٣٤

{ قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية } من القرى ومدينة من المدن على منهاج المقاتلة والحرب

{ افسدوها } بتخريب عمارتها واتلاف مافيها من الاموال

{ وجعلوا اعزة اهلها } جمع عزيز بمعن القاهر الغالب والشريف العظيم من العزة وهى حالة مانعة للانسان من ان يغلب

{ اذلة } جميع ذليل : وبالفارسية [ خوار وبميقدار ] اى بالقتل والاسر والاجلاء وغير ذلك من فنون الاهانة والاذلال

{ وكذلك يفعلون } [ وهمجنين ميكنند ] وهو تأكيد لما قبله وتقرير بان ذلك من عادتهم المستمرة فيكون من تمام كلام بلقيس ويجوز ان يكون تصديقا لها من جهة اللّه تعالى اى وكما قالت هى تفعل الملوك ، وفيه اشارة الى ان العاقل مهما تيسر له دفع الخصوم بطريق صالح لايوقع نفسه فى خطر الهلاك بالمحاربة والمقاتلة بالاختبار الا ان يكون مضطران

قال بعضهم من السؤدد الصلح وترك الافراط فى الغير ، وفيه اشارة اخرى وهى ان ملوك الصفات الربانية اذا دخلوا قرية الشخص الانسانى بالتجلى افسدوها بافساد الطبيعة الانسانية الحيوانية

{ وجعلوا اعزة اهلها } وهم النفس الامارة وصفاتها

{ اذلة } لذلوليتهم بسطوات التجلى

{ وكذلك يفعلون } مع الانبياء والاولياء لانهم خلقوا لمرآتية هذه الصفات اظهارا للكنز المخفى فيكون قوله ان الملوك الخ نعت العارف كما قال ابو يزيد البسطامى قدر سه ، وقال جعفر الصادق رضى اللّه عنه اشار الى قلوب المؤمنين فان المعرفة اذا دخلت القلوب زال عنها الامانى والمرادات اجمع فلا يكون القلب محل غير اللّه ، وقال ابن عطاء رحمه اللّه اذا ظهر سلطان الحق وتعظيمه فى القلب تلاشى الغفلات واستولت عليه الهيبة والاجلال ولايبقى فيه تعظيم شىء سوى الحق فلا تشتغل جوارحه الا بطاعته ولسانه الا بذكره وقلبه الا بالاقبال عليه ،

قال بعضهم من قوبل باسمه الملك رأى نفسه فى قبضته فسلم له فى مملكته وقام بحق حرمته على بساط خدمته ، وفى الفتوحات المكية للملك ان يعفو عن كل شىء الا عن ثلاثة اشياء وهى التعرض للحرم وافشاء سره والقدح فى الملك نسأل اللّه حسن الادب فى طريق الطلب

﴿ ٣٤