٣٦

{ فلما جاء } اى الرسول المبعوث من قبل بلقيس

{ سليمان } بالهدية

{ قال } اى مخاطبا للرسول والمرسل تغليبا للحاضر على الغائب اى قال بعد ماجرى بينه وبينهم من قصة الحقة وغيرها لا انه خاطبهم به او ماجاؤه كما يفهم ن ظاهر العبارة

{ آتمدونن } اصله أتمدوننى فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة الدالة عليها والهمزة الاستفهامية للانكار . والامداد [ مدد كردن ] ويعدى الى المفعول الثانى بالباء : والمعنى بالفارسية [ آيامدد ميدهيد مرا وزيادتى ]

{ بمال } حقير وسمى مالا لكونه مائلا ابدا ونائلا ولذلك يسمى عرضا وعلى هذا دل من قال المال قبحه يكون يوما فى بيت عطار ويوما يكن فى بيت بيطار كما فى المفردات ثم علل هذا الانكار بقوله

{ فما } موصولة

{ آتانى اللّه } مما رأيتم آثاره من النبوة والملك الذى لاغاية وراءه

{ خير مما آتيكم } من المال ومتاع الدنيا فلا حاجة الى هديتكم ولا موقع لها عندى

آنكه برواز كند جانب علوى جوهماى ... دينى اندر نظر همت او مردارست

وفى المثنوى

من سليمان مى نخواهم ملكتان ... بلكه من برهانم ازهر هلكتان

از شما كى كديه زر ميكنيم ... ماشمارا كيميا كر ميكنيم

تراك اين كيريد كر ملك سباست ... كه برون از آب وكل بس ملكهاست

تخته بنداست آنكه تختش خوانده ... صدر بندارى وبر درمانده

قال جعفر الصادق الدنيا اصغر قدرا عند اللّه وعند انبيائه اوليائه من ان يفرحوا بشىء منها او يحزنوا عليه فلا ينبغى لعالم ولا لعاقل ان يفرح بعرض الدنيا

مال دنيا دام مرغان ضعيف ... ملك عقبى دام مرغان شريف

{ بل انتم بهديتكم تفرحون } المضاف اليه المهدى اليه . والمعنى بل انتم بما يهدى اليكم تفرحون حبا لزيادة المال لما انكم لاتعلمون الا ظاهرا من الحياة الدنيا هذا هو المعنى المناسب لما سرد من القصة ، وفى الارشاد اضراب عما ذكر من انكار الامداد بالمال الى التوبيخ بفرحهم بهديتهم التى اهدوها اليه افتخارا وامتنانا واعتدادا بها كما ينبىء عنه ماذكر من حديث الحقة والجزعة وتغيير زى الغلمان والجوارى وغير ذلك انتهى ، يقول الفقير فيه انهم لما رأوا ما انعم اللّه به على سليمان من الملك الكبير استقلوا بما عندهم حتى هموا بطرح اللبنات الا انه منعتهم الامانة من ذلك فكيف امتنوا على سليمان بهديتهم وافتخروا على ان حديث الحقة ونحوه انما كان على وجه الامتحان لا بطريق الهدية كما عرف

وفى التأويلات يشير الى ان الهدية موجبة لاستمالة القلوب ولكن اهل الدين لما عارضهم امر دينى فى مقابلة منافع كثيرة دنيوية رجحوا طرف الدين على طرف المنافع الكثيرة الدنيوية واستقلوا كثرتها لانها فانية واستكثروا قليلا من امور الدين لانها باقية كما فعل سليمان لما جاءه الرسول بالهدية استقل كثرتها وقال فما آتانى اللّه من كمالات الدين والقربات والدرجات الاخروية خير مما أتاكم من الدنيا وزخارفها بل انتم اى امثالكم من اهل الدنيا بمثل هديتكم الدنيوية الفانية تفرحون لخسة نفوسكم وجهلكم عن السعادات الاخروية الباقية

﴿ ٣٦