سُورَةُ صۤ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ آيَةً

١

{ ص } خبر مبتدأ محذوف اى هذه سورة ص كما مر فى اخواته [ بعضى بر آنندكه حروف مقطعه براى اسكات كفارست كه هروقت كه حضرت محمد عليه السلام در نماز وغير آن قرآن بجهر تلاوت فرمودى ايشان ازروى عناد صفير زدندى ودست بردست كوفتندى تا آن حضرت درغلط افتد حق سبحانه وتعالى اين حروف فرستاد تا ايشان بعد از استماع آن متأمل ومتفكر شده از تغليط باز مى ماندند ]

وقال الشعبى ان اللّه تعالى فى كل كتاب سرا وسره فى القرآن فواتح السور

وقال بعضهم ص مفتاح اسمه الصادق والصبور والصمد والصانع

وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بصاد صمديته فى الازل وبصاد صانعيته فى الوسط وبصاد صبوريته الى الابد وبصاد صدق الذى جاء بالصدق وصاد صديقية الذى صدق به وبصاد صفوته فى مودته ومحبته ا ه

وقال ابن جبير رضى اللّه عنه

{ ص } يحيى اللّه به الموتى بين النفختين

وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما

{ ص } كان بحرا بمكة وكان عليه عرش الرحمن اذ لا ليل ولا نهار

وفى بعض المعتبرات كان جبلا بمكة ومضى شرح هذا الكلام فى اول

{ المص }

وقيل فى

{ ص } معناه ان محمدا عليه السلام صاد قلوب الخلائق واستمالها حتى امنوا به كما قال فى انسان العيون ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره عليه السلام للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه صلّى اللّه عليه وسلّم واختاروه على انفسهم وقاتلوا دونه اهلهم وآباءهم وابناءهم وهجروا فى رضاه اوطانهم انتهى

يقول الفقير اغناه اللّه القدير سمعت شيخى وسندى قدس سره وهو يقول ان قوله تعالى

{ ق } اشارة الى مرتبة الاحدية التى هى التعيين الاول كما فى سورة الاخلاص المصدرة بكلمة قل المبتدأة بحرف ق وقوله ص اشارة الى مرتبة الصمدية التى هى التعيين الثانى المندرجة تحته مرتبة بعد مرتبة وطورا بعد طور الى آخر المراتب والاطوار

{ والقرآن ذى الذكر } الواو للقسم . والذكر الشرف والنباهة او الذكرى والموعظة او ذكر ما يحتاج اليه فى امر الدين من الشرائع والاحكام وغيرها من اقاصيص الانبياء واخبار الامم الماضية والوعد والوعيد وحذف جواب القسم فى مثل ذلك غير عزيز والتقدير على ما هو الموافق لما فى اول يس ولسياق الآية ايضا وهو عجبوا الخ ان محمدا الصادق فى رسالته وحق نبوته ليس فى حقيقته شك ولا فيما انزل عليه من القرآن ريب

٢

{ بل الذين كفروا } من رؤساء اهل مكة فهو اضراب عن المفهوم من الجواب { فى عزة }

قال الراغب العزة حالة مانعة للانسان من ان يغلب ويمدح بالعزة تارة كما فى قوله تعالى

{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } لانها الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية ويذم بها اخرى كما فى قوله تعالى

{ بل الذين كفروا فى عزة } لان العزة التى هى التعزز وهى فى الحقيقة ذل وقد تستعار للحمية والانفة المذمومة وذلك فى قوله تعالى

{ اخذته العزة بالاثم } انتهى

وقد حمل اكثر اهل التفسير العزة فى هذا المقام على الثانى لما قالوا بل هم فى استكبار عن الاعتراف بالحق والايمان وحمية شديدة : وبالفارسية [ درسركشىند از قبول حق ]

{ وشقاق } اى مخالفة لله وعداوة عظيمة لرسول اللّه عليه السلام فلذا لا ينقادون

وفى التأويلات النجمية وبقوله

{ والقرآن ذى الذكر } يشير الى القسم بالقرآن الذى هو مخصوص بالذكر وذلك لان القرآن قانون معالجات القلوب المريضة واعظم مرض القلب نسيان اللّه تعالى كما قال

{ نسوا اللّه فنسيهم } واعظم علاج مرض النسيان بالذكر كما قال

{ فاذكرونى اذكركم } ولان العلاج بالضد وقوله

{ بل الذين } الخ يشير الى انحراف مزاج قلوب الكفار بمرض نسيان اللّه من اللين والسلامة الى الغلظة والقساوة ومن التواضع الى التكبر ومن الوفاق الى الخلاف ومن الوصلة الى الفرقة ومن المحبة الى العداوة ومن مطالعة الآيات الى الاعراض عن البحث فى الادلة والسير للشواهد

٣

{ كم } مفعول قوله

{ اهلكنا } ومن فى قوله

{ من قبلهم } لابتداء الغاية وقوله

{ من قرن } تمييز . والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد . والمعنى قرنا كثيرا اهلكنا من القرون المتقدمة اى امة من الامم الماضية بسبب الاستكبار والخلاف

{ فنادوا } عند نزول بأسنا وحلول نقمتنا استغاثة او توبة واستغفارا لينجوا من ذلك : وبالفارسية [ بس ندا كردند و آواز بلند برداشتندتا كسى ايشانرا بفريادرسد ]

{ ولات حين مناص } حال من ضمير نادوا اى نادوا واستغاثوا طلبا للنجاة والحال ان ليس الحين حين مناص اى فوت وفرار ونجاة لكونه حالة اليأس : وبالفارسية [ ونيست آن هنكام وقت رجوع بكريز يزكاه ]

فقوله لا هى المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب وثم وخصت بنفى الاحيان ولم يبرز الا احد معموليها اسمها او خبرها والاكثر حذف اسمها

وفى بعض التفاسير لات بمعنى ليس بلغة اهل اليمن انتهى . والوقف عليها بالتاء عند الزجاج وابى على وعند الكسائى نحو قاعدة وضاربة وعند ابى عبيد على لا ثم يبتدىء تحين مناص لانه عنده ان هذه التاء تزاد مع حين فيقال كان هذا تحين كان ذاك كذا فى الوسيط . والمناص المنجأ اى النجاة والفوت عن الخصم على انه مفعل من ناصه ينوصه اذا فاته اريد به المصدر ويقال ناص ينوص اى هرب وقال اى تأخر ومنه ناص قرنه اى تأخر عنه حينا

وفى المفردات ناص الى كذا التجأ اليه وناص عنه تنحى ينوص نوصا . والمناص الملجأ انتهى [ در معالم فرموده كه عادت كفار مكى آن بودكه جون دركارزاركار بر ايشان زار شدى كفتندى مناص مناص يعنى بكر زيد حق سبحانه وتعالى خبر ميدهدكه بهنكام حلول عذاب دربدر خلاص مناص خواهند كفت وآنجا جاى كريز نخواهدبود ]

٤

{ وعجبوا ان جاءهم منذر منهم } اى عجب كفار اهل مكة من ان جاءهم منذر ينذرهم النار اى رسول من جنسهم بل ادون منهم فى الرياسة الدنيوية والمال على معنى انهم عدوا ذلك خارجا عن احتمال الوقوع وانكروه اشد الانكار لا انهم اعتقدوا وقوعه وتعجبوا منه قالوا ان محمدا مساو لنا فى الخلقة الظاهرة والاخلاق الباطنة والنسب والشكل والصورة فكيف يعقل ان يختص من بيننا بهذا المنصب العالى ولم يتعجبوا من ان تكون المنحوتات آلهة وهذه مناقضة ظاهرة فلما تحيروا فى شأن النبى عليه السلام نسبوه الى السحر والكذب كما قال حكاية

{ وقال الكافرون } وضع فيه الظاهر موضع المضمر غضبا عليهم وايذانا بانه لا يتجاسر على مثل ما يقولونه الا المتوغلون فى الكفر والفسوق

{ هذا } [ اين منذر ]

{ ساحر } فيما يظهره من الخوارق

{ كذاب } فيما يسنده الى اللّه من الارسال والانزال لم يقل كاذب لرعاية الفواصل ولان الكذب على اللّه ليس كالكذب على غيره ولكثرة الكذب فى زعمهم فانه يتعلق بكل آية من الآيات القرآنية بخلاف اظهار الخوارق فانه قليل بالنسبة اليه هكذا لاح لى هذا المقام

وفى التأويلات النجمية لما كانوا منحرفى مزاج القلوب لمرض نسيان الحق جاءت النبوة على مذاق عقولهم المتغيرة سحرا والصدّيق كذابا

قال الكاشفى [ جه تيره رايى كه انوار لمعات وحى را ازتا ريكىء سحر امتياز نكند وجه بى بصيرتى كه آثار شعاع صدق را از ظلمات كذب بازنشناسند ]

كشته طالع آفتابى اينجينين عالم فروز ... ديده خفاش را يكذره ازوى نورنه

ازشعاع روز روشن روى كيتى مستنير ... تيركىء شب هنوز از ديده وى دورنه

واعلم ان اثبات النبوة والولاية سهل بالنسبة الى اهل العناية والتوفيق فان قلوبهم ألفت الاعراض عما سوى اللّه بخلاف اهل الانكار والخذلان فان قلوبهم الفت الاعراض عن اللّه فلذا صحبتهم الوقيعة إلى انبياء اللّه واوليائه

قال الاستاذ ابو القاسم الجنيد رضى اللّه عنه التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى

قال اليافعى والناس على اربعة اقسام . القسم الاول حصل لهم التصديق بعلمهم والعلم بطريقتهم والذوق لمشربهم واحوالهم . والقسم الثانى حصل لهم التصديق والعلم المذكور دون الذوق . والقسم الثالث حصل لهم التصديق دونهما . والقسم الرابع لم يحصل لهم من الثلاثة شىء نعوذ باللّه من الحرمان ونسأله التوفيق والغفران فهم الذين اطالوا ألسنتهم فى حق الخواص ورموهم بالسحر والكذب والجنون لكونهم ليسوا من المحارم فى شأن من الشؤون : وفى المثنوى

جون خدا خواهد كه برده كس درد ... ميلش اندر طعنه با كان برد

٥

{ أجعل الآلهة الها واحدا } الهمزة للانكار والاستبعاد . والآلهة جمع اله وحقه ان لا يجمع اذ لا معبود فى الحقيقة سواه تعالى لكن العرب لاعتقادهم ان ههنا معبودات جمعوه فقالوا آلهة . والها واحدا مفعول ثان لجعل لانه بمعنى صير اى صيرهم الها واحدا فى زعمه وقوله لا فى فعله لان جعل الامور المتعددة شيأ واحدا بحسب الفعل محال [ آورده اندكه بعد ازاسلام حمزة وعمر رضى اللّه عنهما اشراف قريش جون وليد وابو سفيان وابو جهل وعتبه وشيبه واميه ازروى اضطراب نزد ابو طالب آمده درمرض موت او كفتند اى عبد مناف تو بزركتر ومهترمايى آمده ايم تاميان ما وبرادر زاده خود حكم فرمايى كه يك يك ازسفهاى قوم را مى فريبد ودين محدث وآين مجدد خودرا بديشان جلوه ميدهد سنك تفرقه در مجمع ما افكنده است ونزديك بآن رسيده كه دست تدارك از اطفاى اين نائره عاجز آيد ابو طالب آن حضرت را صلى اللّه تعالى عليه وسلم طلبيد وكفت اى محمد قوم تو آمده اند وايشانرا ازتو مدعاييست يكباركى طرف انحراف مورد متمناى ايشان تأمل نماى حضرت عليه السلام فرمود اى معشر قريش مطلوب شما ازمن جه جيزست كفتند آنكه دست ازنقض دين ما بدارى وسب آلهه ما فروكذارى تامانيز متعرض تو ومتابعان تونشويم حضرت عليه السلام فرمودكه ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) بيكبار اشراف قريش ازان حضرت اعراض نموده كفتند ] أجعل الخ اى أصير محمد بزعمه الآلهة الها واحدا بان نفى الالوهية عنهم وقصرها على واحد ولم يعلموا انهم جعلوا الاله الواحد الهة

{ ان هذا } [ بدرستى كه يكانكى خداى تعالى ]

{ لشىء عجاب } العجاب بمعنى العجيب وهو الامر الذى يتعجب منه كالعجب الا ان العجيب ابلغ منه والعجاب بالتشديد ابلغ من العجاب بالتخفيف ونحوه طويل وطوال . والمعنى بليغ فى العجب لانه خلاف ما اتفق عليه آباؤنا الى هذا الآن

وقال بعضهم [ نيك شكفت جه سيصد وشصت بت كه ماداريم كاريك شهر مكه راست نمى توانند كرد يك خداى كه محمد ميكويد كار تمام عالم جون سازد ] يعنى انهم ما كانوا اهل النظر والبصيرة بل اوهامهم كانت تابعة للمحسوسات فقاسوا الغائب على الشاهد وقالوا لا بد لحفظ هذا العالم الكبير من آلهة كثيرة يحفظونه بامره وقضائه تعالى ولم يعرفوا الاله ولا معنى الآلهية فان الآلهية هى القدرة على الاختراع وتقدير قادرين على الاختراع غير صحيح لما يجب من وجوده التمانع بينهما وجوازه وذلك يمنع من كمالها ولو لم يكونا كاملى الوصف لم يكونا الهين وكل امر جرّ ثبوته سقوطه فهو مطروح . باطل

٦

{ وانطلق الملأ منهم } الانطلاق الذهاب والملأ الاشراف لا مطلق الجماعة ويقال لهم ملأ لانهم اذا حضروا مجلسا ملأت العيون وجاهتهم والقلوب مهابتهم اى وذهب الاشراف من قريش وهم خمسة وعشرون عن مجلس ابى طالب بعد ما اسكتهم رسول اللّه عليه السلام بالجواب الحاضر وشاهدوا تصلبه عليه السلام فى الدين وعزيمته على ان يظهره على الدين كله ويئسوا مما كانوا يرجونه بتوسط ابى طالب من المصالحة على الوجه المذكور

{ ان } مفسرة للمقول المدلول عليه بالانطلاق لان الانطلاق عن مجلس التقاول لا يخلو عن القول اى وانطلق الملأ منهم بقول هو قول بعضهم لبعض على وجه النصيحة

{ امشوا } سيروا على طريقتكم وامضوا فلا فائدة فى مكالمة هذا الرجل . وحكى المهدوى ان قائلها عقبة بن ابى معيط

{ واصبروا على آلهتكم } اى واثبتوا على عبادتها متحملين لما تسمعونه فى حقها من القدح

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار اذا تراضوا فيما بينهم بالصبر على آلهتهم فالمؤمنون اولى بالصبر على عبادة معبودهم والاستقامة فى دينهم بل الطالب الصادق والعاشق الوامق اولى بالصبروالثبات على قدم الصدق فى طلب المحبوب المعشوق

{ ان هذا } تعليل للامر بالصبر او لوجوب الامتثال به اى هذا الذى شاهدناه من محمد من امر التوحيد ونفى آلهتنا وابطال امرنا

{ لشىء يراد } من جهته عليه السلام امضاؤه وتنفيذه لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لا قول يقال من طرف اللسان او امر يرجى فيه المسامحة بشفاعة او امتناع فاقطعوا اطماعكم عن استنزاله عن رأيه بواسطة ابى طالب وشفاعته وحسبكم ان لا تمنعوا من عبادة آلهتكم بالكلية فاصبروا عليها وتحملوا ما تسمعونه فى حقها من القدح وسوء المقالة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود فى الارشاد

وقال فى تفسير الجلالين لامر يراد بنا ومكر يمكر علينا

وقال سعدى المفتى وسنح بالبال انه يجوز ان يكون المراد ان دينكم لشىء يستحق ان يطلب ويعض عليه بالنواجذ فيكون ترغيبا وتعليلا للامر السابق

وقال بعضهم [ بدرستى كه مخالفت محمد باما جيز نيست كه خواسته اند بما از حوادث زمان واز وقوع آن جاره نيست ]

يقول الفقير امده اللّه القدير بالفيض الكثير ويجوز ان يكون المعنى ان الصبر والثبات على عبادة الآلهة التى هى الدين القديم يراد منكم فانه اقوى ما يدفع به امر محمد كما قالوا نتربص به ريب المنون فيكون موافقا لقرينه فى الاشارة الى المذكور فيما قبله او ان شأن محمد لشىء يراد دفعه واطفاء ثائرته بأى وجه كان قبل ان يعلو ويشيع كما قيل

علاج اوقعه ييش از وقوع بايدكرد ... ودل عليه اجتماعهم على مكره عليه السلام فابى اللّه الا ان يتم نوره

٧

{ ما سمعنا بهذا } الذى يقوله من التوحيد

{ فى الملة الآخرة } ظرف لغو سمعنا اى فى الملة التى ادركنا عليها آباءنا وهى ملة قريش ودينهم الذى هم عليه فانها متأخرة عما تقدم عليها من الاديان والملل

وفيه اشارة الى ركون الجهال الى التقليد والعادة وما وجدوا عليه اسلافهم من الضلال واخطاء طريق العبادة

ترسم نرسى بكعبه اى اعرابى ... كين ره كه توميروى بتركستانست

والملة كالدين اسم لما شرع اللّه لعباده على يد الانبياء ليتوصلوا به الى ثواب اللّه وجواره فاطلاق كل منهما على طريقة المشركين مجاز مبنى على التشبيه

{ ان هذا } نافية بمعنى ما

{ الا اختلاق } الاختلاق [ دروغ كفتن ازنزد خود ] اى كذب اختلقه من عند نفسه

قال فى المفردات وكل موضع استعمل فيه الخلق فى وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا امتنع كثير من الناس اطلاق لفظ الخلق على القرآن وعلى هذا قوله ان هذا الا اختلاق

٨

{ أأنزل عليه الذكر من بيننا } ونحن رؤساء الناس واشرافهم واكبرهم سنا واكثرهم اموالا واعوانا واحقاء بكل منصب شريف ومرادهم انكار كون القرآن ذكرا منزلا من اللّه تعالى . وامثال هذه المقالات الباطلة دليل على ان مناط تكذيبهم ليس الا الحسد على اختصاصه عليه السلام بشرف النبوة من بينهم وحرمانهم منه وقصر النظر على متاع الدنيا وغلطوا فى القصر والقياس .

اما الاول فلان الشرف الحقيقى انما هو بالفضائل النفسانية دون الخارجية .

واما الثانى فلان قياس نفسه عليه السلام بانفسهم فاسد اذ هو روح الارواح واصل الخليقة فأنى يكون هو مثلهم

واما الصورة الانسانية فميراث عام من آدم عليه السلام لا تفاوت فيها بين شخص وشخص نعم وجهه عليه السلام كان يلوح منه انوار الجمال بحيث لم يوجد مثله فيما بين الرجال

اى حسن سعادت زجبين توهويدا ... اين حسن جه حسنست تقدس وتعالى

وفيه اشارة الى حال اكثر علماء زماننا وعبادهم انهم اذا رأوا عالما ربانيا من ارباب الحقائق يخبر عن حقائق لم يفهموها ويشير الى دقائق لم يذوقوها دعتهم النفوس المتمردة الى تكذيبه فيجحدونه بدل الاغتنام بانفاسه والاقتباس من انواره ويقولون أكوشف هو بهذه الحقائق من بيننا ويقعون فى الشك من امرهم كما قال تعالى

{ بل هم فى شك من ذكرى } اى القرآن او الوحى بميلهم الى التقليد واعراضهم عن النظر فى الادلة المؤدية الى العلم بحقيته وليس فى عقيدتهم ما يجزمونه فهم مذبذبون بين الاوهام ينسبونه تارة الى السحر واخرى الى الاختلاق

وفيه اشارة الى ان القرآن قديم لان الذكر المحدث يكون مسبوقا بالنسيان وهو منزه عنه

{ بل لما يذوقوا عذاب } فى لما دلالة على ان ذوقهم العذاب على شرف الوقوع لانها للتوقع اى بل لم يذوقوا بعد عذابى فاذا ذاقوه تبين لهم حقيقة الحال

وفيه تهديد لهم اى سيذوقون عذابى فيلجئهم الى تصديق الذكر حين لا ينفع التصديق

وفيه اشارة الى انهم مستغرقون فى بحر عذاب الطرد والبعد ونار القطيعة لكنهم عن ذوق العذاب بمعزل لغلبة الحواس الى ان يكون يوم تبلى السرائر فتغلب السرائر على الصور والبصائر على البصر فيقال لهم ذوقوا العذاب يعنى كنتم معذبين وما كنتم ذائقى العذاب فالمعنى لو ذاقوا عذابى ووجدوا ألمه لما قدموا على الجحود دل على هذا قوله عليه السلام ( الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا )

شو زخواب كران جان بيدار ... تا جمالش عيان ببين اى يار

٩

{ ام عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب } ام منقطعة بمعنى بل والهمزة وهى للانكار . والخزآئن جمع خزانة بالكسر بمعنى المخزن اى بل أعندهم خزائن رحمته تعالى يتصرفون فيها حسبما يشاؤن حتى يصيبوا بها من شاؤا ويصرفوها عمن شاؤا ويتحكموا فيها بمقتضى آرائهم فيتخيروا للنبوة بعض صناديدهم . والمعنى ان النبوة عطية من اللّه تعالى يتفضل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فانه العزيز اى الغالب الذى لا يغالب الوهاب الذى له ان يهب كل ما يشاء

جون زحال مستحقان آكهى ... هرجه خواهى هركرا خواهى دهى

ديكرانرا اين تصرف كى رواست ... اختيار اين تصرفها تراست

١٠

{ ام لهم ملك السموات والارض وما بينهما } ترشيح اى تربية لما سبق اى بل الهم ملك هذه العوالم العلوية والسفلية حتى يتكلموا فى الامور الربانية ويتحكموا فى التدابير الالهية التى يستأثر بها رب العزة والكبرياء

{ فليرتقوا فى الاسباب } جواب شرط محذوف . والارتقاء الصعود

قال الراغب السبب الحبل الذى يصعد به النخل وقوله تعالى

{ فليرتقوا فى الاسباب } اشارة الى قوله

{ ام لهم سلم يستمعون } فيه وسمى كل ما يتوصل به الى شىء سببا انتهى . والمعنى ان كان لهم ما ذكر من الملك فليصعدوا فى المعارج والمناهج التى يتوصل بها الى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا امر العالم وينزلوا الوحى الى ما يختارون ويستصوبون وفيه من التهكم بهم ما لا غاية وراءه

١١

{ جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب } الجند جمع معد للحرب وما مزيدة للتقليل والتحقير نحو اكلت شيأ ما وهنالك مركب من ثلاث كلمات احداها هنا وهو اشارة الى مكان قريب والثانية اللام وهى للتأكيد والثالثة الكاف وهى للخطاب قالوا واللام فيها كاللام فى ذلك فى الدلالة على بعد المشار اليه . والهزم الكسر يقال هزم العدو كسرهم وغلبهم والاسم الهزيمة وهزمه يهزمه فانهزم غمزه بيده فصارت فيه حفرة كما فى القاموس . والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات

قال ابن الشيخ جند خبر مبتدأ محذوف ومن الاحزاب صفته اى جملة الاحزاب وهم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الانبياء بالتكذيب فقهروا وهلكوا ومهزوم خبر ثان للمبتدأ المقدر او صفة لجند وهنالك ظرف لمهزوم او صفة اخرى لجند وهو اشارة الى الموضع الذى تقاولوا وتحاوروا فيه بالكلمات السابقة وهو مكة اى سيهزمون بمكة وهو اخبار بالغيب لانهم انهزموا فى موضع تكلموا فيه بهذه الكلمات

وقال بعضهم هناك اشارة الى حيث وضعوا فيه انفسهم من الانتداب اى الاجابة والمطاوعة لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لامر ليس من اهله لست هنالك فان هواهم الزائغ وحسدهم البالغ حملهم على ان يقولوا أانزل عليه الذكر من بيننا فانتدبوا له ووضعوا انفسهم فى مرتبة ان يقولوا ذلك العظيم فانه لاستلزامه الاعتراض على مالك الملك والملكوت لا ينبغى لاحد ان يجترىء عليه ويضع نفسه فى تلك المرتبة . والمعنى هم كجند ما من الكفار المتحزبين على الرسل مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث بما يهذون

ففيه اشارة الى عجزهم وعجز آلهتهم يعنى ان هؤلاء الكفار ليس معهم حجة ولا لاصنامهم من النفع والضر مكنة ولا فى الدفع والرد عن انفسهم قوة

وسمعت من فم حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول استناد الكفار الى الاحجار ألا ترى الى القلاع والحصون واستناد المؤمنين الى ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) ألا ترى انهم لا يتحصنون بحصن سوى التوكل على اللّه تعالى وهو يكفيهم كما قال تعالى ( لا اله الا اللّه حصنى فمن دخل فى حصنى امن من عذابى ) انتهى

١٢

{ كذبت قبلهم } اى قبل قومك يا محمد وهم قريش

{ قوم نوح } اى كذبوا نوحا وقد دعاهم الى اللّه وتوحيده الف سنة الا خمسين عاما

{ وعاد } قوم هود

{ وفرعون } موسى عليه السلام

{ ذو الاوتاد } جمع وتد محركة وبكسر التاء وهو ما غرز فى الارض او الحائط من خشب : وبالفارسية [ ميخ ] اى ذو الملك الثابت لانه استقام له الامر اربعمائة سنة من غير منازع واصله ان يستعمل فى ثبات الخيمة بان يشد اطنابها على اوتاد مركوزة فى الارض فان اطنابها اذاشتدت عليها كانت ثابتة فلا تلقيها الريح على الارض ولا تؤثر فيها ثم استعير لثبات الملك ورسوخ السلطنة واستقامة الامر بان شبه ملك فرعون بالبيت المطنب استعارة بالكناية واثبت له لوازم المشبه به وهو الثبات بالاوتاد تخييلا . وجه تخصيص هذه الاستعارة ان اكثر بيوت العرب كانت خياما وثباتها بالاوتاد ويجوز ان يكون المعنى ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لانهم يشدون البلاد والملك ويشد بعضهم بعضا كالوتد يشد البناء والخباء فتكون الاوتاد استعارة تصريحية وفى الحديث ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) اى لا يتقوى فى امر دينه ودنياه الا بمعونة اخيه كما ان بعض البناء يتقوى ببعضه ويكفى دليلا على كثرة جموع فرعون انه قال فى حق بنى اسرائيل ان هؤلاء لشرذمة قليلون مع انهم كانوا ينيفون على ستمائة الف مقاتل سوى الصغير والشيخ . ويجوز ان يكون الاوتاد حقيقة لا استعارة فانه على ما روى كانت له اوتاد من حديد يعذب الناس عليها فكان اذا غضب على احد مده مستلقيا بين اربعة اوتاد وشد كل يد وكل رجل منه الى سارية وكان كذلك فى الهواء بين السماء والارض حتى يموت او كان يمد الرجل مستلقيا على الارض ثم يشد يديه ورجليه ورأسه على الارض بالاوتاد

يقول الفقير هذه الرواية هى الانسب لما ذكروه فى قصة آسية امرأة فرعون فى سورة التحريم من انها لما آمنت بموسى اوتد لها فرعون باوتاد فى يديها ورجليها كما سيجىء

١٣

{ وثمود } قوم صالح

قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ان قوم صالح آمنوا به فلما مات صالح رجعوا بعده عن الايمان فاحيى اللّه صالحا وبعثه اليهم ثانيا فاعلمهم انه صالح فكذبوه فاتاهم بالناقة فكذبوه فعقروها فاهلكهم الله

قال الكاشفى [ بعضى ايمان آوردند وجمعى تكذيب نمودند وبسبب عقر ناقة هلاك شدند ] { وقوم لوط }

قال مجاهد كانوا اربعمائة الف بيت فى كل بيت عشرة

وقال عطاء ما من احد من الانبياء الا ويقوم معه يوم القيامة قوم من امته الا لوط فانه يقوم وحده كما فى كشف الاسرار

{ واصحاب الايكة } اصحاب الغيضة من قوم شعيب بالفارسية [ اهل بيشه ]

قال الراغب الأيك شجر ملتف واصحاب الايكة قيل نسبوا الى غيضة كانوا يسكنونها

وقيل هى اسم بلد كما فى المفردات

{ اولئك الاحزاب } بدل من الطوائف المذكورة يعنى المتحزبين اى المجتمعين على انبيائهم الذين جعل الجند المهزوم يعنى قريشا منهم

١٤

{ ان كل الا كذب الرسل } استئناف جيىء به تهديدا لما يعقبه اى ما كل حزب وجماعة من اولئك الاحزاب الا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع لتدل على انقسام الآحاد بالآحاد كما فى قولك ركب القوم دوابهم والاستثناء مفرغ من اعم الاحكام فى حيز المبتدأ اى ما كل واحد منهم محكوما عليه بحكم الا محكوم عليه بانه كذب الرسل ويجوز ان يكون قوله

{ اولئك الاحزاب } مبتدأ وقوله

{ ان كل الا كذب الرسل } خبره محذوف العائد اى ان كل منهم

{ فحق عقاب } اى ثبت ووقع على كل منهم عقابى الذى كانت توجبه جناياتهم من اصناف العقوبات المفصلة فى مواقعها

١٥

{ وما ينظر هؤلاء } الاشارة الى كفار مكة بهؤلاء تحقير لشأنهم وتهوين لامرهم وما ينتظر هؤلاء الكفرة الذين هم امثال اولئك الطوائف المذكورة المهلكة فى الكفر والتكذيب

{ الا صيحة واحدة } هى النفخة الثانية اى ليس بينهم وبين حلول ما اعد لهم من العقاب الفظيع الا هى حيث اخرت عقوبتهم الى الآخرة لما ان تعذيبهم بالاستئصال حسبما يستحقونه والنبى عليه السلام بين اظهرهم خارج عن السنة الالهية المبنية على الحكم الباهرة كما نطق به قوله تعالى

{ وما كان اللّه ليعذبهم وانت فيهم } ثم ان الانتظار يحتمل ان يكون حقيقة او استهزاء فهم وان كانوا ليسوا بمنتظرين لان تأتيهم الصيحة الا انهم جعلوا منتظرين لها تنبيها على قربها منهم فان الرجل انما ينتظر الشىء ويمد طرفه اليه مترقبا فى كل آن حضوره اذا كان الشىء فى غاية القرب منه

{ ما لها من فواق } اى ما للصيحة من توقف مقدار فواق ففيه تقدير مضاف هو صفة لموصوف مقدر . والفواق بالضم كغراب ويفتح كما فى القاموس ما بين حلبتى الحالب من الوقت لان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لادرار اللبن ثم تحلب ثانية يعنى اذا جاء وقت الصيحة لم تستأخر هذا القدر من الزمان كقوله تعالى

{ فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة } وهو عبارة عن الزمان اليسير وفى الحديث ( من اعتكف قدر فواق فكأنما اعتق رقبة من ولد اسماعيل ) وفى الحديث ( من قاتل فى سبيل اللّه فواق ناقة وجبت له الجنة )

وفى الآيتين اشارة الى تسلية قلب النبى عليه السلام وتصفيته عن الاهتمام بكفار مكة لئلا يضيق قلبه من تكذيبهم ولا يحزن عليهم لكفرهم فان هؤلاء الاحزاب كذبوا الرسل كما كذبه قومه وكانوا اقوياء متكثرين عددا وقومه جندا قليلا من تلك المتحزبين ثم انهم كانوا مظهر القهر وحطب نار الغضب ما اغنى عنهم جمعهم وقوتهم ابدانا وكثرتهم اسبابا فكذا حال قريش فانتظارهم ايضا اثر من آثار القهر الالهى ونار من نيران الغضب القهارى

١٦

{ وقالوا } بطريق الاستهزاء والسخرية عند سماعهم بتأخير عقابهم الى الآخرة والقائل النضر بن الحرث بن علقمة بن كندة الخزاعى واضرابه وكان النضر من شياطينهم ونزل فى شأنه فى القرآن بضع عشرة آية وهو الذى قال

{ امطر علينا حجارة من السماء } { ربنا } وتصدير دعائهم بالنداء للامعان فى الاستهزاء كأنهم يدعون ذلك بكمال الرغبة والابتهال

{ عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } القط القطعة من الشىء من قطه اذا قطعه والمراد هنا القسط والنصيب لانه قطعه من الشىء مفرزة

قال الراغب اصل القط الشىء المقطوع عرضا كما ان القدّ هو المقطوع طولا والقط النصيب المفروض كأنه قط وافرز وقد فسر ابن عباس رضى اللّه عنهما الآية به انتهى . فالمعنى عجل لنا قسطنا وحظنا من العذاب الذى توعدنا به محمد ولا تؤخره الى يوم الحساب الذى مبدأه الصيحة المذكورة ويقال لصحيفة الجائزة ايضا قط لانها قطعة من القرطاس . فالمعنى عجل لنا صحيفة اعمالنا لننظر فيها

قال سهل ابن عبد اللّه التسترى رحمه اللّه لا يتمنى الموت الا ثلاثة رجل جاهل بما بعد الموت او رجل يفر من اقدار اللّه عليه او مشتاق محب لقاء الله

وفيه اشارة الى ان النفوس الخبيثة السفلية يميل طبعها الى السفليات وهى فى الدنيا لذائذ الشهوات الحيوانية وفى الآخرة دركات اسفل سافلين جهنم كما ان القلوب العلوية اللطيفة يميل طبعها الى العلويات وهى فى الدنيا حلاوة الطاعة ولذاذة القربات وفى الآخرة درجات اعلى عليين الجنات وكما ان الارواح القدسية تشتاق بخصوصيتها الى شواهد الحق ومشاهدات انوار الجمال والجلال ولكل من هؤلاء الاصناف جذبة بالخاصية جاذبة بلا اختيار كجذبة المغناطيس للحديد وميلان وطبع الحديد الى المغناطيس من غير اختيار بل باضطرار كذا فى التأويلات النجمية : وفى المثنوى

ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خودرا همجوكاه و كهرباست

١٧

{ اصبر } يا محمد

{ على ما يقولون } اى ما يقوله كفار قريش من المقالات الباطلة التى من جملتها قولهم فى تعجيل العذاب ربنا عجل لنا الخ فعن قريب سينزل اللّه نصرك ويعطيهم سؤلهم

قال شاه الكرمانى الصبر ثلاثة اشياء ترك الشكوى وصدق الرضى وقبول القضاء بحلاوة القلب

قال البقلى كن خاطر النبى عليه السلام ارق من ماء السماء بل الطف من نور العرش والكرسى من كثرة ما ورد عليه من نور الحق فلكمال جلاله فى المعرفة كان لا يحتمل مقالة المنكرين وسخرية المستهزئين لا انه لم يكن صابرا فى مقام العبودية

{ واذكر } من الذكر القلبى اى وتذكر

{ عبدنا } المخصوص بعنايتنا القديمة

{ داود } ابن ايشا من سبط يهودا بن يعقوب عليه السلام بينه وبين موسى عليه خمسمائة وتسع وستون سنة وقام بشريعة موسى وعاش مائة سنة

{ ذا الايد } يقال آد يئيد ايدا مثل باع يبيع بيعا اشتد وقوى . والايد القوة كما فى القاموس والقوة الشديدة كما فى المفردات اى ذا القوة فى الدين القائم بمشاقه وتكاليفه

وفى الكواشى ويجوز ان يراد القوة فى الجسد والدين انتهى

واعلم انه تعالى ذكر اولا قوة داود فى امر الدين ثم زلته بحسب القضاء الازلى ثم توبته بحسب العناية السابقة وامره عليه السلام بتذكر حاله وقوته فى باب الطاعة ليتقوى على الصبر ولا يزل عن مقام استقامته وتمكينه كما زل قدم داود فظهرت المناسبة بين المسندين واتضح وجه عطف واذكر على اصبر

{ انه اواب } من الاوب وهو الرجوع اى رجاع الى اللّه ومرضاته اى عن كل ما يكره اللّه الى ما يحب اللّه وهو تعليل لكونه ذا الايد ودليل على ان المراد به القوة فى امر الدين وما يتعلق بالعبادة لا قوة البدن لان كونه راجعا الى مرضاة اللّه لا يستلزم كونه قوى البدن وقد روى انه لم يكن جسيما كسائر الانبياء بل قصير القامة واكثر القوى البدنية كان فيمن زاده اللّه بسطة فى جسمه

وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كماليته فى العبودية بانه لم يكن عبد الدنيا ولا عبد الآخرة وانما كان عبدنا خالصا مخلصا وله قوة فى العبودية ظاهرا وباطنا . فاما قوته ظاهرا فبانه قتل جالوت وكثيرا من جنوده بثلاثة احجار رماها عليهم .

واما قوته فى الباطن فلانه كان اوابا وقد سرت اوابيته فى الجبال والطير فكانت تؤوب معه انتهى . ومن قوة عبادة داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وذلك اشد الصوم وكان ينام النصف الاول من الليل ويقوم النصف الاخير منه مع سياسة الملك

وفى بعض التفاسير كان ينام النصف الاول من الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وهو الموافق لما فى المشارق من قوله عليه السلام ( احب الصيام الى اللّه صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما واحب الصلاة الى اللّه ) اى فى النوافل ( صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ) وانما صار هذا النوع احب لان النفس اذا نامت الثلثين من الليل تكون اخف وانشط فى العبادة

١٨

{ انا سخرنا الجبال معه } بيان لفضله مع داود اى ذللناها ومع متعلق بالتسخير وايثارها على اللام لكون تسخير الجبال له عليه السلام لم يكن بطريق تفويض التصرف فيها اليه كتسخير الريح وغيرها لسليمان عليه السلام لكون سيرها معه بطريق التبعية له فتكون مع على حالها ويجوز ان تكون مع متعلقة بما بعدها وهو قوله

{ يسبحن } اى حال كونها تقدس اللّه تعالى مع داود لم يقل مسبحات للدلالة على تجدد التسبيح حالا بعد حال

قال فى كشف الاسرار كان داود يسمع ويفهم تسبيح الجبال على وجه تخصيصه به كرامة له ومعجزة انتهى

واختلفوا فى كيفية التسبيح فقيل بصوت يتمثل له وهو بعيد

وقيل بلسان الحال وهو ابعد

وقيل بخلق اللّه فى جسم الجبل حياة وعقلا وقدرة ونطقا فحينئذ يسبح اللّه كما يسبح الاحياء العقلاء وهذا لسان اهل الظاهر

واما عند اهل الحقيقة فسر الحياة سار فى جميع الموجودات حيوانا او نباتا او جمادا فالحياة فى الكل حقيقة لا عارضية او حالية او تمثيلية لكن انما يدركها كمل المكاشفين فتسبيح الجبال مع داود على حقيقته لكن لما كان على كيفية مخصوصة وسماعه على وجه غريب خارج عن العقول كان من معجزات داود عليه السلام وكراماته وقد سبق مرارا تحقيق هذا المقام بما لا مزيد عليه من الكلام

{ بالعشى } فى آخر النهار

{ والاشراق } فى اول النهار ووقت الاشراق هو حين تشرق الشمس اى تضيىء ويصفو شعاعها وهو قت الضحى

واما شروقها فطلوعها يقال شرقت الشمس ولما تشرق

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما كنت امر بهذه الآية لا ادرى ما هى حتى حدثتنى ام هانى بنت ابى طالب ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل عليها يوم فتح مكة فدعا بوضوء فتوضأ وفى البخارى واغتسل فى بيتها ثم صلا الضحى ثمانى ركعات وقال ( يا ام هانى هذه صلاة الاشراق ) ومن هنا

قال بعضهم من دخل مكة واراد ان يصلى الضحى اول يوم اغتسل وصلاها كما فعله عليه السلام يوم فتح مكة

وقال بعضهم صلاة الضحى غير صلاة الاشراق كما دل عليه قوله عليه السلام ( من صلى الفجر بجماعة ثم قعد يذكر اللّه تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كاجر حجة وعمرة تامة تامة ) وهى صلاة الاشراق كما فى شرح المصابيح وقوله عليه السلام ( صلاة الاوابين حين تدمض الفصال من الضحى ) والمعنى أن صلاة الضحى تصلى اذا وجد الفصيل حر الشمس من الرمضاء اى من الارض التى اشتد حرها من شدة وقع الشمس عليها فان الرمض شدة وقع الشمس على الرمل وغيره والفصيل الذى يفصل ويفطم عن الرضاع من الابل وخص الفصال هنا بالذكر لانها التى ترمض لرقة جلد رجلها

وفيه اشارة الى مدحهم بصلاة الضحى فى الوقت الموصوف لان الحر اذا اشتد عند ارتفاع الشمس تميل النفوس الى الاستراحة فيرد على قلوب الاوابين المستأنسين بذكر اللّه تعالى ان ينقطعوا عن كل مطلوب سواه

يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بوجهين.

الاول يحتمل ان يكون الاشراق من اشرق القول اذا دخلوا فى الشروق اى الطلوع فلا يدل على الضحى الذى هو الوقت المتوسط بين طلوع الشمس وزوالها . والثانى ان اول وقت صلاة الاشراق هو ان ترتفع الشمس قدر رمح وآخر وقتها هو اول وقت صلاة الضحى فصلاة الضحى فى الغداة بازاء صلاة العصر فى العشى فلا ينبغى ان تصلى حتى تبيض الشمس طالعة ويرتفع كدرها بالكلية وتشرق بنورها كما يصلى العصر اذا اصفرت الشمس فقوله عليه السلام ( هذه صلاة الاشراق ) اما بمعنى انها اشراق بالنسبة الى آخر وقتها

واما بمعنى انها ضحى باعتبار اول وقتها

قال الشيخ عبد الرحمن البسطامى قدس سره فى ترويح القلوب يصلى اربع ركعات بنية صلاة الاشراق فقد وردت السنة يقرأ فى الركعة الاولى بعد الفاتحة سورة والشمس وضحاها وفى الثانية والليل اذا يغشى وفى الثالثة والضحى وفى الرابعة ألم نشرح لك ثم اذا حان وقت صلاة الضحى ركعتان او اربع ركعات او اكثر الى ثنتى عشرة ركعة ولم ينقل ازيد منها بثلاث تسليمات وان شئت بست تسليمات ورد فى فضلها اخبار كثيرة من صلاها ركعتين فقد ادى ما عليه من شكر الاعضاء لان الصلاة عمل بجميع الاعضاء التى فى البدن ومن صلاها ثنتى عشرة ركعة بنى له قصر من ذهب فى الجنة وللجنة باب يقال له الضحى فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين كانوا يدومون على صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة اللّه عز وجل

١٩

{ والطير } عطف على الجبال جمع طائر كركب وراكب وهو كل ذى جناح يسبح فى الهواء

{ محشورة } حال من الطير والعامل سخرنا اى وسخرنا الطير حال كونها محشورة مجموعة اليه من كل جانب وناحية : وبالفارسية [ جمع كرده شد نزد وىوصف زده بالاى سروى ] وكانت الملائكة تحشر اليه ما امتنع عليه منها كما فى كشف الاسرار عن ابن عباس رضى اللّه عنهما كان اذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح واجتمعت اليه الطير فسبحت وذلك حشرها وانما لم يراع المطايقة بين الحالين بان يقال يحشرن لان الحشر جملة ادل على القدرة منه متدرجا كما يفهم من لفظ المضارع

{ كل } اى كل واحد من الجبال والطير

{ له } اى لاجل داود اى لاجل تسبيحه فهو على حذف المضاف

{ اواب } رجاع الى التسبيح اذا سبح سبحت الجبال والطير معه : وبالفارسية [ بازكرداننده آواز خود باوى بتسبيح ] ووضع الاواب موضع المسبح لانها كانت ترجع التسبيح والمرجع رجاع لانه يرجع الى فعله رجوعا بعد رجوع . والفرق بينه وبين ما قبله وهو يسبحن . ان يسبحن بدل على الموافقة فى التسبيح وهذا يدل على المداومة عليها

وقيل الضمير لله اى كل من داود والجبال والطير لله اواب اى مسبح مرجع لله . التسبيح والترجيع بالفارسية [ نغمت كردانيدن ] روى ان اللّه تعالى لم يعط احدا من خلقه ما اعطى داود من حسن الصوت فلما وصل الى الجبال الحان داود تحركت من لذة السماع فوافقته فى الذكر والتسبيح ولما سمعت الطيور نغماته صفرت بصفير التنزيه والتقديس ولما اصغت الوحوش صوته ودنت منه حتى كانت تؤخذ باعناقها فقبل الكل فيض المعرفة والحالة بحسب الاستعداد ألا ترى الى الهدهد والبلبل والقمرى والحمامة ونحوها

دانى جه كفت مرا آن بلبل سحرى ... توخودجه آدمى كزعشق بيخبرى

اشتر بشعر عرب درحالتست وطرب ... كرذوق نيست تراكز طبع جانورى

فالتأثر والحركة والبكاء ونحوها ليست من خواص الانسان فقط بل اذا نظرت بنظر الحقيقة وجدتها فى الحيوانات بل فى الجمادات ايضا لكونها احياء بالحياة الحقيقية كما اشير اليه فيما سبق

قال الكاشفى [ يكى ازا وليا سنكى راديدكه جون قطرات باران آب ازوميجكد ساعتى توقف كرد بتأمل دران نكريست سنك باوى بسخن در آمدكه اى ولى خدا جندين سالست كه خداى تعالى مرا آفريده وازبيم سياست اواشك حسرت ميريزم آن ولى مناجات كردكه خدايا اين سنك را ايمن كردان دعاى اوباجابت بيوسته مزده امان بدان سنك رسيد آن ولى بعداز مدتى ديكر باره همانجا رسيد و آن سنك رايدكه ازنوبت اول بيشتر قطرها ميريخت فرمودكه اى سنك جون ايمن شدى اين كريه ازجيست جواب دادكه اول مى كريستم از خوف عقوبت وحالا ميكريم ازشادى امن وسلامت

ازسنك كريه بين ومكو آن ترشحست ... دركوه ناله بين ومبندار كان صداست

قال بعض كبار المكاشفين سبحت الجبال وكذا الطير لتسبيح داود ليكون له عملها لان تسبيحها لما كان لتسبيحه منتشأ منه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا اليها لعدم استحقاقها لذلك بخلاف الانسان فانه اذا وافقه انسان آخر فى ذكره وتسبيحه او عمل بقوله يكون له مثل ثواب ذكره وتسبيحه لاحيائه وايقاظه فهو صيده واحق به وانما كان يسبح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى اعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور اعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه وخاصية العشى والاشراق ان فيهما زيادة ظهور انوار قدرته وآثار بركة عظمته وان وقت الضحى وقت صحو اهل السكر من خمار شهود المقامات المحمودة وان العشى وقت اقبال المصلين الى المناجاة وعرض الحاجات

٢٠

{ وشددنا ملكه } قوينا ملكه بالهيبة والنصرة ونحوهما

قال الكاشفى [ ومحكم كرديم بادشاهى ويرا بدعاى مظلومان . يابوزراى نصيحت كنندكان . يابكوتاه كردن ظلم ازرعيت . يابالقاى رعب وى دردل اعادى . يابيافتن زره وساختن آلات حرب . يابه بسيارىء لشكر . يابكثرت باسبانان جه هرشب سى وشش هزار مردباس خانه وى ميداشتند ]

وقيل كان اربعون الف لابسى درع يحرسونه فاذا اصبح قيل ارجعوا فقد رضى عنكم نبى اللّه وكان نبينا عليه السلام يحرس ايضا الى نزول قوله تعالى

{ واللّه يعصمك من الناس } ومن ذلك اخذ السلاطين الحرس فى السفر والحضر فلا يزالون يحرسونهم فى الليالى ولهم اجر فى ذلك

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه ادعى رجل على آخر بقرة وعجز عن اقامة البينة فاوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام ان اقتل المدعى عليه فاعلم الرجل فقال صدقت يا نبى اللّه ان اللّه لم يأخذنى بهذا الذنب ولكن بانى قتلت ابا هذا غيلة فقتله فقال الناس ان اذنب احد ذنبا اظهره اللّه عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته فى القلوب . والغيلة بالكسر هو ان يخدع شخصا فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله

{ وآتيناه الحكمة } اى العلم بالاشياء على ما هى عليه والعمل بمقتضاه ان كان متعلقا بكيفية العمل

واعلم ان الحكمة نوعان . احدهما الحكمة المنطوق بها وهى علم الشريعة والطريقة . والثانى الحكمة المسكوت عنها وهى اسرار الحقيقة التى لا يطلع عليها عوام العلماء على ما ينبغى فيضرهم او يهلكهم كما روى ان رسول اللّه صلى اللّه وسلم كان يجتاز فى بعض سكك المدينة مع اصحابه فاقسمت عليه امرأة ان يدخلوا منزلها فدخلوا فرأوا نارا موقدة واولاد المرأة يلعبون حولها فقالت يا نبى اللّه اللّه ارحم بعباده ام انا باولادى فقال عليه السلام ( بل اللّه ارحم فانه ارحم الراحمين ) فقالت يا رسول اللّه أترانى احب ان القى ولدى فى النار قال ( لا ) فقالت فكيف يلقى اللّه عبيده فيها وهو ارحم بهم قال الراوى فبكى رسول اللّه عليه السلام فقال ( هكذا اوحى الى )

{ وفصل الخطاب } لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى رحمه اللّه فيكون بمعنى الخطاب الفاصل اى المميز والمبين او الخطاب المفصول اى الكلام الملخص الذى ينبه المخاطب على المرام من غير التباس

وفى شرح الجندى يعنى الافصاح بحقيقة الامر وقطع القضايا والاحكام باليقين من غير التياب ولا شك ولا توقف فيكون بمعنى فصل الخصام بتمييز الحق من الباطل فالفصل على حقيقته واريد بالخطاب المخاصمة لاشتمالها عليه

وفى التأويلات النجمية

{ وشددنا ملكه } فى الظاهر بان جعلناه اشد ملوك الارض

{ و } فى الباطن بان

{ آتيناه الحكمة وفصل الخطاب } والحكمة هى انواع المعارف من المواهب وفصل الخطاب بيان تلك المعارف بادل دليل واقل قليل انتهى وانما سمى به اما بعد لانه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له من الحمد والصلاة

وقال زياد اول من قال فى كلامه اما بعد داود عليه السلام فهو فصل الخطاب ورد بانه لم يثبت عنه انه تكلم بغير لغته

واما بعد لفظة عربية وفصل الخطاب الذى اوتيه داود هو فصل الخصومة كما فى انسان العيون

اللهم الا ان يقال ان صح هذا القول لم يكن ذلك بالعربية على هذا النظم وانما كان بلسانه عليه السلام

وقال علىّ رضى اللّه عنه فصل الخطاب ان يطلب البينة من المدعى ويكلف اليمين من انكر لان كلام الخصوم لا ينقطع ولا ينفصل الا بهذا الحكم

قالوا كان قبل ذلك قد علق اللّه سلسلة من السماء وامره بان يقضى بها بين الناس فمن كان على الحق يأخذ السلسلة وتصل يده اليها ومن كان ظالما لا يقدر على اخذ السلسلة فاتفق ان رجلا غصب من رجل آخر لؤلؤا فجعل اللؤلؤ فى جوف عصاه ثم خاصم المدعى الى داود عليه السلام فقال ان هذا قد اخذ لؤلؤا وانى صادق فى مقالتى فجاء واخذ السلسلة ثم قال المدعى عليه خذ منى العصا فاخذ عصاه فقال انى دفعت اللؤلؤ اليه وانى صادق فى مقالتى فجاء واخذ السلسلة فتحير داود فى ذلك ورفعت السلسلة وامر عليه السلام بان يقضى بالبينات والايمان فذلك قوله

{ وآتيناه الحكمة } يعنى العلم والفهم وفصل الخطاب يعنى القضاء بالبينات والايمان على الطالبين والمدعى عليهم كذا فى تفسير الامام ابى الليث رحمه اللّه وكان الحكم فى شرعنا ايضا بذلك لانه اسدّ الطرق واحسن الوسائل فى كل مسئلة من المسائل لكل سائل

٢١

{ وهل اتاك نبأ الخصم } استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماع ما فى حيزه للايذان بانه من الاخبار البديعة التى حقها ان لا تخفى على احد . والنبأ الخبر العظيم والخصم بمعنى المخاصم واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه ولما كان الخصم فى الاصل مصدرا متساويا افراده وجمعه اطلق على الجمع فى قوله تعالى

{ اذ تسوروا المحراب } يقال تسور المكان اذا علا سوره وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وقد يطلق على حائط مرتفع وهو المراد هنا . والمراد من المحراب البيت الذى كان داود عليه السلام يدخل فيه ويشتغل بطاعة ربه

قيل كان ذلك البيت غرفة وسمى ذلك البيت محرابا لاشتماله على المحراب على طريقة تسمية الشىء باشرف اجزائه واذ متعلقة بمحذوف وهو التحاكم اى نبأ تحاكم الخصم اذ تسوروا المحراب اى تصعدوا سور الغرفة ونزلوا اليه . والمراد بالخصم المتسورين جبرائيل وميكائيل بمن معهما من الملائكة على صورة المدعى والمدعى عليه والشهود والمزكين من بنى آدم

٢٢

{ اذ دخلوا على داود } بدل مما قبله

{ ففزع منهم } الفزع انقباض ونفار يعترى الانسان من الشىء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من اللّه كما يقال خفت منه وانما فزع منهم لانه كان الباب مغلقا وهو يتعبد فى البيت فنزلوا عليه بغتة من فوق اى من غير الباب على خلاف العادة

وفيه اشارة الى كمال ضعف البشرية مع انه كان اقوى الاقوياء اذ فزع منهم ولعل فزع داود كان لاطلاع روحه على انه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه كما سيأتى فلما رأوه فزعا

{ قالوا } ازالة لفزعه

{ لا تخف } منا

قال فى التأويلات النجمية يشير الى انه لا تخف من صورة احوالنا فانا جئنا لتحكم بيننا بالحق ولكن خف من حقيقة احوالنا فانها كشف احوالك التى جرت بينك وبين خصمك اوريا

{ خصمان } اى نحن فريقان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصما تجوزا والحاصل انه اطلق لفظ الخصم فيما سبق على الجمع بدليل تسوروا ثم ثنى بتأويل الفريق وهم وان لم يكونوا فريقين بل شخصين اثنين بدليل ان هذا اخى الآية لكن جعل مصاحب الخصم خصما فكانا بمن معهما فريقين من الخصوم فحصل الانطباق بين صيغة التثنية فى قوله خصمان وبين ما مر من ارادة الجمع

{ بغى } [ ستم وجور كرد ]

{ بعضنا على بعض } هو على الفرض وقصد التعريض بداود لا على تحقيق البغى من احدهما فلا يلزم الكذب اذ الملائكة منزهون عنه فلا يحتاج الى ما قيل ان المتخاصمين كانا لصين دخلا عليه للسرقة فلما رآهما اخترعا الدعوى كما فى شرح المقاصد

{ فاحكم بيننا بالحق } بالعدل : وبالفارسية [ بس حكم كن درميان ما براستى ]

{ ولا تشطط } [ الاشطاط : بيدا كردن واز حد در كذشتن ] من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق . والمعنى لا تجر فى الحكومة وهو تأكيد للامر بالحكم بالحق والمقصود من الامر والنهى الاستعطاف

{ واهدنا الى سواء الصراط } الى وسط طريق الحق بزجر الباغى عما سلكه من طريق الجور وارشاده الى منهاج العدل

٢٣

{ ان هذا } استئناف لبيان ما فيه الخصومة

{ اخى } فى الدين او فى الصحبة والتعرض لذلك تمهيد لبيان كمال قبح ما فعل به صاحبه

{ له تسع وتسعون نعجة ولى } قرأ حفص عن عاصم ولى بفتح الياء والباقون باسكانها على الاصل

{ نعجة واحدة } النعجة هى الانثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة والكناية والتعريض ابلغ فى المقصود وهو التوبيخ فان حصول العلم بالمعرض به يحتاج الى تأمل فاذا تأمله واتضح قبحه كان ذلك اوقع فى نفسه واجلب لخجالته وحيائه

{ فقال اكفلنيها } اى ملكنيها وحقيقته اجعلنى اكفلها كما اكفل ما تحت يدى والكافل هو الذى يعولها وينفق عليها

{ وعزنى فى الخطاب } اى غلبنى فى مخاطبته اياى محاجة بان جاء بحجاج لم اقد على رده

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما كان اعز منى واقوى على مخاطبتى لانه كان الملك فالمعنى كان اقدر على الخطاب لعزة ملكه كما فى الوسيط

٢٤

{ قال } داود بعد اعتراف المدعى عليه او على تقدير صدق المدعى والا فالمسارعة الى تصديق احد الخصمين قبل سماع كلام الآخر لا وجه له وفى الحديث ( اذا جلس اليك الخصمان فلا تقض لاحدهما حتى تسمع من الآخر )

{ لقد ظلمك } جواب قسم محذوف قصد به عليه السلام المبالغة فى انكار فعل صاحبه وتهجن طمعه فى نعجة من ليس له غيرها مع ان له قطيعا منها

{ بسؤال نعجتك الى نعاجه } السؤال مصدر مضاف الى مفعوله وتعديته الى مفعول آخر بالى لتضمنه معنى الاضافة والضم كأنه قيل بضم نعجتك الى نعاجه على وجه السؤال والطلب

وفى هذا اشارة الى ان الظلم فى الحقيقة من شيم النفوس فان وجدت ذا عفة فالعلة كما قال يوسف

{ وما ابرىء نفسى } الآية فالنفوس جبلت على الظلم والبغى وسائر الصفات الذميمة ولو كانت نفوس الانبياء عليهم السلام كذا فى التأويلات النجمية

يقول الفقير هذا بالنسبة الى اصل النفوس وحقيقتها والا فنفوس الانبياء مطمئنة لا امارة اذ لم يظهر فيهم الا آثار المطمئنة وهى اول مراتب سلوكهم وقد اشار الشيخ الى الجواب بقوله فان وجدت الخ فاعرف ذلك فانه من مزالق الاقدام وقد سبق التحقيق فيه فى سورة يوسف

ثم قال داود عليه السلام حملا للنعجة على حقيقتها لا على كونها مستعارة للمرأة

{ وان كثيرا من الخلطاء } اى الشركاء الذين خلطوا اموالهم جمع خليط كظريف والخلطة الشركة وقد غلبت فى الماشية

{ ليبغى بعضهم على بعض } اى ليتعدى غير مراعى لحق الصحبة والشركة : يعنى [ از حق خودزياده مى طلبند ]

{ الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } منهم فانهم يجتنبون عن البغى والعدوان

{ وقليل ما هم } وهم قليل فهم مبتدأ وقليل خبره قدم عليه للاهتمال به وانما افرد تشبيها بفعيل بمعنى مفعول وما مزيد لتأكيد القلة او للابهام او التعب من قلة الموصوفين بالايمان وصالح العمل

{ وظن داود انما فتناه } الظن مستعار للعلم الاستدلالى لما بينهما من المشابهة . يعنى ان الظن الغالب لما كان يقارب العلم استعير له فالظن يقين لكنه ليس بيقين عيان فلا يقال فيه الا العلم . وما فى انما كافة والمعنى وعلم داود بما جرى فى مجلس الحكومة انما فعلنا به الفتنة والامتحان لا غير بتوجيه الحصر الى نفس الفعل بالقياس الى ما يغايره من الافعال

{ فاستغفر ربه } اثر ما علم ان ما صدر عنه ذنب كما استغفر آدم عليه السلام بقوله ربنا ظلمنا انفسنا الخ وموسى عليه السلام بقوله تبت اليك وغيرهما من الانبياء الكرام على ما بين فى موضعه

{ وخر } سقط حال كونه

{ راكعا } اى ساجدا على تسمية السجود ركوعا لانه مبدأه لانه لا يكون ساجدا حتى يركع وفى كل من الركوع والسجود التحنى والخضوع وبه استشهد ابو حنيفة واصحابه فى سجدة التلاوة على ان الركوع يقوم مقام السجود او خرّ للسجود راكعا اى مصليا اطلاقا للجزء وارادة لكل كأنه احرم بركعتى الاستغفار والدليل على الاول اى على ان الركوع ههنا بمعنى السجود ما رواه ابن عباس رضى اللّه عنهما ان النبى عليه السلام كان يقول فى سجدة ص وسجدة الشكر

( اللهم اكتب لى عندك بها اجرا واجعلها لى عندك ذخرا وضع عنى بها وزرا واقبلها منى كما قبلت من عبدك داود سجدته )

{ واناب } اى رجوع الى اللّه تعالى بالتوبة من جميع المخالفات التى هى الزلات وما كان من قبيل ترك الاولى والافضل لان حسنات الابرار سيآت المقربين

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان النبى عليه السلام سجد فى ص ( وقال سجدها داود توبة ونسجدها شكرا )

وهذه السجدة من عزائم السجود عند ابى حنيفة ومالك رحمها اللّه وكل منهما على اصله فابو حنيفة يقول هى واجبة ومالك هى فضيلة وعند الشافعى واحمد سجدة شكر تستحب فى غير الصلاة فلو سجد بها فى الصلاة بطلت عندهما كما فى فتح الرحمن

وقال الكاشفى [ اين سجده نزدامام اعظم سجدة عزيمت است وميكويد بتلاوت وى سجده بايد كرد در نماز وغير نماز ونزد امام شافعى از عزائم نيست واز امام احمد درين سجده دو روايتست واين سجدة دهم است بقول امام اعظم

ودر فتوحات مكيه اين را سجده انابت كفته وفرموده كه ] يقال لها سجدة الشكر فى حضرة الانوار لان داود سجدها شكرا

٢٥

{ فغفرنا له ذلك } اى ما استغفر منه وكان ذلك فى شهر ذى الحجة كما فى بحر العلوم وروى انه عليه السلام بقى فى سجوده اربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه الا لصلاة مكتوبة او لما لا بد منه ولا يرقأ دمعه حتى نبت منه العشب حل رأسه ولم يشرب ماء الا ثلثاه دمع وجهد نفسه راغبا الى اللّه فى العفو عنه حتى كاد يهلك واشتغل بذلك عن الملك حتى وثبت ابن له يقال له ايشا على ملكه فاجتمع اليه اهل الزيغ من بنى اسرائيل فلما نزلت توبته بعد الاربعين وغفر له حاربه فهزمه وقد قال نبينا عليه السلام ( اذا بويع لخليفتين ) اى لأحدهما اولا وللآخر بعده ( فاقتلوا الآخر منهما ) لأنه كالباغى هذا اذا لم يندفع الا بقتله

{ وان له } اى داود

{ عندنا لزلفى } لقربة وكرامة بعد المنفرة كما وقع لآدم عليه السلام . والزلفى القربة والازلاف التقريب والازدلاف الاقتراب ومنه سميت المزدلف لقربها من الموقف

وعن مالك بن دينا فى قوله

{ وان له } الخ يقول اللّه تعالى لداود عليه السلام وهو قائم بساق العرش يا داود مجدنى بذلك الصوت الرخيم اللين فيقول كيف وقد سلبتنيه فى الدنيا فيقول انى ارده عليك فيرفع داود صوته بالزبور فيستفرغ نعيم اهل الجنة كما فى الوسيط

{ وحسن مآب } حسن مرجع فى الجنة

وفى كشف الاسرار هو الجنة يعنى الجنة هى مآب الانبياء والاولياء واصل هذه القصة ان داود عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له اوريا بن حنانا ويقال لها بنشاوع او بنشاويع بنت شايع فمال قلبه اليها وابتلى بعشقها وحبها من غير اختيار منه كما ابتلى نبينا عليه السلام بزينب رضى اللّه عنها لما رآها يوما حتى قال يا مقلب القلوب فسأله داود ان يطلقها فاستحيى ان يرده ففعل فتزوجها وهى ام سليمان عليه السلام وكان ذلك جائزا فى شريعته معتادا فيما بين امته غير مخل بالمروءة حيث كان يسأل بعضهم بعضا ان ينزل عن امرأته فيتزوجها اذا اعجبته خلا انه عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شانه نبه بالتمثيل على انه لم يكن ينبغى له ان يتعاطى ما يتعاطاه آحاد امته ويسأل رجلا ليس له الا امرأة واحدة ان ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه بل كان يجب عليه ان يصبر على ما امتحن به كما صبر نبينا عليه السلام حتى كان طالب الطلاق هو زوج زينب وهو زيد المذكور فى سورة الاحزاب لا هو عليه السلام اى لم يكن هو عليه السلام طالب الطلاق

قال البقلى عشق داود عليه السلام لعروس من عرائس الحق حين تجلى الحق منها له فانه كان عاشق الحق فسلاه بواسطة من وسائطه وهذه القصة تسلية لقلب نبينا عليه الصلاة والسلام حيث اوقع اللّه فى قلبه محبة زينب فضاق صدره فقال سبحانه

{ سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا } وفرح بذلك وزاد له محبة اللّه والشوق الى لقائه

قال ابو سعيد الخراز قدس سره زلات الانبياء فى الظاهر زلات وفى الحقيقة كرامات وزلف ألا ترى الى قصة داود حين احس باوائل امره كيف استغفر وتضرع ورجع فكان له بذلك عنده زلفى وحسن مآب صدق ابو سعيد فيما قال لان بلاء الانبياء والاولياء لا ينقص اصطفائيتهم بل يزيدهم شرفا على شرفهم وذلك لان مقام الخلافة مظهر الجمال والجلال فيتحقق بتجليات الجلال بالافتتان والابتلاء وفى ذلك ترق له كما قال فى التأويلات النجمية ان من شأن النبى والولى ان يحكم كل واحد منهم بين الخصوم بالحق كما ورد الشرع به بتوفيق اللّه وان الواجب عليهم ان يحكموا على انفسهم بالحق كما يحكمون على غيرهم كما قال تعالى

{ كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم } فلما تنبه داود انه ما حكم على نفسه بالحق كما حكم على غيره استغفر ورجع الى ربه متضرعا خاشعا باكيا بقية العمر معتذرا عما جرى عليه فتقبل اللّه منه ورحم عليه وعفا عنه كما قال

{ فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى } اى لقربة بكل تضرع وخضوع وخشوع وبكاء وانين وحنين وتأوّه صدر منه

{ و } له بهذه المراجعات

{ حسن مآب } عندنا انتهى وفى الحديث ( اوحى اللّه تعالى الى داود يا داود قل للعاصين اى يسمعونى ضجيج اصواتهم فانى احب ان اسمع ضجيج العاصين اذا تابوا الىّ يا داود لن يتضرع المتضرعون الى من هو اكرم منى ولا يسأل السائلون اعظم منى جودا وما من عبد يطيعنى الا وانا معطيه قبل ان يسألنى ومستجيب له قبل ان يدعونى وغافر له قبل ان يستغفرنى )

وقد انكر القاضى عياض ما نقله المؤرخون والمفسرون فى هذه القةص ووهى قولهم فيها ونقل عن ابن عباس وابن مسعود رضى اللّه عنهم انهما قالا ما زاد داود على ان قال للرجل انزل لى عن امرأتك واكفلنيها فعاتبه اللّه على ذلك ونبه عليه وانكر عليه شغله بالدنيا قال وهذا هو الذى ينبغى ان يعول عليه من امره وحكى بعضهم ان اوريا كان خطب تلك المرأة : يعنى [ اوريا آن زنرا خطبه كرده بود اورا بخواسته واز قوم وى اجابت يافته ودل بروى نهاد ( فاما عقد نكاح ) هنوز نرفته بود ( فلما غاب اوريا ) يعنى بغزا رفت ] وكان من غزاة البلقاء ثم خطبها داود فزوجت منه لجلال قدره فاغتم لذلك اوريا فعاتبه اللّه على ذلك فكان ذنبه ان خطب على خطبة اخيه المسلم مع عدم احتياجه لانه كانت تحت نكاحه وقتئذ تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا غير من خطبها

يقول الفقير دل نظم القرآن على الرواية فقوله

{ اكفلنيها } دل على انها كانت تحت نكاح اوريا وايضا دل اللفظ

{ الخصم } على ان اوريا بصدد الخصام ولا يكون بهذا الصدد الا بكونها تحت نكاحه مطلوبة منه بغير حسن رضاه وصفاء قلبه ومجرد جواز استنزال الرجل عن امرأته فى شريعتهم لا يستلزم جواز الجبر فلما طلقها اوريا استحياء من داود بقيت الخصومة بينه وبين داود اذ كان كالجبر كما دل

{ وعزنى فى الخطاب } فكان السائل العزيز الغالب فهاتان الروايتان اصح ما ينقل فى هذه القصة فانهم وان اكثروا القول فيها لكن الانبياء منزهون عما يشين بكمالهم او لا يزين بجمالهم خصوصا عما يقوله القصاص من حديث قتل اوريا وسببية داود فى ذلك بتزوج امرأته ولذلك قال على رضى اللّه عنه من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وذلك حد الفرية على الانبياء صلوات اللّه عليهم اجمعين

وفى الفتوحات المكية فى الباب السابع والخمسين بعد المائة ينبغى للواعظ ان يراغب اللّه فى وعظه ويجتنب عن كل ما كان فيه تجر على انتهاك الحرمات مما ذكره المؤرخون عن اليهود من ذكر زلات الانبياء كداود ويوسف عليهما السلام مع كون الحق اثنى عليهم واصطفاهم ثم الداهية العظمى ان يجعل ذلك فى تفسير القرآن ويقول قال المفسرون كذا وكذا مع كون ذلك كله تأويلات فاسدة باسانيد واهية عن قوم غضب اللّه عليهم وقالوا فى اللّه ما قصه اللّه علينا فى كتابه وكل واعظ ذكر ذلك فى مجلسه مقته اللّه وملائكته لكونه ذكر لمن فى قلبه مرض من العصاة حجة يحتج بها ويقول اذا كان مثل الانبياء وقع فى مثل ذلك فأى شىء انا فعلم ان الواجب على الواعظ ذكر اللّه وما فيه تعظيمه وتعظيم رسله وعلماء امته وترغيب الناس فى الجنة وتحذيرهم من النار واهوال الموقف بين يدى اللّه تعالى فيكون مجلسه كله رحمة انتهى كلام الفتوحات على صاحبه اعلى التجليات

قال الشيخ الشعرانى قدس سره فى الكبريت الاحمر وكذلك لا ينبغى له ان يحقق المناط فى نحو قوله تعالى

{ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } ولا نحو قوله

{ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة } وقوله

{ ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا } فان العامة اذا سمعوا مثل ذلك استهانوا بالصحابة ثم احتجوا بافعالهم انتهى كلامه

قال حجة الاسلام الغزالى رحمه اللّه يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضى اللّه عنه وحكاياته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة فلعل ذلك الخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة او الدنيا كما لا يخفى انتهى والحاصل ان معاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم بان يقعوا فيها بحكم الشهوة الطبيعية وانما تكون معاصيهم بالخطأ فى التأويل فاذا اظهر اللّه لهم فساد ذلك التأويل الذى اداهم الى ذلك الفعل حكموا على انفسهم بالعصيان وتابوا ورجعوا الى حكم العزيز المنان

٢٦

{ يا داود } اى فغفرنا له ذلك وقلنا له يا داود

{ انا جعلناك خليفة فى الارض } الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه

واما لموته

واما لعجزه

واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الاخير استخلف اللّه اولياءه فى الارض اذ الوجوه الاول محال فى حق اللّه تعالى فالخليفة عبارة عن الملك النافذ الحكم وهو من كان طريقته وحكومته على طريقة النبى وحكومته والسلطان اعم والخلافة فى خصوص مرتبة الامامة ايضا اعم . والمعنى استخلفناك على الملك فى الارض والحكم فيما بين اهلها اى جعلناك اهل تصرف نافذ الحكم فى الارض كمن يستخلفه بعض السلاطين على بعض البلاد ويملكه عليها وكان النبوة قبل داود فى سبطه والملك فى سبط آخر فاعطاهما تعالى داود عليه السلام فكان يدبر امر العباد بامره تعالى

وفيه دليل بين على ان حاله عليه السلام بعد التوبة كما كان قبلها لم يتغير قط بل زادت اصطفائيته كما قال فى حق آدم عليه السلام

{ ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى } قال بعض كبراء المكاشفين ثم المكانة الكبرى والمكانة الزلفى التى خصه اللّه بها التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع احد من ابناء جنسه وهم الانبياء وان كان فيهم خلفاء

فان قلت آدم عليه السلام قد نص اللّه على خلافته فليس داود مخصوصا بالتنصيص على خلافته قلنا ما نص على خلافة آدم مثل التنصيص على خلافة داود وانما قال للملائكة انى جاعل فى الارض خليفة فيحتمل ان يكون الخليفة الذى اراده اللّه غير آدم بان يكون بعض اولاده ولو قال ايضا انى جاعل آدم لم يكن مثل قوله انا جعلناك خليفة بضمير الخطاب فى حق داود فان هذا محقق ليس فيه احتمال غير المقصود

قال بعضهم تجبرت الملائكة على آدم فجعله اللّه خليفة وتجبر طالوت على داود فجعله خليفة وتجبرت الانصار على ابى بكر رضى اللّه عنه فجعله خليفة فلذا جعل اللّه الخلفاء ثلاثة آدم وداود وابا بكر . وكان مدة ملك داود اربعين سنة مما وهبه الخليفة الاول من عمره فان آدم وهب لداود من عمره ستين سنة فلذا كان خليفة فى الارض كما كان آدم خليفة فيها

وفى الآية اشارة الى معان مختلفة

منها ان الخلافة الحقيقية ليست بمكتسبة للانسان وانما هى عطاء وفضل من اللّه يؤتيه من يشاء كما قال تعالى

{ انا جعلناك خليفة } اى اعطيناك الخلافة

ومنها ان استعداد الخلافة مخصوص بالانسان كما قال تعالى

{ وجعلكم خلائف الارض } ومنها ان الانسان وان خلق مستعدا للخلافة ولكن بالقوة فلا يبلغ درجاتها بالفعل الا الشواذ منهم

ومنها ان الجعلية تتعلق بعالم المعنى كما ان الخلقية تتعلق بعالم الصورة ولهذا لما اخبر اللّه تعالى عن صورة آدم عليه السلام قال

{ انى خالق بشرا من طين } ولما اخبر عن معناه قال

{ انى جاعل فى الارض خليفة } ومنها ان الروح الانسانى هو الفيض الاول وهو اول شىء تعلق به امر كن ولهذا نسبه الى امره فقال تعالى

{ قل الروح من امر ربى } فلما كان الروح هو الفيض الاول كان خليفة الله

ومنها ان الروح الانسان خليقة اللّه بذاته وصفاته اما بذاته فلانه كان له وجود من جود وجوده بلا واسطة فوجوده كان خليفة وجود اللّه

واما بصفاته فلانه كان له صفات من جود صفات اللّه بلا واسطة فكل وجود وصفات تكون بعد وجود الخليفة يكون خليفة خليفة اللّه بالذات والصفات وهلم جرا الى ان يكون القالب الانسانى هو اسفل سافلين الموجودات وآخر شىء لقبول الفيض الالهى واقل حظ من الخلافة فلما اراد اللّه ان يجعل الانسان خليفة خليفته فى الارض خلق لخليفة روحه منزلا صالحا لنزول الخليفة فيه وهو قالبه واعدّ له عرشا فيه ليكون محل استوائه عليه وهو القلب ونصب له خادما وهو النفس فلو بقى الانسان على فطرة اللّه التى فطر الناس عليها يكون روحه مستفيضا من الحق تعالى فائضا بخلافة الحق تعالى على عرش القلب والقلب فائض بخلافة الروح على خادم النفس والنفس فائضة بخلافة القلب على القالب والقالب فائض بخلافة النفس على الدنيا وهى ارض اللّه فيكون الروح بهذه الاسباب والآلات خليفة اللّه فى ارضه بحكمه وامره بتواقيع الشرائع

ومنها ان من خصوصية الخلافة الحكم بين الناس بالحق والاعراض عن الهوى بترك متابعته كما ان من خصوصية اكل الحلال العمل الصالح قال تعالى

{ كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } ومنها ان اللّه تعالى جعل داود الروح خليفة فى ارض الانسانية وجعل القلب والسر والنفس والقالب والحواس والقوى والاخلاق والجوارح والاعضاء كلها رعية له ثم على قضية كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته امر بان يحكم بين رعيته بالحق اى بامر الحق لا بامر الهوى كما قال تعالى

{ فاحكم بين الناس بالحق } اى بحكم اللّه تعالى فان الخلافة مقتضية له حتما وحكم اللّه بين خلقه هو العدل المحض وبه يكون الحاكم عادلا لا جائرا . والحكم لغة الفصل وشرعا امر ونهى يتضمنه الزاما

{ ولا تتبع الهوى } اى ما تهواه النفس وتشتهيه فى الحكومات وغيرها من امور الدين والدنيا : وبالفارسية [ وبيروى مكن هواى نفس را وآرزوهاى اورا ]

قال بعضهم وهو يؤيد ما قيل ان ذنب داود الهم الذى هم به حين نظر الى امرأة اوريا وهو ان يجعلها تحت نكاحه او ما قيل ان ذنبه المبادرة الى تصديق المدعى وتظليم الآخر قبل مسألته

{ فيضلك عن سبيل اللّه } بالنصب على انه جواب النهى اى فيكون الهوى او اتباعه سببا لضلالك عن دلائله التى نصبها على الحق تكوينا وتشريعا

قال بعض الكبار

{ ولا تتبع الهوى } اى ما يخطر لك فى حكمك من غير وحى منى

{ فيضلك عن سبيل اللّه } اى عن الطريق الذى اوحى بها الى رسلى انتهى

فان قلت كيف يكون متابعة الهوى سببا للضلال قلت لان الهوى يدعو الى الاستغراق فى اللذات الجسمانية فيشغل عن طلب السعادات الروحانية التى هى الباقيات الصالحات فمن ضل عن سبيل اللّه الذى هو اتباع الدلائل المنصوبة على الحق او اتباع الحق فى الامور وقع فى سبيل الشيطان بل فى حفرة النيران والحرمان

{ ان الذين يضلون عن سبيل اللّه } تعليل لما قبله ببيان غائلته واظهار فى سبيل اللّه فى موضع الاضمار للايذان بكمال شناعة الضلال عنه

{ لهم عذاب شديد بما نسوا } اى بسبب نسيانهم

{ يوم الحساب } مفعول لنسوا.

ولما كان الضلال عن سبيل اللّه مستلزما لنسيان يوم الحساب كان كل منهما سببا وعلة لثبوت العذاب الشديد تأدب سبحانه وتعالى مع داود حيث لم يسند الضلال اليه بان يقول فلئن ضللت عن سبيلى فلك عذاب شديد لما هو مقتضى الظاهر بل اسنده الى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم

واعلم ان اللّه تعالى خلق الهوى الباطل على صفة الضلالة مخالفا للحق تعالى فان من صفته الهداية والحكمة فى خليفته يكون هاديا الى الحضرة بضدية طبعه ومخالفة امره كما ان الحق تعالى كان هاديا الى حضرته بنور ذاته وموافقة امره ليسير السائر الى اللّه على قدمى موافقته امر اللّه ومخالفته هواه ولهذا قال المشايخ لولا الهوى ما سلك احد طريقا الى اللّه واعظم جنايات العبد واقبح خطاياه متابعة الهوى كما قال عليه السلام ( ما عبد اله فى الارض ابغض على اللّه من الهوى ) وفى الحديث ( ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه ) وللهوى كمالية فى الاضلال لا توجد فى غيره وذلك لانه يحتمل ان يتصرف فى الانبياء عليهم السلام باضلالهم عن سبيل اللّه كما قال لداود عليه السلام

{ ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه } وبقوله

{ ان الذين } الخ يشير الى ان الضلال الكبير هو الانقطاع عن طلب الحق ومن ضل عن طريق الحق اخذ بعذاب شديد القطيعة والحرمان من القرب وجوار الحق وذلك بما نسوا يوم الحساب وهو يوم يجازى فيه كل محق بقدر هدايته وكل مبطل بحسب ضلالته كما فى التأويلات النجمية

وفى الآية دليل بين على وجوب الحكم بالحق وان لا يميل الحاكم الى احد الخصمين بشىء من الاشياء وفى الحديث انه عليه السلام قال لعلى ( يا على احكم بالحق فان لكل حكم جائر سبعين درعا من النار لو ان درعا واحدا وضع على رأس جبل شاهق لاصبح الجبل رمادا )

[ درفوائد السلوك آورده كه بنكركه بادشاهى جه صعب كاريست كه حضرت داود عليه السلام با كمال درجه نبوت وجلال مرتبه رسالت بحمل اعابى جنين امرى مأمور وبخطب اثقال جنين خطابى مخاطب مى شودكه

{ فاحكم بين الناس بالحق } ميان مردمان حكم بطريق معدلت ونصفت كن وداورى برمنهج عدل وانصاف نماى وباى بر جاى حق نه بر طريق باطل ومتابعت هواى نفس برمتابعت مراد حق اختيار مكن كه ترا از مسالك مراضىء ما كمراه كردند : ودر سلسلة الذهب ميفرمايد

نص قرآن شنوكه حق فرمود ... در مقام خطاب يادود

كه ترازان خليفكى داديم ... سوى خلقان ازان فرستاديم

تادهى ملك را زعدل اساس ... حكم رانى بعدل بين الناس

هركرا نه زعدل دستورست ... از مقام خليفكى دورست

آنكه كيرد ستم زديو سبق ... عدل جون خواندش خليفه حق

بيشه كرده خلاف فرمان را ... كشته نائب مناب شيطان را

حق زشاهان بغير عدل نخواست ... آسمان وزمين بعدل بياست

شاه باشد شبان خلق همه ... رمه وكرك آن رمه ظلمه

بهر آنست هاى هوى شبان ... تا بيابد رمه زكرك امان

جون شبان سازكار كرك بود ... رمه را آفت بزرك بود

هركرا دل بعدل شد مائل ... طمع از مال خلق كوبكسل

طمع و عدل آتش وآبند ... هردو يكجا قرار كى يابند

هر كرا از خليفكىء خداى ... نشود سير نفس بد فرماى

سيرمشكل شود ازان زروسيم ... كه كشدكه زبيوه كه زيتيم

ومن اللّه التوفيق للعدل فى الانفس والآفاق واجراء احكام الشريعة وآداب الطريقة على الاطلاق انه المحسن الخلاق

٢٧

{ وما خلقنا السماء والارض وما بينهما } من المخلوقات

{ باطلا } اى خلقا باطلا لا حكمة فيه بل ليكون مدارا للعلم والعمل ومذكرا للآخرة وما فيها من الحساب والجزاء فان الدنيا لا تخلو عن الصفو والكدر وكل منهما يفصح عما فى الآخرة من الراحة والخطر وايضا ليكون مرآة يشاهد فيها المؤمنون الذين ينظرون بنور اللّه شواهد صفات الجمال والجلال

جهان مرآت حسن شاهد ماست فشاهد وجهه فى كل ذرات

{ ذلك } اى كونه خلقا باطلا خاليا عن الغاية الجليلة والحكمة الباهرة

{ ظن الذين كفروا } اى مظنون كفار مكة فانهم وان كانوا مقرين بان اللّه هو الخالق لكن لما اعتقدوا بان الجزاء الذى هو علة خلق العالم باطل لزمهم ان يظنوا ان المعلول باطل ويعتقدوا ذلك

{ فويل } اى فاذا كان مظنونهم هذا فالهلاك كل الهلاك اى فشدة هلاك حاصل : وبالفارسية [ بس واى ]

{ للذين كفروا } خبر لويل

{ من النار } من تعليلية مفيدة لعلية النار لثبوت الويل لهم صريحا بعد الاشعار بعلية ما يؤدى اليها من ظنهم وكفرهم اى فويل لهم بسبب النار المرتبة على ظنهم وكفرهم فلا بد من رؤية الحق حقا والباطل باطلا وتدارك زاد اليوم اى يوم الجزاء ظاهرا وباطنا ليحصل الخلاص والنجاة والنعيم واللذات فى اعلى الدرجات

٢٨

{ ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ام منقطعة بمعنى بل والهمزة الانكارية اى بل أنجعل المؤمنين المصلحين فى الارض

{ كالمفسدين فى الارض } بالكفر والمعاصى اى لا نجعلهم سواء فلو بطل البعث والجزاء كما يظن الكفار لاستوت عند اللّه حال من اصلح ومن افسد ومن سوى بينهما كان سفيها واللّه تعالى منزه عن السفه فانما بالايمان والعمل الصالح يرفع المؤمنين الى اعلى عليين ويرد الكافرين الى اسفل سافلين

{ ام نجعل المتقين كالفجار } اى كما لا نجعل اهل الايمان والعمل الصالح الذين هم مظاهر صفات لطفنا وجمالنا كالمفسدين الذين هم مظاهر صفات قهرنا وجلالنا كذلك لا نجعل اهل التقوى كالفجار والفجر شق الشىء شقا واسعا والفجور شق سر الديانة . انكر التسوية اولا بين اهل الايمان والشرك ثم بين اهل التقوى والهوى يعنى من المؤمنين وهو المناسب لمقام التهديد والوعيد كى يخاف من اللّه تعالى كل صنف بحسب مرتبته ويجوز ان يكون تكرير الانكار الاول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم وروى ان كفار قريش قالوا للمؤمنين انا نعطى فى الآخرة من الخير ما تعطون بل اكثر فقال تعالى

{ ام نجعل } الخ وانما قالوا ذلك على تقدير وقوع الآخرة كما سبق من قوله تعالى

{ وقالوا نحن اكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين } وسيجىء فى قوله تعالى

{ أفنجعل المسلمين كالمجرمين } اى فى ثواب الآخرة

واعلم ان اللّه تعالى سوى بين الفريقين فى التمتع بالحياة الدنيا بل الكفار اوفر حظا من المؤمنين لان الدنيا لا تعدل عند اللّه جناح بعوضة لكن اللّه جعل الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا فى الارض ولا فسادا وهم المؤمنون المخلصون المنقادون لله ولامره وانما لم يجازهم فى هذه الدار لسعة رحمته وضيق هذه الدار فلذا اخر الجزاء الى الدار الآخرة فاذا ترقى الانسان من الهوى الى الهدى ومن الفجور الى التقوى اخذ الاجر بالكيل الاوفى

ثم لما كان القرآن منبع جميع السعادات والخيرات وصفه اولا ثم بين المصلحة فيه فقال

٢٩

{ كتاب } خبر مبتدأ محذوف وهو عبارة عن القرآن اى هذا كتاب

{ انزلناه اليك } صفته

{ مبارك } خبر ثان للمبتدأ اى كثير المنفعة دنيا ودينا لمن آمن به وعمل باحكامه وحقائقه واشاراته فان البركة ثبوت الخير الآلهى فى الشىء والمبارك ما فيه ذلك الخير

{ ليدبروا آياته } متعلق بانزلنا واصله يتدبروا فادغمت التاء فى الدال اى انزلناه ليتفكروا فى آياته بالفكر السليم فيعرفوا ما يتبع ظاهرها من المعانى الفائقة والتأويلات اللائقة اى ليتفكروا فى معانيها فان التدبر عبارة عن النظر فى عواقب الامور والتفكر تصرف القلب فى معانى الاشياء لدرك المطلوب

{ وليتذكر اولوا الالباب } اى وليتعظ به اصحاب العقول الخالصة عن شوب الوهم عمم التدبر لعموم العلماء وخص التذكر بخصوص العقلاء لان التدبر للفهم والتذكر لوقوع الاجلال والخشية الخاص باكابر اهل العلم

قال بعضهم التفكر عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية

واما التذكر فهو عند رفع الحجاب والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الازل من التوحيد والمعارف انتهى فعلم ان المقصود من كلام الحق التفكر والتذكر والاتعاظ به لا حفظ الالفاظ فقط

قال الشبلى قدس سره قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها حديثا واحدا وكان علم الاولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لبعض اصحابه ( اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها ) وكان الصحابة يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون بالعمل بها فان المقصود من القرآن العمل به روى ان رجلا جاء الى النبى عليه السلام وقال علمنى مما علمك اللّه فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه اذا زلزلت الارض حتى اذا بلغ فمن يعمل الخ قال حسبى فاخبر النبى عليه السلام بذلك فقال ( دعوه فقد فقه الرجل )

وقال ابراهيم بن ادهم رحمه اللّه مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى ينفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه انت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم

وعن البصرى رحمه اللّه قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله حفظوا حروفه وضيعوا حدوده حتى ان احدهم ليقول واللّه لقد قرأت القرآن فما اسقطت منه حرفا واللّه وقد اسقط كله ما يرى عليه للقرآن اثر فى خلق ولا عمل واللّه ما هو بحفظ حروفه واضاعة حدوده واللّه ما هؤلاء بالحكماء ولا الوزعة لا اكثر اللّه فى الناس مثل هؤلاء فمن اقتفى بظاهر المتلوّ كان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها ومهرة نتوج لا يستولدها

قال انس رضى اللّه عنه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

( تعوذوا باللّه من فخر القراء فانهم اشد فخرا من الجبابرة ) ولا احد ابغض الى رسول اللّه من قارىء متكبر وعن على رضى اللّه عنه قال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( تعوذوا باللّه من دار الحزن فانها اذا فتحت استجارت منها جهنم سبعين مرة اعدها اللّه للقراء المرائين باعمالهم وان شر القراء لمن يزور الامراء ) وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى قدس سره

رب تال يفوه بالقران ... وهو يفضى به الى الحذلان

خواجه را نيست جزتلاوت كار ... ليكن آن طرد ولعنت آرد بار

لعنتست اين كه بهرلهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت

نشود بر دل تو تا بنده ... كين كلام خداست يابنده

لعنتست اين كه سازدت بىسيم ... روز شب با امير وخواجه نديم

خانه شان مزبله است وقرآن نور ... دار اين نور را زمزبله دور

معنىء لعن جيست مردودى ... بمقامات بعد خشنودى

هركه ماند از خدا بيك سرمو ... آمد اندر مقام بعد فرو

كرجه ملعون نشد زحق مطلق ... هست ملعون بقدر بعد ازحق

٣٠

{ ووهبنا لداود سليمان } [ وبخشيديم داودرا فرزندى كه آن سليمانست ] عليهما السلام . والهبة عطاء الواهب بطريق الانعام لا بطريق العوض والجزاء الموافق لاعمال الموهوب له فسليمان النعمة التامة على داود لان الخلافة الظاهرة الالهية قد كملت لداود وظهرت اكمليتها فى سليمان وكذا على العالمين لما وصل منه اليهم من آثار اللطف والرحمة

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه قال اولادنا من مواهب اللّه ثم قرأ

{ يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور } روى ان داود عليه السلام عاش مائة سنة ومات يوم السبت فجأة ويوم السبت لهم كيوم الجمعة لنا اتاه ملك الموت وهو يصعد فى محرابه اى الغرفة وينزل وقال جئت لاقبض روحك فقال دعنى حتى انزل وارتقى فقال مالى الى ذلك سبيل نفدت الايام والشهور والسنون والآثار والارزاق فما انت بمؤثر بعدها فسجد داود على مرقاة من الدرج فقبض نفسه على تلك الحال . وموت الفجأة رحمة للصالحين وتخفيف ورفق بهم اذ هم المنقطعون المستعدون فلا يحتاجون الى الايصاء وتجديد التوبة ورد المظالم بخلاف غيرهم ولذا كان من آثار غضب اللّه على الفاسقين واوصى داود لابنه سليمان بالخلافة

{ نعم العبد } سليمان لصلاحية استعداده للكمال النوعى الانسانى وهو مقام النبوة والخلافة

قال بعضهم العبودية هى الذبول عن موارد الربوبية والخمول تحت صفات الالوهية

{ انه اواب } رجاع الى الحضرة باخلاص العبودية بلا علة دنيوية ولا اخروية او رجاع الى اللّه فى جميع الاحوال فى النعمة بالشكر وفى المحنة بالصبر [ بظاهر ملك ومملكت ميراند وبباطن فقر وفاقت همىبرورد سليمان روزى تمنى كرد كفت بار خدايا جن وانس وطيور ووحوش بفرمان من كردى جه بود كه ابليس را نيز بفرمان من كنى تا اورا بند كنم كفت اى سليمان اين تمنى مكن كه دران مصلحت نيست كفت بار خدايا كر هم دو روز باشد اين مراد من بده كفت دادم سليمان ابليس را در بند كرد ومعاش سليمان با آن همه ملك ومملكت از دست رنج خويش بود هر روز زنبيلى ببافتى وبدو قرص بدادى ودر مسجد با درويشى بهم بخوردى وكفتى ] مسكين وجالس مسكينا

يك كدا بود سليمان بعصا وزنبيل ... يافت از لطف تو آن حشمت وملك آرايى

آن روز كه ابليس را در بند كرد زنبيل ببازار فرستاد وكس نخريد كه در بازار آن روز هيج معاملت وتجارت نبود ومردم همه بعبادت مشغول بودند آن روز سليمان هيج طعام نخورد ديكر روز همجنان بر عادت زنبيل بافت وكس نخريد سليمان كرسنه شد باللّه ناليد كفت بار خدايا كرسنه ام وكس زنبيلى نمى خرد فرمان آمد كه اى سليمان نمى دانى كه جون تو مهتر بازاريان در بند كنى در معاملات بر خلق فروبسته شود ومصلحت خلق نباشد او معمار دنياست ومشارك خلق در اموال واولاد ] يقول اللّه تعالى

{ وشاركهم فى الاموال والاولاد } فظهر من هذه الحكاية حال سليمان مع اللّه تعالى وكونه متخليا عن المال فارغا عن الملك فى الحقيقة

جو هر ساعت از تو بجايى رود دل ... بتنهايى اندر صفايى نبينى

ورت مال وجاهست وزرع وتجارت ... جو دل باخدايست خلوت نشينى

٣١

{ اذ عرض عليه } اى اذكر ما صدر عنه اذ عرض عليه يقال عرض له امر كذا اى ظهر وعرضته له اى اظهرته وعرض الجند اذا امرهم عليه ونظر ما حالهم

{ بالعشى } هو من الظهر الى آخر النهار

{ الصافنات } مرفوع بعرض جمع صافن لا صافنة لانه لذكور الخيل وصفة المذكر الذى لا يعقل يجمع هذا الجمع مطردا كما عرف فى النحو . والصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما الى بعض يقال صفن الفرس قوائمه اذا قام على ثلاث وثنى الرابعة اى قلب احد حوافره وقام على طرف سنبك يد او رجل والسنبك طرف مقدم الحافر وهو من الصفات المحمودة فى الخيل لا يكاد يتفق الا فى العربى الخالص : والمعنى بالفارسية [ اسبان ايستاده به سه باى وبر كناره سم از قائم جهارم ]

{ الجياد } جمع جواد وجود وهو الذى يسرع فى جريه تشبيها له بالمطر الجود : والمعنى بالفارسية [ اسبهاى تازى نيورنك نيكوقد تيزرو ] كذا قاله صاحب كشف الاسرار وكأنه جمع بين معنى الجيد والجواد

قال فى القاموس الجواد السخى والسخية والجمع الاجواد والجيد ضد الرديىء والجمع الجياد

وقيل الجواد هو الفرس الذى يجود عند الركض اى العدو

وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما الجياد الخيل السوابق واذا جرت كانت سراعا خفافا فى جريها روى ان سليمان عليه السلام غزا اهل دمشق ونصيبين وهى قاعدة ديار ربيعة فاصاب الف فرس عربى او اصابها ابوه من العمالقة فورثها منه وهذا على تقدير عدم بقاء قوله عليه السلام ( نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) على عمومه او يحمل على الاستعارة بعلاقة المشابهة فى ثبوت ولاية التصرف فان لسليمان حق التصرف فيما تركه ابوه فى بيت المال كالدروع ونحوها كما كان للخلفاء حق التصرف فيما تركه نبينا عليه السلام ولذا منع ابو بكر رضى اللّه عنه فاطمة رضى اللّه عنها عن الميراث حين طلبته وذلك ان ما تركه عليه السلام من صفايا اموال النفير وفدك كان مصروفا الى نفقة نسائه كما فى حياته لكونهن محبوسات عليه الى وفاتهن وايضا الى نفقة خليفته لكونه خادما له قائما مقامه وما فضل من ذلك كان يصرف الى مصالح المسلمين فلم يبق له بعد وفاته ما يكون ميراثا لاهل بيته [ وكفته اند اسبان دريايى بودند وبر داشتند وديوان . براى سليمان از بحر بر آوردند ] وسيجىء ما يؤيده وعلى كل تقدير قعد سليمان يوما بعدما صلى الظهر على كرسيه وكان يريد جهادا فاستعرض تلك الافراس اى طلب عرضها عليه فلم تزل تعرض عليه وهو ينظر اليها ويتعجب من حسنها حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وكانت فرضا عليه كما فى كشف الاسرار وعن ورد كان له من الذكر وقتئذ وتهيبه قومه فلم يعلموه فاغتم لما فاته بسبب السهو والنسيان فاستردها فعقرها تقربا الى اللّه وطلبا لمرضاته على ان يكون العقر قربة فى تلك الشريعة ولذا لم ينكر عليه فعله او مباحا فى ذلك اليوم وانما اراد بذلك الاستهانة بمال الدنيا لمكان فريضة اللّه كما قاله ابو الليث فلم يكن من قبيل تعذيب الحيوان

يقول الفقير سر العقر ههنا هو ان تلك الخيل لما شغلته عن القيام الى الصلاة كان العقد كفارة موافقة له

وقال بعضهم المراد من العقر الذبح فيكون تقديم السوق كما يأتى لرعاية الفاصلة فذبحها وتصدق بلحومها وكان لحم الخيل حلالا فى ذلك الوقت وانما لم يتصدق بها لانه يحتاج الى زمان ووجدان محل صالح له.

والحاصل انه ذبح تسعمائة وبقى مائة وهو ما لم يعرض عليه بعد فما فى ايدى الناس من الجياد فمن نسل تلك المائة الباقية كذا

قالوا وفيه ان هذا يؤيد كون تلك الخيل قد اخرجت من البحر اذ لو كانت من غنائم الغزو لم يلزم ان يكون نسل الجياد من تلك المائة لوجود غيرها فى الدنيا وايضا على تقدير كونها ميراثا من ابيه بالمعنى الثانى كما سبق تكون امانة فى يده والامانة لا تعقر ولا تذبح كما لا يخفى

٣٢

{ فقال انى احببت حب الخير عن ذكر ربى } قاله عليه السلام عند غروب الشمس اعترافا بما صدر عنه من الاشتغال بها عن الصلاة وندما عليه وتمهيدا لما يعقبه من الامر بردها وعقرها والتعقيب بالفاء باعتبار اواخر العرض المستمر دون ابتدائه والتأكيد للدلالة على ان اعترافه وندمه عن صميم القلب لا لتحقيق مضمون الخبر واصل احببت ان يعدى بعلى لانه بمعنى آثرت كما فى قوله تعالى

{ فاستحبوا العمى على الهدى } وكل من احب شيأ فقد آثره لكن لما انيب مناب انبت وضمن معناه عدى تعديته بعن وحب الخير مفعوله اى مفعول به لانبت المضمن والذى انيب مناب الذكر هو الاطلاع على احوال الخيل لا حب الخيل الا انه عدى الفعل الى حب الخيل للدلالة على غاية محبته لها فان الانسان قد يحب شيأ ولكنه يحب ان لا يحبه كالمريض الذى يشتهى ما يضره ولذا لما قيل لمريض ما تشتهى قال اشتهى ان لا اشتهى

واما من احب شيأ واحب ان يحبه فذلك غاية المحبة . والخير المال الكثير والمراد به الخيل التى شغلته عليه السلام لانها مال ويحتمل انه سماها خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها قال عليه السلام ( الخير ) اى الاجر والمغنم ( معقود بنواصى الخيل الى يوم القيامة ) والمراد بالذكر صلاة العصر بدليل قوله بالعشى وسميت الصلاة ذكرا لانها مشحونة بالذكر كما فى كشف الاسرار او الورد المعين وقتئذ . ومعنى الآية انبت حب الخيل اى جعلته نائبا عن ذكر ربى ووضعته موضعه وكان يحب لمثلى ان يشتغل بذكر ربه وطاعته

{ حتى توارت بالحجاب } التوارى الاستتار والضمير للشمس واضمارها من غير ذكر لدلالة العشى عليها اذ لا شىء يتوارى حينئذ غيرها فالحجاب مغيب الشمس ومغربها كما فى المفردات وحتى متعلق بقوله احببت وغاية له باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار العرض . والمعنى انبت حب الخير عن ذكر ربى واستمر ذلك حتى توارت اى غربت الشمس تشبيها لغروبها فى مغربها بتوارى الجارية المخبأة بحجابها اى المستترة بخبائها وخدرها

وقيل الضمير فى توارت للصافنات اى حتى توارت بحجاب الليل اى بظلامه لان ظلام الليل يستر كل شىء

٣٣

{ ردوها علىّ } من تمام مقالة سليمان ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه والخطاب لاهل العرض من قومه اى اعيدوا تلك الخيل على

{ فطفق مسحا بالسوق والاعناق } الفاء فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وايذانا بغاية سرعة الامتثال بالامر وطفق من افعال المقاربة الدالة على شروع فاعلها فى مضمون الخبر فهو بمعنى اخذ ورع وخبر هذه الافعال يكون فعلا مضارعا فى الاغلب ومسحا نصب على المصدرية بفعل مقدر هو خبر طفق والمسح امرار اليد على الشىء والجمهور على ان المراد به هنا القطع من قولهم مسح علاوته اى ضرب عنقه وقطع رأسه والعلاوة بالكسر اعلى الرأس او العنق

قال فى المفردات مسحته بالسيف كناية عن الضرب والسوق جمع ساق كدور ودار والساق ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب الرجل . والاعناق جمع عنق بالفارسية [ كردن ] والباء مزيدة كما فى قوله تعالى

{ وامسحوا برؤسكم } فان مسحت رأسه ومسحت برأسه بمعنى واحد . والمعنى فردوها عليه فاخذ يمسح بالسيف مسحا سوقها واعناقها اى يقطع اعناقها ويعرقب ارجلها اى هو واصحابه او يذبح بعضها ويعرقب بعضها ازالة للعلاقات ورفعا للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفارا وانابة اليه بالترك والتجريد

وفى الآية اشارة الى ان حب غير اللّه شاغل عن اللّه وموجب للحجاب وان كل محبوب سوى اللّه اذا حجبك عن اللّه لحظة يلزمك ان تعالجه بسيف لا اله الا الله

( لا ) نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش در كشيده بكام

هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... ازمن وما نه بودى ماند ونه رنك

وقال الامام فى تفسيره الصواب ان يقال ان رباط الخيل كان مندوبا اليه فى دينهم كما هو مندوب اليه فى شرعنا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى الغزو فجلس على كرسيه وامر باحضار الخيل وامر باجرائها وذكر انى لا اجريها لاجل الدنيا وحظ النفس وانما جريها واحبها لامر اللّه تعالى وتقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربى ثم انه امر باجرائها وتسييرها حتى توارت بالحجاب اى غابت عن بصره فانه كان له ميدان واسع مستدير يسابق فيه بين الخيل حتى تتوارى عنه وتغيب عن عينه ثم انه امر الرائضين بان يردوها فردوا تلك الخيل اليه فلما عادت اليه طفح يمسح سوقها واعناقها اى بيده حبا لها وتشريفا وابانة لعزتها لكونها من اعظم الاعوان فى قهر الاعداء واعلاء الدين وهو قول الزهرى وابن كيسان وليس فيه نسبة شىء من المنكرات الى سليمان عليه السلام فهو احق بالقبول عند اولى الافهام

وفى الفتوحات المكية معنى الآية احببت الخير عن ذكر ربى الخير بالخيرية فاحببته لذلك والخير هى الصافنات الجياد من الخيل

واما قوله فطفق مسحا اى يمسح بيده على اعناقها وسوقها فرحا واعجابا بخير ربه لا فرحا بالدنيا لان الانبياء منزهون عن ذلك وهذه تشبه ما وقع لايوب عليه السلام حين ارسل اللّه له جرادا من ذهب فصار يحثو فى ثوبه منه ويقول لا غنى لى عن بركتك يا رب فما احب سليمان الخير الا لكونه تعالى احب حب الخير ولذلك اشتاق اليها لما توارت بالحجاب يعنى الصافنات الجياد لكونه فقد المحل الذى اوجب له حب الخير عن ذكر ربه فقال ردوها علىّ.

وليس للمفسرين الذين جعلوا التوارى للشمس دليلا فان الشمس ليس لها هنا ذكر ولا الصلاة التى يزعمون ومساق الآية لا يدل على ما قالوه بوجه ظاهر البتة انتهى كلام الفتوحات

وعن على رضى اللّه عنه اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الافراس للجهاد حتى تورات بالحجاب اى غربت الشمس فقال بامر اللّه للملائكة الموكلين بالشمس ردوها يعنى الشمس فردوها الى موضع وقت العصر حتى صلى العصر فى وقتها فذلك من معجزات سليمان عليه السلام

قال فى كشف الاسرار [ سليمان عليه السلام درراه خدا آن همه اسبان فدا كرد ودل ازان زينت وآرايش دنيا بر داشت وباعبادت اللّه برداخت لاجرم رب العزة اورا به ازان عوض داد بجاى اسبان بادرا مركب اوساخت وبسبب آن اندوه كه بوى رسيد برفوت عبادت فرشته قرص آفتاب ازمغرب باز كردانيد از بهروى تانماز ديكر بوقت خويش بكزارد و آن ويرا معجزه كشت وجنانكه اين معجزه ازبهر سليمان بيغمبر بيدا كشت درين امت ازبهر امير المؤمنين على رضى اللّه عنه ازروى كرامت بيداكشت درخبرست مصطفى عليه السلام سربر كنار على نهاد وبخفت على نماز ديكر نكرده بود نخواست كه خواب بررسول قطع كند مرد عالم بود كفت نماز طاعت حق وخدمت راست رسول طاعت حق همجنان مى بود تاقرص آفتاب بمغرب فروشد مصطفى عليه السلام از خواب درآمد على كفت يا رسول اللّه وقت نماز ديكر فوت شد ومن نماز نكردم رسول كفت اى على جرانماز نكردى كفت نخواستم كه لذت خواب برتو قطع كنم جبريل آمدكه يا محمد حق تعالى مرا فرمود تاقرص آفتاب را از مغرب باز آرم تا على نماز ديكر بوقت بكزارد بعض ياران كفتند قرص آفتاب را جندان باز آوردكه شعاع آفتاب ديدم كه بر ديوار هاى مدينه مى تافت

قال الكاشفى وانكه آفتاب بدعاى حضرت بيغمبر عليه السلام در صهباى خيبر بعد از غروب بازكشت وبجاى عصر آمد تا حضرت على رضى اللّه عنه نماز كزارد ونزد محدثان مشهورست وامام طحاوى در شرح آثار خويش فرمودكه روات اين ثقات اندو ازاحمد ابن صالح رحمه اللّه نقل كرده كه اهل علم را سزاوار نيست كه تغافل كنند از حفظ اين حديث كه از علامات نبوتست ] ولا عبرة بقول بعضهم بوضعه

كه دعوتش كرفته كريبان آفتاب ... بالا كشيده ازجه مغرب برآ سمان

كه قرص بدررا بسر كردخوان جرخ ... دستش دونيم كرده بيك ضربت بنان

واعلم ان حبس الشمس وردها وقع مرارا ومعنى حبسها وقوفها عن السير والحركة بالكلية او بطؤ حركتها او ردها الى ورائها ومعنى ردها اعادتها بعد غروبها ومغيبها فقد حبست لداود عليه السلام وذلك فى رواية ضعيفة وردت لسليمان على ما قرر . وحبست ايضا لخليفة موسى عليه السلام وهو يوشع بن نون فانه سار مع بنى اسرائيل لقتال الجبارين وكان يوم الجمعة ولما كاد يفتحها كادت الشمس تغرب فقال للشمس ايتها الشمس انك مأمورة وانا مأمور بحرمتى عليك ألا ركدت اى مكثت ساعة من النهار وفى رواية اللهم احبسها علىّ فحبسها اللّه حتى افتتح المدينة وانما دعا بحبسها خوفا من دخول البيت المحرم عليهم فيه المقاتلة . وردت ايضا لعلى رضى اللّه عنه بدعاء نبينا عليه السلام على ما سبق . وحبست ايضا على الغروب لنبينا عليه السلام وذلك انه اخبر فى قصة المعراج ان عير قريش تقدم يوم كذا فلما كان ذلك اليوم اشرفت قريش ينتظرون ذلك وقد ولى النهار حتى كادت الشمس تغرب فدعا اللّه تعالى فحبس الشمس عن الغروب حتى قدمت العير وفى بعض الروايات حبست له عن الطلوع لانه عليه السلام قال ( وتطلع العير عليكم من الثنية عند طلوع الشمس ) فحبس اللّه الشمس عن الطلوع حتى قدمت العير . وحبست ايضا له عليه السلام فى بعض ايام الخندق الى الاحمرار والاصفرار وصلى حينئذ وفى بعضها لم تحبس بل صلى بعد الغروب واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( شغلونا عن الصلاة الوسطى ) اى عن صلاة العصر

وفى كلام سبط ابن الجوزى ان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت او ردّت لاختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات . وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد انه قعد يعظ بعد العصر ثم اخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار اليهم ان لا يتحركوا ثم ادار وجهه الى ناحية المغرب وقال

لا تغربى يا شمس حتى ينتهى ... مدحى لآل المصطفى ولنجله

ان كان للمولى وقوفك فليكن ... هذا الوقوف لولده ولنسله

فطلعت الشمس فلا يحصى ما رمى عليه من الحلىّ والثياب هذا كلامه رحمه اللّه سبحانه وتعالى

٣٤

{ ولقد فتنا سليمن } الفتنة الاختبار والابتلاء

{ والقينا } الالقاء الطرح

{ على كرسيه } الكرسى اسم لما يقعد عليه والمراد سريره المشهور وقد سبق فى سورة سبأ { جسدا }

قال فى المفردات الجسد الجسم لكنه اخص قال الخليل لا يقال الجسد لغير الانسان من خلق الارض ونحوه وايضا فان الجسد يقال لما له لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء

وقال فى انوار المشارق الفرق بين الجسد والبدن ان الاول يعم لذى الروح وغيره ويتناول الرأس والشوى والثانى مخصوص بذى الروح ولا يتناولهما ومن هذا قد اشتهر فيما بينهم حشر الاجساد باضافة الحشر الخاص بذى الروح الى الاجساد العامة له ولغيره دون الابدان المخصوصة وذلك لان فى اضافته الى البدن باعتبار انه لا يتناول الرأس والشوى على ما نص عليه الزمخشرى فى الفائق والخليل فى كتاب العين قصورا مخلا بحكم الاعادة بعينه

واما ما فى الجسد من العموم الزائد على قدر الحاجة فمندفع بقرينة اضافة الحشر انتهى كلام الانوار والمراد به فى الآية القالب بلا روح كما سيأتى

{ ثم اناب } اى سليمان عليه السلام . والانابة الرجوع الى اللّه تعالى روى ان سليمان كان له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية وكان فى ظهره ماء مائة رجل اى قوتهم وهكذا انبياء اللّه اعطى كل منهم من القوة الجماعية ما لم يعط احد من افراد امته وكذا الولى الاكمل فان له قوة زائدة على سائر الآحاد وان لم تبلغ مرتبة قوة النبى فقال سليمان عليه السلام يوما لاطوفن الليلة على سبعين امرأة اى اجامعهن او تسعين او تسع وتسعين او مائة تأتى كل واحدة بفارس يجاهد فى سبيل اللّه ولم يقل ان شاء اللّه فقال له صاحبه اى وزيره آصف قل ان شاء اللّه فلم يقل فطاف عليهن تلك الليلة فلم تحمل الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد له عين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة فالقته القابلة على كرسيه وهو الجسد المذكور قال نبينا عليه السلام ( لو قال ان شاء اللّه لجاهدوا فى سبيل اللّه فرسانا اجمعون )

قال القاضى عياض رحمه اللّه وان سئل لم لم يقل سليمان فى تلك القصة المذكورة ان شاء اللّه فعنه اجوبة . اسدّها ما روى فى الحديث الصحيح انه نسى ان يقولها اى كلمة ان شاء اللّه وذلك لينفذ مراد اللّه . والثانى انه لم يسمع صاحبه وشغل عنه انتهى فمعنى ابتلائه قوله لاطوفن الخ وتركه الاستثناء ومعنى القاء الجسد على كرسيه القاء الشق المذكور عليه ومعنى انابته رجوعه الى اللّه تعالى عن زلته وهو تركه الاستثناء فى مثل ذلك الامر الخطير لان ترك الاولى زلة للانبياء اذ حسنات الابرار سيآت المقربين ألا ترى ان نبينا عليه السلام لما سئل عن الروح وعن اصحاب الكهف وذى القرنين قال

( ائتونى غدا اخبركم ) ولم يستثن فحبس عنه الوحى اياما ثم نزل قوله تعالى

{ ولا تقولون لشىء انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء اللّه } وروى ان سليمان عليه السلام ولد له ابن فاجتمعت الشياطين على قتله وذلك انهم كانوا يقدرون فى انفسهم انهم سيستريحون مما هم فيه من تسخير سليمان اياهم على التكاليف الشاقة والاعمال المستمرة الدائمة بموته فلما ولد له ابن

قال بعضهم لبعض ان عاش له ولده لم ننفك عما نحن فيه من البلاء فسبيلنا ان نقتل ولده او نخبله والتخبيل افساد العقل والعضو فعلم سليمان بذلك فامر السحاب فحمله وكانت الريح تعطيه غذاءه وربى فيه خوفا من مضرة الشياطين فابتلاه اللّه لاجل خوفه هذا وعدم توكله فى امر ابنه على ربه العزيز بموت ابنه حيث مات فى السحاب والقى ميتا على كرسيه فهو المراد من الجسد الملقى على كرسيه

قال فى شرح المقاصد فتنبه لخطأه فى ترك التوكل فاستغفر وتاب فهذا مما لا بأس به وغايته ترك الاولى اذ ليس فى التحفظ ومباشرة الاسباب ترك الامتثال لامر التوكل على ما قال عليه السلام ( اعقلها وتوكل ) انتهى

فان قلت كان الشياطين يصعدون الى السماء وقتئذ فما فائدة رفعه فى السحاب فى المنع عنهم قلت فائدته ان الشياطين التى خاف سليمان على ابنه منهم كانوا فى خدمته الدائمة فى الارض فكان فى الرفع الى السحاب رفعه عن ابصارهم وتغييبه عن عملهم وتسليمه الى محافظة الملائكة ولما القى ابنه الميت على كرسيه جزع سليمان عليه اذ لم يكن له الا ابن واحد فدخل عليه ملكان فقال احدهما ان هذا مشى فى زرعى فافسده فقال له سليمان لم مشيت فى زرعه قال لان هذا الرجل زرع فى طريق الناس فلم اجد مسلكا غير ذلك فقال سليمان للآخر لم زرعت على طريق الناس أما علمت ان الناس لا بد لهم من طريق يمشون فيه فقال لسليمان صدقت لم ولدت على طريق الموت أما علمت ان ممر الخلق على الموت ثم غابا عنه فاستغفر سليمان واناب الى اللّه تعالى : قال الشيخ سعدى قدس سره

مكن خانه در راه سيل اى غلام ... كه كس را نكشت اين عمارت تمام

نه از معرفت باشد وعقل ورأى ... كه در ره كند كاروانى سراى

ز هجران طفلى كه در خا رفت ... جه نالى كه باك آمد و باك رفت

تو باك آمدى بر حذر باش وباك ... كه ننكست ن باك رفتن بخاك

مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف

قال الكاشفى [ ومشهور آنست كه بواسطه ترك ازلى انكشتر مملكت سليمان بدست صخرجن افتاد وجهل روز برتخت سليمان نشست وباز آن خاتم بدست سليمان آمد بمملكت بازكشت ] فيكون المعنى ولقد ابتليناه بسبب ملكه والقينا على كرسيه جسدا يعنى العفريت الذى اخذ خاتمه وجلس على كرسيه وهو صخر صاحب البحر على اشهر الاقاويل وسمى جسدا لانه تمثل بصورة سليمان ولم يكن هو فكان جسدا محضا وصورة بلا معنى ثم اناب اى رجع الى ملكه بعد اربعين يوما

يقول الفقير ارشده اللّه القدير هذا وان كان مشهورا محررا خصوصا فى نظم بعض العرب والعجم لكنه مما ينكر جدا ولا يكاد يصح قطعا وذلك لوجوه . احدها انه ليس فى جلوس الجن على الكرسى معنى الالقاء الا ان يتكلف . والثانى ان جميع الانبياء معصومون من ان يظهر شيطان بصورهم فى النوم واليقظة لئلا يشتبه الحق بالباطل ولان الانبياء عليهم السلام صور الاسم الهادى ومظاهر صفة الهداية والشيطان مظهر الاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان فلا يجتمعان ولا يظهر احدهما بصورة الآخر وقس على الانبياء احوال الكمل من الاولياء فانهم ورثتهم ومتحققون بمعارفهم وحقائقهم

فان قيل عظمة الحق سبحانه اتم من عظمة كل عظيم فكيف امتنع على ابليس ان يظهر بصورة الانبياء مع ان اللعين قد ترأى لكثيرين وخاطبهم بانه الحق طلبا لاضلالهم وقد اضل جماعة بمثل هذا حتى ظنوا انهم رأوا الحق وسمعوا خطابه قلنا ان كل عاقل يعلم ان الحق ليست له صورة معينة معلومة توجب الاشتباه ولذا جوز بعض العلماء رؤية اللّه فى المنام فى أى صورة كانت لان ذلك المرئى غير ذات اللّه اذ ليس لها صورة

واما الانبياء فانهم ذووا صور معينة معلومة مشهودة توجب الاشتباه . والثالث انه كيف يصح من الحكيم ان يجلس شيطانا من الشياطين على كرسى نبى من الانبياء ويسلطه على المسلمين ويحكمه عليهم مع انه لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا

كس نيايد بزير سايه بوم ... ورهماى ازجهان شود معدوم

والرابع ان الخاتم كان نورانيا فكيف صح ان يستقر فى يد الشيطان الظلمانى بطريق تقلد الحكومة وقد ثبت ان الشيطان يحرقه النور مطلقا ولذا جعل الشهاب رجما للشياطين . والخامس انه كان ملك سليمان فى الخاتم فكيف يصح ان يجلس الجنى على كرسيه على تقدير قذف الخاتم فى البحر على ما قالوا

قال فى كشف الاسرار [ ملك سليمان در خاتم وى بود ونكين آن خاتم كبريت احمر بود ] انتهى

وفى عقد الدرر انه كان خاتم آدم عليه السلام قبل خروجه من الجنة البسه الحق اياه ثم اودع فى ركن من اركان العرش وكان مكتوب عليه فى السطر الاول ( بسم اللّه الرحمن الرحيم ) وفى الثانى ( لا اله الا اللّه ) وفى الثالث ( محمد رسول اللّه ) فلما انزله جبريل الى سليمان اضطرب العالم من مهابته ولما وضعه فى اصبعه غاب عن اعين الناس فقالوا يا نبى اللّه نريد ان نتشرف بمشاهدة جمالك فقال اذكروا اللّه فلما ذكروه رأوه فالتأثير من اللّه وبسليمان المظهرية والخاتم واسطة فى الحقيقة.

وانما وضع ملكه فى فص خاتم لانه تعالى اراه فى ذلك ان ما اعطيت فى جنب ما لم تعط قدر هذا الحجر من بين سائر الاحجار اذ كان ملك الدنيا عند اللّه تعالى كقدر حجر من الاحجار واللّه يعز من يشاء بما يشاء

٣٥

{ قال } سليمان وهو بدل من اناب وتفسير له

{ رب } [ اى بروردكار من ]

{ اغفر لى } ما صدر منى من الزلة التى لا تليق بشانى وتقديم الاستغفار على الاستيهاب الآتى لمزيد اهتمامه بامر الدين جريا على سنن الانبياء والصالحين وكون ذلك ادخل فى الاجابة

{ وهب لى } [ وببخش مرا ]

{ ملكا } [ بادشاهى وتصرفى كه ]

{ لا ينبغى } [ نسزد ونشايد ]

{ لاحد } من الخلق

{ من بعدى } الى يوم القيامة بان يكون الظهور به بالفعل فى عالم الشهادة فى الامور العامة والخاصة مختصا بى وهو الغاية التى يمكنه بلوغها دل على هذا المعنى قول نبينا عليه السلام ( ان عفريتا من الجن ) وهو الخبيث المنكر ( تفلت علىّ البارحة ) اى تعرض فى صورة هر كما فى حياة الحيوان

قال فى تاج المصادر [ التفلت بجستن ] وفى الحديث ( ان عفريتا من الجن تفلت علىّ البارحة ) اى تعرض له فلتة اى فجأة ( ليقطع على صلاتى فامكننى اللّه منه ) الامكان القدرة على الشىء مع ارتفاع الموانع اى اعطانى اللّه مكنة من اخذه وقدرة عليه ( فاخذته فاردت ان اربطه ) بكسر الباء وضمها اى اشده ( على سارية من سوارى المسجد ) اى اسطوانة من اساطينه ( حتى تنظروا اليه كلكم ويلعب به ولدان اهل المدينة فذكرت دعوة اخى سليمان رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى فرددته خاسئا ) اى ذليلا مطرودا لم يظفر بى ولم يغلب على صلاتى فدل على ان الملك الذى آتاه اللّه سليمان ولم يؤته احدا غيره من بعده هو الظهور بعموم التصرف فى عالم الشهادة لا التمكن منه فان ذلك مما آتاه اللّه غيره من الكمل نبيا كان او وليا ألا ترى ان نبينا عليه السلام قال ( فامكننى اللّه منه ) اى من العفريت فعلمنا ان اللّه تعالى قد وهب التصرف فيه بما شاء من الربط وغيره ثم ان اللّه تعالى ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه كمال التأدب حيث لم يظهر بالتصرف فى الخصوص فكيف فى العموم فرد اللّه ذلك العفريت ببركة هذا التأدب خاسئا عن الظفر به . وكان فى وجود سليمان عليه السلام قابلية السلطنة العامة ولهذا الهمه اللّه تعالى ان يسأل الملك المخصوص به فلم يكن سؤاله للبخل والحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة والرغبة فيها كما توهمه الجهلة .

واما سلطان الانبياء صلّى اللّه عليه وسلّم فقد افنى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شىء فظهر مكانه شىء لا يوصف حيث وقع تجلى الذات فى مرتبة لم ينلها احد من افراد الخلق سابقا ولا لاحقا وستظهر سلطنته الصورية ايضا بحيث يكون آدم ومن دونه تحت لوائه

در بزم احتشام تو سياره هفت جام ... وز مطبخ نوال تو افلاح نه طبق

هر خطبه كمال بنام تو شد ازل ... كس تا ابد زلوح نمىخوانده اين سبق

{ انك انت الوهاب } لجميع استعدادات كل ما سألت من الكمالات كما قال تعالى

{ وآتاكم من كل ما سألتموه } وفى التأويلات النجمية بقوله

{ قال رب اغفر لى } الآية يشير الى معان مختلفة . منها انه لما اراد طلب الملك الذى هو رفعة الدرجة بنى الامر فى ذلك على التواضع الموجب للرفعة وهو قوله { رب اغفر لى }

ومنها انه قدم طلب المغفرة على طلب الملك لانه لو كان طلب الملك زلة فى حق الانبياء كانت مسبوقة بالمغفرة لا يطالب بها . ومنها ان الملك مهما يكن فى يد مغفور له منظور بنظر العناية ما يصدر منه تصرف فى الملك الا مقرونا بالعدل والنصفة وهو محفوظ من آفات الملك وتبعاته . ومنها قوله

{ وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى } اى يكون ذلك موهوبا له بحيث لا ينزعه منه ويؤتيه من يشاء كما هى السنة الالهية جارية فيه

ومنها قوله

{ لا ينبغى لاحد من بعدى } اى لا يطلبه احد غيرى لئلا يقع فى فتنة الملك على مقتضى قوله تعالى

{ ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى } فان الملك جالب للفتنة كما كان جالبا لها الى سليمان بقوله

{ ولقد فتنا سليمان } ومنها قوله

{ لا ينبغى لاحد من بعدي } اى لا يكون هذا الملك ملتمس احد منك غيرى للتمتع والانتفاع به وهو بمعزل عن قصدى ونيتى فى طلب هذا فان لى فى طلب هذا الملك نية لنفسى ونية لقلبى ونية لروحى ونية للممالك باسرها ونية للرعايا

فاما نيتى لنفسى فتزكيتها عن صفاتها الذميمة واخلاقها اللئيمة وذلك فى منعها عن استيفاء شهواتها وترك مستلذاتها النفسانية بالاختيار دون الاضطرار وانما يتيسر ذلك عد القدرة الكاملة عليه بالمالكية والملكية بلا مانع ولا منازع وكماليته فى المملكة بحيث لا يكون فيها ما يحرك داعية من دواعى البشرية المركوزة فى جبلة الانسان ليكون كل واحد من المشتهيات والمستلذات النفسانية محركة لداعية تناسبها عند تملكها والقدرة عليها عند توقان النفس اليها وغلبات هواها فيحرم على النفس مراضعها ويحرمها من مشاربها وينهاها عن هواها خالصا لله وطلبا لمرضاته فتموت النفس عن صفاتها كما يموت البدن عند اعواز فقدان ما هو غذاء يعيش به فاذا ماتت عن صفاتها الذميمة يحييها اللّه بالصفات الحميدة كما قال

{ ولنحيينه حياة طيبة } وقال

{ قد افلح من زكاها } فلا يبقى لها نظر الى الدنيا وسائر نعمها كما كان حال سليمان لم يكن له نظر الى الدنيا ونعيمها وانما كان مع تلك الوسعة فى المملكة يأكل كسرة من كسب يده مع جليس مسكين ويقول مسكين جالس مسكينا وامانيته لقلبه فتصفيته عن محبة الدنيا وزينتها وشهواتها وتوجيهه الى الآخرة بالاعراض عنها عند القدرة عليها والتمكن فيها ثم صرفها فى سبيل اللّه وقلع اصلها من ارض القلب ليبقى القلب صافيا من الدنس قابلا للفيض الالهى فانه خلق مرآة لجميع الصفات الالهية

وامانيته لروحه فلتحيته بالاخلاق الحميدة الربانية ولا سبيل اليها الا بعلو الهمة وخلوص النية فان المرء يطير بهمته كالطائر يطير بجناحيه وتربية الهمة بحسب نيل المقاصد الدنيوية الدينية وصرفها فى نيل المراتب الدينية الاخروية الباقية وان ترك المقاصد الدنيوية الدينية وان كان اثر التربية الهمة ولكن لا يبلغ حد اثر صرف ما يملك من المقاصد الدنيوية لنيل الدرجات العلية فلما كان من اخلاق اللّه ان يحب معالى الامور ويبغض سفسافها التمس سليمان اقصى مراتب الدنيا ونهاية مقاصدها لئلا يلتفت ويستعملها فى تربية الهمة لتتخلى روحه بان يحسن اليهم ويؤلف قلوبهم ببذل المال والجاه فان القلوب جبلت على حب من احسن اليها فانهم اذا احبوا نبى اللّه لزمهم حب اللّه فيكون حب اللّه وحب نبيه فى قلوبهم محض الايمان ومن لم يمكن ان يؤمن بالاحسان فيدخلهم فى الايمان بالقهر والغلبة بان يأتيهم بجنود لم يروها كما ادخل بلقيس وقومها فى الايمان

واما نيته للممالك فبان يجعل الممالك الدنيوية الفانية اخروية باقية بان يتوسل بها الى الحضرة بصرفها باظهار الدين واقامة الحق واعلاء كلمة الاسلام

فان قيل قوله

{ لا ينبغى لاحد من بعدى } هل يتناول النبى عليه السلام اولا قلنا اما بالصورة فيتناول ولكن لعلو همته وكمال قدره لا لعدم استحقاقه لانه عرض عليه صلّى اللّه عليه وسلّم ملك اعظم من ملكه فلم يقبله ( وقال الفقر فخرى )

واما بالمعنى فلم يتناول النبى صلّى اللّه عليه وسلّم لانه قال ( فضلت على الانبياء بست ) يعنى على جميع الانبياء ولا خفاء فى ان سليمان عليه السلام ما بلغ درجة واحدة من اولى العزم من الرسل مع اختصاصه بصورة الملك منهم وهم معه مفضولون بست فضائل من النبى عليه السلام فمعنى الملك الحقيقى الذى كان ملك سليمان صورته بلا ريب يكون داخلا فى الفضائل التى اختصه اللّه بها واخبر عنها بقوله

{ وكان فضل اللّه عليك عظيما } بل اعطاه اللّه ما كان مطلوب سليمان من صورة الملك ومعناه اوفر ما اعطى سليمان وفتنه به من غير زحمة مباشرة صورة الملك والافتتان به عزة ودلالا انتهى كلام التأويلات على مكاشفه اعلى النجليات

٣٦

{ فسخرنا له الريح } قال ابو عمرو انه ريح الصبا اى فذللناها لطاعة سليمان اى جعلناها مطيعة لا تخالفه اجابة لدعوته فعاد امره عليه السلام على ما كان عليه قبل الفتنة فيكون ذلك مسببا عن انابته : وبالفارسية [ بس رام كردانيدم مر سليمان را باد تافرمان وى برد ]

وفيه اشارة الى ان سليمان لما فعل بالصافنات الجياد ما فعل فى سبيل اللّه عوضه اللّه مركبا مثل الريح كان غدوها شهرا ورواحها شهرا كما فى التأويلات النجمية وقد سبق ايضا من كشف الاسرار

قال البقلى رحمه اللّه كان سليمان عليه السلام من فرط حبه جمال الحق يحب ان ينظر الى صنائعه وممالكه ساعة فساعة من الشرق الى الغرب حتى يدرك عجائب ملكه وملكوته فسخر اللّه له الريح واجراها بمراده وهذا جزاء صبره فى ترك حظوظ نفسه

{ تجرى بامره } بيان لتسخيرها له

{ رخاء } حال من ضمير تجرى . والرخاء الريح اللينة من قولهم شىء رخو كما فى المفردات : وبالفارسية [ نرم وخوش ]

وفى الفتوحات المكية ان الهواء لا يسمى ريحا الا اذا تحرك وتموج فان اشتدت حركته كان زعزعا وان لم تشتد كان رخاء وهو ذو روح يعقل كسائر اجزاء العالم وهبوبه تسبيحه تجرى به الجوارى ويطفأ به السراج وتشتعل به النار وتتحرك المياه والاشجار ويموج البحر وتزلزل الارض ويزجى السحاب انتهى . والمعنى حال كون تلك الريح لينة طيبة لا تزعزع ولا تنافى بين كونها لينة الهبوب وبين قوله تعالى

{ ولسليمان الريح عاصفة } لان المراد ان تلك الريح ايضا فى قوة الرياح العاصفة الا انها لما جرت بامره عليه السلام كانت لينة رخاء او تسخر له كلا نسيميها

{ حيث اصاب } ظرف لتجرى او لسخرنا . واصاب بمعنى اراد لغة حميرا وهجر

وفى القاموس الاصابة القصد اى حيث قصد واراد من النواحى والاطراف

واعلم ان المراد بقوله بامره جريان الريح بمجرد امره من غير جمعية خاطر ولا همة قلب فهو الذى جعل اللّه من الملك الذى لا ينبغى لاحد من بعده لا مجرد التسخير فان اللّه تعالى سخر لنا ايضا ما فى السموات وما فى الارض وما بينهما لكن انما تفعل اجرام العالم لهمم النفوس اذا اقيمت فى مقام الجمعية فهذا التسخير عن امر اللّه لا عن امرنا كحال سليمان عليه السلام

٣٧

{ والشياطين } عطف على الريح

{ كل بناء } بدل من الشياطين وهو مبالغة بان اسم الفاعل من بنى وكانوا يعملون له عليه السلام ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات لما سبق فى سورة سبأ ويبنون له الابنية الرفيعة بدمشق واليمن ومن بنائهم بيت المقدس واصطخر وهى من بلاد فارس تنسب الى صخر الجنى المراد بقوله تعالى

{ قال عفريت من الجن } { وغواص } مبالغة غائص من غاص يغوص غوصا وهو الدخول تحت الماء واخراج شىء منه

قال فى المفردات قوله تعالى

{ ومن الشياطين من يغوصون له } اى يستخرجون الدرر والجواهر والحلىّ من البحر وهو اول من استخرج اللؤلؤ من البحر

٣٨

{ وآخرين مقرنين فى الاصفاد } عطف على كل بناء داخل فى حكم البدل يقال قرنت البعيرين اذا جمعت بينهما وقرنت على التكثير كما فى الآية

قال الراغب والتقرين بالفارسية [ برهم كردن ]

قال ابن الشيخ مقرنين صفة لآخرين وهو اسم مفعول من باب التفعيل منقول من قرنت الشىء بالشىء اى وصلته به وشدد العين للمبالغة والكثرة . والاصفاد جمع صفد محركة وهو القيد وسمى به العطاء لانه يرتبط بالمنعم عليه وفرقوا بين فعليهما فقالوا صفده قيده واصفده اعطاه على عكس وعد واعد فان الثلاثى فيه للخير والمنفعة والرباعى للشر والمضرة ولكن فى كون اصفد بمعنى اعطى نكتة وهى ان الهمزة للسلب . والمعنى ازلت ما به من الاحتياج بان اعطيته ما تندفع به حاجته بخلاف اوعد فانه لغة اصلية موضوعة للتهديد . ومعنى الآية وسخرنا له شياطين آخرين لا يبنون ولا يغوصون كأنه عليه السلام فصل الشياطين الى عملة استعملهم فى اعمال الشاقة من البناء والغوص ونحو ذلك والى مردة قرن بعضهم مع بعض فى السلاسل واوثقهم بالحديد لكفهم على الشر والفساد

فان قيل ان هذه الآية تدل على ان الشياطين لها قوة عظيمة قدروا بها على تلك الابنية العظيمة التى لا يقدر عليها البشر وقدروا على الغوص فى البحار واستخراج جواهرها وانى يمكن تقييدهم بالاغلال والاصفاد وفيه اشكال وهو ان هذه الشياطين اما ان تكون اجسادهم كثيفة او لطيفة فان كانت كثيفة وجب ان يراهم من كان صحيح الحاسة اذ لو جاز ان لا يراهم مع كثافة اجسادهم لجاز ان يكون بحضرتنا جبال عالية واصوات هائلة لا نراها ولا نسمعها وذا سفسطة وان كانت اجسادهم لطيفة واللطافة تنافى الصلابة فمثل هذا يمتنع ان يكون موصوفا بالقوة الشديدة بحيث يقدر بها على ما لا يقدر عليه البشر لان الجسم اللطيف يكون ضعيف القوام تتمزق اجزاؤه بادنى المدافعة فلا يطيق تحمل الاشياء الثقيلة ومزاولة الاعمال الشاقة وايضا لا يمكن تقييده بالاصفاد والاغلال قلنا ان اجسادهم لطيفة ولكن شفافة ولطافتها لا تنافى صلابتها بمعنى الامتناع من التفرق فلكونها لطيفة لا ترى ولكونها صلبة يمكن تقيدها وتحملها الاشياء الثقيلة ومزاولتها الاعمال الشاقة ولو سلم ان اللطافة تنافى الصلابة الا انا لا نسلم ان اللطيف الذى لا صلابة له يمتنع ان يتحمل الاشياء الثقيلة وقدر على الاعمال الشاقة ألا ترى ان الرياح العاصفة تفعل افعالا عجيبة لا تقدر عليها جماعة من الناس

وقال فى بحر العلوم والاقرب ان المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالتقرين فى الصفد يعنى ان قولهم لا يمكن تقييده بالاصفاد والاغلال حقيقة مسلم ولكن ليس الكلام محمولا على حقيقته لانهم لما كانوا مسخرين مذللين لطاعته عليه السلام بتسخير اللّه اياهم له كان قادرا على كفهم عن الاضرار بالخلق فشبه كفهم عن ذلك بالتقرين فى الاصفاد فاطلق على الكف المذكور لفظ التقرين استعارة اصلية ثم اشتق من التقرين يعنى المعنى المجازى لفظ مقرنين فهو استعارة تبعية بمعنى ممنوعين عن الشرور

وفى الاسئلة المقحمة الجن اجسام مؤلفة واشخاص ممثلة ولا دليل يقضى بان تلك الاجسام لطيفة او كثيفة بل يجوز ان تكون لطيفة وان تكون كثيفة وانما لا نراهم لا للطافتهم كما يزعمه المعتزلة ولكن لان اللّه تعالى لا يخلق فينا ادراكا لهم انتهى

قال القاضى ابو بكر الاصل الذى خلقوا منه هى النار ولسنا ننكر مع ذلك ان يكثفهم اللّه تعالى ويغلظ اجسامهم ويخلق لهم اعراضا زائدة على ما فى النار فيخرجون عن كونهم نارا ويخلق لهم صورا واشكالا مختلفة فيجوز ان نراهم اذا قوى اللّه ابصارنا كما يجوز ان نراهم لو كثف اللّه اجسامهم

قال القاضى عبد الجبار ان اللّه تعالى كشفهم لسليمان حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى كانوا يعملون له الاعمال الشاقة والمقرّن فى الاصفاد لا يكون الا جسما كثيفا

واما اقداره عليهم وتكثيفهم فى غير ازمان الانبياء فانه غير جائز لانه يؤدى الى ان يكون نقضا للعادة كما فى آكام المرجان فى احكام الجان

وقال بعضهم ان الشياطين كانوا يشاهدون فى زمن سليمان ثم انه لما توفى امات اللّه اولئك الشياطين وخلق نوعا آخر فى غاية الرقة واللطافة وفيه ان الشياطين منظرون فكيف يموتون الى ان يختص الانظار بابليس او الا ان يحمل الشياطين على كفار الجن فانهم ماردون ايضا روى ان اللّه تعالى اجاب دعاء سليمان بان سخر له ما لم يسخره لاحد من الملوك وهو الرياح والشياطين والطير وسخر له من الملوك ما لم يتيسر لغيره مثل ذلك فانه روى انه ورث ملك ابيه داود فى عصر كيخسرو بن سياوش وسار من الشأم الى العراق فبلغ خبره الى كيخسرو فهرب الى خراسان فلم يلبث قليلا حتى هلك ثم سار الى مرو ثم سار الى بلاد الترك فوغل فيها ثم جاز بلاد الصين ثم عطف الى ان وافى بلاد فارس فنزلها اياما ثم عاد الى الشام ثم امر ببناء بيت المقدس فلما فرغ منه سار الى تهامة ثم الى صنعاء وكان من حديثه مع صاحبة صنعاء وهى بلقيس ما ذكره اللّه تعالى فى كتابه الكريم وغزا بلاد المغرب الاندلس وطنجة وافرنجة ونواحيها

٣٩

{ هذا } اى فسخرنا وقلنا له هذا الذى اعطيناك من الملك العظيم والبسطة والتسلط على ما لم يسلط عليه غيرك

{ عطاؤنا } الخاص بك الذى لا يقدر عليه غيرنا

{ فامنن } من قوله منّ عليه منا اى انعم اى فاعط منه من شئت

{ او امسك } وامنع منه من شئت واو للاباحة

{ بغير حساب } حال من المستكن فى الامر اى غير محاسب على منّه واحسانه ومنعه وامساكه لا حرج عليك فيما اعطيت وفيما امسكت لتفويض التصرف فيه اليك على الاطلاق

وفى المفردات قيل تصرف فيه تصرف من لا يحاسب اى تناول كما تحب فى وقت ما تحب وعلى ما تحب وانفقه كذلك انتهى

قال الحسن ما انعم اللّه على احد نعمة الا كان عليه تبعة الا سليمان فان اعطى اجر عليه وان لم يعط لم يكن عليه تبعة واثم وهذا مما خص به والتبعة ما يترتب على الشىء من المضرة وكل حق يجب للمظلوم على الظالم بمقابلة ظلمه عليه

قال بعض الكبار المحققين كان سؤال سليمان ذلك عن امر ربه والطلب اذا وقع عن الامر الالهى كان امتثال امر وعبادة فللطالب الاجر التام على طلبه من غير تبعة حساب ولا عقاب فهذا الملك والعطاء لا ينقصه من ملك آخرته شيأ ولا يحاسب عليه اصلا كما يقع لغيره .

واما ما روى ان سليمان آخر الانبياء دخولا الجنة لمكان ملكه فعلى تقدير صحته لا ينافى الاستواء بهم فى درجات الجنة ومطلق التأخر فى الدخول لا يستلزم الحساب وقد روى ( ان الاغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة سنة ) ويجوز ان يكون بغير حساب حالا من العطاء اى هذا عطاؤنا ملتبسا بغير حساب لغاية كثرته كما يقال للشىء الكثير هذا لا يحيط به حساب او صلة له وما بينها اعتراض على التقديرين

٤٠

{ وان له عندنا لزلفى } اى لقربة فى الآخرة مع ما له من الملك العظيم فى الدنيا

{ وحسن مآب } وهو الجنة وفى الحديث ( أرأيتم ما اعطى سليمان بن داود من ملكه فان ذلك لم يزده الا تخشعا ما كان يرفع بصره الى السماء تخشعا لربه ) انتهى اى ولذا وجد الزلفى وحسن المرجع فطوبى له حيث كان فقيرا فى صورة الغنى

وفى الآية اشارة الى ان الانسان اذا كمل فى انسانيته يصير قابلا للفيض الالهى بلا واسطة فيعطيه اللّه تعالى من آثار الفيض تسخير ما فى السموات من الملائكة كما سخر لآدم بقوله اسجدوا لآدم وما فى الارض كما سخر لسليمان الجن والانس والشياطين والوحوش والطيور وذلك لان كل ما فى السموات وما فى الارض اجزاء وجود الانسان الكامل فاذا انعم اللّه عليه بفيضه سخر له اجزاء وجوده فى المعنى اما فى الصورة فيظهر على بعض الانبياء تسخر بعضها اعجازا له كما ظهر على نبينا عليه السلام تسخر القمر عند انشقاقه باشارة اصبع ولذا قال هذا عطاؤنا الخ يشير الى ان للانبياء بتأييد الفيض الآلهى ولاية افاضة الفيض على من هو اهله عند استفاضته ولهم امساك الفيض عند عدم الاستفاضة من غير اهله ولا حرج عليهم فى الحالتين وان له عندنا لزلفى فى الافاضة والامساك وحسن مآب لانه كان متقربا الينا بالعطاء والمنع كما فى التأويلات النجمية روى ان سليمان عليه السلام فتن بعدما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة ثم انتقل الى حسن مآب : قال الشيخ سعدى

جهان اى بسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست

نه بد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام

بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه باذانش وداد رفت

ايقظنا اللّه تعالى واياكم

٤١

{ واذكر عبدنا ايوب } ابن آموص بن رازح بن روم بن عيص بن اسحق ابن ابراهيم عليه السلام وامه من اولاد لوط بن هاران وزوجته رحمة بنت افراييم بن يوسف عليه السلام اوليا بنت يعقوب عليه السلام ولذا قال فى كشف الاسرار كان ايوب فى زمان يعقوب اوما خير بنت ميشا بن يوسف والاول اشهر الاقاويل

قال القرطبى لم يؤمن بايوب الا ثلاثة نفر وعمره ثلاث وتسعون وقوله ايوب عطف بيان للعبد

{ اذ نادى ربه } بدل من عبدنا اى دعا وتضرع بلسان الاضطرار والافتقار

{ انى } اى بانى

{ مسنى الشيطان } اصابنى وبالفارسية [ ديو بمن رسيد ] فتكون الباء فى قوله

{ بنصب } للتعدية اى تعب ومشقة وكذا النصب بفتحتين

{ وعذاب } العذاب الايجاع الشديد اى ألم ووصب يريد مرضه وما كان يقاسيه من فنون الشدائد وهو المراد بالضر فى قوله فى سورة الانبياء

{ انى مسنى الضر } وهو حكاية لكلامه الذى ناداه به بعبارته والا لقيل انه مسه الخ وليس هذا تمام دعائه عليه السلام بل من جملته قوله

{ وانت ارحم الراحمين } فاكتفى ههنا عن ذكره بما فى سورة الانبياء كما ترك هناك ذكر الشيطان ثقة بما ذكر ههنا

فان قلت لا قدرة للشيطان البتة على ايقاع الناس فى الامراض والاسقام لانه لو قدر على ذلك لسعى فى قتل الانبياء والاولياء والعلماء والصالحين فهو لا يقدر ان يضر احدا الا بطريق القاء الوساوس والخواطر الفاسدة فما معنى اسناد المس اليه قلت ان الذى اصابه لم يصبه الا من اللّه تعالى الا انه اسنده الى الشيطان لسؤال الشيطان منه تعالى ان يمسه اللّه تعالى بذلك الضر امتحانا لصبره ففى اسناده اليه دون اللّه تعالى مراعاة للادب روى ان ايوب عليه السلام كان له اموال كثيرة من صنوف مختلفة وهو مع ذلك كان مواظبا على طاعة اللّه محسنا للفقراء واليتامى وارباب الحاجات فحسده ابليس لذلك وقال انه يذهب بالدنيا والآخرة فقال الهى عبدك ايوب قد انعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتليته بنزع النعمة والعافية لتغير عن حاله فقال تعالى انى اعلم منه ان يعبدنى ويحمدنى على كل حال فقال ابليس يا رب سلطنى عليه وعلى اولاده وامواله فسلطه على ذلك فاحرق زرعه واسقط الابنية على اولاده فلم يزدد ايوب الا حمدا لربه ثم نفخ فى جسده نفخة خرجت بها فيه النفاخات ثم تقطرت بالدم الاسود واكله الدود سبع سنين وهو على حاله فى مقام الصبر والرضى والتسليم فكان بلاؤه امتحانا من غير ان يكون منه ذنب يعاقب عليه ليبرز اللّه ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه كما ذكره الحكيم الترمذى فى نوادر الاصول.

وعلى هذا القول اعتماد الفحول فدع ما عداه فانه غير مقبول

وفى التأويلات النجمية يشير بقوله

{ واذكر } الخ الى معانى مختلفة

منها ان من شرط عبودية خواص عباده من الانبياء والاولياء الصبر عند نزول البلاء والرضى بجريان احكام القضاء

ومنها ليعلم ان اللّه تعالى لو سلط الشيطان على بعض من اوليائه وانبيائه لا يكون لاهانتهم بل يكون لعزتهم واعانتهم على البلوغ على رتبة نعم العبدية ودرجة الصابرين المحبوبين

ومنها ان العباد من الانبياء والاولياء لو لم يكونوا فى كنف عصمة اللّه وحفظه لمستهم الشياطين بنصب وعذاب

ومنها ان من آداب العبودية اجلال الربوبية واعظامها عن احالة الضر والبلاء والمحن عليها لا على الشيطان كما قال يوسف عليه السلام

{ وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بينى وبين اخوتى } وقال يوشع عليه السلام

{ وما انسانيه الا الشيطان } وقال موسى عليه السلام

{ هذا من عمل الشيطان } ومنها ليعلم انه ما بلغ مقام الرجال البالغين الا بالصبر على البلوى وتفويض الامور الى المولى والرضى بما يجرى عليه من القضاء انتهى

٤٢

{ اركض برجلك } الركض الضرب والدفع القوى بالرجل فمتى نسب الى الراكب فهو اغراء مركوبه وحثه للعدو نحو ركضت الفرس ومتى نسب الى الماشى فوطىء الارض كما فى الآية كذا قاله الراغب . والرجل القدم او من اصل الفخذ الى رؤس الاصابع . والمعنى اذ نادى فقلنا له على لسان جبريل عليه السلام حين انقضاء مدة بلائه اركض برجلك اى اضرب بها الارض : وبالفارسية [ بزن باى خودرا بزمين ] وهى ارض الجابية بلد فى الشام من اقطاع ابى تمام فضربها فنبعت عين فقلنا له

{ هذا } [ اين جشمه ]

{ مغتسل بارد } تغتسل به

وقال الكاشفى [ جاى غسل كردنست يا آبيست كه بدان غسل كنند ] اشار الى ان المغتسل هو الموضع الذى يغتسل فيه والماء الذى يغتسل به والاغتسال غسل البدن وغسلت الشىء غسلا اسلت عليه الماء فازلت درنه

{ وشراب } تشرب منه فيبرأ باطنك . والشراب هو ما يشرب ويتناول من كل مائع ماء كان او غيره والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف

وقال بعض الكبار هذا مغتسل به اى ماء يغتسل به وموضعه وزمانه بارد يبرد حرارة الظاهر وشراب يبرد حرارة الباطن يعنى انما كان الماء باردا لما كان عليه من افراط حرارة الالم فسكن اللّه افراطها الزائد المهلك ببرد الماء وابقى الحرارة النافعة للانسان

وفى كلام الشيخ الشهير بافتاده البرسوى قدس سره ان المراد بالماء فى هذه الآية صورة احياء اللّه تعالى وهو المراد بماء المطر ايضا فيما روى انه اذا كان يوم القيامة ينزل المطر على الاموات اربعين سنة فيظهرون من الارض كالنبات انتهى فاغتسل ايوب عليه السلام من ذلك الماء وشرب فذهب ما به من الداء من ظاهره وباطنه فان اللّه تعالى اذا نظر الى العبد بنظر الرضى يبدل مرضه بالشفاء وشدته بالرخاء وجفاءه بالوفاء فقام صحيحا وكسى حلة وعاد اليه جماله وشبابه احسن ما كان

قال ابن عباس رضى اللّه عنهما مكث فى البلاد سبع سنين وسبعة اشهر وسبعة ايام وسبعة ساعات لم يغمض فيهن ولم ينقلب من جنب الى جنب كما فى زهرة الرياض

قال حضرة الشيخ بالى الصوفى فى شرح الفصوص الاشارة فيه ان اللّه تعالى امر نبيه بضرب الرجل على الارض ليخرج منها الماء لازالة ألم البدن فهو امر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج ماء الحياة وهو العلم باللّه من ارض وجودنا لازالة امراض ارواحنا وهى الحجب المبعدة عن الحق ثم قال وفى هذه الآية سر لطيف وهو ان السالكين مسلك التقوى بالمجاهدة . والرياضات اذا اجتمعوا فى منزل وذكروا اللّه كثيرا باعلى صوت وضربوا ارجلهم على الارض مع الحركة أية حركة كانت وكانت نيتهم بذلك ازالة الالم الروحانى جاز منهم ذلك اذا ضرب الرجل الصورية على الارض الصورية مع الذكر الصورى بنية خالصة يوصل الى الحقيقة اذ ما من حكم شرعى الا وله حقيقة توصل عامله الى حقيقته انتهى كلامه

قال بعض العلماء باللّه ارتفاع الاصوات فى بيوت العبادات بحسن النيات وصفاء الطويات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات حتى قال اهل البصائر ان الانفاس البشرية هى التى تدير الافلاك العلوية انتهى.

فقد شرطوا فى ضرب الرجل وكذا فى رفع الصوت حسن النية وصفوة الباطن من كل غرض ومرض فاذا كان المرء حسن النية يراعى الادب الظاهرى والباطنى من كل الوجوه فيعرج بمعراج الخلوص على ذروة مراتب اهل الخصوص ويسلم من الجرح والقدح لكون حركته على ما اشار اليه النصوص

قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد التواجد الا باشارة شيخ مرشد عارف بامراض الباطن . وفى محل آخر من شرط اهل اللّه فى السماع ان يكونوا على قلب رجل واحد وان لا يكون فيهم من ليس من جنسهم او غير مؤمن بطريقهم فان حضور مثل هؤلاء يشوش . وفى آخر لا ينبغى للاشياخ ان يسلموا للمريد حركة الوجد الذى تبقى معه الاحساس بمن فى المجلس ولا يسلم له حركته الا ان غاب ومهما احس بمن كان فى المجلس تعين عليه ان يجلس الا ان يعرف الحاضرون انه متواجد لا صاحب وجد فيسلم له ذلك لان هذه الحالة غير محمودة بالنظر الى ما فوقها . وفى آخر اذا كانت حركة المتواجد نفسية فليست بقدسية وعلامتها الاشارة بالاكمام والمشى الى خلف والى قدام والتمايل من جانب الى جانب والتفريق بين راجع وذاهب فقد اجمع الشيوخ على ان مثل هذا محروم مطرود انتهى . فقد شرط الشيخ رضى اللّه عنه فى هذه الكلمات لمن اراد الوجد والسماع حضور القلب والعشق والمحبة والصدق وغلبة الحال . فقول القرطبى استدل بعض الجهال المتزهدة وطغاة المتصوفة بقوله تعالى لايوب عليه السلام

{ اركض برجلك } على جواز الرقص وهذا احتجاج بارد لانه تعالى انما امر بضرب الرجل لنبع الماء لا لغيره وانما هو لاهل التكلف كما دل عليه صيغة التزهد والتصوف فان اتقياء الامة برآء من التكلف فهو زجر لفسقة الزمان عما هم عليه من الاجتماع المنافى لنص القرآن فانهم لو كانوا صلحاء مستأهلين لأباحت لهم اشارة القرآن ذلك لكنهم بمعزل عن الركض بشرائط فهم ممنوعون جدا

قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجى بيرام قدس سره الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر اللّه قياما وقعودا ولا نرقص على وفق قوله تعالى

{ الذين يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وقال ايضا ليس فى طريقتنا رقص فان الرقص والاصوات كلها انما وضع لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها اشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الانبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد

٤٣

{ ووهبنا له اهله } معطوف على مقدر اى فاغتسل وشرب فكشفنا بذلك ما به من ضر كما فى سورة الانبياء ووهبنا له اهله : يعنى [ فرزندان ويرا زنده كرديم ] وكانوا ثلاثة عشر روى الحسن ان اللّه تعالى احياهم بعد هلاكهم اى بما ذكر من ان ابليس هدم عليهم البناء فماتوا تحته

{ ومثلهم معهم } عطف على اهله فكان له من الاولاد ضعف ما كان له قبل اى زاده على ما كان له قبل البلاء : قال الصائب

زفوت مطلب جزؤى مشوغمين كه فلك ... ستاره ميبرد و آفتاب مى آرد

{ رحمة منا } اى لرحمة عظيمة عليه من عندنا

{ وذكرى لاولى الالباب } ولتذكيرهم بذلك ليصبروا على الشدائد كما صبر ويلجأوا الى اللّه فيما ينزل بهم كما لجأ ليفعل بهم ما فعل به من حسن العاقبة : قال الكاشفى رحمت الهى فرج را بصبر ناريست ]

اصبر فان الصبر مفتاح الفرج ... كليد صبر كسى را كه باشد اندردست ... هرآينه در كنج مراد بكشايد

بشام تيره محنت بساز وصبرنماى ... كه دمبدم سحر از برده روى بنمايد

[ آورده اندكه درزمان مرض ايوب عليه السلام زوجه او رحمه بهمى رفته بود وديرمى آمد ايوب سوكند خورد كه اورا صدجوب بزند جون تباشير صبح صحت ازافق رحمت روى نمود وايوب بحالت تن درستى وجوانى بازآمد خواست تا سوكند خود را راست كند خطاب ازحضرت عزت رسيدكه ]

٤٤

{ وخذ بيدك ضغثا }

قال فى الارشاد معطوف على اركض او على وهبنا بتقدير وقلنا خذ بيدك الخ والاول اقرب لفظا وهذا انسب معنى فان الحاجة الى هذا الامر لا تمس الا بعد الصحة . والضغث الحزمة الصغيرة من الحشيش ونحوه فى المفردات الضغث قبضة ريحان او حشيش وبه شبه الاحلام المختلطة التى لا يتبين حقائقها انتهى

وقال الكاشفى [ وبكير بدست خود دسته از جوب ازخرما يا از حشائش خشك شده كه بعدد صد باشد وفى كشف الاسرار مفسران كفتند ابليس برصورت طبيبى برسر راه نشست وبيماران ار مداوات مى كرد زن ايوب آمد وكفت بيمارىكه فلان علت دارد اورا مداوات كنى ابليس كفت اورا مداوات كنم وشفا دهم بشرط آنكه جون اورا شفا دهم اومراكويد ( انت شفيتنى ) يعنى تومرا شفا دادى ازشما جزاين نخواهم زن بيامد و آنجه ازوى شنيد بايوب كفت ايوب بدانست كه آن شيطانست واورا از راه مىبرد و كفت ( واللّه لئن برئت لاضربنك مائة ) بس جون به شد جبريل آمد وبيام آورد ازحق تعالىكه آن زن ترا درايام بلا خدمت نيكود كرد اكنون تخفيف ويرا وتصديق سوكندخودرا دسته كياه وريحان كه بعدد صد شاخ باشد باقبضه كه ازين درخت كندم كه خوشه برسردارد آنرا بدست خويش كير ] فانه قال فى التكملة وقد روى انه اخذ مائة سنبلة فى كف واحد فضربها بها

وقيل باعت ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق ايوب اذا قام فحلف بذلك

قال فى فتح الرحمن روى ان ايوب عليه السلام كانت زوجته مدة مرضه تختلف اليه فيتلقاها الشيطان مرة فى صورة طبيب ومرة فى هيئة ناصح فيقول لها لو سجد هذا المريض للصنم الفلانى لبرىء ولو ذبح عناقا للصنم الفلانى لبرىء ويعرض لها وجوها من الكفر فكانت هى ربما عرضت ذلك على ايوب فيقول لقيت عدو اللّه فى طريقك فلما اغضبته حلف ان عوفى ليجلدنها مائة جلدة انتهى

يقول الفقير هذه الوجوه ذكرت ايضا فى غيره من التفاسير لكنها ضعيفة فان امرأة ايوب وهى رحمة وكانت بنت ابن يوسف الصديق عليه السلام على ما هو الارجح ولا يتصور من مثل هذه المرأة المتدينة ان تحمل ايوب على ما هو كفر فى دينه وفى سائر الاديان وبمجرد نقل كلام العدو لا يلزم الغضب والحلف فالوجه الاول أليق بالمقام

{ فاضرب به } اى بذلك الضغث زوجك

{ ولا تحنث } فى يمينك فان البر يتحقق به فاخذ ضغثا فضربها ضربة واحدة يقال حنث فى يمينه اذا لم يف بها

وقال بعضهم الحنث الاثم ويطلق على فعل ما حلف على تركه وترك ما حلف على فعله من حيث ان كل واحد منهما سبب له

وفى تاج المصادر [ الحنث : دروغ شدن سوكند ] ويعدى بفى [ وبزه مندشدن ]

فان قيل لم قال اللّه تعالى لايوب عليه السلام

{ لا تحنث } وقال لمحمد صلى اللّه عليه وسلم

{ قد فرض اللّه لكم تحلة ايمانكم } قلنا لان كفارة اليمين لم تكن لاحد قبلنا بل هى لنا مما اكرم اللّه به هذه الامة بدليل قوله تعالى لكم كذا فى اسئلة الحكم

وفى كلام بعض المفسرين لعل التكفير لم يجز فى شرعهم او ان الافضل الوفاء به انتهى

قال الشيخ نجم الدين رحمه اللّه اراد اللّه ان يعصم نبيه ايوب عليه السلام من الذنبين اللازمين . احدهما اما الظلم

واما الحنث وان لا يضيع اجر احسان المرأة مع زوجها وان لا يكافئها بالخير شرا وتبقى ببركتها هذه الرخصة فى الامم الى يوم القيامة انتهى . فقد شرع اللّه هذه الرحمة رحمة عليه وعليها لحسن خدمتها اياه ورضاه عنها وهى رخصة باقية فى الحدود يجب ان يصيب المضروب كل واحد من المائة اما باطرافها قائمة او باعراضها مبسوطة على هيئة الضرب اى بشرط ان توجد صورة الضرب ويعمل بالحيل الشرعية بالاتفاق روى ان الليث بن سعد حلف ان يضرب ابا حنيفة بالسيف ثم ندم من هذه المقالة وطلب المخرج من يمينه فقال ابو حنيفة رحمه اللّه خذ السيف واضربنى بعرضه فتخرج عن يمينك كما فى مناقب الامام رضى اللّه عنه

قال فى فتح الرحمن مذهب الشافعى اذا وجب الحد على مريض وكان جلدا اخر للمرض فان لم يرج برؤه جلد بعثكال عليه مائة غصن فان كان خمسين ضرب به مرتين وتمسه الاغصان او ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الالم فان برىء اجزأه ومذهب ابى حنيفة رحمه اللّه يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ كمذهب الشافعى فان كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب شديدا يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب ومذهب مالك لايضرب الا بالسوط ويفرق الضرب وعدد الضربات مستحق لا يجوز تركه فان كان مريضا آخر الى ان يبرأ كمذهب الشافعى وابى حنيفة ومذهب احمد يقام الحد فى الحال ولا يؤخر للمرض ولو رجى زواله ويضرب بسوط يؤمن معه التلف كالقضيب الصغير فان خشى عليه من السوط اقيم باطراف الثياب وعثكول النخل فان خيف عليه من ذلك جمع ضغث فيه مائة شمراخ فضرب به ضربة واحدة كقول الشافعى

واما اذا كان الحد رجما فلا يؤخر بالاتفاق ولا يقام الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف فابو حنيفة ان كان حدها الجلد فحتى تتعالّ اى تخرج من نفاسها وان كان الرجم فعقيب الولادة وان لم يكن للصغير من يربيه فحتى يستغنى عنها والشافعى حتى ترضعه اللبان ويستغنى بغيرها او فطام لحولين ومالك واحمد بمجرد الوضع

{ انا وجدناه } علمناه

{ صابرا } فيما اصابه فى النفس والاهل والمال

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ايوب عليه السلام لم يكن ليجد نفسه صابرا لولا انا وجدناه صابرا اى جعلناه يدل على هذا المعنى قوله تعالى لنبيه عليه السلام

{ واصبر وما صبرك الا باللّه } اى هو الذى صبرك وان لم تكن تصبر انتهى روى انه بلغ امر ايوب عليه السلام الى ان لم يبق منه الا القلب واللسان فجاءت دودة الى القلب فعضته واخرى الى اللسان فعضته فعند ذلك دعا ايوب فوقعت دودة فى الماء فصار علقا واخرى فى البر فصار نحلا يخرج منه العسل

وفى زهرة الرياض انه بقى على بدنه اربعة من الديدان واحد طار ووقع على شجرة الفرصاد فصار دود القز وواحد وقع فى الماء فصار علقا وواحد وقع فى الحبوب فصار سوسا والرابع طار ووقع فى الجبال والاشجار فصار نحلا وهذا بعدما كشف اللّه عنه

واعلم ان العلماء قالوا ان الانبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الامراض المنفرة ويناقش فيه بحديث ايوب عليه السلام اذ روى انه تفرق عنه الناس حتى ارتد بعض من آمن به الا ان يستثنى ايوب عليه السلام فان ابتلاءه كان خارقا للعادة وابتلاء الناس به أى ابتلاء

ثم اعلم انه ليس فى شكواه الى اللّه تعالى اخلال بصبره فان الصبر حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه لا الى اللّه تعالى وفى حبس النفس عن الشكوى الى اللّه فى رفع الضر مقاومة القهر الالهى وهو ليس من آداب العبودية فلا بد من الشكاية ليصح الافتقار الذى هو حقيقتك المميزة نسبة العبودية من الربوبية ولذا قال ابو يزيد البسطامى قدس سره

جارجيز آورده ام شاها كه در كنج تونيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام

وجاع بعض العارفين فبكى فعاتبه فى ذلك بعض من لا ذوق له فقال انما جوّعنى لابكى واسأل

{ نعم العبد } اى ايوب

{ انه اواب } تعليل لمدحه اى انما كان نعم العبد لانه رجاع الى اللّه تعالى لا الى الاسباب مقبل بجملة وجوده الى طاعته او رجاع الى الحضرة فى طلب الصبر على البلاء والرضى بالقضاء ولقد سوى اللّه تعالى بين عبديه اللذين احدهما انعم عليه فشكر والآخر ابتلى فصبر حيث اثنى عليهما ثناء واحدا فقال فى وصف سليمان

{ نعم العبد انه اواب } وفى وصف ايوب كذلك ولم يلزم من الاوابية الذنب لان بلاء ايوب كان من قبيل الامتحان على ما سبق

واعلم ان العيش فى البلاء مع اللّه عيش الخواص وعيش العافية مع اللّه عيش العوام وذلك لان الخواص يشاهدون المبلى فى البلاء وتطيب عيشتهم بخلاف العوام فانهم بمعزل من الشهود فيكون البلاء لهم عين المحنة ولذا لا صبر لهم

قال ابن مسعود رضى اللّه عنه ايوب عليه السلام رأس الصابرين الى يوم القيامة

قال بعضهم [ بلاذخيره اوليا واختياراصفياست هريكى بنوعى ممتحن بودند.

نوح بدست قوم خويش كرفتار . ابراهيم بآتش نمرود . اسماعيل بفتنه ذبح . يعقوب بفراق فرزند . زكريا ويحيى بمحنت قتل . موسى بدست فرعون وقبطيان وعلى هذا اوليا واصفيا . يكى را محنت غربت بود ومذلت . يكى را كرسنكى وفاقت . يكىرا بيمارى وعلت . يكىرا قتل وشهادت . مصطفى عليه السلام كفت ( ان اللّه ادخر البلاء لاوليائه كما ادخر الشهادة لاحبابه ) جون رب عزت آن بلاها ازايوب كشف كرد روزى بخاطروى بكذشت كه نيك صبر كردم دران بلاندا آمدكه ( أانت صبرت ام نحن صبرناك يا ايوب لولا انا وضعنا تحت كل شعرة من البلاء جبلا من الصبر لم تصبر ) جنيد قدس سره كفت ] من شهد البلاء بالبلاء ضج من البلاء ومن شهد البلاء من المبلى حنّ الى البلاء

قال ابن عطاء ليخفف ألم البلاء عنك علمك بان اللّه هو المبلى

واعلم ان لكل بلاء خلفا اما فى الدنيا

واما فى الآخرة

واما فى كليهما : قال الصائب

هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق جو زبان كليم سوخت

يروى ان اللّه تعالى لما اذهب عن ايوب ما كان فيه من الاذى انزل عليه ثوبين ابيضين من السماء فاتزر باحدهما وارتدى بالآخر ثم مشى الى منزله فاقبلت سحابة فسحت فى اندر قمحه ذهبا حتى امتلأ واقبلت سحابة اخرى الى اندر شعيره فسحت فيه ورقا حتى امتلأ وشكر اللّه خدمة زوجته فردها الى شبابها وجمالها

٤٥

{ واذكر عبادنا } المخصوصين من اهل العناية

{ ابراهيم واسحق } ابن ابراهيم

{ ويعقوب } ابن اسحق ثم اومأ الى وجه اختصاصهم بجنابه تعالى فقال

{ اولى الايدى } ذوى الايدى وهى جمع يد بمعنى الجارحة فى الاصل اريد بها القوة مجازا بمعونة المقام وذلك لكونها سبب التقوى على اكثر الاعمال وبها يحصل البطش والقهر ولم تجمع القوة لكونها مصدرا يتناول الكثير

{ والابصار } جمع بصر حمل على بصر القلب ويسمى البصيرة وهى القوة التى يتمكن بها الانسان من ادراك المعقولات

قال فى المفردات البصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التى فيها ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة . وجمع البصر ابصار وجمع البصيرة بصائر . والمعنى ذوى القوة فى الطاعة والبصيرة فى امور الدين

ويجوز ان يراد بالايدى الاعمال الجليلة لان اكثر الاعمال تباشر بها فغلب الاعمال بالايدى على سائر الاعمال التى تباشر بغيرها وان يراد بالابصار المعارف والعلوم الشريفة لان البصر والنظر اقوى مباديها وهم ارباب الكمالات العملية والنظرية والذين لا يفكرون فكر ذوى الديانات فى حكم من لا استبصار لهم

وفيه تعريض بالجهلة البطالين وانهم كالزمنى والعميان حيث لا يعملون عمل الآخرة ولا يستبصرون فى دين اللّه وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع تمكنهم منهما : وفى المثنوى

اندرين ره مىتراش ومىخراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش

٤٦

{ انا اخلصناهم بخالصة } تعليل لما وصفوا به من شرف العبودية وعلو الرتبة . والتنكير للتفخيم اى انا جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة عظيمة الشأن لا شوب فيها

{ ذكرى الدار } مصدر بمعنى التذكر مضاف الى مفعوله وهو خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة خالصة . والتقدير هى تذكرهم للدار الآخرة دائما ولا همّ لهم غيرها واطلاق الدار يعنى مرادا بها الدار الآخرة للاشعار بانها الدار فى الحقيقة وانما الدنيا معبر

فان قيل كيف يكونون خالصين لله تعالى وهم مستغرقون فى الطاعة وفيما هو سبب لها وهو تذكر الآخرة قلت ان استغراقهم فى الطاعة انما هو لاستغراقهم فى الشوق الى لقاء اللّه ولما لم يكن ذلك الا فى الآخرة استغرقوا فى تذكرها وفى الآخرة [ آن ياد كردن سراى آخرتست جه مطمح نظر انبيا جزفوز بلقاى حضرت كبريا نيست وآن در آخرت ميسر شود ]

وفى التأويلات انا صفيناهم عن شوب صفات النفوس وكدورة الانانية وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية ليس لغيرنا فيهم نصيب ولا يميلون الى الغير بالمحبة العارضة لا الى انفسهم ولا الى غيرهم بسبب خصلة خالصة غير مشوبة بهمّ آخر هى ذكرى الدار الباقية والمقر الاصلى اى استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم لعالم القدس واعراضهم عن معدن الرجس مستشرفين لانواره لا التفات لهم الى الدنيا وظلماتها اصلا انتهى

يقول الفقير اراد ان الدنيا ظلمة لانها مظهر جلاله تعالى والآخرة نور لانها مجلى جماله تعالى والتاء للتخصيص والاصل الآخر الذى هو اللّه تعالى ولذا يرجع العباد اليه بالآخرة

٤٧

{ وانهم عندنا لمن المصطفين } قوله عند ظرف لمحذوف دل عليه المصطفين ولا يجوز ان يكون معمولا لقوله من المصطفين لان الالف واللام فيه بمعنى الذى وما فى حيز الصلة لا يتقدم على الموصول . والمصطفين بفتح الفاء والنون جمع مصطفى اصله مصطفيين بالياءين وبكسر الاولى . والمعنى لمن المختارين من امثالهم

{ الاخيار } المصطفين عليهم فى الخير

وفى التأويلات وانهم فى الحضرة الواحدية لمن الذين اصطفيناهم لقربنا من بنى نوعهم الاخيار المنزهين عن شوائب الشر والامكان والعدم والحدثان انتهى

وذكر العندية وقرن بها الاصطفائية اشارة الى ان الاصطفائية فى العبودية ازلية قبل وجود الكون فشرفهم خاص وموهبة خالصة بلا علل . والاخيار جمع خير كشر واشرار على انه اسم تفضيل او خير بالتشديد او خير بالتخفيف كاموات جمع ميت وميت

٤٨

{ واذكر اسمعيل } ابن ابراهيم عليهما السلام وليس هو باشموئيل بن هلقاثان على ما قال قتادة وانما فصل ذكره عن ذكر ابيه واخيه للاشعار بعراقته فى الصبر الذى هو المقصود بالتذكر وذلك لانه اسلم نفسه للذبح فى سبيل اللّه او ليكون اكثر تعظيما فانه جد افضل الانبياء والمرسلين

{ واليسع } هو ابن اخطوب من العجوز استخلفه الياس عليه السلام على بنى اسرائيل ثم استنبىء ودخل اللام على العلم لكونه منكرا بسبب طرو الاشتراك عليه فعرف باللام العهدية على ارادة اليسع الفلانى مثل قول الشاعر

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ... { وذا الكفل } هو ابن عم يسع او يشير بن ايوب عليه السلام بعث بعد ابيه الى قوم فى الشام

واختلف فى نبوته والاكثرون على انه نبى لذكره فى سلك الانبياء واختلف ايضا انه الياس او يوشع او زكريا او غيرهم وانما لقب بذى الكفل لانه فرّ اليه مائة نبى من بنى اسرائيل من القتل فآواهم وكفلهم بمعنى اطعمهم وكساهم وكتمهم من الاعداء

وفى التأويلات النجمية قيل ان اليسع وذا الكفل كانا اخوين وذو الكفل تكفل بعمل رجل صالح مات فى وقته كان يصلى لله كل يوم مائة صلاة فاحسن اللّه اليه الثناء

{ وكل } اى وكلهم على ان يكونوا بدلا منهم

{ من الاخيار } المشهورين بالخيرية

والآيات تعزية وتسلية للنبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم فان الانبياء عليهم الصلاة والسلام اذا اجتهدوا فى الطاعات وقاسوا الشدائد والآفات وصبروا على البلايا والاذيات من اعدائهم مع انهم مفضولون فالنبى عليه السلام اولى بذلك لكونه افضل منهم والافضل يقاسى ما لا يقاسى المفضول اذ به تتم رتبته وتظهر رفعته

قال فى كشف الاسرار [ اسما دختر صديق رضى اللّه عنها روايت كندكه مصطفى عليه السلام روزى در انجمن قريش بكذشت يكى از ايشان بر خاست كفت تويىكه خدايان مارا بد ميكويى ودشنام مىدهى رسول خدا كفت من ميكويم كه معبود عالميان يكيست بى شريك وبى نظير شما در برستش اصنام برباطليد ايشان همه بيكبار هجوم كردند ودر رسول آويختندن واورا ميزدند اسما كفت اين ساعت يكى آمد بدرسراى ابوب بكر وكفت ( ادرك صاحبك ) صاحب خويش را در ياب كه در زخم دشمنانى كرفتارست ابو بكر بشتاب رفت وبا ايشان كفت ( ويلك أتقتلون رجلا ان يقول ربى اللّه وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) ايشان رسول را بكذاشتند وابوبكررا بيمحابازدند وابوبكر كيسوان داشت جون بخانه بازآمددست بكيسوان فرو مى آورد وموىبدست وىبازمى آمد وميكفت ( تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والاكرام ) رب العالمين اين همه رنج وبلا بر دوستان نهدكه از ايشان جوجيز دوست دارد جشمى كريان ودلى بريان ودوست داردكه بنده مى كريد واورا دران كريه مى ستايدكه ( ترى اعينهم تفيض من الدمع ) ودوست داردكه بنده مى نالد وبردركاه او مىزارد واورادآن مىستايدكه ] وجلت قلوبهم وفى المثنوى

باسياستهاى جاهل صبركن ... خوش مدارا كن بعقل من لدن

صبر برنا اهل اهلا نراجليست ... صبر صافى ميكند هر جادليست

آتش نمرود ابراهيم را ... صفوت آينه آمد در جلا

جور كفر نوحيان وصبر نوح ... نوح را شد صيقل مر آت نوح

انبيا رنج خسان بس ديده اند ... از جنين ماران بسى بيجيده اند

روبكش خندان وخوش بارحرج ... از بى الصبر مفتاح الفرج

اللهم اعنا على الصبر

٤٩

{ هذا } المذكور من الآيات الناطقة بمجالس الانبياء

{ ذكر } اى شرف لهم وذكر جميل يذكرون به ابدا كما يقال يموت الرجل ويبقى اسمه وذكره ويموت الفرس ويبقى ميدانه

يادكارست جون حديث بشر ... يادكارت بخير به كه بشر

وفى التفسير الفارسى [ اين خبر انبيا سبب ياد كردست ترا اى محمد وقوم ترا ] كما فى قوله تعالى

{ وانه لذكر لك ولقومك } وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما هذا ذكر من مضى من الانبياء

وفى التأويلات النجمية هذا اى القرآن فيه ذكر ما كان وذكر الانبياء وقصصهم لتعتبر بهم وتقتدى بسيرهم

{ وان للمتقين } الذين يتقون اللّه لا ما سواه وهذا لان جنات عدن مقام اهل الخصوص

{ لحسن مآب } مرجع فى الآخرة مع مالهم فى الدنيا من الثناء الجميل وهو من اضافة الصفة الى الموصوف اى مآبا حسنا

٥٠

{ جنات عدن } عطف بيان لحسن مآب . واصل العدن فى اللغة الاقامة ثم صار علما بالغلبة روى ابو سعيد الخدرى رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( ان اللّه تعالى بنى جنة عدن بيده وبناها بلبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصباءها الياقوت ثم قال لها تكلمى فقالت قد افلح المؤمنون قالت الملائكة طوبى لك منزل الملوك )

يقول الفقير دل الحديث على ان جنة عدن مقر الخواص والمقربين الذين هم بمنزلة الملوك من الرعايا ودل عليه الاطلاق فى قوله ايضا قد افلح المؤمنون لان اللّه تعالى عقب فى القرآن قوله

{ قد افلح المؤمنون } بصفات جليلة لا تتيسر الا للخواص فاين السياس من منازل السلاطين

{ مفتحة } اى حال كون تلك الجنات مفتحة

{ لهم الابواب } منها والابواب مفعول مفتحة اى اذا وصلوا اليها وجدوها مفتوحة الابواب لا يحتاجون الى فتح بمعاناة ولا يلحقهم ذل الحجاب ولا كلفة الاستئنذان تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب والاكرام يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار

وقيل هذا مثل كما تقول متى جئتنى وجدت بابى مفتوحا لا تمنع من الدخول

فان قيل ما فائدة العدول عن الفتح الى التفتيح قلنا المبالغة وليست لكثرة الابواب بل لعظمها كما ورد من المبالغة فى وسعها وكثرة الداخلين ويحتمل ان يكون للاشارة الى ان اسباب فتحها عظيمة شديدة لان الجنة قد حفت بالمكاره على وجه لما رآها جبرائيل عليه السلام مع عظمة نعيمها قال يا رب أنى هذه لا يدخلها احد

٥١

{ متكئين فيها } حال من لهم اى حال كونهم جالسين فيها جلسة المتنعمين للراحة ولا شك ان الاتكاء على الارائك دليل التنعم ثم استأنف لبيان حالهم فى الجنات فقال

{ يدعون فيها } [ مى خوانند دران بهشتها ]

{ بفاكهة كثيرة } اى بالوان الفاكهة وهى ما يؤكل للذة لا للغذاء . والاقتصار على دعاء الفاكهة للايذان بان مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذى فانه لتحصيل بدل المتحلل ولا تحلل فيها

{ وشراب } اى ويدعون فيها ايضا بشراب

وقيل تقديره وشراب كثير فحذف اكتفاء بالاول اى يدعون بشراب كثير بمعنى الوانه

يقال نطق القرآن بعشرة اشربة فى الجنة منها الخمر الجارية من العيون وفى الانهار ومنها العسل واللبن وغيرهما ولا شك ان الاذواق المعنوية فى الدنيا متنوعة ومقتضاه تنوع التجليات الواقعة فى الجنة سواء كانت تجليات شرابية او غيرها

٥٢

{ وعندهم } اى عند المتقين

{ قاصرات الطرف } اى زوجات قصرن طرفهن اى نظرهن على ازواجهن لا ينظرن الى غيرهم : يعنى [ زنانى كه از غير شوهر جشم باز كيرند ]

قال فى كشف الاسرار هذا كقولهم فلانة عند فلان اى زوجته

{ اتراب } جمع ترب الكسر وهى اللدة اى من ولد معك والهاء فى اللدة عوض عن الواو الذاهبة من اوله لانه من الولادة . والمعنى لدات اقران ينشأن معا تشبيها فى التساوى والتماثل بالترائب التى هى ضلوع الصدر ولوقوعهن على الارض معا اى يمسهن التراب فى وقت واحد

قال فى كشف الاسرار لدات مستويات فى السن لا عجوز فيهن ولا صبية

وقال بعضهم لدات لازواجهن اى هن فى سن ازواجهن : يعنى [ تمام زنان بهشت درسن متساوى ازواج باشند مجموع سى وسه سال ] لا اصغر ولا اكبر . وفيه ان رغبة الرجل فيمن هى دونه فى السن اتم وانه كان التحاب بين الاقران ارسخ فلا يكون كونهن لدات لازواجهن صفة مدح فى حقهن [ وبعضى برانندكه مراد ازاتراب آنست كه همه زنان متساوى باشند در حسن يعنى هيج يك را رديكرى فضلى نبود دران تاطبع بفاضله كشد واز مفضوله منصرف كردد ] وفى الخبر الصحيح ( يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين ابناء ثلاث وثلاثين سنة لكل رجل منهم زوجتان على زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها )

٥٣

{ هذا } اى تقول لهم الملائكة هذا المعد من الثواب والنعيم

{ ما توعدون } ايها المتقون على لسان النبى عليه السلام

{ ليوم الحساب } اى لاجله فان الحساب علة للوصول الى الجزاء

يقول الفقير ويحتمل ان يكون التقدير ما توعدون بوقوعه فى يوم الحساب والجزاء

٥٤

{ ان هذا } اى ما ذكر من الوان النعم والكرامات

{ لرزقنا } عطاؤنا اعطيناكموه

{ ماله من نفاد } اى ليس له انقطاع ابدا وفناء وزوال

قال فى المفردات النفاد الفناء

قال ابن عباس رضى اللّه تعالى عنهما ليس لشىء نفاد ما اكل من ثمارها خلف مكانه مثله وما اكل من حيوانها وطيرها عاد مكانه حيا

وفى التأويلات النجمية وبقوله

{ جنات عدن } الى قوله

{ ليوم الحساب } يشير الى ان هذه الجنات بهذه الصفات مفتوحة لهم الابواب وابواب الجنة بعضها مفتوحة الى الخلق وبعضها مفتوحة الى الخالق لا يغلق عليهم واحد منها فيدخلون من باب الخلق وينتفعون بما اعد لهم فيها ثم يخرجون من باب الخالق وينزلون فى فى مقعد صدق عند مليك مقتدر لا يقيدهم نعيم الجنة ليكونوا من اهل الجنة كما لم يقيدهم نعيم الدنيا ليكونوا من اهل النار بل اخلصهم من حبس الدارين ومتعهم بنزل المنزلين وجعلهم من اهل اللّه وخاصته

{ ان هذا لرزقنا ماله من نفاد } اى هذا ما رزقناهم فى الازل فلا نفاد له الى الابد انتهى

فعلى العاقل الاعراض عن اللذات الفانية والاقبال على الاذواق الباقية فالفناء يوصل الى البقاء كما ان الفقر يوصل الى الغنى ولكل احتياج استغناء [ حكايت كنند مردى مال بسيار داشت دردلش افتادكه بازركانى كند دران كشتى كه نشته بود بشكست ومال او جمله غرق شد واو برلوحى بماند بجزيره افتاد حالى بى مونسى ورفيقى سالها بروى آمد دلتنك كشت وغمكين شدشي برلب دريا نشسته بود وموى باليده وجامها ازوى فروشداين بيت ميكفت ]

اذا شاب الغراب اتيت اهلى وهيهات الغراب متى يشيب ... [ آوازى از درياشنيدكه كسى ميكفت ]

عسى الكرب الذى امسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب

[ ديكر روزآن مردار جشم بردريا افتاد وجيزى عظيم ديد جون نزديك آمد كشتى جو عروسى بودجون اين مردرا بديدند كفتند حال توجيست قصه اش بكفت واز شهرش خبرداد كفتند ترا هيج يسر بود كفت نعم وصفتش بيان كردايشان همه بروى افتادندوبوسه بروى دادند وكفتند اين بسر تواست واين كشتى ازان اوست ومابند كان اوييم وهرجه ازان اوست ازان توبود واورا موى فروكرند وجامهاى فاخر بوشيدند وبراحت باجايكاه خويش آوردند ] فظهر ان ذلك الرجل ظن ان نفسه هلك ورزقه نفد فوجد اللّه تعالى قد اعطاه حالا احسن من حاله الاول فان رزقه ليس له نفاد وعطاءه غير مجذوذ

٥٥

{ هذا } اى الامر فى حق المتقين هذا الذى ذكرناه

وقال بعضهم هذا من قبيل ما اذا فرغ الكاتب من فصل واراد الشروع فى فصل آخر منفصل عما قبله قال هذا اى احفظ ما كان كيت وكيت وانتظر الى ما يجيىء

{ وان للطاغين } اى للذين طغوا على اللّه وكذبوا الرسل يعنى للكافرين

قال الراغب الطغيان تجاوز الحد فى العصيان

{ لشر مآب } مرجع فى الآخرة

٥٦

{ جهنم } عطف بيان لشر مآب

{ يصلونها } حال من المنوى فى للطاغين اى حال كونهم يدخلونها ويجدون حرها يوم القيامة ولكن اليوم مهدوا لانفسهم

{ فبئس المهاد } اى جهنم : وبالفارسية [ بس بد آرامكاهيست دوزخ ] وهو المهد والفرش مستعار من فراش النائم اذ لا مهاد فى جهنم ولا استراحة وانما مهادها نار وغواشيها نار كما قال تعالى

{ لهم من جهنم مهاد } اى فراش من تحتهم ومن تجريدية

{ ومن فوقهم غواش } اى اغطية : يعنى [ زيروزبر ايشبان آتش باشد ]

٥٧

{ هذا فليذوقوه } اى ليذوقوا هذا العذاب فليذوقوه والذوق وجود الطعم بالفم واصله فى القليل لكنه يصلح للكثير الذى يقال له الاكل وكثر استعماله فى العذاب تهكما

{ حميم } اى هو حميم وهو الماء الذى انتهى حره : يعنى [ آن آب كرم است درنهايت حرارت جون بيش لب رسد ويرا بسوزد وجون بخورند دو باره شود ]

{ وغساق } ما يغسق من صديد اهل النار اى يسيل من غسقت العين سال دمعها

قال الكاشفى [ مراد ريم است كه از كوشت وبوست دوزخيان واز فروج زانيان سيلان ميكدند آنرا جمع كرده بديشان مىخورانند ]

وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما هو الزمهرير يحرقهم برده كما تحرقهم النار بحرّها

وفى القاموس الغساق كسحاب وشداد البارد المنتن فلو قطرت منه قطرة فى المشرق لنتنت اهل المغرب ولو قطرت قطرة فى المغرب لنتنت اهل المشرق

وعن الحسن هو عذاب لا يعلمه الا اللّه ان ناسا اخفوا لله طاعة فاخفى لهم ثوابا فى قوله

{ فلا تعلم نفس ما اخفى لهم } واخفوا معصية فاخفى لهم عقوبة

وقيل هو مستنقع فى جهنم يسيل اليه سم كل ذى سم من عقرب وحية يغمس فيه الآدمى فيسقط جلده ولحمه عن العظام

وفى التأويلات النجمية

{ هذا } الذى مهدوا اليوم

{ فليذوقوه } يوم القيامة يعنى قد حصلوا اليوم معنى صورته

{ حميم وغساق } يوم القيامة ولكن مذاقهم بحيث لا يجدون ألم عذاب ما حصلوه بسوء اعمالهم فليذوقوه يوم القيامة

هركه اونيك ميكند يابد نيك وبد هركه ميكند يابد

فاذا تنعم المؤمنون بالفاكهة والشراب تعذب الكافرون بالحميم والغساق

٥٨

{ وآخر } ومذوق آخر او عذاب آخر

{ من شكله } اى من مثل هذا المذوق او العذاب فى الشدة والفظاعة

{ ازواج } قوله آخر مبتدأ وازواج مبتدأ ثان ومن شكله خبر لازواج والجملة خبر المبتدأ الاول وازواج اى اجناس لانه يجوز ان يكون ضروبا : يعنى [ اين عذاب كونا كونست اما همه متشابه يكديكرند درتعذيب وايلام ]

وفى التأويلات النجمية اى فنون اخر مثل ذلك العذاب يشير به الى ان لكل نوع من المعاصى نوعا آخر من العذاب كما ان كل بذر يزرعونه يكون له ثمرة تناسب البذر

همينت بسندست اكر بشنوى ... كه كرخار كارى سمن ندروى

٥٩

{ هذا فوج مقتحم معكم } الفوج الجماعة والقطيع من الناس وافاج اسرع وعدا وندّ

قال الراغب الفوج الجماعة المارة المسرعة وهو مفرد اللفظ ولذا قيل مقتحم لا مقتحمون والاقتحام الدخول فى الشىء بشدة والقحمة الشدة

قال فى القاموس قحم فى الامر كنصر قحوما رمى بنفسه فيه فجأة بلا رؤية . والمعنى يقول الخزنة لرؤساء الطاغين اذا دخلوا النار مشيرين الى الاتباع الذين اضلوهم هذا اى الاتباع فوج تبعكم فى دخول النار بالاضطرار كما كانوا قد تبعوكم فى الكفر والضلالة بالاختيار فانظروا الى اتباعكم لم يحصل بينكم وبينهم تناصر وانقطعت مودتكم وصارت عداوة

قيل يضرب الزبانية المتبوعين والاتباع معا بالمقامع فيسقطون فى النار خوفا من تلك المقامع فذلك هو الاقتحام : وبالفارسية [ اين كردهست كه در آمدكانند در دوزخ برنج وسختى باشما هركه از روى حرص وشهوت جايى نشنيدكه خواهد بجاى كشندش كه نخواهد ]

{ لا مرحبا بهم } مصدر بمعنى الرحب وهو السعة وبهم بيان للمدعو وانتصابه على انه مفعول به لفعل مقدر اى لا يصادفون رحبا وسعة او لا يأتون رحب عيش ولا وسعة مسكن ولا غيره وحاصله لا كرامة لهم او على المصدر اى لا رحبهم عيشهم ومنزلهم رحبا بل ضاق عليهم : وبالفارسية [ هيج مرحبا مباد ايشانرا ] يقول الرجل لمن يدعوه مرحبا اى اتيت رحبا من البلاء واتيت واسعا وخيرا كثيرا

قال الكاشفى [ مرحبا كلمه ايست براى اكرام مهمان ميكويند ]

وقال غيره يقصد به اكرام الداخل واظهار المسرة بدخوله ثم يدخل عليه كلمة لا فى دعاء السوء

وفى بعض شروح الحديث التكلم بكلمة مرحبا سنة اقتداء بالنبى صلّى اللّه عليه وسلّم حيث قال ( مرحبا يا ام هانى ) حين ذهبت الى رسول اللّه عام الفتح وهى بنت ابى طالب اسلمت يوم الفتح ومن ابواب الكعبة باب ام هانى لكون بيتها فى جانب ذلك الباب وقد صح انه عليه السلام عرج به من بيتها كما قال المولى الجامى

جو دولت شد زبد خواهان نهانى ... سوى دولت سراى ام هانى

{ انهم صالوا النار } تعليل من جهة الخزنة لاستحقاقهم الدعاء عليهم اى داخلون النار باعمالهم السيئة وباستحقاقهم

٦٠

{ قالوا } اى الاتباع عند سماع ما قيل فى حقهم

{ بل انتم لا مرحبا بكم } [ بلكه شما مرحبا مباد شمارا بدين نفرين سزاوار تريد ] خاطبوا الرؤساء مع ان الظاهر ان يقولوا بطريق الاعتذار الى الخزنة بل هم لا مرحبا بهم قصدا منهم الى اظهار صدقهم بالمخاصمة مع الرؤساء والتحاكم الى الخزنة طمعا فى قضائهم بتخفيف عذابهم او تضعيف عذاب خصمائهم اى بل انتم ايها الرؤساء احق بما قيل لنا من جهة الخزنة لاغوائكم ايانا مع ضلالكم فى انفسكم

{ انتم قدمتموه لنا } تعليل لأحقيتهم بذلك اى انتم قدمتم العذاب او الصلىّ لنا واوقعتمونا فيه بتقديم ما يؤدى اليه من العقائد الزائغة والاعمال السيئة وتزيينها فى اعيننا واغرائنا عليها لا انا باشرنا من تلقاء انفسنا وذلك ان سبب عذاب الاتباع هو تلك العقائد والاعمال والرؤساء لم يقدموها بل الذين قدموها هم الاتباع باختيارهم اياها واتصافهم بها والذى قدمه الرؤساء لهم ما يحملهم عليها من الاغواء والاغراء عليها وهذا القدر من السببية كاف فى اسناد تقديم العذاب او الصلىّ الى الرؤساء

{ فبئس القرار } اى فبئس المقر جهنم قصدوا بذمها جناية الرؤساء عليهم

٦١

{ قالوا } اى الاتباع معرضين عن خصومتهم متضرعين الى اللّه

{ ربنا من قدم لنا هذا } العذاب او الصلى

وفى التفسير الفارسى

( هركه فرا بيش داشت براىما اين كفر وضلال ومارا ازراه حق بلغزانيد )

{ فزده عذابا ضعفا فى النار } [ بس زياده كن اورا عذابى دوباره در آتش يعنى آن مقدار عذاب كه دارد آنرا دوجندان كن ] ومن يجوز ان تكون شرطية وفزده جوابها وان تكون موصولة بمعنى الذى مرفوعة المحل على الابتداء والخبر فزده والفاء زائدة لتضمن المبتدأ معنى الشرط وضعفا صفة لعذابا بمعنى مضاعفا وفى النار ظرف لزده او نعت لعذابا

قال الراغب الضعف من الاسماء المتضايفة التى يقتضى وجود احدها وجود الآخر كالضعف والزوج وهو تركب قدرين مساويين ويختص بالعدد فاذا قيل ضعفت الشىء وضاعفته اى ضممت اليه مثله فصاعدا فمعنى عذابا ضعفا اى عذابا مضاعفا اى ذا ضعف بان يزيد عليه مثله ويكون ضعفين اى مثلين فان ضعف الشىء وضعيفه مثلاه كقولهم ربنا وآتهم ضعفين من العذاب

فان قلت كل مقدار يعرض من العذاب ان كان بقدر الاستحقاق لم يكن مضاعفا وان كان زائدا عليه كان ظلما فكيف يجوز سؤاله من اللّه تعالى يوم القيامة

قلت ان المسئول من التضعيف ما يكون بقدر الاستحقاق بان يكون احد الضعفين بمقابلة الضلال والآخر بمقابلة الاضلال قال عليه السلام ( من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ) ونظيره ان الكافرين اذا قتل احدهما وزنى دون الآخر فهما متساويان فى وزر الكفر

واما القاتل والزانى فعذابه مضاعف لمضاعفة عمله السيىء

وقال ابن مسعود رضى اللّه عنه العذاب الضعف هو الحيات والافاعى وذلك المضل آذى روح من اضله فى الدنيا فسلط اللّه عليه المؤذى فى الآخرة لان الجزاء من جنس العمل

فعلى العاقل اصلاح الباطن وتزكيته من الاخلاق الذميمة والاوصاف القبيحة واصلاح الظاهر وتحليته عن الاقوال الشنيعة والاعمال الفظيعة ولا يغتر بالقرناء السوء فانهم منقطعون غدا عن كل خلة ومودة ولا ينفع لاحد الا القلب السليم والعلم النافع والعمل الصالح

بضاعت بجندانكه آرى برى ... وكر مفلسى شرمسارى برى

اللهم اجعلنا من اهل الرحمة لا من اهل الغضب

٦٢

{ وقالوا } اى الطاغون مثل ابى جهل واضرابه : وبالفارسية [ وكويند صناديد قريش دردوزخ ]

{ مالنا } [ جيست مارا امروز ] وما استفهامية مبتدأ ولنا خبره وهو مثل قوله

{ مالى لا ارى الهدهد } فى ان الاستفهام محمول على التعجب لا على حقيقته اذ لا معنى لاستفهام العاقل عن نفسه

{ لا نرى رجالا } الفعل المنفى حال من معنى الفعل فى مالنا كما تقول مالك قائما بمعنى ما تصنع قائما اى ما نصنع حال كونا غير رائين رجالا . والمعنى أى حال لنا لا نرى فى النار رجالا

{ كنا } فى الدنيا

{ نعدّهم من الاشرار } يعنى [ از بدان ومردودان ] جمع شر وهو الذى يرغب عنه الكل كما ان الخير هو الذى يرغب فيه الكل يعنون فقراء المسلمين كانوا يسترذلونهم ويسخرون منهم مثل صهيب الرومى وبلال الحبشى وسلمان الفارسى وحباب وعمار وغيرهم من صعاليك المهاجرين الذين كانوا يقولون لهم هؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا سموهم اشرارا اما بمعنى الاراذل والسفلة الذين لا خير فيهم ولا جدوى كما قال هذا من شر المتاع او لانهم كانوا على خلاف دينهم فكانوا عندهم اشرارا

٦٣

{ أتخذناهم سخريا } بقطع الهمزة على انها استفهام والاصل أتخذناهم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بهمزة الاستفهام . وسخريا بضم السين وكسرها مصدر سخر

قال فى القاموس سخر اى هزىء كاستسخر والاسم السخرية والسخرى ويكسر انتهى زيد فيه ياء النسبة للمبالغة لان فى ياء النسبة زيادة قوة فى الفعل كما قيل الخصوصية فى الخصوص قالوه انكارا على انفسهم ولو مالها فى الاستخبار منهم فمعنى الاستفهام الانكار والتوبيخ والتعنيف واللوم : وبالفارسية [ ما ايشانرا كرفتيم مهزوءبهم ]

{ ام زاغت عنهم الابصار } يقال زاغ اى مال عن الاستقامة وزاغ البصر كل وام متصلة معادلة لاتخذناهم والمعنى أى الامرين فعلنا بهم الاستسخار منهم ام الازدراء بهم وتحقيرهم فان زيغ البصر وعدم الالتفات الى الشىء من لوازم تحقيره فكنى به عنه

قال الحسن كل ذلك قد فعلوا اتخذوهم سخريا وزاغت عنهم ابصارهم محقرة لهم . والمعنى انكار كل واحد من الفعلين على انفسهم توبيخا لها

ويجوز ان تكون ام منقطعة والمعنى اتخذناهم سخريا بل زاغت عنهم ابصارنا فى الدنيا تحقيرا لهم وكانوا خيرا منا ونحن لا نعلم على معنى توبيخ انفسهم على الاستسخار ثم الاضراب والانتقال منه الى التوبيخ على الازدراء والتحقير [ در آثار آمده كه حق سبحانه وتعالى آن كروه فقرارا برغرفات بهشت جلوه دهد تاكفار ايشانرا بينند وحسرت ايشان زياده شود ]

٦٤

{ ان ذلك } الذى حكى من احوالهم

{ لحق } لا بد من وقوعه البتة

{ تخاصم اهل النار } خبر مبتدأ محذوف والجملة بيان لذلك اى هو تخاصم الخ يعنى تخاصم القادة والاتباع : وبالفارسية [ جنك وجدل كردن اهل دوزخ وماجراى ايشان ] وهذا اخبار عما سيكون وسمى ذلك تخاصما على تشبيه تقاولهم وما يجرى بينهم من السؤال والجواب بما يجرى بين المتخاصمين من نحو ذلك

وفى التأويلات النجمية وبقوله

{ وقالوا مالنا } الخ يشير الى تخاصم اهل النار مع انفسهم يسخرون بانفسهم كما كانوا يسخرون بالمؤمنين فيقولون

{ مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار اتخذناهم سخريا } وما كانوا من الاشرار

{ ام زاغت عنهم الابصار } فلا نراهم معنا وهم ههنا

{ ان ذلك } التخاصم

{ لحق } مع انفسهم

{ تخاصم اهل النار } من الندامة حين لا ينفعهم التخاصم ولا الندامة انتهى

وفى الآية ذم وفى الحديث ( اتخذوا الايادى عند الفقراء قبل ان تجيىء دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع اللّه الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من اطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وادخلوه الجنة ) قال الحافظ :

از كران تابركان لشكر ظلمست ولى ... از ازل تابايد فرصت درويشانست

وفى الحديث ( ملوك الجنة كل اشعث اغبر اذا استأذنوه فى الدنيا لم يؤذن لهم وان خطبوا النساء لم ينكحوا واذا قالوا لم ينصت لقولهم ولو قسم نور احدهم بين اهل الارض لوسعهم ) كذا فى انيس المنقطعين قال الحافظ :

نظر كردن بدر ويشان منافى بزركى نيست ... سليمان باجنان حشمت نظرهابود بامورش

اللهم اجعل حيلتنا حب الفقراء واحشرنا فى الدنيا والآخرة مع الفقراء

٦٥

{ قل } يا محمد لمشركى مكة

{ انما انا منذر } رسول منذر من جهته تعالى انذركم واحذركم عذابه على كفركم ومعاصيكم وقل ايضا

{ وما من اله } فى الوجود

{ الا اللّه الواحد } الذى لا يقبل الشركة والكثرة اصلا اى لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى افعاله فلا ملجأ ولا مفرّ الا اليه يعنى من عرف انه الواحد افرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام ( ان اللّه وتر يحب الوتر ) يعنى القلب المنفرد له

اذا كان ما تهواه فى الحسن واحدا ... فكن واحدا فى الحب ان كنت تهواه

ومن خاصية هذا الاسم ان من قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه

{ القهار } لكل شىء سواه ومن الاشياء آلهتهم فهو يغلبهم فكيف تكون له شركاء وايضا يقهر العباد بذنوبهم ومعاصيهم

قال الكاشفى [ قهر كننده كه بناى آمال را بقواصف آجال درهم شكند باشركت متوهم وكثرت بى اعتبار را فى نفس الامر وجود ندارد درنظر عارف مضمحل ومتلاشى سازد ]

غيرتش غيردرجهان نكذاشت ... وحدتش اسم اين وآن برداشت

كم شود جمله ظلمت بندار ... نزد انوار واحد قهار

يقول الفقير سمعت من فى حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول فى هذه الآية ترتيب انيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى

قال بعضهم القهار الذى له الغلبة التامة على ظاهر كل امر وباطنه ومن عرف قهره لعباده نسى مراد نفسه لمراده فكان له وبه لا لأحد سواه ولا شىء دونه

وخاصية هذا الاسم اذهاب حب الدنيا وعظمة ما سوى اللّه تعالى عن القلب ومن اكثر ذكره ظهرت له آثار القهر على عدوه ويذكر عند طلوع الشمس وجوف الليل لاهلاك الظالم بهذه الصفة يا جبار يا قهار يا ذا البطش الشديد مرة ثم تقول خذ حقى ممن ظلمنى وعدا علىّ

وفى الاربعين الادريسية يا قاهر ذا البطش الشديد الذى لا يطاق انتقامه يكتب على جام صينى لحل المعقود وعلى ثوب الحرب فى وقته لقهر الاعداء وغلبة الخصوم

٦٦

{ رب السموات والارض وما بينهما } من المخلوقات اى مالك جميع العوالم فكيف يتوهم ان يكون له شريك

{ العزيز } الذى لا يغلب فى امر من اموره . وايضا العزيز بالانتقام من المجرمين فالعزة لله تعالى وبه التعزز ايضا كما قيل ليكن بربك عزك تستقر وتثبت فان اعززت بمن يموت فان عزك يموت

قال الشيخ ابو العباس المرسى رحمه اللّه واللّه ما رأيت العز الا فى رفع الهمة عن المخلوقين

وخاصية هذا الاسم ان من ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اعانه اللّه واعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه

وفى الاربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله

قال السهروردى من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا اهلك اللّه خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير اليهم بيده فانهم ينهزمون

{ الغفار } المبالغ فى المغفرة والستر والمحو لمن تاب وآمن وعمل صالحا

قال بعضهم الغفار كثير المغفرة لعباده والمغفرة الستر على الذنوب وعدم المؤاخذة بها وما جاء على فعال فاشعار بترداد الفعل وفى الحديث ( اذا قال العبد يا رب اغفر لى قال اللّه اذنب عبدى ذنبا فعلم ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به اشهدكم انى قد غفرت له )

وخاصية هذا الاسم وجود المغفرة فمن ذكره اثر صلاة الجمعة مائة مرة ظهرت له آثار المغفرة وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )

وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا تضوّر من الليل قال ( لا اله الا اللّه الواحد القهار رب السموات والارض وما بينهما العزيز الغفار ) ومعنى تضوّر تلوّى اذا قام من النوم

وفى تاج المصادر [ التضور : برخويشتن بيجدن ازكرسنكى يا از زخم ] وفى هذه الاوصاف الجارية على اسم اللّه تعالى تقرير للتوحيد فان اجراء الواحد عليه يقرر وحدانيته واجراء القهار العزيز عليه وعيد للمشركين واجراء الغفار عليه وعد للموحدين وتنبيه ما يشعر بالوعيد من وصفى القهر والعز وتقديم وصف القهارية على وصف الغفارية لتوفية مقام الانذار حقه

٦٧

{ قل هو } اى القرآن وما انبأكم به من امر التوحيد والنبوة واخبار القيامة والحشر والجنة والنار وغيرها

{ نبأ عظيم } وشأن جسيم لانه كلام الرب القديم وارد من جانبه الكريم يستدل به على صدقى فى دعوى النبوة . والنبأ ما اخبر النبى عليه السلام عن اللّه تعالى ولا يستعمل الا فى خبر ذى فائدة عظيمة

٦٨

{ انتم عنه معرضون } لا تتفكرون فيه وتعدونه كذبا لغاية ضلالتكم وغاية جهالتكم فلذا لا تؤمنون به مع عظمته وكونه موجبا للاقبال الكلى عليه وتلقيه بحسن القبول فالتصديق فيه نجاة والكذب فيه هلكة

٦٩

{ ما كان لى } قرأ حفص عن عاصم بفتح الياء والباقون باسكانها اى ما كان لى فيما سبق

{ من علم } اى علم ما بوجه من الوجوه على ما يفيده حرف الاستغراق

{ بالملأ الاعلى } اي بحال الملأ الاعلى وهم الملائكة وآدم عليهم السلام وابليس عليه اللعنة سموا بالملأ الاعلى لانهم كانوا فى السماء وقت التقاول

قال الراغب الملأ الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء

{ اذ يختصمون } اى بحالهم وقت اختصامهم ورجوع بعضهم الى بعض فى الكلام فى شأن آدم فان اخباره عن تقاول الملائكة وما جرى بينهم من قولهم

{ أتجعل فيها من يفسد فيها } حين قال اللّه لهم

{ انى جاعل فى الارض خليفة } على ما ورد فى الكتب المتقدمة من غير سماع ومطالعة كتاب لا يتصور الا بالوحى اى فلو لم يكن لى نبوة ما اخبرتكم عن اختصامهم واذ متعلق بالحال المحذوف الذى يقتضيه المقام اذ المراد نفى علمه بحالهم لا بذواتهم والحال يشمل الاقوال الجارية فيما بينهم والافعال ايضا من سجود الملائكة واستكبار ابليس وكفره

٧٠

{ ان } اى ما

{ يوحى الىّ } اى من حال الملأ الاعلى وغيره من الامور المغيبة

{ الا انما } بفتح الهمزة على تقدير لانما باسقاط اللام

{ انا نذير } نبى من جهته تعالى

{ مبين } ظاهر النظارة والنبوة بالدلائل الواضحة عبر عن النبى بالنذير لانه صفته وخصص النذير مع انه بشير ايضا لان المقام يقتضى ذلك

قال فى كشف الاسرار [ وكفته اند اين نبأ عظيم سه خبرست هول مرك وحساب قيامت وآتش دوزخ يحيى بن معاذ رحمه اللّه كفت ( لو ضربت السموات والارض بهذه السياط الثلاثة لانقادت خاشعة فكيف وقد ضرب بها ابن آدم الموت والحساب والنار ) مسكين فرزند آدم اورا عقبهاى عظيم در بيش است و آنجه در كمانها مىفتد بيش امادر درياى عشق دنيا بموج غفلت جنان غرق كشته كه نه از سابقه خويش مى انديشه نه از خامه كار مىترسد هر روز بامداد فرشته ندا ميكندكه ( خلقتم لامر عظيم وانتم عنه غافلون ) دركار روزكار خود جون انديشه كند كسى زبانرا بدروغ ملوث كرده ودلرا بخلف آلوده وسر از خيانت شوريده كردانيده سرىكه موضع امانت است بخيانت سبرده دلىكه معدن تقوىست زنكار خلف كرفته زبانى كه آلت تصديق است بردروغ وقف كرده لا جرم سخن جز خداع نيست ودين جز نفاق نيست

اذا ما الناس جرّبهم لبيب ... فانى قد اكلتهمو وذاقا

فلم ار ودّهم الا خداعا ... ولم ار دينهم الا نفاقا

اكنون اكر ميخواهىكه درد غفلت را مداودات كنى راه توآنست كه تخته نفاق را بآب جشم كه از حسرت خيرد بشويى وبر راه كذر بادى كه از مهب ندامت بر آمد بنهى وبدبيرستان شرع شوى وسوره اخلاص بنويسى كه خداوند عالم از بندكان اخلاص درخواهد ميكويد

{ وما امروا الا ليعبدوا اللّه مخلصين } ومصطفى عليه السلام كفت ] ( اخلص العمل يجزك منه القليل ) واللّه الموفق

٧١

{ اذ قال ربك للملائكة } بدل من اذ يختصمون

فان قيل كيف يجوز ان يقال ان الملائكة اختصموا بهذا القول والمخاصمة مع اللّه تعالى كفر قلت لا شك انه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة تجوّز اطلاق اسم المشبه به على المشبه فحسن اطلاق المخاصمة على المقاولة الواقعة هناك

فان قلت ان الاختصام المذكور سابقا مسند الى الملأ الاعلى وواقع فيما بينهم وما وقع فى جملة البدل هو التقاول الواقع بين اللّه تعالى وبينهم لانه تعالى هو الذى قال لهم وقالوا له فكيف تجعل هذه الجملة بدلا من قوله اذ يختصمون مبينا ومشتملا له قلت حيث كان تكليمه تعالى اياهم بواسطة الملك صح اسناد الاختصام الى اللّه تعالى لكونه سببا آمرا وقد سبق المراد بالملائكة في سورة الحجر فارجع

{ انى خالق } اى فيما سيأتى { بشرا }

قال الراغب عبر عن الانسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر فان البشرة هى ظاهر الجلد بخلاف الحيوانات التى عليها الصوف او الشعر او الوبر

وقال بعضهم اى ارباب الحقائق سمى آدم بشرا لانه باشره الحق سبحانه بيديه عند خلقه مباشرة لائقة بذلك الجناب مقدسة عن توهم التشبه فان المباشرة حقيقة هى الافضاء بالبشرتين ولذا كنى بها عن الجماع

{ من طين } اى من تراب مبلول

قال بعض الكبار من عجز وضعف كما قال اللّه تعالى

{ الذى خلقكم من ضعف } قالوا مقام التراب مقام التواضع والمسكنة ومقام التواضع الرفعة والثبات ولذا ورد ( من تواضع لله رفعه ) وكان من دعائه عليه السلام ( اللهم احينى مسكينا وامتنى مسكينا )

٧٢

{ فاذا سويته } اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية او سويت اجزاء بدنه بتعديل طبائعه كما فى الجنين الذى اتى عليه اربعة اشهر فلا بد لنفخ الروح من هذه التسوية البتة كما لا بد لنفخ روح الحقيقة من تسوية الشريعة والطريقة فليحافظ ولذا قال النجم فى تأويلاته

{ فاذا سويته } تسوية تصلح لنفخ الروح المضاف الى الحضرة

{ ونفخت فيه من روحى } النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صلح لامساكها والامتلاء بها وليس ثمة نفخ ولا منفوخ وانما هو تمثيل لاضافة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها اى فاذا اكملت استعداده وافضت عليه ما يحيى به من الروح التى هى من امرى واضافته الى نفسه لشرفه وطهارته او على سبيل التعظيم لان المضاف الى العظيم عظيم كما فى بيت اللّه وناقة الله

وبهذا ظهر فساد ما ذهب اليه الحلولية من ان من تبعيضية فيكون الروح جزأ من اللّه تعالى وذلك انه ليس لله تعالى روح هذا الروح من اجزائه وانما روحه نفسه الرحمانى . وايضا ان كل ماله جزء فهو ممكن ومحدث واللّه تعالى منزه عنهما

قال القاضى عياض رحمه اللّه فى الشفاء من ادعى حلول البارى تعالى فى احد الاشخاص كان كافرا باجماع المسلمين

قال الراغب الروح اسم للنفس وذلك لكون النفس بعض الروح فهو كتسمية النوع باسم الجنس كتسمية الانسان بالحيوان وجعل اسما للجزء الذى به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار وهو المذكور فى قوله

{ قل الروح من امر ربى } وقوله

{ ونفخت فيه من روحى } واضافته تعالى الى نفسه اضافة ملك وتخصيصه بالاضافة تشريف له وتعظيم كقوله

{ وطهر بيتى } انتهى

قال الامام الغزالى رحمه اللّه ان الروح روحان . حيوانى وهى التى تسميها الاطباء المزاج وهى جسم لطيف بخارى معتدل سار فى البدن الحامل لقواه من الحواس الظاهرة والقوى الجسمانية وهذه الروح تفنى بفناء الربانية والعقل والقلب من الالفاظ الدالة على معنى واحد لها تعلق بقوى النفس الحيوانية وهذه الروح لا تفنى بفناء البدن وتبقى بعد الموت

يقول الفقير قال شيخى وسندى روح اللّه روحه فى بعض تحريراته اعلم ان الروح من حيث جوهره وتجرده وكونه من عالم الارواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج اليه فى بقائه ودوامه ومن حيث ان البدن صورته ومظهر كمالاته وقواه فى عالم الشهادة محتاج اليه غير منفك عنه بل سار فيه لا كسريان الحلول المشهور عند اهله بل كسريان الوجود المطلق الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى الاشياء وان الاشياء من أى وجه عينه ومن أى وجه غيره يعلم كيفية ظهور الروح فى البدن ومن أى وجه عينه ومن اى وجه غيره لان الروح رب بدنه فمن تحقق له حال الرب مع المربوب تحقق له ما ذكرنا وهو الهادى الى العلم والفهم هذا كلامه قدس سره فاحفظه ودع عنك القيل والقال

قال السمرقندى فى بحر العلوم الظاهر ان هذا النفخ بغير وسط وسبب من ملك ويجوز ان يكون بوسط ملك نفخ فيه الروح باذنه كما صرح به النبى عليه السلام فى خلق بنى آدم بقوله ثم

( يرسل اللّه اليه ملكا فينفخ فيه الروح ) الحديث وفيه كلام انتهى

يقول الفقير لا يجوز ذلك لان مقام التشريف يأبى عنه لا سيما وقد قال

{ ونفخت فيه } وقال

{ خلقت بيدى } فانه لا معنى لارتكاب التجوز فى مثله .

واما اولاده فيجوز ذلك فيهم لظهورهم بالوسائط ومنهم عيسى عليه السلام لظهوره بوساطة امه فيجوز ان النافخ فى حقه هو جبريل عليه السلام وان كان اللّه قد اضافه الى نفسه فى قوله

{ فنفخنا فيه من روحنا } ثم يقول الفقير نفخ الروح عندى عبارة عن اظهارها فى محلها وعبر عنه بالنفخ لان البدن بعد ظهور الروح فيه يكون كالمنفوخ المرتفع الممتلىء ألا ترى الى ان المت يبقى بعد مفارقة الروح كالخشب اليابس ففيه رمز آخر فى سورة الحجر . ثم فى اضافة الروح اشارة الى تقديم روح آدم على ارواح الملائكة وغيرها لان المضاف الى القديم قديم وان كان جسد بعض الاشياء متقدما على جسده

{ فقعوا له } امر من وقع يقع اى اسقطوا له : وبالفارسية [ بس بروى در افتيد ]

وفيه دليل على ان المأمور به ليس مجرد انحناء كما قيل وكذا فى قوله

{ ساجدين } فان حقيقة السجود وضع الوجه على الارض اى حال كونكم ساجدين لاستحقاقه للخلافة وهذه السجود من باب التحية والتكريم فانه لا يجوز السجود لغير اللّه على وجه العبادة لا فى هذه الامة ولا فى الامم السابقة وانما شاع بطريق التحية للمتقدمين ثم ابطله الاسلام

٧٣

{ فسجد الملائكة } اى فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة خلافة عن الحق تعالى اذ كان متجليا فيه فوقعت هيبته على الملائكة فسجدوا له واول من سجد له اسرافيل ولذلك جوزى بولاية اللوح المحفوظ قاله السهيلى نقلا عن النقاش

{ كلهم } بحيث لم يبق منهم احد الا سجد

{ اجمعون } بطريق المعية بحيث لم يتأخر فى ذلك احد منهم عن احد ولا اختصاص لافادة هذا المعنى بالحالية بل يفيده التأكيد ايضا

جون ملك انوار حق دروى بيافت ... درسجود افتاد و درخدمت شتافت

٧٤

{ الا ابليس } فانه لم يسجد والاستثناء متصل لانه كان من الملائكة فعلا ومن الجن نوعا ولذلك تناوله امرهم . وكان اسم ابليس قبل ان يبلس من رحمة اللّه عزازيل والحارث وكنيته ابو كردوس وابو مرة كأنه سئل كيف ترك السجود هل كان ذلك للتأمل والتروى او غير ذلك فقيل

{ استكبر } [ الاستكبار : كردن كشى كردن ] اى تعظم : وبالفارسية [ بزرك داشت خودرا وفرمان نبرد ] وسببه انه كان اعور فما رأى آثار انوار التجلى على آدم عليه السلام

در محفلى كه خورشيد اندرشمار ذره است خودرا بزرك ديدن شرط ادب نباشد

{ وكان من الكافرين } فى علم اللّه ازلا بالذات وفى الخارج ابدا باستقباح امر اللّه ولذا كانت شقاوته ذاتية لا عارضية وسعادته فى البين عارضية لا ذاتية : قال الحافظ

من آن نكين سليمان بهيج نستانم ... كه كاه كاه برودست اهرمن باشد

فالعبرة لما هو بالذات وذلك لا يزول لا لما هو بالعرض اذ ذاك يزول ومن هذا القبيل حال برصيصا وبلعام ونحوهما ممن هو مرزوق البداية ومحروم النهاية فالعصاة كلهم فى خطر المشبئة بل الطائعون لا يدرون بما ذا يختم لهم

قالوا ان الاصرار على المعاصى يجر كثيرا من العصاة الى الموت على الكفر والعياذ باللّه تعالى كما جاء فى تفسير قوله تعالى

{ كان عاقبة الذين اساؤا السوءا ان كذبوا بآيات اللّه } والاستهزاء بها وذلك هو الكفر اعاذنا اللّه واياكم منه ومن اسبابه المؤدية اليه واماتنا على ملة الاسلام وجعلنا من المقبولين لديه انه السميع للدعاء فى كل الحضرات والمجيب للرجاء فى كل الحالات

٧٥

{ قال } اللّه تعالى لابليس مشافهة حين امتنع من السجود

{ يا ابليس } وهذه مشافهة لا تدل على اكرام ابليس اذ يخاطب السيد عبده بطريق الغضب وتمامه فى سورة الحجر

{ ما } أى شىء

{ منعك } من

{ ان تسجد } اى دعاك الى ترك السجود

{ لما } اى لمن

{ خلقت بيدىّ } خصصته بخلقى اياه بيدى كرامة له اى خلقته بالذات من غير توسط اب وام فذكر اليد لنفى توهم التحوز اى لتحقيق اضافة خلقه اليه تعالى واسناد اليد الى اب بعد قيام البرهان على تنزهه عن الاعضاء مجاز عن التفرد فى الخلق والايجاد تشبيها لتفرده بالايجاد باختصاص ما عمل الانسان بها والتثنية فى اليد لما فى خلقه من مزيد القدرة واختلاف الفعل فان طينته خمرت اربعين صباحا وكان خلقه مخالفا لسائر ابناء جنسه المتكونة من نطفة الابوين او من نطفة الام مميزا عنه ببديع صنعه تعالى ولقد نظم الحكيم السنائى بعض التأويلات بالفارسية

يد او قدرتست ووجه بقاش ... آمدن حكمش ونزول عطاش

اصبعينش نفاذ حكم قدر ... قدمينش جلال وقهر وخطر

[ ودر بعضى تفسير آمده كه مراد يد قدرت ويد نعمتست ودر فتوحات فرموده كه قدرت ونعمت شاملست همه موجودات را ( لانه خلق ابليس بالقدرة التى خلق بها آدم ) بس بدين منوال تأويل آدم را هيج شر فى ثابت نشود بس لابداست از آنكه بيدى معنى باشدكه دلالت كند برتشريف آدم عليه السلام بر حمل نسبتين تنزيه وتشبيه كه آدم جامع هر دو صفتست مناسب مى نمايد ]

وفى بحر الحقائق يشير بيدى الى صفتى اللطف والقهر وهما تشتملان على جميع الصفات وما من صفة الا وهى اما من قبيل اللطف

واما من قبيل القهر وما من مخلوق من جميع المخلوقات الا وهو اما مظهر صفة اللطف او مظهر صفة القهر كما ان الملك مظهر صفة لطف الحق والشيطان مظهر صفة قهر الحق الا الآدمى فانه خلق مظهر كلتى صفتى اللطف والقهر والعالم بما فيه بعضه مرآة صفة لطفه تعالى وبعضه مرآة صفة قهره تعالى والآدمى مرآة ذاته وصفاته تعالى كما قال

{ سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق } وبهذه الجامعية كان مستحقا لمسجودية الملائكة [ ودرين معنى كفته اند ]

آمد آيينه جميله ولى ... همجو آيينه نكرده جلى

كشت آدم جلاء اين مرآت ... شدعيان ذات او بجمله صفات

مظهرى كشت كلى وجامع ... سر ذات وصفات از ولامع

والحاصل ان اللّه تعالى اوجد العالم ذا خوف ورجاء فنخاف غضبه ونرجو رضاه فهذا الخوف والرجاء اثر صفتى الغضب والرضى ووصف تعالى نفسه بانه جميل وذو جلال اى متصف بالصفات الجمالية وهى ما يتعلق باللطف والرحمة ومتصف بالصفات الجلالية وهى ما يتعلق بالقهر والغلبة فاوجدنا على انس وهيبة فالانس من كونه جميلا والهيبة من كونه جليلا وهكذا جميع ما ينسب اليه تعالى ويسمى به من الاسماء المتقابلة كالهداية والاضلال والاعزاز والاذلال وغيرها فانه سبحانه اوجدنا بحيث نتصف بها تارة ويظهر فينا آثارها تارة فعبر عن هذين النوعين المتقابلين من الصفات باليدين لتقابلهما وتصرف الحق بهما فى الاشياء وهاتان اليدان هما اللتان توجهتا من الحق سبحانه على خلق الانسان الكامل لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته التى هى مظاهر لجميع الاسماء فلهذا السر ثنى اللّه اليدين.

واما الجمع فى قوله

{ مما عملت ايدينا } فوارد على طريق التعظيم كما هو عادة الملوك وايضا ان العرب تسمى الاثنين جمعا كما فى قوله تعالى

{ فقد صغت قلوبكما }

واما الواحد فى قوله تعالى

{ يد اللّه } فباعتبار المبدأ والمآل واللّه الملك المتعال

{ أستكبرت } بقطع الالف اصله أاستكبرت ادخلت همزة الاستفهام للتوبيخ والانكار على همزة الوصل فحذفت همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام وبقيت همزة الاستفهام مفتوحة . والمعنى أتكبرت من غير استحقاق

{ ام كنت من العالين } المستحقين للتفوق والعلو ويحتمل ان يكون المراد بالعالين الملائكة المهيمين الذين ما امروا بالسجود لآدم لاستغراقهم فى شهود الحق وهم الارواح المجردة كما سبق بيانهم فى سورة الحجر

٧٦

{ وبارك فيها } وخصوصا كما فى قوله

{ ونجيناه ولوطا الى الارض التى باركنا فيها } الآية ونحوها

واما النار فلم يخبر انه جعل فيها بركة بل المشهور انها مذهبة للبركات فاين المبارك فى نفسه من المزيل لها

والحادى عشر ان اللّه تعالى جعل الارض محل بيوته التى يذكر فيها اسمه ويسبح له فيها بالغدو والآصال عموما وبيته الحرام الذى جعله قياما للناس مباركا وهدى للعالمين خصوصا فلو لم يكن فى الارض الا بيته الحرام لكفاها ذلك شرفا وفخرا على النار

والثانى عشر ان اللّه تعالى اودع فى الارض من المعادن والانهار والعيون والثمرات والحبوب والاقوات واصناف الحيوانات وامتعتها والجبال والرياض والمراكب البهية والصور البهيجة ما لم يودع فى النار شيأ من ذلك فأى روضة وجدت فى النار او جنة او معدن او صورة او عين فوّارة او نهر او ثمرة لذيذة

والثالث عشر ان غاية النار انها وضعت خادمة فى الارض فالنار انما محلها محل الخادم لهذه الاشياء فهى تابعة لها خادمة فقط اذا استغنت عنها طردتها وابعدتها عن قربها واذا احتاجت اليها استدعتها استدعاء المخدوم لخادمه

والرابع عشر ان اللعين لقصور نظره وضعف بصره رأى صورة الطين ترابا ممتزجا بماء فاحتقره ولم يعلم انه مركب من اصلين الماء الذى جعل اللّه منه كل شىء حى والتراب الذى جعله خزانة المنافع والنعم هذا ولم يتجاوز من الطين الى المنافع وانواع الامتعة فلو تجاوز نظره صورة الطين الى مادته ونهايته لرأى انه خير من النار وافضل ثم لو سلم بطريق الفرض الباطل ان النار خير من الطين لم يلزم من ذلك ان يكون المخلوق منها خيرا من المخلوق من الطين فان القادر على كل شىء يخلق من المادة المفضولة من هو خير من المادة الفاضلة فان الاعتبار بكمال النهاية لا بنقصان المادة فاللعين لم يتجاوز نظره محل المادة ولم يعبر منها الى كمال الصورة ونهاية الخلقة

ودركشف الاسرار فرموده كه آتش سبب فرقتست وخاك وسيله وصلت واز آتش كسستن آيد واز خاك بيوستن آدم كه از خاك بود بييوست تاخلقه

{ ثم اجتباه ربه } يافت ابليس كه از آتش بودبكسست تافرمان

{ فاهبط منها } مردود كشت روزى شوريده باسلطان العارفين ابو يزيد كفت جه بودى اكر اين خاك بىك نبودى ابو يزيد بانك بروزدكه اكر اين خاك نبودى آتش عشق افروخته نشدى وسوز سينها وآب ديدها ظاهر نكشتىكه اكر خاك نبودى بوى مهرازل كه وآشناى قرب لم يزل كه بودى ]

اى خاك جه خوش طينت قابل دارى ... كلهاى لطيفست كه در كل دارى

در مخزن كنت كنز هركنج كه بودى ... تسليم توكردندكه در دل دارى

ثم فى الآية اشارة الى ان اهل الدعوى والانكار لا يدركون فضائل الانبياء والاولياء الى ابد الآباد ولا يرون انوار الجمال والجلال عليهم فلا يذوقون حلاوة برد الوصال بل يخاطبون من جانب رب العزة بالطرد والابعاد الى يوم المعاد

مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبرسينه نامحرم زد

٧٧

{ قال } اللّه تعالى بقهره وعزته

{ فاخرج منها } الفاء لترتيب الامر على مخالفته وتعليلها بالباطل اى فاخرج يا ابليس من الجنة او من زمرة الملائكة وهو المراد بالامر بالهبوط لا الهبوط من السماء كما قال البيضاوى فان وسوسته لآدم كانت بعد هذا الطرد

يقول الفقير عظم جناية ابليس يقتضى هبوطه من السماء الى الارض لا التوقف فيها الى زمان الوسوسة

واما امر الوسوسة فيجوز ان يكون بطريق الصعود الى السماء ابتلاء من اللّه تعالى ودخوله الجنة وهو فى السماء ليس باهون من دخوله وهو فى الارض اذ هو ممنوع من الدخول مطلقا سواء كان فى الارض او فى السماء الا بطريق الامتحان

ثم ان الحكمة الالهية اقتضت ان يخرج ابليس من الخلقة التى كان عليها وينسلخ منها فانه كان يفتخر بخلقته فغير اللّه خلقته فاسود بعدما كان ابيض وقبح بعدما كان حسنا واظلم بعدما كان نورانيا وكذا حال العصاة مطلقا فانه كما تتغير بواطنهم بسبب العصيان تتغير ظواهرهم ايضا بشؤمه فاذا رأيت احدا منهم بنظر الفراسة والحقيقة وجدت عليه اثر الاسوداد وذلك ان المعصية ظلمة وصاحبها ظلمانى والطاعة نور واهلها نورانى فكل يكتسى بكسوة حال نفسه

{ فانك رجيم } تعليل للامر بالخروج اى مطرود عن كل خير وكرامة فان من يطرد يرجم بالحجارة اهانة له او شيطان يرجم بالشهب السماوية والى الثانى ذهب بعض اهل الحقائق

٧٨

{ وان عليك لعنتى } اى ابعادى عن الرحمة فان اللعن طرد او ابعاد على سبيل السخط وذلك من اللّه تعالى فى الآخر عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الانسان دعاء على غيره وتقييدها بالاضافة مع اطلاقها فى قوله تعالى

{ وان عليك اللعنة } لما ان لعنة اللاعنين من الملائكة والثقلين ايضا من جهته تعالى وانهم يدعون عليه بلعنة اللّه وابعاده من الرحمة

يقول الفقير اللعنة المطلقة هى لعنة اللّه تعالى فمآل الآيتين واحد ويجوز ان يكون المعنى وان عليك لعنتى على ألسنة عبادى يلعنونك

{ الى يوم الدين } اى يوم الجزاء والعقوبة يعنى ان عليك اللعنة فى الدنيا ولا يلزم من هذا التوقيت انقطاع اللعنة عنه فى الآخرة اذ من كان ملعونا مدة الدنيا ولم يشم رائحة الرحمة فى وقتها كان ملعونا ابديا فى الآخرة ولم يجد اثر الرحمة فيها لكونها ليست وقت الرحمة للكافر وقد علم خلوده فى النار بالنص وكذا لعنه كما قال

{ فاذن مؤذن بينهم ان لعنة اللّه على الظالمين } مع ما ينضم اليه من عذاب آخر ينسى عنده اللعنة والعياذ باللّه تعالى

قال بعضهم اما طرد ابليس فلعجبه ونظره الى نفسه ليعتبر كل مخلوق بعده قال انا خير منه

ويقال طرده وخذله ترهيبا للملائكة ولبنى آدم كى يحذروا مما لا يرضى اللّه عنه ويحصل لهم العبرة

اين خوديرا خرج كن اندر خدا ... تانمانى همجو آن ابليس جدا

كن حذر ازسطوت قهاريش ... روبسوى حضرت غفاريش

عبرت بيشينيان كير اى خلف ... تا خلاصى يا بى از قهر وتلف

ومن اللّه العصمة والتوفيق

٧٩

{ قال } ابليس

{ رب } [ اى بروردكارمن ]

{ فانظرنى } الانظار الامهال والتأخير والفاء فصيحة اى اذا جعلتنى رجيما فامهلنى ولا تمتنى

{ الى يوم يبعثون } من قبورهم للجزاء وهو يوم القيامة والمراد آدم وذريته [ والبعث : مرده رازنده كردن ] واراد بدعائه ان يجد فسحة لاغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت بالكلية اذ لا موت بعد يوم البعث فلم يجب ولم يوصل الى مراده

٨٠

{ قال } اللّه تعالى

{ فانك من المنظرين } اى من جملة الذين اخرت آجالهم ازلا بحسب الحكمة كالملائكة ونحوهم

٨١

{ الى يوم الوقت المعلوم } الذين قدره اللّه وعينه لفناء الخلائق وهو وقت النفخة الاولى لا الى وقت البعث الذى هو المسئول

قال فى اكام المرجان ظاهر القرآن يدل على ان ابليس غير مخصوص بالانظار

واما ولده وقبيله فلم يقم دليل على انهم منظرون معه

وقال بعضهم الشياطين يتوالدون ولا يموتون الى وقت النفخة الاولى بخلاف الجن فانهم يتوالدون ويموتون ويحتمل ان بعض الجن ايضا منظرون كما ان بعض الانس كالخضر عليه السلام كذلك

وفيه ان الظاهر ان يموت الخضر وامثاله حين يموت المؤمنون ولا يبقى منهم احد وذلك قبل الساعة بكثير من الزمان ثم ان قوله تعالى

{ فانك } الخ اخبار من اللّه تعالى بالانظار المقدر ازلا لا انشاء لانظار خاص به قد وقع اجابة لدعائه وكان استنظاره طلبا لتأخير الموت لا لتأخير العقوبة هكذا فى الارشاد

يقول الفقير لا شك ان اللّه تعالى استجاب دعاء ابليس ليكون طول بقائه فى الدنيا اجرا له فى مقابلة طول عبادته قبل لعنه ودعاء الكافر مستجاب فى امور الدنيا فلا مانع ان يكون انظاره بطريق الانشاء يدل عليه ترتيبه على دعاءه الحادث وذلك لا يمنع كونه من المنظرين ازلا لان كل امر حادث فى جانب الابد فهو مبنى على امر قديم فى الازل ألا ترى ان كفره بانشاء استقباح امر اللّه تعالى مبنى على كفره الازلى فى علم اللّه تعالى ثم لا مانع ان يكون الاستنظار لطلب تأخير الموت وتأخير العقوبة جميعا لان اللعن من موجبات العقوبة فطلب الانظار خوفا من العذاب المعجل ولما حصل مراده صرح بالاغواء لاجل الانتقام لان آدم هو الذى كان سبب لعنه

وفى الآية اشارة الى ان من ابعده الحق وطرده قلب عليه احواله حتى يجر الى نفسه اسباب الشقاوة كما دعا ابليس ربه وسأله الانظار من كمال شقاوته ليزداد الى يوم القيامة اثمه الذى هو سبب عقوبته واغتر بالمدة الطويلة ولم يعلم ان ما هو آت قريب [ عمر اكرجه دراز بود جون مرك رونمود ازان درازى جه سود نوح عليه السلام هزار سال درجهان بسربرده است امروز جند هزار سالست كه مرده است

دريغا كه بكذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دم جندنيز

فانظره اللّه تعالى واجابه اذ سأله بربوبيته ليعلم ان كل من سأله باسم الرب فانه يجيبه كما اجاب ابليس وكما اجاب آدم عليه السلام اذ قال

{ ربنا ظلمنا انفسنا } فاجابه { وتاب عليه وهدى }

٨٢

{ قال } ابليس عليه ما يستحق

{ فبعزتك } الباء للقسم اى فاقسم بعزتك اى بقهرك وسلطانك وبالفارسية بغالبيت وقهر توسوكند ولا ينافيه قوله تعالى حكاية فيما اغويتنى لان اغواء اياه اثر من آثار قدرته وعزته وحكم من احكام قهره وسلطنته ولهذه النكتة الخفية ورد الحلف بالعزة مع أن الصفات اللائقة للحلف كثير وفى التأويلات النجمية ثم ابليس لتمام شقاوت قال فبعزتك الخ ولو عرف عزته لما اقسم بها على مخالفته

{ لأغوينهم اجمعين } لأحملنهم على الغى وهو ضد الرشد ولأكونن سببا لغوايتهم اى ذرية آدم بتزيين المعاصى لهم وادخال الشكوك والشبهات فيهم والاغواء بالفارسية كمراه كردن . ثم صدق حيث استثنى فقال

٨٣

{ الا عبادك منهم المخلصين } اى عبادك المخلصين من ذرية آدم وهم الذين اخلصهم اللّه تعالى لطاعته وعصمهم من الغواية وقرىء بالكسر على صيغة الفاعل اى الذين اخلصوا قلوبهم واعمالهم لله تعالى من غير شائبة الرياء وفى التأويلات النجمية ثم لعجزه وعزة عباد اللّه قال الا عبادك منهم المخلصون فى عبوديتك انتهى

قال بعضهم العبد المخلص هو الذى يكون سره بينه وبين ربه بحيث لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ثم لا شك أن من العباد عبادا اذا رأى الشيطان اثر سلطنة ولايتهم وعزة احوالهم يذوب كما يذوب الملح فى الاناء ولا يبقى له حيل ولا يطيق ان يمكر بهم بل ينسى فى رؤيتهم جميع مكرياته ولا يطيق ان يرمى اليهم من اسهم وسوسته بل مكره محيط به لا باهل الحق وهكذا حال ورثة الشيطان من المنكرين المفسدين مع اهل اللّه تعالى فانهم محفوظون عما سوى اللّه تعالى مطلقا

٨٤

{ قال } اللّه تعالى

{ فالحق } بالرفع على انه مبتدأ محذوف الخبر اى فالحق قسمى على ان الحق اما اسمه تعالى كما فى قوله تعالى ان اللّه هو الحق المبين او نقيض الباطل عظمه اللّه تعالى باقسامه به ويحتمل ان يكون التقدير فالحق منى كما قال الحق من ربك

{ والحق اقول } بالنصب على انه مفعول لأن قوله قدم عليه للقصر اى لا اقول الا الحق

٨٥

{ لأملأن جهنم منك } اى من جنسك من الشيطان

{ وممن تبعك } فى الغواية والضلال بسوء اختياره

{ منهم } اى من ذرية آدم

{ اجمعين } تأكيد للكاف وما عطف عليه اى لأملأنها من المتبوعين والاتباع اجمعين لا اترك احدا منهم وفى التأويلات النجمية ولما كان تجاسره فى مخاطبته الحق حيث اصر على الخلاف واقسم عليه اقبح واولى فى استحقاق اللعنة من امتناعه للسجود لآدم قال فالحق الخ انتهى فعلى العاقل ان يتأدب بالآداب الحسنة قولا وفعلا ولا يتجاسر على اللّه تعالى اصلا ولا يتبع خطوات الشيطان حتى لا يرد معه النار وعن ابى موسى الاشعرى قال اذا اصبح ابليس بث جنوده فيقول من اضل مسلما ألبسته التاج قال فيقول له القائل لم ازل بفلان حتى طلق امرأته قال يوشك أن يتزوج ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى عق اى عصى والديه او أحدهما قال يوشك ان يبر قال فيقول القائل لم ازل بفلان حتى شرب قال انت اى انت فعلت شيأ عظيما ارضى عنه قال ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى زنى فيقول انت قال ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى قتل فيقول انت انت اى انت صنعت شيأ اعظم وحصلت غاية امنيتى وكمال رضاى وذلك لان وعيد القتل اشد واعظم كما قال تعالى ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه واعد له الخ فلذلك كرر انت اشارت الى كمال رضاه عنه وعن بعض الاشياخ انه قال الشيطان اشد بكاء على المؤمن اذا مات لما فاته من افتنانه اياه فى الدنيا ويقال لما انظر اللّه ابليس واهبطه الى الارض اعطاه منشور الدنيا فاول نظرة منه وقعت على الجبال فمن شؤمه من ذلك الوقت لا تحتمل الماء للاحجار بل يرسلها الى اسفله ومن كان على دينه لا يبقى على الصراط ما لم ينته الى اسفل السافلين فيا خسارة من كان انسانا دخل النار معه

٨٦

{ قل } يا محمد للمشركين

{ ما اسألكم } نميخواهيم از شما

{ عليه } اى على لقرءآن الذى اتيتكم به او على تبليغ الوحى واداء الرسالة

{ من اجر } من مال دنيويى ولكن اعلمكم بغير اجر وذلك لان من شرط العبودية الخالصة ان لا يراد عليها الجزاء ولا الشكور فمن قطع رأس كافر فى دار الحرب او اسره واحضره عند رئيس العسكر ليعطى له مالا فقد فعله للأجر لا لله تعالى وعلى هذه جميع ما يتعلق به الاغراض الفاسدة

فرادا كه بيشكاه حقيقت شود بديد ... شرمنده رهروى كه عمل برمجاز كرد

{ وما انا من المتكلفين } اى المتصنعين بما ليسوا من اهله على ما عرفتم من حالى حتى انتحل النبوة اى ادعيها لنفسى كاذبا واتقول القرءآن من تلقاء نفسى وبالفارسية ومن ييستم از جماعتى كه بتصنع ازخود جيزى ظاهر كنند وبر سازند كه ندارند

وحاصله ما جئتكم باختيارى دون ان ارسلت اليكم فكل من قال شيأ من تلقاء نفسه فقد تكلف له والتكلف فى الاصل التعسف فى طلب الشىء الذى لا يقتضيه الالعقل وفى تاج المصادر التكلف رنج جيزى بكشيدن واز خويشتن جيزى نمودن كه آن نباشد

والمتكلف المتعرض لما لا يعينه انتهى وفى المفردات تكلف الشى ما يفعله الانسان باظهار كلفة مع مشقة تناله فى تعاطيه وصارت الكلفة فى التعاريف اسما للمشتقة والتكلف اسم لما يفعل بمشقة او بتصنع او تشبع ولذلك صار التكليف ضربين محمودا وهو ما يتحراه الانسان ليتوصل به الى أن يصير الفعل الذى يتعاطاه سهلا عليه ويصير كلف به ومحبا له وبهذا النظر استعمل التكليف فى تكليف العبادات والثانى ما يكون مذموما واياه عنى بقوله وما انا من المتكلفين وصح فى الحديث النهى عن التكلف كما قال عليه السلام انا بريىء من المتكلف وصالحوا امتى وفى حديث آخر أنا والاتقياء من امتى برأ آء من التكلف وكذ صح عن رسول اللّه عليه السلام النهى عن السجع فى الدعاء لانه من باب التكلف والتصنع ومن هذا قال اهل الحقائق لا يعين للصلاة شيأ من القرءآن بل يقرأ اول ما يقرع خاطره فى اول الركعة فانه المسلك الذى اختار اللّه تعالى له وعنه عليه السلام للمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه يعنى يكى آنكه نزاع كند باكسى كه برترازوست ويتعاطى مالا ينال يعنى دوم آنكه ميخواهد كه فرا كيرد آنجه يافتن آن نه مقدور اوست ويقول ما لم يعلم يعنى سوم آنكه كويد جيزى كه نداند قال عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه يا ايها الناس من علم شيأ فليقل ومن لم يعلم فليقل اللّه اعلم فان من العلم ان تقول لما لا تعلم اللّه اعلم فانه تعالى قال لنبيه عليه السلام

{ وما انا من المتكلفين } وفى الحديث ( من افتى بغير علم لعنته ملائكة السموات والارض )

٨٧

{ ان هو } اى ما هو : يعنى [ نيست اين كه من آوردم ازخدا ] يعنى القرآن والرسالة

{ الا ذكر } اى عظة من اللّه تعالى وايضا شرف وذكر باق

{ للعالمين } للثقلين كافة

٨٨

{ ولتعلمن } ايها المشركون

{ نبأه } اى ما انبأ القرآن به من الوعد والوعيد وغيرهما او صحة خبره وانه الحق والصدق

{ بعد حين } بعد الموت او يوم القيامة حين لا ينفع العلم وفيه تهديد

قال فى المفردات الحين وقت بلوغ الشىء وحصوله وهو مبهم المعنى ويتخصص بالمضاف اليه نحو

{ ولات حين مناص } ومن قال حين على اوجه للاجل نحو

{ ومتعناهم الى حين } وللسنة نحو

{ تؤتى اكلها كل حين } وللساعة نحو

{ حين تمسون } وللزمان المطلق نحو

{ هل اتى على الانسان حين من الدهر } { ولتعلمن نبأه بعد حين } فانما فسر ذلك بحسب ما وجده وقد علق به انتهى

قال الحسن ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين فينبغى للمؤمن ان يكون بحيث لو كشف الغطاء ما ازداد يقينا ومن كلام سيدنا على رضى اللّه عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا

حال وخلد و جحيم دانستم ... بيقين آنجنانكه مى بايد

كرحجاب از ميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد

[ معنى اين كلمه آنست كه داردنيا سراى حجابست واحوال آخرت مرا يقين كشته است ازحشر ونشر وثواب وعقاب ونعيم وجحيم وغير آن بس اكر حجاب بردارند تا آن جمله را مشاهده كنم يك ذره در يقين من زيادت نشود كه علم اليقين من امروز جو عين اليقين منست درفردا ] واخبر القرآن ان الكفار يؤمنون بعد الموت بالقرآن وبما اخبر به ولكن لا يقبل ايمانهم

وسئل ابو القاسم الحكيم فقيل له العاصى يتوب من عصيانه ام كافر يرجع من الكفر الى الايمان فقال بل عاص يتوب من عصيانه لان الكافر فى حال كفره اجنبى والعاصى فى حال عصيانه عارف بربه والكافر اذا اسلم ينتقل من درجة الاجانب الى درجة المعارف والعاصى اذا تاب ينتقل من درجة المعارف الى درجة الاحباء فلا بد من التوبة والتوجه الى اللّه تعالى قبل الموت حتى يزول التهديد والوعيد ويظهر الوعد والتأييد ويحصل الانبساط فى جميع المواطن وينصب الفيض فى الظاهر والباطن بلطفه تعالى وكرمه

﴿ ٠