سُورَةُ النَّمْلِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَلاَثٌ وَتِسْعُونَ آيَةً

١

{ طس } هذه طس اىهذه السورة مسماة به ، وفى التأويلات النجمية يشير بطائه الىطاء طيب قلوب محبيه وبالسين الى سر بينه وبين قلوب محبيه لا يسعهم فيه ملك مقرب والانبى مرسل . وايضا يقسم بطاء طلب طالبيه وسين سلامة قلوبهم عن طلب ماسواه ، وفى كشف الاسرار الطاء اشارة الى طهارة قدسه والسين الى سناء عزه يقول تعالى بطهارة قدسى وسناء عزى لاخيب امل من أملّ لطفى انتهى ، وقال بعضهم الطاء طوله اى فضله والسين سناؤه اى علوه وقد سبق فى طسم مايتعلق بهذا المقام فاردع اليه ، وقال عين القضاء الهمذانى قدس سره فى مقالاته لولا ماكان فى القرآن من الحروف المقطعات لما آمنت به ، يقول الفقير قد كفره فى قوله هذه كثير من علماء زمانه والامر سهل على اهل الفهم ومراده بيان اطلاعه على بطون معانى الحروف التى هى دليل لارباب الحقائق وسبب تزيد ايمانهم العيانى

{ تلك } اى هذه السورة العظيمة الشان او آياتها

{ آيات القرآن } المعروف بعلو الشأن اى بعض منه لمترجم مستقل باسم خاص فهو عبارة عن جميع القرآن او عن جميع المنزل عند نزول السورة اذ هو المتسارع الى الفهم حينئذ عند الاطلاق

{ وكتاب } عظيم الشأن

{ مبين } مظهر لما فى تضاعيفه من الحكم والاحكام واحوال الآخرة التى من جملتها الثواب والعقاب او ظاهر اعجازه وصحته على انه من ابان يعنى بان اى ظهر وعطفه على القرآن كعطف احدى الصفتين على الاخرى مثل غافر الذنب وقابل التوب اى آيات الكلام الجامع بين القرآنية والكتابية وكونه قرآنا بجهة انه يقرأ وكتابا بسبب انه يكتب وقدم الوصف الاول لتقدم القرآنية علىحال الكتابية واخره فى سورة الحج لما ان الاشارة الى امتيازه عن سائق الكتب بعد التنبيه على انطوائه على كمالات غيره من الكتب ادخل فى المدح فان وصفه بالكتابية مفصح عن اشتماله على صفة كمال الكتب الالهية فكأنه كلها ، وفى كشف الاسرار القرآن والكتاب اسمان علمان للمنزل على محمد ووصفان لانه يقرأ ويكتب فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم وحيث جاء بلفظ النكرة فهو الوصف

٢

{ هدى وبشرى للمؤمنين } اى حال كون تلك الآيات هادية لهم ومبشرة فاقيم المصدر مقام الفاعل للمبالغة كأنها نفس الهدى . والبشارة ومعنى هدايتها لهم وهم مهتدون انها تزيدهم هدى قال تعالى

{ فاما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا } الآية

واما معنى تبشيرها اياهم فظاهر لانها تبشرهم برحمة من اللّه ورضوان وخصهم بالذكر لانتفاعهم به

٣

{ الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة } صفة مادحة للمؤمنين وتخصيصهما بالذكر لانهما قرينتا الايمان وقطرا العبادات البدنية والمالية مستتبعان لسائر الاعمال الصالحة . والمعنى يؤدون الصلاة باركانها وشرائطها فى مواقيتها ويؤتون الصدقة المفروضة للمستحقين

{ وهم بالآخرة هم يوقنون } من تتمه الصلة والواو للحال اى والحال انهم يصدقون بانها كائنة ويعلموها علما يقينا : وبالفارسية [ وحال آنكه ايشان بسراى ديكر بى كمان ميشوند تكرير ضمير اشارت باختصاص ايشانست در تصديق آخرت ] او جملة اعتراضية كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة حق الايقان لامن عداهم فان تحمل مشاق العبادات انما يكون لخوف العاقبة والوقوف على المحاسبة

٤

{ ان الذيين لايؤمنون بالآخرة } لايصدقون بالبعث بعد الموت

{ زينا لهم } [ آراسته كرديم براى ايشان ]

{ اعمالهم } القبيحة حيث جعلناها مشتهاة للطبع محبوبة للنفس كما ينبىء عنه قوله عليه السلام ( حفت النار بالشهوات ) اى جعلت محفوفة ومحاطة بالامور المحبوبة المشتهاة ، واعلم ان كل مشيئة وتزيين واضلال ونحو ذلك منسوبة الى اللّه تعالى بالاصالة والى غيره بالتبعية . ففى الآية حجة قاطعة على المعتزلة والقدرية

{ فهم يعمهون } يتحيرون ويترددون على التجدد والاستمرار فى الاشتغال بها والانهماك فيها من غير ملاحظة لما يتبعها من الضرر والعقوبة والفاء لترتيب المسبب على السبب : وبالفارسية [ بس ايشان سر كردان ميشوند درضلالت خود ] والعمه التردد فى الامر من التحير

٥

{ اولئك } الموصوفون بالكفر والعمه

{ الذين لهم سواء العذاب } اى فى الدنيا كالقتل والاسر يوم بدر . والسوء كل مايسوء الانسان ويغمه

{ وهم فى الآخرة هم الاخسرون } اشد الناس خسرانا لاشترائهم الظلالة بالهدى فخسروا الجنة ونعيمها وحرموا النجاة من النار ، واعلم ان اهل الدنيا فى خسارة الآخرة واهل الآخرة فى خسارة المولى فمن لم يلتفت الى الكونين ريح المولى ولما وجد ابو زيد البسطامى قدس سره فى البادية قحف رأس مكتوب عليه خسر الدنيا والآخرة بكى وقبله وقال هذا رأس صوفى فمن وجد المولى وجد الكل ومن وجد الكل بدون وجدان المولى لم يجد شيأ مفيدا وضاع وقته : وقال الحافظ

اوقات خوش آن بودكه بادوست بسررفت ... باقى همه بى حاصل وبيخبرى بود

قال بعض العارفين كوشفت باربعين حوراء رأيتهن يتساعين فى الهواء عليهن ثياب من فضة وذهب وجوهر فتظرت اليهن نظرة فعوقبت اربعين يوما ثم كوشفت بعد ذلك بثمانين حوراء فوقهن فى الحسن والجمال

وقيل لى انظر اليهن فسجدت وغضضت عينى فى السجود وقلت اعوذ بك مما سواك لا حاجة لى بهذا ولم ازل اتضرع حتى صرفهن عنى فهذا حال العارفين حيث لايلتفتون الى ماسوى اللّه تعالى ويكونون عميا عن عالم الملك والملكوت .

واما الغافلون الجاهلون فبحبهم ماسواه تعالى عميت عيون قلوبهم وصمت آذانها فانه لايكون في عالم المعنى الا ويكون اصم وابكم واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( حبك الشىء يعمى ويصم ) بخلاف اعمى الصورة فان سمعه بحاله فى سماع الدعوة وقبولها . فعلى العاقل ان يجتنب عن الاعمال القبيحة المؤدية للرين والردى والاخلاق الرذيلة الموجبة للعمه والعمى بل يتسارع الى العمل بالقرآن الهادى الى وصول المولى والناهى عن الخسران مطلقا وعن الاعمال الصالحة والصلاة . وانما شرعت لمناجاة الحق بكلامه حال القيام دون غيره من احوال الصلاة للاشتراك فى القيومية ولهذا كان من ادب الملوك اذا كلمهم احد من رعيتهم ان يقوم بين ايديهم ويكلمهم ولا يكلمهم جالسا فتبع الشرع فى ذلك العرف . ومن آداب العارف اذا قرأ فى صلاته المطلقة ان لايقصد قراءة سورة معينة او آية معينة وذلك لانه لايدرى اين يسلك به ربه من طريق مناجاته فلعارف بحسب مايناجيه به من كلامه وبحسب مايلقى اللّه الحق فى خاطره وكل صلاة لايحصل منها حضور قلب فهى ميتة لاروح فيها واذا لم يكن فيها روح فلا تأخذ بيد صاحبها يوم القيامة . ومن الاعمال الصالحة المذكورة الزكاة والصدقة وافضلها مايعطى حال الصحة دون مرض الموت وينبغى لمن قرب اجله واراد ان يعطى شيأ ان يحضر فى نفسه انه مؤد اماننة لصاحبها فيحشر مع الامناء المؤدين امانتهم لامع المتصدقين لفوات محل الافضل فهذه حيلة فى ربح التجارة فى باب الصدقة وفى الانفاق زيادة للمال وتكثير له واطالة لفروعه كالحبوب اذا زرعت

٦

{ وانك } يامحمد

{ لتلقى القرآن } لتعطاه بطريق التلقية والتلقين يقال تلقى الكلام من فلان ولقنه اذا اخذه من لفظه وفهمه ، قال فى تاج المصادر : التلقية [ جيزى بيش كسى وآوردن ] وقد سبق الفرق بين التلقى والتلقف والتقلن فى سورة النور

{ من لدن حكيم عليم } بواسطة جبريل لامن لدن نفسك ولامن تلقاء غيرك كما يزعم الكفار . ولدن بمعنى عند الا انه ابلغ منه واخص وتنوين الاسمين للتعظيم اى حكيم أى حكيم وعليم أى عليم وفى تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن وتنصيص على طبقته عليه السلام فى معرفته والاحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق فان من تلقى الحكم والعلوم من مثل ذلك الحكيم العليم يكون علما فى رصانه العلم والحكمة

وفى التأويلات النجمية يشير الى انك جاوزت جد كمال كل رسول فانهم كانوا يلقون الكتب بايديهم من يد جبريل والرسالات من لفظه وحيا وانك وان كنت تلقى القرآن بتنزيل جبريل على قلبك ولكنك تلقى حقائق القرآن من لدن حكيم تجلى لقلبك بحكة القرآن وهى صفة القائمة بذاته فعلمك حقائق القرآن وجعلك بحكمته مستعدا لقبول فيض القرآن بلا واسطة وهو العلم الدانى وهو اعلم حيث يجعل رسالته . وفى الجمع بين الحكيم والعليم اشعار بان علوم القرآن منها ماهو حكمة كالعقائد والشرائع ومنها ماليس كذلك كالقصص والاخبار الغيبية . ثم شرع فى بيان بعض تلك العلوم فقال

٧

{ اذ قال موسى لاهله } اهل الانسان من يختص به اى اى اذكر لقومك يا محمد وقت قول موسى لزوجته ومن معها فى وادى الطور وذلك انه مكث بمدين عند شعيب عشر سنين ثم سار باهله بنت شعيب الى مصر : يعنى [ بقصد آنكه تامادر خويش ودوخواهر خويش يكى زن قارون ويكى زن يوشع بود ازانجابيارد ] فضل الطريق فى ليلة مظلمة شديدة البرد وقد اخذ امرأته الطلق فقدح فاصلد زنده فبداله من جانب الطور نار فقال لاهله اثبتوا مكانكم

{ انى آنست نارا } ابصرت ، قال فى التاج [ الايناس : ديدن ] والباب يدعل على ظهور الشىء وكل شىء خالف طريقة التوحش ، قال مقاتل النار هو النور وهو نور رب العزة رأه ليلة الجمعة عن يمين الجبل بالارض المقدسة وقد سبق سر تجلى النور فى صورة النار فى سورة طه

{ سآتيكم منها بخبر } اى عن حال الطريق اين هو والسين للدلالة على بعد المسافة او لتحقيق الوعد بالاتيان وان ابطأ فيكون للتأكيد : وبالفارسية [ زور باشد كه بيارم از نزديك آن آتش خبرى يعنى از كسى كه برسر آن آتش باشد خبر راه برسم ]

{ او آتيكم } [ يابيارم ]

{ بشهاب قبس } اى بشعلة نار مقبوسة اى مأخوذة من معظم النار ومن اصلها ان لم اجد عندها من يدلنى على الطريق فان عادة اللّه ان لايجمع حرمانين على عبده يقال اقتبست منه نارا وعلما استفدته منه ، وفى المفردات الشهاب الشعلة الساطعة من النار المتوقدة والقبس المتناول من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم استعير لطلب العلم والهداية انتهى ، فان قلت قال فى طه

{ لعلى آتيكم } ترجيا وهنا

{ سآتيكم } اخبارا وتيقنا وبينهما تدافع ، قلت لا تدافع لان الراجى اذا قوى رجاؤه يقول سافعل كذا مع تجويزه خلاف ذلك

{ لعلكم تصطلون } رجاء ان تدفعوا البرد بحرها . والصلاء النر العظيمة والاصلاء [ كرم شدن بآتش ] ،

قال بعضهم الاصطلاء بالنار يقسى القلب ولم يرو انه عليه السلام اصطلى بالنار

٨

{ فلما جاءها } [ بس آن هنكام كه آمد موسى نزديك آن آتش نورانى ديد بى احراق ازدرختى بسزد كويند آتشى بود محرق جون سائر آتشها ] وكانت الشجرة سمرة

{ نودى } جاء النداء وهو الكلام المسموع من جانب الطورن قال فى عرائس البيان كان موسى عليه السلام فى بداية حاله فى مقام العشق والمحبة وكان اكثر احوال مكاشفته فى مقام الالتباس فلما كان بدو كشفه جعل تعالى الشجرة والنار مرآة فعلية فتجلى بجلاله وجماله من ذاته لموسى واوقعه فى رسوم الانسانية حتى لايفزع ويدنو من النار والشجرة ثم ناداه فيها بعد ان كاشف له مشاهدة جلاله ولولا ذلك لفنى موسى فى اول سطوات عظمته وعزته

{ ان } مفسرة لما فى النداء من معنى القول اى

{ بورك } او بان بورك على انها مصدرية حذف منها الجار جريا على القاعدة المستمرة وبورك مجهول بارك وهو خبر لادعاء اى جعل مباركا وهو مافيه الخير والبركة والقائم مقام الفاعل قوله

{ من فى النار } اى من فى مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة فى قوله تعالى

{ نودى من شاطىء الوادى الايمن فى البقعة المباركة } { ومن حولها } اى ومن حولها مكانها والظاهر ان المبارك فيه عام فى كل من فى تلك البقعة وحواليها من ارض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث لانبياء وكفاتهم احياء وامواتا وخصوصا تلك البقعة التى كلم اللّه فيها موسى وفى ابتداء خطاب اللّه موسى بذلك عند مجيئه بشارة بانه قد قضى له امر عظيم دينى تنتشر بركاته فى اقطار الارض المقدسة وهو تكليمه تعالى اياه واستنباؤه له واظهار المعجزات على يده وكل موضع يظهر فيه مشاهدة الحق ومكالمته يكون ذا بركة ألا ترى الى قوله القائل

اذا نزلت سلمى بواد فماؤه ... زلال وسلسال وجثجاثه ورد

ولم يزل يخضر مواطىء اقدام رجال اللّه فى الصحارى والجبال من بركات حالاتهم مع اللّه الملك المتعال . ثم ان بعض المفسرين حمل بورك على التحية كما قال الكاشفى [ بركت داده باد ] وبعضهم حمل من فى النار على الملائكة وذلك ان النور الذى بان قد بارك فيه وفى الملائكمة الذين كانوا فى ذلك النور ، وقال بعض العارفين ان اللّه اراد بمن فى النار ذاته المقدسة وهو الذى افاض بركة مشاهدته على موسى وله تعالى ان يتجلى بوصف النار والنور والشجرة والطور وغيره مما يليق بحال العاشق مع تنزه ذاته وصفاته عن الجهة فى الحقيقة وفى الحديث ( ان اللّه يرى هيئة ذاته كيف يشاء )

{ وسبحان اللّه رب العالمين } من تمام مانودى به لئلايتوهم من سماع كلامه تشبيها وللتعجيب من عظمة ذلك الامر : وبالفارسية [ باكست خداى تعالى برورد كار عالميان زتشبيه آورده اندكه جون موسى اين نداشنيد كفت ندا كننده كيست بازندا آمدكه ]

٩

{ ياموسى انه } اى الشان

{ انا اللّه } جملة مفسرة للشان

{ العزيز الحكيم } اى القوى القادر على مايبعد من الاوهام الفاعل كل مايفعله بحكمه وتدبير تام ، قال فى الاسئلة المقحمة قوله

{ انه انا اللّه } سمعه من الشجرة فدل ذلك على حدوثه لان المسموع من الجهات علامة الحدوث والجواب نحن ننزه كلام اللّه تعالى عن الجهة والمكان كما نحن ننزه ذاته عن الجهة والمكان فكذلك ننزه كلامه عن الاصوات والحروف وانما كان سمع كلام اللّه لموسى حصل من جانب الشجرة فالشجرة ترجع الى سماع موسى لا الى اللّه تعالى ، فان قلت كيف سمع موسى كلام اللّه من غير صوت وحرف وجهة ، قلت ان كان هذا سؤالا عن كيفية الكلام فهذا لايجوز فان سؤال الكيفية محال فى ذات اللّه وصفاته اذ لايقال كيف ذاته من غير جسم وجوهر وعرض وكيف علمه من غير كسب وضرورة وكيف قدرته من غير صلابة وكيف ارادته من غير شهوة وامنية وكيف تكلمه من غير صوت وحرف وان كان سؤال الكيفية عن سماع موسى قلنا خلق اللّه لموسى علما ضروريا علم به ان الذى سمعه هو كلام اللّه القديم الازلى من غير حرف ولا صوت ولاجهة وقد سمعه من الجوانب الستة فصار جميع جوارحه كسمعه اى صار الوجود كله سمعا ثم يصير فى الآخرة كذلك والكامل الواصل له حكم الآخرة فى الدينا

١٠

{ والق عصاك } عطف على بورك اى نودى انو بورك نم فى النار وان القى عصاك ، وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من سمع نداء لحق وشاهد انوار جماله يلقى من يد همته كل ما كان متوكأه غير اللّه فلا يتوكأ الا على فضل اللّه وكرمه

تكيه برغير خدا كفريست ازكفر طريق ... جز بفضل حق مكن تيكه درين ره اى رفيق

{ فلما رأها تهتز } الفاء فصيحة تفصح عن جملة محذوفة كأنه قيل فالقاها فانقلبت حية تسعى فلما ابصرها تتحرك بحركة شديدة وتذهب الى كل جانب حال كونها

{ كأنها جان } حية خفيفة سريعة فشبه الحية العظيمة المسما : بالفارسية [ ازدها ] بالجان فى سرعة الحركة والالتواء والجان ضرب من الحيات اى حية كحلاء العين لا تؤذى كثيرة فى الدور كما فى القاموس ، وقال ابو الليث الصحيح ان الثعبان كان عند فرعون والجان عند الطور وفيه اشارة ان كل متوكأ غير اللّه فى الصورة ثعبان له فى المعنى ولهذا جاء فى المثنوى

هر خيالى كوكند دردل وطن ... روز محشر صورتى خواهدشدن

{ ولى } رجع واعرض موسى : وبالفارسية [ روى بكردانيد ]

{ مدبرا } [ درحالتى كه كريزان بود ازخوف ] ، قال فى كشف الاسرار ادبر عنها وجعلها تلى ظهره

{ ولم يعقب } ولم يرجع على عقبه من عقب المقاتل اذا كرّ بعد الفرّ وانما اعتراه الرعب لظنه ان ذلك الامر اريد به هلاك نفسه ويدل عليه قوله

{ ياموسى } اى قيل له ياموسى

{ لاتخف } اى من غيرى ثقة بى او مطلقا لقوله

{ انى لايخاف لدى } عندى

{ المرسلون } فانه يدل على نفى الخوف عنهم مطلقا لكن لا فى جميع الاوقات بل حين يوحى اليهم بقوت الخطاب فانهم حينئذ مستغرقون فى مطالعة شؤون اللّه لايخطر ببالهم خوف من احد اصلا

واما سائر الاحيان فهم اخوف الناس منه سبحانه او لايكون لهم عند سوء عاقبة فيخافون منه.

وفى التأويلات النجمية يعنى من وفر الى اللّه عما سوه يؤمنه اللّه مما سواه ويقول له لاتخف فانك لدى ولايخاف لدى من غيرى القلوب المنورة الملهمة المرسلة اليها الهدايا والتحف من الطافى ، وفى عرائس البيان لاتخف من الثعبان فان ماترى ظهور تجلى عظمتى ولا يخاف من مشاهدة عظمتى وجلالى فى مقام الالتباس المرسلون فانه يعلمون اسرار ربوبيتى ولما علم ان موسى كان مستشعرا حقيقة من قتله القبطى قال تعريضا به

١١

{ الا من ظلم } استثناء منطقع اى لكن من ظلم نفسه من المرسلين بذنب صدر منه كآدم ويونس وداود وموسى وتعبير الظلم لقول آدم ربنا ظلمنا انفسنا وموسى رب انى ظلمت نفسى

{ ثم بدل حسنا بعد سوء } [ بس بدل كند وبجاى آرد نيكويى بعد ازبدى يعنى توبه كند بعد از كناه ]

{ فأنى غفور } للتأئبين

{ رحيم } مشفق عليهم ، اختلفوا فى جواز الذنب على الانبياء وعدمه قال الامام والمختار عندنا انه لم يصدر عنهم ذنب حال النبوة لا الصغير ولا الكبير وترك الاولى منهم كالصغيرة منا لان حسنات الابرار سيآت المقربين ، وفى الفتوحات اعلم ان معاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم بحكم الشهوة الطبيعية وانما تكون معاصيهم بالخطأ فى التأويل وايضاح ذلك ان الحق تعالى اذا اراد ايقاع المخالفة من العارف باللّه زين له الوقوع فى ذلك العمل بتأويل لان معرفة العارف تمنعه من الوقوع فى المخالفة دون تأويل يشهد فيه وجه الحق فان العارف لا يقع فى انتهاك الحرمة ابدا ثم اذا وقع فى ذلك المقدور بالتزين او التأويل يظهر له تعالى فساد ذلك التأويل الذى اداه الى ذلك الفعل كما وقع لآدم عليه السلام فانه عصى بالتأويل فعند ذلك يحكم العارف على نفسه بالعصيان كما حكم عليه بذلك لسان الشريعة وكان قبل الوقوع غير عاص لاجل شبهة التأويل كما ان المجتهد فى زمان فتواه بامر ما اعتقادا منه ان ذلك عين الحكم والمشروع فى المسألة لايوصف بخطأ ثم فى ثانى الحال اذا اظهر له بالدليل انه اخطأ حكم عليه لسان الظاهر انه اخطأ فى زمان ظهرو الدليل لا قبل ذلك فعلم انه يمكن لعبد ان يعصى ربه على الكشف من غير تأويل او تزيين او غفلة او نسيان ابدا

واما قول ابى يزيد قدس سره لما قيل له أيعصى العارف الذى هو من اهل الكشف فقال نعم وكان امر اللّه قدرا مقدورا فلا ينافى ذلك اى لان من ادب العارفين ان لايحكموا عليه بتقييد كأنه يقول ان كان الحق تعالى قدر عليهم فى سابق علمه بشىء فلا بد من وقوعه واذا وقع فلا بد له من حجاب ادناه التأويل او التزيين فاعلم ذلك

١٢

{ وادخل يدك فى جيبك } [ در آردست خودرا دركريبان بيرهن خود ] ولم يقل فى كمك لانه كان عليه مدرعة من صوف لا كم لها ولا ازرار فكانت يده الكريمة مكشوفة فامر بادخال يده فى مدرعته وهى جبة صغيرة يتدرع بها اى تلبس بدل الدرع وهو القميص

{ تخرج } حال كونها

{ بيضاء } براقة لها شعاع كشعاع الشمس اى ان ادخلتها تخرج على هذه الصفة

{ من غير سوء } اى آفة كبرص ونحوه

{ فى تسع آيات } خبر مبتدأ محذوف اى هما داخلتان فى جملتها فتكون الآيات تسعا بالعصا واليد وهنّ العصا واليد البيضاء والجدب فى البوادى ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم

{ الى فرعون } اى حال كونك مبعوثا اليه

{ وقومه } القبط

{ انهم كانوا فاسقين } تعليل للبعث اى خارجين عن الحدود فى الكفران والعدوان

١٣

{ فلما جاءتهم آياتنا } التسع بان جاءهم موسى بها وظهرت على يده حال كونها

{ مبصرة } مستنيرة واضحة اسم فاعل اطلق على المفعول اشعارا بانها لفرط انارتها ووضوحها للابصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما يبصر

{ قالوا هذا سحر مبين } واضح سحريته : يعنى [ همه كس داندكه اين سحراست ]

١٤

{ وجحدوا بها } كذبوا بألسنتهم كونها آيات آلهية . والجحود انكار الشىء بعد المعرفة والايقان تعنتا واريد هنا التكذيب لئلا يلزم استدراك قوله

{ واستيقنتها انفسهم } الواو للحال . والاستيقان [ بى كما شدن ] اى وقد علمتها انفسهم اى قلوبهم وضمائرهم علما يقينيا انها من عند اللّه وليست بسحر ، قال ابوالليث وانما استيقنتها قلوبهم لان كل آية رأوها استغاثوا بموسى وسألوا منه بان يكشف عنهم فكشف عنهم فظهر لهم بذلك انها من اللّه تعالى

{ ظلمنا } نفسانيا علة لجحود

{ وعلوّا } اباء واستكبارا شيطانيا

{ فانظر كيف كان } [ بس بنكر يا محمد كه جوكنه بود ]

{ عاقبة المفسدين } وهو الاغراق فى الدنيا والاحراق فى الآخرة : وبالفارسية [ عاقبت كار تباه كاران كه در دنيا بآب غرقه شدند ودر عقبى بآتش خواهند سوخت ]

هم حالت مفسدان خوش است ... سر انجام اهل فساد آتش است

وفى هذا تمثيل لكفار قريش اذا كانوا مفسدين مستعلين فمن قدر على هلاك فرعون كان قادرا على اهلاك من هو على صفته وذلك الى يوم القيامة فان جلال اللّه تعالى دائم للاعداء كما ان جماله باق للاولياء مستمر فى كل عصر وزمان ، فعلى العاقل ان يتعظ بحال غيره ويترك الاسباب المؤدية الى الهلاك مثل الظلم والعلو الذى هو من صفات النفس والامارة ويصلح حاله بالعدل والتواضع وغير ذلك مما هو من ملكات القلب

والاشارة فى الآية الى ان الذين افسدوا استعداد الانسانية لقبول الفيض الآلهى بلا واسطة كان عاقبتهم انهم نزلوا منازل الحيوانات من الانعام والسباع وقرنوا مع الشياطين فى الدرك الاسفل من النار فانظر الى ان الارتقاء الى السودد صعب والانحطاط الى الدناءة سهل اذ النفس والطبيعة كالحجر المرمى الى الهواء تهوى الى الهاوية فاذا اجتهد المرء فى تلطيفها بالمجاهدات والرياضات تشرف بالارتقاء فى الدرجات وتخلص من الانحطاط الى الدركات : قال الحافظ

بال بكشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد جو تو مرغى كه اسير قفسى

فما اقبح المرء ان يكون حسن جسمه باعتبار قبح نفسه كجنة يعمرها يوم وصرمة يحرسها ذئب وان يكون اعتباره بكثرة ماله وحسن اثاثه كثور عليه حلى ففضل الانسان بالهمم العالية الاتباع بالحق والادب والعقل الذى يعقله عن الوقوع فى الورطات بارتكاب المنهيات نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من القابلين لارشاده والعاملين بكتابه المحفوظين عن عذابه المغبوطين بثوابه

١٥

{ ولقد } اى وباللّه قد

{ آتينا } اعطينا

{ داود وسليمن } اى كل واحد مهما ، قال فى مشكاة الانوار قالت نملة لسليمان عليه السلام يانبى اللّه أتدرى لم صار اسم ابيك داود واسمك سليمان قال لا قالت لان اباك داوى قلبه عن جراحة الالتفات الى غير اللّه فوّد وانت سليم تصغير سليم آن لك اى حن لك ان تلحق بابيك

{ علما } اى طائفة من العلم لائقة به من علم الشرائع والاحكام وغير ذلك مما يختص بكل منهما كصنعة لبوس وتسبيح الجبال ومنطق الطير الدواب فان اللّه تعالى علم سبعة تفر سبعة اشياء . علم آدم اسماء الاشياء فكان سببا فى حصول السجود والتحية . وعلم الخضر علم الفراسة فكان سببا لان وجد تلميذا مثل موسى ويوشع . وعلم يوسف التعبير فكان سببا لوجدان الاهل والمملكة . وعلم داود صنعة الدروع فكان سببا لوجدان الرياسة والدرجة . وعلم سليمان منطق الطير فكان سببا لوجدان بلقيس . وعلم عيسى الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل فكان سببا لزوال التهمة عن الشر . وعلم محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم الشرع والتوحيد فكان سببا لوجود الشفاعة ، وقال لما وردى المراد بقوله

{ علما } علم الكيمياء وذلك لانه من علوم الانبياء والمرسلين والاولياء العارفين كما قال حضرة مولانا قدس سره الاعلى

از كرامات بلند اوليا ... اولا شعر ست وآخر كيميا

والكيمياء فى الحقيقة القناعة بالموجود وترك التشوف الى المفقود

كيميايى ترا كنم تعليم ... كه دراكسير ودراكسير ودرصناعت نيست

رو قناعت كزين كه در عالم ... كيمايى به از قناعت نيست

قال فى كشف الاسرار [ داود از انبياء بنى اسرائيل بود از فر زندان يهوذا بن يعقوب وروز كاروى بعد از روز كار موسى بود بصد هفتاد ونه سال وملك وى بعد ازملك طالوت بود وبنى اسرائيل همه بتبع وى شدند وملك بروى مستقيم كشت اينست رب العالمين كفت

{ وشدنا ملكه } هرشب سى وهزار مرد از بزركان بنى اسرائيل اورا حارس بودند وباوى ملك علم بود ونبوت جنانكه كفت جل جلاله

{ آتينا داود وسليمان علما } وحكم كه راندند وعمل كه كردند از احكام توراة كردندكه كتاب وى زبور همه موعظت بود دران احكام امر ونهى نبود ] ، قال ابن عطاء قدس سره

{ علما } اى علما بربه وعلما بنفسه واثبت لهما علمهما باللّه علم انفسهما واثبت لهما وعلمهما بانفسهما حقيقة العلم باللّه لذلك ، قال امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى اللّه عنه ( من عرف نفسه فقد عرف ربه )

بروجود خداى عز وجل ... هست نفس توحجت قاطع

جون بدانى تونفس را دانى ... كوست مصنوع وايزدش صناع

وعلم ان العلم علمان علم البيان هو مايكون بالوسائط الشرعية وعلم العيان هو مايستفاد من الكشوفات الغيبية فالمراد بقوله عليه السلام

( سائل العلماء وخالط الحكماء وجالس الكبراء ) اى سائق العلماء بعلم البيان فقط عند الاحتياج الى الاستفتاء منهم وخالط العلماء بعلم العيان فقط وجالس الكبراء بعلم البيان والاحكام وعلم المكاشفة والاسرار فامر بمجالستهم لان فى تلك المجالسة منافع الدنيا والآخرة

توخود بهترى جوى وفرصت شمار ... كه باجون خودى كم كنى روزكار

{ وقالا } اى كل واحد منهما شكرا لما اوتيه من العلم

{ الحمد لله الذى فضلنا } بما آتانا من العلم

{ على كثير من عباده المؤمنين } على ان عبارة كل منهما فضلنى الا انه عبر عنهما عند الحكاية بصيغة المتكلم مع الغير ايجازا وبهذا ظهر حسن موقع العطف بالواو اذا المتبادر من العطف بالفاء ترتب حمد كل منهما على ايتاء ماوتى كل منهما لا على ايتاء ماوتى نفسه فقط ، وقال البيضاوى عطفه بالواو اشعارا بان ماقالاه بعض ماتيابه فى مقابلة هذه النعمة كأنه قال فعلا شكرا له مافعلا وقالا الحمد لله الخ انتهى والكثير المفضل عليه من لم يؤت مثل علمهما لا من لم يؤت علما اصلا فانه قد بين الكثير بالمؤمنين وخلوهم من العلم بالكلية مما لايمكن وفى تخصيصهما الكثر بالذكر رمز الى ان البعض متفضلون عليهما ، وفيه اوضح دليل على فضل العلم وشرف اهله حيث شكرا على العلم وجعلاه اساس الفضل ولم يعتبرا دونه ماوتيا من الملك الذى لم يؤته غيرهما وتحريض للعلماء على ان يحمدوا اللّه تعالى على ماآتاهم من فضلة ويتواضعوا ويعتقدوا انهم وان فضلوا على كثير فقد فضل عليهم كثير وفوق كل ذى علم عليم ونعم ماقال امير المؤمنين عمر رضى اللّه عنه كل انلاس افقه من عمر

وفى الآية اشارة الى داود الروح وسليمان القلب وعلمهما الالهام الربانى وعلم الاسماء الذى علم اللّه آدم عليه السلام وحمدهما على مافضلهما على الاعضاء والجوارح المستعملة فى العبودية فان شأن الاعضاء العبودية والعمل وشأن الروح والقلب العلم والمعرفة وهو اصل ، وسأل رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن افضل الاعمال فقال ( العلم باللّه والفقه فى دينه ) وكررهما عليه فقال يارسول اللّه اأسلك عن العمل فتخبرنى عن العلم فقال ( ان العلم ينفعك معه قليل العمل وان الجهل لانفعك معه كثير العمل ) والمتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة ، قال فتح الموصلى قدس سره أليس المريض اذا منع عنه الطعام والشراب والدواء بموت فكذا القلب اذا منع عنه العلم والفكر والحكمة يموت ثم ان الامتلاء من الاغذية الظاهرة يمنع التغذى بالاغذية الباطنة كما قال الشيخ سعدى رحمه اللّه [ عابدى حكايت كنندكه هرشب ده من طعام بخوردى وتا بسحر ختمى درنماز بكردى صاحب دلى بشند وكفت اكر نيم نان بخوردى وبخفتى بسيار ازين فاضلتربودى ]

اندرون از طعام خالى دار ... تادرو نو ومعرفت بينى

نهى از حكمتى بعلت آن ... كه يرى از طعام تابينى

وكذا العجب والكبر يمنع النور الصفاء كما قال فى البستان

ترا كى بود جون جراغ التهاب ... كه از خود برى همجو قنديل از آب

فاذا اصلح المرء ظاهره بالشريعة وباطنه بالطريقة كان مستعدا لفيض العلم الذى اوتوه الانبياء والاولياء وفضلوا بذلك على مؤمنى زمانهم وهذا التفضيل سبب لمزيد الحمد والشكر لله تعالى فان الثناء بقدر الموهبة والعطية نحمد اللّه تعالى على آلائه ونعمائه ونستزيد العلم وقطراته من دأمائه ونسأله التوفيق فى طريق التحقيق والثبات على العمل الصالح بالعلم النافع الذى هو للهوى قامع وللشهوات دافع انه المفضل المنعم الكبير والوهاب الفياض الرحيم

١٦

{ وورث سليمان داود } اى صار اليه العلم والنبوة والملك بعد موت أبيه دون سائر اولاده فسمى ميراثا تجوزا لان حقيقة الميراث فى المال والانبياء انما يرثون الكمالات النفسانية ولا قدر للمال عندهم قال عليه السلام لعلى رضى اللّه عنه ( انت اخى ووارثى ) قال وما ارثك قال ( ماورث الانبياء قبلى كتاب اللّه وسنتى ) ، وسأل بعض الاقطاب ربه ان يعطى مقامه لولده فقال له الحق فى سره مقام الخلافة لايكون بالوراثة انما ذلك فى العلوم او الاموال والمريد الصادق يرث من شيخه علوم الحقائق بعد كونه مستعدا لها فتصير تلك الحقائق مقاماته لذلك قال عليه السلام ( العلماء ورثة الانبياء )

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سليمان القلب يرث داود الروح فان كل وارد والهام واشارة ووحى وفيض ربانى يصدر من الحضرة الالهية يكون عبوره على الروح ومن كمال لطافته يعبر عنه فيصل الى القلب لان القلب بصفاته يقبله وبكثافته وصلابته يحفظه فلهذا شرف القلب على الروح ولذلك قال سليمان اقضى من داود وقال عليه السلام ( ياوابصة استفت قلبك ) ولم يقل استفت روحك ، قال الكاشفى [ كويند داودرا نوزده بسر بودند هريك داعيه ملك داشتند حق سبحانه وتعالى نامه مهر كرده از آسمان فرستاد ودرو جند مسئله يادكردوفرمودكه هركه ازاولادتو اين مسائل را جواب دهد بعد از تووارث ملك باشد داود فرزندانرا جمع كرد واحبار واشراف را حاضر كردانيده ومسئلها بر فرزندان عرض كردكه بكوييدكه . نزديكترين جيزها كدامست . ودورترين اشياجيست . وآنكه انس بدو بيشترست كدامست . وانكه وحشت افزايد جيست . وكدامند دوقائم . ودو مختلف . ودو دشمن . وكدام كارست كه آخرآن ستوده است . وكدام امرست كه عاقبت آن نكوهيده است اولاد حضرت داود از جواب آن عاجز آمدند سليمان فرمودكه اكراجازت باشد من جواب دهم داود ويرادستورى داد سليمان كفت . اقرب اشيا بآدمى موتست . وابعد اشيا آنجه ميكذردازدينا . وآنكه انس بدو بيشرست جسد انسانست باروح . واوحش اشيا بدن خالى از روح . اما قائمان ارض وسما اند . ومختلفان ليل ونهار . ومتباغضان موت وحيات . وكاريكه آخرش محموداست حلم در وقت خشم . وكارى كه عاقبتش مذموم است حدت دروقت غضب وجون جواب مسائل موافق كتاب منزل بود اكابر بنى اسرائيل بفضل وكمال سليمان معترف شدند وداود ملك را بدو تسليم كرد وديكر روزوفات كرد وسليمان برتخت نشت ]

{ وقال } تشهير لنعمة اللّه تعالى ودعاء للناس الى التصديق بذكر المعجزات الباهرة التى اوتيها اى لافخرا وتكبرا ، قال البقلى ان سليمان عليه السلام اخبر الخلق بما وهبه اللّه لان المتمكن اذا بلغ درجة التمكين يجوز له ان يخبر الخلق بما عنده من موهبة اللّه لزيادة ايمان المؤمنين وللحجة على المنكرين قال تعالى

{ واما بنعمة ربك فحدث } { يا ايها الناس علمنا منطق الطير } النون نون الواحد المطاع على عادة الملوك فانهم متكلمون مثل ذلك رعاية لقاعدة السياسة لاتكبرا وتجبرا وكذا فى أوتينا ، وقال بعضهم علمنا اى انا وابى وهذا ينافى اختصاص سليمان بفهم منطق الطير على ماهو المشهور والمنطق والنطق فى التعارف كل لفظ يعبر به عما فى الضمير مفردا او مركبا وقد يطلق على كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف المفيد وغير المفيد يقال نطقت الحمامة اذا صوتت ، قال الامام الراغب النطق فى التعارف الاصوات المقطعة التى يظهرها اللسان وتعيها الآذان ولا يكاد يقال الا للانسان ولا يقال لغيره الا على سبيل التبع نحو الناطق والصامت فيراد بالناطق ماله صوت بالصامت ما لاصوت له ولا يقال للحيوانات ناطق الا مقيدا او على طريق التشبيه وسيمت اصوات الطير منطقا اعتبارا بسليمان الذى كان يفهمه فمن فهم من شىء معنى فذلك الشىء بالاضافة اليه ناطق وان كان صامتا وبالاضافة الى من لا يفهم عنه صامت وان كان ناطقا والطير جمع طائر كركب وراكب وهو كل ذى جناح يسج فى الهواء ويجرى وكان سليمان يعرف نطق الحيوان غير الطير ايضا كما يجيىء من قصة النمل لكنه ادرج هذا فى قوله

{ واوتينا من كل شىء } وخص منطق الطير لشرف الطير على سائر الحيوان . ومعنى الآية علمنا فهم مايقوله كل طائر اذا صوت : وبالفارسية [ اى مردمان آموخته شديم ماكفتار مرغانرا كه ايشان جه ميكويند ] وكل صنف من اصناف الطير يتفاهم اصواته : يعنى [ هر جماعتى را از طيوز آوازيست كه جزنوع انسان ازان فهم معانى واغراض نكند ] والذى علمه سليمان من مطق شالطير هو مايفهمه بعضه من بعض من اغراضه ، قال فى انسان ا لعيون وهذا فى طائر لم يفصح العبارة والا فقد سمع من بعض الطيور الافصاح بالعبارة فنوع من الغربان يفصح بقوله اللّه حق ، وعن بعضهم ق لشاهدت غرابا يقرأ سورة السجدة واذا وصل محل السجود سجد وقال سجد لك سوادى وآمن بك فؤادى . والدرة تنطق بالعبارة الفصيحة وقد وقع لى انى دخلت منزلا لبعض اصحابنا وفيه درة لم ارها فاذا هى تقول مرحبا بالشيخ البكرى وتكرر ذلك وعجبت من فصاحة عبارتها انتهى حكى ان رجلا خرج من بغداد ومعه اربعمائة درهم لايملك غيرها فوجد فى طريقه افراخ زريات وهو ابو زريق فاشتراها بالمبلغ الذى كان معه ثم رجع الى بغداد فلما اصبح فتح دكانه وعلق الافراخ عليها فهبت ريح باردة فماتت كلها الا فرخا واحدا كان اضعفها واصغرها فايقن الرجل بالفقر فلم يزل يبتهل الى اللّه تعالى بالدعاء ليله كله ياغياث المستغيثين اغثنى فلما اصبح زال البرد وجعل ذلك الفرخ ينفش ريشه ويصيح بصوت فصيح ياغياث المستغيثين اغثنى فاجتمع الناس عليه يسمعون صوته فاجتازت امة لامير المؤمنين فشرته منه بالف درهم كذا فى حياة الحيوان ، قال الامام الدميرى ابو زريق هو القنق وهو طائر على قدر اليمامة واهل الشام يسمونه زريق وهو الوف للناس فيه قبول للتعليم وسرعة ادراك لما تعلم ويحكى ان سليمان عليه السلام مر على بلبل فى شجرة يتصوت ويترقض اى يحرك رأسه ويميل ذنبه فقال لاصحابه أتدرون مايقول فقالوا اللّه علم ونبيه قال يقول اذا اكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء اى التراب والدروس وبالفارسية [ خاك برسر دنيا ] ولعله كان صوت البلبل عن شبع وفراغ بال.

وصاحت فاختة فاخبر انها تقول ليت ذا الخلق لم يخلقوا ولعله كان صياحها عن مقاساة شدة وتألم قلب . وصاح طاوس الصرد فمن ثمة نهى رسول اللّه عن قتله وهو طائر يريد صيده بلغته فيدعوه الى القرب منه فاذا قرب منه قصمه من ساعته واكله . وفى بعض الروايات يقول الهدهد من لايرحم لايرحم وقد يجمع بينه وبين ماتقدم بانه يجوز ان يقول تارة هذا واخرى ما تقدم . وصاح طيطوى فقال يقول كل حى ميت وكل جديد بال ونسبه فى كشف الاسرار ال الطوطى . وصاح خطاف فقال يقول قدموا خير تجدوه وفى الكشف اذا صاح الخطاف قرأ الحمد لله رب العالمين ويمد الضالين كما يمدها القارىء وهو بضم الخاء المعجمة كرمان جمعه خطاطيف وسمىى زوار الهند وهو من الطيور القواطع الى الناس يقطع البلاد البعيدة اليهم رغبة فى القرب منهم وهذا الطائر يعرف عند الناس بعصفور الجنة لانه زهد عما فى ايديهم من الاقوات فاحبوه لانه انما يتقوت من البعوض والذباب . وصاح القمرىّ فقال يقول سبحان ربى الاعلى . وصاح رخمة او حمامة فاخبر انها تقول سبحان ربى الاعلى ملء سمائه وارضه والرخمة طائر اصم ابكم لايسمع ولا يتكلم ولذلك قالوا ان اطول الطير اعمارا الرخم فالسلامة والبركة فى العمر فى حفظ اللسان . وقال الحدأة تقول كل شىء هالك الا اللّه وهو بالفارسية [ زغن وغليواج ] قال خسرو دهلوى

بهر اين مردار جندت كاه زارى كاه زو ... جون غليواجى كه شش مه ماده وشش مه نرست

والقطاة تقولم من سكت سلم وهى طائر معروف قدر اليمام ويشبهه سميت بحكاية صوتها لانها تقول قطاقطا قال ابن ظفر القطا طائر يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطىء لاصادرا ولا واردا اى ذهابا وايابا ولذا يضرب به المثل فيقول ( اهدى من قطاة ) . والببغا يقول ويل لمن كانت الدنيا همه والمراد به الطوطى وهو طائر اخضر ، قال الكاشفى [ وباز ميكويد سبحان ربى العظيم وبحمده ] ، قال فى حياة الحيوان البازى لا تكون الا انثى وذكرها من نوع آخر الخدأة والشاهين ولهذا اختلفت اشكالها وهو من اشد الحيوان تكبرا واضيقها خلقها [ وهزار دستان ميكويد ] سبحان الخالق الدائم والديك يقول اذكرو اللّه ياغفلون

دلابرخبز وطاعت كن كه طاعت به زهر كارست ... سعادت آن كسى داردكه وقت صبح بيدارست

خروسان در سحر كويند قم يايها الغافل ... توازمستى نمى دانى كسى داندكه هشيارست

وكان له عليه السلام ديك ابيض وفى الحديث ( الديك الابض صديقى وصديق صديقى وعدو عدوى ) كما فى الوسيط وهو يصيح عند رؤية الملك كما ان الحمار ينهق عند رؤية الشيطان . والنسر يقول يابن آدم عش ماشئت آخرك الموت وفى هذا مناسبة لما خص النسر به من طول العمر يقال انه يعمر الف سنة وهو اشد الطير طيرانا واقواها جناحا حتى انه يطير مابين المشرق والمغرب فى يوم واحد وليس فى سباع الطير اكبر جثة منه وهو عريف الطير كما فى حياة الحيوان . والعقاب يقول فى البعد عن الناس انس . والضفدع يقول سبحان ربى القدوس او سبحان المعبود فى لجج وحكى ان نبى اللّه داود عليه السلام ظن فى نفسه ان احدا لم يمدح خالقه بافضل مما مدحه فانزل اللّه عليه ملكا وهو قاعد فى محرابه والبركة الى جنبه فقال ياداود افهم ماتصوت به الضفادع فأنصت اليها فاذا هى تقول سبحانك وبحمدك منتهى عملك فقال له الملك كيف ترى قال والذى جعلنى نبيا انى لم امدحه بهذا ، وعن انس رضى اللّه عنه لا تقتلوا الضفادع فانها مرت بنار ابراهيم عليه السلام فحملت فى افواهها الماء وكانت ترشه على النار . ونهى النبى عليه السلام عن قتل خمسة النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد . ويقول الورشان لدوا للموت وابنوا للخراب وهذه لام العاقبة قيل الوشان طائر يتولد بين الفاختة والحمامة ويوصف بالحنو على اولاده حتى انه ربما قتل نفسه اذا وجدها فى يد القابض . ويقول الدراج الرحمن على العرش استوى . ويقول القنبر اللهم العن مبغضى محمد وآل محمد . ويقول الحمار اللهم العن العشار واسند هذا الى الغراب فى بعض الروايات . ويقول الفرس اذا التقى الصفان سبوح قدوس رب الملائكة والروح . ويقول الزرزور اللهم انى اسألك قوت يوم بيوم يارزاق وهو بضم الزاى طائر صغير من نوع العصفور سمى بذلك لزرزرته اى لصوته : وقال مولانا قدس سره فى بعض كلماته

شيخ مرغانست لك لك لك لكش دانى كه جيست ... الحمد لك والامر لك والملك لك يامستعان

قال سليمان عليه السلام ليس من الطيور انصح لبنى آدم واشفق عليهم من البومة تقول اذا وقعت عند حربة اين الذين كانوا يتنعمون فى الدنيا ويسعون فيها ويل لبنى آدم كيف ينامون وامامهم الشدائد تزودوا ياغافلون وتاهبوا لسفركم : قال الحافظ

دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل ... كه زاد راهروان جستيست وجالا كى

قال مقاتل كان سليمان عليه السلام جالسا اذ مرب به طير يصوت فقال لجلسائه هل تدرون ما يقول هذا الطائر الذى مرينا قالوا انت اعلم قال سليمان انه قال لى السلام عليك ايها الملك المسلط على بنى اسرائيل اعطاك اللّه الكرامة واظهرك على عدوك انى منطلق الى فروخى ثم امرّ بك الثانية وانه سيرجع الينا الثانية فانظروا الى رجوعه قال فنظر القوم اذ مرّ بهم فقال السلام عليك ايها الملك ان شئت ايذن لى كيما اكتسب على فروخى حتى اشعبها ثم آتيك فتفعل بى ماشئت فاخبرهم سليمان بما قال فاذن له ، وفى عرائس البيان اعلم ان اصوات الطيور والوحوش وحركات الاكوان جميعا هى خطاب من اللّه للانبياء والمرسلين والاولياء العارفين يفهمونها من حيث احوالهم ومقاماتهم فالانبياء والمرسلون يعرفون لغاتها ومعانيها بعينها

واما الاولياء فانما يعرفونها بغير لغاتها يعنى يفهمون من اصواتها مايتعلق بحالهم بما يقع فى قلوبهم من الهام اللّه تعالى لا بانهم يعرفون لغاتها بعينها

والاشارة ان طيور الارواح الناطقة فى الاشباح تنطق بالحق منا لحق ونطقها تلفظ الرموز والاسرار بلغة الانوار ولا يسمعها الا ذو فراسة صادقة قلبه وعقله شاهدان والطف الاشارة علمنا منطق اطار الصفات التى تعبر عن علوم الذات ومنطق اطيار افعاله التى تخبر عن بطون حكم الازليات ، قال ابو عثمان المغربى قدس سره من صدق مع اللّه فى جميع احواله فهم عنه كل شىء اوفهم هو عن كل شىء وكما ان صوت الطبل مثلا دليل يعرفون بسماعه وقت الرحيل والنزول فالحق سبحانه يخص اهل الحضور بفنون التعريفات من سماع الاصوات وشهود احوال المرئيات مع اختلافها كما قيل

اذا المرء كان له فكرة ... ففى كل شىء له عبرة

{ واوتينا من كل شىء } اراد كثرة ما اوتى به كما يقال فلان يقصده كل احد ويعلم كل شىء ويراد به كثرة قصاده وغزارة علمه ، وقال الكاشفى [ وداده شديم يعنى مارا عطا كردند هرجيزى كه بدان محتاج بوديم ] ، وفى كشف الاسرار يعنى الملك والنبوة والكتاب والرياح وتسخير الجن والشياطين ومنطق الطير والدواب ومحاريب وتماثيل وجفان كالجواب وعين القطر وعين الصفر وانواع الخير

{ ان هذا } المذكور من التعليم والايتاء

{ لهو الفضل } والاحسان من اللّه تعالى

{ المبين } الواضح الذى لايخفى على احد ، وفى الوسيط لهو الزيادة الظاهرة على ماعطى غيرنا قاله على سبيل الشكر والحمد كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) اى اقول هذه القول شكرا لا فخرا ، قيل اعطى سليما ماعطى داود وزيد له تسخيرا الجن والريح وفهم نطق الطير وفى زمانه صنعت الصنائع المعجبة التى يتمنع بها الناس وملك سبعمائة سنة وستة اشهر ، ولما تولى الملك جاءه جميع الحيوانات يهنئونه الا نملة واحدة فجاءت تعزيه فعاتبها النمل فى ذلك فقالت كيف اهنيه وقد علمت ان اللّه اذا احب ع بدا زوى عنه الدنيا وحبب اليه الآخرة وقد شغل سليمان بامر لايدرى ما عاقبته فهو بالتعزية اولى من التهنئة ذكره السيوطى فى فتاواه ، قال عمر رضى اللّه عنه للنبى عليه السلام اخبرنى عن هذا السلطان الذى ذلت له الرقاب وخضعت له الاجساد ماهو فقال

( ظل اللّه فى الارض فاذا احسن فله الاجر وعليكم الشكر واذا اساء فعليه الاصر وعليكم الصبر ) ، وسأل بزدجرد حكيما ماصلاح الملك قال الرفق بالرعية واخذ الحق منها بغير عنف والتودد اليها بالعدل وامن السبل وانصاف المظلوم : قال الشيخ سعدى

رعيت نشايد ببيداد كشت ... كه مر سلطنت را بناهند وبشت

مراعات دهقان كن از بهرخويش ... كه مزدور خوشدل كند كاربيش

١٧

{ وحشر لسليمان جنوده } الحشر اخراج الجماعة من مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها فلا يقال الحشر الا فى الجماعة كما فى المفردات . والحشر [ كرد كردن ] كما فى التاج والجنود جمع الجند يقال للعسكر الجند اعتبارا بالغلظ من لجند للارض الغليظة التى فيها حجارة ثم يقال لكل مجتمع جند نحو الارواح جنود مجندة ، قال فى كشف الاسرار الجند لا يجمع وانما قال جنوده لاختلاف اجناس عساكره

{ من الجن والانس والطير } فكل جنس من الخلق جند على حدة قال تعالى ( ومايعلم جنود ربك الا هو ) فالبعوض لنمرود جند والابابيل لاصحاب الفيل جند والهدهد لعسكر عوج جند والعنكبوت والحمامة لرسول اللّه عليه السلام جند وعلى هذا والمعنى اخرج لسليمان وجمع له عساكره فى مسير وسفر كان له من الشام الى طرف اليمن ، وفى فتح الرحمن من اصطخر الى اليمن واصطخر بكسر الهمزة وفتح العطاء بلدة من بلاد فارس كانت دار السلطنة لسليمان عليه السلام من الجن والانس والطير بمباشرة الرؤساء من كل جنس لانه كان اذا اراد سفرا امر فجمع له طوائف من هؤلاء الجنود وتقديم الجند للمسارعة الى الايذان بكمال قوة ملكه من اول امر لما ان الجن طائفة طاغية بعيدة من الحشر والتسخير

{ فهم يوزعون } الوزع بمعنى الكف والمنع عن التفرق والانتشار الوزاع الذى يكف الجيش عن التفرق والانتشار ويكف الرعية عن التظالم والفساد وجمعه وزعة . والمعنى يحبس اوائلهم على اواخرهم ليتلاحقوا ويجتمعوا والاينتشروا كما هو حال الجيش الكثير وكان لكل صنف من جنوده وزعة ومنعة ترد اولاهم على اخراهم صيانة من التفرق [ ودرين اشارت هست كه ايشان باوجود كثرت عدد مهمل وبريشان بنودند بلكه ضبط وربط ايشان بمرتبة بودكه هيجكس ازلشكريان ازمقر مقرر خود بيش وبس نتوانستى رفت ] ويجوز ان يكون ذلك لترتيب الصفوف كما هو المعتاد كما قال فى المختار الوازع الذى يتقدم الصف فيصلحه ويقدم ويؤخر وتخصيص حبس اوائلهم بالذكر دون سوق اواخرهم مع ان التلاحق يحصل بذلك ايضا لما ان اواخرهم غير قادرين على ما يقدر عليه اوائلهم من السير السريع وهو اذا لم يسيرهم بتسيير الريح فى الجو ، وفى كشف الاسرار

{ فهم يوزعون } اى يكفون عن الخروج والطاعة ويحبسون عليها وهو قوله تعالى

{ ومن يزغ منهم عن امرنا نذقه من عذاب السعير } نتهى روى ان معسكره عليه السلام كان مائة فرسخ فى مائة خمسة وعشرون للانس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للطير وخمسة وعشرون للوحش وكان له الف بيت من القوارير مصنوعة على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة سبعمائة سرية وقد نسجت له الجن بساطا من ذهب وابريسم فرسخا فى فرسخ وكان يوضع منبره فى وسطه وهو من ذهب فيقعد عليه وحوله ستمائة الف كرسى من ذهب وفضة فتقعد الانبياء على كراسى الذهب والعلماء على كراسى الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير باجنحتها حتى لاتقع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر ويروى انه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرخاء تسيره فاوحى اللّه تعالى اليه وهو يسير بين السماء والارض انى قد زدت فى ملكك ان لايتكلم بشىء الا القته الريح فى سمعك فيحكى انه مرّ بحراث فقال لقد اوتى آل داود ملكا عظيما فالقته الريح فى اذنه فنزل ومشى الى الحراث وقال انما مشيت اليك لئلا تتمنى مالاتقدر عليه ثم قال لتسبيحة واحدة يقبلها اللّه تعالى خير مما اوتى آل داود ومرّ سليمان بمدينة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم فقال هذه دار هجرة نبى فى آخر الزمان طوبى لمن آمن به وطوبى لمن اتبعه وطوبى لمن اقتدى به

١٨

{ حتى } اتبدائية وغاية للسير المنبىء عنه قوله

{ فهم يوزعون } كأنه قيل فساروا حتى

{ اذا اتو } اشرفوا

{ على واد النمل } واتوه من فوق ، وقال بعضهم تعدية الفعل بكلمة على لما ان المراد بالاتيان عليه قطعه من قولهم اتى على الشىء اذا انفده وبلغ آخره ولعلهم ارادوا ان ينزلوا عند منتهى الوادى اذ حنيئذ يخافهم مافى الارض لاعند مسيرهم فى الهواء كما فى الارشاد وسيجىء غير هذا . والوادى الموضع الذى يسيل فيه الماء . والنمل معروف الواحدة نملة : بالفارسية [ مور ] سميت نملة لتنملها وهى كثرة حركتها وقلة قوائمها ومعنى وادى النمل وادى يكثر فيه النمل كما يقال بلاد الثلج يكثر فيه الثلج والمراد هنا واد الشام او بالطائف كثير النمل والمشهور انه النمل الصغير

وقيل كان نمل ذلك المكان كالذئاب والبخاتى ولذا

قال بعضهم فى وادى النمل هو واد يسكنه الجن والنمل مراكبهم

{ قالت نملة يايها النمل ادخلوا مساكنكم } جواب اذا كأنها لما رأتهم متوجهين الى الوادى فرت منهم فصاحت صيحة نبهت بها سائر النمل الحاضرة فتبعتها فى الفرار فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم ولذلك اجروا مجراهم حيث جعلت هى قائلة وماعداها من النمل مقولا لهم مع انه لايمتنع ان يخلق اللّه فيها النطق وفيما عداها العقل والفهم . وكانت نملة عرجاء لها جناحان فى عظم الديك او النعجة او الذئب وكانت ملكة النمل : يعنى [ مهترومور جكان آن وادى بود ] واسمها منذرة او طاخية او جرمى سميت بهذا الاسم وعرفها به الانبياء قبل سليمان وخصت بالتسمية لنطقها والا فكيف يتصور ان يكون للنملة اسم علم والنمل لايسمى بعضهم بعضا ولا يتميز للآدميين صورة بعضهم من بعض حتى يسمونهم ولا هم واقعون تحت ملك بنى آدم كالخيل والكلاب ونحوهما كما فى كتاب التعريف والاعلام للسهيلى رحمه اللّه . ونملة مؤنث حقيقى بدليل لحوق علامة التأنيث فعلها لان نملة تطلق على الذكر والانثى فاذا اريد تمييزها احتيج الى مميز خارجى نحو نملة ذكر ونملة انثى وكذلك لفظة حمامة ويمامة من المؤنثات اللفظية ، ذكر الامام ان قتادة دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال سلوا عما شئتم وكان ابوحنيفة حاضرا هو غلام حدث فقال سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا ام انثى فسألوه فافحم فقال ابو حنيفة كانت انثى فقيل له من اين عرفت فقال من كتاب اللّه هو قوله

{ اقلت نملة } ولو كان ذكر لقال قال نملة وذلك ان النملة مثل الحمامة والشاة فى وقوعها على الذكر والانثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة انثى هو وهى ولايجوز ان يقال قامت طلحة ولا حمزة

{ لايحطنمكم } لايكسرنكم فان الحطم هو الكسر وسمى حجر الكعبة الحطيم لانه كسر منها

{ سليمان وجنوده } الجملة استئناف او بدل من الامر لاجواب له فان النون لا تدخله فى السعة هو نهى لهم عن الحطم والمراد نهيها عن التوقف والتأخر فى دخول مساكنهم بحيث يحطمونها : يعنى [ بحيثيتى كه عرضه تلف شوند ] ، فان قلت بم عرفت النملة سليمان ، قلنا مأمورة بطاعته فلا بد ان تعرف من امرت بطاعته ولها من الفهم فوق هذا فان النمل تعرف كثيرا من منافعها من ذلك انها تكسر الحبة قطعتين لئلا تنبت الا الكزبرة فانها تكسرها اربع قطع لانها تنبت اذا كسرت قطعتين واذا وصلت النداوة الى الحبة تخرجها الى الشمس من حجرها حتى تجف ، قال فى حياة الحيوان النمل لا يتلاحق والايتزاوج انما يسقط منه شىء حقير فى الارض فينمو حتى يصير بيظا ثم يتكون منه والبيض كله بالضاد الا بيظ النمل فانه بالظاء

{ وهم لايشعرون } حال من فاعل يحطمنكم اى والحال انهم لايشعرون انهم يحكمونكم اذ لو شعروا لم يفعلوا اى ان من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده انهم لا يحطمون نملة فما فوقها الا بان لايشعروا كأنها شعرت عصمة الانبياء من الظلم والاذى الا على سبيل السهو ونظير قول النملة فى جند سليمان وهم لايشعرون قول اللّه تعالى فى جنح محمد عليه السلام

{ فتصيبكم منهم معرة بغير علم } التفاتا الى انهم لايقصدون ضرر مؤمن الا ان المثنى على جند سليمان هو النملة باذن اللّه والمثنى على جند محمد ه اللّه بنفسه لما لجند محمد من الفضل على جند غيره من الانبياء كما كان لمحمد الفضل على جميع التبيين عليهم السلام [ آورده اندكه باد اين سخن را أزسه ميل راه يسمع سليمان رسانيد ]

١٩

{ فتبسم } التبسم اول الضح وهو مالا صوت له اى تبسم حال كونه

{ ضاحكا من قولها } شارعا فى الضحك من قولها وآخذا فيه اراد انه بالغ فى تبسمه حتى بلغ نهايته التى هى اول مراتب الضحك من قولها وآخذا فيه على معنى تبسم متعجبا من حذرها وتحذيرها واهتدائها الى مصالحها ومصالح بنى نوعها فان ضحك الانبياء التبسم والانسان اذا رأى او سمع مالا عهد له به يتعجب ويتبسهم ،

قال بعضهم ضحك سليمان كان ظاهره تعجبا من قول النملة وباطنه فرحا بما اعطاه اللّه من فهم كلام النملة وسرورا بشهرة حاله وحال جنوده فى باب التقوى والشفقة فيما بين اصناف المخلوقات فان لايسر نبى بامر دنيا وانما كان يسر بما كان من امر الدين روى انها احست بصوت الجنود ولم تعلم انهم فى الهواء او على الارض ولذا خافت من الحطم فامر سليمان الريح فوقفت لئلا يذرعن حتى دخلن مساكنهن ، وقال فى الوسيط هذا اى قوله وهم لايشعرون يدل على ان سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الارض ولم تحملهم الريح لان الريح لو حملتهم بين السماء والارض ماخافت النمل ان يطأوها بارجلهم ولعل هذه القصة كانت قبل تسخير اللّه الريح لسليمان انتهى وروى ان سليمان لما سمع قول النملة قال ائتونى بها فاتوا بها [ كفت اى مورجه ندانستى كه لشكر متن ستم نكنند كفت دانستم اما مهتراين قومم مرا ازنصيحت ايشان جاره نيست كفت لشكر من برهو بودند جه كونه قوم ترا بايمال كردندى جواب دادكه غرض من آن نبودكه برزمين شكسته شوندمراد من آن بودكه ناكاه نظر بركبكبه ودبدبه توكنند وبنظاره لشرك تو مشغول شده از ذكر خداى تعالى يازمانند ودرميدان غفلت بايمال خذلان كردند مملكت توبينند وآرزوى دردنيا دردل ايشان بديد آيد ودنيا مبغوضة حق است ] فقال لها سليمان عظينى فقالت أعلمت لم سمى ابوك داود قال لا قالت لانه داوى جراحة قلبه وهل تدرى لم سميت سليمان قال لا قالت لانك سليم الصدر والقلب [ دركشف الاسرار آورده كه سليمان ازوى برسيدكه لشكر توجند است كفت من جهار هزار سر هنك دارم زير دست هريكى جهل هزار نقيب است وزيردست هرنقيبى جهل هزارمور كفت جرا لشكر خودرا بيرون نيارى جواب دادكه يانبى اللّه مارا روى زمين ميداند اختيار نكرديم ودر زير زمين جاى كرفتيم تابجز خداى تعالى حال مارا نداند آنكه كفت اى بيغمبر خدا ازعطاها كه خداى تعلى ترا داده بكى بكو كفت بادرا مركب من ساخته اند

{ غدوها شهر ورواحه شهر } كفت دانى كه اين جه معنى دارد يعنى هرجه ترا دادم از مملكت دنيا همه جون بادست در آيت ونيايد ( فمن اعتمد على الدنيا فكانما اعتمد على الريح ) ودرين معنى شيخ سعدى كفته

نه برباد رفتى سحر كاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام

بآخر نديدى كه بربادى رفت ... خنك آنكه بادانش وداد رفت

سليمان عليه السلام بعد از استماع اين كلام روى بمناجت ملك علام كرد وكفت ]

{ قال رب اوزعنى ان اشكر نعمتك } همزة اوزع للتعدية . والوزع بمعنى الكف والمنع من التفرق والانتشار كما سيق . والمعنى اجعلنى ازع شكر نعمتك عندى واكفه واربطه لاينفلت عنى بحيث لا انفك عن شكرك اصلا ، سأل عليه السلام ان يجعله اللّه وازعا لجيش شكره فتشبيه الشكر بالجملة النافرة استعارة مكنية واثبات الوزع والربط تخييل وقرينة لذلك التشبيه وفى الحديث ( النعمة وحشية قيدوها بالشكر ) فانها اذا شكرت قرت واذا كفرت فرت . ومن كلمات امير المؤمنين على كرم اللّه وجهه اذا وصلت اليكم اطراف النعم فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر اى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه حرم النعم البعيدة عنه

جون بيابى تونعمتى ورجند ... خرد باشد جو نفقطه موهوم

شكر آن يافته فرو مكذار ... كه زنايافته شوى محروم

{ التى انعمت علىّ } من العلم والنبوة والملك والعدل وفهم كلام الطير ونحوها

{ وعلى والدىّ } اى على والدى داود بن ايشا بالنبوة وتسبيح الجبال والطير معه وصنعه اللبوس والانة الحديد وغيرها وعلى والدتى بتشايع بنت اليائن كانت امرأة او ريا التى امتحن بها داود وهى امرأة مسلمة زاكية طاهرة وهى التى قالت له يابنى لاتكثرن النوم بالليل فانه يدع الرجل فقيرا يوم القيامة كذا فى كشف الاسرار وادرج ذكر والديه فان الانعام عليهما انعام عليه مستوجب للشكر ضرورة ان انتساب الابن الى اب شريف نعمة من اللّه تعالى على ابن فيشكر بتلك النعمة

والاشارة قال سليمان القلب انعمت على وعلى والدى الروح بافاضة الفيض الربانى وعلى والدتى الجسد باستعماله فى اركان الشريعة وبهذين الامرين تكمل النعمة اللهم اجعلنا منعمين شاكرين

{ وان اعمل صالحا ترضيه } تماما للشكر واستدامة للنعمة ، ومعنى ترضاه بالفارسية [ بسندى آنرا ] ، قال ابو الليث يعنى يعنى تقبله منى

{ وادخلنى } الجنة

{ برحمتك } فانه لايدخل الجنة احد الا بالرحمة والفضل لا بالعمل

{ فى عبادك الصالحين } فى جملتهم وهم الانبياء ومن تبعهم فى الصلاح مطلقا ، قال ابن الشيخ الصلاح الكامل هو ان لايعصى اللّه تعالى ولايهم بمعصية وهو درجة عالية يطلبها كل نبى وولى واصلاح اللّه تعالى الانسان يكون تارة بخلقه اياه صالحا وتارة بازالة مافيه من الفساد والاولى اعز واندر ولذلك جاءت اوائل الاحوال لا كثر الرجال متكدرة مشوبة وبالحجب الكثيرة مصحوبة [ دربحر الحقائق آورده كه تشبيه كند وادى نمل را بهواى نفس حريص بردنيا ونمله منذره رابنفس لوامه وسليمان را بقلب ومساكن را بحواس خمسة ] فعلى العاقل ان يكون على الهمة على مشرب سليمان كما يدل عليه سيره فى جو الهواء فانه بعد عن الارض وما تحويه قرب من السماء ومعاليه وانما التفت الى النملة تواضعا كما قال الحافظ

نظر كردن بدرويشان منافىء بزركى نيست ... سليمان باجنين حشمت نظرا بود بامورش

ومن يكن من اطيار هواء العشق فانه يفهم ألسنة الطير ومن لم ير سليمان الوقت كيف ادرك معنى الصوت

جون نديدى دمى سليمانرا ... توجه دانى زبان مرغانرا

والمراد بسليمان هو المرشد الكامل الذى بيده خاتم الحقيقة وبه يحفظ اقاليم القلوب ويطلع على اسرار الغيوب فالكل ينقاد له اما طوعا او كرها والذى ينقاد كرها هو كالشياطين فلابد من معرفة امام الوقت والانقياد له طوعا كما قال عليه السلام ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ) ، ثم ان سليمان عليه السلام دعا على الشكر والصلاح وختمه بسؤال الجنة كما فعل آباؤه الانبياء الكرام وهو لاينافى عصمته وكونه مأمون الغائلة بالنسبة الى الخاتمة ، وفيه ارشاد للامة ان يكنوا على حالة حسنة من الشريعة ومرتبة مرضية من الطريقة ومنصب شريف من المعرفة ومقام عال من الحقيقة فان من لم ينضم الى معرفته الشريعة ومعاملة العبودية فهو مع الهالكين الفاسقين فى الدنيا والآخرة لامع الاحياء الصالحين فى الامور الباطنة والظاهرة نسأل اللّه سبحانه ان يوفقنا للاعمال المرضية والاحوال الحسنة ويحلينا بخلع الزهد والتقوى وغيرها من الامور المستحسنة انه بالاجابة جدير وهو على كل شىء قدير

٢٠

{ وتفقد الطير } ، قال فى القاموس تنفقده طلبه عن غيبة ، وفى كشف الاسرار التفقد طلب المفقود انما قيل له التفقد لان طالب الشىء يدرك بعضه ويفقد بعضه ، وفى المفردات التفقد التعهد لكن حقيقة التفقد تعرف فقدان الشىء والتعهد تعرف العهد المقدم . والطير اسم جامع للجنس كما فى الوسيط والمعنى وتعرض سليمان احوال الطير ولم ير الهدهد فيما بينها وكان رئيس الهداهد واسمه يعفور

{ فقال مالى } اى أى شىء حصل لى حال كونى

{ لارى الهدهد } لساتر ستره او لشىء آخر ثم بداله ان كان غائبا فاضرب عنه فاخذ يقول

{ ام كان من الغائبين } بل أهو غائب فام منقطعة مقدرة ببل والهمزة : وبالفارسية [ جيست مراكه درخيل طير نمى بينم هدهدرا ياجشم من بروى نمى افتد ياهست ازغائب شد كان زين جمع ] ، وفى الوسيط مالى لارى الهدهد اى ما للهدهد لاراه تقول العرب مالى اراك كئيبا معناه مالك ولكنه من القلب الذى يوضحه المعنى

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الواجب على الملوك التيقظ فى مملكتهم وحسن قيامهم وتكفلهم بامر رعاياهم وتفقد اصغر رعيتهم كما يتفقدون اكبرها بحيث لم يخف عليهم غيبة الا صاغر والا كابر منهم كما كان سليمان عليه السلام تفقد حال اصغر طير من الطيور ولم يخف عليه غيبته ساعة ثم غاية شفقته على الرعية احال النقص والتقصير الى نفسه فقال

{ مالى لارى الهدهد } وماقال ما للهدهد لم اره لرعاية مصالح الرعية وتأديبهم قال

{ ام كان من الغائبين } يعنى من الذين غابوا عنى بلا اذنى ، وفى حياة الحيوان الهدهد منتن الريح طبعا لانه يبنى افحوصه فى الزبل وهذا عام فى جنسه وان بخر المجنون بعرف الهدهد ابرأه ولحمه اذا بخر به معقود عن المرأة او مسحور ابرأه ، وفى الفتاوى الزينية سئل عن اكل الهدهد أيجوز ام لا اجاب نعم يجوز انتهى . ثم هدده ان لم يكن عذر لغيبته

٢١

{ لاعذبنه عذابا شديدا } العذاب الايجاع الشديد وعذبه تعذيبا اكثر حبسه فى العذاب اى لاعذبنه تعذيبا شديدا كنتف ريشه والقائه فى الشمس او حيث النمل تأكله او جعله مع ضده فى قفص وقد قيل اضيق الشجون معاشرة الاضداد او بالتفريق بينه وبين الفه بالفارسية [ جفت ] ،

وقيل لازوجنه بعجوز كما فى انسان العيون او لالزمنه خدمة اقران [ يازخدمت خودش برآنم ] كما قال فى التأويلات لاعذبنه بالطرد عن الحضرة والاسقاط عن عينى الرضى والقبول ، وفى الاسئلة المقحمة مامعنى هذا الوعيد لمن لم يكن مكلفا بشىء والجواب هذا الوعيد بعذاب تأديب وغير المكلف يؤدب كالدابة والصبى وكان يلزمه طاعته فاستحق التأديب على تركها

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الطير فى زمانه كانت فى جملة التكليف ولها وللمسخرين لسليمان من الحيوان والجن والشياطين تكاليف تناسب احوالهم ولهم فهم وادراك واحوال كاحوال الانسان فى قبول الاموامر والنواهى معجزة لسليمان عليه السلام

{ او لاذبحنه } لتعتبر به ابناء جنسه او حتى لايكون له النسل ، وفى التأويلات او لاذبحنه فى شدة العذاب واصل الذبح شق حلق الانسان

{ او ليأتينى } اصله ليأتيننى بثلاث نونات حذفت النون التى قبل ياء المتكلم

{ بسلطان مبين } بحجة تبين عذرهك وبالفارسية [ بابيديد بمن بحجتى روشن كه سبب غيبت او كردد ] يشير الى ان حفظ المملكة يكون بكمال السياسة وكمال العدل فلا يتجاوز عن جرم المجرمين ويقبل منهم العذر الواضح بعد البحث عنه والحلف فى الحقيقة على احد الاولين على عدم الثالث فكلمة او بين الاولين للتخيير وفى الثالث للترديد بينه وبينهما حكى انه لم اتم بناء بيت المقدس خرج للحج واقام بالحرم ماشاء وكان يتقرب كل يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف بقرة وعشرين الف شاة ثم عزم على المسير الى اليمن فخرج من مكة صباحا يؤم سهيلا فوافى صعناء اليمن وقت الزوال وذلك مسيرة شهر فرأى ارضا حسناء اعجبته خضرتها فنزل يصل فلم يجد الماء كان الهدهد دليل الماء حيث يراه تحت الارض كما يرى الماء فى الزجاجة ويعرف قربه وبعده فيدل على موضعه بان ينقره بمنقاره فجيىء الشياطين فيسلخون الارض كما يسلخ الاهاب عن المذبوح ويستخرجون الماء فتفقده لذلك

واما انه يوضع الفخ ويغطى بالتراب فلا يراه حتى يقع فيه فلان القدر اذا جاء يحول دون البصر وقد كان حين نزل سليمان ارتفع الهدهد الى الهواء لينظر الى عرصة الدنيا فرأى هدهدا آخر اسمه عنفير واقفا فانحط اليه اى فى الهواء فوصف له ملك سليمان وما سخر له من كل شىء ووصف له صاحبه ملك بقليس وان تحت يدها اثنى عشر لف قائد تحت يد كل قائد مائة الف فذهب معه لينظر فما رجع الا بعد العصر وذلك قوله تعالى

٢٢

{ فمكث } المكث ثبات مع انتظار

{ غير بعيد } اى زمانا غير مديد يشير الى ان الغيبة وان كانت موجبة للعذاب الشديد وهو الحرمان من سعادة الحضور ومنافعه ولكنه من امارات السعادة سرعة الرجوع وتدارك الفائت وذكر انه اصابه من موضع الهدهد شمس فنظر فاذا موضعه خال فدعا عريف الطير وهو النسر فسأله عنه لم يجد علمه عنده ثم قال لسيد الطير وهو العقاب علىّ به فارتفعت فنظرت فاذا هو مقبل فقصدته فناشدها اللّه تعالى وقال بحث الذى قواك واقدرك الا رحمتنى فتركته وقالت ثكلتك امك ان نبى اللّه حلف ليعذبنك قال او ما استثنى قالت بلى قال أو ليأتننى بعذر مبين فلما قرب من سليمان ارخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الارض تواضعا له فلما دنا منه اخذ عليه السلام برأسه فمده اليه فقال يانبى اللّه اذكر وقوفك بين يدى اللّه فارتعد سليمان [ وكفته اند كه باهدهد كفت جه كويى كه بروبالت بكنم وترا بآ فتاب كرم افكنم هدهد كفت دانم كه نكنى كه اين كار صياد انست نه كار بيغمبر آن سليمان كفت كلوت ببرم كفت دانم كه نكنى كه اين كار قصا بانست نه كار بيغمبران كفت ترا باناجنس در قفص كنم كفت اين هم نكنى كه اين كان ناجوانمر دانست وبيغمران ناجونمرد نباشد سليمان كفت اكنون توبكوى كه باتوجه كنم كفت عفو كنى ودركذا ركه غفو كار بيغمبران وكريمانست ] فعفا عنه ثم سأله

{ فقال احطت } الاحاطة العلم بالشىء من جميع جهاته

{ بمالم تحط به } اى علما ومعرفة وحفظته من جميع جهاته وذلك لانه كان مما لم يشاهده سليمان ولم يسمع خبره من الجن والانس يشير الى سمة كرم اللّه ورحمته بان يختص طائرا بعلم لم يعلمه نبى مرسل هذا لايقدح فى حال النبى والرسول بان لايعلم علما غير نافع فى النبوة فان النبى عليه السلام كان يستعيذ باللّه منه فيقول

( اعوذبك من علم لاينفع ) والحاصل ان الذى احاط به الهدهد كان من الامور المحسوسة التى لاتعد الا حاطة بها فضيلة ولا الغفلة عنها نقيصة لعدم توقف ادراكها الا على مجرد احساس يستوى فيه العقلاء وغيرهم ، وفى الاسئلة المقحمة هذا سوء ادب فى المخاطبة فكيف واجهه بمثله وقد احتلمه والجواب لانه عقبه بفائدة والخشونة المصاحبة لفائدة قد يحتملها الا كابر انتهى . ثم اشار الى انه بصدد اقامة خدمة مهمة له كما قال

{ وجئتك من سبأ } [ وآمدم بتو از شهر سباكه مآرب كويند ]

{ بنبأ يقين } بخبر خطير محقق لاشك فيه يشير الى ان من شرط المخبر ان لايخبر عن شىء الا ان يكون متيقنا فيه سيما عند الملوك.

وسبأ منصرف على انه اسم لحى باليمن سموا باسم ابيهم الا كبر وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان قالوا اسمه عبد الشمس لقب به لكونه اول من سبى ثم سمى مدينة مأرب بسبأ وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة ايام

وقيل ان سبأ اول من تتوج من ملوك اليمن وكان له عشرة من البنين تيامن منهم ستة وتشاءم منهم اربعة : يعنى [ جهار ازايشان درشام مسكن داشتند لخم وجذام وعامله وغسان وشش دريمن كنده واشعر وازد ومذحج وانمار ] قالوا يارسول اللّه وما انمار قال ( والد خثعم وبجيلة ) ، وقال فى المفردات سبأ اسم مكان تفرق اهله ولهذا يقال ذهبوا ايادى سبأ اى تفرقوا تفرق اهل ذلك المكان من كل جانب انتهى ،

قال بعضهم انما خفى نبأ بلقيس على سليمان مع قربه منها لانه كان نازلا بصنعاء وهى بمأرب وبينهما مسيرة ثلاثة ايام كما سبق آنفا او ثلاثة فراسخ او ثلاثة اميال لمصلحة رآها اللّه تعالى كما خفى على يعقوب مكان يوسف

كهى بر طارم اعلى نشينم ... كهى بربشت باى خود نبينم

٢٣

{ انى وجدت امرأة تملكهم } استئناف لبيان ماجاء به من النبأ وايثار وجدت على رأيت لانه اراه عليه السلام كونه عند غيبته خدمته بابراز نفسه فى معرض من يتفقد احوال تلك المرأة كأنها ضالة ليعرضها على سليمان والضمير فى تملكهم لسبأ على انه اسم للحى او لاهقل المدلول عليهم بذكر مدينتهم على انه اسم لها . يعنى انها تملك الولاية والتصرف عليهم ولم يرد به ملك الرقبة والمراد بها بلقيس بنت شرحبيل من مالك بن ريان من نسل يعرب ابن قحطان وكان ابوها ملك ارض اليمن كلها ورث الملك من اربعين با ولم يكن له ولد غيرها فغلبت بعده على الملك ودانت لها الامة وكانت هى وقومها يعبدون انلار وكان يقول ابوها لملوك الاطراف ليس احد منكم كفؤا وابى ان يتزوج منهم فزجوه امرأة من الجن يقال لها قارعة او ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وتسمى بلقة وبلقيس باكسر كما فى القاموس وهذا يدل على امكان العلوق بين الانسى والجنى وذلك فان الجن وان كانوا من النار لكنهم ليسوا بباقين على عنصرهم النارى كالانس ليسوا بباقين على عنصرهم الترابى فيمكن ان يحصل الازدواج بينهما على ماحقق فى آكام المرجان روى ان مروان الحمار امر بتخريب تدمر كتنصر بلد الشام فوجدوا فيها بيتا فيه امرأة قائمة ميتة امسكوها بالصبر احسن من الشمس قامتها سبعة اذرع وعنقها ذراع عندها لوح فيه انا بلقيس صاحبة سليمان بن داود خرب اللّه ملك من يخرب بيتى

{ واوتيت من كل شىء } اى من الاشياء التى يحتاج اليها الملوك من الخيل والحشم والعدد والسياسة والهيبة والحشمة والمال والنعيم ، قال بعض العارفين ماذكر وصف جمالها وحسنها بالتصريح لانه علم ان ذلك من سوء الادب وفى الحديث ( ان احسن الحسن الوجه الحسن والصوت الحسن والخلق الحسن ) ، قال ذو النون من استأنس باللّه استأنس بكل شىء مليح وذلك لان حسن كل مستحسن صدر من معدن حسن الازل

واما من لم يستأنس باللّه فاستئناسه بالمليح على وجه مجازى

{ ولها عرش عظيم } اى بالنسبة الى حالها او الى عروش امثالها من الملوك والعرض فى الاصل شىء مسقف ويراد به سرير كبير وكان عرش بلقيس ثمانين ذراعا فى ثمانين ذراعا وطوله فى الهواء ثمانين ذراعا مقدمه من مذهب مفصص بالياقوت الاحمر والزبرجد الاخضر ومؤخره من فضة مكلل بانواع الجواهر له اربع قوائم قائمة من ياقوت احم وقائمة من ياقوت اخضر وقائمة من زبرجد وقائمة من در وصفائح السرير من ذهب وعليه سبعة ابيات لكل بيت باب مغلق كان عليه من الفرش مايليق به

٢٤

{ وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه } اى يعبدونها مجاوزين عبادة اللّه تعالى

{ وزين لهم الشيطان اعمالهم } اى حسن لهم اعمالهم القبيحة التى هى عبادة الشمس ونظائرها من اصناف الكفر المعاصى

{ فصدهم } منعهم بسبب ذلك

{ عن السبيل } اى سبيل الحق والصواب والسبيل من اطلريق ماهو معتاد السلوك

{ فهم } بسبب ذلك

{ لايهتدون } اليه

٢٥

{ ألا يسجوا } مفعول له للصد على حذف اللام منه اى فسدهم لئلا يسجدوا وهو ذم لهم على ترك السجود فلذا وجب السجود عند تمام هذه الآيات

{ لله الذى يخرج الخبأ فى السموات والارض } الخبأ يقال للمدخر المستور اى يظهر ماهو مخبوء ومخفى فيها كائنا ماكان كالثلج والمطر والنبات والماء ونحوها

{ ويعلم ما تخفون } فى القلوب

{ وما تعلنون } بالالسنة والجوارح وذكر ماتعلنون لتوسيع دائرة العلم للتنبيه على تساويهما بالنسبة الى العلم الالهى

برو علم يك ذره بوشيده نيست ... كه بنهان وبيدا بنزدش يكيست

٢٦

{ اللّه } متبدأ

{ لاله الا هو } الجملة خبره

{ رب العرش العظيم } خبر بعد خبر وسمى العرش عظيما لانه اعظم ماخلق اللّه من الاجرام فعظم عرش بلقيس بالنسبة الى عروش امثالها من الملوك وعظم عرش اللّه بالنسبة الى السماء والارض فبين العظمين تفاوت عيظم [ جه نسبت است سهارا بآفتاب درخشان ] ، قال فى المفردات عرش لله تعالى مما يعلمه البشر الا بالاسم على الحقيقة ، واعلم ان ماحكى اللّه عن الهدهد من قوله

{ الذى يخرج الخبأ } الى ههنا ليس داخلا تحت قوله

{ احطت بما لم تحط به } وانما هو من العلوم والمعارف التى اقتبسها من سليمان اورده بيانا لما هو عليه واظهارا لتصلبه فى الدين وكل ذلك لتوجيه قلبه عليه السلام نحو قبول كلامه وصرف عنان عزيمته الى غزوها وتسخير ولايته وفى الحديث ( انها عن قتل الهدهد فانه كان دليل سليمان على قرب الماء وبعده واحب ان يعبد اللّه فى الارض حيث يقول وجئتك من سبأ بنبأ يقين انى وجدت امرأة تملكهم ) الآيات قيل ان ابا قلابة الحافظ الامام العالم عبد الملك بن محمد الرقاش رأت امه وهى حامل به كأنها ولدت هدهدا فقيل لها ان صدقت رؤياك تلدين ولدا كثير الصلاة فولدت فلما كبر كان يصلى كل يوم اربعمائة ركعة وحدث من حفظه بستين الف حديث مات سنة ست وسبعين ومائتين وهذا اى قوله

{ رب العرش العظيم } محل سجود بالاتفاق كما فى فتح الرحمن ، وقال الكاشفى [ اين سجده هشتم است بقول امام اعظم رحمه اللّه ونهم بقول امام شافعى رحمه اللّه ودر فتوحات اين سجده را سجده خفى ميكويد وموضع سجود مختلف فيه است بعضى از قرأت وما تعلنون سجده ميكنند وبعضى بس از تلاوت رب العرش العظيم

سرت بسجده در آرارهواى حق دارى ... كه سجده شد سبب قرب حضرت بارى

٢٧

{ قال } استئناف بيانى كأنه قيل فما فعل سليمان بعد فراغ الهدهد من كلامه فقيل قال

{ سننظر } فما اخبرتنا من النظر بمعنى التأمل والسين للتأكيد اى لنعرف بالتجربة البتة ، وقال الكاشفى [ زود باشدكه درنكريم وتأمل كنيم درين كه ]

{ أصدقت } فيما قلت

{ ام كنت من الكاذبين } وفى هذا دلالة على ان خبر الواحد وهو الحديث الذى يرويه الواحد والاثنان فصاعدا مالم يبلغ حد الشهرة والتواتر لايوجب العلم فيجب التوقف فيه على حد التجويز ، وفيه دليل على ان لايطرح بل يجب ان يتعرف هل هو صدق او كذب فان ظهرت امارات صدقه قبل ولا لم يقبل ،

قال بعضهم سليمان عليه السلام [ ملك مالك وجمال بلقيس بشنيد ودروى اثر نكرد وطمع در آن نيست بازجون حديث دين كردكه

{ وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه } متغير كشت ازمهر دين اسلام درخشتم شد كفت كاغد ودوات بياريد تنامه نويسم واورا بدين اسلام دعوت كنم ] ، فكتب اى فى المجلس او بعده كتابا الى بلقيس فقال فيه ( من عبداللّه سليمان بن داود الى ملكة سبأ بلقيس بسم اللّه الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى اما بعد فلا تعلوا علىّ وائتونى مسلمين ) ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه المنقوش على فصه اسم اللّه الاعظم ودفعه الى الهدهد فاخذه بمقاره او علقه بخيط وجعل الخيط فى عنقه وقال

٢٨

{ اذهب بكتابى هذا } [ ببراين نوشته مرا ] فتكون الباء للتعدية وتخصيصه بالرسالة دون سائر ما تحت ملكه من ابناء الجن والاقوياء على التصرف ولتعرف لما عين فيه من علامات العلم والحكمة وصحة الفراسة ولئلا يبقى لها عذر

وفى التأويلات النجمية يشير الى انه لما صدق فيما اخبر وبذل النصح لملكه وراعى جانب لحق عوض عليه حتى اهل لرسالة رسول الحق عى ضعف صورته ومعناه

{ فالقه اليهم } اى اطرحه على بلقيس وقومها لانه ذكرهم معها فى قوله وجدتها وقومها ، وفى الارشاد وجمع الضمير لما ان مضمون الكتاب الكريم دعوة الكل الى الاسلام . قوله القه بسكون الهاء تخفيفا لغة صحيحة او على نية الوقف يعنى ان اصله القه بكسر القاف والهاء على انه ضمير مفعول راجع الى الكتاب فجزم لما ذكر

{ ثم تولى عنهم } اى اعرض عنهم بترك وليهم وقربهم وتبعد الى مكان تتوارى فيه وتسمع ما يجيبونه

{ فانظر } تأمل وتعرف

{ ماذا يرجعون } اى ماذا يرجع بعضهم الى بعض من القول [ وسخن را برجه قرار ميدهند ] ، قال ابن الشيخ ماذا اسم واحد استفهام منصوب بيرجعون او مبتدأ وذا بمعنى الذى ويرجعون صلتها والعائد محذوف اى أى شىء الذى يرجعونه روى ت ان الهدهد اخذ الكمتاب واتى بلقيس فوجدها راقدة فى قصرها بمأرب وكانت اذا رقدت غقلت الابواب ووضع المفاتيح تحت رأسها فدخل من كوة والقى الكتاب على نحرها وهى مستلقية وتأخر يسيرا فانتبهت فزعة وكانت قارئة كاتبة عربية من نسب تبع الحميرى فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت لان ملك سليمان كان من خاتمه وعرفت ان الذى ارسل الكتاب اعظم ملكا منها لطاعة الطير اياه وهيئة الخاتم فعند ذلك

٢٩

{ قالت } لاشراف قومها وهم ثلاثمائة وثلاثة عشرة او اثنا عشر الفا

{ يا يها الملؤا } [ اى كروه اشراف ] ، والملأ عظماء القوم الذين يملأون العيون مهابة والقلوب جلالة جمعه املاء كنبأ وانباء

{ انى القى الىّ كتاب كريم } مكرم على معظم لدى لكونه مختوما بخاتم عجيب واصلا على نهج غير معتاد كما قال فى الاسئلة المقحمة معجزة سليمان كانت فى خاتمه فختم الكتاب بالخاتم والذى فيه ملكه فاوقع الرعب فى قلبها حتى شهدت بكرم كتابه اظهارا لمعجزته انتهى.

ويدل على ان الكريم هنا بمعنى المختوم قوله عليه السلام ( كرم الكتاب ختمه ) وعن ابن عباس بزيادة وهو قوله تعالى

{ انى القى الى كتاب كريم } كما فى المقاصد الحسنة للسخاوى . وكان عليه السلام يكتب الى العجم فقيل انهم لايقبلون الا كتابا عليه خاتم فاتخذ لنفسه خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول اللّه وجعله فى خنصر يده اليسرى على مارواه انس رضى اللّه عنه . ويقال كل كتاب لايكون مختوما فهو مغلوب ، وفى تفسير الجلالين كريم اى حسن مافيه انتهى كما قال ابن الشيخ فى اوائل سورة الشعراء كتاب كريم اى مرضى فى لفظه ومعانيه او كريم شريف لانه صدر بالبسلمة كما

قال بعضهم [ جون مضمون نامه نام خداوند بوده بس آن نامه بزركترين وشريفترين همه نامها باشد ]

اى نام توبهترين سر آغاز ... بى نام تو نامه جون كنم باز

آرايش نامهاست نامت ... آسايش سينها كلامت

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكتاب لما كان سببا لهدايتها وحصول ايمانها سمته كريما لانها بكرامته اهتدت الى حضرة الكريم ،

قال بعضهم لاحترامها الكتاب رزقت الهداية حتى آمنت كالسحرة لما قدموا فى قولهم ياموسى اما ان تلقى وراعوا الادب رزقوا الايما ولما مزق كسرى كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مزق اللّه ملكه وجازاه فى كفره وعناده

٣٠

{ انه من سليمان } كأنه قيل ممن هو وماذا مضمونه فقالت انه من سليمان

{ وانه } اى مضمونه او المكتوب فيه

{ بسم اللّه الرحمن الرحيم } الباء بقاؤه والسين سناؤه والميم ملكه والالف احديته واللامان جماله وجلاله والهاء هويته والرحمان اشارة الى رحمته لاهل العموم فى الدنيا والآخرة والرحيم اشارة رحمته لاهل الخصوص فى الآخرة ، قال بعض الكبار انها بسلمة براءة فى الحقيقة ولكن لما وقع التبرى من اهلها اعطيت للبهائم التى آمنت بسليمان واكتفى فى اول السورة بالباء اذ كل شىء فى الوجود الكونى لايخلو من رحمة الهل عامة او خاصة وهذه البسملة ليست بآية تامة مثل

{ بسم اللّه مجراها ومرساها } بخلاف ماوقع فى اوائل السور فانها آية منفردة نزلت مائة واربع عشرة مرة عدد السور [ هر حرفى ازين آيت ظرفى فى است شراب رحيق را وهر كلمتى صدفى است دره تحقيق را هر نقطه زوكوكبى است آسمان هدايترا ونجم رجمى است مراصحاب غوايت را ] : قال المولى الجامى فى حق البسملة

نوزده حرفست كه هثرده هزار ... عالم ازو يافته فيض عميم

٣١

{ ان } مفسرة اى

{ لاتعلو علىّ } لاتتكبروا كما يفعل جبابرة الملوك : وبالفارسية [ برمن بزركى مكنيد ]

{ وائتونى مسلمين } حال كونكم مؤمنين فان الايمان لا يستلزم الاسلام والانقياد دون العكس ، قال قتادة وكذلك كانت الانبياء عليهم السلام تكتب جملا لا تطيل يعنى ان هذا القدر الذى ذكره اللّه تعالى كان كتاب سليمان وليس الامر فيه بالاسلام قبل اقامة الحجة على رسالته حتى يتوهم كونه استدعاء للتقليد فان القاء الكتاب اليها على تلك الحالة معجزة باهرة دالة على رسالة مرسلها دلالة بينة ، يقول الفقير يكفى فى هذا الباب حصول العلم الضرورى بصدق الرسول والافهى لاتستبعد كون الا لقاء المذكور بتصرف من الجن وقد كان الجن يظهرون لها بعض الخوارق ومنها صنعة العرش العظيم لها لان امها كانت جنية فاعرف

٣٢

{ قالت } كررت حكاية قولها للايذان بغاية اعتنائها بما فى حيزه من قولها

{ يا ايها الملؤا افتونى فى امرى } اجيبونى فى الذى ذكرت لكم واذكروا ماتستصوبون فيه : وبالفارسية [ فتوى دهيدمرا دركار من وآنجه صلاح وصواب باشد بامن بكوبيده ] وعبرت عن الجواب بالفتوى الذى هو الجواب فى الحوادث المشكلة غالبا اشعارا بانهم قادرون على حل المشكلات النازلة ،

قال بعضهم الفتوى من الفتى وهو الشاب القوى وسميت الفتوى لان المفتى اى المجيب الحاكم بما هو صواب يقوى السائل فى جواب الحاديث

{ ما كنت قاطعة امرا } فاصلة ومنفذة امرا من الامور

{ حتى تشهدون } تحضرونى اى لاقطع امرا الا بمحضركم وبموجب آرائكم : وبالفارسية [ تاشما نزد من حاضر كرديد يعنى بى حضور ومشورت شما كارى نميكنيم ] وهو استمالة لقلوبهم لئلا يخالفوها فى الرأى والتدبير ، وفيه اشارة الى ان المرء لاينبغى ان يكون مستبدا برأيه ويكون مشاورا فى جميع ماسنح له من الامور لاسيما الملوك يجب ان يكون لهم قوم من اهل الرأى والبصيرة فلا يقطعون امرا الا بمشاورتهم

مشورت رهبر صواب آمد ... درهمه كار مشورت بايد

كارآنكس كه مشورت نكند ... غايتش غالبا خطا آيد

٣٣

{ قالوا } كا ، ه قيل فماذا قالوا فى جوابها فقيل قالوا

{ نحن اولوا قوة } ذوو قوة فى الآلات والاجساد والعدد

{ واولوا بأس شديد } اى نجدة وشجاعة فى الحرب وهذا تعريض منهم بالقتال ان امرتهم بذلك

{ والامر } مفوض

{ اليك فانظرى } [ بس درنكر وبين ]

{ ماذا تأمرين } تشيرين علينا ، قال الكاشفى [ تاجه ميفرمايى از مقاتله ومصالحه

اكر جنك خواهى بنزد آوريم ... دل دشمنانرا بدرد آوريم

وكر صلح جويى ترا بنده ايم ... بتسليم حكمت سرافكنده ايم

وفى اشارة الى ان شرط اهلى المشاورة ان لايحكموا على الرئيس المستشير بشىء بل يخيرونه فيما اراد من الرأى الصائب فلعله اعلم بصلاح حاله مهم

خلاف رأى سلطان رأى جستن ... بخون خويش باشد دست شتن

فلما احست بلقيس منهم الميل الى الحرب والعدول عن سنن الصواب بادعائهم القوى الذاتية والعرضية شرعت فى تزييف مقالتهم المنبئة عن الغفلة عن شأن سليمان ، قال الكاشفى [ بلقيس كفت مارا مصلحت جنك نيست جه كارحرب در روى دارد اكرا ايشان غالب آيند ديار واموال ماعرضه تلف شود ] كما قال تعالى

٣٤

{ قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية } من القرى ومدينة من المدن على منهاج المقاتلة والحرب

{ افسدوها } بتخريب عمارتها واتلاف مافيها من الاموال

{ وجعلوا اعزة اهلها } جمع عزيز بمعن القاهر الغالب والشريف العظيم من العزة وهى حالة مانعة للانسان من ان يغلب

{ اذلة } جميع ذليل : وبالفارسية [ خوار وبميقدار ] اى بالقتل والاسر والاجلاء وغير ذلك من فنون الاهانة والاذلال

{ وكذلك يفعلون } [ وهمجنين ميكنند ] وهو تأكيد لما قبله وتقرير بان ذلك من عادتهم المستمرة فيكون من تمام كلام بلقيس ويجوز ان يكون تصديقا لها من جهة اللّه تعالى اى وكما قالت هى تفعل الملوك ، وفيه اشارة الى ان العاقل مهما تيسر له دفع الخصوم بطريق صالح لايوقع نفسه فى خطر الهلاك بالمحاربة والمقاتلة بالاختبار الا ان يكون مضطران

قال بعضهم من السؤدد الصلح وترك الافراط فى الغير ، وفيه اشارة اخرى وهى ان ملوك الصفات الربانية اذا دخلوا قرية الشخص الانسانى بالتجلى افسدوها بافساد الطبيعة الانسانية الحيوانية

{ وجعلوا اعزة اهلها } وهم النفس الامارة وصفاتها

{ اذلة } لذلوليتهم بسطوات التجلى

{ وكذلك يفعلون } مع الانبياء والاولياء لانهم خلقوا لمرآتية هذه الصفات اظهارا للكنز المخفى فيكون قوله ان الملوك الخ نعت العارف كما قال ابو يزيد البسطامى قدر سه ، وقال جعفر الصادق رضى اللّه عنه اشار الى قلوب المؤمنين فان المعرفة اذا دخلت القلوب زال عنها الامانى والمرادات اجمع فلا يكون القلب محل غير اللّه ، وقال ابن عطاء رحمه اللّه اذا ظهر سلطان الحق وتعظيمه فى القلب تلاشى الغفلات واستولت عليه الهيبة والاجلال ولايبقى فيه تعظيم شىء سوى الحق فلا تشتغل جوارحه الا بطاعته ولسانه الا بذكره وقلبه الا بالاقبال عليه ،

قال بعضهم من قوبل باسمه الملك رأى نفسه فى قبضته فسلم له فى مملكته وقام بحق حرمته على بساط خدمته ، وفى الفتوحات المكية للملك ان يعفو عن كل شىء الا عن ثلاثة اشياء وهى التعرض للحرم وافشاء سره والقدح فى الملك نسأل اللّه حسن الادب فى طريق الطلب

٣٥

{ وانى مرسلة اليهم } لى سلمان وقومه رسلا

{ بهدية } عظيمة وهى اسم للشىء المهدى بملاطفة ورفق ، قال فى المفردات الهدية مختصة باللطف الذى يهدى بعضنا الى بعض

{ فناظرة } ، قال فى كشف الاسرار الناظر ههنا بمعنى المنتظر ، وقال الكاشفى [ بس نكرنده ام كه ازا آنجا ]

{ بم } اصله بما على انه استفهام اى بأى شىء

{ يرجع المرسلون } بالجواب من عنده حتى اعمل بما يقتضيه الحال روى انها بعث خمسمائة غلام عليهم ثياب الجوارى وحليهن كالاساور والاطواق والقرطة مخضبى الايدى راكبى خيل منغشاة بالديباج محلاة اللجم والسروج بالذهب المرضع بالجواهر وخمسمائة جارية على رماك فى زىّ الغلمان والف لبنة من ذهب وفضة وفى المثنوى

هديه بلقيس جهل اشتر بدست ... بار آنها جملة خشت زر بدست

وتاجا مكللا بالدر والياقوت المرتفع قيمة والمسك والعنبر وحقة فيها درة ثمينة عذراء اى غير مثقوبة وخرزة جزعية معوجة الثقب وكتبت كتابا فيه نسخة الهدايا وبعثت بالدية رجلا بالاشراف قومها يقال لهك المنذر بن عمرو وضمت اليه رجالا نم قومها ذوى رأى عقل وقالت ان كان نبيا ميز بين الغلمان والجوارى واخبر بما فى الحقة قبل فتحها وثقب الدرة ثقبا مستويا وسلك فى الخرزة خيطا ثم قالت للمنذر ان نظر اليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك منظره وان رأيته هشا لطيفا فهو نبى فاقبل الهدهد نحو سليمان مسرعا فاخبره الخبر فأمر سليمان الجن فضربوا لبن الذهب والفضة وفرشوها فى ميدان بين يديه طوله ستة فراسخ وجعلوا حول الميدان حائطا شرفاته من الذهب والفضة [ يمعنى كرد ميدان ديوان بر آؤردند وبرسر ديوار شرف زرين وسيمين بستند ] وامر باحسن الدواب التى فى البر والبحر ، قال فى كشف الاسرار [ جهار بايان بحرى بنقش بنلك از رنكهابى مختلف آوردند ] فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبن وامر باولاد الجن هم خلق كثير فاقيما على اليمين واليسار ثم قعد على سريره والكراسى من جانبيه : يعنى [ جهار هزار كرسىء زر ازراست وى وجهار هزار ازجب وى نهاده ] واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ والانس صفوفا والوحش والسباع والهوام كذلك [ ومرغان در وروى هوا برده بافتند باصد هزار ديده فلك درهزار قرن مجلس بدان تكلف وخوبى نديده بود ] فلما دنا رسل بلقيس نظروا وبهتوا ورأوا الدواب تروث على اللبن : وفى المثنوى

جون بصحراى سليمانى رسيد ... فرش آنرا جمله زر بخته ديد

بارها كفتند زر را وا بريم ... سوى مخزن ما بجه كار اندريم

عرصه كش خاك زر ده دهيست ... زر بهدية بردن آنجا ابلهيست

فكان حالهم كحال اعرابى اهدى الى خليفة بغداد جرة ماء فلما رأى دجلة خجل وصبه

باز كفتند ار كساد وارروا ... جيست برما بنده فرميانيم ما

كر زر وكرخاك مارا بردنيست ... امر فرمانده بجا آوردنيست

كر بفرمايند كه كين اوابس بريد ... هم بفرمان تحفه را باز آوريد

وجلعوا يمرون بكراديس الجن والشياطين فيفزعون وكانت الشياطين يقولون جوزوا ولا تخافوا فلما وقفوا بين يدى سليمان نظر الهيم بوجه حسن طق وقال ماوراءكم : يعنى [ جه داريد وبجه آمديد ] فاخبر المنذر الخبر واعطى كتاب بلقيس فنظر فيه فقال اين الحقة فجيىء بها فقال ان فها درة ثمينة غير مثقوبة وخرزة جزعية معوجة الثقب وذلك باخبار جبريل عليه السلام ويحتمل ان يكون باخبار الهدهد على مايدل عليه سوق القصة [ سليمان جن وانس را حاضر كرد وعلم ثقب وسلك نزديك ايشان نبود شياطين را حاضر كرد واز ايشان برسيد كفتند ] ترسل الى الارضة فجاءت الارضة فاخذت شعرة فى فيها فدخلت فى الدرة وثقبتها حتى خرجت من الجانب الآخر فقال سليمان ما حاجتك فقالت تصير رزقى فى الشجر قال لك ذلك ثم قال من لهذه الخرزة يسلكه الخيط فقالت دودة بيضاء انا لها يامين اللّه فاخذت الخيط فى فيها ونفذت فى الخرزة حتى خرجت من الجانب الآخر فقال سليمان ماحاجتك قالت تجعل رزقى فى الفواكه قال لك ذلك اى جعل رزقها فيها فجمع سليمان طرفى الخيط وختمه ودفعها اليهم ، قال الكاشفى [ سليمان آب طلبيد غلمان وجوارى را فرمودكه از غبار ره روى بشوييد ] يعنى ميز بين الجوارى والغلمان بان امرهم بغسل وجوههم وايديهم فكانت الجارية تأخذ الماء باحدى يديها فتجعله فى الاخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كان يأخذه من الآنية ويضرب به وجهه ثم رد الهدية وقد كانت بلقيس قالت ان كان ملكا خذ الهدية وانصرف وان كان نبيا لم يأخذها ولم نأمنه على بلادنا وذلك قوله تعالى

٣٦

{ فلما جاء } اى الرسول المبعوث من قبل بلقيس

{ سليمان } بالهدية

{ قال } اى مخاطبا للرسول والمرسل تغليبا للحاضر على الغائب اى قال بعد ماجرى بينه وبينهم من قصة الحقة وغيرها لا انه خاطبهم به او ماجاؤه كما يفهم ن ظاهر العبارة

{ آتمدونن } اصله أتمدوننى فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة الدالة عليها والهمزة الاستفهامية للانكار . والامداد [ مدد كردن ] ويعدى الى المفعول الثانى بالباء : والمعنى بالفارسية [ آيامدد ميدهيد مرا وزيادتى ]

{ بمال } حقير وسمى مالا لكونه مائلا ابدا ونائلا ولذلك يسمى عرضا وعلى هذا دل من قال المال قبحه يكون يوما فى بيت عطار ويوما يكن فى بيت بيطار كما فى المفردات ثم علل هذا الانكار بقوله

{ فما } موصولة

{ آتانى اللّه } مما رأيتم آثاره من النبوة والملك الذى لاغاية وراءه

{ خير مما آتيكم } من المال ومتاع الدنيا فلا حاجة الى هديتكم ولا موقع لها عندى

آنكه برواز كند جانب علوى جوهماى ... دينى اندر نظر همت او مردارست

وفى المثنوى

من سليمان مى نخواهم ملكتان ... بلكه من برهانم ازهر هلكتان

از شما كى كديه زر ميكنيم ... ماشمارا كيميا كر ميكنيم

تراك اين كيريد كر ملك سباست ... كه برون از آب وكل بس ملكهاست

تخته بنداست آنكه تختش خوانده ... صدر بندارى وبر درمانده

قال جعفر الصادق الدنيا اصغر قدرا عند اللّه وعند انبيائه اوليائه من ان يفرحوا بشىء منها او يحزنوا عليه فلا ينبغى لعالم ولا لعاقل ان يفرح بعرض الدنيا

مال دنيا دام مرغان ضعيف ... ملك عقبى دام مرغان شريف

{ بل انتم بهديتكم تفرحون } المضاف اليه المهدى اليه . والمعنى بل انتم بما يهدى اليكم تفرحون حبا لزيادة المال لما انكم لاتعلمون الا ظاهرا من الحياة الدنيا هذا هو المعنى المناسب لما سرد من القصة ، وفى الارشاد اضراب عما ذكر من انكار الامداد بالمال الى التوبيخ بفرحهم بهديتهم التى اهدوها اليه افتخارا وامتنانا واعتدادا بها كما ينبىء عنه ماذكر من حديث الحقة والجزعة وتغيير زى الغلمان والجوارى وغير ذلك انتهى ، يقول الفقير فيه انهم لما رأوا ما انعم اللّه به على سليمان من الملك الكبير استقلوا بما عندهم حتى هموا بطرح اللبنات الا انه منعتهم الامانة من ذلك فكيف امتنوا على سليمان بهديتهم وافتخروا على ان حديث الحقة ونحوه انما كان على وجه الامتحان لا بطريق الهدية كما عرف

وفى التأويلات يشير الى ان الهدية موجبة لاستمالة القلوب ولكن اهل الدين لما عارضهم امر دينى فى مقابلة منافع كثيرة دنيوية رجحوا طرف الدين على طرف المنافع الكثيرة الدنيوية واستقلوا كثرتها لانها فانية واستكثروا قليلا من امور الدين لانها باقية كما فعل سليمان لما جاءه الرسول بالهدية استقل كثرتها وقال فما آتانى اللّه من كمالات الدين والقربات والدرجات الاخروية خير مما أتاكم من الدنيا وزخارفها بل انتم اى امثالكم من اهل الدنيا بمثل هديتكم الدنيوية الفانية تفرحون لخسة نفوسكم وجهلكم عن السعادات الاخروية الباقية

٣٧

فعلى العاقل ان لايقنع بيسير من القال والحال بل يتضرع الى اللّه الملك المتعال فى ان يوصله الى المقامات العالية والدرجات العلى انه الكريم المولى يروى انه لما رجع رسلها بخبر سليمان قالت واللّه قد علمت انه ليس بملك ولا لنابه من طاقة وبعثت الى سليمان انى قادمة اليك بملوك قومى حتى انظر مامرك وماتدعو اليه من دينك [ وتخت خودرا درخانه مضبوط ساخت ونكهبانات برو كماشت درخانه قفل كرد ومفتاح را برداشت وبالشكر متوجه بايه سرير سليمان شد ] وكان لها اثنا عشر الف ملك كبير يقال له القيل بفتح القاف تحت كل ملك الوف كثيرة وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبدأ بشىء حتى يسأل عنه فجلس يوما على سريره فرأى جمعا جما على فرسخ عنه فقال ماهذا فقالوا بلقيس بملوكها وجنودها فاقبل سليمان حيئنذ على اشراف قومه وقال او لما علم بمسيرها اليه

٣٨

{ قال يايها الملؤا } [ اى اشراف قوم من ]

{ ايكم يأتينى بعرشها } [ كدام شما مى آرد تخت بلقيس را ]

{ قيل ان يأتونى } حال كونهم

{ مسلمين } لانه قد اوحى الى سليمان انها تسلم لكن اراد ان يريها بعض ماخصه اللّه تعالى به من العجائب الدالة على عظم القدرة وصدقه فى دعوى النبوة فاستدعى اتيان سريرها الموصى بالحفظ قبل قدومها : وفى المثنوى

جونكه بلقيس ازدل وجان عز كرم ... بر زمان رفته هم افسوس خورد

ترك مال وملك كرد او آنجنان ... كه بترك نام وننك آن عاشقان

هيج مال وهيج مخن هيج رخت ... ميدريغش نامه الاجزكه تحت

بس سليمان از دلش آكاه شاد ... كز دل او تادل او راه شد

ديد از دورش كه آن تسليم كيش ... تلخش آمد فرقت آن تخت خويش

از بزركى تخت كز حد مى فزود ... نقل كردن تخت را امكان نبود

خرده كارى بود وتفريقش خطر ... همجوا اوصال بدن بايكديكر

بس سليمان كفت كرجه فى الاخير ... سرد خواهد شد برو تاج وسرير

ليك خود باين همه بر نقد حال ... جست بايد تخت اورا انتقال

تانكردد خسته هنكام لقا ... كودكانه حاجتش كردد روا

وفى التأويلات النجمية يشير الى سليمان عليه السلام كان واقفا على ان فى امته من هو اهل الكرامة فاراد ان يظهر كرامته ليعلم ان فى امم الانبياء من يكون اهل الكرامات فلا ينكر مؤمن كرامات الاولياء كما انكرت المعتزلة فان ادنى مفسدة الانكار حرمان من درجة الكرامة كحرمان اهل البدع والاهواء منها ولايظنن جاهل ان سليمان لم يكن قادرا على الاتيان بعرشها ولم يكن له ولاية هذه الكرامات فانه امرهم بذلك لاظهار اهل الكرامات من امته ولان كرامات الاولياء من جملة معجزات الانبياء فانها دالة على صدق نوبتهم وحقيقة دينهم ايضا انتهى ، قال الشيخ داود القيصرى رحمه اللّه خوارق العادات قلما تصدر من الاقطاب الخلفاء بل من وزرائهم وخلفائهم لقيامهم بالعبودية التامة واتصافهم بالفقر الكلى فلا يتصرفون لانفسهم فى شىء ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن اللّه عليهم ان لايبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء والامناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون احكامهم واقوالهم كآصف وسليمان ، وقال بعض العارفين لايلزم لمن كان كامل زمانه ان يكون له التقدم فى كل شىء وفى كل مرتبة كما اشار اليه عليه السلام بقوله فى قصة تأبير النخل

( انتم اعلم بامور دنياكم ) فذلك لايقدح فى مقام الكامل لان التفرد بكل كمال لحضرة الالوهية والربوبية وماسواه وسيم بالعجز والنقص ولكل احد اختصاص من وجه فى الكمال الخاص كموسى والخضر عليهما السلام وان كان الكليم افضل زمانه كسليمان عليه السلام فانظر سر الاختصاص فو قوله

{ ففهمناها سليمان } مع الخليفة ابيه داود حين اختلف رجل وامرأة فى ولد لهما اسود فقالت المرأة هو ابن هذا الرجل وانكر الرجل فقال سليمان هل جامعتها فى حال الحيض فقال نعم قال هو لك وانما سود اللّه وجهه عقوبة لكما فهذا من باب الاختصاص

٣٩

{ قال عفريت } مارد خبيث

{ من الجن } بيان له اذ يقال للرجل الخبيث المنكر المعفر لاقرانه عفريت ، وفى المفردات العفريت من الجن هو الفاره الخبيث ويستعار ذلك للانسان استعارة الشيطان له انتهى مأخوذ من العفر محركة ويسكن وهو ظاهر التراب فكأنه يصرع قرنه عليه ويمرغه فيه واصله عفريت زيدت فيه التاء مبالغة كما فى الكواشى وكان اسم ذلك العفريت ذ كوان ، وفى فتح الرحمن كوذى او اصطخر سيد الجن وكان قبل ذلك متمردا على سليمان واصطخر فارس تنسب اليه وكان الجنى كالجبل العظيم يضع قدمه عند منتهى طرفه

{ انا آتيك به } اى بعرشه

{ قبل ان تقوم من مقامك } اى من مجلسك للحكومة وكان يجلس الى نصف النهار وآتيك اما صيغة مضارع . فالمعنى بالفارسية [ من بيارم آنرا بتو ] او فاعل . والمعنى [ من آرنده ام آنرا بتو ] وهو الانسب لمقام ادعاء الاتيان بلا محالة واوفق بما عطف عليه من الجملة الاسمية اى انا آت به فى تلك المدة البتة

{ وانى عليه } اى الاتيان

{ لقوى } لايثقل علىّ حمله

{ امين } على مافيه من الجواهر والنفائس ولابدله بغيره

٤٠

{ قال } حين قال سليمان اريد سماع من هذا يعنى [ ززودترا زين خواهم ]

{ الذى عنده علم الكتاب } وهو آصف بن برخيا بن خالة سليمان وزيره وكاتبه ومؤدبه فى حال صغره وكان رجلا صديقا يقرأ الكتب الالهية ويعلم الاسم الاعظم الذى اذا دعى اللّه به اجاب وقد خلقه اللّه لنصرة سليمان ونفاذ امره فالمراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة على موسى وابراهيم وغيرهما او اللوح واسراره المكتوبة ، وقال المعتزلة المراد به جبرائيل وذلك لانهم لايرون كرامة الاولياء

{ انا آتيك به قبل ان يرتد اليكم طرفك } الارتداد الرجوع والطرف تحريك الاجفان وفتحها للنظر الى الشىء والارتداد انظمامها ولكونه امرا طبيعيا غير منوط بالتحريك اوثر الارتداد على الرد ويعبر بالطرف عن النظر اذا كان تحريك الجفن يلازمه النظر وهذا غاية فى الاسراع ومثل فيه لانه ليس بين تحريك الاجفان مدة ما ، قال الكاشفى [ سليمان دستورى داوداو بسجده درافتاد وكفت ياحى ياقيوم كه بعيرى آهيا شراهيا باشد وبقول بعضى ياذا الجلال والاكرام وبرهر تقدير جون دعا كرد تخت بلقيس در موضع خود بزمين فرورفته وطرفة العينى را بيش تخت سليمان از زمين بر آمد ] ، وقال اهل المعانى لاينكر من قدرة اللّه ان يعدمه من حيث كان ثم يوجده حيث كان سليمان بلا نقل بدعاء الذى عنده علم الكتاب ويكون ذلك كرامة للولى ومعجزة للنبى انتهى ، يقول الفقير هذه مسألة الايجاد والاعدام واليها الاشارة بقوله عليه السلام ( الدنيا ساعة وقل من يفهمها ) لانها خارجة عن طور العقل وفى المثنوى

بيس ترا هر لحظه موت ورجعتيست ... مصطفى فرمود دنيا ساعتيست

هو نفس نو مى شود دنيا وما ... بى خبر از نوشدن اندر بقا

عمر همجون جوى نونو مى رسد ... مستمرى مى نمايد در جسد

آن زتيزى مستمر شكل آمدست ... جون شرركش تيزجنبانى بدست

شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد بس دراز

اين درازى مدت از تيزىء صنع ... مى نمايد سرعت انكيزىء صنع

{ فلما رأه } اى فاتاه بالعرش فرأه فلما رأه

{ مستقرا عنده } حاضرا لديه تابتا بين يديه فى قدر ارتداد الطرف من غير خلل فيه ناشىء من النقل

{ قال } سليمان تلقيا للنعمة بالشكر

{ هذا } اى حصول مرادى وهو حضور العرش فى هذه المدة القصيرة

{ من فضل ربى } علىّ واحسانه من غير استحقاق منى

{ ليبلونى } ليختبرنى : وبالفارسية [ بيازمايد مرا باين ] ، وفى المفردات يقال بلى الثوب بلى خلق وبلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له واذا قيل ابتلى فلان بكذا وبلاه يتضمن امرين احدهما تعرف حاله والوقوف على مايجهل من امره والثانى ظهور جودته وردائته وربما قصد به الامران وربما يقصد به احدهما فاذ قيل بلا اللّه كذا وابتلاه فليس المراد الاظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على مايجهل امنه اذا كان تعالى علام الغيوب

{ أاشكر } بان اراه محض فضله تعالى من غير حول من جهتى ولاقوة واقوم بحقه

{ ام اكفر } بان اجد لنفسى مدخلا فى البين واقصر فى اقامة مواجبة

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الجن وان كان له مع لطاقة جمسه قوى ملكوتية يقدر على ذلك بمقدار زمان مجلس سليمان فان للانس ممن عنده علم من الكتاب مع كثافة جسمه وثقله وضعف انسانيته قوة ربانية قد حصلها من علم الكتاب بالعمل به وهو اقدر بها على مايقدر عليه الجن من الجن ولما كان كرامة هذا الولى فى الاتيان وبالعرش من معجزة سليمان

{ قال هذا من فضل ربى ليبلونى أاشكر } هذه النعمة التى تفضل بها علىّ برؤية العجز عن الشكر

{ ام اكفر } انتهى ، قال قتادة فلما رفع رأسه قال الحمد لله الذى جعل فى اهلى من يدعوه فيستجيب له

كفت حمداللّه برين صدجنين ... كه بدى ودستم ز رب العالمين

{ ومن } [ وهركه ]

{ شكر فانما يشكر لنفسه } لان الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة

{ ومن كفر } اى لم يشكر بان لم يعرف قدر النعمة ولم يؤد حقها فان مضرة كفره عليه

{ فان ربى غنى } عن شكره

{ كريم } باظهار الكرم عليه مع عدم الشكر ايضا وبترك تعجيل العقوبة ، قال فى المفردات المنحة والمحنة جميعا بلاء فالمحننة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر والقيام بحقوق الصبر ايسر من القايم بحقوق الشكر فصارت المنحة اعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر رضى اللّه عنه بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر ولهذا قال امير المؤمنين رضى اللّه عنه مع وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله ، قال الواسطى رحمه اللّه فى الشكر ابطال رؤية الفضل كيف يوازى شكر الشاكرين فضله وفضله قدير وشكرهم محدث

{ ومن يشكر فانما يشكر لنفسه } لانه غنى عنه وعن شكره ، وقال الشبلى رحمه اللّه الشكر هو الخمود تحت رؤية المنة ، قال فى الاسئلة المقحمة فى الآية دليل اثبات الكرامات من وجهين . احدهما ان العفريت من الجن لما ادعى احضاره قبل ان يقوم سليمان من مقامه وسليمان لم ينكر عليه بل قال اريد اعجل من هذا فلما جاز ان يكون مقدورا لعفريت من الجن كيف لايكون مقدورا لبعض اولياء اللّه تعالى . والثانى ان الذى عنده علم من الكتاب وهو آصف وزير سليمان لم يكن نبيا وقد احضره قبل ان يرتد طرفه اليه كما نطق به القرآن دل على جواز اثبات الكرامات الخارقة للعادات للاولياء خلافا للقدرية حيث انكروا ذلك انتهى . والكرامة ظهور امر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوى النبوة فمالا يكون مقرونا بالايمان والعمل الصالح يكون استدراجا وما يكون مقرونا بدعوى النبوة يكون معجزة ،

قال بعضهم لاريب عند اولى التحقيق ان كل كرامة نتيجة فضيلة من علم او عمل او خلق حسن فلا يعول على خرق العادة بغير علم صحيح او عمل صالح فطى الارض انما هو نتيجة عن طى العبد ارض جسمه بالمجاهدات واصناف العبادات واقامته على طول الليالى بالمناجاة والمشى على الماء انما هو لمن اطعم الطعام وكسا العراة اما من ماله او بالسعى عليهم او علم جاهلا او ارشد ضالا لان هاتين الصفتين سر الحياتين الحسية والعلمية وبينهما وبين الماء مناسبة بينه فمن احكمها فقد حصل الماء تحت حكمه ان شاء مشى عليه وان شاء زهد فيه علىحسب الوقت وترك الظهور بالكرامات الحسية والعلمية اليق للعارف لانه محل الآفات وللعارف استخدام الجن او الملك فى غذائه من طعامه وشرابه وفى لباسه ، قال فى كشف الاسرار قد تحصل الكرامة باختيار الولى ودعائه وقد تكون بغير اختياره وفى الحديث

( كم من اشعث اغبر ذى طمرين لايؤبه له لو اقسم على اللّه لأبره ) [ در آثار بيارندكه مصطفى عليه السلام از دنيا بيرون شد زمين باللّه ناليد كه ( بقيت لايمشى على نبى الى يوم القيامة ) اللّه كفت جل جلاله من ازين امت محمد مر دانى بديد آمر كه دلهاى ايشان بدلهاى بيغمبران يكى باشد وايشان نيستند مكر اصحاب كرامات ] وكرامات الاولياء ملحقة بمعجزات الانبياء اذ لو لم يكن النبى صادقا فى معجزاته ونبوته لم تكن الكرامة تظهر على من يصدقه ويكون من جملة امته ولم ينكر كرامات الاولياء الا اهل الحرمان سواء انكروها مطلقا او انكروا كرامات اولياء زمانهم وصدقوا بكرامات الاولياء الذين ليسوا فى زمانهم كمعروف وسهل وجنيد واشباههم كمن صدق بموسى وكذب بمحمد عليهما السلام وماهى لا خصلة اسرائيلية نسأل اللّه التوفيق وحسن الخاتمة فى عافية لنا وللمسلمين اجمعين ونبتهل اليه فى انه يحشرنا مع اهل الكرامات آمين

٤١

{ قال } سليمان كرر الحكاية تنبيها على مابين السابق واللاحق من المخالفة لما ان الاول من باب الشكر والثانى امر لخدمة

{ نكروا لها عرشها } تنكير الشىء جعله بحيث لا يعرف كما ان تعريفه جعله بحيث يعرف كما قال فى تاج المصادر التنكير [ ناشأ ساكردن ] والمعنى غيروا هيئته وشكله بوجه من الوجوه بحث ينكر فجعل الشياطين اسفله اعلاه وبنوا فوقه قبابا اخرى هى اعجب من تلك القباب وجعلوا موضع الجوهر الاحمر الاخضر بالعكس

{ ننظر } بالجزم على انه جواب الامر [ تابنكريم ] ماله بعد ازسؤال ازو

{ أتهتدى } الى معرفته فتظهر رجاحة عقلها

{ ام تكون من الذين لايهتدون } فتظهر سخافة عقلها وذلك ان الشياطين خافوا ان تفشى بلقيس اسرارهم الى سليمان لان امها كانت جنية وان يتزوجها سليمان ويكون بينهما ولد جامع للجن والانس فيرث الملك ويخرجون من ملك سليمان الى ملك هواشد وافظع ولا ينفكون من التسخير ويبقون فى التعب والعمل ابدا فارادوا ان يبغضوها الى سليمان فقالوا ان فى عقلها خللا وقصورا وانها شعراء الساقين وان رجليها كحافر الحمار فاراد سليمان ان يختبرها فى عقلها فامر بتنكير العرش واتخذ الصرح كما يأتى ليتعرف ساقيها ورجليها

٤٢

{ فلما جاءت } بلقيس سليمان والعرش بين يديه

{ قيل } من جهة سليمان بالذات وبالواسطة امتحانا لعقلها

{ أهكذا عرشك } [ ايا اينجنين است تخت تو ] لم يقل هذا عرشك لئلا يكون تلقينا لها فيفوت ماهو المقصود من الامر بالتنكير وهو اختبار عقلها

{ قالت } يعنى لم تقل لا ولا قالت نعم بل شبهوا عليها فشبهت عليهم مع علمها بحقيقة الحال

{ كأنه هو } [ كويا كه اين آنست ] فلوّحت لما اعتراه بالتنكير من نوع مغايرة فى الصفات مع اتحاد الذات فاستدل بذلك على كمال عقلها وكأنها ظنت ان سليمان اراد بذلك اختبار عقلها واظهار معجزة لها فقالت

{ واوتينا العلم من قبلها } من قبل الآيات الدالة على ذلك

{ وكنا مسلمين } من ذلك الوقت

٤٣

{ وصدها ما كانت تعبد من دون اللّه } بيان من جهته تعالى لما كان يمنعها من اظهار مادعته من الاسلام الى الآن اى صدها ومنعها عن ذلك عبادتها القديمة للشمس متجاوزة عبادة اللّه تعالى

{ انها كانت من قوم كافرين } تعليل لسببية عبادتها المذكور للصد اى انها كانت من قوم راسخين فى الكفر ولذلك لم تكن قادرة على اسلامها وهى بين ظهرانيهم الى ان دخلت تحت ملك سليمان اى فصارت من قوم مؤمنين : وفى المثنوى

جون سليمان سوى مرغان سبا ... يك صفيرى كرد بست آن جمله را

جز مكر مرغى كه بد بيجان وبر ... ياجو ماهى كنك بد از اصل وكر

وفى الآية دلالة على ان اشتغال المرء بالشىء يصده عن فعل ضده وكانت بلقيس تعبد الشمس فكانت عبادتها اياها تصرفها عن عبادة اللّه فلا ينبغى الاغراق فى شىء الا ان يكون عبادة اللّه تعالى ومحبته فان الرجل اذا غلب حب ماسوى اللّه على قلبه ولم يكن له رادع من عقل او دين اصمه حبه واعماه كما عليه السلام ( حبك الشىء يعم ويصم ) روى ان سليمان امر قبل قدومها فبنى له على طريقها قصر صحنه من زجاج ابيض واجرى من تحته الماء والقى فيه السمك ونحوه من دواب البحر [ جنانكه صحن ان خانه همه آب مينمود ] ووضع سريره فى وسطه فجلس عليه وعكف عليه الطير والجن والانس [ جون بلقيس بدر كوشك رسيد ]

٤٤

{ قيل لها ادخلى الصرح } الصرح القصر وكل بناء عالى سمى بذلك اعتبارا بكونه صرحا من الشوب اى خالصا فان الصرح بالتحريك الخالص من كل شىء

{ فلما رأته } [ بس جون بديد قصررا در حالتى كه آفتاب برآن تافته بود وآب صافى مينمود وماهيانرا ديد ]

{ حسبته لجة } اللجة معظم الماء ، وفى المفردات لجة البحر تردد امواجهن وفى كشف الاسرار اللجة الضحضاح من الماء وهو الماء اليسير او الى الكعبين وانصاف السوق او مالاغرف فيه كما فى القاموس . والمعنى ظنت انه ماء كثير بين يدى سرير سليمان : وبالفارسية [ بنداشت كه آب زرف است ندانست كه آب درزير ابكينه است ] فارادت ان تدخل فىلماء

{ وكشفت عن ساقيها } تثنية ساق وهى مابين الكعبين كعب الركبة وكعب القدم اى تشمرت لئلا تبتل اذيالها فاذا هى حسن الناس ساقا وقدما خلا انها شعراء

{ قال } لها سليمان لا تكشفى عن ساقيك

{ انه } اى ماتوهمته ماء

{ صرح ممرد } مملس مسوى : بالفارسية [ همواره جون روى آبكينه وشمشير ] ومنه الامرد لتجرده عن الشعر وكونه املس الخدين وشجرة مرداء اذا لم يكن عليها ورق

{ من قوارير } اى مصنوع من الزجاج الصافى وليس بماء جمع قارورة : وبالفارسية [ آبكينه ] ، وفى القاموس القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه او يخص بالزجاج

{ قالت } حين عاينت تلك المعجزة ايضا

{ رب } [ اى بروردكارمن ]

{ انى ظلمت نفسى } بعبادة الشمس

{ واسلمت مع سليمان لله رب العالمين } فيه التفات الى الاسم الجليل ولوصف بالربوبية لاظهار معرفتها بالوهيته تعالى وتفرده باستحقاق العبودية وربوبيته لجميع الموجودات التى من جملتها ماكانت تعبده قبل ذلك من الشمس . والمعنى اخصلت له التوحيد تابعة لسليمان مقتدية به ، وقال القيصرى اسلمت اسلام سليمان اى كما اسلم سليمان ومع هذا الموضع كمع فى قوله

{ يوم لايخزى اللّه النبى الذين آمنوا معه } اذ لاشك ان زمان ايمان المؤمنين ما كان مقارنا لزمان ايمامن الرسل وكذا اسلام بلقيس ما كان عند اسلام سليمان فالمراد كما انه آمن باللّه آمنت باللّه وكما انه اسلم اسلمت لله انتهى . ويجوز ان يكون مع ههنا واقعا موقع بعد كما فى قوله

{ ان مع العسر يسرا } واختلف فى نكاح بلقيس فقيل انكحها سليمان فتى من ابناء ملوك اليمن وهو ذو تبع ملك همدان وتبع بلغة اليمن الملك المتبوع وذلك ان سليمان لما عرض عليها النكاح ابته وقالت مثلى لاينكح الرجال فاعلمها سليمان ان النكاح من شريعة الاسلام فقال ان كان ذلك فزوجنى من ذى تبع فزوجه اياها ثم ردها الى اليمن وسلط زوجها اذا تبع على اليمن ردعا زوبعة امين جن اليمن فامره ان يكون فى خدمة ذى تبع ويعمل له ماستعمله فيه فصنع له صنائع باليمن وبنى له حصونا مثل صرواح ومرواج وهندة وهنيدة وفتلوم [ اين نام قلعها ست درزمين يمن كه شياطين آنرا بناكرده اندازبهر ذى تبع وامروز ازان هيج برباى نيست همه خراب كشته ونيست شده ] وانقضى ملك ذى تبع وملك بلقيس مع ملك سليمان ولما مات سليمان نادى زوبعة يامعشر الجن قد مات سليمان فارفعوا رؤسكم فرفعوها وتفرقوا.

والجمهور على ان سليمان نكحها لنفسه

قال فى التأويلات النجمية فى الآية دليل عى ان سليمان اراد ان ينكحها وانما صنع الصرح لتكشف عن ساقيها فرآها ليعلم ماقالت الشياطين فى حقها أصدق ام كذب ولو لم يستنكحها لما جوز من نفسه النظر الى ساقيها انتهى ، قال فى فتح الرحمن اراد سليمان تزوجها فكره شعر ساقيها فسأل الانس مايذهب هذا قالوا الموسى فقال الموسى يخدش ساقها فسأل الجن فقالوا لاندرى ثم سأل الشياطين فقالوا نحتال لك حتى تصير كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة والحمام فكانت النورة والحمام من يومئذ . ويقال ان الحمام الذى ببيت المقدس بباب الاسباط انما بنى له وانه اول حمام بنى على وجه الارض ، وفى روضة الاخبار قال جنى لسليمان ابنى لك دارا تكون فى بيوته الاربعة الفصول الاربعة من السنة فبنى الحمام فلما تزوجها سليمان احبها حبا شديدا واقرها على ملكها وامر الجن فبنوا لها بارض اليمن ثلاثة حصون لم ير الناس مثلها ارتفاعا حسنا وهى ملحين وغمدان وبينون [ امروز ازان بناها وقصرها جز اسم وطلل آن برجاى نيست بلكه همه خرابند ] كما قال تعالى فى سورة هود وحصيد ثم كان يزروها فى كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة ايام وولدت له داود بن سليمان بن داود [ وآن بسر درحيات بدر ازدينا برفت ] روى ان سليمان ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فمدة ملكه اربعون سنة ووفاته فى اواخر سنة خمس وسبعين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام وبين وفاته والهجرة الشريفة الاسلامية الف وسبعمائة وثلاث وسبعون سنة ونقل ان قبره ببيت المقدس عند الجيسمانية وهو وابوه داود فى قبر واحد . وبلقيس بعد [ از سليمان بيك ماه ازدينا برفت ] ولما كسروا جدار تدمر وجدوها قائمة علهيا اثنتان وسبعون حلة قد امسكها الصبر والمصطكى ذلك وان جمالها شىء عظيم اذا حركت تحركت مكتوب عندها انا بلقيس صاحبة سليمان بن داود خرب اللّه من يخرب بيتى وكان ذلك فى ملك مروان الحمار

همه تخت وملكى بذيرد زوال ... بجز ملك فرمانده لايزال

جهان اى بسر مالك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست

مكن تكيه برملك وجاه وحشم ... كه بيش ازتو بودست وبعدازتوهم

نه لايق بود عشق بادلبرى ... كه هر بامدادش بود شوهرى

دريغا كه بى مابسى روز كار ... برويد كل وبشكفد نو بهار

مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف

عروسى بود نوبت ما تمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت

٤٥

{ ولقد ارسلنا الى ثمود } وهى قبيلة من العرب كانوا يعبدون الاصنام

{ اخاهم } النسبى المعروف عندهم بالصدق والامانة

{ صالحا } قد سبق ترجمته

{ ان } مصدرية اى بان

{ اعبدوا اللّه } الذى لاشريك له

{ فاذا هم فريقان يختصمون } الاختصام [ بايكديكرخصومت وجدل كردن ] واصله ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه . والمعنى فاجأوا التفرق والاختصام فآمن من فريق وكفر فريق : وبالفارسية [ بس آنكاه ايشان دو فريق شدند مؤمن وكافر وبجنك وخصومت در آمدند بايكديكر ] ، قال الكاشفى [ ومخاصمه ايشان در سوره اعراف رقم ذكر يافته ] وهو قوله تعالى

{ قال الملأ الذى استكبروا من قومه للذين استضعفوا } الآية

٤٦

{ قال } صالح للفريق الكافر منهم

{ ياقوم } [ اى كروه من ]

{ لم تستعجلون بالسيئة } بالعقوبة فتقولون ائتنا بما تعدنا . والاستعجال طلب الشىء قبل وقته واصل لم لما على انه استفهام

{ قبل الحسنة } قبل التوبة فتؤخرنها الى حين نزول العقاب فانهم كانوامن جهلهم وغوايتهم يقولون ان وقع ايعاده تبنا حنيئذ والا فنحن على ماكنا عليه ، قال كشف الاسرار [ معنى قبل اينجا نه تقدم زمانست بلكه تقدم رتبت واختبارست همجنانكه كسى كويد ] صحة البدن قبل كثرة المال

{ لولا } حرف تحضيض بمعنى هلا

{ تستغفرون اللّه } [ جرا استغفار نمى كنيد بيش از نزول عذاب وبايمان وتوبه از خدا آمرزش نميطلبيد ]

{ لعلكم ترحمون } بقبولها فلا تعذبون اذلا امكان للقبول عند النزول

توبيش ازعقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زيرجوب

٤٧

{ قالوا اطيرنا } [ فال بد كرفتيم ] واصله تطيرنا والتطير التشاؤم وهو بالفارسية [ شوم داشتن ] عبر عنه بذلك لانهم كانوا اذا خرجوا مسافرين فمروا بطائر يزجرونه فان مر سائحا تيمنوا وان مر بارحا تشاءموا فلما نسبوا الخير والشر الى الطير استعير لما كان سببا لهما من قدر اللّه تعالى وقسمته او من عمل العبد ، قال فى فتح الرحمن والكواشى السانح هو الذى ولاه ميامنه فيتمكن من رميه فيتمين به والبارح هو الذى ولاه مياسره فلا يتمكن من رميه فيتشاءم به ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به ، وفى القاموس البارح من الصيد مامر من ميامنك الى مياسرك وبرج الطبى بروحا ولاك مياسره ومرّ وسنح سنوحا ضد برح من لى بالسانح بعد البارح اى بالمبارك بعد المشئوم ، قال فى كشف الاسرار هذا كان اعتقاد العرب فى بعض الوحوش والطيور انها اذا صاحت فى جانب دون جانب دل على حدوث آفات وبلايا ونهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنها وقال ( اقروا الطير على مكناتها ) لانها اوهام لاحقيقة معها والمكنات بيض الضبة واحدتها مكنة ، قال عكرمة رضى اللّه عنه كنا عند ابن عباس رضى اللّه عنهما فمر طائر يصيح فقل رجل من القوم خير فقال ابن عباس رضى اللّه عنهما لاخير ولا شر

لاتنطقن بما كرهت فربما ... نطق اللسان بحادث فيكون

وفى الحديث ( ان اللّه يحب الفال ويكره الطيرة ) قال ابن الملك كان اهل الجاهلية اذا قصد واحد الى حاجة واتى من جانبه الايسر طيرا وغيره يتشاءم به فيرجع هذا هو الطيرة ومعنى الآية تشاءمنا

{ بك ومن معك } فى دينك حيث تتابعت علينا الشدائد [ اين دعوت تو شوم آمد برما ] وكانوا قحطوا فقالوا اصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم اصحابك وكذا قال قوم موسى لموسى واهل انطاكية لرسلهم

{ قال طائركم } سببكم الذى جاء منه شركه

{ عند اللّه } وهو قدره او عملكم المكتوب عنده . وسمى القدر طائرا لسرعة نزوله ولاشىء اسرع من قضاء محتوم كما فى فتح الرحمن : وبالفارسية [ قال شما ازخير وشر نزديك خداست يعنى سبب محنت شما مكتوبست نزديك خدا بحكم ازلى وبجهت من متبدل نكردد ]

قلم به نيك وبد خلق درازل رفتست ... بكوفت وكوى خلائق كر نخواهدشد

{ بل انتم قوم تفتنون } تختبرون بتعاقب السراء والضراء اى الخير والشر والدولة والنكبة والسهولة والصعوبة او تعذبون والاضراب من بيان طائرهم الذى هو مبدأ مايحيق بهم الى ذكر ماهو الداعى اليه يقال فتنت الذهب بالنار اى اختبرته لانظر الى جودته واختبار اللّه تعالى انما هو لاظهار الجودة والرداءة ففى الانبياء الاولياء والصلحاء تظهر الجودة ألا ترى ان ايوم عليه السلام امتحن فصبر فظهر للخلق درجته وقربه من لله تعالى وفى الكفار والمنافقين والفاسقين تظهر الداءة حكى ان امرأة مرضت مرضا شديدا طويلا فاطالت على اللّه تعالى فى ذلك وكفرت ولذا قيل عند الامتحان يكرم الرجل او يهان

خوش بود كرمحك تجربه آيد بميان ... تاسيه روى شود هركه دروغش باشد

والابتلاء مطلقا اى سواء كان فى صورة المحبوب او فى صورة المكروه رحمة من اللّه تعالى فى الحقيقة لامن مراده جذب عبده اليه فان لم ينجذب حكم عليه الغضب فى الدنيا والآخرة كما ترى فى الامم السالفة ومن يليهم فى كل عصر الى آخر الزمان . ثم ان اهل اللّه تعالى يستوى عندهم المنحة والمحنة اذ يرون كلا منهما من اللّه تعالى فيصفون وقتهم فيتوكلون ولا يتطيرون ويحمدون ولايجزعون ثم ان مصيبة المعصية اعظم من مصيبة غيرها وبلاء الباطن اشد من بلاء الظاهر ، قال ابن الفارض رحمه لله

وكل بلا ايوب بعض بليتى ... مراده ان مرضى فى الروح ومرض ايوب عليه السلام فى الجسد مع انه مؤيد بقوة النبوة فبلائى اشد من بلائه نسأل اللّه التوفيق والعافية

٤٨

{ وكان فى المدينة } اى الحجر بكسر الحاء المهملة وهى ديار ثمود وبلادهم فيما بين الحجاز والشام

{ تسعة رهط } اشخاص وبهذا الاعتبار وقع تمييزا للتسعة لاباعتبار لفظه فان مميز الثلاثة الى العشرة مخفوض مجموع . والفرق بينه وبين النفر انه من الثلاثة او من السبعة الى العشرة ليس فيهم امرأة والنفر من الثلاثة الى التسعة واسماؤهم حسبما نقل عن وهب هذيل بن عبدالرب وغنم بن غنم وايب بن مهرج ومصدع بن مهرج وعمير بن كردية وعاصم بن مخزمة وسبيط بن صدقة وسمعان بن صفى وقدار بن سالف ، وفى كشف الاسرار اسماؤهم قدار بن سالف ومصدع بن دهر واسلم ورهمى ورهيم ودعمى ودعيم وقبال وصداف وهم الذين سعوا فى عقر الناقة وكانوا عتاة قوم صالح وكانوا من ابناء اشرافهم ثم وصف التسعة بقوله

{ يفسدون فى الارض } فى ارض الحجر بالمعاصى ، وفى الارشاد فى الارض لافى المدينة فقط وهو بعيد لان العرض فى نظائر هذه القصة انماحملت على ارض معهودة هى ارض كل قبيلة وقوم لا على الارض مطلقا

{ ولايصلحون } اى لايفعلون شيأ من الاصلاح ففائدة العطف بيان ان افسادهم لايخالطه شىء ما من الاصلاح

٤٩

{ قالوا } استئناف لبيان بعض مافعلوا من الفساد اى

قال بعضهم لبعض فى اثناء المشاورة فى امر صالح وكان ذلك فيما انذرهم بالعذاب على قتلهم الناقة وبين لهم العلامة بتغيير الوانهم كما قال

{ تمتعوا فى داركم ثلاثة ايام } { تقاسموا باللّه } تحالفوا يقل اقسم اى حلف واصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين فى الدم ثم صار اسما لكل حلف وهو مر مقول لقالوا او ماض وقع حالا من الواو باضمار قد اى والحال انهم تقاسموا باللّه

{ لنبيتنه واهله } لنأتين صالحا ليلا بغتة فلنقتلنه واهله : وبالفارسية [ هر آيينه شبيخون ميكنم بر صالح وبركسان ] او قال فى التاج [ التبييت : شبيخون كردن ] يعنى مباغتة العدو وقصده ليلا

{ ثم لنقولن لوليه } اى لولى دم صالح : يعنى [ اكرما برسندكه صالح راكه كشته است كوييم ]

{ ماشهدنا مهلك اهله } اى ماحضرنا هلاكهم فضلا عن ان نتولى اهلاكهم فيكون مصدرا او وقت هلاكهم فكيون زمانا او مكان هلاكهم فيكون اسم مكان : وبالفارسية [ حاضر نبوديم كشتن صالح وكسان اورا ]

{ وانا لصادقون } فيما نقول فهو من تمام القول : وبالفارسية [ وبدرستى كه ماراست كويانيم ] وهذا كقولهم ليعقوب فى حق يوسف { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين }

٥٠

{ ومكروا مكرا } بهذه المواضعة . والمكر صرف الغير عما يقصده بحلية

{ ومكرنا مكرا } اى جعلنا هذه المواضعة سببا لاهلاكهم

{ وهم لايشعرون } بذلك

هر آنكه تخم بدى كشت وجشم نيكى داشت ... دماغ بيهده بخت وخيال باطل بست

٥١

{ فانظر } تفكر يامحمد فى انه

{ كيف كان عاقبة مكرهم } اى على أى حال وقع وحدث عاقبة مكرهم وهى

{ انا دمرناهم } التدمير استئصال الشىء بالهلاك

{ وقومهم } الذين لم يكونوا معهم فى مباشرة التبييت

{ اجمعين } بحيث لم يشذ منهم شاذ ت روى انه كان لصالح مسجد فى الحجر فى شعب يصلى فيه ولما قال لهم بعد عقرهم الناقة انكم تهلكون الى ثلاثة ايام قالوا زعم صالح انه يفرغ منا الى ثلاث فنحن نفرغ منه ومن اهله قبل الثلاث فخرجوا الى الشعب وقالوا اذا جاء يصلى قتلناه ثم رجعنا الى هله فقتلناهم فعبث اللّه صخرة خايلهم فبادروا فطبقت عليهم فى الشعب فهلكوا ثمة : وبالفارسية [ ناكاه سنكى برايشان فرود آمد وهمه را درزير كرفت ودرغار بوشيده وايشان در آنجا هلاك شدند ] فلم يدر قومهم اين هم وهلك الباقون فى اماكنهم بالصيحة ، يقول الفقير الوجه فى هلاكهم بالتطبيق انهم ارادوا ان يباغتوا صالحا فباغتهم اللّه وفى هلاك قومهم بالصيحة انهم كانوا يصيحون اليهم فيما يتعلق بالافساد فجاء الجزاء لكل منهم من جنس العمل

٥٢

{ فتلك بيوتهم } حال كونها

{ خاوية } خالية عن الاهل والسكان من خوى البطن اذا خلا او ساقطة منهدمة من خوى النجم اذا سقط : وبالفارسية [ بس آنست خانهاى ايشان در زمين حجر بنكريدا آنرا درحالتى كه خالى وخرابست ]

{ بما ظلموا } اى بسبب ظلمهم المذكور وغيره كالشرك ، قال سهل رحمه اللّه الاشارة فى البيوت الى القلوب فمنها عامرة بالذكر ومنها خراب بالغفلة ومن ألهمه اللّه الذكر فقد خلص لله من الظلم

{ ان فى ذلك } المذكور من التدمير العجيب بظلمهم

{ لآية } لعبرة عظيمة

{ لقوم يعلمون } يتصفون بالعلم فيتعظون . يعنى اعلم يامحمد انى فاعل ذلك العذاب بكفار قومك فى الوقت الموقت لهم فليسوا خيرا منهم كما فى كشف الاسرار

٥٣

{ وانجينا الذين آمنوا } صالحا ومن معه من المؤمنين

{ وكانوا يتقون } اى الكفر او المعاصى اتقاء مستمرا فلذلك خصوا بالنجاة وكانوا اربعة آلاف خرج بهم صالح الى حضرموت وهى مدينة من مدن اليمن وسميت حضرموت لان صالحا لما دخلها مات ، وفى اشارة الى ان الهجرة من ارض الظلم الى ارض العدل لازمة خصوصا من ارض الظالمين المؤاخذين بانواع العقوبات اذ مكان الظلم ظلمة فلا نور للعبادة فيه وان الانسان اذا ظلم فى ارض ثم تاب فالافضل له ان يهاجر منها الى مكان لم يعض اللّه تعالى فيه . ثم ان الظالم المفسد فى مدينة القالب الانسانى هى العناصر الاربعة والحواس الخمس وهى تسعة رهط يجتهدون فى غلبة صالح القلب لمخالفته لهم فان القلب يدعوهم الى العبودية وترك الشهوات وهم يدعونه الى النظر الى الدنيا والاعراض عن العقبى والتعطل عن خدمة المولى فاذا كان القلب مؤيدا بالالهام الربانى لايميل الى الحظوظ الظاهرة والباطنة ويغلب على القوى جميعا فيحصل له النجاة وتهلك الخواص التسع وآفاقها فيبقى القالب والاعضاء التى هى مساكن الخواس خالية عن الخواص والآفات الغالبة ثم لايحيى مامات ابدا وانعم ماقيل ( الفانى لايرد الا اوصافه ) [ بس اوليارا خوف ظهور طبيعت نيست زيراكه طبيعت ونفس عداوست وعدو خالى نميشود ازغدر ومكر بس جون عدوات بمحبت منقلب ميشود مكر زائل كردد وخوف نماند ] نسأل اللّه سبحانه ان ينجينا من مكر النفس والشيطان ويخلصنا من مكاره الاعداء مطلقا فى كل زمان

٥٤

{ ولوطا } اى وارسلنا لوطا بن هاران

{ اذ قال لقومه } ظرف للارسال على انا لمراد به امر ممتد وقع فيه الارسال وماجرى بينه وبين قومه من الافعال والاقوال ، وقال بعضهم انتصاب لوطا باضمار اذكر واذ بدل منه اى واذكر اذ قال لوط لقومه على وجه الانكار عليهم

{ أتأتون الفاحشة } الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والاقوال والمراد به ههنا اللواطة والاتيان فى الادبار . والمعنى أتفعلون الفعلة المتناهية فى القبح : وبالفارسية [ آيامى آييد بعمل زشت ]

{ وانتم تبصرون } من بصر القلب وهو العلم فانه يقال لقوة لقلب المدركة بصيرة وبصر ولايكاد يقال للجارحة بصيرة ويقال للضرير بصير على سبيل العكس او لما له قوة بصيرة القلب اى والحال انكم تعلمون فحشها علما يقينيا وتعاطى القبيح من العالم بقبحه اقبح من غيره ولذا قيل فساد كبير جاهل متنسك وعالم متهتك او من نظر العين اى وانتم تبصرونها بعضكم من بعض لما انهم كانوا يعلنون بها ولايستترون فيكون افحش

٥٥

{ أئنكم } [ آياشما ]

{ لتأتون الرجال } بيان لاتيانهم الفاحشة وعلل الاتيان بقوله

{ شهوة } للدلالة على قبحه والتنبيه على ان الحكمة فى المواقعة طلب النسل لاقضاء الوطر واصل الشهوة نزوع النفس الى ماتريده

{ من دون النساء } اى حال كونكم مجاوزين النساء اللاتى هن محال الشهوة

{ بل انتم قوم تجهلون } حيث لا تعملون بموجب علمكم فان من لايجرى على مقتضى بصارته علمه ويفعل فعل الجاهل فهو والجاهل سواء وتجهلون صفة لقوم والتاء فيه لكون الموصوف فى معنى المخاطب

٥٦

{ فما كان جواب قومه } نصب الجواب لانه خبر كان واسمه قوله

{ الا ان قالوا } اى قول بعضهم لبعض

{ اخرجوا آل لوط } اى لوطا ومن تبعه

{ من قريتكم } وهى سدوم

{ انهم اناس } جمع انس والناس مخفف منه : والمعنى بالفارسية [ بدرستى كه ايشان مردمانندكه ]

{ يتطهرون } يتنزهون عن افعالنا او عن الاقذار ويعدون افعالنا قذرا ، وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه على طريق الاستهزاء وهذا الجواب هو الذى صدر عنهم فى المرة الاخيرة من مرات المواعظ بالامر والنهى لا انه لم يصدر عنهم كلام غيره

٥٧

{ فانجيناه } اى لوطا

{ واهله } اى بنيته ريشاء ورعواء بان امرناهم بالخروج من القرية

{ الا امرأته } الكفارة المسماة بواهلة لم ننجها

{ قدرناها من الغابرين } اى قدرنا وقضينا كونها من الباقين فى العذاب فلذا لم يخرج من القرية مع لوط او خرجت ومسخت حجرا كما سبق يقال غبر غبورا اذا بقى وتمامه فى اواخر سورة الشعراء

٥٨

{ وامطرنا عليهم } بعد قلب قريتهم وجعل عاليها سافلها او على شذاذهم ومن كان منهم فى الاسفار

{ مطرا } غير معهود وهو حجارة السجيل

{ فساء مطر المنذرين } اى بئس مطر من انذر فلم يخف والمخصوص بالذم هو الحجارة ، قال ابن عطية وهذه الآية اصل لمن جعل من الفقهاء الرجم فى اللواطى لان اللّه تعالى عذبهم على معصيتهم به ومذهب مالك رجم الفاعل والمفعول به أحصنا او لم يحصنا ومذهب الشافعى واحمد حكمه كالزنى فيه الرجم مع الاحصان والجلد مع عدمه ومذهب ابى حنيفة انه يعزر ولاحد عليه خلافا لصاحبيه فانهما الحقاه بالزنى ، وفى شرح الاكمل ان ماذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث انه يجازى بما يجازى به القتل والزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لايجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة ، يقول الفقير عذبوا بالرجم لانه افظع العذاب كما ان اللواطة افحش المنهيات وبقلب المدينة لانهم قلبوا الابدان عند الاتيان فافهم فجوزوا بما يناسب اعمالهم الخبيثة

نه هركز شنيديم در عمر خويش ... كه بد مردرا نيك آمد به بيش

والاشارة فى الفاحشة الى كل مازلت به الاقدام عن الصراط المستقيم وامارتها فى الظاهر اتيان منهيات الشرع على وفق الطبع وهو النفس وعلاماتها فى الباطن حب الدنيا وشهواتها والاحتظاظ بها وفى الحديث ( انتم على بينة من ربكم مالم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل وسكرة حب الدنيا ) ، قال بعض الكبار ثلاثة من علامات الصدق والوصول الى محل الانبياء . الاول اسقاط قدر الدنيا والمال من قلبك حتى يصير الذهب والفضة عندك كالتراب . والثانى اسقاط رؤية الخلق عن قلبك بحيث لاتلتفت الى مدحهم وذمهم فكأنهم اموات وانت وحيد على الارض . والثالث احكام سياسة النفس حتى يكون فرحك من الجوع وترك الشهوات كفرح ابناء الدنيا بالشبع ونيل الشهوات ، ثم ان المرأة الصالحة الجميلة ليست من قبيل الشهوت بل من اسباب التصفية وموافقتها من سعادات الدنيا كما قال على رضى اللّه عنه من سعادة الرجل خمسة ان تكون زوجته موافقة واولاده ابرارا واخوانه اتقيا وجيرانه صالحين ورزقه فى بلده ،

واما الغلام الامرد فمن اعظم فتن الدنيا اذ لامكان لنكاحه كالمرأة . فعلى العاقل ان يجتنب عن زنى النظر ولواطته فضلا عن الوقوع فيهما فان اللّه تعالى اذا رأى عبده حيث ما نهى غار وقهر فالعياذ به من سطوته والالتجاء اليه من سخطه ونقمته

٥٩

{ قل الحمد لله } قل يا محمد الحمد لله على جميع نعمه التى من جملتها اهلاك اعداء الانبياء والمرسلين واتباعهم الصديقين فانهم لما كانوا اخوانه عليه السلام كان النعمة عليهم نعمة عليه

{ وسلام } وسلامة ونجاة

{ على عباده الذين اصطفى } اى اصطفاهم اللّه وجعلهم صفوة خليقته فى الازل وهداهم واجتباهم للنبوة والرسالة والولاية فى الابد فهم الانبياء والمرسلون وخواصهم المقربون الذين سلموا من الآفات ونجوا من العقوبات مطلقا ، وفيه رمز الى هلاك اعدائه عليه السلام ولو بعد حين واشعار له ولاصحابه بحصول السلام والنجاة من ايديهم وهكذا عادة اللّه تعالى مع الورثة الكمل واعدائهم فى كل زمان هذا هو اللائح للبال فى هذا المقام وهو المناسب لسوابق الآيات العظام [ وكفته اند اهل اسلام آنانندكه دل ايشان سالم است از لوث علائق وسر ايشان خاليست از فكر خلائق امروز سلام بواسطه شنوند فردا سلام بى واسطه خواهند شنيد ] { سلام قولا من رب رحيم }

هربنده كه او كشت مشرف بسلامت ... التبه شود خاص بتشريف سلامت

لطفى كان وبنواز دلم را بسلامت ... زيرا كه سلامت همه لطفست وكرامت

{ اللّه } بالمد بمقدار الالفين اصله أ اللّه على ان الهمزة الاولى استفهام والثانية وصل فمدوا الاولى تخفيفا . والمعنى اللّه الذى ذكرت شؤنه العظيمة : وبالفارسية [ آيا خداى بحق ]

{ خير } انفع لعابديه ، وفى كشف الاسرار [ بهست خدا را ]

{ اما } ام الذى فام متصلة وما موصولة

{ يشركون } به من الاصنام اى ام الاصنام انفع لعابديها يعنى اللّه خير وكان عليه السلام اذا قرأ هذه الآية قال ( بل اللّه خير وابقى واجل واكرم ) ، فان قيل لفظ الخير يستعمل فى شيئين فيهما خير ولاحدهما مزية ولا خير فى الاصنام اصلا ، قلنا المراد الزام المشركين وتشديد لهم وتهكم بهم او هو على زعم ان فى الاصنام خيرا ثم هذا الاستفهام والاستفهامات الآتية تقرير وتوبيخ لا استرشاد ثم اضرب وانتقل من التثبيت تعريضا الى التصريح به خطابا لمزيد التشديد فقال

٦٠

{ ام } منقطعة مقدرة ببل والهمزة

{ من } موصولة مبتدأ خبره محذوف وكذا فى نظائرها الآتية . والمعنى بل ام من

{ خلق السموات والارض } التى هى اصول الكائنات ومبادى المنافع خير ام ما يشركون . يعنى ان الخالق للاجرام العلوية والسفلية خير لعابديه او للمعبودية كما هو الظاهر

{ وانزل لكم } اى لاجل منفعتكم

{ من السماء ماء } نوعا منه هو المطر ثم عدل عن الغيبة الى التكلم لتأكيد الاختصاص بذاته فقال

{ فانبتنا به } اى بسبب ذلك الماء

{ حدائق } بساتين محدقة ومحاطة بالحوائط : وبالفارسية [ بوستانها ديوان بست ] من الاحداق وهو الاحاطة ، وقال فى المفردات الحدائق جمع حديقة وهى قطعة من الارض ذات ماء سميت بها تشبيها بحدقة العين فى الهيئة وحصول الماء فيها وحدقوا به واحدقوا احاطوا به تشبيها بادارة الحدقة انتهى

{ ذات بهجة } البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه اى صاحبة حسن ورونق بتبهج به النظار وكل موضع ذى اشجار مثمرة محاط عليه فهو حديقة وكل مايسر منظره فهو بهجة

{ ماكان لكم } اى ماصح لكم وما امكن

{ ان تنبتوا شجرها } شجر الحدائق فضلا عن ثمرها

{ أاله } آخر كائن

{ مع اللّه } الذى ذكر بعض افعاله التى لايكاد يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له فى العبادة : وبالفارسية [ آياهست خداى يعنى نيست معبودى باخداى بحق ]

{ بل هم } بلكه مشركان

{ قوم يعدلون } قوم عادتهم العدول والميل عن الحق الذى هو التوحيد والعكوف على الباطل الذى هو الاشراك او يعدلون يجعلون له عديلا ويثبتون له نظيرا ، قال فى المفردات قوله بل هم قوم يعدلون يصح ان يكون من قولهم عدل عن الحق اذا جار عدولا انتهى فهم جاروا وظلموا بوضع الكفر موضع الايمان والشرك محل التوحيد وهو اضراب وانتقل من تبكيتهم بطريق الخطاب الى بيان سوء حالهم وحكاية لغيرهم ثم اضرب وانتقل الى التبكيت بوجه آخر ادخل فى الالزام فقال

٦١

{ ام } منقطعة

{ من } موصولة كما سبق

{ جعل الارض قرارا } يقال قر فى مكانه يقر قرارا اذا ثبت ثبوتا جامدا واصله القر وهو البرد لاجل ان البرد يقتضى السكون والحر يقتضى الحركة والمراد بالقرار هنا المستقر.

والمعنى بل ام من جعلها بحيث يستقر عليها الانسان والدواب باظهار بعضها من الماء بالارتفاع وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم خير من الذى يشركون به من الاصنام وذكر بعض الآيات بلفظ الماضى لان بعض افعاله تقدم وحصل مفروغا منه وبعضها يفعلها حالا بعد حال

{ وجعل خلالها } جمع خلل وهى الفرجة بين الشيئين نحو خلل الدار وخلل السحاب ونحوهما اوساطها : وبالفارسية [ وبيداكرد درميا نهادى زمين ]

{ انهارا } جارية ينتفعون بها هو المفعول الاول للجعل قدم عليه الثانى لكونه ظرفا وعلى هذا المفاعيل للفعلين الآتيين

{ وجعل لها رواسى } يقال رسا الشىء يرسو ثبت ، قال فى كشف الاسرار الرواسى جمع الجمع يقال جبل راس وجبال راسية ثم تجمع الراسية على الرواسى اى جبالا ثوابت تمنعها ان تميل باهلها وتضطرب ويتكون فيها المعادن وينبع فى حضيضها الينابيع ويتعلق بها من المصالح مالا يخفى ،

قال بعضهم جعل نفوس المعابدين قرار طاعتهم وقلوب العارفين قرار معرفتهم وارواح الواجدين قرار محبتهم واسرار الموحدين قرار مشاهدتهم وفى اسرارهم انهار الوصلة عيون القربة بها يسكن ظمأ اشتياقهم وهيدجان احتراقهم وجعل لها رواسى من الخوف والرجاء والرغبة والرهبة وايضا جعل للارض رواسى من الابدال والاولياء والاوتاد بهم يديم امساك الارض وببركتهم يدفع البلاء عن الخلق وكمالا تختص الرواسى الظاهرة بديار الاسلام كذلك الرواسى الباطنة لاتختص بها بل تعمها وديار الكفرة فان الوجود مطلقا لابد له من سبب البقاء فسبحان المفيض على الاولياء والاعداء

{ وجعل بين البحرين } اى العذب والمالح او خليجى فارس والروم

{ حاجزا } برزخا مانعا من الممازجة والمخالطة كما مر فى سورة الفرقان ، قال فى المفردات الحجز المنع بين الشيئين بفاصل بينهما وسمى الحجاز بذلك لكونه حاجزا بين الشام والبادية

{ أاله } آخر كائن

{ مع اللّه } فى الوجود او فى ابداع هذه البدائع : يعنى ليس معه غيره

{ بل اكثرهم لايعلمون } اى شيأ من الاشياء ولذلك لايفهمون بطلان ماهم عليه من الشرك مع كمال ظهوره

٦٢

{ أم من يجيب المضطر اذا دعاه } الضمير المنصوب راجع الى المبتدأ وهو من الموصولة التى اريد بها اللّه تعالى والمعنى ام من يستجيب الملجأ الى ضيق من الامر اذا تضرع بالدعاء اليه

{ ويكشف السوء } ويدفع عن الانسان مايسوءه ويحزنه خير ام الذى يشركن به من الاصنام والاضطرار افتعال من الضرورة وهى الحالة المحوجة الى اللجأ والمضطر الذى احوجته شدة من الشدائد الى اللجأ والضراعة الى اللّه تعالى كالمرض والفقر والدين والغرق والحبس والجور والظلم وغيرها من نوازل الدهر فكشفها بالشفاء والاغناء والانجاء والاطلاق والتخليص [ شيخ داود اليمانى قدس سره بعيادت بيمارى رفته بود بيمار كفت اى شيخ دعا كن براى شفاى من شيخ كفت تودعا كن كه مضطرى واجابت بدعاء مضطر بازبسته زيرا كه نياز او بيشتر باشد وحق سبحانه نياز بيجاركان دوست ميدارد ]

اين نياز مريمى بودست ودرد ... كان جنان طفلى سخن آغاز كرد

هر كجا دردى دوا آنجابود ... هركجا فقرى اوا آنجارود

هر كجا مشكل جواب آنجارود ... هر كجا بستيست آب آنجارود

بيش حق يك ناله ازروى نياز ... به كه عمرى درسجود ودر نماز

زوررا بكذار زارى را بكير ... رحم سوى زارى آيد اى فقير

قال بعضهم فصل بين الاجابة وكشف السوء فالاجابة بالقول والكشف بالطول والاجابة بالكلام والكشف بالانعام ودعاء المضطر لاحجاب له ودعاء المظلوم لامر دله ولكل اجل كتاب ، قال اهل التفسير اللام فى المضطر للجنس لا للاستغراق حتى يلزم اجابة كل مضطر فان اللّه تعالى يحب اجابة المضطرين لكن يجيب لبعضهم بالقول ولبعضهم بالفعل على حسب الحكمة والمصلحة ، قال فى نفائس المجالس جاء فى الحديث ( حبب الى من دنيا كم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة ) فلما سمعه ابو بكر رضى اللّه عنه قال ( يارسول اللّه حبب الىّ من دنياكم ثلاث النظر اليك وانفاق مالى عليك والجلوس بين يديك ) وقال عمر رضى اللّه عنه ( حبب الىّ من دنياكم ثلاث النظر الى اولياء اللّه والقهر لاعداء اللّه والحفظ لحدود اللّه ) وقال عثمان رضى اللّه عنه ( ياسيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث افشاء السلام واطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام ) وقال على رضى اللّه عنه ( ياسيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث الضرب بالسيف والصوم بالصيف واكرام الضيف ) فجاء جبريل عليه السلام وقال ( ياسيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث ارشاد الضالين واعانة المساكين ومؤانسة كلام رب العالمين ) ثم غاب وجاء بعد ساعة فقال ان اللّه يقرئك السلام ويقول ( احب من دنياكم ثلاثا دمع العاصين وعذاب المذنبين الغير التائبين واجابة دعوة المضطرين ) ،

قال بعضهم العارف لايزال مضطرا معناه ان العامة اضطرارهم بمنيرات الاسباب فاذا زالت زال اضطرارهم وذلك لغلبة الحس على شهودهم فلو شهدوا قبضة اللّه الشاملة المحيطة لعلموا ان اضطرارهم الى اللّه دائم ولدوام شرط الاضطرار ووصفه لايزال دعاء العارفين مستجابا والاهم فى الدعاء تخليص النيات وتطهير الاعتقاد عن شوائب الشكوك والتوسل الى اللّه تعالى بالتوبة النصوح ثم تطهير الجوارح والاعضاء ليكون محلا للامداد من السماء ومنه الاستياك والتطيب ثم الوضوء واستقبال القبلة وتقديم الذكر والثناء والصلاة قبل الشروع فى عرض الحاجات والدعوات وكذا بسط يديه بالضراعة والابتهال ورفعها حذو منكبيه ، قال ابو يزيد البسطامى قدس سره دعوت اللّه ليلة فاخرجت احدى يدى من كمى دون الاخرى لشدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهرة مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذلك يارب فنوديت اليد التى خرجت للطلب امتلأت والتى توارت حرمت ،

قال بعضهم ان كان وقت برد او عذر فاشار بالمسبحة قام مقام كفيه كما فى القنية

{ ويجعلكم خلفاء الارض } خلفاء فيها بان ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم من الامم يخلف كل قربن منكم القرن الذى قبله

{ أاله } آخر كائن

{ مع اللّه } الذى يفيض على كافة الانام هذه النعم الجسام

{ قليلا ما تذكرون } اى تتذكرون آلاءه تذكرا قليلا وزمانا قليلا ومامزيدة لتأكيد معنى القلة التى اريد بها العدم او مايجرى مجراه فى الحقارة وقلة الجدوى.

وفيه اشارة الى ان مضمون الكلام مركوز فى ذهن كل ذكى وغبرى وانه من الوضوح بحيث لايتوقف الا على التوجه اليه وتذكره

٦٣

{ ام } بل

{ من } الذى

{ يهديكم } يرشدكم الى مقاصدكم

{ فى ظلمات البر والبحر } اى فى ظلمات الليالى فيها بالنجوم وعلامات الارض على ان الاضافة للملابسة او فى مشتبهات الطريق يقال طريقة ظلماء او عمياء التى لامنار بها اى هو خير ام الاصنام

{ ومن } موصولة كما سبق

{ يرسل الرياح } حال كونها

{ بشرا } مبشرة

{ بين يدى رحمته } يعنى المطر : وبالفارسية [ وكسى كه مى فرستد بادهارا مرده دهند كان بيش ازرحمت كه بارانست ]

{ أاله مع اللّه } يقدر مثل ذلك

{ تعالى اللّه عما يشركون } تعالى الخالق القادر عن مشاركة العاجز المخلوق

٦٤

{ أم من يبدأ الخلق } اى يوجده اول مرة

{ ثم يعيده } بعد الموت بالبعث اى يوجده بعد اماتته وام ومن اعرابه كما تقدم ، وفى الكواشفى وسألوا عن بدء خلقهم واعادتهم مع انكارهم البعث لتقدم البراهين الدالة على ذلك من انزال الماء وانبات النبات وجفافه ثم عوده مرة ثانية والعقل يحكم بامكان الاعادة بعد الابلاء وهم يعلمون انهم وجدوا بعد ان لم يكونوا فايجادهم بعد ان كانوا ايسر

{ ومن يرزقكم من السماء والارض } اى باسباب سماوية وارضية

{ أاله مع اللّه } يفعل ذلك

{ قل هاتوا } ، قال الحريرى تقول العرب للواحد المذكر هات بكسر التاء وللجمع هاتوا وللمؤنث هاتى ولجماعة الاناث هاتين وللاثنين من المذكر والمؤنث هانيا دون هاتا من غير ان فرقوا فى الامر لهما كما لم يفرقوا بينهما فى ضمير المثنى فى مثل قولك غلامهما وضربهما ولا فى علامة التثنية التى فى قولك الزيدان والهندان وكان الاصل فى هات آت المأخوذ من آتى اى اعطى فقلبت الهمزة هاء كما قلبت فى ارقت الماء وفى اياك فقيل هرقت وهياك ، وفى ملح العرب ان رجلا قال لاعرابى هات فقال واللّه ماهتيك اى ما اعطيك : ومعنى هاتوا بالفارسية [ بياريد ]

{ برهانكم } عقليا او نقليا يدل على ان معه تعالى الها آخر والبرهان اوكد الادلة وهو الذى يقتضى الصدق ابدا

{ ان كنتم صادقين } اى فى تلك الدعوى ثم بين تعالى تفرده بعلم الغيب تكميلات لما قبله من اختصاصه بالقدرة التامة وتمهيدا لما بعده من امر البعث فقال

٦٥

{ قل لا يعلم من فى السموات } من الملائكة

{ والارض } من الانس والجن

{ الغيب } وهو ماغاب عن العباد كالساعة ونحوها وسيجيىء بيانه

{ الا اللّه } اى لكن اللّه وحده يعلمه فالاستثناء منقطع والمستثنى مرفوع على انه بدل من كلمة من على اللغة التميمية

واما الحجازيون فينصبونه

{ وما يشعرون } يعنى البشر اى لايعلمون

{ ايان يبعثون } متى ينشرون من القبور فايان مركبة من أى وآن فأى للاستفهام وآن بمعنى الزمان فلما ركبا وجعلا اسما واحدا بنيا على الفتح كبعلبك

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للغيب مراتب غيب هو غيب اهل الارض فى الارض وفى السماء وللانسان امكان تحصيل علمه وهو على نوعين . احدهما ماغاب عنك فى ارض الصورة وسمائها مثل غيبة شخص عنك او غيبة امر من الامور ولك امكان احضار الشخص والاطلاع على الامر الغائب وفى السماء مثل علم النجوم والهيئة ولك امكان تحصيله بالتعلم وان كان غائبا عنك . وثانيهما ماغاب عنك فى ارض المعنى وهو ارض النفس فان فيها مخبئات من العلوم والحكم والمعانى مما هو غائب عنك ولك امكان الوصول اليه بالسير عن مقامات النفس والسلوك فى مقامات القلب وغيب هو غيب اهل الارض فى الارض والسماء ايضا وليس للانسان امكان الوصول اليه الا بارادة الحق تعالى كما قال

{ سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق } وغيب وهو غيب اهل السماء فى السماء والارض ليس لهم امكان الوصول اليه الا بتعليم الحق تعالى مثل الاسماء كما

{ انبئونى باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا } ومن هنا تبين لك ان اللّه تعالى قد كرم آدم بكرامة لم يكرم بها الملائكة وهو اطلاعه على مغيبات لم يطلع عليها الملائكة وذلك بتعليمه علم الاسماء كلها وغيب هو مخصوص بالحضرة ولاسبيل لاهل السموات والارض الى علمه الا لمن ارتضى له كما قال

{ فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول } وبهذا استدل على فضيلة الرسل على الملائكة لان اللّه استخصهم باظهارهم على غيبه دون الملائكة ولهذا اسجدهم لآدم لانه كان مخصوصا باظهار اللّه اياه على غيبه وذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان اللّه خلق آدم فتجلى فيه ) وغيب استأثر اللّه بعلمه وهو علم قيام الساعة فلا يعلمه الا اللّه كما قال

{ ومايشعرون ايان يبعثون } انتهى قالت عائشة رضى اللّه عنها من زعم ان محمدا يعلم مافى غد فقد اعظم على اللّه الفرية ، يقول الفقير وما ماقيل من ان من قال ان بنى اللّه لايعلم الغيب فقد اخطأ فيما اصاب فهو بالنسبة الى الاستثناء الوارد فى قوله تعالى

{ فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول } فان بعض الغيب قد اظهره اللّه على رسوله كما سبق من التأويلات ، قال فى كشف الاسرار [ منجمى دربيش حجاج رفت حجاج سنك ريزه دردست كرد وخود برشمرد آنكه منجم راكفت بكوتا دردست ومن سنك ريزه جندست منجم حسابى كه دانست بر كوفت وبكفت وصواب آمد حجاج آن بكذاشت ولختى ديكر سنك ريزه نامشرده دردست كرفت كفت اين جندست منجم هرجند حساب ميكرد جواب همه خطا مى آمد منجم كفت ( ايها الامير اظنك لاتعرف مافى يدك ) جنان ظن مى برم كه توعد آن نميدانى حجاج كفت جنين است نميدانم عدد آن وجه فرقست ميان اين وآن منجم كفت اول بارتو برشمردى واز حد غيب بدر آمد واكنون تو نميدانى وغيب است ( ولايعلم الغيب الا اللّه ) وفى كتاب كلستان منجمى بخانه خود در آمد مرد بيكانه را ديد بازن او بهم نشسته دشنام داد وسقط كفت وفتنه وآشوب برخاست صاحب دلى برين حال واقف شد وكفت ]

تو براوج فلك جه دانى جيست ... جوندانى كه در سراى توكيست

٦٦

{ بل ادرك علمهم فى الآخرة } اصله تدارك فابدلت التاء دالا واسكنت للادغام واجتلبت همزة الوصل للابتداء ومعنه تلاحق وتدارك ، قال فى القاموس جهلوا علمها ولا علم عندهم من امرها انتهى وهو قول الحسن وحقيقته انهى علمهم فى لحوق الآخرة فجهلوها كما فى المفردات ، وقال بعضهم تدارك وتتابع حتى انقطع من قولهم تدارك بنوا فلان اذا تتابعوا فى الهلاك فهو بيان لجهلهم بوقت البعث مع تعاضد اسباب المعرفة . والمعنى تتابع علمهم فى شأن الآخرة حتى انقطع ولم يبق لهم علم شىء مما سيكون فها قطعا لكن لا على انه كان لهم علم بذلك على الحقيقة ثم انتفى شيأ فشيأ بل على طريقة المجاز بتنزيل اسباب العلم ومباديه من الدلائل العقلية والسمعية منزلة نفسه واجراء ساقطها عن اعتبارهم كلما لاحظوها مجرى تتابعها الى الانقطاع وتنزيل اسباب العلم بمنزلة العلم سنن مسلوك ثم اضرب وانتقل من بيان علمهم بها الى بيان ماهو اسوأ منه وهو حيرتهم فى ذلك حيث قيل

{ بل هم فى شك منها } من نفس الآخرة وتحققها كمن تحير فى امر لايجد عليه دليلا فضلا عن الامور التى ستقع فيها ثم اضرب عن ذلك الى بيان ان ماهم فيه اشدج وافظع من الشك حيث قيل

{ بل هم منها عمون } جاهلون بحيث لايكادون يدركون دلائلها لاختلال بصائرهم بالكلية جمع عم وهو اعملى القلب ، قال فى المفردات العمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة ويقال فى الاول اعمى والثانى عمى وعم وعمى القلب اشد ولاعتبار لافتقاد البصر فى جنب افتقاد البصيرة اذ رب اعمى فى الظاهر بصير فى الباطن ورب بصير فى الصورة اعمى فى الحقيقة كحال الكفار والمنافقين والغافلين وعلاج هذا العمى انما يكون بضده وهو العلم الذى به يدرك الآخرة وما تحيه من الامور ، قال سهل بن عبداللّه التسترى قدس سره ما عصى اللّه احد بمعصية اشد من الجهل قيل ايابا محمد هل تعرف شيأ اشد من الجهل قال نعم الجهل بالجهل فالجهل جهلان جهل بسيط هو سلب العلم وجهل مركب هو خلافه والاول ضعيف والثانى قوى لايزول الا ان يتداركه اللّه تعالى : قيل

سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء الجهل ليس له طبيب

وقيل

وفى الجهل قبل الموت لاهله ... واجسامهم قبل القبور قبور

وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور

اى كه دارى هنرندارى مال ... مكن از كردكار خود كله

نعمت جهل را مخواه كه هست ... روضه درميان مزبله

اللهم اجعلنا من العلماء ورثة الانبياء

٦٧

{ وقال الذين كفروا } اى مشركوا مكة

{ أئذا كنا ترابا } [ آياجون كرديم ماخاك ]

{ وآباؤنا } [ وبدران مانيزخاك شوند ] وهو عطف على ضمير كنا بلا تأكيد لفصل ترابا بينهما

{ أئنا لمخرجون } [ آياما بيرون آورندكانيم از كورها زنده شده ] والضمير فى أئنالهم ولآبائهم لان كونه ترابا يتناولهم وآباءهم والعامل فى اذا مادل عليه ائنا لمخرجون وهو نخرج لامخرجون لان كلا من الهمزة وان واللام مانعة من علمه فيما قبلها . والمعنى أنخرج من القبور اذا كنا ترابا اى هذا لايكون وتكرير الهمزة للمبالغة فى الانكار وتقييد الانكار بوقت كونهم ترابا لتوقيته بتوجيهه الى الاخراج فى حالة منافية له والا فهم منكرون للاحياء بعد الموت مطلقا اى سواء كانوا ترابا اولا

٦٨

{ لقد وعدنا هذا } اى الاخراجك وبالفارسية [ بدرستى وعده داده شده ايم اين حشر ونشر را ]

{ نحن } وتقديم الموعد على نحن لانه المقصود بالذكر وحيث اخر كما فى سورة المؤمنين قصد به المبعوث

{ وآباؤنا من قبل } اى من قبل وعد محمد يعنى ان آباءنا وعدوا به فى الازمنة المتقدمة ثم لم يبعثوا ولن يبعثوا

{ ان هذا } اى ماهذا الوعد

{ الا اساطير الاولين } احاديثهم التى سطروها وكتبوها كذابا مثل حديث رستم واسفنديار : وبالفارسية [ مكر افسانها بيشينيان يعنى مانند افسانها كه مجرد سخنيست بى حقيقت ] والاساطير والاحاديث التى ليس لها حقيقة ولا نظام جمع اسطار واسطير بالكسر واسطور بالضم وبالهاى فى الكل جمع سطر

٦٩

{ قل } يا محمد

{ سيروا } ايها المنكرون المكذبون من السير وهو المضى

{ فى الارض } فى ارض اهل التكذيب مثل الحجر والاحقاف والمؤتفكات ونحوها

{ فانظروا } تفكروا واعتبروا

{ كيف كان عاقبة المجرمين } آخر امر المذكبين بسبب التكذيب حيث اهلكوا بانواع العذاب وفيه تهديد لهم على التكذيب وتخويف بان ينزل بهم مثل مانزل بالمكذبين قبلهم واصل الجرم قطع الثمر عن الشجر والجرامة رديىء الثمر المجروم واستعير لكل اكتساب مكروه

٧٠

{ ولا تحزن عليهم } على تكذيبهم واصرارهم لانهم خلقوا لهذا وهو ليس بنهى عن تحصيل الحزن لان الحزن ليس يدخل تحت اختيار الانسان ولكن النهى فى الحقيقة انما هو عن تعاطى مايورث الحزن واكتسابه . والحزن والحزن خشونة فى الارض وخشونة فى النفس لما يحصل فيها من الغم ويضاده الفرح ،

{ ولا تكن فى ضيق } [ درتنكدلى ] وهو ضد السعة ويستعمل فى الفقر والغم ونحوهما

{ ممايمكرون } من مكرهم وكيدهم وتدبيرهم الحيل فى اهلاكك ومنع الناس عن دينك فانه لايحيق المكر السيىء الا باهله واللّه يعصمك م الناس ويظهر دينك

غم مخورزان روكه غم خوارت منم ... وزهمه بدها نكهدارت منم

ازتو كر اغيار برتا بندرو ... اين جهان وآن جهان يارت منم

٧١

{ ويقولون } [ وميكويندكافران ]

{ متى } [ كجاست وكى خواهدبود ]

{ هذا الوعد } اى العذاب العاجل الموعود

{ ان كنتم صادقين } فى اخباركم باتيانه والجمع باعتبار شركة المؤمنين فى الاخبار بذلك

٧٢

{ قل عسى ان يكون لكم } اى تبعكم ولحقكم وقرب منكم قرب الرديف من مردفة واللام زائدة للتأكيد : وبالفارسية [ بكوشايد آنكه باشدكه بحكم الهى بيوندد بشما واز بى در آيد شمارا ]

{ بعض الذى تستعجلون } من العذاب فحل بهم عذاب يوم بدر وسائر العذاب لهم مدخر ليوم العبث ،

وقيل الموت بعض من القيامة وجزؤ منها وفى الخبر ( من مات فقد مات قيامته ) وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا واول زمان من ازمنة الآخرة فمن مات قبل القيامة فقد قامت قيامته من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة كما ان ازمنة الدنيا يتصل بعضها ببعض . وعسى ولعل وسوف فى مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بها وانما يطلقونها اظهارا للوقار واشعارا بان الرمز من امثالهم كالتصريح ممن عداهم وعلى ذلك جرى وعد اللّه ووعيده

٧٣

{ وان ربك لذو فضل } افضال وانعام

{ على الناس } على كافة الناس ومن جملة انعاماته تأخير عقوبة هؤلاء على مايرتكبونه من المعاصى التى من جملتها استعجال العذاب

{ ولكن اكثرهم لايشكرون } لايعرفون حق النعمة فلا يشكرون بل يستعجلون بجهلهم وقوع العذاب كدأب هؤلاء . وفيه اشارة الى ان استعجال منكرى البعث فى طلب العذاب الموعود لهم من غاية جهلهم بحقائق الامور والا فقد ردفهم انموذج من العذاب الاكبر وهو العذاب الادنى من البليات والمحن

{ وان ربك لذو فضل على الناس } فيما يذيقهم العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون الى الحضرة بالخوف والخشية تاركين الدنيا وزينتها راغبين فى الآخرة ودرجاتها

{ ولكن اكثرهم لايشكرون } لانهم لايميزون بين محنهم ومنحهم وعزيز من يعرف الفرق بين ماهو نعمة من اللّه وفضل له او محننة ونقمة واذا تقاصر علم العبد عما فيه صلاحه فعسى ان يحب شيأ ويظنه خيرا وبلاؤه فيه وعسى ان يكون شىء آخر بالضد ورب شىء يظنه العبد نعمة يشكره بها ويستديمه وهى محنة له يجب صبره عنها ويجب شكره لله تعالى على صرفه عنه وبعكس هذا كم من شىء يظنه الانسان بخلاف ماهو كذا فى التأويلات النجمية

٧٤

{ وان ربك ليعلم ماتكن صدورهم } اى ماتخفيه من اكن اذا اخفى والاكنان جعل الشىء فى الكن وهو مايحفظ فيه الشىء ، قال فى تاج المصادر [ الاكنان : در دل نهان داشتن والكن بنهان داشتن ] فى الكن ولنفس كننت الشىء واكننه فى الكن وفى النفس بمعنى وفرق قوم بينهما فقالوا كننت فى الكن وان لم يكن مستورا واكننت فى النفس والباب يدل على ستر او جنون انتهى

{ وما يعلنون } من الاقوال والافعال التى من جملتها ماحكى عنهم من استعجال العذاب وفيه ايذان بان لهم قبائح غير مايظهرونه وانه تعالى يجازيهم على الكل [ والاعلان : آشكارا كردن ] ، قال الجنيد قدس سره ماتكن صدروهم من محبته مايعلنون من خدمته

٧٥

{ وما من غائبة فى السماء والارض الا فى كتاب مبين } [ وهيج نيست بوشيده در آسمان وزمين مرك نوشته در كتابى روشن يعنى لوح محفوظ وباوعلم حق محيط ] والغائبة من الصفات التى تدل على الشدة والغلبة والتاء للمبالغة كأنه قال وما من شىء شديد الغيبوبة والخفاء الا وقد علمه اللّه تعالى واحاط به فالغيب والشهادة بالنسبة الى علمه تعالى وشهوده على السواء كما قال فى بحر الحقائق هذا يدل على انه ماغاب عن علمه شىء من المغيبات الموجود منها والمعدوم واستوى فى علمه وجودها وعدمها على ماهى به بعد ايجادها فلا تغيرفى علمه تعالى عند تغيرها بالايجاد فيتغير المعلوم ولا يتغير العلم بجميع حالاته على ماهو به انتهى فعلى الانسان ترك النسيان والعصيان فان اللّه تعالى مطلع عليه وعلى افعاله وان اجتهد فى الاخفاء : قال الشيخ سعدى فى البستان

بكى متفق بود بر منكرى ... كذر كرد بروى نكو محضرى

نشست ازخجالت عرق كرده روى ... كه ايا خجيل كشتم از شيخ كوى

شندي اين سخن شيخ روشن روان ... بروبر بشوريد وكفت اى جوان

نيايد همى شرمت از خويشتن ... كه حق حاضر وشرم دارى زمن

جنان شرم دار ازخداوند خويش ... كه شرمت زبيكانكانست وخويش

نياسايى از جانب هيج كس ... بروجانب حق نك دار وبس

بترس ازكناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نه ترسى زكس

نر يزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب جشمش بسى

ثم انه ينبغى للمؤمن ان يكون سليم الصدر ولا يكن فى نفسه حقدا وحسدا وعداوة لاحد وفى الحديث ( ان اول من يدخل من هذا الباب رجل من اهل الجنة ) فدخل عبداللّه بن سلام رضى اللّه عنه فقام اليه ناس من اصحاب رسول اللّه فاخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا باوثق عملك نرجو به فقال انى ضعيف وان اوثق ما ارجو به سلامة الصدر وترك مالا يعنينى ففى هذا الخبر شيآن احدهما اخباره عليه السلام عن الغيب ولكن بواسطة الوحى وتعليم اللّه تعالى فان علم الغيب بالذات مختص باللّه تعالى والثانى ان سلامة الصدر من اسباب الجنة وفى الحديث ( لايبلغنى احد من اصحابى عن احد شيأ فانى احب ان اخرج اليكم وانا سليم الصدر ) وذلك ان المرء مادام لم يسمع عن اخيه الام مناقبه يكون سليم الصدر فى حقه فاذا سمع شيأ من مساويه واقعا او غير واقع يتغير له خاطره

بدى در قفا عيب من كرد وخفت ... بترزو قرينى كه آورد وكفت

يكى تيرى افكند ودرره فتاد ... وجودم نيازرد ورنجم نداد

تو برداشتى وآمدى سوى من ... همى درسبوزى به يهلوى من

والنصيحة فىهذا للعقلاء ان يصيخوا الى الواشى والنمام والغياب والعياب فان عرض المؤمن كدمه ولا ينبغى اساءة الظن فى حق المؤمن بادنى سبب وقد ورود ( الفتنة نائمة لعن اللّه من اقضها )

ازان همنشين تاتوانى كريز ... كه مرفتنه خفته را كفت خير

كسى را كه نام آمد اندر ميان ... به نيكوا ترين نام ونعتش بخوان

جو همواره كويى مردم خرند ... مبر ظن كه نامد جو مردم برند

كسى بيش من درجهان عاقلست ... كه مشغول خوددرجهان غافلست

كسانى كه بيغام دشمن برند ... زدشمن همانا كه دشمن ترند

كسى قول دشمن نيارد بدوست ... مكر آنكهى دشمن يار اوست

مريز آب روى برادر بكوى ... كه دهرت نريزد بشهر آب روى

ببد كفتن خلق جون دم زدى ... اكر راست كويى سخن هم بدى

نسأل اللّه العصمة

٧٦

{ ان هذا القرآن } المنزل على محمد

{ يقص } يبين

{ على بنى اسرائيل اكثر الذى هم فيه } لجهالتهم

{ يختلفون } مثل اختلافهم فى شأن المسيح وعزير واحوال المعاد الجسمانى والروحانى وصفات الجنة والنار واختلافهم فى التشبيه والتنزيه وتناكرهم فى اشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضا فلو انصفوا واخذوا بالقرآن واسلموا لسلموا

٧٧

{ وانه } اى القرآن

{ لهدى } [ ره نمونيست ]

{ ورحمة } [ وبخشايشى ]

{ للمؤمنين } مطلقا من بنى اسرائيل او من غيرهم وخصوا بالذكر لانهم المنتفعون به

٧٨

{ ان ربك يقضى بينهم } يفصل بين بنى اسرائيل المختلفين وذلك يوم القيامة

{ بحكمه } بما يحكم به وهو الحق والعدل سمى المحكوم به حكما على سبيل التجوز

{ وهو العزيز } الغالب القاهر فلا يرد حكمه وقضاؤه

{ العليم } بجميع الاشياء التى من جملتها مايقضى فيه فاذا كان موصوفا بهذه الشؤون الجليلة

٧٩

{ فتوكل على اللّه } ولاتبال بمعاداتهم والتوكل التبتل الى اللّه وتفويض الامر اليه والاعراض عن التشبث بما سواه وايضا هو سكون القلب الى اللّه وطمأنينة الجوارح عند ظهور الهائل وعلل التوكل اولا بقوله

{ انك على الحق المبين } [ يعنى راه توراست وكار تودرست ] وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ اللّه ونصره وثانيا بقوله

٨٠

{ انك لا تسمع الموتى } فان كونهم كالموتى موجب لقطع الطمع فى مشايعتهم ومعاضدتهم رأسا وداء الى تخصيص الاعتقاد به تعالى وهو المعنى بالتوكل عليه واطلاق الاسماع على المعقول لبيان عدم سماعهم لشىء من المسموعات وانما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم بما يتلى عليه من الآيات والمراد المطبوعون على قلوبهم فلا يخرج ما فيها من الكفر ولايدخل مالم يكن فيها من الايمان ، فان قلت بعد تشبيه انفسهم بالموتى لايظهر لتشبيههم بالعمى والصم كما يأتى مزيد فائدة ، قلت المراد كما اشير اليه بقوله على قلوبهم تشبيه القلوب لاتشبيه النفوس فان الانسان انما يكون فى حكم الموتى بممات قلبه بالكفر والنفاق وحب الدنيا ونحوها . فحاصل المعنى بالفارسية [ مرده دلان كفرفهم سخن تو نمى توانندكرد ] ، قال يحيى بن معاذ رحمه اللّه العارفون باللّه احياء وما سواهم موتى وذلك لان حياة الروح انما هى بالمعرفة الحقيقة ، قال فى كشف الاسرار [ زندكانى بحقيقت سه جيزست وهردل كه ازان سه جيز خالى بود درشمارموتى است . زندكانى بيم باعلم . وزندكانى اميد باعلم . وزندكانى دوستى باعلم . زندكانى بيم دامن مرد باك دار دوجشم وى بيدار وراه وى راست . زندكانى اميد مركب وى تيزدارد وزاد تمام وراه نزيدك . زندكانى دوستى قدر مردم بزرك دارد وسروى آزاد ودل شاد . بيم بى علم بيم خارجيانست . اميد بى علم اميد مر جيانست . دوستى بى علم ابا حيانست هركرا اين سه خصلت باعلم درهم بيوست بزندكى باك رسيد وازمردكى بازرست ]

{ ولا تسمع الصم الدعاء } اى الدعوة الى امر من الامور مع اصم والصمم فقدان حاسة السمع به شبه من لايصغى الى الحق ولا يقبله كما شبه هنها

وفى التأويلات النجمية ولاتسمع الصم الذين اصمهم اللح بحب الشهوات فان حبك الشىء يعمى ويصم اى يعمى عن طريق الرشد ويصم عن استماع الحق

{ اذا ولوا } ولى اعرض وترك قربه

{ مدربين } اى اذا انصرفوا حال كونهم معرضين عن الحق تاركين ذلك وراء ظهرهم يقال ادبر اعرض وولى دبره وتقييد النفى باذا لتكميل التشبيه وتأكيد النفى فان اسماعهم فى هذه الحالة ابعد اى ان الاصم لايسمع الدعاء مع كون الداعى بمقابلة صماخة قريبا مه فكيف اذا كان خلفه بعيد امنه ثم شبههم بالعمى بقوله

٨١

{ ومانت بهادى الهمى عن ضلالتهم } هداية موصلة الى المطلوب فان الاهتداء لايحصل الا بالبصر وعن متعلقة بالهداية باعتبار تضمنها لمعنى الصرف والعمى جمع اعمى والعمى افتقاد البصر فشبه من افتقد البصيرة بمن افتقد البصر فى عدم الهداية ، قال فى المفردات لم يعد تعالى افتقاد البصر فى جانب افتقاده البصيرة عمى حتى قال فانها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور

{ ان تسمع } اى ماتسمع سماعا نافعا للسامع

{ الا من يؤمن بآياتنا } من هو فى علم اللّه كذلك اى من من شأنه الايمان بها ولما كان طريق الهداية هو اسماع الآيات التنزيلية قال ان تسمع دون ان تهدى مع قرب ذكر الهداية

{ فهم مسلمون } تعليل لايمانهم بها كأنه قيل منقادون للحق : وبالفارسية [ بس ايشان كردن نهند كانند فرمانرا ومخلصان ومتخصصان عالم ايقانند ]

كوش باطن نهاده بر قرآن ... ديده دل كشاده برعرفان

زنده ازنفحهاى كلشن قدس ... معتكف در قضاى عالم انس

برده اند از مضائق لاشىء ... به ( قل اللّه ثم ذرهم ) بى

فالاصل هو العناية الازلية وماسبق فى علم اللّه من السعادة الابدية روى ان النبى عليه السلام قام على منبره فقبض كفه اليمنى فقال ( كتاب كتب اللّه فيه اهل الجنة باسمائهم وانسابهم مجمل عليه لايزاد فيه ولاينقص منه ) ثم قبض كفه اليسرى فقال ( كتاب كتب اللّه فيه اهل النار باسمائهم واسماء آبائهم مجمل عليهم لايزاد فيه ولاينقص منه وليعلمن اهل السعادة بعمل اهل الشقاء حتى يقال كأنهم بل هم هم ثم يستنقذهم اللّه قبل الموت ولو بفواق ناقة ) وهو بضم الفاء وتخفيف الواو آخره قاف ، قال الجوهرى وغيره هو مابين الحلبتين من الوقت لان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب انتهى ( وليعلمن اهل الشقاء بعمل اهل السعادة حتى يقال كأنهم منهم بل هم هم ثم ليخرجنهم اللّه قبل الموت ولو بفواق ناقة السعيد من سعد بقضاء اللّه والشقى بقضاء اللّه والاعمال بالخواتيم ) [ آورده اندكه رسول خدا صلّى اللّه عليه وسلّم حكايت كردكه در بنى اسرائيل زاهدى بود دويست سال عبادت كرده در آرزوى آن بودكه وقتى ابليس را به بيند تاباوى كويد الحمد لله كه درين دويست سال ترا برمن راه نبود ونتوانستى مرا ازراه حق بكردانيدن آخر روزى ابليس از محراب خويشتن را باونمود واورا بشناخت وكفت اكنون بجه آمدى يابليس كفت دويست سالست تاميكوشم كه ترا از راه ببرم وبكام خويش در آرم وازدستم برخاست ومرادبرنيامد واكنون تو در خوا ستى كه مرا بينى ديدار من ترابجه كار آيد از عمر تودويست سال ديكر مانده است اين سخن بكفت ونابديد كشت زاهد دروسواس افتاد وكفت از عمر عن دويست سال مانده ومن جنين خويشنن را درزندان كرده ام از لذات وشهوات بازمانده ودويست سال ديكرهم برين صفت دشخوار بود تدبير من آنست كه صد سال ديكر بعبادات بسر آرم كه اللّه غفور رحيم است آن روز ازصو معه بيرون آمد سوى خرابات شد وبشراب ولذات باطل مشغول كشت وبصحبت مؤنسات تن درداد جون در آمد عمرش باخر رسيده بود ملك الموت در آمد وبر سر آن فسق وفجور جان وى برداشت آن طاعات وعبادات دويست ساله ببادر برداده حكم ازلى دروى رسيده وشقاوت دامن او كرفته ] نعوذ باللّه من درك الشقاء وسوء القضاء : قال الحافظ

در عمل تكيه مكن زانكه دران روز ازل ... توجه دانى قلم صنع بنامت جه نوشت

وقال

زاهد ايمن مشو ازبارىء غيرت زنهار ... كه ره از صومعه تادير مغان اين همه نيست

وقال

حكم مستورى ومستى همه برخاتمتست ... كس ندانست كه آخر بجه حالت برود

وقال الشيخ سعدى

كرت صورت حال بد يانكوست ... نكاريده دست تقدير اوست

بكوشش نرويد كل ازشاخ بيد ... نه زنكى بكرما به كردد سفيد

الهلم اجعلنا من السعداء

٨٢

{ واذا وقع القول عليهم } المراد بالوقوع الدنو والاقتراب كما فى قوله تعالى

{ اتى امر اللّه } وبالقول ماينطق عن الساعة وما فيها من فنون الاهوال التى كان المشركون يسعجلونها . والمعنى اذا دنا واقترب وقوع القول وحصول ماتضمنه واكثر ماجاء فى القرآن من لفظ وقع جاء فى العذاب والشدائد اى اذا ظهر امارات القيامة التى تقدم القول فيها انتهى

{ اخرجنا لهم دابة من الارض } واسمها الجساسة لتحسسها الاخبار للدجال لان الدجال لان الدجال كان موثقا فى دير فى جزيرة بحر الشام وكانت الجساسة فى تلك الجزيرة كما فحديث المشارق فى الباب الثامن

{ تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لايوقنون } اى تكلم تلك الدابة الكفرة وباللسان العربى الفصيح او للعرب بالعربى وللعجم بالعجمى بانهم كانوا لايؤمنون بآيات اللّه الناطقة بمجيىء الساعة [ يعنى : جون زوال دنيا نزديك باشد حق تعالى دابة الارض بيرون آرد جنانجه ناقه صالح ازسنك بيرون آورد ] قيل انها جمعت خلق كل حيوان ولها وجه كوجه الآدميين مضيئة يبلغ رأسها السحاب فيراها اهل المشرق والمغرب وفى الحديث ( طول الدابة ستون ذراعا لايدركها طالب ولايفوتها هارب ) وفى الخبر ( بينما عيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون اذ تضطرب الارض تحتهم وتتحرك تحرك القنديل وينشق جبل الصفا ممايلى المسعى فتخرج الدابة منه ولايتم خروجها الا بعد ثلاثة ايام فقوم يقفون نظارا وقوم يفزعون الى الصلاة فتقول للمصلى طول ماطولت فواللّه لاحطمنك فتخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليه السلام فتضرب المؤمن فى مسجده بالعصا فيظهر اثره كالنقطة ينبسط نوره على وجهه ويكتب على جبهته هو مؤمن وتختم الكافر فى انفه بالخاتم فتظهر نكتة فتفشو حتى يسوّد لها وجهه ويكتب بين عينيه هو كافر ثم تقول لهم انت يافلان من اهل الجنة وانت يافلان من اهل النار ) [ وكسى نماند دردنيا مكر سفيد روى ومردم يكدكررا بنام ولقب نخوانند بلكه سفيد روى را مى كويند اى بهشتى وسياه روى كه دوزخى وبر روى زمين همى رود وهر كجا نفس وى رسد همه نبات ودرختان خشك مشود تادر زمين هيج نبات ودرخت سبز نماند مكر درخت سبيدكه آن خشك نكردد ازبهر آنكه بركت هفتاد بيغمبر باويست ودر حديث آمده كه خروج دابه وطلوع افتاب ازمغرب متقارب باشد هر كدام بيش بود آن ديكر برعقبش ظاهر كردد واز كتب بعض ائمه جنان معلوم ميشود از اشراط ساعت اول آيات سماوى كه طلوع شود شمس از مغرب واول آيات ارضى دابة الارض ] ، قال فى حياة الحيون ظاهر الاحاديث ان طلوع الشمس آخر الاشراط انتهى كما ورد الدجال يخرج على رأس مائة وينزل عيسى عليه السلام فيقتله ثم يمكث فى الارض اربعين سنة وان الناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة ، والحاصل ان بنى الاصفر وهم الافرنج على ماذهب اليه المحدثون اذا خرجوا وظهروا الى الاعماق فى ست سنين يظهر المهدى فى السنة السابعة ثم يظهر الدجال ثم ينزل عيسى ثم تخرج الدابة ثم تطلع الشمس من المغرب ويدل عليه انهم قالوا اذا خرجت الدابة حبست الحفظة ورفعت الاقلام وشهدت الاجساد على الاعمال وذلك لكمال تقارب الخروج والطلوع فانه لايغلق باب التوبة الا بعد الطلوع والعلم عند اللّه تعالى ، قال بعض العارفين السر فى صورة الدابة وظهور جمعية الكون فيها انها صورة الاستعداد الكونى الشهادى الحيوانى ومثال الطبع الكلى الحيوانى وحامل جميعة الحقائق الدنيوية وهى ايضا سر البرزخ الكلى العنصرى يظهر منها اسرار الحقائق المتضادة كالكفر والايمان والطاعة والعصيان والانسانية والحيوانية وهى آية جامعة فيه معان واسرار لذوى الابصار كذا فى كشف الكنوز فعلى العاقل ان يصيخ الى آيات اللّه ويتعظ بوعدها ووعيدها ويؤمن بقدر اللّه تعالى ويتهيأ للبعث والموت قبل ان ينتهى العمر وينقطع الخير ويختل نظام الدنيا بترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وقد تقارب الزمان

يارب از ابر هدايت برسان بارانى ... بيشتر زانكه جو كردى زميان برخيزم

نسأل اللّه ان يوفقنا للخير وصالحات الاعمال قبل نفاد العمر ومجيىء الآجال

٨٣

{ ويوم نحشر من كل امة فوجا } يوم منصوب باذكر . والحشر الجمع والمراد به هنا هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلى الشامل لكافة الخلق والامة جماعة ارسل اليهم رسول كما فى القاموس والفوج الجماعة من الناس كالزمرة كما فى الوسيط والجماعة المارة المسرعة كما فى المفردات . والمعنى واذكر يامحمد لقومك وقت حشرنا اى جمعنا من كل امة من امم الانبياء او من اهل كل قرن من القرون بيان للفوج اى فوجا مكذبين بها لان كل امة وكل عصر لم يخل من كفرة باللّه من لدن تفريق بنى آدم والمراد بالآيات بالنسبة الى هذه الامة الآيات القرآنية

{ فهم يوزعون } فسر فى هذه السورة فى قصة سليمان اى يحبس اولهم على آخرهم حتى يتلاحقوا ويجتمعوا فى موقع التوبيخ والمناقشة وهو عبارة عن كثرة عددهم وتباعد اطرافهم او المراد بالفوج رؤساء الامم المتبوعون فى الكفر والتكذيب فهم يحبسون حتى يلتحق بهم اسافلهم التابعون كما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ابو جهل والوليد بن المغيرة وشيبة من ربيعة يساقون بين يدى اهل مكة وهكذا يحشر قادة سائر الامم بين ايديهم الى النار وفى الحديث ( امرؤا القيس صاحب لواء الشعراء الى النار )

٨٤

{ حتى اذا جاؤا } الى موقف السؤال والجواب والمناقشة والحساب : وبالفارسية [ تاجون بيايند بحشركاه ]

{ قال } اللّه تعالى موبخا على التكذيب والالتفات لتربية المهابة

{ أكذبتم بآياتى ولم تحيطوا بها علما } الواو للحال ونصب علما على التمييز اى أكذبتم بآياتى الناطقة بلقاء يومكم هذا بادى الرأى غير ناظرين فيها نظرا يؤدى الى العلم بكنهها وانها حقيقة بالتصديق حتما

{ ام ماذا كنتم تعملون } ام أى شىء تعملونه بعد ذلك : وبالفارسية [ جه كار كرديد بعد از آنكه بخدا ورسول ايمان نياورديد ] يعنى لم يكن لهم عمل غير الجهل والتكذيب والكفر والمعاصى كأنهم لم يخلقوا الا لها مع انهم ماخلقوا الا للعلم والتصديق والايمان والطاعة يخاطبون بذلك تبكيتا فلا يقدرون ان يقولوا فعلنا غير ذلك ثم يكبون فى النار وذلك قوله تعالى

٨٥

{ ووقع القول عليهم } اى حل بهم العذاب الذى هو مدلول القول الناطق بحلوله ونزوله

{ بما ظلموا } بسبب ظلمهم الذى هو التكذيب بآيات اللّه

{ فهم لاينطقون } باعتذار لشغلهم بالعذاب او لختم افواههم ثم وعظ كفار مكة واحتج عليم فقال

٨٦

{ ألم يروا } من رؤية القلب وهو العلم : والمعنى بالفارسية [ آيانديد وندانستند منكران حشر ]

{ انا جعلنا الليل } بما فيه من الاضلام

{ ليسكنوا فيه } ليستريحوا فيه بالنوم والقرار

{ والنهار مبصرا } اى ليبصروا بما فيه من الاضاءة طريق التقلب فى امور المعاش فبولغ فيه حيث جعل الابصار الذى هو حال الناس حالاله ووصفا من اوصافه التى جعل عليها بحيث لاينفك عنها ولم يسلك فى الليل هذا المسلك لما ان تأثير ضلام الليل فى السكون ليس بمثابة تأثير ضوء النهار فى الابصار

{ ان فى ذلك } اى فى جعلهما كما وصفا

{ لآيات } عظيمة كثيرة

{ لقوم يؤمنون } دالة على صحة البعث وصدق الآيات الناطقة به دلالة واضحة كيف شلا وان من تأمل فى تعاقب الليل والنهار وشاهد فى الآفاق تبدل ظلمة الليل الحاكية الموت بضياء النهار المضاهى الحياة وعاين فى نفسه تبدل النوم الذى هو اخو الموات بالانتباه الذى هو مثل الحياة قضى بان الساعة آتية لاريب فيها وان اللّه يبعث من فى القبور قضاء متقنا وجزم بانه قد جعل هذا انموذجا له ودليلا يستدل به على تحققه وان الآيات الناطقة يكون حال الليل والنهار برهانا عليه وسائر الآيات كلها حق نازل من عند اللّه تعالى ، قال حكيم الدهر مقسوم بين حياة ووفاة فالحياة اليقظة والوفاة النوم وقد افلح من ادخل فى حياته من وفاته . وفيه اشارة الى ن النهار ومتداده افضل من الليل وامتداده الا لمن جعل الليل للمناجاة حكى ان محمد من النضر الحارثى ترك النوم قبل موته بسنين الا القيلولة ثم ترك القيلولة ، قال الشيخ سعدى [ طريق درويشان ذكر است وشكر وخدمت وطاعت وايثار وقناعت وتوحيد وتوكل وتسليم وتحمل هركه بدين صفتها موصوفست بتحقيقت درويش است اكرجه درقباست نه در خرقه اما هرزه كوى وبى نماز وهوا برست وهوس بازكه روزها بشب آرد دربند شهوت وشبها بروز كند درخواب غفلت بخوره هرجه درميان آمد وبكويد هرجه بزبان آيد رندست اكرجه درعباست

اى درونت برهنه ازقتوى ... وزبرون جامه ريا دارى

برده هفت رنك در بكذار ... توكه درخانه بوريا دارى

قال الاماما القشيرى كن رجل له تلميذان اختلفا فيما بينهما فقال احدهما النوم خير لان الانسان لايعصى فى تلك لحالة وقال الآخر اليقظة خير لانه يعرف اللّه فى تلك الحالة فتحاكما الى ذلك الشيخ فقال امانت الذى قلت بتفضيل النوم فالموت خير لك من الحياة وامانت الذى قلت بتفضيل اليقظة فالحياة خير لك . وفيه اشارة الى ان طول الحياة واليقظة محبوبان لتحصيل معرفة اللّه تعالى وحسن القيام لطاعته فانه لاثواب بعد الموت ولا ترقى الا لاهل الخير ولمن كان فى الطير . فعلى العاقل ان يجد فى طريق الوصول اليكون من اهل الوصال والحصول ويتخلص من العذاب مطلقا فان غاية العمر الموت ونهاية الموت الحشر ونتيجة الحشر اما السوق الى الجنة

واما السوق الى النار والمسوق الى النار اما مؤمن عاص فعذابه التأديب والتطهير

واما كافر مكذب فعذابه عذاب القطيعة والتحقير والمؤمنون يتفاوتون فى الدنيا فى عقوباتهم على مقادير جرائمهم فمنهم من يعذب ويطلق ومنهم من يعذب ويحبس مدة على قدر ذنبه ومنهم من يحد والحدود مختلفة فمنهم من يقتل وليس بعجب ان لايسوى بين اهل النار الا من لا خير فيه وهم الكفار الذين ليسوا بموضع الرحمة لان اللّه تعالى رحمهم فى الدنيا بارسال الرسل وانزال الكتب فاختاروا الغضب بسلوك طريق التكذيب والعناد فهم على السوية فى عذاب الفرقة اذ ليس لهم وصلة اصلا لافى الدنيا ولافى العقبى لان من كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى نسأل اللّه ان يفتح عيون بصائرنا عن منام الغفلات ويجعلنا من المكاشفين المشاهدين المعاينين فى جميع الحالات انه قاضى الحاجات ومعطى المرادات

٨٧

{ ويوم ينفخ فى الصور } النفخ نفخ الريح فى الشىء ونفخ بفمه اخرج منه الريح . والصور هو القرن الذى ينفخ فيه اسرافيل عليه السلام للموت والحشر فكأن اصحاب الجيوش من ذلك اخذوا البوقات لحشر الجند وفى الحديث ( لما فرغ اللّه من خلق السموات والارض خلق الصور فاعطاه اسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص بصره الى العرش متى يؤمر ) قال الراوى ابو هريرة رضى اللّه عنه قلت يارسول مالصور قال ( القرن ) قلت كيف هو قال ( عظيم والذى نفسى بيده ان اعظم دارة فيه كعرض السماء والارض فيؤمر بالنفخ فيه فينفخ نفخة لايبقى عندها فى الحياة احد الامن شاء اللّه وذلك قوله تعالى ونفخ فى الصور فصعق الى قوله الا من شاء اللّه ثم يؤمر باخرى فينفخ نفخة لايبقى معها ميت الا بعث وقام وذلك قوله تعالى ونفخ فيه اخرى الآية ) وقد سبق بعض مايتعلق بالمقام فى سورة الكهف والمراد بالنفخ ههنا هى النفخة الثانية . والمعنى واذكر يا محمد لقومك يوم ينفخ فى الصور نفخة يعنى ينفخها اسرافيل يوم القيامة لرد الارواح الى اجسادها

{ ففزع من فى السموات ومن فى الارض } اى فيفزع ويخاف والتعبير بالماضى للدلالة على وقوعه لان المستقبل من فعل اللّه تعالى متيقن الوقوع كتيفن الماضى من غيره لان اخباره تعالى حق . والفزع انقباض ونفار يعترى الانسان من الشىء المخوف ولايقال فزعت من اللّه كما يقال خفت منه ولمراد بالفزع هنا مايعترى الكل مؤمنا وكافرا عند البعث والنشور بمشاهدة الامور الهائلة الخارقة للعادات فى الانفس والآفاق من الرعب والتهيب الضرورين الجبلين

{ الا من شاء اللّه } اى ان لايفزع بان يثبت قلبه وهم الانبياء واولياء والشهداء الذى لاخوف عليهم ولاهم يحزنون والملائكة الاربعة وحملة العرش والخزنة والحور ونحوهم وان اريد صعقه الفزع يسقط الكل الا من استنثى نحو ادريس عليه السلام كما فى التيسير وموسى عليه السلام لانه صعف فى الطور فلا يصعق مرة اخرى

{ وكل } اى جميع الخلائق

{ اتوه } تعالى اى حضروا الموقف بين يدى رب العزة للسؤال والجواب والمناقشة والحساب

{ داخرين } اذلاء : وبالفارسية [ خوار شدكان ] يقال ادخرته فدخر اى ازللته فذل

٨٨

{ وترى الجبال } عطف على ينفخ داخل معه فى حكم التذكير اى تراها يومئذ حال كونك

{ تحسبها جامدة } تظنه ثابتة فى اماكنها من جمد الماء وكل سائل قام وثبت ضد ذاب

{ وهى } والحال انها تمر مثل مر السحاب التى تسيرها الرياح سيرا سريعا وذلك لان كل شىء عظيم وكل جمع كثير يقصر عنه البصر ولايحيط به لكثرته وعظمته فهو فى حسبان الناظر واقف وهو يسير وهذا ايضا مما يقع بعد النفخة الثانية عند حشر الخلق فان اللّه تعالى يبدل الارض غير الارض ويغير هيئتها ويسير الجبال عن مقارها على ماذكر من الهيئة الهائلة ليشاهدها اهل المحشر وهى وان اندكت وتصدعت عند النفخة الاولى فتسييرها وتسوية الارض انما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالى

{ ويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة وحشرناهم } فان صيغة الماضى فى المعطوف مع كون المعطوف عليه مستقبلا للدلالة على تقدم الحشر على التسيير والرؤية كأنه قيل وحشرنا قبل ذلك ، قال جعفر الخلدى حضر الجنيد مجلس سماع مع اصحابه واخوانه فابسطوا وتحركوا وبقى الجنيد على حاله لم يؤثر فيه فقال له اصحابه ألا تنبسط كما أنسبط اخوانك فقال الجنيد وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب

قال بعضهم وكثير من الناس اليوم من اصحاب التمكين ساكنون بنفوسهم سائحون فى الملكوت باسرارهم [ محققى فرموده كه اوليا نيز درميان خلق برحد رسوم واقفند وخلق آن حركات بواطن ايشان كه بيكدم هزار عالم طى ميكنند خبر ندارند ]

تومبين اين بايهرا بر زمين ... زآنكه بردل ميرود عاشق يقين

ازره ومنزل زكوتاه ودراز ... دل جه داند كوست مست دلنواز

آن دراز وكته اوصاف تنست ... رفتن ارواح ديكر رفتن است

دست نى وباى نى سرتا قدم ... آنجنانكه تاخت جانها از قدم

قال ابن عطاء الايمان ثابت فى قلب العبد كالجبال الرواسى وانواره تخرق الحجاب الاعلى ، وقال جعفر الصادق ترى الانفس جامدة عند خروج الروح والروح تسرى فى القدس لتأوى لى مكانها من تحق العرش

{ صنع اللّه } الصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا ينسب الى الحيوانات كما ينسب اليها الفعل كما فى المفردات وهو مصدر مؤكد لمضمون ماقبله اى صنع اللّه ذلك صنعا وفعله على انه عبارة عما ذكر من النفخ فى الصور وماترتب عليه جميعا

{ الذى اتقن كلى شىء } ، قال فى المختار فى تقن صنع اللّه الذى أتقن اتقان الشىء احكامه . والمعنى احكم خلقه وسواه على ماينبغى : وبالفارسية [ استوار كرد همه جيز هارا وبيارست بروجهى كه شايد ] ، قال فى الارشاد قصد به التنبيه على عظم شان تلك الافاعل وتهويل امرها والايذان بانها ليست بطريق اخلال نظام العالم وافساد احوال الكائنات بالكلية من غير ان تدعو الهيا داعية ويكون لها عاقبة بل هى من قبيل بدائع صنع اللّه المبينة على اساس الحكمة المستتبعة للغايات الجميلة التى لاجلها رتبت مقدمات الخلق ومبادى الابداع على الوجه المتين والمنهج الرصين

{ اهه خبير بما تفعلون } عالم بظواهر افعالكم وبواطنها ايها المكلفون ولذا فعل مافعل من النفخ والبعث ليجازيكم على اعمالكم كما قال

٨٩

{ من } [ هركه ازشما ]

{ جاء } [ بيايد ]

{ بالحسنة } بكلمة الشهادة والاخلاص فانها الحسنة المطلقة واحسن الحسنات

{ فله خير منها } نفع وثواب حاصل من جهتها ولاجلها وهو الجنة فخير اسم من غير تفضيل اذ ليس شىء خيرا من قول لا اله الا اللّه ويجوز ان يكون صيغة تفضيل ان اريد بالحسنة غير هذه الكلمة من الطاعات فالمعنى اذا فعله من الجزاء ماهو خير منها اذا ثبت له الشريف بالخسيس والباقى بالفانى وعشرة بل سبعمائة بواحد

{ وهم } اى الذين جاؤا بالحسنات

{ من فزع } اى عظيم هائل لا يقادر قدره وهو الفزع الحاصل من مشاهدة العذاب بعد تمام المحاسبة وظهور الحسنات والسيآت وهو الذى فى قوله تعالى

{ ايحزنهم الزع الاكبر } وعن الحسن حين يؤمر بالعبد الى النار ، وقال ابن جريج حين يذبح الموت وينادى ياهل الجنة خلود بلا موت وياهل النار خلود بلا موت

{ يومئذ } اى يوم ينفخ فى الصور

{ آمنون } لايعتريهم ذلك الفزع الهائل ولا يلحقهم ضرره اصلا

واما الفزع الذى يعترى كل من فى السموات ومن فى الارض غير من استثناه اللّه فانما هو التهيب والرعب الحاصل فى ابتداء النفخة من معاينة فنون الدواهى والاهوال ولايكاد يخلو منه احد بحكم الجبلة وان كان آمنا من لحوق الضرر

٩٠

{ ومن جاء بالسيئة } اى الشرك الذى هو اسؤا المساوى

{ فكبت وجوههم فى النار } الكب اسقاط الشىء على وجهه اى القوا وطرحوا فيها على وجوههم منكوسين ويجوز ان يراد بالوجوه انفسهم كما اريدت بالايدى فى قوله

{ ولا تلقوا بايديكم التهلكة } فان الوجه والرأس والرقبة واليد يعبر بها عن جميع البدن

{ هل تجزون } على الالتفات او على اضمار القول اى مقولا لهم ماتجزون

{ الا ماكنتم تعملون } من الشرك وفى الحديث ( اذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدى الرب تعالى فيقول اللّه تعالى للايمان انطلق انت واهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق انت واهلك الى النار ) ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم

{ من جاء بالحسنة } الى قوله

{ فى النار } ويقال لا اله الا اللّه مفتاح الجنة ولابد للمفتاح من اسنان حتى يفتح الباب ومن اسنانه لسان ذاكر طاهر من الكذب والغيبة وقلب خاشع طاهر من الحسد والخيانة وبطن طائر من الحرام والشبهة وجوارح مشغولة بالخدمة طاهرة من المعاصى ، وعن ابى عبداللّه الجدلى قال دخلت على علىّ ابن ابى طالب رضى اللّه عنه فقال يابا عبداللّه ألا انبئك بالحسنة التى من جاء بها ادخله اللّه الجنة والسيئة الى من جاء بها كبه اللّه فى النار ولم يقبل معها عملا قلت بلى قال الحسنة حبنا والسيئة بغضنا اعلم ان اللّه تعالى هدى الخلق الى طلب الحسنات بقوله

{ ربنا آتنا فى الدنيا حسنة } وهى استعمالهم فى احكام الشريعة على وقف آداب الطريقة بتربية ارباب الحقيقة وفى الآخرة حسنة وهى انتقاع من عالم الحقيقة انتفاعا ابديا سرمديا وهم لايخزنهم الفزع الاكبر اصيبوا بفزع المحبة فى الدنيا فحوسبوا فى فزع العقبى به من جاء بحب الدنيا فكبت وجوههم فى نار القطيعة

وقيل لهم

{ هل تجزن الا ما كنتم تعملون } يعنى يطلب الدنيا فانها مبنية على وجه جنهم ودركاتها فمن ركب فى طلبها وقع فى النار

اكر خواهى خلاص ازنار فرقت ... مده دلرا بجز عشق ومحبت

٩١

{ انما مرت ان اعبد رب هذه البلدة الذى حرمها } العبادة غاية التذلل والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه واقامتهم فيه ولاعتبار الاثر قيل بجلده بلدة اى اثر والمراد بالبلدة هنا مكة المعظمة وتخصيصها بالاضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها مثل ناقة اللّه وبيت اللّه ورجب شهر اللّه ، قال فى التكملة خص البلدة بالذكر وهى مكة وان كان رب البلاد كلها ليعرف المشركون نعمته عليهم ان الذى ينبغى لهم ان يبعدوه هو الذى حرم بلدتهم انتهى قوله الذى نعت لرب والتحريم جعل الشىء حراما ممنوعا منه والتعرض لتحريمه تعالى اياها اجلال لها بعد اجلال ومعناه يحرمها من انتهاك حرمتها بقطع شوكها وشجرها ونباتها وتنفير صيدها وارادة الالحاد فيها بوجه من الوجوه وفى الحديث ( ان مكة حرمها اللّه ولم يحرمها الناس ) اى كان تحريمها من اللّه بامر سماوى لامن الناس باجتهاد شرعى

واما قوله عليه السلام ( ان ابراهيم حرم مكة ) فمعناه اظهر الحرمة الثابتة او دعا فحرمها اللّه حرمة دائمة . ومعنى الآية قل لقومك يا محمد امرت من قبل اللّه ان اخصه وحده بالعبادة ولا اتخذ له شريكا باعبدوه انتم ففيه عزكم وشرفكم ولا تتخذوا له شريكا وقد ثبتت عليكم نعمته بتحريم بلدتكم ،

قال بعضهم العبودية لباس الانبياء والاولياء

{ وله } اى ولرب هذه البلدة خاصة

{ كل شىء } خلقا وملكا وتصرفا لايشاركه فى شىء من ذلك احد . وفيه تنبيه على ان افراد مكة بالاضافة للتفخيم مع عموم الربوبية لجميع الموجودات

صنعش كه همه جهان بياراست ... { وامرت ان اكون من المسلمين } من الثابتين على ملة الاسلام والتوحيد او من الذين اسلموا وجوههم لله خاصة

وفى التأويلان النجمية يشير الى ان المسلم الحقيقى من يكون اسلامه فى استعمال الشريعة مثل استعمال النبى عليه لسلام الشريعة فى الظاهر وهذا كمال العناية فى حق المسلمين لانه لو قال وامرت ان أكون من المؤمنين لما كان احد يقدر على ان يكون ايمانه كايمان النبى عليه السلام نظيره قوله تعالى

{ وانا اول المسلمين } ولهذا قال عليه السلام ( صلوا كما رأيتمونى اصلى ) يعنى فى الظاهر ولو قال صلوا كما انا اصلى لما كان احد يقدر على ذلك لانه كان يصلى ولصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء وكان فى صلاته يرى من خلفه كما يرى من امامه

٩٢

{ وان اتلو القرآن } التلاوة قراءة القرآن متتابعة كالدارسة والاوراد الموظفة والقراءة اعم يقال تلاه تبعه متابعة ليس بينهما ماليس منهما اى وامرت بان اواظب على تلاته لتكشف لى حقائقه فى تلاوته شيأ فشيأ فانه كلما تفكر التالى العالم تجلت له معان جديدة كانت فى حجب مخيفة ولذا لا يشبع العلماء الحكماء من تلاوة القرآن وهو السر فى انه كان آخر ورده لان المنكشف اولا للعارفين حقائق الآفاق ثم حقائق الانفس ثم حقائق القرآن فعليك بتلاوة القرآن كل يوم ولا تهجره كما يفعل ذلك طلبة العلم وبعض المتصوفة زاعمين بانهم قد اشتغلوا بما هو اهم من ذلك وهو كذب فان القرآن مادة كل علم فى الدنيا ويستحب لقارىء القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر واليد حظها من المس وسماع القرآن اشرف ارزاق الملائكة السياحين واعلاها ومن لم تتيسر له تلاوة القرآن فليجلس لبث العلم لاجل الاوراح الذين غذاؤهم العلم لكن لا يتعدى علوم القرآن والطهارة الباطنة للاذنين تكون باستماع القول الحسن فانه ثم حسن واحسن فاعلاه حسنا ذكر اللّه بالقرآن فيجمع بين الحسنين فليس اعلا من سماع ذكر اللّه بالقرآن مثل كل آية لايكون مدلوله الاذكر اللّه فانه ما كل آية تتضمن ذكر اللّه فان فيه حكاية الاحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات اقوالهم وكفرهم وان كان فى ذلك الاجر العظيم من حيث هو قرآن بالاصغاء الى القارىء اذا قرأ من نفسه او غيره فعلم ان ذكر اللّه اذا سمع فى القرآن اتم من سماع قول الكافرين فى اللّه مالا ينبغى كذا فى الفتوحات ، واعلم ان خلق النبى عليه السلام كان القرآن فانظر فى تلاوتك الى كل صفحة مدح اللّه بها عباده فافعلها او اعزم على فعلها وكل صفة ذم اللّه بها عباده على فعلها فاتركها او اعزم على تركها فان اللّه تعالى ماذكر لك ذلك انزل فى كتابه الا لتعمل به فاذا حفظت القرآن عن تضييع العمل به كما حفظته تلاوة فانت الرجل الكامل

{ فمن اهتدى } باتباعه اياى فيما ذكر من العبادة والاسلام وتلاوة القرآن

{ فانما يهتدى لنفسه } فان منافع اهتدائه عائدة اليه لا الى غيره

{ ومن ضل } بمخالفتى فيما ذكر

{ فقل } فى حقه

{ انما انا من المنذرين } فقد خرجت من عهدة الانذار والتخويف من عذاب اللّه وسخطه فليس علىّ نم وباله شىء وانما هو عليه فقط ويجوز ان يكن معنى وان اتلو القرآن وان اواضب على تلاوته للناس بطريق تكرير الدعوة فمعنى قوله فمن اهتدى حنيئذ فمن اهتدى بالايمان والعمل بما فيه من الشرائع والاحكام ومن ضل بالكفر به والاعراض عن العمل بما فيه . وهذه الآية منسوخة بآية السيف

وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان نور القرآن يربى جوهر الهداية والضلالة فى معدن قلب الانسان السعيد والشقى كما يربى ضوء الشمس الذهب والحديد فى المعادن يدلع عليه قوله تعالى

{ يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا } وقال عليه السلام ( الناس كمعادن الذهب والفضة )

٩٣

{ وقل الحمد لله } اى على مافاض علىّ من نعمائه التى اجلها نعمة النبوة والقرآن

{ سيريكم آياته فتعرفونها } اى فتعرفون انها آيات اللّه حين لا تنفعكم المعرفة ، وقال مقاتل سيريكم آياته عن قريب الايام فطوبى لمن رجع قبل وفاته والويل على من رجع بعد ذهاب الوقت : قال الشيخ سعدى قدس سره

كنون بايد اى خفته بيدار بود ... جومرك اندر آرد زخوابت جه سود

تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد بايمال

كرت جشم عقلست وتدبير كور ... كنون كن كه جشمت نخوردست مور

كنون كوش كاب ازكمر در كذشت ... نه وقتى كه سيلاب ازسر كذشت

سكندر كه بر عالمى حكم داشت ... دران دم كه بكذشت عالم كذاشت

ميسر نبودش كزو عالمى ... ستانند ومهلت دهندش دمى

{ وماربك بغافل عما تعملون } كلام مسوق من جهته تعالى مقرر لما قبله من الوعد والوعيد كما ينبىء عنه اضافة الرب الى ضمير النبى عليه السلام وتخصيص الخطاب اولا به وتعميمه ثانيا للكفر تغليبا اى وماربك بغافل عما تعمل انت من الحسنات وماتعملون انتم ايها الكفرة من السيآت لانه الغفلة التى هى سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ لايجوز عليه تعالى فيجازى كلا منكم بعمله وكيف يغفل عن اعمالكم وقد خلقكم وماتعملون كما خلق الشجرة خلق فيها ثمرتها فلا يخفى عليه حال اهل السعادة والشقاوة وانما يمهل لحكمه لا لغفلة وانما الغفلة لمن لايتنبه لهذا فيعصى اللّه بالشرك وسيآت الاعمال واعظم الامراض القلبية نيسان اللّه ولاريب ان علاج امر انما هو بضده وهو ذكر اللّه حكى ان ابراهيم بن ادهم سر يوما بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا اعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفانى على الباقى ولا تغتر بملكك فان الذى انت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر اللّه فانه يقول

{ سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة } فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من اللّه وموعظة فتاب الى اللّه ورسوله بالقبول والعمل والمجانبة عن التأخر فى طريق الحق والاخذ بالبطالة والكسل

براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد ... نسأل الهل سبحانه ان يجعلنا من المجدّين فى الدين الى ان يأتى اليقين والساعين فى طريقه للوصول الى خاص توفيقه

﴿ ٠