جند ... كشت باره باره از زخم كلند

تيغ بهراوستكورا كردنيست ... سايه افكندست بروى حم نيست

يعنى فيلازم العبد التواضع والفقر.

١١

{ بل كذبوا بالساعة } اى القيامة والحشر والنشر . والساعة جزء من اجزاء الزمان ويعير به عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة حسابه ما قال

{ وهو اسرع الحاسبين } او لما نبه عليه قوله تعالى

{ كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الى ساعة من نهار } كما فى المفردات وهو اضراب عن توبيخهم بحكاية جنايتهم السابقة وانتقال منه الى توبيخهم بحاكية جنايتهم الاخرى للتخليص الى بيان ما لهم فى الآخرة بسببها من فنون العذاب

{ واعتدنا } هيأنا واصله اعددنا

{ لمن كذب بالساعة } وضع الساعة موضع ضميرها للمبالغة فى التشنيع

{ سعيرا } نارا عظيمة شديدة الاشعتال ، قال بعض اهل الحقائق سعير الآخرة انما سعرت من سعير الدنيا وهى حرص العبد على الدنيا وملاذها.

١٢

{ اذا رأتهم } صفة للسعير اى اذا كانت تلك السعير بمرأى منهم وقابلتهم بحيث صاروا بازائها كقولهم دارى تنظر دارك اى تقابلها فاطلق الملزوم وهو الرؤية واريد اللازم وهو كون الشىء بحيث يرى والانتقال من الملزوم الى اللازم مجاز

{ من مكان بعيد } هو اقصى مايمكن ان يرى منه قيل من المشرق الى المغرب وهى خمسمائة عام ، وفيه اشارة بان بعد مابينها وبينهم من المسافة حين رأتهم خارج عن حدود البعد المعتاد من المسافات المعهودة

{ سمعوا لها تغيظا } اى صوت تغيظ على تشبيه صوت غليانها بصوت المغتاظ اى الغضبان اذا غلى صدره من الغيظ فعند ذلك يهمهم والهمهمة ترديد الصوت فى الصدر ، قال ابن الشيخ يقال اما رأيت غضب الملك اذا رأى ما يدل عليه فكذا ههنا ليس المسموع التغيظ وهو اشد الغضب بل ما يدل عليه من الصوت ، وفى المفردات التغيظ اظهار الغيظ وهو اشد الغضب وقد يكون ذلك مع صوت مسموع والغضب هو الحرارة الى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه

{ وزفيرا } وهو صوت يسمع من جوفه واصله ترديد النفس حتى ينتفخ الضلوع منه ، قال عبيد بن عمير ان جهنم لتزفر زفرة لايبقى بنى مرسل ولا ملك مقرب الا خرّ لوجهه ترعد فى فرائصهم حتى ان ابراهيم عليه السلام ليجتوا على ركبتيه ويقول يارب يارب لا اسألك الا نفسى ، قال اهل السنة البنية ليست شرطا فى الحياة فالنار على ماهى عليه يجوز ان يخلق اللّه فيها الحياة والعقل والرؤية والنطق ، يقول الفقير وهو الحق كا يدل عليه قوله تعالى

{ وان الدار الآخرة لهى الحيوان } فلا احتياج الى تأويل امثال هذا المقام.

١٣

{ واذا القوا منها مكانا } اى فى مكان ومنها بيان تقدر فصار حالا منه والضمير عائد الى السعير

{ ضيقا } صفة لمكان مفيدة لزيادة شدة حال الكرب مع الضيق كما ان الروح مع السعة وهو السر فى وصف الجنة بان عرضها السموات والارض ، واعلم انه تضيق جهنم عليهم كما تضيق حديدة الرمح على الرمح او تكون لهم كحال الوتد فى الحائط فيضم العذاب وهو الضيق الشديد الى العذاب وذلك لتضيق قلوبهم فى الدنيا حتى لم تسع فيها الايمان

{ مقرنين } اى حال كونهم قد قرنت ايديهم الى اعناقهم مشدودة اليها بسلسلة او يقرنون مع شياطينهم سلسلة فى سلسلة : يعنى [ هريك را بقرين او ازجن بسلسة آتشين بهم باز بسته ] يقال قرنت البعير بالبعير جمعت بينهما وقرنته بالتشديد على التكثير

{ دعوا } [ بخوانند برخود ]

{ هنالك } اى فى ذلك المكان الهائل والحالة الفظيعة

{ ثبورا } هو الويل والهلاك [ واين كلمه كسى كويدكه آرزومند هلاك باشد ] اى يتمنون هلاكا وينادون فيقولون يا ثبوراه ياويلاه ياهلاكاه تعالى فهذا اوانك وفى الحديث ( اول من يكسى يوم القيامة ابليس حلة من النار بعضها على حاجبيه فيسحبها من خلفه وذريته خلفه وهو يقول واثبوراه وهم ينادون ياثبورهم حتى يقفوا على النار فينادى ياثبوراه وينادون ياثبورهم ) فيقول اللّه تعالى او فيقال لهم على ألسنة الملائكة تنبيها على خلود عذابهم.

١٤

{ لاتدعوا اليوم ثبورا واحدا } اى لا تقتصروا على دعاء ثبور واحد

{ وادعوا ثبوار كثيرا } اى بحسب كثرة الدعاء المتعلق به لابحسب كثرته فى نفسه فان ما يدعون ثبورا واحدا فى حد ذاته وتحقيقه لا تدعوه دعاء واحدا وادعوا ادعية كثيرة فان ما انتم فيه من العذاب لغاية شدته وطول مدته مستوجب لتكرير الدعاء فى كل آن.

١٥

{ قل أذلك } العذاب

{ خير ام جنة الخلد التى وعد المتقون } اى وعدها المتقون اى المتصفون بمطلق التقوى لا بالمرتبة الثانية او الثالثة منها فقط فالمؤمن متق وان كان عاصيا وجنة الخلد هى الدار التى لاينقطع نعيمها ولا ينقل عنها اهلها فان الخلود هو تبرى الشىء من اعتراض الفساد وبقاءه على الحالة لتى هو عليها واضافة الجنة الى الخلد للمدح والا فالجنة اسم للدار المخلدة ويجوز ان تكون الجنة اسما لا يدل على البستان الجامع لوجوه البهجة ولا يدخل الخلود فى مفهومها فاضيفت اليه للدلالة على خلودها ، فان قيل كيف يتصور الشك فى انه ايهما خير حتى يحسن الاستفهام والترديد وهو يجوز للعاقل ان يقول السكر احلى ام الصبر وهو دواء مرّ يقال ذلك فى معرض التقريع والتهكم والتحسير على مافات ، وفى الوسيط هذا التنبيه على تفاوت مابين المنزلتين لا على ان فى السعير خيرا ، وقال بعضهم هذا على المجاز وان لم يكن فى النار خير والعرب تقول العافية خير من البلاء وانما خاطبهم بما يتعارفون فى كلامهم

{ كانت } تلك الجنة

{ لهم } فى علم اللّه تعالى

{ جزاء } على اعمالهم بمقتضى الكرم لا بالاستحقاق والجزاء الغنى والكفاية فالجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر . والجزية ما يؤخذ من اهل الذمة وتسميتها بذلك للاجتزاء بها فى حقن دمهم

{ ومصيرا } مرجعا يرجعون اليه وينقلبون . والفرق بين المصير والمرجع ان المصير يجب ان يخالف الحالى الاولى ولا كذلك المرجع.

١٦

{ لهم فيها مايشاؤن } اى مايشاؤنه من انواع النعيم واللذات مما يليق بمرتبتهم فانهم بحسب نشأتهم لا يريدون درجات من فوقهم فلا يلزم تساوى مراتب اهل الجنان فى كل شىء . ومن هذا يعلم فساد ما قيل فى شرح الاشباه بجواز اللواطة فى الجنة لجواز ان يريدها اهل الجنة ويشتهيها وذلك لان اللواطة من الخبائث التى ماتعلقت الحمة بتحليلها فى عصر من الاعصار كالزنى فكيف يكون ما يخالف الحكمة مرادا ومشتهى فى الجنة فالقول بجوازها ليس الا من الخباثة . والحاصل ان عموم الآية انما هو بالنسبة الى المتعارف ولذا

قال بعضهم فى الآية دليل على ان كل المرادات لا تحصل الا فى الجنة ولما لم تكن اللواطة مرادة فى الدنيا للطيبين فكذا فى الآخرة

{ خالدين } فيها حال من الضمير المستكن فى الجار والمجرور لاعتماده على المبتدأ

{ كان } المذكور من الدخول والخلود وماشاؤن

{ على ربك وعدا مسئولا } اى موعودا حقيقا بان يسأل ويطلب وما فى على من معنى الوجوب لامتناع الخلف فى وعده ، واعلم ان اهم الامور الفوز بالجنة والنجاة من النار كما قال النبى عليه السلام للاعرابى الذى قال له انى اسأل اللّه الجنة واعوذ به من النار ( انى لاعرف دندنتك ولا دندنة معاذ ) قوله ( دندن ) معناه انى لاعرف ما تقول انت ومعاذ يعنى من الاذكار والدعوات المطولة ولكنى اختصر على هذا المقدار فاسأل اللّه الجنة واعوذ به من النار فقال له النبى عليه السلام حولها ندندن اى حول الجنة والنار او حول مسألتهما والمسألة الاولى سؤال طللب والثانية سؤال استعاذة كما فى ابكار الافكار ومعنى الحديث ان المقصود بهذا الذكر الطويل الفوز بهذا الوافر الجزيل كما فى عقد الدرر والآلى ، قال فى رياض الصالحين العبد فى حق دينه اما سالم وهو المقتصر على اداء الفرائض وترك المعاصى او رابح وهو المتبرع بالقربات والنوافل او خاسر وهو المقصر فى اللوازم فان لم تقدر ان تكون رابحا فاجتهد ان تكون سالما واياك ان تكون خاسرا وفى الحديث ( من قال لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير فى يوم مائة مرة كانت له عدل ذلك حتى يمسى ولم يأت بافضل مما جاء به الا احد عمل اكثر من ذلك ) رواه البخارى وغيره ، قال بعض المشايخ فى هذا الحديث دليل على تفضيل الصوفية ويؤخذ ذلك من جعل هذا الاجر العظيم لمن هذا القول مائة مرة فكيف من يومه كله هكذا فان طريقتهم مبنية على دوام الذكر والحضور وكان عليه السلام طويل الصمت كثير الذكر

هرآن كو غال از حق يكزمانست ... دران دم كافرست اما نهانست

١٧

{ ويوم يحشرهم } اى واذكر يامحمد لقومك يوم يحشر اللّه الذين اتخذوا من دونه آلهة ويجمعهم

{ ومايعبدون من دون اللّه } ماعام يعم العقلاء وغيرهم لكن المراد هنا بقرينة الجواب الآتى العقلاء من الملائكة وعيسى وعزير

{ فيقول } اى اللّه تعالى للمبعودين

{ ءانتم اظللتم } [ كمراه كرديد ]

{ عبادى هؤلاء } بان دعوتموهم الى عبادتكم وامرتموهم بها

{ ام هم ضلوا السبيل } عن السبيل بانفسهم لاخلالهم بالنظر الصحيح واعراضهم عن المرشد النصيح فحذف الجار واوصل الفعل الى المفعول كقوله تعالى

{ وهو يهدى السبيل } والاصل الى السبيل او للسبيل ، يقول الفقير والظاهر انه محمول على نظيره الذى هو اخطأوا الطريق وهو شائع ، فان قلت انه تعالى كان عالما فى الازل بحال المسئول عنه فما فائدة هذا السؤال ، قلت فائدته تقريع العبدة والزامهم كما قيل لعيسى عليه السلام

{ ءانت قلت للناس اتخذونى وامى الهين من دون اللّه } لانهم اذا سئلوا بذلك واجابوا بما هو الحق الواقع تزداد حسرة العبيد وحيرتهم ويبكتون بتكذيب المعبودين اياهم وتبريهم منهم ومن امرهم بالشرك وعبادة غير اللّه.

١٨

{ قالوا } استئناف كأنه قيل فماذا قالوا فى الجواب فقيل قالوا

{ سبحانك } هو تعجب مما قيل له او تنزيه لله تعالى عن الانداد ويجوز ان يحمل ما يعبدون على الاصنام وهى وان كانت جمادات لا تقدر على شىء لكن اللّه تعالى يخلق فيها الحياة ويجعلها صالحة للخطاب والسؤال والجواب

{ ما كان ينبغى لنا } اى ماصح وما استقام لنا

{ ان نتخذ من دونك } اى متجاوزين اياك

{ من اولياء } من مزيدة لتأكيد النفى واولياء مفعول تتخذ وهو من الذى يتعدى الى مفعول واحد كقوله تعالى

{ قل أغير اللّه اتخذ وليا } والمعنى معبودين نعبدهم لما بنا من لحالة المنافية له وهى العصمة او عدم القدرة فأنى يتصور ان تحمل غيرها على ان يتخذ وليا غيرك فضلا عن ان يتخذنا وليا ، قال ابن الشيخ جعل قولهم ما كان ينبغى الخ كناية عن استبعاد ان يدعوا احدا الىّ اتخذا ولى دونه لان نفس قولهم بصريحه لا يفيد المقصود وهو نفى ما نسب اليهم من اضلال العباد وحملهم على اتخاذ الاولياء من دون اللّه.

وفى التأويلات النجمية نزهو الهل عن ان يكون له شريك ونزهوا انفسهم عن ان يتخذوا وليا غير اللّه ويرضوا بان يعبدوا من دون اللّه من الانسان فلهذا قال تعالى فيهم

{ اولئك هم شر البرية } { ولكن متعتهم وآباءهم } التمتع [ برخوردارى دادن ] ، اى ماظللناهم ولكن جعلتهم وآباءهم منتفعين بالعمر الطويل وانواع النعم ليعرفوا حقها ويشكروها فاستغرقوا فى الشهوا وانهمكوا فيها

{ حتى نسوا الذكر } اى غفلوا عن ذكرك وتركوا ما وعظوا به او عن التذكر لآلائك والتدبر فى آياتك فجعلوا اسباب الهداية بسوء اختيارهم ذريعة الى الغواية وهو نسبة الضلال اليهم من حيث انه يكسبهم واسناد له الى مافعل اللّه بهم فحملهم عليه كأنه قيل انا لانضلهم ولم نحملهم على الضلال ولكن اضللت انت بان فعلت لهم ما يؤثرون به الضلال فخلت فيهم ذلك مذهب اهل السنة وفيه نظر التوحيد واظهار ان اللّه هو السبب لاسباب

درين جمن مكنم سرزنش بخود رويى ... جنانكه برورشم ميدهند ميرويم

{ وكانوا } فى قضائك الازلى

{ قوما بورا } هالكين جمع بائر كما فى المفردات او مصدر وصف به الفاعل مبالغة ولذلك يستوى فيه الواحد والجمع يقال رجل بائر وقوم بور وهو الفاسد الذى لا خير فيه ، قال الراغب البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى لفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك.

١٩

{ فقد كذبوكم } اى فيقول اللّه تعالى للعبد فقد كذبكم المعبودون ايها الكفرة

{ بما تقولون } اى فى قلوكم انهم آلهة والباء بمعنى فى

{ فما تستطيعون } اى ماتملكون ايها المتخذون الشركاء

{ صرفا } دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجوه لا بالذات ولا بالواسطة

{ ولا نصرا } اى افرادا من افراد النصر لا من جهة انفسكم ولا من جهة غيركم مما عبدتم وقد كنتم زعمتم انهم يدفعون عنكم العذاب وينصرونكم

{ ومن } [ وهركه ]

{ يظلم منكم } ايها المكلفون اى يشرك كما دل عليه قوله

{ نذقه } [ بجشانيم اورا در آخرت ]

{ عذابا كبيرا } هى النار والخلود فيها فان ماترتب عليه العذاب الكبير ليس الا الظلم العظيم الذى هو الشرك وفيه وعيد اياض لفساق المؤمنين ثم اجاب عن قولهم مالهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الاسواق.

٢٠

{ وما ارسلنا قبلك } احدا

{ من المرسلين الا } رسلا

{ انهم } كسرت الهمزة لوقوعها فى صدر جملة وقعت صفة لموصوف محذوف او الا قيل انهم وان تكسر بعد القول كما فى الاسئلة المقحمة

{ ليأكلون الطعام ويمشون فى الاسواق } فلم يكن ذلك منافيا لرسالتهم فانت لاتكون بدعا منهم

{ وجعلنا بعضكم } ايها الناس

{ لبعض فتنة } ابتلاء ومحنة الفقراء بالاغنياء والمرسلين بالمرسل اليهم ومناصبتهم لهم العداوة واذا هم لهم والسقماء بالاصحاب والاسافل بالاعالى والرعايا بالسلاطين والموالى بذوى الانساب والعميان بالبصراء والضفعاء بالاقوياء ، قال الواسطى رحمه اللّه ما وحد موجود الا لفتنة وما فقد مفقود الا لفتنة

{ أتصبرون } غاية للجعل اى لنعلم انكم تصبرون وحث على الصبر على مافتتنوا به ، قال ابو الليث اللفظ لفظ الاستفهام والمراد الامر يعنى اصبروا كقوله

{ أفلا يتوبون الى اللّه } اى توبوا.

وفى التأويلات النجمية وجعلنا بعضكم يا معشر الانبياء لبعض فتنة من الامم بان يقول بعضهم لبعض الانبياء ائتنا بمعجزة مثل معجزة النبى الفلانى أتصبرون يا معشر الانبياء على ما يقولون ويامعشر الامم عما تقولون انتهى وفيه تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ما قالوه كأنه قيل لا تتأذ بقولهم فانا جعلنا بعض الناس سببا لامتحان البعض والذهب انما يظهر خلوصة بالنار ومن النار الابتلاء

{ وكان ربك بصيرا } بمن يصبر وبمن يجزع ، قال الامام الغزالى البصير هو الذى يشاهد ويرى حتى لايعزب عنه ما تحت الثرى وابصاره ايضا منزه عن ان يكون بحدقة واجفان ومقدس ان يرجع الى انطباع الصور والالوان فى ذاته كما تنطبع فى حدقة الانسان فان ذلك من التغير والتأثر المقتضى للحدوث واذا نزه عن ذلك كان البصير فى حقه عبارة عن الوصف الذى به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك اوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر من ظواهر المرئيات وحظ العبد من حيث الحس من وصف البصر ظاهر ولكنه ضعيف قاصر اذ لا يتمد الى مابعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب بل يتناول الظواهر ويقصر عن البواطن والسرائر ، وانما حظه الدينى منه امران احدهما ان يعلم انه خلق البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة ، قيل لعيسى عليه اسلام هل احد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى . والثانى ان يعلم انه بمرأى من اللّه ومسمع فلا يستهين بنظره اليه واطلاعه عليه ومن اخفى عن غير اللّه ما لا يخفيه عن اللّه فقد استهان بنظر اللّه والمراقبة احدى ثمرات الايمان بهذه الصفة فمن قارب معصية فهو يعلم ان اللّه يراه فما اجسره فاخسره ومن ظن انه لايراه فما اكفره انتهى كلام الغزالى رحمه اللّه فى شرح الاسماء الحسنى ، ثم ان البعد لابد له من السكون الى قضاء اللّه تعالى فى حال فقره وغناه ومن الصبر على كل امر يرد عليه من مولاه فانه تعالى بصير بحاله مطلع عليه فى كل فعاله وربما يشدد المحنة عليه بحكمته ويمنع مراده عنه مع كمال قدرته : قال حضرة الشيخ العطار قدس سره

مكر ديوانه شوريده ميخاست ... برهنه بد زحق كرباس ميخواست

كه الهى بيرهن در تن ندارم ... وكر تو صبر دارى من ندارم

خطابى آمد آن بى خويشتن را ... كه كرباست دهم اما كفن را

زبان بكشاد آن مجنون مضطر ... كه من دانم ترا اى بنده برور

كه تا اول نميرد مرد عاجز ... توندهى هيج كر باسيش هر كز

ببايد مرد اول مفلس وعور ... كه تا كر باس بايد ازتو دركور

وفى الحكمة اشارة الى الفناء عن المرادات وان النفس مادامت معضوبة باقية بعض اوصافها الذميمة اخلاقها القبيحة فان فيض رحمة اللّه وان كان يجرى عليها لكن لا كما يجرى عليها اذا كانت مرحومة مطهرة عن الرذائل هذا حال اهل السلوك

واما من كان من اهل النفس الامارة وقد جرى عليه مراده بالكلية فهو فى يد الاستدراج ولله تعالى حكمه عظيمة فى اغنائه وتنعيمة واغراقه فى بحر نعيمه فمثل هذا هو الفتنة الكبيرة لطلاب الحق الباعثة لهم على الصبر المطلق واللّه المعين وعليه التكلان.

٢١

{ وقال الذين لايرجون لقاءنا } اصل الرجال ظن يقتضى حصول مافيه مسرة واللقاء يقال فى الادراك بالحس والبصر وبالبصيرة وملاقاة اللّه عبارة عن القيامة وعن المصير اليه تعالى اى الرجوع الى حيث لاحاكم ولا مالك سواه . والمعنى وقال الذين لايتوقعون الرجوع الينا اى ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء وهم كفار اهل مكة ، وفى تاج المصدر الرجاء [ اميد داشتن وترسيدن ] انتهى فالمعنى على الثانى بالفارسية [ نمى ترسند ازديدن عذاب ما ]

{ لولا } حرف تحضيض بمعنى هلا ومعناها بالفارسية [ جرا ]

{ انزل علينا الملائكة } [ فروفرستاده نمى شو دبر مافرشتكان ] اى بطريق الرسالة لكون البشرية منافية للرسالة بزعمهم

{ اونرى ربنا } جهرة وعيانا فيأمرنا بتصديق محمد واتباعه لان هذا الطريق احسن واقوى فى الافضاء الى الايمان وتصديقه ولما لم يفعل ذلك علمنا انه ما اراد تصديقه.

ومن لطائق الشيخ نجم الدين فى تأويلاته أنه قال يشير الى ان الذين لايؤمنون بالآخرة والحشر من الكفرة يتمنون رؤية ربهم بقولهم

{ او نرى ربنا } فالمؤمنون الذين يدعون انهم يؤمنون بالآخرة والحشر كيف ينكرون رؤية ربهم وقد ورد بها النصوص فلمنكرى الحشر عليهم فضيلة بانهم طلبوا رؤية ربهم وجوزوها كما جوزا انزال الملائكة ولمنكرى الرؤية ممن يدعى الايمان شركة مع منكرى الحشر فى جحد ما رود به الخبر والنقل لان النقل كما ورد بكون الحشر ورد بكون الرؤية لاهل الايمان

{ لقد استكبروا } اللام جواب قسم محذوف اى واللّه لقد استكبروا ، والاستكبار ان يشبع فيظهر من نفسه ماليس له اى اظهروا الكبر باطلا

{ فى انفسهم } اى فى شأنها يعنى وضعوا لانفسهم قدرا ومنزلة حيث ارادوا لانفسهم الرسل من الملائكة ورؤية الرب تعالى ، وقال الكاشفى [ بخداى كه بزركى كردند در نفسهاى خود يعنى تعاظم ورزدين وجراءت نمودن درين تحكم ]

{ وعتوا } اي تجاوزوا الحد فى الظلم والطغيان والعتوا الغلو والنبو عن الطاعة

{ عتوّا كبيرا } بالغا الى اقصى غاياته من حيث عاينوا المعجزات القاهرة واعرضوا عنها واقترحوا لانفسهم الخبيثة معاينة الملائكة الطبية ورؤية اللّه تعالى التى لم ينلها احد فى الدنيا من افراد الامم وآحاد الانبياء غير نبينا عليه السلام وهو انما رآه تعالى بعد العبور عن حد الدنيا وهو الافلاك السبعة التى هى من علام الكون والفساد ، وفى الوسيط انما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لانهم طلبوها فى الدنيا عنادا للحق واباء على اللّه ورسوله فى طاعتهما فغلوا فى القول والكفر غلوا شديدا ، وفى الاسئلة المقحمة فاذا كان رؤية اللّه جائزة فكيف وبخهم على سؤالهم لها قلنا التوبيخ بسبب انهم طلبوا مالم يكن لهم طلبه لانهم بعد ان عاينوا الدليل قد طلبوا دليلا آخر ومن طلب الدليل بعد الدليل فقد عتا عتوا ظاهرا ولانهم كلفوا الايمان بالغيب فطلبوا رؤية اللّه وذلك خروج عن موجب الامر وعن مقتضاه فان الايمان عند المعاينة لايكون ايمانا بالغيب فلهذا وصفهم بالعتو.

٢٢

{ يوم يرون الملائكة } اى ملائكة العذاب فيكون المراد يوم القيامة ولم يقل يوم تنزل الملائكة ايذانا من اول الامر بان رؤيتهم ليست على طريق الاجابة الى ماقترحوه بل على وجه آخر غير معهود ويوم منصوب على الظرفية بما يدل عليه قوله تعالى

{ لا بشرى يومئذ للمجرمين } لانه فى معنى لايبشر يومئذ المجرمون لابنفس بشرى لانه مصدر والمصدر لايعمل فيما قبله وكذا لايجوز ان يعمل ما بعد لافيما قبلها واصل الجرم قطع الثمرة من الشجر واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ووضع المجرمون موضع الضمير تسجيلا عليهم بالاجرام مع ماهم عليه من الكفر ويومئذ تكرير للتأكيد بين اللّه تعالى ان الذى طلبوه سيوجد ولكن يلقون منه مايكرهون حيث لا بشرى لهم بل انذار وتخويف وتعذيب بخلاف المؤمنين فان الملائكة تنزيل عليهم ويبشرونهم ويقولون لاتخافوا ولاتحزنوا . ومعنى الآية بالفارسية [ هيج مثرده نيست آنروز مر كافر ان اهل مكه را ]

{ ويقولون } اى الكفرة المجرمون عند مشاهدة الملائكة وهو معطوف على ماذكر من الفعل المنفى

{ حجرا محجورا } الحجر مصدر حجره اذا منعه والمحجور الممنوع وهو صفة حجرا ارادة للتأكيد كيوم أيوم وليل أليل كانوا يقولون هذه الكلمة عند لقاء عدو وهجوم مكروه . والمعنى انهم يطلبون نزول الملائكة عليهم ويقترحونه وهم اذا رأوهم يوم الحشر يكرهون لقاءهم اشد كراهة ويقولون هذه الكلمة وهى ما كانوا يقولون عند نزول بأس استعاذة وطلبا من اللّه ان يمنع لقاءهم منعا ويحجر المكروه عنهم حجرا فلا يلحقهم [ درزاد آورده كه جون كفار درشهر حرام كسى را ديدندى كه ازوتر سيدندى ميكفتندكه ] حجرا محجورا يريدون ان يذكروه انه فى الشهر الحرام [ تاز شراو ايمن ميشدند اينجانيز خيال بستندكه ممكر بدين كلمة ازشدت هول قيامت خلاص خواهنديافت ] ويقال ان قريشا كانوا اذا استقبلهم احد يقولون حاجورا حاجورا حتى يعرف انهم من الحرم فيكف عنهم فاخبر تعالى نهم يقولون يوم القيامة فلا ينفعهم.

٢٣

{ وقدمنا الى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } القدوم عبارة عن مجيىء المسافر بعد مدة والهباء الغبار الذى يرى فى شعاع الشمس يطلع من الكوة من الهبوة وهو الغبار ومنثورا صفته بمعنى مفرقا مثل تعالى حالهم وحال اعمالهم التى كانوا يعملونها فى الدنيا من صلة رحم واغاثة ملهوف وقرى ضيف وفك اسير واكرام يتيم ونحو ذلك من المحاسن التى لو عملوها مع الايمان لنا لواثوا بها بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه فقصد الى ماتحت ايديهم من الدار والعقار ونحوهما فمزقها وابطلها بالكلية ولم يبق لها اثرا اى قصدنا اليها واظهرنا بطلانها بالكلية لعدم شرط قبولها وهو الايمان فليس هناك قدوم على شىء ولا نحوه وهذا هو تشبيه الهيئة وفى مثله تكون المفردات مستعملة فى معانيها الاصلية وشبه اعمالهم المحبطة بالغبار فى الحقارة وعدم الجدوى ثم بالمنثور منه فى الانتثار بحيث لايمكن نظمه وفيه اشارة الى ان اعمال اهل البدعة التى عملوها بالهوى ممزوجه بالرياء فلا يوجد لها اثر ولا يسمع منها خبر : قال الشيخ سعدى قدس سره

شنيدم كه نابالغى روزه داشت ... بصد محنت آورد روزى بجاشت

بكفتا بس آن روز سائق نبرد ... بزرك آمدش طاعت از طفل خرد

بدر ديده بوسيد ومادر سرش ... فشاندند بادام وزر بر سرش

جوبروى كذر كرد يك نيمه روز ... فتاداند رو آتش معده سوز

بدل كفت اكر لقمه جندى خورم ... جه داند بدر عيب يا مدرم

جوروى بسر در بدر بود وقوم ... نهان خورد وبيدا بسر برد صوم

كه داند جودر بند حق نيستى ... اكر بى وضو در نماز ايستى

بس اين بيرازان طفل نادان ترست ... كه از بهر مردم بطاعت درست

كليد در دوز خست آن نماز ... كه درجشم مردم كزارى دراز

اكر جز بحق ميرود جادمات ... در آتش نشانند سجاده ات

٢٤

{ اصحاب الجنة } اى المؤمنون

{ يومئذ } اى يوم اذ يكون ماذكر من عدم التبشير وقولهم حجرا محجورا وجعل اعمالهم هباء منثورا

{ خيار مستقرا } المستقر المكان الذى يستقر فيه فى اكثر الاوقات للتجالس والتحادث . والمعنى خير مستقرا من هؤلاء المشركين المنتعمين فى الدنيا : وبالفارسية [ بهترند ازروى قرار كاه يعنى ماسكن ايشان در آخرت به از منازل كافر انست كه دردنيا داشتند ] ويجوز ان يكون التفضيل بالنسبة الى ما للكفرة فى الآخرة ، فان قلت كيف يكون اصحاب الجنة خير مستقرا من اهل النار ولا خير فى النار ولا يقال العسل احلى من الخل ، قلت انه من قبيل التقريع والتهكم كما فو قوله تعالى

{ قل آذلك خير ام جنة الخلد } كما سبق ويجوز ان يكون التفضيل لارادة الزيادة المطلقة اىهم فى اقصى ما يكون من خير وعلى القياس قوله تعالى

{ واحسن مقيلا } اى من الكفرة فى دار الدنيا : وبالفارسية [ ونيكوترست ازجهت مكان قيلولة ] او فى الآخرة بطريق التهكم اوهم فى اقصى مايكون من حسن المقيل وهو موضع القيلولة الاستراحة نصف النهار فى الحر يقال قلت قيلولة نمت نصف النهار المراد بالمقيل ههنا المكان الذى ينزل فيه للاستراحة بالازواح والتمتع بمغازلتهن اى محادثتهن ومراودتهن والا فليس فى الجنة حر ولا نوز بل استراحة مطلقة من غير غفلة ولا ذهاب حس من الحواس وكذا ليس فى النار مكان استراحة ونوم للكفار بل عذاب دائم والم باق ، وانما سمى بالمقيل لما روى ان اهل الجنة لا يمربهم يوم القيامة الا قدر النهار من اوله الى وقت القائلة حتى يسكنون مساكنهم فى الجنة واهل النار فى النار

واما المحبوسون من العصاة فتطول عليهم المدة مقدار خمسن الف سنة من سنى الدنيا والعياذ باللّه تعالى ، ثم فى احسن رمز الى ان مقيل اهل الجنة مزين بفنون الزين والزخارف كبيت العروس.

وفى التأويلات النجمية

{ اصحاب الجنة } يعنى المؤمنين بالحشر والموقنين بالرؤية

{ يومئذ خير مستقرا } لأن مستقر عوامهم الجنة ودرجاتها ومستقر خواصهم حضرة الربوبية وقرباتها لقوله تعالى الى ربك يومئذ المستقر

{ واحسن قيلا } لان النار مقيل منكرى الحشر والجنة مقيل المؤمنين والحضرة مقيل الراجعين المجذوبين انتهى ، فعلى العاقل تحصيل المستقر الاخروى والمقيل العلوى ، وصار الشيخ الحجازى ليلة يردد قوله تعالى

{ وجنة عرضها السموات والارض } ويبكى فقيل له لقد ابكتك آية مايبكى عند مثلها اى لانها بيان لسعة عرض الجنة فقال وما ينفعنى عرضها اذا لم يكن لى فيها موضع قدم وفى الحديث ( من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيىء ) ، وسئل بعضهم عن الغنى فقال سعة البيوت ودوام القوت ثم ان سعادات الدنيا كلها مذكورة لسعادات الآخرة فالعاقل من لاتغرّه الدنيا الدنية : وفى المثنوى

افتخار ازرنك وبوو ازمكان ... هست شادى وفريب كودكان

هر كجا باشدشه مارا بساط ... هست صحرا كربود سم الخياط

هر كجا يوسف رحى باشد جوماه ... جنت است آن جه كه باشد قعرجاه

فجنة العارف هى القلب المطهر ومعرفة اللّه فيه كما قال يحيى بن معاذ الرازى رحمه اللّه تعالى فى الدنيا جنة من دخلها لم يشتق الى الجنة قيل وماهى قال معرفة الله

جودادت صورت خوب وصفت هم ... بيا تابدهدت اين معرفت هم

جو خونى مشك كردد ازدم باك ... بود ممكن كه تن جانى شود باك

٢٥

{ ويوم تشقق السماء } اى واذكر يوم تنفتح : وبالفارسية [ بشكافد ] كما قال فى تاج المصادر التشقق [ شكافته شدن ] واصله تتشقق فحذف احدى التاءين كا فى تلظى

{ بالغمام } هو السحاب يسمى به لكونه ساترا لضوء الشمس والغم ستر الشىء اى بسبب طلوع الغمام منها هو الغمام الذى ذكر فى قوله تعالى

{ هل ينظرون الا ان يأتيهم اللّه فى ظلل من الغمام والملائكة } قيل هو غمام ابيض رقيق مثل الضبابةولم يكن الا لبنى اسرائيل : يعنى [ ظلة بنى اسرائيل بود درتيه ] ، وقال ابو الليث الغمام شىء مثل السحاب الابيض فوق سبع سموات كما روى فى الخبر ( دعوة المظلوم ترفع فوق الغمام ) ، قال الامام النسفى رحمه اللّه الغمام فوق السموات السبع هو سحاب ابيض غليظ كغلظ السموات السبع ويمسكه اللّه اليوم بقدرته وثقله من ثقل السموات فاذا اراد اللّه ان يشقق السموات القى ثقله عليها فانشقت فذلك قوله

{ ويوم تشقق السماء بالغمام } اى بثقل الغمام فيظهر الغمام ويخرج منها وفيه الملائكة كما قال تعالى

{ ونزل الملائكة تنزيلا } اى تنزيلا عجيبا غير معهود قيل تشقق سماء سماء وتنزل الملائكة خلال ذلك الغمام بصحائف اعمال العباد وروى فى الخبر انه تتنشق السماء الدنيا فتنزل الملائكة الدنيا بمثل من فى الارض من الجن والانس فيقول لهم الخلق أفيكم ربنا يعنون هل جاء امر ربنا بالحساب فيقولون لا وسوف يأتى ثم ينزل ملائكة السماء الثانية بمثل من فى الارض من الملائكة والانس والجن ثم ينزل ملائكة كل سماء على هذا التضعيف حتى ينزل ملائكة سبع سموات فيظهر الغمام وهو كالسحاب الابيض فوق سبع سموات ثم ينزل الامر بالحساب فذلك قوله تعالى

{ ويوم تشقق } الآية الان انه قد ثبت ان الارض بالقياس الى سماء الدنيا كحلقة فى فلاة فكيف بالقياس الى سماء الدنيا فملائكة هذه المواضع باسرها كيف تسعها الارض كذا فى حواشى ابن الشيخ ، يقول الفقير يمداللّه الارض يوم القيامة مد الاديم فتسع مع ان السموات مقبية فكلما زالت واحدة منها ونزلت تتسع الارض بقدرها فيكفى لملائكتها اطرافها وقد ثبت ان الملائكة اجسام لطيفة رقيقة فلا تتصور بينهم المزاحمة كمزاحمة الناس.

٢٦

{ الملك يومئذ الحق للرحمن } الملك مبتدأ والحق صفته وللرحمن خبره ويومئذ ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ . والمعنى ان السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلى العام صورة ومعنى بحيث لازوال له اصلا ثابت للرحمن يومئذ وفائدة التقييد ان ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يوم القيامة

جو مدعيان زبان دعوى ... از مالكيت در بسته باشند

واما ماعداه من ايام الدنيا فيكون غيره ايضا له تصرف صورى فى الجملة

{ وكان } ذلك اليوم

{ يوما على الكافرين عسيرا } اى عسيرا عليهم شديدا لهم : وبالفارسية [ دشوار ازشدت اهوال ] وهو نقيض اليسير

واما على المؤمنين فيكون يسيرا بفضل اللّه تعالى وقد جاء فى الحديث ( انه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون اخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها فى الدينا ) الحاصل ان الكافرين يرون ذلك اليوم عسيرا عظيما من دخول النار حسرة فوات الجنان بعدما كانوا فى اليسير من نعيم الدنيا واهل الايمان والطلب والجد والاجتهاد يرون فيه اليسر من نعيم الجنان ولقاء الرحمن بعد ان كانوا فى الدنيا راضين بالعسر تاركين لليسر موقنين ان مع العسر يسرا ، وخرج على سهل الصعلوكى من سجن حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة اذا صرت الى عذاب اللّه كانت هذه جنتك واذا صرت الى نعيم اللّه كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه ،

وقيل للشبلى رحمه اللّه فى الدنيا اشغال وفى الآخرة اهوال فمتى النجاة قال دع اشغالها تأمن من اهوالها فلله در قوم فرغوا عن طلب الدنيا وشهواتها ولم يغتروا بها ولم يلتفتوا اليها لانه قيل

اين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... برجنين مردار جون باشم حريص

وقيل [ نوشبته اندر بر ايوان جنة المأوى كه هركه عشوه دنيا خريد واى بوى ] بل وقلعوا من قلوبهم اصل حب ماسوى اللّه تعالى ونصبوا نفوسهم لمقاساة شدائد الجهاد الى ان يصلوا الى اليسر الذى هو المراد ، وفى الآية اشارة الى ان اهل الانكار يلقون يوم القيامة عسرا لانهم وقعوا فى اعراض الاولياء فى الدنيا تنفيرا للناس عنهم وصرفا لوجوه العامة اليهم ارادة اليسر من المال والمعاش والاعانة ونحو ذلك فيجدون فى ذلك اليوم كل ملك لله فلا يملكون لانفسهم صرفا ولا نصرا فلابد من الاقرار وتجديد الايمان كما ورد ( جددوا ايمانكم بقول لا اله الا اللّه ) ، فان قلت يفهم منه ان الايمان يخلق ، قلت معنى خلاقة الايمان ان لا يبقى للمؤمن شوق وانجذاب الى المؤمن به فتكرار الكلمة الطيبة يورث تجديد الميل والانجذاب والمحبة الالهية فعلى الطالب الصادق ان يكررها فى جميع الاحوال حتى لاينقطع عن اللّه الملك المتعال

جدابى مبادا مرا ازخدا ... دكر هرجه بيش آيدم شايدم

نسأل اللّه الوقوف عند الامر الى حلول الاجل وانتهاء العمر.

٢٧

{ ويوم يعض الظالم على يديه } يوم منصوب باذكر المقدر . والعض ازم بالاسنان : وبالفارسية [ كزيدن بدندان ] وعض اليدين عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس ان يفعلوه عند ذلك وكذا عض الانامل واكل البنان وحرق الاسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لانها من روادفها ، قال فى الكواشى ويجوز ان تكون على زائدة فيكون المراد بالعض حقيقة العض والاكل كما روى انه يأكل يديه حتى يبلغ مرفقيه ثم تنبتان ثم يأكلهما هكذا كلما نبتتا اكلهما تحسرا وندامة على التفريط والتقصير . والمعنى على الاول بالفارسية [ وياد كن روزى راكه ازفرط حسرت مى خايد ظالم بردستهاى خود يعنى بدندان مى كزد دسترا جنانجة متحيران ميكنند ] والمراد بالظالم الجنس فيدخل فيه عقبة بن ابى معيط وذلك ان عقبة كان لا يقدم من سفر الا صنع طعاما وكان يدعو الى الطعام من اهل مكة من اراد وكان يكثر مجالسة النبى عليه السلام ويعجبه حديثه فقدم ذات يوم من سفره وصنع طعاما دعا رسول اللّه الى طعامه ، قال الكاشفى [ وبسبب جوار سيد الابرار را طلبيده بود ] فاتاه رسول اللّه فلما قدم الطعام اليه ابى ان يأكل فقال ( ما انا بالذى آكل من طعامك حتى تشهد ان لا اله الا اللّه وانى رسول اللّه ) وكان عندم من العار ان يخرج من عندم احد قبل ان يأكل فالح عليه بان يأكل فلم يأكل فشهد بذلك عقبة فاكل رسول اللّه من طعامه كان ابىّ بن خلف الجمحى غائبا وكان خليل عقبة وصديقه فلما قدم اخبر بما جرى بين عقبة وبين رسول اللّه فاتاه فقال صبوت ياعقبة اى ملت عن دين آبائك الى دين حادث فقال لا واللّه ما صبوت ولكن دخل على رجل فابى ان يأكل من طعامى الا ان اشهد له فاستحييت ان يخرج من بيتى قبل ان يطعم فشهدت فطعم فقال ما انا بالذى ارضى منك ابدا حتى تأتيه فتبزق فى وجهه وتشتمه وتكذبه نعوذ باللّه تعالى فاتاه فوجوده ساجدا فى دار الندوة ففعل ذلك : يعنى [ آب دهن حواله روى دلا راى رسول اللّه كرد ] والعياذ باللّه تعالى [ در تجمه اسباب نزول آورده كه آب ده او شعله آتش جانسوز كشت وبران حضرت نرسيد وبروى باز كشت وهردوكرانه روى وى بسوخت تازنده بود آن داغها مى نمود ] : وفى المثنوى

هركه بر شمع خدا آرد بفو ... شمع كى ميرد بسوزد بوز او

كى شود دريا زيو سنك نجس ... كى شود خورشيداز بف منطمس

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه سلم لعقبة ( لا القاك خارجا من مكة الا علوت رأسك بالسيف ) فاسر يوم بدر فامر عليه السملا عليا رضى اللّه عنه او عاصم بن ثابت الانصارى رضى اللّه عنه فقتله وطعن عليه السلام بيده الطاهرة ا لطاسرة ابيا اللعين يوم احد فى المبارزة فرج على مكة فمات فى الطريق بسرف بفتح السين المهملة وكسر الراء وهو مناسب لوصفه لانه مسرف وفى الحديث

( شر الناس رجل قتل نبيا او قتله نبى )

اما الاول فلان الانبياء لهم العلو التام فلا يقابلهم الا من هو فى انزال الدرجات والذا يعادى السافل العالى واذا كملت المضادة وقع القتل لان الضد يطلب ازالة ضده .

واما الثانى فلان الانبياء مجبولون على الشفقة على الخلق فلا يقدمون على قتل احد الا بعد اليأس من فلاحه والتيقن بان خيانته سبب لمزيد شقائه وتعدى ضرره فقتلهم من قلتوا من احكام الرحمة : وفى المثنوى

جونكه دندان تو كرمش درفتاد ... نيست دندان بركنش اى اوستاد

تاكه باقى تن نكردد زا ر ازو ... كرجه بود آن تو شو بيزار ازو

قال فى انسان العيون ولم يقتل عليه السلام بيده الشريفة قط احدا الا ابىّ بن خلق لا قبل ولا بعد

{ يقول } الخ حال من فاعل يعض

{ يا } هؤلاء

{ ليتنى } [ كاشكى من ] فالمنادى محذوف ويجوز ان يكون يا لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه

{ اتخذت } فى الدنيا

{ مع الرسول } محمد صلّى اللّه عليه وسلّم

{ سبيلا } طريقا الى النجاة من هذه الورطات يعنى اتبعته وكنت معه على الاسلام.

٢٨

{ يا ويلتى } اى [ واى برمن ] والويل والويلة الهلكة ويا وليتا كلمة جزع وتحسر واصله ياويلتى بكسر التاء فابدلت الكسرة فتحة وياء المتكلم الفا فرارا من اجتماع الكسر مع الياء اى يا هلكتى تعالى واحضرى فهذا اوان حضورك والنداء وان كان اصله لمن يتأتى منه الاقبال وهم العقلاء الا ان العرب تتجوّز وتنادى مالا يعقل اظهارا للتحسر

{ ليتنى لم اتخذ فلانا خليلا } الخليل الصديق من الخلة وهى المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها والمراد من اضله فى الدنيا كائنا من كان من شياطين الجن والانس فيدخل فيه ابىّ المذكور ، قال فى القاموس فلان وفلانة مضمومتين كناية عن اسمائهما اى فلان كناية عن علم ذكور من يعقل وفلانة عن علم اناثهم وبال اى باللام يعنى الفلان والفلانة كناية عن غيرنا اى عن غير العاقل واختلف فى ان لام فلان واو او ياء.

٢٩

{ لقد } واللّه لقد

{ اظلنى } لأكمراه كردم اوبازداشت ]

{ عن الذكر } اى عن القرآن المذكر لكل مرغوب ومرهوب

{ بعد اذ جاءنى } وتمكنت من العمل به وعمرت ما يتذكر فيه من تذكر

{ وكان الشيطان } اى ابليس الحالم على مخالة المضلين ومخالفة الرسول وهجر القرآن

{ للانسان } المطيع له

{ خذولا } كثير الخذلان ومبالغا فى حبه يواليه حتى يؤديه الى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه وكذا حال من حمله على صداقته . والخذلان ترك النصرة ممن يظن به ان ينصر وفى وصفه بالخذلان اشعار بانه كان يعده فى الدنيا ويمنيه بانه ينفعه فى الآخرة وهذا اعتراض مقرر لمضمون ماقبله اما من جهته تعالى

واما من تمام كلام الظالم ، وهذه الآية عامة فى كل متحابين اجتماعا على معصية اللّه تعالى والخلة الحقيقة هى ان لا تكون لطمع ولا لخوف بل فى الدين ولذا ورد ( كونوا فى اللّه اخوانا ) اى فى طريق الرحمن لا فى طريق الشيطان وفى الحديث ( المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل ) وفى الحديث ( لاتصاحب الامؤمنا ولا يأكل طعامك الا تقى ) ، قال مالك بن دينار انك ان تنقل الحجارة مع الابرار خير من ان تأكل الخبيص مع الفجار ،

قال بعضهم المراد بالشيطان قرين السوء سماه شيطانا لانه الضال المضل فمن لم يكن فيه طلب اللّه فهو الشيطان كالانعام بل هو اضل لان الانعام ليست بمضلة والشيطان ضال مضل وانشد ابو بكر محمد بن عبداللّه الحامدى رحمه الله

اصحب خيار الناس حين لقيتهم ... خير الصحابة من يكون عفيفا

والناس مثل دراهم ميزتها ... فوجدت فيهم فضة وزيوفا

وفى الحديث ( مثل الجليس الصالح مثل العطار ان لم ينلك من عطره يعبق بك من ريحه ومثل الجليس السوء مثل الكير ان لم يحرقك بناره يعبق بك ريحه ) قدم ناس الى مكة وقالوا قدمنا الى بلدكم فعرفنا خياركم من شراركم فى يومين قيل كيف قالوا احدهم انا كنت مغنيا لهم وما كنت منهم فقيل له غن فغنى بقول عدى

عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى

فقيل صدقت وامر بقتله : وفى المثنوى

حق ذات باك اللّه الصمد ... كه بود به مار بد از يار بد

مار بد جانى ستاند از سليم ... يار بد آرد سوى نارجحيم

ازقرين بى قول وكفت وكوى او ... خو بدزدد دل نهان ازخوى او

اى خنك آن مرده كزخودرسته شد ... در وجود زنده بيوسته شد

واى آن زنده كه بامرده نشست ... مرده كشت وزندكى ازوى بجست

جون تو درقر آن حق بكريختى ... باروان انبيا آو يختى

هست قرآن حالهاى انيا ... ما هيان بحر با كبريا

ور بخوابى ونه قرآن بذير ... انبيا واوليارا ديده كير

وربذيرايى جو برخوانى قصص ... مرغ جانت تنك آيد در قفص

مرغ كو اندرقفص زاندا انيست ... مى نجويند رستن از زندانيست

روحهايى كز قفصها رسته اند ... انبياو رهبر شايسته اند

از برون آواز شان آيد زيدن ... كه ره رستن ترا اين است اين

مابدين رستيم زين تنكن قفص ... جزكه اين ره نيست جاره اين قفص

نسأ اللّه الخلاص والالتحاق بارباب الاختصاص والعمل بالقرآن فى كل زمان وعلى كل حال.

٣٠

{ وقال الرسول } عطف على قوله تعالى

{ وقال الذين لايرجون لقاءنا } ومابينهما اعتراض اى قالوا كيت وكيت وقال الرسول محمد عليه السلام اثر ما شاهد منهم غاية العتو ونهاية الطغيان بطريق البث الى ربه

{ يارب } [ اى برود كارمن ]

{ ان قومى } قريشا

{ اتخذوا هذا بطريق القرآن مهجورا } اى متروكا بالكلية ولم يؤمنوا به وصدوا عنهن وفيه تلويح بان حق المؤمن ان يكون كثير التعاهد للقرآن اى التحفظ والقراءة كل يوم وليلة كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم وفى الحديث ( من تعلم القرآن وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يارب العالمين عبدك هذا اتخذنى مهجورا اقضى بينى وبينه ) ومن اعظم الذنوب ان يتعلم الرجل آية فى القرآن او سورة ثم ينساها والنسيان ان لايمكنه القراءة من المصحف كا فى القنية وفى الحديث ( ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد ) قيل وماجلاؤها قال ( تلاوة القرآ وذكر اللّه )

دل بر دردرا دوا قرآن ... جان مجروح را شفا قرآن

هرجه جويى زنص قرآ جوى ... كه بود كنج علمها قرآن

وفى المثنوى

شاهنامه ياكليله بيش تو ... همجنان باشدكه قرآن از عتو

فرق آنكه باشد از حق ومجاز ... كه كند كحل عنايت جشم باز

ورنه بشك ومشك بيش اخشمى ... هردويكسانست جون بنود شمى

خويشتن مشغول كردن ازملال ... باشدش قصد كلام ذو الجلال

كاتش وسواس را وغصه را ... زان سخن بنشاند وسازد دوا

٣١

{ وكذلك } اى كما جعلنا لك اعداء من مجرمى قومك كابى جهل ونحوه

{ جعلنا لك نبى } من الانبياء المتقدمين

{ عدوا } اى اعداء فانه يحتمل الواحد والجمع

{ من المجرمين } اى مجرمى قومهم كنمرود ابراهيم وفرعون لموسى واليهود لعيسى فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا ، وفيه تسلية لرسول اللّه وحمل له على الاقتداء بمن قبله من الانبياء الذين هم اصحاب الشريعة والدعوة اليها

{ وكفى بربك } اى ربك والباء صلة للتأكيد

{ هاديا } تمييز اى من جهة هدايته لك الى كافة مطالبك ومنها انتشار شريعتك وكثرة الآخذين بها

{ ونصيرا } ومن جهة نصرته لك على جميع اعادئك فلا تبال بمن يعاديك وسيبلغ حكمك الى اقطار الارض واكناف الدنيا ، دلت الآية بالعبارة والاشارة على ان لكل نبى وولى عدوا يمتحنه اللّه به ويظهر شرف اصطفائه ، قال ابو بكر بن طاهر رحمه اللّه رفعت درجات الانبياء والاولياء بامتحانهم بالمخالفين والاعداء

از براى حكمتى روح القدس ازطشت زر ... دست موسى را بسوى طشت آزر مى برد

قال فى التأويلات النحمية يشير الى انه تعالى يقيض لكل صديق صادق فى الطلب عدوا معاندا من مطرودى الحضرة ليؤذيه وهو يصبر على اذاه فى اللّه ويختبر به حلمه ويرضى بقضى اللّه ويستسلم بالصبر على بلائه ويشكره على نعمة التوفيق للتسليم وتوفيض الامر الى اللّه والتوكل عليه ليسير بهذه الاقدام الى اللّه بل يطير بهذه الاجنحة فى اللّه باللّه ما هو سنة اللّه فى تربية انبيائه واوليائه ولن تجد لسنة اللّه تبديلا وفى الخبر ( لو ان مؤمنا ارتقى على ذروة جبل لقيض اللّه اليه منافقا يؤذيه فيؤجر عليه ) ثم لم يغادر اللّه المجرم المعاند العدو لوليه حتى اذاقه وبال ماستوجبه على معاداته كما قال فى حديث ربانى ( من عادى لى وليا فقد بارزنى بالحرب ) وقال ( وانا انتقم لاوليائى كما ينتقم الليث الجريىء لجروه ) [ دانشمندى بود درفن منطق منفرد ودر سائر علوم رياضى متبحر مولانا مير جمال نام كه دركسوت قلندرى مى زيست وكنك مى بوشيد ونماز نمى كذاريد ودر ارتكاب محرمات بغايت دلير وبى حيابود ومنكر طريق مشايخ وطائفه اوليا ودائم الاوقات غيبت ومذمت حضرات ايشان ميكرد وسخنان بى ادبانه مكيفت روزى باسه طالب علم كه ايشان نيز درمقام هزل وظرافت وتعرض وسفاهت بودند بمجلس مولانا ناصر الدين اترارى در آمدند وبيش ازانكه بسخن آغاز كند مقدارى بنك ازآستين كنك بيرون آورد ودردهان نهاد وخواست كه فرو برد در كلوى وى محكم شد وراه نفس بروى بسته كشت آخر حضرت شيخ فرمودند تامشتى محكم بركلوى وى زدند وآن بنك ازكلوى وى درميان مجلس افتاد وهمه حاضران بروخنديدند واو باخجالت تام از مجلس بيرون آمد ورسوا شد فرار نمود وديكركسى ازو نشان نداد ] : وفى المثنوى

جون خدا خواهدكه برده كس درد ... ميلش اندر طغه باكان برد

آنكه مى دريد جامه خلق جست ... شد دريده آن او ايشان درست

آن دهان كر كزو تسخير بخواند ... مر محمد را دهانش كر بماند

باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن

من ترا افسوس ميكردم ز جهل ... من بدم افسوس را منسوب اهل

٣٢

{ وقال الذين كفورا لولا نزل عليه القرآن } [ وكفتند مشركان عرب جرا فروفر ستاده نشده برمحمد قرآن ] فلولا تحضيضة بمعنى هلا والتنزيل بمعنى هلا والتنزيل ههنا مجرد عن معنى التدريج بمعنى انزل كخير بمعنى اخبر قوله

{ جملة واحدة } دفعة واحدة كالكتب الثلاثة اى التوراة والانجيل والزبور حال من القرآن اذ هى فى معنى مجتمعا وهذا اعتراض حيرة وبهت لا طائل تحته لان الاعجاز لا يختلف بنزوله جملة او مفرقا وقد تحدّوا بسورة واحدة فعجزوا عن ذلك حتى اخلدوا الى بذل المهج والاموال دون الاتيان بها مع ان للتفريق فوائد منها ماشار اليه بقوله

{ كذلك لنثبت به فؤادك } محل الكاف النصب على انها صفة لمصدر مؤكد معلل بما بعده وذلك اشارة الى ما يفهم من كلامهم اى مثل ذلك التنزيل المفرق الذى قدحوا فيه نزلناه لا تنزيلا مغايرا له لنقوّى بذلك التنزيل المفرق فؤادك اى قلبك فان فيه تيسيرا لحفظ النظم وفهم المعنى وضبط الاحكام والعمل بها ألا ترى ان التوراة انزلت دفعة فشق العمل عن بنى اسرائيل ولانه كما نزل عليه وحى جديد فى كل امر وحادثة ازداد هو قوة قلب وبصيرة وبالجملة انزل القرآن منجما فضيلة خص بها نبينا عليه السلام من بين سائر النبيين فان المقصود من انزاله ان يتخلق قلبه المنير بخلق القرآن ويتقوى بنوره ويتغذى بحقائقه وعلومه وهذه الفوائد انما تكتمل بانزاله مفرقا ألا يرى ان الماء لو نزل من السماء جملة واحدة لما كانت تربية الزروع مثلها اذا نزل مفرقا الى ان يستوى الزرع

{ ورتلناه ترتيلا } عطف على ذلك المضمر والترتيل التفريق ومجيىء الكلمة بعد الاخرى بسكوت يسير دون قطع النفس واصله فى الاسنان وهو تفريجها . والمعنى كذلك نزلناه وقرأناه عليك شيأ بعد شىء على تؤده وتمهل فى عشرين سنة او ثلاث وعشرين.

٣٣

{ ولا يأتونك بمثل } اى بسؤال عجيب وكلام غريب كأنه مثل فى البطلان يريدون به القدح فى حقك وحق القرآن . والمعنى بالفارسية [ ونمى آرند مشركان عرب براى تو يامحمد مثلى يعنى دربيان قد نبوت وطعن كتاب توسخن نمى كويند ]

{ الا جئناك } فى مقابلته : وبالفارسية [ مكر آنكه مامى آريم براى تو ] فالباء فى كقوله

{ بالحق } للتعدية ايضا اى بالجواب الحق الثابت المبطل لما جاؤا به القاطع لمادة القيل والقال

{ واحسن تفسيرا } عطف على الحق . والتفسير تفعيل من الفسر وهو كشف ما غطى . والمعنى وبماهو احسن بيانا وتفصيلا لما هو الحق والصواب ومقتضى الحكمة بمعنى انه فى غاية ما يكون من الحسن فى حد ذاته لا ان ما يأتون به له حسن فى الجملة وهذا احسن منه لان سؤالهم مثل فى البطلان فكيف يصح له حسن اللهم الا ان يكون بزعمهم يعنى لما كان السؤال حسنا بزعمهم قيل الجواب الحسن من السؤال والاستثناء مفرغ محله النصب على الحالية اى لا يأتونك بمثل فى حال من الاحوال الا حال اتياننا اياك الحق الذى لا محيد عنه ، وهذا بعبارته ناطق ببطلان جميع الاسئلة وبصحة جميع الاجوبة وباشارته منبىء عن بطلان السؤال الا خير وصحة جوابه اذلولا ان التنزيل على التدريج لما امكن ابطال تلك الاقتراحات الشنيعة او يقال كل نبى اذا قال له قومه قولا كان النبى هو الذى يرد عليهم

واما النبى عليه السلام اذا قالوا له شيأ فاللّه يرد عليهم.

٣٤

{ الذين } اى هم الذين

{ يحشرون على وجوههم الى جهنم } اى يحشرون كائنين على وجوههم يسحبون عليها ويجرّون الى جهنم : يعنى [ روى برزمين نهاده ميروند بسوى دوزخ ] وفى الحديث ( يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة اصناف صنف على الدواب وصنف على الاقدام وصنف على الوجوه ) فقيل يا نبى اللّه كيف يحشرون على وجوههم فقالت ( ان الذى امشاهم على اقدامهم فهو قادر على ان يمشيهم على وجوههم )

{ اولئك } [ آن كروه ]

{ شر مكانا } [ برترازروى مكان يعنى مكان ايشان برترست ازمنازل مؤمنان كه دردنيا داشتند وايشان طعنه مى زدنكه ]

{ أى الفريقين خير مقاما واحسن نديا } وقال تعالى

{ فسيعلمون من هو شر مكانا } اى من الفريقين بان يشاهدوا الامر على عكس ماكانوا يقدرونه فيعلمون انهم شرك مكانا لاخير مقاما

{ واضل سبيلا } واخطأ طريقا من كل احد : وبالفارسية [ وكج تر وناصوا بترند از جهت راه جه راه ايشان مفضى بآتش دوزخست ] والاظهر ان التفضيل للزيادة المطلقة . والمعنى اكثر ضلالا عن الطريق المستقيم وجعل مكانهم شرا ليكون ابلغ من شرارتهم وكذا وصف السبيل بالاضلال من باب الاسناد المجازى للمبالغة ، واعلم انهم كانوا يضللون المؤمنين ولذا قال تعالى حكاية

{ وانا واياكم لعلى هدى او فى ضلال مبين } فاذا افضى طريق المؤمنين الى الجنة وطريقهم الى النار يتبين للكل حال الفريقين : قال الصائب

واقف بميشوند كه كم كرده اند راه ... تارهروان بر اهنمايى نمى رسند

والمميز يوم القيامة هو اللّه تعالى فانه يقول

{ وامتازوا اليوم ايها المجرمون } ولما استكبر الكفار واستعلوا حتى لم يخروا لسجدة اللّه تعالى حشرهم اللّه تعالى على وجوههم ولما تواضع المؤمنون رفعهم اللّه على النجائب فمن هرب عن المخالفة واقبل الى الموافقة نجا ومن عكس هلك واين يهرب العاصى واللّه تعالى مدركه ، قال احمد بن ابى الجوارى كنت يوما جالسا على غرفة فاذا جارية صغيرة تقرع الباب فقلت من بالباب فقالت جارية تسترشد الطريق فقلت طريق النجاة ام طريق الهرب فقالت يابطال اسكت فهل للهرب طريق وانما يهرب العبد فهو فى قبضة مولاه فعلى العاقل ان يهرب فى الدنيا الى خير مكان حتى يتخلص فى الآخرة من شر مكان وخير مكان فى الدنيا هو المساجد ومجالس العلوم النافعة فان فيها النفحات الالهية : قال المولى الجامى قدس سره

مانداريم مشامى كه توانيم شنيد ... ورنه هردم رسداز كلشن وصلت نفحات

نسأل اللّه نفحات روضات التوحيد وروائح حدائق التفريد.

٣٥

{ ولقد آتينا موسى الكتاب } اللام جواب لقسم محذوف اى وباللّه لقد آتينا موسى التوراة اى انزلناها عليه بعد اغراق فرعون وقومه ، وفى الارشاد والتعرض فى مطلع القصة لايتاء الكتاب مع انه كان بعد مهلك القوم ولم يكن له مدخل فى هلاكهم كسائر الآيات للايذان من اول الامر ببلوغه عليه السلام غاية الكمال ونيله نهاية الآمال التى هى انجاء بنى اسرائيل من ملك فرعون وارشادهم الى طريق الحق بما فى التوراة من الاحكام

{ وجعلنا معه } الظرف متعلق بجعلنا

{ اخاه } مفعول اول له

{ هرون } بدل من اخاه وهو اسم اعجمى ولم يرد فى شىء من كلام العرب

{ وزيرا } مفعول ثان اى معينا يوازره ويعاونه فى الدعوة واعلاء الكلمة فان الموازرة المعاونة ، وفى القاموس الوزر بالكسر الثقل والحمل الثقيل والوزير جبأ الملك الذى يحمل ثقله ويعينه برأيه وحاله الوزارة بالكسر ويفتح والجمع وزراء والحبأ محركة جليس الملك وخاصته ، وقال بعضهم الوزير الذى برجع اليه ويتحصن برأيه من الوزر بالتحريك وهو ما يلتجأ اليه ويعتصم به من الجبل ومنه قوله تعالى

{ كلا لاوزر } اى لا ملجأ يوم القيامة والوزر بالكسر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الاثم كما يعبر عنه بالثقل لقوله

{ ليحلموا اوزارهم } وقوله

{ ليحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم } والوزير بالفارسية [ يار ومدد كار وكارساز ] ، فان قلت كون هارون وزيرا كالمنافى لكونه شريكا فى النبوة لانه اذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا ، قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لأن المتشاركين فى الامر متوازران عليه.

٣٦

{ فقلنا } لهما حنيئذ

{ اذهبا الى القوم الذين كذبوا بآياتنا } هم فرعون وقومه اى القبط والآيات هى المعجزات التسع المفصلات الظاهرة على يد موسى عليه السلام ولم يوصف القوم عند ارسالهما اليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات عن اظهارها المتأخر عن الامر به بل انما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلام بيانا لعله استحقاقهم لما يحكى بعده من التدمير ويقال بآياتنا التكوينية اى بالعلامات التى خلق اللّه فى الدنيا ويقال بالرسل وبكتب الانبياء الذين قبل موسى كما فى قوله

{ وقوم نوح لما كذبوا الرسل } فالباء على كل تقدير متعلقة بكذبوا لا باذهبا وان كان الذهاب اليهم بالآيات كما فى قوله فى الشعراء

{ فاذهبا بآياتنا }

واما التكذيب فتارة يتعلق بالآيات كما فى الاعراف

{ فظلموا بها } اى بالآيات وقوله فى طه

{ ولقد اريناه آياتنا } وتارة بموسى وهارون كما فى قوله فى المؤمنين

{ فكذبوهما } { فدمرناهم تدميرا } التدمير ادخال الهلاك على الشىء والدمار الاستئصال بالهلاك والدمور الدخول بالمكروه وتقدير الكلام المستمر اليهم فارياهم آياتنا كلها فكذبوهما تكذيبا مستمرا فاهلكناهم اثر ذلك التكذيب المستمر اهلاكا عجيبا هائلا لايدرك كنهه : وبالفارسية [ بس هلاك كرديم ايشانرا هلاك كردنى باغراق درياى قلزم ] فاقتصر على حاشيتى القصة اى اولها وآخرها اكتفاء بما هو المقصود منها وهو الزام الحجة ببعثة الرسل والتدمير بالتكذيب والفاء للتعقيب باعتبار نهاية التكذيب اى باعتبار استمراره والا فالتدمير متأخر عن التكذيب بازمنة متطاولة.

٣٧

{ وقوم نوح } منصوب بمضمر يدل عليه فدمرناهم اى ودمرنا قوم نوح

{ لما كذبوا الرسل } اى نوحا ومن قبله من الرسل كشيث وادريس او نوح وحده لأن تكذيبه للكل لاتفاقهم على التوحيد والاسلام ويقال ان نوحا كان يدعو قومه الى الايمان به وبالرسل الذين بعده فلما كذبوه فقد كذبوا جميع الرسل كما ثبت ان كل نبى اخذ العهد من قومه ان يؤمنوا بخاتم النبيين ان ادركوا زمانه

{ اغرقناهم } بالطوفان . والاغراق [ غرقه كردن ] والغرق الرسوب فى الماء اى السفول وهو استئناف مبين لكيفية تدميرهم

{ وجعلناهم } اى اغراقهم وقصتهم

{ للناس آية } عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها او سمعها : وبالفارسية [ نشانى ودستانى ] وهو مفعول ثانى لجعلنا وللناس ظرف لغوله

{ واعتدنا } [ وآماده كرديم ] اى فى الآخرة

{ للظالمين } اى لهم اى للمغرقين والاظهار فى موقع الاضمار للتسجيل بظلمهم والايذان بتجاوزهم الحد فى الكفر والتكذيب

{ عذابا اليما } سوى ما حل بهم من عذاب الدنيا ومعنى اليما وجيعا : وبالفارسية [ دردناك ].

٣٨

{ وعادا } عطف على قوم نوح : يعنى [ هلاك كرديم قوم عادرا بتكذيب هود ]

{ وثمود } [ وكروه ثمودارا بتكذيب صالح ]

{ واصحاب الرس } الرس البئر وكل ركية لم تطو بالحجارة والآجر فهورس كا فى فى الكشاف الرس البئر الغير المطوية اى المبنية انتهى ، وفى القاموس كالصحاح المطيوة باسقاط غير ، واصحاب الرس قوم يعبدون الاصنام بعث اللّه اليهم شعيبا عليه السلام فكذبوه فبينما هم حول الرس اى بئرهم الغير المبينة التى يشربون منها ويسقون مواشيهم اذا نهارت فخسف بهم وبديارهم ومواشيهم واموالهم فهلكوا جميعا ، وفى القاموس الرس بئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم ورسوه فى بئر انتهى اى دسوه واخفوه فيها فنسبوا الى فعلهم بنبيهم فالرس مصدر ونبيهم هو حنظلة بن صفوان كان قبل موسى على ما ذكر ابن كثير وحين دسوه فبها غار ماؤها وعطشوا بعد ريهم ويبست اشجارهم وانقطعت ثمارهم بعد ان كان ماؤها يرويهم ويكفى ارضهم جميعا وتبدلوا بعد الانس الوحشة وبعد الاجتماع الفرقة لانهم كانوا ممن يعبد الاصنام وقد كان ابتلاهم اللّه تعالى بطير عظيم ذى عنق طويل كان فيه من كل لون فكان ينقض على صبيانهم يخطفهم اذا اعوزه الصيد وكان اذا خطف احدا منهم اغرب به الى جهة الغرب فقيل له الطول عنقه ولذهابه الى جهة الغرب عنقاء مغرب [ فروبرنده وانابديد كننده ] فيوما ماخطف ابنة مراهقة فشكوا ذلك الى حنظلة النبى عليه السلام وشرطوا ان كفوا شره ان يؤمنوا به فدعا على تلك العنقاء فارسل اللّه عليها صاعفة فاحرقتها ولم تعقب او ذهب اللّه بها الى بعض جزائر البحر المحيط تحت خط الاستواء وهى جريرة لايصل اليها الناس وفيها جيوان كثير كالفيل الكركدن والسباع وجوارح الطير ، قال الكاشفى [ بيغمبر دعا فرمودكه خدايا ابن مرغ رابكير ونسل بريده كردان دعاى بيغمبر بفراجابت رسيده وآن مرغ غائب شد وديكر ازوخبرى واثرى بيدا نشد وحزنام ازو نشان نماند ودرجيزهاى نايافت بدو مثل زنند كما قيل

منسوخ شدمروت ومعدوم شد وفا ... وزهردونام ماند جو عنقا وكيميا

[ وصاحب لمعات ازبى نشانىء عشق برين وجه نشان ميدهد ]

عشقم كه دردوكون مكانم بديدنيست ... عنقاى مغربم كه نشانم بديدنيست

فالعنقاء المغرب بالضم وعنقاء مغرب ومغربة ومغرب بالاضافة طائر معروف الاسم لا الجسم او طائر عظيم يبعد فى طيرانه او من الالفاظ الدالة على غير معنى كما فى القاموس ، ثم كان جزاؤه منهم ان قتلوه وفعلوا به ما تقدم من الرس ، يقال وجد حنظلة فى بئر بعد دهر طويل يده على شجته فرفعت يده فسال دمه فتركت يده فعادت على الشجة ،

وقيل اصحاب الرس قوم نساؤهم مساحقات ذكر ان الدلهاث ابنة ابليس اتتهن فشهت الى النساء ذلك وعلمتهن فلسط اللّه عليهم صاعقة من اول الليل وخسفا فى آخره وصيحة مع الشمس فلم يبق منهم احد وفى الخبر

( ان من اشراط الساعة ان تستكفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وذلك السحق ) وفى الحديث المرفوع ( سحاق النساء زنى بينهن )

وقيل قوم كذبوا نبيا اتاهم فحبسوه فى بئر ضيقة القعر ووضعوا على رأس البئر صخرة عظيمة لا يقدر على حملها الاجماعة من الناس وقد كان آمن به من الجميع عبد اسود وكان العبد يأتى الجبل فيحتطب ويحمل على ظهره ويبيع الحزمة ويشترى بثمنها طعاما ثم يأتى البئر فيلقى اليه الطعام من خروق الصخرة وكان على ذلك سنين ثم ان اللّه تعالى اهلك القوم وارسل ملكا فرفع الحجر واخرج النبى من البشر

وقيل بل الاسود عالج الصخرة فقواه اللّه لفرفعها والقى حبلا اليه واستخرجه من البئر ، فاوحى اللّه الى ذلك النبى انه رفيقه فى الجنة وفى الحديث ( ان اول الناس دخولا الجنة لعبد اسود ) يريد هذا العبد على بن الحسين ابن على زين العابدين رضى اللّه عنهم

[ روايت كند از بدر خويش كفتا مردى آمد از بنى تميم بيش امير المؤمنين على رضى اللّه عنه كفت يا امير المؤمنين خبرده مارا از اصحاب رس از كدام قوم بودند ودركدام عصر وديار ومسكن از ايشان كجا بود بادشاه ايشان كه بود رب العزة بيغمبر بايشان فرستاد يانفرستاد وايشانرا بجه هلاك كرد مادرقرآن ذكر ايشان ميخوانيم كه اصحاب الرس نه قصه بيان كرده نه احوال ايشان كفته امير المؤمنين على كفت ياخا تميم سؤالى كردى كه بيش ازتو هيج كس اين سؤال ازمن نكرد وبعد ازمن قصه ايشان ازهيج كس نشنود ايشان قومى بودند در عصر بنى اسرائيل بيش از سليمان بن داود بدرخت صنوبر مى برستيدند آن درخت كه يافث بن نوح كشته بود برشفير جشمه معروف وبيرون ازان جشمه نهرى بود روان وايشانرا دوازده باره شهر بود برشط آن نهر ونام آن نهر رس بود ودر بلاد مشرق ودرروز كاز هيج نهر عظيم تر وبزركتر ازان نهر نبود ونه هيج شهر آبادان تر ازان شهر هاى ايشان ومهينه از شهرهاى مدينه بود نام آن اسفند آباد وبادشاه ايشان از نراد نمرود بن كنعان بود ودر آن مدينه مسكن داشت وآن درخت صنوبر در آن مدينه بود وايشان تخم آن درخت بردند بآن دوازده باره شهر تادر شهرى درختى صنوبر برآمد وبباليد وهل آن شهر آنرا معبود خود ساختند وآن جشمه كه در زيرصنوبر اصل بود هيج كس را دستورى نبودكه ازآن آب بخورد يابركر فتى كه ميكفتندكه ( هى حياة آلهتنا فلا ينبغى لاحد ان ينقص من حياتها ) بس مردمان كه آب ميخوردند ازنهر رس ميخوردند ورسم وآيين ايشان بود درهر ماهى اهل آن شهرها كردآن درخت صنوبر خويش برآمدن وآنرا بزيور وجامهاى الوان بياراستن وقربانها كردن وآتشى عظيم افروختن وآن قربانها برآن آتش نهادن تادخان وقتاران بالا كرفتى جندانكه درآن تاركى دود ديدهاى ايشان ازآ سمان محجوب كشتى ايشان آن ساعت بسجود درفتادندى وتضرع وزارى فرادرخت كردندى تازميان آن درخت شيطان آواز دادى كه ( انى قد رضيت عنكم فطيبوا نفسها وقروا عينا ) جون آواز شيطان بكوش ايشان رسيدى سر برداشتندى شادان وتازان ويك شبانروز درنشاط وطرب وخمر خوردن بسرآ وردندى يعنى كه معبودما آزما راضى است بدين صفت روز كار در آن بسرآ وردند تاكفر وشرك ايشان بغايت رسيد وتمرد وطغيان ايشان بالا كرفت رب العالمين بايشان بيغمبرى فرستاد از بنى اسرائيل از نراد يهودا بن يعقوب روزكارى دراز ايشانرا دعوت كرد ايشان نكرديدند وشرك وكفورا بيفزودند تا بيغمبر در اللّه زاريد ودر ايشان دعاى يد كرد كفت ( يارب ان عبادك ابوا الا تكذيبى والكفر بك يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع فأرهم قدرتك وسلطانك ) جون بيغمبر اين دعا كرد درختهاى ايسان همه خشك كشت كفتند اين همه ازهمه ازشومى اين مرداست كه دعوى بيغبرى ميكند وعيب خدايان ما ميجويد واورا بكرفتند ودرجاهى عظيم كرند آورده اند در قصة كه انبوبها ساختند فراخ وآنرا بقعرآب فرو بردند وآب ازان انبوبها برميكشدند تابخشك رسيد آنكه از آنجا درجاهى دور فرو بردند واورا در آن جاه كردند وسنكى عظيم برسر آن جاه استوار نهادند وانبوبها ازقعر آب برداشتند كفتند اكنون دانيم كه خدايان مازما خشنود شوند كه عيب جوى ايشانرا هلاك كرديم بيغمبر در آن وحشتكاه باللّه ناليد وكفت ( سيدى ومولاى قد ترى ضيق مكانى وشدة كربى فارحم ضعف ركنى وقلة حيلتى عجل قبض روحى ولا تؤخر اجابة دعوتى حتى مات عليه السلام فقال اللّه لجبريل ان عبادى هؤلاء غرهم حلمى وامنوا مكرى وعبدوا غيرى وقتلوا رسولى فانا المنتقم ممن عصانى ولم يخش عقابى ونى حلفت لاجعلنهم عبرة ونكالا للعالمي ) بس رب العالمين باد عاصف كرم بايشان فروكشاد تاهمه بيكديكر شدند وفراهم بيوستند آنكه زمين در زير ايشان جون سنك كبريت كشت واز بالا ابرى سياه بر آمد وآتش فروباريد وايشان جنانكه از زير در آتش فروكدازد فروكداختند ] نعوذ باللّه من غضبه ودرك نقمته كذا فى كشف الاسرار للعالم الربانى الرشيد اليزدى

{ وقرونا} اى درمنا ايضا اهل اعصار جمع قرن وهم القوم المتقرنون فى زمن واحد ، وفى القاموس الاصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام

( عش قرنا فعاش مائة سنة ) { بين ذلك } المذكور من الطوائف والامم : وبالفارسية [ ميان قوم نوح وعاد وميان عاد وثمود تا بصحاب الرس ]

{ كثيرا } لايعلم مقدارها الا اللّه كقوله { ايعلمهم الا اللّه } ولذلك قالوا كذب الناسبون اى الذين ادعوا العلم بالانساب وهو صفة لقوله قرونا والافراد باعتبار معنى الجمع او العدد كما فى قوله { وبث منهما رجالا كثيرا }

٣٩

{ وكلا } منصوب بمضمر يدل عليه ما بعده اى ذكرنا وانذرنا كل واحد من الامم المذكورين المهلكين

{ ضربنا له الامثال } بيناله القصص العجيبة الزاجرة عماهم عليه من الكفر والمعاصى بواسطة الرسل

{ وكلا } اى كل واحد منهم بعد التكذيب والاصرار

{ تبرنا تتبيرا } اهلكا اهلاكا عجيبا هائلا فان التبر بالفتح والكسر الاهلاك والتتبير التكسير والتقطيع ، قال الزجاج كلى شىء كسرته وفتته فقد تبرته منه التبر لمكسر الزجج وفتات الذهب والفضة قبل ان يصاغا فاذا صبغا فهما ذهب وفضة.

٤٠

{ ولقد اتوا } اى وباللّه لقد اتى قريش فى متاجرهم الى الشام ومروا

{ على القرية التى امطرت مطر السوء } يعنى سدوم بالدال المهملة

وقيل بالذال المعجمة اعظم قرى قوم لوط امطرت عليها الحجارة واهلكت فان اهلها كانوا يعملون الخبيث وكان كل حجر منها قدر انسان ، واعلم ان قرى قوم لوط خمس مانجا منها الا واحدة لان اهلها كانوا لا يعملون العمل الخبيث وسدوم من التى اهلكت وتخصيصها ههنا لكونها فىممر تجار قريش وكانوا حين مرورهم بها يرونها مؤتفكة ولا يعتبرون . وانتصاب مطر على انه مصدر مؤكد بحذف الزوائد كما قيل فى انبته اللّه نباتا حسنا اى امطار السوء ومطر مجهولا فى الخير وامطر فى الشر

وقيل هما لغتان والسوء بفتح السين وضمها كل ما يسوء الانسان ويغمه من البلاء والآفة : والمعنى بالفارسية [ وبركذشتند بر آن شهركه باران بدباريد يعنى بروسنك بارانيده شد ] وفى الخبر ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( رأى ليلة المعراج فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسأل عن ذلك جبريل فقال هذه الحجارة فضلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من امتك ) اى خفيت واعدت وذلك ان من اشراط الساعة ان يمطر السماء بعض الحبوب كالقمح والذرة ونحوهما وقد شاهدناه فى عصرنا وسيأتى زمان تمطر الحجارة ونحوها على الظالمين نعود باللّه تعالى

{ أفلم يكونوا يرونها } [ آيانمى ديند آنرا سرنكون ] اى فى مرار مرورهم فيخافوا ويعتبروا ويؤمنوا

{ بل كانوا لايرجون نشورا } حقيقة الرجاء انتظار الخير وظن حصول ما فيه مسرة وليس النشور اى احياء الميت خيرا مؤديا الى المسرة فى حق الكافر فهو مجاز عن التوقع والتوقع يستعمل فى الخير والشر فامكن ان يتصور النسبة بين الكافر وتوقع النشور . والمعنى بل كانوا كفرة لايتوقعون نشورا اى ينكرون النشور المستتبع للجزاء الاخروى ولا يرون لنفس من النفوس نشورا اصلا مع تحققه حتما وشموله للناس عموما واطراده وقوعا فكيف يعترفون بالجزاء الدنيوى فى حق طائفة خاصة مع عدم الاطراد والملازمة بينه وبين المعاصى حتى يتذكروا ويتعظوا بما شاهدوه من آثار الهلاك وانما يحملونه على الاتفاقات ، واعلم ان النشور لا ينكره الا الكفور وقد جعل اللّه الربيع فى الدنيا شاهدا له ومشيرا لوقوعه وفى الخبر ( اذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور ) والربيع مثل يوم النشور لان الربيع وقت القاء البذر ويكون الزراع قلبه معلقا الى ذلك الوقت أيخرج ام لا فكذلك المؤمن يجتهد فى طاعته وقلبه يكون معلقا بين الخوف والرجاء الى يوم القيامة أيقبل اللّه تعالى منه ام لا ثم اذا خرج الزرع وادرك يحصد ويداس ويذرى ثم يطحن ويعجن ويخبز واذا خرج من التنور بلا احتراق يصلح للخوان ولو احترق ضاع عمله وبطل سعيه وكذلك العبد يصلى ويصوم ويزكى ويحج فاذا جاء ملك الموت حصد روحه بمنجل الموت وجعلوه فى القبر يكون فيه الى يوم القيامة واذا جاء يوم القيامة وخرج من قبره ووقع الحشر والنشور وامر به الى الصراط فاذا جاوز الصراط سالما فقد صلح للرؤية والا فقد هلك فعلى العاقل ان يتفكر فى النشور ويتذكر عاقبة الامور : وفى المثنوى

فضل مردان برزن حالى برست ... زان بودكه مر بابان بين ترست

مردكاندر عاقبت بينى خمست ... او زاهل عاقبت اززن كمست

ازجهان دو بانك مى آيد بضد ... تاكدامين را تو باشى مستعد

آن يكى بانكش نشور اتقيا ... وين دكر بانكش قريب اشقيا

آن يكى بانك اين اينك حاضرم ... بانك ديكر بنكراندر آخرم

من شكوفه خارم اى فخر كبار ... كل بريزم من نمايم شاخ خار

بانك اشكوفه اش كه اينك فروش ... بانك خارش اوكه سوى مامكوش

اى خنك آن كو زوّال آن شنيد ... كش عقول ومستمع مردان شنيد

٤١

{ واذا رأوك } اى ابصروك يا محمد يعنى قريشا

{ ان يتخذونك الا هزوا } ان نافية اى ما يتخذونك الا موضع هزو اى يستهزئون بك قائلين بطريق الاستحقار والتهكم

{ أهذا الذى بعث اللّه رسولا } اى بعث اللّه الينا رسولا ليثبت الحجة علينا : وبالفارسية [ ايا اين كس آنست كه اورا برانكيخت خدا وفرستاد بيغمبر ] يعنى لم يقتصروا على ترك الايمان وايراد الشبهات الباطلة بل زادوا عليه الاستخفاف والاستهزاء اذا رأوه وهو قول ابى جهل لابى سفيان وهذا نبى بنى عبدمناف.

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هل الحس لايرون النبوة والرسالة بالحس الظاهر لانها تدرك بنظر البصيرة المؤيدة بنور اللّه وهم عميان بهذا البصر فلما سمعوا منه مالم يهتدوا به من كلام النبوة الرسالة ماتخذوه الا هزؤا وقالوا مستهزئين أهذا الذى بعث اللّه رسولا وهو بشر مثلنا محتاج الى الطعام والشراب : وفى المثنوى

كاربا كان را قياس ازخود مكير ... كرجه ماند در نبشتن شير شير

جمله عالم زين سبب كمراه شد ... كم كسى زابدال حق آكاه شد

همسرى با انبيا بر داشتند ... اوليا را همجو خود بندشتند

كفته اينك مابشر ايشان بشر ... ماوايشان بسته خوابيم وخور

اين ندانستند ايشان ازعمى ... هست فرق درميان بى منتهى

هردوكون زنبور خوردند ازمحل ... ليك شد زين نيش وزان ديكر عسل

هردوكون آهوكيا خوردندو آب ... زين يكمى سركين شدوزان مشك ناب

هردونى خوردند ازيك آبخور ... اين يكى خالى وان براز شكر

٤٢

{ ان كاد } ان مخففة من الثقيلة واللام فى

{ ليضلنا } هى الفارقة بينهما وضمير الشان محذوف اى انه كاد اى قارب محمد ليضلنا

{ عن آلهتنا } اى ليصرفنا عن عبادتها صرفا كليا بحيث يبعنا عنها : وبالفارسية [ بدرستى نزديك بودكه اوبسخن دلفريب وبسيارى جهد دردعوت واظهار دلائل برمدعاى خود كمراه كند وبازادارد مارا از برستش خديانا ما

{ لولا ان صبرنا عليها } ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها قال اللّه تعالى فى جوابهم

{ وسوف يعلمون } البتة وان تراخى

{ حين يرون العذاب } الذى يستوجبه كفرهم اى يرون فى الآخرة عيانا ومن العذاب عذاب بدر ايضا

{ من اضل سبيلا } نسبوه عليه السلام الى الضلال فى ضمن الاضلال فان احدا لا يضل غيره الا اذا كان ضالا فى نفسه فردهم اللّه ، واعلم انه لا يهملهم وان امهلهم وصف السبيل بالضلال مجازا والمراد سالكوها ومن اضل سبيلا جملة استفهامية معلقة ليعلمون فهى سادة مسد مفعوليه.

٤٣

{ أرأيت } [ آياديدى ]

{ من اتخذ الهه هواه } كلمة أرأيت تستعمل تارة للاعلام وتارة للسؤال وههنا للتعجيب من جهل من هذا وصفه والهه مفعول ثان قدم على الاول للاعتناء به لانه الذى يدور عليه امر التعجب والهوى مصدر هويه اذا احبه واشتهاه ثم سمى به المهوى المشتهى محمودا كان او مذموما ثم غلب على غير المحمود فقيل فلان اتبع هواه اذا اريد ذمه فالهوى ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند منقول ودليل معقول . والمعنى أرأيت يا محمد من جعل هواه الها لنفسه بان اطاعه وبنى عليه امر دينه معرضا عن استماع الحجة والبرهان بالكلية كأنه قيل ألا تعجب ممن جعل هواه بمنزلة الاله فى الالتزام طاعته وعدم مخالفته فانظر اليه وتعجب منه وهذا الاستفهام للتقرير والتعجيب وكفته اند قومى بودند ازعرب كه سنك مى برستيدند هركاه كه ايشانرا سنكى نيكو بجشم آمدى ودل ايشان آن خواستى آنرا سجود بردندى وآنجه داشتندى بيفكندندى حارث بن قيس ازايشان بود دركاروانى ميرفتند وآن سنك داشتند ازشتر بيفتاد آواز در قافله افتادكه سنك معبود ازشتر بيفتاد توقف كنيد تاجبوييم ساعتى جستند ونيافتند كوينده ازايشان آواز دادكه ] وجدت حجرا احسن منه فسيراو وفى الحديث ( ماعبد اله ابغض على اللّه من الهوى ) فكل من يعيش على ما يكن له فيه شرب نفسانى ولو كان استعمال الشريعة بهذه الطبيعة ومطلبه فيه الحظوظ النفسانية لا الحقوق الربانية فهو عابد هاه كما فى التأويلات النجمية ، قال الكاشفى صاحب تأويلات فرموده كه هركه بغير خداى جيزى دوست دارد وبروبازماند واورا برسته درحقيقت هواى خودرا مى برستد زيرا كه هواى اورا برمحبت غير خدا ميدارد سيد حسينى رحمه اللّه در طرب المجالس آورده كه جون آدم صفى عليه السلام باحوا عقد بستند ابليس ودنيا بيكديكر بيوستند وهمجنانكه ازامتزج آنان بايكديكر آدمى وجود كرفت ازوصلت اينان باهمه هوا مدد مى يابند رسوم وعادات مردوده ومذاهب واديان مختلفه همه ازتأثير او ظهور مى يابد

غبارى كه خيزد ميان ره اوست ... جه كويم كه هريوسفى را جه اوست

قوت غلبه اوتاحديست كه ( الهوى اول اله عبد فى الارض ) درشان او واردشده وزبان قرآن درحق اةو جنين فرموده كه

{ أرأيت من اتخذ الهه هواه } كويى كه اصل هواست آلهة باطله همه فرع اويند وازينجا كه مخالفت هوى سبب وصول بحقيقت ايمانست ]

سرزهوى نافتن ازسروريست ... ترك هوى قوت بيغمبريست

قال ابو سليمان رحمه اللّه من اتبع نفسه هواها فقد سعى فى قتلها لان حياتها بالذكر وموتها وقتلها بالغفلة فاذا غفل اتبع الشهوات واذا اتبع الشهوات صار فى حكم الاموات : وفى المثنوى

اين جهان شهوتى بتخانه ايست ... انبيا وكافر انرا لانه ايست

ليك شهوت بنده باكان بود ... زرنسوزد زانكه نقد كان بود

كافران قلبند وباكان همجوزر ... اندرين بتوه درند اين دونفر

قلب جون آمد سيه شد درزمان ... زردر آمد شد رزى اوعيسان

[ يكى را ازا كابر سمرفند كفتند كه اكركسى درخواب بيندكه حق سبحانه وتعالى مرده است تعبير آن جيست وى كفت كه اكابر كفته اندكه اكركسى درخواب بيندكه بيغمبر صلّى اللّه عليه وسلّم مرده است تعبيرش آنست كه درشريعت اين صاحب واقعة قصورى وفتورى واقع شده است وآن مردن صورت شريعت است اين نيز مثل آن زنكى دارد . وبعضى كبار مى فرمودندكه ميتوان بودكه كسى حضور مع اللّه بوده باشد ناكاه آن حضور نماند تعبير آن مردن آن باشد . ومولانا نور الدين عبدالرحمن جامى رحمه اللّه اين سخن را تأويل ديكر كرده بودند فرموده كه ميتواند بودكه بحم آيت كريمه

{ أرأيت من اتخذ الهه هواه } يكى ازهواها كه صابح واقعة آنرا خداى خود كرفته بوده است . ازدل وى رخت بندند ونابود شود آن مردن خداى عبارت ازنابودن اين هوابود بس اين خواب دليل باشد برآنكه حضور اوزياده شود كذا فى رشحات على الصفى بن الحسنى الكاشفى ]

{ أفأنت تكون } [ آيامى باشى تو ]

{ عليه } [ برآنكس كه هواى خودرا خدا ساخته ]

{ وكيلا } حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصى وحاله هذا اى الاتخاذ اى لست موكلا على حفظه بل انت منذر فهذا الاستفهام للانكار وليس هذا نيها عن دعائه اياهم بل الاعلام بانه قد قضى ما عليه من الانذار والاعذار ، وقال بعض المفرسين هذه منسوخة بآية السيف.

٤٤

{ أم تحسب } بل أتظن : وبالفارسية [ بلكه كما ميبرى ]

{ ان اكثرهم يسمعون } مايتلى علهيم من الآيات حق سماع

{ او يعقلون } مافى تضاعيفها من المواعظ الزاجرة عن القبائح الداعية الى المحاسن فتهتم بشأنهم وتمطع فى ايمانهم وتخصيص الاكثر لانه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استدبارا وخوفا على الرياسة ، قال ابن عطاء رحمه اللّه لا تظن انك تسمع نداءك انما تسمعهم ان سمعوا نداء الازل والا فان نداءك لهم ودعوتك لا تغنى عنهم شيأ واجابتهم دعوتك هو بركة جواب نداء الازل ودعوته فمن غفل واعرض فانما هو لبعده عن محل الجواب فى الازل

{ ان هم } ما هم فى عدم انتفاعهم بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات وانتفاء التدبير فما يشاهدونه من الدلائل والمعجزات

{ الا كالانعام } الا كالبهائم التى هى مثل فى الغفلة وعلم فى الضلالة.

وفى التأويلات النجمية ليس لهم نهمة الا فى الاكل والشرب واستجلاب حظوظ النفس كالبهائم التى نهمتها الا كل والشرب

{ بل هم اضل سبيلا } من الانعام لانها تنقاد لمن يقودها وتميز من يحسن اليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لاينقادون لربهم ولا يعرفون احسانه من اساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذى هو اعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذى هو اشد المضار ولانها لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا ولا شرا بخلاف هؤلاء ولان جهالتها لا تضر باحد وجهالة هؤلاء تؤدى الى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولانها غير متمكنة من طلب الكمال فلا تقصير منها ولا ذم وهؤلاء مقصرون مستحقون اعظم العقاب على تقصيرهم ، واعلم ان اللّه تعالى خلق الملائكة وعلى العقل جبلهم وخلق البهائم وركب فيها الشهوة وخلق الانسان وركب فيه الامرين اى العقل والشهوة فمن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم ولذا قالى تعالى

{ بل اضل سبيلا } لان الانسان بقدمى العقل والمغلوب والهوى ينقل الى اسفل دركه لا تبلغ البهائم الهيا بقدم الشهوة فقط ومن غلب عقله هواه اى شهوته فهو بمنزلة الملائكة الذين لا يعصون اللّه مامرهم ويفعلون ما يؤمرون ومن كان غالبا على امره فهو خير من الملائكة كما قال تعالى

{ اولئك خير البرية } كما قال فى المثنوى

در حديث آمد كه يزدان مجيد ... خلق عالم را سه كونه آفريد

يك كروه را جمله عقل وعلم وجود ... آنو فرشته است اوندادا جزسجود

نيست اند عنصر ش حرص وهوا ... نور مطلق زنده از عشق خدا

يك كروه ديكر از دانش تهى ... همجو حيوان ازعلف در فربهى

او نييند جز كه اصطبل وعلف ... از شقاوت غافلست و از شرف

اين سوم هست آدمى زاد وبشر ... از فرشته نيمى ونيمى ز حز

نيم خر خود مائل سفلى بود ... نيم ديكر مائل علوى شود

آن دوقسم آسوده ازجنبك وخراب ... وين بشر باد ومخالف در عذاب

واين بشرهم زامتحان قسمت شدند ... آدمى شكلند وسه امت شدند

يك كروه مستغرق مطلق شدست ... همجو عيسى باملك ملحق شدست

نقش آدم ليك معنى جبرئيل ... رسته ازخشم وهوا وقال

وقيل

قسم ديكر باخران محلق شدند ... خشم محض وشهوت مطلق شدند

وصف جبريلى درايشان بود رفت ... تنك بود آن خانه وآن وصف رفت

نام ( كالانعام ) كرد آن قوم را ... زانكه نسبت كو بيقظه نوم را

روح حيوانى ندارد غير نوم ... حسهاى منعكس دارند قوم

ماند يك قسمى دكر اندر جهاد ... نيم حيوان نيم حى بارشاد

روزوشب درجنك واندر كشمش ... كرده جاليش آخرش ياولش

فعلى العاقل الاحتراز عن الافعال الحيوانية فانها سبب لزوال الجاه الصورى والمعنوى ، سئل بعض البرامكة عن سبب زوال دوالتهم قال نوم الغدوات وشرب العيشات ،

وقيل لى وانا مراقب بعد صلاة الفجر من لم يترك النو اى من لم يترك الراحة الظاهرة مطلقا ومال كالحيوان الى الدعة الحضور لم يتخلص من الغفلة فمدار الخلاص هو ترك الراحة والعمل بسبيل مخالفة النفس والطبيعة.

٤٥

{ ألم تر الى ربك } الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والهمزة للتقرير والرؤية رؤية العين . والمعنى ألم تنظر الى بديع صنعه تعالى فان المنظور يجب ان يكون مما يصح ان يتعلق به رؤية العين

{ كيف } منصوبة بقوله

{ مد الظل } اصل المد الجزء من المدة للوقت الممتد والظل ما يحصل مما يضيىء بالذات كالشمس او بالغير كالقمر ، قال فى المفردات الظل ضد الضح وهو بالكسر الشمس وضوئها كما فى القاموس وهو اعم من الفيىء فانه يقال ظل الليل ظل الجنة ويقال لكل موضع لاتصل اليه الشمس ظل ولايقال الفيىء الا لمازال عنه الشمس يعنى ان الشمس تنسخ وتزيله شيأ فشيأ الى الزوال ثم ينسخ الظل ضوء الشمس ويزيله من وقت الزوال الى الغروب فالظل الآخذ فى التزايد الناسخ لضوء الشمس يسمى فيأ لانه فاء من جانب المشرق الى جانب المغرب فهو من الزوال الى الغروب والظل الى الزوال . والمعنى كيف انشأ الظل أى ظل كان من جبل او بناء او شجر عند ابتداء طلوع الشمس ممتدا وهو بيان لكمال قدرته وحكمته بنسبه جميع الامور الحادثة اليه بالذات واسقاط الاسباب العادية عن رتبة السببية والتأثير بالكلية وقصرها على مجردة الدلالة على وجود المسببات

{ ولو شاء } ربك سكون ذلك الظل

{ لجعله ساكنا } اى ثابتا على حاله من الطول والامتداد ومقيما : وبالفارسية [ ثابت وآرام يافته بريك منوال ] يقال فلان يسكن بلد كذا اذا اقام به واستوطن والجملة اعتراضية بين المعطوفين للتنبيه من اول الامر على انه لامدخل فيما ذكر من المد للاسباب العادية وانما المؤثر فيه المشيئة والقدرة

{ ثم جعلنا الشسم عليه دليلا } عطف على مدّ داخل فى حكمه ولم يقل دالة لان المراد ضوء الشمس والمعنى جعلناها علامة يستدل باحوالها المتغيرة على احواله من غير ان يكون بينهما سببية وتأثير قطعا حسبما نطقت به الشرطية المعترضة والالتفات الى نون العظمة لما فى جعل المذكور العارى عن التأثير مع ما يشاهد بين الشمس والظل من الدوران المطرد المنبىء عن السببية من مزايدة دلالة على عظم القدرة ودقة الحكمة وهو السر فى ايراد كلمة التراخى.

٤٦

{ ثم قبضناه } عطف على مدّ داخل فى حكمه وثم للتراخى الزمانى اى ازلناه بعدما انشأناه ممتدّا او محوناه بمحض قدرتنا ومشئتنا عند ايقاع شعاع الشمس موقعه من غير ان يكون له تأثير فى ذلك اصلا وانما عبر عنه بالقبض المنبىء عن جميع المنبسط وطيه لما انه قد عبر عن احداثه بالمد الذى هو البسط طولا

{ الينا } تنصيص على كون مرجعه الى اللّه تعالى كما ان حدوثه عنه عز وجل

{ قبضا يسير } اى على مهل قليلا قليلا حسب ارتفاع دليله اى الشمس . يعنى انه كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الظل فى جانب المغرب فلو قبضه اللّه تعالى دفعة لتعطلت منافع الظل والشمس قبضه يسيرا يسيرا لتبقى منافعها والمصالح المتعلقة بهما هذا ما ارتضاه المولى ابو السعود فى تفسيره ، وقال غيره

{ كيف مدّ الظل } اى بسطه فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس لانه لاشمس معه وهو اطيب الازمنة لان الظلمة الخالصة سبب لنفرة الطبع وانقباض نور البصر وشعاع الشمس مسخن للجو ومفرق لنور الباصرة وليس فيما بين طلعوعيهما شىء من هذين ولذلك قال تعالى فى وصف الجنة

{ وظل ممدود } ويقال تلك الساعة تشبه ساعات الجنة الا ان الجنة انور فالظل هو الامر المتوسط بين ضوء الخالص والظلمة الخالصة

{ ولو شاء لجعله ساكنا } دائما لا شمس معه ابدا من السكنى وهو الاستقرار ولا تنسخه الشمس بان لا يتحرك حركة انقباض ولا انبساط بان جعل الشمس مقيمة على موضع واحد فهو من السكون الذى هو عدم الحركة

{ ثم جعلنا الشمس عليه دليلا } لانه لولا الشمس لما عرف الظل كما انه لولا النور لما عرف الظلمة والاشياء تتبين باضدادها وهذا المعنى يؤيده تعميم الظل كما سبق من المفردات لكن لم يرض به ابو السعود رحمه اللّه لان ما ذكر من معنى الظل فى هذا الوجه وان كان فى الحقيقة ظلا للافق الشرقى لكنه غير معهود والمتعارف انه حالة مخصوصة يشاهدونها فى موضع يحول بينه وبين الشمس جسم كثيف [ درعين المعانى آورده كه مد ظل اشارت بزمان فترتس كه مردم درحيرت بودند وشمس بنور اسلام كه طلوع سيدانام عليه السلام والسلام از افق اكرام طالع كشت واكر آن سايه دائم بودى خلق درتاريكىء غلفت مانده بروشنى آكاهى نرسيدى

كرنه خورشيد جمال ياركشتى رهنمون ، ازشب تاريك غفلت كس نبردى برون [ صاحب كشف الاسرار كويد اين آيد ازورى ظاهر معجزه مصطفى عليه السلام وبفهم اهل حقيقت اشار تست بقرب وكرامت وى اما بيان معجزه آنست كه حضرت رسالت عليه السلام درسفرى بوقت قيلوله در زير درختى فرودآمد ياران بسيار بودند وسايه درخت اندك حق سبحانه وتعالى بقدرت كامله سايه آن درخت اممدود كردانيد جنانجه همه لشكر اسلام در آن سايه بياسودند واين آيت نازل شد ونشان خصوصيت قربت آنكه فرمود

{ الم تر الى ربك كيف مد الظل } موسى عليه السلام را بوقت طلب

{ ارنى } داغ

{ لن ترانى } بردل نهاد واين حضرت را بى طلب فمودكه نه مرا بينى ودر من مى نكرى ديكرجه خواهى ]

فرست ميان آنكه يارش در بر ... با آنكه دوجشم انتظار رش بر در

وفى المثنوى

مرغ بر بالا بران وسايه اش ... مى دود برخاك وبران مرغ وش

ابلهى صياد آن سايه شود ... مى دود جند آنكه بى مايه شود

بى خبر كان عكس آن مرغ هواست ... بى خبر كه اصل آن ساريه كجاست

تير اندازد بسوى سايه او ... تركشش خلى شود ازجست وجو

تركش عمرش تهى شد عمر رفت ... از دو يدن در شكار سايه تفت

سايه يزدان جو باشد دايه اش ... وارهاند از خيال وسايه اش

سايه يزدان بود بنده خدا ... مرده اين عالم وزنده خدا

دامن او كير زو تر بى كمان ... تا رهى در دامن آخر زمان

( كيف مد الظل ) نقش اولياست ... كاو دليل نور خورشيد خداست

اندراين وادىى مرو بى اين دليل ... ( لاحب الآفلين ) كوجون خليل

رو زسايه آفتابى را بياب ... دامن شه شمس تبر يزى بتاب

قال فى المصطلحات الظل هو الوجود الاضافى الظاهر بتعينات الاعيان الممكنة واحكامها التى هى معدومات ظهرت باسمه النور الذى هو الوجود الخارجى المنسوب اليها فيستر ظلمة عدميتها النور الظاهر بصورها صار ظلا لظهور الظل بالنور وعدميته فى نفسه قال اللّه تعالى

{ ألم تر الى ربك كيف مد الظل } اى بسط الوجود الاضافى على الممكنات فالظلمة بازاء هذا النور هو العدم وكل ظلمة فهى عبارة عن عدم النور عما من شأنه ان يتنور به قال اللّه تعالى

{ اللّه ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } الآية والكامل المتحقق بالحضرة الواحدية والسلطان ظل اللّه اى ظل الحقيقة الالهية الجامعة وهى سر الانسان الكامل الذى صورته السلطان اعظم الظاهر اى فى الجامعية والاحاطة.

٤٧

{ وهو } اى اللّه تعالى وحده

{ الذى جعل لكم الليل لباسا } كاللباس يستركم بظلامه كما يستر اللباس فشبه ظلامه باللباس فى الستر . واصل اللبس ستر الشىء وجعل اللباس وهو ما يلبس اسما لكل ما يغطى الانسان من قبيح وجعل الزوج لزوجها لباسا فى قوله

{ هن لباس لكم وانتم لباس لهن } من حيث انه يمنعها عن تعاطى قبيح وجعل التقوى لباسا فى قوله

{ ولباس التقوى } على طريق التمثيل والتشبيه ، فان قلت اذا كان ظلمة الليل لباسا فلا حاجة الى ستر العورة فى صلاة الليل ، قلت لاعتبار لستر الظلمة فان ستر العورة باللباس ونحوه لحق الصلاة هو باق فى الظلمة والضوء

{ والنوم سباتا } النوم استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد والسبت قطع العمل ويوم سبتهم يوم قطعهم للعمل وسمى يوم السبت لذلك او نقطاع الايام عنده لان اللّه تعالى ابتدأ بخلق السموات والارض يوم الاحد فخلقها فى ستة ايام فقط عمله يوم السبت كما فى المفردات . والمعنى وجعل النوم الذى يقع فى الليل غالبا راحة للابدان بقطع المشاغل والاعمال المختصة بحالة اليقظة او جعله موتا فعبر عن القطع بالسبات الذى هو الموت لما بينهما من المشابهة التامة فى انقطاع الحياة وعليه قوله تعالى

{ وهو الذى يتوفاكم بالليل } فالموت والنوم من جنس واحد خلا ان الموت هو الانقطاع الكلى اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهر البدن وباطنه والنوم هو الانقطاع الناقص اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهره دون باطنه والمسبوت الميت لانقطاع الحياة عنه والمريض المغشى عليه لزوال عقله وتمييزه وعليه قولهم مثل المبطون والمفلوج والمسبوت ينبغى ان لا يبادر الى دفنهم حتى يمضى يوم وليلة لتحقق موتهم

{ وجعل النهار نشورا } النهار الوقت الذى ينتشر فيه الضوء وهو فى الشرع مابين طلوع الفجر الى غروب الشمس وفى الاصل مابين طلوع الشمس الى غروبها والنشور ما من الانتشار اى وجعل النهار ذا نشور اى انتشار ينتشر فيه الناس لطلب المعاش وابتغاء الرزق كما قال

{ لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله } او من نشر الميت اذا عاد حيا اى وجعل النهار زمام بعث من ذلك السبات والنوم كبعث الموتى على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اى نفس البعث على طريق المبالغة ، وفيه اشارة الى انو النوم واليقظة انموذج للموت والنشور ، وعن لقمان عليه السلام يابنى كما تنام فتوقظ كذلك تموت فتنتشر : وفى المثنوى

نوم ماجون شد اخ الموت اى فلان ... زين برادر آن برادررا بدان

وفى الآية رخصة للمنام بقدر دفع الضرورة وهو فتور البدن ، قال بعض الكبار النوم راحة للبدن والمجاهدات اتعاب البدن فيتضادان وحقيقة النوم سد حواس الظاهر لفتح حواس القلب والحكمة فى النوم ان الروح القدسى او اللطيفة الربانية او النفس الناطقة غريبة جدا فى هذا الجسم السفلى مشغولة باصلاحه وجلب منافعه ودفع مضاره محبوسة فيه مادام المرء يقظان فاذا نام ذهب الى مكانه الاصلى ومعدنه الذاتى فيستريح بواسطة لقاء الارواح ومعرفة المعانى والغيوب مما يتلقى فى حين ذهابه الى عالم الملكوت من المعانى التى يراها بالامثلة فى عالم الشهادة وهو السر فى تعبير الرؤيا فاذا هجر المجاهد النوم والاستراحة ذابت عليه الاركان الاربعة من الترابية والمائية والنارية والهوائية فيعرى القلب حنيئذ عن الحجب فينظر الى عالم الملكوت بعين قلبه فيشتاق الى ربه وربما يرى المقصود فى نومه كما حكى عن شاه شجاع انه لم ينم ثلاثن سنة فاتفق انه نام ليلة فرأى الحق سبحانه فى منامه ثم بعد ذلك كان يأخذ الوسادة معه ويضطجع حيث كان فسئل عن ذلك فانشأ يقول

رأيت سرور قلبى فى منامى ... فاحببت التنعس والمناما

فهذا حال اهل النهاية فانهم حيث كانت بصيرتهم يقظانة كان منامهم فى حكم اليقظة ولذا

قال بعضهم

مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آكاه عين بيداريست

واما حال غيره فكما قيل

سر آنكه ببالين نهد هوشمند ... كه خوابش بقهر آورد دركمند

وعن ذى النون المصرى رحمه اللّه ثلاثة من اعلام العباجة حب الليل للسهر فى الطاعة والخلوة بالصلاة وكراهة النهار لرؤية الناس والغفلة عن الصلاة والمبادرة بالاعمال مخافة الفتنة ،

قال بعضهم جعل الليل وقتا لسكون قوم ووقتا لانزعاج آخرين فارباب الغفلة يسكنون فى ليلهم والمحبون يسهرون فان كانوا فى روح الوصال فلا يأخذهم النوم لكمال انسهم وان كانوا فى ألم الفراق فلا يأخذهم النوم لكمال قلقهم فالسهر للاحباب صفة اما لكمال السرور او لهجوم الغموم ثم الادب عند الانتباه ان يذهب بباطنه الى اللّه تعالى ويصرف فكره الى امر اللّه قبل ان يجول الفكر فى شىء سوى اللّه ويشغل اللسان بالذكر فالصادق كالطفل الكلف بالشىء اذا انام ينام على محبة الشىء واذا انتبه يطلب ذلك الذى كان كلفا به وعلى هذا الكلف والشغل يكون الموت والقيام الى الحشر فلينظر وليعتبر عند انتباهه من النوم ماهمه فانه يكون هكذا عند القيام من القبران كان همه اللّه والا فهمه غير اللّه ، وفى الخبر ( اذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاثة عقد فان قعد وذكر اللّه انحلت عقدة فان توضأ انحلت اخرى وان صلى ركعتين انحلت كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا اصبح كسلان خبيث النفس ) وفى خبر آخر ( ان نام حتى يصبح بال الشيطان فى اذنه ) والعياذ باللّه من شر النفس والشيطان.

٤٨

{ وهو } تعالى وحده

{ الذى ارسل الرياح } [ كشاد بادها درهوا قال فى كشف الاسرار ارسال اينجا بمعنى كشادن است جنانكه كوبى ] ارسلت الطائر وارسلت الكلب الملعم انتهى ، وفى المفردات فد يكون الارسال للتسخير كارسال الريح والريح معروفة هى فيما قيل الهواء المتحرك

وقيل فى الرحمة رياح بلفظ الجمع لانها تجمع الجنوب والشمال والصبا

وقيل فى العذاب ريح لانها واحدة وهى الدبور وهو عقيم لا يلقح ولذا ورد فى الحديث ( اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا )

{ بشرا } حال من الرياح تخفيف بشر بضمتين جمع بشورا وبشير بمعنى مبشر لان الرياح تبشر بالمطر كما قال تعالى

{ ومن آياته ان يرسل الرياح مبشرات } بالفارسية [ بشارت دهندكان ]

{ بين يدى رحمته } اى قدام المطر على سبيل الاستعارة وذلك لانه ريح ثم سحاب ثم مطر . وبالفارسية [ بيش ازنول رحمت كه اوبارانست يعنى وزيدن ايشان غالبا دلالت ميكند بروقوع مطر دراوان آن باران آسمانرا رحمت نام كرد ازانكه برحمت ميفرستد ]

{ وانزلنا } بعظمتنا والالتفات الى نون العظمة لابراز كمال العناية بالانزال لانه نتيجة ارسال الرياح

{ من السماء } من جهة الفوق وقد سبق تحقيقه مرارا

{ ماء طهورا } بليغا فى الطهارة وهو الذى يكون طاهرا فى نفسه ومطهرا لغيره من الحدث والنجاسة : وبالفارسية [ آبى باك وباك كننده ] ، والطهور يجيىء صفة كما فى ماء طهورا واسما كما فى قوله عليه السلام ( التراب طهور المؤمن ) وبمعنى الطهارة كما فى تطهرت طهورا حسنا اى وضوأ حسنا ومنه قوله عليه السلام ( لاصلاة الا بالطهور )

قالى فى فتح الرحمن الطهور هو الباقى على اصل خلقته من ماء المطر والبحر والعيون والآبار على أى صفة كان من عذوبة وملوحة وحرارة وبرودة وغيرها وما تغير بمكثه او بطاهر لا يمكن صونه عنه كالتراب والطحلب وورق الشجر ونحوها فهو طاهر فى نفسه مطهر لغيره يرفع الاحداث ويزيل الانجاس بالاتفاق قال تغير عن اصل خلقته بطاهر يغلب على اجزائه ما يستغنى عنه الماء غالبا لم يجز التطهير به عد الثلاثة وجوز ابو حنيفة رحمه اللّه الوضوء بالماء المتغير بالزعفران ونحوه من المطاهرات مالم تزل رقته ، وقال ايضا يجوز ازالة النجاسة بالمائعات الطاهرة كالخل وماء الورد ونحوهما وخالفه الثلاثة ومحمد بن الحسن وزفر كما فصل فى الفقه ثم فى توصيف الماء بالطهور مع ان وصف الطهارة لا دخل له فى ترتيب الاحياء والسقى على انزال الماء اشعار بالنعمة فيه لان وصف الطهارة نعمة زائدة على انزال ذات الماء وتتميم للعنة المستفادة من قوله لنحيى به ونسقيه فان الماء الطهور اهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته وتنبيه على ان ظواهرهم لما كانت مما ينبغى ان يطهروها كانت بواطنهم بذلك اولى لأن باطن الشىء اولى بالحفظ عن التلوث من ظاهره وذلك لان منظر الحق هو باطن الانسان لاظاهره والتطهير مطلقا سبب لتوسع الرزق كما قال عليه السلام ( دم على الطهارة يوسع عليك الرزق ) والماء الذى هو سبب الرزق الصورى طاهر ومطهر فينبغى لطالبه ان يكون دائما على الطهارة الظاهرة فانها الجالبة له

واما الطهارة الباطنة فجالية للرزق المعنوى وهو ما يكون غذاء للروح من العلو والفيوض.

٤٩

{ لنحيى به } اى بما انزلنا من السماء من الماء الطهور وهو تعليل للانزال

{ بلدة ميتا } لا اشجار فيها ولا اثمار ولا مرعى واحياؤها بانبات النبات والمراد القطعة من الارض عامرة كانت او غيرها : وبالفارسية [ شهرى مرده يعنى موضعى كه درخشك سال بوده يامكانى راكه در زمستان خشك وافسرده كشت ] ، والتذكير حيث لم يقل بلدة ميتة لانه بمعنى البلد او الموضع والمكان ولأنه غير جار على الفعل بان يكون على صيغة اسم الفاعل او المفعول فاجرى مجرى الجامد

{ ونسقيه } اى ذلك الماء الطهور وعند جريانه فى الاودية اى اجمّاعه فى الحياض او المنابع والآبار : وبالفارسية [ وبياشامانيم ان اب ] وسقى واسقى لغتان بمعنى يقال سقاه اللّه الغيث واسقى والاسم السقيا ، قال الامام الراغب السقى والسقيا ان تعطيه ماء ليشربه والاسقاء ان تجعل له ذلك حتى يتناوله كيف يشاء والاسقاء ابلغ من السقى لان الاسقاء هو ان تجعل له ماء يستقى منه ويشرب كقوله اسقيته نهرا . فالمعنى مكناهم من ان يشربوه ويسقو منه انعامهم

{ مما خلقنا انعاما واناسى كثيرا } متعلق بقوله نسقيه اى نسقى ذلك الماء بعض خلقنا من الانعام والاناسىّ وانتصابها على البدل من محل الجار المجرور فى قوله مما خلقنا ويجوز ان يكون انعاما واناسى مفعول نسقيه . ومما خلقنا متعلق بمحذوف على انه حال من انعاما والانعام جمع نعم وهى المال الراعية واكثر ما يقع هذا الاسم على الابل ، وقال فى المغرب الانعام الازواج الثمانية فى قوله ( من الابل الاثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين ) واناسى جمع انسان عند سيبويه على ان اصله اناسين فابدلت النون ياء وادغم فيها الياء التى قبلها ، وقال الفراء والمبرد والزجاج انه جمع انسى وفيه نظر لان فعالى انما يكون جمعا لما فيه ياء مشددة لا تدل على نسب نحو كراسىّ فى جمع كرسىّ فلو اريد بكرسى انسب لم يجز جمعه على كراسىّ ويبعد ان يقال ان الياء فى انسى ليست للنسب وكان حقه ان يجمع على اناسية نحو مهالية فى جمع المهلىّ كذا فى حواشى ابن الشيخ ، وقال الراغب الانسى منسوب الى الانس يقال ذلك لمن كثر انسه ولكل ما يؤنس به وجمع الانسىّ اناسىّ وقال فى الكرسى انه فى الاصل منسوب الى الكرس اى التبلد ومنه الكراسة للمتبلد من الاوراق انتهى ، قوله كثيرا صفة اناسى لانه بمعنى بشر والمراد بهم اهل البوادى الذين يعيشون بالمطر ولذا نكر الانعام والاناسى . يعنى ان التنكير للافراد النوعى وتخصيصهم بالذكر لان اهل المدن والقرى يقيمون بقرب الانهار والمنابع فلا يحتاجون الى سقيا السماء وسائر الحيوانات من الوحوش والطيور تبعد فى طلب الماء لا يعوزها الشرب غالبا يقال اعوزه الشىء اذا احتاج اليه فلم يقدر عليه وخص الانعام بالذكر لانها قنية للانسان اى يقتنيها ويتخذها لنفسه لا للتجارة وعامة منافعهم ومعايشهم منوطة بها فلذا قدم سقيها على سقيهم كما قدم على الانعام احياء الارض فاه سبب لحياتها وتعيشها فانظر كيف رتب ذكر ماهو رزق الانسان ورزق رزقه فان الانعام رزق الانسان والنبات رزق الانعام المطر رزق النبات فقد ذكر المطر ورتب عليه ذكر حياة الارض بالنبات ورتب عليه ذكر الانعام.

٥٠

{ ولقد صرفناه } اى وباللّه لقد كررنا هذا القول الذى هو ذكر انشاء السحاب وانزال القطر لما مر من الغايات الجليلة فى القرآن وغيره من الكتب السماوية

{ بينهم } اى بين الناس من المتقدمين والمتأخرين

{ ليذكروا } اى ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة فى ذلك ويقوموا بشكره حق القيام واصله يتذكروا والتذكر التفكر

{ فابى } الاباء شدة الامتناع ورجل ابىّ ممتنع من تحمل الضيم وهو متأول بالنفى ولذا صح الاستثناء اى لم يفعل او لم يرد او لم يرض

{ اكثر الناس } مما سلف وخلف

{ الا كفورا } الا كفران النعمة وقلة المبالاة بشأنها فان حقها ان يتفكر فيها ويستدل بها على وجود الصانع وقدرته واحسانه وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك اداء شكرها واعظم الكفر جحود الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعاملا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا كما فى المفردات واكثر اهل التفسير على ضمير صرفناه راجع الى نفس الماء الطهور الذى هو المطر . فالمعنى

{ ولقد صرفناه } اى فرقنا المطر بينهم بانزاله فى بعض البلاد والامكنة دون غيرها او فى بعض الاوقات دون بعض او على صفة دون اخرى بجعله تارة وابلا وهو المطر الشديد واخرى طلا وهو المطر الضعيف ومرة ديمة وهو المطر الذى يدوم اياما فابى اكثر الناس الا جحودا للنعمة وكفرا باللّه تعالى بان يقولوا مطرنا بنوء كذا اى بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم اللّه بذلك كافرين حيث لم يذكروا صنع اللّه تعالى ورحمته بل اسندوا مثل هذه النعمة الى الافلاك والكواكب فمن لايرى الامطار الا من الانواء فهو كافر باللّه بخلاف من يرى ان الكل بخلق اللّه تعالى والانواء امارات بجعل اللّه تعالى والانواء النجوم التى يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبهفى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الامطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها

وقيل الى الطالع منها لانه فى سلطانه يقال ناء به الحمل اثقله واماله فالنوء نجم مال للغروب ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح اخطأ نوءك وفى الحديث ( ثلاث من امر الجاهلية الطعن فى الانساب والنياحة والانواء ) وعن زيد بن خالد الجهنى رضى اللّه عنه قال صلى النبى صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال ( هل تدرون ماذا قال ربكم ) قالوا اللّه ورسوله اعلم قال ( قال اصبح عبادى مؤمن بى وكافر فما من قال مطرنا بفضل اللّه ورحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكواكب

واما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بى ومؤمن بالكواكب )

كذا فى كشف الاسرار . فعلى المؤمن ان يحترز من سوء الاعتقاد ويرى التأثير فى كل شىء من رب العباد فالمطر بامره نازل وفى انزاله الى بلد دون بلد وفى وقت دون وقت وعلى صفة دون صفة حكمة مصلحة وغاية جليلة روى ان الملائكة يعرفون عدد القطر ومقداره فى كل معام لانه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد روى مرفوعا ( مامن ساعة من ليل ولانهار الا السماء المطر فيها يصرفه اللّه حيث يشاء ) وفى الحديث ( مامن سنة بامطر من اخرى ولكن اذا عمل قوم بالمعاصى حوّل اللّه ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف اللّه ذلك الى الفيافى والبحار ) وفى المثنوى

تو بزن يا ربنا آب طهور ... تاشود اين نار عالم جمله نور

آب دريا جمله در فرمان تست ... آب وآتش اى خداوندان تست

كرتو خواهى آتش آب خوش شود ... ورنخواهى آب آتش هم شود

اين طلب ازما هم ازايجادتست ... رستن از بيداد يارب دادتست

بى طلب تو اين طلب مان داده ... كنج احسان برهمه بكشاده

٥١

{ ولو شئنا } اردنا

{ لعثنا } [ برانكيختيم وفرستاديم ] ، قال الراغب البعث اتارة الشىء وتوجيهه

{ فى كل قرية } مصر ومدينة وبالفارسية : [ درهرديهى ومجتمعى ] فان القرية اسم للموضع الذى يجتمع فيه الناس

{ نذيرا } بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف اى نبيا ينذر اهلها فيخفف عليك اعباء النبوة ولكن بعثناك الى القرى كلها رسولا وقصرنا الامر عليك اجلالا لشأنك واعظاما لاجرك وتفضيلا لك على سائر الرسل : وبالفارسية [ اما بجهت تعظيم وعلو مكان تو نيوت را بر تو ختم كرديم وترا بر كافه مردمان تا بروز قيامت مبعوث ساختيم ].

قال فى التأويلات النجمية يشير الى كمال القدرة والحكمة وعزة النبى عليه السلام وتأديب الخواص . اما القدرة فظهر انه قادر على مايشاء وليس الامر كما زعم الفلاسفة والطبايعية ان ظهور ارباب النبوة يتعلق بالقرانات والاتصالات فحسب بل يتعلق بالقدرة كيف يشاء وما يشاء ، والذى يدل على بطلان اقاويلهم وصحة ما قلنا ماروى ان موسى عليه السلام تبرّم وقتا بكثرة ما كان يسأل فاوحى اللّه فى ليلة واحدة الى الف نبى من بنى اسرائيل فاصبحوا رسلا وتفرق الناس عن موسى عليه السلام فضاق قلب موسى وقال يارب انى لم اطق ذلك فقبض اللّه ارواحهم فى ذلك اليوم .

واما الحكمة فقد اقتضت قلة الانبياء فى زمان واحد اظهارا لعزتهم فان فى الكثرة نوعا من الازراء وايضا فها احتمال غيرة البعض على البعض كما غار موسى على تلك الانبياء فاماتهم الهل تعالى عزة لموسى عليه السلام .

واما عزة النبى عليه السلام فبانفراده فى النبوة فى زمانه واختاصصه بالفضيلة على الكافة وارساله الى الجملة ونسخ الشرائع بشريعته وختم النبوة به وحفظ كتابه عن النسخ والتغيير والتحريف واقامة ملته الى قيام الساعة .

واما تأديب الخواص فبقوله

{ ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا } اذ نوع تأديب للنبى عليه السلام بادق اشارة كما قال

{ ولئن ئشنا لنذهبن بالذى اوحينا اليك } فالقصد ان يتأدب به خواص عباده وان يكونوا معصومين من رؤية الاعمال والعجب بها انتهى : يعنى [ مقصود آنست كه رب العزة ميخواهد تادوستان وخواص بند كان خود بيوسته معصوم دارد از آنكه ايشانرا باخود التفاتى بود ياباروش خويش نظرى كنند ].

٥٢

{ فلا تطع الكافرين } فيما ندبوك اليه من عبادة الآلهة واتباع دين الآباء واغلظ عليه ولاتداهنهم واثبت على الدعوة واظهار الحق

{ وجاهدهم } [ وجهاد كن با ايشان وابكوش ] والجهاد والمجاهدهة استغراق الوسع فى مدافعة العدو

{ به } اى بالقرآن بتلاوة مافى تضاعيفه من المواعظ وتذكير احوال الامم المكذبة

{ جهادا كبيرا } عظيما تاما شديدا لابخالطه فتور فان مجاهدة السفهاء بالحجج اكبر من مجاهدة الاعداء بالسيف وانما لم يحمل المجاهدة على القتال بالسيف لانه انما ورد الاذن بعد الهجرة بزمان والسورة مكية ، قال الامام الراغب المجاهدة تكون باللسان واليد وفى الحديث ( جاهدوا الكفار بايديكم وألسنتكم ) وفى حديث آخر ( جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم وألسنتكم ) قوله وألسنتكم اى اسمعوهم ما يكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك كما فى مشارع الاشواق ، يقول الفقير ويجوز ان يكون الجهاد بالالسنة بترك المداهنة فى حقهم واغراء الناس على دفع فسادهم كما ان الجهاد بالاموال بالدفع الى من يحاربهم وسيتأصلهم ، ثم الاشارة بلفظ المشركين الى اهل الرياء والبدع فاشارة الخطاب فى جاهدوا ايضا الى اصحاب الاخلاص والسنة فانه لابد لاهل الحق من جهاد اهل البطلان فى كل زمان خصوصا عند غلبة الخوف فانه افضل الجهاد كما قال عليه السلام ( افضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ) وانما كان افضل الجهاد لان من جاهد العدو كان مترددا بين رجاء وخوف ولايدرى هل يغلب أو يغلب وصاحب السلطان مقهور فى يده فهو اذا قال الحق وامره بالمعروف فقد تعرض للتلف فصار ذلك افضل انواع الجهاد من اجل غلبة لخوف كذا فى ابكار الافكار للسمرقندىن ثم الاشارة فى الآية الى النفس وصفاتها فلا تطعهم وجاهدهم بسيف الصدق على قانون القرآن فى مخالفة الهوى وترك الشهوات وقطع التعلقات جهادا كبيرا لاتواسيهم بالرخص وتعاندهم بالعزائم قائما بحق اللّه من غير جنوح الى غيره او مبالاة بما سواه : وفى المثنوى

اى شهان كشتيم ماخصم برون ... ماند خصمى زان بتر دراندرون

كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خركوش نيست

دوزخست اين نفس ودوزخ ازهادست ... كوبدرياها نكردد كم وكاست

هفت دريارا در آشامد هنوز ... كم نكردد سوزش آن خلق سوز

قوت ازحق خواهم وتوفيق ولاف ... تابسوزن بركنم اين كوه قاف

سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خودرا بشكند

اللهم سل من آفات العدو مطلقا.

٥٣

{ وهو الذى مرج البحرين } من مرج الدابة خلاها وارسلها ترعى ومرج امرهم اختلط والبحر الماء الكثير عذبا كان او ملحا عند الاكثر واصله المكان الواسع الجامع للماء الكثير كما فى المفردات . والمعنى خلاهما وارسلهما فى مجاريهما كما يرسل الخيل فى المرج متلاصقين بحيث لا يتماز جان ولا يلتبس احدهما بالآخر ويدل على بعد كل منهما عن الآخر مع شدة التقارب بينهما الاشارة الى كل منهما باداة القرب كما يجيىء يوجوز ان يكون محمولا على المقيد وهو قوله تعالى

{ مرج البحرين يلتقيان } { هذا عذب } ح ال بتقدير القول اى مقولا فى حقهما هذا عذب اي طيب : وبالفارسية [ اين يك اب شيرين ]

{ فرات } قاطع للعطش لغاية عذوبة صفة عذب والتاء اصلية ، قال الطيبى سمى بالفرات لأنه يرفت العطش اى يكسره على القلب يعنى يكفى فى اعتبار معنى الكسر اشتقاق الفرات منه بالاشتقاق الكبير كجبذ من الجذب ومنه سمى الفرات نهر الكوفة وهو ونهر عظيم عذب طيب مخرجه من ارمينية وفى الملكوت اصله فى قرية من قرى جابلقا ينحدر الى الكوفة وآخر مصبه بعضا فى دجله وبعضا فى بحر فارس

{ وهذا ملح } [ وان ديكر شور ] ، قال الراغب الملح الماء الذى تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح اذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب ماء مالح

{ اجاج } بليغ الملوحة صفة الملح قالوا ان اللّه تعالى خلق ماء الحر مرّا زعاقا اى مرّا غليظا بحيث لا يطاق شربه انزل من السماء ما عذبا فكل ماء عذب من بئر او نهر او عين فمن ذلك المنزل من السماء واذا اقتربت الساعة بعث اللّه ملكا معه طست لايعلم عظمه الا اللّه فجمع تلك المياه فردها الى الجنة . واختلفوا فى ملوحة ماء البحر فزعم قول انه لما طال مكثه واحترفه الشمس الشمس صار مرا ملحا واجتذب الهواء مالطف من اجزائه فهو بقية صفته الارض من الرطوبة فغلظ لذلك . وزعم آخرون ان فى البحر عروقا تغير ماء البحر ولذلك ص مرا زعاقا

{ وجعل بينهما } اى بين البحرين : وبالفارسية [ وبساخت ميان اين دودريا ]

{ برزخا } حدا وحاجزا من قدرته غير مرئى

{ وحجرا محجورا } الحجر بمعنى المنع والمحجور الممنوع وهو صفة الحجر على التأكيد كليل اليل ويوم ايوم وهذه كلمة استعاذة كما سبق فى هذه السورة . والمعنى ههنا على التشبيه اى تنافرا بليغا كأن كلا منهما يتعوذ من الآخر بتلك المقالة ويقول حراما محرما عليك ان تغلب علىّ وتزيل صفتى وكيفيتى ، اعلم ان اكثر اهل التفسير حمل البحرين على بحرى فارس والروم فانهما يلتقيان فى البحر المحيط وموضع التقائهما هو مجمع البحرين المذكور فى الكهف ولكن يلزم على هذا ان يكون البحر الاول عذبا والثانى ملحا مع انهم قالوا لا وجود للبحر العذب وذلك لانهما فى الاصل خليجان من المحيط وهو مرّ وان كان اصله عذبا كما قال فى فتح القريب عند قوله تعالى

{ وكان عرشه على الماء } اى العذب فحين خلق اللّه الارض من زبده جزر المحيط عن الارض فاحاط بالعالم احاطة العين لسوادها فالوجه ان يحمل العذب على واحد من الانهار فان كل نهر عظيم بحر كما فى مختار الصحاح كدجلة نهر بغداد تنصب الى بحر فارس وتدخل فيه وتشقه وتجرى فى خلاله فراسخ لايتغير طعمها كما ان الماء الذى يجرى فى نهر طبرية نصفه بارد ونصفه حار فلا يختلط احدهما بالآخر والاوجه ان يمثل بالنيل المبارك والبحر الاخضر وهو بحر فارس الذى هو شعبة من البحر الهندى الذى يتصل بالبحر المحيط وبحر فارس مرّ فانه صرح فى خريدة العجائب انه يتكون فيه اللؤلؤ وانما يتكون فى الملح وذلك ان بحر النيل يدخل فى البحر الاخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلظ به وهو معنى المرج ولولا اختلاطه بملوحته لما قدر احد على شربه لشدة حلاوته كما فى انسان العيون ، وذكر بعضهم ان سيحون وجيحون والنيل والفرات تخرج من قبة من زبرجدة خضراء من جبل عال وتسلك على البحر المظلم وهى احلى من العسل واذكى رائحة من المسك ولكنها تتغير المجارى فالبحر الملح على هذا هو بحر الظملة وهو البحر المحيط الغربى ويسمى المظلم لكثرة اهواله وارتفاع امواجه وصعوبته ولا يعلم ما خلفه الا اللّه تعالى وماقيل ان الماء العذب الماء الملح يجتمعان فى البحر فيكون العذب اسفل والملح اعلى لا يغلب احدهما على الآخر وهو معنى قوله وحجرا محجورا يخالف ما

قال بعضهم ان كل الانهار تبتدىء من الجبال وتنصب فى البحار وفى ضمن ممرها بطائح وبحيرات فاذا صبت فى البحر المالح واشرقت الشمس على البحر تصعد الى الجو بخارا وتنعقد غيوما اى ولذا لايزيد ماء البحار بانصباب الانهار فيها فهو يقتضى ان يكون الماء العذب اعلى لا اسفل اذا العذب خفيف والملح ثقيل وميل الخفيف الى الاعلى ، وقال وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الارض فى البحار فلذا لايزيد ماء البحار فاذا امتلأت اجوافهما من المياه قامت القيامة ولانهاية لقدرة اللّه تعالى فقد ذكروا ان بحيرة تنيس تصير عذبة ستة اشهر وتصير ملحا اجاجا ستة اشهر كذا دأبها ابدا ، قال الكاشفى [ محققان برآنندكه بحرين خوف ورجاست كه دردل مؤمن هيج يك برديكرى غلبة نكندكه ( لووزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا ) وبرزخ حمايت الهى وعنايت ن متناهى ] وفى كشف الاسرار البحر الملح لاعذوبة فيه والعذب لا ملوحة فيه وهما فى الجوهرية واحد ولكنه سبحانه بقدرته غاير بينهما فى الصفة كذلك خلق القلوب بعضها معدن اليقين والعرفان وبعضها محل الشك والكفران ، وقال بعضهم البحران بحر المعرفة وبحر النكرة فالاول بحر الصفات يفيض لطائفه على الارواح والقلوب والعقول ويستعد به والعارفون والثانى بحر الذات فانه ملح اجاج لا تتناوله العقول والقلوب والارواح اذ لا تسير السيارات فى بحار القدم فهى نكرة وبينهما برزخ المشيئة لا يدخل اهل بحر الصفات بحر الذات ولا يرجع اهل بحر الذات الى بحر الصفات.

وايضا قلوب اهل المعرفة منورة بانوار الموافقات وقلوب اهل النكرة مظلمة بظلمة المخالفات وبينهما قلوب العامة ليس لها علم ما يرد عليها وما يصدر منها فليس معها خطاب ولا لها جواب : وفى المثنوى

ماهيانزا بحر نكذارد برون ... خاكيانرا بحر نكذارد درون

اصل ماهيى زاب وحيوان ازلكست ... حيله وتدبير اينجا باطلست

قفل زفتست وكشاينده خدا ... دست درتسليم زن اندر رضا

قطره باقلزم جه استيزه كند ... ابلهست اوريش خود برمى كند

نسأل اللّه الفياض الوهاب ان يدخلنا فى بحر فيضه الكثير وعطائه الوفير وهو على ذلك قدير.

٥٤

{ وهو الذى خلق } اوجد

{ من الماء } هو الماء الذى خمر به طينة آدم عليه السلام او هو النطفة

{ بشرا } آدميا والشرة ظاهرة الجلد كما ان الادمة محركة باطن الذى يلى اللحم وعبر عن الانسان بالبشر اعتبارا بظهور جلدة من الشعر بخلاف الحيوانات التى عليها الصوف او الشعر او الوبر كالضأن والمعز والابل وخص فى القرآن كل موضع اعتبر من الانسان جثته وظاهره بلفظ البشر واستوى فيه الواحد والجمع

{ فجعله } اى البشر او الماء

{ نسبا وصهرا } اى قسمه قسمين ذوى نسب اى ذكورا ينسب اليهم فيقال فلان ابن فلان وفلانة بنت فلان

فانما امهات الناس اعية ... مستودعات وللآباء ابنا

وذوات صهر اى اناثا يصاهربهن ويخالط كقوله تعالى

{ فجعل منه الزوجين الذكر والانثى } وقال الامام الراغب النسب اشتراك من جهة الابوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والابناء ونسب بالعرض كالنسبة بين الاخوة وبنى العم

وقيل فلان نسيب فلان اى قريبه انتهى . والصهر زوج بنت الرجل وزوج اخته كالختن على مافى القاموس

وقيل غير ذلك ، وفى تاج المصادر [ المصاهرة : باكسى بنكاح وصلت كردن ]

{ وكان ربك قديرا } مبالغا فى القدرة حيث قدر ان يخلق من مادة واحدة بشرا ذا اعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين وربما يخلق من مادة واحدة توأمين ذكرا وانثى ، قال فى كشف الاسرار [ ابنسيرين كفت اين آيت در مصطفى عليه السلام وعلى كرم اللّه وجهه فروآمدكه مصطفى دختبر خويش را بزنى بعلى داد على بسر عمش بود وشوهر دخترش هم نسب بودهم صهر وقصة تزويج فاطمة رضى اللّه عنها آنست كه مصطفى عليه لسلام روزى درمسجد آمد شاخى ريحان بدست كرفته سلمان را رضى اللّه عنه كفت ياسلمان رو على را خوان سلما رفت وكفت يا على اجب رسول اللّه على كفت ياسلمان رسول خدايرا اين زمان جون ديدى وجكونه اورا كذا شتى كفت ياعلى سخت شادان وخندان جون ماه تابان وشمع رخشان على آمد بنزديك مصطفى عليه السلام ومصطفى آن شاخ ريحان فرادست على داد عظيم خوش بوى بود كفت يارسول اللّه اين جه بويست بدين خوشى كفت ياعلى ازان نثارهاست كه حور بهشت كرده اند بر تزويج دخترم فاطمة كفت باكه يا رسول اللّه كفت باتوا يا على من در مسجد نشته بودم كه فرشته در آمد برصفتى كه هر كز جنان نديده بودم كفت نام من محمودست ومقام من در آسمان دنيا ومقام معلوم خود بودم ثلثى زشب ندايى شنيدم از طبقات آسمان كه اى فرشتكان مقربان وروحانيان وكروبيان همه جمع شويد در آسمان دجهارم همه شدند وهمجنين مكان مقعد صدق واهل فراديس اعلى ودرجات عدن حاضر كشتند فرمان آمدكه اى مقربان دركاه واى خاصكيان بادشاه سوره هل أتى على الانسان برخوانيد ايشان همه بآواز دلربايى بالحان طرب ازايى سوره هل أتى خواندن كرفتند آنكه درخت طوبى را فرمان آمدتو نثاركن بربشتها بر تزويج فاطمه زهرا باعلى مرتضى ودرخت طوبى در بهشت هيج قصر وغرفة ودريجه نيست كه از درخت طوبى در آنجا شاخى نيست بس طوبى برخود بلر زيد ودر بهشت كوهر ومرواريد وحلها باريدن كرفت بس فرمان آمد تامنبرى ازيك دانه مرواريد سبيد در زير درخت طوبى بنهادند فرشته كه نام اورا حيل است ودر هفت طبقه آسمان فرشته ازو فصيحتر وكويا ترنيست بآن منبر بر آمد وخدايرا جل جلاله ثنا كفت وبربيغمبران درود داد آنكه جبار كائنات خداوند ذو الجلال قادر بركمال بى واسطه ندا كرد كه ايى جبرائيل واى ميكائيل شما هو دوكواه معرفت فاطمه باشيد ومن كه خداوندم ولى فاطمة ام واى كروبيان واى روحانيان آمسان شما كواه باشيدكه من فاطمة زهرا بزننى بعلىء مرتضى دادم آن ساعت كه رب العزة اين ندا كرد برى برآمد زيرجنات عدن ابرى روشن وخوش كه در آن تيركى وكر فتكى نه وبوى خوش وجواهر نثار كرد ورضوان وولدان وحور بهشت برين عقد نثار كردند بس رب العزة مرابدين بشارت بتوفر ستاد يامحمد كفت حبيب مرا بشارت ده وباوى بكوكه ما اين عقد در آسمان بستيم تونيز در زمين ببنديد بس مصطفى عليه السلام مهاجر وانصارا حاضر كرد آنكه روى باعلى كردكفت ياعلى جنين حكمى در آسمان رفت اكنون من فاطمة دخترم را بجهار صد درم كابين بزنى بتودادم علىكفت يارسول اللّه من بذيرفتم نكاه وى رسول كفت بارك اللّه فيكما ] ، قال فى انسان العيون كان فى السنة الثانية من الهجرة تزويج فاطمة لعلى رضى اللّه عنهما عقد عليهما فى رمضان وكان عمرها خمس عشرة سنة وكان سن على يومئذ احدى وعشرين سنة وخمسة اشهر وأولم عليها بكبش من عند سعد وآصع من ذرة من عند جماعة من الانصار رضى اللّه عنهم ولما خطبها على قال عليه السلام

( ان عليا يخطبك فسكتت ) وفى رواية قال لها ( اى بنية ان ابن عمك قد خطبك فما تقولين ) فبكت ثم قالت كأنك يابت ادخرتنى لفقير قريش فقال عليه السلام ( والذى بعثنى بالحق ماتكلمت فى هذا حتى اذن اللّه فيه من السماء ) فقالت فاطمة رضيت بما رضى اللّه ورسوله وقد كان خطبها ابو بكر وعمر رضى اللّه عنهما فقال عليه السلام ( لكل انتظر بها القضاء ) فجاء ابو بكر وعمر رضى اللّه عنهما الى على رضى اللّه عنه يأمرانه ان يخطبها قال على فنبهانى اىلامر كنت عنه غافلا فجئته عليه السلام فقلت تزوجنى فاطمة قال

( وعند شىء ) قال فرسى وبدنى اى درعى قال ( اما فرسك فلا بدلك منها واما بدنك فبعها ) فبعتها باربعمائة وثمانين درهما فجئته عليه السلام فوضعتها فى حجره فقبض منها قبضة فقال ( اى بلال ابتع بها طيبا ) ولما اراد ان يعقد خطب خطبة منها ( الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بوحدته الذى خلق الخلق بقدرته وميزهم بحكمته ثم ان اللّه تعالى جعل المصاهرة نسبا وصهرا وكان بربك قديرا ثم ان اللّه امرنى ان ازوج فاطمة من على على اربعمائة مثقال فضة أرضيت ياعلى ) قال رضيت بعد ان خطب على ايضا خطبة منها ( الحمد لله شكرا لانعمه واياديه واشهد ان لا اله الا اللّه وحده لاشريك له شهادة تبلغه وترضيه ) ولما تم العقد دعا عليه السلام بطبق بسر فوضعه بين يديه ثم قال للحاضرين انتبهوا وليلة بنى بها قال عليه السلام لعلى ( لاتحدث شيأ حتى تلقانى ) فجاءت بها ام أيمن حتى قعدعت فى جانب البيتوعلى فى جانب آخر وجاء رسول اللّه فقال لفاطمة ( أئتنى بماء ) فقات تعثر فى ثوبها من الحياء فاتته بقعب فيه ماء فاخذه رسول اللّه ومج فهي ثم قال لها ( تقدمى ) وتقدمت فنضح بين يدييها وعلى رأسها وقال ( اللهم انى اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) ثم قال ( ائتونى بماء ) فقال على رضى اللّه عنه فعلمت الذى يريد فقمت وملأت القعب فاتيت به فاخذه فمج فيه وصنع بى كما صنع بفاطمة ودعلى الى بما دعا لها به ثم قال ( اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما فى شملهما ) اى الجماع وتلا قوله تعالى

{ قل هو اللّه احد } والمعوذتين ثم قال ( ادخل باهلك باسم اللّه والبركة ) وكان فراشها اهاب كبش اى جلده وكان لهما قطيفة اذا جعلاها بالطول انكشفت ظهورهما واذا جعلها بالعرض انكشفت رؤسهما وقالت له فى بعض الايام يارسول اللّه مالنا فراش الا جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار فقال لها عليه السلام ( يابنية اصبرى فان موسى بن عمران عليه السلام اقام مع امرأته عشر سنين ليس لهما فراش الا عباءة قطوانية ) وهى نسبة الى قطوان موضع بالكوفة ، وفاطمة ولدتها خديجة رضى اللّه عنها قبل النبوة بخمس سنين ماتت بالمدينة بعد موت النبى عليه السلام بستة اشهر ولها ثمان وعشرون سنة ومناقبها كثيرة معروفة رضى اللّه عنها وعن اولادها واشتشهد على رضى اللّه عنه بالكوفة وهو ابن ثلاث وستين سنة وصلى عليه الحسن ودفن ليلا وغيب قبره بوصية منه كان مخفيا فى زمن بنى امية وصدرا من خلافة بنى العباس حتى دل عليه الامام جعفر الصادق رضى اللّه عنه قال عليه السلام لعلى رضى اللّه عنه

( يهلك فيك رجلان محب مطر وكذاب مفتر ) كما فى انسا العيون.

وفى التأويلات النجمية الاشارة فى الآية الى ان الانسان خالق مركبا من جنسين مختلفين صورته من عالم الخلق وروحه من عالم الامر فجعل له نسبا وصهرا فنسبه الى روحه وانتساب الروح الى اللّه والى رسوله وانتسابه الى اللّه قوله

{ ونفخت فيه من ورحى } والى رسوله بقوله عليه السلام ( انا من اللّه والمؤمنون منى ) فجعل اللّه خواص عباده من اهل هذا النسب وصهره بشريته التى خلقت من الماء كما قال تعالى

{ انى خالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحى } جمع بني الامرين فجعل اللّه عوام خلقه من اهل هذا الصهر فالغالب عليهم خواص البشر وهى الحرص والشهوة والهوى والغضب فبها يرد الى الوركات السفلية والغالب على اهل النسب خواص الروحانية وهى الشوق والمحبة والطلب والحلم والكرم وبها يجذب الى الدرجات العلية وكان ربك قديرا على جعل الفريقين من اهل الطريقين انتهى : قال المولى الجامى قدس سره

قرب تو بسباب وعلل نتوان يافت ... به سابقه فضل ازل نتوان يافت

واللّه المرجو فى كل مسئول.

٥٥

{ ويعبدون } اى المشركون حال كونهم

{ من دون اللّه } متجاوزين عبادة اللّه تعالى

{ مالا ينفعهم } ان عبدوه مفعول يعبدون . والنفع ما يستعان به فى الوصول الى الخيرات وما يتوصل به الى الخير فهو خير والنفع الخير وضده الضر

{ ولا يضرهم } ان لم يعبدوه وما ليس من شأنه النفع والضر اصلا وهو الاصنام وما فى حكمها من المخلوقات اذما من مخلوق يستقل بالنفع والضر فلا فائدة فى عبادته والاعتماد عليه واتباعه

{ وكان الكافر } بشركه وعداوته للحق

{ على ربه } الذى رباه بنعمته متعلق بقوله

{ ظهيرا } عونا للشيطان فالظهير بمعنى المظاهر اى المعين والمراد بالكافر الجنس او ابو جهل فانه اعان الشيطان على الرحمن فى اظهار المعاصى والاصرار على عداوة الرسول وتشجيع الناس على محاربته ونحوها.

٥٦

{ وما ارسلناك } فى حال من الاحوال

{ الا } حال كونك

{ مبشرا } للمؤمنين بالجنة والرحمة . والتبشير اخبار فيه سرور

{ ونذيرا } منذرا للكافرين بالنار والغضب . والانذار اخبار فيه تخويف.

٥٧

{ قل } لهم

{ ماأسألكم عليه } اى على تبليغ الرسالة التى ينبىء عنها الارسال

{ من اجر } من جهتكم فتقولوا انه يطلب اموالنا بما يدعونا اليه فلا نتبعه . والاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او اخرويا

{ الا من شاء } الا من فعل من يريد

{ ان يتخذ الى ربه سبيلا } ان يتقرب اليه ويطلب الزلفى عنده بالايمان والطاعة حسبما ادعوكم اليه . يعنى ان اعطيتم اياى اجرا فاعطونى ذلك الفعل فانى لا اسأل غيره : وبالفارسية [ مزد من ايمان وطاعت مؤمنانست زيراكه مرا من عند اللّه اجرى مقرراست وثابت شده كه هر بيغمبرى را برا برعباد وصلحاى امت او ثواب خواهد بود ] والظاهر ان الاستثناء منقطع . والمعنى لا اطلب من اموالكم جعلا لنفسى لكن من شاء انفاقه لوجه اللّه فليفعل فانى لا امنعه عنه.

وفى التأويلات النجمية

{ الام من شاء ان يتخذ } بما يتوسل به الى من خدمه او انفاق او تعظيم

{ الى ربه } فربة ومنزلة ولهذا قال المشايخ يصل المريد بالطاعة الى الجنة وبالتعظيم واجلال الشيوخ الى اللّه تعالى ، وفى الفتوحات المكية مذهبنا ان للواعظ اخذ الاجرة على وعظ الناس وهو من احل ما يأكل وان كان ترك ذلك افضل وايضاح ذلك ان مقام الدعوة الى اللّه يقتضى الاجارة فان ما من نبى دعا الى اللّه الا قال ان اجرى الا على اللّه فاثبت الاجر على الدعاء ولكن اختار ان يأخذه من اللّه لا من المخلوق انتهى ، وافتى المتأخرون بصحة الاجرة للاذان والاقامة والتذكير والتدريس والحج والغزو وتعليم القرآن والفقه وقراءتهما لفتور الرغبات اليوم ولو كانت الاجرة على امر واجب كما اذا كان المعلم والامام والمفتى واحدا فانها لم تصح اجماعا كما فى الكرمانى وغيره وكذا اذا كان الغسال فى القرية واحدا فانه يتعين له غسل الميت ولا يجوز له طلب الاجرة.

٥٨

{ وتوكل على الحى الذى لايموت } فى الاستكفاء عن شرورهم والاغناء عن اجورهم فانه الحقيق بان يتوكل عليه دون الاحياء الذين من شأنهم الموت فانهم اذا ماتوا ضاع من توكل عليهم واصل التوكل ان يعلم العبد بان الحادثات كلها صادرة من اللّه ولا يقدر احد على الايجاد غيره فيفوض امره الى اللّه فيما يحتاج اليه وهذا القدر فرض وهو من شرط الايمان قال تعالى

{ وعلى لله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين } ومازاد على هذا القدر من سكون القلب وزوال الانزعاج والاضطراب فهى احوال تلحق بالتوكل على وجه الكمال كذا فى التأويلات النجمية ، قال الواسطى من توكل على اللّه لعلة غير اللّه فلم يتوكل على اللّه بل توكل على غير اللّه ، وسئل ابن سالم أنحن مستنون بالكسب او التوكل فقال ابن سالم التوكل حال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وانما استن الكسب لضعف حالهم حين اسقطوا عن درجة التوكل الذى هوحاله فلما اسقطوا عنه لم يسقطهم عن درجة طلب المعاش بالمكاسب الى هى سنة ولولا ذلك لهلكوا ، يقال عوام المتوكلين اذا اعطوا شكروا واذا منعوا صبروا . وخواصهم اذا اعطوا آثروا واذا منعوا شكروا ، ويقال الحق يجود على الاولياء اذا توكلوا بتيسير السبب من حيث يحتسبون ولا يحتسبون . ويجود على الاصفياء بسقوط الارب واذا لم يكن ارب فمتى يكون طلب ، ويقال التوكيل ان يكون مثل الطفل لا يعرف شيأ يأوى اليه الاثدى امه كذلك المتوكل يجب ان لايرى لنفسه مأوى الا اللّه تعالى : وفى المثنوى

نيست كسبى از توكل خوبتر ... جيست از تسليم خود محبوبتر

طفل تاكيرا وتابوديانبود ... مر كبش جز كرن بابا نبود

جون فضولى كشت ودست وبانمود ... درعنا افتاد ودر كور وكبود

ماعيال حضرتيم وشير خواه ... كفت ( الخلق عيال للآله )

آنكه او از آسمان باران دهد ... هم تواند كو زرحمت نان دهد

{ وسبح بحمده } اى نزه تعالى عن صفات النقصان وعن كل مايرد على الوهم والخيال حال كونك مثنيا عليه بنعوت الكمال طالبا لمزيد الانعام بالشكر على سوابقه وفى الحديث ( من قال كل يوم سبحان اللّه وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ) كما فى فتح الرحمن

{ وكفى به } الباء زائدة للتأكيد اى حسبك الحى الذى لايموت وقوله

{ بذنوب عباده } ماظهر منا وما بطن متعلق بقوله

{ خبيرا } مطلقا فيجزيهم جزاء وافيا فلا يحتاج معه الى غيره.

٥٩

{ الذى خلق السموات والارض } محل الموصول الجر على انه صفة اخرى للحى

{ وما بينهما } من الاركان والمواليد

{ فى ستة ايام } فى مدتها من ايام الدنيا لانه لم يكن ثمة شمس ولا قمر وذلك مع قدرته على خلقها فى اسرع لمحة ليعلم العباد ان التأنى مستحب فى الامور

{ ثم استوى على العرش } اصل الاستواء الاستقرار والتساوى واعتدال الشىء فى ذاته ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء والغلبة كما فى المفردات وهو المراد هنا خص العرش بالذكر لكونه اعظم الاجسام

{ الرحمن } خبر مبتدأ محذوف اى الذى خلق الاجرام العلوية والسفلية وما بينهما هو الرحمن وهو تمهيد لما يأتى من قوله

{ واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن } وبيان ان المزاد من الاستواء المذكور فى الحقيقة تعيين مرتبة الرحمانية

{ فاسأل به } متعلق بما بعده وهو

{ خبيرا } كما فى قوله

{ انه رؤف رحيم } ونظائره اى فاسأل خبيرا بما ذكر من الخلق والاستواء يعنى الذى خلق واستوى لانه هو الخبير بافعاله وصفاته كما قال

{ ولا ينبئك مثل خبير } وقال

{ وما يعلم تأويله الا اللّه } ومن جعل قوله

{ والراسخون فى العلم } عطفا على الا اللّه يكون الخبير المسئول منه هو الراسخون فى العلم وقد مر تحقيق الآية فى سورة الاعراف وسورة يونس وسورة طه فارجع ، وفى الفتوحات المكية لما كان الحق تعالى هو السلطان الاعظم ولابد للسلطان من مكان يكون فيه حتى يقصد بالحاجات مع انه تعالى لا يقبل المكان اقتضت المرتبة ان يخلق عرشا ثم ذكر انه استوى عليه حتى يقصد بالدعاء وطلب الحوائج منه كل ذلك رحمة للعباد وتنزيلا لعقولهم ولولا ذلك لبقى العبد حائرا لا يدرى اين يتوجه بقلبه وقد خلق اللّه تعالى القلب ذا جهة فلا يقبل الا ما كان له جهة وقد نسب الحق تعالى لنفسه الفوقية م سماء وعرش واحاطة بالجهات كلها بقوله

{ فينما تولوا فثم وجه اللّه } وبقوله ( ينزل ربنا الى سماء الدنيا ) وبقوله عليه السلام ( ان اللّه فى قبلة احدكم ) وحاصله ان اللّه تعالى خلق الامور كلها للمراتب لا للاعيان انتهى.

٦٠

{ واذا قيل لهم } اى لهؤلاء المشركين

{ اسجدوا } صلوا وعبر عن الصلاة بالسجدة لانها من اعظم اركانها

{ للرحمن } الذى برحمته اوجد الموجودات

{ قالوا ومالرحمن } اى أى شىء هو اومن هو لان وضع ماعم وهو سؤال عن المسمى بهذا الاسم لانهم ماكانوا يطلقونه على اللّه ولا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم وان كان مذكورا فى الكتب الاولى انه من اسماء اللّه تعالى او لانهم كانوا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم الا انهم يزعمون انه قديرادبه غيره وهو مسليمة الكذاب باليمامة فانه يقال رحمن اليمامة وكان المشركون يكذبونه ولذلك غالطوا بذلك وقالوا ان محمدا يأمرنا بعبادة رحمن اليمامة ونظيره ان المنافقين صدرت منهم كلمات وحركات فى حق النبى عليه السلام بالاستهزاء والاستسخار فقال تعالى

{ ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب } فغالطوا فى الجواب عن ذلك بهاتين اللفظتين الموهمتين صدق ما كانوا فيه حتى كذبهم اللّه تعالى بقوله

{ قل أباللّه وآياته كنتم تستهزئون } والمغالطة هو ان المشىء او المتكلم يدل على معنى له مثل او نقيض فى شىء ويكون المثل او النقيض احسن موقعا لارادته الابهام به كذا فى العقد الفريد للعلامة ابن طلحة

{ أنسجد لما تأمرنا } بسجوده من غير ان نعرف ان المسجود له ماذا وهو واستفهام انكار اى لا نسجد للرحمن الذى تأمرنا بسجودنا له

{ وزادهم } اى الامر بالسجود للرحمن

{ نفورا } عن الايمان . والنفور الانزعاج عن الشىء والتباعد وهو نظير قوله

{ فلم يزدهم دعائى الا فرارا } فمن جهل وجود الرحمن او علم وجوده وفعل فعلا او قال قولا لا يصدر الا من كافر فكافر بالاتفاق كما فى فتح الرحن وذلك كما اذا سجد للصنم او القى المصحف فى المزابل او تكلم بالكفر يكفر بلا خلاف لكونه علامة التكذيب ، وكان سفيان الثورى رحمه اللّه اذا قرأ هذه الآية رفع رأسه الى السماء وقال الهى زادنى خضوعا مازاد اعداءك نفورا وقال رجل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ادع اللّه ان يرزقنى مرافقتك فى الجنة قال ( اعنى بكثرة السجود ) ، قال فى فتح الرحمن وهذا محل سجود بالاتفاق ، قال الكاشفى [ اين سجده هفتم است بقول امام اعظم وبقول امام شافعى سجده هشتم واين را درفتوحات سجده نفور وانكار ميكويد وميفرمايدكه جون مؤمن درتلاوت اين سجده كند ممتاز كردد ازاهل انكار بس اين سجده را امتيازنيز توان كفت ] وتكبير سجود تلاوة سنة كما فى النهاية او ندب كما فى الكافى او الثانى ركن كما فى الزاهدى لم يوجد ان كليهما ركن واذا اخر عن وقت القراءة يكن قضاء كا قال ابو يوسف فهو على الفور عنده لكنه ليس على الفور عندنا فجمعي العمر وقته سوى المكروه كا فى كتب الاصول والفروع والتأخير ليس بمكروه.

وذكر الطحاوى انه مكروه وهو الاصح كما فى التجنيس ذكره القهستانى فى شرحه ثم ان قوله تعالى

{ اسجدوا للرحمن } يدل على ان لا سجدة لغير الرحمن ولو كانت لامرت المرأة بسجدة زوجها ، قال شمس الائمة السرخسى السجود لغير اللّه تعالى على وجه التعظيم كفر وما يفعلونه من تقبيل الارض بين يدى العلماء فحرام . وذكر الصدر الشهيد لا يكفر بهذا السجود لانه يريد به التحية انتهى لكنه يلزم عليه ان لايفعل لانه شريعة منسوخة وهى شريعة يعقوب عليه السلام فان السجود فى ذلك الزمان كان يجرى مجرى التحية كالتكرمة بالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوقير ويدل عليه قوله تعالى فى حق اخوه يوسف وابيه

{ وخروا له سجدا }

واما الانحناء للسلطان او لغيره فمكروه لانه يشبه فعل اليهود كما ان تقبيل يد نفسه بعد المصافحة فعل المجوس . واختلفوا فى سجود الشرك عند تجدد النعم واندفاع النقم فقال ابو حنيفة ومالك يكره فيقتصر على الحمد والشكر باللسان وخالف ابو يوسف ومحممد ابا حنيفة فقالا هى قربة يثاب عليها وقال الشافعى واحمد يسن وحكمه عندهما كسجود التلاوة لكنه لايفعل فى الصلاة كذا فى فتح الرحمن ، وذكر الزاهدى فى شرح القدورى ان السجدات خمس صلواتية وهى فرض وسجدة سهو وسجدة تلاوة وهما واجبتان وسجدة نذر وهى واجبة بان قال لله علىّ سجدة تلاوة وان لم يقيدها بالتلاوة لاتجب عند ابى حنيفة خلافا لابى يوسف وسجدة شكر ذكر الطحاوى عن ابى حنيفة انه قال لا اراه شيأ ، قال ابو بكر الرازى معناه ليس بواجب ولامسنون بل مباح لا بدعة وعن محمد انه كرهها قال ولكنا نستحبها اذا اتاه مايسره من حصول نعمة او دفع نقمة ، قال الشافعى فيكبر مستقبل القبلة ويسجد فيحمد اللّه تعالى ويشكره ويسبح ثم يكبر فيرفع رأسه اما بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه

واما ما يفعل عقيب الصلاة فمكروه لان الجهال يعتقدونها سنة او واجبة وكل مباح يؤدى اليه فمكروه انتهى والفتوى على ان سجدة الشكر جائزة بل مستحبة لا واجبة ولامكروهة كما فى شرح المنية

بشكر عشق بنه جبهه دائما برخاك ... كه نعمتست نخوردست ساكن افلاك

الهل اجعلنا من المتواضعين لك فى اللمع والحلك.

٦١

{ تبارك الذى } اى تكاثر خير الفياض الذى وقد ذكر فى اول هذه السورة فارجع ، قال فى برهان القرآن خص هذا الموضع بذكر تبارك لان مابعده من عظائم الامور حيث ذكر البروج والسيارات والشمس والقمر والليل النهار ولولاها ماوجد فى الارض حيوان ولا نبات ولامثلهما

{ جعل } بقدرته الكاملة

{ فى السماء } [ در آسمان ]

{ بروجا } هى البروج الاثنا عشر كل برج منزلان وثلث منزل للقمر وهى منازل الكواكب السبعه السياره وهى ثلاثون درجة للشمس واسماء البروج الحمل الثور والجوزاء والسرطان والاسد والسنبلة الميزان والعقرب والقوس والجدى والدلوا الحوت فالحمل والعقرب بيتا المريخ والثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد والسرطان بيت القمر الاسد بيت الشمس والقوس والحوت بيتا المشترى والجدى والدلو بيتا زخل وهذه البروج مقسومة على الطابئع الاربع فيكون لكل واحدة منها ثلاثة بروج مثلثات الحمل والاسد والقوس مثلثة نارية والثور والسنبلة والجدى مثلثة ارضية والجوزاء والميزان والدلوا مثلثة هوائية والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية وسميت المنازل بالبروج وهى القصور العالية لانها للكواكب السيارة كالمنازل الرفيعة لسكانها واشتقاقها من التبرج لظهورها ، وقال الحسن ومجاهد وقتادة البروج هى النجوم الكبار مثال الزهرة وسهيل والمشترى والسماك والعيوق واشباهها سميت بروجا لاستنارتها وحسنها وضوئها والابرج الواسع ما بين الحاجبين ثم ان منازل القمر باساميها ذكرت فى اوائل سورة يونس فارجع

{ وجعل فيها } اى فى البروج لافى السماء لان البروج اقرب فعود الضمير اليها اولى وان جاز عوده الى السماء ايضا

{ سراجا } [ جراغى راكه آفتابست ] ، قال الراغب السراج الزاهر بفتيلة ويعبر به عن كل شىء مضىء والمراد به ههنا الشمس لقوله تعالى

{ وجعل الشمس سراجا } شبهت الشمس والكواكب الكبار بالسرج والمصابيح كما فى قوله تعالى

{ ولقد زينا المساء الدنيا بمصابيح } فى الانارة والاشراق

{ وقمرا } بالفارسية [ ماه ] والهلال بعد ثلاث قمر سمى قمرا لبياضه كما فى المختار او لابيضاض الارض به والاقمر الابيض كما فى كشف الاسرار

{ منيرا } مضيئا بالليل ، قال فى كشف الاسرار [ كفته اندمراد ازين آسمان آسمان قر آنست كه جمله اهل ايمان در ظل بيان وى اند هرسورتى ازان جون برجى آنجا در عالم صور سبع مبانى است واينجا در عالم سور سبع مثانى جنانكه درشب هركه جشم برستاره داردراه زمين وى كم نشود هركه اندرشب فتنه ازبيم شك وشبهه جشم دل برستاره آيت قرآن دارد راه دينش كم نشود ] ، قال فى نفائس المجالس فى الآية دلالة على كمال قدرته فان هذه الاجرام العظام والنيرات من آثار قدرته ، واعلم ان اللّه تعالى جعل فى سماء نفسك بروج حواسك وجعل فيها سراج روحك وقمر قلبك منيرا بانوار الروحانية فعليك بالاجتهاد فى تنوير وجودك وتخليص قلبك من الظلمات النفسانية لتستعد لانوار التجليات وتتخلص من ظلمة السوى فتصل الى المطلب الاعلى فيصحل لك البقاء بعد الفناء فتجد بعد الفقر كمال الغنى فتشاهد كمال قدرة الملك القادر هنا ، وفى عرائس القرآن بروج السماء مجارى الشمس والقمر وهى الحمل والنثور الخ.

وفى القلب بروج وهى برج الايمان وبرج المعرفة وبرج العقل وبرج اليقين وبرج الاسلام وبرج الاحسان وبرج التوكل وبرج الخوف وبرج الرجاء وبرج المحبة وبرج الشوق وبرج الوله فهذه اثنا عشر برجا بها دوام صلاح القلب كما ان الاثنى عشر برجا من الحمل الخ بها صلاح الدار الفانية واهلها وفى السماء سراج الشمس ونور القمر وفى القلب سراج الايمان والاقرار وقمر المعرفة يتلألأ نور ايمانه ومعرفته على لسانه بالذكر وعلى عينيه بالعبرة وعلى جوارحه بالطاعة والخدمة.

وفى التأويلات النجمية يشير الى سماء القلوب وبروج المنازل والمقامات وهى اثنى عشر منزلا التوبة والزهد والخوف والرجاء والتوكل والصبر والشكر واليقين والاخلاص والتسليم والتفويض والرضى وهى منازل سيارات الاحوال فيها شمس التجلى وقمر المشاهدة وزهرة الشوق ومشترى المحبة وعطارد الكشوف ومريخ الفناء وزخل البقاء انتهى

هركه خواهد بجان سير بروج ... آسمانرا كند جو عيسى عروج

آسمانرا طريق معراجست ... دل بمعراج فلك محتاجست

جون كذر ميكند زبرج فنا ... يا بد آخر تجليات بقيا

اين تجلى زسوى عرشى نه ... اين تسلى زسمت فرشى نه

اين تجلىء خالق الابراج ... بسراجش نديده جشم سراج

٦٢

{ وهو الذى جعل } بحكمته التامة

{ الليل والنهار خلفة } الخلفة مصدر للنوع فلا يصلح ان يكون مفعولا ثانيا لجعل ولا حالا من معفوله لابد من تقدير المضاف ويستعمل بمعنى كان خليفته او بمعنى جاء بعده فالمعنى على الاول جعلهما ذوى خلفة يخلف كل واحد منهما الآخر بان يقوم مقامه فيما ينبغى ان يعمل فيه فمن فرط فى علمل احدهما قضاه فى الآخر فيكون توسعة على العباد فى نوافل العبادات والطاعات ويؤيده ما قال عليه السلام لعمر بن الخطاب رضى اللّه عنه وقد فاتته قراءة القرآن بالليل ( يا ابن الخطاب لقد انزل اللّه تعالى فيك آية وهو الذى الخ مافاتك من النوافل بالليل فاقضيه فى نهارك ومافاتك فى النهار فاقضه فى الليل ) وعلى الثانى جعلهما ذوى اعتقاب يجيىء الليل ويذهب النهار ويجيىء النهار ويذهب الليل ولم يجعل نهارا لا ليل له وليلا لا نهار له ليعلم الناس عدد السنين والحساب وليكون للانتشار فى المعاش وقت معلوم وللاستقرار والاستراحة وقت معلوم ففى الآية تذكير لنعمته وتنبيه على كمال حكمته وقدرته

{ لمن اراد ان يذكر } ان يتذكر آلاء اللّه ويتفكر فى صنعه فيعلم ان لا بدل له من صانع حكيم واجب بالذات رحيم على العباد فالمراد بمن هو الكافر ثم اشار الى المؤمن بقوله

{ او اراد شكورا } بضم الشين مصدر بمعنى الشكر اى ان يشكر اللّه بطاعته على ما فيها من النعم فتكون او على حالها ويجوز ان تكون بمعنى الواو فالمعنى جعلناهما خلفة ليكوننا وقتين للذاكرين والشاكرين من فاته ورده فى احدهما تداركه فى الآخر ووجه التعبير باو التنبيه على استقلال كل واحد منهما بكونه مطلوبا من الجعل المذكور ولو عطف بالواو لتوهم ان المطلوب مجموع الامرين ، قال الامام الراغب الشكر تصور النعمة واظهارها قيل هو مقلوب على الكشر اى الكشف ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها

وقيل اصله من عين شكرى اى ممتلئة والشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه والشكر على ثلاثة اضرب شكر بالقلب وهو تصور النعمة وشكر باللسان وهو الثناء على النعمة وشكر بسائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقها

عطايست هرموى ازو برتنم ... جه كونه بهر موى شكرى كنم

اعلم ان الآية الكريمة اشارة الى ان ورد النفل لا يقضى اذا فات لكن على طريق الاستحباب لا على طريق الوجوب وذلك دوام الورد سبب لدوام الوارد ودوام الوارد سبب للوصلة ألا ترى ان النهر انما يصل الى البحر بسبب امداد الامطار والثلوج التى فى الجبال فلو انقطع المدد فقد المرام كما قال الصائب

از زاهدان خشك رسايى طمع مدار ... سيل ضعيف واصل دريا نميشود

ولذا أكب العباد والسلاك على الاوراد فى الليل والنهار وجعلوها على انفسهم بمنزلة الواجبات ولذا لو فات عنهم ورد الليل قضوه فى النهار ولو فات عنهم ورد النهار قضوه فى الليل يعنى اتوا ببدله مما كان مثلا له حتى لاينقطعوا دون السبيل فمن عرف الطريق الى اللّه لا يرجع ابدا ولو رجع عذب فى الدارين بما لم يعذب به احد من العالمين فعليك بالورد صباحا ومساء فانه من ديدن السلف الصالحين واياك والغفلة عنه فانها من دأب من بال على اذنه الشيطان من الفاسقين ، وعن الشيخ ابى بكر الضرير رضى اللّه عنه قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم بالنهار ولايفطر ويقوم الليل ولاينام فجاءنى يوما وقال يا استاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن واذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار اقبح منها منظرا فقلب لمن انتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التى مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول

اسأل لمولاك وارددنى الى حالى ... فانت قبحتنى من بين اشكالى

لاترقدّن الليالى ما حييت فان ... نمت الليالى فهن الدهر امثالى

فاجابتها جارية من الحسان

نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها ... تتلو القران بترجيع ورنات

نحن الحسان اللواتى كنت تخطبنا ... جوف الظلام بانات وزفرات

قال ثم شهق شهقة خر ميتا ذكره الامام اليافعى فى روض الرياحين روى ان ابليس ظهر ليحيى ابن زكريا عليهما السلام فرأى عليه معاليق من كل شىء فقال يحيى يا ابليس ما هذه المعاليق التى ارى عليك قال هذه الشهوات التى اصيب بهن ابن آدم قال فهل لى فيها من شىء قال ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر قال يحيى هل غير ذلك قال لا واللّه قال لله علىّ ان لا املأ بطنى من طعام ابدا قال ابليس ولله على ان لا اتصح مسلما ابدا كذا فى آكام المرجان ، واحتضر عابد فقال ما تأسفى علىّ دار احزانوالخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر اللّه فمن وجد الفرصة فليسارع وبقية العمر ليس لها ثمن

اى كه بنجاه رفت ودر خوابى ... مكر اين بنج روز دريابى

خواب نوشين بامداد رحيل ... باز دراد بياده را زسبيل

[ كفته اند ايزد تعالى فلك آفريد ومدت دوروى دوقسم كردانيد يك قسم ازان شب ديجور نهادكه اندران وقت روى زمين بسان قيرشود وقسم ديكر روز بانور نهادكه روى زمين بسان كافور شود ازروى اشارت ميكويد اى كسانى كه اندر روشنايى روز دولت آرام داريد ايمن مباشيد كه شب محنت بر انرست واى كسانى كه اندر تاريكىء شب محنت بى آرام بوده آيد نوميد مباشيدكه روشنايى روز دولت براثرست ]

اى دل صبور باش ومخور غم كه عاقبت ... اين شام صبح كرددواين شب سحر شود

نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من اهل اليقظة والشهود الواصلين الى مطالعة الجمال فى كل مشهود ونعوذ به من البقاء فى ظلمة الوجود والحرمان من فيض الجود انه رحيم ودود.

٦٣

{ وعباد الرحمن } دون عباد الدنيا والشيطان والنفس والهوى فانهم وان كانوا عبادا بالايجاد لكنهم ليسوا باهل لاضافة التشريف والتفضيل من حيث عدم اتصافهم بالصفات الآتية التى هي آثار رحمته تعالى الخاصة المفاضة على خواص العباد . والمعنى عباده المقبولون وهو مبتدأ خبره قوله

{ الذين يمشون } المشى الانتقال من مكان الى مكان بارادة

{ على الارض } الى هى غاية فى الطمأنينة والسكون والتحمل حال كونهم

{ هونا } هو السكينة والوقار كما فى القاموس وتذلل الانسان فى نفسه بما لايلحق به غضاضة كا فى المفردات وهين لين وقد يخففان ساكن مئتد ملائم رقيق اى هينين لينى الجانب من غير فظاظة او يمشرون مشيا هينا مصدر وصف به . والمعنى انهم يمشون بسكينة وتواضع لا بفخر وفرح ورياء وتجبر وذلك لما طالعوا من عظمة الحق وهيبته وشاهدوا من كبريائه وجلاله فخشعت لذلك ارواحهم وخضعت نفوسهم وابدانهم وفى الحديث ( المؤمنون هينون لينون كالجمل الانف ان قيد انقاد وان انيخ على صخرة استناخ ) وفى الصحاح انف العبير اشتكى انفه من البرة فهو انف ككتف وفى الحديث ( المؤمن كالجمل ان قيد انقاد وان استنيخ على صخرة استناخ ) وذلك للوجع الذى به فهو ذلول منقاد . قيد مجهول قاد والقود نقيض السوق فهو من امام وذلك من خلف : والانقياد [ كشيده وكردن نهادن ] يقال اتخت الجمال فاستناخ اى ابركته فبرك ، قال الشيخ سعدى

فروتن بود هو شمند كزين ... نهد شاخ برميوه سر بر زمين

جوسيل اندر آمد بهول ونهيب ... فتاد ازبلندى بسر در نشيب

جوشبنم بيفتاد مسكين وخرد ... بمهر آسمانش بعيوق بر

{ وذا خاطبهم الجاهلون } الجهل خلو النفس من العلم واعتقاد الشىء بخلاف ما هو عليه وفعل الشىء بخلاف ما حقه ان يفعل سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا او فاسادا كما يترك الصلاة عمدا وعلى ذلك قوله

{ أتتخذنا هزؤا قال اعوذ باللّه ان اكون من الجاهلين } فجعل فعل الهزؤ جهلا . والمعنى واذا كلمهم السفهاء مواجهة بالكلام القبيح

{ قالوا سلاما } اى نطلب منكم السلام فيكون منصوبا باضمار فعل كما فى المفردات او انا سملنا من اثمكم وانتم سلمتم من شرنا كما فى احياء العلوم ، وقال بعضهم سلاما مصدر فعل محذوف اقيم مقام التسلم اى قالوا نتسلم منكم تسلما اى لانجاهلكم : والمجاهلة [ باكسى سفاهت كردن ] ولاتخالط بشىء من اموركم وهو الجهل وما يبتنى على خفة العقل فلا خير بيننا وبينكم ولا شر بل متاركة : بالفارسية [ جفاى يكديكر بكذاشتن ] واكثر المفسرين على ان السلام ليس عين عبارتهم بل صفة لمصدر محذوف . والمعنى قالوا قولا سلاما اى سدادا يسلمون فيه من الاذى والاثم [ مراد ترك تعرض سفهاست واعراض از مكالمه ومجادله ايشان ] كما قال المحقق الرومى

اكر كويند زراقى وسالوس ... بكوهستم دوصد جندان وميرو

وكر ازخشم دشنامى دهندت ... دعاكن خوش دل وخندان وميروا

قال الشيخ سعدى قدس سره

يكى بربطى دربغل داشت مست ... بشب درسر بارسايى شكست

جو روز آمد آن نيك مرد سليم ... بر سنك دل برد يك مشت سيم

كه دوشينه معذور بودى ومست ... ترا ومرا بربط وسر شكست

مرا به شد آن زخم ورخاست بيم ... ترا به نخواهد شد الابسيم

اذان دوستان خدا بر سرند ... كه از خلق بسيار بر خر خورند

ثم ان قوله واذا بيان لحالهم فى المعاملة مع غيرهم اثر بيان حالهم فى انفسهم ، وهذه الآية محكمة عند اكثرهم لان الحلم عن السفيه مندوب اليه والاغضاء عن الجاهل امر مستحسن فى الادب والمروءة والشريعة واسلم للعرض واوفق للورع وفى الحديث ( اذا جمع اللّه الخلائق يوم القيامة نادى مناد اين اهل الفضل فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون كنا اذا ظلمنا صبرنا واذا اسيىء الينا غفرنا واذا جهل علينا حلمنا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين ) وفى الحديث ( رأيت قوما من امتى ما خلقوا بعد وسيكونون فيما بعد اليوم احبهم ويحبوننى يتناصحون ويتباذلون ويمشون بنور اللّه فى الناس رويدا فى خفية وتقيه يسلمون من الناس ويسلم الناس منهم بصبرهم وحلمهم قلوبهم بذكر اللّه تطمئن ومساجدهم بصلاتهم يعمرون يرحمون صغيرهم ويجلون كبيرهم ويتواسون بينهم يعود غنيهم على فقيرهم يعودون مرضاهم ويتبعون جنائزهم ) فقال رجل من القوم فى ذلك يرفقون فالتفت اليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلا ( كلا انه لا رفيق لهم هم خدام انفسهم هم اكرم على اللّه من ان يوسع عليه لهوان الدنيا عند ربهم ثم تلا عليه السلام وعباد الرحمن ) الآية ، وقال بعضهم فى صفة عباد الرحمن العبادة حليتهم والفقر كرامتهم وطاعة اللّه حلاوتهم وحب اللّه لذتهم والى اللّه حاجتهم والتقوى زادهم والهدى مركبهم والقرآن حديثهم والذكر زينتهم والقناعة مالهم والعبادة كسبهم والشيطان عدوهم والحق حارسهم والنهار عبرتهم والليل فكرتهم والحياة مرحلتهم والموت منزلهم والقبر حصنهم والفردوس مسكنهم والنظر الى رب العالمين منيتهم ، اعلم ان عباد اللّه كثير فمنهم عبدالرحمن ومنهم عبدالرزاق ومنهم عبدالوهاب الى غير ذلك ولكن لايكون المرء بمجرد الاسم عبدا حقيقة لا عبد اللّه ولا نحوه وذلك لان عبد اللّه هو الذى تجلى بجميع اسمائه تعالى فلا يكون فى عباده ارفع مقاما واعلى شانا منه لتحققه بالاسم الاعظم واتصافه بجميع صفاته ولذا خص نبينا عليه السلام بهذه الاسم فى قوله

{ وانه لما قام عبداللّه يدعوه } فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة الاله وللاقطاب من ورثته بتبعيته . وعبدالرحمن هو مظهر الاسم الرحن فهو رحمه للعالمين جميعها بحيث لا يخرج احد من رحمته بحسب قابليته واستعداده . وعبدالرحيم هو مظهر الاسم الرحيم وهو يختص رحمته بمن اتقى واصلح ورضى اللّه عنه وينتقم ممن غضب اللّه عليه . وعبدالرزاق هو الذى وسع اللّه له رزقه فيؤثر به على العباد . وعبدالوهاب هو الذى تجلى له الحق باسم الجود فيهب ما يبنغى على الوجه الذى ينبغى بلا عوض ولاغرض ويمد اهل عنايته تعالى بالامداد جعلنا اللّه واياكم من المتحققين باسمائه الحسنى انه المطلب الاعلى والمقصود الاسنى.

٦٤

{ والذين يبيتون } عطف على الموصوف الاول والبيتوتة خلاف الظلول وهى ان يدركك الليل نمت اول تنم ولذلك يقال ياتب فلان قلقا اى مضطربا : والمعنى [ بالفارسية عباد الرحمن آنانندكه شب بروزمى آرند ]

{ لربهم } لا لحظ انفسهم وهو متعلق بما بعده والتقديم للتخصيص مع مراعاة الفاصلة

{ سجدا } جمع ساجد اى حال كونهم ساجدين على وجوههم

{ وقياما } جمع قائم مثل نايم ونائم او مصدر اجرى مجراه اى قائمين على اقدامهم وتقديم السجود على القيام لرعاية الفواصل وليعلم ان القيام فى الصلاة مقدم مع ان السجدة احق بالتقديم لما ورد ( اقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد ) والكفرة عنها يستكبرون حتى

قال بعضهم منه لا افعلها لانى لا احب ان تعلوا رأسى استى . والمعنى يكونون ساجدين لربهم وقائمين اى يحبون الليل كلا او بعضا بالصلاة كما قال تعالى فى حق المتقين

{ كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } وتخصيص البيتوتة لان العبادة بالليل اشق وابعد من الرياء وهو بيان لحالهم فى معاملتهم مع ربهم ووصف ليلهم بعد وصف نهارهم ، وقد اشتهر بقيام الليل كله وصلاة الغداة بوضوء العشاء الاخيرة سعيد ابن المسيب وفضيل بن عياض وابو سليمان الدارانى وحبيب العجمى ومالك بن دينار ورابعة العدوية وغيرهم.

قال فى التأويلات النجمية يبيتون لربهم ساجدين ويصبحون واجدين فوجدت صباحهم ثمرات سجود رواحهم كما فى الخبر ( من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ) اى عظم ماء وجهه عند اللّه واحسن الاشياء ظاهر بالسجود محسن وباطن بالوجود مزين ، وكانت حفصة بنت سيرين اخت محمد بن سيرين تقرأ كل ليلة نصف القرآن تقوم به فى الصلاة وكانت تقوم فى مصلاها بالليل فربما طفى المصباح فيضيىء لها البيت حتى تصبح وكانت من عابدات اهل البصرة وكان اخوها ابن سيرين اذا اشكل عليه شىء من القرآن قال اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ وكانت تقول يا معشر الشباب خذو من انفسكم وانتم شباب فانى مارأيت العمل الا فى الشباب ، وكانت رابعة العدوية تصلى الليل كله فاذا قرب الفجر نامت نومة خفيفة ثم تقوم وتقول يا نفس كم تنامين وكم تقومين يوشك ان تنامى نومة لا تقومين منها الا صبيحة يوم النشور فكان هذا دأبها حتى ماتت وفى الخبر ( قم من اللي ولو قدر حلب شاة ) ومن حرم قيام الليل كسلا وفتورا فى العزيمة اوتهاونا بقلة الاعتداد بذل كاو اغترارا بحاله فلبيك عليه فقد قطع عليه طريق كثير من الخبر . والذى يخل بقيام الليل كثرة الاهتمام بامور الدنيا وكثرة اشغال الدنيا واتعاب الجوارح والامتلاء من الطعام وكثرة الحديث واللهو واللغط واهمال القيلولة والموفق من يغتنم وقته ويعرف داءه ودواءه ولا يهمل فيهمل ، يقول الفقير قواه اللّه القدير على فعل الخير الكثير ، ان قلت ما تقول فى قوله عليه السلام

( من صلى العشاء فى جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى الفجر فى جماعة كان كقيام ليلة ) الخ فانه يرفع مؤنة قيام الليل ، قلت هذا ترغيب فى الجماعة وبيان للرخصة وتأثير النية فان من نوى وقت العشاء ان يقيم الفجر بجماعة كان كمن انتظرها فى المسجد قرب همة عالية تسبق الاقدام ولكن العمل مع النية افضل من النية المجردة والعزيمة فوق الرخصة ، قال سهل بن عبداللّه التسترى رحمه اللّه يحتاج العبد الى السنن الرواتب لتكميل الفرائض ويحتاج الى النوافل لتكميل السنن ويحتاج الى الآداب لتكميل النوافل ومن الادب ترك الدنيا ، وقد اختلفوا فى ان طول القيام افضل أو كثرة السجود والركوع ، قال فى الدرر طول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام ( افضل الصلوات طول القنوت ) اى القيام ولان القراءة تكثر بطول القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة افضل منه انتهى ، وقال بعضهم بافضلية الثانى [ ابن عمر يكى را يدكه در نماز قيام دراز داشت كفت اكر من اورا شناختمى بكثرة ركوع وسجود فرمودمى كه از رسول خدا شنيدم عليه السلام كه كفت ] ( ان العبد اذا قام يصلى أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه كلما ركع او سجد تساقطت عنه ) ، وقال معدان بن طلحة لقيت ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت اخبرنى بعمل يدخلنى اللّه به الجنة فقالت سألت عن ذلك رسول اللّه فقالى ( عليك بكثرة السجود لله فانك لا تسجد لله سجدة الا رفعك اللّه بها درجة وحط عنك بها خطيئة ) ، واعلم ان الاصل فى كل عمل هو تحقيق النية وتصحيح الاخلاص

مشايخ همه شب دعا خوانده اند ... سحر كه مصلى برافشانده اند

كسى كوبتابد زمحراب روى ... بكفرش كواهى دهند اهل كوى

توهم بشت بر قبله در نماز ... كرت در خدانيست روى نياز

وجهنا اللّه واياكم الى وجهه.

٦٥

{ والذين يقولون } اى فى اعقاب صلواتهم او فى عامة اوقاتهم

{ ربنا } [ اى بروردكارما ]

{ اصرف عنا } صرفه رده

{ عذاب جهنم } العذاب الايجاع الشديد

{ ان عذابها كان غراما } اى شرا دائما وهلاكا لازما غير مفارق لمن عذب به من الكفار ، قال الراغب مأخوذ من قولهم هو مغرم بالنساء اى يلازمهن ملازمة الغريم اى ملازمة من له الدين لغريمه اى من عليه الدين فكلاهما غريم ، قال محمد بن كعب ان اللّه تعالى سأل الكفار ثم نعمته فلم يؤدوها اليه فاغرقهم فادخلهم النار.

٦٦

{ انها ساءت مستقرا ومقاما } تعليل لاستدعائهم المذكور بسوء حالها فى انفاسها اثر تعليله بسوء حال عذابها فهو من تمام كلامهم والضمير فى ساءت لا يعود الى اسم ان وهو جهنم ولا الى شىء آخر بعينه بل هو ضمير مبهم يفسره مابعده من التمييز وهو مستقر او مقاما وذلك لان فاعل افعال الذم يجب ان يكون معرفا باللام او مضافا الى المعرف به او مضمرا مميزا بنكرة منصوبة . والمعنى بئست موضع قرار واقامة هى اى جهنم : وبالفارسية [ بتحقيق دوزخ بدا آرامكاهست وبدجاى بودنى ] ، وفى الآية ايذان بانهم مع حسن مخالقتهم مع الخلق واجتهادهم فى عبادة الحق خائفون من العذاب متضرعون الى اللّه فى صرفه عنهم . يعنى يجتهدون غاية الجهد ويستفرغون نهاية الوسع ثم عند السؤال ينزلون منزلة العصاة ويقفون اهل الاعتذار ويخاطبون بلسان التذلل كما قيل

ومارمت الدخول عليه حتى ... حللت محلة العبد الذليل

وذلك لعدم اعتدادهم باعمالهم ووثوقهم على استمرار احوالهم كقوله

{ والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة } قال الشيخ سعدى قدس سره

طريقت همنست كاهل يقين ... نكوكار بودند وتقصير بين

وقال

بنده همان به كه تقصير خويش ... عذر بدركاه خداى آورد

ورنه سزاوار خدا ونديش ... كس نتواند كه بجاى آورد

قال ابن نجيد لايصف لاحد قدم فى العبودية حتى يكون افعاله عنده كلها رياء واحواله كلها دعاوى ، وقال النهر جورى من علامة من تولاه اللّه فى اعماله ان يشهد التقصير فى اخلاصه والغفلة فى اذكاره والنقصان فى صدقة والفتور فى مجاهدته وقلة المراعاة فى فقره فيكون جميع احواله عنده غير مرضية ويزداد فقرا الى اللّه تعالى فى نقره وسيره حتى يفنى عن كل مادونه ، ودلت الآية على الدعاء مطلقا خصوصا فى اعقاب الصلوات وهو مخ العبادة فليدع المصلى مفردا وفى الجماعة اماما كان او مأموما وليقل ( اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد اللهم انى اسألك الجنة وما قرب اليها من قول وعمل واعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل اللّه استر عوراتى وآمن روعاتى واقل عثراتى اللهم انى أسئلك ايمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد وقرة عين الابد ومرافقة نبيك محمد اللهم البس وجوهنا منك الحياء واملأ قلوبنا بك فرحا واسكن فى نفوسنا عظمتك وذلل جوارحنا لخدمتك واجعلك احب الينا مما سواك اللهم افعل بنا ما أنت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله اللهم اغفر لى ولوالدى وارحمهما كما ربيانى صغيرا واغفر لاعمامنا وعماتنا واخوالنا وخالاتنا وازواجنا وذرياتنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات يارحم الراحمين ويا خير الغافرين ) وغير ذلك مما هو مذكور فى عوارف المعارف نقلا عن قوت القلوب للامام المكى.

٦٧

{ والذين اذا انفقوا } نفق الشىء اذا مضى ونفد اما بالبيع نحو نفق المبيع نفاقا

واما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا

واما بالفناء نحو نفقت الدراهم وانفقتها

{ لم يسرفوا } لم يجاوزوا حد الكرم

{ ولم يقتروا } ولم يضييقوا تضييق الشحيح فان القتر والاقتار والتقتير هو التضييق الذى هو التضييق الذى هو ضد الاسراف والاسراف مجاوزة الحد فى النفقة

{ وكان } الانفاق المدلول عليه بقوله انفقوا

{ بين ذلك } اى بين ماذكر من الاسراف والتقتير وهو خبر كان وقوله

{ قواما } خبر بعد خبر اهو الخبر وبين ذلك ظرف لغو لكان على رأى من يرى اعمالها فى الظرف . والمعنى وسطا عدلا سمى به لاستقامة الطرفين واعتدالهما بحيث لا ترجح لاحداهما على الآخر بالنسبة اليه لكونه وسطا بينهما كمركز الدائرة فانه يكون نسبة جميع الدائرة اليه على السواء ونظير القوام السواء سمى به لاستواء الطرفين فالآية نظير قوله تعالى فى سورة الاسراء { ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }

وسط را مكن هركز از كف رها ... كه خير الامورست اوساطها

وتحقيق المقام الانفاق ضربان محمود ومذموم ، فالمحمود منه ما يكسب صاحبه العدالة وهو بذل ماوجبت الشريعة بذله كالصدقة المفروضة والانفاق على العيال ولذا قال الخسن مانفق الرجل على اهله فى غير اسراف ولافساد والا اقتار فهو فى سبيل اللّه ومنه مايكسب صاحبه اجرا وهو الانفاق على من الزمت الشريعة انفاقه عليه ومنه مايكسب له الحرية وهو بذل ماندبت الشريعة الى بذله فهذا يكتسب ن الناس شكرا ومن ولى النعمة اجرا ، والمذموم ضربان افراط وهو التبذير والاسراف وتفريط وهو الامساك والتقتير وكلاهما يراعى فيه الكمية والكيفية فالتبذير من جهة الكمية ان يعطى اكثر ما يحتمله حاله ومن حيث الكيفية ان يضعه فى غير موضعه والاعتبار فيه بالكيفية اكثر من الكمية فرب منفق درهما من الوف وهو فىنفاقه مسرف وببذله ظالم مفسد كمن اعطى فاجره درهما او اشترى خمرا ورب منفق الوفا لايملك غيرها هو فيه مقتصد وبذله محمود كما روى فى شأن ابى بكر الصديق رضى اللّه عنه حيث انفقجميع ماله فى غزوة تبوك ولما قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ماذا ابقيت لاهلك يا ابا بكر ) قال اللّه ورسوله ، وقد قيل لحكيم متى يكون بذل القليل اسرافا والكثير اقتصاد اقال اذا كان بذل القليل فى باطل وبذل الكثير فى حق ومن هذا الباب ما قال مجاهد فى الآية لو كان لرجل مثل ابى قبيس ذهبا فانفقه فى طاعة اللّه لم يكن مسرفا ولو انفق درهما فى معصية اللّه كان مسرفا والتقتير من جهة الكمية ان ينفق دون مايحتمله حاله ومن جهة الكيفية ان يمنع من حيث يجب وينفق حيث لايجب والتبذير عند الناس احمد لانه جود لكنه اكثر مما يجب والتقتير بخل والجود على كل حال احمد من البخل لان رجوع المبذر الى السخاء سهل وارتقاء البخيل اليه صعب وان المبذر قد ينفع غيره وان اضر بنفسه والمقتر لا ينفع نفسه ولا غيره على ان التبذر فى الحقيقة هو من وجه اقبح اذلا اسراف الا وفى جنبه حق يضيع ولان التبذير يؤدى صاحبه الى ان يظلم غيره ولذا قيل الشحيح اعذر من الظالم ولانه جهل بقدر المال الذى هو سبب استبقاء النفس والجهل رأس كل شر والمتلاف ظالم من وجهين لاخذه من غير موضعه ووضعه فى غير موضعه ، قال يزيد بن حبيب فى هذه الآية اولئك اصحاب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم كانوا لايأكلون طعاما للتنعيم واللذة ولا يلبسون ثيابا للجمال ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويكنهم عن الحر والقرّ وفى الحديث

( ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يوارى عورته وجرف الخبز والماء ) يعنى كسر الخبز واحدتها جرفة بالكسر ، وقال عمر رضى اللّه عنه كفى سرفا ان لايشتهى الرجل شيأ الا اشتراه فاكله

اكرجه باشد مرادت خورى ... زدوران بسى امرادى برى

دريغ آدمى زاده بر محل ... كه باشد جو انعام بل هم اضل

قال الحافظ

خواب وخورت زمرتبه خويش دور كرد ... آنكهرسى بخويش كه بىخواب وخورشوى

ثم ان الاسراف ليس متعلقا بالمال بل بكل شىء وضع فى غير موضعه اللائق به ألا ترى ان اللّه تعالى وصف قوم لوط بالاسراف لوضعهم البذر فى غير المحرث فقال

{ أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل انتم قوم مسرفون } ووصف فرعون بقوله

{ انه كان عاليا من المسرفين } فالتكبر لغير المتكبر اسراف مذموم وللمتكبر اقتصاد محمود وعلى هذا فقس ، وفى الآية اشرة الى اهل اللّه الباذلين عليه الوجود

{ اذا انفقوا } وجودهم فى ذات اللّه وصفاته

{ لم يسرفوا } اى لم يبالغوا فى المجاهدة والرياضة حتى يهلكوا انفسهم بالكلية فقال

{ ولاتلقوا بايديكم الى التهلكة } { ولم يقتروا } فى بذل الوجود بان لايجاهدوا انفسهم فى ترك هواها وشهواتها كما اوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام فقال ( انذر قومك من اكل الشهوات فان القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عنى )

{ وكان بين ذلك قواما } بحيث لا يهلك نفسه بفرط المجاهدة ولا يفسد قلبه بتركها وتتبع الشهوات كما فى التأويلات النجمية.

٦٨

{ والذين لايدعون } لايعبدون

{ مع اللّه آلها آخر } كالصنم اى لايجعلونه شريكا له تعالى ، يقال الشرك ثلاثة . الها ان يعبده غيره تعالى . والثانى ان يطيع مخلوقا بما يأمره من المعصية . والثالث ان يعمل لغير وجه اللّه فالاول كفر والآخران معصية.

وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرفعون حوائجهم الى الاغيار ولا يتوهمون منهم المسار والمضار وايضا لا يشوبون اعمالهم بالرياء والسمعة ولا يطلبون مع اللّه مطلوبا ولا يحبون معه محبوبا بل يطلبون اللّه من اللّه ويحبونه به : قال الصائب

غير حق را مىدهى ره درحريم دل جرا ... ميكشى برصفحه هستى خط باطل جرا

{ ولا يقتلون النفس التى حرم اللّه } اى حرمها بمعنى حرم قتلها فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه مبالغة فى التحريم والمراد نفس المؤمن والمعاهد

{ الا بالحق } المبيح لقلتها اى لا يقتلونها بسبب من الاسباب الا بسبب الحق المزيل لحرمتها وعصمتها كما اذا قتل احد فيقتص به اوزنى وهو محصن فيرجم اوارتد او سعى فى الارض بالفساد فيقتل

{ ولا يزنون } الزنى وطىء المرأة من غير عقد شرعى ، واعلم ان اللّه تعالى نفى عن خواص العباد امهات المعاصى من عبادة الغير وقتل النفس المحرمة والزنى بعدما اثبت لهم اصول الطاعات من التواضع ومقابلة القبيح بالجميل واحياء الليل والدعاء والانفاق العدل وذلك اظهارا لكمال ايمانهم فانه انما يكمل بالتحلى بالفضائل والتخلى عن الرذائل واشعارا بان الاجر المذكور فيما بعد موعود للجامع بين ذلك وتعريضا للكفرة باضداده اى وعباد الرحمن الذين لايفعلون شيأ من هذه الكبائر التى جمعتهن الكفرة حيث كانوا مع اشراكهم به سبحانه مداومين على قتل النفوس المحرمة التى من جملتها الموؤدة مكين على الزنى اذا كان عندهم مباحا ، وعن عبداللّه ابن مسعود رضى اللّه عنه قال سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أى الذنب اعظم قال ( ان تجعل لله ندا وهو خلقلك ) قال قلت ثم أى قال ( ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك ) قال قلت ثم أى ( قال ان تزنى بحليلة جارك ).

وفى التأويلات النجمية

{ ولايزنون } اى لا يتصرفون فى عجوز الدنيا بشهوة نفسانية حيوانية بل يكون تصرفهم فيها لله وفى اللّه وباللّه اى بخلاف حال العامة

{ ومن } [ هركه ]

{ يفعل ذلك } شيأ مماذكر من الافعال كما هو دأب الكفرة

{ يلق اثاما } هو جزاء والعقوبة كالوبال والنكال وزنا ومعنى : وبالفارسية [ به بيندجزاى بزه كارىء خود ] تقول اثم الرجل بالكسر اذنب واثمه جازاه ، قال فى القاموس هو كسحاب واد فى جهنم والعقوبة وفى الحديث ( الغى والاثام بئران يسيل فيهما صديد اهل النار ).

٦٩

{ يضاعف له العذاب يوم القيامة } [ المضاعفة : افزون كردن يعنى يك دو كردن ] كما قال الراغب العضف تركب قدرين متساويين يقال اضعف الشىء وضعفته وضاعفته ضممت اليه مثله فصاعدا والجملة بدل من يلق لاتحادهما فى المعنى اى يتزايد عذابه وقتا بعد وقت وذلك لانضمام المعاصى الى الكفر.

وفى التأويلات النجمية اى يكون معذبا بعذابين عذاب دركات النيران وعذاب فرجات درجات الجنان وقربات الرحمن

{ ويخلد } [ وجاويد ماند ]

{ فيه } اى فى ذلك العذاب حال كونه

{ مهانا } ذليلا محتقرا جامعا للعذاب الجسمانى والروحانى لايغاث : وبالفارسية [ خوار وبى اعتبار ] قرأ ابن كثير وحفص فيهى مهانا باشباع كسرة الهاء وجعلها بالياء فى الوصل وذلك للتنبيه على العذاب المضاعف ليحصل التيقظ والامتناع عن سببه.

٧٠

{ الا من تاب } من الشرك والقتل والزنى

{ وآمن } وصدق بوحدانية اللّه تعالى

{ وعمل عملا صالحا } [ وبكند كردارشايسته براى تكميل ايمان ] ذكر الموصوف مع جريان الصالح والصالحات مجرى الاسم للاعتناء به والتنصيص على مغايرته للاعمال السابقة والاستثناء لانه من الجنس لان المقصود الاخبار بان من فعل ذلك فانه يحل به ماذكر الا ان يتوب .

واما اصابة اصل العذاب وعدمها فلا تعرض لها فى الآية

{ فاولئك } الموصوفون بالتوبة والايمان والعمل الصالح : وبالفارسية [ بس آن كروه ]

{ يبدل اللّه سيآتهم } التى عملوها فى الدنيا فى الاسلام

{ حسنات } يوم القيامة وذلك بان يثبت له بدل كل سيئة حسنة وبدل كل عقاب ثوابا ، قال الراغب التبديل جعل الشىء مكان آخر وهو اعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثانى باعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله ، عن ابى ذر رضى اللّه عنه قال عليه السلام ( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه ويخبأ عنه كبارها فيقال عملت يوم كذا كذا وهو مقر لاينكر وهو مشفق من الكبائر فيقال اعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول ان لى ذنوبا ماراها ههنا ) قال فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه علي وسلم يضحك حتى بدت نواجذه ثم تلا

{ فاولئك } الخ ، قال الزجاج ليس ان السيئة بعينها تصير حسنة ولكن التأويل ان السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة انتهى ، قال المولى الجامة

{ فاولئك يبدل اللّه سيآتهم حسنات } يعنى فى الحكم فان الاعيان نفسها لاتتبدل ولكن تنقلب احكامها انتهى كلامه فى شرح الفصوص ، وقال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الاربعين حديثا ( الطاعات كلها مطهرات ) فتارة بطريق المحور المشار اليه بقوله تعالى

{ ان الحسنات يذهبن السيآت } وبقوله عليه السلام ( اتبع الحسنة تمحها ) وتارة بطريق التبديل المشار اليه بقوله

{ الا من تاب وآمن } الخ فالمحو المذكور عبارة عن حقيقة العفو والتبديل من مقام المغفرة وان تنبهت لما اشرت اليه عرفت الفرق بين العفو والمغفرة انتهى كلامه.

وفى التأويلات النجمية

{ الا من تاب } عن عبادة الدنيا وهوى النفس

{ وآمن } بكرامات وكمالات اعدها اللّه لعباده الصالحين مما لاعين رأت ولا اذن سمعت ولاخطر على قلب بشر

{ وعمل عملا صالحا } لتبليغه الى تلك الكمالات وهو الاعراض عما سوى اللّه بجملته والاقبال على اللّه بكليته رجاء عواطف احسانه كما قيل لبعضهم كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول ولعمرى هذا هو الاكسير والاعظم الذى ان طرح ذرة منه على قدر الارض من نحاص السيآت تبدلها ابريز الحسنات الخالصة كما قال تعالى اخبارا عن اهل هذا الاكسير

{ فاولئك يبدل اللّه سيآتهم حسنات } كما يبدل الاكسير النحاس ذهبا انتهى ، يقول الفقير لاشك عند اهل اللّه تعالى فى انقلاب الاعيان واستحالتها ألا ترى الى انحلال مزاج المادة الاصلية الى غيرها فى العالم الصناعى فاذا انحل المزاج واستحالت المادة الى الصورة الهيولانية صلحت لان يولد الحكيم منها انسان الفلاسفة ، قال الامام الجلدكى الارض تستحيل ماء والماء يستحيل ارضا والعناصر يتسحيل نارا وبالعكس النار تستحيل هواء والهواء ماء والماء يستحيل ارضا والعناصر يتسحيل بعضها الى بعض مع ان كل عنصر من العناصر ممتزج من طبيعتين فاعلة ومنفعلة فهذا برهان واضح على انحلال المزاج الى غيره فى الاصول ،

واما فى الفصول فان الارض تستحيل نباتا والنبات يستحيل حيوانا فوقف الفاضل ابن سينا وقال ان الحيوان لايستحيل اللهم الا ان يفسد الى عناصره ويرجع الى طبائعه فنقول ان الارض والماء اذات لم يفسدا فى الصورة عن كيانهما لما استحالا نباتا والنبات اذا لم يفسد عن كياله لما استحال حيوانا فكيف خفى عليه ان النبات والحيوان يفسدان بالطبخ ويصيران للانسان غذاء وينحل مزاجهما الى الكيموس الغذائى ويصيران فى جوف الانسان دما ويستحيل الدم بالحركة الشوقية بين الذكر والانثى فيصير منيا ثم جنينا ثم انسانا وكذلك جسد الانسان بعد فساده يمكن ان يصير نباتا ويستحيل الى حيوانات شتى مثل الديدان وغيرها ويستحيل الجميع حتى العظام الرقات الى ان تقبل التكوين اذا شربت ماء الحياة وانما الاجزاء الجسدانية للانسان محفوظة معلومة عند اللّه وان استحالت من صفة الى صفة وتبدلت من حالة الى حالة وانحل مزاج كل منها الى غيره الا ان روحه وعقله ونفسه وذاته الباطنة باقية فى برزخها : ق الحافظ

دست ازمس وجود جومردان ره بشوى ... تاكيمياى عشق بيابى وزر شوى

{ وكانن اللّه غفورا } ولذلك بدل السيآت حسنات

{ رحيما } ولذلك اثاب على الحسنات.

٧١

{ ومن تاب } اى رجع عن المعاصى مطلقا بتركها بالكلية والندم عليها

{ وعمل صالحا } بتدارك به ما فرط منه او خرج عن المعاصى ودخل فى الطاعات

{ فانه } بما فعل

{ يتوب الى اللّه } يرجع اليه تعالى بعد الموت ، قال الراغب ذكر لى يقتضى الا نابة

{ متابا } اى متابا عظيما الشان مرضيا عنده ماحيا للعقاب محصلا للثواب فلا يتحد الشرط والجزاء لان فى الجزاء هو الرجوع الى اللّه رجوعا مرضيا ، قال الراغب متابا اى التوبة التامة وهو الجمع بين ترك القبيح وتحرى الجميل اه وهذا تعميم بعد التخصيص لان متعلق التوبة فى الآية الاولى الشرك والقتل والزنى فقط وههنا مطلق المعاصى ، والتوبة فى الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما امكنه ان يتدارك من الاعادة فمتى اجتمع هذه الاربع فقد كمل شرائط التوبة : قال المولى الجامى

باخلق لاف توبه ودل بركنه مصر ... كس بى نمى بردكه بدين كونه كمرهم

قال ابن عطاء التوبة الرجوع من كل خلق مذموم والدخول فى كل خلق محمود اى وهى توبة الخواص ، وقال بعضهم التوبة ان يتوب من كل شىء سوى اللّه تعالى اى وهى توبة الاخص فعليك بالتوبة والاستغفار فانها صابون الاوزار وفى الحديث القدسى ( انين المذنبين احس الىّ من زجل المسبحين ) اى من اصواتهم بالتسبيح والاصرار يؤدى الى الشرك والموت على غير الملة الاسلامية ، قال ابو اسحق رأيت رجلا نصف وجهه مغطى فسألته فقال كنت نباشا فنبشت ليلة قبرا امرأة فطلمتنى وعلى وجهه اثر الاصابع فكتبت ذلك الى الاوزاعى فكتب الى ّ ان اسأله كيف وجد اهل القبور فسألته فقال وجدت اكثرهم متحولا عن القبلة فقال الاوزاعى هو الذى مات على غير الملة الاسلامية اى بسبب الاصرار المؤدى الى الكفر والعياذ باللّه تعالى . وذكر فى اصول الفقه ان ارتكاب المنهى اشد ذنبا من ترك المأمور ومع ذلك صار ابليس مردودا : وفى المثنوى

توبه را ازجانب مغرب درى ... بازباشد تاقيامت بردرى

تا زمغرب بزند سر آفتاب ... باز باشد آن دراوزى رومتاب

هشت جنت را زرحمت هشت در ... كه درتوبه است زان هشت اى بسر

آن همه كه باز باشد كه فراز ... وان درتوبه نباشد جزكه باز

هين غنيمت دار دربازست زود ... رخت آنجا كش بكورىء حسود

نسأل اللّه تعالى توبة نصوحا ومن آثار رحمته فيضا ونوالا وفتوحا.

٧٢

{ والذين لا يشهدون الزور } من الشهادة وهى الاخبار بصحة الشىء عن مشاهدة الاعيان . والزور الكذب اصله تمويه الباطل بما يوهم انه حق ، وقال الراغب الازور المائل الزور اى الصدر

وقيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته وانتصابه على المصدرية والاصل لا يشهدون شهادة الزور باضافة العام الى الخاص فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه . والمعنى لا يقيمون الشهادة الكاذبة : وبالفارسية [ كواهى دروغ ندهند ] ، واختلف الائمة فى عقوبة شاهد الزور ، فقال ابو حنيفة رحمه اللّه لايعزر بل يوقف فى قومه ويقال لهم انه شاهد زور ، وقال الثلاثة يعزر ويوقف فى قومه ويعرفون انه شاهد زور ، وقال مالك يشهر فى الجوامع والاسواق والمجامع ، وقال احمد يطاف به فى المواضع التى يشتهر فيها فيقال انا وجدنا هذا شاهد زور فاجتنبوه ، وقال عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه يجلد شاهد الزور اربعين جلدة ويسخم وجهه ويطوف فى الاسواق كما فى كشف الاسرار ، قال ابن عطاء رحمه اللّه هى شهادة اللسان من غير مشاهدة القلب ويجوز ان يكون يشهدون من الشهود وهو الحضور وانتصاب الزور على المفعول به والاصل لا يشهدون مجالس الزور فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه . والمعنى لا يحضرون محاضر الكذب ومجالس الفحش فان مشاهدة الباطل مشاركة فيه من حيث انها دليل الرضى به كما اذا جالس شارب الخمر بغير ضرورة فانه شريك فى الاثم ،

واما الملامية وهم الذين لا يظهرون خيرا ولا يضمرون شرا لانفراد قلوبهم مع اللّه يمشون فى الاسواق ويتكلمون مع الناس بكلام العامة ويحضرون بعض مواضع الشرور لمشاهدة القضاء والقدر حتى يوافقوا الناس فى الشر فهم فى الحقيقة عباد الرحمن وهم المرادون بقوله عليه السلام ( اوليائى تحت قبابى لايعرفهم غيرى ) قال الحافظ

مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آكهست كه تقدير برسرش جه نوشت

وقال الخجندى

برخيز كمال از سر ناموس كه رندان ... كردند اقامت بسر كوى ملامت

وقال بعضهم المراد بالزور اعياد المشركين واليهود والنصارى [ يابازيكاه ايشان ] كما فى تفسير الكاشفى ، قال فى ترجمة الفتوحات [ نبايد كه اهل ذمت ترابشرك خود فريب دهندكه نزد حق تعالى هلاك تو در آنست شيخ اكبر قدس سره الاطهر ميفر مايد كه دردمشق اين معنى مشاهدة كردم كه زنان ومردان بانصارى مسامحت ميكنند وصغار واطفال خودرا بكنايس مى برند واز آب معموديه برسبيل تبرك برايشان مى افشا نند واينها قرين كفراست ياخود نفس كفراست وآنرا هيج مسلمانى نبسندد ] وفى قاضى خان رجل اشترى يوم النيروز شيأ لم يشتره فى غير ذلك اليوم ان اراد به تعظيم ذلك اليوم كما عظمه الكفرة يكون كفرا وان فعل ذلك لاجل الشرب والتنعم يوم النيروز لايكون كفرا انتهى المراد نيروز النصارى لانيروز العجم كما هو الظاهر من كلامه ، وقال بعضهم يدخل فى مجلس الزور اللعب واللهو والكذب والنوح والغناء بالباطل روى عن محمد بن المنكدر قال بلغنى ان اللّه تعالى يقول يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون انفسهم واسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان ادخلوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوا عبادى تحميدى وثنائى وتمجيدى واخبروهم ان لاخوف عليهم ولاهم يحزنون كذا فى كشف الاسرار ، ومن سنن الصوم ان يصون الصائم لسانه عن الكذب والغيبة وفضول الكلام والسب النميمة والمزاح والمدح والغناء والشعر والمراد بالغناء التغنى بالباطل وهو الذى يحرك من القلب ماهو مراد الشيطان من الشهوة ومحبة المخلوقين

واما يحرك الشوق الى اللّه فمن التغنى بالحق كا فى الاحياء ، واختلف فى القراءة بالالحان فكرهها مالك والجمهور ولخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم ولذا قال فى قاضى خان لا ينبغى ان يقدم فى التراويح ( الخوشخوان ) بل يقدم ( الدرستخوان ) فان الامام اذا حسن الصوت يشغل عن الخشوع والتدبر والتفكر انتهى ، واباحها ابو حنيفة وجماعة من السلف للاحاديث لأن ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب ، قال فى اصول الحديث اذا جلس الشيخ من اهل الحديث مجلس التحديث يفتتح بعد قراءة قارىء حسن الصوت شيأ من القرآن انتهى وانما استحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها مالم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فان افرط زاد حرفا او اخفى حرفا حرام كما فى ابكار الافكار : قال الشيخ سعدى

به ازروى زيباست اواز خوش ... كه اين حظ نفست وآن قوت روح

ورأى عليه السلام ليلة المعراج ملكا لم ير قبله مثله وكان اذا سبح اهتز العرش لحسن صوته كان بين يديه صندوقان عظيمان نم نور فيهما براءة الصائمين من عذاب النار وتفصيله فى مجالس النفائس لحضرة الهدائى قدس سره ، وقال سهل قدس سره المراد بالزور مجالس المبتدعين ، وقال ابو عثمان قدس سره مجالس المدعين وكذا كل مشهد ليس لك فيه زيادة فى دينك بل تنزل وفساد

{ واذا مروا } علىطريق الاتفاق

{ باللغو } اى ما يجب ان يلغى ويطرح مما لاخير فيه : وبالفارسية [ بجيزى نايسنديده ] وقال فى فتح الرحمن يشمل المعاصى كلها وكل سقط من فعل او قول ، وقال الراغب اللغو من الكلام مالا يعتد به هو يعد ذلاقه روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور

{ مروا } حال كونهم

{ كراما } جمع كريم يقال تكرم فلان عما يشينه اذا تنزه واكرم نفسه عنه ، قال الرغب الكرم اذا وصف اللّه به فهو اسم لاحسانه وانعامه المتظاهر واذا وصف به الانسان فهو اسم للاخلاق والافعال المحمودة التى تظهر منه ولا يقال هو كريم حتى يظهر ذلك منه.

والمعنى معرضين عنه مكرمين انفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ومن ذلك الاغضاء عن الفواحش والصفح عن الذنوب والكناية عما يستهجن الصريح به ، قال فى كشف الاسرار قيل اذا ارادوا ذكر النكاح وذكر الفروج كنوا عنه فالكرم ههنا هو الكناية والتعريض وقوله عز وجل

{ كانا يأكلان الطعام } كناية عن البول والخلاء وقد كنى اللّه عز وجل فى القرآن عن الجماع بلفظ الغشيان والنكاح والسر والاتيان والافضاء واللمس والمس والدخول والمباشرة والمقاربة فى قوله

{ ولا تقربوهن } والطمث فى قوله

{ لم يطمثهن } وهذا باب واسع فى العربية ، قال الامام الغزالى اما حد الفحش وحقيقته فهو التعبير عن الامور المستقبحة بالعبارات الصريحة واكثر ذلك يجرى فى الفاظ الوقاع وما يتعلق به واهل الصلاح يتحاشون من التعرض لها بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز وبذكر ما يقاربها ويتعلق بها مثلا يكنون عن الجماع بالمس والدخول والصحبة وعن التبول بقضاء الحاجة وايضا لا يقولون قالت زوجتك كذا بل يقال قيل فى الحجرة او قيل من وراء السترة او قالت ام الاولاد كذا وايضا يقال لمن به عيب يستحيى منه كالبرحة والقرع والبواسير العارض الذى يشكوه وما يجرى مجراه وبالجلمة كل ما يخفى ويستحى منه فلا ينبغى ان يذكر الفاظه الصريحة فانه فحش والفاحش يحشر يوم القيامة فى صورة الكلب ، قال الشيخ سعدى [ ريشى اندرون جامه داشّم حضرت شيخ قدس سره هر روز برسيدى كه ريشت جونست ونبرسيدى كه كجاست دانستم كه ازان احتراز ميكند كه ذكر هو عضوى روانباشد وخرد مندان كفته اند هركه سخن نسنجد ازجوابش برنجد ]

تانيك ندانى كه سخن عين صوابست ... بايدكه بكفتن دهن ازهم نكشايى

كرراست سخن كويى ودربند بمانى ... به زانكه دروغت دهد ازبند رهايى

والمراد ان الصدق اولى وان لزم الضرر على نفس القائل

واما جواز الكذب فانما هو لتخليص الغير ودفع الفتنة بين الناس وهو المراد من قوله [ دروغ مصلحت آميزبه ازراست فتنة انكيز ] نسأ اللّه تعالى ان يجعلنا من الصادقين المخلصين بل من الصديقين المخلصين ويحشرنا مع الكرماء الحلماء والعلماء الادباء انه الموفق للاقوال الحسنة والافعال المستحسنة.

٧٣

{ والذين اذا ذكروا } وعظوا : وبالفارسية [ بنداده شوند ]

{ بآيات ربهم } المشتملة على المواعظ والاحكام

{ لم يخروا عليها } خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذل مما يسقط من علو

{ صما } دمع اصم وهو فاقد حاسة السمع وبه يشبه من لايصغى الى الحق ولا يقبله

{ وعميانا } جمع اعمى وهو فاقد حاسة البصر . والمعنى لم يقفوا على الآيات حال كونهم صما لم يسمعوا لها وعميا لم يبصروها بل اكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية وانتفعوا بها ، قال الكاشفى [ بكوش هوش شنيديد وبديده بصريت جلوات جمال آنرا ديدند حاصلى آنكه از آيات الهى تغافل نورزيدند ] انهى وانما عبر عن المعنى المذكور بنفى الضد تعريضا لما يفعله الكفرة والمافقون فالمراد من النفى الصمم والعمى دون الخرور وان دخلت الاداة عليه.

٧٤

{ والذين يقولون ربنا } [ اى بروردكارما ]

{ هب لنا } [ بنجس مارا ] وهو امر من وهب يهب وهبا وهبة . والهبة ا ن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض وبوصف اللّه بالواهب والوهاب بمعنى انه يعطى كلا على قدر استحقاقه

{ من ازواجنا } [ از زنان ما ] وهو جمع زوج يقال لكل ما يقترن بآخر مماثلا له او مضادا زوج

واما زوجة فلغة رديئة كما فى المفردات

{ وذرياتانا } [ وفرزندان ما ] وهو جمع ذرية اصلها صغار الاولاد ثم صار عرفا فى الكبار ايضا ، قال فى القاموس ذرأ الشىء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين

{ قرة اعين } [ كسى كه روشنىء ديدها بود ] اى بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فان المؤمن اذا ساعده اهله فى طاعة اللّه يسر بهم قلبه وتقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له فى الدين وتوقع لحوقهم به فى الجنة حسبما وعد بقوله

{ الحقنا بهم ذرياتهم } فالمراد بالقرور المسئول تفضيلهم بالفضائل الدينية لا بالمال والجاه والجمال ونحوها . وقرة منصوب على انه مفعول هب وهى اما من القرار ومعناه ان يصادف قلبه من يرضاه فتقر عينه عن النظر الى البرد فقروا العين على هذا يكون كناية عن الفرج والسرور فان دمع العين عند السرور بارد وعند الحزن حار . ومن اما ابتدائية على معنىهب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا من طاعة وصلاح او بيانية على انها حال كأنه قيل هب لنا قرة اعين ثم فسرت القرة وبينت بقوله

{ من ازواجنا وذرياتنا } ومعناه ان يجعلهم اللّه لهم قرة اعين وهومن قولهم رأيت منك اسدا اى انت اسد

قال بعضهم

نعم الا له على العباد كثيرة ... والجهن نجابة الاولاد

قال الشيخ سعدى قدس سره

زن خوب فرمان بر بارسا ... كند مرد درويش را بادشا

جومستور باشد زن خوب روى ... بديداروى در بهشت است شوى

{ واجعلنا للمتقين اماما } الامام المؤتم به انسانا كان يقتدى بقوله وفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا كما فى المفردات اى اجعلنا بحيث يقتدى بنا اهل التقوى فى اقامة مراسم الدين بافاضة العلم والتوفيق للعمل ، وفى الارشاد والظاهر صدروه عنهم بطريق الانفراد وان عبارة كل واحد منهم عند الدعاء واجعلنى للمتقين اماما ما خلا انه حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير للقصد الى الايجاز على طريقة قوله تعالى

{ يايها الرسل كلوا من الطيبات } وابقى اماما علىحاله ولم يقل ائمة واعادة الموصول فى المواضع السبعة مع كفاية ذكر الصلاة بطريق العطف على صلة الموصول الاول للايذان بان كل واحد مما ذكر فى حيز صلة الموصولات المذكورة وصف جليل على حدته له شأن خطير حقيق بان يفرد له موصوف مستقل ولا يجعل شىء من ذلك تتمة لذلك وتوسيط العاطف بين الصفة والموصوف لتنزيل الاختلاف العنوانى منزلة الاختلاف الذاتى ، قال القفال وجماعة من المفسرين هذه الآية دليل على ان طلب الرياسة فى الدين واجب ، وعن عروة انه كان يدعو بان يجعله اللّه ممن يحمل عنه العلم فاستجيب دعاؤه ،

واما الرياسة فى الدنيا فالسنة ان لا يتقلد الرجل شيأ من القضاء والامارة والفتوى والعرافة بانقياد قلب وارتضائه الا ان يكره عليه بالوعيد الشديد وقد كان لم يقبلها الاوائل فكيف الاواخر

بوحنيفة فضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اكر قضا نكنى

يقول الفقير ان قلت قول الشيخ ابى مدين قدس سره آخر ما يخرج من رؤس الصديقين حب الجاه قد يفسر فيه الخروج بالظهور فما معناه قلت ان الصديقين لما استكملوا مرتبة الاسم الباطن احبوا ان يظهروا بمرتبة الاسم الظاهر ليكون لهم حصة من كمالات الاسماء الآلهية كلها وهذا المعنى لا يقتضى التقلد المعروف كابناء الدنيا بل يفكى ان تنتظم بهم مصالح الدنيا بأى وجه كان ولقد شاهدت من هذا ان شيخى الاجل الا كمل قدس سره رأى فى بعض مكاشفاته انه سيصير سلطانا فلم يمض الا قليل حتى استولى البغاة على القسطنطينية وحاصروا السلطان ومن يليه فلم تندفع الفتنة العامة الا بتدبير حضرة الشيخ حيث دبر تدبيرا بليغا كوشف عنه فاستأصل اللّه البغاة واعتق السلطان المؤمنين جميعا فمثل هذا هو الظهور بالاسم الظاهر وتمامه فى كتابنا المسمى الفيض هذا قال فى كشف الاسرار [ جابر بن عبداللّه كفت بيش امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى اللّه عنه حاضر بودم كه مردى بنزدوى آمد وبرسيدكه يا امير المؤمنين

{ وعباد الرحمن } الخ نزول اين آيت درشان كيست وايشان جه قوم اندكه رب العالمين ايشانرا نامزد كرد جابر كفت على رضى اللّه عنه آن ساعت روى بامن كرد وكفت يا جابر تدرى من هؤلاء هيج دانى كه ايشان كه اند واين آيت كجافر وآمد كفتم يامير المؤمنين نزلت بالمدينة بمدينة فرو آمد اين آيت كفت نه ياجابر كه اين آيت بمكه فرو آمد يا جابر

{ الذين يمشون على الارض هونا } ابو بكر بن ابى فحافة است اورا حليم قريش ميكفتند بدكاركه رب العزة اورا بعز اسلام كرامى كرد اورا درم مسجد مكه از هوش برفته ازيس كه كفار بنى مخزوم وبنى اميه اورا زده بودند وبنوتيم از بهر او خصومت كردند يابنى مخزوم اورا بخانه بردند همجنان ازهوش برفته جون باهوش آمد مادر خودرا ديد بربالين وى تشسته كفت يامه اين محمد محمد كجاست وكاروى بجه رسيد بدرش بو قحافة كفت ] وما سؤالك عنه ولقد اصابك من اجله مالا يصيب احدا لاجل احد [ اى بسرجه جاى آنست كه توزحال محمد برسى ودل بوى جنين مشغول دارى نمى بينى كه برتوجه ميرود ازبهروى اى بسر نمى بينى بنو تيم كه بتعصب توبرخاستند وميكويند اكر توازدين محمد باز كردى وبدين بدران خويش بازآيى ما ثارتو از بنى مخزوم طلب داريم وايشانرا بيجانيم ودمار آريم تاتشفى توبديد كنيم ابو بكر سخت حليم بودبر دبار ومتواضع سربر داشت وكفت ( اللهم اهد بنى مخزوم فانهم لا يعلمون يأمروننى بالرجوع عن الحق الى الباطل ) رب العزة اورا بستود در آن حلم ووقار وسخنان ازاد وارودرحق وى كفت

{ الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما } يا جابر

{ والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما } سالم است مولى ابو حذيفة كه همه شب درقيام بودى متعبد ومتهجد

{ والذين يقولون ربنا اصرفن عنا عذاب جهنم } او ذر غفاريست كه بيوسته بابكاوجزن بودى ازبيم دوزخ واز آتش قطيعت تارسول خدا اورا كفت ( ياباذر هذا جبريل يخبرنى ان اللّه تعالى اجارك من النار )

{ والذين اذا انفقوا لم يسرفوا } الخ ابو عبيدة است انفق ماله على نفسه وعلى اقربائه فرضى اللّه فعله

{ والذين لايدعون مع اللّه الها آخر } الخ على بن ابى طالب است كه هركزبت نبرستيد وهركز زنانكرد وقتل بى حق نكرد

{ والذين لايشهدون الزور } سعيد بن زيد بن عمر وبن نفيل است خطاب بن نفيل درعى بفروخت بس بشيمان شد سعيدرا كفت تو دعوى كن كه آن درع جدمرابود عمرو بن نفيل وخطاب را دران حقى نه تاترا رشوتى دهم سعيد كفت مرا برشوت تو حاجتى نيست ودروغ كفتن كار من نيست فرضى اللّه فعله

{ والذين اذا ذكروا } الخ سعيد بن ابى وقاص است

{ والذين يقولون ربنا } الخ عمر بن الخطاب است ايشانرا اجمله بدين صفات ستوده واخلاق بسنديده كه نتايج اخلاق مصطفاست يادركرد آنكه كفت ].

٧٥

{ اولئك } المتصفون بما فصل فى حيز صلة الموصولات الثمانية من حيث اتصافهم به والمستجمعون لهذه الخصال وهو مبتدأ خبره قوله تعالى

{ يجزون الغرفة } الجزاء الغناء والكفاية والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر . والغرف رفع الشىء او تناوله يقال غرفت الماء والمرق والغرفة الدرجة العالية من المنازل لكل بناء مرتفع عال اى يثابون اعلى منازل الجنة وهى اسم جنس اريد به الجمع كقوله تعالى

{ وهم فى الغرفات آمنون } ودر فصول عبدالوهاب [ كوشكهاست برجهار قائمة نهاده از سيم وزر ولؤلؤ ومرجان ]

{ بما صبروا } ما مصدرية ولم يقيد الصبر بالمتعلق بل اطلق ليشيع فى كل مصبور عليه . والمعنى بصبرهم على المشاق من مضض الطاعات ورفض الشهوات وتحمل المجاهدات ومن ذلك الصوم قال عليه اللام ( الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان ) اى فيكون الصوم ربع الايمان وهو اى الصوم قهر لعدو اللّه فان وسيلة الشيطان الشهوات وانما تقوى الشهوات بالاكل والشرب ولذلك قال عليه السلام م ( ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع )

جوع باشد غداى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا

جوع تنوير خانه دل تست ... اكل تعمير خانه كل تست

خانه دل كذا شتى بى نور ... خانه كل جه ميكنى معمور

وفى الحديث ( ان فى الجنة لغرفا مبنية فى الهواء لاعلاقة من فوقها ولا عماد لها من تحتها لا يأتيها اهلها الا شبه الطير لا ينهالها الا اهل البلاء ) اى الصابرون منهم.

وفى التأويلات النجمية

{ اولئك يجزون الغرفة } من مقام العندية فى مقعد صدق عند مليك مقتدر

{ بما صبروا } فى البداية على اداء الاوامر وترك النواهى وفى الوسط على تبديل الاخلاق الذميمة بالاخلاق الحميدة وفى النهاية على افناء الوجود الانسانى فى الوجود الربانى انتهى ، والصبر ترك الشكوى من ألم البلوى لغير اللّه لا الى اللّه ، قال بعض الكبار من ادب العارف باللّه تعالى اذا اصابه ألم ان يرجع الى اللّه تعالى بالشكوى رجوع ايوب عليه السلام ادبا مع اللّه واظهارا للعجز حتى لا يقاوم القهر الالهى كما يفعله اهل الجهل باللّه ويظنون انهم اهل تسليم وتفويض وعدم اعتراف فجمعوا بين جهالتين

{ ويلقون فيها } اى فى الغرفة من جهة الملائكة

{ تحية } [ التلقية : جيزى بيش كسى را آرودن ] يعدى الى المفعول الثانى بالباء وبنفسه كما فى تاج المصادر يقال لقيته كذا وبكذا اذا استقبلته به كما فى المفردات . والمعنى يستقبلون فيها بالتحية

{ وسلاما } اى وبالسلام تحييهم الملائكة ويدعون لهم بطول الحياة والسلامة من الآفات فان التحبة هى الدعاء بالتعمير والسلام هو الدعاء بالسلامة ، قال فى المفردات التحية ان يقال حياك اللّه اى جعل لك حياة وذلك اخبار ثم يجعل دعاء ويقال حيى فلان فلانا تحية اذا قال له ذلك واصل التحية من الحياة ثم جعل كل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول حياة اوسبب حياة اما الدنيا

واما لآخرة ومنه التحيات لله والسلام والسلامة التعرى عن الآفات الظاهرة والباطنة وليست السلامة الحقيقة الا فى الجنة لان فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعزا بلا ذل وصحة بلا سقم ،

قال بعضهم الفرق ان السلام سلامة العارفين فى الوصول عن الفرقة التحية روح تجلى حياة الحق الازلى على ارواحهم واشباحهم فيحيون حياة ابدية ، وقال بعضهم ويلقون فيها تحية يحيون بها بحياة اللّه وسلاما يسلمون به من الاستهلاك الكلى كام استحفظ ابراهيم عليه السلام من آفة البرد بالسلام بقوله تعالى

{ كونى بردا وسلاما على ابراهيم }

سلامت من دلخسته درسلام توباشد ... زهى سعادت اكر دولت سلام تويابم

٧٦

{ خالدين فيها } حال من فعل يجزون اى حال كونهم لايموتون ولايخرجون من الغرفة

{ حسنت } الغرفة

{ مستقرا ومقاما } من جهة كونها موضع قرار واقامة و هو مقابل ساءت مستقرا معنى ومثله اعرابا ، فعلى العاقل ان يتهيأ لمثل هذه الغرفة العالية الحسنة بما سبق من الاعمال الفاضلة المستحسنة ولا يقع فى مجرد الامانى والآمال فان الامنية كالموت بلا اشكال

وبقدر الكدّ والتعب تكتسب المعالى ... ومن طلب العلى جد فى الايام والليالى

قال بعض الكبار من اراد ان يعرف بعض محبة الحق او محبته له فلينظر الى حاله الذى هو عليه من اتباع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واصحابه والائمة المجتهدين بعده فان وجد نفسه على هداهم واخلاقهم من الزهد والورع وقيام الليل على الدوام وفعل جميع المأمورات الشرعية وترك جميع المنهيات حتى صار يفرح بالبلايا والمحن وضيق العيش وينشرح لتحويل الدنيا ومناصبها وشهواتها عنه ليعلم ان اللّه يحبه والا فليحكم بان اللّه يبغضه والانسان على نفسه بصيرة . وفى الاكثار من النوافل توطئة لمحبة اللّه تعالى قال عليه السلام حاكيا عن اللّه تعالى ( ماتقرب المتقربون الىّ بمثل اداء مافرضت عليه ولايزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى احبه ) ومن آثار محبته تعالى لعبده المطيع له اعطاء الغرفة العالية له فى الجنة لعلو قدره ومنزلته عنده واذا وقع التجلى الالهى يكونون جلوسا على مرابتهم فالانبياء على المنابر والاولياء على الاسرة والعلماء باللّه على الكراسى والمؤمنون المقلدون فى توحيدهم على مراتب وذلك الجلوس كله يكون فى جنة عدن عند الكثيب الابيض

واما من كان موحدا من طريق النظر فى الادلة فيكون جالسا على الارض وانما نزل هذا عن الرتبة التى للمقلد فى التوحيد لانه تطرقه الشبه من تعارض الادلة والمقالات فى اللّه وصفاته فمن كان تقليده للشارع جزما فهو اوثق ايمانا ممن يأخذ توحيده من النظر فى الادلة ويؤؤلها ، واعلم ان اللّه تعالى انما ذكر الغرفة فى الحقيقة لاجل الطامعين الراغبين فيها

واما الخواص عباده فليس لهم طمع فى شىء سوى اللّه تعالى فلهم فوق الغرفة ونعيمها نعيم آخر تشير اليه التحية والسلام على تقدير ان يكونا من اللّه تعالى اذ لايلتذ العاشق بشىء فوق ما يلتذ بمطالعة جمال معشوقه وسماع كلامه وخطابه حكى انه كان لبعضهم جار نصرانى فقال له اسمل على ان اضمن لك الجنة فقال النصرانى الجنة مخلوقة لاخر لها ثم ذكر له الحوار والقصور فقال اريد افضل من هذا

صحبت نخواهم بود عين قصور ... فقال اسلم على ان اضمن لك رؤية اللّه تعالى فقال الآن وجدت ليس شىء افضل من رؤية اللّه فاسلم ثم مات فرآه فى المنام على مركب فى الجنة فقال له انت فلان قال نعم قال مافعل اللّه بك قال لما خرج روحى ذهب به الى العرش فقال اللّه تعالى آمنت بى شوقا الى لقائى فلك الرضى والبقاء.

٧٧

{ قل } يا محمد للناس كافة

{ مايعبؤا بكم ربى لولا دعاؤكم } هذا بيان لحال المؤمنين منهم وما استفهامية محلها النصب على المصدر او نافية وما يعبأ مايبالى ولا يعتد كا فى القاموس ما اعبأ بفلان مابالى وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه ودعاؤكم مبتدأ خبره موجود او واقع وهو مصدر مضاف الى الفاعل بمعنى العبادة كما فى قوله تعالى

{ والذين لايدعون مع اللّه الها آخر } ونظائره والمعنى . على الاستفهامية أى عبىء واعتبار يعتبركم ربى ويبالى ويعتنى بشأنكم لولا عبادتكم وطاعتكم له تعالى فان شرف الانسان وكرامته بالمعرفة والطاعة والا فهو وسائر الحيوانات سواء ، وقال الزجاج أى وزن ومقدار يكون لكم عند اللّه تعالى لولا عبادتكم له تعالى وذلك ان اصل العبىء بالكسر والفتح بمعنى الثقل والحمل من أى شىء كان فمعنى ما اعبأ به فى الحقيقة ما ارى له وزنا وقدرا واليه جنح الامام الراغب فى الآية هذه وفى الآية معان آخر والاظهر عند المحققين ما ذكرناه

{ فقد كذبتم } بيان لحال الكفرة من الناس اى فقط كذبتم ايها الكفرة بما اخبرتكم به حيث خالفتموه وخرجتم عن ان يكون لكم عند اللّه اعتناء بشأنكم واعتبار او وزن ومقدار

{ فسوف يكون لزاما } مصدر كالقتال اقيم مقام الفاعل كما يقام العدل فى مقام العادل اى يكون جزاء التكذيب او اثره وهو الافعال المتفرعة عليه لازما يحيق بكم لا محالة حتى يكبكم فى النار اى يصرعكم على وجوهكم كما يعرب عنه الفاء الدالة على لزوم مابعدها لما قبلها وانما اضمر من غير ذلك للايذان بغاية ظهوره وتهويل امره للتنبيه على انه مما لايكتنهه الوصف والبيان ، وعن بعضهم ان المراد بالجزاء جزاء الدنيا وهو ماوقع يوم بدر قتل منهم واسر سبعن ثم اتصل به عذاب الآخرة لازمالهم : قال الشيخ سعدى قدس سره

رطب ناورد جوب خر زهره بار ... جه تخم افكنى برهمان جشم دار

واعلم ان الكفار ابطلوا الاستعداد الفطرى وافسدوا القوى بالاهمال فكان حالهم كحال النوى فانه محال ان ينبت منه الانسان تفاحا فاصل الخلق والقوة لا يتغير البتة ولكن كما ان فى النوى امكان ان يخرج ما فى قوته الى الوجود وهو النخل بالتفقد والتربية وان يفسد بالاهمال والترك فكذا فى الانسان امكان اصلاح القوة وافسادها ولولا ذلك لبطل فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والامر والنهى ولا يجوز العقل ان يقال للعبد لم فعلت ولم تركت وكيف يكون هذا فى الانسان ممتنعا وقد وجدناه فى بعض البهائم ممكنا فالوحشى قد ينتقل بالعادة الى التأنس والجامح الى السلاسة فالتوحيد والتصديق والطاعة امر ممكن من الانسان بازالة الشرك والتكذيب والعصيان وقد خلق لاجلها كما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما فى الآية قل ما يعبأ بخلقكم ربى لولا عبادتكم وطاعتكم اياه.

يعنى انه خلقكم لعبادته كما قال

{ وما خلقت الجن والانس الا ليعدبون } فالحكمة الالهية والمصلحة الربانية من الخلق هى الطاعة وافعال اللّه تعالى ون لم تكن معللة بالاغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة ، قال الامام الراغب الانسان فى هذه الدار الدنيا كما قال امير المؤمنين على بن ابى طالب كرم واللّه وجهه الناس سفر والدار دار ممر لادار مقر وبطن امه مبدأ سفره والآخرة مقصده وزمان حياته مقدار مسافته وسنوه منازله وشهوره فراسخه وايامه امياله وانفاسه خطاه ويسار به سير السفينة براكبها كما قال الشاعر

رأيت اخا الدنيا وان كان ثاويا ... اخا سفر يسرى به وهو لايدرى

وقد دعى الى دار السلام لكن لما كان الطريق اليها مشكلة مظلمة جعل اللّه لنا من العقل الذى ركبه فينا وكتبه التى انزلها علهيا نورا هدايا ومن عبادته التى كتبها علينا وامر نابها حصنا واقيا فمن قال هذه الطاعات جعلها اللّه عذابا علينا من غير تأويل كفر فان اوّل مراده بالتعب لايكفر ولو قال لو لم يفرض اللّه تعالى كان خيرا لنا بلا تأويل كفر لان الخير فيما اختاره اللّه الا ان يؤول ويريد بالخير الا هون والاسهل نسأل اللّه ان يسهلها علينا فى الباطن والظاهر والاول والآخر؟

﴿ ٠