٢٠

{ وما ارسلنا قبلك } احدا

{ من المرسلين الا } رسلا

{ انهم } كسرت الهمزة لوقوعها فى صدر جملة وقعت صفة لموصوف محذوف او الا قيل انهم وان تكسر بعد القول كما فى الاسئلة المقحمة

{ ليأكلون الطعام ويمشون فى الاسواق } فلم يكن ذلك منافيا لرسالتهم فانت لاتكون بدعا منهم

{ وجعلنا بعضكم } ايها الناس

{ لبعض فتنة } ابتلاء ومحنة الفقراء بالاغنياء والمرسلين بالمرسل اليهم ومناصبتهم لهم العداوة واذا هم لهم والسقماء بالاصحاب والاسافل بالاعالى والرعايا بالسلاطين والموالى بذوى الانساب والعميان بالبصراء والضفعاء بالاقوياء ، قال الواسطى رحمه اللّه ما وحد موجود الا لفتنة وما فقد مفقود الا لفتنة

{ أتصبرون } غاية للجعل اى لنعلم انكم تصبرون وحث على الصبر على مافتتنوا به ، قال ابو الليث اللفظ لفظ الاستفهام والمراد الامر يعنى اصبروا كقوله

{ أفلا يتوبون الى اللّه } اى توبوا.

وفى التأويلات النجمية وجعلنا بعضكم يا معشر الانبياء لبعض فتنة من الامم بان يقول بعضهم لبعض الانبياء ائتنا بمعجزة مثل معجزة النبى الفلانى أتصبرون يا معشر الانبياء على ما يقولون ويامعشر الامم عما تقولون انتهى وفيه تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ما قالوه كأنه قيل لا تتأذ بقولهم فانا جعلنا بعض الناس سببا لامتحان البعض والذهب انما يظهر خلوصة بالنار ومن النار الابتلاء

{ وكان ربك بصيرا } بمن يصبر وبمن يجزع ، قال الامام الغزالى البصير هو الذى يشاهد ويرى حتى لايعزب عنه ما تحت الثرى وابصاره ايضا منزه عن ان يكون بحدقة واجفان ومقدس ان يرجع الى انطباع الصور والالوان فى ذاته كما تنطبع فى حدقة الانسان فان ذلك من التغير والتأثر المقتضى للحدوث واذا نزه عن ذلك كان البصير فى حقه عبارة عن الوصف الذى به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك اوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر من ظواهر المرئيات وحظ العبد من حيث الحس من وصف البصر ظاهر ولكنه ضعيف قاصر اذ لا يتمد الى مابعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب بل يتناول الظواهر ويقصر عن البواطن والسرائر ، وانما حظه الدينى منه امران احدهما ان يعلم انه خلق البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة ، قيل لعيسى عليه اسلام هل احد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى . والثانى ان يعلم انه بمرأى من اللّه ومسمع فلا يستهين بنظره اليه واطلاعه عليه ومن اخفى عن غير اللّه ما لا يخفيه عن اللّه فقد استهان بنظر اللّه والمراقبة احدى ثمرات الايمان بهذه الصفة فمن قارب معصية فهو يعلم ان اللّه يراه فما اجسره فاخسره ومن ظن انه لايراه فما اكفره انتهى كلام الغزالى رحمه اللّه فى شرح الاسماء الحسنى ، ثم ان البعد لابد له من السكون الى قضاء اللّه تعالى فى حال فقره وغناه ومن الصبر على كل امر يرد عليه من مولاه فانه تعالى بصير بحاله مطلع عليه فى كل فعاله وربما يشدد المحنة عليه بحكمته ويمنع مراده عنه مع كمال قدرته : قال حضرة الشيخ العطار قدس سره

مكر ديوانه شوريده ميخاست ... برهنه بد زحق كرباس ميخواست

كه الهى بيرهن در تن ندارم ... وكر تو صبر دارى من ندارم

خطابى آمد آن بى خويشتن را ... كه كرباست دهم اما كفن را

زبان بكشاد آن مجنون مضطر ... كه من دانم ترا اى بنده برور

كه تا اول نميرد مرد عاجز ... توندهى هيج كر باسيش هر كز

ببايد مرد اول مفلس وعور ... كه تا كر باس بايد ازتو دركور

وفى الحكمة اشارة الى الفناء عن المرادات وان النفس مادامت معضوبة باقية بعض اوصافها الذميمة اخلاقها القبيحة فان فيض رحمة اللّه وان كان يجرى عليها لكن لا كما يجرى عليها اذا كانت مرحومة مطهرة عن الرذائل هذا حال اهل السلوك

واما من كان من اهل النفس الامارة وقد جرى عليه مراده بالكلية فهو فى يد الاستدراج ولله تعالى حكمه عظيمة فى اغنائه وتنعيمة واغراقه فى بحر نعيمه فمثل هذا هو الفتنة الكبيرة لطلاب الحق الباعثة لهم على الصبر المطلق واللّه المعين وعليه التكلان.

﴿ ٢٠