سُورَةُ لُقْمَانَ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ آيَةً

١

{ الم } اى هذه سورة الم

قال بعضهم الحروف المقطعات مبادى السور ومفاتيح كنوز العبر . والاشارة ههنا بهذه الحروف الثلاثة الى قوله اناللّه ولى جميع صفات الكمال ومنى الغفران والاحسان

وقال بعضهم الالف اشارة الى الفة العارفين واللام الى لطف صنعه مع المحسنين والميم الى معالم محبة قلوب المحبين

وقال بعضهم يشير بالالف الى آلائه وباللام الى لطفه وعطائه وبالميم الى مجده وثنائه فبآلائه رفع الجحد من قلوب الاولياء وبلطف عطائه اثبت المحبة فى اسرار اصفيائه وبمجده وثنائه مستغن عن جميع خلقه بوصف كبريائه

مراورا رسد كبرياء ومنى ... كه ملكش قد يمست وذاتش غنى

٢

{ تلك } اى هذه السورة وآياتها

{ آيات الكتاب الحكيم } اى ذى الحكمة لاشتماله عليها او المحكم المحروس من التغيير والتبديل والممنوع من الفساد والبطلان فهو فعيل بمعنى المفعل وان كان قليلا كما قالوا اعقدت اللبن فهو عقيد اى معقد

٣

{ هدى } من الضلالة وهو بالنصب على الحالية من الآيات والعامل معنى الاشارة

{ ورحمة } من العذاب

وقال بعضهم سماه هدى لما فيه من الدواعى الى الفلاح والالطاف المؤدية الى الخيرات فهو هدى ورحمة للعابدين ودليل وحجة للعارفين

وفى التأويلات النجمية هدى يهدى الى الحق ورحمة لمن اعتصم به يوصله بالجذبات المودعة فيه الى اللّه تعالى

{ للمحسنين } اى العاملين للحسنات والمحسن لا يقع مطلقا الا مدحا للمؤمنين . وفى تخصيص المحسن من يعتصم بحبل القرآن متوجها الى اللّه ولذا فسر النبى عليه السلام الاحسان حين سأله جبريل ما الاحسان قال ( ان تعبد اللّه كأنك تراه ) فمن يكون بهذا الوصف يكون متوجهاً اليه حتى يراه ولا بد للمتوجه اليه ان يعتصم بحبله والا فهو منزه عن الجهات فلا يتوجه اليه لجهة من الجهات انتهى.

ولذا قال موسى عليه السلام اين اجدك يا رب قال يا موسى اذا قصدت الى فقد وصلت الى اشارة الى انه ليس هناك شئ من الاين حتى يتوجه اليه

صوفى فغانست كه من اين الى اين ... اين نكته عيانست من العلم الى العين

جامى مكن انديشه زنزديكى ودورى ... لاقرب ولا بعد ولا وصل ولا بين

ثم ان رايد بالحسنات مشاهيرها المعهودة فى الدين

٤

{ الذين يقيمون الصلوة } الخ صفة كاشفة للمحسنين وبيان لما عملوه من الحسنات فاللام فى للمحسنين لتعريف الجنس وان اريد بها جميع الحسنات الاعتقادية والعلمية على ان يكون اللام للاستغراق فهو تخصيص لهذه الثلاث بالذكر من بين سائر شعبها لاظهار فضلها على غيرها ومعنى اقامة الصلاة اداؤها وانما عبر عن الاداء بالاقامة اشارة الى ان الصلاة عماد الدين

وفى المفردات اقامة الشئ توفية حقه واقامة الصلاة توفية شرائطها لا الاتيان بهيئتها : يعنى [ شرائط نماز دوقسم است قسمى را شرائط جواز كويند يعنى فرائض وحدود واوقات آن وقسمى را شرائط قبول كريند يعنى تقوى وخشوع واخلاص وتعظيم وحرمت آن قال تعالى

{ انما يتقبل اللّه من المتقين } وتاهردو قسم بجاى نيارد معنى اقامت درست نشود ازينجاست كه رب العزة در قرآن هرجا كه بنده را نماز فرمايد ويابنادى مدح كند

{ اقيموا الصلوة : ويقيمون الصلوة } كويد ( صلوا ويصلون ) نكويد ]

وفى التأويلات النجمية

{ يقيمون الصلاة } اى يديمونها بصدق التوجه وحضور القلب والاعراض عما سواه انتهى اشار الى معنى آخر لاقام وهو ادام كما قاله الجوهرى وفى الحديث ( ان بين يدى الخلق خمس عقبات لا يقطعها كل ضامر ومهزول ) فقال ابو بكر رضى اللّه عنه ما هى يا رسول اللّه قال عليه السلام ( . اولاها الموت وغصته . وخامستها الصراط ودقته ) فلما سمع ابو بكر رضى اللّه عنه هذه المقالة بكى بكاء كثيرا حتى بكت السموات والملائكة كلها فنزل جبريل وقال يا محمد قل لابى بكر حتى لا يبكى اما سمع من العرب كل داء له دواء الا الموت ثم قال ( من صلى صلاة الفجر هان عليه الموت وغصته ومن صلى صلاة العشاء هان عليه الصراط ودقته ومن صلى صلاة الظهر هان عليه القبر وضيقه ومن صلى صلاة العصر هان عليه سؤال منكر ونكير وهيبتها ومن صلى صلاة المغرب هان عليه الميزان وخفته ) ويقال من تهاون فى الصلاة منع اللّه منه عند الموت قول لا اله الا اللّه

{ ويؤتون الزكاة } اى يعطونها بشرائطها الى مستحقيها من اهل السنة فان المختار انه لا يجوز دفع الزكاة الى اهل البدع كما فى الاشباه

يقال من منع الزكاة منع اللّه منه حفظ المال ومن منع الصدقة منع اللّه منه العافية كما قال عليه السلام ( حصنوا اموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ومن منع العشر منع اللّه منه بركة ارضه )

وفى التأويلات النجمية

{ ويؤتون الزكاة } تزكية للنفس . فزكاة العوام من كل عشرين دينارا نصف دينار لتزكية نفوسهم من نجاسة البخل كما قال تعالى

{ خذ من اموالههم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فبايتاء الزكاة على وجه الشرع ورعاية حقوق الاركان الاخرى نجاة العوام من النار.

وزكاة الخواص من المال لتصفية قلوبهم من صدأ محبة الدنيا . وزكاة اخص الخواص بذل الوجود ونيل المقصود من المعبود كما قال عليه السلام ( من كان لله كان اللّه له ) وفى المثنوى

جون شدى من كان اللّه ازوله ... من ترا باشم كه كان اللّه له

{ وهم بالآخرة } اى بالدار الآخرة والجزاء على الاعمال سميت آخرها لتأخرها عن الدنيا

{ هم يوقنون } فلا يشكون فى البعث والحساب [ والايقان فى كمان شدن ] : وبالفارسية [ ايشان بسراى ديكر بى كمانانند يعنى بعث وجزارا تصديق ميكنند ] واعادة لفظة هم للتوكيد فى اليقين بالبعث والحساب ولما حيل بينه وبين خبره بقوله بالآخرة

وفى التأويلات النجمية وهم بالآخرة هم يوقنون لخروجهم من الدنيا وتوجههم الى المولى . والآخرة هى المنزل الثانى لمن يسير الى اللّه بقدم الخروج من منزل الدنيا فمن خرج من الدنيا لا بد له ان يكون فى الآخرة فيكون موقنابها بعد ان كان مؤمنا بها انتهى

يقول الفقير لا شك عند اهل اللّه ان الدنيا من الحجب الجسمانية الظلمانية وان الآخرة من الحجب الروحانية النورانية ولا بد للسالك من خرقها بان يتجاوز من سير الاكوان الى سير الارواح ومنه الى سير عالم الحقيقة فانه فوق الاولين فاذا وصل الى الارواح صار الايمان ايقانا والعلم عيانا واذا وصل الى عالم الحقيقة صار العيان عينا والحمد لله تعالى

٥

{ اولئك } المحسنون المتصفون بتلك الصفات الجليلة

{ على هدى } كائن

{ من ربهم } اى على بيان منه تعالى بين لهم طريقهم ووفقهم لذلك

قال فى كشف الاسرار [ برراست راهى اند وارهنمونى خداوند خويش

{ على هدى } بيان عبوديت است و

{ من ربهم } بيان ربوبيت بعد از كزار ومعاملت وتحصيل عبادت ايشانرا بستود هم باعتقاد سنت همه بكزارد عبوديت هم باقرار ربوبيت ]

وفى الآية دليلعلى ان العبد لا يهتدى بنفسه الابهداية اللّه تعالى ألا ترى انه قال

{ على هدى من ربهم } وهورد على المعتزلة فانهم يقولون العبد يهتدى بنفسه

قال شاه شجاع قدس سره ثلاثة من علامات الهدى . والاسترجاع عند المصيبة . والاستكانة عند النعمة . ونفى الامتنان عند العطية

{ واولئك هم المفلحون } الفائزون بكل مطلوب والناجون من كل مهروب لاستجماعهم العقيدة الحقة والعمل الصالح

قال فى المفردات الفلاح الظفر وادراك البغية وذلك ضربان دنيوى واخروى . فالدنيوى الظفر بالسعادات التى تطيب بها حياة الدنيا : والاخروى اربعة اشياء . بقاء بلا فناء . وغنى بلا فقر . وعز بلا ذل . وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الآخرة ألا ترى الى قوله عليه السلام ( المؤمن لا يخلو عن قلة او علة او ذلة ) يعنى ما دام فى الدنيا فانها دار البلايا المصائب والاوجاع ودل قوله تعالى

{ لكيلا يعلم بعد علم شيأ } على ان الانسان عند ارذل العمر يعود الى حال الطفولية من الجهل والنسيان اى اذا كان علمه حصوليا اما اذا كان حضوريا كالعلوم الوهيبة لخواص المؤمنين فإنه لا يغيب ولا يزول عن قلبه ابدا لا فى الدنيا ولا فى برزخه ولا فى آخرته فان ذلك العلم الشريف الوهبى اللدنى ليس بيد العقل الجزئى الذى من شأنه عروض النسيان له عند ضعف حال الشيخوخة ولذا لا يطرأ عليهم العتة بالكبر بخلاف عوام المؤمنين والعلماء غالبا

فعلى العاقل ان يجتهد حتى يدخل فى زمرة اهل الفلاح وذلك بتزكية النفس فى الدنيا والترقى الى مقامات المقربين فى العقبى وهى المقامات الواقعة فى جنات عدن والفردوس فالعاليات انما هى لاهل الهمة العالية نسأ اللّه تعالى ان يلحقنا بالابرار

٦

{ ومن الناس } اى وبعض الناس فهذا مبتدأ خبره قوله

{ من يشترى } الاشتراء دفع الثمن واخذ المثمن ههنا يستبدل ويختار

{ لهو الحديث } وهو ما يلهى عما يعنى من المهمات كالاحاديث التى لا اصل لها . والاساطير التى لا اعتداد بها والاضاحيك وسائر ما لا خير فيه من الكلام . والحديث يستعمل فى قليل الكلام وكثيرة لانه يحدث شيأ فشيأ

قال ابو عثمان رحمه اللّه كل كلام سوى كتاب اللّه او سنة رسوله او سيرة الصالحين فهو لهو

وفى عرائس البيان الاشارة فيه الى طلب علوم الفلسفة من علم الا كسير والسحر والنيرنجات واباطيل الزنادقة وترهاتهم لان هذه كلها سبب ضلالة الخلق

وفى التأويلات النجمية ما يشغل عن اللّه ذكره ويحجب عن اللّه سماعه فهو لهو الحديث

والاضافة بمعنى من التبيينية ان اريد بالحديث المنكر لان اللهو يكون من الحديث ومن غيره فاضيف العام الى الخاص للبيان كأنه قيل من يشترى اللهو الذى هو الحديث وبمعنى من التبعيضية ان اريد به الاعم من ذلك كأنه قيل من يشترى بعض الحديث الذى هو اللهو منه . واكثر اهل التفسير على ان الآية نزلت فى النضر بن الحارث بن كلدة [ مردى كافر دل وكافر كيش بود سخت خصومت بارسول خدا كرد ] قتله رسول اللّه صبرا حين فرغ من وقعة بدر روى انه ذهب الى فارس تاجرا فاشترى كليلة ودمنة واخبار رستم واسفنديار واحاديث الا كاسرة فجعل يحدث بها قريشا فى انديتهم ولعلها كانت مترجمة بالعربية ويقول ان محمد يحدثكم بعاد وثمود وانا احدثكم بحديث رستم واسفنديار فيستحملون حديثه ويتركون استماع القرآن فيكون الاشتراء على حقيقته بان يشترى بماله كتبا فيها لهو الحديث وباطل الكلام

{ ليضل } الناس ويصرفهم

{ عن سبيل اللّه } اى دينه الحق الموصل اليه وليضلهم ويمنعهم بتلك الكتب المزخرفة عن قراءة كتابه الهادى اليه واذا اضل غيره فقد ضل هو ايضا

{ بغير علم } اى حال كونه جاهلا بحال ما يشتريه ويختاره او بالتجارة حيث استبدل اللهو بقراءة القرآن

{ ويتخذها } بالنصب عفطا من ليضل والضمير السبيل فانه مما يذكر ويؤنث اى وليتخذها

{ هزوا } مهزوءا باه ومستهزأة

{ اولئك } المصوفون بما ذكر من الاشتراء والاضلال

{ لهم عذاب مهين } لاهانتم الحق بايثار الباطل عليه وترغيب الناس فيه : وبالفارسية [ عذابى خوار كنندة كه سبى وقتل است دردنيا وعذاب خزى درعقبى ]

٧

{ واذا تتلى عليه } اى على المشترى افرد الضمير فيه وفيما بعده كالضمائر الثلاثة الاول باعتبار لفظ من وجمع فى اولئك باعتباره معناه

قال فى كشف الاسرار هذا دليل على ان الآية السابقة نزلت فى النضرين الحارث

{ آياتنا } اى آيات كتابنا

{ ولى } اعرض غيرمتعد بها

{ مستكبرا } مبالغا فى التكبر ودفع النفس عن الطاعة والاصغاء

{ كأن لم يسمعها } حال من ضمير ولى او من ضمير مستكبرا والاصل كأنه فحذف ضمير الشأن وخففت المثقلة اى مشابها حاله حال من لم يسمعها وهو سامع . وفيه رمز الى ان من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الامور الموجبة للاقبال عليها والخضوع لها

{ كأن فى اذنيه وقرا } حال من ضمير لم يسمعها اى مشابها حاله حال من فى اذنيه ثقل مانع من السماع

قال الشيخ سعدى [ ازانرا كه كوش ارادت كران آفريده است جه كندكه بشنود وانرا كه بكند سعادت كشيده اند دون كندكه نرود ]

قال فى كشف الاسرار [ آدميان دوكر وهند آشنايان وببكانكان آشنايانرا قرآن سبب هدايت است بيكانكانرا سبب ضلالت كما قال تعالى

{ يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا } بيكانكان جون قرآن شنوند بشت بران كنند وكردن كشند كافر وارجنانكه رب العزة كفت ]

{ واذا تتلى عليه آياتنا ولى } الخ

دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت ... جو باطلان زكلام حقت مالوى جيست

[ آشنايان جون قرآن شنوندبنده وار بسجود درافتند وبادل تازه وزنده دران زارند جنانكه اللّه تعالى كفت ] { اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا_@_ }

ذوق سجده در دماغ آدمى ... ديورا تلخى دهد اواز غمى

{ فبشره بعذاب اليم } اى فاعلمه بان العذاب المفرط فى الايلام لاحق به لا محالة وذكر البشارة للتهكم ثم ذكر احوال اضدادهم

٨

بقوله

{ ان الذين آمنوا } بآياتنا

{ وعملوا الصالحات } وعملوا بموجبها

قال فى كشف الاسرار الايمان التصديق بالقلب وتحقيقه بالاعمال الصالحة ولذلك قرن اللّه بينهما وجعل الجنة مستحقة بهما قال تعالى

{ اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } { لهم } بمقابلة ايمانهم واعمالهم

{ جنات النعيم } [ بهشتهاى بانعمت ناز ويا نعمنهاى بهشت ] كما قال البيضاوى اى نعيم جنات فعكس للمبالغة .

وقيل جنات النعيم احدى الجنات الثمان وهى دار الجلال ودار السلام ودار القرار وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد الفردوس وجنة النعيم كذا روى وهب بن منبه عن ابن عباس رضى اللّه عنهما

٩

{ خالدين فيها } حال من الضمير فى لهم

{ وعد اللّه } اى وعد اللّه جنات النعيم وعدا فهو مصدر مؤكد لنفسه لان معنى لهم جنات النعيم وعدهم بها

{ حقا } اى حق ذلك الوعد حقا فهو تأكيد لقوله لهم جنات النعيم ايضا لكنه مصدر مؤكد لغيره لان قوله لهم جنات النعيم وعد وليس كل وعد حقا

{ وهو العزيز } الذى لا يغلبه شئ فيمنعه عن انجاز وعده او تحقيق وعيده

{ الحكيم } الذى لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة

نه در رعدة اوست نقض وخلاف ... نه در كار اوهيج لاف وكذاف

هذا

وقد ذهب بعض المفسرين الى ان المراد بلهو الحديث فى الآية المتقدمة الغناء : يعنى [ تغنى وسرور فاسقانست در مجلس وآيت درزم كسى فرود آمدكه بندكان مغنيان خرد يا كنيز كان مغنيات تافا سقانرا مطربى كند ] فيكون المعنى من يشترى ذا لهو الحديث او ذات لهو الحديث

قال الامام مالم اذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ان يردها بهذا العيب

قال فى الفقه ولا تقبل شهادة الرجل المغنى لنفسه لدفع الوحشة ازالة الحزن فتقبل شهادته اذبه لا تسقط العدالة اذا لم يسمع غيره فى الصحيح وكذا لا تقبل شهادة المغنية سواء تغنت للناس او لا اذرفع صوتها حرام فبارتكابها محرما حيث نهى عليه السلام عن صوت المغنية سقطت عن درجة العدالة وفى الحديث ( لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن ولاشراؤهن وثمنهن حرام ) وقد نهى عليه السلام عن ثمن الكلب وكسب الزمارة : يعنى [ از كسب ناى زدن ]

قالوا المال الذى يأخذه المغنى والقوال والنائحة حكمه اخف من الرشوة لان صاحب المال اعطاه عن اختيار بغير عقد

قال مكحول من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم اصل عليه ان اللّه يقول

{ ومن الناس } الخ وفى الحديث ( ان اللّه بعثنى هدى ورحمة للعالمين وامرنى بمحو المعازف والمزامير والاوتار والصنج وامر الجاهلية وحلف ربى بعزته لا يشرب عبد من عبيدى جرعة من خمر متعمدا الا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفور له او معذبا ولا يتركها من مخافتى الا سقيته من حياض القدس يوم القيامة ) وفى الحديث ( بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير ) قال ابن الكمال المراد بالمزامير آلات الغناء كلها تغليبا اى وان كانت فى الاصل اسماء لذوات النفخ كالبوق ونحوه مما ينفخ فيه والكسر ليس على حقيقته بدليل قرينه بل مبالغة فى النهى وفى الحديث ( من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له ان يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة ) قيل وما الروحانيون يا رسول اللّه قال ( قراء اهل الجنة ) اى من الملائكة والحوار العين ونحوهم

قال اهل المعانى يدخل فى الاستبدال والاختيار كثيرا كما فى الوسيط

قال فى النصاب ويمنع اهل الذمة عن اظهار بيع المزامير والطنابير واظهار الغناء وغير ذلك

واما الاحاديث الناطقة برخصة الغناء ايام العبد فمتروكة غير معمول بها اليوم ولذا يلزم على المحتسب احراق المعازف يوم العيد

واعلم انه لما كان القرآن اصدق الاحاديث واملحها وسماعه والاصغاء اليه مما يستجلب الرحمة من اللّه استحب التغنى به وهو تحسين الصوت وتطييبه لان ذلك سبب للرقة واثارة للخشية على ما ذهب اليه الامام

١٠

{ خلق اللّه } تعالى واوجد

{ السموات } السبع وكذا الكرسى والعرش

{ بغير عمد } بفتحتين جمع عماد كاهب واهاب وهو ما يعمد به اى يسند يقال عمد الحائط اذا دعمته اى خلقها بغير دعائم وسوارى على ان الجمع لتعدد السموات : وبالفارسية [ بيافرد آسمانها را بى ستون ]

{ ترونها } استئناف جيئ به للاستشهاد على ما ذكر من خلقه تعالى اياها غير معمودة بمشاهدتهم لها كذلك او صفة لعمد اى خلقها بغير عند مرئية على ان التقييد للرمز على انه تعالى عمدها بعمد لا ترى هى عند القدرة

واعلم ان وقوف السموات وثبات الارض على هذا النظام من غير اختلال انما هو بقدرة اللّه الملك المتعال ولله تعالى رجال خواص مظاهر القدرة من غير اختلال انما هو بقدرة اللّه الملك المتعال ولله تعالى رجال خواص مظاهر القدرة هم العمد المعنوية للمسوات والسبب الموجب لنظام العالم مطلقا وهم موجودون فى كل عنصر فاذا كان قرب القيامة يحصل لهم الانقراض والانتقال من هذه النشأة بلا خلف فيبقى العالم كشبح بلا روح فتنحل اجزاؤه انحلال اجزاء الميت ويرجع الظهور الى البطون ولا ينكر هذه الحال الا مغلوب القال نعوذ باللّه من الانكار والاصرار

{ والقى فى الارض رواسى } الالقاء طرح الشئ حيث تلقاه وتراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح . والرواسى جمع راسية من رسا الشئ يرسو اى ثبت والمراد الجبال الثوابت لانها ثبتت فى الارض وثبتت بها الارض شبه الجبال الرواسى استحقارا لها واستقلالا لعددها وان كانت خلقا عظيما بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن فى الارض وما هو الاتصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وان كل فعل عظيم يتحير فيه الاذهان فهو هين عليه والمراد قال لها كونى فكانت فاصبحت الارض وقد ارسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا اى تضطرب فلم يدر احد مم خلقت

{ ان تميد بكم } الميد اضطراب الشئ العظيم كاضطراب الارض يقال ماد يميد ميدا وميدانا تحرك واضطراب : وبالفارسية [ الميد : جنبيدن وخراميدن ] والباء للتعدية . والمعنى كراهة ان تميل بكم فان بساطة اجزائها تقتضى تبدل احيازها واوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته او لشئ من لوازمه بحيز معين ووضع مخصوص : وبالفارسية [ تازمين شماوا نه جنباند يعنى حركت ندهد ومضرب نسازد جه زمين برروى آب متحرك بود جون كشتى وبجبال راسيات آرام يافت كما قال الشيخ سعدى قدس سره ]

جومى كسترانيد فرش تراب ... جو سجادة نيك مردان برآب

زمين ازتب لرزه آمد ستوه ... فرو كفت بردامنش ميخ كوه

[ درموضح ازضحاك نقل ميكنند كه حق سبحانه نوزده كوه را ميخ زمين كرد تابر جاى بايستاد ازجمله كوه قاف وابو قبيس وجودى ولبنان وسنين وطور سينا وفيران ]

واعلم ان الجبال تزيد فى بعض الروايات على ما فيه الموضح كما سبق فى تفسير سورة الحجر

قال بعضهم عظام الارض وعروقها وهذا كقول من قال من اهل السلوك الشمس والقمر عينا هذا التعين والكواكب ليست مركوزة فيه وانما هى بانعكاس الانوار فى بعض عروقه اللطيفة وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرف بالكشف

{ وبث } [ وبرا كنده كرد ]

{ فيها } [ درزمين ]

{ من كل دابة } من كل نوع من انواعها مع كثرتها واختلاف اجناسها.

اصل البث اثارة الشئ وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما انطوت عليه من الغم والشر فبث كل دابة فى الارض اشارة الى ايجاده تعالى ما لم يكن موجودا واظهاره اياه والدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الحيوان وفى الحشرات اكثر

{ وانزلنا من السماء } من السحاب لان السماء فى اللغة ما علاك واظلك

{ ماء } هو المطر

{ فانبتنا فيها } فى الارض بسبب ذلك الماء والالتفات الى نون العظمة فى الفعلين لا براز مزيد الاعتناء بامرهما

{ من كل زوج كريم } من كل صنف كثير المنفعة

قال فى المفردات وكل شئ يشرف فى بابه فانه زوج من حيث ان له ضدا ما او مثلا ما او تركبا ما من جوهر وعرض ومادة وصورة . وفيه تنبيه على انه لا بد للمركب من مركب وهو الصانع الفرد

واعلم وفقنا اللّه جميعا للتفكر فى عجائب صنعه وغرائب قدرته ان عقول ان عقول العقلاء وافهام الاذكياء قاصرة متحيرة فى امر النباتات والاشجار وعجائبها وخواصها وفوائدها ومضارها ومنافعها وكيف لا وانت تشاهد اختلاف اشكالها وتباين الوانها وعجائب وخواصها صور اوراقها وروائح ازهارها وكل لون من الوانها ينقسم الى اقسام كالحمرة مثلا كوردىّ وارجوانى وسوسنى وشقائقى وخمرى وعنابى وعقيقى ودموى ولكىّ وغير ذلك مع اشتراك الكل فى الحمرة ثم عجائب روائحها ومخالفة بعضها بعضا واشتراك الكل فى طيب الرائحة وعجائب اشكال اثمارها وحبوبها واوراقها ولكل لون وريح وطعم وورق وثمر وزهر وحب وخاصية لا تشبه الاخرى ولا يعلم حقيقة الحكمة فيها الا اللّه والذى يعرف الانسان من ذلك بالنسبة الى ما لا يعرفه كقطرة من بحر وقد اخرج اللّه تعالى آدم وحواء عليهما السلام من الجنة فبكيا على الفراق سنين كثيرة فنبت من دموعهما نباتات حارة كالزنجبيل ونحوه فلم يضيع دموعهما كما لم يضيع نطفته حيث خلق منها يأجوج ومأجوج اذ لا يلزم ان يكون نزول النطفة على وجه الشهوة حتى يرد انه لم يحتلم نبى قط وقد سبق البحث فيه

١١

{ هذا } الذى ذكر من السموات والارض والجبال والحيوان والنبات

{ خلق اللّه } مخلوقه كضرب الامير اى مضروبه فاقيم المصدر مقام المفعول توسعا

{ فارونى } ايها المشركون : والاراءة بالفارسية [ نمودن ] يقال اريته الشئ واصله ارأيته

{ ماذا خلق الذين من دونه } اى من دون اللّه تعالى مما اتخذتوهم شركاء له تعالى فى العبادة حتى استحقوا مشاركته فى العبودية وماذا بمنزلة اسم واحد بمعنى أى شئ نصب بخلق او ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا وصلته وأرونى معلق عنه على التقديرين

{ بل الظالمون فى ضلال مبين } اضراب عن تبكيتهم اى كفار قريش الى التسجيل عليهم بالضلال الذى لا يخفى على ناظر اى فى ذهاب عن الحق بين واضح وابان بمعنى بان ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على انهم ظالمون باشراكهم

وفى فتح الرحمن بل هذا الذى قريش فيه ضلال مبين فذكرهم بالصفة التى تعم معهم اشباههم ممن فعل فعلهم من الامم

قال الكاشفى [ بلكه مشر كان در كمراهى آشكار انندكه عاجزرا باقادر ومخلوق رابا خالق در برستش شركت مى دهند ]

هركه هست آفريده او بنده است ... بنده دربند آفريننده است

بس كجا بندة كه بنده است ... لائق شركت خداونداست

واعلم ان التوحيد افضل كما ان الشرك اكبر الكبائر وللتوحيد نور كما ان للشرك نارا وان نور التوحيد احرق لسيآت الموحدين كما ان نار الشرك احرق لحسنات المشركين ولكون التوحيد افضل العبادات وذكر اللّه اقرب القربات لم يقيد بالزمان والاوقات بخلاف سائر الاعمال من الصيام والصلوات فالخلاص من الضلالة انما هو بالهداية الى التوحيد واخلاص العبادة لله الحميد وفى الحديث ( من قال لا اله لا اللّه وكفر بما يعبد من دون اللّه حرم ماله ودمه وحسابه على اللّه ) اى فى الآخرة فيما يخفيه من الاخلاص وغيره

ثم علم المشرك بالشرك الجلى وكذا عمله وان كانا فى صورة الحسنة كلاهما مردود مبعود وكذا علم المشرك بالشرك الخفى وعمله فان عمل الرياء والسمعة يدور بين السماء والارض ثم يضرب به على وجه صاحبه

واما المخلص وعمله فكلاهما محبوب مقرب عند اللّه تعالى روى ان المنزل الاول من منازل الاعمال المتقلبة المشروعة هو سدرة المنتهى ويتعدى بعض الاعمال الى الجنة وبعضها الى العرش ولك عمل غلبت عليه الصفات الروحانية وقواها اذا اقترن به علم محقق او اعتقاد حاصل عن تصور صحيح مطابق للمتصور مع حضور وجمعية وصدق فانه يتجاوز العرش الى عالم المثال فيدخر فيه لصاحبه الى يوم الجمع وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح فيتعين صورته فيه ثم يرد الى صاحبه يوم الجمع ثم من تتعدى اعماله الى مقام القلم ثم الى العماد فانظر الى الاعمال الصالحة ومقاماتها العلوية واعرض عن الشرك والاعمال السفلية قال الشيخ سعدى قدس سره

ره راست روتا بمنزل رسى ... تو برره نة زين قبل وا يسى

جوكاوى كه عصار جشمش به بست ... دوان تابشب شب هم آنجا كه هست

كسى كربتابد زمحراب روى ... بكفرش كواهى دهند اهل كوى

توهم بشت بر قبله كن درنماز ... كرت در خدانيست روى نياز

فاذا كان ما سوى اللّه تعالى لا يقدر على خلق شئ واعطاء ثواب فلا معنى للقصد اليه بالعبادة ففروا الى اللّه تعالى ايها المؤمنون لعلكم تنزلون اهلها آمنون

١٢

{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } [ آورده اندكه قصة لقمان حكيم ووصايا او نزد يهودا شهرتى داشت عظيم وعرب در مهمى كه بديشان رجوع كردندى ازحكمتها ولقمان براى ايشان مثل زندى حق سبحانه وتعالى ازحال وى خبرداد وفرمود : ولقد الخ ] وهو على ما قال محمد بن اسحاق صاحب المغازى لقمان بن باغور بن باحور بن تارخ بن تارخ وهو آزر ابو ابراهيم الخيل عليه السلام وعاش الف سنة حتى ادرك زمن داود عليه السلام واخذ عنه العلم وكان يفتى قبل مبعثه فلما بعث ترك الفتيا فقيل له فى ذلك فقال ألا اكتفى اذا كفيت

وقال بعضهم هو لقمان بن عنقا بن سرون كان عبدا نوبيا من اهل ايلة اسود اللون ولا ضمير فان اللّه تعالى لا يطفى عباده اصطفاء نبوة او ولاية وحكمة على الحسن والجمال وانما يصطفيهم على ما يعلم من غائب امرهم ونعم ما قال المولى الجامى

جه غم زمنقصت صورت اهل معنى را ... جوجان زروم بود كوتن ازحبش مى باش

والجمهور على انه كان حكيما حكمة طب وحكمة حقيقة : يعنى [ مردى حكيم بود ازنيك مردان بنى اسرائيل خلق را بند دادى وسخن حكمت كفتى وليكن سبط او معلوم نيست ولم يكن نبيا اما هزار ييغمبررا شا كردى كرده بود وهزار ييغمبر اورا شا كرد بودند درسخت حمكت ]

وفى بعض الكتب قال لقمان خدمت اربعة آلاف نبى واخترت من كلامهم ثمانى كلمات . ان كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك . وان كنت فى الطعام فاحفظ حلقك . وان كنت فى بيت الغير فاحفظ عينيك . وان كنت بين الناس فاحفظ لسانك . واذكر اثنين . وانس اثنين اما اللذان تذكرهما فاللّه والموت

واما اللذان تنساهما احسانك فى حق الغير واساءة الغير فى حقك

ويؤيد كونه حكيما لا نبيا كونه اسود اللون لان اللّه تعالى لم يبعث نبيا الاحسن الشكل حسن الصوت . وما روى انه قيل ما اقبح وجهك يا لقمان فقال أتعيب بهذا على النقش ام على النقاش . وما قال عليه السلام حقا اقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين احب اللّه فاحبه فمن عليه بالحكمة وهى اصابة الحق باللسان واصابة الفكر بالجنان واصابة الحركة بالاركان ان تكلم تكلم بحكمة وان تفكر تفكر بحكمة وان تحرك تحرك بحكمة كما قال الامام الراغب الحكمة اصابة الحق بالعلم والفعل . فالحكمة من اللّه تعالى معرفة الاشياء وايجادها على غاية الاحكام . ومن الانسان معرفة الموجودات على ما هى عليه وفعل الخيرات وهذا هو الذى وصف به لقمان فى هذه الآية

قال الامام الغزالى رحمه اللّه من عرف جميع الاشياء ولم يعرف اللّه لم يستحق ان يسمى حكيماً لانه لم يعرف اجل الاشياء وافضلها والحكمة اجل العلوم وجلاله المعلوم ولا اجل من اللّه ومن عرف اللّه فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها ومن عرف اللّه كان كلامه مخالفا لكلام غيره فانه قلما يتعرف للجزئيات بل يكون كلامه جمليا ولا يتعرض لمصالح العاجلة بل يتعرض لما ينفع فى العاقبة ولما كانت الكلمات الكلية اظهر عند الناس من احوال الحكيم من معرفته باللّه ربما اطلق الناس اسم الحكمة على مثل تلك الكلمات الكلية ويقال للناطق بها حكيم وذلك مثل قول سيد الانبياء عليه السلام

( رأس الحكمة مخافة اللّه . ما قل وكفى خير مما كثر وألهى . كن ورعا تكن اعبد الناس . وكن تقيا تكن اشكر الناس . البلاء موكل بالمنطق . السعيد من وعظ بغيره . القناعة مال لا ينفد . اليقين الايمان كله ) فهذه الكلمات وامثالها تسمى حكمة وصاحبها يسمى حكيما

وفى التأويلات النجمية الحكمة عدل الوحى قال عليه السلام ( اوتيت القرآن وما يعدله ) وهو الحكمة بدليل قوله

{ ويعلمهم الكتاب والحكمة } فالحكمة موهبة للاولياء كما ان الوحى موهبة للانبياء وكما ان النبوة ليست كسبية بل هى فضل اللّه يؤتيه من يشاء فكذلك الحكمة ليست كسبية تحصل بمجرد كسب العبد دون تعليم الانبياء اياه طريق تحصيلها بل بايتاء اللّه تعالى كما علمنا النبى عليه السلام طريق تحصيلها بقوله ( من اخلص لله اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) وكما ان القلب مهبط الوحى من ايحاء الحق تعالى كذلك مهبط الحكمة بايتاء الحق تعالى كما قال تعالى

{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } وقال

{ يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا } فثبت ان الحكمة من المواهب لا من المكاسب لانها الاقوال لا من المقامات والمعقولات التى سمتها الحكماء حكمة ليست بحكمة فانها من نتائج الفكر السليم ن شوب آفة الوهم والخيال وذلك يكون للمؤمن والكافر وقلما يسلم من الشوائب ولهذا وقع الاختلاف فى ادلتهم وعقائدهم ومن يحفظ الحكمة التى اوتيت لبعض الحكماء الحقيقية لم تكن هى حكمة بالنسبة اليه لانه لم يؤت الحكمة ولم يكن هو حكيما انتهى

قال فى عرائس البيان الحكمة ثلاث . حكمة القرآن وهى حقائقه . وحكمة الايمان وهى المعرفة . وحكمة البرهان وهى ادراك لطائف صنع الحق فى الافعال واصل الحكمة ادراك خطاب الحق بوصف الالهام

قال شاه شجاع ثلاث من علامات الحكمة . انزال النفس من الناس منزلتها . وانزال الناس من النفس منزلتهم . ووعظهم على قدر عقولهم فيقوم بنفع حاضر

وقال الحسين بن منصور الحكمة سهام وقلوب المؤمنين اهدافها والرامى اللّه والخطأ معدوم

وقيل الحكمة هو النور الفارق بين الالهام والوسواس ويتولد هذا النور فى القلب من الفكر والعبرة وهما ميراث الحزن والجوع

قال حكيم قوت الاجساد المشارب والمطاعم وقوت العقل الحكمة والعلم.

وافضل ما اوتى العبد فى الدنيا الحكمة وفى الآخرة الرحمة والحكمة للاخلاق كالطب للاجساد

وعن على رضى اللّه عنه روّحوا هذه القلوب واطلبوا لها طرائق الحكمة فانها تمل كما تمل الابدان وفى الحديث ( ما زهد عبد فى الدنيا الا انبت اللّه الحكمة فى قلبه وانطق بها لسانه وبصّره عيوب الدنيا وعيوب نفسه واذا رأيتم اخاكم قد زهد فاقربوا اليه فاستمعوا منه فانه يلقى الحكمة ) . والزهد فى اللغة ترك الميل الى الشئ وفى اصطلاح اهل الحقيقة هو بعض الدنيا والاعراض عنها وشرط الزاهد ان لا يحنّ الى ما زهد فيه واد به ان لا يذم المزهرد فيه لكونه من جملة افعال اللّه تعالى وليشغل نفسه بمن زهد من اجله

قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا سر من اسرار اللّه المخزونة عنده لا يهنه على الكمال الا لنبىّ او صديق فليس كل تواضع تواضعا وهو اعلى مقامات الطريق وآخر مقام ينتهى اليه رجال اللّه وحقيقة العلم بعبودية النفس ولا يصح من العبودية رياسة اصلا لانها ضدلها . ولهذا قال ابو مدين قدس سره آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ولا تظن ان هذا التواضع الظاهر على اكثر الناس وعلى بعض الصالحين تواضع وانما هو تملق بسبب غاب عنك وكل يتملق على قدر مطلوبه والمطلوب منه فالتواضع شريف لا يقدر عليه كل احد فانه موقوف على صاحب التمكين فى العالم والتحقق فى التخلق كذا فى مواقع النجوم لحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر روى ان لقمان كان نائما نصف النهار فنودى يا لقمان هل لك ان يجعلك اللّه خليفة فى الارض وتحكم بين الناس بالحق فاجاب الصوت فقال ان خيرنى ربى قبلت العافية ولم اقبل البلاء وان عزم على اى جزم فسمعا وطاعة فانى اعلم ان فعل بى ذلك اعاننى وعصمنى فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان قال لان الحاكم باشد المنازل وا كدرها يغشاه الظلم من كل مكان اصاب فبالحرى ان ينجو وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ومن يكن فى الدنيا ذليلا خير من ان يكون شريفا ومن يختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقه ثم نام نومة اخرى فاعطى الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها

قال الكاشفى [ حق سبحانه وتعالى اورا بسنديد وحكمت را برو افاضه كرد بمثابة كه ده هزار كلمة حكمت ازو منقولست كه هر كلمة بعالمى ارزد ] فانظر الى قابليته وحسن استعداده لحسن حاله مع الله

واما امية بن ابى الصلت الذى كان يأمل ان يكون نبى آخر الزمان وكان من بلغاء العرب فانه نام يوما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه لسوء حاله مع اللّه تعالى

ثم نودى داود بعد لقمان فقبلها فلم يشترط لقمان فوقع منه بعض الزلات وكانت مغفورة له

وكان لقمان يوازره بحكمته : يعني [ وزيرئ وى ميكند بحمكت ] فقال له داود طوبى لك يا لقمان اعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى واعطى داود الخلافة وابتلى بالبلية والفتنة

در قصر عافيت جه نشنيم اى سليم ... مارا كه هست معركهاى بلا نصيب

وقال

دائم شاد بودن من نيست مصلحت ... جزغم نصيب جان ودل ناتوان مباد

ولما كانت الحكمة من انعام اللّه تعالى على لقمان ونعمة من نعمه طالبه بشكره بقوله

{ ان اشكر لله } اى قلنا له اشكر لله على نعمة الحكمة اذا آتاك اللّه اياها وانت نائم غافل عنها جاهل بها

{ ومن } [ وهركه ]

{ يشكر } له تعالى على نعمه

{ فانما يشكر لنفسه } لان منفعته التى هى دوام النعمة واستحقاق مزيدها عائدة اليها مقصورة عليها ولان الكفران من الوصف اللازم للانسان فانه ظلوم كفار والشكر من صفة الحق تعالى فان اللّه شاكر عليم فمن شكر فانما يشكر لنفسه بازالة صفة الكفران عنها واتصافها بصفة ساكرية الحق تعالى

{ ومن كفر } نعمة ربه فعليه وبال كفره

{ فان اللّه غنى } عنه وعن شكره

{ حميد } محمود فى ذاته وصفاته وافعاله سواء حمده العباد وشكروه ام كفروه ولا يحصى عليه احد ثناء كما يثنى هو على نفسه وعدم التعرض لكونه تعالى شكورا لما ان الحمد متضمن للشكر وهو رأسه كما قال عليه السلام ( الحمد رأس الشكر لم يشكر اللّه عبد لم يحمده ) فاثباته له تعالى للشكر

قال فى كشف الاسرار رأس الحكمة الشكر لله ثم المخافة منه ثم القيام بطاعته ولا شك ان لقمان امتثل امر اللّه فى الشكر وقام بعبوديته [ لقمان ادبى تمام داشت وعبادت فراوان وسينئة آبادان ودلى برنور وحمكت روشن برمردمان مشفق ودرميان خلق مصلح وهمواره ناصح خودران بوشديه داشتى وبرمرك فرزندان وهلاك مال غم نخوردى واز تعلم هيج نيا سودى حكيم بود وحليم ورحيم وكريم ] فلقمان ذو الخير الكثير بشهادة اللّه له بذلك فانه قال

{ ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا } واول ما روى من حكمته الطيبة انه بينا هومع مولاه اذ دخل المخرج فاطال الجلوس فناداه لقمان ان طول الجلوس على الحاجة يتجزع منه الكبد ويورث الناسور ويصعد الحرارة الى الرأس فاجلس هوينا وثم هوينا فخرج فكتب حكمته على باب الحش

واوّل ما ظهرت حكمته العقلية انه كان راعيا لسيده فقال مولاه يوما امتحانا لعقله ومعرفته اذبح وائتنى منها باطيب مضغتين فاتاه باللسان والقلب

وفى كشف الاسرار [ آنجه ازجانور بدتراست وخبث تربمن آر ] فاتاه باللسان والقلب ايضا فسأله عن ذلك فقال لقمان ليس شئ اطيب منهما اذا طابا ولا اخبث منهما اذا خبثا [ خواجه آن حكمت ازوى بيسنديد واورا آزاد كرد ]

وفى بعض الكتب ان لقمان خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة فبينا هويعظ الناس يوما وهم مجتمعون عليه لاستماع كلمة الحكمة اذ مر به عظيم من عظماء بنى اسرائيل فقال ما هذه الجماعة قيل له هذه جماعة اجتمعت على لقمان الحكيم فاقبل اليه فقال له ألست العبد الاسود الذى كنت ترعى بموضع كذا وكذا : وبالفارسية [ توآن بندة سياه نيستى كه شبانئ رمة فلان مى كردى ] قال نعم فقال فما الذى بلغ بك ما ارى قال صدق الحديث واداء الامانة وترك ما لا يعنى : يعنى [ آنجه دردين بكار نيايد وازان بسر نشود بكذاشتن ]

قال فى كشف الاسرار [ لقمان سى سال بادواد همى بود بيك جاى وازيس داود زنده بود تابعهد يونس بن متى ]

وكان عند داود وهو يسرد درعا لان الحديد صار له كالشمع بطريق المعجزة فجعل لقمان يتعجب مما يرى ويردان ان يسأله وتمنعه حكمته عن السؤال فلما اتمها لبسها وقال نعم درع الحرب هذه فقال لقمان ان من الحكمة الصمت وقليل فاعله اى من يستعمله كما قال الشيخ سعدى [ هر آنجه دانى هرآينه معلوم توخوا هدشد بيرسيدن او تعجيل مكن كه حكمت زيان كند ]

جو لقمان ديد كاندر دست داود ... همى آهن بمعجز موم كردد

نبر سيدش جه مى سازى كه دانست ... كه بى برسيدنش معلوم كردد

ومن حكمته ان داود عليه السلام قال له يوما كيف اصبحت فقال اصبحت بيد غيرى فتفكر داود فيه صعق صعقة : يعنى [ نعرة زد وبيهوش شد ومراد ازيد غير قبضتين فضل وعدلست ] كما فى تفسير الكاشفى

قال لقمان ليس مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس . وقال ضرب الوالد كالسبار للزرع [ در تفسير ثعلبى ازحكمت لقمان مى آردكه روزى خواجه وى اورا باغلامان ديكر بباغ فرستاد تاميوة بيارد ( وكان من اهون مملوك على سيده )

بود لقمان ييش خواجه خويشتن ... درميان بندكانش خوارتن

بود لقمان در غلامان جون طفيل ... بر معانى تيره صورت همجو ليل

غلامان ميوه را درراه بخورند وحوالة خوردن آن بلقمان كردند خواجه بروخشم كرفت لقمان كفت ايشان ميوه خورده اند دروغ بمن بستند خواجه كفت حقيقت اين سخن بجه جيز معلوم توان كرد كفت آنكه مارا آب كرم بخورانى ودر صحرا بارة بدوانى تاقى كنيم ازدرون هركه ميوه بيرون آيد خائن اوست ]

كشت ساقى خواجه از آب حميم ... مرغلامانرا وخوردند آن زبيم

بعد ازان مى راند شان دردشتها ... ميدويدند آن نفر تحت وعلا

قى در افتادند ايشان از عنا ... آب مى آورد زيشان ميوها

جونكه لقمان رادر آمد قى زناف ... مى برآمد از درونش آب صاف

حكمت لقمان جوداند اين نمود ... بس جه باشد حكمت رب ودود

يوم تبلى والسرائر كلها ... بان منكم كامن لا يشتهى

جون سقوا ماء حميما قطعت ... جملة الاستار مما افضحت

هرجه بنهان باشد آن ييدا شود ... هركه او خائن بود رسوا شود

وعن عبد اللّه بن دينار ان لقمان قدم من سفر فلقى غلامه فى الطريق فقال ما فعل ابى قال مات قال الحمد لله ملكت امرى قال وما فعلت امى قال قد ماتت قال سترت عورتى قال ما فعل اخى قال مات قال انقطع ظهرى وانكسر جناحى ثم قال ما فعل ابنى قال مات قال انصدع قلبى

قال فى فتح الرحمان وقبر لقمان بقرية صرفند ظاهر مدينة الرملة من اعمال فلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين هى البلاد الى بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وعلى قبره مشهد وهو مقصود بالزيارة

وقال قتادة قبره بالرملة ما بين مسجدها وسوقها وهناك قبور سبعين نبيا ماتوا بعد لقمان جوعا فى يوم واحد اخرجهم بنوا اسرائيل من القدس فالجأوهم الى الرملة ثم احاطوهم هناك فتلك قبورهم

جهان جاى راحت نشد اى فتى ... شدند انبيا اوليا مبتلا

١٣

{ واذ قال لقمان } واذكر يا محمد لقومك وقت قول لقمان

{ لابنه } انعم فهو ابو انعم اى يكنى به كما قالوا

{ وهو } اى والحال ان لقمان

{ يعظه } اى الابن

والوعظ زجر يقترن بتخويف

وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق القلب والاسم العظة والموعظة : وبالفارسية [ ولقمان بند مى داد اورا وميكفت ]

{ يا بنىّ } بالتصغير والاضافة الى ياء المتكلم بالفتح والكسر وهو تصغير رحمة وعطوفة ولهذا اوصاه بما فيه سعادته اذا عمل بذلك : وبالفارسية [ اى بسرك من ]

{ لا تشرك باللّه } لا تعدل باللّه شيأ فى العبادة : وبالفارسية [ انباز مكير بخداى ]

{ ان الشرك لظلم عظيم } لانه تسوية بين من لا نعمة الامنه ومن لا نعمة منه

وفى كشف الاسرار [ بيدادى است برخويشتن بزرك ] وعظمه انه لا يغفر ابدا قال الشاعر

الحمد لله لا شريك له ... ومن اباها فنفسه ظلما

وكان ابنه وامرأته كافرين فما زال بهما حتى اسلما بخلاف ابن نوح وامرأته فانهما لم يسلما وبخلاف ابنتى لوط وامراته فان ابنتيه اسلمتا دون امرأته ولذا ما سلمت فكانت حجرا فى بعض الروايات كما سبق

قيل وعظ لقمان ابنه فى ابتداء وعظه على مجانبة الشرك . والوعظ زجر النفس عن الاشتغال بما دون اللّه وهو التفريد للحق بالكل نفسا وقلبا وروحا فلا تشتغل بالنفس الا بخدمته ولا تلاحظ بالقلب سواه ولا تشاهد بالروح غيره وهو مقام فى التوحيد

هركه در درياى وحدت غرقة باشدجان او ... جوهر فرد حقيقت يافت از جانان او

اللهم اجعلنا من المفرّدين

١٤

{ ووصينا الانسان بوالديه } الى آخره اعتراض فى اثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك يقال وصيت زيدا بعمرو امرته بتعهده ومراعاته : والمعنى [ وصيت كرديم مردم را به بدر ومادر ورعايت حقوق ايشان ]

ثم رجح الام ونبه على عظم حق والديه فقال

{ حملته امه } الى قوله عامين اعتراض بين المفسرين والمفسر اى التوصية والشكر . والمعنى بالفارسية [ برداشت مادر اورا درشكم ]

{ وهنا } حال من امه اى ذات وهن والوهن الضعف من حيث الخلق والخلق

{ على وهن } اى ضعفا كائنا على ضعف فانه كلما عظما ما فى بطنها زادها ضعفا الى ان تضع

{ وفصاله فى عامين } الفصال التفريق بين الصبى والرضاع ومنه الفصيل وهو ولد الناقة اذا فصل عن امه . والعام بالتخفيف السنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذى فيه الشدة والجدب ولذا يعبر عن الجدب بالسنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذى فيه الشدة والجدب ولذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فيما فيه الرخاء اى فطام الانسان من اللبن يقع فى تمام عامين من وقت الولادة وهى مدة الرضاع عند الشافعى فلا يثبت حرمة الارضاع بعدها فالارضاع عنده واجب الى الاستغناء ويستحب الى الحولين وجائز الى حولين ونصف وهذا الخلاف بينهما فى حرمة الرضاع كما اشير اليه اما استحقاق الاجرة فمقدر بحولين فلا تجب نفقة الارضاع على الاب بعد الحولين بالاتفاق وتمام الباب فى كتاب الرضاع فى الفقه

قال فى الوسيط المعنى ذكر مشقة الوالدة بارضاع الولد بعد الوضع عامين

{ ان اشكر لى ولوالديك } تفسير لوصيناه اى قلنا له اشكر لى او علة له اى لان يشكر لى وما بينهما اعتراض مؤكد للوصية فى حقها خاصة ولذلك قال عليه السلام لمن قال له من ابر ( امك ثم امك ثم امك ) ثم قال بعد ذلك ( ثم اباك ) والمعنى اشكر لى حيث اوجدتك وهديتك بالاسلام واشكر لوالديك حيث ربياك صغيرا وشكر الحق بالتعظيم والتكبير وشكر الوالدين بالاشفاق والتوقير

وفى شرح الحكم قرن شكرهما بشكره اذهما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقى فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وفى الحديث ( لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس ) فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب اللّه على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده

ثم حق المعلم فى الشكر فوق حق الوالدين

سئل الاسكندر

وقيل ما بالك تعظم مؤد بك اشد من تعظيمك لابيك فقال ابى حطنى من السماء الى الارض ومؤدبى رفعنى من الارض الى السماء : قال الحافظ

من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين خراب آبادم

وقيل

لبرزجمهر ما بالك تعظيمك لمعلمك اشد من تعظيمك لابيك قال لان ابى سبب حياتى الفانية ومعلمى سبب حياتى الباقية

{ الىّ المصير } تعليل لوجوب الامتثال بالامر اى الى الرجوع لا الى غيرى فاجازيك على شكرك وكفرك . ومعنى الرجوع الى اللّه الرجوع الىّ حيث لا حاكم ولا مالك سواه

قال سفيان بن عيينه من صلى الصلوات الخمس فقد شكر اللّه ومن دعا لوالديه فى ادبار الصلوات الخمس فقد شكر والديه وفى الحديث ( من احب ان يصل باه فى قبره فليصل اخوان ابيه من بعده ومن مات والداه وهو لهما غير بار وهو حى فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن زار قبر ابويه او احدهما فى كل جمعة كان بارا ) وفى الحديث ( من صلى ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسى خمس مرات وقل هو اللّه احد خمس مرات والمعوذتين خمسا خمسا فاذا فرغ من صلاته استغفر اللّه خمس عشرة مرة وجعل ثوابه لوالديه فقد ادى حق والديه عليه وان كان عاقالهما واعطاه اللّه تعالى ما يعطى الصديقين والشهداء ) كذا فى الاحياء وقوت القلوب

١٥

{ وان جاهداك } المجاهدة استفراغ الجهد اى الوسع فى مدافعة العدو : وبالفارسية [ باكسى زار كردن در راه خداى ] والمعنى وقلنا للانسان ان اجتهد ابواك وحملاك : وبالفارسية [ واكر كشش وكوشش كنند بدر ومادر تو باتو ]

{ على ان تشرك بى ما ليس لك به } اى بشركته تعالى فى استحقاق العبادة

{ علم فلا تطعهما } فى الشرك يعنى ان خدمة الوالدين وان كانت عظيمة فلا يجوز للولد ان يعطيعهما فى المعصية

جون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى

{ وصاحبهما } [ ومصاحبت كن بايشان ومعاشرت ]

{ فى الدنيا } صحابا

{ معروفا } ومعاشرة جميلة يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم من الانفاق وغيره وفى الحديث ( حسن المصاحبة ان يطعهما اذا جاعا وان يكسوهما اذا عريا ) فيجب على المسلم نفقة الوالدين ولو كانا كافرين وبرهما وخدمتهما وزيارتهما الا ان يخاف ان يجلباه الى الكفر وحينئذ يجوز ان لا يزورهما ولا يقودهما الى البيعة لانه معصية ويقودهما منها الى المنزل

وقال بعضهم المعروف ههنا ان يعرفهما مكان الخطأ والغلط فى الدين عند جهالتهما بالله

قال فى المفردات المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه والمنكر بهما ولهذا قيل للاقتصاد فى الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا فى العقول بالشرع

{ واتبع } فى الدين

{ سبيل من اناب الىّ } رجع بالتوحيد والاخلاص فى الطاعة وهم المؤمنون الكاملون

{ ثم الىّ مرجعكم } مرجعك ومرجعهما

{ فنبئكم } عن رجوعكم

{ بما كنتم تعملون } بان اجازى كلا منكم بما صدر عنه من الخير والشر : وبالفارسية [ بس آكاه شمارا بياداش آن جيز كه مى كرديد ] ونزل الآية فى سعد بن ابى وقاص رضى اللّه عنه من العشرة المبشرة حين اسلم وحلفت امه ان لا تأكل ولا تشرب حتى يرجع عن دينه [ أورده اندكه مادر سعد سه روزنان وآب نخورد تادهن او بجوبى بشكافتند وآب دران ريختند وسعد ميكفت اكر اورا هفتاد روح باشد ويك بيك اكر قبض كنند يعنى بفرض اكر هفتاد باربميرد من از دين اسلام بر نمى كردم ] وقد سبقت قصته مع فوائد كثيرة فى اوائل سورة العنكبوت

واعلم ان اهم الواجبات بعد التوحيد بر الوالدين روى ان رجلا قال يا رسول اللّه ان امى هرمت فاطعمها بيدى واسقيها واضئها واحملها على عاتقى فهل جازيتها حقها قال عليه السلام ( لا ولا واحدا ما مائة ) قال ولم يا رسول اللّه قال ( لانها خدمتك فى وقت ضعفك مريدة حياتك وانت تخدمها مريدا مماتها ولكنك احسنت واللّه يثيبك على القليل كثيرا ) قال الشيخ سعدى

رازراى مادر بتافت ... دل درد مندجش بآزر بتافت

جو بيجاره شد ييشش آورد مهد ... كه اى سست مهر وفراموش عهد

نه كريان ودر مانده بودى وخرد ... كه شبها زدست تو خوابم نبرد

نه در مهد نيروى حالت نبود ... مكس راندن ازخود مجالت نبود

توانى كه از يك مكس رنجة ... كه امروز سالار سر بنجه

بحالى شوى باز در قعر كور ... كه نتوانى ازخويشتن دفع مور

در ديده جون برفروزد جراغ ... جو كرم لحد خورد بيه دماغ

جوبوشيده جشمى نه بينى كه راه ... نداند همى وقت رفتن زجاه

توكر شكر كردى كه باديده ... وكرنه توهم جشم بوشيدة

وعن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه انه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( لولا انى اخاف عليكم تغير الاحوال عليكم بعدى لامرتكم ان تشهدوا لاربعة اصناف بالجنة . او لهم امرأة وهبت صداقها لزوجها لاجل اللّه وزوجها لاجل اللّه وزوجها راض . والثانى ذو عيال كثير يجتهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطعمهم الحلال . والثالث التائب من الذنب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدى . والرابع البار بوالديه ) ثم قال عليه السلام ( طوبى لمن بر بوالديه وويل لمن عقهما )

وعن عطاء بن يسار ان قوما سافروا فنزلوا برية فسمعوا نهيق حمار حتى اسهرهم فلما اصبحوا نظروا فرأوا بيتا من شعر فيه عجوز فقالوا سمعنا نهيق حمار وليس عندك حمار فقالت ذاك ابنى كان يقول لى يا حمارة فدعوت اللّه ان يصيره حمارا فذاك منذ مات ينهق كل ليلة حتى الصباح

وعن وهب لما خرج نوح عليه السلام من السفينة نام فانكشفت عورته وكان عنده حام ولده فضحك ولم يستره فسمع سام ويافث صنع حام فألقيا عليه ثوبا فلما سمعه نوح قال غير اللّه لونك فجعل السودان من نسل حام فصار الذل لا ولاده الى يوم القيامة : قال الحافظ

دخترانرا همه جنكست وجدل بامادر بسرانرا همه بدخواه بدر مى بينم

ثم ان الآية قد تضمنت النهى عن صحبة الكفار والفساق والترغيب فى صحبة الصالحين فان المقارنة مؤثرة والطبع جذاب والامراض سارية

وفى الحديث ( لاتسا كنوا المشركين ولا بحامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا ) اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد ولا تجتمعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا تسرى اليكم اخلاقهم الخبيثة وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة

باد جون برفضاى بد كذرد ... بوى بدكيرد از هواى خبيث

قال ابراهيم قدس سره دواء القلب خمسة . قراءة القرآن بالتدبر . واخلاء البطن . وقيام الليل . والتضرع الى اللّه تعالى عند السحر . ومجالسة الصالحين

بى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هركه اين سعادت طلب كرد يافت

وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى

كذا فى البستان

١٦

كذا فى البستان

{ يا بنىّ } [ كفت لقسان فرزند خودرا كه انعم نام بود ] بضم العين [ اى بسرك من ]

قال فى الارشاد شروع فى حكاية بقية وصايا لقمان اثر تقرير ما فى مطلعها من النهى عن الشرك وتأكيده بالاعتراض

{ انها } اى الخصلة من الاساءة او الاحسان

وقال مقاتل وذلك ان ابن لقمان قال لابيه يا ابتاه ان عملت الخطيئة حيث لا يرانى احد كيف يعلمها اللّه فرد عليه لقمان فقال يا بنى انها اى الخطيئة

{ ان تك } اصله تكون حذفت الواو لاجتماع الساكنين الحاصل من سقوط حركة النون بان الشرطية وحذفت النون ايضا تشبيها بحرف العلة فى امتداد الصوت او بالواو فى الغنة او بالتنوين

وقال بعضهم حذفت تخفيفا لكثرة الاستعمال فلا تحذف من مثل لم يصن ولم يخن فان وصلت بساكن ردت النون وتحرك نحو لم الذين الآية

{ مثقال حبة من خردل } المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل صنج

وفى كشف الاسرار يقال مثقال الشئ ما يساويه فى الوزن وكثر الكلام فصار عبارة عن مقدار ما هو اصغر المقادير التى توزن بها الاشياء من جنس الخردل الذى هو اصغر الحبوب المقتاتة

{ فتكن } [ بس باشد آن ] اى مع كونها فى اقصى غايات الصغر

{ فى صخرة } الصخر الحجر الصلب اى فى اخفى مكان واحرزه كجوف صخرة ما

وقال المولى الجامى فى صخرة هى اصلب المركبات واشدها منعا لاستخراج ما فيها انتهى والمراد بالصخرة أية صخرة كانت لانه قال بلفظ النكرة

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما الارض على الحوت والحوت فى الماء والماء على صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة التى ذكر لقمان ليست فى السموات ولا فى الارض كذا فى التكملة

{ او فى السموات } مع ما بعدها

وفى بعض التفاسير فى العالم العلوى كمحدب السموات

{ او فى الارض } مع طولها وعرضها

وفى بعض التفاسير فى العالم السفلى كمقعر الارض

{ يأت بها اللّه } اى يحضرها فيحاسب عليها لانه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره : وبالفارسية [ بيارد خداى تعالى آنرا وحاضر كرداند وبر آن حساب كند ] فالباء للتعدية

قال المولى الجامى فى شرح الفصوص انها اى القصة ان تك مثقال حبة بالرفع كما قراءة نافع وحينئذ كان تامة وتأنيثها لاضافة المثقال الى الحبة وقوله يأت بها اللّه اى للأغتذاء بها

{ ان اللّه } من قول لقمان

{ لطيف } يصل علمه الى كل خفى فان احد معانى اللطيف هو العالم بخفيات الامور ومن عرف انه العالم بالخفيات يحذر ان يطلع عليه فيما هو فيه ويثق به فى علم ما يجهله

برو علم يك ذره بوشيده نيست ... كه ييدا وبنهان بنزدش يكيست

{ خبير } عالم بكنهه

قال فى شرح حزب البحر الخبير هو العليم بدقائق الامور التى لا يتوصل اليها غيره الا بالاختيار والاحتيال ومن عرف انه الخبير ترك الرياء والتصنع لغيره بالاخلاص له فاللّه تعالى لا يخفى عليه شئ فى الارض ولا فى السماء ويحيط باسرار الضمائر وبطون الخواطر ويحاسب عليها سواء كانت فى صخرة النفوس او فى سماء الارواح او فى ارض القلوب

وفيه تنبيه لاهل المراقبة وتحذير من الملاحظات لاطلاع الحق على نوادر الخطرات وبطون الحركات

وفى التأويلات النجمية

{ يا بنى انها } يشير الى المقسومات الازلية من الارزاق والاخلاصات الانسانية والمواهب الالهية

{ ان تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة } اى صخرة العدم

{ او فى السموات } فى الصورة والمعنى

{ او فى الارض } فى الصورة والمبنى

{ يأت بها اللّه } لمن قدر له وقسم من اسباب السعادة والشقاوة ان شاء بطريق كسب العبد من وان شاء يجعل له مخرجا فى حصولها من حيث لا يحتسب

{ ان اللّه لطيف } بعباده

{ خبير } باتيان ما قسم لهم بلطف ربوبيته فالواجب على العبد ان يتق بوعده ويتكل على كرمه فيما قدر له ويسعى الى القيام بعبوديته انتهى

وفى بعض الكتب ان هذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات انتهى

يقول الفقير هذا الحضور فى مقام الهيبة من صفات المقربين . وكان ابراهيم عليه السلام اذا صلى يسمع غليان صدره وذلك من استيلاء الهيبة عليه وهذا الغليان يقال له برهان الصدر وقع لنبينا عليه السلام فى مرتبة الا كملية فواعجبا لا مثالنا كيف لا ينجع فينا الوعظ ولا يأخذ بنا معانى اللفظ وليس الا من الغفلة والنسيان وكثرة العصيان

تا نيابى رتبة لقمانرا ... آتش هيبت نسوزد جانرا

جان عاشق همجو بروانه بود ... نزد شمع آيدا كر سوزان شود

ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار [ لقمان بسر خويش را بنداد ووصيت كرد كه اى بسر بسورها مروكه ترا رغبت دردنيابديد آيد واخرى بردل توفراموش كردد وكفت كه اى بسر كر سعادت آخرت ميخواهى وزهد دردنيا به تشييع جنازها بيرون شو ومرك رابيش بردار وفضول بكذار وازننك زنان تاتوانى برحذر باشر وبرزنان بد فرياد خواه باللّه كه ايشان دام شيطانند وسبب فتنة ]

١٧

{ يا بنىّ اقم الصلاة } التى هى اكمل العبادات تكميلا لنفسك من حيث العمل بعد تكميلها من حيث العلم والاعتقادات لان النهى عن الشرك فيما سبق قد تضمن الامر بالتوحيد الذى هو اول ما يجب على الانسان

وفى التأويلات النجمية ادمها وادمتها فى ان تنتهى عن الفحشاء والمنكر فان اللّه وصف الصلاة بانها تنهى عن الفحشاء والمنكر فمن كان منتهيا عنهما فانه فى الصلاة وان لم يكن على هيئتها ومن لم يكن منتهيا عنهما فليس فى الصلاة وان كان مؤديا هيئتها انتهى

ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار [ اى بسر روزه كه دارى جنان دار كه شهوت ببرد نه قوت ببرد وضعيف كند نازنماز بازمانى كه بنزديك خدانماز دوستر ازروزه ] وذلك لان الصوم والرياضات لاصلاح الطبيعة وتحسين الاخلاق

واما الصلاة فلا صلاح النفس التى هى مأوى كل شر ومعدن كل هوى وما عبد اله ابغض الى اللّه من الهوى

{ وأمر بالمعروف } بالمستحسن شرعا وعقلا وحقيقته ما يوصل العبد الى اللّه

{ وانه عن المنكر } اىعن المستقبح شرعا وعقلا تكميلا لغيرك وحقيقته ما يشغل العبد عن اللّه

{ واصبر } الصبر حبس النفس عما يقتضى الشرع او العقل الكف عنه

{ على ما اصبر } من الشدائد والمحن كالامراض والفقر والهم والغم لا سيما عند التصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر من اذى الذين تأمرهم بالمعروف وتبعثهم على الخير وتنهاهم عن المنكر وتزجرهم عن الشر

{ من عزم الامور } العزم والعزيمة عقد القلب على امضاء الامر وعزم الامور ما لا يشوبه شبهة ولا يدافعه ريبة

وفى الخبر ( من صلى قبل العصر اربعا غفر اللّه له مغفرة عزما ) اى هذا الوعد صادق عزيم وثيق وفى دعائه عليه السلام

{ اسألك عزائم مغفرتك } اى اسألك ان توفقنى للاعمال التى تغفر لصاحبها لا محالة واطلق المصدر اى العزم على المفعول اى المعزوم . والمعنى من معزومات الامور ومقطوعاتها ومفروضات بمعنى مما عزمه اللّه اى قطعه قطع ايجاب وامر به العباد امرا حتما ويجوز ان يكون بمعنى الفاعل اى من عازمات الامور وواجباتها ولازماتها من قوله فاذا عزم الامر اى جد

وفى هذا دليل على قدم هذه الطاعات والحث عليها فى شريعة من تقدمنا وبيان لهذه الامة ان من امر بالمعروف ونهى عن المنكر ينبغى ان يكون صابرا على ما يصيبه فى ذلك ان كان امره ونهيه لوجه اللّه لانه قد اصابه ذلك فى ذات اللّه وشانه

واشارة الى ان البلاء والمحنة من لوازم المحبة فلا بد للمريد الصادق ان يصبر على ما اصابه فى اثناء الطلب مما ابتلاه اللّه به من الخوف من الاعداء فى الظاهر والباطن الجزع من الجوع الظاهر عند قلة الغذاء للنفس ومن الباطن عند قلة الكشوف والمشاهدات التى هى غذاء للقلب ونقص من الاموال والانفس ومن مفارقة الاولاد والاهالى والاخوان والاخدان والثمرات.

يعنى ثمرات المجاهدات وبشر الصابرين على هذه الاحوال بان عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون الى الحضرة

ومن وصايا لقمان على ما فى كشف الاسرار [ اى بسر مبادا كه ترا كارى ييش آيد ازمحبوب ومكروه كه تونيز در ضمير خود جنان دانى كه خير وصلاح تو در آنست بسر كفت اى بدر من اين عهد نتوانم داد تا آنكه بدانم كه آنجه كفتى جنانست كه توكفتى بدر كفت اللّه تعالى ييغمبر مى فرستاد است وعلم وبينان آنجه من كفتم باوى است تاهردنو نزديك وى شويم وازوى بيرسيم هردو بيرون آمدند وبر مركوب نشتند وآنجه دربايست بود ازتوشه وزاد سفر برداشتند بيابانى درييش بود مركوب همى راندند تاروز بنماز ييشين رسيد وكرما عظيم بود آب وتوشه سيرى كشت وهيج نماند هر دو ازمر كوب فرود آمدند وبياده بشتاب همى رفتند ن كاه لقمان در بيش نكرست سياهى ديد ودود بادل خويش كفت آن سياهى درخت است وآن دودنشان آبادانى ومردمانكه آنجا وطن كرفته اند همجنان وفتند بشتاب ناكاه بسر لقمان باى براستخوانى نهاد آن استخوان بزير قدم وى برآمد وبيشت باى بيرون آمد بسر بيهوش كشت وبر جاى بيفتاد لقمان دروى آويخت واستخوان بدندان ازياى وى بيرون كرد وعمامة وى باره كرد وبر ياى وى بست لقمان آن ساعت بكريست ويك قطره آب جشم برروى بسم افتاد وبسرروى فرايدر كرد وكفت اى باباى من بكريى بجيزى كه ميكويى كه بهتر من صلاح من در آنست اى بدر جه بهتريست مارا درين حال وتوشه سبرى شد وما هردو درين بيابان متحير ماندان يم اكر توبروى ومرا درين حال بجاى مانى باغم وانديشه روى واكر بامن اينجا مقام كنى كنى برين حال هردو بميريم درين جه بهترست وجه خبرست بدر كفت كريستن من اينجا آنست كه مرا دوست داشتيد كه بهر حظى كه مرا ازدنياست من فداى توكر دمى كه من بدرم ومهربانى بدران برفرزندان معلومست

واما آنجه توميكويى كه درين جه خيرست توجه دانى مكر آن بلا كه او توصرف كرده اند خود بزركتر ازين بلاست كه بتو رسانيده اند وباشد كه اين بلا كه بتو رسانيده اند آسانتر از أنست كه ازتو صرف كرده اند ايشان درين سخن بودند كه لقمان فرا ييش نكرست وهيج جيز نديد ازان سواد ودخان بادل خويش بادل خويش كفت من اينجا جيزى ميديدم واكنون نمى بينم ندانم تا آن جه بودنا كاه شخصى را ديدكه مى آمد براسبى نشته وجامة بوشيده آزاداد كه لقمان توبى كفت آرى حكيم تويى كفت جنين ميكويند كفت آن بسربى خردجه كفت اكر آن نبودى كه اين بوى ريد شمارا هردو بزمين فرو بردندى جنانجه آن ديكر انرا فروبردند لقمان روى بايسر كرد وكفت دريافتى وبدانستى كه هر جه بربنده رسد از محبوب ومكروه خيرت وصلاحت در آنست بس هر دو برخاستند ورفتند.

عمر خطاب رضى اللّه عنه از آنجا كفت من باك ندارم كه مامداد بر خيزم بر هر حال باشم بر محبوب يابر مكروه زيراكه من ندايم خيرت من اندر جيست . موسى عليه السلام كفت بار خدايا ازبند كان توكيست بزرك كناهتر كفت آنكس كه مرامتهم دارد كفت آن كيست كفت استخارت كند وزامن بهترئ خويش خواهد آنكه بحكم من رضا ندهد ] قال الصائب

جون سرو در مقام رضا ايستاده ام ... آسوده خاطرم زبهار وخزان خويش

١٨

{ ولا تصعر خدك للناس } التصعر التواء وميل فى العنق من خلقة او داء او من كبر فى الانسان وفى الابل . والتصعير امالته عن كبرا كما قال فى تاج المصادر [ التصعير : روى بكردانيدن از كبر ] . وخد الانسان ما اكتنف الانف عن اليمين والشمال او ما جاوز مؤخر العينين الى منتهى الشدق او من لدن المحجر الى اللحى كما فى القاموس . والمعنى اقبل على الناس بجملة وجهك عند السلام والكلام واللقاء تواضعا ولا تحول وجهك عنهم ولا ولا تعظ شق وجهك وصفحته كما يفعله المتكبرون استحقارا للناس خصوصا الفقراء وليكن الغنى والفقير عندك على السوية فى حسن المعاملة

والاشارة لا تمل خدك تكبرا او تجبرا معجبا بما فتح اللّه عليك فتكون بهذا مفسدا فى لحظة ما اصلحته فى مدة : قال الحافظ

ببال وبر مرو ازره كه تير برتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشت

{ ولا تمش فى الارض مرحا } المرح اشد الفرح والخفة الحاصلة من النعمة كالاشر والبطر اى حال كونك ذا فرح شديد ونشاط وعجب وخفة اى مشيا كمشى المرح من الناس كما يرى من كثيرهم لا سيما اذا لم يتضمن مصلحة دينية او دنيوية : وبالفارسية [ مخرام جون جاهلان ومانند دنيا برستان ]

{ ان اللّه لا يحب كل مختال } الاختيال والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة ومنه لفظ الخيل كما قيل انه لا يركب احد فرسا الاوجد فى نفسه نخوة اى لا يرضى عن المتكبر المتبختر فى مشيته بل يسخط عليه : وبالفارسية [ هرخرا مند كه متكبرا انه رود ] وهو بمقابلة الماشى مرحا

{ فخور } هو بمقابلة المصعر خده وتأخيره لرعاية الفواصل . والفخر المباهاة فى الاشياء الخارجة عن الانسان كالمال والجاه والفخور الذى يعدد مناقبه تطاولا بها واحتقارا لمن عدم مثلها . والمعنى بالفارسية [ نازش كنندة كه باسباب تنعم بر مردمان تطاول نمايد ]

وفى الحديث ( خرج رجل يتبختر فى الجاهلية عليه حلة فامر اللّه الارض فاخذته فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة )

جو صبيان مباز ... وجوصنوان مناز برو مرد حق شو زروى نياز

قال بعض الحكماء ان افتخرت بفرسك فالحسن والفراهة له دونك . وان افتحرت بثيابك وآلاتك فالجمال لها دونك . وان افتخرت بآبائك فالفضل فيهم لافيك ولو تكلمت هذه الاشياء لقالت هذه محاسننا فما لك من الحسن شئ . فان افتخرت فافتخر بمعنى فيك غير خارج عنك : قال الحافظ

قلندران حقيقت بنيم جو نخرند قباى اطلس آنكس كه ازهنز عار يست

واذا اعجبك من الدنيا شئ فاذكر فناءك وبقاءه او بقاءك وزواله او فناء كما جميعا فاذا راقك ما هو لك فانظر الى قرب خروجه من يدك وبعد رجوعه اليك وطول حسابه عليك ان كنت تؤمن باللّه واليوم الآخر حكى انه حمل الى بعض الملوك قد من فيروزج مرصع بالجوهر لم ير له نظير ففرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا فقال اراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كانت مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل اليك فى امن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل الينا

انما الدنيا كرؤيا فرّحت ... من رآها ساعة ثم انقضت

١٩

{ واقصد فى مشيك } القصد ضد الافراط والتفريط . والمعنى واعدل فى المشى بعد الاجتناب عن المرح فيه : وبالفارسية [ وميانه باش دررفتن خود ] اى توسد بين الدبيب والاسراع فلا تمش كمشى الزهاد المظهرين الضعف فى المشى من كثرة العبادات وهم المرؤون الذين ضل سعيهم ولا كمشى الشطار ووثوبهم وعليك بالسكينة والوقار وفى الحديث ( سرعة المشى تذهب بهاء المؤمن ) وقول عائشة رضى اللّه عنها فى عمر رضى اللّه عنه كان اذا مشى اسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت

قال بعضهم ان للشيطان من ابن آدم نزعتين بايتهما ظفر قنع الافراط والتفريط وذلك فى كل شئ يتصور ذلك فيه

{ واغضض من صوتك } يقال غض صوته وغض بصره اذا خفض صوته وغمض بصره

قال فى المفردات الغض النقص من الطرف والصوت : وبالفارسية [ فرو خوابا نيدن جشم وفروداشتن اواز ] والصوت هو الهواء المنضغط عند قرع جسمين

قال بعضهم الهواء الخارج من داخل الانسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموّج بتصادم جسمين يسمى صوتا واذا عرض للصوت كيفيات مخصوصة باسباب معلومة يسمى حروفا . والمعنى وانقص من صوتك واقصر واخفض فى محل الخطاب والكلام خصوصا عند الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وعند الدعاء والمناجاة . وكذلك وصية اللّه فى الانجيل لعيسى ابن مريم مر عبادى اذا دعونى يخفضوا اصواتهم فانى اسمع واعلم ما فى قلوبهم : وبالفارسية [ فرو آور وكم كن آوز وكم كمن آوز خويش يعنى فرياد كننده ونعره زننده ودراز زبان وسخت كوى مباش ] واستثنى منه الجهر لارهاب العدو ونحوه

وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد اختار الحكماء للسلطان جهاره الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه واوقع فى قلوبهم انتهى

وفى الخلاصة لا يجهر الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف . والفرق بين الكراهة والاساءة هوان الكراهة افحش من الاساءة

وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين اصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما اذا بلغهم صوت الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف . والفرق بين الكراهة والاساءة هوان الكراهة افحش من الاساءة

وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين اصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما اذا بلغهم صوت الامام فان التبليغ حينئذ بدعة منكرة باتفاق الائمة الاربعة ومعنى منكرة مكروهة

وفى انوار المشارق المختار عند الاخيار ان المبالغة والاستقصاء فى رفع الصوت بالتكبير فى الصلاة ونحوه مكروه والحالة الوسطى بين الجهر والاخفاء مع التضرع والتذلل والاستكانة الخالية عن الرياء جائز غير مكروه باتفاق العلماء

وقد جمع النووى بين الاحاديث الواردة فى استحباب الجهر بالذكر والواردة فى استحباب الاسرار به بان الاخفاء افضل حيث خاف الرياء او تأذى المصلون او النائمون والجهر افضل فى غير ذلك لان العمل فيه اكثر ولان فائدته تتعدى الى السامعين ولانه يوقظ قلب الذاكر ويجمع همة التفكر ويشنف سمعه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط وكان عليه السلام اذا سلم من صلاته قال بصوته الاعلى

( لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير )

ومن اللطائف ان الحجاج سأل بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال احدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب اللّه فى جوف الليل قال ان ذلك لحسن . وقال آخر ما سمعت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا واتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال واحسناه . فقال الحجاج ابيتم يا بنى تميم الاحب الزاد

{ ان انكر الاصوات } اوحشها واقبحها الذى ينكره العقل الصحيح ويحكم بقبحه وبالفارسية [ زشت ترين آوازها ]

{ لصوت الحمير } جمع حمار

قال بعضهم سمى حمارا لشدته من قولهم طعنة حمراء اى شديدة وحمارة القيظ شدته وافراد الصوت مع اضافته الى الجمع لما ان المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل بيان حال صوت هذا الجنس من بين اصوات سائر الاجناس

قال ابو الليث صوت الحمار كان هو المعروف عند العرب وسائر الناس بالقبح وان كان قد يكون ما سواه اقبح منه فى بعض الحيوان وانما ضرب اللّه بما هو معروف عند الناس بالقبح لان اوله زفير وآخره شهيق كصوت اهل النار يتوحش من يسمعه ويتنفر منه كل التنفر . والمعنى ان انكر اصوات الناس حين يصوتون ويتكلمون لصوت من يصوّت صوت الحمار اى يرفع صوته عند التصويت كما يرفع الحمار صوته . ففيه تشبيه الرافعين اصواتهم فوق الحاجة بالحمير حميرا واصواتهم نهاقا ثم اخلاء الكلام عن لفظ التشبيه واخراجه مخرج الاستعارة وجعلهم حميرا واصواتهم نهاقا مبالغة شديدة فى الذم والزجر عن رفع الصوت فوق الحاجة وتنبيه على انه من المكاره عند اللّه لا من المحاب

قال الكاشفى [ يعنى در ارتفاع صوت فضيلتى نيست جو صوت حمار باوجود رفعت مكروهست طباع را وموجب وحشت اسماع است . درعين المعانى آورده كه مشركان عرب برفع اصوات تفاخر ميكر دندى بدين آيت رد كرد برايشان فخرايشان ]

يقول الفقير ان الرد ليس بمنحصر فى رفع الصوت بل كل ما فى وصايا لقمان من نهى الشرك وما يليه ردلهم لانهم كانوا متصفين بالشرط وسائر ما حكى من الاوصاف القبيحة آتين بالسيآت تاركين للصلاة والامر بالمعروف والنهى عن المنكر جزعين عند المصيبات والحمار مثل فى الذم سيما نهاقه لذلك كنى عنه فيقال طويل الاذنين

قال سفيان الثورى رحمه اللّه تعالى صوت كل شئ تسبيح الاصوت الحمير فانها تصيح لرؤية الشيطان ولذلك سماه منكرا وفى الحديث

( اذا سمعتم نهاق الحمير ) وهو بالضم صوتها ( فتعوّذوا باللّه من فضله فانها رأت ملكا ) وفى الحديث دلالة على نزول الرحمة عند حضور اهل الصلاح فيستحب الدعاء فى ذلك الوقت وعلى نزول الرحمة عند حضور اهل الصلاح فيستحب الدعاء فى ذلك الوقت وعلى نزول الغضب عند اهل المعصية فيستحب التعوذ كما فى شرح المشارق لابن الملك

يقول الفقير ومن هنا قال عليه السلام ( يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ) اى يقطع كمالها وينقصها مرور هذه الاشياء بين يدى المصلى . اما المرأة فلكونها احب الشهوات الى الناس واشد فسادا للحال من الوسواس .

واما الكلب والمراد الكلب الاسود فلكونه شيطانا كما قال عليه السلام ( الكلب الاسود شيطان ) سمى شيطانا لكونه اعقر الكلاب واخبثها واقلها نفعا واكثرها نعاسا ومن هذا احمد بن حنبل لا يحل الصيد به .

واما الحمار فلكونه الشيطان قد تعلق بذنبه حين دخل سفينة نوح عليه السلام فهو غير مفارق عنه فى اكثر الاوقات وهو السر فى اختصاص الحمار برؤية الشيطان واللّه اعلم كما ان وجه الاختصاص الديك برؤية الملك كون صياحه تابعا لصياح ديك العرش كما ثبت فى بعض الروايات الصحيحة فالملك غير مفارق عنه فى غالب الحالات وفى الحديث ( ان اللّه يبغض ثلاثة اصواتها نهقة الحمير ونباح الكلب والداعية بالحرب )

[ ورد فيه ما فيه ازحضرت مولوى قدس سره وجه انكريت صوت حمار جنين نقل كرده اندكه درغالب او براى كاه وجوست . ويا بجهت اجراء شهوت . ياجنك بادراز كوش ديكر . وصدايى كه ازغلبة صفات بهيمى زايد زشت ترين باشد وازنيجا معلوم ميشود كه ندايى كه از صاحب اخلاق روحانى وملكى آيد خوبترين نداها خواهد بود نغمهاى عاشقانه بس دلكش است استماع نغمة ايشان خوش وحضرت رسالت عليه السلام آواز نرم را دوست داشتى وجهر صوت را كاره بودى ] ودخل فى الصوت المنكر العطسة المنكره فلتدفع بقدر الاستطاعة وكذا الزفزات والشهقات الصادرة من اهل الطبيعة والنفس بدون غلبة الحال فانها ممزوجة بالحظوظ مخلوطة بالرياء فلا تكون صيحة حقيقة بل صيحة طبيعة ونفس نعوذ باللّه من شهوات الطبيعة وهوى النفس ومخالطة اهل الدعوى

قال بعضهم فى الآية اشارة الى الذى يتكلم فى لسان المعرفة من غير اذن من الحق وقبل اوانه ومن تصدر قبل اوانه تصدى لهوانه

ثم من وصايا لقمان على ما فى كشف الاسرار قوله [ اى بسر جون قدرت يابى برظلم بندكان قدرت خداى برعقوبت خود يادكن واز انتقام وى بينديش كه او جل جلاله منتقم است دادستان از كردن كشان وكين خواه از ستمكاران وبحقيقت دان كه ظلم تو ازان مظلوم فرا كذرد وعقوبة اللّه بر ان ظلم برتو بماند وباينده بود ] : قال الشيح سعدى قدس سره

شنيدم كه لقمان سيه فام بود ... نه تن برور ونازك اندام بود

يكى بندة خويش بنداشتش ... ببغداد دركار كل داشتش

به سالى سراني بير داختش ... كس ازبندة خواجه نشناختش

جوييش آمدش بنددة رفتة باز ... زلقمانش آمد نهيبى فراز

به بايش درافتاد وبوزش نمود ... بخنديد لقمان كه بوزش حجه سود

بسالى زجورت جكر خون كنم ... بيك ساعت ازدل بدر جون كنم

وليكن بجخشايم اى نيك مرد ... كه سود تومارا زيانى نكرد

تو آباد كردى شبستان خويش ... مرا حكمت ومعرفت كشت بيش

غلاميست درخيم اى نيك بخت ... كه فرمايمش وقتها كار سخت دكرره نيازارمش سخت دل جو آيدم سختئ كار كل

هر آنكس كه جور بزركان نبرد ... نسوزد دلش برضعيفان خرد

كه از حا كمان سخت آيد سخن ... تو برزير دستان درشتى مكن

مهازور مندى مكن بركهان ... كه بريك نمط مى نماند جهان

[ لقمانرا كفتند ادب ازكه آموختى كفت ازبى ادبان كه هرجه از ايشان در نظرم نايسند آمد ازان فعل برهيز كردم ]

نكويند ازسر بازيجه جرفى ... كزان يندى نكيرد صاحب هوش

وكر صد باب حكمت بيش نادان ... بخوانند آيدش بازيجه در كوش

وعن على رضى اللّه عنه الحكمة ضالة المؤمن فالتقفها ولو من افواه المشركين : يعنى [ مرد مؤمن هميشه طالب حكمت بود حنانكه طالب كم خويش بود ] قال عيسى عليه السلام لا تقولوا العلم فى السماء من يصعد يأتى به ولا فى تخوم الارض من ينزل يأتى به ولا من وراء البحر من يعبر يأتى به العلم مجعول فى قلوبكم تأدبوا بين يدى اللّه بآداب الروحانيين يظهر عليكم كما فى شرح منازل السائرين . ومن آداب الروحانيين ترك الامور الطبيعية والقيام فى مقام الصمدية [ عابدى را حكايت كنند كه هر شب ده من طعام . بخوردى وتا بسحر ختمى درنماز بكردى صاحب دلى بشنيد وكفت اكر نيم من بخوردى وبخفتى بسيار ازين فاضلتر بودى ]

اندرون از طعام خالى دار ... تادرو نور معرفت بينى

تهى ازحكمتى بعلت آن ... كه برى ازطعام تابينى

واعلم ان الحكمة قد تكون متلفظا بها كالاحكام الشرعية المتعلقة بظواهر القرآن وقد تكون مسكوتا عنها كالاسرار الالهية المستورة عن غير اهلها المتعلقة ببواطن القرآن فمن لج فى الطلب من طريقه ولج فى المعرفة بفضل اللّه تعالى وتوفيقه

٢٠

{ ألم تروا } ألم تعلموا با بنى آدم

{ ان اللّه سخر لكم } التسخير سياقة الشئ الى الغرض المختص به قهرا

{ ما فى السموات } من الكواكب السيارة مثل الشمس والقمر وغيرهما والملائكة المقربين بان جعلها اسبابا محصلة لمنافعكم ومراداتكم فتسخير الكواكب بان اللّه تعالى سيرها فى البروج على الافلاك التى دبر لكل واحد منها فلكا وقدر لها القرانات والاتصالات وجعلها مدبرات العالم السفلى من الزمانى مثل الشتاء والصيف والخريف والربيع ومن المكانى مثل المعدن والنبات والحيوان والانسان وظهور الاحوال المختلفة بحسب سير الكواكب على الدوام لمصالح الانسان ومنافعهم منها

قال الكاشفى [ رام ساخت براى نفع شما آنجه در آسمانها ست از آفتاب وماه وستاره تاز روشنئ ايشان بهره مندشويد ]

زمشرق بمغرب مه وآفتاب ... روان كرد وكسترد كيتى بر آب

[ واز ستار تابد ايشان راه بريد ] كما قال تعالى

{ وبالنجم هم يهتدون } وتسخير الملائكة بان اللّه تعالى من كمال قدرته وحكمته جعل كل صنف من الملائكة موكلين على نوع من المدبرات وعونالها كالملائكة الموكلين على الشمس والقمر والنجوم وافلاكها والموكلين عل الحساب والمطر

وقد جاء فى الخبر ان على كل قطرة من المطر موكلا من الملائكة لينزلها حيث امرو الموكلين على البحور والفلوات والرياح والملائكة الكتاب للناس الموكلين عليهم ومنهم المعقبات من بين ايديهم ومن خلفهم يحفظونهم من امراللّه حتى جعل على الارحام ملائكة فاذا وقعت نطفة الرجل فى الرحم يأخذها الملك بيده اليمنى واذا وقعت نطفة المرأة يأخذها الملك بيده اليسرى فاذا امر بمشجها يمشج النطفتين وذلك قوله تعالى

{ انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج } والملائكة الموكلين على الجنة والنار كلهم مسخرون لمنافع الانسان ومصالحهم حتى الجنة والنار مسخرتان لهم تطميعا وتخويفا لانهم يدعون ربهم خوفا وطمعا وكذا سخر ما فى سموات القلوب من الصدق والاخلاص والتوكل واليقين والصبر والشكر وسائر المقامات القلبية والروحانية المواهب الربانية وتسخيرها بان يسر لمن يسر له العبور عليها بالسير والسلوك المتداركة بالجذبة والانتفاع بمنافعها والاجتناب عن مضارها

{ وما فى الارض } من الجبال والصحارى والبحار والانهار والحيوانات والنباتات والمعادن بان مكنكم من الانتفاع بها بوسط او بغير وسط وكذا سخر ما فى ارض النفوس من الاوصاف الذميمة مثل الكبر والحسد والحقد والبخل والحرص والشره والشهوة وغيرها وتسخيرها بتبديلها بالاخلاق الحميدة والعبور عليها والتمتع بخواصها محترزا عن آفاتها

{ واسبغ عليكم } اتم واكمل

{ نعمه } جمع نعمة وهى فى الاصل الحالة الطيبة التى يستلذها الانسان فاطلقت للامور اللذيذة الملائمة للطبع المؤدية الى تلك الحالة الطيبة

{ ظاهرة } اى حال كون تلك النعم محسوسة مشاهدة مثل حسن الصورة وامتداد القامة وكمال الاعضاء

دهد نطفة را صورتى جون برى ... كه كر دست بر آب صور تكرى

والحواس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والنطق وذكر اللسان والرزق والمال والجاه والخدم والاولاد والصحة والعافية والامن ووضع الوزر ورفع الذكر والادب الحسن ونفس بلا ذلة وقدم بلا ذلة والاقرار والاسلام من نطق الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج والقرآن وحفظه ومتابعة الرسول والتواضع لاولياء اللّه والاعراض عن الدنيا ويبين آياته للناس وانتم الاعلون يعنى النصرة والغلبة وغير ذلك مما يعرفه الانسان

{ وباطنة } ومعقولة غير مشاهدة بالحس كنفخ الروح فى البدن واشراقه بالعقل والفهم والفكر والمعرفة وتزكية النفس عن الرذائل وتحلية القلب بالفضائل ولذا قال عليه السلام ( اللهم كما حسنت خلقى فحسن خلقى ) ومحبة الرسول وزينه فى قلوبكم والسعادة السابقة واولئك المقربون وشرح الصدر وشهود المنعم وامداد الملائكة فى الجهاد ونحوه وصحة الدين والبصيرة وصفاء الاحوال والولاية فانها باطنة بالنسبة الى النبوة والفطرة السليمة وطلب الحقيقة والاستعداد لقبول الفيض واتصال الذكر على الدوام والرضى والغفران وقلب بلا غفلة وتوجه بلا علة وفيض بلا قلة

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت يا رسول اللّه ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة قال ( اما الظاهرة فالاسلام وما حسن من خلقك وما افضل عليك من الرزق

واما الباطنة فما ستر من سوء عملك ولم يفضحك به )

دبس برده بيند عملهاى بد ... هم او برده بوشد بآلاى خود

( يا ابن عباس يقول اللّه تعالى انى جعلت للمؤمن ثلث صلاة المؤمنين عليه بعد انقطاع عمله اكفر به عنه خطاياه له ثلث ماله ليكفر به عنه خطاياه وسترت عليه سوء عمله الذى لوقد اريته للناس لنبذه اهله فمن سواهم )

{ ومن الناس } اى وبعض الناس فهو مبتدأ خبره قوله

{ من يجادل } ويخاصم يقال جدلت الحبل اذا احكمت فتله ومنه الجدال فكأن المتجادلين يفتل كل واحد منهما الآخر عن رأيه

{ فى اللّه } فى توحيده وصفاته ويميل الى الشرك حيث يزعم ان الملائكة بنات الله

وقال الكاشفى

{ فى اللّه } [ در كتاب خداى يعنى نضر بن الحارث كه ميكفت افسانة ييشينيانست . ودر عين المعانى آورده كه يكى از يهود از حضرت رسالت بناه عليه السلام برسيدكه خداى تو ازتو جيزست فى الحال اورا صاعقه كرفت واين آيت آمدكه كسى بودكه مجادلة كند در ذات حق ]

{ بغير علم } مستفاد من دليل

{ ولا هدى } { ولا كتاب } انزله اللّه تعالى

{ منير } مضيء له بالحجة بمجرد التقليد

٢١

{ واذا قيل لهم } اى لمن يجادل والجمع باعتبار المعنى

{ اتبعوا ما انزل اللّه } على نبيه من القرآن الواضح والنور البين فآمنوا به

{ قالوا بل نتبع ما وجدنا آباءنا } الماضين يريدون به عبادة الاصنام يقول اللّه تعالى فى جوابهم

{ أولو كان الشيطان يدعوهم } الاستفهام للانكار والتعجب من التعلق بشبهة هى فى غاية البعد من مقتضى العقل والضمير عائد الى الآباء والجملة فى حيز النصب على الحالية . والمعنى أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم بما هم عليه من الشرك

{ الى عذاب السعير } فهم مجيبون اليه حسبما يدعوهم والسعر التهاب النار وعذاب السعير اى الحميم كما فى المفردات

وفى الآية منع صريح من التقليد فى الاصول اى التوحيد والصفات والتقليد لغة وضع الشئ فى العنق صريح من التقليد فى الاصول اى التوحيد والصفات والتقليد لغة وضع لاشئ فى العنق محيطا به ومنه القلادة ثم استعمل فى تفويض الامر الى الغير كأنه ربطه بعنقه واصطلاحا قبول قول الغير بلا حجة فيخرج الاخذ بقوله عليه السلام لانه حجة فى نفسه

وفى التعريفات التقليد عبارة عن اتباع الانسان غيره فيما يقول او يفعل معتقداً للحقية فيه من غير نظر وتأمل فى الدليل كأن هذا المتبع جعل قول الغير او فعله قلادة فى عنقه انتهى.

فالتقليد جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقادات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد ظاهر عند الحنفية والظاهرية وهو الذى اعتقد جميع ما يجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وارسال الرسل وما جاؤوا به حقا من غير دليل لان النبى عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والاماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوب عليه

قال فى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح اللّه عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد يعنى ان مثل هذا المقلد لو ترك الاستدلال لا يأثم كمن فى شاهق جبل فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول اللّه خالق هذا النمط البديع ولا يقدر احد غيره ذلك فالاستدلال هو الانتقال من المصنوع الى الصانع لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول وعلى هذا فالمقلد فى هذا الزمان نادر

وفى الآية اشارة الى ان من سلك طريق المعرفة بالعقل القاصر فهو مقلد لا يصح الاقتداء به

خواهى بصوب كعبة تحقيق ره برى ... بى بربى مقلد كم كرده ره مرو

فلا بد من الاقتداء بصاحب ولاية عالم ربانى واقف على اسرار الطريقة عارف بمنازل عالم الحقيقة مكاشف عن حقائق القرآن مطلع على معانى الفرقان فانه يخرج باذن اللّه تعالى من الظلمات الانسانية الى النور الربانى ويخلص من عذاب النفس الامارة ويشرف بنعيم القلب فان كان مطلبك ايها السالك هو المطلب الحقيقى فان طريقه بعيد وبرازخ منازله كثيرة لا يقدر اهل الجدل وارباب العقول المشوبة بالوهم والخيال والشبهات على دلالة تلك الطريق فأين الثريا من يد المتطاول فهم انما يصيدون الريح لا العنقاء فى قاف الوجود وحقائق الوجود لا يعرفها الا اهل المعرفة والشهود نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا واياكم من العاملين باحكام القرآن العظيم والمتأدبين بآداب الكلام القديم والواصلين الى انواره والمصاحبين بمن يتحقق باسراره

٢٢

{ ومن يسلم وجهه الى اللّه } من شرطية معناها بالفارسية [ هركه ما ] واسلم اذا عدى بالى يكون بمعنى سلم واذا عدى باللام تضمن معنى الاخلاص والوجه بمعنى الذات . والمعنى ومن يسلم نفسه الى اللّه تسليم المتاع للعامل بان فوض امره اليه واقبل بكليته عليه

{ وهو محسن } والحال انه محسن فى عمله آت به على الوجه اللائق الذى هو حسنه الوصفى المستلزم لحسنه الذاتى ولا يحصل ذلك غالبا الا عن مشاهدة ولذا فسر النبى عليه السلام الاحسان بان تعبد اللّه كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك { فقد استمسك بالعروة الوثقى }

قال فى المفردات امساك الشئ التعلق به وحفظه واستمسكت بالشئ اذا تحركت بالامساك انتهى.

والاستمساك بالفارسية [ جنك درزدن ] كما فى تاج المصادر . والعروة بالضم ما يعلق به الشئ من عروته بالكسر اى ناحيته والمراد مقبض نحو الدلو والكوز . والوثقى الموثقة المحكمة تأنيث الاوثق كالصغرى تأنيث الاصغر والشئ الوثيق ما يأمن صاحبه من السقوط . والمعنى فقد تعلق باوثق ما يتعلق به من الاسباب واقواه : وبالفارسية [ دست درزد استوارتر كوشة وبدست آويز محكم ] وهو تمثيل لحال المتوكل المشتغل بالطاعة بحال من اراد ان يترقى الى شاهق جبل فتمسك باوثق عرى الحبل المتدلى منه بحيث لا يخاف انقطاعه

{ والى اللّه } لا الى احد غيره

{ عاقبة الامور } عاقبة امر المتوكل وامر غيره فيجازيه احسن الجزاء : وبالفارسية [ وباللّه كردد سر انجام همه كار وجنان بود كه او خواهد ]

٢٣

{ ومن كفر } [ وهركه نكردد جنك در عروة وثقى نزند ]

{ فلا يحزنك كفره } فانه لا يضرك فى الدنيا والآخرة يقال احزنه من المزيد ويحزنه من الثلاثى

واما حزن الثلاثى ويحزن المزيد فليس بشائع فى الاستعمال

{ الينا } لا الى غيرنا

{ مرجعهم } رجوعهم ومعنى الرجوع الى اللّه الرجوع الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه

{ فننبئهم بما عملوا } فى الدنيا من الكفر والمعاصى بالعذاب والعقاب وجمع الضمائر الثلاثة باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الموضعين باعتبار لفظه

{ ان اللّه عليم بذات الصدور } اى الضمائر والنيات المصاحبة بالصدر فيجازى عليها كما يجازى على الاعمال الظاهرة

٢٤

{ نمتعهم } اى الكافرين بمنافع الدنيا

{ قليلا } تمتيعا قليلا او زمانا قليلا : وبالفارسية [ برخور دارى دهم ايشانرا بنعمت وسرور زمانى اندك كه زود انقطاع يابد ] فان ما يزول وان كان بعد امد طويل بالنسبة الى ما يدوم قليل

{ ثم نضطرهم } الاضطرار حمل الانسان على ما يضره وهو فى التعارف حمل على امر يكرهه اى نجلئهم ونردهم فى الآخرة قهرا : وبالفارسية [ بس بياريم ايشانرا به بيجاركى يعنى ناجار بيايند ]

{ الى عذاب غليظ } يثقل عليهم ثقل الاجرام الغلاظ او نضم الى الاحراق الضغط والتضييق

وفى التأويلات النجمية غلظة العذاب عبارة عن دوامة الى الابد انتهى.

والغليظ ضد الرقيق واصله ان يستعمل فى الاجسام لكن قد يستعار للمعانى كما فى المفردات

٢٥

{ ولئن سألتهم } اى الكافرين

{ من خلق السموات والارض } اى الاجرام العلوية والسفلية

{ ليقولن } خلقهن

{ اللّه } لغاية وضوح الامر بحيث اضطروا الى الاعتراف به

{ قل الحمد لله } على ان جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون ايضا

{ بل اكثرهم لا يعلمون } شيأ من الاشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم بان يتركوا الشرك ويعبدوا اللّه وحده

٢٦

{ لله ما فى السموات والارض } فلا يستحق العبادة فيهما غيره

{ ان اللّه هو الغنى } بذاته وصفاته قبل خلق السموات والارض وبعده لا حاجة به فى وجوده وكماله الذاتى الى شئ اصلا وكلمة هو للحصر اى هو الغنى وحده وليس معه غنى آخر دليله قوله

{ واللّه الغنى وانتم الفقراء } المحمود فى ذاته وصفاته وان لم يكن حامد فهو الحامد لنفسه

اى غنى درذات خود ازما سواى خويشتن ... خود توميكريى بحمد خود ثناى خويشتن

وفى الاربعين الادريسية يا حميد الفعال ذا المنّ على جميع خلقه بلطفه

قال السهروردى رحمه اللّه من داوم على هذا الذكر يحصل له من الاموال ما لا يمكن ضبطه

وفى الآيات امور

منها ان التفويض والتوكل واخلاص القصد والاعراض عما سوى اللّه والاقبال على اللّه بالتوحيد والطاعة من موجبات حسن العاقبة وهى الجنة والقربة والوصلة كما ان الكفر والشرك والرياء والسمعة من اسباب سوء العاقبة وهى النار والعذاب الغليظ والفرقة والقطيعة : قال الشيخ العطار قد سره

زر وسيم وقبول كار وبارت ... نيايد دردم آخر بكارت

اكر اخلاص باشد آن زمانت ... بكار آيد وكرنه واى جانت

وفى البستان

شنيدم كه ن بالغى روزه داشت ... بصد محنت آورد روزى بجاشت

يدر ديده بوسيد وما درسرش ... فشاندند بادام وزر برسرش

جو بروى كذر كرديك نيم روز ... فتاد اندر روز آتش معده سوز

بدل كفت اكر لقمه جندى خورم ... جه داند بدر غيب يا مادرم

جو روى بسر دربدر بود وقوم ... نهان خورد وييدا بسر برد صوم

بس اين يير ازان طفل ناد انترست ... كه ازبهر مردم بطاعت درست

فالتمسك باحكام الدين هى العروة الوثقى لاهل اليقين فانها لا تنفصم بخلاف سائر العرى

ومنها ان ليس لعمر الدنيا بقاء بل هى ساعة من الساعات

فعلى العاقل ان لا يغتر بالتمتع القليل بل يتأهب لليوم الطويل

دريغا كه بكذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى جندنيز

كنون وقت تخمست اكر بروى ... كر اميد دارى كه خرمن برى

ومنها ان اللّه تعالى قدر المقادير ودبر الامور فالكل يجرى فى الافعال والاحوال على قضائه وقدره وليس على الناصح الا التبليغ دون الجبر والحزن على عدم القبول فان الحجر لا يصير مرآة بالصيقل

توان باك كردن ززنك آينه ... وليكن نيايد زسنك آينه

ومنها ان عدم الجريان بموجب العلم من الجهل فى الحقيقة

كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى

ومنها ان اللّه تعالى خلق الخلق ليربحوا عليه لا ليربح عليهم فمنفعة الطاعات والعبادات راجعة الى العباد لا الى اللّه تعالى اذهو غنى عن العالمين لا ينتفع بطاعاتهم ولا يتضرر بمعاصيهم فهو يمنّ عليهم ان هداهم للايمان والطاعات وليس لهم ان يمنوا عليه باسلامهم جعلنا اللّه واياكم من عباد المخلصين وحفظنا فى حصنه الحصين من عونه وتوفيقه الرصين

٢٧

{ ولو ان ما فى الارض من شجرة اقلام } جواب لليهود حين سألوا الحصين رسول اللّه صلىلله عليه وسلم او امروا وفد قريش ان يسألوه عن قوله

{ وما اوتيتم من العلم الا قليلا } وقد انزل التوراة وفيها علم كل شئ يعنى ان علم التوراة وسائر ما اوتى الانسان من الحكمة والمعرفة وان كان كثيرا بالنسبة اليهم لكنه قطرة من بحر علم الله

وقال قتادة قال المشركون ان القرآن يوشك ان ينفد وينقطع فنزلت . وقوله من شجرة حال من الموصول وهى ماله ساق وتوحيدها لما ان المراد تفصيل الاحاد يعنى ان كل فرد من جنس الشجر بحيث لا يبقى منه شئ لو برى قلما واصل القلم القص من الشئ الصلب كالظفر وخص ذلك بما يكتب به

وفى كشف الاسرار سمى قلما لانه قط رأسه والاقاليم القطعة من الارض وتقليم الاظفار قطعها . والفرق بين القط ولقدّ ان القط القطع عرضا والقدّ القطع طولا والقطع فصل الجسم بنفوذ جسم آخر فيه . والمعنى لو ثبت ان الاشجار اقلام

{ والبحر } اى والحال ان البحر المحيط بسعته وهو البحر الاعظم الذى منه مادة جميع البحار المتصلة والمنقطعة وهو بحر لا يعرف له ساحل ولا يعلم عمقه الا اللّه تعالى والبحار التى على وجه الارض خلجان منه وفى هذا البحر عرش ابليس لعنه اللّه وفيه مدائن تطفو على وجه الماء واهلها من الجن فى مقابلة الربع الخراب من الارض وفى هذا البحر ينبت شجر المرجان كسائر الاشجار فى الارض وفيه من الجزائر المكسونة والخالية ما لا يعلمه الا اللّه تعالى وهو اى البحر مبتدأ خبره قوله

{ يمده } اى يزيده وينصب فيه من بعد نفاده وفنائه

{ سبعة ابحر } نحو بحر الصين وبحر تبت كسكر على ما فى القاموس وبحر الهند وبحر السند وبحر فارس وبحر الشرق وبحر الغرب واللّه اعلم

قال فى اسئلة الحكم ان اللّه زين الدنيا بسبعة ابحر وسبعة اقاليم انتهى ولم يتعرضوا لتعداد الابحر فيما رأينا وقد استخرجناها من موضعها بطريق التقريب واجرينا القلم فيها ويحتمل ان يكون المراد الانهار السبعة من الفرات ودجلة وسيحان وسيحون وجيحان وجيحون والنيل لان البحر عند العرب هو الماء الكثير

وقال الكاشفى

{ سبعة ابحر } [ هفت درياى ديكر مانند او ] انتهى فيكون ذكر العدد للتكثير كما لا يخفى

وفى الارشاد اسناد المد الى الابحر السبعة دون السبعة دون البحر المحيط مع كونه اعظم منها واطم لانها هى المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية واليها تنصب الانهار العظام اولا ومنها تنصب الى البحر المحيط ثانيا . والمعنى يمده الابحر السبعة مدا لا ينقطع ابدا وكتبت بتلك الاقلام وبذلك المداد كلمات اللّه

{ ما نفدت كلمات اللّه } اى ما فنيت متعلقات علمه وحكمته ونفدت تلك الاقلام والمداد وقد سبق تحقيقه فى اواخر سورة الكهف عند قوله تعالى

{ قل لو كان البحر مدادا } الآية وايثار جمع القلة فى الكلمات للايذان بان ما ذكر لا يفى بالقليل منها فكيف بالكثير

وفى التأويلات النجمية اى لوان ما فى الارض من الاشجار اقلام والبحر يصير مدادا وبمقدار ما يقابله ينفق القرطاس ويتكلف الكتاب حتى تنكسر الاقلام وتفنى البحار وتستوفى القراطيس ويفنى عمر الكتاب ما نفدت معانى كلام اللّه تعالى لان هذه الاشياء وان كثرت فهى متناهية ومعانى كلامه لا تتناهى لانها قديمة والمحصور لا يفى بما لا حصر له انتهى وقد قصر من جعل الارض قرطاسا

وفى الاية اشارة ظاهرة الى قدم القرآن فان عدم التناهى من خاصية القديم . وجاء فى حق القرآن ( ولا تنقضى عجائبه ) اى لا ينتهى احد الى كنه معانيه العجيبة وفوائده الكثيرة

وفى الآية اشارة ايضا الى ان كلمات الحكماء الالهية وعلومهم لا تنقطع ابدا لانها من عيون الحكمة كما ان ماء العين لا ينقطع عن عينه وكيف ينقطع وحكمة الحكيم تلقين من رب العالمين وفيض من خزائنه وخزائنه لا تنفد كما دلت عليه الآية ولبعض العارفين تجلى برقّى يعطى فى مقدار طرفة عين من العلوم مالا نهاية له واذا كان حاله هذا فى جزء يسير من الزمان فما ظنك بحاله فى مدة عمره

{ ان اللّه عزيز } لا يعجزه شئ

{ حكيم } لا يخرج عن علمه وحكمته امر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما . وخاصية الاسم العزيز وجود الغنى والعز صورة ومعنى فمن ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اغناه اللّه واعزه فلم يحوجه الى احد من خلقه والتقرب بهذا الاسم فى التمسك بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق وهو عزيز جدا . وخاصية الاسم الحكيم دفع الدواهى وفتح باب الحكمة من اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهى وفتح له باب من الحكمة والتقرب بهذا الاسم تعلقا ان تراعى حكمته فى الامور مقدما ما جاء شرعا ثم عادة فتسلم من معارض شرعى وتخلقا ان تكون حكيما والحكمة فى حقنا الاصابة فى القول والعمل وقد سبق فى اول قصة لقمان

واعلم ان فى خلق البحار والانهار والجزائر ونحوها حكما ومصالح تدل على عظم ملكه تعالى وسعة سلطانه وليس من بر ولا بحر الا وفيه خلق من خلائق يعبد اللّه تعالى على ان الاسكندر وصل الى جزيرة الحكماء وهى جزيرة عظيمة فرأى بها قوما لباسهم ورق الشجر وبيوتهم كهوف فى الصخر والحجر فسألهم فى الحكمة فاجابوا باحسن جواب وألطف خطاب لما انهم من مظاهر الاسم الحكيم فقال لهم سلوا حوائجكم لتقضى فقالوا له نسألك الخلد فى الدنيا فقال وانى به لنفسى ومن لا يقدر على نفس من انفاسه كيف يبلغكم الخلد فقال كبيرهم نسألك صحة فى ابداننا ما بقينا فقال هذا ايضا لا اقدر عليه قالوا فعرفنا بقية اعمارنا فقال لا اعرف ذلك لروحى فكيف بكم فقالوا له فدعنا نطلب ذلك ممن يقدر على ذلك واعظم من ذلك وجعل الناس ينظرون الى كثرة الجنود اى جنود الاسكندر وعظمة موكبه وبينهم شيخ صعلوك لا يرفع رأسه فقال الاسكندر مالك لا تنظر الى ما ينظر اليه الناس قال الشيخ ما اعجبنى الملك الذى رأيت قبلك حتى انظر اليك والى ملكك فقال الاسكندر وماذاك قال الشيخ كان عندنا ملك وآخر صعلوك فماتا فى يوم واحد فغبت عنهما مدة ثم جئت اليهما واجتهدت ان اعرف الملك من المسكين فلم اعرفه فتركهم وانصرف : قال الشيخ العطار قدس سره

جه ملكت اين وتوجه بادشاهى ... كه باشير اجل بر مى نيايى

اكر تو فى المثل بهرام زورى ... بروزوا بسين بهرام كورى

جو ملك اين جهان ملكى رونده است ... بملك آن جهان شد هركه زنده است

اكر آن ملك خواهى اين فداكن ... كه بابراهيم ادهم اقتداكن

رباط كهنة دنيا در انداخت ... جهاندارى بدرويشى فروباخت

اكرجه ملك بادشا ييست ... ولى جون بنكرى اصلش كدا ييست

٢٨

{ ما خلقكم }

قال مقاتل وقتادة ان كفار قريش قالوا ان اللّه خلقنا اطوارا نطفة علقة مضغة لحما فكيف يبعثنا خلقا جديدا فى ساعة واحدة فانزل اللّه هذه الآية وقال ما خلقكم ايها الانسان مع كثرتكم

وقال الكاشفى [ نيست آفريدن شما اى اهل مكة ]

{ ولا بعثكم } احياؤكم واخراجكم من القبور : وبالفارسية [ ونه برانكيختن شما بعد ازمرك ]

{ الا كنفس واحدة } الا كخلقها وبعثها فى سهولة الحصول اذ لا يشغله شأن عن شأن لانه يكفى لوجود الكل تعلق ارادته وقدرته قلوا او كثروا ويقول كن فيكون

وقال الكاشفى : يعنى [ حق سبحانه وتعالى در خلق اشيا بآلات وادوات احتياج ندارد بلكه اسرافيل را كويد بكوبر خيزنداز كورها بيك دعوت او همه خلائق از كور بابيرون آيند ] ومثاله فى الدنيا ان السلطان فيدخل فيه ما قالوا فى امر الخلق والبعث مما يتعلق بالانكار والاستبعاد

{ بصير } يبصر كل مبصر لا يشغله علم بعضها عن بعض فكذلك الخلق والبعث

وقال بعضهم بصير باحوال الاحياء والاموات

بس بقدرت جنين كس عجزراراه نيست ... قدرت بى عجز ندادى بكس ... قدرت بى عجز تودارى بس ...

٢٩

{ ألم تر } ألم تعلم يا من يصلح للخطاب علما قويا جاريا مجرى الرؤية

{ ان اللّه } بقدرته وحكمته

{ يولج الليل فى النهار } الولوج الدخول فى مضيق والايلاج الادخال اى يدخل الليل فى النهار ويضيفه اليه بان يزيد من ساعات الليل فى ساعات النهار صيفا بحسب مطالع الشمس ومغاربها : يعنى [ ازوقت نزول آفتاب بنقطة شتوى تازمان حلول او بنقطة انقلاب صيفى ازا جزاى شب مى كاهد ودر اجزاى روز مى افزايد تاروزى كه دراول جدى اقصر ايام سنة دراول سرطان اطول ايام سنة ميشود ] يعى يصير النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات

قال عبد اللّه بن سلام اخبرنى يا محمد عن الليل لم سمى ليلا قال ( انه منال الرجال من النساء جعله اللّه الفة ومسكنا ولباسا ) قال صدقت يا محمد ولم سمى النهار نهار قال ( لانه محل طلب الخلق لمعايشهم ووقت سعيهم واكتسابهم ) قال صدقت

{ ويولج النهار فى الليل } اى يدخله فيه ويضم بعض اجزائه اليه بان يزيد من ساعات النهار فى ساعات الليل شتاء بحسب المطالع والمغارب : يعنى [ درباقى سنة ازجزاى روز كم مى كند واجزاى شب را بدان زياده مى زاد تاشبى كه در آخر جوزا اقصر ليالى بود در آخر قوس اطول ليالى ميشود ] : يعنى يصير الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتا آن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة اشهر ليل وستة اشهر نهار بعضها حر وبعضها برد وممالك الاقاليم السبعة التى ضبط عددها فى زمن المأمون ثلاثمائة وثلاث واربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى اضيقها وثلاثة اشهر وهى اوسعها والمملكة سلطان الملك وبقاعه التى يتملكها

{ وسخر الشمس والقمر } [ رام كرد آفتاب وماه را كه سبب منافع الخلق اند ]

قال عبد اللّه بن سلام اخبرنى يا محمد عن الشمس والقمر أهما مؤمنان ام كافران قال عليه السلام ( مؤمنان طائعان مسخران تحت قهر المشيئة ) قال صدقت قال فما بال الشمس والقمر لا يستويان فى الضوء والنور قال ( لان اللّه تعالى محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة نعمة منه وفضلا ولولا ذلك لما عرف الليل من النهار ) والجملة عطف على يولج والاختلاف بينهما صيغة لما ان ايلاج احد الملوين فى الآخر امر متجدد فى كل حيث

واما تسخير النيرين فامر لا تعدد فيه ولا تجدد وانما التعدد والتجدد فى آثاره وقد اشير الى ذلك حيث قيل

{ كل } من الشمس والقمر

{ يجرى } بحسب حركته الخاصة القسرية على المدارات اليومية المتخالفة المتعددة حسب تعدد الايام جريا مستمرا

{ الى اجل مسمى } قدره اللّه تعالى لجريهما وهو يوم القيامة كما روى عن الحسن فانهما لا ينقطع جريهما الا حينئذ وذلك لانه تموت الملائكة الموكلون عليهما فيبقى كل منهما خاليا كبدن بلا روح ويطمس نورهما فيلقيان فى جهنم ليظهر لعبدة الشمس والقمر والنار انها ليست بآلهة ولو كانت آلهة لدفعت عن انفسها فالجملة اعتراض بين المعطوفين لبيان الواقع بطريق الاستطراد هذا وقد جعل جريانهما عبارة عن حركتها الخاصة بهما فى فلكهما والاجل حينئذ بيان لحكم تسخيرهما وتنبيه على كيفية ايلاج احد الملوين فى الآخر وكون ذلك بحسب انقلاب جريان الشمس والقمر على مداراتهما اليومية

{ وان اللّه بما تعملون خبير } عالم يكنهه عطف على ان اللّه يولج الخ داخل معه فى حيز الرؤية فان من شاهد ذلك الصنع الرائق والتدبير اللائق لا يكاد يغفل عن كون صانعه محيطا بجلائل اغماله ودقائها

٣٠

{ ذلك } المذكور من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص البارى بها

{ بان اللّه } اى بسبب ان اللّه تعالى

{ هو الحق } الهيتة فقط

{ وان ما يدعون } يعبدون

{ من دونه } تعالى من الاصنام

{ الباطل } الهيتة لا يقدر على شئ من ذلك فليس فى عبادته نفع اصلا والتصريح بذلك مع ان الدلالة على اختصاص حقية الهيت به تعالى مستتبعة للدلالة على بطلان الهية ما عداه لا براز كمال الاعتناء بامر التوحيد

{ وان اللّه هو العلى } المرتفع عن كل شئ

{ الكبير } المتسلط عليه يحتقر شئ علوه مكانة وجلالا يرفع همته اليه ولا يختار سواه ويحب معالى الامور ويكره سفافها

وعن على رضى اللّه عنه علو الهمة من الايمان : قال الحافظ

همايى جون توعالى قدر وحرص استخوان حيفست ... دريغا ساية همت كه برنا اهل افكندى

ومن عرف كبرياءه ونسى كبرياء نفسه تعلق بعروة التواضع والانصاف ولزم حفظ الحرمة

وفى الاربعين الادريسة يا كبير انت الذى لا تهتدى العقول لوصف عظمته

قال السهروردى اذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبة سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا ثم فى قوله

{ وان ما يدعون من دونه الباطل } اشارة الى ان كل ما يطلب من دونه تعالى هو الباطل فلا بد من تركه بالاختيار قبل الفوت بالاضطرار ومن المبادرة الى طلب العلى الكبير قبل فوات الفرصة

مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزاست والوقت سيف

نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى بيش دانا به از عالميست

نسأل اللّه التدارك

٣١

{ ألم تر } رؤية عياينة ايها الذى من شأنه الرؤية والمشاهدة

{ ان الفلك } بالفارسية [ كشتى ]

{ تجري } [ مى رود ]

قال فى المفردات الجرى المر السريع واصله لمر الماء ولما يجرى بجريه

{ فى البحر } [ دردريا ]

{ بنعمة اللّه } الباء للصلة اى متعلقة بتجرى او للحال اى متعلقة بمقدر هو حال من فاعله اى ملتبسة بنعمته تعالى واحسانه فى تهيئة اسبابه

وقال الكاشفى [ بمنت واحسان او آنرا برروى آب نكه ميدارد بادرا براى رفتن او ميفرستد ]

وفى الاسئلة المفخمة برحمة اللّه حيث جعل الماء مركبا لكم لتقريب المزار

{ ليريكم } [ تابنمايد شمارا ]

{ من آياته } اى بعض دلائل وحدته وعلمه وقدرته وبعض عجائبه وهو فى الظاهر سلامتهم فى السفينة كما قيل لتاجر ما اعجب ما رأيته من عجائب البحر قال سلامتى منه وفى الحقيقة سلامة السالكين فى سفينة الشريعة بملاحية الطريقة فى بحر الحقيقة { ان فى ذلك }

٣٢

{ واذا غشيهم } غشيه ستره وعلاه والضمير لمن ركب البحر مطلقا او لاهل الكفراى علاهم واحاط بهم

{ موج } هو ما ارتفع دريا كه دربزركى مانند ساسيبانها يا مثل كوهها يا ابراها ] جمع ظلة بالضم : وبالفارسية [ سايبان ] كما قال فى المفردات الظلة شئ كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى

{ موج كالظلل } وذلك موج كقطع السحاب انتهى

وفى كشف الاسرار كل ما اظلك من شئ فهو ظلة شبه بها الموج فى كثرتها وارتفاعها وجعل الموج وهو واحد كالظلل وهو جمع لان الموج يأتى منه شئ بعد شئ

{ دعوا اللّه } [ خوانند خدايرا ] حال كونهم

{ مخلصين له الدين } اى الدعاء والطاعة لا يذكرون معه سواه ولا يستغيثون بغيره لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد والاخلاص افراد الشئ من الشوائب

{ فما نجيهم } اللّه تعالى

{ الى البر } وجاد بتحقيق مناهم بسبب اخلاصهم ف الدعاء : وبالفارسية [ بس آن هنكام كه برهاغند ايشانرا وبرساند بسلامت بسوى صحرا وبيابان ]

{ فمنهم مقتصد } اى مقيم على الطريق القصد وهو التوحيد او متوسط فى الكفر لانزحاره فى الجملة

قال بعضهم لما كان يوم فتح مكة امن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لناس الا اربعة نفر قال ( اقتلوهم وان وجدتموهم متعلقين باستار الكعبة عكرمة بن ابى جهل وعبد اللّه بن خطل ومقيس بن سبابة وعبد اللّه بن سعد بن ابى سرح ) فاما عكرمة فهرب الى البحر فاصابتهم ريح عاصف فقال اهل السفينة اخلصوا فان آلهتكم لا تغنى عنكم شيأ ههنا فقال عكرمة لئن لم ينجنى فى البحر الا الاخلاص فما نيجينى فى البر غيره اللهم ان لك على عهدا ان انت عافيتنى مما انا فيه ان اتى محمدا حتى اضع يدى فى يده فلا جدن عفوّا كريما فسكنت الريح فرجع الى مكة فاسلم واحسن اسلامه

قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكرنا خدا جامه برتن درد

كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى جون تومحروم نيست

سلامت در اخلاص اعمال هست ... شود زورق زرق كاران شكست

{ وما يجحد بآياتنا } [ وانكار نكنند نشانهاى قدرت مارا ]

{ الا كل ختار } غدار فانه نقض للعهد الفطرى او رفض لما كان فى البحر . والختر اسوء الغدر واقبحه

قال فى المفرادت الختر غدر يختر فيه الانسان اى يضعف ويكسر لاجتهاده فيه

{ كفور } مبالغ ف كفران نعم اللّه تعالى وانما يذكر هذا اللفظ لمن صار عادة له كما يقال ظلوم وانما وصف الكافر بهما لانهما اقبح خصال فيه . وقد عدا لنبيى عليه السلام الغدر من علامات المنافق لكن قال على رضى اللّه عنه الوفاء لاهل الغدر غدر والغدر باهل الغدر وفاء عند اللّه تعالى كما ان التكبر على المتكبر صدقة

فعلى العاقل الوفاء بالعهد وهو الخروج عن عهدة ما قيل عند الاقرار بالربوبية بقوله

{ بلى } حيث قال اللّه تعالى

{ ألست بربكم } وهو للعامة العبادة رغبة فى الوعد ورهبة من الوعيد وللخاصة الوقوف مع الامر لالغرض وقد يعرض للانسان النسيان فينسى العهد فيصير مبتلى بحسب مقامه حكى ان الشيخ ابا الخير الاقطع سئل عن سبب قطع يده فقال كنت اتعيش من سقط مائدة الناس فخطر لى الترك والتوكل فعدت ان لا آكل من طعام الناس ولا من حبوب الاراضى فلم يفتح اللّه لى شيأ من القوت قريبا من خمسين يوما حتى غلب الضعف على القوى ثم فتح قوصتين مع شئ من الادام ثم انى خرجت من بين الناس وسكنت فى مغارة فيوما من الايام خرجت من المغارة فرأيت بعض الفواكه البرية فتناولت شيأ منها حتى اذا جعلته فى فمى تذكرت العهد والقيته وعدت الى المغارة ففى اثناء ذلك اخذ بعض اللصوص وقطاع الطريق فقطع ايديهم وارجلهم فى حضور امير البلدة فاخذونى ايضا وقالوا انت منهم حتى اذا كنت عند الامير قطع يدى فلما ارادوا قطع رجلى تضرعت الى اللّه تعلاى وقلت يا رب ان يدى هذه جنت فقطعت فما جناية رحلى فعند ذلك جاء شخص الى الامير كان يعرفنى فوصف له الحال حتى عفا بل اعتذر اعتذر بليغا فهذه حال الرجال مع اللّه فالعبرة حفظ العهد ظاهرا وباطنا : قال الحافظ

ازدم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود

واما الكفران فسبب لزوال الايمان ألا ترى ان بلعم بن باعوراء لم يشكر يوما على توفيق الايمان وهداية الرحمن حتى سلب عنه والعياذ باللّه تعالى

٣٣

{ يا ايها الناس } نداء عام لكافة المكلفين واصله لكفار مكة

{ اتقوا ربكم } [ بيرهيزيد ازعذاب وخشم خداوند خويش ] وذلك بالاجتناب عن الكفر والمعاصى وما سوى اللّه تعالى

قال بعض العارفين مرة يخوّفهم بافعاله فيقول

{ اتقوا فتنة } ومرة بصفاته فيقول

{ ألم يعلم بان اللّه يرى } ومرة بذاته فيقول

{ يحذركم اللّه نفسه } { واخشوا } الخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى عليه { يوما }

قال فى التيسير يجوز ان يكون على ظاهره لان يوم القيامة مخوف

{ لا يجزى } فيه

{ والد عن ولده } اى لا يقضى عنه شيأ من الحقوق ولا يحمل من سيآته ولا يعطيه من طاعاته يقال جزاءه دينه اذا قضاه

وفى المفردات الجزاء الغناء والكفاية كقوله تعالى

{ لا تجزى نفس عن نفس شيأ } وبالفارسية [ وبترسيد از روزى كه دفع نكند عذاب را وباز ندارد بدر از بسر خويش ] والولد ولو كان يقع على القريب والبعيد اى ولد الولد لكن الاضاة تشير الى الصلبى القريب فاذا لم يدفع عما هون الصق به لم يقدر ان يدفع عن غيره بالطريق الاولى . ففيه قطع لاطماع اهل الغرور المفتخرين بالآباء والاجداد المعتمدين على شفاعتهم من غير ان يكون بينهم جهة جامعة من الايمان والعمل الصالح

{ ولا مولود } [ ونه فرزندى ] عطف على والد وهو مبتدأ خبره قوله

{ هو جاز } قال ومؤد

{ عن والده شيأ } ما من الحقوق وخص الولد والوالد بالذكر تنبيها على غيرهما والمولود خاص بالصلبى الاقرب فاذا لم يقبل شفاعته للاب الاول الذى ولدمنه لم يقبل لمن فوقه من الاجداد وتغير النظم للدلالة على ان المولود اولى بان لا يجزى ولقطع طمع من توقع من المؤمنين ان ينفع اباه الكافر فى الآخرة ولذا قالوا ان هذا الخبر خاص بالكفار فان اولاد المؤمنين وآباءهم ينفع بعضهم بعضا قال تعالى

{ ألحقنا بهم ذرياتهم } اى بشرط الايمان

{ ان وعد اللّه } بالحشر والجنة والنار والثواب والعقاب والوعد يكون فى الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر وعدا وميعادا والوعيد فى الشر خاصة

{ حق } كائن لا خلف فيه

{ فلا تغرنكم الحياة الدنيا } يقال غره خدعه واطعمه بالباطل فاغتر هو كما فى القاموس والمراد بالحياة الدنيا زينتها وزخارفها وآمالها : يعنى [ بمتاعهاى دلفريب او فريفته مشويد ]

وفى التأويلات النجمية اى بسلامتكم فى الحال وعن قريب ستندمون فى المآل انتهى { ولا يغرنكم باللّه الغرور }

قال فى المفردات الغرور كل ما يغر الانسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان اذ هو اخبث الغارين اى ولا يخدعنكم الشيطان المبالغ فى الغرور والخدعة بان يرجيكم التوبة والمغفرة فيحسركم على المعاصى وينسيكم الرجع الى القبور ويحملكم على الغفلة عن احوال القيامة واهوالها

وعذر فردارا عمر فردا بايد ... كار امروز بفردا نكذارى زنهار ... روز جون بافتة كاركن وعذر ميار

قال فى كشف الاسرار الغرة باللّه حسن الظن به مع سوء العمل وفى الخبر ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه المغفرة ) ونعم ما قيل

ان السفينة لا تجرى على اليبس ... فلا بد من الاعمال الصالحة فان بها النجاة وبه يلتحق الاواخر

ففى الآية حسم المادة الطمع فى الانتفاع بالغير مع اهمال الاسلام او الطاعات اعتمادا على صلاح الغير فان يوم القيامة يوم عظيم لا ينفع فيه من له اتصال الولادة فما ظنك بما سواها ويشتغل كل احد بنفسه الا من رحمه اللّه تعالى

وعن كعب الاحبار تقول امرأة من هذه الامة لولدها يوم القيامة يا ولدى أما كان لك بطنى وعاء وحجرى وطاء وثديى سقاء كما قال الشيخ سعدى قدس سره

نه طفلى زبان بسته بودى زلاف ... همى روزى آمد بجوفت زناف

جونافت بريدند روزى كست ... به بستان مادر در آويخت دست

كنار وبرمادر دليذير ... بهشت است وبستان ازو جوة شير

فاحمل عنى واحدا فقد اثقلنى ذنوبى فيقول هيهات يا اماه كل نفس بما كسبت رهينة فاذا حملت عنك فمن يحمل عنى

من وتو دو محتاج يك مائده ... نه ازمن نه از تو بمن فائده

وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( انه ليكون للوالدين على ولدهما دين فاذا كان يوم القيامة يتعلقان به فيقول ان ولد كما فيوّد ان لو كان اكثر من ذلك ) فلا يليق للمؤمن الاهمال فى العبادة والتوبة والندم اغترار واعتمادا على مجرد الكرم ذكر فى الاسرائيليات ان الكليم عليه السلام مرض فذكر له دواء المرض فابى وقال يعافينى بغير دواء فطالت علته فاوحى اللّه تعالى ان الاعمال اسباب ووسائل للجنات والدرجات وان لم تكن عللا موحبة فكما ان اهل الدنيا يباشرون الاسباب فى تحصيل مرامهم فكذلك ينبغى لاهل الآخرة ان يباشروا الاعمال الصالحة فى تحصيل الدرجات العالية والمطالب الاخروية

ومن هذا المقام ما حكى عن ابراهيم بن ادهم قدس سره انه لما منع من دخول الحمام بلا اجرة تأوّه وقال اذا منع من دخول بيت الشيطان بلا شئ فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شئ

قال بعض الكبار لا ينبغى للمؤمن ان يتطير ويعد نفسه ن الاشقياء فيتكاسل فى العمل بل ينبغى ان يحسن الظن باللّه تعالى ويجاهد فى طريقه فان للاعتقاد تأثيرا بليغا وقد وعد اللّه ووعد الشيطان ووعده اللّه تعالى صدق محض لانه هو الولى ووعد الشيطان كذب محض لانه هو العدو فالاصغاء لكلام الولى خير من استماع كلام العدو فلا تغتر بتغرير الشيطان والنفس ولا بالحياة الدنيا فان دولتها ذاهبة وزينتها زائلة وليس لها لاحد وفاء

برمرد هشيار دنيا خس است ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست

منه برجهان دل كه بيكانه ايستا ... جومطرب كه هرروز درخانة ايست

نه لائق بود عشق بادلبرى ... كه هربا مدادش بود شوهرى

مكن تكيه برملك وجاه وزال ... بجز ملك فرمانده لا يزال

وغم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك

عروسى بود نوبت ماتمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت

خدايا بحق بنى فاطمه ... كه برقوم ايمان بود خاتمت

نسأل اللّه سبحانه ان يختمنا على افضل الاعمال الذى هو التوحيد وذكر رب العرش المجيد ويحعلنا فى جنات تحرى من تحتها الانهار ويشرفنا برؤية جماله المنير فى الليل والنهار آمين بجاه النبى الامين

٣٤

{ ان اللّه عنده علم الساعة } الساعة جزء من اجزاء الجديدين سميت بها القيامة لانها تقوم فى آخره ساعة من ساعات الدنيا اى عنده علم وقت قيام القيامة وما يتبعه من الاحوال والاهوال وهو متفرد بعلمه فلا يدرى احد من الناس فى أى ينة وفى اى شهر وفى أى ساعة من ساعات الليل والنهار تقوم القيامة روى ان الحارث بن عمرو من اهل البادية اتى النبى عليه السلام فسأله عن الساعة ووقتها وقال ان ارضنا اجدبت وانى القيت حباتى فى الارض فمتى ينزل المطر وتركت امرأتى حبلى فحملها ذكر ام انثى وانى اعلم ما عملت امس فما اعمل غدا وقد علمت اين ولدت فبأى ارض اموت فنزلت : يعنى [ اين ينج علم درخزانة مشيت حضرت آفريدكاراست وكليد اطلاع بدان بدست اجتهاد هيج آدمى نداده اند ] وانما اخفى اللّه وقت الساعة ليكون الناس على حذر واهبة كما روى ان اعرابيا قال للنبى عليه السلام متى الساعة فقال عليه السلام ( وما اعددت لها ) قال لا شئ الا انى احب اللّه ورسوله فقال ( انت مع من احببت )

لى حبيب عربى مدنى قرشى ... كه بود دردو غمش ماية سودا وخوشى

ذره وارم بهوا درئ او رقص كنان ... تاشد او شهرة آفاق بخورشيد رشى

{ وينزل الغيث } عطف على ما يقتضى الظرف من الفعل تقديره ان اللّه يثبت عنده علم الساعة وينزل الغيث كما فى المدارك . وسمى المطر غيثا لانه غياث الخلق به رزقهم وعليه بقاؤهم فالغيث مخصوص بالمطر النافع اى وينزله فى زمانه الذى قدره من غير تقديم وتأخير الى محله الذى عينه فى علمه من غير خطأ وتبديل فهو متفرد بعلم زمانه ومكانه وعدد قطراته روى مرفوعا ( ما من ساعة من ليل ولا نهار الا السماء تمطر فيها يصرفه اللّه حيث يشاء ) وفى الحديث ( ما سنة بامطر من اخرى ولكن اذا عمل قوم بالمعاصى حول اللّه ذلك الى غيرهم فاذا اعصوا جميعا صرف اللّه ذلك الى الفيافى والبحار ) فمن اراد استجلاب الرحمة فعليه بالتوبة والندامة والتضرع الى قاضى الحاجات المناجاة

تو ازفشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرام نكند ابر نوبهار امساك

{ ويعلم ما فى الارحام } الرحم بيت منبت الولد ووعاؤه اى يعلم ذاته أذكر ام أنثى حى ام ميت وصفاته اتام أم ناقص حسن ام قبيح سعيد ام شقى

براحوال نابوده علمش بصير ... براسرار ناكفته لطفش خبير

قديمى نكو كار نيكو بسند ... بكلك قضا در رحم نقش بند

زبر افكند قطرة سوة يم ... زصلب آورد نطفة درشكم

ازان قطره لؤلؤى لالا كند ... وزين صورتى سرو بالاكند

{ وما تدرى نفس } من النفوس . والدراية المعرفة المدركة بضرب من الحيل ولذا لا يوصف اللّه بها ولا يقال الدارى

واما قول الشاعر

لا هم لا ادرى وانت تدرى

فمن تصرف اجلاف العرب او بطريق المشاكلة كما فى قوله تعالى

{ تعلم ما فى نفسى ولا اعلم ما فى نفسك } اى ذاتك

{ ماذا } اى أى شئ

{ تكسب غدا } الكسب ما يتحراه الانسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ مثل كسب المال وقد يستعمل فيما يظن الانسان ان يجلب به منفعة به مضرة والغد اليوم الذى يلى يومك الذى انت فيه كما ان امس اليوم الذى قبل يومك بليلة اى يفعل ويحصل من خير وشر ووفاق وشقاق وربما تعزم على خير فتفعل الشر وبالعكس واذا لم يكن للانسان طريق الى معرفة ما هو اخص به من كسبه وان اعمل حيله وانفذ فيها وسعه كان من معرفة ما عداه مما لم ينصب له عليه ابعد وكذا اذا لم يعلم ما فى الغد مع قربة فما يكون بعده لا يعلمه بطريق الاولى

نداند كسى جون شود امر او ... جه حاصل كند دربس عمر او

بجز حق كه علمش محيط كلست ... برابر باو ماضى مستقبلست

{ وما تدرى نفس } وان اعملت حيلها

{ بأى ارض } مكان

{ تموت } من بر وبحر وسهل وجبل كما لا تدرى فى أى وقت تموت وان كان يدرى انه يموت فى الارض فى وقت من الاوقات روى ان ملك الموت مر على سليمان عليه السلام فجعل ينظر الى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا قال ملك الموت فقال كأنه يريدنى فمر الريح ان تحملنى وتلقينى فى بلاد الهند ففعل فقال الملك كان دوام نظرى اليه تعجبا منه اذا مرت ان اقبض روحه بالهند وهو عندك

قال فى المقاصد الحسنة كان رجل يقول اللهم صلى على ملك الشمس فيكثر ذلك فاستأذن ملك الشمس ربه ان ينزل الى الارض فيزوره فنزل ثم اتى الرجل فقال انى سألت اللّه النزول من اجلك فما حاجتك فقال بلغنى ان ملك الموت صديقك فاسأله ان ينسئ فى اجله ويخفف عنى الموت فحمله معه واقعده مقعده من الشمس واتى ملك الموت فاخبره فقال من هو فقال فلان ابن فلان فنظر ملك الموت فى اللوح معه فقال ان هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس قال فقد قعد مقعدى من الشمس فقال فقد توفته رسلنا وهم لا يفرّطون فرجع ملك الشمس الى الشمس فوجده قدمات

وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه قال خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يطوف ببعض نواحى المدينة فاذا بقبر يحفر فاقبل حتى وقف عليه فقال لمن هذا قيل لرجل من الحبشة فقال ( لا اله الا اللّه سيق من ارضه وسمائه حتى دفن فى الارض التى خلق منها تقول الارض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتنى ) وانشدوا

اذا ما حمام المرء كان ببلدة دعته اليها حاجة فيطير

وفائدة هذا تنبيه العبد على التيقظ للموت والاستعداد له بحسن الطاعة والخروج عن المظلمة وقضاء الدين واثبات الوصية بماله وعليه فى الحضر فضلا عن او ان الخروج عن وطنه الى سفر فانه لا يدرى اين كتبت منيته من بقاع الارض وانشد بعضهم

مشينا فى خطى كتبت علنيا ... ومن كتبت عليه خطى مشاها

وارزاق لنا متفرقات ... فمن لم تأته منا اتاها

ومن كتبت منيته بارض ... فليس يموت فى ارض سواها

كما فى عقد الدرر

{ ان اللّه عليم } يعلم الاشياء كلها

{ خبير } يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها وعنه عليه السلام ( مفاتيح الغيب خمس وتلا هذه الآية فن ادعى علم شئ من هذه المغيبات الخمس فهو كافر باللّه تعالى ) وانما عد هذه الخمس وكل المغيبات لا يعلمها الا اللّه لما ان السؤال ورد عنها كما سبق فى سبب النزول . وكان اهل الجاهلية يسألون المنجمين عنها زاعمين انهم يعملونها وتصديق الكاهن بما يخبره عن الغيب كفر لقوله عليه السلام ( من اتى كاهنا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما انزل اللّه على محمد ) والكاهن هو الذى يخبر عن الكواهن فى مستقبل الزمان ويدّعى معرفة الاسرار وكان فى العرب كهنة يدعون معرفة الامور فمنهم من يزعم انه له ريئا من الجن يلقى اليه الاخبار

قال ابو الحسن الآمدى فى مناقب الشافعى التى الفها سمعت الشافعى يقول من زعم من اهل العدالة انه يرى الجن ابطلنا شهادته لقوله تعالى

{ انه يراكم هو وقبيله من حث لا ترونهم } الا ان يكون الزاعم نبيا كذا فى حياة الحيوان . والمنجم اذا ادعى العلم بالحوادث الآتية فهو مثل الكاهن وفى الحديث ( من سأل عرّافا لم تقبل له صلاة اربعين ليلة ) والعرّاف من يخبر عن المسروق ومكان الضالة والمراد من سأله على وجه التصديق لخبره وتعظيم المسئول يعنى اذا اعتقد انه ملهم من اللّه او ان الجن يلقون اليه مما يسمعون من الملائكة فصدقة فهو حرام واذا اعتقد انه عالم بالغيب فهو كفر كما فى حديث الكاهن .

واما اذا سأل ليمتحن حاله ويخبر باطن امره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهو جائز فعلم ان الغيب مختص باللّه تعالى

وما روى عن الانبياء والاولياء من الاخبار عن الغيوب فبتعليم اللّه تعالى اما بطريق الوحى او بطريق الالهام والكشف فلا ينافى ذلك الاختصاص علم الغيب مما لا يطلع عليه الا الانبياء والاولياء والملائكة كما اشار اليه بقوله

عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول ...

ومنه ما استأثر لنفسه لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبى مرسل كما اشار اليه بقوله

{ وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو } ومنه علم الساعة فقد اخفى اللّه علم الساعة لكن اماراتها بانت من لسان صاحب الشرع كخروج الدجال ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها وغيرها مما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى وكذا اخبر بعض الاولياء عن نزول المطر واخبر عما فى الرحم من ذكر وانثى فوقع كما اخبر لانه من قبيل الالهام الصحيح الذى لا يتخلف وكذا مرض او العزم الاصفهانى فى شيراز فقال ان مت فى شيراز فلا تدفنونى الا فى مقابر اليهود فانى سألت اللّه ان اموت فى طرطوس فبرئ ومضى الى طرطوس ومات فيها يعنى اخبر انه لا يموت فى شيراز فكان كذلك

يقول الفقير اخبر شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته عن وقت وفاته قبل عشرين سنة فوقع كما قال وذلك من امارات وراثته الصحيحة

فان قيل اذا امكن العلم بالغيب لخلص عباه تعالى بتعليمه اياهم فلم لم يعلم اللّه نبيه الغيوب المذكورة فى الآية

فالجواب ان اللّه تعالى انما فعل ذلك اشعارا بان المهم للعبد ان يشتغل بالطاعة ويستعد لسعادة الآخرة ولا يسأل عما لا يهم ولا يشتغل بما لا يعنيه فافهم جدا واعمل لتكون عاقبتك خيرا

تمت سورة لقمان يوم الاربعاء ثامن من شعبان المبارك من شهور تسع ومائة والف

﴿ ٠