٤٧

{ قالوا اطيرنا } [ فال بد كرفتيم ] واصله تطيرنا والتطير التشاؤم وهو بالفارسية [ شوم داشتن ] عبر عنه بذلك لانهم كانوا اذا خرجوا مسافرين فمروا بطائر يزجرونه فان مر سائحا تيمنوا وان مر بارحا تشاءموا فلما نسبوا الخير والشر الى الطير استعير لما كان سببا لهما من قدر اللّه تعالى وقسمته او من عمل العبد ، قال فى فتح الرحمن والكواشى السانح هو الذى ولاه ميامنه فيتمكن من رميه فيتمين به والبارح هو الذى ولاه مياسره فلا يتمكن من رميه فيتشاءم به ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به ، وفى القاموس البارح من الصيد مامر من ميامنك الى مياسرك وبرج الطبى بروحا ولاك مياسره ومرّ وسنح سنوحا ضد برح من لى بالسانح بعد البارح اى بالمبارك بعد المشئوم ، قال فى كشف الاسرار هذا كان اعتقاد العرب فى بعض الوحوش والطيور انها اذا صاحت فى جانب دون جانب دل على حدوث آفات وبلايا ونهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنها وقال ( اقروا الطير على مكناتها ) لانها اوهام لاحقيقة معها والمكنات بيض الضبة واحدتها مكنة ، قال عكرمة رضى اللّه عنه كنا عند ابن عباس رضى اللّه عنهما فمر طائر يصيح فقل رجل من القوم خير فقال ابن عباس رضى اللّه عنهما لاخير ولا شر

لاتنطقن بما كرهت فربما ... نطق اللسان بحادث فيكون

وفى الحديث ( ان اللّه يحب الفال ويكره الطيرة ) قال ابن الملك كان اهل الجاهلية اذا قصد واحد الى حاجة واتى من جانبه الايسر طيرا وغيره يتشاءم به فيرجع هذا هو الطيرة ومعنى الآية تشاءمنا

{ بك ومن معك } فى دينك حيث تتابعت علينا الشدائد [ اين دعوت تو شوم آمد برما ] وكانوا قحطوا فقالوا اصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم اصحابك وكذا قال قوم موسى لموسى واهل انطاكية لرسلهم

{ قال طائركم } سببكم الذى جاء منه شركه

{ عند اللّه } وهو قدره او عملكم المكتوب عنده . وسمى القدر طائرا لسرعة نزوله ولاشىء اسرع من قضاء محتوم كما فى فتح الرحمن : وبالفارسية [ قال شما ازخير وشر نزديك خداست يعنى سبب محنت شما مكتوبست نزديك خدا بحكم ازلى وبجهت من متبدل نكردد ]

قلم به نيك وبد خلق درازل رفتست ... بكوفت وكوى خلائق كر نخواهدشد

{ بل انتم قوم تفتنون } تختبرون بتعاقب السراء والضراء اى الخير والشر والدولة والنكبة والسهولة والصعوبة او تعذبون والاضراب من بيان طائرهم الذى هو مبدأ مايحيق بهم الى ذكر ماهو الداعى اليه يقال فتنت الذهب بالنار اى اختبرته لانظر الى جودته واختبار اللّه تعالى انما هو لاظهار الجودة والرداءة ففى الانبياء الاولياء والصلحاء تظهر الجودة ألا ترى ان ايوم عليه السلام امتحن فصبر فظهر للخلق درجته وقربه من لله تعالى وفى الكفار والمنافقين والفاسقين تظهر الداءة حكى ان امرأة مرضت مرضا شديدا طويلا فاطالت على اللّه تعالى فى ذلك وكفرت ولذا قيل عند الامتحان يكرم الرجل او يهان

خوش بود كرمحك تجربه آيد بميان ... تاسيه روى شود هركه دروغش باشد

والابتلاء مطلقا اى سواء كان فى صورة المحبوب او فى صورة المكروه رحمة من اللّه تعالى فى الحقيقة لامن مراده جذب عبده اليه فان لم ينجذب حكم عليه الغضب فى الدنيا والآخرة كما ترى فى الامم السالفة ومن يليهم فى كل عصر الى آخر الزمان . ثم ان اهل اللّه تعالى يستوى عندهم المنحة والمحنة اذ يرون كلا منهما من اللّه تعالى فيصفون وقتهم فيتوكلون ولا يتطيرون ويحمدون ولايجزعون ثم ان مصيبة المعصية اعظم من مصيبة غيرها وبلاء الباطن اشد من بلاء الظاهر ، قال ابن الفارض رحمه لله

وكل بلا ايوب بعض بليتى ... مراده ان مرضى فى الروح ومرض ايوب عليه السلام فى الجسد مع انه مؤيد بقوة النبوة فبلائى اشد من بلائه نسأل اللّه التوفيق والعافية

﴿ ٤٧