سُورَةُ سَبَأٍ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً ١ { الحمد لله } الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركى لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال { الذى له } خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالايجاد والاعدام والاحياء والاماتة { ما فى السموات وما فى الارض } اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجى لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والارض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال { له الحمد فى الاولى والآخرة } وهذا القول اى الحمد لله الخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه { وله الحمد فى الآخرة } بيان لاختصاص الحمد الاخروى به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوى به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار واطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله { الحمد لله الذى صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء } وقوله { الذى احلنا دار المقامة من فضله } الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله { الحمد لله الذى هدانا لهذا } اى لما جزاؤه هذه الايمان والعمل الصالح يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع احدها حين نودى { وامتاز اليوم ايها المجرمون } فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون { الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين } كما قال نوح عليه السلام حين انجاه اللّه من قومه والثانى حين جاوزوا الصراط قالوا { الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن } والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا { الحمد لله الذى هدانا لهذا } الرابع لما دخلوا الجنة واستقبلهم الملائكة بالتحية قالوا { الحمد لله الذى احلنا دار المقامة } والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا { الحمد لله الذى صدقنا وعده واورثنا الارض } والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا { الحمد لله رب العالمين } والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثانى على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر ( انهم يلهمون التسبيح مكا يلهمون النفس ) [ وكفته اند مجموع اهل آخرت مرورا حمد كويند دوستان اورا بفضل ستايند ودشنمان بعدل ] يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل اذ لا اعتبار بحال اهل العدل كما لا يخفى { وهو الحكيم } الذى احكم امور الدين والدنيا ودبرهما حسبما تقضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة { الخبير } بليغ الخبرة والعلم ببواطن الاشياء ومكنوناتها ثم بين كونه خبيرا ٢ فقال { يعلم ما يلج فى الارض } الولوج الدخول فى مضيق اى يعلم ما يدخل فيها من البزور والغيث ينفذ فى موضع وينبع من آخر والكنوز والدفائن والاموات والحشرات والهوام ونحوها وايضا يعلم ما يدخل فى ارض البشرية بواسطة الحواس الخمس والاغذية الصالحة والفاسدة من الحلال والحرام { وما يخرج منها } كالحيوان من جحره والزرع والنبات وماء العيون والمعادن والاموات عند الحشر ونحوها وايضا ما يخرج من ارض البشرية من الصفات المتوالدة منها والاعمال الحسنة والقبيحة { وما ينزل من السماء } كالملائكة والكتب والمقادير والارزاق والبركات والامطار والثلوج والبرد والانداء والشهب والصواعق ونحوها ايضا ما ينزل من سماء القلب من الفيوض الروحانية والالهامات الربانية { وما يعرج } يصعد { فيها } كالملائكة والارواح الطاهرة والابخرة والادخنة والدعوات واعمال العباد ولم يقل ( اليها ) لان قوله تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } يشير الى ان اللّه تعالى هو المنتهى لا السماء ففى ذكر ( فى ) اعلام بنفوذ الاعمال فيها وصعودها منها . وايضا وما يعرج فى سماء القلب من آثار الفجور والتقوى وظلمة الضلالة ونور الهدى وقال بعضهم [ آنجه بالاميرود نالة تابئانست وآه مفلسان كه جون سحر كاه ازخلو تخانة سينة ايشان روى بدركاه رحمت بناه آرد فى الحال رقم قبول بروى افتدكه ( انين المذنبين احب الىّ من زجل المسبحين ) غلغل تسببح شيخ ارجند مقبولست ليك آه درد آلود رندانرا قبول ديكرست بداود كفت بارخدا ذلت جكونه مبارك باشد كفت اى داود ييش ازان ذلت هرباركه بدركاه ما آمدى ملك وار مى آمدى باكر شمه وناز طاعت واكنون مى آيى بنده وار مى آيى باسوز ونياز مفلسى ] { وهو الرحيم } للحامدين ولمن تولاه { الغفور } للمقصرين ولذنوب اهل ولايته فاذا كان اللّه متصفا بالخلق والملك والتصرف والحكمة والعلم والرحمة والمغفرة ونحوها من الصفات الجليلة فله الحمد المطلق والحمد هو الثناء على الجميل الاختيارى من جهة التعظيم من نعمة وغيرها كالعلم والكرم واما قولهم الحمد لله على دين الاسلام فمعناه على تعليم الدين وتوفيقه والحمد القولى هو حمد اللسان وثناؤه على الحق بما اثنى به بنفسه على لسان انبيائه والحمد الفعلى هو الاتيان بالاعمال البدنية ابتغاء لوجه اللّه والحمد الحالى هو الاتصاف بالمعارف والاخلاق الالهية والحمد عند المحنة الرضى عن اللّه فيما حكم به وعند النعم الشكر فيقال فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة دون الشكر لله خوفا من زيادة المحنة لان اللّه تعالى قال { لئن شكرتم لازيدنكم } والحمد على النعمة كالروح للجسد فلا بد من احيائها وابلغ الكلمات فى تعظيم صنع اللّه وقضاء شكر نعمته الحمد لله ولذا جعلت زينة لكل خطبة وابتداء لكل مدحة وفاتحة لكل ثناء وفضيلة لكل سورة ابتدئت بها على غيرها وفى الحديث ( كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو اجذم ) اى اقطع فله الحمد قبل كل كلام بصفات الجلال والاكرام حمد اوتاج تارك سخنست صدر هرنامة نووكهنست قال فى فتوح الحرمين احسن ما اهتم به ذو الههم ... ذكر جميل لولى النعم جون نعم اوست برون ازخيال ... كيف يؤديه لسان المقال نعمت او ييشتر از شكر ماست ... شكرهم ازنعمتهاى خداست وعن رفاعة بن رافع رضى اللّه عنه قال كنا نصلى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلما رفع رأسه صلّى اللّه عليه وسلّم من الركوع قال ( سمع اللّه لمن حمده ) فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد رأسه كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال ( من المتكلم آنفا ) قال الرجل انا قال ( لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها اولا ) وانما ابتدرها هذا العدد لان ذلك عدد حروف هذه الكلمات فلكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح تبقى الصور وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ترتفع حيث منتهى همة العامل وللملائكة مراتب منها مخلوق من الانوار القدسية والارواح الكلية ومنها من الاعمال الصالحة والاذكار الخالصة بعضها على عدد بعض كلمات الاذكار وبعضها على عدد حروف الاذكار وبعضها على عدد الحروف المررة وبعضها على عدد اركان الاعمال على قدر استعداد الذاكرين وقوتهم الروحية وهمتهم العلية . وفى الحديث المذكور دليل على ان من الاعمال ما يكتبه غيرا لفظة مع الحفظة ويختصم الملأ الاعلى فى الاعمال الصالحة ويستبقون الى كتابه اعمال بنى آدم على قدر مراتبهم وتفصيل سر الحديث فى شرح الاربعين لحضرة الشيخ الاجل صدر الدين القنوى قدس سره ٣ { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة } [ نمى آيد بما قيامت ] وعبر عن القيامة بالساعة تشبيها لها بالساهة التى هى جزء من اجزاء الزمان لسرعة حسابها قال فى الارشاد ارادوا بضمير المتكلم جنس البشر قاطبة لا انفسهم او معاصرهم فقط كما ارادوا بنفى اتيانها نفى وجودها بالكلية لاعدم حضورها مع تحققها فى نفس الامر وانما عبروا عنه بذلك لانهم كانوا يوعدون باتيانها ولان وجود الامور الزمانية المستقبلة لا سيما اجزاء الزمان لا تكون الا بالاتيان والحضور وفى كشف الاسرار [ منكران بعث دو كروه اند كروهى كفند { ان نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين } يعنى مادر كما نيم برستا خيز يقين نميدانيم كه خواهد بود ورب العالمين ميكويد ايمان بنده وقتى درست شود كه برستاخيز وآخرت بيكمان باشد : وذلك قوله { وبالآخرة هم يوقنون } كروهى ديكر كفتند { لا تأتينا الساعة } رستاخيز بما نيايد ونخواهد بود ] { قل بلى } رد لكلامهم واثبات لما نفوه من اتيان الساعة على معنى ليس الامر الا اتيانها [ درلباب كفته كه ابو سفيان بلات وعزى سوكند خوردكه بعث ونشور نيست حق تعالى فرمود كه اى حبيب من تو هم سوكند خوركه ] { وربى } الواو للقسم : يعنى [ بحق آفريدكار من بزودى ] { لتأتينكم } الساعة البتة : يعنى [ بيايد بشما قيامت ] وهو تأكيد لما قبله { عالم الغيب } نعت لربى او بدل منه وهو تشديد للتأكيد يريد ان الساعة من الغيوب واللّه عالم بكلها والغيب ما غاب عن الخلق على ما قال بعضهم العلقة غيب فى النطفة والمضغة غيب فى العلقة والانسان غيب فى هذا كله والماء غيب فى الهواء والنبات غيب فى الماء والحيوان غيب فى النبات والانسان غيب فى هذا كله واللّه تعالى قد اظهره من هذه الغيوب وسيظهره بعد ما كان غيبا فى التراب وفائدة الامر باليمين ان لا يبقى للمعاندين عذر اصلا لما انهم كانوا يعرفون امانته ونزاهته عن وصمة الكذب فضلا عن اليمين الفاجرة وانما لم يصدقوه مكابرة وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الكاذبة المكذبة فمن وكله اللّه بالخذلان الى طبيعة نفسه لا يصدر منه الا الانكار ومن نظره اللّه الى قلبه بنظر العناية فلا يظهر منه عند سماع قوله { قل بلى وربى لتأتينكم عالم الغيب } الا الاقرار والنطق بالحق { لا يعزب عنه } [ العزوب : درشدن ] والعازب المتباعد فى طلب الكلأ وعن اهله اى لا يبعد عن علمه ولا يغيب { مثقال ذرة } المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل سنج كما فى المفردات . والذرة النملة الصغيرة الحميراء وما يرى فى شعاع الشمس من ذرات الهواى اى وزن اصغر نملة او مقدار الهباء { فى السموات ولا فى الارض } اى كائنة فيهما وفيه اشارة الى علمه بالارواح والاجسام { ولا اصغر من ذلك } المثقال { ولا اكبر } منه ورفعهما على الابتداء فلا وقف عند اكبر والخبر قوله تعالى { الا } مسطور ومثبت { فى كتاب مبين } هو اللوح المحفوظ المظهر لكل شئ وانما كتب جريا على عادة المخاطبين لا مخافة نسيان وليعلم انه لم يقع خلل وان اتى عليه الدهر والجملة مؤكدة لنفى العزوب ٤ { ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات } علة لقوله { لتأنيكم } وبيان لما يقتضى اتيانها فاللام للعلة عقلا وللمصلحة والحكمة شرعا { اولئك } الموصوفون بالايمان والعمل { لهم } بسبب ذلك { مغفرة } ستر ومحو لما صدر عنهم مما لا يخلو عنه البشر { ورزق كريم } لا تعب فيه ولا منّ عليه ٥ { والذين سعوا } [ بشتافتند ] { فى آياتنا } القرآنية بالرد والطعن فيها ومنع الناس عن تصديق بها { معاجزين } اى مسابقين كى يفوتونا قال فى البحر ظانين فى زعمهم وتقديرهم انهم يفوتوننا وان كيدهم للاسلام يتم لهم وفى المفردات السفى المشى السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الامر خيرا كان او شرا واعجزت فلانا وعاجزته اى ظانين ومقدرين انهم يعجزوننا لانهم حسبوا ان لا بعث ولا نشور فيكون لهم ثواب وعقاب وهذا فى معنى كقوله تعالى { ام حسب الذين يعملون السيآت ان يسبقونا } وقال فى موضع اخر اى اجتهدوا فى ان يظهروا لنا عجزا فيما انزلناه من الآيات : وبالفارسية [ وميكوشند درانكه مارا عاجز آرند وييش شوند ] { اولئك } الساعون { لهم } بسبب ذلك { عذاب من رجز } من للبيان والرجز سوء العذاب اى من جنس سوء العذاب { اليم } بالرفع صفة عذاب اى شديد الا يلام ويجيئ الرجز بمعنى القذر والشرك والاوثان كما فى قوله { والرجز فاهجر } سماها رجزا لانها تؤدى الى العذاب وكذا سمى كيد الشيطان رجزا فى قوله تعالى { ويذهب عنكم رجز الشيطان } لانه سبب العذاب وفى المفردات اصل الرجز الاضطراب وهو فى الآية كالزلزلة ٦ { ويرى الذين اوتوا العلم } مستأنف مسوق للاستشهاد باولى العلم على الجهلة الساعين فى الآيات اى يعلم اولوا العلم من اصحاب رسول اللّه ومن شايعهم من علماء الامة او من آمن من علماء اهل الكتاب كعبد اللّه بن سلام وكعب الاحبار ونحوهما والاول اظهر لان السورة مكية كما فى التكملة { الذى انزل اليك من ربك } اى النبوة والقرآن والحكمة والجملة مفعول اول لقوله يرى { هو } ضمير فصل يفيد التوكيد كقوله تعالى { هو خيرا لهم } { الحق } بالنصب على انه مفعول ثان ليرى { ويهدى } عطف على الحق عطف الفعل على الاسم لانه فى تأويله كما فى قوله تعالى { صافات } اى وقابضات كأنه قيل ويرى الذين اوتوا العلم الذى انزل اليك الحق وهاديا { الى صراط العزيز الحميد } الذى هو التوحيد والتوشيح بلباس التقوى وهذا يفيد رهبة لان العزيز يكون ذا انتقام من المكذب ورغبة لان الحميد يشكر على المصدق وفيه ان دين الاسلام وتوحيد الملك العلام هو الذى يتوصل به الى المذمة والمذلة فى الدنيا والآخرة والى البعد والطرد والحجاب عما تعاينه القلوب الحاضرة والوجوه الناظرة قال بعض الكبار يشير بالآية الى الفلاسفة الذين يقولون ان محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم كان حكيما من حكماء العرب وبالحكمة اخرج هذا الناموس الاكبر يعنون النبوة والشريعة ويزعمون ان القرآن كلامه انشأه من تلقاء نفسه يسعون فى هذا المعنى مجاهدين جهدا تاما فى ابطال الحق واثبات الباطل فلهم اسوأ الطرد والابعاد لان القدح فى النبوة ليس كالقدح فى سائر الامور . واما الذين اوتوا العلم من عند اللّه موهبة منه لا من عند الناس بالتكرار والبحث فيعلمون ان النبوة والقرآن والحكمة هو الحق من ربهم وانما يرون هذه الحقيقة لانهم ينظرون بنور العلم الذى اوتوه من الحق بالحق كان الحق هاديا لاهل لاحق وطالبيه الى طريق الحق وذلك قوله { ويهدى الى صراط العزيز الحميد } فهو العزيز لانه لا يوجد الا به وبهدايته والحميد لانه لا يرد الطالب بغير وجدان كما قال ( ألا من طلبنى وجدنى ) قال موسى عليه السلام اين اجدك يا رب قال يا موسى اذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ : قال المولى الجامى هرجه جزحق زلوح دل بتراش ... بكذر از خلق جمله حق را باش رخت همت بخطة جان كش ... روى دل غير خط نسيان كش بكسلى خويش از هوا وهوس ... روى دل در خداى دارى بس ٧ { وقال الذين كفروا } منكرى البعث وهم كفار قريش قالوا بطريق الاستهزاء مخاطبا بعضهم لبعض { هل ندلكم } [ يا دلالت كنيم ونشان دهيم شمارا ] { على رجل } يعنون به النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وانما قصدوا بالتنكير الهزؤ والسخرية { ينبئكم } اى يحدثكم ويخبركم باعجب الاعاجيب ويقول لكم { اذا مزقتم كل ممزق } الممزق مصدر بمعنى التمزيق وهو بالفارسية [ يرا كنده كردن ] واصل التمزيق يقال مزق ثيابه اى فرقها والمعنى اذا متم وفرقت اجسادكم كل تفريق بحيث صرتم رفاتا وترابا { انكم لفى خلق جديد } اى مستقرون فيه : وبالفارسية [ در آفرينش تو خواهيد بود يعنى زنده خواهيد كشت ] وجديد فعيل بمعنى فاعل عند البصريين من جدّ فهو جديد كقل فهو قليل وبمعنى المفعول عند الكوفيين من جدّ النساج الثوب اذا قطعه قال فى المفردات يقال جددت الثوب اذا قطعته على وجه الاصلاح وثوب جديد اصله المقطوع ثم جعل لكل ما احدث انشاؤه والخلق الجديد اشارة الى النشأة الثانية والجديدان الليل والنهار والعامل فى اذا محذوف دل عليه ما بعده اى تنشأون خلقا جديدا ولا يعمل فيها مزقتم لا ضافتها اليه ولا ينبئكم لان التنبئة لم تقع وقت التمزيق بل تقدمت ولا جديد لان ما بعد انّ لا يعمل فيما قبلها ٨ { افترى على اللّه كذبا } فيما قاله وهذا ايضا من كلام الكفار واصل افترى أافترى بهمزة الاستفهام المفتوحة الداخلة على همزة الوصل المكسورة للانكار والتعجب فحذفت همزة الوصل تخفيفا مع عدم اللبس والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ومعنى الافتراء بالفارسية [ دروغ بافتن ] اى اختلق محمد على اللّه كذبا { ام به جنة } [ يا بدو جنونى هست ] اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه من غير قصد والجنون حائل بين النفس والعقل وهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم فى نوعيه وهما الكذب على عمد وهو المعنىّ بالافتراء بالجنة لان المجنون لا افتراء له لان الكذب عن عند ولا عمد للمجنون فالاخبار حال الجنة قسيم للافتراء الاخص لا الكذب الاعمم ثم اجاب اللّه عن ترديدهم فقال { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة } اى ليس محمد من الافتراء والجنون فى شئ كما زعموا وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالحشر والنشر واقعون { فى العذاب } فى الآخرة { والضلال البعيد } فى الدنيا اى البعيد عن الصواب والهدى بحيث لا يرجى الخلاص منه ووصف الضلال بالبعد على الاسناد المجازى للمبالغة اذ هو فى الاصل وصف الضال لانه الذى يتباعد عن المنهاج المستقيم وكلما ازداد بعدا عنه كان اضل وتقديم العذاب على ما يوجبه ويؤدى اليه وهو الضلال للمسارعة الى بيان ما يسوؤهم وجعل العذاب والضلال محيطين بهم احاطة الظرف بالمظروف لان اسباب العذاب معهم فكأنهم فى وسطه ووضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على ان علة ما اجترأوا عليه كفرهم بالآخرة وما فيها فنون العقاب ولولاه لما فعلوا ذلك خوفا من غائلته وحاصل الآية اثبات الجنون الحقيقى لهم فان الغفلة عن الوقوع فى العذاب وعن الضلال الموجب لذلك جنون اى جنون واختلال عقل أى اختلال اذ لو كان فهمهم ودراكهم تاما وكاملا لفهموا حقيقة الحال ولما اجترأوا على سوء المقال قال بعض الكبار كما ان الطفل الصغير يسبى الى بعض البلاد فينسى وطنه الاصلى بحيث لو ذكر به لم يتذكر كذلك نفس الانسان القاسى قلبه ان ذكر بالآخرة وهو وطنه الاصلى لم يتذكر ويكفر به ويقول مستهزئا ما يقول ولا يتفكر ان اجزاءه كانت متفرقة حين كان هو ذرة اخرجت من صلب آدم كيف جمع اللّه ذرات شخصه المتفرقة وجعلها خلقا جديدا كذلك يجمع اللّه اجزاءه المفترقة للعبث بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جزاو كردن ازنيست هست دكر ره بكتم عدم در برد ... وزانجا بصحراى محشر برد دهد روح كر تربت آدمى ... شود تربت آدم دران يكدمى كسى كو بخواهد نظير نشور ... بكو در نكر سبزه را در ظهور كه بعد خزان بشكفد جند كل ... بجوشد زمين در بهاران جومل ٩ { أفلم يروا الى ما بين ايديهم وما خلفهم من السماء والارض } الفاء للعطف على مقدر اى افعلوا ما فعلوا من المنكر المستتبع للعقوبة فلم ينظروا الى ما احاط بهم من جميع جوانبهم بحيث لا مفرّ له وهو السماء والارض فانهما امامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم حيثما كانوا وساروا : وبالفارسية [ آيا نمى نكرند كافران بسوى آنجه در ييش ايشانست از آسمان وزمين ] ثم بين المحذور المتوقع من جهتهما فقال { ان نشأ } جريا على موجب جناياتهم { نخسف بهم الارض } كما خسفناها بقارون وخسف به الارض غاب به فيها فالباء للتعدية : وبالفارسية [ فرو بريم ايشانرا بزمين ] { او نسقط عليهم كسفا من السماء } كما استقطنا على اصحاب الايكة لاستجابهم ذلك بما ارتكبوه من الجرائم والكسف كقطع لفظا ومعنى جمع كسفة قال فى المفردات ومعنى الكسفة قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الاجسام المتخلخلة ومعنى اسقاط الكسف من السماء اسقاط قطع من النار كما وقع لاصحاب الايكة وهم قوم شعيب كانوا اصحاب غياض ورياض واشجار ملتفة حيث ارسل اللّه عليهم حرا شديدا فرأوا سحابة فجأوا ليستظلوا تحتها فامطرت عليهم النار فاحترقوا { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من السماء والارض من حيث احاطتهما بالناظر من جميع الجوانب او فيما تلى من الوحى الناطق بما ذكر { لآية } لدلالة واضحة { لكل عبد منيب } شأنه الانابة والرجوع الى ربه فانه اذا تأمل فهيما او فى الوحى المذكور ينزجر عن تعاطى القبيح وينيب اليه تعالى قال فى المفردات النوب رجوع الشئ مرة بعد اخرى والانابة الى اللّه الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفى الآية حث بليغ على التوبة والانابة وزجر عن الجرم والجناية وان العبد الخائف لا يأمن من قهر اللّه طرفة عين فان اللّه قادر على كل شئ يوصل اللطف والقهر من كل ذرة من ذرات العالم قال ابراهيم بن ادهم قدس سره اذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وقال ابو سعيد القرشى المنيب الراجع عن كل شئ يشغله عن اللّه الى الله وقال بعضهم الانابة الرجوع منه اليه لا من شئ غيره فمن رجع من غيره اليه ضيع احد طرفى الانابة والمنيب على الحقيقة من لم يكن له مرجع سواه ويرجع اليه من رجوعه ثم يرجع من رجوع فيبقى شبحا لا وصف له قائما بين يدى الحق مستغرقا فى عين الجمع سرى سقطى قدس سره [ كويد معروف كرخى را روح اللّه روحه بخواب ديدم در زير عرش خداى واله ومدهوش وازحق ندايى رسيد بملائكه اين مرد كيست كفتند خداوندا تودانا ترى كفت معروف ازدوشتئ ام ازدوشتى ما واله كشته است جزبديدار ما بهوش نيايد وجز بلقاى ما ازخود خبر نيابد ] فهذه هى حقيقة الرجوع ومن هذا القبيل ما حكى عن ابراهيم بن ادهم قدس سره انه حج الى بيت اللّه الحرام فبينما هو فى الطواف اذ بشاب حسن الوجه قد اعجب الناس حسنه وجماله فصار ابراهيم ينظر اليه ويبكى فقال بعض اصحابه انا لله وانا اليه راجعون غفلة دخلت على الشيخ بلا شك ثم قال يا سيدى ما هذا النظر الذى يخالطه البكاء فقال ابراهيم يا اخى انى عقدت مع اللّه عقدا لا اقدر على فسخه والا كنت ادنى هذا الفتى منى واسلم عليه لانه ولدى وقرة عينى تركته صغيرا وخرجت فارّا الى اللّه تعالى وها هو قد كبر كما ترى وانى لاستحيى من اللّه ان اعود الى شئ خرجت منه هجرت الخلق كلا فى هواكا ... وايتمت العيال لكى اراكا فلو قطعتنى فى الحب اربا ... لما سكن الفؤاد الى سواكا قال بعضهم هجر النفس مواصلة الحق ومواصلة النفس هجر الحق ومن اللّه الايصال الى مقام الوصال ١٠ { ولقد آتينا داود منا فضلا } اعطى اللّه تعالى داود اسما ليس فيه حروف الاتصال فدل على انه قطعه عن العالم بالكلية وشرفه بالطافه الخفية والجلية فان بين الاسم والمسمى مناسبة لا يفهمها الا اهل الحقيقة وقد صح ان الالقاب والاسماء تنزل من صوب السماء والفضل الزيادة والتنوين للنوع اى نوعا من الفضل على سائر الانبياء مطلقا سواء كانوا انبياء بنى اسرائيل او غيرهم كما دل عليه قوله تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } والفاضل من وجه لا ينافى كونه مفضولا من وجه آخر وهذا الفضل هو ما ذكر بعد من تأويب الجبال وتسخير الطير والانة الحديد فانه معجزة خاصة به وهذا لا يقتضى انحصار فضله فيها فانه تعالى اعطاه الزبور كما قال فى مقام الامتنان والتفضل { وآتينا داود زبورا } قال فى التأويلات النجمية والفرق بين داود وبين نبيا صلّى اللّه عليه وسلّم { وكان فضل اللّه عليك عظيما } والفضل الموصوف بالعظمة يدل على كمال الفضل وكذا قوله فضل اللّه لما اضاف الفضل الى اللّه اشتمل على جميع الفضل كما لو قال احد دار فلان اشتملت على جميع الدور انتهى بنوع من التغيير . ويجوز ان يكون التنكير للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية لفخامتنه الاضافية على ان يكون المفضل عليه غير الانبياء فالمعنى اذا ولقد آتينا داود بلا واسطة فضلا عظيما على سائر الناس كالنبوة والعلم والقوة والملك والصوت الحسن وغير ذلك { يا جبال اوبى معه } بدل من آتينا باضمار قلنا او من فضلا باضمار قولنا والتأويب على معنيين . احدهما الترجيع وهو بالفارسية [ نعمة كردانيدن ] لانه من الاوب وهو الرجوع . والثانى السير بالنهار كله فالمعنى على الاول رجعى معه التسبيح وسبحى مرة بعد مرة قال فى كشف الاسرار اوبى سبحى معه اذا سبح وهو بلسان الحبشة انتهى : وبالفارسية [ باز كردانيدن آواز خودرا باداود دروقت تسبيح او يعنى موافقت كنيد باوى ] وذلك بان يخلق اللّه تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام فى شجرة موسى عليه السلام فكان كلما سبح سمع من الجبال ما يسمع من المسبح ويعقل معنى معجزة له قالوا فمن ذلك الوقت يسمع الصدى من الجبال وهو ما يرده الجبل على المصوت فيه فان قلت قد صح عند اهل الحقيقة ان للاشياء جميعا تسبيحا بلسان فصيح ولفظ صريح يسمعه الكمل من اهل الشهود فما معنى الفضل فيه لداود قلت الفضل موافقة الجبال له بطريق خرق العادة كما دل عليه كلمة مع فان قلت قد ثبت ايضا عندهم ان اذكار العوالم متنوعة فمتى سمع السالك من الاشياء الذكر الذى هو مشغول به فكشفه خيالى غير صحيح يعنى انه خيال اقيم له فى الموجودات وليس له حقيقة وانما الكشف الصحيح الحقيقى هو ان يسمع من كل شئ ذكرا غير ذكر الآخر قلت لا يلزم من موافقة الجبال لداود ان لا يكون لها تسبيح آخر فى نفسها مسموع لداود كما هى فيه والمعنى على الثانى سيرى معه حيث سار : يعنى [ سر كنيد با او هرجا كه رود وهركاه كه رود وهركاه كه خواهد واين معجزة داود بودكه با او روان شدى ] ولعل تخصيص الجبال بالتسبيح او السير لانها على صور الرجال كما دل عليه ثباتها { والطير } بالنصب عطفا على فضلا يعنى وسخرنا له الطير لان ايتاءها عليه السلام لتسخيرها له فلا حاجة الى اضماره ولا الى تقدير المضاف اى تسبيح الطير كما فى الارشاد : وبالفارسية [ ومسخر كرديم ويرا مرغان تادر وقت ذكرا با او موافق بودندى ] نزل الجبال والطير منزلة العقلاء حيث نوديت نداءهم اذ ما من حيوان وجماد الا وهو منقاد لمشيئته ومطيع لامره فانظر اذ من طبع الصخور الجمود ومن طبع الطيور النفور ومع هذا قد وافقته عليه السلام فاشد منها القاسية قلوبهم الذين لا يواقون ذكرا ولا يطاوعون تسبيحا وينفرون من مجالس اهل الحق نفور الوحوش بل يهجمون عليها باقدام الانكار كأنهم الاعداء من الجيوش قال المولى الجامى فى شرح الفصوص وانما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى اعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور اعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه يعنى لما كان تسبيحها ينشأ من تسبيحه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا اليها لعدم استحقاقها لذلك انتهى والحاصل ان الذكر من اللسان يعبر الى ان يصل الى الروح ثم ينعكس النور من الروح الى جبال النفس وطير القلب ثم بالمداومة ينعكس من الروح الانسانى الى عالم الاوراح الى ان يستوعب جميع العالم ملكه وملكوته واليهما الاشارة بالجبال والطير فيذكر العالم بما فيه موافقة للذاكر ثم يعبر الذكر عن المخلوقات ويصعد الى رب العالمين كما قال { اليه يصعد الكلم الطيب } فيذكره اللّه تعالى فيكون ذاكرا ومذكورا متصفا بصفة الرب وبخلقه ويكون الفضل فى حقه كونه مذكورا للحق ثم ان اللّه تعالى ما بعث نبيا الاحسن الوجه حسن الصوت وكان لداود عليه السلام حسن صوت جدا زائد على غيره كما انه كان ليوسف عليه السلام حسن زائد على حسن غيره [ هركاه كه داود بزبور خواندن مشغول شدى سباع ووحوش ازمنازل خود بيرون آمده استماع آواز دلنوازش كردندى وطيور ازنغمات جانفزايش مضطرب كشته خود از منزل برزمين افكندندى زضوت دلكشش جان تازه كشتى ... روانرا ذوق بى اندازه كشستى سيهر جنك يشت ارغنون ساز ... ازان بر حالت نشنوده آواز وكفتند جون داود تسبيح كفتى كوهها بصدا ويرا مدد دادندى ومرغان برز برسروى كشيده بالحان دلاويز امداد نمودندى وهركس كه آواز وى شنيدى از لذت آن نغمه بيخود كشتى وازان وجد وسماع بودى كه دريك مجلس جهار صد جنازه بركر فتندى ] جو كردد مطرب من نغمه برداز ... زشوقش مرغ روح آيد بيرواز قال القرطبى حسن الصوت هبة اللّه تعالى وقد استحسن كثير من فقهاء الامصار القراءة بتزيين الصوت وبالترجيع ما لم يكن لحنا مفسدا مغيرا للمبنى مخرجا للنظم عن صحة المعنى لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب [ شبى داود عليه السلام باخود كفت ( لاعبدّن اللّه تعالى عبادة لم يعبده احد بمثلها ) اين بكفت وبركوه شد تاعبادت كند وتسبيح كويد درميانة شب وحشتى بوى در آمد ورب العالمين آن ساعت كوهرا فرمود تا انس دل داودرا باوى تسبيح وتهليل مساعدت كند جندان آواز تسبيح وتهليل از كوه بديد آمد كه آواز داود در جنب آن ناجيز كشت باخود كفت ] كيف يسمع صوتى مع هذه الاصوات فنزل ملك واخذ بعضد داود واوصله الى البحر فوضع قدمه عليه فانقلق حتى وصل الى الارض تحته فوضع قدمه على الصخرة فظهرت دودة وكانت تنشر فقال له الملك يا داود ان ربك يسمع نشير هذه الدودة فى هذا الموضع من وراء السبع الطباق فكيف لا يسمع صوتك من بين اصوات الصخور والجبال فتنبه داود لذلك ورجع الى مقامه همه آوازها در ييش حق باز ... اكر ييدار اكر بوشيده آواز كسى كوبشنود آواز ازحق ... شود در نفس خود خاموش مطلق اللهم اسمعنا كلامك { وألنا له الحديد } اللين ضد الخشونة يستعمل فى الاجسام ثم يستعار للمعانى والانة الحديد بالفارسية [ نرم كردانيدن آهن ] اى جعلناه لينا فى نفسه كالشمع والعجين والمبلول يصرفه فى يده كيف يشاء من غير احماء بنار ولا ضرب بمطرقة او جعلناه بالنسبة الى قوته التى آتيناها اياه لينا كالشمع بالنسبة الى سائر قوة البشرية وكان داود اوتى شدة قوة فى الجسد وان لم يكن جسيما وهو احد الوجهين لقوله ذا الايد فى سورة ص ١١ { ان اعمل } اى امرناه بان عمل على ان ان مصدرية حذف منها الباء { سابغات } اى دروعا واسعة تامة طويلة قال فى القاموس سبغ الشئ سبوغا طال الى الارض والنعمة انسغت ودرع سابغة تامة طويلة انتهى ومنه استعير اسباغ الوضوء او اسباغ النعمة كما فى المفردات وهو عليه السلام اول من اتخذها وكانت قبل ذلك صفائح حديد مضروبة قالوا كان عليه السلام حين ملك على بنى اسرائيل يخرج متنكرا فيسأل الناس ما تقولون فى داود فيثنون عليه فقيض اللّه له ملكا فى صورة آدمى فسأله على عادته فقال نعم الرجل لولا خصلة فيه فسأله عنها فقال لولا انه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ولو اكل من عمل يده لتمت فضائله فعند عند سأل ربه ان يسبب له ما يستغنى به عن بيت المال فعلمه تعالى صنعة الدروع فكان يعمل كل يوم درعا ويبيعها باربعة آلاف درهم او بستة آلاف ينفق عليه وعلى عياله الفين ويتصدق بالباقى على فقراء بنى اسرائيل [ درلباب كويد جون وفات فرمود هزار ذره در خزانة او بود ] وفى الحديث ( كان داود لا يأكل الا من كسب يده ) وفى الآية دليل على تعلم اهل الفضل الصنائع فان العمل بها لا ينقص بمرتبتهم بل ذلك زيادة فى فضلهم اذ يحصل لهم التواضع فى انفسهم والاستغناء عن غيرهم وفى الحديث ( ان خيرا ما اكل المرء من عمل يده ) قال الشيخ سعدى قدس سره بياموز برورده را دست رنج ... وكردست دارى جوقارون كنج بيايان رسد كيسة سيم وزر ... نكردد تهى كيسة ييشه ور { وقدر فى السرد } التقدير بالفارسية [ اندازه كردن ] والسرد فى الاصل خرز ما يخشن ويغلظ كخرز الجلد ثم استعير لنظم الحديد ونسج الدروع كما فى المفردات وقيل لصانع الدروع سرا وزراد بابدال الزاء من السين وسرد كلامه وصل بعضه ببعض واتى به متتابعا وهو انما يكون مقبولا اذا لم يخل بالفهم والمعنى اقتصد فى نسجها بحيث تناسب حلقها : وبالفارسية [ واندازه نكه دار بافتن آن ( يعنى حلقها مساوى ) درهم افكن تا وضع آن متناسب افتد ] ولا تصرف جميع اوقاتك اليه بل مقدار ما يحصل به القوة واما الباقى فاصرفه الى العبادة وهو الانسب بما بعده وفى التأويلات النجمية يشير الى الانة قلبه والسابغات الحكم البالغة التى ظهرت ينابيعها من قلبه على لسانه { وقدر فى السرد } الحديث بان تتكلم بالحكمة على قدر عقول الناس نكته كفتن ييش كثر فهمان زحكمت بيكمان ... جوهرى جند ازجواهر ريختن ييش خرست { واعملوا } خطاب لداود واهله لعموم التكليف { صالحا } عملا صالحا من الاغراض { انى بما تعملون بصير } لا اضيع عمل عامل منكم فاجازيكم عليه وهو تعليل للامر او لوجوب الامتثال به وفى التأويلات النجمية اشارة بقوله { واعملوا صالحا } الى جميع اعضائه الظاهرة والباطنة ان تعمل فى العبودية كل واحدة منها عملا يصلح لها ولذلك خلقت انى بعمل كل واحدة منكن بصير بالبصارة خلقتكن انتهى. والبصير هو المدرك لكل موجود برؤيته ومن عرف انه البصير راقبه فى الحركات والسكنات حتى لا يراه حيث نهاه او يفقده حيث امره وخاصة هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح اللّه بصيرته ووفقه لصالح القول والعمل وان كان الانسان لا يخلو عن الخطأ يقال كان داود عليه السلام يقول اللهم لا يغفر للخطائين غيره منه وصلابة فى الدين فلما وقع له ما وقع من الزلة كان يقول اللهم اغفر للمذنبين ويقال لما تاب اللّه عليه اجتمع الانس والجن والطير بمجلسه فلما رفع صوته وادار لسانه فى حنكه على حسب ما كان من عادته تفرقت الطيور وقالت الصوت صوت داود والحال ليست تلك الحال فلكى داود عليه السلام وقال ما هذا يا رب فاوحى اللّه اليه يا داود هذا من وحشة الزلة وكانت تلك من انس الطاعة قدم نتوان نهاد آنجا كه خواهى ... بفرمان رو بفرمان كن نكاهى كه هر كاو نه بامر حق قدم زد ... جوشمع ازسر برآمد تيز دم زد ١٢ { ولسليمان الريح } اى وسخرنا له الريح وهى الصبا { غذوها } اى جريها وسيرها بالغداة اى من لدن طلوع الشمس الى زوالها وهو وقت انتصاف النهار : وبالفارسية [ بامداد بردن باد اورا ] { شهر } مسيرة شهر اى مسير دواب الناس فى شهر قال الراغب الشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او اعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة . والمشاهرة المعاملة بالشهر كما ان المسانهى والمياومة المعاملة بالسنة واليوم { ورواحها } اى جريها وسيرها بالعشى اى من انتصاف النهار الى الليل : وبالفارسية [ ورفتن او شبانكاه ] { شهر } مسيرة شهر ومسافته يعنى كانت تسير فى يوم واحد مسيرة شهرين للراكب . والجملة اما مستأنفة او حال من الريح وعن الحسن كان يغدو بدمشق مع جنوده على البساط فيقيل باصطخر وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع واصطخر بوزن فردوس بلدة من بلاد فارس بناها لسليمان صخر الجنى المراد بقوله { وقال عفريت من الجن } ثم يروح اى من اصطخر فيكون رواحه بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وكابل بضم الباء الموحدة ناحية معروفة من بلاد الهند وكان عليه السلام يتغدى بالرى ويتعشى بالسمرقند والرى من مشاهير ديار الديلم بين قومس والجبال وسمرقند اعظم مدينة بما وراء النهر اى نهر جيحون و يحكى ان بعضهم رأى مكتوبا فى منزل بناحية دجلة كتبه بعض اصحاب سليمان نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من اصطخر فقلناه ونحن رائحون عنه فبائتون بالشام ان شاء الله قال فى كشف الاسرار [ كفته اند سفروى از زمين عراق بود تابمرو واز آنجا تاببلخ واز آنجا تادر بلاد ترك شدى وبلاد ترك باز بريدى تاومين جين آنكه سوى راست زجانب مطلع آفتاب بركشتى برساحل دريا تابزمين قندهار واز آنجا تابمكران وكرمان واز آنجا تاباصطخر فارس نزولكاه وى بود يكجند آنجا مقام كردى واز آنجا بامداد برفتى وشبانكاه بشام بودى بمدينة تدمر ومسكن ومستقروى تدمر بود ] وكان سليمان امر الشياطين قبل شخوصه من الشام الى العراق فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الابيض والاصفر وقد وجدت هذه الابيات منقورة فى صخرة بارض الشام انشأها بعض اصحاب سليمان ونحن ولا حول سوى حول ربنا ... نروح الى الاوطان من ارض تدمر اذا نحن رحنا كان ريث رواحنا ... مسيرة شهر والغدوّ لآخر اناس شر واللّه طوعا نفوسهم ... بنصر ابن داود النبى المطهر متى يركب الريح المطيعة ارسلت ... مبادرة عن شهرها لم تقصر تظلهمو طير صفوف عليهمو ... متى زفرفت من فوقهم لم تبتر قال مقاتل كان ملك سليمان ما بين مصر وكابل وقال بعضهم جميع الارض وهو الموافق لما اشتهر من انه ملك الدنيا باسرها اربعة اثنان من اهل الاسلام وهما الاسكندر وسليمان واثنان من اهل الكفر وهما نمرود وبخت نصر [ بعض كبار كفته كه سليمان عليه السلام اسبان نيكويى عيب داشت همجون مرغان بايرجون آن قصة فوت نماز بيفتاد تيغ بركشيد وكردن اسبان مى بريد كفتند كه اكنون بترك اسبان بكفتى ما باد مركب توكرديم ( من كان لله كان اللّه له ) هركه بترك نظر خود بكريد نظر اللّه بدلش بيوند هيج كس نبود كه بترك جيزى نكفت ازبهر خدا كه نه عوضى به ازانش ندادند مصطفى عليه السلام جعفررا رضى اللّه عنه بغزو فرستاد وامارت جيش بوى داد لواى اسلام دردست وى بود كفار حمله آوردند ويك دستش بيند اختند لوا بديكردست كرفت يك زخم ديكر برآوزدند وديكردستش بيندا ختند بعد ازان هفتاد ونه زخم برداشت شهيد ازدنيا بيرون شد اورا بخواب ديدندكه ( ما فعل اللّه بك ) كفت ( عوّضنى اللّه من اليدين جناحين اطير بهما فى الجنة حيث اشاء مع جبريل وميكائيل ) كفتم ( على من ترد السلام يا رسول اللّه ) جواب سلام كحه ميدهى هح كس را نمى بينم كه برتوسلام مكيند كفت ( ان جعفر بن ابى طالب مرمع جبريل وميكائيل ) اى جعفر دست بدادى اينك بزجزاى تو آى سليمان اسبان بدادى اينك اسبان در بر وبحر حمال تو اى محب صادق اكر بحكم رياضت ديده فدا كردى وجشم نثار اينك لطف ماديدة تو وفضل ما سمع تو وكرام ما جراغومشعتو ( فاذا احببته كنت له سمعا يسمع بى وبصرا يبصر بى ويدا يبطش بى ) اول مرد كويند شود بس داننده شود بس رونده شود بس برنده شود اى مسكين ترا هركز آرزوى آن نبودكه روزى مرغ دلت ازقفس ادبار نفس خلاص يابد وبرهواى رضاى حق برواز كند بجلال قدر بارخدا كه جزنواخت ( اتيته هرولة ) استقبال تو نكند ] جه مانى بهر دارى جو زاغان اندرين بستى ... قفس بشكن جو طاوسان يكى برير برين بالا قفس قالب است وامانت مرغ جان برا وعشق برواز او ارادت افق او غيب منزل او در دركاه كه مرغ امانت ازين قفس بشريت برافق غيب بروازكند كروبيان عالم قدس دستها بديدة خويش بازنهندتا از برق اين جمال ديدهاى ايشان نسوزد ] وفى التأويلات النجمية يشير قوله { ولسليمان الريح } الى آخره الى القلب وسيره الى عالم الارواح وسرعته فى السير للطافته بالنسبة الى كثافة النفس وابطائها فى السير وذلك لان مركب النفس فى السير البدن وهو كثيف بطيئ السير ومركب القلب فى السير هو الجذبة الالهية وهى من صفات لطفه كما قال عليه السلام ( قلوب العباد بيد اللّه يقلبها كيف يشاء ) وتقليبها الى الحضرة برياح العناية واللطف كما قال عليه السلام ( قلب المؤمن كريشة فى فلاة يقلبها الريح ظهرا لبطن وبطنا لظهر ) وهو حقيقة قوله ولسليمان الريح اى لسليمان القلب سخرنا ريخ العناية ليسير بها وهو ابن داود الروح وبساطه الذى كان مجلسه ويجرى به الريح هو السر ولهذا المعنى قيل ان سليمان فى سيره لاحظ ملكه يوما فمال الريح فقال سليمان للريح فقالت الريح استو انت مادمت مستويا بقلبك كنت مستوية ملت فملت كذلك حال السر والقلب وريح العناية اذا زاغ القلب ازاغ اللّه الريح الخذلان بساط السر فان اللّه تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم انتهى وفى المثنوى همجنين تاج سليمان ميل كرد ... روز روشن را بروجون ليل كرد كفت تاجا كثرمشو برفرق من ... آفتمابا كم مشو از شرق من راست مى كرد او بدست آن تاج را ... باز كثر مى شد بروتاج اى فتى هشت بارش راست كرد وكشت كثر ... كفت تاجاجيست آخر كثر مغثر كفت اكر صدره كنى تو راست من ... كثر روم جون كثرروى اى مؤتمن بس سليمان اندرون وراست كرد ... دل بر آن شهرت كه بودش كرد سرد بعد ازان تاجش همان دم راست شد ... آنجنانكه تاج را ميخواست شد بس ترا هرغم ييش آيد زدرد ... بركسى تهمت منه برخويش كرد حكى ان رجلا سقاء بمدينة بخارى كان يحمل الماء الى دار صائغ مدى ثلاثين سنة وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما واخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى اللّه تعالى فقال ما صنعت شيأ فالحت عليه فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فأعجبنى بياضها فعصرتها فقالت اللّه اكبر هذه حكمة خيانة السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعلينى فى حل فان الشيطان قد اضلنى فقالت امض فان الخطأ لم يكن الا من الشيخ الذى فى الدكان فانه لما غير حاله مع اللّه بمس الاجنبية غير اللّه حاله معه بمس الاجنبى زوجته ومثل ذلك من عدل اللّه تعالى واللّه تعالى غيور اذا رأى عبده فيما نهاه يواخذه بما يناسب حاله وفعله فاذا عرف العبد ان الحال هذا وجب عليه ان يترك الجفاء والاذى ويسلك طريق العدل والانصاف ولا يأخذ سمت الجور والاعتساف والشقاق والخلاف { واسلنا له عين القطر } اى اذبنا واجرينا لسليمان عين النحاس المذاب اساله من معدنه كما الان الحديد لداود فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك مسى عينا : وبالفارسية [ وجارى كرديم براى سليمان جشمة مس كداخت راتا از معدن بيرون آمدى جون آب روان وزان مس هرجه ميخواست ميساخت وآن در موضعى بود ازيمن بقرب صنعاء ] قال فى كشف الاسرار لم يعمل بالنحاس قبل ذلك فكل ما فى ايدى الناس ومن النحاس فى الدنيا من تلك العين يقول الفقير يرد عليه ان فى بعض البلاد معدن النحاس يلتقط جوهره منه اليوم يذاب ويعمل فكيف يكون ما فى ايدى الناس مما اعطى سليمان الا ان يقال ان اصله كان من تلك العين كما ان المياه كلها تخرج من تحت الصخرة فى بيت المقدس على ما ورد فى بعض الآثار { ومن الجن من يعمل بين يديه } جملة من مبتدأ وخبر. يعنى [ از طائفة جن است كسى كه كار كردى ييش سليمان ] { باذن ربه } بامره كما ينبئ عنه قوله تعالى { ومن يزغ منهم عن امرنا } الزيغ الميل عن الاستقامة اى من يعدل من الجن ويمل عما امرناه به من طاعة سليمان ويعصه { نذقه } [ بجشانيم اورا ] { من عذاب السعير } اى عذاب النار فى الآخرة روى عن السدى انه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه الجنى ضربه من حيث لا يراه ضربة احرقته بالنار وفيه اشارة الى تسخير اللّه لسليمان صفات الشيطنة كما قال نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان اللّه سلطنى على شيطانى فاسلم على يدى فلا يأمرنى الا بخير ) فاذا كانت القوى الباطنة مسخرة كانت الظاهرة الصورية ايضا مسخرة فتذهب الظلمة ويجيئ النور ويزول الكدر ويحصل السرور وهذا هو حال الكمل فى النهايات ١٣ { يعملون له ما يشاء } تفصيل لما ذكر من عملهم { من محاريب } بيان لما يشاء جمع محراب قال فى القاموس المحراب الفرفة وصدر البيت واكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس انتهى وفى المفردات محراب المسجد قيل سمى بذلك لانه موضع محاربة الشيطان والهوى او لكون حق الانسان فيه ان يكون حريبا اى مسلوبا من اشغال الدنيا ومن توزع الخاطر وقيل الاصل فيه ان محراب البيت صدر المجلس ثم لما اتخذت المساجد سمى صدرها به وقيل بل المحراب اصل فى المسجد وهو اسم خص به صدر المسجد وسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وهذا اصح انتهى . والمعنى من قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بذلك لانها يذب عنها ويحارب عليها وادرج فى تفسير الجلالين ايضا قال المفسرون فبنت الشياطين لسليمان تدمر كتنصر وهى بلدة بالشام والابنية العجيبة باليمن وهى صرواج ومرواج وبينون وسلحين وهيذة وهنيذة وفلتوم وغمدان ونحوها وكلها خراب الآن وعملوا له بيت المقدس فى غاية الحسن والبهاء [ اصحاب سير كفته اندكه رب العالمين در نثراد ابراهيم عليه السلام بركت كرد جنانكه كس طاقت شمردن نسل آن نداشت خصوصا در روزكار داود عليه السلام داود خواست كه عدد بنى اسرائيل بداند ايشان كه در زمين فلسطين مسكن داشتند روز كارى دراز مى شمردند وبسر نرسيدند ونوميد كشتند بس وحى آمد بداود كه جون ابراهيم آن خواب كه اورا نموديم يذبح فرزند تصديق ووفا كرد من اورا وعده دادم كه درنسل وى بركت كنم اين كثرت ايشان ازانست اما ايشان فراوانى ازخويشتن ديدند وخودبين كشتند لا جرم عدد ايشان كم كنم اكنون مخيراند ميان سه بليه آن يكى كه اختيار كنند برايشان كما رم يا قحط ونياز وكرسنكى يا دشمن سه ماه ياوبا وطاعون سه روز داود اسرائيل را جمع كرد وايشانرا درين سه بليت مخر كرد داز هرسه طاعون اختيار كردند كفتند اين يكى آسانتراست وار فضيحت دور تربس همه جهاز مرك بساختند عسل كردند وخنود برخود ريختند وكفن در برشيدن وبصحرا بيرون رفتند با اهل وعيال وخرد وبزرك دران صعيد بيت المقدس بيش ازبنا نهادن آن وداود بصخرة سجود درافتاد وايشان دعا وتضرع كردند رب العالمين طاعون برايشان فرود كشاد يك شبان روز جندان هلاك شدندكه بعد ازان بدوماه ايشانرا دفن توانستند كرد جون يك شبان روز از طاعون بكذشت رب العالمين دعاى داود اجابت وتضرع ايشان روا كرد وآن طاعون ازايشان برداشت بشكر آنكه رب العالمين دران مقام برايشان رحمت كرد بفرمود تا آنجا مسجدى سازندكه ييوسته آنجا ذكر اللّه ودعا وتضرع رود بس ايشان دركار ايستادن ونخست مدينة بيت المقدس بنا نهادند وداود بردوش خودسنك ميكشيد وخيار بنى اسرائيل همجنان سنك مى كشيدند تايك قامت بنابر آوردند بس وحى آمد بداودكه اين شهر ستانرا بيت المقدس نام نهاديم قدمكاه ييغمبران وهجرتكاه ونزولكاه باكان ونيكان ] قال بعض الكبار اراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فلما فرغ منه تهدّم فشكا ذلك الى اللّه فاوحى اللّه اليه ان بيتى هذا لا يقوم على يدى من سفك الدماء فقال داود يا رب ألم يك ذلك فى سبلك قال بلى ولكنهم أليسوا عبادى فقال يا رب اجعل بنيانه على يدى من هو منى فاوحى اللّه اليه ان ابنك سليمان يبنيه فانى املكه بعدك واسلمه من سفك الدماء واقضى اتمامه على يده وسبب هذا ان الشفقة على خلق اللّه احق بالرعاية من الغيرة فى اللّه باجراء الحدود المفضية الى هلاكهم ولكون اقامة هذه النشأة اولى من هدمها فرض اللّه فى حق الكفار الجزية والصلح ابقاء عليهم ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم اخذ الفدية او العفو ن ابى فحينئذ يقتل ألا تراه سبحانه اذا كان اولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية اوعفا وباقى الاولياء لا يرون الا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ثم نرجح الى القصة فصلوا فيه زمانا [ كفته اند داود درآن روز صد وبيست وهفت سال بود جون سال وى بصد وجهل رسيد ازدنيا بيرون شد وسليمان بجاى وى نشست ] وكان مولد سليمان بغزة وملك بعد ابيه وله اثنتا عشر سنة ولما كان فى السنة الرابعة من ملكه فى شهر ايار سنة تسع وثلاثين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام ابتدأ سليمان فى عمارة بيت المقدس واتمامه حسبما تقدم وصية ابيه اليه وجمع حكماء الانس والجن وعفاريت الارض وعظماء الشياطين وجعل منهم فريقا يبنون وفريقا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام وفريقا يغوصون فى البحر فيخرجون منه الدر والمرجان وكان فى الدر ما هو مثل بيضة النعامة والدجاجة وبنى اسرائيل وكانوا اثنى عشر سبطا ثم بنى المسجد الاقصى بالرخام الملوم وسقفه بالواح الجواهر الثمينة ورصع سقوفه وحيطانه باللآلى واليواقيت وانبت اللّه شجرتين عند باب الرحمة احداهما تنبت الذهب والاخرى تنبت الفضة فكان كل يوم ينزع من كل واحدة مائتى رطل ذهبا وف وفرض وفرش المسجد بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة وبالواح الفيروزج فلم يكن يومئذ فى الارض بيت ابهى ولا انوار من ذلك المسجد كان يضيئ فى الظلمة كالقمر ليلة البدر وفرغ منه فى السنة الحادية عشرة من ملكة وكان ذلك بعد هبوط آدم عليه السلام باربعة آلاف واربعمائة واربع عشرة سنة وبين عمارة سليمان بيت المقدس والهجرة النبوية المحمدية على صاحبها ازكى السلام الف وثمانمائة وقريب من سنتين ولما فرغ من بناء المسجد سأل اللّه ثلاثا حكما يوافق حكمه وسأله ملكا لا ينبغى لاحد من بعده وسأله ان لا يأتى الى هذا المسجد احد لا يريد الا الصلاة فيه الاخرج من خطيئته كيوم ولدته امه قال عليه السلام نرجو ان يكون قد اعطاه اياه ولما رفع سليمان يده من البناء جمع الناس فاخبرهم انه مسجد لله تعالى وهو امره ببنائه وان كان شئ فيه لله من انتقص شيأ منه فقد خان اللّه تعالى ثم اتخذ طعاما وجمع الناس جمعا لم ير مثله ولا طعام اكثر منه وقرب القرابين لله تعالى واتخذ ذلك اليوم الذى فرغ منه فيه عيدا قال سعيد بن المسيب لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت ابوابه فعالجا سليمان فلم تنفتح حتى قال فى دعائه بصلوات ابى داود وافتتح الابواب فتفتحت فوزع له سليمان عشرة آلاف من قراء بنى اسرائيل خمسة آلاف بالليل وخسمة آلاف بالنهار فلا يأتى ساعة من ليل ولانهار الا واللّه يعبد فيها واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان اربعمائة سنة وثلاثا وخمسين سنة حتى قصده بخت نصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد واخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر وحمله الى دار مملكته من ارض العراق واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة ثم اهلك بخت نصر ببعوضة دخلت دماغة وذلك انه من كبر الدماغ وانتفاخه فعل ما فعل من التخريب والقتل فجازاه اللّه تعالى بتسليط اضعف حيوان على دماغة نه هركز شنيديم در عمر خويش ... كه بدمر درانيكى آمد به بيش { وتماثيل } جمع تمثال بالكسر وهو الصورة على مثال الغير اى وصور الملائكة والانبياء على صورة القائمين والراكعين والساجدين على ما اعتادوه فانها كانت تعمل حينئذ فى المساجد من زجاج ونحاس ورخام وسأل ربه ان ينفخ فيها الروح ليقاتلوا فى سبيل اللّه ولا يعمل فيهم السلاح وكان اسفنديار روبين منهم كما فى تفسير القرطبى وروى انهم عملوا اسدين فى اسفل كرسيه ونسرين فوقه فاذا اراد ان يصعد بسط الاسدان ذراعيهما فارتقى عليهما : يعنى [ جون سليمان خواستى كه بتخت برآيد آن دوشير بازوهاى خود برافر اختندى تاباى بران نهاده بالارفتى ] واذا قعد اظله النسران باجنحتهما فلما مات سليمان جاء افريدون ليصعد الكرسى ولم يدر كيف يصعد فلما دنا منه ضربه الاسد على ساقه فكسر ساقه ولم يجسر احد بعده ان يدنو من ذلك الكرسى واعلم ان حرمة التصاوير شرع جديد وكان اتخاذ الصور قبل هذه الامة مباحا وانما حرم على هذه الامة لان قو رسولنا صلّى اللّه عليه وسلّم كانوا يعبدون التماثيل اى الاصنام فنهى عن الاشتغال بالتصوير وابغض الاشياء الى الخواص ما عصى اللّه به وفى الحديث ( من صور صورة فان اللّه معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها ابدا ) وهذا يدل على ان تصوير ذى الروح حرام قال الشيخ الاكمل هل هو كبيرة او لا فيه كلام فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد عليه من الشرع فهو كبيرة واما من جعل الكبيرة منحصرة فى عدد محصور فهذا ليس من جملته فيكون الحديث محمولا على المستحل او على استحقاق العذاب المؤبد واما تصوير ما لاروح له فرخص فيه وان كان مكروها من حيث انه اشتغال بما لا يعنى قال فى نصاب الاحتساب ويحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير لان الصورة فى البيت لامتناع الملائكة عن دخوله قال جبريل عليه السلام ( انا لا ندخل بيتا فيه كلب او صورة ) ولو خرفة بنقش لا صورة فيه لا بأس به وفى ملتقط الناصرى لو هدم بيتا مصورا فيه بهذه الاصباغ تماثيل الرجال والطيور ضمن قيمة البيت واصباغه غير مصورة انتهى فاذا منع من التصاوير فى البيت فاولى ان يمنع منها فى المسجد ولذا محيت رؤس الطيور فى المساجد التى كانت كنائس وفيها تماثيل وجاء فى الفروع انه يكره ان يكون فوق رأس المصلى او بين يديه او بحذائه صورة واشدها كراهة ان يكون امام المصلى ثم فوق رأسه ثم على يمين ثم على يساره ثم خلفه قيل ولو كانت خلفه لا يكره لانه لا يشبه عبادة الصنم وفيه اهانة لها ولو كانت تحت قدميه لا يكره قال فى العناية قيل اذا كانت خلفه لا تكره الصالة ويكره كونها فى البيت لان تنزيه مكان الصلاة عما يمنع دخول الملائكة مستحب لا يقال فعلى هذا لا يكره كونها تحت القدم فيه ايضا لانا نقول فيه من التحقير والاهانة مالا يوجد فى الخلف فلا قياس لوجود الفارق ثم الكراهة اذا كانت الصورة كبيرة بحيث تبدو وتظهر للناظر بلا تأمل فلو كانت صغيرة بحيث لا تتبين تفاصيل اعضائها الا بتأمل لا يكره لان الصغير جدا يعبد ولو قطع رأسها لا يكرد لانها لا تعبد بلا رأس عادة ومعنى قطع الرأس ان يمحى رأسها بخيط عليها وينسخ حتى لم يبق للرأس اصلا بل طمست هيئته قطعا ولو خيط ما بين الرأس والجسد لا يعتبر لان من الطيور ما هو مطرق فيكون احسن فى العين ولو محى وجه الصورة فهو كقطع رأسها بخلاف قطع يديها ورجليها ولا تكره الصلاة على بساط مصور لانه اهانة ولس بتعظيم ان لم يسجد عليها لان السجود عليها بشبه عبادة الاصنام واطلق الكراهة فى المبسوط لان البساط الذى يصلى عليه معظم بالنسبة الى سائر البسط فكان فيه تعظيم الصورة وقد امرنا باهانتها وفى حواشى اخى جلبى اذا كان التمثال تمثال ما يعظم الكفار كشكل الصليب مثلا لا ريب فى كراهة السجدة عليه ألا ترى الى ظهير الدين حيث قال الاصل فيه ان كل ما يقع تشبها بهم فيما يعظمون يكره الاستقبال بالصلاة اليه ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة او بساط مفروش لم يكره لانها توطأ فكأنه استهانة بالصورة بخلاف ما لو كانت الوسادة منصوبة كالوسائد الكبار او كانت على الستر لانها تعظيم لها وفى الخلاصة الصورة اذا كانت على وسادة او بساط لا بأس باستعمالهما وان كان يكره اتخاذهما وان كانت على الازار والستر فمكروه ولا يفسد صلاته فى كل الفصول لوجود شرائط الجواز والنهى لمعنى فى غير المعنى عنه وتعاد على وجه غير مكروه وهو الحكم فى كل صلاة اديت مع الكراهة كما لو ترك تعديل الاركان كما فى الكافى { وجفان } [ وميكردندى يعنى شياطين براى سليمان ازكاسهاى جوبين وغير آن ] وهى جمع جفنة وهى القصعه العظيمة فان اعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع الرجل فتفسير الجفان بالصحاف كما فعله البعض منظور فيه قال سعدى المفتى والجفنة خصت بوعاء الاطعمة كما فى المفردات { كالجواب } كالحياض الكبار اصله الجوابى بالياء كالجوارى جمع جابيه من الجباية لاجتماع الماء فيها وهى من الصفات الغالبة كالدابة قال الراغب يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابيه ومنه استعير جبيت الخراج جباية قيل كان يقعد على الجفنة الفا رجل فيأكلون منها وكان لمطبخه كل يوم اثنا عشر الف شاة والف بقرة وكان له اثنا عشر الف خباز واثنا عشر الف طباخ يصلحون الطعام فى تلك الجفان لكثرة القوم وكان لعبد اللّه بن جدعان من رؤساء قريش وهو ابن عم عائشة الصديقة رضى اللّه عنها جفنة يستظل بظلها ويصل اليها المتناول من ظهر البعير ووقع فيها صبى فغرق وكان يطعم الفقراء كل يوم من تلك الجفنة وكان لنبينا صلّى اللّه عليه وسلّم قصعة يحملها اربعة رجال يقال لها الغراء اى البيضاء فلما دخلوا فى الضحى وصلوا صلاة الضحى اتى بتلك القصعة وقد ثرد فيها فالتفوا حولها اى اجتمعوا فلما كثروا جثا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال اعرابى ما هذه الجلسة فقال عليه السلام ( ان اللّه جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا ) ثم قال ( كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها ) قال فى الشرعة ولا بركة فى القصاع الصغار ولتكن قصعة الطعام من خزف او خشب فانهما اقرب الى التواضع . ويحرم الاكل فى الذهب والفضة وكذا الشرب منهما. ويكره آنية النحاس اذا كان غير مطلىّ بالرصاص . وكذا فى آنية الصفر وهو بضم الصاد المهملة وسكون الفاء شئ مركب من المعدنيات كالنحاس والاسرب وغير ذلك يقال له بالفارسية [ روى ] بترقيق الراء فانه بتفخيمها بمعنى الوجه { وقدور راسيات } القدر بالكسر اسم لما يطبخ فيه اللحم كما فى المفردات . والجمع قدور . والراسيات جمع راسية من رسا الشئ يرسو اذا ثبت ولذلك سميت ولا تحرك من اماكنها وكان يصعد عليها بالسلال وكانت باليمين [ وهنوز در بعض از ولايات شام ديكهاى جنين ازسنك تراشيدهخ موجودست ] وكانت تتخذ القدور من الجبال او هى قدور النحاس وكانت موضوعة على الاثافى او كانت اثافيها منها كما فى الكواشى وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { وجفان } الى آخره الى مأذبة اللّه التى لا نهاية لها التى يأكل منها الاولياء اذ يبيتون عنده كما قال عليه السلام ( ابيت عند ربى يطعمنى ويسقينى ) { اعملوا } يا { آل داود } فنصبه على النداء والمراد به سليمان لان هذا الكلام قدورد فى خلال قصته وخطاب الجمع للتعظيم او اولاده او كل من ينفق عليه او كل من يتأتى منه الشكر من امته كما فى بحر العلوم والمعنى وقلنا له او لهم اعلموا { شكرا } نصب على العلة اى اعملوا له واعبدوه شكرا لما اعطيتكم من الفضل وسائر النعماء فانه لا بد من اظهار الشكر كظهور النعمة او على المصدر لا عملوا لان العمل للمنعم شكر له فيكون مصدرا من غير لفظه او لفعل محذوف اى اشكروا شكرا او حال اى شاكرين او مفعول به اى اعملوا شكرا ومعناه انا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا انتم شكرا على طريق المشاكلة قال بعض الكبار قال تعالى فى حق داود { ولقد آتينا داود منا فضلا } فلم يقرن بالفضل الذى آتاه شكرا يطلبه منه ولا اخبر انه اعطاه هذا الفضل جزاء لعمل من اعماله ولما طلب الشكر على ذلك الفضل بالعمل طلبه من آل داود لامنه ليشكره الآل على ما انعم به على داود فهو فى حق داود عطاء نعمة وافضال وفى حق آله عطاء لطلب المعارضة منهم فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء وان كانت الانبياء عليهم السلام قد شكروا اللّه على انعامه وهبته فلم يكن ذلك الشكر الواقع منهم نبيا على طلب من اللّه سبحانه بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم كما قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى تورمت قدماه من غير ان يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه شكرا لما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له فى ذلك قال ( أفلا اكون عبدا شكورا ) وفى التأويلات النجمية يشير الى شكر داود الروح وسليمان القلب من آله السر والخفى والنفس والبدن فان هؤلاء كلهم من مولدات الروح قال اعملوا. وشكر النفس باقامة شرائط التقوى والورع . وشكر القلب بمحبة اللّه وخلوه عن محبة ما سواه . وشكر السر مراقبته من التقانة لغير اللّه . وشكر الروح ببذل وجوده على نار المحبة كالفراش على شعلة الشمع . وشكر الخفى قبول الفيض بلا واسطة فى مقام الوحدة ولهذا سمى خفيا لانه بعد فناء الروح فى اللّه يبقى فى قبول الفيض فى مقام الوحدة مخفيا بنور الوحدة على نفسه { وقليل من عبادى الشكور } قليل خبر مقدم للشكور وقال الكاشفى وصاحب كشف الاسرار [ واندكى ازبند كان من ساس دارند ] والشكور المبالغ فى اداء الشكر على النعماء والآباء بان يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه اكثر اوقاته واغلب احواله ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا الى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر حق شكر حق نداند هيج كس ... حيرت آمد حاصل دانا وبس آن بزركى كفت باحق درنهان ... كاى بديد آرندة هر دوجهان اى منزه اززن وفرزند وجفت ... كى توانم شكر نعمتهات كفت ييك حضرت دادش از ايزد ييام ... كفتش از تواين بود شكر مداد جون درين را اين قدر بشناختى ... شكر نعمتهاى ما برداختى قال الامام الغزالى رحمه اللّه احسن وجوه الشكر لنعم اللّه تعالى ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وذلك ايضا بالتوفيق وعن جعفر بن سليمان سمعت ثابتا يقول ان داود جزأ ساعات الليل والنهار على اهله فلم تكن تأتى ساعة من ساعات الليل والنهار الا وانسان من آل داود قائم يصلى وعن النبى عليه السلام ( اذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ان داود اشكر العابدين وايوب صابر الدنيا والآخرة ) وفى التأويلا النجمية وبقوله { قليل من عبادى الشكور } يشير الى قلة من يصل الى مقام الشكورية وهو الذى يكون شكره بالاحوال . فللعوام شكرهم بالاقوال كقوله تعالى { وقل الحمد لله سيريكم آياته } وللخواص شكرهم باعمال كقوله { اعملوا آل داود شكرا } . ولخواص الخواص شكرهم بالاحوال وهو الاتصاف بصفة الشكورية والشكور هو اللّه تعالى لقوله تعالى { ان ربنا لغفور شكور } بان يعطى على عمل فان عشرا من ثواب باق كل ما كان عندهم ينفد وما عنده الى السرمد ان اللّه كثير الاحسان فاعمل شكرا ايها الانسان ١٤ [ بس ازان سليمان بملك الموت رسيد وكفت جون ترا بقبض روح من فرمايند مرا خبر ده ملك الموت بوقتى كه اورا فرمودند آمد واورا خبر داد كفت نماند از عمرتو الا يك ساعت اكر وصيتى ميكنى يا كارى از بهر مرك ميسازى بساز ] فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى قال فى كشف الاسرار [ بس بآخركار عصاى خود ييش كرفت وتكيه برآن كرد وهردوكف زير سرنهاد وآن عصا اورا همجنان بناهى كشت وملك الموت در آن حال قبض روح وى كرد ويكسال برين صفت برآن عصا تكيه زده بماند وشياطين همجنان دركار ورنج وعمل خويش مى بودند ونمى دانستند كه سليمان مرا وفات رسيد ] ولا ينكرون احتباسه عن الخروج الى الناس لطول صلاته قبل ذلك وقال الكاشفى فى تفسيره [ جون سليمان در كذشت وبشستند وبرو نماز كذا ردند مى بنداشتند وبهما ن كاركه نامزد ايشان بود قيام نمودند تابعد از يكسال اسفل عصاى اورا دوده يخورد سليمان برزمين افتاد همكنانرا موت او معلوم شد ] قال بعضهم كانت الشياطين تجتمع حول محرابة اينما صلى فلم يكن شيطان ينظر اليه فى صلاته الا احترق فمر به شيطان فلم يسمع صوته ثم رجع فلم يسمع صوتة ثم ينظر فاذا سليمان قد خر ميتا ففتحوا عنه فاذا العصا قد اكلتها الارضة فارادوا ان يعرفوا وقت موته فوضعوا قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيا ولو علموا انه مات لما لبثوا فى العذاب سنة قال فى كشف الاسرار [ وعذاب ايشان ازجهت سليمان آن بودى جون بريكى ازايشان خشم كرفتى ] كان قد حبسه فى دنّ وشدّ رأسه بالرصاص او جعله بين طبقتين من الصخر فالقاه فى البحر او شدّ رجليه بشعره الى عنقه فالقاه فى الحبس ثم ان الشياطين قالوا للارضة لو كنت تأكلين الطعام اتيناك باطيب الطعام ولو كنت تشربين من الشراب سقيناك اطيب الشراب ولكن ننقل اليك الماء والطين فهم ينقلون ذلك حيث كانت ألم تر الى الطيب الذى يكون فى جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين تشكرا لها قال القفال قد دلت هذه الآية على ان الجن لم يسخروا الا لسليمان وانهم تخلصوا بعد موته من تلك الاعمال الشاقة : يعنى [ جون بدانستند كه سليمان را وفات رسيد فى الحال فرار نمود درشعاب جبال وجواف بوادى كريختند وازرنج وعذاب بازرستند ] وانما تهيأ لهم التسخير والعمل لان اللّه تعالى زاد فى اجسامهم وقواهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون ولا يقدرون على شئ من هذه الاعمال الشاقة مثل نقل الاجسام رقاق ولرقتها لا نراها ويجوز ان يكثف اللّه اجسام الجن فى زمان الانبياء دون غيره من الازمنة وان يقويهم بخلاف ما هم عليه فى غير زمانهم قال القاضى عبد الجبار ويدل على ذلك ما فى القرآن من قصة سليمان انه كثفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى يعملون له الاعمال الشاقة واما تكثيف اجسامهم واقدارهم عليها فى غير زمان الانبياء فانه غير جائز لكونه نقضا للعادة قال اهل التاريخ كان سليمان عليه السلام ابيض جسيما وضيئا كثير الشعر يلبس البياض وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة وكانت وفاته بعد فراغ بناء بيت المقدس بتسع وعشرين سنة يقول الفقير هو الصحيح اى كون وفاته بعد الفراغ من البناء لا قبله بسنة على ما زعم بعض اهل التفسير وذلك لوجوه الاول ما فى المرفوع من ان سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل اللّه ثلاثا فاعطاه اثنتين ونحن نرجو ان يكون قد اعطاه الثالثة وقد سبق فى تفسير قوله تعالى { من محاريب } والثانى اتفاقهم على ان داود اسس بيت المقدس فى موضع فسطاس موسى وبنى مقدار قامة انسان فلم يؤذن له فى الاتمام كما مر وجهه ثم لما دنا اجله وصى به الى ابنه سليمان وبعيد ان يؤخر سليمان وصية ابيه الى آخر عمره مع ما ملك مة اربعين سنة والثالث قصة الخروب التى ذكرها الاجلاء من العلماء فانها تقتضى ان سليمان صلى فى المسجد الاقصى بعد اتمامه زمانا كثيرا وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كمال قدرته وحكمته وانه هو الذى سخر الجن والانس لمخلوق مثلهم وهم الالوف الكثيرة والوحوش والطيور ثم قضى عليه الموت وجعلهم مسخرين لجثة بلا روح وبحكمته جعل دابة الارض حيوانا ضعيفا مثلها دليلا لهذه الالوف الكثيرة من الجن والانس تدلهم بفعلها على علم ما لم يعلموا وفيه ايضا اشارة الى انه تعالى جعل فيها سببا لايمان امة عظيمة وبيان حال الجن انهم لا يعلمون الغيب وفيه اشارة اخرى ان نبين من الانبياء اتكئا على عصوين وهما موسى وسليمان فلما قال موسى هى عصاى اتوكأ عليها قال ربه القها فلما القاها جعلها ثعبانا مبينا يعنى من اتكأ على غير فضل اللّه ورحمته يكون متكؤه ثعبانا ولما اتكأ سليمان على عصاه فى قيام ملكه بها واستمسك بها بعث اللّه اضعف دابة واخسها لابطال متكئة ومتمسكه ليعلم ان من قام بغيره زال بزواله وان كل مستمسك بغير اللّه طاغوت من الطواغيتت ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها انتهى كلامه ١٥ { لقد } اى باللّه لقد { كان لسبأ } كجبل وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة اى كان لقبيله سبأ وهم اولاد سبأ بن يشجب بالجيم على ما فى القاموس بان يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام . وسبأ لقب عبد شمس بن يشجب وانما لقب به لانه اول من سبى كما قاله السهيلى وهو يجمع قبائل اليمن . ويعرب بن قحطان اول من تكلم بالعربية فهو ابو عرب اليمن يقال لهم العرب العاربة . ويقال لمن تكلم بلغة اسماعيل العرب المستعربة وهى لغة اهل الحجاز فعربية قحطان كانت قبل اسماعيل عليه السلام وهو لا ينافى كون اسماعيل اول من تكلم بالعربية لانه اول من تكلم بالعربية البينة المحضة وهى عربية قريش التى نزل بها القرآن وكذا لا ينافى ما قيل ان اول من تكلم بالعربية آدم فى الجنة فلما اهبط الى الارض تكلم بالسريانية وجاء ( من احسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث النفاق ) واشتهر على ألسنة الناس انه صلّى اللّه عليه وسلّم ( قال انا افصح من نطق بالضاد ) قال جمع لا اصل له ومعناه صحيح لان المعنى انا افصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون بالضاد ولا توجد فى غير لغتهم كما فى انسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبى { فى مسكنهم } بالفارسية [ نشستكاه ] والمعنى فى بلدهم الذى كانوا فيه باليمن وهو مأرب كمنزل على ما فى القاموس بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال وهى المرادة بسبا بلدة بلقيس فى سورة النمل قال السهيلى مأرب اسم ملك كان يملكهم كما ان كسرى اسم لكل من ملك الفرس . وخاقان اسم لكل من ملك الصين . وقيصر اسم لكل من ملك الروم . وفرعون لكل من ملك مصر . وتبع لكل من ملك الشجر واليمن وحضرموت . والنجاشى لكل من ملك الحبشة وقيل مأرب اسم قصر كان لهم ذكره المسعودى قال فى انسان العيون ويعرب بن قحطان قيل له ايمن لان هودا عليه السلام قال له انت ايمن ولدى وسمى اليمن يمنا بنزوله فيه { آية } علامة ظاهرة دالة بملاحظة الاحوال السابقة واللاحقة لتلك القبيلة من الاعطاء والترفية بمقتضى اللطف ثم من المنع والتخريب بموجب القهر على وجود الصانع المختار وقدرته على كل ما يشاء من الامور البديعة ومجازاته للمحسن والمسيئ وما يعقلها الا العالمون وما يعتبرها الا العاقلون { جنتان } بدل من آية والمراد بهما جماعتان من البساتين لا بستانان اثنان فقط { عن يمين } جماعة عن يمين بلدتهم واليمين فى الاصل الجارحة وهى اشرف الجوارح لقوتها وبها تعرف من الشمال وتمتاز عنها { وشمال } وجماعة عن شمالها كل واحدة من تينك الجماعتين فى تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة او يستانان لكل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله { كلوا } حكاية لما قال لهم نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها او لسان الحال او بيان لكونهم احقاء بان يقال لهم ذلك { من رزق ربكم } من انواع الثمار { واشكروا له } على ما رزقكم باللسان والجنان والاركان { بلدة طيبة ورب غفور } استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به اى بلدتكم بلدة طيبة انها لم تكن سبخة بل لينة حيث اخرجت الثمار الطيبة او انها طيبة الهواء والماء كما قال الكاشفى [ اين شهرى كه خداى تعالى دروى روزى ميدهد شهرى يا كيزه است هواى تن درست وآب شيرين وخاك باك ] شهرى جو بهشت از نكويى ... جون باغ ارم بتازه رويى وفى فتح الرحمن وطيبتها انها لم يكن بها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ولا غيرها من المؤذيات وكان يمر بها الغريب وفى ثيابه القمل فتموت كلها لطيب هوائها ومن ثمة لم يكن بها آفات وامراض ايضا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما كانت اطيب البلاد هواء واخصبها . وكانت المرأة تخرج من منزلها الى منزل جارتها وعلى رأسها المكتمل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الاشجار فيمتلئ المكتمل مما يتساقط فيه من انواع الثمار من غير ان تمديدها والى هذا المعنى اشير بعبارة الجنة اذخال الجنة يكون هكذا . ولله تعالى جنان فى الارض كجنانه فى السماء وافضلها الجنة المعنوية التى هى القلب وما يحتويه من انواع المعارف والفيوض والكشوف فالطيب من الاشياء ما يستلذه الحواس ومن الانسان من تطهر عن نجاسة الجهل والفسق وقبائح الاعمال وتطيب بالعلم والايمان ومحاسن الافعال قال بعض الكبار بلدة طيبة بلدة الانسانية قابلة لبذر التوحيد وكلمة لا اله الا اللّه ورب غفور يستر عيوب اوليائه بنور مغفرته ويغفر ذنوبهم لعزة معرفته انتهى وبسببهم يغفر ذنوب كثير من عباده ويقبل حسناتهم [ نقلست عبد اللّه بن مبارك رضى اللّه عنه درحرم محترم يكسال ازحج فارغ شده بود بخواب ديدكه دوفرشته در آمدندى ويكى ازديكرى برسيدى كه خلق امسال جند جمع آمدند ديكرى كفت سيصد هزار من كفتم حج جند كس مقبول افتاد كفتند حج هيج كس عبد اللّه كفت جون اين شنودم اضطرابى در من بديد آمد كفتم آخر اين همه خلق ازاطراف جهان با اين همه رنج وتعب مى آمدند واين همه ضايعست كفتند كفشكريست در دمشق على بن موفق كويند او اينجا نيامده است وليكن حج اورا قبول كردند واين جملة را دركار او كردند ] وكان حجه انه قال جمعت ثلاثمائة وخمسين درهما للحج فمرت بى حامل فقالت ان هذه الدار يجيئ منها رائحة طعام فاذهب وخذ شيأ منه لى لئلا يسقط حملى قال فذهبت فاخبرت القصة لصاحب الدار فبكى وقال ان لى اولادا لم يذوقوا طعاما منذ اسبوع فقمت اليوم وجئت بلحم من ميتة حمار فهم يطبخونه فهو لنا حلال فانا مضطرون ولك حرام فكيف اعطيك منه قال على فلما سمعت ذلك منه احترق فؤادى ودفعت المبلغ المذكور اليه وقلت حجى هذا فقبل اللّه تعالى ذلك منه بقبول حسن ووهب له جميع الحجاج باحسانى آسوده كردن دلى ... به ازالف ركعت بهر منزلى يعنى فى طريق مكة المشرفة ١٦ { فاعرضوا } اى اولاد سبأ عن الوفاء واقبلوا على الجفاء وكفرو النعمة وتعرضوا للنقمة وضيعوا الشكر فبدلوا وبدل لهم الحال . يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته قال ابن عباس رضى اللّه عنهما بعث اللّه تعالى ثلاثة عشر نبيا الى ثلاث عشرة قرية باليمن فدعوهم الى الايمان والطاعة وذكروهم نعمه تعالى وخوفوهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف له علينا من نعمة فقولوا لربكم فليحبس عنا هذه النعمة ان استطاع { فارسلنا عليهم } الارسال مقابل الامساك والتخلية وترك المنع { سيل العرم } السيل اصله مصدر كالسيلان بمعنى [ رفتن آب ] وجعل اسما للماء الذى يأتيك ولم يصبك مطره والعرم من العرامة وهى الشدة والصعوبة يقال عرم كنصر وضرب وكرم وعلم عرامة وعراما بالضم فهو عارم وعرم اشتد وعرم الرجل اذا شرس خلقه اى ساء وصعب اضاف السيل الى العرم اى الصعب وهو من اضافة الموصوف الى صفته بمعنى سيل المطر العرم او الامر العرم . والمعنى بالفارسية [ بس فرستاديم وفرو كشاديم برايشان سيل صعب ودشوار ] وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما العرم اسم الوادى : يعنى [ نام وادى كه آب از جانب او آمد ] وقال بعضهم العرم السد الذى يحبس الماء ليعلوا على الارض المرتفعة : يعنى [ عرم بند آبست بلغة حمير ] وقال بعضهم هو الجرذ الذكر اضاف السيل اليه لان اللّه تعالى ارسل جرذانا برية كان لها انياب من حديد لا يقرب منها هرة الا قتلتها فنقبت عليهم ذلك السد : يعنى [ بندرا سوراخ كرد ] فغرقت جنانهم ومساكنهم ويقال لذلك الجرذ الخلد بالضم لاقامته عند حجره وهو الفار الاعمى الذى لا يدرك الا بالسمع قال ارسطو كل حيوان له عينان الا الخلد وانما خلق كذلك لانه ترابى جعل اللّه له الارض كالماء للسمك وغذاؤه من باطنها وليس له فى ظاهرها قوت ولا نشاط ولما لم يكن له بصر عوّضه اللّه حدة السمع فيدرك الوطء الخفى من مسافة بعيدة فاذا احسن بذلك جعل يحفر فى الارض قبل ان سمعه بمقدار بصر غيره وفى طبعه الهرب من الرائحة الطيبة ويهوى رائحة الكراث والبصل وربما صيدبها فانه اذا شمها خرج اليها فاذا جاع فتح فاه فيرسل اللّه له الذباب فيسقط عليه فيأخذه ودمه اذا اكتحل به ابرأ العين كما فى حياة الحيوان قال الكاشفى [ در مختار آورده كه فرزندان سبارا در حوالى مأرب از ولايت يمن منزلى بود درميان دو كوه از على تا اسفل آن منزلى هزده فرسخ وشرب ايشان در اعلاى وادى بود ازجشمه در يايان كوى كاه بودى كه فاضل آب ازاودية يمن با آب ايشان ضم شدى وخرابى كردى ] قال ابو الليث كان الماء لا يأتيهم من مسيرة عشرة ايام حتى يجرى بين الجبلين [ از بلقيس كه ازوالية ولايت ايشان بود درخواست كردند تا سدى بست بسنك وقار دردهانة كوه تا آبهاى اصلى وزاندى ازا مطار وعيون آنجا جمع شدند ]. وقال السهيلى فى كتاب التعريف والاعلام كان الذى بنى السد سبأ بن يشجب بناه بالرخام وساق اليه سبعين واديا ومات قبل ان يستتمه فاتم بعده انتهى [ وسه ثقبه برآن سد ترتيب كرد تاول ثقبة اعلى بكشايند وآب بمزروعات وباغها وخود برند وجون وفا نكند وكمتر شود وسطى وبآخر سفلى جون سيزده ييغمبررا تكذيب كردند وييغمبر آخرين در زمان بادشاه ذى الاوغار بن جيشان بعد ازرفع عيسى بديشان آمد واورا بفرمود تا سوراخ كردند ونيم شب كه همه در خواب بودند بندشكسته شد وسيل در آمده منازل وحدائق ايشان مغمور كشت وبسيار مردم وجارى باى هلاك كشت ] وقال فى فتح الرحمن فارسلنا عليهم السيل الذى لا يطاق فخرب السد وملأ ما بين الجبلين وحمل الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار الى الى الجبل واغرق اموالهم فتفرقوا فى البلاد فصاروا مثلا { وبدلناهم بجنتيهم } المذكورين وتيناهم بدلهما : وبالفارسية [ وبدل داديم ايشانرا بباغهاى ايشان ] والتبديل جعل الشئ مكان آخر والباء تدخل على المتروك على ما هى القاعدة المشهورة { جنتين } ثانى مفعولى بدلنا { ذواتى اكل خمط } صفة لجنتين ويقال فى الرفع ذواتا بالالف وهى تثنية ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت اخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن اكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ : وبالفارسية [ دوباغ خداوند ميوهاى تلخ ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الاراك على ما قاله البخارى والاكل ثمره قال فى المختار الخمط ضرب من الاراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم { واثل } معطوف على اكل لا على خمط فان الاثل هو الطرفاء بالفارسية [ كز ] او شجر يشبهه اعظم منه ولا ثمر له : قال الشيخ سعدى قدس سره اكر بد كنى جشم نيكى مدار كه هركز نيارد كز انكور بار ... { وشئ من سدر قليل } وهو معطوف ايضا على اكل قال البيضاوى وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب اكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل اصلا وهو البرى الذى يقال له الضال والمراد ههنا هو الثانى فكان شجرهم من خير الشجر فصيره اللّه من شر الشجر بسبب اعمالهم القبيحة والحاصل ان اللّه تعالى اهلك اشجارهم المثمرة وانبت بدلها غير المثمرة ١٧ { ذلك } اشارة الى مصدر قوله تعالى { جزيناهم } فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزينهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره { بما كفروا } بسبب كفرانهم النعمة يحث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسلوفى هذه الآية دليل على على بعث الانبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التى بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام ( ليس بينى وبينه نبى ) اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا { وهل نجازى الا الكفور } اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر . فهل وان كان استفهاما فمعناه النفى ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك اداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الايقان والتقوى والصدق والاخلاص والتوكل والاخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والاوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ باللّه تعالى . فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الاشجار الخبيثة لم يجدوا الا الاثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التى حفروها كما قيل ( يداك اوكتا وفوك نفخ ) وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال اوكأ على سقائه اذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذى يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية ( فمن وجد خيرا فليحمد اللّه ) اى الذى هو ينبوع الرحمة والخير ( ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه ) وفى المثنوى داد حق اهل سبارا بس فراغ ... صد هزاران قصر وايوانها وباغ شكر آن نكزادرند آن بدركان ... در وفا بودند كمتر از سكان مر سكانرا لقمة نانى زدر ... جون رسد بردرهمى بندد كمر باسبان وحارس در ميشود ... كرجه بروى جور سختى ميرود هم بارن درباشدش باش وقرار ... كفر دارد كرد غيرى اختيار بيوفايى جون سكانرا عرا بود ... بيوفايى جون روا دارى نمود ١٨ { وجعلنا } عطف على كان لسبأ وهو بيان لما اوتوا من النعم البادية فى مسايرهم ومتاجرهم بعد حكاية ما اوتوا من النعم الحاضرة فى مساكنهم ومحاضرهم وما فعلوا بها من الكفران وما فعل بهم من الجزاء تكملة لقصتهم وانما لم يذكر الكل معا لما فى التثنية والتكرير من زيادة تنبيه وتذكير والمعنى وجعلنا مع ما آتيناهم فى مساكنهم من فنون النعم { بينهم } اى بين بلادهم اليمنية { وبين القرى } الشامية { التى باركنا فيها } [ بركت داده ايم دران ] يعنى بالمياه والاشجار والثمار والخصب والسعية فى العيش للاعلى والادنى والقربة اسم للموضع الذى يجتمع فيه الناس بلدة كانت او غيرها والمراد هنا فلسطين واريحا واردن ونحوها والبركة ثبوت الخير الالهى فى الشئ والمبارك ما فيه ذلك الخير { قرى ظاهرة } اصل ظهر الشئ ان يحصل على ظهر الارض فلا يخفى وبطن الشئ ان يحصل فى بطنان الارض فيخفى ثم صار مستعملا فى كل ما برز للبصر والبصيرة اى قرى متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهى ظاهرة لا عين اهلها اوراكبة متن الطريق ظاهرة للسابلة غير بعيدة عن مسالكهم حتى تخفى عليهم [ ودر عين المعانى آورده كه ازمأرب كه منزل اهل سبابود تاشام جهار هزار وهفتصدديه بود متصل ازسبا تابشام ] { وقدرنا فيها السير } [ التقدير : اندازه كردن ] والسير المضى فى الارض اى جعلنا القرى فى نسبة بعضها الى بعض على مقدار معين يليق بحال ابناء السبيل قيل كان الغادى من قرية يقيل فى الاخرى والرائح منها يبيت فى اخرى الى ان يبلغ الشام لا يحتاج الى حمل ماء وزاد وكل ذلك كان تكيملا لما اوتوا من انواع النعماء وتوافيرا لها فى الحضر والسفر { سيروا فيها } على ارادة واذن لهم فيه اى وقلنا لهم سيروا فى تلك القرى لمصالحكم { ليالى واياما } اى متى شئتم من الليالى والايام حال كونكم { آمنين } اصل الا من طمأنينة النفس وزوال الخوف اى آمنين من كل ما تكرهونه عن الاعداء واللصوص والسباع بسبب كثرة الخلق ومن الجوع والعطش بسبب عمارة المواضع لا يختلف الا من فيها باختلاف الاوقات او سيروا فيها آمنين وان تطاولت مدة سفركم وامتدت ليالى واياما كثيرة او سيروا فيها ليالى اعماركم وايامها لا تلقون فيها الا الا من لكن لا على الحقيقة بل على تنزيل تمكينهم من السير المذكور وتسوية مبادية واسبابه على الوجه المذكور منزلة امرهم بذلك ١٩ { فقالوا ربنا باعد بين اسفارنا } [ المباعدة والبعاد : ازكسى دورشدن وكسى را دور كردن ] والسفر خلاف الحضر وهو فى الاصل كشف الغطاء وسفر الرجل فهو سافر وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بان الانسان قد سفر عن المكان والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتقت السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه من الجلد المستدير وقال بعضهم وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال ويستخرج دعاوى النفوس ودفائنها قال اهل التفسير بطر اهل سبأ النعمة وسئموا طيب العيش وملوا العافية فطلبوا الكد والتعب كما طلب بنوا اسرائيل الثؤم والبصل مكان السلوى والعسل وقالوا لو كان جنى جناننا ابعد لكان اجدر ان نشتهيه وسألوا ان يجعل اللّه بينهم وبين الشام مفاوز وقفارا ليركبوا فيها الرواحل ويتزودوا الازواد ويتطاولوا فيها على الفقراء : يعنى [ توانكرانرا بردر ويشان حسد آمدكه ميان ما وايشان دررفتن هيج فرقى نيست يياده ومفلس اين راه همجنان ميرودكه سواره وتوانكر { فقالوا } بس كفتند اغنياى ايشان اى بروردكار ما دورى افكن ميان منازل سفرهاى ما : يعنى بيابانها بديدكن ازمنزلى بمنزلى تامردم بى زاد وراحله سفر نتوانند كرد ] فعجل لهم الاجابة بتخريب تلك القرى المتوسطة وجعلها بلقعا لا يسمع فيها داع ولا مجيب وفى المثنوى آن سبا زاهل صبا بودند وخام ... كار شان كفران نعمت با كرام باشد آن كفران نعمت در مثال ... كه كنى بامحسن خود توجزال كه نمى بايد مرا اين نيكويى ... من برنجم زين جه رنجه ميشوى لطف كن اين نيكويى را دور ... كن من نخواهم عافيت رنجور كن بس سبا كفتند باعد بيننا ... شيننا خير لنا خذ زيننا ما نمى خواهيم اين ايوان وباغ ... نى زنان خوب ونى امن وفراغ شهرها نزديك همد يكر بدست ... آن بيا بانست خوش كانجاد دست يطلب الانسان فى الصيف الشتا ... فاذا جاء الشتا انكرذا فهو لا يرضى بحال ابدا ... لا يضيق لا بعيش رغدا قتل الانسان ما اكفره ... كلما نال هدى انكره { وظلموا انفسهم } حين عرّضوها للسخط والعذاب بالشرك وترك الشكر وعدم الاعتداد بالنعمة وتكذيب الانبياء { فجعلناهم احاديث } قال ابن الكمال الاحاديث مبنى على واحدة المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على احدثة ثم جمعوا الجمع على الاحاديث اى جعلنا اهل سبا اخبار وعظة لمن بعدهم بحيث يتحدث الناس بهم متعجبين من احوالهم ومعتبرين بعاقبتهم ومآلهم { ومزقناهم كل ممزق } اى فرقناهم غاية التفريق على ان الممزق مصدر او كل مطرح ومكان تفريق على انه اسم مكان وفى عبارة التمزيق بتفريق المتصل وخرقه من تهويل الامر والدلالة على شدة التأثير والايلام ما لا يخفى اى مزقناهم لا غاية وراءه بحيث تضرب به الامثال فى كل فرقة ليس بعدها وصال فيقال تفرقوا ايدى سبأ اى تفرقوا تفرق اهل هذا المكان من كل جانب وكانوا قبائل ولدهم سبأ فتفرقوا فى البلاد [ تايكى ازايشان دو مأرب نمايد قبيلة غسان از ايشان بشام رفت وقضاعه بمكه واسد ببحرين وانمار بيثرب وجذام بتهامه وازد بعمان ] { ان فى ذلك } المذكور من قصتهم { لآيات } عظيمة ودلالات كثيرة وعبرا وحجبا واضحة قاطعة على الوحدانية والقدرة قال بعضهم جمع الآيات لانهم صاروا فرقا كثيرة كل منهم آية مستقلة { لكل صبار } عن المعاصى ودواعى الهوى والشهوات وعلى البلايا والمشاق والطاعات { شكور } على النعم الآلهية فى كل الاوقات والحالات او لكل مؤمن كامل لان الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر [ در كشف الاسرار آورده كه اهل سبا دوخوش حال وفارغ بالى مى كذر انيدند بسبب بى صبرى بر غافيت وناشكرى برنعمت رسيد بديشان آنجه رسيد ] اى روز كار عافيت شكرت نكفتم لا جرم ... دستى كه در آغوش بودا كنون بدندان مى كزم وفى المثنوى جون زحد بردند اصحاب سبا ... كه به ييش ماو بابه از صبا ناصحانشان در نصيحت آمدند ... از فسوق وكفر مانع مى شدند قصد خون ناصحان ميداشتند ... تخم فسق وكافرى مى كاشتند بهر مظلومان همى كندند جاه ... درجة افتادند ومى كفتند آه صبر آرد آرزورانى شتاب ... صبر كن اللّه اعلم بالصواب قال بعض الكبار ان طلب الدنيا وشهواتها هو طلب البعد عن اللّه وعن حضرته والميل الى الدنيا والرغبة فى شهواتها من خسة النفس وركاكة العقل وهو ظلم على النفس فمن قطعته الدنيا عن الحضرة جعله اللّه عبرة لاهل الطلب واوقعه فى وادى الهلاك فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها والكشر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية جعلنا اللّه واياكم من الراغبين اليه والمعتمدين عليه وعصمنا من الرجوع عن طريقه والضلال بعد ارشاده وتوفيقه انه الرحمن الذى بيده القلوب وتقليبها من حال الى حال وتصريفها كيف يشاء فى الايام والليالى ٢٠ { ولقد صدق عليهم ابليس ظنه } التصديق بالفارسية [ راستى يافتن ] وضمير عليهم الى اهل سبأ لتقدم ذكرهم والظاهر انه راجع الى الناس كما يشهد به ما بعده . وابليس مشتق من الابلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس كما فى المفردات ابلس يئس وتحير ومنه ابليس او هو اعجمى انتهى والظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ومظنة الشئ بكسر الظاء موضع يظن فيه وجوده والمعنى وباللّه لقد وجد ابليس ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم فى الشهوات صادقا { فاتبعوه } اى اتبع اهل سبأ الشيطان فى الشرك والمعصية { الا فريقا من المؤمنين } الفريق الجماعة المنفردة عن الناس ومن بيانية اى الاجماعة هم المؤمنون لم يتبعوه فى اصل الدين وتقليلهم بالاضافة الى الكفار او تبعيضية اى الا فريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون او وجد ظنه ببنى آدم صادقا فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين وذلك انه حيث شاهد آدم عليه السلام قد اصغى الى وسوسته قال ان ذريته اضعف منه عزما ما ولذا قال لاضلنهم وقال الكاشفى [ شيطان لعين كمان برده بود كه من بر بنى آدم بسبب شهوت وغضب كه درنهاد ايشان نهاده اند دست يابم وايشانرا كمراه كنم كمان دربارة اهل غوايت راست شد ] او قال انا نارى وآدم طينى والنار تأكل الطين او ظن عند قول الملائكة { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } قال فى التأويلات النجمية يشير الى ابليس لم يكن متيقنا ان يقدر على الاغواء والاضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على الاغواء والاضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على اغواء من لم يطع اللّه ورسوله فلما زين لهم الكفر والمعاصى وكانوا مستعدين لقبولها حكمة لله فى ذلك وقبلوا منه بعض ما امرهم به على وفق هواهم وتابعوه بذلك صدق عليهم ظنه اى وجدهم كما ظن فيهم : قال الشيخ سعدى قدس سره نه ابليس در حق ما طعنه زد ... كز اينان نيايد بجز كار بد فغان از بديها كه در نفس ما ست ... كه ترسم ظن ابليس راست جو ملعون بسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما كجا سر برآ ريم ازين عاروننك ... كه با او بصلحيم وباحق بجنك نظر دوست نادر كند سوى تو ... جودرروى دشمن بود روى تو ندانى كه كمتر دوست باى ... جو بيند كه دشمن بود درسراى ٢١ { وما كان له } اى لا بليس { عليهم من سلطان } السلطان القهر والغلبة ومنه السلطان لمن له ذلك اى تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء والا فهو ماسل سيفا ولا ضرب بعصا { الا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها فى شك } استثناء مفرغ من اعم العلل ومن وموصولة منصوبة بنعلم . والعلم ادراك الشئ بحقيقته والعالم فى وصف اللّه تعالى هو الذى لا يخفى عليه شئ والشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما وفى نظم الصلة الاولى بالفعلية دلالة على الحدوث كما ان فى نظم الثانية بالاسمية اشعارا بالدوام وفى مقابلة الايمان بالشك ايذان بان ادنى مرتبة الكفر يوقع فى الورطة وجعل الشك محيطا وتقديم صلته والعدول الى كلمة من مع انه يتعدى بفى للمبالغة والاشعار بشدته وانه لا يرجى زواله فانه اذا كان منشأ الشك متعلقة لا امرا غيره كيف يزول وان من كان حاله على خلاف هذا يكون مرجوّ الفلاح . والمعنى وما كان تسلطه عليهم الا ليتعلق علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو فى شك منها تعلق حاليا يترتب عليه الجزاء فعلم اللّه قديم وتعلقه حادث اذ هو موقوف على وجود المكلف فى عالم الشهادة فلا يظن ظان باللّه ظن السوء ان اللّه جل جلاله لم يكن عالما باهل الكفر واهل الايمان وانما سلط عليهم ابليس ليعلم به المؤمن من الكافر فان اللّه بكمال قدرته وحكمته خلق الكفر مستعدا للكفر وخلق اهل الايمان مستعدا للايمان كما قال عليه السلام ( خلق الجنة وخلق لها اهلها وخلق النار وخلق لها اهلا ) وقال تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس } فاللّه تعالى كان عالما بحال الفريقين قبل خلقهم وهو الذى خلقهم على ما هم به وانما سلط اللّه الشيطان على بنى آدم لاستخراج جواهرهم من معادن الانسانية كما تسلط النار على المعادن لتخليص جوهرها فان كان الجوهر ذهبا فيخرج منه الذهب وان كان الجوهر نحاسا فيخرج منه النحاس فلا تقدر النار ان تخرج من معدن النحاس الذهب ولا من معدن الذهب النحاس فسلط عليهم لانهم معادن كمعادن الذهب والفضة وهو نارى يستخرج جواهرهم من معادنهم بنفخة الوساوسو فلا يقدر ان يخرج من كل معدن الا ما هو جوهره درزمين كرنيشكر ورخودنى است ... ترجمان هرزمين بنت وى است وقال بعضهم العلم هنا مجاز عن التمييز والمعنى الا لتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها فعلل التسلط بالعلم والمراد ما يلزمه { وربك على كل شئ حفيظ } محافظة عليه بالفارسية [ نكهبانست ] فان فعيلا ومفاعلا صيغتان متآخيتان وقال بعضهم هو الذى يحفظ كل شئ على ما هو به والحفيظ من العباد من يحفظ ما امر بحفظه من الجوارح والشرائع والامانات والودائع ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الحكماء الالهية اسباب الحفظ الجد والمواظبة وترك المعاصى واستعمال السواك وتقليل النوم وصلاة الليل وقراءة القرآن نظراً وشرب العسل واكل الكندر مع السكر واكل احدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق ومن خصاية هذا الاسم وهو الحفيظ ان من علقه عليه لو نام بين السباع ما ضرته ومن حفظ اللّه تعالى ما قال ذو النون رضى اللّه عنه وقعت ولولة فى قلبى فخرجت الى شط النيل فرأيت عقربا يعدو فتبعته فوصل الى ضفدع على الشط فركب ظهره وعبر به النيل فركبت السفينة واتبعته فنزل وعدا الى شاب نائم واذا بافعى بقربه تقصده فتواثبا وتلادغا وماتا وسلم النائم قال ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل واذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بى هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك وهذا من لطف اللّه باوليائه فواحد يحفظ عليه اعماله ليجازيه وآخر يحفظه فيدفع عنه الآفات اللهم احرسنا بعينك التى لا تنام واحفظنا برأفتك التى لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وانت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين برأفتك التى لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وانت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين ويا اكرم الاكرمين ٢٢ { قل } يا محمد للمشركين اظهارا لبطلان ما هم عليه وتبكيتا لهم { ادعوا } نادوا { الذين زعمتم } قال فى القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر ما يقال فيما يشك فيه وفى المفردات الزعم حكاية قول يكون مظنة الكذب ولهذا جاء فى القرآن فى كل موضع ذك القائلين به والمعنى زعمتموهم آلهة وهما مفعولا زعم ثم حذف الاول وهو ضمير الراجع الى الموصول تخفيفا لطول الموصول بصلته والثانى وهو آلهة لقيام صفته اعنى قوله { من دون اللّه } مقامه والمعنى ادعوا الذين بعدتموهم من دون اللّه فيما يهتمكم من جلب نفع ودفع ضر لعلهم يستجيبون لكم ان صح دعواكم ثم اجاب عنه اشعارا بتعين الجواب وانه لا يقبل المكابرة فقال بطريق الاستئناف لبيان حالهم { لا يملكون مثقال ذرة } من خير وشر ونفع وضر وقد سبق معنى المثقال والذرة فى اوائل هذه السورة { فى السموات ولا فى الارض } اى فى امر ما من الامور وذكرهما للتعميم عرفا يعنى ان اهل العرف يعبرون بهما عن جميع الموجودات كما يعبرون بالمهاجرين والانصار عن جميع الجماعة او لان آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها ارضية كالاصنام او لان الاسباب القريبة للخير والشر سماوية وارضية { ومالهم } اى لآلهتهم { فيهما } فى السموات والارض { من شرك } اى شركة لا خلقا ولا ملكا ولا تصرفا { وماله } اى لله تعالى { منهم } من آلهتهم { من ظهير } من عون يعينه فى تدبير امورهما . تلخيصه انه تعالى غنى عن كل خلقه وآلهتهم عجزه عن كل شئ وفى المثنوى نيست خلقش را دكر س مالكى ... شر كتش دعوى كند حزهالكى ذات او مستغنيست از ياورى ... بلكه يابد عون ازو هر سرورى ٢٣ { ولا تنفع الشفاعة } وهى طلب العفو او الفضل للغير من الغير يعنى ان الشافع شفيع للمشفوع له فى طلب نجاته او زيادة ثوابه ولذا لا تطلق الشفاعة على دعاء الرجل لنفسه واما دعاء الامة للنبى عليه السلام وسؤالهم له مقام الوسيلة فلا يطلق عليه الشفاعة اما لاشتراط العلو فى الشفيع واما لاشتراط العجز فى المشفوع له وكلاهما منتف ههنا { عنده } تعالى كما يزعمون اى لا توجد رأسا لقوله تعالى { من ذا الذى يشفع عنده الا بأذنه } وانما علق النفى بنفعها لا بوقوعها تصريحا بنفى ما هو غرضهم من وقوعها { الا لمن اذن له } استثناء مفرغ من اعم الاحوال اى لا تنفع الشفاعة فى حال من الاحوال الا كائنة لمن اذن له اى لاجله وفى شأنه من المستحقين للشفاعة واما من عداهم من غير المستحقين لها فلا تنفعهم اصلا وان فرض وقوعها وصدورها عن الشفعاء اذ لم يأذن لهم فى شفاعتهم بل فى شفاعة غيرهم فعلى هذا يثبت حرمانهم من شفاعة هؤلاء بعبارة النص ومن شفاعة الاصنام بدلالته اذ حين حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين اليها فلان يحرموها من جهة العجزة عنها اولى { حتى اذا فزع عن قلوبهم } التفزيع من الاضداد فانه التخويف وازالة الخوف والفزع : وبالفارسية [ بترسانيدن واندوه وابردن ] وهذا يعدى بعن كما فى هذا المقام والفزع انقباض ونفار يعترى الانسان من الشئ المخيف وهو من جنس الجزع ولذا لا يقال فزعت من اللّه كما يقال خفت منه والمعنى حتى اذا ازيل الفزع عن قلوب الشفعاء والمشفوع لهم من المؤمنين واما الكفرة فهم عن موقف الاستشفاع بمعزل وعن التفزيع عن قلوبهم بالف منزل وحتى غاية لما ينبئ عنه ما قبلها من الاشعار بوقوع الا لمن اذن له فانه يشعر بالاستئذان المستدعى الترقب والانتظار للجواب كأنه سئل كيف يؤذن لهم فقيل يتربصون فى موقف الاستئذان والاستدعاء ويتوقفونعلى وجل وفزع زمانا طويلا حتى اذا ازيل الفزع عن قلوبهم بعد اللتيا والتى وظهرت لهم تباشير الاجابة { قالوا } اى المشفوع لهم اذ هم المحتاجون الى الاذن والمهتمون بامره { ماذا } [ جه جيز ] { قال ربكم } اى فى شأن الاذن { قالوا } اى الشفعاء لانهم المباشرون للاستئذان بالذات المتوسطون بينهم وبينه تعالى بالشفاعة { الحق } اى وقال ربنا القول الحق وهو الاذن فى الشفاعة للمستحقين لها { وهو العلى الكبير } من تمام كلام الشفعاء قالوه اعترفا بغاية عظمة جناب العزة وقصور شأن كل من سواه اى هو المتفرد بالعلو والكبرياء شأنا وسلطانا ذاتا وصفة قولا وفعلا ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا باذنه قال بعضهم العلى فوق خلقه بالقهر والاقتدار والعلى الرفيع القدر واذا وصف به تعالى فمعناه انه يعلو ان يحيط به وصف الواصفين بل وعلم العارفين والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا اذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الانبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقها وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه علو اضافى لا مطلق والتحلق بهذا الاسم بالجنوح الى معالى الامور والبعد عن سفسافها وفى الحديث ( ان اللّه يحب معالى الامور ويبغض سفسافها ) وعن على رضى اللّه عنه علو الهمة من الايمان قال الصائب جون بسير لا مكان خود ميروم ازخويشتن ... همجو همت توسنى درزير زين داريم ما وخاصية هذا الاسم الرفع عن اسافل الامور الى اعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فيجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى بفضل اللّه تعالى واما الكبير فهو الذى يحتقر كل شئ فى جنب كبريائه وقيل فى معنى اللّه اكبر اى اكبر من ان يقال له اكبر او يدرك كنه كبريائه وغيره قال بعض الكبار معنى قول المصلى اللّه اكبر بلسان الظاهر اللّه اكبر ان يقيد ربى حال من الاحوال بل هو تعالى فى كل الاحوال اكبر ومن عرف كبرياءه نسى كبرياء نفسه والكبير من العباد هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من انواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وخاصية هذا الاسم فتح باب العلم والمعرفة لمن اكثر من ذكره وان قرأه على طعام واكله الزوجان وقع بينهما وفق وصلح وفى الاربعين الادريسية يا كبير انت الذى لا تهتدى العقول لوصف عظمته قال السهروردى اذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبته سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا ٢٤ { قل من } استفهام بمعنى [ كه ] بالفارسية { يرزقكم من السموات } بانزال المطر { والارض } باخراج النبات امر عليه السلام بتبكيت المشركين بحملهم على الاقرار بان آلهتهم لا يملكون مثال ذرة فيهما وان الرازق هو اللّه تعالى فانهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى { قل من يرزقكم من السماء والارض ام من يملك السمع والابصار فسيقولون اللّه } وحيث كانوا يتلعثمون فى الجواب مخافة الالزام قيل له عليه السلام { قل اللّه } يرزقكم اذ لا جواب سواه عندهم ايضا اعلم ان الرزق قسمان ظاهر وهو الاقوات والاطعمة المتعلقة بالابدان وباطن وهو المعارف والمكاشفات المتعلقة بالارواح وهذا اشرف القسمين فان ثمرته حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الى مدة قريبة الامد واللّه تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفى الحديث ( طلب الحلال فريضة بعد الفريضة ) اى فريضة الايمان والصلاة وفى الحديث ( ان اللّه ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة من اكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل ) اى نافلة وفريضة [ وكفته اند وكتفه ازباكى مطعم وحلالى قوت صفاى دل خيزد واز صفاى دل نور معرفت افزايد وبانور معرفت مكاشفات ومنازلات در ييوندد ] : وفى المثنوى لقمة كان نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال روغنى كايد جراغ ما كشد ... آب خوانش جون جراغى راكشد علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... جهل ورقت آيد از لقمة حلال جون لقمة توحسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنراد ان حرام هيج كندم كارى وجو بردهد ... ديدة اسبى كه كره خردهد لقمه تخمست وبرش انديشها ... لقمه بحر وكوهرش انديشها زايد از لقمة حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان { وانا } [ وديكر بكو بايشان كه بدرستئ ما ] { او اياكم } عطف على اسم ان يعنى [ باشما ] { لعلى هدى } [ برراه راستيم ] { او فى ضلال مبين } [ يادركمراهى آشكار ] اى وان احد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويحصونه بالعبادة والذين يشركون به فى العبادة الجماد النازل فى ادنى المراتب الامكانية لعلى احد الامرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو فى الضلال ابلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الانصاف المسكت للخصم الالد ونحو قول الرجل فى التعريف لصاحبه اللّه يعلم ان احدنا لكاذب : يعنى [ اين سخن جنانست دوكس در خصومت باشند يكى محق ويكى مبطل محق كويد از مايكى دروغ زنست ناجار ومقتصد وى ازين سخن تكذيب مبطل باشد وتصديق خويش همانست كه رسول عليه السلام كفت متلاعنين را ] اللّه يعلم ان احدا كما كاذب فهل منكما تائب واو هننا لمجرد ابهام واظهار نصفة لا للشك والتشكيك وقال بعضهم او ههنا بمعنى الواو : يعنى انا واياكم لعلى هدى ان آمنا او فى ضلال مبين ان لم نؤمن انتهى واختلاف الجارين للايذان بان الهادى الذى هو صاحب الحق كمن استعلى على مكان مرتفع ينظر الاشياء ويتطلع عليها او ركب فرسا جوادا يركضه حيث يشاء والضال كأنه منغمس فى ظلام لا يرى شيأ ولا يدرى اين يتوجه او متردى فى بئر عميق او محبوس فى مطمورة لا يستطيع الخروج منها ٢٥ { قل لا تسألون عما اجرمنا } [ الاجرام : جرم كردن ] والجرم بالضم الذنب واصله القطع واستعير لكل اكتساب مكروه مكا فى المفردات اى فعلنا واكتسبنا من الصغائر والزلات التى لا يخلو منها مؤمن { ولا نسأل عما تعملون } من الكفر والكبائر بل كل مطالب بعمله وكل زرّاع يحصد زرعه لا زرع غيره برفتند وهركس ... درود آنجه كشت وهذا ابلغ فى الانصاف وابعد من الجدل والاعتساف حيث اسند فيه الاجرام وان اريد به الزلة وترك الاولى الى انفسهم ومطلق العمل الى المخاطبين مع ان اعمالهم اكبر الكبائر ٢٦ { قل يجمع بيننا ربنا } يوم القيامة عند الحشر والحساب { ثم يفتح بيننا بالحق } [ الفتح : كشادن وحكم كردن ] اى يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بان يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار { وهو التفاح } الحاكم الفيصل فى القضايا المنغلقة اى المشكلة { العليم } بما ينبغى ان يقضى به وبمن يقضى له وعليه ولا يخفى عليه شئ من ذلك كما لا يخفى عليه ما عدا ذلك قال الزروقى الفتاح المتفضل باظهار الخير والسعة على اثر ضيق وانغلاق باب للارواح والاشباح فى الامور الدنيوية والاخروية وقال بعض المشايخ الفتاح من الفتح وهو الافراج عن الضيق كالذى يفرج تضايق الخصمين فى الحق بحكمه والذى يذهب ضيق النفس بخيره وضيق الجهل بتعليمه وضيق الفقر ببذله قال الامام الغزالى رحمه اللّه الفتاح هو الذى بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل فتارة يفتح الممالك لانبيائه ويخرجها من ايدى اعدائه ويقول انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتارة يرفع الحجاب عن قلوب اوليائه ويفتح لهم الابواب الى ملكوت سمائه وجمال كبريائه ويقول ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالاحرى ان يكون فتاحا وينبغى ان يتعطش العبد الى ان يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الالهية وان يتيسر بمعونته ما تعسر على الخلق من الامور الدينية والدنيوية لكيون له حظ من اسم الفتاح وخاصية هذا الاسم تيسير الامور وتنوير القلب والتمكين من اسباب الفتح فمن قرأه فى اثر صلاة الفجر احدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره وتيسر امره وفيه تيسير الرزق وغيره والعليم مبالغة العالم وهو من قام به العلم ومن عرف انه تعالى هو العالم بكل شئ راقبه فى كل شئ واكتفى بعلمه فى كل شئ فكان واثقا به عند كل شئ ومتوجها له بكل شئ قال ابن عطاء اللّه متى آلمك عدم اقبال الناس عليك اوتوجهم بالذم اليك فارجع الى علم اللّه فيك فمصيبتك بعدم قتاعتك بعلمه اشد من مصيبتك بوجود الاذى منهم وخاصية هذا الاسم تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف اللّه حق معرفته على الوجه الذى يليق به وفى شمس المعارف من انبهم عليه امر او كشف سر من اسرار اللّه فليدم عليه فانه يتيسر له ما سأل ويعرف الحكمة فيما طلب وان اراد فتح باب الصفة الالهية فتح له باب من العلم والعمل ٢٧ { قل ارونى } { بنماييد بمن } { الذين الحقتم } الحتقموهم : يعنى [ بربسته آيد ] قال فى تاج المصادر [ الالحاق : دررسيدن ودر رسانيدن ] { به } تعالى { شركاء } اريد بامرهم اراءة الاصنام مع كونها بمرأى منه عليه السلام اظهار خطأهم العظيم وطلاعهم على بطلان رأيهم اى اورنيها لانظر بأى صفة الحقتموها باللّه الذى الزام الحجة عليهم { كلا } ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة كما قال ابراهيم عليه السلام اف لكم ولما تعبدون بعدما حجهم يعنى : [ اين انبازى درست نيست ] { بل هو } اى اللّه وحده او الشان كما قال هو اللّه احد { اللّه العزيز الحكيم } اى الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فاين شركاؤكم التى هى اخس الاشياء واذلها من هذه المرتبة العالية : يعنى [ بس كه با اودم شركت تواندزد وحده لا شريك له صفتش وهو الفرد اصل معرفتش شرك راسوى وحدتش ده نه عقل ازكنه ذاتش آكه نه هست درراه كبريا وجلال شرك نالائق وشريك محال ] والتقرب باسم العزيز فى التمسك بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق فان العزفيه ومن ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اعانه اللّه تعالى واعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه وفى الاربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب عل امره فلا شئ يعادله قال السهروردى من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا اهلك خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير اليهم بيده فانهم ينهزمون والتقرب باسم الحكيم ان تراعى حكمته فى الامور فتجرى عليها مقدما مقدما ما جاء شرعا ثم عادة سلمت من معارض شرعى وخاصيته دفع الدواهى وفتح باب الحكمة فمن اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهى وفتح له باب من الحكمة والحكمة فى حقنا اصابة الحقفى القول والعمل وفى حق اللّه تعالى معرفة الاشياء وايجادها على غاية الاحكام قال بعضهم الحكمة تقال بالاشتراك على معنيين . الاول كون الحكيم بحيث يعلم الاشياء على ما هى عليه فى نفس الامر . والثانى كونه بحيث تصدر عنه الافعال المحكمة الجامعة وقد سبق باقى البيان فى تفسير سورة لقمان ومن اللّه العون على تحصيل العلم والاجتهاد فى العمل ومعرفة الاشياء على ما هى عليه ٢٨ { وما ارسلناك } يا محمد اى ما يعثناك : والارسال بالفارسية [ فرستادن ] { الا } ارسالا { كافة } عامة شاملة { للناس } محيطة باحمرهم واسودهم من الكف بمعنى المنع لانها اذا عمتهم وشملتهم فقد كفتهم ان يخرج منها احد منهم فانتصاب كافة على انها صفة مصدر محذوف والتاء للتأنيث والجار متعلق بها ويجوز ان تكون حالا من الكاف والتاء للمبالغة كتاء علامة اى ما ارسلناك فى حال من الاحوال الا حال كونك جامعا لهم فى الابلاغ لان الكف يلزم الجمع وفى كشف الاسرار الكافة هى الجامعة للشئ المانعة له عن التفرق ومنه الكفاف من العيش وقولك كف يدك اى اجمعها اليك ولا يجوز ان يكون حالا من الناس لامتناع تقدم الحال على صاحبها المجرور كامتناع تقدم المجرور على الجار قال الراغب وما ارسلناك الا كافا لهم عن المعاصى والتاء فيه للمبالغة انتهى { بشيرا } حال كونك بالفارسية { مزدة دهنده } للمؤمنين بالجنة وللعاشقين بالرؤية { ونذيرا } وحال كونك منذرا بالفارسية [ بيم كننده ] للكافرين بالنار وللمنكرين بالحجاب { ولكن اكثر الناس لا يعلمون } ذلك فيحملهم على المخالفة والعصيان وكرر ذكر الناس تخصيصا للجهل بنعمتى البشارة والنذارة ونعمة الرسالة بهم وانهم هم الذين لا يعلمون فضل اللّه بذلك عليهم ولا يشكرونه وذلك لان العقل لا يستقل بادراك جميع الامور الدنيوية والاخروية والتمييز بين المضار والمنافع فاحتاج الناس الى التبشير والانذار وبيان المشكلات من جهة اهل الوحى قال صاحب كشف الاسرار [ صديق صديقان عالم كرد شراك نعلين جاكران وى بود وبيكانكان منكران اورا كاذب ميكفتند صداى وحى غيب عاشق سمع عزيز وى بود اورا كاهى ميخواندند عقول همه عقول عقلاء عالم از ادراك نور شراك غرا وعاجز بود وكافران نام او ديوانه نهادند آرى ديدهاى ايشان بحكم لطف ازل توتياى صدق نيافته وبجشمهاى ايشان كحل اقبل حق نرسيده واز آنست كه اورا نشتاختند ] ودلت الآية على عموم رسالته وشمول بعثته وفى الحديث ( فضلت على الانبياء بست اعطيت جوامع الكلم ) وهى ما يكون الفاظه قليلة ومعانيه كثيرة ( ونصرت بالرعب ) يعنى نصرنى اللّه بالقاء الخوف فى قلوب اعدائى ( من مسيرة شهر بينى وبينهم ) وجعل الغاية شهرا لانه لم يكن بين بلده وبين احد من اعدائه المحاربين له اكثر من شهر ( واحلت لى الغنائم ) يعنى ان من قبله من الامم كانوا اذا غنموا الحيوانات تكون ملكا للغانمين دون الانبياء فخص نبينا عليه السلام باخذ الخمس والصفى واذا غنموا غيرها من الامتعة والاطعمة والاموال جمعوه فتجيء نار بيضاء من السماء فتحرقه حيث لاغلول وخص هذه الامة المرحومة بالقسمة بينهم كاكل لحم القربان فان اللّه احله لهم زيادة فى ازراقهم ولم يحله لمن قبلهم من الامم ( وجعلت لى الارض طهورا ومسجدا ) يعنى اباح اللّه لامتى الصلاة حيث كانوا تخفيفا لهم واباح التيمم بالتراب عند فقد الماء ولم يبح الصلاة للامم الماضية الا فى كنائسهم ولم يجز التطهر لهم الا بالماء ( وارسلت الى الخلق كافة ) اى فى زمنه وغيره ممن تقدم او تأخر بخلاف رسالة نوح عليه السلام فانها وان كانت عامة لجميع اهل الارض لكنها خصت بزمانه قال فى انسان العيون والخلق يشتمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطى وهذا القول اى ارساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وزيد على ذلك انه مرسل الى نفسه وذهب جمع الى انه لم يرسل للملائكة منهم الحافظ العراقى والجلال المحلى وحكى الفخر الرازى فى تفسيره والبرهان النسفى فيه الاجماع فيكون قوله عليه السلام ( ارسلت الى الخلق كافة ) وقوله تعالى { ليكون للعالمين نذيرا } من العام المخصوص ولا يشكل عليه حديث سلمان رضى اللّه عنه اذا كان الرجل فى ارض واقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده لانه يجوز ان يكون ذلك صادرا عن بعثته اليهم يقول الفقير دل كونه افضل المخلوقات على عموم بعثته لجميع الموجودات ولذا بشر بمولده اهل الارض والسماء وسلموا عليه حتى الجماد بفصيح الاداء فهو رحمة للعالمين ورسول الى الخلق اجمعين : قال حضرة الشيخ العطار قدس سره داعئ ذرات بود آن باك ذات ... در كفش تسبيح ازان كفتى حصات قال بعضهم ترا دادند منشور سعادت ... وزان بس نوع انسان آفريدند برى را جمله درخيل تو كردند ... بس آنكاهى سليمان آفريدند وختم به النبيون اى فلا نبى بعده لا مشرعا ولا متابعا كما بين فى سورة الاحزاب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارسال ماهية وجودك التى عبرت عنها مرة بنورى وتارة بروحى من كتم العدم الى عالم الوجود لم يكن منا الا لتكون بشيرا ونذيرا للناس كافة من اهل الاولين والآخرين والانبياء والمرسلين وان لم يخلقوا بعد لاحتياجهم لك من بدء الوجود فى هذا الشأن وغيره الى الابد كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( الناس محتاجون الى شفاعتى حتى ابى ابراهيم ) فاما فى بدء وجودهم فالارواح لما حصلت فى عالم الارواح باشارة كن تابعة لروحك احتاجت الى ان تكون لها بشيرا ونذيرا لتعلقها بالاجسام لانها علوية بالطبع لطيفة نورانية والاجسام سفلية بالطبع كثيفة ظلمانية لا تتعلق به ولا تميل اليها لمضادة بينهما فتحتاج الى بشير يبشرها بحصول كمال لها عند الاتصال بها لترغيب اليها وتحتاج الى نذير ينذرها بانها ان لم تتعلق بالاجسام تحرم من كمالها وتبقى ناقصة غير كاملة كمثل حبة فيها شجرة مركوزة بالقوة فان تزرع وترب بالماء تخرج الشجرة من القوة الى الفعل الى ان تبلغ كمال شجرة مثمرة فالروح بمثابة الأكار المربى فبعد تعلق الروح بالقالب واطمئنانه واتصفافه بصفته يحتاج الى بشير بحسب مقامه يبشره بنعيم الجنة وملك لا يبلى ثم يبشره بقرب الحق تعالى ويشوقه الى جماله ويعده بوصاله ونذير ينذره اولا بنار جهنم ثم يوعده بالبعد عن الحق ثم بالقطيعة والهجران ان واذا امعنت النظر وجدت شجرة الموجودات منبتة من بذر روحه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو ثمرة هذه الشجرة من جميع الانبياء والمرسلين وهم وان كانوا ثمرة هذه الشجرة ايضا ولكن وجدوا هذه المرتبة بتبعيته كما انه من بذر واحد يظهر على الشجرة ثمار كثيرة بتبعية ذلك البذر الواحد فيجد كل بشير ونذير فرعا لاصل بشيريته ونذيريته والذى يدل على هذا التحقيق قوله تعالى { وما ارسلناك الا رحمة للعالمين } دخلت شجرات الموجودات كلها تحت الخطاب وبقوله { ولكن اكثر الناس لا يعلمون } يشير الى ان اكثر الناس الذين هم اجزاء وجود الشجرة وما وصلوا الى رتبة الثمرية لا يعلمون حقيقة ما قررنا لان احوال الثمرة ليست معلومة للشجرة الا لثمرة مثلها فى وصفها لتكون واقفة بحالها نداند آدم كامل جز آدم ... ٢٩ { ويقولون } اى المشركون من فرط جهلهم وغاية غيهم مخاطبين لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين به بطريق الاستهزاء { متى } [ كى باشد ] { هذا الوعيد } المبشر به والمنذر عنه يعنى الجنة والنار { ان كنتم صادقين } فى دعوى الوقوع والوجود ٣٠ { قل لكم ميعاد يوم } اى وعد يوم وهو يوم البعث مصدر ميمى { لا تستأخرون عنه } اى عن ذلك الميعاد عند مفاجأته فالجملة صفة للميعاد { ساعة } [ مقدار اندك اززمان ] { ولا تستقدمون } [ الاستئخار : بس شدن . والاستقدام : ييش شدن ] وفى الجواب من المبالغة فى التهديد ما لا يخفى حيث جعل الاستئخار فى الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واستعجالهم فيما وعدوهم من رتبة الثمرية يعنى متى نصل الى الكمال الذى بشرتمونا به وبقوله { قل لكم } الى آخره يجيبهم كما ان الثمرة كل شجرة وقتا معلوما لادراكها وبلوغها الى كمالها كذلك لكل سالك وقت معلوم لبلوغه الى رتبة كما له كما قال تعالى { حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة } ولهذا السر قال تعالى مع حبيبه عليه السلام ( فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ) هذا يشير الى ان لنيل كل مقام صبرا مناسبا لذلك المقام كما ان النبى عليه السلام لما كان من اولى العزم من الرسل امر بصبر اولى العزم من الرسل كما قال مولانا جلال الدين الرومى قدس سره صبر آرد آرزور انى شتاب ... صبر كن واللّه اعلم بالصواب ٣١ { وقال الذين كفروا } اى كفار قريش { لن نؤمن بهذا القرآن } الذى ينزل على محمد { ولا بالذى بين يديه } اى ولابما نزل قبله من الكتب القديمة الدالة على البعث كالتوراة والانجيل قال فى كشف الاسرار [ جشمى كه مستعمل شدة مملكت شيطان باشد مارا جون شناسد . دلى كه ملوث تصرف ديو بود ازكجا جلال عزت قرآن بداند . دلى بايد بضمان امان وحرم كرم حق بناه يافته تا راه بر رسالت ونبوت ما برد . شمعى بايد كفر خلاص يافته واز خواب شهوت بيدار شده تامعجزات وآيات بيند ودريابد . اى جوانمرد هركه جمالى ندارد كه باسلطان نديمى كند جه كند تا كلخانيانرا حريقى نكند ] در مصطبها هميشه فراشتم من ... شايستة صومعه كجا باشم من هو جند قلندرى وقلاشم من ... تخمى باميد درد مى باشم من { ولو ترى } يا محمد او يا من يليق بالخطاب { اذ الظالمون } المنكرون للبعث لانهم ظلموا بان وضعوا الانكارموضع الاقرار { موقوفون عند ربهم } اى محبوسون فى موقف المحاسبة على اطراف اناملهم وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا شنيعا تقصر العبارة عن تصويره : يعنى [ هرآينه به بينى امرى صعب وكارى دشوار ] وانما دخلت لو على المضارع مع انها للشرط فى الماضى لتنزيله منزلة الماضى الن المترقب فى اخبار اللّه كالماضى المقطوع به فى تحقق وقوعه او لاستحضار صورة الرؤية ليشاهدها المخاطب { يرجع بعضهم } اى يرد من رجع رجعا بمعنى رد { الى بعض القول } اى يتحاورون ويتراجعون القول ويتجاذبون اطراف المجادلة : وبالفارسية [ محاوره ميكنند سخن برهم ميكردانند وجواب ميكويند ] ثم ابدل منه قوله { يقول الذين استضعفوا } [ الاستضعاف : ضعيف شمردن ] اى يقول الاتباع الذين عدوا ضعفاء وقهروا : وبالفارسية [ زبون وبيجاره كرفتكان ] { للذين استكبروا } [ سركشى ميكردند دردنيا ] اى للرؤساء الذين بالغوا فى الكبر والتعظيم عن عبادة اللّه وقبول قوله المنزل على انبيائه واستتبعوا الضعفاء فى الغى والضلال { لولا انتم } اى لولا اضلالكم وصدكم لنا عن الايمان { لكنا مؤمنين } اى انتم منعتمونا من الايمان واتباع الرسول كأنه قيل فماذا قال الذين استكبروا ٣٢ { قال الذين استكبروا للذين استضعفوا } منكرين لكونهم الصادين لهم عن الايمان مثبتين ذلك لانفسهم اى المستضعفين { أنحن } [ آياما ] { صددناكم } منعناكم وصرفناكم { عن الهدى } [ ازقبلو ايمان وهدايت ] { بعد اذ جاءكم } اى الهدى اى لم نصدكم عنه كقولك ما انا قلت هذا تريد لم اقله مع انه مقول لغيرى فان دخول همزة الاستفهام الانكارى على الضمير يفيد نفى الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره كما قال { بل كنتم مجرمين } فى الاجرام فبسبب ذلك صددتم انفسكم عن الايمان وآثرتم التقليد وفى هذا تنبيه للكفار على ان طاعة بعضهم لبعض فى الدنيا تصير سبب عداوة فى الآخرة وتبرى بعضهم من بعض ٣٣ { وقال الذين استضعفوا } مجيبين { للذين استكبروا } عطف على الجملة الاستئنافية واضراب على اضرابهم وابطال له { بل مكر الليل والنهار } المكر صرف الغير عما يقتصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم ايانا على الشرك والاوزار فحذف المضاف اليه واقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله ( يا سارق الليلة اهل الدار ) او جعل ليلهم ونهارهم ماكرين مجازا { اذ تأمروننا } ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت امركم لنا { ان نكفر باللّه ونجعل له اندادا } نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس امرهم بما ذكر كما فى قوله تعالى { يا قوم اذكروا نعمة اللّه عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا } فان الجعلين المذكورين نعمة من اللّه أى نعمة واما امور اخر مقارنة للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك { واسروا الندامة لما رأوا العذاب } الندامة التحسر فى امر فائت اى اضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والاضلال حين ما نفعتهم الندامة واخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية [ سرزنش كردن ] او اظهروها فانه من الاضداد اذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشئ ومنه الغل للماء الجارى خص بما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى اعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وايراد المستقبل بلفظ الماضى من جهة تحقق وقوعه والاظهار فى موضع الاضمار حيث لم يقل فى اعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم { هل يجزون الا ما كانوا يعملون } اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصى والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا انفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال القهستانى الغفل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى وهو معتاد بين الظلمة وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك اذا خيف من الاباق كما فى الكبرى . ولا يكره فى العبد اذ فيه تحرز عن اباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه قول فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى اطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فا ادب القاضى للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية [ تخته كله ] ويجوز ان تكون الا طافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس ٣٤ { وما ارسلنا فى قرية } من القرى : وبالفارسية [ نفر ستاديم درهيج ديهى وشهرى ] قال فى كشف الاسرار القرية المصر تقى اهلها وتجمعهم { من نذير } نبى ينذر اهلها بالعذاب { الا قال مترفوها } المترف كمكرم المتنعم والموسع العيش والنعمة من الترفة بالضم وهو التوسع فى النعمة يقال اترفه نعمه واترفته النعمة اطغته اى قال رؤساء تلك القرية التكبرون المتنعمون بالدنيا لرسلهم { انا بما ارسلتم به } على زعمكم من التوحيد والايمان { كافرون } منكرون على مقابل الجمع بالجمع هذه الآية جاءت لتسلية النبى عليه السلام اى يا محمد هذه سيرة اغنياء الامم الماضية فلا يهمك امر اكابر قومك فتخصيص المتنعيمن بالتكذيب مع اشتراك الكل فيه اما لانهم المتبوعون او لان الداعى المعظم الى التكذيب والانكار هو التنعم المستتبع للاستكبار ٣٥ { وقالوا } اى الكفار المترفون للفقراء المؤمنين فخرا بزخارف الدنيا وبما هو فتنة لهم { نحن اكثر اموالا واولادا } منكم فى الدنيا { وما نحن بمعذبين } فى الآخرة على تقدير وقوعها لان المكرم فى الدنيا لا يهان فى الآخرة ٣٦ { قل } يا محمد ردا عليهم { ان ربى يبسط الرزق } ويوسعه { لمن يشاء } ان يبسطه له ويوسعه من مؤمن وكافر { ويقدر } اى يضيق على من يشاء ان يقدره عليه ويضيقه من مؤمن وكافر حسب اقتضاء مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا ينقاس على ذلك امر الثواب والعقاب اللذين مناطهما الطاعة وعدمها فليس فى التوسيع دلالة على الاكرام كما انه ليس فى التضييق دلالة على الاهانة وفى الحديث ( الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر ) اديم زمين سفرة عام اوست ... برين خوان يغما جه دشمن دوست { ولكن اكثر الناس } وهم اهل الغفلة والخذلان { لا يعلمون } حمكة البسط والقدر فيزعمون ان مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار القدر هو الذل والهوان ولا يدرون ان الاول كثيرا ما يكون بطريق الاستدراج والثانى بطريق الابتلاء ورفع الدرجات قال الصائب نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سيركاهل ميكند مزدور را ٣٧ { وما } [ ونيست ] { اموالكم ولا اولادكم } كلام مستأنف من جهته تعالى مبالغة فى تحقيق الحق اى وما جماعة اموالكم واولادكم ايها الناس { بالتى } بالجماعة التى فان الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء فى حكم التأنيث او بالخصلة التى فيكون تأنيث الموصول باعتبار تأنيث الصفة المحذوفة { تقربكم عندنا زلفى } نصب مصدرا بتقربكم كانبتكم من الارض نباتا والزلفى والقربى والقربة بمعنى واحد وقال الاخفش زلفى اسم مصدر كأنه قال بالتى تقربكم عندنا تقريبا { الا من آمن وعمل صالحا } استثناء من مفعول تقربكم اى وما الاموال والاولاد تقرب احدا الا المؤمن الصالح الذى انفق امواله فى سبيل اللّه وعلم اولاده الخير ورباهم على الصلاح والطاعة او من مبتدأ خبره ما بعده كما فى الكواشى فيكون الاستثناء منقطعا كما فى فتح الرحمن { فاولئك } المؤمنون العاملون ثابت { لهم جزاء الضعف } على ان الجار والمجرور خبر لما بعده والجملة خبر لاولئك واضافة الجزاء الى الضعف من اضافة المصدر الى المفعول اصله فاؤلئك لهم ان يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف ثم جزاء الضعف ومعناه ان يضاعف لهم الواحدة من حسناتهم عشرا فما فوقها الى سبعمائة الى ما لا يحصى { بما عملوا } بسبب ما عملوا من الصالحات { وهم فى الغرفات } اى غرفات الجنة وهى قصورها ومنازلها الرفيعة جمع غرفة وهى البيت فوق البناء يعنى كل بناء يكون علو فوق سفل { آمنون } من جميع المكاره والآفات كالموت والهرم والمرض والعدو وغير ذلك وفى الآية اشارة الى انه لا تستحق الزلفى عند اللّه بالمال والاولاد مما زين للناس حبه وحب غير اللّه يوجب البعد عن اللّه كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( حبك الشئ يعمى ويصم ) يعنى يعميك عن رؤية غيره ويصمك عن دعوة غيره وهذا امارة كمال البعد فان كمال البعد يورث العمى والصمم ولكن من موجبات القربة الاعمال الصالحة والاحوال الصافية والانفاس الزكية بل العناية السابقة والهداية والقطيعة واما المنقطعون عن هذه الاسباب المفتخرون بما لا ينفع يوم الحساب وهم اهل الغفلات والدعوى والترهات فلهم الدركات والخوف الغالب فى جميع الحالات : قال الصائب نميدانند اهل غفلت انجام شراب آخر ... بآتش مى روند اين غفلان ازراه آب آخر قال ابراهيم بن ادهم قدس سره لرجل أدهم فى المنام احب اليك ام دينار فى القيظة قال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذى تحبه فى الدنيا كانك تحبه فى المنام والذى لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة ودخل عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يوم فى داره فوجده فى بيت منخفض السطح وقد اثر فى جنبه الحصير فقال ما هذا قال ( يا عمر اما تأثير الحصين فى جنبى فحبذا خشونة بعدها لين واما السطح فسطح القبر يكون اخفض من هذا فنحن تركنا الدنيا لاهلها وهم تركوا لنا الآخرة وما مثلى ومثل الدنيا الا كراكب سار فى يوم صائف فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها ) فالعاقل من لم يغتر بزينة الدنيا ويسعى الى مرضا المولى هركه كوته كند بدنيا دست بر بر آرد جو جعفر طيار ... فالاولى ان يأخذ الباقى ويترك الفانى حكى ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حقيقة الحال فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما اعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما اعجبه من الجواهر والمتاع واخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما اعجبنى الا انت فالانسان لم يجيئ الى هذه الدار المزينة الا للامتحان فانه كالعروس وهى لا تلتفت الى ما ينثر عليها فان التفتت فمن دناءة الهمة ونقصان العقل فاليوم يوم الفرصة وتدارك الزاد لسفر المعاد ازرباط تن جو بكذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى برنمى دارى ازين منزل جرا نسأل اللّه سبحانه ان يقطع رجاءنا عزمنا اليه صدقا واقبالنا عليه حقا ٣٨ { والذين } هم كفار قريش { يسعون فى آياتنا } القرآنية بالرد والطعن فيها ويجتهدون فى ابطالها حال كونهم { معاجزين } ظانين انهم يعجزوننا ويفوتوننا فلا يكون لهم مؤاخذة بمقابلة ذلك قال فى تاج المصادر [ المعاجزة : بركسى ييشى كرفتن در كارى ] وقد سبق فى اوائل السورة { اولئك فى العذاب محضرون } من الاحضار وهو بالفارسية [ حاضر كردن ] اى مدخلون لا يغيبون عنه ولا ينفعهم ما اعتمدوا عليه وفى التأويلات النجمية هم الذين لا يحترمون الانبياء ولا يزعون حق اللّه فى السر فهم فى عذاب الاعتراض عليهم وعذاب الوقوع بشؤم ذلك فى ارتكاب محارم اللّه ثم فى عذاب السقوط من عين الحق : وفى المثنوى جون خدا خواهدكه بردة كس درد ... ميلش اندر طعنة باكان برد ٣٩ { قل ان ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده } اى يوسعه عليه تارة { ويقدر له } اى يضيقه عليه تارة اخرى ابتلاء وحكمة ابتلاء وحكمة فهذا فى شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق فى شخصين فلا تكرار { وما انفقتم من شئ } ما موصولة بمعنى الذى : وبالفارسية [ آنجه ] مبتدأ خبره قوله { فهو يخلفه } او شرطية بمعنى أى شئ : وبالفارسية [ هرجه ] نصب بقوله انفقتم ومن شئ بيان له وجواب الشرط قوله فهو يخلفه [ والانفاق : نفقه كردن ] يقال نفق الشئ نفقت الدراهم تنفق وانفقتها [ والاخلاف : بدل بازدادن ازمال وفرزند ] يقال اخلف اللّه له وعليه اذا بدل له ما ذهب عنه والمعنى الذى أو شئ انفقتم فى طاعة اللّه وطريق الخير والبر فاللّه تعالى يعطى خلفا له وعوضا منه اما عوضا منه اما فى الدنيا بالمال او بالقناعة التى هى كنز لا يفنى واما فى الآخرة بالثواب والنعيم او فيهما جميعا فلا تخشوا الفقر وانفقوا فى سبيل اللّه وتعرضوا لالطاف اللّه عاجلا وآجلا وفى التأويلات النجمية وما انفقتم من شئ من الموجود او الوجود فهو يخلفه من الموجود الفانى بالموجود الباقى ومن الوجود المجازى بالوجود الحقيقى فمن الخلف فى الدنيا الرضى بالعدم والفقر صورة ومعنى وهم اتم من السرور بالموجود والوجود افتد هماى دولت اكر دركمندما ... از همت بلند رها ميكنيم ما { وهو خير الرازقين } اى خير من اعطى الرزق فان غيره كالسلطان والسيد والرجل بالنسبة الى جنده وعبده وعياله واسطة فى ايصال رزقه ولا حقيقة لرازقيته واللّه تعالى يعطى الكل من خزائن لا تفنى وفى التأويلات النجمية يشبر الى انه خير المنفقين لان خيرية المنفق بقدر خيرية النفقة فما ينفق كل منفق فى النفقة فهو فان وما ينفق اللّه من نفقة ليخلفه بها فهى باقية والباقيات خير من الفانيات انتهى قال فى بحر العلوم لما كانت اقامة مصالح العباد من اجل الطاعات واشرف العبادات لانها من وظيفة الانبياء والصالحين دلهم اللّه فى الآية على طرف منها حثا عليها كما قال عليه السلام حثا لامته عليها ( الخلق كلهم عيال اللّه واحبهم اليه انفعهم لعياله ) قال العسكرى هذا على التوسع والمجاز كأن اللّه تعالى لما كان المتضمن لارزاق العباد والكافل بها كان الخلق كالعيال وفى الحديث ( ان اللّه املاكا خلقهم كيف يشاء وصورهم على ما يشاء تحت عرشه ألهمهم ان ينادوا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فى كل يوم مرتين ألا من وسع على عياله وجيرانه وسع اللّه عليه فى الدنيا والآخرة ألا من ضيق ضيق اللّه عليه ألا ان اللّه قد اعطاكم لنفقة درهم على عيالكم خير من سبعين قنطارا ) والقنطار كجبل احد وزنا ( انفقوا ولا تخشوا ولا تضيقوا ولا تقتروا وليكن اكثر نفقتكم يوم الجمعة ) وفى الحديث ( كل معروف صدقة وكل ما انفق الرجل على نفسه واهله كتب له به صدقة وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة ) ومعنى كل معروف صدقة ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر من الاموال والاقوال والعلوم والمعارف وانفاق الواصلين الى التوحيد والارواح ومعنى ما وقى به عرضه ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى وفى الحديث ( ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة ) وفى الحديث ( ينادى مناد كل ليلة لا دواء للموت وينادى آخر ابنوا للخراب وينادى مناد هب للمنفق خلفا وينادى مناد هب للممسك تلفا ) قال الحافظ احوال كندج قارون كايام داد برباد ... باغنده باز كوييد تازر نهان ندارد وفى المثنوى آن درم دادن سخى را لا يقست ... جان سبردن خودسخاى عاشقست نان دهى ازبهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند هركه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مرزعه باشد بهى وانكه در انبار ماند وصرفه كرد ... اشيش وموش وجوادتهاش خورد جملة در بازار زان كشستند بند ... تاجه سود افتاد مال خود دهند وفى الحديث ( يؤجر ابن فى نفقته كلها الا شيأ وضعه فى الماء والطين ) قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى فى شرحذ هذا الحديث اعلم ان صور الاعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر البانى لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذى لم يقصد صاحبه الا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة واذا كان كذلك فمطمح همة البانى ومقصده لا يتجاوزه هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لانه لم يقصد بما فعله امرا وراء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر انتهى اعلم ان العلماء تكلموا فى الانفاق والظاهر انه بحسب طبقات الناس . فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلا على اللّه تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه . ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعيم بل للاتفاق وقت الحاجة . ومنهم من يقتصر على اداء الواجب قال الغزالى رحمه اللّه الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيرا فبين هذه الطبقات تفاوت فى الدرجات وقد اسلفنا الكلام على الانفاق فى اواخر سورة الفرقان فارجع اليه واعتمد عليه جعلنا اللّه واياكم من اهل البذل والاحسان بلا امساك وادّخار واخلف خيرا مما انفقنا فان خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطى المفيض كل ليل ونهار ٤٠ { ويوم يحشرهم } اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر اللّه اى يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون اللّه حال كونهم { جميعا } مجتمعين لا يشذ احد منهم وقال بعضهم هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انهم بنات اللّه لذلك سترهم فان قلت لم لم يقولوا ذلك فى حق الجن مع انهم مستورون ايضا عن اعين الناس قلت لان الملائكة سماوية والجن ارضية وهم اعتقدوا ان اللّه تعالى فى السماء { ثم يقول للملائكة } توبيخا للمشركين العادبدين واقناطالهم من شفاعتهم كما زعموا { أهولاء } اى الكفار : وبالفارسية [ آيا اين كروه اندكه ] { اياكم كانوا يعبدون } فى الدنيا واياكم نصب بيعبدون وتخصيص الملائكة لانهم اشرف شركائهم بطريق الاولوية ٤١ { قالوا } متنزهين عن ذلك وهو استئناف بيانى { سبحانك } تنزيها لك عن الشرك وفى كشف الاسرار [ باكى ترا است از آنكه غير ترا برستند ] { انت ولينا } الوالى خلاف العدو اى انت الذى نواليه { من دونهم } [ بجزمشر كان يعنى ميان ايشان هيج دوستى نيست وحاشا كه بيرستش ايشان رضا داده باشيم ] ثم اضربوا عن ذلك ونفوا انهم عبدوهم حقيقة بقولهم { بل كانوا } من جهلهم وغوايتهم { يعبدوا الجن } اى الشياطين حيث اطاعوهم فى عبادة غير اللّه وقيل كانوا يتمثلون لهم ويتخيلون انهم الملائكة فيعبدونهم وعبر عن الشياطين بالجن لاستتارهم عن الحواس وذا اطلقه بعضهم على الملائكة ايضا { اكثرهم } الاكثر ههنا بمعنى الكل والضمير للمشركين كما هو الظاهر من السوق اى كل المشركين وقال بعضهم الضمير للانس الاكثر بمعناه اى اكثر الانس { بهم } اى الجن وبقولهم الكذب الملائكة بنات اللّه { مؤمنون } مصدقون ومتابعون ويغترون بما يلقون اليهم من انهم يشفعون لهم وفى الآية اشارة الى انه كما يعبد قوم الملائكة بقول الشيطان وتتبرأ الملائكة منهم يوم القيامة كذلك من يعبد اللّه بقول الوالدين او الاستاذين او اهل بلده او بالتعصب والهوى كما يعبده اليهود والنصارى والصائبون والمجوس واهل البدع والاهواء يتبرأ اللّه منه ويقول انا بريئ من ان اعبد بقول الغير وبقول من يعبدنى بالهوى او باعانة اهل الهوى فان من عبدنى بالهوى فقد عبد الهوى ومن عبدنى باعانة اهل الهوى اياه على ان يعبدنى فقد عبد اهل الهوى لانه ما عبدنى مخلصا كما امرته ولهذا المعنى امرنا اللّه ان نقول فى عبادته فى الصلاة اياك نعبد اى لم نعبد غيرك واياك نستعين على عبادتك باعانتك باعانتك لا باعانة غيرك وبقوله { اكثر بهم مؤمنون } يشير الى ان اكثر مدعى الاسلام باهل الهوى مؤمنون اى بتقليدهم وتصديقهم فيما ينتمون اليه من البدع والاعتقاد السوء كذا فى التأويلات النجمية : قال الصائب جه قدر راه بتقليد توان بيمودن ... رشته كوتاه بود مرغ نو آمو خته را ٤٢ { فاليوم } اى يوم الحشر { لا يملك } [ الملك بالحركات الثلاث : خداوند شدن ] { بعضكم } يعنى المعبودين { لبعض } يعنى العابدين { نفعا } بالشفاعة { ولا ضرا } اى دفع ضرر وهو العذاب على تقدير المضاف اذ الامر فيه كله لله لان الدار دار جزاء ولا يجازى الخلق احد غير الله قال فى الارشاد تقييد هذا الحكم بذلك اليوم مع ثبوته على الاطلاق لانعقاد رجائهم على تحقيق النفع يؤمئذ وهذا الكلام من جملة ما يقال للملائكة عند جوابهم بالتنزه والتبرى مما نسب اليهم الكفرة يخاطبون على رؤس الاشهاد اظهارا لعجزهم وقصورهم عند عبدتهم وتنصيصا على ما يوجب خيبة رجائهم بالكلية والفاء ليست لترتيب ما بعدها من الحكم على جواب الملائكة فانه محقق اجابوا بذلك ام لا بل لترتيب الاخبار به عليه { ونقول } فى الآخرة { للذين ظلموا } انفسهم بالكفر والتكذيب فوضعوهما موضع الايمان والتصديق وهو عطف على يقول للملائكة لا على يملك كما قيل لانه مما يقال يوم القيامة خطابا للملائكة مترتبا على جوابهم المحكى وهذا حكاية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما سيقال للعبدة يومئذ اثر حكاية ما سيقال للملائكة { ذوقوا } الذوق فى الاصل وان كان فيما يقل تناوله كالاكل فيما يكثر تناوله الا انه مستصلح للكثير { عذاب النار التى كنتم } فى الدنيا { بها } متعلق بقوله { تكذبون } وتصرون على القول بانها غير كائنة فقد وردتموها وبطل ظنكم ودعواكم وفى التأويلات يشير الى ان من علق قلبه بالاغيار وظن صلاح حاله من الاحتيال والاستعانة بالامثال والاشكال نزع اللّه الرحمة من قلوبهم فتتركهم وتشوش احوالهم فلا لهم من الاشكال والامثال معونة ولا لهم من عقولهم فى امورهم استبصار ولا الى اللّه رجوع الا فى الدنيا فان رجعوا اليه فى الآخرة لا يرحمهم ولا يجيبهم ويذيقهم عذاب نار البعد والقطيعة لكونهم ظالمين اى عابدين غير اللّه تعالى [ احمد حرب كفت خداى تعالى خلق را آفريده تاورا بيكانكى شناسند وشريك نسازند ورزق داد تاورا برزاقى بدانند وميراند تاورا بقهارى شناسند ( ألا ترى ان الموت يذل الجبابرة ويقهر الفراعنة ) وزنده كردانيد تاورا بقادرى بدانند جونكه قادر مطلق اوست انسان ببايدكه عجز خودرا بداند وعدم طاقت اودر زيربار قهرش شناسند ورجوع كند باختيار نه باضطرار واحق شناسد توفيق هركار ] نكشود صائب ازمدد خلق هيج كار ... از خلق روى خود بخدا مى كنيم ما اعلم ان من عبد الجن واطاع الشيطان فيما شاء وهو زوال دينه يكون عذابه فى التأييد كعذاب ابليس ومن اطاع النفس فيما شاءت وهى المعصية يكون عذابه على الانقطاع ومن اطاع الهوى فيما شاء وهو الشهوات يكون له شدة الحساب من اجاب ابليس ذهب عنه المولى ومن اجاب النفس ذهب عنه الورع ومن اجاب الهوى ذهب عنه العقل وكان يحيى عليه السلام مع جلالة قدره وعدم همه بخطيئة يخاف من عذاب النار ويبكى فى الليل والنهار والغافل كيف يأمن من سلب الايمان مع كثرة العصيان وله عدو مثل الشيطان لتحصل النجاة من النيران والفوز بدرجات الجنان والتنعيم بنعيم القرب وشهود الرحمن زيشت آينه روى مراد نتوان ديد ... ترا كه روى بخلق است ازخداجه خبر ٤٣ { واذا تتلى } اى تقرأ قراءة متتابعة بلسان الرسول عليه السلام { عليهم } اى على مشركى مكة { آياتنا } القرآنية حال كونها { بينات } واضحات الدلالة على حقية التوحيد وبطلان الشرك { قالوا } مشيرين الى النبى عليه السلام { ما هذا الارجل } تنكيره للتهكم والتلهى والا فرسول اللّه كان علما مشهروا بينهم { يريد ان يصدكم } اى يمنعكم ويصرفكم { عما كان يعبد آباؤكم } من الاصنام منذ ازمنة متطاولة فيستتبعكم بما يستبدعه من غير ان يكون هناك دين الهى : يعنى [ مدعاى او آنست كه شما ازبت برستيدن منع كند وبدين وآيين كه احداث كرده در آورد وتابع خود سازد ] واضافة الآباء الى المخاطبين لا الى انفسهم لتحريك عرق العصبية منهم مبالغة فى تقريرهم على الشرك وتنفيرهم عن التوحيد { وقالوا ما هذا } القرآن { الا افك } كلام مصروف عن جهته لعدم مطابقة ما فيه من التوحيد والبعث الواقع { مفترى } باسناده الى اللّه تعالى والافتراء الكذب عمدا قالوه عنادا ومكابرة والا فقد قال كبيرهم عتبة بن ربيعة ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر { وقال الذين كفروا للحق } اى للقرآن على ان العطف لاختلاف العنوان بان يراد بالاول معناه وبالثانى نظمه المعجز ووضع المظهر موضع المضمر اظهارا للغضب عليهم ودلالة على ان هذا لا يجترئ عليه الا المتمادون فى الكفر المنهمكون فى الغى والباطل { لما جاءهم } من اللّه تعالى ومعنى التوقيع فى لما انهم كذبوا بهوجحدوه على البديهة ساعة اتاهم واول ما سمعوه قبل التدبر والتأمل { ان } بمعنى ما النافية { هذا الا سحر مبين } ظاهر سحريته لاشبهة فيه . والسحر من سحر يسحر اذا خدع احدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وادرا كه المسحور عليه كما فى شرح الامالى وقال الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات المكية السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثانى واختلاطته وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين ادركت امرا ما لا تشك فيه ولا هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائى انتهى قال الشيخ الشعرانى فى الكبريت الاحمر هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط ٤٤ { وما آتيناهم } اى مشركى مكة { من كتب } اى كتبا فان من الاستغراقية داخلة على المفعول لتأكيد النفى { يدرسونها } يقرأونها فيها دليل على صحة الاشراك كما فى قوله تعالى { ام انزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون } وقوله { ام آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون } وفى ايراد كتب بصيغة الجمع تنبيه على انه لا بد لمثل تلك الشبهة من نظائر الادلة والدرس قراءة الكتاب بامعان النظر فيه طلبا لدرك معناه والتدريس تكرير الدرس قال الراغب فى المفردات درس الشئ معناه بقى اثره وبقاء الاثر يقتضى انمحاءه فى نفسه ولذلك فسر الدروس بالانمحاء وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادمة القراءة بالدرس { وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير } يدعوهم الى الشرك وينذرهم بالعقاب على تركه وقد بان من قبل ان لا وجه له بوجه من الوجوه فمن اين ذهبوا هذا المذهب الزائغ وهو تجهيل لهم وتسفيه لآرائهم ثم هددهم بقوله ٤٥ { وكذب الذين من قبلهم } من الامم المتقدمة والقرون الماضية كما كذب قومك من قريش { وما بلغوا } [ ونرسيدند قريش ومشركان مكة ] { معشار ما آتيناهم } اى عشر ما آتينا اولئك من قوة الاجسام وكثرة الاموال والاولاد وطول الاعمار . فالمعشار بمعنى العشر كالمرباع بمعنى الربع قال الواحدى المعشار والعشير والعشر جزء من العشرة وقيل المعشار عشر العشر { فكذبوا رسلى } عطف على وكذب الذين الخ بطريق التفصيل والتفسير كقوله تعالى { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا } الخ { فكيف كان نكير } اى انكارى لهم بالاستئصال والتدمير فأى شئ خطر هؤلاء بجنب اولئك فليحذروا من مثل ذلك : وبالفارسية [ بس جه كونه بودنا بسند من ايشانرا وعذاب دادن ] وفى الآية اشارة الى ان صاحب النظر اذادل الناس على اللّه ودعاهم اليه قال اخدانهم السوء واخوانهم الجهلة واعوانهم الغفلة من الاقارب وابناء الدنيا وربما كان ذلك من العلماء السوء الذين اسكرتهم محبة الدنيا وقال صلّى اللّه عليه وسلّم فيهم ( اولئك قطاع الطريق على العباد ) هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من اتباعه واعوانه ومريديه ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع فى اموالكم ومن ذا الذى يطيق ان يترك الدنيا بالكلية وينقطع عن اقاربه واهاليه ويضيع اولاده ويعق والديه وليس هذا طريق الحق وانك لا تتم هذا الامر ولا بد لك من الدنيا ما دمت تعيش وامثال هذا حتى يميل ذلك المسكين عن قبول النصح فى الاقبال على اللّه والاعراض عن الدنيا وربما كان هذا من خواطره الدنية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل كما هلكوا وضلوا فليعتبر الطالب بمن كان قبله من منكرى المشايخ ومكذبى الورثة ما كان عاقبة امرهم الحرمان فى الدنيا من مراتب الدين والعذاب فى الآخرة بنار القطيعة وليحذر من الاستماع الى العائقين له عن طريق العاشقين فانهم اعداء له فى صورة الاحباب : وفى المثنوى آدمى را دشمن بنهان بسيست ... آدمئ باحذر عاقل كسيست قال المولى الجامى فى درة التاج جون سكندر بقصد آب حيات ... كرد عزم عبور بر ظلمات بزمينى رسيد بهن وفراخ ... راند خيل وحشم دران كستاخ هركجا مى شد از يسار ويمين ... بود بر سنكريزه روى زمين كرد روى سخن بسوى سباه ... كاى همه كرده كم زظلمت راه اين همه كوهراست بى شك وريب ... كيسه تان بركنيد ودامن وجيب هركوا بود شك در اسكندر ... آن حكايت نيامدش باور كفت در زير نعل لعل كه ديد ... در وكوهر برهكذر كه شنيد وانكه آينية سكندر بود ... سر جانش درو مصوّر بود هرجه ازوى شنيد باورداشت ... آنجه مقدور بودازان برداشت جون بريدند راه تاريكى ... تافت خورشيد شان ز نزديكى وان يكى دست ميكزيد كه جون ... زين كهر بر نداشتم افزون وان دكر خون همى كريست آه ... نفس وشيطان زدند برمن راه كاشكى كز كهر بكردم بار ... برسكندر نكردمى انكار تانيفتادمى ازان تقصير ... در حجاب وخجالت وتشوير فقس عليه مصدّق القرآن ومكذبه ٤٦ { قل انما اعظكم بواحدة } الوعظ زجر يقترن به تخويف وقال عليه الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى ما انشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى { ان تقوموا } من مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالامر والاهتمام بطلب الحق { لله } لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين { مثنى } اثنين اثنين { وفرادى } واحدا واحدا قال الراغب الفرد الذى لا يختلط به غيره فهو اعم من الوتر واخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان { ثم تتفكروا } التفكر طلب المعنى بالقلب : يعنى [ تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى ] اى تتفكروا فى امره صلّى اللّه عليه وسلّم فتعلموا { ما } نافية { بصاحبكم } المراد الرسول عليه السلام { من جنة } اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين اذا التجتا الى اللّه تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد اذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيهما الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الانصرة المذهب . وفى تقديم مثنى ايذان بانه اوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين اذا قعدوا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم وفى الفتوحات المكية قدس اللّه سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من اجل اللّه اما غيره واما تعظيما وقوله { مثنى } اى باللّه ورسوله فانه من اطاع الرسول فقد اطاع اللّه فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب اللّه وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيره نفسية وقوله { وفرادى } اى باللّه خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا اذا علقت { ما بصاحبكم } بمحذوف كما قدر فلا يوقف اذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله { ما بصاحبكم من جنة } استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الامر العظيم الذى تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لادعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند اللّه مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه واذ قد علمتم انه عليه السلام ارجح العالمين عقلا واصدقهم قولا وانزههم نفسا وافضلهم علما واحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال { ان } ما { هو } صاحبكم { الا نذير لكم } مخوف لكم بلسان ينطق بالحق { بين يدى عذاب شديد } اى قدام عذاب الآخرة منك يصل اليك نفسه وفى التأويلات النجمية { بين يدى عذاب شديد } فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والانكار والطرد واللعن من اللّه تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل ما يقولون عنده عذبنا يا ربنا بما شئت من انواع العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال ٤٧ { قل ما } اى شئ { سألتكم من اجر } جعل على تبليغ الرسالة { فهو لكم } والمراد نفى السؤال رأسا : يعنى [ هيج اجرى نخواهم ] كقول من قال لمن يعطه شيأ ان شيأ ان عطيتنى شيأ فخذه وقال بعضهم لما نزل قوله تعالى { قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة فى القربى } قال عليه السلام لمشركى مكة ( لا تؤذونى فى قرابتى ) فكفوا عن ذلك فلما سب آلهتهم قالوا لن ينصفنا يسألنا ان لا نؤذيه فى قرابته وهو يؤذينا بذكر آلهتنا بسوء فنزل { قل ما سألتكم من اجر فهو لكم } ان شئتم آذوهم وان شئتم امتنعوا { ان اجرى } ا ما اجرى وثوابى { الا على اللّه } فانما اطلب ثواب اللّه لا عرض الدنيا { وهو على كل شئ شهيد } مطلع يعلم صدقى وخلوص نيتى وفيه اشارة الى انه من شرط دعوة الخلق الى اللّه ان تكون خالصة لوجه اللّه لا يشوبها طمع فى الدنيا الآخرة : قال الشيخ سعدى قدس سره زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان كجا عقل با شرع فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد قال الامام الزروقى الشهيد هو الحاضر الذى لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومنه عرف ان الشهيد عبد حافظ على المراقبة واتقى بعلمه ومشاهدته عن غيره ٤٨ { قل ان ربى يقذف بالحق } القذف الرمى البعيد بنحو الحجارة والسهم ويستعار لمعنى الالقاء والباء للتعدية اى يلقى الوحى وينزله على من يجتبيه من عباده فالاجتباء ليس لعلة والاصطفاء ليس لحيلة اى يرمى به الباطل فيدمغه ويزيله { علام الغيوب } بالرفع صفة محمولة على محل ان واسمها او بدل من المستكن فى يقذف او خبر ثان لان اى عالم بطريق المبالغة بكل ما غاب عن خلقه فى السموات والارض قولا كان او فعلا او غيرهما قال بعض الكبار من ادمن ذكر يا علام الغيوب لاى ان يغلب عليه منه حال فانه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما فى الضمائر وتترقى روحه الى العالم العلوى ويتحدث بامور الكائنات والحوادث . وايضا هو نافع لقوة الحفظ وزوال النسيان وفى التأويلات انما ذكر الغيوب بلفظ الجمع لانه عالم يغيب كل احد وهو ما فى ضمير كل احد وانه تعالى عالم بما يكون فى ضمير اولاد كل احد الى يوم القيامة وانما قال علام بلفظ المبالغة ليتناول علم معلومات الغيوب فى الحالات المختلفة كما هى بلا تغير فى العلم عند تغير المعلومات من حال الى حال بحيث لا يشغله شأن حال عن حال ٤٩ { قل جاء الحق } اى الاسلام والتوحيد { وما يبدئ الباطل وما يعيد } ابدأ الشئ فعله ابتداء [ والاعادة : بازكردانيدن ] والمعنى زال الشرك وذهب بحيث لم يبق اثره اصلامأ خوذ من هلاك الحى فانه اذاهلك لم يبق له ابداء ولا اعادة فجعل مثلا فى الهلاك بالكلية روى ابن مسعود رضى اللّه عنه ان النبى عليه السلام دخل مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول ( جاء الحق وزهق الباطل قل جاء الجق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) ٥٠ { قل ان ضللت } عن الطريق الحق كما تزعمون وتقولون لقد ضللت حين تركت دين آياتك { فانما اضل على نفسى } فان وبال ضلالى عليها لانه بسببها اذ هى الحاملة عليه بالذات والامارة وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله { وان اهتديت } الى الطريق الحق { فيما يوحى } فبسبب ما يوحى { الىّ ربى } من الحكمة والبيان فان الاهتداء بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى منشأ الضلالة نفس الانسان فاذا وكلت النفس الى طبعها لا يتولد منها الا الضلالة وان الهداية من مواهب الحق تعالى ليست النفس منشأها ولذلك قال تعالى { ووجدك ضالا فهدى } { انه } تعالى { سميع قريب } يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وان بالغ فى اخفائهما قال بعض الكبار سميع بمنطق كل ناطق قريب لكل شئ وان كان بعيدا منه دوست نزديكتر از من بمن است ... وين عجبتر كه من ازوى دورم جه كنم باكه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم قال بعضهم السميع هو الذى انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلام وغيره وخاصية هذا الاسم اجابة الدعاء فمن قرأه يوم الخميس خمسمائة مرة كان مجاب الدعوة وقرب اللّه من العبد بمعنى انه عند ظنه كما قال ( انا عند ظن عبدى بى ) وقال بعضهم هو قريب من الكل لظهوره على العموم وان لم يره الا اهل الخصوص لانه لا بد للرؤية من ازالة كل شئ معترض وحائل وهى حجب بعيد لا بالافتراق وقال القرب يورث الحياء ولذا قال بعضهم نعره كمتر زن كه نزديكست يار ... يشير الى حال اهل الشهود فانهم يراعون الادب مع اللّه فى كل حال فلا يصيحون كما لا يصيح القريب للقريب واما اهل الحجاب فلهم ذلك لا قربهم بالهم لا بالشهود وكم من فرق بينهما وفى الآية اشارة الى انه لا يصير المرء ضالا بتضليل الآخر اياه فان الضال فى الحقيقة من خلق اللّه فيه الضلالة بسبب اعراضه عن الهدى كما انه لا يكون كافرا باكفار الغير اياه فان الكافر فى الحقيقة من قبل الكفر واعرض عن الايمان والى انه لا تزر وازره وزر اخرى وان كل شاة معلقة برجلها اى كل واحد مجزى بعمله لا بعمل غيره فالصالح مجزى باعماله الصالحة واخلاقه الحسنة ولا ضرر له من الاعمال القبيحة لغيره وكذا الفاسق مجزى بعمله السوء ولا نفع له من صالحات غيره هركه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هرجه ميكند يابد وقيل للنابعة حين اسلم أصبوت يعنى آمنت بمحمد قال بلى غلبنى بثلاث آيات من كتاب اللّه فاردت ان اقول ثلاثة ابيات من الشعر على قافيتها فلما سمعت هذه الآية تعبت فيها ولم اطق فعلمت انه ليس من كلام البشر وهى هذه { قل ان ربى يقذف بالحق علام الغيوب } الى قوله { انه سميع قريب } ٥١ { ولو ترى } يا محمد ايوا من يفهم الخطاب ويليق به { اذ فزعوا } اى حين يفزع الكفار ويخافون عند الموت او البعث او يوم بدر وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا هائلا وجيئ بالماضى لان المستقبل بالنسبة الى اللّه تعالى كالماضى فى تحققه وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان ثمانين الفا وهم السفيانى وقومه يخرجون فى آخر الزمان فيقصدون الكعبة ليخربوها فاذا ادخلوا البيداء وهى ارض ملساء بين الحرمين كما فى القاموس خسف بهم فلا ينجو منهم الا السرىّ الذى يخبر عنهم وهو جهينة فلذلك قيل عند جهينة الخبر اليقين قال الكاشفى [ ازتمام لشكر دوكس نجات يابند يكى به بشارت بمكة برود وديكرى كه ناجى جهنى كويند روى ابو برقفا كشته خبر قوم بسفيانى رساند ] { فلا فوت } الفوت بعد الشئ عن الانسان بحيث يتعذر ادراكه اى فلا فوت لهم من عذاب اللّه ولا نجاة بهرب او تحصين ويدركهم ما فزعوا منه { واخذوا من مكان قريب } اى من ظهر الارض الى بطنها او من الموقف الى النار او من صحراء بدر الى قليبها وهو البئر قبل ان تبنى بالحجارة وقال ابو عبيدة هى البئر العادية القديمة او من تحت اقدامهم اذا خسف بهم وحيث كانوا فهم قريب من اللّه والجملة معطوفة على فزعوا ٥٢ { وقالوا } عند معاينة العذاب { آمنا به } اى بمحمد عليه السلام لانه مر ذكره فى قوله { ما بصاحبكم من جنة } فلا يلزم الاضمار قبل الذكر { وأنى لهم التناوش } التناوش بالواو والتناول السهل بالفارسية [ كرفتن ] من النوش يقال تناوش وتناول اذا مديده الى شئ يصل اليه ومن همزه فاما انه ابدل من الواو همزة لانضمامه نحو اقتت فى وقتت وادؤر فى ادور واما ان يكون من النأش وهو الطلب كما فى المفردات والمعنى ومن اين لهم ان يتناولوا الايمان تناولا سهلا { من مكان بعيد } فان الايمان انما هو فى حيز التكليف وهى الدنيا وقد بعد عنهم بارتحالهم الى الآخرة وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد ان يتناول الشئ من غلوة وهى غاية قدر رمية كتناوله من مقدار ذراع فى الاستحالة ٥٣ { وقد كفروا به } اى بمحمد او بالعذاب الشديد الذى انذرهم ايا { من قبل } من قبل ذلك فى وقت التكليف تابوا وقد اغلقت الابواب وندموا وقد تقطعت الاسباب فليس الا الخسران والندم والعذاب والالم فخل سبيل العين بعدك لليكا ... فليس لايام الصفاء رجوع قال الحافظ جو برروى زمين باشى توانايى غنيمت دان ... كه دوران ناتوانيها بسى زير زمين دارد اى لا يقدر الانسان على شئ اذا مات وصار الى تحت الارض كما كان يقدر اذا كان فوق الارض وهو حى { ويقذفون بالغيب } الباء للتعدية اى يرجمون بالظن الكاذب ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول من المطاعن او فى العذاب من قطع القول بنفيه كما قالوا وما نحن بمعذبين { من مكان بعيد } من جهة بعيدة من حاله عليه السلام حيث ينسبونه الى الشعر والسحر والكهانة والكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيأ لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه وهو معطوف على وقد كفروا به على حكاية الحال الماضية او على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الايمان فى الدنيا ٥٤ { وحيل بينهم } اى اوقعت الحيلولة والمنع بين هؤلاء الكفار { وبين ما يشتهون } من نفع الايمان والنجاة من النار { كما فعل باشياعهم من قبل } اى باشياعهم من كفرة الامم الماضية { انهم كانوا } فى الدنيا { فى شك } مما وجب به الايمان واليقين كالتوحيد والبعث ونزول العذاب على تقدير الاصرار { مريب } [ بتهمت افكنده ودلرا مضطرب سازنده وشوراننده ] قال اهل التفسير مريب موقع لهم فى الريبة والتهمة من ارابه اذا وقعه فى الريبة او ذى ريبة من اراب الرجل اذا صار ذا ريبة ودخل فيها وكلاهما مجاز فى الاسناد الا ان بينهما فرقا وهو ان المريب من الاول منقول ممن يصلح ان يكون مريبا من الاشخاص والاعيان الى المعنى وهو الشك اى يكون صفة من اوقع فى الريب حقيقة وقد جعل فى الآية صفة نفس الشك الذى هو معنى من المعانى والمريب من الثانى منقول من صاحب الشك الى الشك اى انهم كانوا فى شك ذى شك كما تقول شعر شاعر وانما الشاعر فى الحقيقة صاحب الشعر وانما اسند الشاعرية الى الشعر للمبالغة واذا كان حال الكفرة الشك فى الدنيا فلا ينفعهم اليقين فى الآخرة لانه حاصل بعد معاينة العذاب والخروج من موطن التكليف وقد ذموا فى هذه الآيات بالشك والكفر والرجم بالغيب فليس للمرء ان يبادر الى انكار شئ الا بعد العلم اما بالدليل او بالشهود قال فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد المبادرة الى الانكار اذا رأى رجلا ينظر الى امرأة فى الطريق مثلا فربما يكون قاصدا خطبتها او طبيبا فلا ينبغى المبادرة للانكار الا فيما لا يتطرق اليه احتمال وهذا يغلط فيه كثير من المذنبين لا من اصحاب الدين لان صاحب الدين اول ما يحتفظ على نفسه ولا سيما فى الانكار خاصة وقد ندبنا الحق الى حسن الظن بالناس لا الى سوء الظن فصاحب الدين لا ينكر قط مع الظن لانه يعلم الظن اثم ويقول لعل هذا من ذلك البعض واثمه ان ينطق به وان وافق العلم فى نفس الامر وذلك ان ظن وما علم فنطق فيه بامر محتمل وما كان له ذلك فمعلوم ان سوء الظن بنفس الانسان اولى من سوء ظنه بالغير وذلك لانه من نفسه على بصيرة وليس هو من غيره على بصيرة فلا يقال فى حقه ان فلانا اساء الظن بنفسه بل انه عالم بنفسه وانما عبرنا بسوء الظن بنفسه اتباعا لتعبيرنا بسوء الظن بغيره فهو من تناسب الكلام والى الآن ما رأيت احدا من العلماء استبرأ لدينه هذا الاستبراء فالحمد لله الذى وفقنا لاستعماله انتهى كلام الشيخ فى الفتوحات هميشه در صدد عيب جوئى خويشيم ... نبوده ايم بى عيب ديكران هركز واللّه الموفق لصالحات الاعمال وحسنات الاخلاق |
﴿ ٠ ﴾