سُورَةُ الشُّعَرَاءِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِائَتَانِ وَسَبْعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً ١ { طسم } الحروف المقطعة فى اوائل السور يجمعها قولك ( سرّ حصين قطع كلامه ) واولى ما قال اهل التفسير فى حق هذه الحروف اللّه اعلم بمراده لانها من الاسرار الغامضة كما قال ابو بكر الصديق رضى اللّه عنه ( ان لكل كتاب سرا وسر القرآن فى المقطعات ) كما فى رياض الاذكار والمعانى المتعقلة بالاسرار والحقائق لايعلمها الا اللّه ومن اطعله ا لله عليها من الراسخين فى العلم وهم العلماء باللّه فلا معنى للبحث عن مرتبة ليس للسان حظ منها ولا للقلم نصيب واما اللوازم التى تشير الى الحقائق فلبيانها مساغ فانها دون الحقائق وفى مرتبة والى الالو يشير قول ابن عباس رضى اللّه عنهما فى { طسم } عجزت العلماء عن تفسيرها كما فى فتح الرحمن والى الثانى يشير مافى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية [ روايت كنند از على رضى اللّه عنه كه كفته آنكه كه { طسم } از آسمان فرود آمد رسول خدا عليه السلام كفت ( طاء ) طور سيناست و ( سين ) سكندريه و ( ميم ) مكه معنى آنست واللّه اعلم كه رب العزة سوكند يادكرد باين بقاع شريف جنانكه ] لا اقسم بهذا البلد . اما جبل طور سينا الذى بين الشام ومدين فهو محل مناجاة موسى عليه السلام وكلامه مع اللّه تعالى ومقام التجلى كما قال { فلما تجلى ربه للجبل } وهذا الدبل اذا كسرت حجارته يخرج من وسطها صورة العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود . واما الاسكندرية فهى آخر مدن المغرب ليس فى معمور الارض مثلها ولا فى اقاصى الدنيا كشكلها وعدت مساجدها فكانت عشرين الف مسجد نقل ان المدينة كانت سبع قصبات متوالية وانما اكلها البحر ولم يبقى منها الا قصبة واحدة وهى المدينة الآن وصار منار المرآة الاسكندرية فى البحر لغلبة الماء على قصبة المنار ، وقصة المرآة أنه كان فى اعلا المنار الذى ارتفاعه ثلاثمائة ذراع الى القبة مرآة غريبة قد عملها الحكماء للاسكندر يرى فيها المراكب من مسيرة شهر وكان بالمرآة اعمال وحركات تحرق المراكب فى البحر اذا كان فيها عدو بقوة شعاعها فارسل صاحب الروم يخدع صاحب مصر ويقول ان الاسكندر قد كنز على المنار كنزا عظيما من الجواهر النفيسة فان صدقت فبادر الى اخراجها وان شككت فانا ارسل لك مركبا مملوأ من ذهب وفضة واقمشة لطيفة ومكننى من استخراجها ولك ايضا من الكنز ما تشاء فانخدع لذلك وظنه حقا فهدم القبة فلم يجد شيأ وفسد طلسم المرآة . واما مكة المشرفة المكرمة فهى مدينة قديمة غنية عن البيان وفيها كعبة الاسلام وقبلة المؤمنين والحج اليها احد اركان الدين ، ويقال الطاء طوله اى قدرته. والسين سناؤه اى رفعته . والميم ملكه ومجده فاقسم اللّه بهذه ، ويقال يشير الى طاء طيران الطائرين باللّه والى . سين السائرين الى اللّه . والى ميم مشى الماشين لله فالاول مرتبة اهل النهاية والثانى مرتبة اهل التوسط والثالث مرتبة اهل البداية ولكل سالك خطوة ولكل طائر جناح ، ويقال الطاء اشارة الى طهارة اسرار اهل التوحيد . والسين اشارة الى سلامة قلوبهم عن مساكنة كل مخلوق . والميم اشارة الى منة الخالق عليهم بذلك ، وقال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الطاء طرب التأبين فى ميدان الرحمن . والسين سرور العازفين فى ميدان الوصلة . والميم مقام المحبين فى ميدان القربة. وقال نجم الدين قدس سره يشير الى طاء طهارة قلب نبيه عن تعلقات الكونين . والى سين سيادته على الانبياء والمرسلين . والى ميم مشاهدة جمال رب العالمين ، وقال الامام جعفر الصادق رضى اللّه عنه اقسم اللّه بشجرة طوبى وسدرة المنتهى ومحمد المصطفى بقوله { طسم } فالطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام . واما سر اصطفاء طوبى فان اللّه تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب مقام تجلى الحق سبحانه وفيه مقام الوسيلة لخير البرية وغرس شجرة طوبى بيده فى جنة عدن واطالها حتى علت فروعها سرو جنة عدن ونزلت مظلة على سائر الجنان كلها وليس فى اكمامها ثمر الا الحلىّ والحلل لباس اهل الجنة وزينتهم ولها اختصاص فضل لكونها خلقها اللّه بيده ولذلك كانت اجمع الحقائق الجنانية نعمة واعمها بركة فانها لجميع اشجار الجنة كآدام عليه السلام ولما ظهر من البنين وما فى الجنة نهر الا وهو يجرى من اصل تلك الجنة وهى محمدية المقام . واما سر اجتباء سدرة المنتهى فهى شجرة بين الكرسى والسماء السابعة لافنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الا لحان تطرب بها الارواح والقلوب وتزيد فى الاحوال وهى الحد البرزخى بين الدارين سماها المنتهى لان الارواح اليها تنتهى وتصعد عمال اهل الارض من السعداء واليها تنزل الاحكام الشرعية وام فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الانبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الارض والسماء كما فى تفسير التيسير وهى مقام جبريل يسكن فى ذروتها كما ان مقر العقل وسط الدماغ وذلك لان جبريل سدرة العقل ومقامه اشارة الى مقام العقل وهو الدماغ ولذلك من رأى جبريل فانما رأى صورة عقله لان جبريل لايرى من مقام تعينه لغير الانبياء عليهم السلام . واخر الميم المشاربه الى محمد المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم لسر الختمية وكما ان ختم الانبياء بسيد المرسلين كذلك ختم حروف الهجاء بالياء المشتمل عليها لفظ الميم فقد جمع اللّه فى القسم بقوله { طسم } ثلاث حقائق وهى اصول الحقائق كلها. الاولى حقيقة جنانية نعيمة جامعة وهى شجرة طوبى ولذا اودعها اللّه فى المقام المحمدى لكونها جامعة للنعم الجنانية ومقسما لها كما ان النبى عليه السلام مقسم العلوم والمعارف وانواع الكمالات . والثانية حقيقة برزخية جامعة لحقائق الدارين وهى شجرة سدرة المنتهى فاغصانها نعيم لاهل الجنة واوصلها زقوم لاهل النار لانها فى مقعر فلك البروج وهو الفلك الاعظم ويسمى فلك الافلاك لانه يجمع الافلاك وايضا الفلك الاطلس لانه غير مكوكب كالثوب الاطلس الخالى عن النقش ومقعر سطحيه اى الفلك الاعظم يماس محدب الفلك الثوابت ومحدبه لا يماس شيأ اذ ليس وراءه شىء لاخلاء ولاملاء بل عنده ينقطع امتدادات العالم كلها ، وقيل فى ورائه افلاك من انوار غير متناهية ولا قائل بالخلاء فيما تحت الفلك الاعظم بل هو الملأ كذا فى كتب الهيئة وعند الصوفية المقام الذى يقال له لاخلاء ولاملاء فوق عالم الارواح لا فوق العرش ، قال فى شرح التقويم ولما كان المذكور فى الكتب الالهية السموات السبع زعم قوم من حكماء الملة ان الثامن هو الكرسى والتاسع هو العرش وهذا يناسب قوله تعالى { وسع كرسيه السموات والارض } والثالثة حقيقة الحقائق الكلية وهى الحقيقة المحمدية لقد اقسم اللّه فى { طسم } باجمع الحقائق كلها لفضلها على جميع الحقائق لان الحقيقة المحمدية حقيقة الحقائق وروحها دنيا وبرزخا وآخره ولهذا ختم به الحقائق هر دو عالم بسته فتراك او ... عرض وكرسى كرده قبله خاك او بيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى آشكارا ونهان وقال بعض كبار المكاشفين لا يعرف حقائق الحروف المقطعة فى اوائل السور الا اهل الكشف والوجود فانها ملائكة واسماؤهم اسماء الحروف وهم اربعة عشر ملكا لان مجمع المقطعات من غير تكرار اربع عشر آخرهم { ن والقلم } وقد ظهروا فى منازل القرآن على وجوه مختلفة فمنازل ظهر فهيا ملك واحد مثل ( ن ص ) ومال ظهر فيها اثنا مثل { طس ويس وحم } ومنازل ظهر فيها ثلاثة مثل { الم وطسم } ومنازل ظهر فيها اربعة مثل { المص والمر } ومنازل ظهر فيها خمسة مثل { كهيعص وحمعسق } وصورها مع التكرار تسعة وسبعون ملكا بيد كل ملك شعبة من الايمان فان الايمان بضع وسبعون شعبة والبضع من واحد الى تسعة فقد استعمل فى غاية البضع ، فاذا نطق القارى بهذه الحروف كان مناديا لهم فيجيبونه يقول القارى { الم } فيقول هؤلاء الثلاثة من الملائكة ماتقول فيقول القارى ما بعد هذه الحروف فيقال بهذا الباب الذى فتحت ترى عجائب وتكون هذه الارواح الملكية التى هى الحروف اجسامها تحت تسخيره وبما بيدها من شعب الايمان تمده وتحفظ عليه ايمانه ، قال فى ترجمة وصايا الفتوحات [ ازجلمه شعب ايمان شهادتست بتوحيد ونماز كزاريدن وزكاة دادن وروزه داشتن وحج كزاريدن ووضوء ساختن واز جنابت غسل كردن وغسل روز جمعه وصبر وشكر وورع وحيا وامان ونصيحت وطاعت اولو الامر وذكر حق كرفتن ورنج خود از خلق برداشتن وامانت ادا كردن ومظلوم را يارى دادن وترك ظلمه كردن وكسى را خوار ناداشتن وترك غيبت وترك نميمت وترك بخس كردن وجون درخانه كسى خواهى در آمدن دستورى خواستن وخشم را خوابانيدن واعتبار كرفتن وقول نيكورا سماع كردن وبر آنجه نيكوترست دفع كردن وقول بدرا بجهر ناكفتن وبكلمه طيب اتيان كردن وحفظ فرج زبان وتوبه وتوكل وخشوع وترك لغو يعنى سخن بيهوده وترك مالا يعنى وحفظ عهد وميثاق ووفا نمودن وبرتقوى يارى دادن وبراثم وعدوان بارى نادادن وتقوى را ملازم بودن ونيكويى كردن وصدق ورزيدن وامر معروف كردن ونهى منكر وميان دومسلمان اصلاح كردن وازبهر خلق دعا كردن ورحمت خواستن وبزرك را مكرم داشتن وبحدود اللّه قيام نمودن وترك دعوىء جاهليت كردن واز بس يكديكر بدنا كفتن وباهم ديكر دشمنى ناكردن وكواهى دروغ وقول دروغ ناكفتن وترك همز ولمز وغمز يعنى بيش وبس بدنا كفتن وبجشم نازدن وغمازى ناكردن وبجماعات حاضر شدن وسلام راخاص كردن وبيكديكر هديه فرستادن وحسن خلق وحسن عهدى وسر نكاه داشتن ونكاح دادن وبنكاح كرفتن وحب اهل بيت وحب زنان وبوى خوش دوست داشتن وحب انصار وتعظيم شعائر وترك عيش وبر مؤمن سلاح نداشتن وتجهيز مرده كردن وبر جنازه نماز كزاردن وبيمار برسيدن وآنجه درراه مسلمانان زحمت باشد درو كردن وهرجه براى نفس خود دوست ميدارى براى هريك از مؤمنان دوست داشتن وحق تعالى ورسول اورا ازهمه دوستر داشتن وبكفر بازنا كشتن وبملائكه وكتب ورسل وهرجه ايشان ازحق آورده اند ايمان داشتن ] وغير ذلك مما اشتمل عليه الكتاب والسنة وهى كثيرة جدا وفى الحديث ( الايمان بضع وسبعون شبعة افضلها قول لا اله الا اللّه وادناها اماطة الاذى عن الطريق الحياء شعبة من الايمان ) انتهى وهى خصال اهل الايمان ولم يرد تعديدها باعيانها فى حديث واحد واهل العلم عدوا ذلك على وجوه واقصى ما يتناوله لفظ هذا الحديث تسعة وسبعون ، قال الامام النسفى فى تفسير التيسير وانا اعدها على ترتيب الختاره وعلى الاجتهاد فاقول بدأ فيه بالتهليل والذى يليه التكبير والتسبيح والتحميد والتمجيد والتجريد والتفريد والتوبة والانابة والنظافة والطهارة والصلاة والزكاة والصيام والقيام والاعتكاف والحج والعمرة والقربان والصدقة والغزوز والعتق وقراءة القرآن وملازمة الاحسان ومجانبة العصيان وترك الطغيان وهجر العدوان وتقوى الجنان وحفظ اللسان والثناء والدعاء والخوف والرجاء والحياء والصدق والصفاء والنصح والوفاء والندم والبكاء والاخلاص والذكاء والحلم والسخاء والشكر فى العطية والصبر فى البلية والرضى بالقضية والاستعداد للمنية واتباع السنة وموافقة الصحابة وتعظيم اهل الشيبة والعطف على صغار البرية والاقتداء بعلماء الامة والشفقة على العامة واحترام الخاصة وتعظيم اهل السنة واداء الامانة اظهار الصيانة والاطعام والانعام وبر الايتام وصلة الارحام وافشاء السلام وصدق الاستسلام وتحقيق الاستعصام والزهد فى الدينا والرغبة فى العقبى والموافقة للمولى ومخالفة الهوى والحذر من لظى وطلب جنة المأوى وبث الكرم وحفظ الحرم والاحسان الى الخدم وطلب التوفيق وحفظ التحقيق ومراعاة الجار والرفيق وحسن الملكة فى الرقيق وادناها اماطة الاذى عن الطريق فمن استكمل الوفاء بشعب الايمان نال بوعد اللّه كمال الامان وهو الذى قال اللّه تعالى فيه { الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون } ٢ { تلك آيات الكتاب المبين } تلك مبتدأ خبره مابعده اى هذه السورة آيات القرآن الظاهر اعجازه وصحة انه كلام اللّه ولو لم يكن كذلك لقدروا على الاتيان بمثله ولما عجزوا عن المعارضة فهو من ابان بمعنى بان او ظهر او المبين للاحكام الشرعية وما يتعلق بها. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الحروف المقطعة ههنا وفى اوائل السور ليست من قبيل الحروف المخلوقة بل من قبيل آيات الكتاب المبين القديمة اذ كل حرف منها دال على معادن كثيرة كالآيات. ٣ { لعلك باخع نفسك } لعل للاشفاق اى الخوف واللّه تعالى منزه عنه فهو بالنسبة الى النبى عليه السلام يقال بخع نفسه قتلها غما وفى الحديث ( اتاهم اهل اليمن هم ارق قلوبا وابخع طاعة ) فكانهم فى قهرهم نفوسهم بالطاعة كالباخعين اياها واصل البخع ان يبلغ بالذبح والبخاع وذلك اقصى حد الذبح وهو بالكسر عرق فى الصلب غير النخاع بالنون مثلثة فانه الخيط الذى فى جوف الفقار ينحدر من الدماغ ويتشعب منه شعب فى الجسم والمعنى اشفق على نفسك وخف ان تقلتها بالحزن بلا فائدة وهو حث على ترك التأسف وتصبير وتسل له عليه السلام ، قال الكاشفى [ جو قريش قرآ نرا ايمان نياوردند وحضرت رسالت سبحانه وتعالى بجهت تسلى دل مقدس وى فرمودكه مكرتو يا محمد هلاك كننده وكشنده نفس خودرا ] { ان لايكونوا مؤمنين } مفعول له بحذف المضاف اى خيفة ان لايؤمن قريش بذلك الكتاب المبين فان الخوف والحزن لا ينفع فى ايمان من سبق حكم اللّه بعدم ايمانه كما ان الكتاب المبين لم ينفع فى ايمانه فلا تهتم فقد بلغت ، قال فى كشف الاسرار [ اى سيد اين مشتى بيكانكان كه مقهور سطوت وسياست ماند ومطر وددركاه عزت ما تودل خويش بايشان جرا مشغول دارى وازانكار ايشان برخود جرا رنج نهى ايشانرا بحكم ما تسليم كن وباشغل من آرام كير ]. وفى التأويلات النجمية يشير الى تأديب النبى عليه السلام لئلا يكون مفرطا فى الرحمة والشفقة على الامة فانه يؤدى الى الركون اليهم ان التفريط فى ذلك يؤدى الى الفظاعة وغلظ القلب بل يكون مع اللّه مع المقبل والمدبر ترا مهر حق بس زجمله جهان ... برو ازنقوش سوى ساده باش بهار وخزانرا همه در كذر ... جوسرو سهى دائم آزاده باش ثم بين ان ايمانهم ليس مما تعلقت به مشيئة اللّه تعالى. ٤ { ان نشأ } [ اكرماخواهيم ] { ننزل عليهم من السماء آية } دالة ملجئة الى الايمان كانزال الملائكة او بلية قاسرة عليه كآية من آيات القيامة { فظلت } فصارت ومالت اى فتظن { اعناقهم } اى رقابهم : وبالفارسية [ بس كردد كردنهاى ايشان ] { لها } اى لتلك الآية { خاضعين } منقادين فلا يكون احد منهم يميل عنقه الى معصية اللّه ولكن لم نفعل لانه لا عبرة بالايمان المبنى على القسر والالجاء كالايمان يوم القيامة واصله فظلوا لها خاضعين فان الخضوع صفة اصحاب الاعناق حقيقة فاقحمت الاعناق لزيادة التقرير ببيان موضع الخضوع وترك الخبر على حاله ، وفيه بيان ان الايمان والمعرفة موهبة خاصة خارجة عن اكتساب الخلق فى الحقيقة فاذا حصلت الموهبة نفع الانذار والتبشير والا فلا فلبيك على نفسه من جبل على الشقاوة : وقال الحافظ جون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه خود بعنايت رها كنند ٥ { وما يأتيهم من ذكر } من موعظة من المواعظ القرآنية او من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم كل تذكير وتنبهم اتم تنبيه كانها نفس الذكر { من الرحمن } بوحيه الى نبيه دل هذا الاسم الجليل على ان اتيان الذكر من آثار رحمة اللّه تعالى على عباده { محدث } مجدد انزاله لتكرير التذكير وتنويع التقرير فلا يلزم حدوث القرآن { الا كانوا عنه معرضين } الاجددوا اعراضا عن ذلك الذكر وعن الايمان به واصرارا على ما كانوا عليه واستثناء مفرغ من اعم الاحوال محله النصب على الحالية من مفعول يأتيهم باضمار قد وبدونه على الخلاف المشهور اى ما يأتيهم من ذكر فى حال من الاحوال الا حال كونهم معرضين عنه. ٦ { فقد كذبوا } بالذكر عقيب الاعراض فالفاء للتعقيب اى جعلوه تارة سحرا واخرى شعرا ومرة اساطير { فسيأتيهم } البتة من غير تخلف اصلا والفاء للسببية اى لسبب اعراضهم المؤدى الى التكذيب المؤدى الى الاستهزاء { انبؤا ما كانوا به يستهزئون } اى اخبار الذكر الذى كانوا يستهزئون به من العقوبات العاجلة والآجلة التى بمشاهدتها يقفون على حقيقة حال القرآن بانه كان حقا او باطلا وكان حقيقا بان يصدق ويعظم قدره او يكذب فيستخف امره كما يفقون على الاحوال الخافية عنهم باستماع الانباء وفيه تهويل له لان النبأ لايطلق الا على خبر خطير له وقع عظيم ، قال الكاشفى [ وبعد ازظهور نتايج تكذيب بشيمانى نفع ندهد امروز بدان مصلحت خويش كه فردا دانى وبشيمان شوى وسودندارد ] ٧ { أو لم يروا } الهمزة للانكار التوبيخى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى افعل المكذبون من قريش ما فعلوا من الاعراض عن الآيات والتكذيب والاستهزاء بها ولم ينظروا { الى الارض } اى الى عجائبها الزاجرة عما فعلوا الداعية الى الاقبال الى اعرضوا { كم انبتنا فيها } [ جند برويانيديم در زمين بعد از مردكى وافسردكى ] { من كل زوج كريم } [ ازهر صنفى كياه نيكو وبسنديده جون رياحين وكل نسرين وبنفشه وياسمين وشكوفهاى رنكا رنك وبركهاى كونا كون ] وسائر نباتات نافعة مما يأكل الناس والانعام ، وقال اهل التفسير كم خبرية منصوبة بما بعده على المفعولية والجمع بينها وبين كل لان كل للاحاطة بجميع ازواج النبات وكم لكثرة المحاط به من الازواج من كل زوج اى صنف تمييز والكريم من كل شىء مرضيه ومحموده يقال وجه كريم اى مرضى فى حسنه وجماله كتاب كريم مرضى فى معانيه وفوائده وفارس كريم مرضى فى شجاعته وبأسه . والمعنى كثر من كل صنف مرضى كثير المنافع انبتنا فيها وتخصيص النبات النافع بالذكر دون ماعداه من اصناف الضار وان كان كل نبت متضمنا لفائدة وحكمه لاختصاصه بالدلالة على القدرة والنعمة معا ، واعلم انه سبحانه كما انبت من ارض الظاهر كل صنف ونوع من النبات الحسن الكريم كذلك انبت فى ارض قلوب العارفين كل نبت من الايمان والتوكل واليقين والاخلاص والاخلاق الكريمة كما قال عليه السلام ( لا اله الا اللّه ينبت الايمان كما ينبت البقل ) ، قال ابو بكر بن طاهر اكرم زوج من نبات الارض آدم وحواء فانهما كانا سببا فى اظهار الرسل والانبياء والاولياء والعارفين ، قال الشعبى الناس من نبات الارض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم. ٨ { ان فى ذلك } اى فى الانبات المذكور او فى كل واحد من تلك الاصناف { لآية } عظيمة دالة على كمال قدرة منبتها وغاية وفور علمه ونهاية سعة رحمته موجبة للايمان زاجرة عن الكفر { وماكان اكثرهم } اى اكثر قومه عليه السلام { مؤمنين } مع ذلك لغاية تماديهم فى الكفر والضلالة وانهما كهم فى الغى والجهالة وكان صلة عند سيبويه لانه لو حمل على معنى اكثرهم فى علم اللّه وقضائه لتوهم كونهم معذورين فى الكفر بحسب الظاهر وبيان موجبات الايمان من جهته تعالى يخالف ذلك ، يقول الفقير قوله تعالى { ان نشأ ننزل } الآية ونظائره يدل على المعنى الثانى ولا يلزم من ذلك المعذورية لانهم صرفوا اختيارا الى جانب الكفر والمعصية وكانوا فى العلم الازلى غير مؤمنين بحسب اختيارهم ونسبة عدم الايمان الى اكثرهم لان منهم من سيؤمن. ٩ { وان ربك لهو العزيز } الغالب القادر على الانتقام من الكفرة { الرحيم } المبالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يأخذهم بغتة ، وقال فى كشف الاسرار يرحم المؤمن الذين هم الاقل بعد الاكثر. وفى التأويلات النجمية بعزته قهر الاعداء العتاة وبرحمته ولطفه ادرك اولياء بجذبات العناية ، وعن السرى السقطى قدس سره قال كنت يوما اتلكم بجامع المدينة فوقف علىّ شاب حسن الشباب فاخر الثياب ومعه اصحابه فسمعنى اقول فى وعظى عجبا لضعيف يعصى قويا فتغير لونه فانصرف فلما كان الغد جلست فى مجلسى واذا به قد اقبل فسلم وصلى ركعتين وقال يسارى سمعتك بالامس تقول عجبا لضعيف كيف يعصى قويا فما معناه فقلت لا اقوى من اللّه ولا اضعف من العبد وهو يعصيه فنهض فخرج ثم اقبل من الغد وعليه ثوبان ابيضان وليس معه احد فقال ياسرى كيف الطريق الى اللّه تعالى فقلت ان اردت العبادة فعليك بصيام النهار وقيام الليل وان اردت اللّه فاترك كل شىء سواه تصل اليه وليس الا المساجد والمحراب والمقابر فقام وهو يقول واللّه لاسلكت الا اصعب الطرق وولى خارجا فلما كان بعد ايام اقبل الىّ غلمان كثير فقلوا ما فعل احمد بن يزيد الكاتب فقلت لاعرف الا رجلا جاءنى من صفته كذا وكذا وجرى لى معه كذا وكذا ولا اعلم حاله فقالوا باللّه عليك متى عرفت حاله فعرفنا ودلنا على داره فبقيت سنة لاعرف له خبرا فبينا انا ذات ليلة بعد العشاء الآخرة جالس فى بيتى اذ بطارق يطرق الباب فاذنت له فى الدخول فاذا بالفتى عليه قطعة من كساء فى وسطه واخرى على عاتقه ومعه زنبيل فيه نوى فقبل بين عينى وقال يا سرى اعتقك اللّه من النار كما اعتقنى من رق الدنيا فاومأت الى صاحبى ان امضى الى اهله فاخبرهم فمضى فاذا زوجته قد جاءت ومعها ولده وغلمانه فدخلت والقت الولد فى حجره وعليه حلى وحلل وقالت ياسيدى ارملتنى وانت حىّ وايتمت ولدك وانت حىّ قال السرى فنظر الىّ وقال يا سرى ماهذا وفاء ثم اقبل عليها وقال واللّه انك لثمرة فؤادى وحبيبة قلبى وان هذا ولدى لاعز الخلق علىّ غير ان هذا السرى اخبرنى ان من اراد اللّه قطع كل ما سواه ثم نزع ماعلى الصبى وقال ضعى هذا فى الاكباد الجائعة والاجساد العارية وقطع قطعة من كسائه فلف فيها الصبى فقالت المرأة لا ارى ولدى فى هذه الحالة وانتزعته منه فحين رأها قد اشتغلت به نهض وقال ضيعتم علىّ ليلتى بينى وبينكم اللّه وولى خارجا وضجت المرأة بالبكاء فقالت ان عدت ياسرى سمعت له خبرا فاعلمنى فقلت ان شاء اللّه فلما كان بعد ايام اتتنى عجوز فقالت ياسرى بالشونيزبة غلام يسألك الحضور فمضيت فاذا به مطروح تحت رأسه لبنة فسلمت عليه ففتح عينيه وقال ترى يغفر تلك الجنايات فقلت نعم قال يغفر لمثلى قلت نعم قال انا غريق قلت هو منجى الغرقى فقال على مظالم فقلت فى الخبر انه يؤتى بالتائب يوم القيامة ومعه خصومه فيقال لهم خلوا عنه فان اللّه تعالى يعوضكم فقال ياسرى معى دارهم من لقط النوى اذا انامت فاشتر ما احتاج الهي وكفنى ولا تعلم اهلى لئلا يغيروا كفنى بحرام فجلست عنده قليلا ففتح عليه وقال لمثل هذه فليعمل العاملون ثم مات فاخذت الدراهم فاشتريت ما يحتاج اليه ثم سرت نحوه فاذا الناس يهرعون اليه فقلت مالخبر فقيل مات ولىّ من اولياءي اللّه نريد ان نصلى عليه فجئت فغسلته ودفناه فلما كان بعد مدة وفد اهله يستعلمون خبره فاخبرتهم بموته فاقبلت امرأته باكية فاخبرتها بحاله فسألتنى ان اريها قبره فقلت اخاف ان تغيروا اكفانه قالت لا واللّه فاريتها القبر فبكت وامرت باحضار شاهدين فاحضرا فاعتقت جواريه ووقفت عقارها وتصدقت بمالها ولزمت قبره حتى ماتت رحمة اللّه عليهما جون كند كحال عنايت ديده باز ... اينجنين باشد بدنيا اهل راز ١٠ { واذ نادى ربك موسى } اذ منصوب باذكر المقدر والمناداة والنداء رفع الصوت واصله من الندى وهو الرطوبة واستعارته للصوت من حيث ان من تكثر رطوبة فمه حسن كلامه ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق . والمعنى اذكر يا محمد لقومك وقت نداءه تعالى وكلامه موسى اى ليلة رأى الشجرة والنار حين رجع من مدين وذكرهم بما جرى على قوم فرعون بسبب تكذيبهم اياه وحذرهم ان يصيبهم مثل ماصابهم { ان ائت } تفسير نادى فان مفسرة بمعنى اى والاتيان مجيىء بسهولة . والمعنى قال له يا موسى ائت { القوم الظالمين } انفسهم بالكفر والمعاصى واستعباد بنى اسرائيل وذبح ابنائهم. ١١ { قوم فرعون } بدل من القوم والاقتصار على القوم للايذان بشهرة ان فرعون اول داخل فى الحكم { ألا يتقون } استئناف لا محل له من الاعراب وألا تحضيض على الفعل اتبعه ارساله اليهم لانذار وتعجيبا من غلوهم فى الظلم وافراطهم فى العدون اى ألا يخافون اللّه ويصرفون عن انفسهم عقابه بالايمان والطاعة : وبالفارسية [ آيا نمى ترسند يعنى بايد كه سند ارز عذاب حضرت الهى ودست از كفر بدارند وبنى اسرائيل را بكذارند ]. ١٢ { قال } استئناف كأنه قيل فماذا قال موسى فقيل قال متضرعا الى اللّه تعالى { رب } [ اى بروردكار من ] { انى اخاف } الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة { ان يكذبون } ينكروا نبوتى وما اقول من اول الامر ، قال بعض الكبار خوفه كان شفقة عليهم وصله يكذبونى فحذفت الياء استغناء بالكسر. ١٣ { ويضيق صدرى } [ وتنك شود دل من ازانفعال تكذيب ] كان فى موسى حده وهو معطوف على اخاف وكذا قوله { ولا ينطلق لسانى } [ ونكشايد زبان من وعقده كه دارد زياده كاردد ] فان الانطلاق بالفارسية [ كشاده شدن وبشدن ] والمراد هنا هو الاول واللسان الجارحة وقوتها قال اللّه تعالى { واحلل عقدة من لسانى } يعنى يعنى من قوة لسانى فان العقدة لم تكن جارحة وانما كانت فى قوتها التى هى النطق بها كما فى المفردات { فارسل } جبريل عليه السلام { الى هرون } ليكون معينا لى فى التبليغ فانه افصح لسانا وهو اخوه الكبير : وبالفارسية [ اورا شريك من كردان برسالت تا باعانت او زند فرعونيان روم ] ، واعلم ان التكذيب سبب لضيق القلب وضيق القلب سبب لتعسر الكلام على من يكون فى لسانه حبسة لانه عند ضيق القلب ينقبض الروح والحرارة الغريزية الى باطن القلب واذا انقبضا الى الداخل ازدادت الحبسة فى اللسان فلهذا بدأ عليه السلام بخوف التكذيب ثم ثنى بضيق الصدر ثم ثلث بعدم انطلاق اللسان وسأل تشريك اخيه هارون فانه لو لم يشرك به فى الامر لاختلفت المصلحة المطلوبة من بعثة موسى وسبب عقدة لسانه عليه السلام احتراقه من الجمرة عند امتحان فرعون كما قال العطار همجو موسى اين زمان درطشت آتش مانده ايم ... طفل فرعونيم ما كان ودهان براخكرست ولم تحتق اصابعه حين قبض على الجمرة لتكون فصاحته بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة معجزة ولذا قال بعضهم من قال كان اثرم ذلك الاحتراق على لسانه بعد الدعوة فقد اخطأ ، قال بعض الكبار ينبغى للواعظ ان يراقب اللّه فى وعظه ويجتنب عن تكلم ما يشين بجمال الانبياء ويهتك حرماتهم ويطلق ألسنة العامة فى حقهم ويسيىء الظن بهم والا مقته اللّه وملائكته. ١٤ { ولهم } اى لقوم فرعون { علىّ } اى بذمتى { ذنب } اى جزاء ذنب وموجبه فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه والمراد به قتل القبطى دفعا عن السبطى وانما سماه ذنبا على زعمهم ، وقال الكاشفى [ وايشانرا برمن دعوى كناهست مراد قتل قبطيست وبزعم ايشان كناه ميكويد ] { فاخاف } ان اتيتهم وحدى { ان يقتلون } بمقابلته قبل اداء الرسالة كما ينبغى . واما هارون فليس له هذا الذنب ، قال بعض الكبار ليس بعجب طريان خوف الطبيعة وصفات البشرية على الانبياء فالقلب ثابت على المعرفة ، واعلم ان هذا وما قبله ليس تعلللا وتوقفا من جانب موسى وتركا للمسارعة الى الامتثال بل هو استدفاع للبلية المتوقعة قبل وقوعها واستظهار فى امر الدعوة وحقيقته ان موسى عليه السلام اظهر التلوين من نفسه ليجد التمكين من ربه وقد آمنه اللّه وازال عنه كل كلفة. ١٥ { قال } تعالى { كلا } اى ارتدع عما تظن فانه لايقدرون على قتلك به لانى لا اسلطهم عليك بل اسلطك عليهم { فاذهبا } اى انت الذى طلبت و هو هارون فالخطاب اليهما على تغليب الحاضر { بآياتنا } اى حال كونكما ملتبسين بآياتنا التسع التى هى دلائل القدرة وحجة النبوة وهو رمز الى دفع ما يخافه { انا معكم } تعليل للردع عن الخوف ومزيد تسلية لهما بضمان كما ان الحفظ والنصرة والمراد موسى وهارون وفرعون فمع موسى وهارون بالعون والنصر مع فرعون بالقهر والكسر وهو مبتدأ وخبر قوله { مستمعون } خبر ثانى او الخبر حده ومعكم ظرف لغو وحقيقة الاستماع طلب السمع بالاصغاء وهو بالفارسية [ كوش فرا داشتن ] واللّه تعالى منزه عن ذلك فاستعير للسمع الذى هو مطلق ادراك الحروف والاصوات من غير اصغاء . والمعنى سامعون لما يجرى بينكما وبنيه فاظهر كما عليه مثل حاله تعالى بحال ذى شوكة قد حضر مجادلة قوم يسمع ما يجرى بينهم ليمد الاولياء منهم ويظهرهم على الاعداء مبالغة فى الوعد بالاعانة وجعل الكلام استعارة تمثيلية لكون وجه الشبه هيئتة منتزعة من عدة امور. ١٦ { فأتيا فرعون } [ بس بياييد بفرعون ] وهو الوليد بن مصعب وكنيته ابو العباس وقيل اسمه مغيث وكنيته ابو مرة وعاش اربعمائة وستين سنة { فقولا انا } اى كل معنا { رسول رب العالمين } [ فرستاده بروردكار عالميانيم ] وقال بعضهم لم يقل رسولا لان موسى كان الرسول المستقل بنفسه وهارون كان ردأ يصدقه تبعاله فى الرسالة. ١٧ { ان ارسل معنا بنى اسرائيل } ان مفسرة لتضمن الارسال المفهوم من الرسول معنى القول والارسال ههنا التخلية والاطلاق كما تقول ارسلت الكلب الى الصيد اى خلهم وشأنهم ليذهبوا الى ارض الشأم وكانت مسكن آبائهم : وبالفارسية [ وسخن اينست كه بفرست باما بنى اسرائيل را يعنى دست از ايشان بدار تا باما بزمين شام روندكه مسكن آباء ايشان بوده ] ، وكان فرعون استعبدهم اربعمائة سنة وكانوا فى ذلك الوقت ستمائة الف وثلاثين الفا فانطلق موسى الى مصر وهارون كان بها فلما تلاقيا ذهبا الى باب فرعون ليلا ودق موسى الباب بعصاه ففزع البوابون وقالوا من بالباب فقال موسى انا رسول رب العالمين فذهب البواب الى فرعون فقال ان مجنونا بالباب يزعم انه رسول رب العالمين فأذن له فى الدخول من ساعته كما قاله السدى او ترك حتى اصبح ثم دعاهما فدخلا عليه واديا رسالة اللّه فعرف فرعون موسى لانه نشأ فى بيته فشمته. ١٨ { قال } فرعون لموسى ، وقال قتادة انهما انطلقا الى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب ههنا انسان يزعم انه رسول ربع العالمين فقال ائذن له حتى نضحك منه فديا اليه الرسالة فعرف موسى فقال عند ذلك على سبيل الامتنان { ألم نربك فينا وليدا } فى حجرنا ومنازلنا ، وقال الكاشفى [ نه ترا برورديم درميان خويش { وليدا } درحالتى كه طفل بودى نزديك بولادت ] عبر ان الطفل بذلك لقرب عهده من الولادة { ولبثت فينا من عمرك سنين } [ ودرنك كردى در منزلهاى ما سالها از عمر خود ] قوله من عمرك حال من سنين . والعمر بضمتين مصدر عمر اى عاش وحيى ، قال الراغب العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة قليلة او كثيرة ، قيل لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج الى مدين واقام بها عشر سنين ثم عاد اليهم يدعوهم الى اللّه تعالى ثلاثين سنة ثم بقى بعد الغرق خسمين فيكون عمر موسى مائة وعشرين سنة. ١٩ { وفعلت فعلتك التى فعلت } الفعلة بالفتح المرة الواحدة يعنى قتل القبطى الذى كان خباز فرعون واسمه فاتون وبعد ما عدد نعمته من تربيته واتبليغه مبلغ الرجال نبهه بما جرى عليه من قتل خبازه وعظمه ، قال ابن الشيخ تعظيم تلك الفعلة يستفاد من عدم التصريح باسمها الخاص فان تنكير الشىء وابهامه قد يقصد به التعظيم { وانت من الكافرين } حال من احدى التاءين اى من المنكرين لنعمتى والجاحدين لحق تربيتى حيث عمدت الى رجل من خواصى. ٢٠ { قال } موسى { فعلتها } اى تلك الفعلة { اذا } اى حين فعلت اى قتلت النفس وهو حرف جواب فقط لان ملاحظة المجازاة ههنا بعيدة { وانا من الظالين } يقال ضل فلان الطريق اخطأه اى ضللت طريق الصواب واخطأته من غير تعمد كمن رمى سهما الى طائر واصاب آدميا وذلك لان مراد موسى كان تأديبه لاقتله : وبالفارسية [ آكاه نبودم كه يمشون زدن من آنكست كشته شود ]. ٢١ { ففررت منكم } ذهبت من بينكم الى مدين حذرا على نفسى { لما خفتكم } ان تصيبونى بمضرة وتؤاخذونى بما لا استحقه بجنايتى من العقاب { فوهب لى ربى } جين رجعت من مدين { حكما } اى علما وحكمة { وجعلنى من المرسلين } اليكم ، وفى فتح الرحمن حكما اى نبوة وجعلنى من المرسلين درجة ثانية للنبوة فرب نبى ليس برسول ، قال بعض الكبار ان اللّه تعالى اذا اراد ان يبلغ احدا من خلقه الى مقام من المقامات العالية يلقى عليه رعبا حتى يفر اليه من خلقه فيكشف له خصائص اسراره كما فعل بموسى عليه السلام ومعاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم فانهم لا يعقون فيها بحكم الشهوة الطبيعية بل بحسب الخطا وذلك مرفوع. ٢٢ { وتلك } اى التربية المدلول عليها بقوله { ألم نربك } { نعمة تمنها علىّ } اى تمن بها علىّ ظاهرا وهى فى الحقيقة { ان عبدت بنى اسرائيل } اى تعبيدك بنى اسرائيل وقصدك اياهم بذبح ابنائهم فان السبب فى وقوعى عندك وحصولى فى تربيتك يعنى لو لم يفعل فرعون ذلك اى قهر بنى اسرائيل وذبح ابنائهم لتكفلت ام موسى بتربيته ولما قذفته فى اليم حتى يصل الى فرعون ويربى بتربيته فكيف يمتن عليه بما كان بلاؤه سببا له ، قوله تلك مبتدأ ونعمة خبرها وتمنها علىّ صفة وان عبدت خبر مبتدأ محذوف اى وهى فى الحقيقة تعبيد قمى . والتعبيد : بالفارسية [ دام كردن وببند كى كرفتن ] يقال عبدته اذا اخذته عبدا وقهرته وذللته ، رد موسى عليه السلام اولا ما وبخه فرعون قدحا فى نبوته ثم رجع الى ماعده عليه من النعمة ولم يصرح برده حيث كان صدقا غير قادح فى دعواه بل نبه على ان ذلك كان فى الحقيقة نعمة لكونه مسببا عنها ، قال بعضهم بدأ فرعون بكلام السفلة ومنّ على نبى اللّه بما اطعمه والمنة النعمة الثقيلة ، ويقال ذلك على وجهين ، احدهما ان يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان اذا اثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله تعالى { لقدمن اللّه على المؤمنين } وذلك فى الحقيقة لايكون الا لله تعالى ، والثانى ان يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل اذا كفرت النعمة حسنت المنة اى عد النعمة ، قال محمد بن على الترمذى قدس سره ليس من الفتوة تذكار الصنائع وتعدادها على من اصطنعت اليه ألا ترى الى فرعون لما لم يكن له فتوة كيف ذكر صنيعه وامتن به على موسى از ناكسان دهر ثبوت طمع مدار ... ازطبع دير خاصيت آدمى مجوى اعلم ان اللّه تعالى جعل موسى عليه السلام مظهر صفة لطفه بان جعله نبيا مرسلا وله فى هذا المعنى كمالية لا يبلغها الا بالتربية ومقاساة شدائد الرسالة مع فرعون وجعل فرعون مظهر صفة قهره بان جعله مكذبا لموسى ومعاندا له وكان لفرعون كمالية فى التمرد والآباء والاستكبار لم يبلغها ابليس ليعلم ان للانسان استعدادا فى اظهار صفة اللطف لم يكن للملك ولذلك صار الانسان مسجودا للملك والملك ساجده ولو لم يكن موسى عليه السلام داعيا لفرعون الى اللّه تعالى وهو مكذبه لم يبلغ فرعون الى كماليته فى التمرد ليكون مظهر الصفة القهر بالتربية فى التمرد كذا فى التأويلات النجمية وقس عليهما كل موسى وكل فرعون فى كل عصر الى قيام الساعة فان الاشياء تتبين بالاضداد وتبلغ الى كمالها. ٢٣ { قال فرعون ومارب العالمين } ماستفهامية معناها أى شىء والرب المربى والمتكفل لمصلحة الموجودات والعالم اسم لما سوى اللّه تعالى من الجواهر والاعراض والمعنى أى شىء رب العالمين الذى ادعيت انك رسوله وما حقيقته الخاصة ومن أى جنس هو منكرا لان يكون للعالمين رب سواه ، قال الكاشفى [ جون فرعون شنيده بودكه موسى كفت انا رسول رب العالمين اسلوب سخن بكردانيد وازورى امتحان كفت جيست برودكار عالميان وجه جيزاست سؤال ازماهيت كرد ] ولما لم يمكن تعريفه تعالى الا بلوازمه الخارجية لاستحالة التركيب فى ذاته من جنس وفصل. ٢٤ { قال } موسى مجيبا له بما يصح فى وصفه تعالى { رب السموات والارض وما بينهما } عين ماراده بالعالمين لئلا يحمله اللعين على ماتحت مملكته { ان كنتم موقنين } بالاشياء المحققين لها بالنظر الصحيح الذى يؤدى الى الاتيان وهو بالفارسية [ بى كما شدن ] علمتم ان العالم عبارة عن كل مايعلم به الصانع نم السموات والارض وما بينهما وان ربها هو الذى خلقها ورزق من فيها ودبر امورها فهذا تعريفه وجواب سؤالكم لاغير والخطاب فى كنتم لفرعون واشراف قومه الحاضرين ، قال الكاشفى [ هيج كس را از حقيقة حق آكاهى ممكن نيست هرجه در عقل وفهم ووهم وحواس وقياس كنجد ذات خداوند تعالى ازان منزه ومقدس است جه آن همه محدثاتند ومحدث جزا ادراك محدث نتوان كرد ] آنكه او از حدث برآرد دم ... جه شناسد كه جيست سرقدم علم را سوى حضرتش ره نيست ... عقل نيز از كمالش آكه نيست فمعنى العلم باللّه العلم به من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية اذ منه ما لا توفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطه الحيرة واقروا بالعجز عن حق المعرفة. ٢٥ { قال } فرعون عند سماع جوابه خوفا من تأثيره فى قلوب قومه وانقيادهم له { لمن حوله } من اشراف قومه وهم القبط [ وايشان بانصد تن بود زيورها بسته وبركرسيهاى زرين نشسته ] وحول الشىء جانبه الذى يمكنه ان يحول اليه وينقلب { ألا تستمعون } ما يقول فاستمعوه وتعجبوا منه فى مقاله وفيه يريد ربوبية نفسه. ٢٦ { قال } موسى زيادة فى البيان وحطاله عن مرتبة الربوبية الى مربتة المربوبية ، قال الكاشفى [ عدول كرد از ظهر آيات باقرب آيات بانظر وواضح آن برمتأمل ] { ربكم ورب آبائكم الاولين } وقيل ان فرعون كان يدعى الربوبية على اهل عصره وزمانه فلم يدع ذلك على من كان قبله فبين بهذه الآية ان المستحق للربوبية هو رب كل عصر وزمان. ٢٧ { قال } فرعون من سفاهته وصرفا لقومه عن قبول الحق { ان رسولكم الذى ارسل اليكم لمجنون } لا يصدر ما قاله عن العقلاء وسماه رسولا على السخرية واظافه الى مخاطبيه ترفعا من ان يكون مرسلا الى نفسه . والجنون حائل بين النفس والعقل كما فى المفردات. ٢٨ { قال } موسى زياده فى تعريف الحق ولم يشتغل بمجاوبته فى السفاهة { رب المشرق والمغرب ما بينهما } بيان ربوبيته للسموات والارض وما بينهما وان كان متضمنا لبيان الخافقين وما بينهما لكن اراد التصريح بذكر الشروق والغروب للتغيرات الحادثة فى العالم من النور مرة والظلمة اخرى المفتقرة الى محدث عليم حيكم ، قال ابن عطاء منور قلوب اوليائه بالايمان ومشرق ظواهرهم ومظلم قلوب اعدائه بالكفر ومظهر آثار الظلمة على هياكلهم { ان كنتم تعقلون } شيأ من الاشياء او من جملة من له عقل وتمييز علمتم ان الامر كما قلته واستدللتم بالاثر على المؤثر ، وفيه تلويح بانهم بمعزل من دائرة العقل متصفون بما رموه عليه السلام به من الجنون فمن كمال ضدية موسى وفرعون وكذا القلب والنفس يعد كل منهما ما يصدر من الآخر من الجنون وقس عليهما العاشق والزاهد فان جنون العشق من واد وجنون الزهد من واد آخر زد شيخ نارسيده بعشق توطعنه ام ... ديوانه را زسرزنش كودكان جه باك ٢٩ { قال } فرعون من غاية تمرده وميلا الى العقوبة كما يفعله الجبابرة وعدولا الى التهديد عن المحاجة بعد الانقطاع وهكذا ديدن المعاند المحجوب وغيظا على نسبة الربوبية الى غيره ولعله كان دهريا اعتقد انمن ملك قطرا وتولى امره بقوة طالعه استحق العبادة من اهله ، وقال بعضهم كان الملعون مشبها ولذلك قال وما رب العالمين اى أى شىء هو فنوقعه فى الخيال { لئن اتخذت الها غيرى لاجعلنك من المسجونين } اللام للعهد اى لاجعلنك من الذين عرفت احوالهم فى سجونى فانه كان يطرحهم فى هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك لم يقل لأسجنك ، قال الكاشفى [ هرآينه كردانيم ترا از زندانيان آورده اندكه سجن فرعون ازقتل بدتربود زيرا كه زندانيانرا در حفره عميق مى انداختند كه در آنجاهيج نمى ديدند ونمى شنيدند وبيرون نمى آوردند الا مرده ] ، وفيه اشارة الى سجن حب الدنيا فان القلب اذا كان متوجها ال اللّه وطلبه معرضا عن النفس وشهواتها فلا استيلاء للنفس عليه الا بشبكة حب الجاه والرياسة فانه آخر ما يخرج عن رؤس الصديقين باشد اهل آخرت را حب جاه ... همجو يوسف را دران شهراه جاه ٣٠ { قال } موسى { أو لوجئتك } [ اكربيايم تر ] { بشىء مبين } يعنى أتفعل بى ذلك ولو جئتك بشىء موضح لصدق دعواى يعنى المعجزة فانها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته والدلالة على صدق مدعى نبوته فالواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام للانكار بعد حذف الفعل اى جائيا بشىء مبين وجعلها بعضهم للعطف اى أتفعل بى ذلك لو لم أجىء بشىء مبين ولو جئتك به اى على كل حال من عدم المجيىء والمجيىء. ٣١ { قال } فرعون { فأت به } [ بس بيارآن جيزرا ] { ان كنت من الصادقين } فى ان لك بينة موضحة لصدق دعواك وكان فى يد موسى عصا من شجر الآس من الجنة وكان آدم جاء بها من الجنة فلما مات قبضها جبريل ودفعها الى موسى وقت رسالته فقال موسى لفرعون ما هذه التى بيدى قال فرعون هذه عصا. ٣٢ { فالقى } من يده { عصاه } والالقاء طرح الشىء حيث تلقاه وتراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح { فاذا هى } [ بس آنجا عصا بسى ازافكندن ] { ثعبان مبين } اى ظاهر الثعبانية وانها شىء يشبه الثعبان صورة بالسحر او بغيره والثعبان اعظم الحيات بالفارسية [ ازدها ] واشتقاقه من ثعبت الماء فانبعث اى فجرته فانفجر ، قال الكاشفى [ وفرعون از مشاهده اوبترسيد ومردمان كه حاضر بودند هزيمت كردند جنانجه دورقت فراربيت وبنج هز اركس كشته شد ] ، قال فرعون من شدة الرعب ياموسى اسألك بالذى ارسلك ان تأخذها فاخذها فعادت عصا ولاتناقض بينه وبين قوله { كأنها جان } وهو الصغير من الحيات لان خلقها خلق الثعبان العظيم وحركتها وخفتها كالجان كما فى كشف الاسرار ، وفيه اشارة الى القاء القلب عصا الذكر وهو كلمة لا اله الا اللّه فاذا هى ثعبان مبين يلتقم بفم النفى ما سوى اللّه. ٣٣ { ونزع يده } من جيبه : وبالفارسية [ ودست راست خويش از زير بازوى جب خويش بيرون كشيد ] { فاذا هى } [ بس آنجادست او ] { بيضاء } ذات نور وبياض من غير برص : وبالفارسية [ سبيد در خشنده بود بعد ازانكه كندم كونه بود ] { للناظرين } [ مرنظر كنند كانرا كفته اند شعاع دست مبارك موسى بمثابه نور آفتاب ديده را خيره ساختى ] روى ان فرعون لما رأى الآية الاولى قال فهل غيرها فاخرج يده فقال ما هذه قال فرعون يدك فما فيها فادخلها فى ابطه ثم نزعها ولها شعاع كاد يغشى الابصار ويسد الافق. وفى التأويلات النجمية { ونزع يده } اى يد قدرته { فاذا هى بيضاء } مؤيدة بالتأييد الالهى منورة بنور ربى يبطش { للناظرين } اى لاهل النظر الذين ينظرون بنور اللّه فان النور بالنور يرى. ٣٤ { قال } فرعون { للملأ } اى لاشراف قومه حال كونهم مستقرين { حوله } فهو ظرف وضع موضع الحال وقد سبق معناه . الملأ جماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء { ان هذا } [ بدرستى كه اين مرد ] يعنى موسى { لساحر عليم } فائق فى علم السحر : وبالفارسية [ جادوييست دانا واستاد فرعون ترسيد كه كسان وى بموسى ايمان آرند حيله انكيخت وكفت اين جاد وييست كه درفن سحر مهارتى تمام دارد ] ( يريد ) الخ والسحر تخيلات لا حقيقة لها فالساحر المحتال المخيل بما لاحقيقة له وجه الجمع بين شذا وبين قوله فى الاعراف قال الملأ من قوم فرعون حيث اسند القول بالساحرية اليهم ان فرعون قاله للحاضرين والحاضرون قالوه للغائبين كما فى كشف الاسرار. ٣٥ { يريد ان يخرجكم من ارضكم } من ارض مصر ويتغلب عليكم { بسحره } [ بجاديىء خود ] { فماذا تأمرون } [ بس جه فرماييد مرا شما دركار او واشارت كنيد ] ، قال فى كشف الاسرار هى من المؤامرة لامن الامر وهى المشاورة وقيل للتشاور ائتمار لقبول بعضهم امر بعض فيما اشاربه اى ماذا تشيرون به علىّ فى دفعه ومنعه قهره سلطان المعجزة حيره حتى حطه عن دعوى الربوبية الى مقام مشاورة عبيده بعد ما كان مستقلا بالرأى والتدبير اظهر استشعار الخوف من استيلائه على ملكه ونسبة الاخراج والارض اليهم لاجل تنفيرهم عن موسى. ٣٦ { قالوا } اى الملأ { ارجه واخاه } يقال ارجه اخر الامر عن وقته كما فى القاموس اى اخر امر موسى واخيه هارون حتى تنظر ولا تعجل بقتلهما قبل ان يظهر كذبهما حتى لايسيىء عبيدك النظن بك وتصير معذروا فى القتل { وابعث } [ وبرانكيز وبفرست ] { فى المدائن } فى الامصار والبلدان واقطار مملكتك : وبالفارسية [ درشهرها مملكت خود ] ، وفى فتح الرحمن هى مدائن الصعيد من نواحى مصر { حاشرين } اى شرطا يحشرون الناس ويجمعونهم فحاشرين صفة لموصوف محذوف هو مفعول ابعث والشرط جمع شرطة وسكون الراء وفتحها وهى طائفة من اعوان الولاة معروفة كما فى القاموس والشرط بالفتح العلامة ومنه سمى الشرط لانهم جعلوا لانفسهم علامة يعرفون بها. ٣٧ { يأتوك } [ تابيارندترا ] أى الحاشرون { بكل سحار } [ هرجانيك جادوييست ] { عليم } [ دانا وبرسر آمد درفن سحر ] اى فيعارضوا موسى بمثل سحره بل يفضلوا عليه ويتضح للعامة كذبه فتقتله حينئذ . وهذا تدبير النفس والقاء الشيطان فى دفع الحق الصريح وكل تدبير هكذا فى كل عصر فصاحبه مدبر البتة وانما يجيىء خبث القول والفعل من خبث النفس اذ كل اناء يترشح بما فيه ولو ترك فرعون وقومه التدبير فى امر موسى وقابلوه بالقبول لسلموا من لك آفة لكن منعهم حب الجاه عن الانتباه وحبك الشىء يعمى ويصم وانما اخلدوا الى الارض غفلة الباقية الحاصلة بالايمان اولاطاعة والاتباع : وفى المثنى تخت بندست آنكه تختش خوانده ... صدر بندارى وبدرمانده بادشاهان جهان از بدركى ... بونبردند از شراب بندكى ورنه ادهم وار سركردان ودنك ... ملك را برهم زدندى بى درنك ليك حق بهر ثبات اين جهان ... مهرشان بنهاد رجشم ودهان تاشود شيرين بريشان تخت وتاج ... كه ستانيم ازجهانداران خراج ازخراب ارجمع آرى زرجوريك ... آخرآن ازتو بماند مرده ريك همره جانت نكردد ملك وزر ... زربده سرمه ستان بهر نظر تاببينى كين جهان جاهيست تنك ... يوسفانه آن رسن آرى بجنك هست درجاه انعكاسات نظر ... كمترين آنكه نمايد سنك زر وقت بازى كودكانرا زاختلان ... مى نمايد اين خزفها زرّ ومال ٣٨ { فجمع السحرة } اى بعث فرعون الشرط فى المدائن لجمع السحرة فجمعوا وهم اثنان وسبعون او سبعون الفا كمايدل عليه كثرة الحبال والعصى التى خيلوها وكان اجتماعهم بالاسكندرية على مارواه الطبرى { لمقيات يوم معلوم } الميقات الوقت المضروب للشىء اى لما قوت به وعين من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة وهو يوم عيد لهم كانوا يتزينون ويجتمعون فيه كل سنة روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه وافق يوم السبت فى اول يوم من السنة وهو يوم النيروز وهو اول يوم من فرودين ماه ومعنا نيروز بلغة القبط طلع الماء اى علا ماء النيل وبلغة العجم نوروز اى اليوم الجديد وهو اول السنة المستأنفة عندهم وانما وقت لهم موسى وقت الضحى من يوم الزينة فى قوله { قال موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى } ليظهر لاحق ويزهق الباطل على رؤس الاشهاد ويشيع ذلك فى الاقطار واختاره فرعون ايضا ليظهر كذب موسى بمحضر الجمع العظيم فكان ما كان ٣٩ { وقيل } من طرف فرعون { للناس } لاهل مصر وغيرهم ممن يمكن حضوره { هل انتم مجتمعون } [ ايا هستيد شما فراهم آنيدكان يعنى فراهم آييد وجمع شويد ] ، ففيه استبطاء لهم فى الاجتماع حثا على مبادرتهم اليه فليس المراد بهل حقيقة الاستفهام بقرينة عدم الجواب ٤٠ { لعلنا } [ شايد ماهمه باتفاق ] { نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين } لاموسى وليس مرادهم ان يتبعوا دينهم حقيقة وانما هو ان لايتبعوا موسى لكنهم ساقوا كلامهم مساق الكناية حملا لهم على الاهتمام والجد فى المغالبة فالترجى باعتبار الغلبة المقتضية للاتباع لاباعتبار الاتباع ٤١ { فلما جاء السحرة } [ بس آن هنكام كه آمدند جادوان بنزديك فرعون ايشانرا بارداد ودلنوازى بسيار كرد ايشان كستاخ شده ] { قالوا لفرعون أئن لنا } [ آيا مارا باشد ] { لاجرا } جعلا عظيما { ان كنا نحن الغالبين } لا موسى ٤٢ { قال نعم } لكم ذلك : يعنى [ آرى مزد باشد شمارا ] { وانكم } مع ذلك { اذا } ان وقت يعنى اذا غلبتم { لمن المقربين } عندى تكونون اول من يدخل علىّ وآخر من يخرج من عندى كان ذلك من اعظم المراتب عندهم وهكذا حال ارباب الدنيا فى حب قربة السلطان ونحوه وهو من اعظم المصائب عند العقلاء [ جون برين وعده مستظهر كشته جادوييهاى خودرا بميدان معين آوردند وبوقت معلوم در برابر حضرت موسى صف بركشيده كفتنداى موسى تو اول افكنى جادونيىء خودرا يا ما بيفكنيم ] ٤٣ { قال لهم موسى القوا } اطرحوا { ما أنتم ملقون } لم يرد به امرهم بالسحر والتمويه لان ذلك غير جائز بل الاذن فى تقديم ماهم فاعلوه لامحالة توسلا به الى اظهار الحق ابطال الباطل ، قال فى كشف الاسرار ظاهر الكلام امر ومعناه النهاون فى الامر وترك المبالاة وبافعالهم ٤٤ { فالقوا حبالهم } جمع حبل { وعصيهم } جمع عصا : يعنى [ بس بيفكندند رسنها وعصاهاى مجوف برسيماب ساخته خودرا كه هفتاد هزار رسن وهفتاد هزار عصا بود ] { وقالوا } [ وكفتند بعدازآنكه عصا ورسنها بحرارت آفتاب در حركت آمد وازمر دمان غريو برخاست ] اى قالوا عند الالقاء حالفين { بعزة فرعون } [ بحق بزركى وقوت وغالبيت فرعون ] { انا لنحن الغالبون } على موسى وهارون اقسموا بعزته على ان الغلبة لهم لفرط اعتقادهم فى انفسهم واتيانهم باقصى ما يمكن ان يؤتى من السحر . والقسم بغير اللّه من اقسام الجاهلية وفى الحديث ( لاتحلفوا بآبائكم ولا بامهاتكم ولا بالطواغيت ولا تحلفوا الا باللّه ولا تحلفوا باللّه الا وانتم صادقون ) ، قال بعض الكبار رأوا كثرة تمويهاتهم وقلة العصا فنظروا اليها بنظر الحقارة وظنوا غلبة الكثير على القليل وماعلموا ان القليل من الحق يبطل كثيرا من الباطل كما ان قليلا من النور يمحو كثيرا من الظلمة : قال الحافظ تيغى كه آسمانش ازفيض خود دهب آب ... تنهاجهان بكيرد بى منت سباهى ٤٥ { فالقى موسى عصاه } بالامر الآلهى { فاذا هى } [ بس آن عصا ازدها شده ] { تلقف } تبتلع بسرعة من لقفه كسمعه تناوله بسرعة كما فى القاموس { مايأفكون } [ انجه تزوير مى ساختند وبصورت مار بخلق مى نمودند ] اى ما يقلبونه والمأخوذ عند بعض اكابر المكاشفين صوت الحيات من حبال السحرة وعصيهم حتى بدت للناس حبالا وعصيا كما فى فى نفس الامر كما يبطل الخصم بالحق حجة خصمه فيظهر بطلانها لانفس الحبال والعصى كما عند الجمهور والا لدخل على السحرة الشبهة فى عصا موسى والتبس عليهم الامر فكانوا لم يؤمنوا وكان الذى جاء موسى حنيئذ من قبيل ماجاءت به السحرة الا انه اقوى منهم سحرا وانه يدل على ماقلنا قوله تعالى { تلقف ما يأفكون } وتلقف ماصنعوا وما افكوا الحبال وماصنعوا العصى بسحرهم وانما افكوا وصنعوا فى اعين الناظرين صوت الحيات وهى التى تلقفته عصا موسى ذكره الامام الشعرانى فى الكبريت الاحمر ٤٦ { فالقى السحرة } على وجوههم { ساجدين } لله تعالى [ جه دانستندكه انقلاب عصا بثعبان وفروبردن او آنجه تزوير مى ساختند نه ازقبيل سحراست ] اى القوا اثر ماشاهدوا ذلك من غير تلعثم وتردد غير متمالكين كأن ملقيا القاهم لعلهم بان مثل ذلك خارج عن حدود السحر وانه امر الهى قد ظهر على يده لتصديقه ، وفيه دليل على ان التبحر فى كل فن نافع فان السحرة ماتيقنوا بان مافعل موسى معجزهم الا بمهارتهم فى فن السحر وعلى ان منتهى السحر تمويه وتزوير وتخييل شىء لا حقيقة له وجه الدلالة ان حقيقة الشىء لو انقلبت الى حقيقة شىء آخر بالسحر لما عدوا انقلاب العصا حية من قبيل المعجزة الخارجة عن حد السحر ولما خروا ساجدين عند مشاهدته وقد سبق تفصيل السحر فى سورة طه ، قال بعض الكبار السحر مأخوذ من السحر وهو مابين الفجر الاول والفجر الثانى وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولاهو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك مافعله السحرة ماهو باطل محقق فيكون عدما فان العين ادركت امر لاتشك فيه وماهو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس هو فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائى ، قال الشعرانى بعد ما نقله هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط ٤٧ { قالوا } [ ازروى صدق ] { آمنا برب العالمين } بدل اشتمال من القى فلذلك لم يتخلل بينهما عاطف انظر كيف اصبحوا سحرة وامسوا شهداء مسلمين مؤمنين فالمغرور من اعتمد على شىء من اعماله واقواله واحواله : قال الحافظ بر عمل تكيه مكن زانكه دران روزازل ... تو جه دانى قلم صنع بنامت جه نوشت وقال مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آكهست كه تقدير برسرش جه نوشت ٤٨ { رب موسى وهارون } بدل من رب العالمين لدفع توهم ارادة فرعون حيث كان قومه الجهلة يسمونه بذلك ولو وقفوا على رب العالمين لقال فرعون انا رب العالمين اياى عنوا فزادوا رب موسى وهارون فارتفع الاشكال ٤٩ { قال } فرعون للسحرة { آمنتم } على صيغة الخبر ويجوز تقدير همزة استفهام فى الاعراف { له } اى لموسى { قبل ان آذن لكم } [ بيش ازانكه اجازت ودستورى دهم شمارا در ايمان بوى ] اى بغير اذن لكم من جانبى كما فى قوله تعالى { لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربى } لا ان اذن الاينام منه ممكن او متوقع { انه } موسى { لكبيركم الذى علمكم السحر } فواضعكم على مافعلتم وتواطأتم عليه يعنى [ بايكديكر اتفاق كرديد درهلاك من وفساد ملك من ] كما قال فى الاعراف { ان هذا لمكر مكرتموه فى المدينة } اى قبل ان تخرجوا الى هذا الموضع او علمكم شيأ دون شىء فلذلك غلبكم اراد بذلك التلبيس على قومه كيلا يعتقدوا انهم آمنوا عن بصيرة ظهور حق { فلسوف تعلمون } اى وبال مافعلتم واللام للتأكيد لا للحال فلذا اجتمعت بحرف الاستقبال ثم بين ما اوعدهم به فقال { لاقطعن ايديكم وارجلكم } لفظ التفعيل وهو التقطيع لكثرة الايدى والارجل كما تقول فتحت الباب وفتحت الابواب { من خلاف } من كل شق طرفا وهو ان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى وذلك زمانة من جانب البدن كما فى كشف الاسرار وهو اول من قطع من خلاف وصلب كمافى فتح الرحمن ، وقال بعضهم من التعليل : يعنى [ برأى خلافى كه بامن كرديد ] وذلك لان القطع المذكور لكونه تخفيفا للعقوبة واحترازا عن تفويت منفعة البطش على الجانى لا يناسب حال فرعون ولما هو بصدده الا ان يحمل على حمقه حيث اوعد لهم فى موضع التغليظ بما وضع للتخفيف انتهى وذلك وهم محض لانه يدفعه قوله { ولاصلبنكم اجمعين } [ وهر آينه بردار كنم همه شمارا اى على شاطىء البحر تابميريد وهمه مخالفان عبرت كيرند ] ، قال فى الكشف اى اجمع عليكم التقطيع والصلب روى انه علقهم على جذوع النخل حتى ماتوا وفى الاعراف { ثم لاصلبنكم } فاوقع المهلة ليكون هذا التصليب لعذابهم اشد ٥٠ { قالوا } اى السحرة المؤمنين { لاضير } مصدر ضاره يضيره ضيرا اذا ضره اى لاضر فيه علينا : وبالفارسية [ هيج ضررى نيست برما ازتهديد تو وما اوزمرك نمى ترسيم ] { انا الى ربنا منقلبون } راجعون فيثيبنا بالصبر على مافعلت ويجازينا على الثبات على التوحيدن وفى الآية دلالة على ان للانسان ان يظهر الحق وان خاف القتل ، قال ابن عطاء من تصلت مشاهدته بالحقيقة احتمل معها كل وارد يرد عليه من محبوب ومكروه ألا ترى ان السحرة لما صحت مشاهدتهم كيف قالوا لاضير : قال السعدى فى حق اهل الله دما دم شراب ألم در كشند ... وكر تلخ بينند دم دركشند نه تلخست صبرى كه بر ياداوست ... كه تلخى شرك باشدزدست دوست قال الحافظ عاشقانرا كردر آتش مى بسندد لطف يار ... تنك جشمم كرنظر جشمه كوثر كنم وقال اكر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست { انا نطمع } نرجو ، قال فلى المفردات الطمع نزوع النفس الى شىء شهوة له { ان يغفر لنا ربنا خطايانا } السالفة من الشرك وغيره { انا كنا } اى لان كنا { اول المؤمنين } اى من اتباع فرعون او من اهل المشهد ، قال الكاشفى [ آورده اندكه فرعون بفرمود تادست راست وباى جب آن مؤمنان ببريدند وايشانرا ازدارهاى بلند آويختنند وموسى عليه السلام برايشان مى كريست حضرت عزت حجابها برداشته منازل قرب ومقامات انس ايشانرا ينظروى در آورده تاتسلى يافت ] جادوان كان دست وبا در باختند ... در فضاى مولى تاختند كر برفت آن دست وبا برجاى آن ... رست از حق بالهاى جاودان تابدان برها بير واز آمدند ... درهواى عشق شهباز آمدند وذلك لان مانقص عن الوجود زاد فى الروح والشهود واللّه تعالى يأخذ الفانى من العبد ويأخذ بدله الباقى ، وكان جعفر ابن عم النبى صلّى اللّه عليه وسلّم آخذ للواء فى بعض الغزوات بيمينه فقطعت فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاثابه اللّه بذلك جناحين فى الجنة يطير بهما حيث شاء ولذلك قيل له جعفر الطيار وهكذا شان من هو صادق فى دعواه فليخفف ألم البلاء عنك علمك بان اللّه تعالى هو المبتلى لكن هذا العلم اذا لم يكن من مرتبة المشاهدات لا يحصل التخفيف التام فحال السحرة كانت حال الشهود والجذبة ومثلها يقع نادرا اذا الانجذاب تدريجى لاكثر السالكين لادفعى ، وكان حال عمر رضى اللّه عنه حين الايمان كحال السحرة وبالجملة ان الايمان وسيلة الاحسان فمن سعى فى اصلاح حاله فى باب الاعمال اوصله اللّه الى ماوصل اليه ارباب الاحوال كما قال عليه السلام ( من عمل بما علم ورثه اللّه علم مالم يعلم ) ، قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر كما تعبد لله محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بشريعة ابراهيم عليه السلام قبل نبوته عناية من اللّه له حتى فجأته الراوية وجاءته الرسالة فكذلك الولىّ الكامل يجب عليه معانقة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح اللّه له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يرده اللّه تعالى الى ارشاد الخلق كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين ارسل انتهى. فاذا عرفت الطريق فعليك بالسلوك فان اهل السلوك هم الملوك ولن يتم السلوك الا بالانقلاب التام عن الاهل والاولاد والاموال الى اللّه تعالى كما قال انا الى ربنا منقلبون ألا ترى ان السالك الصورى يترك كل ماله فى داره فان العبد ضعيف والضعيف لا يتحمل الحمل الثقيل نسأل اللّه التيسير والتسهيل { واوحينا الى موسى ان اسرى بعبادى } الايحاء اعلا فى خفاء وسرى يسرى بالكسر سرى بالضم وسرى بالفتح ايضا اى سار ليلا . والمعنى وقلنا لموسى بطريق الوحى ياموسى اذهب ببنى اسرائيل بالليل وسيرهم حتى تنتهى الى بحر القلزم فيأتيك هناك امرى فتعمل به وذلك بعد سنين اقام بين اظهرهم يدعوهم الى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا الا عتوا وفسادا : وبالفارسية [ وبيغام كرديم بسوى موسى آنكه ببر بسبب بندكان من يعنى بنى اسرائيل بجانب درياى قلزم كه نجات شما وهلاك كفره در آنست ] وعلم الانتهاء الى البحر من الوحى اذ من البعيد ان يؤمر بالمسير ليلا وهو لايعرف جهة الطريق ومن قول جبريل حين خرجوا من مصر موعد ما بينى وبينك ياموسى البحر اى شط بحر القلزم { انكم متبعون } يتبعكم فرعون وجنوده وهو تعليل للامر بالاسراء اى اسر بهم حتى اذا اتبعوكم مصبحين كان لكم تقدم عليهم بحيث لايدركونكم قبل وصولكم الى البحر بل يكونون على اثركم حين تدخلون البحر فيدخلون مداخلكم فاطبقه عليهم فاغرقهم { فارسل فرعون } حين اخبر بمسيرهم فى الليل { فى المدائن } [ درشهرها بياى تحت نزديك بود ] { حاشرين } اى قولما جامعين للعساكر ليتبعوهم ، قال الكاشفى [ آخر روز خبرخروج ايشان بقبطيان رسيد جه مى بنداشتند كه بنى اسرائيل تهينه اسباب عيد در خانهاى خود اقامت نموده اند روز دوم خواستندكه از عقب ايشان دوند درخانه هر قبطى يكى از اعزه قوم بمرد بتعزيه او مشغول شدند ودرين روز فرعون بجمع كردن لشكر امر كرد . قال فى كشف الاسرار بامداد روز يكشنبه قبطيان بدفن آن كافر مشغول وفرعون آن روز فرمود تاخيل وحشم وى همه جمع آمدند وديكر روز روز دوشنبه فرابى بنى اسرائيل نشتند ] { ان هؤلاء } اى قال حين جمع عساكر المدائن ان هؤلاء يريد بنى اسرائيل { لشرذمة قليلون } [ كروه اندك اند ] استقلهم وهم ستمائة الف وسبعون الفا بالنسبة الى جنوده اذ كان عدد آل فرعون لايحصى ، قال فى التكملة ابتعهم فى الف الف حصان سوى الاناث وكانت مقدمته سبعمائة الف والشرذمة الطائفة القليلة وقليلون دون قليلة باعتبار انهم اسباط لك سبط منهم سبط قليل { وانهم لنا لغائظون } [ بخشم آرندكان ] والغيظ اشد الغضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه . والمعنى لفاعلون ما يغيظنا ويغضبنا بمخالفتهم ديننا وذهابهم باموالنا التى استعاروها بسبب ان لهم عيدا فى هذه الليلة وخروجهم من ارضنا بغير اذن منا وهم منخرطون فى سلك عبادنا { وانا لجميع حاذرون } يقال للمجموع جموع وجميع وجماعة والحذر احتراز عن مخيف يريد ان بنى اسرائيل لقلتهم وحقارتهم لا يبالى بهم ولا يتقوع علوهم وغلبتهم ولكنهم يفعلون افعالا تغيظنا وتضيق صدرونا ونحن جمع وقوم من عادتنا التقيظ والحذر واستعمال الحزم فى الامور فاذا خرج علينا خارج سار عنا الى اطفاء نائرة فساده قاله فرعن لاهل المدائن لئلا يظن به انه خاف من بنى اسرائيل ، وقال بعضهم { حاذرون } يعنى [ سلاح وارانيم ودانند كان مراسم حرب تعريض است با آنكه قوم موسى نه سلاح تمام دارند ونه بعلم حرب داناند ] فانا الحاذر يجيىء بمعنى المتهىء والمستعد كما فى الصحاح { فاخرجناهم } اى فرعون وقومه بان خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه يعنى انهم وان خرجوا باختيارهم الا انه اسند الاخراج اليه تعالى اسنادا مجازيا من حيث الخلق المذكور { من جنات } بساتين كانت ممتدة على حافتى النيل { وعيون } من الماء ، قال الراغب يقال لمنبع الماء عين تشبيها بالعين الجارحة لما فيها من الماء ، قال فى كشف الاسرار وعيون اى انهار جارية ، وقال الكاشفى [ وازجشمه سارها ] { وكنوز } [ وازكنجها ] يعنى الاموال الظاهرة من الذهب والفضة ونحوهما سماها كنزا لان مالا يؤدى منه حق اللّه فهو كنز وان كان ظاهرا على وجه الارض وما ادى منه فليس بكنز وان كان تحت سبع ارضين والكنز المال المجموع المحفوظ ، والفرق بينه وبين الركاز والمعدن ان الركاز المال المركوز فى الارض مخلوقا كان او موضوعا والمعدن ما كان مخلوقا والكنز ما كان موضوعا ، قال فى خريدة العجائب وفى ارض مصر كنوز كثيرة ويقال ان غالب ارضها ذهب مدفون حتى قيل انه ما فيها موضع الا وهومشغول من الدفائن { ومقام كريم } يعنى المنازل الحسنة والمجالس البهية ، وقال السهيلى فى كتاب التعريف والاعلام هى الفيوم من ارض مصر فى قول طائفة من المفسرين ومعنى الفيوم الف يوم كما فى التكملة وهى مدينة عظيمة بناها يوسف الصديق عليه السلام ولها نهر يشقها ونهرها من عجائب الدنيا وذلك انه متصل بالنيل وينقطع ايام الشتاء وهو يرجى فى سائر الزمان على العادة ولهذه المدينة ثلاثمائة وستون قرية عامرة كلها مزارع وغلال ، ويقال ان الماء فى هذا الوقت قد اخذ اكثرها وكان يوسف جعلها على عدد ايام السنة فاذا اجدبت المصرية كانت كل قرية منها تقوم باهل مصر يوما وبارض الفيوم بساتين واشجار وفواكه كثيرة رخيصة واسماك زائدة الوصف وبها من قصب السكر كثير { كذلك } اى مثل ذلك الاخراج العجيب اخرجناهم فهو مصدر تشبيهى لاخرجنا ، وقال ابو الليث كذلك اى هكذا افعل بمن عصانى { واورثناها بنى اسرائيل } اى مكنا تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام اياهم على طريقة مال المورث للوارث كأنهم ملوكها من حين خروج اربابها منها قبل ان يقبضوها ويتسلموها : وبالفارسية [ وميراث داديم باغ وبستان وكنج وجاريهاى ايشان فرزندان يعقوب را جه قول آنست كه بنى اسرائيل بعد ازهلاك فرعونيان بمصر آمده همه اموال قبطيه بحيطه تصرف آوردند واصح آنست كه درزمان دولت داود عليه السلام برملك استيلا يافته متصرف جهان مصريان شدند ] كما قال الطبرى انما ملكوا ديار آل فرعون ولم يدخلوها لكنه سكنوا الشام القصة [ فرعون ششصد هزار سوار برمقدمه لشكر روان كرد وششصد هزار درساقه لشكر مقرر كرد وخود باخلق بيشمار درقلب قرار كرفت يكى لشكر سرابا غرق جوشن شده درموج جون درياى آهن جوجشم دلبران بركين وخونريز بقصد خون دم تيغها تيز ] { فأتبعوهم } بقطع الهمزة يقال اتبعه اتباعا اذا طلب الثانى اللحوق بالاول وتبعه تبعا اذا مر به ومضى معه . والمعنى فاردنا اخراجهم ويراث بنى اسرائيل ديارهم فخرجوا فلحقوا موسى واصحابه { مشرقين } يقال اشرق واصبح وامسى واظهر اذا دخل فى الشروق والصباح والمساء والظهيرة . والمعنى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس اى طلوعها على انه حال اما من الفاعل او من المفعول او منهما جميعا لان الدخول المذكور قائم بهم جميعا ، قال الكاشفى [ يعنى بهنكام طلوع آفتاب ببنى اسرائيل رسيدند ودران زمان لشكر موسى بكناره درياى قلزم رسيدند تدبير عبور ميكردندكه ناكاه اثر فرعونيان بديد آمد ] { فلما تراء الجمعان } تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخر والمراد جمع موسى وجمع فرعون . وتراءى من التفاعل والترئى [ يكديكررا ديدن ودر برابر يكديكر افتادن ] كما فى التاج { قال اصحاب موسى انا لمدركون } لملحقون من ورائنا ولا طاقة لنا بقوم فرعون وهذا البحر امامنا لامنفذ لنا فيه { قال } موسى { كلا } لأنه جنين است ] اى ارتدعوا وانزجروا عن ذلك المقال فانهم لايدركونكم فان اللّه تعالى وعدكم الخلاص منهم { ان معى ربى } بالحفظ بالحفظ والنصر والرعاية والعناية ، قال الجنيد حين سئل العناية اولا ام الرعاية قال العناية قبل الماء والطين { سيهدين } البتة الى طريق النجاة منهم بالكلية [ محققان كفته اند موسى عليه السلام در كلام خود معيت را مقدم داشت كه { ان معى ربى } وحضرت بيغمبر ما عليه السلام در قول خودكه { ان الهل معنا } معيت تأخير فرمود تابر ضمائر عرفا روشن كرددكه كليم از خود بحق نكريست واين مقام مريدست وحبيب از حق بخود نظر كرد واين مقام مرادست مريدرا هرجه كويند آن كند ومراد هرجه كويد جنان كنند ] اين يكرى را روى او در روى دوست وآن دكررا روى او خود روى اوست وفى كشف الاسرار [ موسى خودرا درين حكم موده كه كفت { معى ربى } ونكفت ( معنا ربنا ) زيرا كه درسابقه حكم رفته بودكه قومى از بنى اسرائيل بعد از هلاك فرعون وقبطيان كوساله برست خواهند شدباز مصطفى عليه السلام جون درغار بود باصديق اكبر ازاحوال صديق آن حقائق معانى ساخته كه اورا بانفس خود قرين كرد ودر حكم معيت آورد كفت { ان اللّه معنا } وكفته اند موسى خودرا كفت { ان معى ربى سيهدين } ورب العزة امت محمدراكفت { ان اللّه مع الذين اتقوا } موسى آنجه خودرا كفت اللّه اورا بكرد واورا راه نجات نمود وكيد دشمن از بيش برداشت جكويى آنكه تعالى بخودىء خود امت احمدرا كفت ووعده كه داد اولى كه وفاكند ازغم كناه برهاند وبرحمت ومغفرت خود ساند ] روى ان مؤمن آل فرعون كان بين يدى موسى فقال اين امرت فهذا البحر امامك وقد غشيك آل فرعون قال امرت بالبحرولعلى اومر بما اصنع روى عن عبداللّه بن سلام ان موسى لما انتهى الى البحر قال عند ذك يامن كان قبل كل شىء والمكون لكل شىء والكائب بعد كل شىء اجعل لنا مخرجا ، وعن عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ألا اعلمك الكلمات التى قالهن موسى حين انفلق البحر ) قلت بلى قال ( قل اللهم لك الحمد واليك المشتكى وبك المستغاث وانت المستعان ولا حول ولا قوة الا باللّه ) ق ابن مسعود فما تركتهن منذ سمعتهن من النبى عليه السلام { فاوحينا الى موسى ان } ياموسى { اضرب بعصاك البحر } هو بحر قلزم وسمى البحر بحرا لاستبحاره اى اتساعه وانبساطه . وبحر القلزم طرف من بحر فارس والقلزم يضم القاف وسكون اللام وضم الزاى بليدة كانت على ساحل البحر من جهة مصر وبينها وبين مصر نحو ثلاثة ايام قد خرجت ويعرف اليوم موضعها بالسويس تجاه عجرود منزل ينزله الحاج لمتوجه من مصر الى مكة وبالقرب منها غرق فرعون وبحر القلزم بحر مظلم حش لاخير فيه ظاهرا وباطنا وعلى ساحل هذا البحر مدينة مدين وهى خراب وبها البئر التى سقى موسى عليه السلام منها غنم شعيب وهى معطلة الآن ، قال الكاشفى [ موسى عليه السلام برلب دريا آمد وعصا بروى زد وكفت ياباخاله مارا راه ده ] { فانفلق } الفاء فصيحة اى فضرب فانفلق ماء البحر اى انشق فصار اثنى عشر فرقا بعدد الاسباط بينهن مسالك { فكان كل فرق } اى كل جزء تفرق منه وتقطع ، قال فى المفردات الفرق يقارب الفلق لكن الفلق يقال اعتبارا بالانشقاق والفرق يقال اعتبارا بالانفصال والفرق القطعة المنفصلة وكل فرق بالتفخيم والترقيق لكل القراء والتفخيم اولى { كالطود العظيم } كالجبل المرتفع فى السماء الثابت فى مقره ، قال الراغب الطود الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الاطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال فدخلوا فى شعابه كل سبط فى شعب منها ، قال الكاشفى [ وفى الحال بادى درتك دريا وزيد وكل خشك شده وهر سبطى ازراهى بدريا در آمدند ] كما قال تعالى { فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا } { وازلفنا } اى قربنا من بنى اسرائيل ، قال تاج المصادر : الازلاف [ نزديك كردانيدن وجمع كردن ] وفسر بهما قوله تعالى { وازلفنا } الا ان الحمل على المعنى الاول احسن انتهى { ثم } حيث انفلق البحر وهو اشارة الى المستبعد من المكان { الآخرين } اى فرعون وقومه حتى دخلوا على اثرهم مدخلهم { وانجينا موسى ومن معه اجمعين } من الغرق بحفظ البحر على تلك الهيئة الى ان عبروا الى البر { ثم اغرقنا الآخرين } باطباقه عليهم يعنى : [ جون بنى اسرائيل همه ازدريا بيرون آمدند موسى ميخواست كه دريا بحال خود بازشود ازبيم آنكه فرعون وقبطيان بآن راهها درآيند وبايشان در رسند فرمان آمدكه ] ياموسى اترك البحر رهوا اى صفوفا ساكنة فان فرعون وقومه جند مغرقون فتركه على حاله حتى اغرقهم اللّه تعالى كما مر فى غير موضع آورده اندكه آن روزكه موسى نجات يافت ودشمن وى غرق كشت روز دوشنبه بود دهم ماه محرم وموسى آن روز روزه داشت شكر آن نعمت را ] { ان فى ذلك } اى فى جميع مافصل خصوصا فى الانجاء والغرق { لآية } لعبرة عظيمة للمعتبرين { وماكان اكثرهم } اى اكثر المصريين وهم آل فرعون { مؤمنين } قالوا لم يكن فيه مؤمن الا آسية امرأة فرعون وخربيل المؤمن ومريم بنت ناموشا التى دلت على عظام يوسف عليه السلام حين الخروج من مصر { وان بربك لهو العزيز } الغالب المنتقم من اعدائه كفرعون وقومه { الرحيم } باوليائه كموسى وبنى اسرائيل ، يقول الفقير هذا هو الذى يقتضيه ظاهر السوق فان قوله تعالى { ان فى ذلك } الخ ذكر فى هذه السورة فى ثمانية مواضع . اولها فى ذكر النبى عليه السلام وقومه كما سبق وذكر النبى عليه السلام وان لم يتقدم صريحا فقد تقدم كناية . والثانى فى قصة موسى ثم ابراهيم ثم نوح ثوم هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب عليهم السلام فتعقيب القول المذكور بكل قصة من هذه القصص يدل على ان المراد بالاكثر هو من لم يؤمن من قوم كل نبى من الانبياء المذكورين وقد ثبت فى غير هذه المواضع ايضا ان اكثر الناس من كل امة هم الكافرون فكون كل قصة آية وعبرة انما يعتبر بالنسبة الى من شاهد الوقعة ومن جاء بعدهم الى قيام الساعة فبدخل فيهم قريش لانهم سمعوا قصة موسى وفرعون مثلا من لسان النبى عليه السلام فكانت آية لهم مع ان بيانها من غير ان يسمعها من احد آية اخرى موجبة للايمان حيث دل على ان ما كان الا بطريق الوحى الصادق نعم ان قوله تعالى { ان فى ذلك } اذا كان اشارة الى جميع ماجرى بين موسى وفرعون مثلا كان غير الانجاء والغرق آية للمغرقين ايضا وبذلك يحصل التلاؤم الاتم بما يعده فافهم جدا ، وقد رجح بعضهم رجوع ضمير اكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام فيكون لمعنى ان فى ذلك المذكور لآية لاهل الاعتبار كما كان فى المذكور فى اول السورة آية ايضا وما كان اكثر هؤلاء الذين يسمعون قصة موسى وفرعون وهم اهل مكة مؤمنين لعدم تدبرهم واعتبارهم فليحذروا عن ان يصيبهم مثل ماصاب آل فرعون وان ربك لهو لعزيز الغالب على ماراد من انتقام المكذبين الرحيم البالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولايجعل عقوبتهم بعدم ايمانهم بعد مشاهدة هذه الآيات العظيمة بطريق الوحى مع كمال استحقاقهم لذلك ، وفى الآية تسلية للنبى عليه السلام لانه كان قد يغتم قلبه المنير بتكذيب قومه مع ظهور المعجزت على يديه فذكر له امثال هذه القصص ليقتدى بمن قبله من الانبياء فى الصبر على عناد قومه والانتظار مجيىء الفرج كما قيل اصبروا تظفروا كما ظفروا : قال الحافظ سروش علم غيبم بشارتى خوش داد كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهد ماند { واتل عليهم } من التلاوة وهى القراءة على سبيل التتابع والقراءة اعم اى اقرأ على مشركى العرب واخبر اهل مكة { نبأ ابراهيم } خبره العظيم الشان ، قال الكاشفى [ خبر ابراهيم كه ايشان بدو نسبت درست ميكنند وبفر زندى او مفتخرند ومستظهر ] { اذ قال } ظرف لنبأ { لابيه } آزر وهو تاريخ كما سبق { وقومه } اهل بابل وهو كصاحب موضع بالعراق واليه ينسب السحر . والقوم جماعة الرجال فى الاصل دون النساء كما نبه عليه قوله تعالى { الرجال قوامون على النساء } وفى عامة القرآن اريدوا به والنساء جمعيا كا فى المفردات { ماتعبدون } أى شىء تعبدونه : وبالفارسية [ جيست آنجه برستيد ] سألهم وقد علم انهم عبدة الاوثان لينبههم على ضلالهم ويريهم ان مايعبدونه لايستحق العبادة { قالوا نعبد اصناما } وهى اثنان وسبعون صنما من ذهب وفضة وحديد ونحاس وخشب كما فى كشف الاسرار . والصنم ما كان على صورة ابن آدم من حجر او غيره كما فى فتح الرحمن ، قال فى المفردات الصنم جثة متخذة من فضة او نحاس والوتن ٥١ { انا نطمع } نرجو ، قال فلى المفردات الطمع نزوع النفس الى شىء شهوة له { ان يغفر لنا ربنا خطايانا } السالفة من الشرك وغيره { انا كنا } اى لان كنا { اول المؤمنين } اى من اتباع فرعون او من اهل المشهد ، قال الكاشفى [ آورده اندكه فرعون بفرمود تادست راست وباى جب آن مؤمنان ببريدند وايشانرا ازدارهاى بلند آويختنند وموسى عليه السلام برايشان مى كريست حضرت عزت حجابها برداشته منازل قرب ومقامات انس ايشانرا ينظروى در آورده تاتسلى يافت ] جادوان كان دست وبا در باختند ... در فضاى مولى تاختند كر برفت آن دست وبا برجاى آن ... رست از حق بالهاى جاودان تابدان برها بير واز آمدند ... درهواى عشق شهباز آمدند وذلك لان مانقص عن الوجود زاد فى الروح والشهود واللّه تعالى يأخذ الفانى من العبد ويأخذ بدله الباقى ، وكان جعفر ابن عم النبى صلّى اللّه عليه وسلّم آخذ للواء فى بعض الغزوات بيمينه فقطعت فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاثابه اللّه بذلك جناحين فى الجنة يطير بهما حيث شاء ولذلك قيل له جعفر الطيار وهكذا شان من هو صادق فى دعواه فليخفف ألم البلاء عنك علمك بان اللّه تعالى هو المبتلى لكن هذا العلم اذا لم يكن من مرتبة المشاهدات لا يحصل التخفيف التام فحال السحرة كانت حال الشهود والجذبة ومثلها يقع نادرا اذا الانجذاب تدريجى لاكثر السالكين لادفعى ، وكان حال عمر رضى اللّه عنه حين الايمان كحال السحرة وبالجملة ان الايمان وسيلة الاحسان فمن سعى فى اصلاح حاله فى باب الاعمال اوصله اللّه الى ماوصل اليه ارباب الاحوال كما قال عليه السلام ( من عمل بما علم ورثه اللّه علم مالم يعلم ) ، قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر كما تعبد لله محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بشريعة ابراهيم عليه السلام قبل نبوته عناية من اللّه له حتى فجأته الراوية وجاءته الرسالة فكذلك الولىّ الكامل يجب عليه معانقة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح اللّه له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يرده اللّه تعالى الى ارشاد الخلق كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين ارسل انتهى . فاذا عرفت الطريق فعليك بالسلوك فان اهل السلوك هم الملوك ولن يتم السلوك الا بالانقلاب التام عن الاهل والاولاد والاموال الى اللّه تعالى كما قال انا الى ربنا منقلبون ألا ترى ان السالك الصورى يترك كل ماله فى داره فان العبد ضعيف والضعيف لا يتحمل الحمل الثقيل نسأل اللّه التيسير والتسهيل ٥٢ { واوحينا الى موسى ان اسرى بعبادى } الايحاء اعلا فى خفاء وسرى يسرى بالكسر سرى بالضم وسرى بالفتح ايضا اى سار ليلا . والمعنى وقلنا لموسى بطريق الوحى ياموسى اذهب ببنى اسرائيل بالليل وسيرهم حتى تنتهى الى بحر القلزم فيأتيك هناك امرى فتعمل به وذلك بعد سنين اقام بين اظهرهم يدعوهم الى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا الا عتوا وفسادا : وبالفارسية [ وبيغام كرديم بسوى موسى آنكه ببر بسبب بندكان من يعنى بنى اسرائيل بجانب درياى قلزم كه نجات شما وهلاك كفره در آنست ] وعلم الانتهاء الى البحر من الوحى اذ من البعيد ان يؤمر بالمسير ليلا وهو لايعرف جهة الطريق ومن قول جبريل حين خرجوا من مصر موعد ما بينى وبينك ياموسى البحر اى شط بحر القلزم { انكم متبعون } يتبعكم فرعون وجنوده وهو تعليل للامر بالاسراء اى اسر بهم حتى اذا اتبعوكم مصبحين كان لكم تقدم عليهم بحيث لايدركونكم قبل وصولكم الى البحر بل يكونون على اثركم حين تدخلون البحر فيدخلون مداخلكم فاطبقه عليهم فاغرقهم ٥٣ { فارسل فرعون } حين اخبر بمسيرهم فى الليل { فى المدائن } [ درشهرها بياى تحت نزديك بود ] { حاشرين } اى قولما جامعين للعساكر ليتبعوهم ، قال الكاشفى [ آخر روز خبرخروج ايشان بقبطيان رسيد جه مى بنداشتند كه بنى اسرائيل تهينه اسباب عيد در خانهاى خود اقامت نموده اند روز دوم خواستندكه از عقب ايشان دوند درخانه هر قبطى يكى از اعزه قوم بمرد بتعزيه او مشغول شدند ودرين روز فرعون بجمع كردن لشكر امر كرد . قال فى كشف الاسرار بامداد روز يكشنبه قبطيان بدفن آن كافر مشغول وفرعون آن روز فرمود تاخيل وحشم وى همه جمع آمدند وديكر روز روز دوشنبه فرابى بنى اسرائيل نشتند ] ٥٤ { ان هؤلاء } اى قال حين جمع عساكر المدائن ان هؤلاء يريد بنى اسرائيل { لشرذمة قليلون } [ كروه اندك اند ] استقلهم وهم ستمائة الف وسبعون الفا بالنسبة الى جنوده اذ كان عدد آل فرعون لايحصى ، قال فى التكملة ابتعهم فى الف الف حصان سوى الاناث وكانت مقدمته سبعمائة الف والشرذمة الطائفة القليلة وقليلون دون قليلة باعتبار انهم اسباط لك سبط منهم سبط قليل ٥٥ { وانهم لنا لغائظون } [ بخشم آرندكان ] والغيظ اشد الغضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه . والمعنى لفاعلون ما يغيظنا ويغضبنا بمخالفتهم ديننا وذهابهم باموالنا التى استعاروها بسبب ان لهم عيدا فى هذه الليلة وخروجهم من ارضنا بغير اذن منا وهم منخرطون فى سلك عبادنا ٥٦ { وانا لجميع حاذرون } يقال للمجموع جموع وجميع وجماعة والحذر احتراز عن مخيف يريد ان بنى اسرائيل لقلتهم وحقارتهم لا يبالى بهم ولا يتقوع علوهم وغلبتهم ولكنهم يفعلون افعالا تغيظنا وتضيق صدرونا ونحن جمع وقوم من عادتنا التقيظ والحذر واستعمال الحزم فى الامور فاذا خرج علينا خارج سار عنا الى اطفاء نائرة فساده قاله فرعن لاهل المدائن لئلا يظن به انه خاف من بنى اسرائيل ، وقال بعضهم { حاذرون } يعنى [ سلاح وارانيم ودانند كان مراسم حرب تعريض است با آنكه قوم موسى نه سلاح تمام دارند ونه بعلم حرب داناند ] فانا الحاذر يجيىء بمعنى المتهىء والمستعد كما فى الصحاح ٥٧ { فاخرجناهم } اى فرعون وقومه بان خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه يعنى انهم وان خرجوا باختيارهم الا انه اسند الاخراج اليه تعالى اسنادا مجازيا من حيث الخلق المذكور { من جنات } بساتين كانت ممتدة على حافتى النيل { وعيون } من الماء ، قال الراغب يقال لمنبع الماء عين تشبيها بالعين الجارحة لما فيها من الماء ، قال فى كشف الاسرار وعيون اى انهار جارية ، وقال الكاشفى [ وازجشمه سارها ] ٥٨ { وكنوز } [ وازكنجها ] يعنى الاموال الظاهرة من الذهب والفضة ونحوهما سماها كنزا لان مالا يؤدى منه حق اللّه فهو كنز وان كان ظاهرا على وجه الارض وما ادى منه فليس بكنز وان كان تحت سبع ارضين والكنز المال المجموع المحفوظ ، والفرق بينه وبين الركاز والمعدن ان الركاز المال المركوز فى الارض مخلوقا كان او موضوعا والمعدن ما كان مخلوقا والكنز ما كان موضوعا ، قال فى خريدة العجائب وفى ارض مصر كنوز كثيرة ويقال ان غالب ارضها ذهب مدفون حتى قيل انه ما فيها موضع الا وهومشغول من الدفائن { ومقام كريم } يعنى المنازل الحسنة والمجالس البهية ، وقال السهيلى فى كتاب التعريف والاعلام هى الفيوم من ارض مصر فى قول طائفة من المفسرين ومعنى الفيوم الف يوم كما فى التكملة وهى مدينة عظيمة بناها يوسف الصديق عليه السلام ولها نهر يشقها ونهرها من عجائب الدنيا وذلك انه متصل بالنيل وينقطع ايام الشتاء وهو يرجى فى سائر الزمان على العادة ولهذه المدينة ثلاثمائة وستون قرية عامرة كلها مزارع وغلال ، ويقال ان الماء فى هذا الوقت قد اخذ اكثرها وكان يوسف جعلها على عدد ايام السنة فاذا اجدبت المصرية كانت كل قرية منها تقوم باهل مصر يوما وبارض الفيوم بساتين واشجار وفواكه كثيرة رخيصة واسماك زائدة الوصف وبها من قصب السكر كثير ٥٩ { كذلك } اى مثل ذلك الاخراج العجيب اخرجناهم فهو مصدر تشبيهى لاخرجنا ، وقال ابو الليث كذلك اى هكذا افعل بمن عصانى { واورثناها بنى اسرائيل } اى مكنا تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام اياهم على طريقة مال المورث للوارث كأنهم ملوكها من حين خروج اربابها منها قبل ان يقبضوها ويتسلموها : وبالفارسية [ وميراث داديم باغ وبستان وكنج وجاريهاى ايشان فرزندان يعقوب را جه قول آنست كه بنى اسرائيل بعد ازهلاك فرعونيان بمصر آمده همه اموال قبطيه بحيطه تصرف آوردند واصح آنست كه درزمان دولت داود عليه السلام برملك استيلا يافته متصرف جهان مصريان شدند ] كما قال الطبرى انما ملكوا ديار آل فرعون ولم يدخلوها لكنه سكنوا الشام القصة [ فرعون ششصد هزار سوار برمقدمه لشكر روان كرد وششصد هزار درساقه لشكر مقرر كرد وخود باخلق بيشمار درقلب قرار كرفت يكى لشكر سرابا غرق جوشن شده درموج جون درياى آهن جوجشم دلبران بركين وخونريز بقصد خون دم تيغها تيز ] ٦٠ { فأتبعوهم } بقطع الهمزة يقال اتبعه اتباعا اذا طلب الثانى اللحوق بالاول وتبعه تبعا اذا مر به ومضى معه . والمعنى فاردنا اخراجهم ويراث بنى اسرائيل ديارهم فخرجوا فلحقوا موسى واصحابه { مشرقين } يقال اشرق واصبح وامسى واظهر اذا دخل فى الشروق والصباح والمساء والظهيرة . والمعنى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس اى طلوعها على انه حال اما من الفاعل او من المفعول او منهما جميعا لان الدخول المذكور قائم بهم جميعا ، قال الكاشفى [ يعنى بهنكام طلوع آفتاب ببنى اسرائيل رسيدند ودران زمان لشكر موسى بكناره درياى قلزم رسيدند تدبير عبور ميكردندكه ناكاه اثر فرعونيان بديد آمد ] ٦١ { فلما تراء الجمعان } تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخر والمراد جمع موسى وجمع فرعون . وتراءى من التفاعل والترئى [ يكديكررا ديدن ودر برابر يكديكر افتادن ] كما فى التاج { قال اصحاب موسى انا لمدركون } لملحقون من ورائنا ولا طاقة لنا بقوم فرعون وهذا البحر امامنا لامنفذ لنا فيه ٦٢ { قال } موسى { كلا } لأنه جنين است ] اى ارتدعوا وانزجروا عن ذلك المقال فانهم لايدركونكم فان اللّه تعالى وعدكم الخلاص منهم { ان معى ربى } بالحفظ بالحفظ والنصر والرعاية والعناية ، قال الجنيد حين سئل العناية اولا ام الرعاية قال العناية قبل الماء والطين { سيهدين } البتة الى طريق النجاة منهم بالكلية [ محققان كفته اند موسى عليه السلام در كلام خود معيت را مقدم داشت كه { ان معى ربى } وحضرت بيغمبر ما عليه السلام در قول خودكه { ان اللّه معنا } معيت تأخير فرمود تابر ضمائر عرفا روشن كرددكه كليم از خود بحق نكريست واين مقام مريدست وحبيب از حق بخود نظر كرد واين مقام مرادست مريدرا هرجه كويند آن كند ومراد هرجه كويد جنان كنند ] اين يكرى را روى او در روى دوست ... وآن دكررا روى او خود روى اوست وفى كشف الاسرار [ موسى خودرا درين حكم موده كه كفت { معى ربى } ونكفت ( معنا ربنا ) زيرا كه درسابقه حكم رفته بودكه قومى از بنى اسرائيل بعد از هلاك فرعون وقبطيان كوساله برست خواهند شدباز مصطفى عليه السلام جون درغار بود باصديق اكبر ازاحوال صديق آن حقائق معانى ساخته كه اورا بانفس خود قرين كرد ودر حكم معيت آورد كفت { ان اللّه معنا } وكفته اند موسى خودرا كفت { ان معى ربى سيهدين } ورب العزة امت محمدراكفت { ان اللّه مع الذين اتقوا } موسى آنجه خودرا كفت اللّه اورا بكرد واورا راه نجات نمود وكيد دشمن از بيش برداشت جكويى آنكه تعالى بخودىء خود امت احمدرا كفت ووعده كه داد اولى كه وفاكند ازغم كناه برهاند وبرحمت ومغفرت خود ساند ] روى ان مؤمن آل فرعون كان بين يدى موسى فقال اين امرت فهذا البحر امامك وقد غشيك آل فرعون قال امرت بالبحرولعلى اومر بما اصنع روى عن عبداللّه بن سلام ان موسى لما انتهى الى البحر قال عند ذك يامن كان قبل كل شىء والمكون لكل شىء والكائب بعد كل شىء اجعل لنا مخرجا ، وعن عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ألا اعلمك الكلمات التى قالهن موسى حين انفلق البحر ) قلت بلى قال ( قل اللهم لك الحمد واليك المشتكى وبك المستغاث وانت المستعان ولا حول ولا قوة الا باللّه ) ق ابن مسعود فما تركتهن منذ سمعتهن من النبى عليه السلام ٦٣ { فاوحينا الى موسى ان } ياموسى { اضرب بعصاك البحر } هو بحر قلزم وسمى البحر بحرا لاستبحاره اى اتساعه وانبساطه . وبحر القلزم طرف من بحر فارس والقلزم يضم القاف وسكون اللام وضم الزاى بليدة كانت على ساحل البحر من جهة مصر وبينها وبين مصر نحو ثلاثة ايام قد خرجت ويعرف اليوم موضعها بالسويس تجاه عجرود منزل ينزله الحاج لمتوجه من مصر الى مكة وبالقرب منها غرق فرعون وبحر القلزم بحر مظلم حش لاخير فيه ظاهرا وباطنا وعلى ساحل هذا البحر مدينة مدين وهى خراب وبها البئر التى سقى موسى عليه السلام منها غنم شعيب وهى معطلة الآن ، قال الكاشفى [ موسى عليه السلام برلب دريا آمد وعصا بروى زد وكفت ياباخاله مارا راه ده ] { فانفلق } الفاء فصيحة اى فضرب فانفلق ماء البحر اى انشق فصار اثنى عشر فرقا بعدد الاسباط بينهن مسالك { فكان كل فرق } اى كل جزء تفرق منه وتقطع ، قال فى المفردات الفرق يقارب الفلق لكن الفلق يقال اعتبارا بالانشقاق والفرق يقال اعتبارا بالانفصال والفرق القطعة المنفصلة وكل فرق بالتفخيم والترقيق لكل القراء والتفخيم اولى { كالطود العظيم } كالجبل المرتفع فى السماء الثابت فى مقره ، قال الراغب الطود الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الاطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال فدخلوا فى شعابه كل سبط فى شعب منها ، قال الكاشفى [ وفى الحال بادى درتك دريا وزيد وكل خشك شده وهر سبطى ازراهى بدريا در آمدند ] كما قال تعالى { فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا } ٦٤ { وازلفنا } اى قربنا من بنى اسرائيل ، قال تاج المصادر : الازلاف [ نزديك كردانيدن وجمع كردن ] وفسر بهما قوله تعالى { وازلفنا } الا ان الحمل على المعنى الاول احسن انتهى { ثم } حيث انفلق البحر وهو اشارة الى المستبعد من المكان { الآخرين } اى فرعون وقومه حتى دخلوا على اثرهم مدخلهم ٦٥ { وانجينا موسى ومن معه اجمعين } من الغرق بحفظ البحر على تلك الهيئة الى ان عبروا الى البر ٦٦ { ثم اغرقنا الآخرين } باطباقه عليهم يعنى : [ جون بنى اسرائيل همه ازدريا بيرون آمدند موسى ميخواست كه دريا بحال خود بازشود ازبيم آنكه فرعون وقبطيان بآن راهها درآيند وبايشان در رسند فرمان آمدكه ] ياموسى اترك البحر رهوا اى صفوفا ساكنة فان فرعون وقومه جند مغرقون فتركه على حاله حتى اغرقهم اللّه تعالى كما مر فى غير موضع آورده اندكه آن روزكه موسى نجات يافت ودشمن وى غرق كشت روز دوشنبه بود دهم ماه محرم وموسى آن روز روزه داشت شكر آن نعمت را ] ٦٧ { ان فى ذلك } اى فى جميع مافصل خصوصا فى الانجاء والغرق { لآية } لعبرة عظيمة للمعتبرين { وماكان اكثرهم } اى اكثر المصريين وهم آل فرعون { مؤمنين } قالوا لم يكن فيه مؤمن الا آسية امرأة فرعون وخربيل المؤمن ومريم بنت ناموشا التى دلت على عظام يوسف عليه السلام حين الخروج من مصر ٦٨ { وان بربك لهو العزيز } الغالب المنتقم من اعدائه كفرعون وقومه { الرحيم } باوليائه كموسى وبنى اسرائيل ، يقول الفقير هذا هو الذى يقتضيه ظاهر السوق فان قوله تعالى { ان فى ذلك } الخ ذكر فى هذه السورة فى ثمانية مواضع . اولها فى ذكر النبى عليه السلام وقومه كما سبق وذكر النبى عليه السلام وان لم يتقدم صريحا فقد تقدم كناية . والثانى فى قصة موسى ثم ابراهيم ثم نوح ثوم هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب عليهم السلام فتعقيب القول المذكور بكل قصة من هذه القصص يدل على ان المراد بالاكثر هو من لم يؤمن من قوم كل نبى من الانبياء المذكورين وقد ثبت فى غير هذه المواضع ايضا ان اكثر الناس من كل امة هم الكافرون فكون كل قصة آية وعبرة انما يعتبر بالنسبة الى من شاهد الوقعة ومن جاء بعدهم الى قيام الساعة فبدخل فيهم قريش لانهم سمعوا قصة موسى وفرعون مثلا من لسان النبى عليه السلام فكانت آية لهم مع ان بيانها من غير ان يسمعها من احد آية اخرى موجبة للايمان حيث دل على ان ما كان الا بطريق الوحى الصادق نعم ان قوله تعالى { ان فى ذلك } اذا كان اشارة الى جميع ماجرى بين موسى وفرعون مثلا كان غير الانجاء والغرق آية للمغرقين ايضا وبذلك يحصل التلاؤم الاتم بما يعده فافهم جدا ، وقد رجح بعضهم رجوع ضمير اكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام فيكون لمعنى ان فى ذلك المذكور لآية لاهل الاعتبار كما كان فى المذكور فى اول السورة آية ايضا وما كان اكثر هؤلاء الذين يسمعون قصة موسى وفرعون وهم اهل مكة مؤمنين لعدم تدبرهم واعتبارهم فليحذروا عن ان يصيبهم مثل ماصاب آل فرعون وان ربك لهو لعزيز الغالب على ماراد من انتقام المكذبين الرحيم البالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولايجعل عقوبتهم بعدم ايمانهم بعد مشاهدة هذه الآيات العظيمة بطريق الوحى مع كمال استحقاقهم لذلك ، وفى الآية تسلية للنبى عليه السلام لانه كان قد يغتم قلبه المنير بتكذيب قومه مع ظهور المعجزت على يديه فذكر له امثال هذه القصص ليقتدى بمن قبله من الانبياء فى الصبر على عناد قومه والانتظار مجيىء الفرج كما قيل اصبروا تظفروا كما ظفروا : قال الحافظ سروش علم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهد ماند ٦٩ { واتل عليهم } من التلاوة وهى القراءة على سبيل التتابع والقراءة اعم اى اقرأ على مشركى العرب واخبر اهل مكة { نبأ ابراهيم } خبره العظيم الشان ، قال الكاشفى [ خبر ابراهيم كه ايشان بدو نسبت درست ميكنند وبفر زندى او مفتخرند ومستظهر ] ٧٠ { اذ قال } ظرف لنبأ { لابيه } آزر وهو تاريخ كما سبق { وقومه } اهل بابل وهو كصاحب موضع بالعراق واليه ينسب السحر . والقوم جماعة الرجال فى الاصل دون النساء كما نبه عليه قوله تعالى { الرجال قوامون على النساء } وفى عامة القرآن اريدوا به والنساء جمعيا كا فى المفردات { ماتعبدون } أى شىء تعبدونه : وبالفارسية [ جيست آنجه برستيد ] سألهم وقد علم انهم عبدة الاوثان لينبههم على ضلالهم ويريهم ان مايعبدونه لايستحق العبادة ٧١ { قالوا نعبد اصناما } وهى اثنان وسبعون صنما من ذهب وفضة وحديد ونحاس وخشب كما فى كشف الاسرار . والصنم ما كان على صورة ابن آدم من حجر او غيره كما فى فتح الرحمن ، قال فى المفردات الصنم جثة متخذة من فضة او نحاس والوتن حجارة كانت تعبد ، قال الكاشفى [ مراد تمثالهاست كه ساخته بودند از انواع فلزات بر صور مختلفه وبر عبادت آن مداومت ميكردند ] كما قال { فنظل لها عاكفين } لم يقتصروا على قوله اصناما بل اطنبوا فى الجواب باظهار الفعل وعطف دوام عكوفهم على اصنامهم ابتهاجا وافتخارا بذلك يقال ظللت اعمل كذا بالكسر ظلولا اذا علمت بالنهار دون الليل والظاهر ان عبادتهم الاصنام لاتختص بالنهار فالمراد بالظلول ههنا الدوام والمعنى بالفارسية [ بس هميشه مى باشيم مرانرا بحاور وملازم ومداوم برعبادت ] ، والعكوف اللزوم ومنه المعتكف لملازمته المسجد على سبيل القربة وصلة العكوف كلمة على وايراد اللام لافادة معنى زائد كأنهم قالوا فنظل لاجلها مقبلين على عبادتها ومستديرين حولها ، وقال ابو الليث ان ابراهيم عليه السلام ولدته امه فى الغار فلماخرج وكبر دخل المصر واراد ان يعلم على أى مذهب هم وهكذا ينبغى للعاقل اذا دخل بلدة ان يسألهم عن مذهبهم فان وجدهم على الاستقامة دخل معهم وان وجدهم على غير الاستقامة انكر عليهم فلما قال ابراهيم ماتعبدون وقالوا نعبد اصناما فنظل لها عاكفين واراد ان يبين عيب فعلهم ٧٢ { قال } استئناف بيانى { هل يسمعونكم } اى يسمعون دعاءكم على حذف المضاف فان كم ليس من قبيل المسموعات والواو بحسب زعمهم فانهم كانوا يجرون الاصنام مجرى العقلاء { اذ تدعون } وقت دعائكم لحوائجكم فيستجيبون لكم ٧٣ { او ينفعونكم } على عبادتكم لها : وبالفارسية [ ياسود ميرسانند شمارا ] { او يضرون } او يضرونكم بترك العبادة اذ لابد للعبادة من جلب نفع او دفع ضر : وبالفارسية [ يازيان مير سانند بشما قوم ابراهيم نتانستندكه اورا جواب دهند بهانه تقليد بيش آورده ] ٧٤ { قالوا } مارأينا منهم ذلك السمع او النفع او الضر { بل وجدنا آباءنا كذلك } منصوب بقوله { يفعلون } وهومفعول ثان لوجدنا اى وجدناهم يعبدون مثل عبادتنا فاقتدينا بهم اعترفوا بانها بمعزل من السمع والمنفعة والمضرة بالكلية واضطروا الى اظهار أن لاسند لهم سوى التقليد خواى بسوى كعبه تحقيق ره برى ... بى بر بى مقلد كم كرده ره مرو ٧٥ { قال } ابراهيم متبرئا من الاصنام { أفرأيتم } اى أنظرتم فابصرتم او تأملتم { ماكنتم تعبدون } ٧٦ {انتم وآباؤكم الاقدمون } الاولون حق الابصار او بحق العلم فان الباطل لا ينقلب حقا بكثرة فاعليه وكونه دأبا قديما وما موصولة عبارة عن الاصنام ٧٧ { فانهم عدو لى } بيان لحال مايعبدونه بعد التنبيه على عدم علمهم بذلك اى لم تنظروا ولم تقفوا على حاله فاعلموا ان الاصنام اعداء لعابديهم لما انهم يتضررون من جهتهم فوق ما يتضرر الرجل من عدوه . فسمى الاصنام اعداء وهى جمادات على سبيل الاستعارة وصور الامر فى نفسه حيث قال عدو لى لا لكم تعريضا لهم فانه انفع فى النصح من التصريح واشعارا بانها نصيحة بدأ بها نفسه ليكون ادعى الى القبول ، وقال الفراء وهو من المقلوب ومعناه فانى عدو لهم فان من عاديته عاداك وافراد العدو لانه فى الاصل مصدر او بمعنى النسب اى ذو عداوة كتامر لذى تمر { الا رب العالمين } استثناء منقطع اى لكن رب العالمين ليس كذلك بل هو وليى فى الدنيا والآخرة لايزال يتفضل علىّ بمنافعها ، قال بعض الكبار رأى الخليل عليه السلام نفسه بمثابة فى الخلة لم يكن له فى زمانه نظير يسمع كلامه من حيث حاله فوقعت العداوة بينه وبين الخلق جمعيا . وايضا هذا اخبار عن كمال محبته اذ لايليق بصحبته ومحبته احد غير الحق ، قال سمنون لا تصح المحبة لمن لم ينظر الى الاكوان وما فيها بعين العداوة حتى يصح له بذلك محبة محبوبه والرجوع اليه بالانقطاع عما سواه ألا ترى اللّه كيف قال حاكيا عن الخليل { فانهم عدو لى الا رب العالمين } هجرت الكل فيك حتى ... صح لى الاتصال بهجر ماسوى بايد ... طلب كردن وصال او كن من الخلق جانبا ... وارض باللّه صاحبا قلب الخلق كيف ... شئت تجدهم عقاربا يقول الفقير اعلم ان العدو لا ينظر الى العدو الا بطرف العين بل لاينظر اصلا لفقدان الميل القلبى قطعا فاذا كان ماسوى اللّه تعالى عدوا للسائق فاللائق له ان لا ينظر اليه الا بنظر الاعتبار . وقد ركب اللّه فى الانسان عينين اشارة باليمنى الى الملكوت وباليسرى الى الى الملك فمادامت اليسرى مفتوحة الى الملك فاليمنى محجوبة عن الملكوت ومادامت اليمنى ناظرة الى الملكوت فالعبد محجوب عن الجبروت واللاهوت فلابد من قطع النظر المرضى . وفى الدعاء اللّه اشغلنا بك عمن سواك ، فان قلت مايطلق عله ماسوى اللّه كله من آثار تجلياته تعالى فكيف يكون عدوا وغيرا ، قلت هو فى نفسه كذلك لكنه اشارة الى المراتب ولابد من العبور عن جميع المراتب من ان كونه عدوا انما هو من حيث كونه صنما ومبدأ علاقة فمن شاهد اللّه فى كل شىء فقد انقطع عن الاغيار فكل عدو له صديق والحمد لله تعالى جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات ٧٨ { الذى خلقنى } [ از عدم بوجود آورد ] صفة رب العالمين { فهو } وحده { يهدين } يرشدنى الى صلاح الدارين بهدايته المتصلة من الخلق ونفخ الروح متجدد على الاستمرار كما ينبىء عنه فاء العطف التعقيبى وصيغة المضارع وذلك ان مبدأ الهداية بالنسبة الى الانسان هداية الجنين الى امتصاص دم الحيض من الرحم ومنتهاها الهداية الى طريق الجنة والتنعم بلذائذها واشار قوله { فهو يهدين } الى قطع الاسباب والاكتساب فى النبوة والولاية والخلة بل اشار الى الاصطفاء الازلى وذلك ان جميع المقامات اختصاصية عطائية غير نسبية حاصلة للعين الثابتة من الفيض الاقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرئطه واسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وليس كذلك فى الحقيقة : قال الحافظ قومى بجهد وجد نهادند وصل دوست ... قومى دكر حواله بتقدير ميكنند ٧٩ { والذى } الخ معطوف على الصفة الاولى وتكرير الموصول فى المواقع الثلاثة للدلالة على ان كل واحدة من الصلات مستقلة باقتضاء الحكم { هو } وحده { يطعمنى } أى طعام شاء : وبالفارسية [ ميخواراندمرا غدايى كه قوم اجزاء بدن منسب ] { ويسقين } أى شراب شاء : وبالفارسية [ مى آشاماند مرا شرابى كه موجب تسكين عطش وسبب تربيت اعضاء ] اى هو رازقى فمن عنده طعامى وشرابى وليس الاطعام والسقى عبارتين عن مجرد خلق الطعام والشراب له او تمليكهما اياه بل يدخل فيهما اعطاء جميع ما يتوقف الانتفاع بالطعام والشراب عليه كالشهووة وقت المضغ والابتلاع والهضم والدفع ونحو ذلك . ومن دعاء ابى هريرة رضى اللّه عنه ( اللهم اجعل لى ضرسا طحونا ومعدة هضوما ودبرا بثورا ). واشارت الآية الى مقام التوكيل والرضى التسليم والتفويض وقطع الاسباب والاقبال اليه بالكلية والاعراض عما سواه ، صاحب بحر الحقائق [ فرمدكه مراد طعام عبوديتست كه دلها بآن زنده شود وشراب طهور تجلى صفت ربوبيت كه ارواح بآن تازه باشد . وذو النون مصرى قدس سره فرمودكه اين طعام طعام معرفتست واين شراب شراب محبت واين بيت خوانده ] شراب المحبة خير الشراب ... وكل شراب سواه سراب واز فحواى كلام شمه از اسرار كلام حقائق نظام ( ابيت عند ربى يطعمنى ويسقينى ) بى تواندبرد ترا نوال دمادم زخانه يطعمنى ... ترا بياله مدام از شراب يسقينى مرا توقبله دينى ازان سبب كفتم ... بمردمان كه ( لكم دينكم ولى دينى ) وقد اختلف الناس فى الطعام والشراب المذكورين فى الحديث على قولين . احدهما انه طعام وشراب حسى للفم قالوا وهذه حقيقة اللفظ ولا يوجب العدول عنه ماقال بعضهم كان يؤتى بطعام من الجنة . والثانى ان المراد به مايغذيه اللّه به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه ونعيم محبته وتوابع ذلك من الاحوال التى هى غذاء القلوب ونعيم الارواح وقرة الاعين وبهجة النفوس ، قال الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره انما اكل نبينا عليه السلام فى الظاهر لاجل امته الضعيفة والا فلا احتياج له الا الاكل والشرب وما روى من انه كان يشد الحجز على بطنه فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت بل يبقى فى عالم الملك ويحصل له الاستقرار فى عالم الارشاد وقد حكى عن بعض امته انه لم يأكل ولم يشرب سنين وهو اولى واقوى فى هذا الباب من امته لقوة انجذابه الى عالم القدس وتجرده عن غواشى البشرية وكان فى عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سقاء تبع النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثة ايام قرأ { وما من دابة فى الارض الا على اللّه رزقها } فرمى بقربته فاتاه آت فى منامه بقدح من شراب الجنة فسقاه قال انس رضى اللّه عنه فعاش بعد ذلك نيفا وعشرين سنة لم يأكل ولم يشرب على شهوة كما فى كشف الاسرار ٨٠ { واذا مرضت } [ وجون بيمار شوم ] { فهو } وحده { يشفين } يبرئنى من المرض ويعطى الشفاء لا الاطباء وذلك انهم كانوا يقولون المرض من الزمان ومن الاغذية والشفاء من الاطباء والادوية فأعلم ابراهيم ان الذى امرض هو الذى يشفى وهو اللّه تعالى لكن نسب المرض الى نفسه حيث لم يقل واذا امرضنى والشفاء الى اللّه تعالى مع انهما من اللّه تعالى لرعاية حسن الادب فى العبارة كما قال الخضر عليه السلام فى العيب { فاردت ان اعيبها } وفى الخبر ( فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما ) وكذا الجن راقبوا هذا الادب بعينه حيث قالوا ( وانا لاندرى أشر اريد بمن فىلارض ام اراد بهم رشدا ) قوله { واذا مرضت } الخ عطف على يطعمنى ويسقينى نظمهما فى سلك صلة واحدة لما ان الصحة والمرض من متفرعات الاكل والشرب غالبا فان البطنة تورث الاسقام والاوجاع والحمية اصل الراحة والسلامة ، قالت الحكماء لو قيل لاكثر الموتى ما سبب آجالكم لقاوا التخم . وفى الحكمة ليس للبطنة من خمصة تتبعها ، قال الكاشفى [ از امام جعفر صادق رضى اللّه عنه منقولست كه جون بيمار شوم بكناه مرا شفادهد بتوبه . سلمى رحمه اللّه فرمودكه مرض برؤيت اغياراست وشفا بمشاهدة انوار واحد قهار . ودر بحر آورده كه بيمارى بتعلقات كونين است وشفا بقطع تعلق وآن وابسته بجذبه عنايتست كه جون دررسد سالك را از همه منقطع ساخته بيكى بيوند دهد يعنى بشربت تجريد از مرض تعلقش باز رهاند جكويمت كه جه خوش آمدى مسيح صفت ... بيكنفس همه درد مرا دوا كردد وقال بعضهم واذا مرضت بداء محبته وسقمت بسقم الشوق الى لقائه ووصلته فهو يشفين بحسن وصاله وكشف جماله بمقدمك المبارك زال دائى ... وفى لقياك عجل لى شفائى وفى الآية اشارة الى رفع الرجوع الى غيره والسكون الى التداوى والمعالجة بشىء فهو كمال التسليم ، قال فى كشف الاسرار [ واين نه مرضى معلوم بود درآن وقت بلكه نوعى بود از تمارض ] كما يتمارض الاحباب طمعا فى العيادة يود بان يمسى سقيما لعلها ... اذا سمعت عنه سليمى تراسله ان كان يمنعك الوشاة زيارتى ... فادخل الىّ بعلة العوّاد [ آن شفاى دل خليل كه بوى اشارت ميكند آنست كه جبريل كاه كاه آمدى بفرمان حق وكفتى ( يقول مولاك كيف انت البارحة ) وزبان حال خليل بجواب ميكويد خرسند شدم بدانكه كويى يكبار ... كاى خسته روزكار دوشت جون بود وحكى عن بعضهم انه مرض وضعف اصفر لونه فقيل له ألا ندعو لك طبيبا يداويك من هذا المرض فقال الطبيب امرضنى ثم انشد كيف اشكو الى طبيبى مابى ... والذى بى اصابنى من طبيبى ٨١ { والذى يميتنى } فى الدينا عند انقضاء الاجل { ثم يحيين } فى الآخرة لمجازاة العمل ادخل ثم ههنا لان بين الاماتة الواقعة فى الدنيا وبين الاحياء الحاصل فى الآخرة تراخيا ونسبة الاماتة الى اللّه تعالى لانها من النعم الالهية فى الحقيقة حيث ان الموت وصلة لاهل الكمال الى الحياة الابدية والخلاص من انواع المحن والبلية بس رجال ازنقل عالم شادمان ... وزبقا اش شادمان اين كودكان جونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... بيش او كوثر نمايد آب شور امام ثعلبى [ كفته بميراند بعدل وزنده كند بفضل وكفته اندكه اماتت بمعصيت است واحيا بطاعت يا اماتت بجهل است واحيا بعقل ياماتت بطمع است احيا بورع ياماتت بفراقست وحايا بتلاق در حقايق سلمى اورده كه بميراند از سمات روحانيت وزنده كرادند بصفات ربانيت وحقيقت آنست كه بميراند مرا از انانيت من وزنده سازد بهدايت خودكه حيات حقيقى عبارت ازانست_@_ نجويم عمر فانى را تويى عمر عزيز من ... نخواهم جان برغم را تويى جانم بجان تو وقال بعضهم غم كى خورد آنكه شادمانيش تويى ... باكى برد آنكه زندكانيش تويى درنسيه آن جهان كجادل بندد ... آنكس كه بنقد اين جاهنيش تويى ٨٢ { والذى اطمع } [ طمع ورجا ميدرام ] { ان يغفر لى خطيئتى يوم الدين } اى يوم الجزاء والحساب دعا بلفظ الطمع ولم يعزم فى سؤاله كما عزم فيما قبل من الامور المذكورة تأدبا او ليعلم ان العبد ليس له ان يحكم لنفسه بالايمان وعليه ان يكون بين الخوف والرجاء وليدل على كرم اللّه فان الكريم اذا اطمع انجز واسند الخطيئة الى نفسه وهى فى الغالب ما يقصد بالعرض لانه من الخطأ هضما لنفسه وتعليما اللامة ان يجتنبوا المعاصى ويكونوا على حذر وطلب لان يغفر لهم مافرط منهم وتلافيا لما عسى يقع منه من الصغائر مع ان حسنات الابرار سيآت المقربين كما ان درجاتهم دركات المقربين [ در تلخيص آورده كه مراد خطاياى است محمد است عليه السلام كه حضرت خليل ازملك جليل دعاى غفران نموده ] وتعليق المغفرة بيو مالدين مع ان الخطيئة انما تغفر فى الدنيا لان اثرها يتبين وفائدته ثمة تظهر وفى ذلك تهويل له واشارة الى وقوع الجزاء فيه ان لم تغفر ومثله رب اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ، وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت قلت يارسول اللّه ان ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم فهل ذلك نافعه قال ( لانه لم يقل يوما رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين ) يعنى انه كان كافرا ولم يكن مقرا بيوم القيامة لان المقر به طالب لمغفرة خطيئته فيه فلا ينفعه عمله وعبد اللّه بن جدعان هو ابن عم عائشة رضى اللّه عنها وكان فى ابتداء امره فقيرا ثم ظفر بكنز استغنى به فكان ينفق من ذلك الكنز ويفعل المعروف ثم هذا كله احتجاج من ابراهيم على قومه واخبار انه لايصلح للالهية من لايفعل هذه الافعال وبعد ماذكر فنون الالطاف الفائضة عليه من اللّه مبدأ خلقه الى يوم بعثه حمله ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد ٨٣ { رب } [ اى برورد كار من ] { هب لى حكما } اى كمالا فى العلم والعمل استعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق فان من يعلم شيأ ولا يأتى من العمل بما يناسب علمه لا يقال له حكيم ولا لعلمه حكم وحكمة { والحقنى بالصالحين } ووفقنى من العلوم والاعمال والاخلاق لما ينظمنى فى زمرة الكاملين الراسخين فى الصلاح المتنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها واجمع بينى وبينهم فى الجنة فقد اجابه تعالى حيث قال { وانه فى الآخرة لمن الصالحين } وباقى الكلام هنا سبق فى اواخر سورة الكهف ٨٤ { واجعل لى لسان صدق فى الآخرين } جاها حسن صيت فى الدنيا يبقى اثره الى يوم الدين ولذلك مام امة الا وهم محبون له مثنون عليه فحصل بالاول الجاه وبالثانى حسن الذكر : وبالفارسية [ وكردان براى من زبان راست يعنى ثناى نيكو درميان بس آيند كان يعنى جارى كن ثنا ونيكنامى وآوازه من برزبان كسانى كه بس از من آيند ] فقوله { فى الآخرين } اى فى الامم بعدى وغبر عن الثناء الحسن والقبول العام باللسان لكون اللسان سببا فى ظهوره وانتشاره وبقاء الذكر الجميل على ألسنة العباد الى آخر الدهر دولة عظيمة من حيث كونه دليلا على رضى اللّه عنه ومحبته واللّه تعالى اذا احب عبدا يلقى محبته الى اهل السموات والارض فيحبه الخلائق كافة حتى الحيتان فى البحر والطيور فى الهواء ، قال ابن عطاء اى الطق لسان امة محمد بالثناء والشهادة لى فانك قد جعلتهم شداء مقبولين ، قال سهل اللهم ارزقنى الثناء فى جميع الامم والملل وانما يحصل فى الحقيقة بالفعل الجميل والخلق الحسن اللسان اللين فهى اسباب اللسان الصدق وبها اقتداء الآخرين به فيكون له اجره ومثل اجر من اقتدى به ٨٥ { واجعلنى } فى الآخرة وارثا { من ورثة جنة النعيم } شبه الجنة التى استحقها العامل بعد فناء عمله بالميراث الذى استحقه الوارث بعد فناء مورثه فاطلق عليها اسم الميرث وعلى استحقاقها اسم الوراثة وعلى العامل اسم الوارث . فالمعنى واجعلنى من المستحقين لجنة النعيم والمتمتعين بها كما يستحق الوارث مال مورثه ويتمتع به . ومنعنى جنة النعيم [ بستان برنعمت ] ، وفيه اشارة الى ان طلب الجنة لا ينافى طلب الحق وترك الطلب مكابرة للربوبية ، قال بعض الكبار ان اللّه تعالى هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه ولنا حبان حبه وحب عطائه وهما لذاته فقط لا لغيره اصلا ونحب بحب ذاته وحب صفاته لكن انما نحب بهذين الحبين كما ذكر لحب ذاته فقط لا لغيره فيكون الحب فى اصله واحدا وفى فرعه متعددا على ماهو مقتضى الجمع والوحدة وموجب الفرق والكثرة فحبنا له انما هو فى مقام جمع الجمع لانه مقام الاعتدال لافى مرتبة الجمع او الفرق فقط ٨٦ { واغفر لابى } المغفرة مشروطة بالايمان وطلب المشروط يتضمن طلب شرطه فيكون الاستغفار لاحياء المشركين عبارة عن طلب توفيقهم وهدايتهم للايمان { انه كان من الضالين } طريق الحق : وبالفارسية ازكمراهان ] وهذا الدعاء قبل ان يتبين له انه عدو لله كما تقدم فى سورة التوبة روى عن سمرة بن جندب رضى اللّه عنه انه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( مامن رجل توضأ فاسبغ الوضوء ثم خرج من بيته يريد المسجد فقال حين خرج بسم اللّه الذى خلقنى فهو يهيدن الاهداء اللّه لصواب الاعمال والذى هو يطعمنى ويسقين الا اطعمه اللّه من طعام الجنة وسقاه من شرابها واذا مرضت فهو يشفين الاشفاه اللّه تعالى والذى يميتنى ثم يحيين الا احياه اللّه حياة الشهداء واماته ميتة الشهداء والذى اطمع ان يغفر لى خطيئتى يوم الدين الا غفر اللّه خطاياه ولو كانت اكثر من زبد البحر رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين الا وهب له حكما والحقه بصالح من مضى وصالح من بقى واجعل لى لسان صدق فى الآخرين الا كتب عند اللّه صديقا واجعلنى من ورثة جنة النعيم الا جعل اللّه له القصور والمنازل فى الجنة ) وكان الحسن يزيد فيه واغفر لوالدى كما ربيانى صغيرا كذا فى كشف الاسرار ٨٧ { ولا تخزنى } من الخزى بمعنى الهوان والذل اى ولا تفضحنى ولا تهتك سترى : وبالفارسية [ رسوا مساز ] بمعاتبتى على ما فرطت من ترك الاولى وانما قال ذلك مع علمه بانه لايخزيه اظهارا للعبودية وحثا لغيره على الاقتداء به كما قال الكاشفى [ اين دعا نيز براى تعليم امتانست والا انبيارا خزى ورسوايى نباشد ] وذلك لانهم آمنون من خوف الخاتمة ونحوها ولما كانت مغفرة الخطيئة فى قوله { والذى اطمع } الخ لا تستلزم ترك المعاتبة افرد الدعاء بتركها بعد ذكر مغفرة الخطيئة { يوم يبعثون } من القبور اى الناس كافة واضماره لان البعث عام فيدل عليه وقيد عدم الاخزاء بيوم البعث لان الدنيا مظهر اسم الستار ، قال ابوالليث الى ههنا كلام ابراهيم وقد انقطع كلامه ثم ان اللّه تعالى وصف ذلك اليوم ٨٨ { يوم لاينفع مال ولابنون } بدل من يوم يبعثون ومفعول الفعل محذوف والتقدير لا ينفع مال احدا وان كان مصروفا فى الدنيا الى وجوه البر والخيرات لا ينفع بنون فردا ون كانوا صلحاء مستأهلين للشفاعة جدا ٨٩ { الا من اتى اللّه بقلب سليم } بدل من مفعوله المحذوف اى الا مخلصا سليم القلب من مرض الكفر والنفاق ضرورة اشتراط نفع كل منهما بالايمان ، قال فى كشف الاسرار بنفس سليمة من الكفر المعاصى وانما اضافه الى القلب لان الجوارح تابعة للقلب فتسلم بسلامته وتفسد بفساده وفى الخبر ( ان فى جسد ابن آدم لمضغة اذا صلحت صلح لها سائر الجسد واذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهى القلب ) قال الليث كان الكفار يقولون نحن اكثر اموالا واولادا فاخبر اللّه انه لاينفعهم ذلك اليوم المال والبنون لعدم سلامة قلوبهم فى الدنيا واما المسلمون فينفعهم خيراتهم وينفعهم البنون ايضا لان المسلم اذا مات ابنه قبله يكون له ذخرا واجرا وان تخلف بعده فانه يذكره بصالح دعائه ويتوقع منه الشفاعة من حيث صلاحهن وسئل ابو القاسم الحكيم عن القلب السليم فقال له ثلاث علامات . اولاها ان لايؤذى احدا . والثانية ان لايتأذى من احد . والثالثة اذا اصطنع مع احد معروفا لم يتوقع منه المكافأة فاذا هو لم يؤذا احدا فقد جاء بالورع واذا لم يتأذ من احد فقد جاء بالوفاء واذا لم يتوقع المكافأة بالاصطناع فقد جاء بالاخلاص ، قال الكاشفى [ كفته اند سلامت قلب اخلاص است درشهادت أن لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه قولى آنست كه دل سليم ازحب دنيا وكونيد ازحسد وخيانت ، ودرتيسير كويد از بغض اهل بيت وازواج واصحاب حضرت بيغمبر عليه السلام ، امام قشيرى رحمه اللّه فرموده كه قلب سليم آنست كه خالى باشد ازغير خداى ازطمع دنيا رجاء عقبى ياخالى باشد از بدعت ومطمئن بسنت . وازسيد طائفة جنيد قدس سره منقولست كه سليم ماركزيده بود وماركزيده بيوسته در قلق واضطرابست بس بيان ميكندكه دل سليم مدام درمقام جزع وتضرع وزارى ازخوق قطيعت يازشوق وصلت ] زشوق وصل مى نالم وكردستم دهد روزى ... زبيم هجر ميكريم كه ناكه دركمين باشد همام ازكريه خونين وسوزدل مكن جندين ... ندانستى كه حال عشقبازان اينجنين باشد قال المولى الجامى محنت قرب ز بعد افزونست ... جكر از محنت مرهم خونست هست درقرب همه بيم زوال ... نيست در بعد جز اميد وصال وفى البحر { يوم لاينفع مال ولابنون } للوصول الى الحضرة لقبول الفيض الالهى { الا من اتى اللّه } عند المراقبة { بقلب سليم } وهو قلب قد سلم من انحراف المزاج الاصلى الذى هو فطرة اللّه التى فطر الناس عليها فانه خلق مرآة قابلة لتجلى صفات جمال اللّه وجلاله كما كان لآدم عليه السلام اول فطرته فتجلى فيه قبل ان يصدأ بتعلقات الكونين اشار بقوله ( الامن ) الى التخلق بخلق اللّه والاتصاف بصفته اذ لم يكن القلب سليما بلاغيب الا اذا كان متصفا بطهارة قدس الحق عن النظر الى الخلق ، قال ابن عطاء السليم الذى لايشوشه شىء من آفات الكون ، وسئل بعضهم بم تنال سلامة الصدر قال بالوقوف على حد اليقين وترك الارادة فى التلوين والتمكين ، قال ابو زيد رحمه اللّه قطعت المفاوز حتى بلغت البوادى وقطعت البوادى حتى وصلت الى الملكوت وقطعت الملكوت حتى بلغت الى الملك بفتح وكسر اللام فقلت الجائزة قال قد وهبت لك جميع مارأيت قلت انك تعلم انى لم ار شيأ من ذلك قال فما تريد قلت اريد ان لاريد قال قد اعطيناك ٩٠ { وازلفت الجنة للمتقين } عطف على لاينفع وصيغة الماضى لتحقق وقوعه كما ان صيغة المضارع فى المعطوف عليه للدلالة على استمرار انتفاع النفع ودوامه اى قربت الجنة للمتعقين عن الكفر والمعاصى بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على مافيها من فنون المحاسن فيفرحون باهم المحشورون اليها ، وفى البحر اى قربت لانهم تبعدوا عنها لتقربهم الى اللّه تعالى ٩١ { وبرزت الجحيم للغاوين } الضالين عن طريق الحق الذى هو الايمان والتقوى اى جعلت بارزة لهم بحث يرونها مع مافيها من انواع الاهوال ويوقنون بانهم مواقعوها ولايجدون عنها مصرفا فيزدادون غما يقال يؤتى بها فى سبعين الف زمام وفى اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد فان التبريز لايستلزم التقريب ثم فى تقديم ازلاف الجنة ايماء الى سبق رحمته على غضبه ، وفى البحر { وبرزت } الخ اذ توجههم كان اليها لطلب الشهوات وقد حفت بالشهوات : وفى المثنوى حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا يعنى جعلت الجنة محفوفة بالاشياء التى كانت مكروهة لنا وجعلت النار محاطة بالامور التى كانت محبوبة لنا ٩٢ { وقيل لهم } اى للغاوين يوم القيامة على سبيل التوبيخ والقائلون الملائكة من جهة الحق تعالى وحكمه { اينما كنتم } فى الدنيا { تعبدون } ٩٣ { تعبدون من دون اللّه } اى اين آلهتكم الذين كنتم تزعمون فى الدنيا انهم شفعاؤكم فى هذا الموقف وتقربكم الى اللّه زلفى { هل ينصرونكم } بدفع العذاب عنكم { او ينتصرون } بدفعه عن انفسهم : وبالفارسية [ يانكاه ميدراند خودرا ازحلول عوقبت بديشان ] وباب افتعل ههنا مطاوع فعل ، قال فى كشف الاسرار النصر المعونة على دفع الشر والسوء عن غيره والانتصار ان يدفع عن نفسه وانما قال او ينتصرون بعد قوله هل ينصرونكم لان رتبة النصر بعد رتبة الانتصار لان من نصر غيره فلاشك فى الانتصار وقد ينتصر من لايقدر على نصر غيره ثم هذا سؤال تقريع وتبكيت لايتوقع له جواب ٩٤ { فكبكبوا فيها } الكبكبة [ نكونساركردن ] اى تدهور الشىء فى هوّة وهو تكرير الكب وهو الطرح والالقاء منكوسا وجعل تكرير اللفظ دليلا على تكرير المعنى كرر عين الكب بنفله الى باب التفعيل فاصل كبكبوا كببوا فاستثقل اجمتاع الباآت فابدلت الثانية كافا كما فى زحزح فان اصله زحح من زحه يزحه اى نحاه عن موضعه ثم نقل الى باب التفعيل فقيل زححه فابدلت الحاء الثانية زايا فقيل زحزحه اى باعده فمعنى الآية القوا فى الجحيم مرة بعد اخرى منكوسين على رؤسهم الى ان يستقروا فى قعرها { هم } اى آلهتهم { والغاوون } الذين كانوا يعبدونهم ٩٥ { وجنود ابليس } شياطينه اى ذريته الذين كانوا يغوونهم ويوسون اليهم ويسوّلون لهم ماهم عليه من عبادة الاصنام وسائر فنون الكفر والمعاصى ليجتمعوا فى العذاب حسبما كانوا مجمتعين فيما يوجبه { اجمعون } تأكيد لضميرهم وماعطف عليه ٩٦ { قالوا } استئناف بيانى اى قال العبدة حين فعل بهم مافعل معترفين بخطاياهم { وهم فيها يختصمون } اى والحال انهم فى الجحيم بصدد الاختصام مع من معهم من الذكورين مخاطبين لمعبوداتهم على ان اللّه تعالى يجعل الاصنام صالحة للاختصام بان يعطيها القدرة على النطق والفهم ، قال ابو الليث ومعناه قالوا وهم يختصمون فيها على معنى التقديم ٩٧ { تاللّه ان كنا فى ضلال مبين } ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن كنا فى ضلال واضح لاخفاء فيه ٩٨ { اذ نسويكم برب العالمين } ظرف لكونهم فى ضلال مبين وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الماضية اى تاللّه لقد كنا فى غاية الضلال الفاحش وقت تسويتها اياكم ايها الاصنام فى استحقاق العبادة برب العالمين الذى انتم ادنى مخلوقاته واذلهم واعجزهم ٩٩ { وما اضلنا } وما دعانا الى الضلال عن الهدى { الا المجرمون } اى الرؤساء والكبراء كما فى قوله تعالى { ربنا انا اطعنا سادتنا وكبراءنا } وبالفارسية [ مكر بدان وبدكاران از مهتران ] واصل الجرم قطع الثمرة عن الشجرة والجرامة رديى التمر واجرم صار ذا جرم نحو أتمر وألبن واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ولا يكاد يقال فى عامة كلامهم للكسب المحمود ١٠٠ { فمالنا } [ بس نيست مارا اكنون ] { من شافعين } [ هيج كس از شفاعت كنندكان ] كما للمؤمنين من الملائكة والانبياء عليهم السلام ١٠١ { ولا صديق حميم } [ ونه دوستى مهربان وباشفقت ] كما يرى لهم اصدقاء الصديق من صدقك فى مودته وحميم قريب خاص وحامة الرجل خاصته كما فى فتح الرحمن ، قال الراغب هو القريب المشفق فكانه الذى يحتد حمايته لذويه وقيل لخاصة الرجل حامته قيل الحامة العامة وذلك لما قلنا واحتم فلان لفلان اى احتد وذلك ابلغ من اهتم لما فيه من معنى الاهتمام ، قال الكاشفى [ درقوت القلوب آورده كه حميم دراصل هميم بوده كه هارا بحا بدل كرده اند جهت قرب مخرج وهميم مأخوذاست ازاهتمام لما فيه من معنى الاهتمام اهتمام كند درمهم كافران وشرط دوستى بجاى آرد ] وجمع الشافع لكثرة الشفعاء عادة ألا ترى ان السلطان اذا على احد ربما شفع فيه جماعة كما ان افراد الصديق لقتله ولو قيل بعدمه لم يبعد فقال الصائب درين فحط هوادارى عجب دارم كه خاكستر ... كه درهنكام مردن جشم مى بوشاند آتش را روى فى بعض الاخبار انه يجيى يم القيامة عبد يحاسب فتستوى حسناته وسيآته ويحتاج الى حسنة واحدة ترضى عنه خصومه فيقول اللّه عبدى بقيت لك حسنة ان كانت ادخلتك الجنة انظر واطلب من الناس لعل واحدا يهب منك حسنة واحدة فيأتى ويدخل فى الصفين ويطلب من ابيه وامه ثم من اصحابه فيقول لكل واحد فى باب فلا يجيبه احد وكل يقول انا اليوم فقير الى حسنة واحدة فيرجع الى مكانه فسأله الحق سبحانه ويقول ماذا جئت به فيقول يارب لم يعطنى احد حسنة من حسناته فيقول اللّه عبدى ألم يكن لك صديق فىّ فيذكر العبد صديقا له فيأتيه ويسأله فيعطيه ويجيىء الى موضعه ويخبر بذلك ربه فيقول اللّه قد قبلتها منه ولم انقص من حقه شيأ فقد غفرت لك وله . ففى هذا المعنى اشارة الى ان للصداقة فى اللّه اعتبارا عظيما وفوائد كثيرة وفى الحديث ( ان الرجل ليقول فى الجنة مافعل بصديقى فلان وصديقه فى الجحيم فيقول اللّه اخرجوا له صديقه الى الجنة ) يعنى وهبته له ، قال الحسن استكثروا من الاصدقاء المؤمنين فان لهم شفاعة يوم القيامة ، وقال الحسن ماجتمع ملأ على ذكر اللّه فيهم عبد من اهل الجنة الا شفعه فيهم وان اهل الايمان شفعاء بعضهم لبعض وهم عند اللّه شافعون مشفعون وفى الحديث ( ان الناس يمرون يوم القيامة على الصراط والصراط وخص مزلة يتكفأ باهله والنار تأخذ منهم وان جهنم لتنطف عليهم ) اى تمطر عليهم مثل الثلج اذا وقع لها زفير وشهيق ( فبيناهم كذلك اذ جاءهم نداء من الرحمن عبادى من كنتم تعبدون فيقولون ربنا انت تعلم انا واياك كنا نعبد فيجيبهم بصوت لم يسمع الخلائق مثله قط عبادى حق علىّ ان لا اكلم اليوم الى احد غيرى فقد غفرت لكم ورضيت عنكم فيقوم الملائكة عند ذلك بالشفاعة فينجون من ذلك المكان فيقول الذين تحتهم فى النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ) ١٠٢ { فلو ان لنا كرة } لو للتمنى واقيم فيه لو مقام ليت لتلاقيها فى معنى التقدير اى تقدير المعدوم وفرضه كأنه قيل فليت لنا كرة اى رجعة الى الدنيا { فنكون من المؤمنين } بالنصب جواب التمنى وهذا كلام التأسف والتحسر ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فان من يضلل اللّه فما له من هاد ولو رجع الى الدنيا مرارا ألا ترى الى الامم فى الدنيا فان اللّه تعالى اخذه بالبأساء والضراء كرارا ثم كشفه عنهم فلم يزيدوا الا اصرارا جعلنا اللّه واياكم من المستمعين المعتبرين لامن المعرضين الغافلين ١٠٣ { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من قصة ابراهيم مع قومه { لآية } لعبرة لمن يعبد غير اللّه تعالى ليعلم انه يتبرأ منه فى الآخةر ولا ينفعه احد ولا سيما لاهل مكة الذين يدعون انهم على ملة ابراهيم { وما كان اكثرهم } اكثر قوم ابراهيم { مؤمنين } كحال اكثر قريش . وقد روى انه ماآمن لابراهيم من اهل بابل الا لوط وابنة نمرود ١٠٤ { وان ربك لهو العزيز } [ اوست غلبه كننده برمشركان كه سطوت او مردود نكردد ] { الرحيم } [ وبخشاينده كه توبه بند كان ردنكند وبى احتجاج بديشان عذاب نفرستد ] ويمهل كما امهل قريشا بحكم رحمة الواسعة لكى يؤمنوا هم او واحد من ذريتهم ولكنه لايهمل فانه لابد لكل عامل من المكافأة على عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر هذا وقد جوز ان يعود ضمير اكثرهم الى قوم نبينا عليه اسلام فانهن الذين يتلى عليهم الآية ليعتبروا ويؤمنوا وقد بين فى المجلس السابق فارجع ، وفى البحر النفس جبلت على الاخبارية بالسوء وهو لكفر ولئن آمنت وصارت مأمورة فهو خرق عادتها يدل على هذا قوله تعالى { ان النفس لامارة بالسوء الا مارحم ربى } يعنى برحمة الحق تعالى تصير مأمورة مؤمنة على خلاف طبعها ولهذا قال { وما كان اكثرهم مؤمنين } يعنى اصحاب النفوس { وان ربك لهو العزيز } ماهدى اكثر الخلق الى الايمان فضلا عن الحضرة { الرحيم } فلرحمته هدى الذى جاهدوا فيه الى سبيل الرشاد بل هدى الطالبين الصادقين الى حضرة جلاله انتهى . فالهداية وان كانت من العناية لكن لابد من التمسك بالاسباب الى ان تفتح الابواب وملامة النفس عند مخالفتها الاوامر والآداب مما ينفع فى هذا اليوم دون يوم القيامة ألا ترى ان الكفار لاموا انفسهم على ترك الايمان وتمنوا ان لو كان لهم رجوع الى الدنيا لقبلوا الايمان والتكليف فما نفعهم ذلك امروز قدر بند عزيزان شناختيم ... يارب روان ناصح مازتوشاد باد عصمنا اللّه واياكم من سطوته وغشينا برحمته وجعلنا من اهل القبور فى الدنيا والآخرة انه الموفق لخير الامور الباطنة والظاهرة ١٠٥ { كذبت } تكذيبا مستمرا من حين الدعوة الى انتهائها { قوم نوح } القوم الجماعة من الرجال والنساء معا او الرجال خاصة وتدخل النساء على التبعية ويؤنث بدليل مجيىء تصغيره على قويمة { المرسلين } اى نوحا وحده والجمع باعتبار ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب الجميع لاجتماع الكل على التوحيد واصول الشرائع او لان كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل ١٠٦ { اذ قال لهم } ظرف للتكذيب على انه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ماوقع من الجانبين الى تمام الامر { اخوهم } فى النسب لئلا يجهل امره فى الصدق والديانة ولتعرف لغته فيؤدى ذلك الى القبول { نوح } عطف بيان لاخوهم { ألا تتقون } اللّه حيث تعبدون غيره : وبالفارسية [ ايانمى ترسيد ازخداى تعالى كه ترك عبادت او ميكنيد ] ١٠٧ { انى لكم رسول } من جهته تعالى { امين } مشهور بالامانة فيما بينكم ومن كان امينا على امور الدنيا كان امينا على الوحى والرسالة ١٠٨ { فاتقوا اللّه } خافوا اللّه { واطيعون } فما امركم به من التوحيد والطاعة لله فانى لاخونكم ولاريدكم بسوء والفاء مابعدها على الامانة ١٠٩ { وماسألكم عليه } على اداء الرسالة { من ادجر } جعل اصلا وذلك لان الرسل اذا لم يسألوا اجرا كان اقرب الى التصديق وبعد عن التهمة { ان اجرى } ماثوابى فيما اتولاه { الا على رب العالمين } لان من عمل لله فلا يطلب الاجر من غير اللّه وبه بشير الى ان العلماء الذين هم ورثة الانبياء يتأدبون بآداب انبيائهم فلا يطلبون من الناس شيأ فى بث علومهم ولا يرتفقون منهم بتعليمهم ولا بالتذكير لهم فان من ارتفق من المسلمين المستمعين فى بث مايذكره من الدين ويعظ به لهم فلا يبارك اللّه للناس فيما يسمعون ولا للعلماء ايضا بركة فيما يأخذون منهم يبيعون دينهم بعرض يسير ثم لابركة لهم فيه زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان ١١٠ { فاتقوا اللّه واطيعون } الفاء لترتيب مابعدها على تنزهه عن الطمع والتكرير للتأكيد والتنبيه على ان كلا من الاماننة وقطع الطمع مستقل فى ايجاب التقوى والطاعة فكيف اذا اجتمعا ١١١ { قالوا } اى قوم نوح { أنؤمن لك } الاستفهام للانكار اى لانؤمن لك { واتبعك الارذلون } اى والحال قد اتبعك الاقلون جاها ومالا اى وهذه حالك كما تقول لانصحبك وصحبك السفلة . والارذلون جمع الارذل والرذالة الخسة والدناءة والرذال المرغوب عنه لرداءته يعنون ان لا عبرة لاتباعهم لك اذ ليس لهم رزانة عقل واصابة رأى قد كان ذلك منهم فى بادى الرأى وهذا من كمال سخافة عقولهم وقصرهم انظارهم على الدنيا وكون الاشرف عندهم من هو اكثر منها حظا والارذل من حرمها وجهلهم انها لاتزن عند اللّه جناح بعوضة وان النعيم هو نعيم الآخرة والاشرف من فاز به والارذل من حرمه وهكذا كانت قريش تقول فى اصحاب رسول اللّه ومازالت الاتباع الانبياء ضعفاء الناس وقس اتباع الاولياء على اتباعهم من حيث وراثتهم لدعوتهم وعلومهم واذواقهم ومحنهم وابتلائهم وذلك لان الحقيقة من ارباب الجاه والثروة لم تأت الا نادرا دران سرست بزركى كه نيست كربزركى ... ١١٢ { قال } نوح جوابا عما يشير اليه من قولهم انهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة { وما علمى بما كانوا يعملون } انهم عملوه اخلاصا او انفاقا وما وظيفتى الا اعتبار الظواهر وبناء الاحكام عليها دون التفتيش عن بواطنهم والشق عن قلوبهم والظاهر ان مافيه استفهامية بمعنى أى شىء فى محل الرفع على الابتداء وعلمى خبرها ويجوز ان تكون نافية والباء متعلقة بعلمى على التقدير الاول وعلى الثانى لابد من اضمار لخير ليتم الكلام كما قال الكاشفى [ ونيست دانش من رسنده بآجه هستند كه ميكنند ] ١١٣ { ان حسابهم } مامحاسبتهم على بواطنهم { الا على ربى } فانه المطلع على الضمائر ، وفى الخبر المعروف ( فاذا شهدوا ان لا اله الا اللّه عصموا منى دماءهم واموالهم الا بحقها حسابهم على اللّه ) ، قال سفيان الثورى رحمه اللّه لانحاسب الاحياء ولا نحكم على الاموات { لو تشعرون } لو كنتم من اهل الشعور والادراك لعلمتم ذلك ولكنكم تجهلون فتقولون مالا تعلمون وهو من الباب الاول وما الشعر بمعنى النظم فمن الخامس ١١٤ { وما أنا بطارد المؤمنين } الطرد الازعاج والابعاد على سبيل الاستخلاف . والمعنى بالفارسية [ ونيستم من راننده مؤمنان ] وهو جواب عما اوهمه كلامهم أنؤمن لك من استدعاء طردهم وتعليق ايمانهم بذلك حيث جعلوا اتباعهم مانعا عنه ، قال ابن عطاء رحمه اللّه وما انا بمعرض عمن اقبل على ربه ١١٥ { ان انا الا نذير مبين } اى مانا الا رسول مبعوث لانذار المكلفين وزجرهم عن الكفر والمعاصى سواء كانوا من الاعزاء او الاذلاء فكيف يليق بى طرد الفقراء لاستتباع الاغنياء ١١٦ { قالوا لئن لم تنته يانوح } عما تقول يعنى عن الدعوة والانذار : والانتهاء [ باز استيدن ] { لتكونن من المرجومين } ، قال الراغب فى المفردات الرجام الحجارة والرجم الرمى بالرجام يقال رجم فهو مرجوم قال تعالى { لتكونن من المرجومين } اى المقتولين اقبح قتلة انتهى قالوه قاتلهم اللّه فى اواخر الامر ١١٧ { قال رب ان قومى كذبون } اصروا على التكذيب بعد مادعوتهم هذه الازمنة المتطاولة ولم يزدهم دعائى الا فرارا ١١٨ { فافتح بينى وبيهم فتحا } اى احكم بيننا بما يستحقه كل واحد منه ، وفى التأويلات افتح بابا من ابواب فضلك على مستحقيه وبابا من ابواب عدلك على مستحقيه انتهى من الفاتحة وهى الحكومة والفتاح الحاكم سمى لفتح المغلق من الامر كما سمى فيصلا لفصله بين الخصومات ، قال ابن الشيخ اراد به الحكم بانزال العقوبة عليهم لقوله عقبه { ونجنى } خلصنى { ومن معى من المؤمنين } اى من العذاب ومن اذى لكفار ١١٩ { فانجيناه ومن معه } حسب دعائه { فى الفلك المشحون } اى المملوء بهم وبكل صنف من الحيوان وبما لابد لهم منه من الامتعة والمأكولات ومنه الشحناء وهى عداوة امتلأت منها النفوس ١٢٠ { ثم اغرقنا بعد } اى بعد انجائهم { الباقين } من قومه ممن لم يركب السفينة ، وفيه تنبيه على ان نوحا كان معبوثا الى من على وجه الارض ولذا قال فى قصته الباقين وفى قصة موسى ثمر اغرقنا الآخرين ١٢١ { ان فى ذلك } الذى فعل بقوم نوح لاستكبارهم عن قبول الحق واستخفافهم بفقراء المسلمين { لآية } لعبرة لمن بعدهم { وما كان اكثرهم مؤمنين } اى اكثر قوم نوح فلم يؤمن من قومه الا ثمانون من الرجال والنساء ، وقال الكاشفى [ هفتاد ونه تن ] او اكثر قومك يا محمد وهم قريش فاصبر على اذاهم كما صبر نوح على اذى قومه تظفر كما ظفر كارتو ازصبر نكوتر شود ... هركه شكيباست مظفر شود ١٢٢ { وان ربك لهو العزيز } الغالب على ماراد من عقوبة الكفار { الرحيم } لم تاب او بتأخير العذاب. وفى التأويلات النجمية كرر فى كل قصة قوله { ان فى ذلك لآية ما كان اكثرهم } مؤمنين دلالة على ان عزة اللّه وعظمته اقتضت ان يكون اكرم الخلق مؤمنا به مقبولا له كما قال تعالى { ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم } ولاريب ان اكثر الخلق لئام وكرام قليلون كما قال الشاعر تعيرنا انا قليل عدادنا ... فقلت لها ان الكرام قليل ولذلك ذكر فى عقبه { وان ربك لهو العزيز } اى لايهتدون اليه الاذلاء من ارباب النفوس لخستهم ولعزته { الرحيم } اى يجتبى اليه برحمته من يشاء من اعزة ارباب القلوب لعلو همتهم وفرط رحمته آفرين برجان درويشى كه صاحب همت است ... والاشارة بنوح الى نوح القلب وبقومه الى النفس وصفاتها وبالمؤمنين الى الجسد واعضائه فانهما آمنا بالعمل بالاركان على وفق الشرع والى بعض صفات النفس وذلك بتبدلها . وبالفلك الى فلك الشريعة اللملوء بالاوامر والنواهى والحكم والمواعظ والاسرار والحقائق والمعانى فمن ركب هذه السفينة نجا ومن لم يركب غرق بطوفان استيلاء الاخلاق الذميمة وابتلاء آفات الدنيا الدنيئة من المال والجاه والزينة والشهوات ولابد للسفينة من الملاح وهو معلم الخير فانه بصحبته تحصل النجاة كما قال الحافظ يارمردان خدا باش كه دركشتى نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا يشير الى ان الامر سهل باشارة المرشد ون العسير عند الغافل يسير عند الواصل ١٢٣ { كذبت عاد المرسلين } انث عاد باعتبار القبيلة وهو اسم ابيهم الاقصى [ مقاتل : كفت عاد وثمود ابن عم يكديكر بودند عاد قوم هود بودند وثمود قوم صالح وميان مهلك عاد ومهلك ثمود بانصد سال بود قومى كفتند ازاهل تاريخ كه عاد وثمود دو برادر بودند ازفرزندان ارم بن سام ابن نوح وسام بن نوح را بنج بسر بود ارم وارفحشه وعالم واليفر والاسود وارم مهينه فرزندان بود واورا هفت بسر بود عاد وثمود وصحار وطنم وجديس وجاسم ووبار مسكن عاد وفرزندان وى يمن بود ومسكن ثمود وفرزندان وى ميان حجاز وشام بود ومسكن طنم عمان وبحران ومسكن جديس زمين تهامه ومسكن صحار مابين الطائف الى جبال طى ومسكن جاسم مابين الحرم الى سفون ومسكن بار زمينى است كه آنرا وبار كويند بنام وى باز خوانند اينان همه زبان ولغت عربى داشتتد ] وقد انقرضوا عن آخرهم فلم يبق لهم نسل ١٢٤ { اذ قال لهم اخوهم } فى النسب ظرف للتكذيب { هود } بن شالخ بن ارفحشد بن سام بن نوح ، قال بعضهم كان اسم هود عبارا وسمى هودا لوقاره وسكونه عاش مائة وخمسين سنة ارسل الى اولاد عاد حين بلغ الاربعين { ألا تتقون } اللّه تعالى فتفعلون ماتفعلون : وبالفارسية [ آيا بر هيز نميكنيد ازشرك وازعقاب الهى خائف نمى شويد ] ١٢٥ { انى لكم رسول } من جهته تعالى { امين } مشهور بالامانة فيما بينكم ١٢٦ { فاتقوا اللّه } خافوا من عقابه { واطيعون } فما امركم به من الحق ١٢٧ { وما اسألكم عليه } اى على اداء الرسالة { من اجر } كما يسأل بعض نقلة القصص { ان اجرى الى على رب العالمين } لانه هو الذى ارسلنى فكان اجرى عليه وهو بيان لتنزهه عن المطامع الدنية والاعراض الدنيوية : قال الحافظ تو بندكى جوكديان بشرط مز مكن ... كه دوست خودروش بنده برورى داند ١٢٨ { اتبنون } الهمزة للاستفهام الانكارى . والمعنى بالفارسية [ آي بنا ميكنيد ] { بكل ريع } [ بهرموضعى بكند ] والريع بكسر الراء وفتحها جمع ريعة وهو المكان المرتفع ومنه استعير ريع الارض للزيادة والارتفاع الحاصل منها { آية } بناء علاي متميزا عن سائر الابنية حال كونكم { تعبثون } ببنائه فان بناء مالا ضرورة فيه وما كن فوق الحاجة عبث روى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج فرأى قبة مشرفة فاقل ( ماهذه ) قال له اصحابه هذه لرجل من الانصار فمكث وحملها فى نفسه حتى اذا داء صاحبها رسول اللّه فسلم فى الناس اعرض عنه وصنع به ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والاعراض عنه فشكا ذلك الى اصحابه فقال واللّه انى لانكر نظر رسول اللّه مادرى ما حدث فىّ ما صنعت قالوا خرج رسول اللّه فرأى قبتك فقال لمن هذه فاخبرناه فرجع الى قبته فسواها بالارض فخرج النبى عليه السلام ذات يوم فلم ير القبة فقال ( مافعلت القبة التى كانت ههنا ) قالوا شكا الينا صاحبها اعراضك عنه فاخبرناه فهدمها فقال ( ان كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة الا مالا بد منه ) هذه ماعليه الامام الراغب وصاحب كشف الاسرار وغيرهما ، وقال فى الجلالين ونحوه { آية } يعنى ابنية الحمام وبروجها : وبالفارسية [ كبوترخالنها ] انكر هود عليهم اتخاذهم بروج الحمام عبثا ولعبهم بها كالصبيانن قال فى نصاب الاحتساب من اللعب الذى يحتسب بسببه اللعب بالحمام ، قال محمد السفلة من يلعب الحمام ويقامر ، وفى شرح القستانى ولا بأس بحبس الطيور والدجاج فى بيته ولكن يعلفها وهو خير من ارسالها فى السكك . واما امساك الحمامات فى برجها فمكروه اذا اضر بالناس ، وقال ابن مقاتل يجب على صاحبها ان يحفظها ويعلفها انتهى ، وفى التتار خانية ولايجوز حبس البلبل والطوطى والقمرى ونحوها فى القفص اى اذا كان الحبس لاجل اللهو واللعب . واما اذا كان لاجل الانتفاع كحبس الدجاج والبط والاوز ونحوها لتسمن او لئلا تضر بالجيران فهو جائز وكذا حبس سباع الطيور لاجل الاصطياد ، وفى فتاوىء قارىء الهداية هل يجوز حبس الطيور المغردة وهل يجوز اعتاقها وهل فى ذلك ثواب وهل يجوز قتل الوطاويط لتلويثها حصير المسجد بخرئها الفاحش اجاب يجوز حبسها للاستئناس بها . واما اعتاقها فليسفيه ثواب وقتل المؤذى من الدواب يجوز انهى وفى الحديث ( لاتحضر الملائكة شيأ من الملاهى سوى النضال والرهان ) اى المسابقة بالرمى والفرس والابل والارجل ، وقال بعضهم فى الآية تعبثون بمن مرّ بكم لانهم كانوا يبنون الغرف فى الاماكن العالية ليشرفوا على المارة فيسخرون منهم ويعبثون بهم . وذهب بعض من عدّ من اجلاء المفسرين الى ان المعنى { آية } الا علامة للمارة تعبثون ببنائها فانهم كانوا يبنون اعلاما طوالا لاهتداء المارة فعد ذلك عبثا لاستغنائهم عنها بالنجوم ، قال سعدى المفتى فيه بحث اذ لانجوم بالنهار وقد يحدث فى الليل مايستر النجوم من الغيوم انتهى ، يقول الفقير وايضا ان تلك الاعلام اذا كانت لزيادة الانتفاع بها كالاميال بين بغداد ومكة مثلا كيف تكون عبثا فالاهتداء بالنهار اما بالاعلام واما بشم التراب كما سبق فى الجلد الاول ١٢٩ { وتتخذون مصانع } امكنة شريفة كما فى المفردات او مآخذ الماء تحت الارض كما فى الصحاح والقاموس . المصعنة بفتح الميم وضم النون وفتحها كالحوض يجمع فيها ماء المطر وجمعها المصانع اى الحياض العظيمة { لعلكم تخلدون } راجين ان تخلدوا فى الدنيا اى عاملين عمل من يرجو ذلك فلذلك تحكمون بناءها فلعل للتشبيه اى كأنكم تخلدون : وبالفارسية [ كوييا جاويد خواهد بود دران ] ذمهم اولا باضاعتهم المال عبثا بلا فائدة . وثانيا باحكامهم البناء على وجه يدل على طول الامل والغفلة : قال الصائب درسراين غافلان طول امر دانى كه جيست ... آشيان كردست مارى در كوبتر خانه ١٣٠ { واذا بطشتم } بسوط او سيف والبطش تناول الشىء بصولة او قهر وغلبة { بطشتم } حال كونكم { جابرين } متسلطين ظالمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولانظر فى العاقبة فام بالحق والعدل فالبطش جائز والجبار الذى يضرب ويقتل على الغضب ١٣١ { فاتقوا اللّه } واتركوا هذه الافعال من بناء الابنية العالية واتخاذ الامكنة الشريفة واسراف المال فى الحياض والرياض والبطش بغير حق { واطيعون } فيما ادعوكم اليه من التوحيد والعدل والانصاف وترك الامل ونحوها فانه انفع لكم ١٣٢ { واتقوا الذى امدكم } [ مدد كارى كرد شمارا ] والامداد اتباع الثانى بما قبله شيأ بعد شىء على انتظام واكثر ماجاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه . واما قوله تعالى { والبحر يمده من بعده سبعة ابحر } فهو من مددت الدواة امدها لامن القبيل المذكور { بما تعملون } به من انواع النعماء واصناف الآلاء واجملها اولا ١٣٣ { امدكم بانعام } [ مدد كرد شمارا بجهار بايان جون شتر وكاو وكوسفندان تا ازايشان اخذ فوائد ميكنيد ] { وبنين } [ وبسران درهمه حال يار ومددكار شماند ] ١٣٤ { وجنات } [ وبستانها كه ازميوه آن منتفع ميشويد ] { وعيون } [ وبجشمهاى روان كه مهم سقيا ونشوونماى زرع بدان باتمام رسد ] ١٣٥ { انى اخاف عليكم } ان لم تقوموا بشكر هذه النعم { عذاب يوم عظيم } فى الدنيا والآخرة فان كفران النعمة مستتبع للعذاب كما ان شكرها مستلزم لزيادتها وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو هبوب الريح الصرصر ههنا ١٣٦ { قالوا } [ كفتند عاديان درجواب هد ] { سواء علينا } [ يكسانست برما ] { أوعظت } [ يا بنددهى مارا ] { ام لم تكن من الواعظين } افنا لن نرجع عما نحن عليه . والوعظ زجر يتقرن بتخويف وكلام يلين القلب بذكر اولعد والوعيد ، وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم ١٣٧ { ان هذا } اى ماهذا الذى جئتنا به وبالفارسية : [ نيست اين كه تو آوردى ] { الا خلق الاولين } [ مكر خوى وعادت اولين كه ميكفتند كه مابيغمبرانيم ودروغ ميكفتند ] كانوا يلفقون مثل هذا الكذب ويسطرونه والتلفيق [ واهم آوردن ] او ماهذا الذى نحن فيه الاعادة الاولين من قبلنا من تشييد البناء والبطش على وجه التكبر فلا نترك هذه العادة بقولك اوعادتهم وامرهم انهم يعيشون ماعاشوا ثم يموتون ولا بعث وحساب ١٣٨ { وما نحن بمعذبين } على مانحن عليه من الاعمال والعادات ١٣٩ { فكذبوه } اى هودا واصروا على ذلك { فاهلكناهم } اى عادا بسبب التكذيب بريح صرصر . تلخيصه ان هودا انذر قومه ووعظهم فلم يتعضوا فاهلكوا { ان فى ذلك } لأبدرستى كه در هلاك قوم عاد ] { لآية } [ نشانه ايست دلالت كند برآنكه عاقبت اهل تكذيب بعقوبت كشد ] { وما كان اكثرهم } اى اكثر قوم عاد { مؤمنين } [ جه ندك ازان قبيله باهود بودند ] ١٤٠ { وان ربك لهو العزيز } الغالب المنتقم ممن يعمل عمل الجابرين ولا يقبل الموعظة { الرحيم } [ مهر بانست كه مؤمنانرا ازان مهلكه عقوبت بيرون آرد ونجات دهد ] وهو تخويف لهذه الامة كيلا يسلكوا سالكهم ، قيل خير ما اعطى الانسان عقل يردعه فان لم يكن فحياء يمنعه فان لم يكن فخوف يقمعه فان لم يكن فمال يستره فان لم يكن فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد كالارض اذا استولى عليها الشوك فلا بد من نسفها واحراقها بتسليط النار عليه حتى تعود بيضاء . فعلى العاقل ان يعتبر ويخاف من عقوبة اللّه تعالى ويترك العادات والشهوات ولا يصر على المخالفات والمنهيات مكر كه عادت شوم ازجنود ابليس است ... كه سد راه عبادت شده است عادت ما وكل ماوقع فى العالم من آثار اللطف والقهر فهو علة لاولى الالباب مدة الدهر عاقلا نرا كوش بر آواز طبل رحلتست ... هرطبيدن قاصدى باشد دل آكاه را وقد اهلك اللّه قوم عاد مع شدة قوتهم وشوكتهم باضعف الاشياء وهو الريح فانه اذا اراد يجعل الاضعف اقوى كالبعوضة ففى الريح ضعف الاولياء وقوة على الاعداء ولان للكمل معرفة تامة بشئون اللّه تعالى لم يزالوا مراقبين خائفين كما ان الجهلاء مازالوا غافلين آمنين ولذا قامت عليهم الطامة فى كل زمان قوّانا اللّه واياكم بحقائق اليقين وجعلنا من اهل المراقبة فى كل حين ١٤١ { كذبت ثمود } انت باعتبار القبيلة وهو اسم جدهم الاعلى وهو ثمود ابن عبيد بن عوص بن عاد بن آرم بن سام بن نوح وقد ذكر غير هذا فى اول المجلس السابق فارجع { المرسلين } يعنى صالحا ومن قبله من المرسلين او اياه وحده والجمع باعتبار ان تكذيب واحد من الرسل فى حكم تكذيب الجميع لاتفاقهم على التوحيد واصول الشرائع ثم بين الوقت الممتد للتكذيب المستمر ١٤٢ { اذ قال لهم اخوهم } النسبى لا الدينى فان الانبياء محفوظون قبل النبوة معصومن بعدها وفائدة كونه منهم ان تعرف امانته ولغته فيؤدى ذلك الى فهم ما جا به تصديقه { صالح } ابن عبيد بن آسف بن كاشح بن حاذر بن ثمود { ألا تتقون } [ ايا تنمى ترسيد از عذاب خداى كه بدو شرك مى آريد ] ١٤٣ { انى لكم رسول امين } ١٤٤ { فاتقوا اللّه واطيعون } فان شهرتى فيما بينكم بالامانة موجبة لتقوى اللّه واطاعتى فيما ادعوكم اليه ١٤٥ { وما اسألكم عليه } اى على النصح والدعاء { من اجر } فان ذلك تهمة لاهل العفة { ان اجرى } [ نيست مكافات من ] { الا على رب العالمين } فانه الذى ارسلنى فالاجر عليه بل هو الآجر لعباده الخلص لقوله فى الحديث القدسى ( من قتلته فانا ديته ) وفى المثنوى عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست ١٤٦ { أتتركون } الاستفهام للانكار والتوبيخ اى أتظنون انكم تتركون { فيماههنا } اى فى النعيم الذى هو ثابت فى هذا المكان اى الدنيا اون لادار للمجازاة { آمنين } حال من فعل تتركون : يعنى [ درحالتى كه ايمن زآفات وسالم ازفوت ] ١٤٧ { فى جنات } بساتين { وعيون } انهار ، وقال بعضهم لم يكن لقوم صالح انهار جارية فالمراد بالعيون الآبار ويقال كانت لهم فى الشتاء آبار وفى الصيف انهار لانهم كانوا يخرجون فى الصيف الى القصور والكروم والانهار ١٤٨ { وزروع } [ كشتزارها ] { ونخل } [ خرمابنان ] وافرد النخل مع دخولها فى اشجار الجنات لفضلها على سائر الاشجار وقد خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام { طلعها } طلع النخل ما يطلع مها كنصل السيف فى جوف شماريخ القنوتشبيها بالطلوع قبل طلع النخل كما فى المفردات . والشماريخ جمع شمراخ بالكسر وهو العثكال اى العذق وكل غصن من اغصانه شمراخ وهو الذى عليه البسر والفنوا والعذق الكباسة بالكسر فى الكل من الثمر بمنزلة العنقود من الكرم { هضيم } لطيف لين فى جسمه : وبالفارسية [ خوشه آن خرمابنان وشكوفه اونازك ونرم آى ] للطف الثمر فيكون الطلع مجازا عن الثمر . والهضم بفتحتين الرفة والهزال ومنه هضيم الكشح والحشى اى ضامر لطيف ومنه هضم الطعام اذا لطف واستحال الى مشاكلة البدن كا فى كشف الاسرار او لطيف لان النخل انثى ويؤيده تأنيث الضمير وطلع اناث النخل لطيف وذكوره غليظ صلب ، قال ابن الشيخ طلع البرنى الطف من طلع اللون والبرنى اجود التمر وهو معرب اصله برنيك اى الحمل الجيد واللون الدقل وهو اردى التمر واهل المدينة يسمون ما عدا البرنى والعجوة الوانا ويصوف بهضيم مادام فى كفراه لدخول بعضه فى بعض ولصوقه فاذا خرج منها فليس بهضيم والكفرى بضم الكاف والفاء وتشديد الراء كم النخل لانه يستر فى جوفه ، وقال الامام الراغب الهضم شدخ مافيه رخاوة ونخل طلعها هضيم اى داخل بعضه فى بعض كانما شدخ انتهى او هضيم متدل متكسر من كثرة الحمل فالهضم بمعنى الكسر والتدلى التسفل اى يكسره وطعام سريع الانهظام وبطيىء الانهظام ١٤٩ { وتنحتون } [ ومى ترا شيد براى مساكن خود ] { من الجبال بيوتا } [ كفته اندكه دروادى حجر دوهزار بارهزار وهفصد سراى تراشيدند ازسنك سخت درميان كوهها رب العالمين ايشانرا دران كارباستادى وتيز كارى وصف كرد وكفت ] { فارهين } [ در حالتى كه ماهريد درتراشيدن سنكها ] كما قال الراغب اى حاذقين من الفراهة وهى النشاط فان الحاذق يعمل بنشاط وطيب قلب ومن قرأ فرهين جعله بمعنى مرحين اشرين بطرين فهو على الاول من فره بالضم وعلى الثانى من فره بالكسر ، واعلم ان ظاهر هذه الآيات يدل على ان الغالب على قوم هود هو اللذات الخيالية وهو طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد ولتجبر . والغالب على قوم صالح هو اللذات الحسية وهى طلب المأكول والمشروب والمساكن الطيبة وكل هذه اللذات من لذات اهل الدنيا الغافلين وفوقها لذات اهل العقبى المتيقظين وهى اللذات القلبية من المعارف والعلوم ومايوصل اليها من التواضع والوقار والتجرد والاصطبار ١٥٠ { فاتقوا اللّه واطيعون } ١٥١ { ولا تطيعوا امر المسرفين } كان مقتضى الظاهر ولا تطيعوا المسرفين بلا اقحام امر فان الطاعة انما تكون للامر على صيغة الفاعل كما ان الامتثال انما يكون للامر على صيغة المصدر فشبه الامتثال بالطاعة من حيث ان كل واحد منهما يفضى الى الوجود والمأمور به فاطلق اسم المشبه به وهو الطاعة واريد الامتثال امرهم ١٥٢ { الذي يفسدون فى الارض } اى فى ارض الحجر بالكفر والظلم موضح لاسرافهم { ولا يصلحون } بالايمان والعدل عطف على يفسدون لبيان خلو افسادهم عن مخالطة الاصلاح [ مراد تنى جندندكه قصد هلاك صالح كردند وقصه ايشان در سوره نمل مذكور خواهد شد ] ١٥٣ { قالوا } [ كفتند ثمود درجواب صالح ] { انما انت من المسحرين } اى من المسحوين مرة بعد اخرى حتى اختل عقله واضطرب رأيه فبناء التفعصيل لتكثير الفعل ١٥٤ { مانت الى بشر مثلنا } تأكل وتشرب ولست بملك ، قال الكاشفى [ بصورت بشريت صالح عليه السلام از حقيقت حال وى محجوب شديد وندانستندكه انسان وراى صورت جيزى ديكرست ] جد صورت بينى اى صورت برست ... جان معنيست كز صورت ترست در كذر از صورت ومعنى نكر ... زانكه مقصود از صدف باشد كهر [ وجون قوم ثمود وابسته صورت بودند وصالح را بصورت خود ديدند بهانه جويان كفتند تومثل مابشرى دعوى راسلت جرا ميكنى وجونكه ترك نميكيرى ودرين دعوى مصرى ] { فائت بآية } [ بس بيار تشانه ازخوارق عادات ] { ان كنت من الصادقين } فى دعواك [ صالح : فرمودكه شماجه مى طلبيد يشان اقتراح كردنكه ازين سنك معين ناقه بدين هيأت بيرون آر وجون بدعاى صالح مدعاى ايشان حاصل شد ] كما سبق تفصيله فى سورة الاعراف وسورة هود ١٥٥ { قال هذه ناقة } [ اين ناقه ايست كه شما طلبيد يد ] { لها شرب } اى نصيب من الماء كالسقى والقيب للحط من السقى والقوت { ولكم شرب يوم معلوم } : يعنى [ يكروز آب ازان اوسب ودوروز ازان شماست ] فاقتصروا على شربكم ولا تزاحموها على شربها ، وفيه دليل على جواز قسمة المنافع بالمهايأة لان قوله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم من المهايأة وهى لغة مفاعلة من الهيئة وهى الحالة الظاهرة للمتهيىء للشىء . والتهايىء تفاعل منها وهى ان يتواضعوا على امر فيتراضوا به وحقيقته ان كلا منهم رضى بهيئة واحدة واختارها وشرعا قسمة المنافع على التعاقب والتناوب فلو قسم الشريكان منفعة دار مشتركة ووقعت المواضعة بينهما على ان يسكن احدهما فى بعضها الآخر فى بعضها هذا فى علوها وهذا فى سفلها او على ان يسكن فهيا هذا يوما او شهرا ويسكن هذا يوما او شهرا وتهايئا توافقا فى دارين على ان يسكن هذا فى هذه وهذا فى هذه او فى خدمة عبد واحد على ان يخدم هذا يوماو يخدم هذا يوما او خدمة عبدين على ان يخدم هذا هذا وهذا هذا صح التهايىء فى الصور المذكورة بالاجماع استحسانا للحاجة اليه اذ يتعذر الاجتماع على الانتفاع فاشبه القسمة والقياس ان لايصح لانها مبادلة المنفعة بحنسها ولكن ترك بالكتاب وهو الآية المذكورة والسنة وهو ماروى انه عليه السلام قسم بغزوة بدر كل بعير بين ثلاثة نفر وكانوا يتناوبون وعلى جوازها اجماع الامة ، قال فى فتح الرحمن واختلفوا فى حكم المهايأة فقال ابو حنيفة رحمه اللّه يجبر عليها الممتنع اذا لم يكن الطالب متعنتا وقال الثلاثة هى جائزة بالتراضى والاجبار فيها ١٥٦ { ولا تمسوها بسوء } [ ومس ميكند ويرا بيدى يعنى قصد زدن وكشتن وى ميكنيدكه اكرجنان كنيد ] { فيأخذكم عذاب يوم عظيم } عظم اليوم بالنسبة الى عظم ماحل فيه وهو ههنا صيحة جبريل ١٥٧ { فعقروها } عقرت البعير نحرته واصل العقر ضرب الساق بالسيف كما فى كشف الاسرار [ بس بى كردند ناقه راوبكشتند ] اى يوم الاربعاء فماتت واسند العقر الى كلهم لان عاقرها انما عقر برضاهم ولذلك اخذوا جميعا روى ان مسطعا الجأها الى مضيق فى شعب فرماها بسهم فسقطت ثم ضربها قدار فى عرقوبها . وعن ابى موسى الاشعرى رضى اللّه عنه قال رأيت مبركها فاذا هو ستون ذراعا فى ستين ذراعا فقتلوا مثل هذه الآية العظيمة { فاصبحوا } صاروا { نادمين } على عقرها خوفا من خلول العذاب لاتوبة او عند معاينتهم العذاب ولذلك لم ينفعهم الندم وان كن بطريق التوبة كفرعون حين ألجمه الغرق والندم الندامة التحسر من تغير رأى فى امر فائت ١٥٨ { فاخذهم العذاب } الموعود وهو صيحة جبريل وذلك يوم السبت فهلكوا جميعا { ان فى ذلك } اى فى العذاب النازل بثمود { لآية } دالة على ان الكفر بعد ظهور الآيات المفتوحة موجب لنزول العذاب فليعتبر العقلاء لاسيما قريش { وما كان اكثرهم } اكثر قوم ثمود او قريش { مؤمنين } [ آورده اندكه ازقابئل ثمود جهار هزار كس ايمان آوردند وبس ] وكان صالح عليه السلام نزل عليه الوحى بعد بلوغه وارسل بعد هود بمائة سنة وعاش مائتين وعشرين سنة ١٥٩ { وان ربك لهو العزيز } الغالب على ماراد من الانتقام من قوم ثمود بسبب تكذيبهم فاستأصلهم فليحذر المخالفون لامره حتى لايقعوا فيما وقع فيه الامم السالفة المكذبة { الرحيم } [ مهربان كه بى استحقاق عذاب نكند ] وكانت الناقة علامة لنبوة صالح عليه السلام فلما اهلكوها ولم يعظموها صاروا نادمين حين لم ينفعهم الندم . والقرآن علامة لنبوة نبينا عليه السلام فمن رفضه ولم يعمل بما فيه ولم يعظمه يصير نادما غدا ويصيبه العذاب ومن جملة مافيه الامر بالاعتبار فعليك بالامتثال ما ساعدت العقول والابصار واياك ومجرد القال فالفعل شاهد على حقيقة لحال : وفى المثنوى حفظ لفظ اندر كواه قولى است ... حفظ عهد اندر كواه فعلى است كر كواه قولكر كويد ردست ... وركواه فعل كر يويد بدست قول وفعل بى تناقض بايدت ... تاقبول اندر زمان بيش آيدت جون ترازوى تو كر بود ودغا ... راست جون جويى ترازوى جزا جونكه باى جب بدى درغدروكاست ... نامه جون آيدترا دردست راست جون جزا سايه است اى قدتوخم ... سايه تو كرفتد دربيش هم كافرانرا بيم كرد ايزد زنار ... كافران كفتند نار اولى زعار لاجرم افتند در نار ابد ... الامان يارب از كردار بد فلا تكن من اهل العار حتى لاتكون من اهل النار ومن له آذان سامعة وقولب واعية يصيخ الى آيات اللّه الداعية فيخاف من اللّه القهار ويصير مراقبا آناء الليل واطراف النهار ويكثر ذكر اللّه فى السر والجهار حكى ان الشبلى قدس سره رأى فى سياحته فتى يكثر ذكر اللّه ويقول اللّه فقال الشبلى لاينفعك قولك اللّه بدون العمل لان اليهود والنصارى معك سواء لقوله تعالى { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن اللّه } فقال الفتى اللّه عشر مرات حتى خر مغشيا عليه فمات على تلك الحالة فجاء الشبلى فرأى صدره قد انشق فاذا على كبده مكتوب اللّه فنادى مناد وقال ياشبلى هذا من المحبين وهم قليل واللّه تعالى خلق قلوب العارفين وزينها بالمعرفة واليقين وادخلهم من طريق الذكر الحقانى فى نعيم روحانى كما اوقع للغافلين من طريق النيسان والاصرار فى عذاب روحانى وجسمانى فالاول من آثار رحمته والثانى من علامات عزته فلا يهتدى اليه الا المستأهلون لقربته ووصلته ولا يتأخر فى الطريق الا المستعدون لقهره ونقمته فنسأله وهو الكريم الرحيم ان يحفظنا من عذاب يوم عظيم يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى اللّه بقلب سليم ١٦٠ { كذبت قوم لوط } يعنى اهل سدوم ومايتبعها { المرسلين } يعنى لوطا وابراهيم ومن تقدمهما ١٦١ { اذ قال لهم اخوهم لوط } ، قال الكاشفى [ اينجا مراد اخوت شفقت است ] انتهى وذلك لان لوطا ليس من نسبهم وكان اجنبيا منهم اذ روى انه هاجر مع عمه ابراهيم عليهما السلام الى ارض الشام فانزله ابراهيم الاردن فارسله اللّه الى اهل سدوم وهو لوط بن هاران وهاران اخو تارخ ابى ابراهيم { ألا تتقون } ألا تخافون من عقاب اللّه تعالى على الشرك والمعاصى ١٦٢ { انى لكم رسول } مرسل من جانب الحق { امين } مشهور بالامانة ثقة عند كل احد ١٦٣ { فاتقوا اللّه واطيعون } فان قول المؤتمن معتمد ١٦٤ { وماسألكم عليه } اى على التبليغ والتعليم { من اجر } جعل ومكافأة دنيوية فان ذلك تهمة لمن يبلغ عن اللّه { ان اجرى } ماثوابى { الا على رب العالمين } بل ليس متعلق الطلب الا اياه تعالى خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا ١٦٥ { أتأتون الذكران من العالمين } الاستفهام للانكار وعبر عن الفاحشة بالاتيان كما عبر عن الحلال فى قوله { فائتوا حرثكم } والذكران والذكور جمع الذكر ضد الانثى وجعل الذكر كناية عن العضو المخصوص كما فى المفردات . ومن العالمين حال من فاعل تأتون والمراد به الناكحون من الحيوان فالمعنى أتأتون من بين من عداكم من العالمين الذكران وتجامعونهم وتعملون ما يشارككم فيه غيركم : وبالفارسية [ آيا مى آييد بمردان ] يعنى أنه منكر منكم ولا عذر لكم فيه ويجوز ان يكون من العالمين حالا من الذكران والمراد به الناس . فالمعنى أتأتون الذكران من اولاد آدم مع كثرة الاناث فيهم كأنهن قد اعوزنكم اى افقرنكم واعدمنكم روى ان هذا العمل الخبيث علمهم اياه ابليس ١٦٦ { وتذرون } تتركون يقال فلان يذر الشىء اى يقذفه لقلة اعداده به ولم يستعمل ماضيه { ماخلق لكم ربكم } لاجل استمتاعكم { من ازواجكم } [ اززنان شما ] ومن لبيان ما ان اريد به جنس الاناث وللتبعيض ان اريد به العضو المباح منهن وهو القبل تعريضا بانهم كانوا يفعلون بنسائهم ايضا فتكون الآية دليلا على حرمة ادبار الزوجات والمملوكات وفى الحديث ( من أتى امرأة فى دبرها فهو بريىء مما انزل على محمد ولا ينظر اللّه اليه ) ، وقال بعض الصحابة قد كفر { بل انتم قوم عادون } متجاوزون الحد فى جميع المعاصى وهذا من جملتها ، واختلفوا فى اللوطى فقال ابو حنيفة يعزر ولاحد عليه خلافا لصاحبيه وقد سبق شرحه فى سورة هود وقال مالك يجب على الفاعل والمفعول به الرجم احصنا او لم يحصنا وعند الشافعى واحمد حكمه الزنى. ١٦٧ { قالوا } مهددين { لئن لم تنته يالوط } اى عن تقبيح امرنا وانكارك علينا { لتكونن من المخرجين } من المعهودين بالنفى والاخراج من القرية على عنف وسوء حال ١٦٨ { قال انى لعلمكم } يعنى اتيان الرجال { من القالين } من المبغضين اشد البغض كأنه يقلى الفؤاد والكبد لشدته اى ينضج لا اقف عن الانكار عليه بالايعاد وهو اسم فاعل من القلى وهو البغض الشديد متعلق بمحذوف اى لقال من القالين ومبغض من المبغضين وذلك المحذوف وهو قال خبر ان ومن القالين صفته وقوله لعلمكم متعلق بالخبر المحذوف ولو جعل من القالين خبر ان لعمل القالين فى لعلمكم فيفضى الى تقديم الصلة على الموصول ولعله عليه السلام اراد اظهار لكراهة فى مساكنتهم والرغبة فى الخلاص من سوء جوارهم ولذلك اعرض عن محاورتهم وتوجه الى اللّه قائلا ١٦٩ { رب } [ اى بروردكار من ] { نجنى } خلصنى { واهلى مما يعملون } اى من شؤم عملهم الخبيث وعذابه ١٧٠ { ونجيناه واهله اجمعين } اى اهل بيته ومن اتبعهم فى الدنيا باخراجهم من بينهم وقت مشارقة حلول العذاب بهم ١٧١ { الا عجوزا } هى امرأة لوط اسمها والهة استثنيت من اهله فلا يضره كونها كافرة لان لها شركة فى الاهلية بحق الزوج ، قال الراغب العجوز سميت لعجزها عن كثير من الامور { فى الغابرين } اى مقدرا كونها من الباقين فى العذاب لانها كانت مائلة الى القوم راضية بفعلهم وقد اصابها الحجر فى الطريق فاهلكها وذكر ان امرأة لوط حين سمعت الرجفة التفتت وحدها فمسخت حجرا وذلك الحجر فى رأس كل شهر يحيض كذا فى كتاب التعريف للامام السهيلى ، قال فى المفردات العابر الماكث بعد مضى من معه قال تعالى { الا عجوزا فى الغابرين } يعنى فيمن طال اعمارهم وقيل فيمن بقى ولم يسر مع لوط وقيل فيمن بقى فى العذاب ١٧٢ { ثم دمرنا الآخرين } اهلكناهم اشد الاهلاك وافظعه بقلب بلدتهم والتدمير ادخال الهلاك على الشىء والدمار الهلاك على وجه عجيب هائل ١٧٣ { وامطرنا عليهم } اى على الخارجين من بلادهم والكائنين مسافرين وقت الائتفاك والقلب { مطرا } اى مطرا غير معهود وهو الحجارة { فساء مطر المنذرين } بئس مطر من انذر فلم يؤمن لم يرد بالمنذرين قوما باعيانهم فان شرط افعال المدح والذم ان يكون فاعلها معرفا بلام الجنس او يكون مضافا الى المعرف به او مضمرا مميزا بنكرة والمخصوص بالذم محذوف وهو مطرهم ١٧٤ { ان فى ذلك } الذى فعل بقوم لوط { لآية } لعبرة لمن بعدهم فليجتنبوا عن قبيح فعلهم كيلا ينزل بهم مانزل بقوم لوط من العذاب { وما كان اكثرهم مؤمنين } [ كه جزدو ختر لوط ودو داما وى نكرديده بودند ] ١٧٥ { وان ربك لهو العزيز } بقر الاعداء { الرحيم } بنصرة الاولياء او لا يعذب قبل التنبيه والارشاد وتعذيبه اهل العذاب من كمال رحمته على اهل الثواب ألا ترى ان قطع اليد المتأكلة سبب لسلامة البدن كله فالعالم بمنزلة الجسد واهل الفساد بمنزلة اليد المتأكلة وراحة اهل الصلاح فى ازالة اهل الفساد : وفى المثنوى جونكه دندان تو كرمش درفتاد ... نيست دندان بركنش اى اوستاد باقىء تن تانكردد زار ازو ... كرجه بود آن تو شو بيزار ازو ولو لم يكن فى العزة والقهر فائدة لما وضعت الحدود . وقد قيل اقامة الحدود خير من خصب الزمان ، قال ادريس عليه السلام من سكن موضعا ليس فيه سلطان قاهر وقاض عادل وطبيب عالم وسوق قائمة ونهر جار نقد ضيع نفسه واهله وماله وولده فعلى العاقل ان يحترز عن الشهوات ويهاجر العادات ويجاهد نفسه من طريق اللطف والقهر فى جميع الحالات ١٧٦ { كذب اصحاب الايكة المرسلين } اى شعيبا ومن قبله عليهم السلام . والايكة الغيضة التى تنبت ناعم الشجر كالسدر والادراك وهى غيضة بقرب مدين يسكنها طائفة فبعث اللّه اليهم شعيبا بعد بعثه الى مدين ولكن لما كان اخا مدين فى النسب قال تعالى { والى مدين اخاهم شعيبا } ولما كان اجنيبا من اصحاب الايكة قال ١٧٧ { اذ قال لهم شعيب } ولم يقل اخوهم شعيب وهو شعيب بن تويب بن مدين بن ابراهيم او ابن ميكيك بن يشجر بن مدين ابن ابراهيم وام ميكيك بنت لوط { ألا تتقون } [ آيا نمى ترسيد از عذاب حضرت بروردكار خودكه بدو شرط مى آريد ] ١٧٨ { انى لكم رسول امين } بينكم وعلى الرسالة ايضا لا اطلب الاصلاح حالكم ١٧٩ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ١٨٠ { وما اسألكم } [ ونمى خواهيم ازشما ] { عليه } اى على اداء الرسالة والتبليغ المدلول عليه بقوله رسول { من اجر } ومكافأة { ان } ما { اجرى } ثواب عملى واجرة خدمتى { الا على رب العالمين } فان الفيض حسن التربية منه تعالى على الكل خصوصا على من كان مأمورا بامر من جانبه ١٨١ { اوفوا الكيل } اتموه : وبالفارسية [ تمام بيماييد بيمانه را ] { ولا تكونوا من المخسرين } حقوق الناس بالتطفيف : وبالفارسية [ ومباشيد از كاهندكان وزيان رسانندكان بحقوق مردمان ] يقال خسرته واخسرته نفقصته ١٨٢ { وزنوا } الموزونات : وبالفارسية [ وى سنجيد ] وهو اى زنوا امر من وزن يزن وزنا وزنة والوزن معرفة قدر الشىء { بالقسطاس المستقيم } اى بالميزان السوى العدل ، قال فى القاموس القسطاس بالضم والكسر الميزان او اقوم الموازين او هو ميزان العدل أى ميزان كان كالقسطاس او رومى معرب ١٨٣ { ولا تبخسوا الناس اشياءهم } يقال بخس حقه اذا نقصه اياه وهو تعميم بعد تخصيص ، قال فى كشف الاسرار ذكر باعم الالفاظ يخاطب به القافلة والوزان والنخاس والمحصى والصيرفى انتهى اى ولاتنقصوا شيأ من حقوقهم أى حق كان كنقص العبد الزرع ودفع الزيف مكان الجيد والغصب والسرقة والتصرف بغير اذن صاحبه ونحو ذلك { ولا تعثوا فى الارض مفسدين } بالقتل والغارة وقط الطريق . والعثى اشد الفساد فما لايدرك حسا وقوله مفسدين حال مقيدة اى لاتعتدوا حال افسادكم وانما قيده وان غلب العثى فى الفساد لانه قد يكون منه ماليس بفساد كمقابلة الظالم المعتدى بفعله ومنه ما يتضمن صلاحا راجحا كقتل الخضر الغلام وخرقه السفينة ١٨٤ { واتقوا } اللّه { الذى خلقكم والجبلة الاولين } الجبلة الخلقة يقال جبل اى خلق ولا يتعلق بها الخلق فلا بد من تقدير المضاف اى وخلق ذوى الجبلة الاولين يعنى من تقدمهم من الخلائق ١٨٥ { قالا انما انت من المسحرين } من المسحورين مرة بعد اخرى [ تاحدى كه اثر عقل زايشان محوشد ] ١٨٦ { وما انت الا بشر مثلنا } [ ونيست تومكر أدمى مانند ما در صفات بشريت بس بجه جيز برما تفضل ميكنى ودعوى رسالت از كجا آورده ] ادخال الواو بين الجملتين للدلالة على ان كلا من التسحير والبشرية مناف للرسالة مبالغة فى التكذيب بخلاف قصة ثمود فانه ترك الواو هناك لانه لم يقصد الا معنى احد ه التسحير { وان } اى وان الشان { نظنك لمن الكاذبين } فى دعوى النبوة ١٨٧ { فاسقط علينا } [ بس فرود آر برما وبيفكن يعنى خداى خودرا بكو تابيفكند ] { كسفا من السماء } [ باره از آسمان كه درو عذابى باشد ] جمع كسفة بالكسر بمعنى القطعة . والسماء بمعنى السحاب او المظلة ولعله جواب لما شعر به الامر بالتقوى من التهديد { ان كنت من الصادقين } [ از راست كويان كه برما عذاب فرخواهد آمد اين سخن برسبيل استهزا كفتند وتكذيب ] ١٨٨ { قال } شعيب { ربى اعلم بما تعملون } من لكفر والمعاصى وبما تستحقون بسببه من العذاب فينزله فى وقته المقدر له لا محالة مهلت ده روزه ظالم بين ... فتنه بين دم بدمش دركمين او حالش همه عيش است وناز ... آخر كارش همه سوز وكداز [ آوراده اند كه جون قوم شعيب درانكار واستكبار ازحد تجاوز كردند حق سبحانه وتعالى هفت شبانروز حرارتى سخت برايشان كماشت بمثابتى كه آب جاه وحشمه ايشان همه بجوش آمد ونفسهاى ايشان فروكرفت بدرون خانه در آمدند حرارت زيادت شد روى به بيشه نهادند وهر يك درباى درختى افتاده از كرما كريخخته مى شدند كه ناكه ابرسياه درهوا بديد آمد ونسيم خنك ازو وزيدن كرفت اصحاب ايكه خوش دل شده يكديكررا آوازدادند بياييدكه درزير سايبان ابر آسايش كنيم همين كه مجموع ايشان درزيرا ابر مجتمع شدند آتشى ازوى بيرون آمد وهمه را بسوخت جنانجه حق سبحانه وتعالى مى فرمايد ] ١٨٩ { فكذبوه } اى اصروا على تكذيبه بعد وضوح الحجة وانتفاء الشبهة { فاخذهم عذاب يوم الظلة } حسبما اقترحوا اما ان ارادوا بالسماء السحاب فظاهر واما ان ارادوا الظلة فلان نزول العذاب من جهتها والظلة سحابة تظل ، قال الكاشفى [ ظل درلغت سايبانست وآن ابرسياه بشكل سايبان بر زبر سرايشان بوده ] وفى اضافة العذاب الى يوم الظلة دون نفسها ايذان بان لهم يوم آخر غير هذا اليوم كالايام السبعة مع لياليها التى سلط اللّه فيها عليهم الحرارة الشديدة وكان ذلك من علامة انهم يؤخذون بجنس النار { انه } اى عذاب يوم الظلة { كان عذاب يوم عظيم } وعظمه لعظم العذاب الواقع فى روى ان شعيبا ارسل الى امتين اصحاب مدين ثم اصحاب الايكة فاهلكت مدين بالصيحة والرجفة واصحاب الايكة بعذاب يوم الظلة ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما من حدث ماعذاب يوم الظلة فكذبه لعله اراد انه لم ينج منهم احد فيخبره به كذا فى كشف الاسرار ١٩٠ { ان فى ذلك } المذكور من قصة قوم شعيب { لآية } لعبرة للعقلاء { وما كان اكثرهم مؤمنين } اى اكثر اصحاب الايكة بل كلهم اذ لم ينقل ايمان احد منهم بخلاف اصحاب مدين فان جميعا منهم آمنوا ١٩١ { وان ربك لهو العزيز } الغالب القادر على كل شىء ومن عزته نصر انبيائه على اعدائه { الرحيم } بالامهال ، وهذا آخر القصص السبع المذكورة تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتهديدا للمكذبين به من قريش [ تا معلوم كنندكه هرامتى كه تكذيب بيغمبر كردند معذب شدند وايشانرا نبز برتكذيب حضرت بيغمبر عذابى خواهد رسيد ] ، فان فلت لم لايدوز ان يقال ان العذاب النازل بعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم لم يكن لكفرهم وعنادهم بل كان كذلك بسبب اقترانات الكواكب واتصالاتها على ما اتفق عليه اهل النجوم ومع قيام هذا الاحتمال لم يحصل الاعتبار بهذه القصص . وايضا ان اللّه تعالى قد ينزل العذاب محنة للمكلفين وابتلاء لهم وقد ابتلى المؤمنين بانواع البليات فلا يكون نزول العذاب على هؤلاء الاقوام دليلا على كونهم مبطلين مؤاخذين بذلك ، قلت اطراد نزول العذاب على تكذيب الامم بعد انذار الرسل به واقتراحهم استهزاء وعدم مبالاة به يدفع ان يقال انه كان بسبب اتصالات فلكية او كان ابتلاء لهم لا مؤاخذة على تكذيبهم لان الابتلاء لايطرد ، والعم ان هذا المذكور هو العذاب الماضى ومن اشارته العذاب المستقبل . واما العذاب الحاضر فتعلق الخاطر بغير اللّه الناظر فكما لابد من تخلية القلب عن الانكار والعزم على العصيان وتحليته بالتصديق والايمان فكذا لابد من من قطع العلائق وشهود شؤن رب الخلائق فان ذلك سبب للخلاص من عذاب الفراق ومدار للنجاة من قهر الخلاق وانما يحصل ذلك من طريقه وهو العمل بالشريعة واحكامها وقبول نصحها والتأدب بالطريقة وآدابها فمن وجد نفسه عل ىهدى رسول اللّه واصحابه والائمة المجتهدين بعده واخلاقهم من الزهد والورع وقيام الليل على الدوام وفعل جميع المأمورات الشرعية وترك جميع المنهيات كذلك حتى صار يفرح بالبلايا والمحن وضيق العيش وينشرح لتحويل الدنيا ومناصبها وشهواتها عنه فليعلم ان اللّه تعالى يحبه ومن محبته ورحمته صب على قلبه تعظيم امره وربط جوارحه بالعمل مدة عمره والا فليحكم بان اللّه تعالى يبغضه والمبغض فى يد الاسم العزيز جعلنا اللّه تعالى واياكم من اهل رحمته وعصمنا واياكم من نقمته بدفع العلة ورفع الذلة ونعلم ما قيل محيط ازجهره سيلاب كرد راه ميشويد ... جه انديشد كسى باعفو حق ازكرد ذلتها واللّه العفو الغفور ومنه فيض الاجر الموفور ١٩٢ { وانه } راجع الى القرآن وان لم يجر له ذكر للعلم به { لتنزيل رب العالمين } صيغة التكثير تدل على ان نزوله كان بالدفعات فى مدة ثلاث وعشرين سنة هو مصدر بمعنى المفعول سمى به مبالغة وفى وصفه تعالى بربوبية العالمين ايذان بان تنزيله من احكام تربيته تعالى ورأفته للكل . والمعنى ان القرآن الذى من جملته ماذكر من القصص السبع المنزل من جهته تعالى والا لما قدرت على الاخبار وثبت به صدقك فى دعوى الرسالة لان الاخبار من مثله لايكون الا بطريق الوحى ١٩٣ { نزل به } الباء للتعدية اى انزله او للملابسة : يعنى [ فروآمده باقرآن ] { الروح الامين } اى جبريل فانه امين على وحيه وموصله الى انبيائه وسمى روحا لكونه سببا لحياة قلوب المكلفين بنور المعرفة والطاعة حيث ان الوحى الذى فيه الحياة من يموت الجهالة يجرى على يده ويدل عليه قوله تعالى { يلقى الروح من امره على من يشاء من عباده } وفى كشف الاسرار سمى جبريل روحا لان جسمه روح لطيف روحانى وكذا الملائكة روحانيون خلقوا من الروح وهو الهواء ، يقول الفقير لاشك ان للملائكة اجساما لطيفة وللطافة نشأتهم غلب عليهم حكم الروح فسموا ارواحا ولجبريل مزيد اختصاص بهذا المعنى اذ هو من سائر الملائكة كالرسول عليه السلام من افراد امته ، واعلم ان القرآن كلام اللّه وصفته القائمة به فكساه الالفاظ بالحروف العربية ونزله على جبريل وجعله امينا عليه لئلا يتصرف فى حقائقه ثم نزل به جبريل كماهو على قلب محمد عليه السلام ١٩٤ { على قلبك } اى تلاه عليك يامحمد حتى وعيته بقلبك فخص القلب بالذكر لانه محل الوعى والتثبيت ومعدن الوحى والالهام وليس شىء فى وجود الانسان يليق بالخطاب والفيض غيره وهو عليه السلام مختص بهذه الرتبة العلية والكرامة السنية من بين سائر الانبياء فان كتبهم منزلة فى الالواح والصحائف جملة واحدة على صورتهم لا على قلوبهم كما فى التأويلات النجمية ، قال فى كشف الاسرار الوحى اذا نزل بالمصفطى عليه السلام نزل بقلبه اولا لشدة تعطشه الى الوحى ولاستغراقه به ثم انصرف من قلبه الى فهمه وسمعه وهذا تنزل من العلو الى السفل وهو رتبة الخواص فاما العوام فانهم يسمعون اولا فيتنزل الوحى على سمعهم اولا ثم على فهمهم ثم على قلبهم وهذا ترق من السفل الى العلو وهو شان المريدين واهل السلوك فشتات مابينهما [ جبرائيل جو بيغام كزاردى كاه كاه بصورت ملك بودى وكاه كاه بصورت بشرا كروحى وبيغام بيان احكام شرع بودى وذكر حلال وحرام بودى بصورت بشر آمدى كه { هو الذى انزل عليك الكتاب } وذكر قلب درميان نبودى باز جون وحى باك حديث عشق ومحبت بودى واسرار ورموز عارفان جبريل بصورت ملك آمدى روحانى ولطيف تايدل رسول بيوستى واطلاع اغيار بر آن نبودى حق تعالى جنين مود ] { نزل به على الروح الامين على قلبك } ثم اذا انقطع ذلك كان يقول فينفصم عنى وقد وعيته ، وفى الفتاوى الزينية سئل عن السيد جبريل كم نزل على النبى عليه السلام اجاب نزل عليه اربعة وعشرين الف مرة على المشهور انتهى ، وفى مشكاة الانوار نزل عليه سبعة وعشرين الف مرة وعلى سائر الانبياء لم ينزل اكر من ثلاثة آلاف مرة { لتكون من المنذرين } المخوفين مما يؤدى الىعذاب من قبل او ترك وهو متعلق بنزل به مبين لحكمة الانزال والمصلحة منه وهذا من جنس مايذكر فيه احد طرفى الشىء ويحذف الطرف الآخر لدلالة المذكور على المحذوف وذلك انه انزله ليكون من المبشرين والمنذرين ، يقول الفقير الانذار اصل وقدم لانه من باب التخلية بالخاء المعجمة فاكتفى بذكره فى بعض المواضع من القرآن ١٩٥ { بلسان عربى مبين } متعلق ايضا بنزل وتأخيره للاغتناء بامر الانذار واللسان بمعنى اللغة لانه آلة التلفظ بها اى نزل به بلسان عربى ظاهر المعنى واضح المدلول لئلا يبقى لهم عذر ما أى لايقولوا مانصنع بما لانفهمه فالآية صريحة فى ان القرآن انما نزل عليه عربيا لا كما زعمت الباطنية من انه تعالى انزله على قلبه غير موصوف بلغة ولسان ثم انه عليه السلام اداه بلسانه العربى المبين من غير ان انزل كذلك وهذا فاسد مخالف للنص والاجماع ولو كان الامر كما قالوا لم يبق الفرق بين القرآن وبين الحديث القدسى ، وفى الآية تشريف للغة العرب على غيرها حيث انزل القرآن بها لابغيرها وقد سماها مبينا ولذلك اختار هذه اللغة لاهل الجنة واختار لغة العجم لاهل النار ، قال سفيان بلغنا ان الناس يتكلمون يوم القيامة قبل ان يدخلوا الجنة بالسريانية فاذا دخلوا الجنة تكلموا بالعربية ، فان قلت كيف يكون القرآن عربيا مبينا مع ما فيه من سائر اللغات ايضا على ماقالوا كالفارسية . { وهو السجيل } بمعنى سنك وكل . والرومية وهو قوله تعالى { فصرهن اليك } اى اقطعهن . والارمنية وهو { فى جيدها } والسريانية { وهو ولات حين مناص } بمعنى ليس حين فرار . والحبشية وهو { كفلين } بمعن ضعفين ، قلت لما كانت العرب يستعملون هذه اللغات ويعرفونها فيما بينهم صارت بمنزلة العربية ، قال الفقيه ابو الليث رحمه اللّه اعلم بان العربية لها فضل على سائر الالسنة فمن تعلمها او علم غيره فهو مأجور لان اللّه تعالى انزل القرآن بلغة العرب ، وعن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه من تعلم الفارسية خب ومن خب ذهبت عنه مروءته يعنى لو اقتصر على لسان الفارسية ولم يتعلم العربية فانه يكون اعجميا عند من يتكلم بالعربية فذهبت مروءته ولو تكلم بغير العربية فان يجوز والا اثم عليه فى ذلك ، وقد روى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انه تكلم بالفارسية انتهى باجمال ، يقول الفقير الفارسية شعبة من لسان العجم المقابل للسان العرب ولها فضل على سائر لغات العجم وكذا ورد فى الحديث الصحيح ( لسان اهل الجنة العربية والفارسية والدرية ) بتشديد الراء كما فى الكرمانى وغيره ذكره صاحب الكافى والقهستانى وابن الكمال وغيرهم وصححوه واما قوله عليه السلام ( احب العرب لثلاث لأنى عربى والقرآن عربى ولسان اهل الجنة فى الجنة عربى ) فالتخصيص فيه لاينافى ماعداه وكذا لاينافى كون لسان العجم مطلقا لسان اهل النار كون الفارسية منه لسان اهل الجنة وقد تكلم بها فى الدنيا كثير من العارفين : وفى المثنوى فارسى كوكرجه تازى خوشترست ... عشق را خود صد زبان ديكرست وهو ترغيب فى تحصيل الفارسية بعد تحصيل العربية ولهذا المقام مزيد تفصيل ذكرناه فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض ١٩٦ { وانه } اى وان ذكر القرآن لاعينه { فى زبر الاولين } واحدها زبور بمعنى الكتاب مثل رسل ورسول اى لفى الكتب المتقدمة . يعنى ان اللّه تعالى اخبر فى كتبهم عن القرآن وانزاله على النبى المبعوث فى آخر الزمان ١٩٧ { أولم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بنى اسرائيل } الهمزة لانكار النفى والواو للعطف على مقدر ولهم حال من آية والضمير راجع الى مشركى قريش وآية خبر للكون قدم على اسمه الذى هو قوله ان يعلمه الخ للاعتناء بالمقدم والتنويه بالمؤخر اى اغفلوا عن ذلك ولم يكن لهم آية دالة على انه تنزيل رب العالمين وانه فى زبر الاولين ان يعلمه علماء بنى اسرائيل كعبداللّه بن سلام ونحوه بنعوته المذكورة فى كتبهم ويعلموا من انزل عليه اى قد كان علمهم بذلك آية على صحة القرآن وحقية الرسول [ وشهادت مردم دانا برجيزى موجب تحقيق آنست ] روى ان اهل مكة بعثوا الى يهود المدينة يسألونهم عن محمد وبعثته فقالوا ان هذا لزمانه وانا نجد فى التوراة نعته وصفته ١٩٨ { ولو نزلناه } اى القرآن كما هو بنظمه المعجب المعجز { على بعض الاعجمين } الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية جمع اعجمى بالتخفيف ولذا جمع جمع السلامة ولو كان جمع اعجم لما جميع بالواو والنون لان مؤنث اعجم عجماء وافعل فعلاء لايجمع جمع السلام ١٩٩ { فقرأه عليهم } قراءة صحيحة خارقة للعادات { ماكنوا به مؤمنين } مع انضمام اعجاز القراءة الى اعجاز المقروء لفرط عنادهم وشدة شكيمتهم فى المكابرة وفى التأويلات النجمية يشير الى كما قدرته وحكمته بانه لو انزل هذا الكتاب بهذه اللغة على اعجمى لم يعرف هذه اللغة لكان قادرا على ان يعلمه لغة العرب ويفهمه معانى القرآن وحكمه فى لفظه كما علم آدم الاسماء كلها وكما علم العربية لمن قال ( امسيت كرديا واصبحت عربيا ) ومع هذا لما كان اهل الانكار مؤمنين به بعد ظهور هذه المعجزة اظهارا لكمال الحكمة ٢٠٠ { كذلك } اى مثل ذلك السلك البديع وهو اشارة الى مصدر قوله { سلكناه } اى ادخلنا القرآن { فى قلوب المجرمين } اى فى قلوب مشركى قريش فعرفوا معانيه واعجازه فقوله ٢٠١ { لايؤمنون به } استئناق لبيان عنادهم { حتى يروا العذاب الاليم } الملجىء الى الايمان به حين لاينفعهم الايمان ٢٠٢ { فيأتيهم } العذاب { بغتة } اى فجأة فى الدنيا والآخرة معطوف على قوله يروا { وهم لا يشعرون } باتيانه : وبالفارسية [ وايشان ندانند وقت آمدن آنرا ] ٢٠٣ { فيقولوا } تحسرا على مافات منا لايمان وتمنيا للامهال لتلافى مافرطوه وهو عطف على يأتيهم { هل نحن منظرون } الانظار التأخير والامهال اى مؤخرون لنؤمن ونصدق : وبالفارسية [ آياهستيم مادرنك داده شدكان يعنى آيامهلت دهند تابكرديم وتصديق كنيم ] ولما اوعدهم النبى عليه السلام بالعذاب قالوا الى متى توعدنا بالعذاب ومتى هذا العذاب نزل قوله تعالى ٢٠٤ { أفبعذابنا يستعجلون } [ آيا بعذاب ماشتاب ميكنند ] فيقولون تارة امطر علينا حجارة من السماء واخرى فائتنا بما تعدنا وحالهم عند نزول العذاب النظرة والمهلة والفاء للعطف على مقدر اى يكون حالهم كما ذكر من الاستنظار عند نزول العذاب الاليم فيسعجلون بعذابنا وبينهما من التنافى مالا يخفى على احد وفى التأويلات النجمية اى استعجالهم فى طلب العذاب من نتائج عذابنا ولو لم يكن معذبين لما استعجلوا فى طلب العذاب ٢٠٥ { أفرأيت } مرتب على قولهم هل نحن منظرون ومابينهما اعتراض للتوبيخ والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان ولما كانت الرؤية من اقوى اساب الاخبار بالشىء واشهرها شاع استعمال أرأيت فى معنى اخبرنى فالمعنى اخبرنى يامن يصلح للخطاب { ان متعناهم } جعلنا مشركى قريش متمتعين منتفعين { سنين } كثيرة فى الدنيا مع طيب المعاش ولم نهلكهم ، وقال الكلبى يعنى مدة اعمارهم ، وقال عطاء يريد مذ خلق اللّه الدنيا الى ان تنقضى ٢٠٦ { ثم جاءهم ماكانوا يوعدون } من العذاب والايعاد . والتخويف بالفارسية [ بيم كردن ] ٢٠٧ { ماغنى عنهم ماكانوا يمتعون } اى لم يغن عنهم شيأ تمتعهم المتطاول فى رفع العذاب وتخفيفه فما فى ماغنى نافية ومفعول اغنى محذوف وفاعله ماكانوا يمتعون او أى شىء اغنى عنهم كونهم ممتعين ذلك التمتيع المؤبد ان مافى ما كانوا مصدرية او ما كانوا يمتعون به من متاع الحياة الدنيا على انها موصولة حذف عائدها فما فى ماغنى مفعول مقدم لاغنى والاستفهام للنفى وما كانوا هو الفاعل وهذا المعنى من الاول لكونه اوفق بصورة الاستخبار وادل على انتفاء الاغناء على ابلغ وجه وآكده كان كل من شانه الخطاب قد كلف بان يخبر بان تمتيعهم ما افادهم وأى شىء اغنى عنهم فلم يقدر احد ان يخبر بشىء من ذلك اصلا روى ان ميمون بن مهران لقى الحسن فى الطواف وكان يتمنى لقاءه فقال له عظنى فلم يزده على تلاوة هذه الآية فقال ميمون لقد وعظت فابلغت ، وروى ان عمر بن عبدالعزيز كان يقرأ هذه الآية كل صباح اذا جلس على سريره تذكرا بها واتعاظا جهان بى وفاييست مردم فريب ... كه از دل ربايد قد او شكيب نكرتا بجاهش نكردى اسير ... نكردى بى مالش اندر زحير كه آندم كه مردك اندر آيد زراه ... نه مالت كند دستكيرى نه جاه قال يحيى بن معاذ رحمه اللّه اشد الناس غفلة من اغتر بحايته الفانية والتذ بموادته الواهية وسكن الى مألوفاته ، كان الرشيد حبس رجلا فاقل الرجل للموكل عليه قل لامير المؤمنين الرشيد مغشيا عليه ثم افاق امر باطلاقه ٢٠٨ { وما اهلكنا من قرية } من القرى المهلكة { الا لها منذرون } قد انذروا اهلها ، قال فى كشف الاسرار جمع منذرين لان المراد بهم النبى واتباعه المظاهرون له ٢٠٩ { ذكرى } اى لاجل التذكير والموعظة والزام الحجة فمحلها النصب على العلة { وما كنا ظالمين } فنهلك غير الظالين والتعبير عن ذلك بنفى الظالمية مع ان اهلاكهم قبل الانذار ليس بظلم اصلا على ما تقرر من قاعدة اهل السنة لبيان كمال نزاعته عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه من الظلم ، وفى التأويلات النجمية { وما اهلكنا من قرية } اى من اهل قرية فالقرية الجسد الانسانى واهلها النفس والقلب والروح واهلاكهم بافساد استعدادهم الفطرى بترك المأمورات واتيان المنهيات { الا لها منذرون } بالالهامات الربانية { ذكرى } ات تذكرة من ربهم كما قال تعالى { ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها } { ومكان ظالمين } بان نصعن العذاب فى غير موضعه او نضع الرحمة فى غير موضعها انتهى ٢١٠ { وما تنزلت به الشياطين } يقل تنزل نزل فى مهلة والباء للتعدية . والمعنى بالفارسية [ وهركز ديوان اين قرآن فرونياوردند ] او للملابسة . والمعنى [ وفرونيايند بقرآن ديوان . مقاتل كفت مشركان قريش كفتند محمد كاهن است وباوى كسى ا ست از جن كه اين قرآن كه دعوى ميكند كه كلام خداست آن كسى برزبان وى مى افكند همجنانكه برزبان كاهن افكند واين از آنجا كفتندكه در جاهلية بيش از معبث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم باهركاهنى رئى بوز از جن كه استراق سمع كردند بدر آسمان وخبر هاى دوزخ وراست برزبان كاهن افكندند مشركان بنداشتندكه وحى قرآن هم ازان جنس است تارب المعالمين ايشانرا دروغ زن كرد كفت ] { وما تنزلت به الشياطين } بل نزل به الروح الامين ٢١١ { وما ينبغى لهم } اى وما يصح وما يستقيم لهم ن ينزلوا بالقرآن من السماء { ومايستطيعون } وما يقدرون على ذلك اصلا ٢١٢ { انهم } بعد مبعث الرسول { عن السمع } لكلام الملائكة { لمعزولون } ممنوعون بعد ان كانوا يمكنون لانهم يرجمون بالشهب ، قال بعض اهل التفسير انهم عن السمع لكلام الملائكة لمعزولون لانتفاء المشاركة بنيهم وبين الملائكة فى صفات الذات والاستعداد لقبول فيضان انوار لحق والانتقاش بصور العلوم الربانية والمعارف النوارنية كيف شلا ونوفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات غير مستعدة الا لقبول ما لا خير فيه اصلا من فنون الشر والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لايمكن تلقيها الا من الملائكة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ليس للشياطين استعدادات تنزيل القرآن ولا قوة حمله ولا وسع فهمه لانهم خلقوا من النار والقرآن نور قديم فلا يكون للنار المخلوقة حمل النور القديم ألا ترى ان نار الجحيم كيف تستغيث عند ورود المؤمو وتقول ( جز يامؤمن فقد اطفأ نورك لهبى ) فاذا لم يكن لهم استطاعة لحمل القرآن وقوة سمعه كيف يمكن لهم تنزيله وان وجدوا السمع الذى هو الادارك ولكن حرموا الفهم المؤدى للاستجابة لما دعوا اليه فلهذا استوجبوا العذاب انتهى ، قال بعض الكبار وصف اللّه تعالى اهل الحرمان ان اسماعهم وابصارهم وعقولهم وقلوبهم فى غشاوة الغفلة عن سماع القرآن والسامع بالحقيقة هو الذى له سمع قلبى عقلى غيبى روحى يسمع كل لمحة من جميع الاصوات والحركات فى الاكون خطاب الحق سبحانه بحيث يهيج سره بنعت الشوق اليه فطوبى لمن فهم عن اللّه واستعد لحمل امانة اللّه شريعة وحقيقة فهو الموفق ومن سواه المعزول فيا ايها السامعون افهموا ويا ايها المدركون تحققوا فالعلم فى الصدر لاعند باب الحواس ولا بالتخمين والقياس ٢١٣ { فلا تدع مع اللّه الها آخر } اذا عرفت يا محمد حال الكفار فلا تعبد معه تعالى الها آخر { فتكون } [ بس باشى اكر برستش ميكنى ] { من المعذبين } خوطب به النبى عليه السلام مع ظهور استحالة وقوع المنهى عنه لانه معصوم تهيجا لعزيمته وحثا على ازدياد الاخلاص ولفطا بسائر المكلفين ببيان ان الاشراك من القبيح والسوء بحيث ينهى عنه من لايمكن صدوره منه فكيف بمن عداه وان من كان اكرم الخلق عليه اذا عذب على تقدير اتخاذ اله آخر فغيره اولى ، وفى الخبر ان اللّه تعالى اوحى الىنبى من انبياء بنى اسرائيل يقال له ارميا بان يخبر قومه بان يرجعوا ع المعصية فانهم ان لم يرجعوا اهلكتهم فقال ارميا يارب انهم اولاد انبيائك اولاد ابراهيم واسحاق ويعقوب أفتهلكهم بذنوبهم قال اللّه تعالى انى انما اكرمت انبيائى لانهم اطاعونى ولو انهم عصونى لعذبتهم وان كان ابراهيم خليلى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان عبادة غير اللّه من الدنيا والآخرة وطلبه بتوجه القلب اليه عمارة عذاب اللّه وهو البعد من اللّه ومن يطلب يكن عذابه اشد فكل طالب شىء يكون قريبا اليه بعيدا عما سواه فطالب الدنيا قريب من الدنيا بعيد عن الآخرة وطالب الآخرة قريب من الآخرة بعيد عن اللّه ولذا قال ابو سعيد الخراز قدس سره حسنات والابرار سيآت المقربين فالابرار اهل الجنة وحسانتهم طلب الجنة والمقربون اهل اللّه وحسناتهم طلب اللّه حده لا شريك له ٢١٤ { وانذر } العذاب الذى يستتبعه الشرك والمعاصى { عشيرتك الاقربين } العشيرة اهل الرجل الذى يتكثر بهم اى يصيرون له بمنزلة العدد الكامل وذلك ان العشرة هو العدد الكامل فصارت العشيرة اسما لكل جماعة من اقارب الرجل يتكثر بهم والعشير المعاشر قريبا كان اومقارنا كذا فى المفردات . والمراد بهم بنوا هاشم وبنوا عبد المطلب وانما امر بانذار الاقربين لان الاهتمام بشانهم اهم فالبداية بهم فى الانذار اولى كما ان البداية بهم فى البر والصلة وغيرها اولى وهو نظير قوله تعالى { يايها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم } وكانوا مأمورين بقتال جميع الكفار ولكنهم لما كانوا اقرب اليهم امروا بالبداية بهم فى القتال كذلك ههنا وايضا اذا انذر الاقارب فالاجانب اولى بذلك روى انه لما نزلت صعد الصفا وناداهم فخذا فخذا حتى اجتمعوا اليه فقال لو اخبرتكم ان يسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقى قالوا نعم قال فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد روى انه قال ( يابنى عبدالمطلب يابنى هاشم يابنى عبد مناف افتدوا انفسكم من النار فانى لا اغنى عنكم شيأ . ثم قال ياعائشة بنت ابى بكر ويا حفصة بنت عمر . ويا فاطمة بنت محمد . ويا صفية عمة محمد اشترين انفسكن من النار فانى لاغنى عنكن شيأ ) [ در خبرست كه عائشة صديقة رضى اللّه عنها بكريست وكفت يارسول اللّه روز قيامت روزيست كه تومارا بكار نيايى كفت بلى ] عائة فى ثلاثة مواطن يقول اللّه ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فعند ذلك لاملك لكم من اللّه شيأ وعند النور من شاء اللّه أتم له نوره ومن شاء اللّه كبه فى الظلمات فلا املك لكم من اللّه شيأ وعند الصراط من شاء اللّه سلمه واجاره ومن شاء كبه فى النار فينبغى للمؤمن ان لا يغتر بشرف الانسان فان النسب لاينفع بدون الايمان برب الارباب فانظر الى حال كنعان ابن نوح والى حال آزر والد ابراهيم عليهما السلام فان فيها كفاية : قال الشيخ سعدى قدس سره جوكنعانرا طبيعت بى هنربود ... بيمبراد كى قدرش نيفزود هنر بنماى اكر دارى نه كوهر ... كل ازخارست وابراهيم از آزر وفى التأويلات النجمية يشير الى حقيقة قوله { فلا انساب بينهم يومئذ } وقال عليه السلام ( كل حسب ونسب ينقطع الا حسبى ونسبى ) فحسبه الايمان والتقوى كما قال عليه السلام ( آلى لك مؤمن تقى ) ويشير الى ان من كان مصباح قلبه منورا بنور الايمان لاينور مصباح عشيرته ولو كان والداله حتى يكون مقتبسا هو لمصباحه من نور مصباحه المنور وهذا سر متابعة النبى عليه السلام والاقتداء بالولى وقوله عليه السلام لفاطمة رضى اللّه عنها ( يافاطمة بنت محمد انقذى نفسك من النار فانى لاغنى عنك من اللّه شيأ ) كان لهذا المعنى كام ان اكل المرء يشبعه ولا يشبع ولده حتى يأكل الطعام كما اكل والده وليعلم انه لاينفعهم قرابته ولا تقبل فيهم شفاعته اذا لم يكن لهم اصل الايمان فان الايمان هو الاصل وماسواه تبع له ولهذا السر قال تعالى عقيب قوله { وانذر عشيرتك الاقربين } قوله ٢١٥ { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } أى ألن جانبك لهم وقاربهم فى الصحبة واسحب ذيل التجاوز على مايبدوا منهم من التقصير واحتمل منهم سوء الاحوال وعاشرهم بجميل الاخلاق وتحمل عنهم كلهم فان حرموك فاعطهم وان ظلموك فتجاوز عنهم وان قصروا فى حقى فاعف عنهم واستغفر لهم : وبالفارسية [ وبر خويش فرورد آر فروتنى ومهربانى يعنى مهربانى ورزو كرام كن ] والخفض ضد الرفع والدعة والسير اللين : يعنى [ نرم رفتن شتر ] وهو حث على تليين الجانب الانقياد كما فى المفردات وجناح العسكر جانباه وهو مستعار من خفض الطائر جناحه اذا اراد ان ينحط فشبه التواضع ولين الاطراف والجوانب عند مصاحبة الاقارب والاجانب بخفض الطائر جناحه اى كسره عند ارادة الانحطاط واما الفاسق والمنافق فلا يخفض له الجناح الا فى بعض الاحوال اذ لكل من اللين والغلظة وقت دل عليه القرآن فلا بد من رعاية كل منهما فى وقته ومن للتبيين لان من اتبع اعم ممن اتبع لدين او لغيره او للتعبيض على ن المراد بالمؤمنين المشارفون للايمان والمصدقون باللسان وفى التأويلات النجمية والنكتة فيه انه قال { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } لان كل متابع مؤمن ولم يكن كل مؤمن متابعا لئلا يغتر المؤمن بدعوى الايمان وهو بمعزل عن حقيقته التى لا تحصل الا بالمتابعة انتهى فعلى العاقل ان يختار صحبة الاخيار ويتابعهم فى اعمالهم ويسعى فى تحصيل اخلاقهم واحوالهم وبشرف القرين يدخل عشرة من الحيوانات الجنة منها كلب اصحاب اهل لكهب ولله در من قال سك اصحاب كهف روزى جند ... بى نيكان كرفت مردم شد حيث دخل الجنة معهم فى صورة الكبش ٢١٦ { فان عصوك } قال فى كشف الاسرار [ خويشان وقرابت رسول اللّه عليه السلام جون بعداوت رسول در بستند وزبان طعن دراز كردند آيت فرود آمدكه ] { فان عصوك } اى فان خرجت عشيرتك عن الطاعة وخالفوك ولم يتبعوك { فقل انى بريىء مما تعملون } اى من عبادتكم لغير اللّه تعالى ولا تبرأ منهم وقل لهم قولا معروفا بالنصح والعظة لعلهم يرجعون الى طاعتك وقبول الدعوة منك ، يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى روّح اللّه روحه يقول قطعت الوصلة بينى وبين خلفائى الا من الوصية فان اللّه تعالى يقول { وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } فالوصية بالحق والصبر لابد لى منها فى حق الكل خصوصا فى حقهم ٢١٧ { وتوكل } فى جميع حالاتك { على العزيز } الذى لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه فهو يقدر على قهر اعدائه { الرحيم } الذى يرحم من تولك عليه وفوض امره اليه بالظفر والنصرة فهو ينصر اولياءه ولا تتوكل على الغير فان اللّه تعالى هو الكافى لشر الاعداء لا الغير والتوكل على اللّه تعالى فى جميع الامور والاعراض عما سواه ليس الا من خواص الكمل جعلنا اللّه واياكم من الملحقين بهم ثم اتبع به قوله ٢١٨ { الذى يريك } الخ لانه كالسبب لتلك ا لرحمة اى توكل على من يراك { حين تقوم } اى الى التهجد فى جوف الليل فان المعروف من القيام فى العرف الشرعى احياء الليل بالصلاة فيه ، وفى الحديث ( افضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) ، وعن عائشة رضى اللّه عنها ان النبى عليه السلام كان لايدع قيام الليل وكان اذا مرض او كسل صلى قاعدا ، ومنها اذا فاتته الصلاة من الليل من وجع او غيره صلى من النهار ثنتى عشرة ركعة رواه مسلم ، يقول الفقير هذا اى ما صلى عليه السلام فى النهار بدل ما قات منه فى الليل من ورد التهجد يدل على ان التهجد ليس كسائر النوافل بل له فضيلة على غيره ولذا يوصى باتيان بدله اذا فات مع ان النوافل لا تقضى ٢١٩ { وتقلبك فى الساجدين } التقلب [ بركشتن ] اى ويرى ترددك فى تصفح احوال المتهجدين لتطلع على حقيقة امرهم كما روى انه لما نسخ فرض قيام الليل عليه وعلى اصحابه بناء على انه كان واجبا عليه وعلى امته وهو الاصح ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه كان واجبا على الانبياء قبله طاف عليه السلام تلك الليلة ببيوت اصحابه لينظر مايصنعون اى هل تركوا قيام الليل لكونه نسخ وجوبه بالصلوات الخمس ليلة المعراج حرصا على كثرة طاعاتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع لها من دندنتهم بذكر اللّه وتلاوة القرآن ٢٢٠ { انه هو السميع } لما تقوله ولدعوات عباده ومناجاة الاسرار { العليم } بما تنويه و بوجود مصالحهم وارادات الضمائر ، وقال بعضهم { تقبلك فى الساجدين } اى تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود اذا اممتهم فقوله فى الساجدين معناه مع المصلين فى الجماعة فكأن اصل المعنى يراك حين تقوم وحدك للصلاة ويراك اذا صليت مع المصلين جماعة وفى التأويلات النجمية { الذى يريك حين تقوم } اى يرى قصدك ونيتك وعزيمتك عند قيامك للامور كلها وقد اقتطعه بهذه الآية عن شهود الخلق فان من علم انه بمشهد الحق راعى دقائق حالاته وخفايا احواله مع الحق وبقوله { وتقلبك فى الساجدين } هون عليه معاناة مشاق العبادات لاخباره برؤيته له ولا مشقة لمن يعلم انه بمرأى من مولاه ومحبوبه وان حمل الجبال الرواسى يهون لمن جملها على شعرة من جفن عينه على مشاهدة ربه ، ويقال كنت بمرأى منا حين تقلبك فى عالم الارواح فى الساجدين بان خلقنا روح كل ساجد من روحك انه هو السميع فى الازل مقالتك انا سيد ولد آدم ولافخر لان ارواحهم خلقت من روحك العليم باستحقاقك لهذه الكرامة انتهى ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما فى قوله { وتقبلك فى الساجدين } من نبى الى نبى حتى اخرجك نبيا اى فمعنى فى الساجدين فى اصلاب الانبياء والمرسلين من آدم الى نوح والى ابراهيم والى من بعده الى ان ولدته امه وهذا لاينافى وقوع من ليس نبيا فى آبائه فالمراد وقوع الانبياء فى نسبه . واستدل الرافضة على ان آباء النبى عليه السلام كانوا مؤمنين اى لان الساجد لايكون الا مؤمنا فقد عبر عن الايمان بالسجود وهو استدلال ظاهرى وقوله عليه السلام ( لم ازل انقل من اصلاب الطاهرين الى ارحام الطاهرات ) لايدل علىلايمان بل على صحة انكحة الجاهلية كما قال عليه السلام فى حديث آخر ( حتى اخرجنى من بين ابوى لم يلتقيا على سفاح قط ) وقد سبق نبذ من الكلام مما يتعلق بالمرام فى اواخر سورة ابراهيم وحق المسلم ان يمسك لسانه عما يخل بشرف نسب نبينا عليه السلام ويصونه عما يتبادر منه النقصان خصوصا الى وهم العامة ، فان قلت كيف نعتقد فى حق آباء النبى عليه السلام ، قلت هذه المسألة ليست من الاعتقاديات فلاحز للقلب منها واما حلظ اللسان فقد ذكرنا وذكر الحافزظ السيوطى رحمه اللّه ان الذى للخلص ان اجداده عليه السلام من آدم الى مرة بن كعب مصرح بايمانهم اى فى الاحاديث واقوال السلف وبقى بين مرة وعبدالمطلب اربعة اجداد ولم اظفر فيهم بنقل وعبد المطلب الاشبه انه لم تبلغه الدعوة لانه مات وسنه عليه السلام ثمان سنين والاشهر انه كان على ملة ابراهيم عليه السلام اى لم يعبد الاصنام كما سبق فى سورة براءة ٢٢١ { اهل انبئكم } خطاب لكفار مكة وكانوا يقولون ان الشياطين تتنزل على محمد فرد اللّه عليهم ببيان استحالة تنزيلهم عليه بعد بيان امتناع تنزلهم بالقرآن . والمعنى هل اخبركم ايها المشركون : وبالفارسية [ آيا خبردهم شمارا ] { على من تنزل الشياطين } اى تتنزل بحذف احدى التاءين وكلمة من تضمنت الاستفهام ودخل عليها حرف الجر وحق الاستفهام ان يصدر فى الكلام فيقال أعلى زيد مررت ولا يقال على ازيد مررت ولكن تضمنه ليس بمعنى انه اسم فيه معنى الحرف بل معناه ان الاصل أمن فحذف حرف الاستفهام واستعمل على بعد حذفه كما يقال فى هل اصله اهل ومعناه أقد فاذا ادخلت حرف الجر على من فقد الهمزة قبل حرف الجر فى ضميرك كأنك تقول أعلى من تنزل ٢٢٢ { تنزل على كل افاك } كثير الافك والكذب ، قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه { اثيم } كثير الاثم وهو اسم للافعال المبطئة عن الثواب اى تتنزل على المتصفين بالافك والاثم الكثير من الكهنة والمتنبئة كمسيلمة وطليحة لانهم من جنسهم وبينهم مناسبة بالكذب والافتراء والاضلال وحيث كانت ساحة رسول اللّه منزهة عن هذه الاوصاف استحال تنزلهم عليه ٢٢٣ { يلقون السمع } الجملة فى محل الجر على انها صفة كل افاك اثيم لكونه فى معنى الجمع اى يلقى الافاكون الاذن الى الشياطين فيتلقون منهم اوهاما وامارات لنقصان علمهم فيضمون اليها بحسب تخيلاتهم الباطلة خرافات لايطابق اكثرها الواقع : وبالفارسية [ فروميدارند كوش را بسخن شياطين وفراميكيرند ازايشان اخبار دروغ وديكر دروغها بآن اضافت ميكنند ] { واكثرهم } اى الافاكين { كاذبون } فيما قالوه من الاقاويل وليس محمد كذلك فانه صادق فى جميع ماخبر من المغيبات والاكثر بمعنى الكل : يعنى [ همه ايشان بصفت كذب موصوفند ] كلفظ العبض فى قوله { ولاحل لكم بعض الذى حرم عليكم } اى كله وذلك كما استعملت القلة فى معنى العدم فى كثير من المواضع ، وقال بعضهم ان الاكثرية باعتبار الاقوال لا باعتبار الذوات حتى يلزم من نسبة الكذب الى اكثرهم كون اقلهم صادقين وليس معنى الافك من لاينطق الا بالافك حتى يمتنع منه الصدق بل من يكثر الافك فلا ينافيه ان يصدق نادرا فى بعض الاحيان ، وقال فى كشف الاسرار استثنى منهم بذكر الاكثر سطيحا وشقا وسواد بن قارب الذين كانوا يلهجون بذكر رسول اللّه وتصديقه ويشهدون له بالنبوة ويدعون الناس اليه انتهى ، قال فى حياة الحيوان واما شق وسطيح الكاهنان فكان شق شق انسان له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة وكان سطيح ليس له عظم ولا بنان انما كان يطوى كالحصير لم يدرك ايام بعثة رسول لله عليه السلام وكان فى زمن الملك كسرى وهو ساسان ٢٢٤ { والشعراء يتبعهم الغاوون } يعنى ليس القرآن بشعر ولا محمد بشاعر لان الشعراء يتبعهم الضالون والسفهاء واتباع محمد ليسوا كذلك بل هم الراشدون المراجيح الرزان وكان شعراء لكفار يهجون رسول اللّه واصحابه ويعيبون الاسلام فيتبعهم سفهاء العرب حيث كانوا يحفظن هجاءهم ونيشدون فى المجالس ويضحكون . ومن لواحق هذا المعنى ما قال ابن الخطيب فى روضته ذهب جماعة من الشعراء الى خليفة وتبعهم طفيلى فلما دخلوا على الخليفة قرأوا قصائدهم واحدا بعد واحد واخذوا العطاء فبقى الطفيلى متحيرا فقيل له اقرأ شعرك قال لست انا بشاعر وانما انا رجل ضال كما قال اللّه تعالى { والشعراء يتبعهم الغاوون } فضحك الخليفة كثيرا فامر له بانعام ، وقال بعضهم معنى الآية ان الشعراء تسلك مسلكهم وتكون من جملتهم الضالون عن سنن الحق لاغيرهم من اهل الرشد وفى التأويلات النجمية يشير لى ان الشعراء بحسب مقاماتهم ومطرح نظرهم ومنشأ قصدهم ونياتهم اذا سلكوا على اقدام التفكر مفاوز التذكر فى طلب المعانى ونظمها وترتيب عروضها وقوافيها وتدبير تجنيسها واساليبها تتبعهم الشياطين بالاغواء والاضلال ويوقعونهم فى الاباطيل والاكاذيبن قال فى المفردات شعرت اصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمته فى الدقة كاصابة الشعر . قيل وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الاصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر المختص بصناعته وقوله تعالى { بل افتراه بل هو شاعر } حمله كثير من لفظ يشبه الموزون من نحو وجفان كالجوابى وقدور راسيات ، وقال بعض المحصلين لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك انه ظاهر من هذا الكلام انه ليس على اساليب الشعر ولايخفى ذلك على الاغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب وانما رموه بالكذب فان العشر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سمى قوم الادلة الكاذبة شعرا ولهذا قال تعالى فى وصف عامة الشعراء { والشعراء يتبعهم الغاوون } الى آخر السورة انتهى ، قال الامام المرزوق شارح الحماسة تأخر الشعراء عن البلغاء لتأخر المنظوم عند العرب لان ملوكهم قبل الاسلام وبعده يتبجحون بالخطابة ويعدونها اكمل اسباب الرياسة ويعدون الشعر دناءة لان الشعر كان مكسبه وتجارة وفيه وصف اللئيم عند الطمع بصفة الكريم والكريم عند تأخر صلته بوصف اللئيم ومما يدل على شرف النثر ان الاعجاز وقع فى النثر دون النظم لان زمن النبى عليه السلام زمن فصاحة ٢٢٥ { ألم تر } يامن من شأنه الرؤية اى قد رأيت وعلمت { انهم } اى الشعراء { فى كل واد } من المدح والذم والهجاء والكذب والفحش والشتم واللعن والافتراء والدعاوى والتكبر والمفاخر والتحاسد والعجب والاراءة واظهار الفضل والدباءة والخسة والطمع والتكدى والذلة والمهانة واصناف الاخلاق الرذيلة والطعن فى الانساب والاعراض وغير ذلك من الآفات التى هى من توابع الشعر { يهيمون } يقال هام على وجهه من باب باع هيمانا بفتحتين ذهب من العشق او غيره كما فى المختار اى يذهبون على وجوههم لايهتدون الى سبيل معين بل يتحيرون فى اودية القيل والقال والوهم والخيال والغى والضلال ، قال الراغب اصل الوادى الموضع الذى يسيل فيه لماء ومنه سمى المنفرج بين الجبلين واديا ويستعار للطريقة كالمذهب والاسلوب فيقال فلان فى واد غير واديك وقوله { ألم تر انهم فى كل واد يهيمون } فانه يعنى اساليب لكلام من المدح والهجاء الجدل والغزل وغير ذلك من الانواع اى فى كل نوع من الكلام يغلون ، قال فى الوسيط فالوادى مثل لفنون الكلام وهيمانهم فيه قولهم على الجهل بما يقولون من لغو وباطل وغلو فى مدح او ذم ٢٢٦ { وانهم يقولون } فى اشعارهم عند التصلف والدعاوى { مالا يفعلون } من الافاعيل : يعنى [ بفسق ناكرده برخود كواهى ميدهند وبيغا مهاى ناداده بكسى درسلك نظم ميكشند ] ويرغبون فى الجود ويرغبون عنه وينفرون عن البخل ويصرون عليه ويقدحون فى الناس بادنى شىء صدر عنهم ثم انهم لا يرتكبون الا الفواحش وذلك تمام الغواية والنبى عليه السلام منزه عن كل ذلك متصف بمحاسن الاوصاف ومكارم الاخلاق مستقر على المنهاج القويم مستمر على الصراط المستقيم ٢٢٧ { الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين { وذكروا اللّه } ذكرا { كثيرا } بل كان اكثر اشعارهم فى التوحيد والثناء عل اللّه والحث على طاعته الحكمة والموعظة والزهد فى الدنيا والترغيب فى الآخرة او بان لم يشغلهم الشعر عن ذكر اللّه ولم يجعلوه همهم وعادتهم ، قال ابو يزيد قدس سره الذكر الكثير ليس بالعدد لكنه بالحضور { وانتصروا } [ انتقام كشيدند ازمشركان ] ، قال فى تاج المصادر والانتصار [ دادبستدن ] { من بعد ماظلموا } بالهجو لان الكفار بدأوهم بالهجاء يعنى لو وقع منهم فى بعض الاوقات هجو وقع بطريق الانتصار ممن هجاهم من المشركين كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اللّه بن رواحة وغيرهم فانهم كانوا يذبون عن عرض النبى عليه السلام وكان عليه السلام يضع لحسان منبرا فى المسجد فيقوم عليه يهجهو من كان يهجو رسول اللّه : قال الكمال الاصفهانى هجا فكتن ارجه بسنديده نيست ... مبدا كسى كالتى آند ندارد جو آن شاعرى كوهجا كونباشد ... جوشيرى كه جنكال ودندان ندارد وعن كعب بن مالك رضى اللّه عنه انه عليه السلام قال ( اهجهم فوالذى نفسى بيده لهو اشد عليهم من النبل ) وفى الحديث ( جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم وألسنتكم ) اى اسموعهم مايكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك ، قال الامام السيهلى رحمه اللّه فهم سبب الاستثناء فلو سماهم باسمائهم الاعلام كان الاستثناء مقصورا عليهم والمدح مخصوصا بهم ولكن ذكرهم بهذه الصفة ليدخل معهم فى هذه الاستثناء كل من اقتدى بهم شاعرا كان او خطيبا وغير ذلك انتهى ، قال فى الكواشى لاشك ان الشعر كلام فحسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه ولا بأس به اذا توحيدا او حثا على مكارم الاخلاق من جهاد وعبادة وحفظ فرج وغض بصر وصلة رحم وشبهه او مدحا للنبى عليه السلام والصالحين بما هو الحق انتهى وفى التأويلات النجمية لارباب القلوب فى الشعر سلوك على اقدام التفكر بنور الايمان وقوة العمل الصالح وتأييد الذكر الكثير ليصلوا الى اعلى درجات القرب وتؤيدهم الملائكة بدقائق المعانى بل يوفقهم اللّه لاستجلاب الحقائق ويلهمهم بالفاظ الدقائق فبالالهام يهيمون فى كل واد من المواعظ الحسنة والحكم البالغة وذم الدنيا وتركها وتزيين الآخرة وطلبها وتشويق العباد وتحبيبهم الى اللّه وتحبيب اللّه اليهم وشرح المعارف وبيان الموصل والحث على السير والتحذير عن الالفاظ القاطعة للسير وذكر اللّه وثنائه ومدح النبى عليه السلام والصحابة وهجاء الكفار انتصارا كما قال عليه السلام لحسان ( اهج المشركين فان جبريل معك ) انتهى . والجمهور على اباحة الشعر ثم المذموم منه مافيه كذلب وقبح ومالم يكن كذلك فان غلب على صاحبه بحيث يشغله عن الذكر وتلاوة القرآن فمذموم ولذا قال من قال درقيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كه سراسر سخنش حكمت يونان كردد وان لم يغلب كذلك فلاذم فيه وفى الحديث ( ان من الشعر لحكمة ) الا كلاما نافعا يمنع عن الجهل والسفه وكان على رضى اللّه عنه اشعر الخلفاء وكانت عائشة رشى اللّه عنها ابلغ من الكل ، قال الكاشفى [ حضرت حقائق بناهى در ديباجه ديوان اول آورده اندكه هر جند قادر حكيم جل ذكره درآيت كريمه { والشعراء يتبعهم الغاوون } شعراراكه سياحان بحر شعرند جمع ساخته وكمند دام استغراق دركردن انداخته كاه درغرقابه بى حد وغايت غوايت مى اندارد وكاه تشنه لب دروادىء حيرت وضلالت سر كردان ميسازد واما بسيارى ازايشان بواسطة اصلاح عمل وصدق ايمان درزورق امان { الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } تشنه اند بوسيله بادبان { وذكروا اللّه كثيرا } بساحل خلاص وناحيت نجات بيوسته ويكى ازافاضل كفته است ] شاعر انرا كرجه غاوى كفت در قرآن خداى ... هست ازيشان هم بقرآن ظاهر ا ستثناى ما ولما كان الشعر ممالا ينبغى للانبياء عليهم السلام لم يصدر من النبى عليه السلام بطريق الانشاء دون الانشاد الا ما كان بغير قصد منه وكان كل كمال بشرى تحت علمه الجامع فكان يجيب كل فصيح وبليغ وشاعر واشعر وكل قبيلة بلغاتهم وعباراتهم وكان يعلم الكتاب علم الخط واهل الحرف حرفتهم ولذا كان رحمة للعالمين { وسيعلم النذين ظلموا } على انفسهم الشعر المنهى عنه وغيره فهو عام لكل ظالم والسين للتأكيد { أى منقلب ينقلبون } أى منصوب بينقلبون على المصدر لا بقوله سيعلم لان ايا وسائر اسماء الاستفهام لا يعمل فيها ماقبلها وقدم على عامله لتضمنه معنى الاستفهام وهو متعلق بسيعلم سادا مسد مفعوليه . والمنقلب بمعنى الانقلاب اى الرجوع . والمعنى ينقلبون أى الانقلاب ويرجعون اليه بعد مماتهم أى الرجوع اى ينقلبون انقالابا سوأ ويرجعون رجوعا شرا لان مصيرهم الى النار ، وقال الكاشفى [ بكدام مكان خواهند كشت واو آنست كه منقلب ايشان آتش خواهدبود ] روى انه لما ايس ابو بكر رضى اللّه عنه من حياته استكتب عثمان رضى اللّه عنه كتاب العهد وهو هذا ماعهد ابن ابى قحافة الى المؤمنين فى الحال التى يؤمن فيها الكافر ثم قال بعد ماغشى عليه وافاق انى استخلفت عليكم عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه فانه عدل فذلك ظنى فيه وان لم يعدل سيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون . والظلم هو الانحراف عن العدالة والعدول عن الحق الجارى مجرى النقطة من الدائرة . والظلمة ثلاثة . الظالم الاعظم وهو الذى لايدخل تحت شريعة واياه قصد بقوله { ان الشرك لظلم عظيم } والاوسط هو الذى لايلزم حكم السلطان . والاصغر هو الذى يتعطل عن المكاسب والاعمال فيأخذ منافع الناس ولايعطيهم منفعته ومن فضيلة العدالة ان الجوار الذى هو ضدها لا يستتب الا بها فلو ان لصوصا تشاطروا فيما بينهم شرطا فلم يراعوا العدالة فيه لم ينتظم امرهم . فعلى العاقل ان يصيخ الى الوعيد والتهديد الاكيد فيرجع عن الظلم والجور وان كان عادلا فنعوذ باللّه من الحور بعد الكور واللّه المعين لكل سالك والمنجى فى المسالك من المهالك |
﴿ ٠ ﴾