٤٤

{ خلق اللّه السموات والارض بالحق } اى حال كونه محقا مراعيا للحكم والمصالح على انه حال من فاعل خلق او ملتبسة بالحق الذى لا محيد عنه مستتبعة للمنافع الدينية والدنيوية على على انه حال من مفعوله فانها مع اشتمالها على جميع مايتعلق به معاشهم شواهد دالة على وحدانيته وعظم قدرته وسائر صفاته كما اشار اليه بقوله

{ ان فى ذلك } اى فى خلقهما

{ لآية } دالة على شؤونه

{ للمؤمنين } تخصيص المؤمنين بالذكر مع عموم الهداية والارشاد فى خلقهما للكل لانهم المنتعفون بذلك

وفى التأويلات النجمية

{ خلق اللّه السموات والارض بالحق } لمرآتية صفات الحق تعالى ليكن مظهرها

{ ان فى ذلك لآية } اى فى السموات والارض آية حق مودعة ولكن

{ للمؤمنين } الذين ينظرون بنور اللّه فان النور لايرى الا بالنور ومن لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور

جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات

فعلى العاقل النظر الى آثار رحمة اللّه والتفكر فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى يستخرد الدر من بحار معرفته روى ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال مايعبأ اللّه بخلق هذه فانطقها اللّه تعالى فقالت ياداود أتعجبك نفسك وانا على مانا واللّه اذكر اللّه واشكره اكثر منك على ما آتاك اللّه وحكى ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد اللّه تعالى من خلق هذه أحسن شكلها ام طيب ريحها فابتلاه اللّه بقرحة عجز عنها الاطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ماتصنع بطرقى وقد عجز عنك حذاق الاطباء فقال لابد لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى الخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذى سبق منه فقال احضروا ماطلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت باذن اللّه تعالى فقال للحاضرين ان اللّه تعالى اراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات اعز الادوية كذا فى حياة الحيوان فظهر ان اللّه تعالى ماخلق شيأ باطلا بل خلق الكل حقا مشتملا على المصلحة سواء عرفها الانسان او لم يعرفها واللائق بشأن المؤمن ان يسلك طريق التفكر ثم يرتقى منه حتى يرى الاشياء على ماهى عليه كما هو شان ارباب البصيرة . وقد قالوا لمشاهدة ثمرة المجاهدة فلا بد من استعمال العقل وسائر القوى وكذا الاعضاء فبالخدمة تزداد الحرمة ويحصل الانكشاف وتزول الحيرة ويجيىء الاطمئنان : قال المولى الجامى

بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جزراه بيابان برده را

ومعنى الطلب ليس القصد القلبى الذكر اللسانى فقط بل الاجتهاد بجميع الظاهر والباطن بقدر الامكان وهو وظيفة الانسان ثم الفتح بيد اللّه ان شاء اراه ملكوت السموات والارض وجعله مكاشفا ومعاينا ومحققا واحدا وان شاء اوقفه فى مقامه واقل الامر حصول التفكر بالعقل المودع ويلزم شكره فان اللّه تعالى اخرجه بذلك عن دائرة الغافلين المعرضين اللهم اجعلنا من المتفكرين المتيقظين والمدركين لحقائق الامور فى كل شىء من خلق السموات والارضين

﴿ ٤٤