٦٦ { بل ادرك علمهم فى الآخرة } اصله تدارك فابدلت التاء دالا واسكنت للادغام واجتلبت همزة الوصل للابتداء ومعنه تلاحق وتدارك ، قال فى القاموس جهلوا علمها ولا علم عندهم من امرها انتهى وهو قول الحسن وحقيقته انهى علمهم فى لحوق الآخرة فجهلوها كما فى المفردات ، وقال بعضهم تدارك وتتابع حتى انقطع من قولهم تدارك بنوا فلان اذا تتابعوا فى الهلاك فهو بيان لجهلهم بوقت البعث مع تعاضد اسباب المعرفة . والمعنى تتابع علمهم فى شأن الآخرة حتى انقطع ولم يبق لهم علم شىء مما سيكون فها قطعا لكن لا على انه كان لهم علم بذلك على الحقيقة ثم انتفى شيأ فشيأ بل على طريقة المجاز بتنزيل اسباب العلم ومباديه من الدلائل العقلية والسمعية منزلة نفسه واجراء ساقطها عن اعتبارهم كلما لاحظوها مجرى تتابعها الى الانقطاع وتنزيل اسباب العلم بمنزلة العلم سنن مسلوك ثم اضرب وانتقل من بيان علمهم بها الى بيان ماهو اسوأ منه وهو حيرتهم فى ذلك حيث قيل { بل هم فى شك منها } من نفس الآخرة وتحققها كمن تحير فى امر لايجد عليه دليلا فضلا عن الامور التى ستقع فيها ثم اضرب عن ذلك الى بيان ان ماهم فيه اشدج وافظع من الشك حيث قيل { بل هم منها عمون } جاهلون بحيث لايكادون يدركون دلائلها لاختلال بصائرهم بالكلية جمع عم وهو اعملى القلب ، قال فى المفردات العمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة ويقال فى الاول اعمى والثانى عمى وعم وعمى القلب اشد ولاعتبار لافتقاد البصر فى جنب افتقاد البصيرة اذ رب اعمى فى الظاهر بصير فى الباطن ورب بصير فى الصورة اعمى فى الحقيقة كحال الكفار والمنافقين والغافلين وعلاج هذا العمى انما يكون بضده وهو العلم الذى به يدرك الآخرة وما تحيه من الامور ، قال سهل بن عبداللّه التسترى قدس سره ما عصى اللّه احد بمعصية اشد من الجهل قيل ايابا محمد هل تعرف شيأ اشد من الجهل قال نعم الجهل بالجهل فالجهل جهلان جهل بسيط هو سلب العلم وجهل مركب هو خلافه والاول ضعيف والثانى قوى لايزول الا ان يتداركه اللّه تعالى : قيل سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء الجهل ليس له طبيب وقيل وفى الجهل قبل الموت لاهله ... واجسامهم قبل القبور قبور وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور اى كه دارى هنرندارى مال ... مكن از كردكار خود كله نعمت جهل را مخواه كه هست ... روضه درميان مزبله اللهم اجعلنا من العلماء ورثة الانبياء |
﴿ ٦٦ ﴾