سُورَةُ سَبَأٍ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً

١

{ الحمد لله } الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركى لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال

{ الذى له } خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالايجاد والاعدام والاحياء والاماتة

{ ما فى السموات وما فى الارض } اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجى لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والارض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال

{ له الحمد فى الاولى والآخرة } وهذا القول اى الحمد لله الخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه

{ وله الحمد فى الآخرة } بيان لاختصاص الحمد الاخروى به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوى به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار واطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله

{ الحمد لله الذى صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء } وقوله

{ الذى احلنا دار المقامة من فضله } الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله

{ الحمد لله الذى هدانا لهذا } اى لما جزاؤه هذه الايمان والعمل الصالح

يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع

احدها حين نودى

{ وامتاز اليوم ايها المجرمون } فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون

{ الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين } كما قال نوح عليه السلام حين انجاه اللّه من قومه

والثانى حين جاوزوا الصراط قالوا

{ الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن } والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا { الحمد لله الذى هدانا لهذا }

الرابع لما دخلوا الجنة واستقبلهم الملائكة بالتحية قالوا

{ الحمد لله الذى احلنا دار المقامة } والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا

{ الحمد لله الذى صدقنا وعده واورثنا الارض } والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا

{ الحمد لله رب العالمين } والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثانى على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر ( انهم يلهمون التسبيح مكا يلهمون النفس ) [ وكفته اند مجموع اهل آخرت مرورا حمد كويند دوستان اورا بفضل ستايند ودشنمان بعدل ]

يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل اذ لا اعتبار بحال اهل العدل كما لا يخفى

{ وهو الحكيم } الذى احكم امور الدين والدنيا ودبرهما حسبما تقضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة

{ الخبير } بليغ الخبرة والعلم ببواطن الاشياء ومكنوناتها ثم بين كونه خبيرا

﴿ ١