سُورَةُ فَاطِرٍ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً‏‏

١

{ الحمد لله } اى كل المحامد مختصة باللّه تعالى لا تتجاوز منه الى من سواه وهو وان كان فى الحقيقة حمد اللّه لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه

واعلم ان الحمد يتعلق بالنعمة والمحنة اذ تحت كل محنة منحة فمن النعمة العطاس وذلك لانه سبب لانفتاح المسلم اى ثقب الجسد واندفاع الابخرة المحتبسة عن الدماغ الذى فيه قوة التذكر التفكر فهو بحران الرأس كما ان العرق بحران بدن المريض ولذا اوجب الشارع الحمد للعاطس

قال ابن عباس رضى اللّه عنهما من سبق العاطس بالحمد لله وقى وجع الرأس والاضراس ومن المحنة النجشى وفى الحديث ( من عطس او تجشا فقال الحمد على كل حال دفع اللّه بها عنه سبعين داء اهونها الجذام )

والتجشى تنفس المعدة : وبالفارسية [ بدروغ شدن ] وذلك لان التجشى انما يتولد عليه انه السلام كان يقول عند كل مصيبة ( الحمد لله على كل حال ) ثم رتب الحمد على نعمة الايجاد او لا اذ لا غاية وراءها اذ كل كمال مبنى عليها فقال

{ فاطر السموات والارض } اضافته محضة لانه بمعنى الماضى فهو نعت للاسم الجليل ومن جعلها غير محضة جعله بدلا منه وهو قليل فى المشتق والمعنى مبدعهما وخالقهما ابتداء من غير مثال سبق من الفطر بالفتح بمعنى الشق او الشق طولا كما ذهب اليه الراغب كأنه شق العدم باخراجهما منه والفطر بالكسر ترك الصوم وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ما كنت ادرى ما فاطر السموات حتى اختصم الىّ اعرابيان فى بئر فقال احدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها قال المبرد فاطر خالق مبتدئ

ففيه اشارة الى ان اول كل شئ تعلقت به القدرة سموات الارواح وارض النفوس

واما الملائكة فقد خلقت بعد خلق ارواح الانسان يدل عليه تأخير ذكرهم كما قال

{ جاعل الملائكة رسلا } اضافته محضة ايضا على انه نعت آخر للاسم الجليل ورسلا منصوب بجاعل واسم الفاعل بمعنى الماضى وان كان لا يعمل عند البصريين الا معرفا باللام الا انه بالاضافة اشبه المعرف باللام فعمل عمله فالجاعل بمعنى المصير والمراد بالملائكة جبرائيل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل والحفظة ونحوهم

ويقال لم ينزل اسرافيل على نبى الا على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم نزل فاخبره بما هو كائن الى يوم القيامة ثم عرج

وفى انسان العيون نزل عليه ستة اشهر قبل نبوته فكان عليه السلام يسمع صوته ولا يرى شخصه . والرسل جمع رسول بمعنى المرسل والمعنى مصير الملائكة وسائط بينه تعالى وبين انبيائه والصالحين من عباده يبلغون اليهم رسالاته الهىّ ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى الهاما والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا

{ اولى اجنحة } صفة لرسلا واولوا بمعنى اصحاب اسم جمع لذو كما ان اولاء اسم جمع لذا وانما كتبت الواو بعد الالف حالتى الجر والنصب لئلا يلتبس بالى حرف الجر وانما كتبوه فى الرفع حملا عليهما.

والاجنحة جمع جناح بالفارسية [ بروبال ]

{ مثنى وثلاث ورباع } صفات لاجنحة فهى فى موضع خفض ومعناها اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة اى ذوى اجنحة متعددة متفاوتة فى العدد حسب تفاوت مالهم من المراتب ينزلون بها من السماء الى الارض ويعرجون او يسرعون بها فان ما بين السماء والارض وكذا ما بين السموات مسيرة خمسمائة سنة وهم يقطعونها فى بعض الاحيان فى وقت واحد ففى تعدد الاجنحة اشارة الى كمالية استعداد بعض الملائكة على بعض والمعنى ان من الملائكة خلقا لكل منهم جناحان وخلقا لكل منهم ثلاثة وخلقا آخر لكل منهم اربعة

قال الكاشفى [ مثنى دو دو براى طيران وثلاث سه سه ورباع جهار جهار براى آرايش ] انتهى

روى ان صفنا من الملائكة له ستة اجنحة بجناحين منها يلفون اجسادهم وبآخرين منها يطيرون فيما امروا به من جهته تعالى وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من اللّه تعالى ويفهم من كلام بعضهم ان الطيران بكل الاجنحة كما قال عرف تعالى الى العباد بافعاله وندبهم الى الاعتبار بها فمنها ما يعلمونه معاينة من السماء والارض وغيرهما ومنها ما سبيل اثباته الخبر والنقل لا يعلم بالضرورة ولا بدليل العقل فالملائكة منه ولا يتحقق كيفية صورتهم واجنحتهم وانهم كيف يطيرون باجنحتهم الثلاثة والاربعة لكن على الجملة يعلم كمال قدرته وصدق حكمته انتهى

روى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انه رأى جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق الى المغرب ودل هذا وكذا كل ما فيه زيادة على الاربع انه تعالى لم يرد خصوصية الاعداد ونفى ما زاد عليها

وذكر السهيلى ان المراد بالاجنحة فى حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كاجنحة الطير ولا ينافى ذلك وصف كل جناح منها بانه يسد ما بين المشرق والمغرب هذا كلامه كما فى انسان العيون

يقول الفقير لا يجوز العدول عن الظاهر مع امكان الحمل على الحقيقة وقد تظاهرت الروايات الدالة على اثبات الاجنحة للملائكة وان لم تكن كاجنحة الطير من حيث ان اللّه تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة وان كانوا روحانيين لكن لهم اجسام لطيفة فلا يمنع ان يكون للاجسام اجنحة جسمانية كما لا يمنع ان يكون للارواح اجنخة روحانية نورانية كما ثبت لجعفر الطيار رضى اللّه عنه

والحاصل ان المناسب لحال العلويين ان يكونوا طائرين كما ان المناسب لحال السفليين ان يكونوا سائرين ومن امعن النظر فى خلق الارض والجو عرف ذلك ويؤيد ما قلنا ان البراق وان كان فى صورة البغل فى الجملة لكنه لما كان علويا اثبت له الجناح نعم ان الاجنحة من قبيل الاشارة الى القوة الملكية والاشارة لا تنافى العبارة هذا

وفى كشف الاسرار وردت فى عجائب صور الملائكة اخبار يقال ان حملة العرش لهم قرون وهم فى صورة الاوعال : يعنى [ بزان كوهى ] وفى الخبر

( ان فى السماء ملائكة نصفهم ثلج ونصفهم نار تسبيحهم يا من يؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب المؤمنين )

وقيل لم يجتمع اللّه فى الارض لشئ من خلقه بين الاجنحة والقرون والخراطيم والقوائم الا لا ضعف خلقه وهو البعوض وفيه ايضا [ هرجندكه فرشتكان مقربان دركاه عزت اند وطاوسان حضرت با اين مرتبت خاكيان مؤمنان برايشان شرف دارند ] كما قال عليه السلام ( المؤمن اكرم على اللّه من الملائكة الذين عنده ) فالملائكة ان طاروا من الارض الى السماء فى اسرع وقت فاهل الشهود طاروا الى ما فوق السماء فى لمحة بصر فلهم اجنحة من العقول السليمة والالباب الصافية والتوجهات المسرعة والجذبات المعجلة اجتهدوا وسلكوا ثم صاروا ثم طاروا طيرانا عجز عنده الملائكة وحاروا واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( لى مع اللّه وقت لا يستعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل )

بربساط بوريا سير دو عالم ميكنيم ... باوجود نى سوارى برق جولانيم ما

جون باوج حق بريم عاجز شوداز ماملك ... كرد باد لا مكانى طرفه سيرانيم ما

{ يزيد } اللّه تعالى : يعنى [ زياده ميكند ومى افزايد ] فان زاد مشترك بين اللازم والمتعدى وليس فى اللغة ازاد

{ فى الخلق } فى أى خلق كان من الملائكة وغيرهم فاللام للجنس والخلق بمعنى المخلوق

{ ما يشاء } كل ما يشاء ان يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الامور التى لا يحيط بها الوصف فليس تفاوت احوال الملائكة فى عدد الاجنحة وكذا تفاوت احوال غيرهم فى بعض الامور تستدعيه ذواتهم بل ذلك من احكام المشيئة ومتقضيات الحكم وذلك لان اختلاف الاصناف بالخواص والفصول بالانواع ان كان لذواتهم المشتركة لزم تنافى لوازم الامور المتفقة وهو محال

والآية متناولة لزيادات الصور والمعانى

فمن الاولى حسن الصورة خصوصا الوجه قيل ما بعت اللّه نبيا الاحسن الشكل وكان نبينا عليه السلام املح : يعنى [ بر يوسف عليه السلام مليحتر وشيرين تر بود ] فمن قال كان اسود يقتل كما فى هدية المهديين الا ان لا يريد التقبيح بل الوصف بالسمرة والاسود العرب كما ان الاحمر العجم كما قال عليه السلام ( بعثت الى الاسود والاحمر )

آن سيه جرده كه شير ينئ عالم با اوست ...

ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشعر الحسن والصوت الحسن وكان نبينا عليه السلام طيب النغمة وفى الحديث ( لله اشد اذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة الى قينته ) اى من استماع مالك جارية مغنية اريد هنا المغنية وفى الحديث ( زينوا القرآن باصواتكم ) اى اظهروا زينته بحسن اصواتكم والا فجل كلام الخالق ان يزينه صوت مخلوق ورخص تحسين الصوت والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة او نقصان فى الحروف

جنانكه ميرود ازجاى دل بوقت سماع ... هم از سماع بمأواى خود كند برواز

خدايرا حدئ عاشقانة سركن ... كه بى حدى نشود قطع راه دور ودراز

ومنها حسن الحظ وفى الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( الخط الحسن يزيد الحق وضحا ) وهو بالفتح الضوء والبياض وفى الحديث ( عليكم بحسن الخط فانه من مفاتيح الرزق )

يقول الفقير حسن الخط مما يرغب فيه الناس فى جميع البلاد فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية وان كانت من الزيادات لا من المقاصد وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج الى الغير فيكون المنة لله على كل حال

برو بحسن خطت دل فراخ كن يارا ... زتنكدستى مبر شكوه اهل دنيارا

ومن الثانية كمال العقل وجزالة الرأى وجراءة القلب وسماحة النفس وغير ذلك من الزيادات المحمودة [ در حقايق سلمى آورده كه تواضع در اشراف وصخا در اغنيا وتعفف در فقرا وصدق در مؤمنان وشوق در محبان

امام قشيرى فرموده كه علوهمت است همنت عالى كسى را دهدكه خود خواهد ] فالمراد بعلوا الهمة التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى

همانى جون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست ... دريغا ساية همت كه برنا اهل افكندى

ويقال يزيد فى الجمال والكمال والدمامة

يقول الفقير هذا المعنى لا يناسب مقام الامتنان كما لا يخفى على اهل الاذعان

{ ان اللّه على كل شئ قدير } بليغ القدرة على كل شئ ممكن وهو تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فان شمول قدرته تعالى لجميع الاشياء مما يوجب قدرته على ان يزيد كل ما يشاؤه ايجابا بينا فقد ابان سبحانه ان قدرته شاملة لكل شئ ومن الاشياء الانقاذ من الشهوات والاخراج من الغفلات والادخال فى دائرة العلم والشهود الذى هو من باب الزيادات فمن استعجز القدرة الالهية فقد كفر ألا ترى الى حال ابراهيم بن ادهم حيث تجلى اللّه له بجمال اللطف الصورى اولا واعطاه الجاه السلطنة ثم منّ له باللطف المعنوى ثانيا حيث انقذه من حبس العلاقات وخلصه من ايدى الكدورات وشرفه بالوصول الى عالم الاطلاق والدخول فى حرم الوفاق حكى انه كان سبب خروج ابراهيم بن ادهم عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من ابناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا ثم ارنبا فبينما هو فى طلبه اذ هتف به هاتف ألهذا خلقت ام بهذا امرت ثم هتف به من قربوس سرجه واللّه ما لهذا خلقت ولا بهذا امرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعى من صوف فلبسها واعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان وحكى ان الشيخ ابا الفوارس شاهين بن شجاع الكرمانى رضى اللّه عنه خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سبع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه السلام عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن اللّه اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك اللّه الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه اذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيها الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ الذّ منه ولا ابرد ولا اعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها اللّه الى خدمتى الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان فهذان الملكان بالكسر صارا ملكين بالفتح بقدرة اللّه تعالى فجاء فى حقهما يزيد فى الخلق ما يشاء واللّه الموفق

٢

{ ما يفتح اللّه للناس من رحمة } ما شرطية فى محل النصب ببفتح . والفتح فى الاصل ازالة الاغلاق وفى العرف الظفر ولما كان سببا للارسال والاطلاق استعير له بقرينة لا مرسل له مكان الفاتح

وفى الارشاد والابهام اى أى شئ يفتح اللّه من خزائن رحمته أية رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة الى غير ذلك : وبالفارسية [ آنكه بكشايد خداى براى مردمان وفرستد بديشان از بخشايش خويش جون نعمت وعافيت وصحت ]

{ فلا ممسك لها } اى لا احد من المخلوقات يقدر على امساكها وحبسها فانه لا مانع لما اعطاه

قيل الفتح ضربان فتح الهى وهو النصرة بالوصول الى العلوم والهدايات التى هى ذريعة الى الثواب والمقامات المحمودة فذلك قوله

{ انا فتحتا لك فتحا مبينا } وقوله

{ فعسى اللّه ان يأتى بالفتح او امر من عنده } والثانى فتح دنيوى وهو النصرة فى الوصول الى اللذات البدنية وذلك قوله

{ ما يفتح اللّه للناس من رحمة } وقوله

{ لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض } { وما يمسك } اى لا احد من الموجودات يقدر على ارساله واعطائه فانه لا معطى لما منعه . واختلاف الضمير بالتذكير والتأنيث لما ان مرجع الاول مفسر بالرحمة ومرجع الثانى مطلق فى كل ما يمسكه من رحمته وغضبه . ففى التفسير الاول وتقييده بالرحمة ايذان بان رحمته سبقت غضبه اى فى التعلق والا فهما صفتان لله تعالى لا تسبق احداهما الاخرى فى ذاتهما

{ من بعده } على تقدير المضاف اى من بعد امساكه ومنعه كقوله

{ فمن يهديه من بعد اللّه } اى من بعد هداية اللّه

{ وهو العزيز } الغالب على كل ما يشاء من الامور التى من جملتها الفتح والامساك فلا احد ينازعه

{ الحكيم } الذى يفعل ما يشاء حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة

وعن المغيرة بن شعبة رضى اللّه عنه كان النبى عليه السلام يقول فى دبر الصلاة ( لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير اللهم لا مانع لام اعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) وهو بالفتح الحظ والاقبال فى الدنيا اى لا ينفع الفتى المحظوظ حظه منك اى بدل طاعتك وانما ينفع العمل والطاعة

وعن معاذ رضى اللّه عنه مرفوعا ( لا تزال يد اللّه مبسوطة على هذه الامة ما لم يرفق خيارهم بشرارهم ويعظم برّهم فاجرهم ويعن قراؤهم امراءهم على معصية اللّه فاذا فعلوا نزع اللّه يده عنهم )

صاحب كشف الاسرار [ كويد ارباب فهم بدانندكه اين آيت درباب فتوح مؤمنان وارباب عرفانست وفتوح آنرا كويند كه ناجسته وناخواسته آيد وآن دوقسمت يكى مواهب صورية جون رزق نامكتسب وديكر مطالب معنوية وآن علم لدنيست ن آموخته ]

دست لطفش منبع علم وحكم ... بى قلم برصفحة دل زد رقم

علم اهل دل نه از مكتب بود ... بلكه از تلقين خاص رب بود

فعلى العاقل ان يجتهد حتى يأتى رزقه الصورى والمعنوى بلا جهد ومشقة وتعب روى عن الشيخ ابى يعقوب البصرى رضى اللّه عنه انه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجدت ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادى لعلى اجد شيأ يسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فاذا برجل جاء فجلس بين يدىّ ووضع قمطرة وقال هذه الك فقلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كما فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا اللّه ان يتصدق بشئ ونذرت انا ان خلصنى اللّه ان اتصدق بهذه على اول من يقع عليه بصرى من المجاورين وانت اول من لقيته قلت افتحها ففتحها فاذا فيها كعك ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا وقلت ردّ الباقى الى صبيانك هدية متى اليهم وقد اليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير اليك منذ عشرة

صائب فريب نعمت الوان نمى خوريم ... روزى خود زخوان كرم ميخوريم ما

وقال

كشاد عقدة روزى بدست تقديراست ... مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار

اللهم افتح لنا خير الباب وارزقنا مما رزقت اولى الالباب انك مفتح الابواب

٣

{ يا ايها الناس } عامة فاللام للجنس او يا اهل مكة خاصة فاللام للعهد

{ اذكروا نعمت اللّه عليكم } نعمة رسمت بالتاء فى احد عشر موضعا من القرآن ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو كثير وابو عمرو والكسائى ويعقوب اى انعامه عليكم ان جعلت النعمة مصدرا وكائنة عليكم ان جعلت اسما اى راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بمعطيها سواء كانت نعمة خارجة كالمال والجاه او نعمة بدنية كالصحة والقوة او نعمة نفسية كالعقل والفطنة ولما كان ذكر النعمة مؤديا الى ذكر المنعم قال بطريق الاستفهام الانكارى

{ هل من خالق غير اللّه } اى هل خالق مغاير له تعالى موجود اى لا خالق سواه على ان خالق مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه من تأكيدا للعموم وغير اللّه نعت له باعتبار محله كما انه نعت له فى قراءة الجر باعتبار لفظه

قال فى الاسئلة المفحمة اى حجة فيها على المعتزلة الجواب انه تعالى اخبر بان لا خالق غيره وهم يقولون نحن نخلق افعالنا وقوله من صلة وذلك يقتضى غاية النفى والانتفاء

{ يرزقكم من السماء والارض } اى المطر من السماء والنبات من الارض وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب ولا مساغ لكونه صفة اخرى لخالق لان معناه نفى وجود خالق موصوف بوصفى المغايرة والرازقية معا من غير خالق مغاير له تعالى من غير تعرض لنفى وجوده رأسا مع انه المراد حتما وفائدة هذا التعريف انه اذا عرف انه لا رازق غيره لم يعلق قلبه باحد فى طلب شئ ولا يتلل للانفاق لمخلوق وكما لا يرى رزقه من مخلوق لا يراه من نفسه ايضا فيتخلص من ظلمات تدبيره واحتياله وتوهم شئ من امثاله واشكاله ويستريح بشهود تقديره

قال شيخى وسندى روّح اللّه روحه فى بعض تعليقاته يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو القيتها الينا واسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا اللّه واياكم هكذا بفضله آمين

{ لا اله الا هو } واذا تبين تفرده تعالى بالالوهية والخالقية والرازقية

{ فأنى } فمن أى وجه

{ تؤفكون } تصرفون عن التوحيد الى الشرك وعن عبادته الى عبادة الاوثان فالفاء لترتيب انكار عدولهم عن الحق الى الباطل على ما قبلها

٤

{ وان يكذبوك } اى وان استمر المشركون على ان يكذبوك يا محمد فيما بلغت اليهم فلا تحزن واصبر

{ فقد كذبت رسل } اولوا شأن خطير وذووا عدد كثير

{ من قبلك } فصبروا وظفروا

{ والى اللّه } لا الى غيره

{ ترجع الامور } من الرجع وهو الرد اى ترد اليه عواقبها فيجازى كل صابر على صبره وكل مكذب على تكذيبه

وفى التأويلات النجمية يشير الى تسلية الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم واولياء امته وتسهيل الصبر على الاذية اذا علم ان الانبياء عليهم السلام استقبلهم مثل ما استقبله وانهم لما صبروا لله كفاهم علم انه يكفيه بسلوك سبيلهم والاقتداء بهم وليعلم ارباب القلوب ان حالهم مع الاجانب من هذه الطريقة كاحوال الانبياء مع السفهاء من اممهم وانهم لا يقبلون منهم الا يقبلون منهم الا القليل من اهل الارادة وقد كان اهل الحقائق ابدا منهم فى مقاساة الاذية ولا يتخلصون الا بستر حالهم عنهم والعوام اقرب الى هذه الطريقة من القراء المتقشفين والعلماء الذين همم لهذه الاصول منكرون واقرار المقرين وانكار المنكرين ليس يرجع اليهم بل يرجع الى تقدير عليم حكيم يعلم المبدأ والمعاد ويدبر على وفق ارادته الاحوال

فعلى العاقل ان يختار طريق العشق والاقرار وان كان فيه الاذى والملامة ويجتنب عن طريق النفى والانكار وان كان فيه الراحة والسلامة فان ذرة من العشق خير للعاشقين من كثير من اعمال العابدين : قال الحافظ

هرجند غرق بحر كناهم زصد جهت كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم

وطريق العشق هو التوحيد واثبات الهوية بالتفريد كما قال

{ لا اله الا هو } وهو كناية عن موجود غائب والغائب عن الحواس الموجود فى الازل هو اللّه تعالى وهو ذكر كل من المبتدى والمنتهى اما المبتدى ففى حقه غيبه لانه من اهل الحجاب

واما المنتهى ففى حقه حضور لانه من اهل الكشف فلا يشاهد الا الهوية المطلقة وهو مركب فى الحس من حرفين وهما ( هو ) وفى العقل من حرفين ايضا وهما ( اى ) فكانت حروفه فى الحس والعقل اربعة لتدل على الاحاطة التربيعية التى هى احاطة هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولما كانت الاولية والآخرية اعتبارين عقليين دل عليهما بالالف والياء ولما كانت الظاهرية والباطنية اعتبارين حسيين دل عليهما بالهاء والواو فالف هو غيب فى هائه وياؤه غيب فى واوه

واعلم ان الذكر خير من الجهاد فان الثواب الغزو والشهادة فى سبيل اللّه حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال ( انا جليس من ذكرنى ) وشهود الحق افضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وشرط الذكر الحضور بالقلب والروح وجميع القوى

حضور قلب ببايدكه حق شود مشهود ... وكرنه ذكر مجرد نمى دهد يك سود

٥

{ يا ايها الناس ان وعد اللّه } بالبعث والجزاء

{ حق } ثابت لا محالة لا خلف فيه

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما وعد به اللّه من الثواب والعقاب والدرجات فى الجنة والدركات فى النار والقربات فى اعلى عليين وفى مقعد صدق عند مليك مقتدر والبعد الى اسفل سافلين حق فاذا علم ذلك استعد للموت قبل نزول الموت ولم يهتم للرزق ولم يتهم الرب فى كفاية الشغل ونشط فى استكثار الطاعة ورضى بالمقسوم

{ فلا يغرنكم الحياة الدنيا } بان يذهلكم التمتع بها عن طلب الآخرة والسعى لها وتقطعكم زينتها وشهواتها عن الرياضيات والمجاهدات وترك الاوطان ومفارقة الاخوان فى طريق الطلب والمراد نهيهم عن الاغترار بها وان توجه النهى صورة اليها

وفى بعض الآثار ( يا ابن آدم لا يغرنك طول المهلة فانما يعجل بالاخذ من يخاف الفوت )

وعن العلاء بن زياد فقالت انا الدنيا فى منامى قبيحة عمشاء ضعيفة عليها من كل زينة فقلت من انت اعوذ باللّه منك فقالت انا الدنيا فان سرك ان يعيذك اللّه منى فابغض منى فابغض الدراهم يعنى لا تمسكها عن النفقة فى موضع الحق وفى الحديث ( الدنيا غنيمة الاكياس وغفلة الجهال ) وذلك لان الاكياس يزرعون فى مزرعة الدنيا انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل ان الدنيا مزرعة انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل الدنيا مزرعة الآخرة

نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى ييش دانا به از عالميست

دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست باكس كه دل برنكند

{ ولا يغرنكم باللّه } وكرمه وعفوه وسعة رحمته

{ الغرور } فعول صيغة مبالغة كالشكور والصبور وسمى به الشيطان لانه لا نهاية لغروره : بالفارسية [ فريفتن ]

وفى المفردات الغرور كل ما يغر الانسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان اذ هو اخبث الغارين وبالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر . والمعنى ولا يغرنكم باللّه الشيطان المبالغ فى الغرور با يمنيكم المغفرة مع الاصرار على المعاصى قائلا اعملوا ما شئتم ان اللّه غفور يغفر الذنوب جميعا وانه غنى عن عبادتكم وتعذيبكم فان ذلك وان امكن لكن تناول الذنوب بهذا التوقع من قبيل تناول السم اعتمادا على دفع الطبيعة فاللّه تعالى وان كان اكرم الاكرمين مع اهل الكرم لكنه شديد العقاب مع اهل العذاب [ بزركان فرمود اندكه يكى مصائد ابليس تسويفست در توبة يعنى توبة بنده رادر تأخير افكند كه فرصت باقيست عشرت نقد از دست مده ]

امشب همه شب يار ومى وشاهد باش ... جون روز شود توبة كن وزاهد باش

[ عاقل بايدكه بدين فريب ازراه نرود وازنكتة ( الفرصة تمر مر السحاب ) غافل نكردد ]

عذر بافردا فكندى عمر فردار راكه ديد ...

٦

{ ان الشيطان عدو } عداوة قديمة بما فعل بابيكم ما فعل لا تكاد تزول وتقديم لكم للاهتمام به

{ فاتخذوه عدوا } بمخالفتكم له فى عقائدكم وافعالكم وكونكم على حذر منه فى جميع احوالكم [ از بزركى برسيدندكه جكونه شيطانرا دشمان كيريم كفت از بى آرزو مرويد ومتابع هواى نفس مشويد وخرجه كنيد بايدكه موافق شرع ومخالف طبع بود ] فلا تكفى العداوة باللسان فقط بل يجب ان تكون بالقلب والجوارح جميعا ولا يقوى المرء على عداوته الا بملازمة الذكر ودوام الاستعانة بالرب فان من هجم عليه كلاب الراعى يشكل عليه دفعها الا ان ينادى الراعى فانه يطردها بكلمة منه

{ ان يدعو } الشيطان

{ حزبه } جماعته واتباعه

قال فى التأويلات حزبه المعرضون عن اللّه المشتغلون بغير اللّه

{ ليكونوا } اى حزبه

{ من اصحاب السعير } : يعنى [ جزاين نيست كه مى خواند شيطان باتباع هوى وميل بدنيا كروه خودرا يعنى بى روان وفرمان بردار نرا تاباشند در آخرت باآواز ياران آتش يعنى ملازمان دوزخ ]

قال فى الارشاد تقرير لعداوته وتحذير من طاعته بالتنبيه على ان غرضه فى دعوة شيعته الى اتباع الهوى والركون الى ملاذ الدنيا ليس تحصيل مطالبهم ومنافعهم الدنيوية كما هو مقصد المتحابين فى الدنيا عند سعى بعضهم فى حاجة بعض بل هو توريطهم والقاؤهم فى العذاب المخلد من حيث لا يحتسبون

٧

{ الذين كفروا } اى ثبتوا على الكفر بما وجب به الايمان واصروا عليه

{ لهم } بسبب كفرهم واجابتهم لدعوة الشيطان

{ عذاب شديد } معجل ومؤجل . فمعجلة تفرقة وانسداد بصائرهم وخساسة همتهم حتى انهم يرضون بان يكون معبودهم الاصنام والهوى والدنيا والشيطان . ومؤجلة عذاب الآخرة وهو مما لا تخفى شدته وصعوبته

{ والذين آمنوا } ثبتوا على الايمان واليقين

{ وعملوا الصالحات } اى الطاعات الخالصة لله تحصيلا لزيادة نور الايمان

{ لهم } بسبب ايمانهم وعملهم الصالح الذى من جملته عداوة الشيطان

{ مغفرة } عظيمة وهى فى المعجل ستر ذنوبهم ولولا ذلك لافتضحوا وفى المؤجل محوها من ديوانهم ولولا ذلك لهلكوا

{ واجر كبير } لا غاية له وهو اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وما يناله فى قلبه من زوائد اليقين وخصائص الاحوال وانواع المواهب وفى الآخرة تحقيق المسؤل ونيل ما فوق المأمول

قيل مثل الصالحين ومازينهم اللّه به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض علىّ غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا على سائر الجند عند العرض على الملك فاللّه تعالى وفقهم للاعمال الصالحة وزينهم بالطاعات الخالصة وحلاهم بالتوجهات الصافية بتوفيقه الخاص قصدا الى الاصطفاء والاختصاص فميزهم بها فى الدنيا عن سائرهم وباجورهم العظيمة فى الآخرة لمفاخرهم فليحمد اللّه كثيرا من استخدامه اللّه واستعمله فى طريق طاعته وعبادته فان طريق الخدمة قلّ من يسلكه خصوصا فى هذا الزمان وسبيل العشق ندر من يشرع فيها من الاخوان : قال الحافظ

نشان اهل هدا عاشقيست باخود دار ... كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم

ولله عباد لهم قلوب الهموم عمارتها والاحزان اوطانها والعشق والمحبة قصورها وبروجها

احبك حبين حب الهوى ... وحبا لانك اهل لذاكا

فاما الذى هو حب الهوى ... فذكر شغلت به عن سواكا

واما الذى انت اهل له ... فكشفك للحجب حتى اراكا

ولا حمد فى ذا ولا ذاك لى ... ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا

نسأل اللّه سبحانه ان يعمر قلوبنا بانواع العمارات ويزين بيوت بواطننا باصناف الارادات ويحشرنا مع خواص عباده الذين لهم اجر كبير وثواب جزيل ويشرفنا بمطالعة انوار وجهه الجميل انه المرجو فى الاول والآخر والباطن والظاهر

٨

{ أفمن زين له } [ التزيين : آراستن ]

{ سوء عمله } اى قبيح عمله بالفارسية [ زشت وبد ]

{ فرآه حسنا } فظنه جميلا لان رأى اذا عدّى الى مفعولين اقتضى معن الظن والعلم والمعنى ابعد تباين عاقبتى الفريقين يكوم من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح اى لا يكون فحذف ما حذف دلالة ما سبق عليه

{ فان اللّه يضل } الى آخره تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئة اللّه تعالى اى فانه تعالى يضل

{ من يشاء } ان يضله لاستحسانه الضلال وصرف اختياره اليه فيرده الى اسفل سافلين

{ ويهدى من يشاء } ان يهديه لصرف اختياره الى الهدى فيرفعه الى اعلى عليين

{ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } الفاء للسببية فان ما سبق للنهى عن التحسر . والذهاب المضىّ وذهاب النفس كناية عن الموت . والحسرة شدة الحزن على ما فات والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذى حمله على ما ارتكبه : وقوله حسرات مفعول له والجمع للدلالة على تضاعف اغمّامه عليه السلام على احوالهم او على كثرة قبائح اعمالهم الموجبة للتأسف والتحسر وعليهم صلة تذهب كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز ان يتعلق بحسرات لان المصدر لا تتقدم عليه صلته والمعنى اذا عرفت ان الكل بمشيئة اللّه فلا تهلك نفسك للحسرات على غبهم واصرارهم والغموم على تكذيبهم وانكارهم : وبالفارسية [ بس بايدكه نرود جان تو بعنى هلاك نشود براى حسر تهاى متوالى كه مى خورى وتأسفهاى كونا كون كه دارى برفعلهاى ناخوش ايشان كه هريك مقتضئ حسرت است ] فقد بذلت لهم النصح وخرجت عن عهدة التبليغ فلا مشقة لك من بعد وانما المشقة عن عين اللّه فلا يوجد احد يرحمه

{ ان اللّه عليم } بليغ العلم

{ بما يصنعون } يفعلون من القبائح فيجازيهم عليها جزاء قبيحا فانهم وان استحسنوا القبائح لقصور نظرهم فالقبيح لا يكون حسنا ابدا

واعلم ان الكافر يتوهم ان عمله حسن كما قال تعالى

{ وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا } ثم الراغب فى الدنيا يجمع حلالها وحرامها ولا يتفكروا فى زوالها ولا فى ارتحاله عنها قبل كمالها فقد زين له سوء عمله

شد قواى جملة اجراى جسمت درفنا ... باهزاران آرزو وست وكريبانى هنوز

ثم الذى يتوهم انه اذا وجد نجاته ودرجاته فى الجنة فقد استراح واكتفى فقد زين له سوء عمله حيث تغافل عن حلاوة مناجاة ربه فانها فوق نعيم الجنان

ماييم وهمين عاشقى ولذت ديدار ... زاهد تو برو در طلب خلد برين باش

فمن زين له الدنيا بشهواتها ليس كمن زين له العقبى بدرجاتها ومن زين له نعيم العقبى ليس كمن زين له جمال المولى اى لا يستوى هذا وذاك فاصرف الى الاشهى هواك واللّه تعالى هو مبدأ كل حسن فمن وصل اليه حسن بحسن ذاته وصفاته وافعاله واعماله ومن وجده وجد كل شئ ومن لم يجده لم يجد شيأ وان وجد الدنيا كلها [ نقلست كه ابراهيم بن ادهم قدس سره روزى برلب دجلة نشسته بود خرقة مى دوخت سوزنش بدريا افتدي كى ازو برسيد كه ملك جنان از دست دادى جه يافتى اشارت بدريا كرد كه سوزنم بدهيد قرب هزار ما هى برآمد هر يكى سوزن زرين برلب كرفته كفت سوزن من خواهم ماهيكه ضعيف برآمد وسوزن او آورد بستد وكفت كمترين جيزى كه يا فتم اين است باقى تو ندانى ] فهذا من ثمرات الهداية الخاصة ونتائج النيات الخالصة والاعمال الصالحة وحسن الحال مع اللّه تعالى ولا يحصل الا لمن اخذ الامر من طريقه فاصلح الطبيعة فى مرتبة الشريعة والنفس فى مرتبة الطريقة وحسن ما حسنه الشرع والعقل السليم وقبح ما قبحه كل منهما فاما اصحاب الاهواء والبدع فقد زين لهم سوء اعمالهم ويناتهم من جهة الشيطان فضلوا طريق الهدى والسنة نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا على صراطه المستقيم الذى سلكه اهل الدين القويم ويهدينا الى الاعمال الحسنة ويحلينا بالاخلاق المستحسنة

٩

{ واللّه } وحده وهو مبتدأ خبره قوله

{ الذى ارسل الرياح } الارسال فى القرآن على معنيين . الاول بمعنى [ فرستادن ] كما فى قوله تعالى

{ انا ارسلناك } والثانى بمعنى [ فرو كشادن ] كما فى قوله تعالى { ارسل الرياح }

وفى المفردات الارسال يقال فى الانسان وفى الاشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع ونحو

{ انا ارسلنا الشياطين على الكافرين } والارسال يقابل الامساك . والرياح جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك اصله روح ولذا يجمع على ارواح

واما ارياح قياسا على رياح فخطأ

قال صاحب كشف الاسرار [ اللّه است كه فرو كشايد بتقدير وتدبير خويش بهنكام دربايست وباندازة دربايست بادهاى مختلف ازمخارج مختلف ] اراد بها الجنوب والشمال مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا

واما الشمال بالفتح ويكسر فمهبها بين مطلع الشمس وبنات النعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا

واما الصبا فمهبها من جانب المشرق اذا استوى الليل والنهار سميت بها لانها تصبو اليها النفوس اى تميل ويقال لها القبول ايضا بالفتح لانها تقابل الدبور او لانها تقابل باب الكعبة او لان النفس تقبلها

{ فتثير سحابا } تهيجه وتنشره بين السماء والارض لا نزال المطر فانه مزيد ثار الغبار اذا هاج وانتشر ساطعا

قال فى تاج المصادر [ الاثارة : برانكيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد ] والسحاب جسم يملأه اللّه ماء كما شاء

وقيل بخار يرتفع منا البحار والارض فيصيب الجبال فيستمسك ويناله البرد فيصير ماء وينزل واصل السحب الجر كسحب الذيل والانسان على الوجه ومنه السحاب لجره الماء وصيغة المضارع مع مضى ارسل وسقنا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة ولان المراد بيان احداثها لتلك الخاصية ولذلك اسند اليها

{ فسقناه الى بلد ميت } السوق بالفارسية [ راندن ] والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه واقامتهم فيه ولاعتبار الاثر قيل بجلده بلد اى اثر والبلد الميت هو الذى لا نبت فيه قد اغبر من القحط

قال الراغب الموت يقال بازاء القوة النامية الموجودة فى النبات ومقتضى الظاهر فساقه اى ساق اللّه ذلك السحاب واجراه الى الارض التى تحتاج الى الماء وقال فسقناه الى بلد التفاتا من الغيبة الى التكلم دلالة على زيادة اختصاصه به تعالى وان الكل منه والوسائط اسباب وقال الى بلد ميت بالتنكير قصدا به الى بعض البلاد الميتة وهى بلاد الذين تبعدوا عن مظان الماء

{ فاحيينا } الفا آت الثلاث للسببية فان ما قبل كل واحدة منها سبب لمدخولها غير ان الاولى دخلت على السبب بخلاف الاخيرتين فانهما دخلتا على المسبب

{ به } اى بالمطر النازل من السحاب المدلول عليه بالسحاب فان بينهما تلازما فى الذهن كما فى الخارج او بالسحاب فانه سبب السبب

{ الارض } اى صيرناها خضراء بالنبات

{ بعد موتها } اى يبسها

{ كذلك النشور } الكاف فى حيز الرفع على الخبرية اى مثل ذلك الاحياء الذى تشاهدونه احياء الموتى واخراجهم من القبور يوم الحشر فى صحة المقدورية وسهولة التأنى من غير تفاوت بينهما اصلا سوى الالف فى الاول دون الثانى فالآية احتجاج على الكفرة فى انكارهم البعث حيث دلهم على مثال يعاينونه

وعن ابى رزين العقيلى قال قلت يا رسول اللّه كيف يحيى اللّه الموتى قال

( اما مررت بواد ممحلا ثم مررت به خضرا ) قلت بلى قال ( فكذلك يحيى اللّه الموتى ) او قال { كذلك النشور }

وقال بعضهم فى آية كذلك الشنور اى فى كيفية الاحياء فكما ان احياء الارض بالماء فكذا احياء الموتى كما روى ان اللّه تعالى يرسل من تحت العرش ماء كمنى الرجال فينبت به الاجساد كنبات البقل ثم يأمر اسرافيل فيأخذ الصور فينفخ نفخة ثانية فتخرج الارواح من ثقب الصور كامثال النحل وقد ملأت ما بين السماء والارض فيقول اللّه ليرجعن كل روح الى جسده فتدخل الارواح فى الارض الى الاجساد ثم تدخل فى الخياشيم فتمشى فى الاجساد مشى السم فى اللديغ ثم تنشق الارض فيخرجون حفاة عراة

وفى الاية اشارة الى انه تعالى من سنته اذا اراد احياء ارض يرسل الرياح فتثير سحابا ثم يوجه ذلك السحاب الى الموضع الذى يريد تخصيصا له كيف يشاء ويمطر هنالك كيف يشاء كذلك اذا اراد احياء قلب عبد يرسل اولا رياح الرجاء ويزعج بها كوامن الارادة ثم ينشئ فيه سحاب الاحتياج ولوعة الانزعاج ثم يأتى بمطر الجود فينبت به فى القلب ازهار البسط وانوار الروح ويطيب لصاحبه العيش والحضور

يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... ييشتر زانكه جو كردئ زمان برخيزم

١٠

{ من كان } [ هركه باشد ]

{ يريد العزة } الشرف والمنعة بالفارسية [ ارجمندى ]

قال الراغب العز حالة مانعة للانسان من ان يغلب من قولهم ارض عزاز اى صلبة والعزيز الذى يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالى

{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } ويذم بها اخرى كعزة الكافرين وذلك ان العزة التى لله ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية والعزة التى للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل والمراد بما فى الآية المشركون المتعززون بعباده الاصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين

{ فلله } وحده لا لغيره

{ العزة } حال كونها

{ جميعا } اى عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيأ منها اى فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله ايذانا بان اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من اراد العلم فهو عند العلماء اى فليطلبه من عندهم لان الشئ لا يطلب الا عند صاحبه ومالكه فقد اقمت الدليل مقام المدلول واثبت العزة فى آية اخرى لله ولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما ان عز الربوبية والالهية لله تعالى وصفا وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلا ومنة وفضلا فاذا العزة لله جميعا

قال الكاشفى [ وبعزة او رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او ]

عزيزى كه هركه از درش سربتافت ... بهر دركه شد هيج عزت نيافت

وفى الحديث ( ان ربكم يقول كل يوم انا العزيز فمن اراد عز الدارين فليطع العزيز ) ثم بين ما يطلب به العزة وهو الايمان والعمل الصالح فقال

{ اليه يصعد الكلم الطيب } الضمير الى اللّه تعالى وهو الظاهر . والصعود الذهاب فى المكان العالى استعير لما يصل من العبد الى اللّه كما استعير النزول لما يصل من اللّه الى العبد . والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما دهب اليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب اليه البعض واصل الطيب الذى به يطلب العزة لا الى الملائكة الموكلين باعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطى مطلوبه بالذات

وقال بعضهم الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله ( سبحان اللّه والحمد لله ولا اله الا اللّه واللّه اكبر ) ونحو ذلك مما كان كلاما طيبا

وقيل اليه يصعد اى الى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الاعمال المقبولة لا الى اللّه كما قال

{ ان كتاب الابرار لفى عليين } وقال الخليل

{ انى ذاهب الى ربى سيهدين } اى ذاهب الى الشام الذى امرنى بالذهاب اليه

فالظاهر ان الكتبة يصعدون بصحيفته الى حيث امر اللّه ان توضع او يصعد هو بنفسه

قال بعض الكبار يتجاوز العرش الى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح ثم الى المقام القلمى ثم الى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال فى الصدق والاخلاص وصحة التصور والشهود والعيان.

فعلى هذا فبعض الاعمال يتجاوز السماء وعالم الاجسام كلها فيكون محل قبوله ما فوقها مما ذكر فسدر الانتهاآت اذا كثيرة بعضها فوق بعض الى مرتبة العماء نسأل اللّه قبول الاعمال وصحت توجه البال وقوة الحال

{ والعمل الصالح يرفعه } الرفع يقال تارة فى الاجسام الموضوعة اذا اعليتها عن مقرها وتارة فى البناء اذا طولته وتارة فى الذكر اذا نوهته وتارة فى المنزلة اذا شرفتها كما فى المفردات

وفى مرجع المستكن فى يرفعه وجوه . الاول انه للكلم فان العمل لا يقبل الا بالتوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل يعنى ان التوحيد يصعد بنفسه ويرفع العمل الصالح بان يكون سببا لقوله ألا ترى ان اعمال الكفار مردودة محبطة لوجود الشرك . والثانى انه للعمل فانه يحقق الايمان ويقويه ولا ينال الدرحات العالية الا به كما فى الارشاد

قال الشيخ التوحيد انما قبل بسبب الطاعة اذ هو مع العصيانلا ينفع اى لا يمنع العقاب والاولى ما فى الارشاد فان الاعمال كالمراقى وقول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر

وقال الكاشفى فى الآية [ وعمل شايسته برميدارد آنرا وبمحل قبول ميرساند جه مجرد قول بى عمل صالح كه اخلاصست نافع نيست . يا كلم طيب دعاست وعمل صالح صدقة مساكين ودر غالب اجابت دعوات بتصدقاتست . يا كلم طيب دعاى ائمة است وعمل تأمين جماعتيان . يا كلم تكبير غزاست وعمل شمشير زدن . يا كلم استغفاراست وعمل ندم ودرين همه صور بردارندة كلمة عمل است ] . والثالث انه لله تعالى يعنى يتقبله

قال ابن عطية وهذا ارجح الاقوال وتخصيص العمل بهذا الشرف على هذا الوجه لما فيه من الكلفة

وقال فى حل الرموز قالوا كلمة ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) تصعد الى اللّه بنفسها وغيرها من الاذكار والاعمال ترفعها الملائكة كما قال تعالى

{ والعمل الصالح يرفعه } اى يرفعه الحق ويقبله على ايدى الملائكة من الحفظة والسفرة وقد روى ان دعوة اليتيم وكذا دعوة المظلوم تصعد الى اللّه بنفسها اى من غير ملائكة

وفيه معنى آخر وهو ان يرفعه بمعنى يجعله ذا قدر وقيمة مثل ثوب رفيع ومرتفع : يعنى [ قدر ومرتبة او رفيع سازد مراد عمل موحد مخلص است كه هيج جيزى بقيمت آن نيست وكاريرا كه بآن آميخته باشد ازهمه جيزى خوارتر وبى مقدار تراست ]

كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى جون تومحروم نيست

رز قلب آلوده بى قيمت است ... زريرا كه خالص بود حرمت است

وفى التأويلات النجمية بقوله

{ من كان يريد العزة } يشير الى ان الانسان خلق ذليلا مهينا محتاجا الى كل شئ ولا يحتاج شئ الى شئ كاحتياج الانسان الى الاشياء كلها ولا يحتاج الى كل شئ الا الانسان والذلة قرين الحاجة فمن ازدادت حاجته ازدادت مذلته

{ فلله العزة جميعا } لعدم احتياجه وكل شئ ذليل له لاحتياجه اليه فكلما كان احتياج الانسان كاملا كان ذلة كاملا فقال تعالى من كان الى آخره اى يطلب العزة من غير اللّه لانه ذليل ايضا لله فبقدر قطع النظر عن الاشياء وطلب العزة منها تنقص ذلة العبد وتزيد عزته الى ان لا يبقى له الاحتياج الى غير اللّه ولا يزول الاحتياج والافتقار الى غير اللّه من القلوب الا بنفى لا اله واثبات الا اللّه فبالنفى تنقطع تعلقاته عن الكونين وبالاثبات يتوجه بالكلية الى الحق تعالى فاذا لم يبق له تعلق ترجع حقيقة الكلمة الى الحضرة كما ان النار تستنزل من الفلك الاثير باصطكاك الحجر والحديد ثم يوقد بها شجرة فالنار تأكل الشجرة وتفنيها من الحطيبة وتبقيها بالنارية الى ان تفنى الشجرة بالكلية فلما لم يبق من وجود الحطب شئ ترجع النار الى الاثير وهذا سر قول اللّه

{ يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } والعمل الصالح هو اركان الشريعة فاول ركن منها كمال استنزال نار نور اللّه من اثير الحضرة باصطحاك حديد ( لا اله الا اللّه ) وحجر القلب القاسى فلما وقعت النار فى شجرة الوجود الانسانى عمل العبد بركن من الاركان الخمسة التى بنى الاسلام عليها والاركان الاربعة الباقية هى العمل الصالح الذى يقلع اصل الشجرة من ارض الدنيا ويقطعها قطعا تستعد به لقبولها النار واشتعالها بالنار واحتراقها بها لتقع النار الى ان تحترق الشجرة بالكلية وترفع بالعبور عن الشجرة الى اثير الحضرة ولما كانت الشجرة مشتعلة بتلك النار آنس موسى عليه السلام من جانب الطور نارا فلما اتاها نودى من شاطئ الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة على لسان الشعلة

{ انى انا اللّه رب العالمين } تأمله تفهم ان شاء اللّه تعالى

{ والذين يمكرون السيآت } المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة

وفى القاموس المكر الخديعة وهذا بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيئ واهلها بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح وانتصاب السيآت على انها صفة للمصدر المحذوف فان يمكر لازم لا ينصب المفعول به اى يمكرون المكرات السيآت وهى مكرات قريش بالنبى عليه السلام فى دار الندوة وتدارؤهم الرأى فى احدى الثلاث التى هى الاثبات والقتل والاخراج كما حكى اللّه عنهم فى سورة الانفال بقوله

{ واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك } { لهم } بسبب مكراتهم

{ عذاب شديد } فى الدنيا والآخرة لا يدرك غايته ولا يبالى عنده بما يمكرون به

{ ومكر اولئك } المفسدين الذين ارادوا ان يمكروا به عليه السلام.

وضع اسم الاشارة موضع ضميرهم للايذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك

{ هو } خاصة دون مكر اللّه بهم

وفى الارشاد لا من مكروا به

{ يبور } يهلك ويفسد فان البوار فرط المكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك والفساد ولقد ابارهم اللّه تعالى ابارة بعد ابارة مكراتهم حيث اخرجهم من مكة وقتلهم واثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التى اكتفوا فى حقه عليه السلام بواحدة منهن قل كل يعمل على شاكلته

فللمكر السيئ قوم اشقياء غاية امرهم الهلاك وللكلم الطيب والعمل الصالح قوم سعداء نهاية شانهم النجاة

قال مجاهد وشهر بن حوشب المراد بالآية اصحاب الرياء

وفى التأويلات النجمية بقوله

{ والذين يمكرون السيآت } يشير الى الذين يظهرون الحسنات بالمكر ويخفون السيآت من العقائد الفاسدة ليحسبهم الخلق من الصالحين الصادقين

{ لهم عذاب شديد } وشدة عذابهم فى تضعيف عذابهم فانهم يعذبون بالسيآت التى يخفونها ويضاعف لهم العذاب بمكرهم فى اظهار الحسنات دون حقيقتها كما قال تعالى

{ ومكر اولئك هو يبور } اى مكرهم يبوّرهم ويهلكهم انتهى وانما تظهر الكرامات بصدق المعاملات

قال ابو يزيد البسطامى قدس سره [ كفت شبى خانه روشن كشت كفتم اكر شيطانست من ازان عزيز ترم وبلند همت كه اورا در من طمع افتد واكر ازنزديك تست بكذار تا ازسراى خدمت بسراى كرامت رسم ] فالخدمة فى طريق الحق بالخلوص وسيلة الى ظهور الانوار وانكشاف الاسرار

وقد قيل ليس الايمان بالتمنى يعنى لا بد للتصديق من مقارنة العمل ولا بد لتحقيق التصديق من صدق المعاملة فمن وقع فى التمنى المجرد فقد اشتهى جريان السفينة فى البر

كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى

حفظنا اللّه واياكم من ترك المحافظة على الشرائع والاحكام وشرفنا بمراعاة الححدود والآداب فى كل فعل وكلام انه ميسر كل مراد ومرام

١١

{ واللّه خلقكم من تراب } دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب . وفى الحديث ( ان اللّه جعل الارض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الانخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر )

وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه

وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شئ من المخلوقات الى الحضرة لان التراب اسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الاثير السماء وهى الطف من الاثير ولكن لا تشبه لطافة السماء بلطافة ما تحتها من العناصر لان لطافة العناصر من لطافة الاجسام ولطافة السموات من لطافة الاجرام . فالفرق بينهما ان الطافة الاجسام تقبل الخرق والالتئام ولطافة السموات لا تقبل الخرق والالتئام وفوق كل سماء سماء هى ألطف منها الى الكرسى وهو ألطف من السموات وفوقه العرش وهو ألطف من الكرسى وفوقه عالم الارواح وهو الطف من العرش ولكن لا تشبه لطافة الارواح بلطافة العرش والسموات لانها لطافة الاجرام فالفرق بينهما ان لطافة الاجرام قابلة للجهات الست ولطافة الارواح غير قابلة للجهات وفوق الارواح هو اللّه القاهر فوق عباده وهو ألطف من الارواح ولكن لطافته لا تشبه لطافة الارواح لان لطافة الارواح نورانية علوية محيطة بما دونها احاطة العلم بالمعلوم واللّه تعالى فوق كل شئ وهو منزه عن هذه الاوصاف ليس كمثله شئ وهو السميع البصير العليم

{ ثم من نطفة } النطفة هى الماء الصافى الخارج من بين الصلب والترائب قل او كثر اى ثم خلقكم من نطفة خلقا تفصيليا لتكونوا قابلين لكل كمال كالماء الذى هو سر الحياة ومبدأ العناصر الاربعة

وقال بعضهم خلقكم من تراب يعنى آدم وهو اصل الخلق ثم من نطفة ذرية منه بالتناسل والتوالد

وفى التأويلات يشير الى انه خلقكم من اسفل المخلوقات وهى النطفة لان التراب نزل دركه المركبية ثم دركة النباتية ثم دركة الحيوانية ثم دركة الانسانية ثم دركة النطفة فهى اسفل سافلى المخلوقات وهى آخر خلق خلقه اللّه تعالى من اصناف المخلوقات كما ان اعلى الشجرة آخر شئ يخلقه اللّه وهو البذر الذى يصلح ان توجد منه الشجرة فالبذر آخر صنف خلق من اصناف اجزاء الشجرة

{ ثم جعلكم ازواجا } اصنافا احمر وابيض واسود او ذكرانا واناثا

وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض

وفى التأويلات يشير الى ازدزاج الروح والقالب فالروح من اعلى مراتب القرب والقالب من اسفل دركات البعد فبكمال القدرة والحكمة جمبع بين اقربين وابعد الابعدين ورتب للقالب فى ظاهره الحواس الخمس وفى باطنه القوى البشرية ورتب للروح المدركات الروحانية ليكون بالروح والقالب مدركا لعوالم الغيب والشهادة كلها وعالما بما فيها خلافة عن حضرة الربوبية عالم الغيب والشهادة

آدمى شاه وكائنات سباه ... مظهر كل خليفة الله

{ وما } نافيه

{ تحمل } [ برنكيرد يعنى ازفرزند ]

{ من انثى } [ هيج زنى ] من مزيدة لاستغراق النفى وتأكيده والانثى خلاف الذكر ويقالان فى الاصل اعبارا بالفرجين كما فى المفردات

{ ولا تضع } [ وننهد آنجه دشكم اوست يعنى نزايد

{ الا } حال كونها ملتبسة

{ بعلمه } تابعة لمشيئته

قال فى بحر العلوم بعلمه فى موضع الحال والمعنى ما يحدث شئ من حمل حامل ولا وضع واضع الا وهو عالم به يعلم مكان الحمل ووضعه وايامه وساعاته واحواله من الخداج والتما م والذكورة والانوثة وغير ذلك

{ وما يعمر من معمر } ما نافية [ والعمير : عمر دادن ] والمعمر من اطيل عمره ويقال ابن الليالى . وقوله من معمر اى من احد ومن زائدة لتأكيد النفى فى ان انثى وانما سمى معمرا باعتبار مصيره يعنى هو من باب تسمية الشئ بما يأول اليه والمعنى فى عمر احد وما يطول : وبالفارسية [ وزندكانى داده نشود هيج درازى عمرى ]

{ ولا ينقص من عمره } العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وعن ابن عمر رضى اللّه عنهما انه قرأه من عمره بجزم الميم وهما لغتان مثل نكر ونكر والضمير راجع الى المعمر والنقصان من عمر المعمر محال فهو من التسامح فى العبارة ثقة بفهم السامع فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه ان يعمر على الاستخدام والمعنى ولا ينقص من عمر احد لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا : وبالفارسية [ وكم كرده نشود از عمر معمرى ديكر يعنى كه بعمر معمر اول نرسد ]

{ الا فى كتاب } اى اللوح او علم اللّه او صحيفة كل انسان

{ ان ذلك } المذكور من الخلق وما بعده مع كونه محارا للعقول والافهام

{ على اللّه يسير } لاستغنائه عن الاسباب فكذلك البعث

وفى بحر العلوم ان ذلك اشارة الى ان الزيادة والنقص فى الآية بالنسبة الى عمرين كما عرفت والا فمذهب اكثر المتكلمين وعليه الجمهور ان العمر يعنى عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص

وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار اسباب مختلفة اثبتت فى اللوح مثل ان يكتب فيه ان حج فلان فعمره ستون والافاربعون فاذا حج فقد بلغ الستين وقد عمر واذا لم يحج فلا يجاوز الاربعين فقد نقص من عمره الذى هو الغاية وهو الستون وكذا ان تصدق او وصل الرحم فعمره ثمانون والا فخمسون واليه اشار عليه السلام بقوله

( الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان فى الاعمار ) وفى الحديث ( ان المرء ليصل رحمه وما بقى من عمره ثلاثون سنة فيرده اللّه الى ثلاثة ايام ) وفى الحديث ( بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء )

قال بعض الكبار لم يختلف احد من علماء الاسلام فى ان حكم القضاء والقدر الشامل لكل شئ ومنسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الصفات والافعال والاحوال وغير ذلك . فما الفرق بين ما نهى النبى عليه السلام عن الدعاء فيه كالارزاق المقسومة والآجال المضروبة وبين ما حرّض عليه كطلب الاجارة من عذاب النار وعذاب القبر ونحو ذلك فاعلم ان المقدورات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزيئات التفصيلية فالكليات المختصة بالانسان قد اخبر عليه السلام انها محصورة فى اربعة اشياء وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاء وهى لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض يعنى لو امكن ان يبسط فى الرزق ويؤخر فى الاجل لكان ذلك بالصلة والصدقة فان لهما تأثيرا عظيما ومزّية على غيرهما ويجوز فرض المحال اذا تعلق بذلك الحكمة قال تعالى

{ قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين }

واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء والكسب والسعى والعمل من جملتها بمعنى انه لم يقّدر حصوله بدون الشرط او الشروط

وقال ابن الكمال اما الذى يقتضيه النظر الدقيق فهو ان المعمر الذى قدر له العمر الطويل يجوز ان يبلغ حد ذلك العمر وان لا يبلغه فيزيد عمره على الاول وينقص على الثانى ومع ذلك لا يلزم التغيير فى التقدير وذلك لان المقدر لكل شخص انما هو الانفاس المعدودة لا الايام المحدودة والاعوام المعدودة ولا خفاء فى ان ايام ما قدر من الانفاس تزيد وتنقص بالصحة والحضور والمرض والتعب فافهم هذا السر العجيب حتى ينكشف لك سر اختيار بعض الطوائف حبس النفس ويتضح وجه كون الصدقة والصلة سببا لزيادة العمر انتهى

وقيل المراد من النقص ما يمر من عمره وينقص فانه يكتب فى الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب تحت ذلك ذهب يوم ذهب يومان وهكذا حتى يأتى على آخره كما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اللّه تعالى جعل لكل نسمة عمرا تنتهى اليه فاذا جرى عليه الليل والنهار نقص من عمره بالضرورة وقد قيل نقصان العمر صرفه الى غيره مرضاة اللّه تعالى : قال الحافظ قد سره

فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد

وقال

اوقات خوش آن بود كه بادوست بسر رفت ... باقى همه بى حاصلى وبى خبرى بود

وقال المولى الجامى قدس سره

هردم از عمر كرامى هست كنج بى بدل ... ميرود كنج جنين هر لحظه برباد آه آه

وقال الشيخ سعدى قدس سره

هردم از عمر ميرود نفسى ... جون نكه ميكنم نمانده بسى

عر برفست وآفتاب تموز ... اندكى ماندو خواجه غره هنوز

ايقظنا اللّه واياكم

١٢

{ وما يستوى البحران } اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر

وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا

وقال بعضهم البحر فى الاصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحر الخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران

قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الارض حاصرة للمياه المجتمعة فيها

{ هذا } البحر

{ عذب } طيب بالفارسية [ شيرين ]

{ فرات } بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش

قال فى تاج المصادر [ الفروتة : خوش شدن آب ] والنعت فعال ويقال للواحد والجمع

{ سائغ شرابه } سهل انحدار مائه فى الخلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة . والشائغ بالفارسية [ كوارنده ] يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء

{ وهذا } البحر الآخر

{ ملح } [ تلخست ]

قال فى المفردات الملح الماء الذى تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح اذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح

{ اجاج } شدي ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات

قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا اجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والازمان وعلى ممرّ الاحقاب والاحيان فيهلك من نتنه العالم الارضى ولو كان عذبا لكان كذلك ألا ترى الى العين التى بها ينظر الانسان الارض والسماء والعالم والالوان وهى شحمه مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لا يصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى.

واما الانهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان

{ ومن كل } اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما

{ تأكلون } ايها الناس

{ لحما طريا } غضا جديدا من الطراء [ والطراوة : وبالفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ما هى ] وصف السمك بالطراوة وهى : وبالفارسية [ تارة شدن ] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى اكله طيا ومضى باقى النقل فى سورة النحل

{ وتستخرجون } اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم

{ حلية } زينة اى لؤلؤا ومرجانا

وفى الاسئلة المقحمة اراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح اجاج لا من عذب فرات فكيف اضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى

قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر واذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها

{ تلبسونها } اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا اسند اليهم وفى الحديث

( كلم اللّه البحرين فقال البحر الذى بالشام يا بحر انى قد خلقتك واكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما انت صانع بهم قال اسبحك واحمدك واهللك واكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال اللّه تعالى فانى افضلك على البحر الآخر بالحلية والطرى ) كذا فى كشف الاسرار

{ وترى الفلك } السفينة

{ فيه } اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل احد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط

{ مراخر } يقال سفينة ماخرة اذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة

{ لتبتغوا } [ تاطلب كنيد ] واللام متعلق بمواخر

{ من فضله } اى من فضل اللّه تعالى بالنقلة فيها

قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى اعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام ( تسعة اعشار رزق امتى فى البيع والشراء )

{ ولعلكم تشركون } اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجى للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى

وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم اللّه فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش

واعلم ان اللّه تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته

وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [ يكى ازحلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر اجاج كفر وطغيان آن آب حيات آمد واين نقش سرابست اين عين خطا باشد وآن محض صوابست ] فقوله ومن كل الخ اما استطراد فى صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع او تفضيل للاجاج على الكافر من حيث انه يشارك العذب فى منافع كثيرة كالسمك وجرى الفلك ونحوهما الكافر خلا من المنافع بالكية على طريقة قوله تعالى

{ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية اللّه } ورحم اللّه ابا الليث حيث قال فى تفسيره ومن كل يظهر شئ من الصلاح يعنى يلد الكافر المسلم مثل ما ولد الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد وابو جهل عكرمة بن ابى جهل

والاشارة بالبحر العذب الى الروح وصفاته الحميدة ومشربه الواردات الربانية وبالملح الى النفس وصفاتها الذميمة ومشربها الشهوات الحيوانية ولنا سفينتان الشريعة والطريقة فسفينة الشريعة تجرى من بحر الروح الى بحر النفس فيها احمال الاوامر والنواهى وسفينة الطريقة تجرى من بحر الروح الى الحضرة فيها احمال الاسرار والحقائق والمغانى والمقصود الوصول الى الحضرة على قدمى الشريعة والطريقة

وفى كشف الاسرار [ اين دودرياى مختلف يكى فرات ويكى اجاج.

مثال دو درياست كه ميان بنده وخداست يكى درياى هلاك ديكر درياى نجات . دردرياى هلاك بنج كشتى روانست . يكى حرص . وديكر رياست . ديكر اصرار برمعاصى . جهارم غفلت بنجم قنوط . هركه در كشتئ حرص نشيند بساحل حسرت رسد . هركه در كشتئ زهد نشيند بساحل قربت رسد هركه دركشتئ معرفت نشيند بساحل انس رسد . هركه در كشتئ توحيد نشيند بساحل مشاهده رسد . بيرطريقت موعظتى بليغ كفته ياران ودوستان خودرا كفت اى عزيزان وبرادران هنكام آن آمد كه ازين درياى هلاك نجات جوييد واز ورطة فترت برخيزيد نعيم باقى باين سراى فانى نفروشيد نفس بخدمت بيكانه است بيكانه را مبروريد دل بى يقظت غول است تابغول صحبت مدار يد نفس بى آكاهى باداست باباد عرم مكذرانيد باسمى ورسمى ازحقيقت قانع مباشيد از مكر نهانى ايمن منشينيد ازكار خاتمه ونفس باز بسين همواره برحذر باشيد شيرين سخن ونيكو نظمى كه آن جوانمرد كفته است ]

اى دل ار عقبيت بايد جنك ازين دنيا بدار ... باك بازى ييشكه كير وراه دين كه اختيار

باى دردنيا نه وبردوز جشم نام وننك ... دست در عقبى زن وبربندراه فخر وعار

جون زنان تركى نشينى براميدرنك وبوى ... همت اندر راه بند كامزن مردانه وار

جشم آن نادان كه عشق آوردبر رنك صدف ... واللّه آرديدش رسد هركز بدرشاهوار

قال بعض اهل المعرفة

{ وما يستوى البحران } اى الوقتان هذا بسط وصاحبه فى روح وهذا قبض وصاحبه فى نوح هذا فرق وصاحبه يوصف بالعبودية وهذا جمع وصاحبه فى شهود الربوبية [ بنده تادر قبض است خوابش جون خواب غرق شدكان خوردش جون خورد بيماران عيشش جون عيش زندانيان بسزاى نياز خويش مى زيد بخوارى وراه مى برد بزارى زبزبان تذلل مى كويد برآب دوجشم وبر آتش جكرم يرباد دودستم وبرازخاك سرم جون زارى وخوارى بغايت رسد وتذلل وعجزى ظاهر كردد رب العزة تدارك دل وى كند دربسك وانبساط بردل وى كشايد وقت وى خوش كردد دلش بامولى بيوسته وسر باطلاع حق آراسته وبزبان شكر ميكويد الهى محنت من بودى دولت من شدى اندوه من بودى راحت من شدى داغ من بودى جراغ من شدى جراحت من بودى مرهم من شدى ] نسأل اللّه الخلاص من البرازخ والقيود والوصول الى الغاية القصوى من الوجدان والشهود انه رحيم ودود

١٣

{ يولج الليل فى النهار } اى يدخل اللّه الليل فى النهار باضافة عبض اجزاء الليل الى النهرا فينقص الاول ويزيد الثانى كما فى فصل الربيع والصيف

{ ويولج النهار فى الليل } باضافة بعض اجزاء النهار الى الليل كما فى فصلى الخريف والشتاء

{ وسخر الشمس والقمر } [ ورام كرد آفتاب وماه را يعنى مسخر فرمان خود ساخت ]

وفى بحر العلوم معنى تسخير الشمس والقمر تصييرهما نافعين للناس حيث يعلمون بمسيرهما عدد السنين والحساب انتهى

يقول الفقير ومنه يعلم حكمة الايلاج فانه بحركة النيرين تختلف الاوقات وتظهر الفصول الاربعة التى تعلق بها المصالح والامور المهمة

ثم قوله وسخر عطف على يولج واختلافهما صيغة لما ان ايلاج احد الملوين فى الآخر متجدد حينا فحينا

واما تسخير النيرين فلا تعدد فيه وانما المتتعدد والمتجدد آثاره وقد اشير اليه بقوله تعالى

{ كل } اى كل واحد من الشمس والقمر

{ يجرى } اى بحسب حركته الخاصة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتعددة حسب تعدد ايام السنة فحينئذ ينقطع جريهما

وقال بعضهم يجرى الى اقصى منازلهما فى الغروب لانهما يغربان كل ليلة فى موضع ثم يرجعان الى ادنى منازلهما فجريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما فى فلكيهما . والاجل المسمى عبارة عن منتهى دوريتهما ومدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهر فاذا كان آخر السنة ينتهى جرى الشمس واذا كان آخر الشمس ينتهى جرى القمر

قال فى البحر والمعنى فى التحقيق يجرى لادراك اجل على ان الجرى مختص بادراك اجل

{ ذلكم } مبتدأ اشارة الى فاعل الافاعيل المذكورة اشارة تجوّز فان الاصل فى الاشارة ان تكون حسية ويستحيل احساسه تعالى وما فيه من معنى البعد للايذان بغاية العظمة اى ذلك العظيم الشان الذى ابدع هذه الصنائع البديعة

{ اللّه } خبر

{ ربكم } خبر ثان

{ له الملك } خبر ثالث اى هو الجامع لهذه الاوصاف من الالهية والربوبية والمالكية لما فى السموات والارض فاعرفوه ووحدوه واطيعوا امره

{ والذين تدعون } [ وآنانرا كه مى خوانيد ومى برستيد ]

{ من دونه } اى حال كونكم متجاوزين اللّه وعبادته

{ ما يملكون من قمطير } هو القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة كاللفافة لها وهو مثل فى القلة والحقارة كالنقير الذى هو النكتة فى ظهر النواة ومنه ينبت النخل والفتيل الذى فى شق النواة على هيئة الخيط المفتول والمعنى لا يقدرون على ان ينفعوكم مقدار القطمير

١٤

{ ان تدعوهم } اى الاصنام للاصنام للاعانة وكشف الضر

{ لا يسمعوا دعاءكم } لانهم جماد والجماد ليس من شأنه السماع

{ ولو سمعوا } على الفرض والتمثيل

{ ما استجابوا لكم } فانهم لالسان لهم او جابوكم لملتبسكم لعجزهم عن النفع بالكلية فان من لا يملك نفع نفسه كيف يملك نفع غيره

قال الكاشفى يعنى [ قادر نيستند برايصال منافع ودفع مكاره ]

{ ويوم القيمة يكفرون بشرككم } اى يجحدون باشراككم لهم وبعبادتكم اياهم بقولهم ما كنتم ايانا تعبدون وانما جيئ بضمير العقلاء لان عبدتهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة ولانه اسند اليهم ما يسند الى اولى العلم من الاستجابة والسمع ويجوز ان يريد كل معبود من دون اللّه من الجن والانس والاصنام فغلب غير الاصنام عليها كما فى بحر العلوم

{ ولا ينبئك مثل خبير } اى لا يخبرك يا محمد بالامر مخبر مثل خبير اخبرك به وهو الحق سبحانه فانه الخبير بكنه الامور دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به من حال آلهتهم ونفى ما يدعون لهم من الالهية [ صاحب لباب آورده كه اضافت مثل بخداى جائز نيست بس اين مثليست در كلام عرب شايع كشته واستعمال كنند در اخبار مخبرى كه سخن او فى نفس الامر معتمد عليه باشد ]

قال الزروقى الخبير هو العليم بدقائق الامور التى لا يتوصل اليها غيره الا بالاختيار

وقال الغزالى هو الذى لا يعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شئ ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها

نر احوال ن بوده علمش بصير ... بر اسرار ناكفته لطفش خبير

وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى بدنه وقلبه من الغش والخيانة والتطوف حول العاجلة واضمار الشر واظهار الخير والتحمل باظهار الاخلاص والافلاس عنه ولا يكون خبيرا بمثل هذه الخفايا الا باظهار التوحيد واخفائه وتحقيقه والوصول الى اللّه بالاعراض عن الشرك وما يكون متعلق العلاقة والميل

غلام همت آنم كه زير جرخ كبود ... زهرجه رنك تعلق يذيرد آزادست

وذلك ان التعلق بما سوى اللّه تعالى لا يفيد شيأ من الجلب والسلب فانه كله مخلوق والمخلوق عاجز وليست القدرة الكاملة الا لله تعالى فوجب توحيده والعبادة له والتعلق به

وخاصية الاسم الخبير حصول الاخبار بكل شئ فمن ذكره سبعة ايام اتته الروحانية بكل خبر يريده من اخبار السنة واخبار الملوك واخبار القلوب وغير ذلك كذا فى شمس المعارف ومن كان فى يد شخص يؤذيه فليكثر ذكره يصلح حاله كذا فى شرح الاسماء الحسنى للشيخ الزروقى

١٥

{ يا ايها الناس انتم الفقراء الى اللّه } الفقراء جمع فقير كالفقائر جمع فقيرة والفقير المكسور الفقار والفقر [ بشت كسى شكستن ] ذكره فى تاج المصادر فى باب ضرب وجعله فى القاموس من حد كرم

وقال الراغب فى المفردات يقال افتقر فهو مفتقر وفقير ولا يكاد يقال فقر وان كان القياس يقتضيه انتهى.

وفهم من هذا ان الفقير صيغة مبالغة كالمفتقر بمعنى ذى الاحتياج الكثير والشديد والفقر وجود الحاجة الضرورية وفقد ما يحتاج اليه وتعريف الفقراء للمبالغة فى فقرهم فانهم لكثرة افتقارهم وشدة احتياكهم همم الفقراء فحسب وان افتقار سائر الاخلاق بالنسبة الى فقرهم بمنزلة العدم . والمعنى يا ايها الناس انتم المحتاجون الى اللّه تعالى بالاحتياج الكثير الشديد فى انفسكم وفيما يعرض لكم من امر مهم او خطب ملم فان كل حادث مفتقر الى خالقه ليبديه وينشه او لا ويديمه ويبقيه ثانيا ثم الانسان محتاج الى الرزق ونحوه من المنافع فى الدنيا مع دفع المكاره والعوارض والى المغفرة ونحوها فى العقبى فهو محتاج فى ذاته وصفاته وافعاله الى كرم اللّه وفضله

قال بعض الكبار ان اللّه تعالى ما شرّف شيأ من المخلوقات بتشريف خطاب انتم الفقراء الى اللّه حتى الخلق ونحوه وافتقار الانسان الى ذات اللّه وصفاته فجميع المخلوقات وان كانت محتاجة الى اللّه تعالى لكن الاحتياج الحقيقى الى ذات اللّه وصفاته مختص بالانسان من بينها كمثل سلطان له رعية وهو صاحب جمال فيكون افتقار جميع رعاياه الى خزائنه وممالكه ويكون افتقار عشاقه الى عين ذاته وصفاته فيكون غنى كل مفتقر بما يفتقر اليه فغنى الرعية يكون بالمال والملك وغنى العاشق يكون بمعشوقه

كام عاشق دولت ديدار يار ... قصد زاهد جنت ونقش ونكار

هرجه جز عشق شدوبال ... هرجه جز معشوق باقى شد خيال

هست در وصلت غنا اندر غنا ... هست درفرقت غمم وفقر وعنا

ومن الكمالات الانسانية الاحتياج الى الاسم الاعظم من جميع وجوه الاسماء الالهية بحسب مظهريته الكاملة

واما غيره من الموجودات فاحتياجهم انما هو بقدر استعدادهم فهو احتياج بوجه دون وجه ولذا ورد ( الفقر فخرى وبه افتخر ) وهذا صحيح بمعناه وان اختلف فى لفظه كما قال عليه السلام ( اللهم اغننى بالافتقار اليك ولا تفتقرنى بالاستغناء عنك )

قال فى كشف الاسرار [ صحابه فقرا نام نهاد ] حيث قال

{ للفقراء المهاجرين } وقال

{ للفقراء الذين احصروا فى سبيل اللّه } [ وآن تلبيس توانكرى حال ايشانست تاكس توانكرئ ايشان ندانداين جنانست كه كفته اند ]

ارسلانم خوان تاكس به نداندكه كه ام ... [ بيران طريقت كفته اند بناى دوستى برتلبيس نهاده اندسليمانرا نام ملكى تلبيس فقربوه آدم نام عصيان تلبيس صفوت بود ابراهيم را التباس نعمت تلبيس خلت بود زيرا كه شرط محبت غير تس ودوستان حال خود بهركس ننمايند كسى كه ازكون ذرة ندارد وبكونين نظرى ندارد وهمواره نظر اللّه ييش جشم خود دارد اورا فقير كويند از همه درويش است وبحق توانكر ( انما الغنى غنى القلب ) توانكرى درسينه مى بايد نه درخزينه فقيرا اوست كه خودرادر دوجهان جز ازحق دست آويزنكند ونظر خود ندارد جهار تكبير برذات وصفات خود كند جنانكه آن جوانمرد كفت ]

نيست عشق لا يزالى را دران دل هيج كار ... كاو هنوزاندر صفات خويش مانداست استوار

هركه جر ميدان عشق نيكوان نامى نهاد ... جار تكبيرى كند برذات او ليل ونهار

{ واللّه هو } وحده

{ الغنىّ } المستغنى على الاطلاق فكل احد يحتاج اليه لان احد لا يقدر ان يصلح امره الا بالاعوان لان الامير ما لم يكن له خدم واعوان لا يقدر على الامارة وكذا التاجر يحتاج الى المكارين واللّه الغنىّ عن الاعوان وغيرها

وفى الاسئلة المقحمة معناه الغنىّ عن خلقه فلو لم يخلقهم لجاز ولو ادام حياتهم لابتلاهم كلفهم او لم يكلفهم فالكل عنده بمثابة واحدة لانه غنى عنهم خلافا للمعتزلة حيث قالوا لو لم يكلفهم معرفته وشكره لم يكن حكيما وهذا غاية الخزى ويفضى الى القول بان خلقهم لنفع او دفع وهو قول المجوس بعينه حيث زعموا وقالوا خلق اللّه الملائكة ليدفع بهم عن نفسه اذى الشيطان انتهى

{ الحميد } المنعم على جميع الموجودات حتى استحق عليهم الحمد على نعمته العامة وفضله الشامل فاللّه الغنىّ المغنى

قال الكاشفى [ ببايد دانست كه ماهيات ممكنه درو جود محتادند بفاعل

{ وانتم الفقراء } اشارة با آنس وحق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى خود ازوجود عالم وعالميان مستغنيست

{ اللّه هو الغنىّ } عبارت از آنست وجون ظهور كمال اسمانى موقوفست بروجود اعيان ممكنات بس درايجاد آن كه نعمتيست كبرى مستحق حمداست وثنا كلمة

{ الحميد } بدان ايمايى مينمايد وازين رباعى بى بدين معنى توان برد ]

تاخود كردد بجمله اوصاف عيان ... واجب باشدكه ممكن آيد بميان

ورنه بكمال ذاتى از آدميان ... فردست وغنى جنانكه خود كردبيان

١٦

{ ان يشأ } اى اللّه تعالى

{ يذهبكم } عن وجه الارض ويعدمكم كما قدر على ايجادكم وبقائكم

{ ويأت } [ وبيارد ]

{ بخلق } مخلوق

{ جديد } مكانكم وبدلكم ليسوا على صفتكم بل مستمرون على الطاعة فيكون الخلق الجديد من جنسهم وهو الآدمى او يأت بعالم آخر غير ما تعرفونه : يعنى [ يا كروهى بياردكس نديده ونشنيده بود ] فيكون من غير جنسهم وعلى كلا التقديرين فيه اظهار الغضب للناس وتخويف لهم على سرفهم ومعاصيهم وفيه ايضا من طريق الاشارة تهديد لمدعى محبته وطلبه اى ان لم تطلبوه حق الطلب يفنكم ويأت بخلق جديد فى المحبة والطلب

١٧

{ وما ذلك } اى ما ذكر من الاذهاب بهم والاتيان بآخرين

{ على اللّه } متعلق بقوله

{ بعزيز } بمعتذر ولا صعب ومتعسر بل هو هين عليه يسير لشمول قدرته على كل مقدور ولذلك يقدر على الشئ وضده فاذا قال لشئ كن كان من غير توقف ولا امتناع وقد اهلك القرون الماضية واستخلف الآخرين الى ان جاء نوبة قريش فناداهم بقوله يا ايها الناس وبين انهم محتاجون اليه احتياجا كليا وهو غنى عنهم وعن عبادتهم ومع ذلك دعاهم الى ما فيه سعادتهم وفوزهم وهو الايمان والطاعة وهم مع احتياجهم لا يجيبونه فاستحقوا الهلاك ولم يبق الا المشيئة ثم انه تعالى شاء هلاكهم لاصرارهم فهلك بعضهم فى بدر وبعضهم فى غيره من المعارك وخلق مكانهم من يطيعونه تعالى فيما امرهم به ونهاهم عنه ويستحقون بذلك فضله ورحمته واستمر الافناء والايجاد الى يومنا هذا لكن لا على الاستعجال بل على الامهال فانه تعالى صبور لا يؤاخذ العصاة على العجلة ويؤخر العقوبة ليرجع التائب ويقلع المصر

ففى الآية وعظ وزجر لجميع الاصناف من الملوك ومن دونهم فمن اهمل امر الجهاد لم يجد المهرب من بطش رب العباد ومن ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد جعل نفسه عرضة للهلاك والخطر وعلى هذا فقس

فينبغى للعاقل المكلف ان يعبد اللّه ويخافه ولا يجترئ على ما يخالف رضاه ولا يكون اسوأ من الجمادات مع ان الانسان اشرف المخلوقات

قال جعفر الطيار رضى اللّه عنه كنت مع النبى عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام ( بلغ منى السلام الى الجبل بنطق لبيك يا رسول اللّه فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول اللّه وقل له منذ سمعت قوله تعالى { فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة } بكيت لخوف ان اكون من الحجارة التى هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء )

١٨

{ ولا تزر وازرة وزر اخرى } يقال وزر يزر من الثانى وزرا بالفتح ولكسر ووزرا يوزر من الرابع حمل . والوزر الاثم والثقل والوازرة صفة للنفس المحذوفة وكذا اخرى والمعنى لا تحمل نفس آثمة يوم القيامة اثم نفس اخرى بحيث تتعرى منه المحمول عنها بل انما تحمل كل منهما وزرها الذى اكتسبته بخلاف الحال فى الدنيا فان الجبابرة يأخذون الولى بالولى والجار بالجار

واما فى قوله تعالى

{ وليحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم } من حمل المضلين اثقالهم واثقالا غير اثقالهم فهو حمل اثقال ضلالهم مع اثقال اضلالهم وكلاهما اوزارهم ليس فيها شئ من اوزار غيرهم ألا يرى كيف كذبهم فى قولهم

{ اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم } بقوله

{ وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ } ومنه يعلم وجه تحميل معاصى المظلومين يوم القيامة على الظالمين فان المحمول فى الحقيقة جزاء الظلم وان كان يحصل فى الظاهر تخفيف حمل المظلوم ولا يجرى الا فى الذنب المتعدى كما ذكرانه فى اواخر الانعام

وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى فى خلق كل واحد من الخلق سرا مخصوصا به وله مع كل واحد شان آخر فكل مطالب بما حمل كما ان كل بذر ينبت بنبات قد اودع فيه ولا يطالب بنبات بذر آخر لانه لا يحمل الا ما حمل عليه كما فى التأويلات النجمية : قال الشيخ سعدى

رطب ناورد جوب خر زهره بار ... جه تخم افكنى برهمان جشم دار

{ وان تدع } صيغة غائبة اى ولو دعت : وبالفارسية [ واكر بخواند ]

{ مثقلة } اى نفس اثقلتها الاوزار والمفعول محذوف اى احدا

قال الراغب الثقل والخفة متقابلان ولك ما يترجح عما يوزن به او يقدّر به يقال هو ثقيل واصله فى الاجسام ثم يقال فى المعانى اثقله الغرم والوزر انتهى.

فالثقل الاثم سمى به لانه يثقل صاحبه يوم القيامة ويثبطه عن الثواب فى الدنيا

{ الى حملها } الذى عليها من الذنوب ليحمل بعضها

قيل فى الاثقال المحمولة فى الظاهر كالشئ المحمول على الظهر حمل بالكسر وفى الاثقال المحمولة فى الباطن كالولد فى البطن حمل بالفتج كما فى المفردات

{ لا يحمل منه شئ } لم تجب لحمل شئ منه

{ ولو } للوصل

{ كان } اى المدعو المفهوم من الدعوة وترك ذكره ليشمل كل مدعو

{ ذا قربى } ذا قرابة من الداعى كالاب والام والولد والاخ ونحو ذلك اذ لكل واحد منهم يومئذ شأن يغنيه وحمل يعجزه

ففى هذا دليل انه تعالى لا يؤاخذ بالذنب الا جانيه وان الاستغاثة بالاقربين غير نافعة لغير المتقين عن ابن عباس رضى اللّه عنهما يلقى الاب والام ابنه فيقول يا بنى احمل عنى بعض ذنوبى فيقول لا استطيع حسبى ما علىّ وكذا يتعلق الرجل بزوجته فيقول لها انى كنت لك زوجا فى الدنيا فيثنى عليها خيرا فيقول قد احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك لعلى انجوبها مما ترين فتقول ما ايسر ما طلبت ولكن لا اطيق انى اخاف مثل ما تخوفت

هيج رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيج خيرى نه بدر را به بسر مى آيد

دختر ازبهلوى مادر بكند قصد فرار ... دوستى از همة خويش بسرمى آيد

قال فى الارشاد هذا الآية نفى للتحمل اختيارا والاولى نفى له اجبارا . والاشارة ان الطاعة نور والعصيان ظلمة فاذا اتصف آخر اياما كان ألا ترى ان كل احد عند الصراط يمشى فى نوره لا يتجاوز منه الى غيره شئ وكذا من غيره اليه

{ انما تنذر } يا محمد بهذه الانذارات . والانذار الابلاغ مع التخويف

{ الذين يخشون } يخافون

{ ربهم } حال كونهم

{ بالغيب } غائبين عن عذابه واحكام الآخرة او عن الناس فى خلواتهم : يعنى [ در خلوتها اثر خشيت برايشان ظاهرت نه در صحبتها ] فهو حال من الفاعل او حال كون ذلك العذاب غائبا عنهم فهو حال من المفعول

{ واقاموا الصلاة } اى راعوها كما ينبغى وجعلوها منارا منصوبا وعلما مرفوعا

قال فى كشف الاسرار وغاير بين اللفظين لان اوقات الخشية دائمة واوقات الصلاة معينة منقضية . والمعنى انما ينفع انذارك وتحذيرك هؤلاء من قومك دون من عداهم من اهل التمرد والفساد وان كنت نذيرا للخلق كلهم وخص الخشية والصلاة بالذكر لانهما اصلا الاعمال الحسنة الظاهرية والباطنية . اما الصلاة فانها عماد الدين .

واما الخشية فانها شعار اليقين وانما يخشى المرء بقدر علمه باللّه كما قال تعالى

{ انما يخشى اللّه من عباده العلماء } فقلب لم يكن عالما خاشيا يكون ميتا لا يؤثر فيه الانذار كما قال تعالى

{ لينذر من كان حيا } ومع هذا جعل تأثير الانذار مشروطا بشرط آخر وهو اقامة الصلاة وامارة خشية قلبه بالغيب محافظة الصلاة فى الشهادة وفى الحديث ( ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )

{ ومن } [ وهركه ]

{ تزكى } تظهر من اوضار الاوزار والمعاصى بالتأثر من هذه الانذارات واصلح حالة بفعل الطاعات

{ فانما يتزكى لنفسه } لاقتصار نفعه عليها كما ان ثواب التزكى عن المعاصى هو الجنة ودرجاتها وثواب التزكى عن التعلق بما سوى اللّه تعالى هو جماله تعالى كما اشار اليه بقوله

{ والى اللّه المصير } فمن رجع الى اللّه بالاختيار لم يبق له بمادونه قرار : قال الشيخ سعدى قدس سره

ندادند صاحب دلان دل بيوست ... وكرا بلهى داد بى مغز اوست

مى صرف وحدت كسى نوش كرد ... كه دنيى وعقبى فراموش كرد

والاصل هو العناية

وعن ابراهيم المهلب السائح رضى اللّه عنه قال بينا انا اطوف واذا بجارية متعلقة باستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وانفق الاموال حتى اخرجنى من بلاد الشرك وادخلنى فى التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى اياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة قلت وكيف حبك له قالت اعظم شئ واجله قلت وكيف هو قالت هو ارق من الشراب واحلى من الجلاب . وانما تتولد معرفة اللّه من معرفة النفس بعد تزكيتها كما اشار اليه ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) ففى هذا ان الولد يكون اعظم فى القدر من الوالد فافهم رحمك اللّه واياى بعنايته

١٩

{ وما يستوى الاعمى والبصير } تمثيل للكافر والمؤمن فان المؤمن من ابصر طريق الفوز والنجاة وسلكه بخلاف الكافر فكما لا يستوى الاعمى والبصير من حيث الحس الظاهرى اذ لا بصر للاعمى كذلك لا يستوى الكافر والمؤمن من حيث الادراك الباطنى ولا بصيرة للكافر بل الكافر اسوأ حالا من الاعمى المدرك للحق اذ لا اعتبار بحاسة البصر لاشتراكها بين جميع الحيوانات

وفيه اشارة الى حال المحجوب والمكاشف فان المحجوب اعمى عن مطالعة الحق فلا يستوى هو والمكاشف الذى كوشف له عن وجه السر المطلق

وقال الكاشفى

{ وما يستوى الاعمى } [ وبرابر نيست نابينا يعنى كافر يا جاهل يا كمراه ]

{ والبصير } وبينا يعنى مؤمن يا عالم يا راه يافته ]

٢٠

{ ولا } لتأكيد نفى الاستواء

{ الظلمات } جمع ظلمة وهى عدم النور

{ ولا } للتأكيد

{ النور } هو الضوء المنتشر المعين للابصار تمثيل للباطل والحق . فالكافر فى ظلمة الكفر والشرك والجهل والعصيان والبطلان لا يبصر اليمين من الشمال فلا يرجى له الخلاص من المهالك بحال . والمؤمن فى نور التوحيد والاخلاص والعلم والطاعة والحقانية بيده الشموع والانوار اينما سار . وجمع الظلمات مع افراد النور لتعدد فنون الباطل واتحاد الحق يعنى ان الحق واحد وهو التوحيد فالموحد لا يعبد الا اللّه تعالى

واما الباطل فطرقه كثيرة وهى وجوه الاشراك فمن عابد للكواكب ومن عابد للنار ومن عابد للاصنام الى غير ذلك فالظلمات كلها لا تجد فيها ما يساوى ذلك النور الواحد

وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فى ظلمة الغفلات المتضاعفة والمكاشف فى نور الروح واليقظة

٢١

{ ولا الظل ولا الحرور } قدم الاعمى على البصير والظلمات على النور والظل على الحرور ليتطابق فواصل الآى وهو تمثيل للجنة والنار والثواب والعقاب والراحة والشدة . الظل بالفارسية [ سايه ]

قال الراغب يقال لكل موضع لا تصل اليه الشمس ظل ولا يقال الفيئ الا لما رال عنه الشمس ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهية انتهى.

والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وحر الشمس والحر التى تؤثر تأثير السم تكون غالبا بالنهار . والمعى كما لا يستوى الظل والحرارة من حيث ان فى الظل استراحة للنفس وفى الحرارة مشقة وألما كذلك لا يستوى ما للمؤمن من الجنة التى فيها ظل وراحة وما للكافر من النار التى فيها حرارة شديدة

وفيه اشارة الى ان البعد من اللّه تعالى كالحرور فى احراق الباطن والقرب منه كالظل فى تفريح القلب

٢٢

{ وما يستوى الاحياء ولا الاموات } تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين ابلغ من الاول ولذلك كرر الفعل واوثرت صيغة فى الطرفين تحقيقا للتباين بين افراد الفريقين والحى ما به القوة الحساسة والميت ما زال عنه ذلك وجه التمثيل ان المؤمن منتفع بحياته اذ ظاهره ذكر وباطنه فكر دون الكافر اذ ظاهره عاطل وباطنه باطل

وقال بعض العلماء هو تمثيل للعلماء والجهال وتشبيه الجهلة بالاموات شائع ومنه قوله

لا تعجبن الجهول خلته ... فانه الميت ثوبه كفن

لان الحياة المعتبرة هى حياة الارواح والقلوب وذلك بالحكم والمغارف ولا عبرة بحياة الاجساد بدونها لاشتراك البهائم فيها

قال بعض الكبار الاحياء عند التحقيق هم الواصلون بالفناء التام الى الحياة الحقيقية وهم الذين ماتوا بالاختيار قبل ان يموتوا بالاضطرار ومعنى موتهم افناء افعالهم وصفاتهم وذواتهم فى افعال الحق وصفاته وذاته وازالة وجودياتهم بالكلية طبيعة ونفسا واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( من اراد ان ينظر الى ميت متحرك فلينظر الى ابى بكر ) فالحياة المعنوية لا يطرأ عليها الفناء بخلاف الحياة الصورية فانها تزول بالموت فطوبى لاهل الحياة الباقية وللمقارنين بهم والآخذين عنهم

قال ابراهيم الهروى كنت بمجلس ابى يزيد البسطامى قدس سره فقال بعضهم ان فلانا اخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين اخذوا العلوم من الموتى ونحن اخذنا العلم من حى لا يموت وهو العلم اللدنى الذى يحصل من طريق الالهام بدون تطلب وتكلف : قال الشيخ سعدى قدس سره

نه مردم همين استخوانند وبوست ... نه هو صورتى جان ومعنى دروست

نه سلطان خريدار هربنده ايست ... نه در زير هر زندة زنده ايست

{ ان اللّه يسمع } كلامه اسماع فهم واتعاظ وذلك باحياء القلب

{ من يشاء } ان يسمعه فينتفع بانذارك

{ وما انت بمسمع من فى القبور } جمع قبر وهو مقر الميت وقبرته جعلته فى القبر . وهذا الكلام ترشيح الاستعارة اقترانها بما يلائم المستعار منه شبه اللّه تعالى من طبع على قلبه بالموتى فى عدم القدرة على الاجابة فكما لا يسمع اصحاب القبور ولا يجيبون كذلك الكفار لا يسمعون ولا يقبلون الحق

٢٣

{ ان } ما

{ انت الا نذير } منذر بالنار والعقاب

واما الاسماع البتة فليس من وظائفك ولا حيلة لك اليه فى المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى وقوله

{ ان اللّه يسمع } الخ وقوله

{ انك لا تهدى من احببت ولكن اللّه يهدى من يشاء } وقوله

{ ليس لك من الامر شئ } وغير ذلك لتمييز مقام الالوهية عن مقام النبوة كيلا يشتبها على الامة فيضلوا عن سبيل اللّه كما ضل بعض الامم السالفة فقال بعضهم عزير ابن اللّه وقال بعضهم المسيح ابن اللّه وذلك من كمال رحمته لهذه الامة وحسن توفيقه

يقول الفقير ايقظه اللّه القدير ان قلت قد ثبت انه عليه السلام امر يوم بدر بطرح اجساد الكفار فى القليب ثم ناداهم باسمائهم وقال ( هل وجدتم ما وعد اللّه ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدنى اللّه حقا ) فقال عمر رضى اللّه عنه يا رسول اللّه كيف تكلم اجساد الارواح فيها فقال عليه السلام ( ما انتم يا سمع لما اقول منهم غير انهم لا يستطيعون ان يردوات شيأ ) فهذا الخبر يقتضى ان النبى عليه السلام اسمع من فى القليب وهم موتى وايضا تلقين الميت بعد الدفن للاسماع والا فلا معنى له . قلت

اما الاول فيحتمل ان اللّه تعالى احيى اهل القليب حينئذ حتى سمعوا كلام رسول اللّه توبيخالهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والا فالميت من حيث ميت ليس من شأنه السماع وقوله عليه السلام ( ما انتم باسمع ) الخ يدل على ان الارواح اسمع من الاجساد مع الارواح لزوال حجاب الحس وانخراقة .

واما الثانى فانما يسمعه اللّه ايضا بعد احيائه بمعنى ان يتعلق الروح بالجسد تعلقا شديدا بحيث يكون كما فى الدنيا فقد اسمع الرسول عليه السلام وكذا الملقن باسماع اللّه تعالى وخلق الحياة والا فليس من شأن احد الاسماع كما انه ليس من شأن الميت السماع واللّه اعلم

قال بعض العارفين [ اى محمد عليه السلام دل در بو جهل جه بندى كه اونه ازان اصلست كه طينت خبيث وى نقش نكين تو بذيرد دل در سلمان بند كه ييش ازانكه تو قدم درميدان بعثت نهادى جندين سال كرد عالم سر كردان در طلب تو مى كشت ونشان تو ميجست ] ولسان الحال يقول

كرفت خواهم من زلف عنبر ينت را ... زمشك نقش كنم برك يا سمينت را

بتيغ هندى دست مرا جدا نكند ... اكر بكيرم يك ره سر آستينت را

٢٤

{ انا ارسلناك بالحق } حال من المرسل بالكسر اى حال كوننا محقين او من المرسل بالفتح اى حال كونك محقا او صفة لمصدر محذوف اى ارسالا مصحوبا بالحق وارسلناك بالدين الحق الذى هو الاسلام او بالقرآن

{ بشيرا } حال كونك بشيرا للمؤمنين بالجنة : وبالفارسية [ مرده دهنده ]

{ ونذيرا } منذرا للكافرين بالنار : وبالفارسية [ بيم كننده ]

{ وان من امة } اى ما من امة من الامم السالفة واهل عصر من الاعصار الماضية

{ الا خلا } مضى

قال الراغب الخلاء المكان الذى لا ساتر فيه من بناء وساكن وغيرهما . والخلو يستعمل فىلزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضىّ فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب

{ فيها } اى فى تلك الامة

{ نذير } [ بيم وآكاه كننده ] من نبى او عالم ينذرهم والاكتفاء بالانذار لانه هو المقصود الاهم من البعثة

قال فى الكواشى

واما فترة عيس فلم يزل فيها من هو على دينه وداع الى الايمان

وفى كشف الاسرار والآية تدل على ان كل وقت لا يخلو من حجة خبرية وان اول الناس آدم وكان مبعوثا الى اولاده ثم لم يخل بعده زمان من صادق مبلغ عن اللّه او آمر يقوم مقامه فى البلاغ والاداء حين الفترة وقد قال تعالى

{ أيحسب الانسان ان يترك سدى } لا يؤمر ولا ينهى

فان قيل كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى

{ لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون } قلت معنى الآية ما من امة من الامم الماضية ولا وقد ارسلت اليهم رسولا ينذرهم على كفرهم ويبشرهم على ايمانهم اى سوى امتك التى بعثناك اليهم يدل على ذلك قوله

{ وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير } وقوله

{ لتنذر ما انذر آباؤهم }

وقيل المراد ما من امة هلكوا بعذاب الاستئصال الا بعد ان اقيم عليهم الحجة بارسال الرسول بالاعذار والانذار انتهى ما فى كشف الاسرار وهذا الثانى هو الانسب بالتوفيق بين الآيتين يدل عليه ما بعده من قوله

{ وان يكذبوك } الخ والا فلا يخفى ان اهل الفترة ما جاءهم نذير على ما نطق به قوله تعالى

{ ما انذر آباؤهم } ويدل ايضا ان كل امة انذرت من الامم ولم تقبل استؤصلت فكل امة مكذبة معذبة بنوع من العذاب وتمام التوفيق بين الآيتين يأتى به يس

٢٥

{ وان يكذبوك } [ واكر معاندان قريش ترا دروغ زن دارند وبرتكذيب استمرار نمابند بس بايشان وبتكذيب آنان مبالات مكن ]

{ فقد كذب الذين من قبلهم } من الامم العاتية انبياءهم

{ جاءتهم } [ آمدند بديشان ] وهو وما بعده استئناف او حال اى كذب المتقدمون وقد جاءتهم

{ رسلهم بالبينات } اى المعجزات الظاهرة الدالة على صدق دعواهم وصحت نبوتهم

{ وبالزبر } كصحف شيث وادريس وابراهيم عليهم السلام جمع زبور بمعنى المكتوب من زبرت الكتاب كتبته كتابه غلظة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور كما فى المفردات

{ وبالكتاب المنير } اى المظهر للحق الموضح لما يحتاج اليه من الاحكام والدلائل والمواعظ والامثال والوعد والوعيد ونحوها كالتوراة والانجيل والزبور على ارادة التفصيل دون الجمع اى بعض هذه المذكورات جاءت بعض المكذبين وبعضها بعضهم لا ان الجميع جاءت كلا منهم

٢٦

{ ثم اخذت } بانواع العذاب

{ الذين كفروا } ثبتوا على الكفر وداوموا عليه وضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما فى حيز الصلة والاشعار بعلية الاخذ

{ فكيف كان نكير } اى انكارى بالعقوبة وتعييرى عليهم : وبالفارسية [ بس جكونه بود انكار من ابرايشان بعذاب وعقاب ]

قال فى كشف الاسرار [ ييدا كردن نشان ناخوشنودى جون بود حال كردانيدن من جون ديدى ]

قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير فانه عليه السلام علم شدة اللّه عليهم فحسن الاستفهام على هذا الوجه فى مقابلة التسلية يحذر كفار هذه الامة بمثل عذاب الامم المكذبة المتقدمة والعاقل من وعظ بغيره

نيك بخت آنكسى دلش ... آنجه نيكى دروست بيذيرد

ديكرانرا جو بند داده شود ... او ازان بند بهره بركيرد

ويسلى ايضا رسوله عليه السلام فان التكذيب ليس ببدع من قريش فقد كان اكثر الاولين مكذبين وجه التسلى انه عليه السلام كان يحزن عليهم وقد نهى اللّه عن الحزن بقوله ( ولا تحزن عليهم ) وذلك لانهم كانوا غير مستعدين لما دعوا اليه من الايمان والطاعة فتوقع ذلك منهم كتوقع الجوهرية من الحجر القاسى

توان باك كردن ز زنك آينه ... وليكن نيايد زسنك آينه

مع ان الحزن للحق لا يضيع كما ان امرأة حاضت فى الموقف فقالت آه فرأت فى المنام كأن اللّه تعالى يقول أما سمعت انى لا اضيع اجر العاملين وقد اعطيتك بهذا الحزن اجر سبعين حجة

قال بعض الكبار لا يخفى ان اجر كل نبى فى التبليغ يكون على قدر ما ناله من المشقة الحاصلة له من المخالفين وعلى قدر ما يقاسيه منهم وكل من رد رسالة نبى ولم يؤمن بها اصلا فان لذلك النبى اجر المصيبة وللمصاب اجر على اللّه بعدد من رد رسالته من امته بلغوا ما بلغوا وقس على هذا حال الولى الوارث الداعى الى اللّه على بصيرة

٢٧

{ ألم تر } الاستفهام تقريرى والرؤية قلبية اى ألم تعلم يعنى قد علمت يا محمد او يا من يليق به الخطاب

{ ان اللّه انزل } بقدرته وحكمته

{ من السماء } اى من الجهة العلوية سماء او سحابا

{ ماء } { فاخرجنا به } اى بذلك الماء . والالتفات من الغيبة الى التكلم لاظهار كمال الاعتناء بفعل الاخراج لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة ولان الرجوع الى نون العظمة اهيب فى العبارة

وقال الكاشفى [ عدول متكلم جهت تخصيص فعل است يعنى ما تواناييم كه بيرون آريم بد

بدان آب ]

{ ثمرات } جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من احمال الشجر

{ مختلفا الوانها } وصف سببى للثمرات اى اجناسها من الزمان والتفاح والتين والعنب وغيرها او اصنافها على ان كلا منها ذو اصناف مختلفة كالعنب فان اصنافه تزيد على خمسين وكالتمر فان اصنافه تزيد على مائة او هيآتها من الصفرة والحمرة والخضرة والبياض والسواد وغيرها

{ ومن الجبال جدد } مبتدأ وخبر . والجدد جمع جدة بالضم بمعنى الطريقة التى يخالف لونها ما يليها سواء كانت فى الجبل او فى غيره والخطة فى ظهر الحمار تخالف لونه وقد تكون للظبى جدتان مسكيتان تفصلان بين لونى ظهره وبطنه

ولما لم يصح الحكم على نفس الجدد بانها من الجبال احتيج الى تقدير المضاف فى المبتدأ اى ومن الجبال ما هو دو جدد اى خطط وطرائق متلونة يخالف لونها لون الجبل فيؤول المعنى الى ان من الجبال ما هو مختلف الوانه لان بيض صفة جدد وحمر عطف على بيض فتلا عليه السلام القرائن الثلاث فان ما قبلها فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها وما بعدها ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه اى منهم بعض مختلف الوانه فلا بد فى القرينة المتوسطة بينهما من ارتكاب الحذف ليؤول المعنى الى ما ذكر فيحصل تناسب القرائن

وفى المفردات اى طرائق ظاهرة من قولهم طريق مجدود اى مسلوك مقطوع ومنه جاد الطريق

وفى الجلالين الطرائق تكون فى الجبال كالعروق

{ بيض } جمع ابيض صفة جدد

{ وحمر } جمع احمر

وفى كشف الاسرار [ واز كوهها راهها ييدا شده از ورندكان خطها سيبد وخطها سرخ در كوههاى سييد وكوههاى سرخ ] حمل صاحب كشف الاسرار الجدد على الطرائق المسلوكة والظاهر هو الاول لان المقام لبيان ما هو خلقى على ان كون الطريقة بيضاء لا يستلزم كون الجبال كذلك اذ للجبال عروق لونها يخالف لونها وكذا العكس وهو ان كون الجبل ابيض لا يقتضى كون الطريقة كذلك فمن موافق ومن مخالف

{ مختلف الوانها } اى الوان تلك الجدد البيض والحمر بالشدة والضعف . فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد الا ان قوله مختلف الوانها صفة لكل واحدة من الجدد البيض والحمر بمعنى ان بياض كل واحدة من الجدد البيض وكذا حمرة الجدد الحمر يتفاوتان بالشدة والضعف.

فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد فرب ابيض اشد بياضا من ابيض آخر وكذا رب احمر اشد حمرة من احمر آخر فنفس البياض مختلف وكذا نفس الحمرة فلذلك جمع لفظ الوان مضافا الى ضمير كل واحد من البيض والحمر فيكون كل واحد منهما من قبيل الكلى المشكك . ويحتمل ان يكون قوله مختلف الوانها صفة ثالثة لجدد فيكون ضمير الوانها للجدد فيكون تأكيدا لقوله بيض وحمر ويكون اختلاف الوان الجدد بان يكون بعضها ابيض وبعضها احمر فتكون الجدد كلها على لونين بياض وحمرة الا انه عبر عن اللونين بالالوان لتكثر كل واحد منهما باعتبار محاله كذا فى حواشى ابن الشيخ

يقول الفقير من شاهد جبال ديار العرب فى طريق الحج وغيرها وجد هذه الاقسام كلها فانها وجددها مختلفة متلونة

{ وغرابيب سود } عطف على بيض فيكون من تفاصيل الجدد والصفات القائمة بها كالبيض والحمر كأنه قيل ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود غرابيب . وانما وسط الاختلاف لانه علم من الوصف بالغرابيب انه ليس فى الاسود اختلاف اللون بالشدة والضعف . ويجوز ان يكون غرابيب عطفا على جدد فلا يكون داخلا فى تفاصيل الجدد بل يكون قسيمها كأنه قيل ومن الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد وهو السواد

فالغرض من الآية اما بيان اختلاف الوان طرائق الجبال كاختلاف الوان الثمرات فترى الطرائق الجبلية من البعيد منها بيض ومنها حمر ومنها سود

واما بيان اختلاف الوان الجبال نفسها وكل منها انردال على القدرة الكاملة كذا فى حواشى ابن الشيخ . والغرابيب جمع غربيب كعفريت يقال اسود غربيب اى شديد السواد الذى يشبه لون الغراب وكذا يقال اسود حالك كما يقال اصفر فاقع وابيض يقق محركة واحمر قان لخالص الصفرة وشديد البياض والحمرة وفى الحديث ( ان اللّه يبغض الشيخ الغربيب ) يعنى الذى يخضب بالسواد كما فى تفسير القرطبى والذى لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة والسود جمع اسود

فان قلت اذا كان الغرابيب تأكيدا للاسود كالفاقع مثلا فلا صفر ينبغى ان يقال وسود وغرابيب بتقديم السود اذ من حق التأكيد ان يتبع المؤكد ولا يتقدم عليه

قلت الغرابيب تأكيد لمضمر يفسره ما بعده والتقدير سود غرابيب سود فالتأكيد اذا متأخر عن المؤكد وفى الاضمار مزيد تأكيد لما فيه من التكرار وهذا اصوب من كون السود بدلا من الغرابيب كما ذهب اليه الاكثر حتى صاحب القاموس كما قال

واما غرابيب سود بدل لان تأكيد الالوان لا يتقدم

٢٨

{ ومن الناس } [ واز آدميان ]

{ والدواب } [ واز جار يايان ] جمع دابة وهى ما يدب على الارض من الحيوان وغلب على ما يركب من الخيل والبغال والحمير ويقع على المذكر

{ والانعام } [ واز جرند كان ] جمع نعم محركة وقد يسكن عينه الابل والبقر والضأن والمعز دون غيرها فالخيل والبغال والحمير خارجه عن الانعام والمعنى ومنهم بعض

{ مختلف الوانه } او وبعضهم مختلف الوانه بان يكون ابيض واحمر واسود ولم يقل هنا الوانها لان الضمير يعود الى البعض الدال عليه من

{ كذلك } تم الكلام هنا وهو مصدر تشبيهى لقوله مختلف اى صفة لمصدر مؤكد تقديره مختلف اختلافا كائنا كذلك اى كاختلاف الثمار والجبال

{ انما يخشى اللّه من عباده العلماء } يعنى [ هركه نداند قدرت خداير برآفريدن اشيا وعالم نبود بتحويل هر جيزى از حالى بحالى جكونه از خداى تعالى ترسد

{ انما يخشى اللّه } الخ

وفى الارشاد وهو تكملة لقوله تعالى

{ انما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب } بتعيين من يخشاه من الناس بعد بيان اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم اما فى الاوصاف المعنوية فبطريق التمثيل

واما فى الاوصاف الصورية فبطريق التصريح توفيه لكل واحدة اللائق بها من البيان اى انما يخشاه تعالى بالغيب به وبما يليق به ومن صفاته الجليلة وافعاله الجميلة لما ان مدار الخشية معرفة المخشى والعلم بشؤونه فمن كان اعلم به تعالى كان اخشى منه كما قال عليه السلام ( انا اخشاكم لله واتقاكم له ) ولذلك عقب بذكر افعاله الدالة على كمال قدرته وحيث كان الكفرة بمعزل عن هذه المعرفة امتنع انذارهم بالكلية انتهى.

وتقديم المخشى وهو المفعول للاختصاص وحصر الفاعلية اى لا يخشى اللّه من بين عباده الا العلماء ولو اخر لانعكس الامر وصار المعنى لا يخشون الا اللّه وبينهما تغاير ففى الاول بيان ان الخاشعين هم العلماء دون غيرهم وفى الثانى بيان ان المخشى منه هو اللّه دون غيره

وقرأ ابو حنيفة وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين برفع اسم اللّه ونصب العلماء على ان الخشية استعارة للتعظيم فان المعظم يكون مهيبا فالمعنى انما يعظمهم اللّه من بين جميع عباده كما يعظم المهيب الخشى من الرجال بين الناس وهذه القراءة وان كانت شاذة لكنها مفيدة جدا وجعل عبد اللّه بن عمر الخشية بمعنى الاختيار اى انما يختار اللّه من بين عباده العلماء

{ ان اللّه عزيز } [ غالبست در انتقام كشيدن ا كسى كه نترسد ازعقوبت او

{ غفور } للخاشين وهو تعليل لوجوب الخشية لدلالته على انه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب من عصيانه ومن حق من هذه صفته ان يخشى

قيل الخشية تألم القلب بسبب توقع مكروه فى المستقبل يكون تاره بكثرة الجناية من البعد وتارة بمعرفة جلال اللّه وهيبته وخشية الانبياء من هذا القبيل

فعلى المؤمن ان يجتهد فى تحصيل العلم باللّه حتى يكون اخشى الناس فبقدر مراتب العلم تكون مراتب الخوف والخشية روى عن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم انه سئل يا رسول اللّه فأى الاصحاب افضل قال

( من اذا ذكرت اللّه اعانك واذا نسيت ذكرك ) قالوا فأى الاصحاب شر قال ( الذى اذا ذكرت لم يعنك واذا نسيت لم يذكرك ) قالوا فأى الناس شر قال ( اللهم اغفر للعلماء العالم اذا فسد فسد الناس ) كذا فى تفسير ابى الليث

علم جندانكه بيشتر خوانى ... جون عمل در تونيست نادانى

نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا عالميين ومحققين وفى الخوف والخشية صادقين ومحققين

٢٩

{ ان الذين يتلون كتاب اللّه } اى يداومون على تلاوة القرآن ويعملون بما فيه اذ لا تنفع التلاوة بدون العمل والتلاوة القراءة اعم متتابعة كالدراسة والا وراد الموظفة والقراءة منها لكن التهدى وتعليم الصبيان لا يعد قراءة ولذا قالوا لا يكره التهجى للجنب والحائض والنفساء بالقرآن لانه لا يعد قارئا كذا لا يكره لهم التعليم للصبيان وغيرهم حرفا حرفا وكلمة كلمة مع القطع بين كل كلمتين

{ واقاموا الصلاة } بآدابها وشرائطها وغاير بين المستقبل والماضى لان اوقات التلاوة اعم بخلاف اوقات الصلاة وكذا اوقات الزكاة المدلول عليها بقوله

{ وانفقوا } فى وجوه البر : يعنى [ ازدست بيرون كنند درويشانرا ]

{ مما رزقناهم } اعطيناهم : يعنى [ از آنجه روزى داده ايم ايشانرا

{ سرا وعلانية } وهى ضد السر واكثر ما يقال ذلك فى المعانى دون الاعيان يقال اعلنته فعلن اى فى السر والعلانية او انفاق سر وعلانية او ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين كيفما اتفق من غير قصد اليهما

وقال الكاشفى

{ سرا } [ بنهان از خوف آنكه بريا آميخته نكردد

{ وعلانية } واشكار بطمع آنكه سبب رغبت ديكران كردد بتصدق ] فالاولى هى المسنونة والثانية هى المفروضة وفيهما اشارة الى علم الباطن والظاهر وفيه بعث للمنفق على الصدقة فى سبيل اللّه فى عموم الاوقات والاحوال

{ يرجعون } خبر ان

{ تجارة } تحصيل ثواب بالطاعة والتاجر الذى يبيع ويشترى وعمله التجارة وهى التصرف فى رأس المال طالبا للربح قيل وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة

واما تجاه فاصله وجاه وتجوب فالتاء فيه للمضارعة

{ لن تبور } البوار فرط الكساد والوصف بائر . ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد عبر بالبوار عن الهلاك مطلقا ومن الهلاك المعنوى ما فى قولهم خذوا الطريق ولو دارت وتزوجوا البكر ولو بارت واسكنوا المدن ولو جارت . والمعنى لن تكسد ولن تهلك مطلقا بالخسران اصلا : وبالفارسية [ فاسد نبود وزيان بدان نرسيد بلكه در روز قيامت متاع اعمال ايشان رواجى تمام يابد ]

قال فى الارشاد قوله

{ لن تبور } صفة للتجارة جئ بها للدلالة على انها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لانه اشتراء باق بفان والاخبار برجائهم من اكرم الاكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم

٣٠

{ ليوفيهم اجورهم } [ التوفيه : تمام بدادن ] والاجر ثواب العمل وهو متعلق بلن تبور على معنى انه ينتفى عنها الكساد وتنفق فلا وقف على لن تبور

{ ويزيدهم } [ وزيادة كند بر ثواب ايشانرا ]

{ من فضله } اى جوده وتفضله وخزائن رحمته ما يشاء مما لم يخطر ببالهم عند العمل ولم يستحقوا له بل هو كرم محض ومن فضله يوم القيامة نصبهم فى مقام الشفاعة ليشفعوا فيمن وجبت لهم النار من الاقرباء وغيرهم

{ انه غفور } تعليل لما قبله من التوفية والزيادة اى غفور لفرطاتهم

وفى بحر العلوم ستار لكل ما صدر عنهم مما من شأنه ان يستر محاء له عن قلوبهم وعن ديوان الحفظة

{ شكور } لطاعاتهم اى مجازيهم عليها ومثيب

وفى التأويلات النجمية غفور يغفر تقصيرهم فى العبودية شكور يشكر سعيهم مع التقصير بفضل الربوبية

قال ابو الليث الشكر على ثلاثة اوجه . الشكر ممن دونه يكون بالطاعة وترك مخالفته . والشكر ممن هو شكله يكون بالجزاء والمكافأة . والشكر ممن فوقه يكون رضى منه باليسير كما

قال بعضهم الشكور هو المجازى بالخير الكثير على العمل اليسير والمعطى بالعمل فى ايام معدودة نعما فى الآخرة غير مجذوذة ومن عرف انه الشكور شكر نعمته وآثر طاعته وطلب رحمته وشهد منته

قال الغزالى رحمه اللّه واحسن وجوه الشكر لنعم اللّه ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته

وخاصة هذا الاسم انه لو كتبه احدى واربعين مرة من به ضيق فى النفس وتعب فى البدن وثقل فى الجسم وتمسح به وشرب منه برئ باذن اللّه تعالى وان تمسح به ضعيف البصر على عينيه وجد بركه ذلك

٣١

{ والذى اوحينا اليك من الكتاب } وهو القرآن ومن للتبيين او للجنس او للتبعيض

{ هو الحق } الصدق لا كذب فيه ولا شك

{ مصدقا لما بين يديه } اى حال كونة موافقا لما قبله من الكتب السماوية المنزلة على الانبياء فى العقائد واصول الاحكام وهو حال مؤكدة اى احقه مصدقا لان حقيته لا تنفك عن هذا التصديق

{ ان اللّه بعباده } متعلق بقوله

{ الخبير بصير } وتقديمه عليه لمراعاة الفاصلة التى على حف الراء اى محيط ببواطن امورهم وظواهرها فلو كان فى احوالك ما ينافى النبوة لم يوح اليك مثل هذا الحق المعجز الذى هو عيار على سائر الكتب يعرف صدقها منه وتقديم الخبير للتنبيه على ان العمدة فى ذلك العلم والاحاطة هى الامور الروحانية

وفى التأويلات النجمية

{ ان اللّه بعباده } من اهل السعادة واهل الشقاوة

{ لخبير } لانه خلقهم

{ بصير } بما يصدر منهم من الاخلاق الكثير ولا يحصل اجر التلاوة للامى اذ لا تلاوة له بل للقارئ فلا بد من التعلم والاشتغال فى جميع الاقات : قال المولى الجامى

جون زنفس وحديثش آيى تنك ... بكلام قديم كن آهنك

مصحفى جوجو شاهد مهوش ... بوسه زن در كنار خويشش كش

حرف او كن حواس جسمانى ... وقف او كن قواى روحانى

دل بمعنى زبان بلفظ سبار ... جشم برخط نه ونقط بكذار

وفى الحديث ( اذا كان يوم القيامة وضعت منابر من نور مطوقة ينور عند كل منبر ناقة من نوق الجنة ينادى مناد اى من حمل كتاب اللّه اجلسوا على هذه المنابر فلا روع عليكم ولا حزن حتى يفرغ اللّه مما بينه وبين العباد فاذا فرغ اللّه من حساب الخلق حملوا على تلك النوق الى الجنة ) وفى الحديث ( ان اردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان فى الميزان )

ذكر فى القنية ان الصلاة على النبى عليه السلام والدعاء والتسبيح افضل من قراءة القرآن فى الاقات التى نهى عن الصلاة فيها . فالمستحب بعد الفجر مثلا ذكر اللّه تعالى كما هو عادة الصوفية الى ان تطلع الشمس فان هذا الوقت وان جاز فيه قضاء الفوائت وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة ولكن يكره التطوع فهو منهى عنه فيه وكذا المنذورة وركعتا الطواف وقضاء تطوع اذا فسده لانها ملحقة بالنفل اذ سبب وجوبها من جهته جعلنا اللّه واياكم من المغتنيمن بتلاوة كتابه والمتشرفين بلطف خطابه الواصلين الى الانوار والاسرار

٣٢

{ ثم } للترتيب والتأخير اى بعدما اوحينا اليك او بعد كتب الاولين كما دل ما قبله على كل منهما

وسئل الثورى على ماذا عطف بقوله ثم قال على ارادة الازل والامر المقضى اى بعد ما اردنا فى الازل

{ اورثنا الكتاب } اى ملكنا بعظمتنا ملكا تاما واعطينا هذا القرآن عطاء والا رجوع فيه

قال الراغب الوراثة انتقال قينة اليك عن غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد وسمى بذلك المنتقل عن الميت ويقال لكل من حصل له شئ من غير تعب قد ورث كذا انتهى

وسيأتى بيانه

{ الذين اصفينا من عبادنا } الموصول مع صلته مفعول ثان لا ورثنا . والاصطفاء فى الاصل تناول صفو الشئ بالفارسية [ بركزيدن وعباد اينجا بموضع كرامت است اكرجه كه نسبت عبوديت آدمرا حقيقت است ] كما فى كشف الاسرار والمعنى بالفارسية [ آنا نراكه بركزيديم از بندكان ما ( وهم الامة باسرهم ) زيرا آن روز كه اين آيت آمد مصطفى عليه السلام سخت شاد شد وازشادة كه بوى رسيد سه بار بكفت ] امتى ورب الكعبة واللّه تعالى اصطفاهم على سائر الامم كما اصطفى رسولهم على جميع الرسل وكتابهم على كل الكتب وهذا الايراث للمجموع لا يقتضى الاختصاص بمن يحفظ جميع القرآن بل يشمل من يحفظ منه جزأ ولو انه الفاتحة فان الصحابة رضى اللّه عنهم لم يكن واحد منهم يحفظ جميع القرآن ونحن على القطع بانهم مصطفون كما فى المناسبات

قال الكاشفى [ عطارا ميراث خواند جه ميراث مالى باشد كه بى تعب طلب بدست آيد هميجنين عطية قرآن بى جست وجوى مؤمنان بمحض عنايت ملك منان بديشان رسيد وبيكانكان را در ميراث دخل نيست دشمنان نيز وبهرهاى اهل قرآن متفاوتست هركس بقدر استحاق واندازة استعداد خود از حقائق قرآن بهره مند شوند ]

زين بزم يكى جرعة طلب كرد يكى جام ... وفى التأويلات النجمية انما ذكر بلفظ الميراث يقتضى صحة النسب او صحة السبب على وجه مخصوص فمن لا سبب له ولا نسب له فلا ميراث له فالسبب ههنا طاعة العبد والنسب فضل الرب فاهل الطاعة هم اهل الجنة كما قال تعالى

{ اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس } فهو ورثوا الجنة بسبب الطاعة واصل وراثتهم بالسببية المبايعة التى جرت بينهم وبين اللّه بقوله

{ ان اللّه اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة } فهؤلاء اطاعوا اللّه بانفسهم واموالهم فادخلهم اللّه الجنة جزاء بما كانوا يعملون واهل الفضل هم اهل اللّه وفضله معهم بان اورثهم المحبة والمعرفة والقربة كما قال

{ يحبهم ويحبونه } الآية

ولما كانت الوراثة بالسبب والنسب وكان السبب جنسا واحدا كالزوجة وهما صاحبا الفرض وكان النسب من جنسين الاصول كالآباء والامهات والفروع كل ما يتولد من الاصول كالاولاد والاخوة والاخوات واولادهم والاعمام واولادهم وهم صاحب فرض وعصبية فصار مجموع الورثة ثلاثة اصناف صنف صاحب الفرض بالسبب وصنف صاحب الفرض بالنسب وصنف صاحب الباقى وهم العصبة كذلك الورثة ههنا ثلاثة اصناف كما قال تعالى

{ فمنهم } اى من الذين اصطفينا من عبادنا

{ ظالم لنفسه } فى العمل بالكتاب وهو المرجأ لامر اللّه الى الموقوف امره لامر اللّه اما يعذبه

واما يتوب عليه وذلك لانه ليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله تعالى

{ فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الادنى ويقولون سيغفر لنا } الآية ولا من ضرورة الاصطفاء المنع عن الوصف بالظلم هذا آدم عليه السلام اصطفاه اللّه كما قال

{ ان اللّه اصطفى آدم } وهو القائل

{ ربنا ظلمنا انفسنا } الآية

ولما كانت الوارثة بالسبب والنسب وكان السبب جنسا واحدا كالزوجية وهما صاحبا الفرض وكان النسب من جنسين الاصول كالآباء والامهات والفروع كل ما يتولد من الاصول كالاولاد والاخوة والاخوات واولادهم والاعمام واولادهم وهم صاحب فرض وعصبية فصار مجموع الورثة ثلاثة اصناف صنف صاحب الفرض بالسبب وصنف صاحب الفرض بالسبب وصنف صاحب الفرض بالنسب وصنف صاحب الباقى وهم العصبة كذلك الورثة ههنا ثلاثة اصناف كما قال تعالى

{ فمنهم } اى من الذين اصطفينا من عبادنا

{ ظالم لنفسه } فى العمل بالكتاب وهو المرجأ لامر اللّه اى الموقوف امره لامر اللّه اما يعذبه

واما يتوب عليه وذلك لانه ليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله تعالى

{ ان اللّه اصطفى آدم } وهو القائل

{ ربنا ظلمنا انفسنا } الآية

سئل ابو زيد البسطامى قدس سره أيعصى العارف الذى هو من اهل الكشف فقال نعم

{ وكان امر اللّه قدرا مقدورا } يعنى ان كان الحق قدر عليه فى سابق علمه شيأ فلا بد من وقوعه

واعلم ان الظلم ثلاثة . ظلم بين الانسان وبين اللّه واعظمه الكفر والشرك والنفاق وظلم بينه وبين الناس . وظلم بينه وبين نفسه وهو المراد بما فى الآية كما فى المفردات

وتقديم الظلم بالذكر لا يدل على تقديمه فى الدرحة لقوله تعالى

{ فمنكم كافر ومنكم مؤمن } كما فى الاسئلة المقحمة

وقال بعضهم قدم الظالم لكثرة الفاسقين ولان الظلم بمعنى الجهل والركون الى الهوى مقتضى الجبلة والاقتصاد والسبق عارضان

وقال ابو الليث الحكمة فى تقديم الظالم وتأخير السابق كى لا يعجب السابق بنفسه ولا ييأس الظالم من رحمة اللّه يعنى [ ابتداء بظالم كرد تاشرم زده نكردند وبرحمت بى غايت او اميدوار باشند ]

نيايد از من آلوده طاعت خالص ... ولى برحمت وفضلت اميدوارى هست

وقال القشيرى فى الارث يبدأ بصاحب الفرض وان قل نصيبه فكذا ههنا بدأ بالظالم ونصيبه اقل من نصيب الآخرين [ وكفته اند تقديم ظالم ازروى فضلست وتأخيرش ازراه عدل وحق سبحانه فضل را ازعدل دوستر دارد وتأخير سابق جهت آنست كه تابثواب كه دخول جنانست اقرب باشد يا بجهت آنكه اعتماد بر عمل خود نكند وبطاعت معجب نكردد كه عجب آتشيست كه جون برافروخته شود هزارخر من عبادت بدو سوخته شود ]

اى بسر عجب آتشى عجبست ... كرم ساز تنور بو لهبست

هركجا شعلة ازو افروخت ... هرجه از علم وزهد ديد بسوخت

{ ومنهم مقتصد } يعمل بالكتاب فى اغلب الاوقات ولا يخلو من خلط الشئ : وبالفارسية [ وهست از ايشان كه راه ميان رفت نه هنر سابقان ونه تفريط ظالمان ] فان الاقتصاد بالفارسية [ ميان رفتن دركار ] وانما قال مقتصد بصيغة الافتعال لان ترك الانسان للظلم فى غاية الصعوبة

{ ومنهم سابق } اصل السبق التقدم فى السير ويستعار لاحراز الفضل فالمعنى متقدم الى ثواب اللّه وجنته ورحمته

{ بالخيرات } بالاعمال الصالحة بضم العليم والارشاد الى العلم والعمل والخير ما يرغب فيه الكل كالعقل والعدل والفضل والشئ النافع وضده الشر

قال بعض الكبار وهذه الخيرات على قسمين . قسم من كسب العبد بتقديم الخيرات . وقسم من فضل الرب بتواتر الجذبات الى ان يسبق على الظالم لنفسه وعلى المقتصد بالسير باللّه فى اللّه وان كان مسبوقا بالذكر فى الاخير كما كان حال النبى عليه السلام مسبوقا بالخروج فى آخر الزمان للرسالة سابقا بالرجوع الى الحضرة ليلة المعراج على جميع الانبياء والرسل كما اخبر عن حال نفسه وحال سابقى امته بقوله ( نحن الآخرون السابقون ) اى الآخرون خروجا فى عالم الصورة السابقون وصولا الى عالم الحقيقة

وعن جعفر الصادق رضى اللّه عنه بدأ بالظالمين اخبارا انه لا يتقرب اليه الا بكرمه وان الظلم لا يؤثر فى الاصطفاء ثم ثنى بالمقتصدين لانهم بين الخوف والرجاء ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن احد مكره وكلهم فى الجنة بحرمة كلمة الاخلاص

وقد روى ان عمر رضى اللّه عنه قال على المنبر قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له )

وقال ابو بكر بن الوراق رتبهم هذا الترتيب على مقامات الناس لان احوال العبد ثلاث معصية وغفلة ثم توبة ثم قربة فاذا عصى دخل فى حيز الظالمين واذا تاب دخل فى جملة المقتصدين واذا صحت التوبة وكثرت العبادة والمجاهدة دخل فى عداد السابقين . والسابق على ضربين سابق ولد سابقا وعاش سابقا ومات سابقا وسابق ولد سابقا وعاش ظالما ومات فاسم الظالم عليهم عارية ولدوا سابقين وماتوا سابقين ولا عبرة بالظلم العارض بل العبرة بالازل والابد لا بالبرزخ بينهما فاما من ولد ظالما وعاش ظالما ومات ظالما من هذه الامة فهو من اهل الكبائر الذين قال النبى عليه السلام فيهم ( شفاعتى لاهل الكبائر من امتى )

فعلى هذا المقتصد من مات على التوبة والسابق من عاش فى الطاعة ومات فى الطاعة.

او السابق هو الذى ترجحت حسناته بحيث صارت سيآته مكفرة وهو معنى قوله عليه السلام ( اما الذين سبقوا فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب )

واما المقتصد فاولئك يحاسبون حسابا يسيرا .

واما الذين ظلموا فاولئك يحبسون فى طول المحشر ثم يتلقاهم اللّه برحمته

وههنا مقالات اخر كثيرة ذكرنا بعضها منها على ترتيب الآية وهو ان المراد بالطوائف الثلاث التالى للقرآن تلاوة مجردة والقارئ له العامل به والقارئ العامل بما فيه والمعلم له . او من استغنى بماله ومن استغنى بدينه ومن استغنى بربه . او الذى يدخل المسجد وقد اقيمت الصلاة والذى يدخله وقد اذن والذى يدخله قبل تأذين المؤذن وانما كان الاول ظالما لانه نقص نفس الاجر فلم يحصل لها ما حصل لغيرها . او الذى يعبد اللّه على الغفلة والعادة والذى يعبده على الرغبة والرهبة والذى يعبده على الهيبة . او الذى شغله معاشه عن معاده والذى اشتغل بالمعاش والمعاد جميعا والذى شغله معاده عن معاشه . او من يرتكب المعاصى غير مستحل لها ولا جاحد تحريمها ومن لا يزيد من الطاعات على الفرائض والواجبات ومن يكثر الطاعات ويبلغ النهاية فيها مع اجتناب المعاصى . او من هو معذب ناج ومن هو معاتب ناج ومن هو مقرب ناج . او الذى ترك الحرام والذى ترك الشبهة والذى ترك الفضل فى الجملة . او الذى رجحت سيآته والذى ساوت حسناته سيآته . اومن ظاهره خير من باطنه ومن استوى ظاهره وباطنه ومن باطنه خير من ظاهره . او من اسلم بعد فتح مكة ومن اسلم بعد الهجرة قبل الفتح ومن اسلم قبل الهجرة . او اهل البدو : يعنى [ اهل بادية كه نه كمر جهاد بندند ونه دولت جاعت يابند ] واهل الحضر اى الامصار وهم اصحاب الجماعات والجمعات واهل الجهاد فى سبيل اللّه . او من لا يبالى من اين اخذ من الحلال او الحرام ومن اخذ من الحلال ومن ترك الدنيا لما انه فى حلالها حساب وفى حرامها عذاب . او الذى يطلق فوق القوت والكفاف والذى يطلب القوت لا الزيادة عليه والذى يتوكل على اللّه ويجعل جميع جهده فى طاعته . او الذى يدخل الجنة بشفاعة الشافعين والذى يدخلها برحمة اللّه وفضله والذى ينجو بنفسه وينجو غيره بشفاعته . او الذى يضيع العمر فى الشهوة والمعصية والذى يحارب فيهما والذى يجتهد فى الزلات لان محاربة الصديقين فى الزلات ومحاربة الزاهدين فى الشهوات ومحاربة التأبين فى الموبقات . او من يطلب الدنيا تمتعا ومن يطلبها تلذذا ومن يتركها تزاهدا . او الذى يطلب ما لم يؤمر بطلبه وهو الرزق والذى بطلب ما امر به وما لم يؤمر به والذى يطلب مرضاة اللّه ومحبته . او اصحاب الكبائر وارباب الصغائر والمجتنب عنهما جميعا فهذا القائل انما حمل الامر على اشده.

او من يشتغل بعيب غيره ولا يصلح عيب نفسه ومن يطلب عيب نفسه ويطمع فى عيب غيره ايضا ومن يشتغل بعيب نفسه ولا يطلب عيب غيره اصلا . او الجاهل والمتعلم والعالم [ يا آنكه انصاف ستاند وندهد وآنكه همم ستاند وهمم دهد وآنكه او دهد ونستاند يا طالب نجات ودرجات ومناجات يا ناظر ازخود بخود ونكرنده ازخود باخرت وناظر ازحق بحق يا آنكه بيوسته در خواب غفلت باشد وآنكه كاهى بيدار كردد وآنكه هميشه بيدار بود ] . او الزاهد لانه ظلم نفسه بترك حظه من الدنيا والعارف والمحب . او الذى بجزع عند البلاء والصابر على البلاء والمتلذذ بالبلاء . او من ركن الى الدنيا ومن ركن الى العقبى ومن ركن الى المولى

نعيم هردو جهان ميكنند برما عرض ... دل ازميانه تمنا ندارد الا دوست

او من جاد بنفسه ومن جاد بقلبه ومن جاد بروحه . او من له علم اليقين ومن له عين اليقين ومن له حق اليقين . او الذى يحب اللّه لنفسه والذى يحبه له والذى اسقط عنه مراده لمراد الحق لم ير لنفسه طلبا ولا مرادا لغلبة سلطان الحق عليه . او من يراه فى الآخرة بمقدار ايام الدنيا فى كل جمعة مرة ومن يراه فى كل يوم مرة ومن هو غير محجوب عنه ولو ساعة . او من هو فى ميدان العلم ومن هو فى ميدان المعرفة ومن هو فى ميدان الوجد . او السالك والمجذوب والمجذوب السالك فالسالك هو المتقرب والمجذوب هو المقرب السالك هو المستهلك فى كمالات القرب الفانى عن نفسه الباقى بربه . او من هو مضروب بسوط الحسرة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الرجاء ومن هو مضروب بسوط الحسرة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الكرم ومن هو مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة

اكر عاشقى خواهى آموختى ... بكشتن فرج يابى از سوختن

مكن كريه بركور مقتول دوست ... قل الحمد لله كه مقبول اوست

فالظالم على هذه الاقاويل كلها هو المؤمن

واما قول من قال الظالم لنفسه آدم عليه السلام والمقتصد ابراهيم عليه السلام والسابق محمد عليه السلام ففيه ان الآية فى حق هذه الامة الا ان يعاد الضمير فى قولهم منهم الى العباد مطلقا

فان قلت هل يقال ان آدم ظلم نفسه

قلت هو قد اعترف بالظلم لنفسه فى قوله

{ ربنا ظلمنا انفسنا } وان كان الادب الامساك عن مثل هذا المقال فى حقه وان كان له وجه فى الجملة كما قال الراغب الظلم يقال فى مجاوزة الحق الذى يجرى مجرى نقطة الدائرة ويقال فيما يقل ويكثر من التجاوز ولهذا يستعمل فى الذنب الكبير والصغير ولذلك قيل لآدم ظالم فى تعديه ولا بليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد انتهى

{ باذن اللّه } جعله فى كشف الاسرار متعلقا بالاصناف الثلاثة على معنى ظلم الظالم وقصد المقتصد وسبق السابق بعلم اللّه وارادته.

والظاهر تعلقه بالسابق كما ذهب اليه اجلاء المفسرين على معنى بتيسيره وتوفيقه وتمكينه من فعل الخير لا باستقلاله

وفيه تنبيه على عزة منال هذه الرتبة وصعوبة مأخذها

قال القشيرى قدس سره كأنه قال يا ظالم ارفع رأسك فانك وان ظلمت فما ظلمت الا نفسك وبا سابق اخفض رأسك فانك وان سبقت فما سبقت الا بتوفيقى

{ ذلك } السبق بالخيرات

{ هو الفضل الكبير } من اللّه الكبير لا ينال الا بتوفيقه او ذلك الا يراث والاختيار فيكون بالنظر الى جمع المؤمنين من الامة وكونه فضلا لان القرآن افضل الكتب الالهية وهذه الامة المرحومة افضل جميع الامم السابقة

وفى التأويلات النجمية اى الذى ذكر من الظالم مع السابق فى الايراث والاصطفاء ودخول الجنة ومن دقائق حكمته انه تعالى ما قال فى هذا المعرض الفضل العظيم لان الفضل العظيم فى حق الظالم ان يجمعه مع السابق فى الفضل والمقام كما جمعه معه فى الذكر

٣٣

{ جنات عدن } يقال عدن بمكان كذا اذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر كما فى المفردات اى بساتين استقرار وثبات واقامة لا رحيل لانه لا سبب للرحيل عنها وهو اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب او مبتدأ خبره قوله تعالى

{ يدخلونها } جمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين ومالهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذير لهما من التقصير وتحريض على السعى فى ادراك شئون السابقين

وقال بعضهم المراد بالاصناف الثلاثة الكافر والمنافق والمؤمن او اصحاب المشأمة واصحاب الميمنة ومن اريد بقوله تعالى

{ والسابقون السابقون } او المنافقون والمتابعون بالاحسان واصحاب النبى عليه السلام او من يعطى كتابه وراء ظهره ومن يعطى كتابه بشماله ومن يعطى كتابه بيمينه

فعلى هذه الاقوال لا يدخل الظالم فى الجنات لكونه غير مؤمن وحمل هذا القائل الاصطفاء على الاصطفاء فى الخلقة وارسال الرسول اليهم وانزال الكتاب والاول هو الاصح وعليه عامة اهل العلم كما فى كشف الاسرار

قال ابو الليث فى تفسير اول الآية واخرها دليل على ان الاصناف الثلاثة كلهم مؤمنون

فاما الاول الآية فقوله

{ ثم اورثنا الكتاب } فاخبر انه اعطى الكتاب لهؤلاء الثلاثة

واما آخر الآية فقوله

{ يدخلونها } اذ لم يقل يدخلانها روى عن كعب الاحبار انه قيل له ما منعك ان تسلم على يدى رسول اللّه عليه السلام قال كان ابى مكننى من جميع التوراة الا ورقات منعنى ان انظر فيها فخرج ابى يوما لحاجة فنظرت فيها فوجدت فيها نعت امة محمد وان يجعلهم اللّه يوم القيامة ثلاثة اثلاث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وثلث تشفع لهم الملائكة والنبيون فاسلمت وقلت لعلى اكون من الصنف الاول وان لم اكن من الصنف الثانى او من الصنف الثالث فلما قرأت القرآن وجدتها فى القرآن وهو قوله تعالى

{ ثم اورثنا الكتاب } الى قوله { يدخلونها }

وفى التأويلات النجمية لما ذكرهم اصنافا ثلاثة رتبها ولما ذكر حديث الجنة والتنعيم والتزين فيها ذكرهم على الجمع

{ جنات عدن } الآية نبه على ان دخولها الجنة لا باستحقاق بل بفضله وليس فى الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم لان فى الخبر ( ان من اهل الجنة من يرى اللّه سبحانه فى كل جمعة بمقدار ايام الدنيا مرة ومنهم من يراه فى كل يوم مرة ومنهم من هو غير محجوب عنه لحظة ) كما سبق

{ يحلون } [ التحلية : بازيور كردن ] اى يلبسون على سبيل التزين والتحلى نساء ورجالا خبر ثان او حال مقدرة

{ فيها } اى فى تلك الجنات

{ من اساور من ذهب } من الاولى تبعيضية والثانية بيانية.

واساور جمع اسورة وهو جمع سوار مثل كتاب وغراب معرب ( دستواره ) والمعنى يحلون بعض اساور من ذهب لانه افضل من سائر افرادها اى بعضا سابقا لسائر الابعاض كما سبق المسورون به غيرهم وقال فى سورة هل اتى

{ وحلوا اساور من فضة } قيل يجمع لهم الذهب والفضة جميعا وهو اجمل او بعضهم يحلون بالذهب وهم المقربون وبعضهم يحلون بالفضة وهم الابرار

{ ولؤلؤا } بالنصب عطفا على محل من اساور . واللؤلؤ الدر سمى بذل لتلألئه ولمعانه والمعنى ويحلون لؤلؤا

قال الكاشفى [ جنانكه بادشهان عجم ]

وقرئ بالجر عطفا على ذهب اى من ذهب مرصع باللؤلؤ ومن ذهب فى صفاء اللؤلؤ وذلك لانه لم يعهد الاسورة من نفس اللؤلؤ الا ان تكون بطريق النظم فى السلك

وقال فى بحر العلوم عطف على ذهب فانهم يسورون بالجنسين اساور من ذهب ومن لؤلؤ وذلك على اللّه يسيروكم من امر من امور الآخرة يخالف امور الدنيا وهذا منها

{ ولباسهم فيها حرير } لا كحرير الدنيا فانه لا يوجد معناه فى الدنيا الا الاسم واللباس اسم ما يلبس : وبالفارسية [ جامه ويوشش ] والحرير من الثياب ما رق كما فى المفردات وثوب يكون سداه ولحمته ابريسما وان كان فى الاصل الابريسم المطبوخ كما فى القهستانى . ويحرم لبسه على الرجال دون النساء الا فى الحرب ولكن لا يصلى فيه الا ان يخاف العدو او لضرورة كحكة او جرب فى جسده او لدفع القمل ولا يلبسه وان لم يتصل بجلده وهو الصحيح وجاز ان يكون عروة القميص وزره حريرا كالعلم فى الثوب ولا بأس ان يشد خمارا اسود من الحرير على العين الرامدة والناظرة الى الثلج وان تكون التكة حريرا ورخص قدر اربع اصابع كما هى .

وقيل مضمومة ولا يجمع المتفرق من الحرير . ويجوز عند الامام ان يجعل الحرير تحت رأسه وجنبه ويكره عندهما وبه اخذا كثر المشايخ . وعلى هذا الخلاف تعليق الحرير على الجدر والابواب ولا بأس بالجلوس على بساط الحرير والصلاة على السجادة منه وبوضع ملاءة الحرير على مهد الصبى . ويلبس الرجل فى الحرب وغيره بلا كراهة اجماعا ما سداه ابريسم ولحمته ابريسم وسداه غيره فى حرب فقط . وكره الباس الصبى ذهبا او حريرا لئلا يعتاده والاثم على الملبس لان الفعل مضاف اليه . وكذا يكره كل لباس خلاف السنة والمستحب ان يكون من القطن والكتان او الصوف . واحب الالوان البياض . ولبس الاخضر سنة . ولبس الاسود مستحب ولا بأس بالثوب الاحمر كما فى الزاهدى الكل من القهستانى وقد سبق باقى البيان فى سورة الحج وغيرها

٣٤

{ وقالوا } اى ويقولون عند دخول الجنة حمدا لربهم على ما صنع بهم وصيغة الماضى للدلالة على التحقق : وبالفارسية [ وكوند اين جمع جون از حفرة دوزخ برهند وبروضة بهشت برسند ]

{ الحمد لله } اى الاحاطة باوصاف الكمال لمن له تمام القدرة

{ الذى اذهب } ازال

{ عنا } بدخولنا الجنة

{ الحزن } الحزن بفتحتين والحزن بالضم والسكون واحد وهو خشونة الارض وخشونة فى النفس لما يحصل فيه من الغم ويضاده الفرح

وفى التأويلات النجمية سمى الحزن حزنا لحزونة الوقت على صاحبه وليس فى الجنة وهى جوار الحضرة حزونة وانما هى رضى واستبشار انتهى

والمراد جنس الحزن سواء كان حزن الدنيا او حزن الآخرة من هم المعاش وحزن زوال النعم والجوع والعطش وقوت من الحلال وخوف السلطان ودغدغة التحاسد والتباغض وحزن الاعراض والآفات وسوسة ابليس والسيآت ورد الطاعات وسوء العاقبة والموت واهوال يوم القيامة والنار والمرور على الصراط وخوف المفراق وتدبير الاحوال وغير ذلك وفى الحديث ( ليس على اهل لا اله الا اللّه وحشة فى قبورهم ولا فى محشرهم ولا فى منشرهم وكأنى باهل لا اله الا اللّه يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن )

قال ابو سعيد الخراز قدس سره اهل المعرفة فى الدنيا كأهل الجنة فى الآخرة فتركوا الدنيا فى الدنيا فتنعموا وعاشوا عيش الجنانيين بالحمد والشكر بلا خوف ولا حزن

جنت نقدست اينجا ذوق ارباب حضور ... دردل ايشان نباشد حزن وغم تانفخ صور

{ ان ربنا } المحسن الينا مع اساءتنا

{ الغفور } للمذنبين فيبالغ فى ستر ذنوبهم الفائتة للحصر

{ شكور } للمطيعين فيبالغ فى اثابتهم فان الشكر من اللّه الاثابة والجزاء الوفاق

وفى التأويلات غفور للظالم لنفسه شكور للمقتصد والسابق وانما قدم ما للظالم رفقا بهم لضعف احوالهم انتهى

ثم وصفوا اللّه بوصف آخر هو شكر له

٣٥

{ الذى احلنا } انزلنا يقال حلت نزلت من حل الاحمال عند النزول كما فى المفردات

{ دار المقامة } مفعول ثان لاحل وليس يظرف لانها محدودة . والمقامة بالضم مصدر تقول اقام يقيم اقامة ومقامة اى دار الاقامة التى لا انتقال عنها ابدا فلا يريد النازل بها ارتحالا منها ولا يراد به ذلك

{ من فضله } اى من انعامه وتفضله من غير ان يوجبه شئ من قبلنا من الاعمال فان الحسنات فضل منه ايضا فلا واجب عليه

وذلك ان دخول الجنة بالفضل والرحمة واقتسام الدرجات بالاعمال والحسنات هذا مخلوق تحت رق مخلوق مثله لا يستحق على سيده عوضا لخدمته فكيف الظن بمن له الملك على الاطلاق أيستحق من يعبده عوضا على عبادته تعالى اللّه عما يقول المعتزلة من الايجاب

وفى التأويلات وبقوله

{ الذى احلنا دار المقامة } من فضله كشف القناع عن وجه الاحوال كلها فدخل كل واحد من الظالم والمقتصد والسابق فى مقام احله اللّه فيه من فضله لا بجهده وعمله وان الذى ادخله اللّه الجنة جزاء بعمله فتوفيقه للعمل الصالح ايضا من فضل اللّه وهذا حقيقة قوله عليه السلام ( قبل من قبل لا لعلة دون ورد من رد لا لعلة )

{ لا يمسنا } المس كاللمس وقد يقال فى كل ما ينال الانسان من اذى تكليف فيها ولا كدّ : وبالفارسية [ ماندكى ارادوا ان يروه لا يحتاجون الى تحديق مقلة فى جهة يرونه كما هم كيفية كل صفة لهم ارادت الرؤية لقلو تعالى

{ وفيها ما تشتهى الانفس وتلذ الاعين } والفرق بين النصب واللغوب ان النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور للجوارح

قال ابو حيان هو لازم من تعب البدن فهى الجديرة لعمرى بان يقال فيها

علياء لا تنزل الاحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء

والتصريح بنفى الثانى مع استلزام نفى الاول له وتكرير الفعل المنفى للمبالغة فى بيان انتفاء كل منهما روى عن الضحاك رحمه اللّه قال اذا دخل اهل الجنة الجنة استقبلهم الولدان والخدم كأنهم اللؤلؤ المكنون فبعث اللّه من الملائكة من معه هدية من رب العالمين وكسوة من كسوة الجنة فيلبسه فيريد ان يدخل الجنة فيقول الملك كما انت ويقف ومعه عشرة خواتيم من خواتيم الجنة هدية من رب العالمين فيضعها فى اصابعه مكتوب فى اول خاتم منها

{ سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } وفى الثانى مكتوب

{ ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود } وفى الثالث مكتوب

{ رفعت عنكم الاحزان والهموم } وفى الرابع مكتوب

{ زوجناكم الحور العين } وفى الخامس مكتوب

{ ادخلوها بسلام آمنين } وفى السادس مكتوب

{ انى جزيتهم لايوم بما صبروا } وفى السابع مكتوب

{ انهم هم الفائزون } وفى الثامن مكتوب

{ صرتم آمنين لا تخافوا ابدا } وفى التاسع مكتوب

{ رافقتم النبيين والصديقيين والشهداء } وفى العاشر مكتوب

{ فى جوار من لا يؤذىلجيران } الى آخر الآية الملك [ اى جوانمرد.

قدر ترياق مار كزيده داند . قدر آتش سوزان يروانه داند . قدر ييرهن يوسف يعقوب غمكين داند اوكه مغرور سلامت خويش است اكر اورا ترياق دهى قدر آن جه داند جان بلب رسيدة بايد تاقدر ترياق بداند درويشى دل شكستة غم خوردة اندوه كشيدة بايد تاقدر اين شناسد وعزاين خطاب بداندكه

{ الحمد اللّه الذى اذهب عنا الحزن } باش تافرداكه آن درويش دلريش را در حظيرة قدس برسرير سرور نشانند وآن غلمان وولدان جاكروار ييش تخت دولت او سماطين بركشند شب محنت بيايان رسيده خورشيد سعادت از افق كرامت برآمده وحضرت عزت از الطاف وكرم روى بدوريش نهاده بزبان ناز ودلال همى كويد بنعت شكر

{ الحمد لله } الخ

نماند اين شب تاريك ميرسد سحرش ... نماند ابر زخورشي ميرود كدرش

نسأل اللّه الانكشاف

٣٦

{ والذين كفروا } جحدوا بوجود اللّه تعالى او بوحدته

{ لهم } بمقابلة كفرهم الذى هو اكبر الكبائر واقبح القبائح

{ نار جهنم } التى لا تشبه نارا

{ لا يقضى عليهم } لا يحكم عليهم بموت ثان : يعنى [ وقتى كه در دوزخ باشند ]

{ فيموتوا } ويستريحوا من العذاب ونصبه باضمار ان لانه جواب النفى

{ ولا يخفف عنهم من عذابها } طرفة عين بل كلما خبت زيد استعارها : يعنى [ هركاه كه آتش فرونشيند زيادة كنند احراق والتهاب اورا ]

وقوله كلما خبت لا يدل على تخفيف عنهم بل على نقصان فى النار ثم يزداد كما فى كشف الاسرار

قوله عنهم نائب مناب الفاعل ومن عذابها فى موقع النصب او بالعكس وان كانت زائدة يتعين له الرفع

{ كذلك } اى مثل هذا الجزاء الفظيع

{ نجزى } [ جزاميدهيم ]

{ كل كفور } مبالغ فى الكفر او فى الكفران لا جزاء اخف وادنى منه

٣٧

{ وهم } اى الكفار

{ يصطرخون فيها } يستغيثون : وبالفارسية [ فرياد ميخواهند در دوزخ ] والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية [ فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن ] لجهر المستغيث صوته

{ ربنا } باضمار القول يقولون ربنا

{ اخرجنا } من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا

{ نعمل صالحا } [ عمل بسنديده ] اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الاعمال مبنى على الايمان

{ غير الذى كنا نعمل } قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافة اذا كان هوى وطبعا ومخالفة : يعنى [ اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار مادردنيا شايسته نبود ]

{ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام [ والتعمير : زندكانى دادن ] والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس [ والتذكر : بندكرفتن ] والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او نقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثانى مال الكاشفى حيث قال بالفارسية [ آيا زند كانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شمارا آن مقدار بند كيريد ودران عمر هركه خواهد كه بند كيرد ] ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه واصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة اعظم يعنى اذا بلغ حد البلوغ يفتح اللّه له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثمانى عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة اشد من الاول وفى الحديث ( اعذر اللّه الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة ) اى ازال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث امهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام ( اعمار امتى ما بين الستين الى السبعين ) واقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث ( ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة ابناء الاربعين زرع قد دنا حصاده وابناء الستين ما قدمتم وما عملتم وابناء السبعين هلموا الى الحساب )

وكان الشيخ عبد القادر الكيلانى قدس سره اذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولانسيناك لما نسيتنا انت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لا نسنا.

وكان اذا قام اليه شيخ ليتوب يقول يا هذا اخطأت وابطأت كبر سنك وتمرد جنك هجرتنا فى الصبى فعذرناك وبادرتنا فى الشباب فمهلناك فلما قاطعتنا فى المشيب مقتناك فان رجعت الينا قبلنا

دل زدنيا زودتر كردد جوانا نرا خنك ... كهنكى از سردئ آبست مانع كوزه را

وكان جماعة من الصحابة ومن بعدهم اذا بلغ اربعين سنة او رأى شيبا بالغ فى الاجتهاد وطوى الفراش واقبل على قيام الليل واقل معاشرة الناس ولا فرق فى ذلك بين الاربعين فما دونها لان الاجل مكتوم لا يدرى متى يحل ايقظنا اللّه واياكم من رقدة الغافلين

{ وجاءكم النذير } عطف على الجملة الاستفهامية لانها فى معنى قد عمرناكم من حيث ان همزة الانكار اذا دخلت على حرف النفى افادت التقرير كما فى قوله تعالى

{ ألم نشرح لك صدرك ووضعنا } الخ لانه فى معنى قد شرحنا الخ

والمراد بالنذير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعليه الجمهور او ما معه من القرآن او العقل فانه فارق بين الخير والشر او موت الاقارب والجيران والاخوان او الشيب وفيه ان مجيئ الشيب ليس بعام للجميع عموم ما قبله

قال الكاشفى [ واكثر علما برآنند كه مراد از نذير شيب است جه زمان شيب فرو نشانندة شعلة حياتست وموسم ييرى زنك فزايندة آيينة ذات ]

نوبت ييرى جو زند كوس درد ... دل شود ازخو شدلى وعيش فرد

درتن واندام در آيد شكست ... لرزه كند باى زسستى جودست

موى سفيد از اجل آرد بيام ... بشت خم ازمرك رساند سلام

قيل اول من شاب من ولد آدم عليه السلام ابراهيم الخليل عليه السلام فقال ما هذا يا رب قال هذا وقار فى الدنيا ونور فى الآخرة فقال رب زدنى من نورك ووقارك وفى الحديث ( ان اللّه يبغض الشيخ الغربيب ) اى الذى لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة

وقال فى الكواشى يجوز ان يراد بالنذير كل ما يوزن بالانتقال فلا بد من التنبه عند مجيئه ولذا قال اهل الاصول الصحيح من قولى محمد ان الحج يجب موسعا يحل فيه التأخيرالا اذا غلب على ظنه انه اذا اخر يفوت فاذا مات قبل ان يحج فان كان الموت فجأة لم يلحقه اثم وان كان بعد ظهور امارات يشهد قلبه بانه لواخر يفوت لم يحل له التأخير ويصير مضيقا عليه لقيام الدليل فان العمل بدليل القلب اوجب عند عدم دلالته [ در موضح آورده كه جون دزخيان استغاثة كنند وبفرياد آيند وكويند خدايا مارا بدنيا فرست تا عمل خير كنيم بمقدار زمان دنيا از اول ابداع تا آخر انقطاع فرياد كنند تا حق سبحانه وتعالى جواب فرمايد كه زندكانى دادم شمارا ونذير فرستاد بشما كويند بلا زند كانى يافتيم ونذيررا ديديم خداى تعالى فرمايد ]

{ فذوقوا } [ بس بجشيد عذاب دوزخ فالفاء لترتيب الامر بالذوق على ما قبلها من التعمير ومجيئ النذير

{ فما } الفاء للتعليل

{ للظالمين } على انفسهم بالكفر والشرك

{ من نصير } يدفع العذاب عنهم

وفيه اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا نائمين ولذا لم يذوقوا الالم فلما ماتوا وبعثوا وتيقظوا تيقظا تاما ذاقوا العذاب وادركوه ]

٣٨

{ ان اللّه عالم غيب السموات والارض } اى يختص باللّه علم كل شئ فيهما غاب عن العباد وخفى عليهم فكيف يخفى عليهم احوالهم وانهم لو ردوا الى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه

{ انه } تعالى

{ عليم بذات الصدور } لم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات تأنيث ذى بمعنى صاحب والمعنى عليم بالضمرات صاحبه الصدور اى القلوب : وبالفارسية [ داناست بجيزها كه مضمراست درسنها ] فحذف الموصوف واقيمت صفته وجعلت الخواطر القائمة بالقلب صاحبة له بملازمتها وحلولها كما يقال للبن ذو الاناء ولولد المرأة وهو جنين ذو بطنها فالاضافة لادنى ملابسة

وفى التأويلات النجمية اى عالم باخلاص المخلصين وصدق الصادقين وهما من غيب سموات القلوب وعالم بنفاق المنافقين وجحدا الجاحدين وهما من غيب ارض النفوس انتهى

ففيه وعد ووعيد وحكم الاول الجنة والقربة وحكم الثانى النار والفرقة

قيل لا يا رب الا ما لا خير فيه قال كذلك لا ادخل النار من عبادى الا من لا خير فيه وهو الايمان

در خلائق روحاى باك هست ... روحهاى شيرة كلناك هست

واجبست اظهار اين نيك وتباه ... همجنان اظهار كندمها زكاه

٣٩

{ هو } اى اللّه تعالى وهو مبتدأ خبره قوله

{ الذى جعلكم خلائف فى الارض } جمع خليفة

واما خلفاء فجمع خليف وكلاهما بمعنى المستخلف اى جعلكم خلفاء فى ارضه والقى اليكم مقاليد التصرف فيها وسلطكم على ما فيها واباح لكم منافعها او جعلكم خلفاء ممن كان قبلكم من الامم واورثكم ما بايديهم من متاع الدنيا لتشكروه بالتوحيد والطاعة

وفيه اشارة الى ان كل واحد من الافاضل والاراذل خليفة من خلفائه فى ارض الدنيا . فالافاضل يظهرون جمال صنائعه فى مرآة اخلاقهم الربانية وعلومهم اللدنية . والاراذل يظهرون كمال بدائعه فى مرآة حرفهم وصنعة ايديهم . ومن خلافتهم ان اللّه تعالى استخلفهم فى خلق كثير من الاشياء كالخبز فانه تعالى يخلق الحنطة بالاستقلال والانسان بخلافته يطحنها ويخبزها وكالثواب فانه تعالى يخلق القطن والانسان يغزله وينسج منه الثوب بالخلافة وهلم جرا

{ فمن } [ بس هركه ]

{ كفر } منكم نعمة الخلافة بان يخالف امر مستخلفه ولا ينقاد لاحكامه ويتبع هواه

{ فعليه كفره } اى وبال كفره وجزاؤه وهو الطرد واللعن والنار لا يتعداه الى غيره { ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا }

قال الراغب المقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح : يعنى [ نتيجة كفرايشان بنسبت مكر بغض ربانى كه سبب غضب جاودانى همان تواند بود ]

{ ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارا } [ مكر زيانى در آخرت كه حرمانست ازجنت ] والتكرير لزيادة التقرير والتنبيه على ان اقتضاء الكفر لكل واحد من الامرين الهائلين القبيحين بطريق الاستقلال والاصالة . والتنكير للتعظيم اى مقتا عظيما ليس وراءه خزى وصغار وخسارا عظيما ليس بعده شر وتبار

٤٠

{ قل } تبكيتا لهم

{ أرأيتم } [ آياد يديد ]

{ شركاؤكم } اى آلهتكم وصنامكم والاضافة اليهم حيث لم يقل شركائى لانهم جعلوهم شركاء اللّه وزعموا ذلك من غير ان يكون له اصل ما اصلا

{ الذين تدعون } [ ميخوانيد ايشانرا ومى برستيد ]

{ من دون اللّه } اى حال كونكم متجاوزين دعاء اللّه وعبادته

{ ارونى } اخبرونى : وبالفارسية [ بنماييد وخبر كنيد مرا ] وذلك لان الرؤية والعلم سبب الاخبار فاستعمل الاراءة فى الاخبار وهو بدل من أرأيتم بدل اشتمال كأنه قيل اخبرونى عن شركائكم ارونى

{ ماذا خلقوا من الارض } أى جزء من اجزاء الارض استبدوا بخلقه دون اللّه والمراد من الاستفهام نفى ذلك : وبالفارسية [ اين شركا جه جيز آفريده اند اززمين وآنجه درو برويست ]

{ ام لهم } [ آياهست ايشانرا ]

{ شرك فى السموات } شركة مع اللّه فى خلق السموات ليستحقوا بذلك شركة فى الالوهية ذاتية

{ ام آتيناهم } اى الشركاء ويجوز ان يكون الضمير للمشركين

{ كتابا } ينطق بانا اتخذناهم شركاء

{ فهم على بينت منه } اى حجة ظاهرة من ذلك الكتاب بان لهم شركة جعلية

ولما نفى انواع الحجج فى ذلك اضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو التقدير فقال

{ بل } [ نه جنين است بلكه ]

{ ان } نافيه اى ما

{ يعد الظالمون } [ وعده نمى دهند مشركان برخى ايشان كه اسلاف يا رؤسا واشرافنند ]

{ بعضا } [ برخى ديكررا كه اخلاف ويا اراذل واتباعند ]

{ الا غرورا } بالطلا لا اصل له وهو قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه وهو تغرير محض يسفه بذلك آراؤهم وينبئهم على ذميم احوالهم وافعالهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم باعراضهم عن اللّه واقبالهم على ما سواه

فعلى العاقل ان يصحح التوحيد ويحققه ولا يرى الفاعل والخالق الا الله

وعن ذى النون رضى اللّه عنه قال بينا انا اسير فى تيه بنى اسرائيل اذا انا بجارية سوداء قد استلبها الوله من حب الرحمن شاخصة ببصرها نحو السماء فقلت يا بطال ان اللّه تعالى خلق الارواح قبل الاجساد بالفى عام ثم ادارها حول العرش فما تعارف منها ائتلف وماتنا كرمنها اختلف فعرفت يا ابا الفيض ضع على جوارحك ميزان القسط حتى يذوب كل ما كان لغير اللّه ويبقى القلب مصفى ليس فيه غير الرب فحينئذ يقيمك على الباب ويوليك ولاية جديدة ويأمر الخزان لك بالطاعة فقلت يا اختاه زيدينى فقالت يا ابا الفيض خذ من نفسك لنفسك واطع اللّه اذا خلوت يجبك اذا دعوت ولن يستحيب الا من قلب غير غافل وهو قلب الموحد الحقيقى الذى زال عنه الشرك مطلقا

اكرجه آينة دارى از براى رخش ... ولى جه سودكه دارى هميشة آينه تار

بيا بصيقل توحيد زآينه بزدآى ... غبار شرك كه تاباك كرددا ززنكار

٤١

{ ان اللّه يمسك السموات والارض } اى يحفظهما بقدرته فان الامساك ضد الارسال وهو التعلق بالشئ وحفظه

{ ان تزولا } الزوال الذهاب وهو يقال فى كل شئ قد كان ثابتا قبل اى كراهة زوالهما عن اماكنهما فان الممكن حال بقائه لا بدله من حافظ فعلى هذا يكون مفعولا له او يمنعها من ان تزولا لان الامساك منع يقال امسكت عنه كذا اى منعته فعلى هذا يكون مفعولا به

{ ولئن زالتا } اى واللّه لئن زالت السموات والارض عن مقرهما ومركزهما بتخليتهما كما يكون يوم القيامة

{ ان } نافية اى ما

{ امسكهما } [ نكاه ندارد ايشانرا ] اى ما قدر على اعادتهما الى مكانهما

{ من احد } [ هيج يكى ] ومن مزيدة لتأكيد نفى الامساك عن كل احد

{ من بعده } من للابتداء اى من بعد امساكه تعالى او من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين للقسم والشرط

{ انه } سبحانه

{ كان حليما } غير معاجل بالعقوبة التى تستوجبها جنايات الكفار حيث امسكهما وكانتا جديرتين بان تهدّا هدّا لعظم كلمة الشرك

{ غفورا } لمن رجع عن كلمة الكفر وقال بالوحدانية

والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب كما فى المفردات

والفرق بين الحليم والصبور ان المذنب لا يأمن القعوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح ولعل هذا بالنسبة الى المؤمنين دون الكفار

قال فى بحر العلوم الحليم مجازى اى يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيئ ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم

وفى شرح الاسماء للامام الغزالى رحمه اللّه تعالى الحليم هو الذى يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الامر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مغ غاية الاقتدار عجلة وطيش

فعلى العاقل ان يتخلق بهذا الاسم بان يصفح عن الجنايات ويسامح فى المعاملات بل يجازى الاساءة بالاحسان فانه من كمالات الانسان

بدى را بدى سهل باشد جزا ... اكر مردى احسن الى من اساء

روى عن بعضهم انه كان محبوسا وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبى عليه السلام فى النوم فقال له اقرأ واشار الى هذا الآية فقال كم اقرأ فقال اربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى اخرج . ولعل سره ان السموات والارض اشارة الى الارواح والاجساد فكما ان اللّه تعالى يحفظ عالم الصورة من اوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو انموذجية وهو عالم الانسان . وايضا ان الجانى وان كان مستحقا للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففى مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما

واعلم ان التوحيد لنظام العالم بأسره ألا يرى انه لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الارض اللّه اللّه اى لا يوجد من يوحد توحيدا حقيقيا فانه اذا انقرض اهل هذا التوحيد وانتقل الامر من الظهور الى البطون يزول العالم وينتقض اجزاؤه لانه اذا يكون كجسد بلا روح والروح اذا فارق الجسد يتسارع الى الجسد البلى والفساد

ففى الآية اخبار عن عظيم قدرة اللّه على حفظ السموات والارض وامساكهما عن الزوال والذهاب ان الانسان الكامل من حيث انه خليفة اللّه هو المعاد المعنوى فيه يحفظ اللّه عالم الارواح والاجسام

وفى الفتوحات المكية لا بد فى كل اقليم او بلد او قرية من ولى به يحفظ اللّه تلك الجهة سواء كان اهل تلك الجهة مؤمنين او كفارا يروى ان آخر مولود فى النوع الانسانى يكون بالصين فيسرى بعد ولادته العقم فى الرجال والنساء ويدعوهم الى اللّه فلا يجاب فى هذه الدعوة فاذا قبضه اللّه وقبض مؤمنى زمانه بقى من بقى مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الامر الى الآخرة

مدار نظم امور جهان انسانست ... جميع اهل جهان جسم وجان انسانت

فناى عالم صورت برحلتش مربوط ... مقام بوج سما اوت كرد بارض هبوط

٤٢

{ واقسموا باللّه } اقسم حلف اصله من القسامة وهى ايمان تقسم على اولياء المقتول ثم صار اسما لكل حلف كما فى المفردات والضمير لمشركى مكة : والمعنى [ وسوكند خوردند اهل مكة بخداى تعالى ]

{ جهد ايمانهم } مصدر فى موقع الحالى اى جاهدين فى ايمانهم . والجهد والجهد الطاقة والمشقة .

وقيل الجهد بالفتح المشقة وبالضم الوسع والايمان بالفتح جمع يمين واليمين فى الحلف مستعار من اليمين بمعى اليد اعتبارا بما يفعل المحالف والمعاهد عنده

قال الراغب اى حلفوا واجتهدوا فى الحلف ان يأتوا به على ابلغ ما فى وسعهم انتهى

وكان اهل الجاهلية يحلفون بآبائهم وبالاصنام وبغير ذلك وكانوا يحلفون باللّه ويسمونه جهد اليمين وهى اليمين المغلظة كما قال النابغة

حلفت فلم اترك لنفسك ريبة ... وليس وراء اللّه للمرء مطلب

اى كما ان اللّه تعالى اعلى المطالب كذلك الحلف به اعلى الاحلاف روى ان قريشا بلغهم قبل مبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ان اهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا لعن اللّه اليهود والنصارى اتتهم الرسل فكذبوهم وحلفوا

{ لئن جاءهم نذير } اى واللّه لئن جاء قريشا نبى منذر

{ ليكونن اهدى } اطوع واصوب دينا

{ من احدى الامم} [ از يكى امتان كذشته ] اى من كل من اليهود والنصارى فقط ولم يقل من الامم بدون احدى لانه لو قال لجاز ان يراد بعض الامم وقوله فى اواخر الانعام

{ ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } اى اليهود والنصارى ثم قوله

{ او تقولوا لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم } اى الى الحق لا ينافى العموم لان تخصيص الطائفتين وكتابيهما انما هو لاشتهارهما بين الامم واشتهارهما فيما بين الكتب السماوية

وقال بعضهم معنى من احدى الامم من الامة التى يقال لها احدى الامم تفضيلالا على غيرها فى الهدى والاستقامة ومنه قولهم للداهية هى احدى الدواهى اى العظيمة واحدى سبع اى احدى ليالى عاد فى الشدة

وفى الآية اشارة الى ان الانسان لما كان مركبا من الروح والجسد فبروحانيته يميل الى الدين وما يتعلق به وببشريته يميل الى الدنيا وما يتعلق بها الكافر والمؤمن فيه سواء الا ان الكافر اذا مال الى شئ من الدين بحسب غلبة روحانية على بشريته وعاهد عليه ثم وقع فى معرض الوفاء به لم توافقه نفسه لانها مائلة الى الكفر راغبة عن الدين وظلمة الكفر تحرّضه على نقض العهد فينقضه وان المؤمن اذا مال الى شئ من الدنيا بحسب غلبة بشريته على روحانية وعاهد عليه وهو يريد الوفاء به يمنعه نور ايمانه عن ذلك ويحرضه على نقض العهد فينقضه وكذلك المريد الصادق اذا اشتد عليه القبض وملت نفسه من مقاساة شدة الرياضة والمجاهدة يمنى نفسه بنوع من الرخص استمالة لها وربما عاهد اللّه عليه ويؤكد الشيطان فيه عهده ويمنيه وبعده فاذا وقع فى معرض الوفاء واراد ان يفى بعده فاذا صدقت ارادته تسبق عزيمته وتحرك سلسلة طلبه فينقض عهده مع النفس ويجدد عهد الطلب مع اللّه ويتمسك بدوام الذكر وملازمته الى ان بفتح اللّه بمفتاح الذكر باب قلبه الى الحضرة ويزهق بمجيئ الحق باطل ما تمناه

{ فلما جاءهم نذير } وأى نذير افضل الكل واشرف الانبياء والرسل عليهم السلام

{ ما زادهم } اى النذير او مجيئه على التسبب

{ الا نفورا } تباعدا عن الحق والهدى : وبالفارسية [ مكر رميدن از حق ودورشدن ]

٤٣

{ استكبارا فى الارض } بدل من نفورا او مفعول له يعنى عتوا على اللّه وتكبرا عن الايمان به : وبالفارسية : [ كردن كثى ازفرمان الهى ]

قال فى بحر العلوم الاسكتبار التكبر كالاستعظام والتعظم لفظا ومعنى انتهى

قال بعض الكبار ان اللّه تعالى قد انشأك من الارض فلا ينبغى لك ان تعلو على امك

زخاك آفريدت خداوند باك ... بس اى بنده افتادكى كن جوخاك

{ ومكر السيئ } عطف على استكبار او على نفورا واصله ان مكروا المكر السيئ فحذف الموصوف استغناء بوصفه ثم بدل ان مع الفعل بالمصدر ثم اضيف اتساعا

قال فى تاج المصادر [ المكر : تاريك شدن شب ] ومنه اشتق المكر لانه السعى بالفساد فى خفيه

وقال الراغب المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان محمود وهو ان يتحرى بذلك فعل جميل وعلى ذلك قوله

{ واللّه خير الماكرين } ومذموم وهو ان يتحرى به فعل قبيح انتهى

ومنه الآية ولذا وصف بالسيئ والمعنى ما زادهم الا المكر السيئ فى دفع امره عليه السلام بل وفى قتله واهلاكه : وبالفارسية [ وآنكه مكر كردند مكرى بد يعنى حيلة اند يشيدند در هلاك كردن آن تدبير ] { ولا يحيق المكر السيئ الا باهله }

قال فى القاموس حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحقيانا احاط به كاحاق وحاق بهم العذاب احاط ونزل كما فى المختار والحيق ما يشتمل على الانسان من مكروه فعله والمعنى ولا يحيط المكر السيئ الا باهله وى يعنى مرك هر ما كرى بوى احاطه كندو اطراف وحوانب وى فرو كيرد وهرجه رد باب قصد كسى انديشيده باشد در بارة خود مشاهد نمايد ]

قال فى بحر العلوم المعنى الا حيقا ملصقا باهله وهو استثناء مفرغ فيجب ان يقدر له مستثنى منه عام مناسب له من جنسه فيكون التقدير ولا يحيق المكر السيئ حيقا الا حيقا باهله وفى الحديث ( لا تمكروا ولا تعينواما كرا فان اللّه يقول ولا يحيق المكر السيئ حيقا الا باهله ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا فان اللّه يقول انما بغيكم على انفسكم )

واما قوله عليه السلام ( انصر اخاك طالما او مظلوما ) فمعناه بالنسبة الى نصرة الظالم ان تنصره على ابليس الذى يوسوس فى صدره بما يقع منه فى الظلم بالكلام الذى تستحليه النفوس وتنقاد اليه فتعينه على رد ما وسوس اليه الشيطان من ذلك وفى حديث آخر ( المكر والخديعة فى النار ) يعنى اصحابهما لانهما من اخلاق الكفار لا من اخلاق المؤمنين الاخيار وفى امثالهم من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا فلا يصيب الشر الا اهل الشر [ وابن باميين را درين باب قطعه است اين دوبيت اينجا ثبت افتاد ]

درباب من زروى حسد يكدو ناشناس ... دمها زدند وكوره تزوير تافتند

زاعمال نفسهم همه نيكى بمن رسيد ... وايشان جزاى فعل بدخويش يافتند

جعلنا اللّه واياكم ممن صفا قلبه من الغل والكدر وحفظنا من الوقوع فى الخطر

{ فهل ينظرون } النظر هنا بمعنى الانتظار اى ما ينتظرون : وبالفارسية [ بس آيا انتظار ميبرند مكذبان ومكاران يعنى نمى برند وجشم نمى دارند ]

{ الا سنة الاولين } اى سنة اللّه فى الامم المتقدمة بتعذيب مكذبيهم وما كريهم . والسنة الطريقة وسنة النبى طريقته التى كان يتحراها وسنة اللّه طريقة حكمته

{ فلن } الفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب من مجيئه

{ تجد } [ بس نيابى توالبته ]

{ لسنة اللّه تبديلا } بان يضع موضع العذاب غير العذاب وهو الرحمة والعفو

{ ولن تجد لسنة اللّه تحويلا } بان ينقله من المكذبين الى غيرهم [ والتحويل : بكردانيدن ] ونفى وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفى وجودهما بالطريق البرهانى وتخصيص كل منهما بنفى مستقل لتأكيد انتفائهما

وفى الآية تنبيه على ان فروع الشرائع وان اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول الى ثواب اللّه وجواره كما فى المفردات

٤٤

{ أولم يسيروا فى الارض } الهمزة للانكار والنفى والواو للعطف على مقدر اى اقعد مشركوا مكة فى مساكنهم ولم يسيروا ولم يمضوا فى الارض الى جانب الشام واليمن والعراق للتجارة

{ فينظروا } اى هلكوا لما كذبوا الرسل وآثار هلاكهم باقية فى ديارهم

{ وكانوا } اى والحال ان الذين من قبلهم كعاد وثمود وسبأ كانوا

{ اشد منهم قوة } [ سخترين ازمكيان ازروى توانايى ] واطول اعمارا فما نفعهم طول المدى وما اغنى عنهم شدة القوى

{ وما كان اللّه ليعجزه من شئ } [ الاعجاز : عاجز كردن ] واللام ومن لتأكيد النفى والمعنى استحال من كل الوجوه ان يعجز اللّه تعالى شئ ويسبقه ويفوته

{ فى السموات ولا } تأكيد آخر لما النافية ففى هذا الكلام ثلاثة تأكيدات

{ فى الارض } [ بس هرجه خواهد كند وكسى بر حكم او ييشى نكيرد ]

{ انه } تعالى

{ كان عليما } بليغ العلم بكل شئ فى العالم مما وجد ويوجد

{ قديرا } بليغ القدرة على كل ممكن ولذلك علم بجميع اعمالهم السيئة فعاقبهم بموجبها فمن كان قادرا على معاقبة من قبلهم كان قادرا عل معاقبتهم اذا كانت اعمالهم مثل اعمالهم والآية وعظ من اللّه تعالى ليعتبروا

نرود مرغ سوى دانه فراز ... جون دكر مرغ بينداندر بند

بند كيراز مصائب دكران ... تانكيرند ديكران زتوبند

والاشارة انه ما خاب له تعالى ولى ربح له عدو فقد وسع لاوليائه فضلا كثيرا ودمر على اعدائه تدميرا وسبب الفضل والولاية هو التوحيد كما ان سبب القهر والعداوة هو الشرك

قال بعض الكبار ما اخذ اللّه من اخذ من الامم الا فى الآخر النهار كالعنين وذلك لان اسباب التأثير الآلهى المعتاد فى الطبيعة قد مرت عليه وما اثرت فيه فدل على ان العنة فيه استحكمت لا تزول فلما عدمت فائدة النكاح من لذة وتناسل فرق بينهما اذ كان النكاح موضوعا للالتذاذ او للتناسل اولهما معا او فى طائفة لكذا وفى حق اخرى لكذا وفى حق اخرى للمجموع وكذلك اليوم فى حق من اخذ من الامم اذا انقضت دورته وقع الاخذ الآلهى فى آخره انتهى

كلامه قدس سره

واعلم ان اللّه تعالى امهل عباده ولم يأخذها بغتة ليروا ان العفو والاحسان احب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه ثم انهم اذا لم يعرفوا الفضل من العدل واللطف من القهر والجمال من الجلال اخذهم فى الدنيا والاخرة بانواع البلاء والعذاب وهى تطهير فى حق المؤمن وعقوبة محضة فى حق الكافر لانه ليس من اهل التطهير اذ التطهير انما يتعلق بلوث المعاصى غير الكفر عصمنا اللّه واياكم مما يوجب سخطه وعذابه وعقابه

{ ولو يؤاخذ اللّه الناس } جميعا

٤٥

{ ولو يواخذكم اللّه الناس } جميعا

{ بما كسبوا } من المعاصى : وبالفارسية [ واكر مؤاخذة كرد خداى تعالى مردمانرا بجزاى آنجه كسب ميكنند از شرك ومعصيت جنانكه مؤاخذه كرد امم ماضيه ]

{ ما ترك على ظهرها } الظهر بالفارسية [ بشت ] والكناية راجعة الى الارض وان لم يسبق ذكرها لكونها مفهومة من المقام

{ من دابة } من نسمة تدب عليها من بنى آدم لانهم المكلفون المجازون ويعضده ما بعد الآية او من غيرهم ايضا فان شؤم معاصى المكلفين يلحق الدواب فى الصحارى والطيور فى الهواء بالقحط ونحوه

ولذا يقال من اذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة وقد اهلك اللّه فى زمان نوح عليه السلام جميع الحيوانات الا ما كان منها فى السفينة وذلك بشؤم المشركين وسببهم

وقال بعض الائمة ليس معناه ان البهيمة توخذ بذنب ابن آدم ولكنها خلقت لابن آدم فلا معنى لابقائها بعد افناء من خلقت له

{ ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى } وقت معين معلوم عند اللّه وهو يوم القيامة

{ فاذا جاء اجلهم } [ بس جون بيايد وقت هلاك ايشان ]

{ فان اللّه كان بعباده بصيرا } فيجازيهم عند ذلك باعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر

آنرا بلوامع رضا بنوازد ... اين را بلوامع غضب بكدازد

كس را بقضاى قدرتش كارى نيست ... آنست صلاح خلق كوميسازد

وفى الآية اشارة الى انه ما من انسان الا يصدر منه ما يستوجب المؤاخذة ولكن اللّه تعالى بفضله ورحمته يمهل ثم يؤاخذ من كان اهل المؤاخذة ويعفو عمن هو اهل العفو

ففى الآية بيان حلمه تعالى وارشاد للعباد الى الحلم فان الحلم حجاب الآفات وملح الاخلاق

وساد احنف بن قيس بعقله وحلمه حتى كان يتجرد لامره مائة الف سيف وكان امراء الامصار يلتجئون اليه فى المهمات وهو المضروب به المثل فى الحلم وقال له رجل دلنى على المروء فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح ثم قال ألا ادلك على ادوى الداء قال بلى قال اكتساب الذم بلا منفعة

ومن بلاغات الزمخشرى ( البأس والحلم حاتمى واحنفى : والدين والعلم حنيفى وحنفى ) وفيه لف ونشر على الترتيب والبأس الشجاعة وفيها السخاوة اذ لا تكون الشجاعة والا بسخاوة النفس ولا تكون السخاوة الا بالشجاعة فان المال محبوب لا يصدر انفاقه الا ممن غلب على نفسه . والجود منسوب الى ابراهيم بن الحنيف معلم ابى حنيفة رحمه اللّه . والعلم منسوب الى ابى حنيفة وفى هذا المعنى قيل

الفقه زرع ابن مسعود وعلقمة ... حصاده ثم ابراهيم دوّاس

نعمان طاحنه يعقوب عاجنه ... محمد خابز والآكل الناس

ثم ان الحلم لا بد وان يكون فى محله كما قيل

ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة ... وفى بعضها عزا يسود فاعله

وكذلك الاحسان فانه انا يحسن اذ وقع فى موقعه

هر آنكس كه بردزد رحمت كند ... ببازوى خود كاروان ميزند

ثم ان البصير هو المدرك لكل موجود برؤيته

وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح اللّه بصيرته ووفقّه لصالح القول والعمل نسأل اللّه سبحانه ان يفتح بصيرتنا الى جانب الملكوت ويأخذنا عن التعلق بعالم الناسوت ويحلم عنا باسمه الحليم ويختمنا بالخير ممن اتى بقلب سليم

﴿ ٠