سُورَةُ الزُّمَرِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ آيَةً ١ { تنزيل الكتاب } اى القرآن وخصوصا منه هذه السورة الشريفة وهو مبتدأ خبره قوله { من اللّه العزيز الحكيم } لا من غيره كما يقول المشركون ان محمدا تقوّله من تلقاء نفسه وقيل معناه تنزيل الكتاب من اللّه فاستمعوا له واعملوا به فهو كتاب عزيز نزل من رب عزيز على عبد عزيز بلسان ملك عزيز فى شأن امة عزيزة والتعرض لوصفى العزة والحكمة للايذان بظهور اثريهما فى الكتاب بجريان احكامه ونفاذ اوامره ونواهيه من غير مافع ولا ممانع وبابتناء جميع ما فيه على اساس الحكم الباهرة وقال الكاشفى { العزيز } [ خداوند غالب در تقدير { الحكيم } دانا است در تدبير ] وفى فتح الرحمن العزيز فى قدرته الحكيم فى ابداعه ٢ { انا انزلنا اليك الكتاب بالحق } شروع فى بيان شأن المنزل اليه وما يجب عليه اثر بيان شأن المنزل وكونه من عند اللّه فلا تكرار فى اظهار الكتاب فى موضع الاضمار لتعظيمه ومزيد الاعتناء بشأنه . والباء اما متعلقة بالانزال اى بسبب الحق واثباته واظهاره واما بمحذوف هو حال من نون العظمة اى انزلناه اليك حال كوننا محقين فى ذلك او حال من الكتاب اى انزلناه حال كونه ملتبسا بالحق والصواب اى كل ما فيه حق لا ريب فيه موجب للعمل حتما وفى التأويلات النجمية اى من الحق نزل وبالحق نزل وعلى الحق نزل قال فى برهان القرآن كل موضع خاطب اللّه النبى عليه السلام بقوله { انا انزلنا اليك } ففيه تكليف واذا خاطبه بقوله { انزلنا عليك } ففيه تخفيف ألا ترى الى ما فى اول السورة اليك فكلفه الاخلاص فى العبودية والى ما فى آخرها عليك فختم الآية بقوله { وما انت عليهم بوكيل } اى لست بمسئول عنهم فخفف عنه ذلك { فاعبد اللّه } حال كونك { مخلصا له الدين } الاخلاص ان يقصد العبد بنيته وعمله الى خالقه لا يجعل ذلك لغرض من الاغراض اى ممحضا له الطاعة من شوائب الشرك والرياء فان الدين الطاعة كما فى الجلالين وغيره قال فى عرائس البيان امر حبيبه عليه السلام بان يعبده بنعت ان لا يرى نفسه فى عبوديته ولا الكون واهله ولا يتجاوز عن حد العبودية فى مشاهدة الربوبية فاذا سقط عن العبد حظوظه من العرش الى الثرى فقد سلك مسلك العبودية الخالصة كر نباشد نيت خالص جه حاصل از عمل ... قال بعض الكبار العبادة الخالصة معانقة الامر على غاية الخضوع . وتكون بالنفس فاخلاصها فيها التباعد عن الانتقاص . وبالقلب فاخلاصه فيها العمى عن رؤية الاشخاص . وبالروح فاخلاصه فيها التنقى عن طلب الاختصاص واهل هذه العبادة موجود فى كل عصر لما قال عليه السلام ( لا يزال اللّه يغرس فى هذا الدين غرسا يستعملهم فى طاعته ) قال الكاشفى [ مخاطب حضرتست ومراد امت است كه مأمورند بآنكه طاعت خودرا ازشرك وريا خالص سازند ] وفى كشف الاسرار [ فرموده رسول خدا عليه السلام باين خطاب جنان ادب كرفت كه جبريلآمد وكفت ( يا محمد أتختار ان تكون ملكا نبيا او عبدا نبيا ) كفت خداوندا بندكى خواهم وملكى نخواهم ملكى تراملسم است وبندكى مارا مسلم اكر ملك اختيار كنم با ملك بمانم وآنكه افتخار من بملك باشد ليكن بندكى اختيار كنم تامملوك تو باشم وافتخار من بملك تو باشد ازينجا كفت ( انا سيد ولد آدم ولا فخر ) يعنى مارا بهيج جيز فخرنيست فخر ما بخالقست زيراكه برماكس نيست جزاو اكر بغيراو فخركنم بغيراو نكرسته باشم وفرمان { فاعبد اللّه مخلصا } بكذاشته باشم وبكذاشته فرمان نيست وبغيراو نكرستن شرط نيست لاجرم بغيراو فخرنيست ] قال الحافظ كدايىء درجانا بسلطنت مفروش ... كسى زسايه اين در بآفتاب رود ٣ { الا } بدانيدكه { لله } اى من حقه وواجباته { الدين الخالص } من الشرك اى الا هو الذى يجب أن يخص باخلاص الطاعة له يعنى او سزاوار آنست كه طاعت او خالص باشد لتفرده بصفات الالوهية واطلاعه على الغيوب والاسرار وخلوص نعمته عن استجرار النفع وفى الكواشى ألا لله الدين الخالص من الهوى والشك والشرك فيتقرب به اليه رحمة لا ان له حاجة الى اخلاص عبادته وفى التأويلات النجمية الدين الخالص ما يكون جملته لله وما للعبد فيه نصيب والمخلص من خلصه اللّه من حبس الوجود بجوده لا بجهده وعن الحسن الدين الخالص الاسلام لان غيره من الاديان ليس بخالص من الشرك فليس بدين اللّه الذى امر به فاللّه تعالى لا يقبل الا دين الاسلام وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه قال قلت يا رسول اللّه انى اتصدق بالشىء واضع الشىء اريد به وجه اللّه وثناء الناس فقال عليه السلام والذى نفس محمد بيده لا يقبل اللّه شيأ شورك فيه ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ألا لله الدين الخالص وقال عليه السلام قال اللّه سبحانه من عمل لى عملا اشرك فيه معى غيرى فهو له كله وانا بريىء منه وانا اغنى الاغنياء عن الشرك وقال عليه السلام لا يقبل اللّه عملا فيه مقدار ذرة من رياء زعمرو اى بسر جشم اجرت مدار ... جو درخانه زيد باشى بكار سزاى اللّه تعالى عبادت باكست بى نفاق وطاعت خالصه بن ريا و كوهر اخلاص كه يابنددر صدق دل يابند يادر درياى سينه واز انيجاست كه حذيقه كويد رضى اللّه عنه ازان مهتر كائنات عليه السلام بر سيدم كه اخلاص جيست كفت از جبريل برسيدم كه اخلاص جيست كفت از رب العزة بر سيدم كه اخلاص جيست كفت سر من اسرارى استودعته قلب من احببت من عبادى كفت كوهرست از خزينه اسرار خويش بيرون آوردم ودرسو يداى دل دوستان خويش و ديعت نهادم اين اخلاص نتيجه دوستى است و اثر بندكى هركه لباس محبت بوشيد و خلعت بندكى برافكند هركاركه كند ازميان دل كند دوستى حق تعالى بآ رزوهاى برا كنده دريك دل جمع نشود و فريضه تن نماز و روزه است و فريضه دل دوستى حق نشان دوستى آنست كه هر مكروه طبيعت و نهادكه از دوست بتوآيد بر ديده نهى ... ولو بيدالحبيب سقيت سما لكان السم من يده يطيب ... زهرى كه بيادتو خروم نوش آيد ديوانه ترابيند وباهوش آيد ... آن دل كه توسوختى ترا شكركند وآن خون كه توريختى بتو فخر كند { والذين } عبارة عن المشركين { اتخذوا } يعنى عبدوا { من دونه } اى حال كونهم مجاوزين اللّه وعبادته { اولياء } اربابا اوثانا كالملائكة وعيسى وعزير والاصنام لم يخلصوا العبادة لله تعالى بل شابوها بعبادة غيره حال كونهم قائلين { ما نعبدهم } اى الاولياء لشىء من الاشياء { الا ليقربونا الى اللّه زلفى } اى تقريبا فهو مصدر مؤكد على غير لفظ المصدر ملاقٍ له فى المعنى وكانوا اذا سئلوا عمن خلق السموات والارض قالوا اللّه فاذا قيل لهم لم تعبدون الاصنام قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى اللّه ( وفى تفسير الكاشفى ) درخواست كنند تا بشفاعت ايشان ميزلت يابيم وذكر الشيخ عبد الوهاب الشعرانى أن اصل وضع الاصنام انما كان من قوة التنزيه من العلماء الاقدمين فانهم نزهوا اللّه عن كل شىء وامروا بذلك عامتهم فلما رأوا ان بعض عامتهم صرح بالتعطيل وضعوا لهم الاصنام وكسوها الديباج والحلى والجواهر وعظموها بالسجود وغيره ليتذكروا بها الحق الذى غاب عن عقولهم وغاب عن اولئك العلماء ان ذلك لا يجوز الا باذن من لله تعالى { ان اللّه } الخ خبر للموصول { يحكم بينهم } اى بين المتخذين بالكسر غير الخملصين وبين خصمائهم المخلصين للدين وقد حذف لدلالة الحال عليه { فيما هم فيه يختلفون } من الدين الذى اختلفوا فيه بالتوحيد والاشراك وادعى كل فريق صحة ما انتحله وحكمه تعالى فى ذلك ادخال الموحدين الجنة والمشركين النار فالضمير للفريقين { ان اللّه لا يهدى } لا يوفق الى الاهتدآء الى الحق الذى هو طريق النجاة من المكروه والفوز بالمطلوب { من هو كاذب كفار } اى راسخ فى الكذب مبالغ فى الكفر كما يعرب عنه قرآءة كذاب وكذوب فانهما فاقدان للبصيرة غير قابلين للاهتداء لتغيير هما الفطرة اصلية بالتمرن فى الضلالة والتمادى فى الغى قال فى الوسيط هذا فيمن سبق عليه القضاء بحرمان الهداية فلا يهتدى الى الصدق والايمان البتة ( قال الحافظ ) كرجان بدهد سنك سيه لعل نكردده ... باطينت اصلى جه كند بد كهر افتاد وكذبهم قولهم فى بعض اوليائهم بنات اللّه وولده وقولهم ان الآلهة تشفع لهم وتقربهم الى اللّه وكفرهم عبادتهم تلك الاولياء وكفرانهم النعمة بنسيان المنعم الحقيقى وفى التأويلات النجمية ان الانسان مجبول على معرفة صانعه وصانع العالم ومقتضى طبعه عبادة صانعه والتقرب اليه من خصوصية فطرة اللّه التى فطر الناس عليها ولكن لا عبرة بالمعرفة الفطرية والعبادة الطبيعية لانها مشوبة بالشركة لغير اللّه ولانها تصدر من نشاط النفس واتباع هواها وانما تعتبر المعرفة الصادرة عن التوحيد الخالص ومن اماراتها قبول دعوة الانبياء والايمان بهم وبما انزل عليهم من الكتب ومخالفة الهوى والعبادة على وفق الشرق لا على وفق الطبع والتقرب الى اللّه باداء ما افترض اللّه عليهم ونافلة قد استن النبى صلّى اللّه عليه وسلّم بها او بمثلها فانه كان من طبع ابليس السجود لله ولما امر بالسود على خلاف طبعه ابى واستكبر وكان من الكافرين بعد ار كان من الملائكة المقربين وكذلك حال الفلاسفة ممن لا يتابع الانبياء منهم ويدعى معرفة اللّه ويتقرب الى اللّه بانواع العلوم واصناف الطاعات والعبادات بالطبع لا بالشرع ومتابعة الهوى لا بامر المولى فيكون حاصل امره ما قال تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا فاليوم كل مدع يدعى حقيقة ما عنده من لدين والمذهب على اختلاف طبقاتهم فاللّه تعالى يحكم بينهم فى الدار الآخرة اما فى الدنيا فيحق الحق باتساع صدور اهل الحق بنور الاسلام وبكتابة الايمان فى قلوبهم وتأييدهم بروح منه وكشف شواهد الحق عن اسرارهم وبتجلى صفات جماله وجلاله لارواحهم ويبطل الباطل بتضييق صدور اهل الاهواء والبدع وقسوة قلوبهم وعمى اسرارهم وبصائرهم وغشاوة ارواحهم بالحجب. واما فى الآخرة فبتبييض وجوه اهل الحق واعطاء كتابهم باليمين وتثقيل موازينهم وجوازهم على الصراط وسعى نورهم بين ايديهم وايمانهم ودخول الجنة ورفعتهم فى الدرجات وبتسويد وجوه اهل الباطل وايتاء كتبهم بالشمال ومن وراء ظهورهم وتخفيف موازينهم وزلة اقدامهم عن الصراط ودخول النار ونزولهم فى الدركات وبقوله { ان اللّه لا يهدى من هو كاذب كفار } يشير الى تهديد من يتعرض لغير مقامه ويدعى رتبة ليس بصادق فيها فاللّه لا يهديه قط الى ما فيه سداده ورشده وعقوبته ان يحرمه تلك الرتبة التى تصدى لها بدعواه قبل تحققه بوجودها : قال الحافظ كرانكشت سليمانى نباشد ... جه خاصيت دهد نقش نكينى خدا زان خرقه بيزارست صدبار ... كه صد بت ماندش درآستينى ومن اللّه العصمة من الدعوى قبل التحقق بحقيقة الحال وهو المنعم المتعال ٤ { لو اراد اللّه ان يتخذ ولدا } كما زعم المشركون بان اللّه تعالى اتخذ ولدا { لاصطفى } لاتخذ واختار { مما يخلق } اى من جنس مخلوقاته { ما يشاء } ولم يخص مريم ولا عيسى ولا عزيرا بذلك ولخلق جنسا آخر اعز واكرم مما خلق واتخذه ولدا لكنه لا يفعله لامتناعه والممتنع لا تتعلق به القدرة والارادة وانما امره اصطفاء من شاء من عباه وتقريبهم منه وقد فعل ذلك بالملاكة وبعض الناس كما قال اللّه تعالى { اللّه يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس } ولذا وضع الاصطفاء مكان الاتخاذ وقال بعضهم معناه لو اتخذ من خلقه ولدا لم يتخذه باختيارهم بل يصطفى من خلقه من يشاء وقال الكاشفى ( هرآينه اختيار كردىز آنجه مى آفريند آنجه خواستى از اعز اشيا واحسن آن واكمل كه بنون اند نه از نقص كه بتانند اما مخلوق مماثل خالق نيست وميان والد ومولود مجانست شرط است بس اورا فرزند نبود ) { سبحانه } مصدر من سبح اذا بعد اى تنزه تعالى بالذات عن ذلك الاتخاذ وعما نسبوا اليه من الاولاد والاولياء وعلم للتسبيح مقول على ألسنة العباد اى اسبحه تسبيحا لائقا به او سبحوه تسبيحا حقيقا بشانه { هو } مبتدأ خبره قوله { اللّه } المتصف بالالوهية { الواحد } الذى لا ثانى له والولد ثانى والده وجنسه وشبه وفى بحر العلوم واحد اى موجود جل عن التركيب والمماثلة ذاتا وصفة فلا يكون له ولد لانه يماثل الوالد فى الذات والصفات { القهار } الذى بقهاريته لا يقبل الجنس والشبه بنوع ما وفى الارشاد قهار لكل الكائنات كيف يتصور ان يتخذ من الاشياء الفانية ما يقوم مقامه ٥ { خلق السموات والارض } وما بينهما من الموجودات حال كونها ملتبسة { بالحق } والصواب مشتملة على الحكم والمصالح لا باطلا وعبثا قال الكاشفى [ بيافريد آسمان وزمين را براستى نه بباطل وبازى بلكه در آفرينش هريك ازان صدهزار آثار قدرت واطوار حكمت است نعيمه تاديده وران از روى اعتبار ارقام معرفت آفريد كار بر صفحات آن دلائل مطالعه نمايند ] نوشته است براوراق آسمان وزمين خطى كه فاعتبروا منه يا اولى الابصار { يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل } قال فى تاج المصادر تكوير الليل على النهار تغشيته اياه ويقال زيادته من هذا فى ذاك كما قال الراغب فى المفردات تكوير الشىء ادارته وضم بعضه الى بعض ككور العمامة وقوله تعالى { يكور الليل } الخ اشارة الى جريان الشمس فى مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما انتهى . والمعنى يغشى كل واحد منهما الآخر كأنه يلفه عليه لف اللباس على اللابس : وبالفارسية [ بر مىبيجد ودر مى آرد شب را بروز وبه برده ظلمت آن نور اين مىبوشد ودر مىآرد روز را برشب وشعله روشنىء آن تاريكى اين را مختفى مىسازد ] وذلك ان النور والظلمة عسكران مهيبان عظيمان وفى كل يوم يغلب هذا ذاك كما فى الكبير او يغيب كل واحد منهما بالآخر كما يغيب الملفوف باللفافة عن مطامح الابصار او يجعل كارّا عليه كرورا متتابع تتابع اكوار العمامة بعضها على بعض { وسخر الشمس والقمر } جعلهما منقادين لامره تعالى { كل } منهما { يجرى } يسير فى بروجه { لاجل مسمى } لمدة معينة هى منتهى دورته فى كل يوم او شهر او منقطع حركته اى وقت انقطاع سيره وهو يوم القيامة وانما ذلك لمنافع بنى آدم وفى الحديث ( وكل بالشمس سبعة املاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما اصابت شيأ الا احرقته ) [ وكفته اند ستاركان آسمان دو قسم اندقسمى بر آفتاب كذر كنند وازوى روشنايى كيرند وقسمى آفتاب بر ايشان كذر كند وايشانرا روشنايى دهد از روى اشارت ميكويد مؤمنان دو كروهند كروهى بدركاه شوند بجد واجتهاد تا نور هدايت يابند ] كما قال تعالى { والذين جاهدا فينا لنهدينهم سبلنا } [ وكروهى آنند كه عنايت ازلى بر ايشان كذر كند وايشانرا نور معرفت دهد ] كما قال تعالى { أفمن شرح اللّه صدره للاسلام فهو على نور من ربه } { ألا } اعلموا { هو } وحده { العزيز } الغالب القادر على كل شىء فيقدر على عقاب العصاة { الغفار } المبالغ فى المغفرة ولذلك لا يعاجل بالعقوبة وسلب ما فى هذه الصنائع البديعة من آثار الرحمة وعموم المنفعة : وبالفارسية [ سلب اين نعمتها نمى كند از آدميان با وجود وقوع شرك ومعصيت از ايشان ] قال الامام الغزالى رحمه اللّه الغفار هو الذى اظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التى سترها باسبال الستر عليها فى الدنيا والتجاوز عن عقوبتها فى الآخرة والغفر هو الستر. واول ستره على عبده ان جعل مقابح بدنه التى تستقبحها الاعين مستورة فى باطنه مغطاة بجمال ظاهره فكم بين باطن العبد وظاهره فى النظافة والقذارة وفى القبح والجمال فانظر ما الذى اظهره وما الذى ستره . وستره الثانى ان جعل مستقر خواطره المذمومة وارادته القبيحة سر قلبه حتى لا يطلع احد على سر قلبه ولو انكشف للخلق ما يخطر بباله فى مجارى وسواسه وما ينطوى عليه ضميره من الغش والخيانة وسوء الظن بالناس لمقتوه بل سعوا فى تلف روحه واهلاكه فانظر كيف ستر عن غيره اسراره وعوارفه . والثالث مغفرة ذنوبه التى كان يستحق الافتضاح بها على ملأ من الخلق وقد وعد ان يبدل من سيآته حسنات ليستر مقابح ذنوبه بثواب حسناته اذا مات على الايمان وحظ العبد من هذا الاسم ان يستر من غيره ما يحب ان يستر منه وقد قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم من ستر على مؤمن عورته ستر اللّه عورته يوم القيامة والمغتاب والمتجسس والمكافىء على الاساءة بمعزل وعن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق اللّه الا احسن ما فيهم ولا ينفك مخلوق عن كمال ونقص وعن قبح وحسن فمن تغافل عن المقابح وذكر المحاسن فهو ذو نصيب من هذا الاسم والوصف كما روى عن عيسى عليه السلام أنه مر مع الحواريين بكلب ميت قد غلب نتنه فقالوا ما انتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذى ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو احسنه ( قال الشيخ سعدى ) مكن عيب حلق اى خردمند فاش ... بعيب خود از خلق مشغول باش جو باطل سرايند نكمار كوش ... جوبى ستر بينى نظر را بيوش ٦ { خلقكم } اى اللّه تعالى ايها الناس جميعا { من نفس واحدة } هى نفس آدم عليه السلام { ثم جعل منها } اى خلق من جنس تلك النفس واحدة او من قصيراها وهى الضلع التى تلى الخاصرة او هى آخر الاضلاع وبالفارسية ازاستخوان بهلوىجب او { زوجها } حوآء عليها السلام وثم عطف على محذوف هو صفة لنفس اى من نفس واحدة خلقها ثم جعل منها زوجها فشفعها وذلك فان ظاهر الآية يفيد ان خلق حوآء بعد خلق ذرية آدم وليس كذلك وفيه اشارة الى أن اللّه تعالى خلق الانسان من نفس واحدة هى الروح وخلق منها زوجها وهو القلب فانه خلق من الروح كما خلقت حوآء من ضلع آدم عليه السلام فاللّه تعالى متفرد بهذا الخلق مطلقا فينبغى ان يعرف ويعبد بلا اشراك { وانزل لكم } اى قضى وقسم لكم فان قضاياه تعالى وقسمه توصف بالنزول من السماء حيث تكتب فى اللوح المحفوظ او احدث لكم وانشأ باسباب نازلة من السماء كالامطار واشعة الكواكب وهذا كقوله قد انزلنا عليكم لباسا ولم ينزل اللباس نفسه ولكن انزل الماء الذى هو سبب القطن والصوف واللباس مهما { من الانعام } از جهار بايان { ثمانية ازواج } ذكرا وانثى هى الابل والبقر والضأن والمعز والانعام جمع نعم بفتحتين وهى جماعة الابل فى الاصل لا واحد لها من لفظها قال ابن الشيخ فى اول المائدة الانعام مخصوص بالانواع الاربعة وهى الابل والبقر والضأن والمعز ويقال لها الازواج الثمانية لان ذكر كل واحد من هذه الانواع زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فيكون مجموع الازواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين والخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام قال فى بحر العلوم الواحد اذا كان وحده فهو فرد واذا كان معه غيره من جنسه سمى كل واحد منهما زوجا فهى زوجان بدليل قوله تعالى خلق الزوجين الذكر والانثى وعند الحساب الزوج خلاف الفرد كالاربعة والثمانية فى خلاف الثلاثة والسبعة وخصصت هذه الانواع الاربعة بالذكر لكثرة الانتفاع بها من اللحم والجلد والشعر والوبر وفى التأويلات النجمية وانزل لكم من الانعام ثمانية ازوج اى خلق فيكم من صفات الانعام ثمانى صفات وهى الاكل والشرب والتغوط والتبول والشهوة والحرص والشره والغضب واصل جميع هذه الصفات الصفتان الاثنتان الشهوة والغضب فانه لا بد لكل حيوان من هاتين الصفتين لبقاء وجوده بهما فبالشهوة يجلب المنافع الى نفسه وبالغضب يدفع المضرات { يخلقكم فى بطون امهاتكم } اى فى ارحامهن جمع ام زيدت الهاء فيه كما زيدت فى اهراق من اراق { خلقا } كائنا { من بعد خلق } اى خلقا مدرجا حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضغ مخلقة من بعد مضغ غير مخلقة من بعد علقة من بعد نطفة ونظيره قوله تعالى وقد خلقكم اطوارا { فى ظلمات ثلاث } متعلق بيخلقكم وهى ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة وهى بالفتح محل الولد اى الجلد الرقيق المشتمل على الجنين او ظلمة الصلب والبطن والرحم وفيه اشارة الى ظلمة الخلقية وظلمة وجود الروح وظلمة البشرية وان شئت قلت ظلمة الجسد وظلمة الطبيعة وظلمة النفس فكما أن الجنين يخرج فى الولادة الاولى من الظلمات المذكورة الى نور عالم الملك والشهادة فكذا السالك يخرج فى الولادة الثانية من الظلمات المسطورة الى نور عالم الملكوت والغيب فى مقام القلب والروح ( قال الحافظ ) بال بكشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد جوتومرغى كه اسير قفسى { ذلكم } اشارة اليه تعالى باعتبار افعاله المذكورة ومحله الرفع على الابتدآء اى ذلكم العظيم الشأن الذى عدت افعاله { اللّه } خبره وقوله تعالى { ربكم } خبر آخر له اى مربيكم فيما ذكر من الاطوار وفيما بعدها ومالككم المستحق لتخصيص العبادة به وفى التأويلات النجمية اى انا خلقتكم وانا صورتكم وانا الذى اسبغت عليكم انعامى وخصصتكم بجميع اكرامى وغرقتكم فى بحار افضالى وعرفتكم استحقاق شهود جمالى وجلالى وهديتكم الى توحيدى وادعوكم الى وحدانيتى فما لكم لا تنطقون الى بالكلية وما لكم لا تطلبون منى ولا تطلبوننى وقد بشرتكم بقوله ألا من طلبنى وجدنى ومن كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى { له الملك } على الاطلاق فى الدنيا والآخرة ليس لغيره شركة فى ذلك بوجه من الوجوه وبالفارسية مرورا بادشاهى مطلق كه زوال وفنا بدوراه نيابد وقال بعض الكبار له ملك القدرة على تبليغ العباد الى المقامات العليه والكرامات السنية فينبغى للعبد ان لا يقنط فان اللّه تعالى قادر ليس بعاجز والجملة خبر آخر وكذا قوله تعالى { لا اله الا هو } نيست معبودى بسزا مكرا وفكما أن لا معبود الا هو فكذا لا مقصود بل لا موجود الا هو فهوا الوجود المطلق والهوية المطلق والواحدة الذاتية { فانى تصرفون } اى فكيف ومن اى وجه تصرفون وتردون عن ملازمة بابه بالعبودية الى باب عاجز مثلكم من الخلق اى عن عبادته تعالى الى عبادة الاوثان مع وفور موجباتها ودواعيها وانتفاء الصارف عنها بالكلية الى عبادة غيره من غير داع اليها مع كثرة الصوارف عنها قال على كرم اللّه وجه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قال لا وما زلت اعرف ان الذى هم اى الكفار عليه من عبادة الاوثان ونحوها كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان فادلة العقل وحدها كافية فى الحكم ببطلان عبادة غير اللّه فكيف وقد انضم اليها ادلة الشرع فلا بد من الرجوع الى باب اللّه تعالى فانه المنعم الحقيقى والعبودية له لأنه الخالق قال ابو سعيد الخراز قدس سره العبودية ثلاثة الوفاء لله على الحقيقة ومتابعة الرسول فى الشريعة والنصيحة لجماعة الامة واعلم ان العبادة هى المقصود من خلق الاشياء كما قال اللّه تعالى { وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون } سواء فسرت العبادة بالمعرفة ام لا اذ لا تكون المعرفة الحقيقية الا من طريق العبادة وعن معاذ رضى اللّه عنه قال قلت يا رسول اللّه اخبرنى بعمل يدخلنى الجنة ويباعدنى من النار قال ( لقد سألت عن عظيم وانه يسير على من يسر اللّه تعالى تعبد اللّه لا تشرك به شيأ وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا ادلك على ابواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفأ النار بالماء وصلاة الرجل فى جوف الليل ) ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } الآية ثم قال ( ألا اخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه الجهاد ) ثم قال ( ألا اخبرك بملاك ذلك كله ) قلت بلى يا رسول اللّه فاخذ بلسانه وقال ( كف عليك هذا ) قلت يا نبى اللّه وانا المؤاخذون بما نتكلم به فقال ( ثكلتك امك وهل يكب الناس فى النار على وجوههم او على مناخرهم الا حصائد ألسنتهم ) تراديده درسر نهادند وكوش ... دهن جاى كفتار ودل جاى هوش مكر بازدانى نشيب ازفراز ... نكويىكه اين كوته است آن دراز ٧ { ان تكفروا } به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه ومعرفة شؤونه العظيمة فى قوله تعالى { ان تكفروا انتم ومن فى الارض جميعا } { فان اللّه غنى عنكم } وعن العالمين اى فاعلموا انه تعالى غنى عن ايمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما والغنى هو الذى يستغنى عن كل شىء لا يحتاج اليه لا فى ذاته ولا فى صفاته لانه الواجب من جميع جهاته { ولا يرضى لعباده الكفر } وان تعلقت به ارادته تعالى من بعضهم اى عدم رضاه بكفر عباده لاجل منفعتهم ودفع مضرتهم رحمة عليهم لا لتضرره به تعالى . وانما قيل لعباده لا لكم لتعميم الحكم للمؤمنين والكافرين وتعليله بكونهم عباده واعلم ان الرضى ترك السخط واللّه تعالى لا يترك السخط فى حق الكافر لانه لسخطه عليه اعد له جهنم ولا يلزم منه عدم الارادة اذ ليس فى الارادة ما فى الرضى من نوع استحسان فاللّه تعالى مريد الخير والشر ولكن لا يرضى بالكفر والفسوق فان الرضى انما يتعلق بالحسن من الافعال دون القبيح وعليه اهل السنة وكذا اهل الاعتزال وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما والذى لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين ذكرهم فى قوله { ان عبادى ليس لك عليهم سلطان } فيكون عاما مخصوصا كقوله { عينا يشرب بها عباد اللّه } يريد بعض العباد وعليه بعض الماتريدية حيث قالوا ان اللّه يرضى بكفر الكافر ومعصية العاصى كما انه يريدهما صرح بذلك الخصاف فى احكام القرآن ونقل ان هشام بن عبد الملك انما قتل غيلان القدرى باشارة علماء الشأم بقوله ان اللّه لا يرضى لعباده الكفر قال هشام ان لم يكن اللّه قادرا على دفع الكفر عن الكفار يكون عاجزا فلا يكون الها وان قدر فلم يدفع يكون راضيا فافحم غيلان وفى الاسئله المقحمة فان قيل هل يقولون بان كفر الكافر قد رضيه اللّه تعالى للكافر قلنا ان اللّه تعالى خلق كفر الكافر ورضيه له وخلق ايمان المؤمن ورضيه له وهو مالك الملك على الاطلاق وتكلف بعض اهل الاصول فقال ان اللّه تعالى لا يرضى بكون الكفر حسنا ودينا لانه تعالى يرضى وجوده وهو حسن ولا يخلقه وهو حسن وعلى هذا معنى قوله تعالى { واللّه لا يحب الفساد } والاليق باهل الزمان والابعد عن التشنيع والاقرب ان لا يرضى من عباده الكفر مؤمنا كان او كافرا يقول الفقير ان رضى اللّه بكفر الكافر ومعصية العاصى اختياره وارادته له فى الازل فلذا لم يتغير حكمه فى الابد لا مدحه وثناؤه وترك السخط عليه فارتفع النزاع ومن تعمق فى اشارة قوله تعالى { ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم } انكشف له حقيقة الحال { وان تشكروا } تؤمنوا به تعالى وتوحدوه يدل عليه ذكره فى مقابلة الكفر { يرضه لكم } اصله يرضاه على ان الضمير عائد الى الشكر حذف الالف علامة للجزم وهو باختلاس ضمة الهاء عند اهل المدينة وعاصم وحمزة وباسكان الهاء عند ابى عمرو وباشباع ضمة الهاء عند الباقين لانها صارت بخلاف الالف موصولة بمتحرك. والمعنى يرضى الشكر والايمان لاجلكم ومنفعتكم لانه سبب لفوزكم بسعادة الدارين لا لانتفاعه تعالى به وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرضى لكفركم لانه موجب للعذاب الشديد ويرضى لشكركم لانه موجب لمزيد النعمة وذلك لان رحمته سبقت غضبه يقول يا مسكين انا لا ارضى لك ان لا تكون لى يا قليل الوفاء كثير التجنى فان اطعتنى شكرتك وان ذكرتنى ذكرتك { ولا تزر وازرة وزر اخرى } بيان لعدم سراية كفر الكافر الى غيره اصلا . والوز الحمل الثقيل ووزره اى حمله . والمعنى ولا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس اخرى من الذنب والمعصية [ بلكه هريك بردارنده وزر خود بردارد جنانكه كناه كسى دردفتر ديكر نمىنوبسند ] كه كناه دكران برتونخواهند نوشت ... { ثم الى ربكم مرجعكم } اى رجوعكم بالبعث بعد الموت لا الى غيره { فينبئكم } عند ذلك : وبالفارسية [ بس خبر دهد شمارا ] { بما كنتم تعملون } اى بما كنتم تعملونه فى الدنيا من اعمال الكفر والايمان اى يجازيكم بذلك ثوابا وعقابا كما قال الكاشفى [ واخبار ازآن بمحاسبه ومجازات باشد ] وفى تفسير ابى السعود فى غير هذا المحل عبر عن اظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لكم على رؤس الاشهاد ويعلمكم أى شىء شنيع كنتم تفعلونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء { انه } تعالى { عليم بذات الصدور } تعليل للتنبئة اى مبالغ فى العلم بمضمرات القلوب فكيف بالاعمال الظاهرة واصله عليم بمضمرات صاحبة الصدور وفى الآية دليل على ان ضرر الكفر والطغيان يعود الى نفس الكافر كما ان نفع الشكر والايمان يعود الى نفس الشاكر واللّه غنى عن العالمين كما وقع فى الكلمات القدسية ( يا عبادى لو ان اولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ) اى على تقوى اتقى قلب رجل ( ما زاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان اولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ ) وفى آخر الحديث فمن وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه واعلم أن الشكر سبب الرضوان ألا ترى الى قوله تعالى وان تشكروا يرضه لكم ولشرف الشكر امر انبياءه فقال لموسى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين روى أنه اخذ التوارة وهى خمسة الواح او تسعة من الياقوت وفيها مكتوب يا موسى من لم يصبر على قضائى ولم يشكر نعمائى فليطلب ربا سواى وكان الانبياء لمعرفتهم لفضل الشكر يبادرون اليه روى أنه عليه السلام لما تورمت قداماه من قيام الليل اى انتفختا من الوجع الحاصل من طول القيام فى الصلاة قالت عائشة رضى اللّه عنها أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال عليه السلام افلا اكون عبدا شكورا اى مبالغا فى شكر ربى وفى ذلك تنبيهه على كمال فضل قيام الليل حيث جعله النبى عليه السلام شكرا لنعمته تعالى ولا يخفى أن نعمه عظيمة وشكره ايضا عظيم فاذا جعل النبى عليه السلام قيام الليل شكراً لمثل هذه نعم الجليلة ثبت أنه من اعظم الطاعات وافضل العبادات وفى الحديث صلاة فى مسجدى هذا افضل من عشرة آلاف فى غيره الا المسجد الحرام وصلاة فى المسجد الحرام افضل من مائة ألف صلاة فى غيره ثم قال ألا ادلكم على ما هو افضل من ذلك قالوا نعم قال رجل قام فى سودا الليل فاحسن الوضوء وصلى ركعتين يريد بهما وجه اللّه تعالى وعن عائشة رضى اللّه عنها أن النبى عليه السلام كان اذا فاته قيام الليل بعذر قضاه ضحواة اى من غير وجوب عليه بل على طريق الاحتياط فان الورد الملتزم اذا فات عن محله يلزم أن يتدارك فى وقت آخر حتى يتصل الاجر ولا ينقطع الفيض فانه بدوام التوجه يحصل دوام العطا وشرط عليه السلام ارادة وجه اللّه تعالى فانه تعالى لا يقبل ما كان لغيره ولذا وعدوا وعد بقوله انه عليم بذات الصدور فمن اشتمل صدره على الخلوص تخلص من يد القهره ومن اشتمل على الشرك والرياء وجد اللّه عند عمله فوفاه حسابه اكر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات اكر جانب حق ندارى نكاه ... بكويى بروز اجل آه آه جه وزن آورد جايى انبان باد ... كه ميزان عدلست وديوان داد مرايى كه جندان عمل مى نمود ... بديدند هيجش در انبان نبوت منه آب روى ريارا محل ... كه اين آب در زير دارد وحل جعلعنا اللّه واياكم من الصالحين الصادقين المخلصين فى الاقوال والافعال والاحوال دون الفاسقين الكاذبين المرائين آمين يا كريم العفو كثير النوال ٨ { واذا مس الانسان ضر } اصابه ووصل اليه سوء حال من فقر او مرض او غيرهما وبالفارسية وجون آنكاه كه بر سيد ايشانرا سختى . قال الراغب المس يقال فى كل ما ينال الانسان من اذى والضر يقابل بالسرآء والنعماء والضرر بالنفع { دعا ربه } فى كشف ذالك الضر حال كونه { منيبا اليه } راجعا اليه مما كان يدعوه فى حالة الانابة الى اللّه والرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل والنوب رجوع الشىء مرة بعد اخرى وهذا وصف للجنس بحال بعض افراده كقوله تعالى ان الانسان لظلوم كفار وفيه اشارة الى أن من طبيعة الانسان انه اذا مسه ضر خشع وخضع والى ربه فزع وتملق بين يديه وتضرع ( وفى المثنوى ) بندمى نالد بحق ازدر دونيش ... صد شكايت ميكند از رنج خويش حق همى كويدكه آخر رنج ودرد ... مر ترا لابه كان او راست كرد در حقيقت هر عددرا روى تست ... كيميا ونافع دلجوى تست كه از واندر كريزى درخلا ... استعانت جويى از لطف خدا در حقيقت دوستان دشمن اند ... كه زحضرت دور و مشغولت كنند { ثم اذا خوله نعمة منه } اى اعطاه نعمة عظيمة من جنابه تعالى وازال عنه ضره وكفاه امره واصلح باله واحسن حاله من التخول وهو العتهد اى المحافظة والمراعاة اى جعله خائل مال من قولهم فلان خائل ماله اذا كان متعهدا له حسن القيام به ومن شأن الغنى الجواد أن يراعى احوال الفقرآء او من الخول وهو الافتخار لان الغنى يكون متكبرا طويل الذيل اى جعله يخول اى يختال ويفتخر بالنعمة { نسى ما كان يدعو اليه } اى نسى الضر الذى كان يدعو اللّه الى كشفه { من قبل } اى من قبل التخويل كقوله تعالى مر كألم يدعنا الى ضر مسه او نسى ربه الذى كان يدعوه ويتضره اليه اما بناء على أن ما بمعنى من كما فى قوله تعالى وما خلق الذكر والانثى واما ايذانا بأن نسيانه بلغ الى حيث لا يعرف مدعوه ما هو فضلا عن أن يعرفه من هو فيعود الى رأس كفرانه وينهمك فى كبائر عصيانه ويشرك بمعبوده ويصر على جحوده وذلك لكون دعائه المحسوس معلولا بالضر الممسوس لا ناشئا عن الشوق الى اللّه المأنوس ( وفى المثنوى ) آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى زعقل روشن جون كنج بود جونكه شد ربح آن ندامت شدعدم ... مى نيرز دخاك آن توبه ندم ميكند او توبه و بير خرد ... بابك لوردوا لعادوامى زند وفى عرآئس البقلى وصف اللّه اهل الضعف من اليقين اذا مسه ألم امتحانه دعاه بغير معرفته واذا وصل اليه نعمته احتجب بالنعمة عن المنعم فبقى جاهلا من كلا الطريقين لا يكون صابرا فى البلاء ولا شاكرا فى النعماء وذلك من جهله بربه ولو ادركه بنعت المعرفة وحلاوة المحبة لبذل له نفسه حتى يفعل به ما يشاء وقال بعضهم اقل العبيد علما ومعرفة أن يكون دعاؤه لربه عند نزول ضر به فان من دعاه بسبب او لسبب فذلك دعاء معلول مدخول حتى يدعوه رغبة فى ذكره وشوقا اليه وقال الحسين من نسى الحق عند العوافى لم يجب اللّه دعاءه عند المحن والاضطرار ولذلك قال النبى عليه السلام لعبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما تعرف الى اللّه فى الرخاء يعرفك فى الشدة وقال النهر جورى لا تكون النعمة التى تحمل صاحبها الى نسيان المنعم نعمة بل هى الى النقم اقرب اين كله زان نعمتى كن كت زند ... ازدرما دور مطرودت كند { وجعل لله اندادا } شركاء فى العبادة اى رجع الى عبادة الاوثان جمع ند وهو يقال لما يشارك فى الجوهر فقط كما فى المفردات وقال فى بحر العلوم هو المثل المخالف اى امثالا يعتقد انها قادرة على مخالفة اللّه ومضادته { ليضل } الناس بذلك يعنى تاكمراه كندمر دمانرا { عن سبيله } الذى هو التوحيد . والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك استعين للتوحيد لانه موصل الى اللّه تعالى ورضاه قرى ليضل بفتح الياء اى ليزداد ضلالا او يثبت عليه والا فاصل الضلال غير متأخر عن الجعل المذكور واللام لام العاقبة فان النتيجة قد تكون غرضا فى الفعل وقد تكون غير غرض والضلال والاضلال ليسا بغرضين بل نتيجة الجعل وعاقبته { قل } الامر الآتى للتهديد كقوله { اعملوا ما شئتم } فالمعنى قل يا محمد تهديدا لذلك الضال المضل وبيانا لحاله ومآله وفى التأويلات النجمية قل للانسان الذى هذه طبيعته فى السراء والضراء { تمتع بكفرك قليلا } اى تمتعا قليلا فهو صفة مصدر محذوف او زمانا قليلا فهو صفة زمان محذوف يعنى : [ ازمتمتعات بهرجه خواهى اشتغال كن دردنيا تاوقت مرك والتمتع برخوردارى كرفتن ] يعنى الانتفاع { انك من اصحاب النار } فى الآخرة اى من ملازميها والمعذبين فيها على الدوام [ ولذتهاى دنيا درجنب شدت عذاب دوزخ بغايت محقراست ] وهو تعليل لقلة التمتع وفيه من الاقناط من النجاة ما لا يخفى كأنه قيل واذ قد ابيت قبول ما امرت به من الايمان والطاعة فمن حقك ان تؤمر بتركه لتذوق عقوبته وفيه اشارة الى ان من صاحب فى الدنيا اهل النار وسلك على اقدام مخالفات المولى وموافقات الهوى طريق الدركات السفلى وهو صاحب النار واهلها والى ان عمر الدنيا قليل فكيف بعمر الانسان وان التمتع بمشتهيات الدنيا لا يغنى عن الانسان شيأ فلا بد من الانتباه قبل نداء الاجل وصلى ابو الدرداء رضى اللّه عنه فى مسجد دمشق ثم قال يا اهل دمشق الا تستحيون الى متى تؤملّون ما لا تبلغون وتجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون ان من كان قبلكم امّلوا بعيدا وبنوا مشيدا وجمعوا كثيرا فاصبح املهم غرورا وجمعهم بورا ومساكنهم قبورا وذكر فى الاخبار ان رجلا قال لموسى عليه السلام ادعو اللّه ان يرزقنى مالا فدعا ربه فاوحى اللّه اليه يا موسى أقليلا سألت ام كثيرا قال يا رب كثيرا قال فاصبح الرجل اعمى فغدا على موسى فتلقاه سبع فقتله فقال موسى يا رب سألتك ان ترزقه كثيرا واكله السبع فاوحى اللّه اليه يا موسى انك سألت له كثيرا وكل ما كان فى الدنيا فهو قليل فاعطيته الكثير فى الآخرة فطوبى لمن ابغض الدنيا وما فيها وعمل للآخرة والمولى قبل دنو الاجل وظهور الكسل جعلنا اللّه واياكم من المتيقظين آمين ٩ { امن } بالتشديد على ان اصله ام من والاستفهام بمعنى التقرير والمعنى الكافر القاسى الناسى خير حالا واحسن مالا ام من وهو عثمان بن عفان رضى اللّه عنه على الاشهر ويدخل فيه كل من كان على صفة التزكية ومن خفف الميم تبع المصحف لان فيه ميما واحدة فالالف للاستفهام دخلت على من ومعناه ام من { هو قانت } كمن ليس بقانت القنوت يجيىء على معانى . منها الدعاء فقنوت الوتر دعاؤه واما دعاء القنوت فالاضافة فيه بيانية كما فى حواشى اخى جلبى . ومنها الطاعة كما فى قوله تعالى { والقانتات } ومنها القيام فالمصلى قانت اى قائم وفى الفروع وطول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام ( افضل الصلاة طول القنوت ) اى القيام كما فى الدرر وفى الحديث ( مثل المجاهد فى سبيل اللّه كمثل القانت الصائم ) يعنى المصلى الصائم كما فى كشف الاسرار . والتعقيب بآناء اللّه وبساجدا وقائما يخصصه اى القنوت بالقيام فالمعنى ام من هو قائم { آناء الليل } اى فى ساعاته واحده انى بكسر الهمزة وفتحها مع فتح النون وهو الساعة وكذا الانى والانو بالكسر وسكون النون يقال مضى انوان وانيان من الليل اى ساعتان { ساجدا } حال من ضمير قانت اى حال كونه ساجدا { وقائما } تقديم السجود على القيام لكونه ادخل فى معنى العبادة والواو للجمع بين الصفتين . والمراد بالسجود والقيام الصلاة عبر عنها بهما لكونهما من اعظم اركانها . فالمعنى قانت اى قائم طويل القيام فى الصلاة كما يشعر به آناء الليل لانه اذا قام فى ساعات الليل فقد اطال القيام بخلاف من قام فى جزء من الليل { يحذر الآخرة } حال اخرى على الترادف او التداخل او استئناف كأنه قيل ما باله يفعل القنوت فى الصلاة فقيل يحذر عذاب الآخرة لايمانه بالبعث { ويرجو رحمة ربه } اى المغفرة او الجنة لا انه يحذر ضرّ الدنيا ويرجو خيرها فقط كالكافر وفى التأويلات النجمية يشير الى القيام باداء العبودية ظاهرا وباطنا من غير فتور ولا تقصير { يحذر الآخرة } ونعيمها كما يحذر الدنيا وزينتها { ويرجو رحمة ربه } لا نعمة ربه انتهى ودلت الآية على ان المؤمن يجب ان يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمة ربه لعمله ويحذر عذابه لتقصيره فى عمله ثم الرجاء اذا جاوز حدّه يكون امنا والخوف اذاجاوز حدّه يكون اياسا وكل منهما كفر فوجب ان يعتدل كما قال عليه السلام ( لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا ) كرجه دارى طاعتى ازهيبتش ايمن مباش ... وركنه دارى زفيض رحمتش دل برمدار نيك ترسان شوكه قهراوست بيرون ازقياس ... باش بس خوش دل كه لطف اوست افزون ازشمار ثم فى الآية تحريض على صلاة الليل وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه قال من احب ان يهوّن اللّه عليه الموقف يوم القيامة فليره اللّه فى سواد الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه كما فى تفسير الحدادى قال ربيعة بن كعب الاسلمى رضى اللّه عنه كنت ابيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاتيت بوضوئه وحاجته فقال لى ( سل ) فقلت اسألك مرافقتك فى الجنة فقال ( أو غير ذلك ) فقلت هو ذلك قال ( فاعن نفسك على كثرة السجود ) اى بكثرة الصلاة قال بعض العارفين ان اللّه يطلع على قلوب المستيقظين فى الاسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر العوافى من قلوبهم الى قلوب الغافلين خروسان درسحر كويدكه قم يا ايها الغافل ... سعادت آنكسى داردكه وقت صبح بيدارست { قل } بيانا للحق وتنبيها على شرف العلم والعمل { هل يستوى الذين يعلمون } حقائق الاعمال فيعملون بموجب علمهم كالقانت المذكور { والذين لا يعلمون } ما ذكر فيعملون بمقتضى جهلهم وضلالهم كالكافر . والاستفهام للتنبيه على كون الاولين فى اعلى معارج الخير وكون الآخرين فى اقصى مدارج الشر وفى بحر العلوم الفعل منزل منزلة اللازم ولم يقدّر له مفعول لان المقدر كالمذكور . والمعنى لا يستوى من يوجد فيه حقيقة العلم ومن لا يوجد { انما يتذكر اولو الالباب } كلام مستقل غير داخل فى الكلام المأمور به وارد من جهته تعالى اى انما يتعظ بهذه البيانات الواضحة اصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل والوهم وهؤلاء بمعزل عن ذلك قيل قضية اللب الاتعاظ بالآيات ومن لم يتعظ فكأنه لا لب له ومثله مثل البهائم وفى المفردات اللب العقل الخالص من الشوائب وسمى بذلك لكونه خالص ما فى الانسان من قواه كاللباب من الشىء وقيل هو ما زكا من العقل فكل لب عقل وليس كل عقل لبا ولذا علق اللّه تعالى الاحكام التى لا تدركها الا العقول الزكية باولى الالباب نحو قوله { ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وما يذكر الا اولوا الالباب } ونحو ذلك من الآيات انتهى وفى التأويلات النجمية { هل يستوى الذين يعلمون } قدر جوار اللّه وقربته ويختارونه على الجنة ونعيمها { والذين لا يعلمون } قدره { انما يتذكر } حقيقة هذا المعنى { اولوا الالباب } وهم الذين انسلخوا من جلد وجودهم بالكلية وقد ماتوا عن انانيتهم وعاشوا بهويته انتهى وفى الآية بيان لفضل العلم وتحقير للعلماء الغير العاملين فهم عند اللّه جهلة حيث جعل القانتين هم العلماء قال الشيخ السهروردى فى عوارف المعارف ارباب الهمة اهل العلم الذين حكم اللّه تعالى لهم بالعلم فى قوله تعالى { ام من هو قانت آناء الليل } الى قوله { قل هل يستوى } الخ حكم لهؤلاء الذين قاموا بالليل بالعلم فهم لموضع علمهم ازعجوا النفوس عن مقار طبيعتها ورقوها بالنظر الى اللذات الروحانية الى ذرى حقيقتها فتجافت جنوبهم عن المضاجع وخرجوا من صفة الغافل الهاجع انتهى وفى الحديث ( يشفع يوم القيامة ثلاث الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء ) وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فاعطى المال والملك وفى الخبر ان اللّه تعالى ارسل جبرائيل الى آدم عليهما السلام بالعقل والحياء والايمان فخيره بينهن فاختار العقل فتبعاه وفى بعض الروايات ارسل بالعلم والحياء والعقل فاستقر العلم فى القلب والحياء فى العين والعقل فى الدماغ وفى الحديث ( من احب ان ينظر الى عتقاء اللّه من النار فلينظر الى المتعلمين فوالذى نفسى بيده ما من متعلم يختلف الى باب العلم الا كتب اللّه له بكل قدم عبادة سنة وبنى له بكل قدم مدينة فى الجنة ويمشى على الارض تستغفر له ويستغفر له كل من يمشى على الارض ويمسى ويصبح مغفور الذنب وشهدت الملائكة هؤلاء عتقاء اللّه من النار ) وذكر ان شرف العلم فوق شرف النسب ولذا قيل ان عائشة رضى اللّه عنها افضل من فاطمة رضى اللّه عنها ولعله المراد بقول الامالى وللصدّيقة الرجحان فاعلم ... على الزهراء فى بعض الخصال لان النبى عليه السلام قال ( خذوا ثلثى دينكم من عائشة ) واما اكثر الخصال فالرجحان للزهراء على الصدّيقة كما دل عليه قوله عليه السلام ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ) وفى الحديث ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) قال فى الاحياء اختلف الناس فى العلم الذى هو فرض على كل مسلم فقال المتكلمون هو علم الكلام اذ به يدرك التوحيد ويعلم ذات اللّه وصفاته وقال الفقهاء هو علم الفقه اذ به يعرف العبادات والحلال والحرام وقال المفسرون والمحدثون هو علم الكتاب والسنة اذ بهما يتوصل العلوم كلها وقال المتصوفة هو علم التصوّف اذ به يعرف العبد مقامه من اللّه تعالى . وحاصله ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذى هو بصدده قوله ( على كل مسلم ) اى مكلف ذكرا كان او انثى قال فى شرح الترغيب مراده علم ما لا يسع الانسان جهله كالشهادة باللسان والاقرار بالقلب واعتقاد ان البعث بعد الموت ونحوه حق وعلم ما يجب عليه من العبادات وامر معايشه كالبيع والشراء فكل من اشتغل بامر شرعىّ يجب طلب علمه عليه مثلا اذا دخل وقت الصلاة تعين عليه ان يعرف الطهارة وما يتيسر من القرآن ثم تعلم الصلاة وان ادركه رمضان وجب عليه ان ينظر فى علم الصيام وان اخذه الحج وجب عليه حينئذ علمه وان كان له مال وحال عليه الحول تعين عليه علم زكاة ذلك الصنف من المال لا غير وان باع او اشترى وجب عليه علم البيوع والمصارفة وهكذا سائر الاحكام لا يجب عليه الا عند ما يتعلق به الخطاب فان قيل يضيق الوقت على نيل علم ما خوطب به فى ذلك الوقت قلنا لسنا نريد عند حلول الوقت المعين وانما نريد بقربه بحيث ان يكون له من الزمان بقدر ما يحصل ذلك العلم المخاطب به ويدخل عقيبه وقت العمل وهذا المذكور هو المراد بعلم الحال فعلم الحال بمنزلة الطعام لا بد لكل احد منه وعلم ما يقع فى بعض الاحايين بمنزلة الدواء يحتاج اليه فى بعض الاوقات وقال فى عين العلم المراد المكاشفة فيما ورد ( فضل العالم على العابد كفضلى على امتى ) اذ غيره وهو علم المعاملة تبع للعمل لثبوته شرطا له وكذا المراد المعاملة القلبية الواجبة فيما ورد ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) اى يفترض عليه علم احوال القلب من التوكل والانابة والخشية والرضى فانه واقع فى جميع الاحوال وكذلك فى سائر الاخلاق نحو الجود والبخل والجبن والجراءة والتكبر والتواضع والعفة والشره والاسراف والتقتير وغيرها ويمتنع ان يراد غير هذه المعاملات اما التوحيد فللحصول واما الصلاة فلجواز ان يتأهلها شخص وقت الضحى بالاسلام او البلوغ ومات قبل الظهر فلا يفترض عليه طلب علم تلك الصلاة فلا يستقيم العموم المستفاد من كل لفظة كل وكذا المراد علم الآخرة مطلقا اى مع قطع النظر عن المعاملة والمكاشفة فيما ورد { قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون } لئلا يفضل علماء الزمان على الصحابة فمجادلة الكلام والتعمق فى فتاوى ندر وقوعها محدث وبالجملة علم التوحيد اشرف العلوم لشرف معلومه وكل علم نافع وان كان له مدخل فى التقرب الى اللّه تعالى الا ان القربة التامة انما هى بالعلم الذى اختاره الصوفية المحققون على ما اعترف به الامام الغزالى رحمه اللّه فى منقذ الضلال . وكان المتورعون من علماء الظاهر يعترفون بفضل ارباب القلوب ويحلفون الى مجالسهم . وسأل بعض الفقهاء ابا بكر الشبلى قدس سره اختبارا لعلمه وقال كم فى خمس من الابل فقال اما الواجب فشاة واما عندنا فكلها لله فقال وما دليلك فيه قال ابو بكر رضى اللّه حين خرج عن جميع ماله لله ولرسوله فمن خرج عن ماله كله فامامه ابو بكر رضى اللّه عنه ومن ترك بعضه فامامه عمر رضى اللّه عنه ومن اعطى لله ومنع لله فامامه عثمان رضى اللّه عنه ومن ترك الدنيا لاهلها فامامه على رضى اللّه عنه فكل علم لا يدل على ترك الدنيا فليس بعلم وقد قال عليه السلام ( اعوذ بك من علم لا ينفع ) وهو العلم الذى لا يمنع صاحبه عن المنهى ولا يجره الى المأمور به وفى كشف الاسرار [ علم سه است علم خبرى وعلم الهامى وعلم غيبى . علم خبرى كوشها شنود . وعلم الهامى دلها شنود . وعلم غيبى جانها شنود . علم خبرى بروايت است . علم الهامى بهدايت است . علم غيبى بعنايت است . علم خبرى راكفت { فاعلم انه لا اله الا اللّه } ( فقدم العلم لانه امام العمل ) علم الهامى راكفت { ان الذين اوتوا العلم من قبله } علم غيبى راكفت { وعلمناه من لدنا علما } ووراى اين همه علمىست كه وهم آدمى بدان نرسد وفهم ازان درماند ] وذلك علم اللّه عز وجل بنفسه على حقيقته قال اللّه تعالى { ولا يحيطون به علما } قال الشبلى قدس سره العلم خبر والخبر جحود وحقيقة العلم عندى بعد اقوال المشايخ الاتصاف بصفة الحق من حيث علمه حتى يعرف ما فى الحق وقال بعض الكبار المقامات كلها علم والعلم حجاب اى ما لم يتصل بالمعلوم ويفنى فيه وكذا الاشتغال بالقوانين والعلوم الرسمية حجاب مانع عن الوصول وذلك لان العلم الالهى الذى يتعلق بالحقائق الالهية لا يحصل الا بالتوجه والافتقار التام وتفريغ القلب وتعريته بالكلية عن جميع المتعلقات الكونية والعلوم والقوانين الرسمية واما علم الحال فمن مقدمات السلوك فحجبه مانع لا هو نفسه وعينه ولا يدعى احد ان العلم مطلقا حجاب وكيف يكون حجابا وهو سبب الكشف والعيان لكن لا بد من فنائه فى وجود العالم وفناء ما يقتضيه من الافتخار والتكبر والازدراء بالغير ونحوها ولكون بقائه حجابا قلما سلك العلماء بالرسوم نسأل اللّه سبحانه ان يزين ظواهرنا بالشرائع والاحكام وينور بواطننا بانواع العلوم والالهام ويجعلنا من الذين يعلمون وهم الممدوحون لا من الذين لا يعلمون وهم المذمومون آمين وهو المعين ١٠ { قل يا عباد الذين آمنوا } اى قل لهم قولى هذا بعينه وفيه تشريف لهم باضافتهم الى ضمير الجلالة فان اصله يا عبادى بالياء حذفت اكتفاء بالكسرة وفى كشف الاسرار [ اين خطاب باقومى است كه مراد نفسه خويش بموافقت حق بدادند ورضاى اللّه برهواى نفس بركزيدند تاصفت عبوديت ايشان درست كشت ورب العالمين رقم اضافت بر ايشان كشيدكه { يا عبادى } ومصطفى عليه السلام كفت ( من مقت نفسه فى ذات اللّه آمنه اللّه من عذاب يوم القيامة ) وابو يزيد بسطامى قدس سره ميكويد اكر فرادى قيامت مراكويندكه آرزويى كن آرزوى من آنست بدوزخ اندر آيم واين نفس برآتش عرض كنم كه دردنيا ازوبسيار بيجيدم ورنج وى كشيدم ] انتهى وايضا ان اخص الخواص هم العباد الذين خلصوا من عبودية الغير من الدنيا والآخرة لكونهما مخلوقتين وآمنوا باللّه الخالق ايمان الطلب شوقا ومحبة { اتقوا ربكم } اى اثبتوا على تقوى ربكم لان بالايمان حصول التقوى عن الكفر والشرك او اتقوا عذابه وغضبه باكتساب طاعته واجتناب معصيته او اتقوا به عما سواه حتى تتخلصوا من نار القطيعة وتفوزوا بوصاله ونعيم جماله { للذين احسنوا فى هذه الدنيا } اى عملوا الاعمال الحسنة فى هذه الدنيا على وجه الاخلاص ورأسها كلمة الشهادة فانها احسن الحسنات { حسنة } مبتدأ وخبره للذين وفى هذه الدنيا متعلق باحسنوا وفيه اشارة الى قوله ( الدنيا مزرعة الآخرة ) اى حسنة ومثوبة عظيمة فى الآخرة لا يعرف كنهها وهى الجنة والشهود لان جزاء الاحسان الاحسان والاحسان ان تعبد اللّه كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فالمحسن هو المشاهد وبمشاهدة اللّه يغيب ما سوى اللّه فلا يبقى الا هو وذلك حقيقة الاخلاص واما غير المحسن فعلى خطر لبقائه مع ما سوى اللّه تعالى فلا يأمن من الشرك والرياء القبيح ومن كان عمله قبيحا لم يكن جزاؤه حسنا وفى التأويلات النجمية { للذين احسنوا } فى طلبى { في هذه الدنيا } ولا يطلبون منى غيرى حسنة اى لهم حسنة وجدانى يعنى حسن الوجدان مودع فى حسن الطلب : قال الخجندى بكوش تابكف آرى كليد كنج وجود ... كه بى طلب نتوان يافت كوهر مقصود توجاكر در سلطان عشق شو جواياز ... كه هست عاقبت كار عاشقان محمود { وارض اللّه واسعة } فمن تعسر عليه التوفر على التقوى والاحسان فى وطنه فليهاجر الى حيث يتمكن فيه من ذلك كما هو سنة الانبياء والصالحين فانه لا عذر له فى التفريط اصلا وفيه حث على الهجرة من البلد الذى يظهر فيه المعاصى وقد ورد ( ان من فر بدينه من ارض الى ارض وجبت له الجنة ) وانما قال بدينه احترازا عن الفرار بسبب الدنيا ولاجلها خصوصا اذا كان المهاجر اليه اعصى من المهاجر منه وفى التأويلات النجمية يشير الى حضرة جلاله انه لا نهاية لها فلا يغتر طالب بما يفتح عليه من ابواب المشاهدات والمكاشفات فيظن انه قد بلغ المقصد الاعلى والمحل الاقصى فانه لا نهاية لمقامات القرب ولا غاية لمراتب الوصول : وفى المثنوى اى برادر بى نهايت دركهيست ... هر كجاكه ميرسى باللّه مأيست { انما يوفى الصابرون } الذين صبروا على دينهم فلم يتركوه للاذى وحافظوا على حدوده ولم يفرطوا فى مراعاة حقوقه لما اعتراهم فى ذلك من فنون الآلام والبلايا التى من جملتها مهاجرة الاهل ومفارقة الاوطان [ والتوفية : تمام بدادن ] قال فى المفردات توفية الشىء بذله وافيا كاملا واستيفاؤه تناوله وافيا . والمعنى يعطون { اجرهم } بمقابلة ما كابدوا من الصبر { بغير حساب } اى بحيث لا يحصى ويحصر وفى الحديث ( انه تنصب الموازين يوم القيامة لاهل الصلاة والصدقة والحج فيوفون بها اجورهم ولا تنصب لاهل البلاء بل يصب عليهم الاجر صبا حتى يتمنى اهل المعافاة فى الدنيا ان اجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به اهل البلاء من الفضل ) تو مبين رنجورى غمديدكان ... كاندران رنجيده ازبكزيد كان هركرا از زخمها غم بيشتر ... لطف يارش داده مرهم بيشتر قال سفيان لما نزل { من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } قال عليه السلام ( رب زد لامتى ) فنزل { مثل الذين ينفقون اموالهم فى سبيل اللّه كمثل حبة انبتت سبع سنابل فى كل سنبة مائة حبة } فقال عليه السلام ( رب زد لامتى ) فنزل { انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب } فانتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم . وسئل النبى عليه السلام أى الناس اشد بلاء قال ( الانبياء ثم الامثل فالامثل يبتلى الرجل على حسب دينه ) فان كان فى دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان فى دينه ذا رقة هون عليه فما زال كذلك حتى يمشى على الارض كمن ليس له ذنب وقال صلّى اللّه عليه وسلّم ( ان العبد اذا سبقت له من اللّه منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه اللّه فى جسده او فى ماله او فى ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلغه المنزلة التى سبقت له من اللّه ) وان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان اللّه عز وجل اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط وفى عرائس البقلى وصف اللّه القوم باربع خصال بالايمان والتقوى والاحسان والصبر فاما ايمانهم فهو المعرفة بذاته وصفاته من غير استدلال بالحدثان بل عرفوا اللّه باللّه واما تقواهم فتجريدهم انفسهم عن الكون حتى قاموا بلا احتجاب عنه واما احسانهم فادراكهم رؤيته تعالى بقلوبهم وارواحهم بنعت كشف جماله واما صبرهم فاستقامتهم فى مواظبة الاحوال وكتمان الكشف الكلى وحقيقة الصبر ان لا يدعى الديمومية بعد الاتصاف بها ومعنى { ارض اللّه واسعة } ارض القلوب ووسعها بوسع الحق فاذا كان العارف بهذه الاوصاف فله اجران اجر الدنيا وهو المواجيد والواردات الغريبة واجر الآخرة وهو غوصه فى بحار الآزال والآباد والفناء فى الذات والبقاء فى الصفات قال الحارث المحاسبى الصبر التهدّف لسهام البلاء وقال طاهر المقدسى الصبر على وجوه صبر منه وصبر له وصبر عليه وصبر فيه اهونه الصبر على اوامر اللّه وهو الذى بين اللّه ثوابه فقال { انما يوفى الصابرون } الخ وقال يوسف بن الحسين ليس بصابر من يتجرع المصيبة ويبدى فيها الكراهة بل الصابر من يتلذذ بصبره حتى يبلغ به الى مقام الرضى ١١ { قل } روى ان كفار قريش قالوا للنبى عليه السلام ما يحملك على الذى اتيتنا به ألا تنظر الى ملة آبائك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى فتأخذ بتلك الملة فقال تعالى قل يا محمد للمشركين { انى امرت } من جانبه تعالى { ان } اى بان { اعبد اللّه } حال كونى { مخلصا له الدين } اى العبادة من الشرك والرياء بان يكون المقصد من العبادة هو المعبود بالحق لا غير كما فى قوله تعالى { قل انما امرت ان اعبد اللّه ولا اشرك به } ١٢ { وامرت } بذلك { لان اكون اول المسلمين } من هذه الامة اى لاجل ان اكون مقدمهم فى الدنيا والآخرة لان السبق فى الدين انما هو بالاخلاص فيه فمن اخلص عدّ سابقا فاذا كان الرسول عليه السلام متصفا فى الدين انما هو بالاخلاص قبل اخلاص امته فقد سبقهم فى الدين اذ لا يدرك المسبوق مرتبة السابق ألا ترى الى الاصحاب مع من جاء بعدهم والظاهر ان اللام مزيدة فيكون كقوله تعالى { وامرت ان اكون اول من اسلم } فالمعنى وامرت ان اكون اول من اسلم من اهل زمانى لان كل نبى يتقدم اهل زمانه فى الاسلام والدعاء الى خلاف دين الآباء وان كان قبله مسلمون قال بعضهم الاخلاص ان يكون جميع الحركات فى السر والعلانية لله تعالى وحده لا يمازجه شىء وقال الجنيد قدس سره امر جميع الخلق بالعبادة وامر النبى عليه السلام بالاخلاص فيها اشارة الى ان احدا لا يطيق تمام مقام الاخلاص سواه ١٣ { قل انى اخاف ان عصيت ربى } بترك الاخلاص والميل الى ما انتم عليه من الشرك { عذاب يوم عظيم } اى اخاف من عذاب يوم القيامة وهو يوم عظيم لعظمة ما فيه من الدواهى والاهوال بحسب عظم المعصية وسوء الحال وفيه زجر عن المعصية بطريق المبالغة لانه عليه السلام مع جلالة قدره اذا خاف على تقدير العصيان فغيره من الامة اولى بذلك ودلت الآية على ان المترتب على المعصية ليس حصول العقاب بل الخوف من العقاب فيجوز العفو عن الصغائر والكبائر : قال الصائب محيط از جهره سيلاب كرده راه ميشويد ... جه انديشد كسى باعفو حق ازكرد زلتها ١٤ { قل اللّه } نصب بقوله { اعبد } على ما امرت لا غيره لا استقلالا ولا اشتراكا { مخلصا له دينى } من كل شوب وهو بالاضافة لان قوله اعبد اخبار عن المتكلم بخلاف ما فى قوله مخلصا له الدين لان الاخبار فيه امرت وما بعده صلته ومفعوله فظهر الفرقان كما فى برهان القرآن وقال الكاشفى [ باك كننده براى اوكيش خودرا ازشرك يا خاص سازنده عمل خودرا ازريا ] وفى التأويلات النجمية قل اللّه اعبد لا الدنيا ولا العقبى واطلب بعبادتى المولى مخلصا له دينى وكل له سؤل ودين ومذهب ... فلى انتمو سؤلى ودينى هوا كمو زيشت آينه روى مراد نتوان ديد ... تراكه روى بخلق است ازخداجه خبر ١٥ { فاعبدوا } اى قد امتثلت ما امرت به فاعبدوا يا معشر الكفار { ما شئتم } ان تعبدوه { من دونه } تعالى . والامر للتحديد كما فى قوله تعالى { اعملوا ما شئتم } قال فى الارشاد وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم ما لا يخفى كأنهم لما لم ينتهوا عما نهوا عنه امروا به كى يحل بهم العقاب ولما قال المشركون خسرت يا محمد حيث خالفت دين آبائك قال تعالى { قل ان الخاسرين } اى الكاملين فى الخسران الذى هو عبارة عن اضاعة ما يهمه واتلاف ما لا بد منه وفى المفردات الخسران انتقاص رأس المال يستعمل فى المال والجاه والصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذى جعل اللّه الخسران المبين وهو بالفارسية [ زيان : والخاسر زيانكار بكو بدرستى كه زيانكار ان ] { الذين } [ آنانندكه ] فالجملة من الموصول والصلة خبران { خسروا انفسهم } بالضلال واختيار الكفر لها اى اضاعوها واتلفوها اتلاف البضاعة فقوله انفسهم مفعول خسروا وقال الكاشفى [ زيان كردند در نفسهاى خودكه كمراه كشتند ] { واهليهم } بالضلال واختيار الكفر لها ايضا اصله اهلين جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذو قرابته كما فى القاموس ويفسر بالازواج والاولاد وبالعبيد والاماء وبالاقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك { يوم القيمة } حين يدخلون النار بدل الجنة حيث عرضوهما للعذاب السرمدى واوقعوهما فى هلكة لا هلكة وراءها { ألا ذلك } الخسران { هو الخسران المبين } حيث استبدلوا بالجنة نارا وبالدرجات دركات كما فى كشف الاسرار وقال الكاشفى [ بدانيد وآكاه باشيدكه آنست آن زيان هويداكه برهيجكس ازهل موقف بوشيده نماند ] وفى التأويلات النجمية الخاسر فى الحقيقة من خسر دنياه بمتابعة الهوى وخسر عقباه بارتكاب ما نهى عنه وخسر مولاه بتولى غيره ثم شرح خسرانهم بنوع بيان فقال ١٦ { لهم من فوقهم ظلل من النار } لهم خبر الظلل والضمير للخاسرين ومن فوقهم حال من ظلل والظلل جمع ظلة كغرف جمع غرفة وهى سحابة تظل وشىء كهيئة الصفة بالفارسية [ سايبان ] وفي كشف الاسرار ما اظلك من فوقك . والمعنى للخاسرين ظل من النار كثيرة متراكبة بعضها فوق بعض حال كون تلك الظل من فوقهم والمراد طباق وسرادقات من النار ودخانها وسمى النار ظلة لغلظها وكثافتها ولانها تمنع من النظر إلى ما فوقهم وفيه اشعار بشدة حالهم فى النار وتهكم بهم لان الظلة انما هى الاستظلال والتبرد خصوصا فى الاراضى الحارة كأرض الحجاز فاذا كانت من النار نفسها كانت احرّ ومن تحتها اغمّ { ومن تحتهم } ايضا { ظلل } والمراد احاطة النار بهم من جمع جوانبهم كما قال تعالى { احاط بهم سرادقها } اى فسطاطها وهو الخيمة شبه به ما يحيط بهم من النار كما سبق فى الكهف ونظير الآية قوله تعالى { يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت ارجلهم } وقوله { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش } وقال بعضهم ومن تحتهم ظلل اى طباق من النار ودركات كثيرة بعضها تحت بعض هي ظلل للآخرين بل لهم أيضا عند تردّيهم فى دركاتها كما قال السدى هى لمن تحتهم وهى فرش لهم وكما قال فى الأسئلة المقحمة كيف سمى ما هو الاسفل ظللا والظلال ما يكون فوقا والجواب لانها تظلل من تحتها فاضاف السبب الى حكمه { ذلك } العذاب الفظيع هو الذى { يخوف اللّه به عباده } فى القرآن ليؤمنوا ويحذرهم اياه بآيات الوعيد ليجتنبوا ما يوقعهم فيه وفي الوسيط يخوف اللّه به عباده المؤمنين يعنى ان ما ذكر من العذاب معد للكفار وهو تخويف للمؤمنين ليخافوه فيتقوه بالطاعة والتوحيد { يا عباد } [ اى بندكان من ] واصله يا عبادى بالياء { فاتقون } ولا تتعرضوا لما يوجب سخطى وهذه عظة من اللّه تعالى بالغة منطوية على غاية اللطف والرحمة وفيه إشارة الى ان اللّه تعالى خلق جهنم سوطا يسوق به عباده الى الجنة اذ ليس تحت الوجود الا ما هو مشتمل للحكة والمصلحة فمن خاف بتخويف اللّه اياه من هذا الخسران فهو عبده عبدا حقيقيا ومستأهل لشرف الإضافة اليه وعن ابى يزيد البسطامى قدس سره ان الخلق يفرون من الحساب وانا اقبل عليه فان اللّه تعالى لو قال لى اثناء الحساب عبدى لكفانى فعلى العاقل تحصيل العبودية وتكميلها كى يليق بخطاب اللّه تعالى ويكون من اهل الحرمة عند اللّه تعالى ألا ترى ان من خدم ملكا من الملوك يستحق الكرامة ويصير محترما عنده وهو مخلوق فكيف خدمة الخالق نقل فى آخر فتاوى الظهيرية ان الامام الاعظم ابا حنيفة رحمه اللّه لما حج الحجة الاخيرة قال فى نفسه لعلى لا اقدر ان احج مرة اخرى فسأل حجاب البيت ان يفتحوا له باب الكعبة ويأذنوا له فى الدخول ليلا ليقوم فقالوا ان هذا لم يكن لاحد قبلك ولكنا نفعل ذلك لسبقك وتقدمك فى علمك واقتداء الناس كلهم بك ففتحوا له الباب فدخل فقام بين العمودين على رجل اليمنى حتى قرأ القرآن الى النصف وركع وسجد ثم قام على رجل اليسرى وقد وضع قدمه اليمنى على ظهر رجله اليسرى حتى ختم القرآن فلما سلم بكى وناجى وقال الهى ما عبدك هذا العبد الضعيف حق عبادتك ولكن عرفك حق معرفتك فهب نقصان خدمته لكمال معرفته فهتف هاتف من جانب البيت يا ابا حنيفة قد عرفت واخلصت المعرفة وخدمت فاحسنت الخدمة فقد غفرنا لك ولمن اتبعك وكان على مذهبك الى قيام الساعة ثم ان مثل هذه العبودية ناشئة عن التقوى والخوف من اللّه تعالى ومطالعة هيبته وجلاله وكان عليه السلام يصلى وبصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء. والازيز الغليان وقيل صوته والمرجل قدر من نحاس كذا نقل مثل ذلك عن ابراهيم عليه السلام فحرارة هذا الخوف اذا احاطت بظاهر الجسم وباطنه سلم الانسان من الاحتراق واذا مضى الوقت تعذر تدارك الحال فليحافظ على زمان الفرصة وحشىء فرصت جوتيرازجشم بيرون جسته است ... تاتوزه مىسازى اى غافل كمان خويش را ١٧ { والذين اجتنبوا الطاغوت } [ الاجتناب : بايك سو شدن ] يقال اجتنبه بعد عنه . والطاغوت البالغ اقصى غاية الطغيان وهو تجاوز الحد فى العصيان فلعوت من الطغيان بتقديم اللام على العين لان اصله طغيوت بنى للمبالغة كالرحموت والعظموت ثم وصف به للمبالغة فى النعت كأن عين الشيطان طغيان لان المراد به هو الشيطان وتاؤه زائدة دون التأنيث كما قال فى كشف الاسرار التاء ليست باصلية هى فى الطاغوت كهى فى الملكوت والجبروت واللاهوت والناسوت والرحموت والرهبوت ويذكر اى الطاغوت ويؤنث كما فى الكواشى ويستعمل فى الواحد والجمع كما فى المفردات والقاموس قال الراغب وهو عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله وفى القاموس الطاغوت اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والاصنام وكل ما عبد من دون اللّه ومردة اهل الكتاب وقال فى كشف الاسرار كل من عبد شيأ غير اللّه فهو طاغ ومعبوده طاغوت وفى التأويلات النجمية طاغوت كل احد نفسه وانما يجتنب الطاغوت من خالف هواه وعانق رضى مولاه ورجع اليه بالخروج عما سواه رجوعا بالكلية وقال سهل الطاغوت الدنيا واصلها الجهل وفرعها المآكل والمشارب وزينتها التفاخر وثمرتها المعاصى وميراثها القسوة والعقوبة : والمعنى بالفارسية [ وآنانكه بيكسو رفتند ازشيطان يابتان يا كهنه يعنى از هرجه بدون خداى تعالى برستند ايشان بر طرف شدند ] { ان يعبدوها } بدل اشتمال منه فان عبادة غير اللّه عبادة للشيطان اذ هو الآمر بها والمزين لها قال فى بحر العلوم وفيها اشارة الى ان المراد بالطاغوت ههنا الجمع { وانابوا الى اللّه } واقبلوا عليه معرضين عما سواه اقبالا كليا قال فى البحر واعلم ان المراد باجتناب الطاغوت الكفر بها وبالانابة الى اللّه الايمان باللّه كما قال تعالى { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى } وقدم اجتناب الطاغوت على الانابة الى اللّه كما قدم الكفر بالطاغوت على الايمان باللّه على وفق كلمة التوحيد لا اله الا اللّه حيث قدم نفى وجود الآلهية على اثبات الالوهية لله تعالى { لهم البشرى } بالثواب والرضوان الاكبر على ألسنة الرسل بالوحى فى الدنيا او الملائكة عند حضور الموت وحين يحشرون وبعد ذلك وقال بعض الكبار لهم البشرى بانهم من اهل الهداية والفضل من اللّه وهى الكرامة الكبرى { فبشر عباد } ١٨ { الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه } فيه تصريح بكون التبشير من لسان الرسول عليه السلام وهو تبشير فى الدنيا واما تبشير الملك فتبشير فى الآخرة كما قال تعالى { لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة } كما قال تعالى { لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة } وبالجملة تبشير الآخرة مرتب على تبشير الدنيا فمن استأهل الثانى استأهل الاول . والاصل عبادى بالياء فحذفت قيل ان الآية نزلت فى عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وطلحة والزبير حين سألوا ابا بكر رضى اللّه عنه فاخبرهم بايمانه فآمنوا حكاه المهدوى فى التكملة فيكون المعنى يستمعون القول من ابى بكر فيتبعون احسنه وهو قول لا اله الا اللّه كما فى كشف الاسرار وقال فى الارشاد ونحوه اى فبشر فوضع الظاهر موضع ضميرهم تشريفا لهم بالاضافة ودلالة على ان مدار انصافهم بالاجتناب والانابة كونهم نقادا فى الدين يميزون الحق من الباطل ويؤثرون الافضل فالافضل انتهى. وهذا مبنى على اطلاق القول وتعميمه جريا على الاصل يقول الفقير ويحتمل ان يكون المعنى يستمعون القول مطلقا قرآنا كان او غيره فيتبعون احسنه بالايمان والعمل الصالح وهو القرآن لانه تعالى قال فى حقه { اللّه نزل احسن الحديث } كما سيأتى فى هذه السورة وقال الراغب فى المفردات فيتبعون احسنه اى الابعد من الشبهة [ ودر بحر الحقائق فرموده كه قول اعم است ازسخن خدا وملك وانسان وشيطان ونفس . اما انسان حق وباطل ونيك وبد كويد . وشيطان بمعاصى خواند . ونفس بآرزوها ترغيب كند . وملك بطاعت دعوت نمايد . وحضرت عزت بخود خواند كما قال { وتبتل اليه تبتيلا } رسول استماع نموده اند بيروى كنند ] وايضا ان الالف واللام فى القول للعموم فيقتضى ان لهم حسن الاستماع فى كل قول من القرآن وغيره ولهم ان يتبعوا احسن معنى يحتمل كل قول اتباع درايته والعمل به واحسن كل قول ما كان من اللّه او لله او يهدى الى اللّه وعلى هذا يكون استماع قول القوّال من هذا القبيل كما فى التأويلات النجمية وقال الكلبى يجلس الرجل مع القوم فيستمع الاحاديث محاسن ومساوى فيتبع احسنها فيأخذ المحاسن ويحدث بها ويدع مساويها [ ودر لباب كفته كه مراد ازقول سخنانست كه درمجالس ومحافل كذرد واهل متابعت احسن آن اقوال اختيار ميكنند در ايشان ودرامثال آمده ] خذ ما صفا دع ما كدر ... قول كس جون بشنوى دروى تأمل كن تمام ... صاف رابردار ودردى را رهاكن والسلام [ وكفته اند استماع قول واتباع احسن آن عمومى دارد ومرد ازقول قرآنست واحسن او محكم باشد دون منسوخ وعزيمت دون رخصت وكفته اندكه درقرآن مقابح اعدا وممادح اولياست ايشان متابعت احسن مينمايند كه مثلا طريقه موسى است عليه السلام دون سيرت فرعون ] وعلى هذا وفى كشف الاسرار مثال هذا الاحسن فى الدين ان ولى القتيل اذا طالب بالدم فهو حسن واذا عفا ورضى بالدية فهو احسن . ومن جزى بالسيئة السيئة مثلها فهو حسن وان عفا وغفر فهو احسن . وان وزن او كال فهو حسن وان ارجح فهو احسن . وان اتزن وعدل فهو حسن وان طفف على نفسه فهو احسن . وان رد السلام فقال وعليكم السلام فهو حسن وان قال وعليكم السلام ورحمة اللّه فهو احسن. وان حج راكبا فهو حسن وان فعله راجلا فهو احسن . وان غسل اعضاءه فى الوضوء مرة مرة فهو حسن وان غسلها ثلاثا ثلاثا فهو احسن . وان جزى من ظلمه بمثل مظلمته فهو حسن وان جازاه بحسنة فهو احسن . وان سجد او ركع ساكتا فهو جائز والجائز حسن وان فعلهما مسبحا فهو احسن . ونظير هذه الآية قوله عز وجل لموسى عليه السلام { فخذها بقوة وائمر قومك يأخذوا باحسنها } وقوله { واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم } انتهى ما فى الكشف وهذا معنى ما قال بعضهم يستمعون قول اللّه فيتبعون احسنه ويعملون بافضله وهو ما فى القرآن من عفو وصفح واحتمال على اذى ونحو ذلك فالقرآن كله حسن وانما الاحسن بالنسبة الى الآخذ والعامل قال الامام السيوطى رحمه اللّه فى الاتقان اختلف الناس هل فى القرآن شىء افضل من شىء فذهب الامام ابو الحسن الاشعرى رحمه اللّه وبعض الائمة الاعلام الى المنع لان الجميع كلام اللّه ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه . وذهب آخرون من المحققين وهو الحق كلام اللّه فى اللّه افضل من كلامه فى غيره فقل هو اللّه احد افضل من تبت يدا ابى لهب لان فيه فضيلة الذكر وهو كلام اللّه وفضيلة الذكر فقط وهو كلام اللّه تعالى . والاخبار الواردة فى فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب فى تلاوتها لا تحصى قال الامام الغزالى رحمه اللّه فى جوهر القرآن كيف يكون بعض الآيات والسور اشرف من بعض مع ان الكل كلام اللّه فاعلم نوّرك اللّه بنور البصيرة وقلد صاحب الرسالة عليه السلام فهو الذى انزل عليه القرآن وقال ( يس قلب القرآن : وفاتحة الكتاب سور القرآن : وآية الكرسى سيدة القرآن : وقل هو اللّه احد تعدل ثلث القرآن ) ومن توقف فى تعديل الآيات اول قوله عليه السلام افضل سورة واعظم سورة اراد فى الاجر والثواب لا ان بعض القرآن افضل من بعض فالكل فى فضل الكلام واحد والتفاوت فى الاجر لا فى كلام اللّه من حيث هو كلام اللّه القديم القائم بذاته واعلم ان استماع القول عند العارفين يجرى فى كل الاشياء فالحق تعالى يتكلم بكل لسان من العرش الى الثرى ولا يتحقق بحقيقة سماعه الا اهل الحقيقة وعلامة سماعهم انقيادهم الى كل عمل مقرب الى اللّه من جهة التكليف المتوجه على الاذن من ارم او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن والتصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آيات اللّه والرفث والجدال وسماع القيان وكل محرم حجر الشارع عليه سماعه فاذا كان كذلك كان مفتوح الاذن الى اللّه تعالى : وفى المثنوى ينبه آن كوش سر كوش سراست ... تانكردد اين كران باطن كراست وللفقير ينبه بيرون آر از كوش دلت ... ميرسد تا صوت از هر بلبلت { اولئك } المنعوتون بالمحاسن الجميلة وهو مبتدأ خبره قوله { الذين هداهم اللّه } للدين الحق والاتصاف بمحاسنه { واولئك هم اولوا الالباب } اصحاب العقول السليمة من معارضة الوهم ومنازعة الهوى المستحقون للهداية لا غيرهم وفى الكلام دلالة على ان الهداية تحصل بفعل اللّه تعالى وقبول النفس لها يعنى ان لكسب العبد مدخلا فيها بحسب جرى العادة وفيه اشارة الى ان اولئك القوم هم الذين عبروا عن قشور الاشياء ووصلوا الى الباب حقائقها ١٩ { أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النار } بيان لاحوال العبدة الطاغوت بعد بيان احوال المجتنبين عنها . والهمزة للاستفهام الانكارى والفاء للعطف على محذوف دل عليه الكلام ومن شرطية والمفهوم من كشف الاسرار وتفسير الكاشفى كونها موصولة وحق بمعنى وجب وثبت وكلمة العذاب قوله تعالى لابليس { لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } وكررت الهمزة فى الجزاء لتأكيد الانكار والفاء فيه فاء الجزاء ثم وضع موضع الضمير من فى النار لمزيد تشديد الانكار والاستبعاد والتنبيق على ان المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع فى النار وان اجتهاده عليه السلام فى دعائهم الى الايمان سعى فى انقاذهم من النار اى تخليصهم فان الانقاذ التخليص من ورطة كما فى المفردات . والمعنى أانت يا محمد مالك امر الناس فمن حق اى وجب وثبت عليه من الكفار عدلا فى علم اللّه تعالى كلمة العذاب فانت تنقذه فالآية جملة واحدة من شرط وجزاء : وبالفارسية [ آيا هركسى ياآنكسى واجب شد برو كلمه وعيد آيا تو اى محمد مىرهانى آنراكه دردوزخ باشد يعنى ميتوانى كه اورا مؤمن سازى وازعذاب باز هانى يعنى اين كار بدست تو نيست كه دوزخيانرا بازرهانى همجوابولهب وبسرش عقبه وغير آن ] وفيه اشارة الى ان من حق عليه فى القسمة الاولى ان يكون مظهرا لصفات قهره الى الابد لا ينفعه شفاعة للمؤمنين بدليل قوله تعالى { وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها } وحيث كان المراد بمن فى النار الذين قيل فى حقهم { لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل } استدرك بقوله تعالى ٢٠ { لكن الذين اتقوا ربهم } [ ليكن آنانكه بترسيدند ازعذاب بروردكار خويش وبايمان وطاعت متصف شدند ] وفى التأويلات النجمية { لكن الذين اتقوا ربهم } اليوم عن الشرك والمعاصى والزلات والشهوات وعبادة الهوى والركون الى غير المولى فقد انقذهم اللّه تعالى فى القسمة الاولى من ان يحق عليهم كلمة العذاب وحق عليهم ان يكونوا مظهر صفات لطفه الى الابد { لهم غرف } [ منزلهاى بلندتر در بهشت ] اى بحسب مقاماتهم فى التقوى جمع غرفة وهى علية من البناء وسمى منازل الجنة غرفا كما فى المفردات { من فوقها غرف } اى لهم علالى بعضها فوق بعض بين ان لهم درجات عالية فى جنات النعيم بمقابلة ما للكفرة من دركات سافلة فى الجحيم { مبنية } تلك الغرف الموصوفة بناء المنازل على الارض فى الرصانة والاحكام قال سعدى المفتى الظاهر ان فائدة هذا الوصف تحقيق الحقيقة وبيان كون الغرف كالظلل حيث اريد بها المعنى المجازى على الاستعارة التهكمية وفى بحر العلوم مبنية بنيت من زبرجد وياقوت ودرّ وغير ذلك من الجواهر وفى كشف الاسرار مبنية : يعنى [ بخشت زرين وسيمين بر آورده ] وفيه اشارة بانها مبنية بايدى اعمال العاملين واحوال السالكين { تجرى من تحتها } اى من تحت تلك الغرف المنخفضة والمرتفعة { الانهار } الاربعة من غير تفاوت بين العلو والسفل { وعد اللّه } مصدر مؤكد لان قوله لهم غرف فى معنى الوعد اى وعدهم اللّه تلك الغرف والمنازل وعدا { لا يخلف اللّه الميعاد } لان الخلف نقص وهو على اللّه محال [ والاخلاف : وعده خلاف دادن ] والميعاد بمعنى الوعد وفى التأويلات النجمية وعد اللّه الذى وعد التائبين بالمغفرة والمطيعين بالجنة والمشتاقين بالرؤية والعاشقين الصادقين بالقربة والوصلة لا يخلف اللّه الميعاد . يعنى اذا لم يقع لهم فترة فلا محالة يصدق وعده واذا وقع لهم ذلك فلا يلومن الا انفسهم وعن ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه عن النبى عليه السلام انه قال ( ان اهل الجنة ليتراأون اهل الغرف من فوقهم ) المراد من اهلها اصحاب المنازل الرفيعة وتراءى القوم الهلال رأوه باجمعهم ومنه الحديث ( كما يتراأون الكوكب الدرىّ الغابر فى الافق من المشرق والمغرب ) الغابر الباقى يعنى يرى التباعد بين اهل الغرف وسائر اصحاب الجنة كالتباعد المرئى بين الكوكب ومن فى الارض وانهم يضيئون لاهل الجنة اضاءة الكوكب الدرى ( لتفاضل ما بينهم ) يعنى يرى اهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من سواهم قالوا يا رسول اللّه تلك منازل الانبياء لا يبلغها غيرهم قال ( بلى والذى نفسى بيده رجال ) يعنى يبلغها رجال وانما قرن القسم ببلوغ غيرهم لما فى وصول المؤمنين لمنازل الانبياء من استبعاد السامعين ( آمنوا باللّه وصدقوا المرسلين ) وفيه بشارة واشارة الى ان الداخلين مداخل الانبياء من مؤمنى هذه الامةل لانه قال وصدقوا المرسلين وتصديق جميع الرسل انما صدر منهم لا ممن قبلهم من الامم وفى الحديث ( من يدخل الجنة ينعم ولا ييأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ) قوله ينعم بفتح الياء والعين اى يصيب نعمة وقوله ولا ييأس بفتح الهمزة اى لا يفتقر وفى بعض النسخ بضمها اى لا يرى شدة قوله لا تبلى بفتح حرف المضارعة واللام ٢١ { ألم تر } [ آيا نمى بينى يا محمد ] او يا ايها الناظر { ان اللّه انزل من السماء } من تحت العرش { ماء } هو المطر - روى - عن ابى هريرة رضى اللّه عنه عن النبى عليه السلام انه قال ( المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس ) يعنى كل ماء فى الارض نهرا او غيره فهو من السماء ينزل منها الى الغيم ثم منه الى الصخرة يقسمه اللّه بين البقاع { فسلكه } يقال سلك المكان وسلك غيره فيه واسلكه ادخله فيه اى فادخل ذلك الماء ونظمه { ينابيع فى الارض } اى عيونا ومجارى كالعروق فى الاجساد فقوله { ينابيع } نصب بنزع الخافض وقد ذكر الخافض فى قوله { اسلك يدك فى جيبك } وقوله { فى الارض } بيان لمكان الينابيع كقولك لصاحبك ادخل الماء فى جدول المبطخة فى البستان وفيه ان ماء العين هو المطر يحبسه فى الارض ثم يخرجه شيأ فشيأ فالينابيع جميع ينبوع وهو يفعول من نبع الماء ينبع نبعا مثلثة ونبوعا خرج من العين والينبوع العين التى يخرج منها الماء والينابيع الامكنة التى ينبع ويخرج منها الماء { ثم يخرج به } [ بس بيرون مى آرد بدان آب ] { زرعا } هو فى الاصل مصدر بمعنى الانبات عبر به عن المزروع اى مزروعا { مختلفا الوانه } اصنافه من بر وشعير وغيرهما وكيفاته من الالوان والطعوم وغيرهما . وكلمة ثم للتراخى فى الرتبة او الزمان وصيغة المضارع لاستحضار الصورة قال فى المفردات اللون معروف وينطوى على الابيض والاسود وما يركب منهما ويقال تلوّن اذا اكتسى لونا غير اللون الذى كان له ويعبر بالالوان عن الاجناس والانواع يقال فلان اتى بالوان من الاحاديث وتناول كذا لونا من الطعام انتهى { ثم يهيج } اى يتم جفافه حين حان له ان يثور عن منبته يقال هاج يهيج هيجا وهيجانا بالكسر ثار وهاج النبت يبس كما فى القاموس : وبالفارسية [ بس خشك ميشود آن مزروع ] { فتراه مصفرا } من يبسه بعد خضرته ونضرته : وبالفارسية [ بس مى بينى آنرا زرد شده بعد ازتازه كى وسبزى ] قال الراغب الصفرة لون من الالوان التى بين السواد والبياض وهى الى البياض اقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد { ثم يجعله } اى اللّه تعالى { حطاما } فتاتا متكسرا كأن لم يغن بالامس : وبالفارسية [ ريزه ريزه ودرهم شكسته ] يقال تحطم العود اذا تفتت من اليبس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل اللّه تعالى كالاخراج { ان فى ذلك } المذكور مفصلا { لذكرى } لتذكيرا عظيما [ والتذكير : ياد دادن ] { لاولى الالباب } لاصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك ان حال الحياة الدنيا فى سرعة التقضى والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتنون بفتنها بود حال دنيا جو آن سبزه زار ... كه بس تازه بينى بفصل بهار جو بروى وزد تند باد خزان ... يكى برك سبزى نيابى ازان قال فى كشف الاسرار الاشارة فى هذه الآية الى ان الانسان يكون طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم يصير الى ارذل العمر ثم آخره يخترم ويقال ان الزرع ما لم يؤخذ منه الحب الذى هو المقصود منه لا يكون له قيمة كذلك الانسان ما لم يخل من نفسه لا يكون له قدر ولا قيمة وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { ألم تر } الخ الى انزال ماء الفيض الروحانى من سماء القلب { فسلكه ينابيع } الحكمة { فى الارض } البشرية { ثم يخرج به زرعا } من الاعمال البدنية { مختلفا الوانه } من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد { ثم يهيج } الخ يشير الى اعمال المرائى تراها مخضرة على وفق الشرع ثم تجف من آفة العجب والرياء { فتراه مصفرا } لا نور له { ثم يجعله } من رياح القهر اذ هبت عليه { حطاما } لا حاصل له الا الحسرة وقوله { ان فى ذلك } الخ اشارة الى ان السالك اذا جرى على مقتضى عقله وعلمه يظهر منه آثار الاجتهاد ثم اذا ترقى الى مقام المعرفة تضمحل منه حالته الاولى ثم اذا بدت انوار التوحيد استهلكت الجملة كما قالوا فلما استبان الصبح ادرج ضوءه ... بانواره انوار تلك الكواكب فالتوحيد كالشمس ونورها فكما انه بنور الشمس تضمحل انوار الكواكب فكذا بنور التوحيد تتلاشى انوار العلوم والمعارف ويصير حالها الى الافول والفناء ويظهر حال اخرى من عالم البقاء ٢٢ { أفمن شرح اللّه صدره للاسلام } الهمزة للاستفهام الانكارى والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية او موصولة وخبرها محذوف دل عليه ما بعده . واصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر بنور الهى وسكينة من جهته تعالى وروح منه كما فى المفردات قال فى الارشاد شرح الصدر للاسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فان الصدر بالفارسية [ سينه ] محل القلب الذى هو منبع للروح التى تتعلق بها النفس القابلة للاسلام فانشراحه مستدع لاتساع القلب واستضاءته بنوره فهذا شرح قبل الاسلام لا بعده والمعنى أكل النساس سواء فمن بالفارسية [ بس هركسى وياآنكس كه ] { شرح اللّه صدره } اى خلقه متسع الصدر مستعدا للاسلام فبقى على الفطرة الاصلية ولم يتغير بالعوارض المكتسبة القادمة فيها { فهو } بموجب ذلك مستقر { على نور } عظيم { من ربه } وهو اللطف الالهى الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها الى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة اللّه بسوء اختياره واستولت عليه ظلمات الغى والضلالة فاعرض عن تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها كقوله تعالى { ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا } يعنى ليس من هو على نور كمن هو على ظلمة فلا يستويان كما لا يستوى النور والظلمة والعلم والجهل واعلم انه لا نور ولا سعادة لمسلم الا بالعلم والمعرفة ولكل واحد من المؤمنين معرفة تختص به وانما تتفاوت درجاتهم بحسب تفاوت معارفهم والايمان والمعارف انوار فمنهم من يضيىء نوره جميع الجهات ومنهم من لا يضيىء نوره الا موضع قدميه فايمان آحاد العوام نوره كنور الشمع وبعضهم نوره كنور السراج وايمان الصديقين نوره كنور القمر والنجوم على تفاوتها واما الانبياء فنور ايمانهم كنور الشمس وازيد فكما ينكشف فى نورها كل الآفاق مع اتساعها ولا ينكشف فى نور الشمع الا زاوية ضيقة من البيت كذلك يتفاوت انشراح الصدور بالمعارف وانكشاف سعة الملكوت لقلوب المؤمنين ولهذا جاء فى الحديث ( انه يقال يوم القيامة اخرجوا من النار من فى قلبه مثقال من الايمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة ) ففيه تنبيه على تفاوت درجات الايمان وبقدره تظهر الانوار يوم القيامة فى المواقف خصوصا عند المرور على الصراط { فويل } [ بس شدت عذاب ] { للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه } القسوة غلظ القلب واصله من حرج قاس والمقاساة معالجة ذلك ومن اجلية وسببية كما فى قوله تعالى { مما خطيآتهم اغرقوا } والمعنى من اجل ذكره الذى حقه ان تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب اى اذا ذكر اللّه تعالى عندهم وآياته اشمأزوا من اجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالى { فزادتهم رجسا } وقرىء عن ذكر اللّه اى فويل للذين غلظت قلوبهم عن قبول ذكر الله وعن مالك بن دينار رحمه اللّه ما ضرب عبد بعقوبة اعظم من قسوة قلبه وما غضب اللّه على قوم الا نزع منهم الرحمة وقال اللّه تعالى لموسى عليه السلام فى مناجاته يا موسى لا تطل فى الدنيا املك فيقسو قلبك والقلب القاسى منى بعيد وكن خلق الثياب جديد القلب تخف على اهل الارض وتعرف فى اهل السماء وفى الحديث ( تورث القسوة فى القلب ثلاث خصال حب الطعام وحب النوم وحب الراحة ) وفى كشف الاسرار [ بدانكه اين قسوة دل از بسيارى معصيت خيزد عائشة صديقه رضى اللّه عنها كويد اول بدعتى كه بعد از رسول خدا درميان خلق بديد آمد سيرى بود . ذون مصرى رحمه اللّه كويد هركز سيرنخوردم كه نه معصيتى كردم . شبلى رحمه اللّه كفت يهج وقت كرسنه نه نشستم كه در دل خود حكمتى وعبرتى تازه يافتم ] وفى الحديث ( افضلكم عند اللّه اطولكم جوعا وتفكرا وابغضكم الى اللّه كل اكول شروب نؤوم كلوا واشربوا فى انصاف البطون فانه جزؤ من النبوة ) قال الشيخ سعدى باندازه خور زاد اكر آدمى ... جنين برشكم آدمى يا خمى درون جاى قوتست وذكر نفس ... تو بندارى از بهرنانست وبس ندارند تن بروران آكهى ... كه برمعده باشد زحكمت تهى { اولئك } البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلب : وبالفارسية [ آن كروه غافلان وسنكدلان ] { فى ضلال } بعيد عن الحق { مبين } ظاهر كونه ضلالا للناظر بادنى نظر : يعنى [ ضلالت ايشان برهركه اندك فهمى دارد ظاهراست ] واعلم ان الآية عامة فيمن شرح صدره للاسلام بخلق الايمان فيه وقيل نزلت فى حمزة بن عبد المطلب وعلى بن ابى طالب رضى اللّه عنهما وابى لهب وولده . فحمزة وعلى ممن شرح اللّه صدره للاسلام . وابو لهب وولده من الذين قست قلوبهم فالرحمة للمشروح صدره والغضب للقاسى قلبه روى فى الخبر انه لما نزلت هذه الآية قالوا كيف ذلك يا رسول اللّه يعنى ما معنى شرح الصدر قال ( اذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ) فقيل ما علامة ذلك قال ( الانابة الى دار الخلود ) يعنى التوجه للآخرة ( والتجافى عن دار الغرور ) [ يعنى برهيز كردن از دنيا ] ( والتأهب للموت قبل نزوله ) [ وعزيزى درين معنا فرموده است ] نشان آندلى كز فيض ايمانست نورانى ... توجه باشد اول سوى دار الملك روحانى زدنيا روى كردانيدن وفكراجل كردن ... كه جون مرك اندر آيدخوش توان مردن بآسانى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان نور ينوّر اللّه به مصباح قلوب عباده المؤمنين والاسلام ضوء نور الايمان تستضيء به مشكاة صدورهم ففى الحقيقة من شرح اللّه صدره بضوء نور الاسلام فهو على نور من نظر عناية ربه. ومن امارات ذلك النور محو آثار ظلمات الصفات الذميمة النفسانية من حب الدنيا وزينتها وشهواتها واثبات حب الآخرة والاعمال الصالحة والتحلية بالاخلاق الكريمة الحميدة قال تعالى { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } ومن اماراته ان تلين قلوبهم لذكر اللّه فتزداد اشواقهم الى لقاء اللّه تعالى وجواره فيسأمون من محن الدنيا وحمل اثقال اوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية فيفرون الى اللّه ويتنورون بانوار صفاته منها نور اللوائح بنور العلم ثم نور اللوامع ببيان الفهم ثم نور المحاضة بزوائد اليقين ثم نور المكاشفة بتجلى الصفات ثم نور المشاهدة بظهور الذات ثم انوار جلال الصمدية بحقائق التوحيد فعند ذلك لا وجد ولا وجود ولا قصد ولا مقصود ولا قرب ولا بعد ولا وصال ولا هجران ان كل شىء هالك الا وجهه كلا بل هو اللّه الواحد القهار جامىمكن انديشه زنزديكى ودورى ... لاقرب ولابعد ولاوصل ولا بين قال الواسطى نور الشرح منحة عظيمة لا يحتمله احد الا المؤيدون بالعناية والرعياة فان العناية تصون الجوارح والاشباح والرعاية تصون الحقائق والارواح وفى كشف الاسرار [ بدان كه دل آدمىرا جهار برده است . برده اول صدراست مستقر عهد اسلام كقوله تعالى { أفمن شرح اللّه صدره للاسلام } . برده دوم قلب است محل نورايمان كقوله تعالى { اولئك كتب فى قلوبهم الايمان } برده سوم فؤادست سرابرده مشاهده حق كقوله تعالى { ما كذب الفؤاد ما رأى } برده جهارم شفافست مجط رحل عشق كقوله تعالى { قد شغفها حبا } رب العالمين جون خواهدكه رميده را بكمند لطف درراه دين خويش كشد اول نظرى كند بصد روى تاسينه وى از هوى وبدعتها باك كردد وقدم وى برجاده سننت مستقيم شود بس نظر كند بقلب وى تا ازآلايش دنيا واخلاق نكوهيده جون عجب وحسد وكبر وريا وحرص وعداوت ورعونت باك كردد ودر راه ورع روان شود بس نظرى كند بفؤاد وى واورا ازآب وكل بازبرد قدم در كوى فنا نهد ونور برسه قسم است يكى برزبان ويكى دردل ويكى درتن . نور زبان يجنت رساند لقوله تعالى { فاثابهم اللّه بما قالوا جنات } نورتن بفردوس رساند لقوله { ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا } نوردل بلقاى دوست رساند ] لقوله { وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة } وفى الحديث ( ان لاهل النعم اعداء فاحذروهم ) قال بعضهم واجل النعم على العبد نعمة الاسلام وعدوها ابليس فاحفظ هذه النعمة وسائر النعم واحذر من النسيان والقسوة والكفران قال الحسين النورى رحمه اللّه قسوة القلب بالنعم اشد من قسوته بالشدة فانه بالنعمة يسكن وبالشدة يذكر وقال من همّ بشىء مما اباحه العلم تلذذا عوقب بتضييع العمر وقسوة القلب فليبك على نفسه من صرف عمره وضيع وقته ولم يدرك مراتب المنشر حين صدروهم وبقى مع القاسين قلوبهم نسألك اللهم الحفظ والعصمة ٢٣ { اللّه نزل احسن الحديث } هو القرآن الكريم الذى لا نهاية لحسنه ولا غاية لجمال نظمه وملاحة معانيه وهو احسن مما نزل على جميع الانبياء والمرسلين واكمله واكثره احكاما . وايضا حسن الحديث لفصاحته واعجازه . وايضا لانه كلام اللّه وهو قديم وكلام غيره مخلوق محدث . وايضا لكونه صدقا كله الى غير ذلك سمى حديثا لان النبى عليه السلام كان يحدّث به قومه ويخبرهم بما ينزل عليه منه فلا يدل على حدوث القرآن فان الحديث فى عرف العامة الخبر والكلام قال فى المفردات كل كلام يبلغ الانسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث روى ان اصحاب رسول اللّه عليه السلام ملوا ملة فقالوا له عليه السلام حدثنا حديثا او لو حدثتنا : يعنى [ جه شودكه براى ماسخنى فرمايند وكام طوطيان ارواح مستمعان را بحديث ازل شكر بار وشيرين كردانند سرمايه حيات ابد اهل ذوق را دريك حكايت ازلب شكر فشان يست ] فنزلت هذه الآية . والمعنى ان فيه مندوحة عن سائر الاحاديث { كتابا } بدل من احسن الحديث { متشابها } معانيه فى الصحة والاحكام والابتناء على الحق والصدق واستتباع منافع الخلق فى المعاد والمعاش وتناسب الفاظه فى الفصاحة وتجاوب نظمه فى الاعجاز { مثانى } صفة اخرى لكتابا ووصف الواحد وهو الكتاب بالجمع وهو المثانى باعتبار تفاصيله كما يقال القرآن سور وآيات والانسان عروق وعظام واعصاب وهو جمع مثنى بضم الميم وتشديد النون بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وانبائه واحكامه واوامره وواهيه ووعده ووعيده ومواعظه او لانه ثنى فى التلاوة فلا يمل كما جاء فى نعته لا يخلق على كثرة الترداد اى لا يزول رونقه ولذة قراءته واستماعه من كثرة ترداده على ألسنة التالين وتكراره على آذان المستمعين واذهان المتفكرين على خلاف ما عليه كلام المخلوق وفى القصيدة البردية فلا تعد ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الاكثار بالسأم اى لا تقابل آيات القرآن مع الاكثار بالملال وفى المفردات وسمى سور القرآن مثانى لانها تثنى على مرور الايام وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الاشياء التي تضمحل وتبطل على مرور الايام وانما تدرس الاوراق كما روى ان عثمان رضى اللّه عنه حرق مصحفين لكثرة قراءته فيهما . ويصح ان يقال للقران مثانى لما يثنى ويتجدد حالا فحالا من فوائده كما جاء فى نعته ولا تنقضى عجائبه . ويجوز ان يكون ذلك من الثناء تنبيها على انه ابداء يظهر منه ما يدعو الى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به وعلى هذا الوجه وصفه بالكرم فى قوله { انه لقرآن كريم } وبالمجد فى قوله { بل هو قرآن مجيد } او هو جمع مثنى بفتح الميم واسكان الثاء مفعل من الثنية بمعنى التكرير والاعادة كما فى قوله تعالى { ثم ارجع البصر كرتين } اى كرة بعد كرة او جمع مثنى بضم الميم وسكون الثا وفتح النون اى مثنى عليه بالبلاغة والاعجاز حتى قال بعضهم لبعض ألا سجدت لفصاحته ويجوز ان يكون بكسر النون اى مثن علىّ بما هو اهله من صفاته العظمى قال ابن بحر لما كان القرآن مخالفا لنظم البشر ونثرهم حول اسماءه بخلاف ما سموا به كلامهم على الجملة والتفصيل فسمى جملته قرآنا كما سموا ديوانا وكما قالوا قصيدة وخطبة ورسالة قال سورة وكما قالوا بيت قال آية وكما سميت الابيات لاتفاق اواخرها قوافى سمى اللّه القرآن لاتفاق خواتيم الآى فيه مثانى وفى التأويلات النجمية القرآن كتاب متشابه فى اللفظ مثانى فى المعنى من وجهين . احدهما ان لكل لفظ منه معانى مختلفة بعضها يتعلق بلغة العرب وبعضها يتعلق باشارات الحق وبعضها يتعلق باحكام الشرع كمثل الصلاة فان معناها فى اللغة الدعاء وفى احكام الشرع عبارة عن هيآت واركان وشرائط وحركات مخصوصة بها وفى اشارة الحق تعالى هى الرجوع الى اللّه كما جاء روحه من الحضرة بالنفخة الخاصة الى القالب فانه عبر على القيام الذى يتعلق بالسماوات ثم على الركوع الذى يتعلق بالحيوانات ثم على السجود الذى يتعلق بالنباتات ثم على التشهد الذى يتعلق بالمعادن فالبصلاة يشير اللّه عز وجل الى رجوع الروح الى حضرة ربه على طريق جاء منها ولهذا قال النبى عليه السلام ( الصلاة معراج المؤمن ) والوجه الثانى ان لكل آية تشبها بآية أخرى من حيث صورة الالفاظ ولكن المعانى والاشارات والاسرار والحقائق مثانى فيها الى ما لا ينتهى والى هذا يشير بقوله { قل لو كان البحر مدادا } الآية { تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم } استئناف مسوق لبيان آثاره الظاهرة فى سامعيه بعد بيان اوصافه فى نفسه وتقرير كونه احسن الحديث يقال اقشعر جلده اخذته قشعريرة اى رعدة كما فى القاموس . والجلد قشر البدن كما فى المفردات وقال بعضهم اصل الاقشعرار تغير كالرعدة يحدث فى جلد الانسان عند الوجل والخوف وفى الارشاد الاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد اذا تقبض تقبضا شديدا وتركيبه من القشع وهو الاديم اليابس قد ضم اليه الراء ليكون باعثا ودالا على معنى زائد يقال اقشعر جلده ووقف شعره اذا عرض له خوف شديد من منكر حائل دهمه بغتة . والمراد اما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير او بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق وهو الظاهر اذ هو موجود عند الخشية محسوس يدركه الانسان من نفسه وهو يحصل من التأثر القلبى فلا ينكر . والمعنى انهم اذا سمعوا بالقرآن وقوارع آيات وعيده اصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم اى يعلوها قشعريرة ورعدة : وبالفارسية [ لرزد ازو يعنى از خوف وعيدكه كر قرآنست بوستها برتنهاى آنانكه مى ترسند از بروردكار خود ] { ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر اللّه } اللين ضد الخشونة ويستعمل ذلك فى الاجسام ثم يستعار للخلق ولغيره من المعانى. والجلود عبارة عن الابدان والقلوب عن النفوس كما فى المفردات اى ثم اذا ذكروا رحمة اللّه وعموم مغفرته لانت ابدانهم ونفوسهم وزال عنها ما كان بها من الخشية والقشعريرة بان تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة : وبالفارسية [ بس نرم ميشود وآرام ميكيرد بوستها ودلهاى ايشان بسوى يادكردن رحمت ومغفرت ] وتعدية اللين بالى لتضمنه معنى السكون والاطمئنان كأنه قيل تسكن وتطمئن الى ذكر اللّه لينة غير منقبضة راجية غير خاشعة او تلين ساكنة مطمئنة الى ذكر اللّه على ان المتضمن بالكسر يقع حالا من المتضمن بالفتح . وانما اطلق ذكر اللّه ولم يصرح بالرحمة ايذانا بانها اول ما يخطر بالبال عند ذكره تعالى فان قلت لم ذكرت الجلود وحدها اولا ثم قرنت بها القلوب ثانيا قلت لتقدم الخشية التى هى من عوارض القلوب فكأنه قيل تقشعر جلودهم من آيات الوعيد وتخشى قلوبهم من اول وهلة فاذا ذكروا اللّه ومبنى امره على الرأفة والرحمة استبدلوا بالخشية رجاء فى قلوبهم وبالقشعريرة لينا فى جلودهم . فالجملتان اشارة الى الخوف والرجاء او القبض والبسط او الهيبة والانس او التجلى والاستتار قال النهر جورى رحمه اللّه وصف اللّه بهذه الآية سماع المريدين وسماع العارفين وقال سماع المريدن باظهار الحال عليهم وسماع العارفين بالاطمئنان والسكون فالاقشعرار صفة اهل البداية واللين صفة اهل النهاية وعن شهر بن حوشب قالت ام الدرداء رضى اللّه عنها انما الوجل فى قلب الرجل كاحتراق السعفة أما تجد الا قشعريرة قلت بلى قالت فادع اللّه فان الدعاء عند ذلك مستجاب وذلك لانجذاب القلب الى الملكوت وعالم القدس واتصاله بمقام الانس { ذلك } الكتاب الذى شرح احواله { هدى اللّه } ( راه نمودن خداست يعن ارشاديست مرخلق را ازخداى ) { يهدى به } [ راه بنمايد بوى ] { من يشاء } ان يهديه من المؤمنين المتقين كما قال { هدى للمتقين } لصرف مقدوره الى الاهتداء بتأمله فيما فى تضاعيفه من الشواهد الخفية ودلائل كونه من عند اللّه { ومن يضلل اللّه } اى يخلق فيه الضلالة لصرف قدرته الى مباديها واعراضه عما يرشده الى الحق بالكلية وعدم تأثره بوعده ووعيده اصلا { فماله من هاد } يخلصه من ورطة الضلال وفى التأويلات النجمية { ومن يضلل اللّه } بان يكله الى نفسه وعقله ويحرمه من الايمان بالانبياء ومتابعتهم { فماله من هاد } من براهين الفلاسة والدلائل العقلية : قال المولى الجامى قدس سره خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... بى برده مقلد كم كرده ره مرو وفى كشف الاسرار [ يكى ازصحابه روزى بآن مهتر عالم عليه السلام كفت يا رسول اللّه جرا رخساره ما دراستماع قرآن سرخ ميكردد وآن منافقان سياه كفت زيراكه قرآن نوريست مارا مى افروزد وايشانرا ميسوزد ] يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا : قال الخجندى قدس سره دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت ... جوباطلان زكلام حقت ملولى جيست وفى الآية لطائف منها انه لما عقب احسنية القرآن بكونه متشابها ومثانى رتب عليه اقشعرار جلود المؤمنين ايماء الى ان ذلك انما يحصل بكونه مرددا ومكررا لان النفوس انفر شىء من حديث الوعظ والنصيحة واكثر جمودا واباء عنه فلا تلين شكيمتها ولا تنقاد طبيعتها الا ان يلقى اليها النصائح عودا بعد بدء ولهذا كان عليه السلام يكرر وعظه ثلاثا او سبعا ومنها ان الاقعشرار امر مستجلب للرحمة قال عليه السلام ( اذا اقشعر جلد العبد من خشية اللّه تحاتت عنه ذنوبه ) اى تساقطت ( كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها ) وعنه عليه السلام ( اذا اقشعر جلد العبد من خشية اللّه حرمه اللّه على النار ) ولما اتخذ اللّه ابراهيم خليلا القى فى قلبه الوجل حتى ان خفقان قلبه يسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير فى الهواء قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان اللّه تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار ومنها ان غاية ما يحصل للعابدين من الاحوال المذكورة فى هذه الآية من الاقشعرار والخشية والاطمئنان قال قتادة هذا نعت اولياء اللّه نعتهم بان تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم ولم ينعتهم بذهاب عقلهم والغشيان عليهم وانما ذلك فى اهل البدع وهو من الشيطان وعن عبد اللّه بن عبد اللّه ابن الزبير قال قلت لجدتى اسماء بنت ابى بكر رضى اللّه عنه كيف كان اصحاب رسول اللّه يفعلون اذا قرئ عليهم القرآن قالت كانوا كما نعتهم اللّه تدمع اعينهم وتقشعر جلودهم قال فقلت لها ان ناسا اليوم اذا قرئ عليهم القرآن خر احدهم مغشيا عليه فقالت اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم وروى ان ابن عمر رضى اللّه عنهما مر برجل من اهل العراق ساقط فقال ما بال هذا قالوا انه اذا قرئ عليه القرآن او سمع ذكر اللّه سقط فقال ابن عمر رضى اللّه عنه انا لنخشى اللّه وما نسقط وقال ابن عمر رضى اللّه عنهما ان الشيطان يدخل فى جوف احدهم ما كان هذا صنيع اصحب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم كذا فى التفاسير نحو كشف الاسرار والمعالم والوسيط والكواشى وغيرها يقول الفقير لا شك ان القدح والجرح انما هو فى حق اهل الرياء والدعوى وفى حق من يقدر على ضبط نفسه كما اشار عليه السلام بقوله ( من عشق وعف وكتم ثم مات مات شهيدا ) فان من غلب على حاله كان الادب له ان لا يتحرك بشىء لم يؤذن فيه واما من غلب عليه الحال وكان فى امره محقا لا مبطلا فيكون كالمجنون حيث يسقط عنه القلم فبأى حركة تحرك كان معذورا فيها فليس حال اهل البداية والتوسط كحال اهل النهاية فان ما يقدر عليه اهل النهاية لا يقدر عليه من دونهم وكأن الاصحاب رضى اللّه عنهم ومن فى حكمهم ممن جاء بعدهم راعوا الادب فى كل حال ومقام بقوة تمكينهم بل لشدة تلوينهم فى تمكينهم فلا يقاس عليهم من ليس له هذا التمكين فرب اهل تلوين يفعل ما لا يفعله اهل التمكين وهو معذور فى ذلك لكونه مغلوب الحال ومسلوب الاختيار فليجتهد العاقل فى طريق الحق بلا رياء ودعوى وليلازم الادب فى كل امر متعلق بفتوى او تقوى وليحافظ على ظاهره وباطنه من الشين ومما يورث الرين والغين ٢٤ { أفمن يتقى بوجهه } الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية والخبر محذوف . والاتقاء بالفارسية [ حذركردن وخود را نكاه داشتن ] يقال اتقى فلان بكذا اذا جعله وقاية لنفسه والتركيب يدل على دفع شىء عن شىء يضره وتقدير الكلام أكل الناس سواء فمن شأنه وهو الكافر ان يقى نفسه بوجهه الذى هو اشرف اعضائه { سوء العذاب } اى العذاب السيىء الشديد : يعنى [ زبانه آتش ] كما فى تفسير الفارسى للكاشفى { يوم القيمة } لكون يده التى بها كان يتقى المكاره والمخاوف مغلولة الى عنقه كمن هو آمن وهو المؤمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج الى الاتقاء بوجه من الوجوه وفى التأويلات النجمية { أفمن يتقى ب } توجه { وجهه } لله { سوء العذاب } اى عذاب السيىء { يوم القيامة } ويدفعه به عن نفسه كمن لا يتقى ويظلم على نفسه { وقيل للظالمين } الذين وضعوا الكفر موضع الايمان والتكذيب موضع التصديق والعصيان موضع الطاعة وهو عطف على يتقى اى ويقال لهم من جهة خزنة النار . وصيغة الماضى للدلالة على التحقيق ووضع المظهر فى مقام المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والاشعار بعلة الامر فى قوله { ذوقوا } [ بجشيد ] { ما كنتم تكسبون } اى وبال ما كنتم تكسبونه فى الدنيا على الدوام من الكفر والتكذيب والمعاصى وفى التأويلات النجمية اى ذوقوا ما كسبتم بافعالكم الرديئة واخلاقكم الدنيئة يعنى كنتم فى عين العذاب ولكن ما كنتم تجدون ذوقه لغلبة نوم الغفلة فاذا متم انتبهتم ٢٥ { كذب الذين } من الامم السابقة الذين جاؤا { من قبلهم } اى من قبل كفار مكة يعنى كذبوا انبياءهم كما كذبك قومك { فاتاهم العذاب } المقدر لكل امة منهم : وبالفارسية [ بس آمد بديشان عذاب الهى ] { من حيث لا يشعرون } من الجهة التى لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم اتيان العذاب والشر منها بينا هم آمنون رافهون اذ فوجئوا من مأمنهم فمعنى من حيث لا يشعرون اتاهم العذاب وهم آمنون فى انفسهم غافلون عن العذاب . وقيل معناه لا يعرفون له مدفعا ولا مردا وفى التأويلات النجمية اى اتاهم العذاب فى صورة الصحة والنعمة والسرور وهم لا يشعرون انه العذاب واشد العذاب ما يكون غير متوقع ٢٦ { فاذاقهم اللّه الخزى } اى الذل والصغار : وبالفارسية [ بس بجشانيده ايشانرا خداى تعالى خوراى ورسوايى ] يعنى احسوابه احساس الذائق المطعوم { فى الحيوة الدنيا } بيان لمكان اذاقة الخزى وذلك الخزى كالمسخ والخسف والغرق والقتل والسبى والاجلاء ونحو ذلك من فنون النكال وهو العذاب الادنى { ولعذاب الآخرة } المعد لهم { اكبر } من العذاب الدنيا لشدته ودوامه { لو كانوا يعلمون } اى لو كان من شأنهم ان يعلموا لعلموا ذلك واعتبروا به وما عصوا اللّه ورسوله وخلصوا انفسهم من العذاب فعلى العاقل ان يرجع الى ربه بالتوبة والانابة كى يتخلص من عذاب الدنيا والآخرة وعن الشبلى قدس سره انه قال قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها واحدا وعملت به وخليت ما سواه لانى تأملته فوجدت خلاصى ونجاتى فيه وكان علم الاولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم قال لبعض اصحابه ( اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها ) فاذا كان الصبر على النار غير ممكن للانسان الضعيف فليسلك طريق النجاة المبعدة عن النار الموصلة الى الجنات واعلى الدرجات وفى الحديث ( ان بدلاء امتى لم يدخلوا الجنة بصلاة ولا قيام ولكن دخلوها بسخاء الانفس وسلامة الصدر والنصح للمسلمين ) واصل الكل هو التوحيد وعن حذيفة رضى اللّه عنه انه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم يقول ( مات رجل من قوم موسى فاذا كان يوم القيامة يقول اللّه تعالى لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى شيأ من الاعمال فيقولون لا نجد سوى نقش خاتمه لا اله الا اللّه فيقول اللّه تعالى لملائكته ادخلوا عبدى الجنة قد غفرت له ) فاذا كان التوحيد منجيا بنقشه الظاهرى فما ظنك بنقشه الباطنى فلا بد من الاجتهاد لاصلاح النفس وتقوية اليقين والحمد لله على نعمة الاسلام والدين وحكى عن ابى على النسفى انه قال فقد مسلم حمارا فخرج فى طلبه فاستقبله مجوسى فانصرف المؤمن وقال الهى انا فقدت الدابة وهذا فقد الدين فمصيبته اكبر من مصيبتى الحمد لله الذى لم يجعل مصيبتى كمصيبته وهذا بالنسبة الى الوقت والحال واما امر المآل فعلى الاشكال كما قال فى المثنوى هيج كافررا بحوارى منكريد ... كه مسلمان مردنش باشد اميد جه خبردارى زختم عمر او ... تا بكردانى ازو يكباره رو ومن اللّه التوفيق ٢٧ { ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل } يحتاج اليه الناظر فى امور دينه قال السمرقندى ولقد بينا لهم فيه كل صفة هى فى الغرابة اى فى غرابتها وحسنها كالمثل السائر وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشان كقصة الاولين وقصة المبعوثين يوم القيامة وغير ذلك . والمراد بالناس اهل مكة كما فى الوسيط ويعضده ما قال بعضهم من ان الخطاب بقوله { يا ايها الناس } فى كل ما وقع فى القرآن لاهل مكة والظاهر التعميم لهم ولمن جاء بعدهم { لعلهم يتذكرون } يتذكرون به ويتعظون به ٢٨ { قرآنا عربيا } اى بلغة العرب وهو حال مؤكدة من هذا على ان مدار التأكيد هو الوصف اى التأكيد فى الحقيقة هو الصفة ومفهومها . وبعضهم جعل القرآن توطئة للحال التى هى عربيا والحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة ويجوز ان ينتصب على المدح اى اريد بهذا القرآن قرآنا عربيا { غير ذى عوج } لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه ولا تناقض ولا عيب ولا خلل . والفرق بينه بالفتح وبينه بالكسر ان كل ما ينتصب كالحائط والجدار والعود فهو عوج بفتح العين وكل ما كان فى المعانى والاعيان الغير المنتصبة وبفتحها فى المنتصبة كالرمح والجدار ولذا قال اهل التفسير لم يقل مستقيما او غير معوج مع انه اخصر لفائدتين . احداهما نفى ان يكون فيه عوج ما بوجه من الوجوه كما قال { ولم يجعل له عوجا } والثانية ان لفظ العوج مختص بالمعانى دون الاعيان وهو بالفارسية [ كجى ] وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما { غير ذى عوج } اى غير مخلوق وذلك لان كونه مقروا بالالسنة ومسموعا بالآذان ومكتوبا فى الاوراق ومحفوظا فى الصدور لا يقتضى مخلوقيته اذ المراد كلام اللّه القديم القائم بذاته وفى حقائق البقلى قرآنا قديما ظهر من الحق على لسان حبيبه لا يتغير بتغير الزمان ولا يرهقه غبار الحدثان لا تعوجه الحروف ولا تحيط به الظرف وفى بحر الحقائق صراطا مستقيما الى حضرتنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه { لعلهم يتقون } علة اخرى مترتبة على الاولى فان المصلحة فى ضرب الامثال هو التذكر والاتعاظ بها اولا ثم تحصيل التقوى . والمعنى لعلهم يعملون عمل اهل التقوى فى المحافظة على حدود اللّه فى القرآن والاعتبار بامثاله : وبالفارسية [ شايدكه ايشان بسبب تأمل درمعانى آن بيرهيزند ازكفروتكذيب ] ثم اورد مثلا من تلك الامثال فقال ٢٩ { ضرب اللّه مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون } المراد بضرب المثل هنا تطبيق حالة عجيبة باخرى مثلها كما مر فى اوائل سورة يس ومثلا مفعول ثان لضرب ورجلا مفعوله الاول اخر عن الثانى للتشويق اليه وليتصل به ما هو من تتمته التى هى العمدة فى التمثيل وفيه خبر مقدم لقوله شركاء والجملة فى حيز النصب على الوصفية لرجلا [ والتشاكس : بايكديكر بدخويى كردن ] قال فى المفردات الشكس السيىء الخلق ومتشاكسون متشاجرون بشكاسة خلقهم وفى القاموس وكندس الصعب الخلق وككتف البخيل ومتشاكسون مختلفون عسرون وتشاكسوا تخالفوا . والمعنى جعل اللّه تعالى للمشرك مثلا حسبما يقود اليه مذهبه من ادعاء كل من معبوديه عبوديته عبدا يتشارك فيه جماعة يتجاذبونه ويتعاورونه فى مهماتهم المتباينة فى تحسره وتوزع قلبه { ورجلا } اى وجعل للموحد مثلا { سلما } خالصا { لرجل } فرد ليس لغيره عليه سبيل اصلا فالتنكير فى كل منهما للافراد اى فردا من الاشخاص لفرد من الاشخاص . والسلم بفتحتين وكقتل وفسق مصدر من سلم له كذا اى خلص نعت به مبالغة كقولك رجل عدل او حذف منه ذو بمعنى ذا سلامة لرجل اى ذا خلوص له من الشرك . والرجل ذكر من بنى آدم جاوز حد الصغر وتخصيص الرجل لانه انطق لما يجرى عليه من الضر والنفع لان المرأة والصبى قد يغفلان عن ذلك { هل } استفهام انكار { يستويان } [ آيا مساوى باشد اين دو بنده ] { مثلا } من جهة الصفة والحال نصب على التمييز والوحدة حيث لم يقل مثلين لبيان الجنس وارادته فيعم اى هل يستوى حالهما وصفاتهما يعنى لا يستويان . والحاصل ان الكافر كالعبد الاول فى كونه حيران متفرق البال لانه يعبد آلهة مختلفة اى اصناما لا يجيىء منها خير بل تكون سببا لوقوعه فى اسفل سافلين كما ان العبد يخدم ملاكا متعاسرين مختلفى الاهوية لا يصل اليه منهم منفعة اصلا والمؤمن كالعبد الثانى فى انضباط احواله واجتماع باله حيث يعبد ربا واحدا يوصله الى اعلى عليين كما ان العبد يخدم سيدا واحدا يرضى عنه ويصل اليه بالعطاء الجزيل يك يار بسنده كن جويك دل دارى ... { الحمد لله } حيث خصمهم كما قال مقاتل اى قطعهم بالخصومة وغلبهم واظهر الحجة عليهم ببيان عدم الاستواء بطريق ضرب المثل { بل اكثرهم لا يعلمون } اضراب وانتقال من بيان عدم الاستواء على الوجه المذكور الى بيان ان اكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون ذلك مع كمال ظهوره فيبقون فى ورطة الشرك والضلال من فرط جهلهم وفى الآية اشارة الى بيان عدم الاستواء بين الذى يتجاذبه شغل الدنيا وشغل العيال وغير ذلك من الاشياء المختلفة والخواطر المتفرقة وبين الذى هو خالص لله ليس للخلق فيه نصيب ولا للدنيا نسيب وهو من الآخرة غريب والى اللّه قريب منيب والحاصل ان الراغب فى الدنيا شغلته امور مختلفة فلا يتفرغ لعبادة ربه واذا كان فى العبادة يكون قلبه مشغولا بالدنيا. والزاهد قد تفرغ من جميع اشغال الدنيا فهو يعبد ربه خوفا وطمعا . والعارف قد تفرغ من الكونين فهو يعبد ربه شوقا الى لقائه فلا استواء بين البطالين والطالبين وبين المنقطعين والواصلين الحمد لله يعنى الثناء له وهو مستحق لصفات الجلال بل اكثرهم لا يعلمون كمال جماله ولا يطلعون على حسن استعدادهم بمرآتية صفات جماله وجلاله والا لعطلوا الامور الدنيوية باسرها وخربت الدنيا التى هى مزرعةن الآخرة : وفى المثنوى استن اين عالم اىجان غفلتست ... هو شيارى اين جهانرا آفتست هوشيارى زان جهانست وجوان ... غالب آيد بست كردد اين جهان هوشيارى آفتاب وحرص يخ ... هوشيارى آب واين عالم وسخ زان جهان اندك ترشح مىرسد ... تانلغزد درجهان حرص وحسد كر ترشح بيشتر كردد زغيب ... نىهنر ماند درين عالم نه عيب فعلى العاقل الرجوع الى اللّه والعمل بما فى القرآن والاعتبار بامثاله حتى يكون من الذين يعلمون حقيقة الحال : وفى المثنوى هست قرآن حالهاى انبيا ... ماهيان بحر باك كبريا ور بخوانى ونه قرآن بذير ... انبيا واوليارا ديده كير وريذيرايى جو بر خوانى قصص ... مرغ جانت تنك آيد درقفص مرغ كواندر قفص زندانيست ... مى نجويد رستن ازنادانيست روحهايى كز قفصها رسته اند ... انبياى رهبر شايسته اند كان الحسن والحسين رضى اللّه عنهما يلعبان بين يدى النبى فاعجب بهما فاتاه جبرائيل عليه السلام بقارورة وكاغدة وفى القارورة الدم وفى الكاغدة السم فقال أتحبهما يا محمد فاعلم ان احدهما يقتل بالسيف فهذا دمه والآخر يسقى السم وهذا سمه فقطع القلب عن الاولاد وعلق قلبه باللّه تعالى من قال اللّه ولم يفر من غير اللّه الى اللّه لم يقل اللّه دع روحك وقلبك ثم قل اللّه كما قال اللّه تعالى لحبيبه عليه السلام { قل اللّه ثم ذرهم } اى ذرهم ثم قل اللّه نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من المنقطعين اليه والحاضرين لديه انه هو المسئول ٣٠ { انك ميت وانهم ميتون } تمهيد لما يعقبه من الاختصام يوم القيامة اذ كان كفار قريش يتربصون برسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم موته : يعنى [ كفارمكه ميكفتند جشم ميداريم كه محمد بميرد واز وبازرهيم ] . والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة وفى المفردات الموت زوال القوة الحساسية الحيوانية وابانة الروح عن الجسد . والتأكيد بالنون لتنزيل المخاطب منزلة المتردد فيه تنبيها له على ظهور ادلته وحثا على النظر فيها . والمعنى انكم جميعا بصدد الموت فالموت يعمكم ولا معنى للتربص والشماتة بل هو عين الجهالة مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند بس ازوى بسى فمعنى قوله ميت وميتون : بالفارسية [ مرده خواهى شد وزود بميرند ] اى ستموت وسيموتون والشىء اذا قرب من الشىء يسمى باسمه فلا بد لكل من الموت قريبا وبعيدا وكل آت فهو قريب روى ان آدم عليه السلام لما اهبط الى الارض قيل له لد للفناء وابن للخراب قرأ بعضهم انك مائت وانهم مائتون لانه مما سيحدث وتوضيحه ان المائت صفة حادثة فى الحال او فى المستقبل بدليل صحة قولك زيد مائت الآن او غدا بخلاف الميت فانه صفة لازمة كالسيد للعريق فى السؤدد والسائد لمن حدث له السؤدد وقيل الموت ليس ما اسند الى ابانة الروح عن الجسد بل هو اشارة الى ما يعترى الانسن فى كل حال من الخلل والنقص وان البشر ما دام فى الدنيا يموت جزأ فجزأ وقد عبر قوم عن هذا المعنى وفصلوا بين الميت والمائت فقالوا هو المتخلل قال القاضى على بن عبد العزيز ليس فى لغتنا مائت على حسب ما قالوه وانما يقال موت مائت كقولنا شعر شاعر وسيل سائل قال ابن مسعود رضى اللّه عنه لما دنا فراق رسول اللّه جمعنا فى بيت امنا عائشة رضى اللّه عنها ثم نظر الينا فدمعت عيناه وقال ( مرحبا بكم حياكم اللّه رحمكم اللّه اوصيكم بتقوى اللّه وطاعته قد دنا الفراق وحان المنقلب الى اللّه تعالى والى سدرة المنتهى وجنة المأولى يغسلنى رجال اهل بيتى ويكفنوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا او فى حلة يمانية فاذا غسلتمونى وكفنتمونى ضعونى على سريرى فى بيتى هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى علىّ حبيبى جبرائيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا علىّ فوجا فوجا فصلوا علىّ ) فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا وقالوا يا رسول اللّه انت رسول ربنا وشمع جمعنا وبرهان امرنا اذا ذهبت عنا فالى من نرجع فى امورنا قال ( تركتكم على المحجة البيضاء ) اى على الطريق الواضح الواسع ( ليلها كنهارها ) اى فى الوضوح ( ولا يزيغ بعدها الا هالك وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا فالناطق القرآن والصامت الموت فاذا اشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة واذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار فى احوال الاموات ) فمرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من يومه ذلك من صداع عرض له وكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس ثم مات يوم الاثنين كما بعثه اللّه فيه فغسله على رضى اللّه عنه وصب الماء اى ماء بئر غرس الفضل بن العباس رضى اللّه عنهما ودفنوه ليلة الاربعاء وسط الليل وقيل ليلة الثلاثاء فى حجرة عائشة رضى اللّه عنها وفى الحديث ( من اصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بى فانها افظع المصائب ) وانشد بعضهم اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بان المرء غير مخلد واذا اعترتك وساوس بمصيبة ... فاذكر مصابك بالنبى محمد وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { انك ميت } الخ الى نعيه عليه السلام ونعى المسلمين اليهم ليفرغوا باجمعهم عن مأتمهم ولا تعزية فى العادة بعد ثلاث ومن لم يتفرغ عن مأتم نفسه وانواع همومه فليس له من هذا الحديث شمة فاذا فرغ قلبه عن حديث نفسه وعن الكونين بالكلية فحينئذ يجد الخير من ربه وليس هذا الحديث الا بعد فنائهم عنهم ولهذا اوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام فقال ( يا داود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يا رب انت منزه عن البيت كله قال فرغ لى قلبك ) وقال لنبينا عليه السلام { ألم نشرح لك صدرك } يعنى قلبك وقال { وثيابك فطهر } اى قلبك عن لوث تعلقات الكونين سالك باك رو نخوانندش ... آنكه ازماسوى منزه نيست وقال المولى الجامى قدس سره روزشب درنظرت موج زنان بحر قدم ... حيف باشد كه بلوث حدث آلوده شوى ٣١ { ثم انكم } اى انك واياهم على تغليب ضمير المخاطب على ضمير الغائب واكد بالنون وان كان الاختصام مما لا ينكر لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ فى انكار الاختصام لانهماكهم فى الغفلة عنه { يوم القيمة عند ربكم } اى مالك امركم { تختصمون } فتحتج انت عليهم بانك بلغتهم ما ارسلت به من الاحكام والمواعظ واجتهدت فى الدعوة الى الحق حق الاجتهاد وهم قد لجوا فى المكابرة والعناد ويعتذرون بما لا طائل تحته مثل اطعنا سادتنا وكبراءنا وجدنا آباءنا وفى بحر العلوم الوجه الوجيه ان يراد الاختصام العام وان يخاصم الناس بعضهم بعضا مؤمنا او كافرا فيما جرى بينهم فى الدنيا بدلائل . منها قول النبى عليه السلام ( اول من يختصم يوم القيامة الرجل والمرأة واللّه ما يتكلم لسانها ولكن يداها تشهدان ورجلاها عليها بما كانت تعيب لزوجها وتشهد عليه يداه ورجلاه بما كان يؤذيها ) ومنها قوله عليه السلام ( انا خصم عثمان بن عفان بن يدى الرب تعالى ) وعن ابراهيم النخعى قالت الصحابة رضى اللّه عنهم ما خصومتنا ونحن اخوان فلما قتل عثمان رضى اللّه عنه قالوا هذه خصومتنا وعن ابى سعيد الخدرى رضى اللّه عنه كنا نقول ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد فما هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا . ومنها قوله عليه السلام ( من كان عنده مظلمة لاخيه من عرض او شىء فليتحلله اليوم من قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات اخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه ) قال ابن الملك يحتمل ان يكون المأخوذ نفس الاعمال بان تتجسد فنصير كالجواهر وان يكون ما اعدلها من النعم والنقم اطلاقا للسبب على المسبب وعن الزبير بن العوّام رضى اللّه عنه قال لما نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم { ثم انكم } الخ قلت اى رسول اللّه أيكرر علينا ما كان بيننا فى الدنيا مع خواص الذنوب اى الذنوب المخصوصة بنا سوى المخاصمات قال ( نعم ليكربن عليكم حتى تؤدوا الى كل ذى حق حقه ) قال الزبير ان الامر اذا لشديد وفى الحديث ( لا تزال الخصومة بين الناس حتى تخاصم الروح الجسد فيقول الجسد انما كنت بمنزلة جذع ملقى لا استطيع شيأ ويقول الروح انما كنت ريحا لا استطيع ان اعمل شيأ فضرب لهما مثل الاعمى والمقعد يحمل الاعمى المقعد فيدله المقعد ببصره ويحمله الأعمى برجليه ) وفى الحديث ( أتدرون من المفلس ) قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال ( ان المفلس من امتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وكان قد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا وسفك دم هذا فيقضى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه اخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار ) فان قيل قال فى آية اخرى { لا تختصموا لدىّ } قيل ان فى يوم القيامة ساعات كثيرة واحوالها مختلفة مرة يختصمون ومرة لا يختصمون كما انه قال { فهم لا يتساءلون } وقال فى آية اخرى { واقبل بعضهم على بعض يتساءلون } يعنى فى حال لا يتساءلون وفى حال يتساءلون وكما انه قال { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان } وفى موضع آخر { فوربك لنسألنهم اجمعين } ونحو هذا كثير فى القرآن قال بعض الكبار يوم القيامة يوم عظيم شديد يتجلى الحق فيه اولا بصفة القهر بحيث يسكت الانبياء والاولياء ثم يتجلى باللطف فيحصل لهم انبساط فعند ذلك يشفعون قال فى التأويلات النجمية { ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } اى تراجعون الحق تعالى بشفاعة اقربائكم واهاليكم واصدقائكم بعد فراغكم من خويصة انفسكم نسأل اللّه سبحانه وتعالى العناية ٣٢ { فمن اظلم ممن كذب على اللّه } فى الارشاد المعنى الاول ليختصمون هو الاظهر الانسب بهذا القول فانه مسوق لبيان حال كل من طرفى الاختصام الجارى فى شأن الكفر والايمان لا غير وفى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان الاختصام يوم القيامة بين الظالمين والمظلومين والمعنى اظلم من كل ظالم من افترى على اللّه بان اضاف اليه الشرك والولد { وكذب بالصدق } اى بالامر الذى هو عين الحق ونفس الصدق وهو ما جاء به النبى عليه السلام { اذ جاءه } اى فى مجيئه على لسان الرسول عليه السلام يعنى فاجأه بالتكذيب ساعة اتاه واول ما سمعه من غير تدبر فيه ولا تأمل وفيه اشارة الى من يكذب على اللّه بادعاء انه اعطاه رتبة وحالا ومقاما واذا وجد صديقا جاء بالصديق فى المقال والاحوال كذبه وينكر على صدقه فيكون حاصل امره يوم القيامة قوله { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودة } ولهذا قال تعالى { أليس فى جهنم مثوى للكافرين } استفهام انكارى وانكار النفى نفى له ونفى النفى اثبات . والثواء هو الاقامة والاستقرار والمثوى المقام والمستقر . والمعنى ان جهنم منزل ومقام للكاذبين المكذبين المذكورين وغيرهم من الكفار جزاء لكفرهم وتكذيبهم ٣٣ { والذى جاء } [ وانكه آمد ويا آرد ] { بالصدق وصدق به } الموصول عبارة عن رسول اللّه عليه السلام ومن تبعه من المؤمنين كما فى قوله تعالى { ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون } فان المراد موسى عليه السلام وقومه { اولئك } المصوفون بالصدق والتصديق { هم المتقون } المنعوتون بالتقوى التى هى اجل الرغائب وقال الامام السهيلى رحمه اللّه { والذى جاء بالصدق } هو رسول اللّه { و } الذى { صدق به } هو الصديق رضى اللّه عنه ودخل فى الآية بالمعنى كل من صدق ولذلك قال { واولئك هم المتقون } انتهى وفيه على ما قال اهل التفسير انه يلزم اضمار الذى بان يقال والذى صدق به وذا غير جائز ودلت الآية على ان النبى عليه السلام يصدق ايضا بما جاء به من عند اللّه ويتلقاه بالقبول كما قال اللّه تعالى { آمن الرسول بما انزل اليه من ربه } ومن هنا قال بعضهم ان النبى عليه السلام مرسل الى نفسه ايضا وهكذا وارث الرسول فانه لا يتردد فى صدق حاله وتصديق الخبر الذى يأتيه من اللّه تعالى فيفيض بركة حاله الى وجوده كله والى من يعتقده ويصدقه ألا ترى ان النبى عليه السلام اتى بالصدق وافاض من بركات صدقه على ابى بكر رضى اللّه عنه فسمى صديقا وهكذا حال سائر الصديقين قال الحافظ بصدق كوش كه خورشيد زايد ازنفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست يعنى ان الصادق الصديق يتولد من نفسه نفس الشمس المعنوية فتنور الانفس كما ان الصبح الصادق تطلع بعده الشمس الصورية فتنور الآفاق بخلاف حال الكاذب فانه كالصبح الكاذب حيث تعقبه الظلمة ٣٤ { لهم } اى للمتقين بمقابلة محاسن اعمالهم فى الدنيا { ما يشاؤن عند ربهم } اى كل ما يشاؤنه من جلب المنافع ودفع المضار فى الآخرة لا فى الجنة فقط لما ان بعض ما يشاؤنه من تكفير السيآت والامن من الفزع الاكبر وسائر اهوال القيامة انما يقع قبل دخول الجنة يقال اجمع العبارات لنعيم الجنة { ولهم ما يشتهون } واجمع العبارات لعذاب الآخرة { وحيل بينهم وبين ما يشتهون } وفى التأويلات النجمية { لهم ما يشاؤون عند ربهم } لانهم تقربوا الى اللّه تعالى بالاتقاء به عما سواه فاوجب اللّه فى ذمة كرمه ان يتقرب اليهم باعطاء ما يشاؤن من عنده بحسب حسن استعدادهم { ذلك } اى حصول ما يشاؤنه { جزاء المحسنين } ثواب الذين احسنوا اعمالهم بان عملوها على مشاهدة الحق ٣٥ { ليكفر اللّه عنهم اسوأ الذى عملوا } قال الراغب الكفارة ما يغطى الاثم ومنه كفارة اليمين والقتل والظهار . والتكفير ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل ويجوز ان يكون بمعنى ازالة الكفر والكفران كالتمريض بمعنى ازالة المرض واللام متصل بالمحسنين يعنى الذين احسنوا رجاء ان يكفر اللّه الخ او بالجزاء يعنى جزاهم كى يفر عنهم كذا فى كشف الاسرار وقال المولى ابو السعود رحمه اللّه اللام متعلق بقوله لهم ما يشاؤن باعتبار فحواه الذى هو الوعد اى وعدهم اللّه جميع ما يشاؤنه من زوال المضار وحصول المسار ليكفر عنهم بموجب ذلك الوعد اسوأ الذى عملوا دفعا لمضارهم { ويجزيهم اجرهم } ويعطيهم ثوابهم { باحسن الذى كانوا يعملون } اى اعطاؤنا لمنافعهم واضافة الاسوأ والاحسن الى ما بعدهما ليست من قبيل اضافة المفضل الى المفضل عليه بل من اضافة الشىء الى بعضه للقصد الى التحقيق والتوضيح من غير اعتبار تفضيله عليه وانما المعتبر فيهما مطلق الفضل والزيادة لاعلى المضاف اليه المعين بخصوصه خلا ان الزيادة المعتبرة فيها ليست بطريق الحقيقة بل هى فى الاول بالنظر الى ما يليق بحالهم من استعظام سيآتهم وان قلت واستصغار حسناتهم وان جلت والثانى بالنظر الى لطف كرم اكرم الاكرمين من استكثار الحسنة اليسيرة ومقابلتها بالمثوبات الكثيرة وحمل الزيادة على الحقيقة وان امكن فى الاول بناء على ان تخصيص الاسوأ بالذكر لبيان تكفير ما دونه بطريق الاولوية ضرورة استلزام تكفير الاسوأ لتكفير السيىء لكن لما لم يكن ذلك فى الاحسن كان الاحسن نظمها فى سلك واحد من الاعتبار . والجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل فى صلة الموصول الثانى دون الاول للايذان باستمرارهم على الاعمال الصالحة بخلاف السيئة كذا فى الارشاد واعلم ان سبب التكفير والاجر الاحسن هو الصدق وهو من المواهب لا من المكاسب فى الحقيقة وان كان حصول اثره منوطا بفعل العبد ويجرى فى القول والفعل والوعد والعزم قال ابو يزيد البسطامى قدس سره اوقفنى الحق سبحانه بين يديه الف موقف فى كل موقف عرض علىّ مملكة الدارين فقلت لا اريدها فقال لى فى آخر موقف يا ابا يزيد ما تريد قلت اريد ان لا اريد قال انت عبدى حقا وصدقا من كه باشم كه مرا خواست بود ... [ داود طائى رحمه اللّه عالم وقت بود ودر فقه فريد عصر بود ودرمقام صدق جنان بودكه آن شب كه ازدنيا بيرون رفت ازآسمان ندا آمدكه ( يا اهل الارض ان داود الطائى رحمه اللّه قدم على ربه وهو غير راض ) واين منزلت ومنقبت درصدق عمل جنان بودكه ابوبكر عياش حكايت كندكه درحجره وى شدم اورا ديدم نشسته وباره نان خشك دردست داشت ومى كريست كفتم ] مالك يا داود فقال هذه الكسرة آكلها ولا ادرى أمن حلال هى ام من حرام [ وشيخ ابو سعيد ابو الخير قدس سره را در مجلس سؤال كردندكه ] يا الشيخ ما الصدق وكيف السبيل الى اللّه شيخ كفت الصدق وديعة اللّه فى عباده ليس للنفس فيه نصيب لان الصدق سبيل الى الحق وابى اللّه ان يكون لصاحب النفس اليه سبيل قال عليه السلام لمعاذ رضى اللّه عنه ( يا معاذ اخلص دينك يكفك القليل من العمل ) ٣٦ { أليس اللّه بكاف عبده } ادخلت همزة الانكار على كلمة النفى فافادت معنى اثبات الكفاية وتقريرها والكفاية ما فيه سد الخلة وبلوغ المراد فى الامر اى هو تعالى كاف عبده محمدا صلى اللّه تعالى عليه وسلم امر من يعاديه وناصره عليه وفيه تسلية له عليه السلام ويحتمل الجنس ففيه تسلية لكل من تحقق بمقام العبودية وعن بعض الكبار أليس اللّه بكاف عبده ان يعبده ويؤمن به وايضا عبده المتحقق بحقيقة هويته التى هى مبدأ الالوهية اى الوهيته والهيته وفى التأويلات النجمية ان اللّه كاف عبده عن كل شىء ولا يكفى له كل شىء عن اللّه ولهذا المعنى اذ يغشى السدرة ما يغشى من نفائس الملك والملكوت لتكون للنبى عليه السلام تلك النفائس كافية عن رؤية ما زاغ البصر وما طغى بنظر القبول اليها حتى رأى من آيات ربه الكبرى وفى عرائس البقلى فيه نبذة من العتاب عاتب الحق عباده بلفظ الاستفهام اى هل يجرى على قلوبهم انى اتركهم من رعايتى وحفظى كلا ومن يجترئ ان يقوم بمخاصمة من هو فى نظرى من الازل الى الابد وفى كشف الاسرار من تبرأ من اختياره واحتياله وصدق رجوعه الى اللّه من احواله ولا يستعين بغير اللّه من اشكاله وامثاله آواه اللّه الى كنف اقباله وكفاه جميع اشغاله وفى الحديث ( من اصبح وهمومه هم واحد كفاه اللّه هموم الدنيا والآخرة ) [ عبد الواحد زيدراكفتند هيج كس را دانى كه در مراقبت خالق جنان مستغرق بودكه اورا برواى خلق نباشد كفت يكىرا دانم كه همين ساعت در آيد عتبة الغلام در آمد عبد الواحد كفت اى عتبه درراه كراديدى كفت هيج كس را وراه وى بازار بود انجمن خلق ] وقال السيد جعفر الصادق رضى اللّه عنه ما رأيت احسن من تواضع الاغنياء للفقراء واحسن من ذلك اعراض الفقير غن الغنى استغناء باللّه تعالى ورعايته وكفايته قال ابو بكر بن طاهر رحمه اللّه رفع جلاجل العبودية من عنقه من نظر بعد هذه الآية الى احد من الخلق او رجاهم او خافهم او طمع فيهم بس ترا از ماسوى امداد هو ... كفت أليس اللّه بكاف عبده { ويخوفونك } اى المشركون { بالذين من دونه } اى بالاوثان التى اتخذوها آلهة من دون اللّه تعالى ويقولون انك تيبها وانها لتصيبك بسوء كالهلاك او الجنون او فساد الاعضاء وقال بعض اهل التفسير ان هذه الآية اى قوله { أليس اللّه بكاف عبده } نزلت مرة فى حق النبى عليه السلام ومرة فى شأن خالد بن الوليد رضى اللّه عنه كسورة الفاتحة حيث نزلت مرة بمكة ومرة بالمدينة [ ونزولش در حق خالد بن الوليد آنست كه قومى از مشركان عرب درختىرا بمعبودى كرفته بودند ودر وى ديوى درزير بيخ آن درخت قرار كرده بود نام آن ديو عزى ورب العزة آنرا سبب ضلالت ايشان كرده بود مصطفى عليه السلام خالد وليدرا فرموده تاآن درخت را ازبيخ بر آورد وآن ديورا بكشد مشركان كرد آمدند وخالدرا بترسانيدندكه عزى ترا هلاك كند ياديوانه كند خالد از مقالت ايشان مصطفى را خبر كرد ورب العزة در حق وى اين آيت فرستادكه { أليس اللّه بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه } خالد باز كشت وآن درخت را ازبيخ بكند وزير آن درخت شخصى يافت عظيم سياه كريه المنظر واورا بكشت يس مصطفى عليه السلام كفت ] ( تلك عزى ولن تعبد ابدا ) كذا فى كشف الاسرار { ومن يضلل اللّه } اى ومن يجعله دالا عن الطريق القويم والفهم المستقيم حتى غفل عن كفايته تعالى وعصمته له عليه السلام وخوفه بما لا ينفع ولا يضر اصلا { فما له من هاد } يهديه الى خير ما ٣٧ { ومن يهد اللّه } اى ومن يرشده الى الصراط المستقيم { فما له من مضل } يصرفه عن مقصده او يصيبه بسوء يخل بسلوكه اذ لا راد لفعله ولا معارض لارادته وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان رؤية الخير والشر من غير اللّه ضلالة والتخويف بمن دون اللّه غاية الضلالة ولهذا قال { فمن يضلل اللّه فما له من هاد } ولان الهادى فى الحقيقة هو اللّه فمن يضلل اللّه كيف يهديه غيره وكذلك من يهد اللّه فماله من مضل لان المضل على الحقيقة هو اللّه فمن يهده اللّه كيف يضله { أليس اللّه بعزيز } غالب منيع يعز من يعبده { ذى انتقام } من اعدائه لاوليائه اى هو عزيز ذو انتقام لان الاستفهام اذا دخل على النفى افاد تحقيقا وتقريرا كما مر . والانتقام بالفارسية [ كينه كشيدن ] وفى بحر العلوم من النقمة وهى الشدة والعقوبة ٣٨ { ولئن سألتهم } اى هؤلاء المشركين الذين يخوفونك بآلهتهم فقلت لهم { من خلق السموات والارض } من اخترع هذين الجنسين المعبر عنهما بالعالم { ليقولن اللّه } اى خلقهن اللّه لوضوح الدليل على اختصاصه بالخالقية واللام الاولى توطئة وتمهيد للقسم والثانية جواب له وهو سادّ مسدّ جوابين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان الفطرى مركوز فى جبلة الانسان من يوم الميثاق اذ اشهدهم اللّه على انفسهم فقال { ألست بربكم قالوا بلى } كما قال تعالى { فطرة اللّه التى فطر الناس عليها } وقال عليه السلام ( كل مولود يولد على الفطرة ) فلا يزال يوجد فى الانسان وان كان كافرا اثر ذلك الاقرار ولكنه غير نافع الا مع الايمان الكسبى باللّه وملائكته وكتبه ورسله وبما جاؤا به { قل } تبكيتا لهم { أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه ان ارادنى اللّه بضر هل هن كاشفات ضره } أرأيتم بمعنى اخبرونى جعل الرؤية وهو العلم الذى هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وتدعون بمعنى تعبدون وما عبارة عن الآلهة والضر سوء الحال ايا كان من مرض وضيق معيشة وشدة والاستفهام للانكار وضميرهن راجع الى ما باعتبار الآلهة . والكشف الاظهار والازالة ورفع شىء عما يواريه ويعطيه . والمعنى بعد ما تحققتم ان خالق العالم العلوى والسفلى هو اللّه تعالى فاخبرونى ان آلهتكم ان ارادنى اللّه بضر هل هن يكشفن عنى ذلك الضرر والبلاء ويدفعنه اى لا تقدر على دفعه وازالته { او ارادنى برحمة } اى او ان ارادنى بنفع من صحة او غنى او غير ذلك من المنافع { هل هن ممسكات رحمته } فيمنعنها عنى اى لا تقدر على امساك تلك الرحمة ومنعها وتعليق ارادة الضر والرحمة بنفسه عليه السلام للرد فى نحورهم حيث كانوا خوفوه مضرة الاوثان ولما فيه من الايذان بامحاض النصخ وانما قال كاشفات وممسكات ابانة لكمال ضعفها واشعارا بانوثتها كما قال { ان يدعون من دونه الا اناثا } وهم كانوا يصفونها بالانوثة مثل العزى واللات ومناة فكأنه قال كيف اشركتم به تعالى هذه الاشياء الجمادية البعيدة من الحياة والعلم والقدرة والقوة والتمكن من الخلق هلا استحييتم من ذلك { قل } يا محمد { حسبى اللّه } حسب مستعمل فى معنى الكفاية اى اللّه كافىّ فى جميع امورى من اصابة الخير ودفع الشر : وبالفارسية [ بسست مرا خداى تعالى در رسانيدن خيروباز داشتن شر ] روى انه عليه السلام لما سألهم سكتوا فنزل { عليه } تعالى لا على غيره اصلا { يتوكل المتوكلون } لعلمهم بان ما سواه تحت ملكوته تعالى توباخداى خود اندازكار ودل خوش دار ... كه رحم اكر نكند مدعى خدا بكند وفيه اشارة الى ان من تحول عن الكافى الى غير الكافى لم يتم امره فلا بد من التوكل على رب العباد والتسليم له والانقياد [ دركليله ودمنه كويد باسلطان قوى كسى طاقت ندارد وكس با اونستيزد مكر بكردن دادن ويرا مثل آن حشيش كه هركاه باد غله كيرد خودرا فراباد دهد تادر زمين همين كرداندش آخرنجات يابد وآن درخت رفته راكه كردن ننهد از بيخ بركدن وجون شرار بينى وازوبترسى بيش اودر زمين بغلظ تواضع كن تابرهى كه شيرا كرجه عظيم بود اما كريم بود ] فالعصمة من اللّه تعالى حكى ان سفينة مولى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم اخطأ الجيش بارض الروم واسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش فاذا باسد فقال له يا ابا الحارث انا سفينة مولى رسول اللّه فكان مرادى كيت وكيت فاقبل الاسد يتبصبص حتى قام الى جنبه فركب عليه فكان كلما سمع صوتا اهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الاسد وفيه اشارات منها ان الحيوان المفترس لا يقدر على الاضرار اذا كان المرء فى عصمة اللّه فكيف الجماد. ومنها أن طاعة اللّه تعالى والتوكل عليه سبب النجاة من المهالك . ومنها ان الاستشفاع برسول اللّه والتقرب اليه بالايمان والتوحيد والعمل بسنته يهدى الى سواء الصراط كما هدى سفينة رضى اللّه عنه فعلى العاقل اخلاص التوحيد والاعراض عما سوى اللّه تعالى فانه تعالى كاف لعبده فى كل حال من الاحوال والامور ٣٩ { قل يا قوم } اى قوم من ] { اعملوا على مكانتكم } على حالتكم التى انتم عليها من العداوة التى تمكنتم فيها فان المكانة تستعار من العين للمعنى كما يستعار هنا وحيث للزمان مع كونهما للمكان { انى عامل } اى على مكانتى ما استعطت ولا يزيد حالى الا قوّة ونصرة { فسوف تعلمون } ٤٠ { من يأتيه عذاب يخزيه } بسوء اعماله ومن مفعول تعلمون والاخزاء : [ دون كردن وخوار كردن ورسوا كرن وهلاك كردن ] ومعانى هذه الكلمة يقرب بعضها من بعض ومنه الحديث لا تخزوا الحور اى لا تجعلوهن يستحيين من فعلكم كما فى تاج المصادر . والمعنى بالفارسية [ بس زود باشدكه بدانيد آنكس راكه ازماوشما بيايد بدو عذابى كه اورا رسواكند ] وهو عذاب الدنيا وخزى اعدائه دليل على غلبته فقد نصره اللّه وعذب اعداءه واخزاهم يوم بدر : يعنى [ حق سبحانه رسواكرد دشمنان آن حضرت را در روزبدركه جمعىز ايشان بدست مؤمنان كشته كشتند وكروهى بقيد مذلت وسلسله نكبت كرفتار شدند اين سربباد داده وآن دستها بيند ... آن كشته خواروزار وكرفتار ومستمند { ويحل } ينزل من افعاله من الحلول وهو النزول { عليه عذاب مقيم } الى الابد لا يفارقه دائم لا ينقطع عنه وهو عذاب الآخرة يعنى انتم الهالكون بسبب كونكم على البطلان ونحن الناجون بسبب كوننا على الحق فسوف ينكشف ربحنا وخسرانكم وسوف تظهر زيادتنا ونقصانكم وسوف يطالبكم اللّه ولا جواب لكم ويعذبكم ولا شفيع لكم ويدمر عليكم ولا صريخ لكم ايمان رسد بفرياد قرآن رسد بامداد ... ٤١ { انا انزلنا عليك الكتاب } اى القرآن { للناس } اى لاجلهم فانه مناط لمصالحهم فى المعاش والمعاد وقد سبق الفرق بين اليك وعليك فى اول السورة { بالحق } حال من فاعل انزلنا حال كوننا محقين فى انزاله او من مفعوله كون ذلك الكتاب ملتبسا بالحق والصدق اى كل ما فيه حق وصواب لا ريب فيه موجب للعمل به حتما { فمن اهتدى } بان عمل بما فيه { فلنفسه } اى انما نفع به نفسه { ومن ضل } بان لم يعمل بموجبه { فانما يضل عليها } لما ان وبال وضلاله مقصور عليها { وما انت عليهم بوكيل } الوكيل القائم على الامر حتى يكمله اى وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى وما وظيفتك الا البلاغ وقد بلغت أى بلاغ وفى الآية اشارة الى ان القرآن مذكر جوار الحق للناس الذين نسوا اللّه وجواره فمن تذكر بتذكيره واتعظ بوعظه واهتدى بهدايته كانت فوائد الهداية راجعة الى نفسه بان تنورت بنور الهداية فانمحى عنها آثار ظلمات صفاتها الحيوانية السبعية الشيطانية الموجبة لدخول النار { ومن ضل فانما يضل عليها } فانه يوكله الى نفسه وطبيعته فتغلب عليه الصفات الذميمة فيكون حطب النار { وما انت } يا محمد { عليهم بوكيل } تحفظهم من النار اذا كان فى استعدادهم الوقوع فيها وفى الحديث ( انما مثلى ومثل امتى كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيها وانا آخذ بحجزكم تقحمون فيه ) والحجز جمع الحجزة كالكدرة وهى معقد الازار خصه بالذكر لان اخذ الوسط اقوى فى المنع واصل تقحمون بالتشديد تتقحمون وفيه اى فى النار على تأويل المذكور يعنى انا آخذكم حتى ابعدكم عن النار وانتم تدخلون فيها بشدة . ومعنى التمثيل ان النبى عليه السلام فى منعهم عن المعاصى والشهوات المؤدية الى النار وكونهم متقحمين متكلفين فى وقوعها مشبه بشخص مشفق يمنع الدواب عنها وهن يغلبنه وفى الحديث اخبار عن فرط شفقته على امته وحفظهم من العذاب ولا شك فيه لان الامم فى حجر الانبياء كالصبيان الاغبياء فى اكناف الآباء صلوات اللّه عليهم وسلامه وفى الحديث ( ان مثل ما بعثنى اللّه به من الهدى والعلم كمثل غيث اصاب ارضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وانبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها اجادب امسكت الماء فنفع اللّه بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا واصاب منها طائفة اخرى انما هى قيعان لا تمسك ماء فذلك مثل من فقه فى دين اللّه ونفعه اللّه بما بعثنى به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع لذلك رأسا ) اى لم يلتفت اليه بالعمل ولم يقبل هدى اللّه الذى ارسلت به انتهى فعلم العالم العامل المعلم كالمطر الواقع على التربة الطيبة وعلم العالم المعلم الغير العامل كالمطر الواقع على الاجادب واما الذى لا يقبل الهدى اصلا فكان كالارض التى لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فكما انها ليس فيها ماء ولا كلأ فكذا الكافر والجاهل ليس فيه علم ولا عمل فلا لنفسه نفع ولا لغيره ٤٢ { اللّه يتوفى الانفس حين موتها } يقال توفاه اللّه قبض روحه كما فى القاموس والانفس جمع نفس بسكون الفاء وهى النفس الناطقة المسماة عند اهل الشرع بالروح الاضافى الانسانى السلطانى فسميت نفسا باعتبار تعلقها بالبدن وانصياعها باحكامه والتلبس بغواشيه وروحا باعتبار تجردها فى نفسها ورجوعها الى اللّه تعالى . فالنفس ناسوتية سفلية والروح لاهوتية علوية قالوا الروح الانسانى جوهر بسيط محرك للجسم وليس هو حالا فى البدن كالحلول السريانى ولا كالحلول الجوارى ولكن له تعلق به تعلق التدبير والتصرف والروح الحيوانى اثر من آثار هذا الروح على ما سبق منى تحقيقه فى سورة الاسراء عند قوله تعالى { قل الروح من امر ربى } فهو من الروح الانسانى كالقمر من الشمس فى استفاضة النور والبهائم تشارك فيه الانسان وهو الروح الذى يتصرف فى تعديله وتقويته علم الطب ولا يحمل الامانة والمعرفة والتراب يأكل محله وهو البدن العامى لان اللّه تعالى حرم على الارض ان تأكل اجساد الانبياء والصديقين والشهداء بخلاف الروح الانسانى فانه حامل الامانة والمعرفة والايمان ويتصرف فيه علم الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة بتوسط الحكماء الالهيين ولا يأكله التراب وهو باعتبار كونه نفسا هو النبى والولى والمشار اليه بابا والمدرج فى الخرقة بعد مفارقته عن البدن والمسئول فى القبر والمثاب والمعاقب وليس له علاقة مع البدن سوى ان يستعمله فى كسب المعارف بواسطة شبكة الحواس فان البدن آلته ومركبه وشبكته وبطلان الآلة والمركب والشبكة لا يوجب بطلان الصياد نعم بطلب الشبكة بعد الفراغ من الصيد فبطلانها غنيمة اذ يتخلص من حملها وثقلها ولذا قال عليه السلام ( الموت تحفة المؤمن ) اما لو بطلت الشبكة قبل الصيد فقط عظمت فيه الحسرة والندامة ولذا يقول المقصرون { رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت } الآية . والموت زوال القوة الحساسة كما ان الحياة وجود هذه القوة ومنه سمى الحيوان حيوانا ومبدأ هذه القوة هو الروح الحيوانى الذى محله الدماغ كما ان محل الروح الانسانى القلب الصنوبرى ولا يلزم من ذلك تحيزه فيه وان كانت الارواح البشرية متحيزة عند اهل السنة . ثم ان الانسان ما دام حيا فهو انسان بالحقيقة فاذا مات فهو انسان بالمجاز لان انسانيته فى الحقيقة انما كانت بتعلق الروح الانسانى وقد فارقه : وفى المثنوى جان زريش وسبلت تن فارغست ... ليك تن بى جان بود مرداريست ومعنى الآية يقبض اللّه الارواح الانسانية عن الابدان بان يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا وذلك عند الموت فيزول الحس والحركة عن الابدان وتبقى كالخشب اليابس ويذهب العقل والايمان والمعرفة مع الارواح وفى الوسيط { حين موتها } اى حين موت ابدانها واجسادها على حذف المضاف يقول الفقير ظاهره يخالف قوله تعالى { كل نفس ذائقة الموت } فان المفهوم منه ان الموت يطرأ على النفوس لا على البدن اللهم الا ان يقال المراد ان اللّه تعالى يتوفى الارواح حين موت ابدانها بمفارقة ارواحها عنها واسند القبض اليه تعالى لانه الآمر للملائكة القابضين وفى زهرة الرياض التوفى من اللّه الامر بخروج الروح من البدن لو اجتمعت الملائكة لم يقدروا على اخراجه فاللّه يأمره بالخروج كما امره بالدخول ومن الملائكة المعالجة واذا بلغت الحنجرة يأخذها ملك الموت على الايمان او الكفر انتهى على ان من خواص العباد من يتولى اللّه قبض روحه كما روى ان فاطمة الزهراء رضى اللّه عنها لما نزل عليها ملك الموت لم ترض بقبضه فقبض اللّه روحها واما النبى عليه السلام فانما قبضه ملك الموت لكونه مقدم الامة وكما قال ذو النون المصرى قدس سره آلهى لا تكلنى الى ملك الموت ولكن اقبض روحى انت ولا تكلنى الى رضوان واكرمنى انت ولا تكلنى الى مالك وعذبنى انت نسأل اللّه الفضل على كل حال { والتى لم تمت فى منامها } قوله فى منامها متعلق بيتوفى المقدر . المنام والنوم واحد وهو استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه وقيل هو ان يتوفى اللّه النفس من غير موت كما فى الآية وقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وهذه التعريفات كلها صحيح بنظرات مختلفة والمعنى ويتوفى الانفس التى لم تمت فى منامها اى يتوفاها حين نومها بان يقطع تعلقها عن الابدان وتصرفها فيها ظاهرا لا باطنا فالنائم يتنفس ويتحرك ببقاء الروح الحيوانى ولا يعقل ولا يميز بزوال الروح الانسانى ومثل النوم حال الانسلاخ عند الصوفية الا ان المنسلخ حال اليقظة اقوى حالا وشهودا من المنسلخ حال النوم وهو النائم وعبر عن الموت والنوم بالتوفى تشبيها للنائمين بالموتى لعدم تميزهم ولذا ورد النوم اخو الموت وعن على رضى اللّه عنه ان الروح يخرج عند النوم ويبقى شعاعه فى الجسد فلذلك يرى الرؤيا فاذا انتبه عاد روحه الى جسده باسرع من لحظة ويروى ان ارواح المؤمنين تعرج عند النوم الى السماء فمن كان منهم طاهرا اى على وضوء اذن له فى السجود لله تعالى تحت العرش ومن لم يكن منهم طاهرا لم يؤذن له فيه فلذلك يستحب ان ينام الرجل على الوضوء لتصدق رؤياه ويكون له مع اللّه معاملات ومخاطبات قال بعضهم خلق اللّه الارواح على اللطافة والاجساد على الكشافة فلما امرت بالتعلق بالاجساد انقبضت من الاحتجاب بها فجعل اللّه النوم والانسلاخ سببا لسيرها فى عالم الملكوت حتى يتجدد لها المشاهدة وتزيد الرغبة فى قرب المولى وانما يستريح العبد ويجد اللذة فى النوم لانه فى يد اللّه وهو ارحم الراحمين ويضطرب ويجد الالم فى الموت لانه فى يد ملك الموت وهو اشد الخلائق اجمعين { فيمسك التى قضى عليها الموت } امساك شىء تعلق به وحفظه والقضاء الحكم اى يمسك انفس الاموات عنده ولا يردها الى البدن وذلك الامساك انما هو فى عالم البرزخ الذى تكون الارواح فيه بعد المفارقة من النشأة الدنيوية وهو غير البرزخ بين الارواح المجردة والاجسام اى غير عالم المثال الذى كان النوم او الانسلاخ سببا للدخول فيه لان مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دورية والمرتبة التى قبل النشأة الدنيوية هى من مراتب التنزلات ولها الاولية والتى بعدها هى من مراتب المعارج ولها الآخرية وايضا الصور التى تلحق الارواح فى البرزخ الاخير انما هى صور الاعمال ونتائج الافعال السابقة فى النشأة الدنيوية بخلاف صور البرزخ الاول فلا يكون شىء منهما عين الآخرة لكنهما يشتركان فى كونهما عالما روحانيا وجوهرا نورانيا غير مادى مشتملا على مثال صور العالم { ويرسل الاخرى } اى ويرسل انفس الاحياء وهى النائمة الى ابدانها عند اليقظة والنزول من عالم المثال المقيد ولعالم المثال شبه بالجوهر الجسمانى فى كونه محسوسا مقداريا وبالجوهر العقلى المجرد فى كونه نورانيا فجعل اللّه عالم المثال وسطا شبيها بكل من الطرفين حتى يتجسد اولا ثم يتكاثف ألا ترى ان حقيقة العلم الذى هو مجرد يتجسد بالصورة التى فى عالم المثال { الى اجل مسمى } هو الوقت المضروب لموتها وهو غاية لجنس الارسال اى لا لشخصه حتى يرد لزوم ان لا يقع نوم بعد اليقظة الاولى وعن سعيد بن جبير ان ارواح الاحياء وارواح الاموات تلتقى فى المنام فيتعارف منها ما شاء اللّه ان يتعارف فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجسادها الى انقضاء مدة حياتها وفى الاسئلة المقحمة يقبض الروح حال النوم ثم يمسك الروح التى قضى الموت على صاحبها ووافق نومه اجله انتهى. فيكون قوله فيمسك متفرعا على قوله والتى لم تمت ويؤيده قوله عليه السلام ( اذا اوى احدكم الى فراشه فلينفض فراشه بداخلة ازاره فانه لا يدرى ما خلف عليه ثم يقول باسمك ربى وضعت جنبى وبك ارفعه ان امسكت نفسى فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) وفيه اشارة الى ان المقصود من الحياة هو الصلاح وما عداه ينبغى ان يكون وسيلة اليه { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من التوفى على الوجهين والامساك فى احدهما والارسال فى الآخر { لآيات } عجيبة دالة على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته { لقوم يتفكرون } فى كيفية تعلق الارواح بالابدان وتوفيها عنها تارة بالكلية كما عند الموت وامساكها باقية بعد الموت لا تفنى بفناء الابدان وما يقربها من السعادة والشقاوة واخرى عن ظواهرها فقط كما عند النوم وارسالها حينا بعد حين الى انقضاء آجالها وانقطاع انفاسها وفى الكواشى { لقوم يتفكرون } فيستدلون على ان القادر على ذلك قادر على البعث كما قال الكاشفى [ براى كروهى كه تفكر كنند در امر اماته كه مشابه نوم است ودر احياكه مماثلتست به يقظة ودرتورات مذكوراست كه اى فرزندآدم جنانجه در خواب ميروى بميرد وجنانجه بيدار ميكردى برانكيخته شوى ] فالموت باب وكل الناس داخله ... وفى الحديث القدسى ( ما ترددت فى شىء انا فاعله كترددى فى قبض نفس عبدى المؤمن ) لما كان التردد وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بان الاصلح ايهما محالا فى حق اللّه تعالى حمل عى منتهاه وهو التوقف يعنى ما توقفت فيما افعله مثل توقفى في قبض نفس المؤمن فانى اتوقف فيه واريه ما اعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه الى الموت شوقا الى لقائى . ويجوز ان يراد من تردده تعالى ارسال اسباب الهلاك الى المؤمن من الجوع والمرض وغيرهما وعدم اهلاكه بها ثم ارسالها مرة اخرى حتى يستطيب الموت ويستحلى لقاءه كذا فى شرح السنة ( يكره الموت ) استئناف جواب عمن قال ما سبب ترددك اراد به شدة الموت لان الموت نفسه يوصل المؤمن الى لقاء اللّه فكيف يكرهه المؤمن وفى الحديث ( ان احدكم لن يرى ربه حتى يموت ) تا نميرد بنده از هستى تمام ... او نبيند حق تعالى والسلام مرك ييش از مرك امنست اى فتى ... اين جنين فرمود مارا مصطفى قال بعضهم [ وازموت كراهت داشتن بنده را سبب آنست كه محجوبست از ادراك لذت وصال وكمال عزتىكه اورا بعد ازموت حاصل خواهد شد ] ( وانا اكره مساءته ) اى ايذاءه بما يلحقه من صوبة الموت وكربه ( ولا بد له منه ) اى للعبد من الموت لانه مقدر لكل نفس قال بعضهم [ واكرجه حق تعالى كراهت داردكه روح جنان بنده قبض كند اماجون وقت آيد ازغايت محبت كه بابنده دارد حجاب جسم كه نقاب رخساره روح است بر اندازد ] حجاب جهره جان ميشود غبارتنم ... خوشا دمى كه ازين جهره برده برفكنم فعلى العاقل ان يتهيأ للموت بتحصيل حضور القلب وصفاء البال فان كثيرا من ارباب الحال والمقال وقعوا فى الاضطراب عند الحال : وفى المثنوى آن هنرهاى دقيق وقال وقيل ... قوم فرعونند اجل جون آب نيل سحرهاى ساحران دان جمله را ... مرك جوبى دانكه آن شد ازدها جادويهارا همه يك لقمه كرد ... يك جهان يرشب بد آن راصبح خورد آتش ابراهيم را دندان نزد ... جون كزيده حق بود جونش كزد همجنين باد اجل برعارفان ... نرم وخوش همجو نسيم يوسفان ٤٣ { ام اتخذو } نزلت فى اهل مكة حيث زعموا ان الاصنام شفعاؤهم عند اللّه فقال اللّه تعالى منكرا عليهم ام اتخذوا اى بل اتخذ قريش فام منقطعة بمعنى بل والهمزة { من دون اللّه } من دون اذنه تعالى { شفعاء } تشفع لهم عنده تعالى وهى الاصنام جمع شفيع . والشفع ضم الشىء الى مثله والشفاعة الانضمام الى آخر مسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو اعلى رتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة يوم القيامة { قل أولو كانوا لا يملكون شيأ ولا يعقلون } الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه والواو للحال عند الجمهور والمعنى قل يا محمد للمشركين أفتتخذون الاصنام شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيأ من الاشياء ولا يعقلونه فضلا عن ان يملكوا الشفاعة عند اللّه ويعقلوا انكم تعبدونهم : يعنى [ توقع شفاعت مكنيد از جمادات وحال آنكه ايشان ازقدرت وعلم بى بهره اند ] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اتخاذ الاشياء للعبادة او للشفاعة بالهوى والطبع لا بامر اللّه ووفق الشرع يكون ضلالة على ضلالة وان المقبول من العبادة والشفاعة ما يكون بامر اللّه ومتابعة نبيه عليه السلام على وفق الشرع وذلك لان حجاب العبد هو الهوى والطبع وانما ارسل الانبياء لنفى الهوى لتكون حركات العباد وسكناتهم بامر الحق تعالى ومتابعة الانبياء لا بامر الهوى ومتابعة النفس لان النفس وهواها ظلمانية والامر ومتابعة الانبياء نورانية والشهوات ظلمانية ولكن العبد اذا عبد اللّه بالهوى والطبع تصير عبادته ظلمانية فاذا جامع زوجته بالامر على وفق الشرع تصير شهوته نورانية ٤٤ { قل } بعد تبكيتهم وتجهيلهم بما ذكر تحقيقا للحق { لله الشفاعة جميعا } نصب على الحال من الشفاعة اى هو اللّه تعالى مالك الشفاعة لا يستطيع احد شفاعة ما الا ان يكون المشفوع له مرتضى والشفيع مأذونا له وكلاهما مفقود ههنا قال البقلى بين انه تعالى مرجع الكل الشافع والمشفع فيه حتى يرجع العبد العارف اليه بالكلية ولا يلتفت الى احد سواه فلا يصل اليه احد الا به قال اللّه تعالى { من ذا الذى يشفع عنده الا بأذنه } ونعم ما قالت رابعة رحمها اللّه محبة اللّه تعالى ما ابقت محبة غيره ففيه اشارة الى ان محبة الرسول عليه السلام مندرجة فى محبة اللّه تعالى فمن احب اللّه حبا حقيقيا احب اللّه ان يأذن لحبيبه فى شفاعته ومن احب رسول اللّه من غير محبة اللّه لم يؤذن له فى الشفاعة ألا ترى ان قوما افرطوا فى حب على رضى اللّه عنه ونسوا محبة اللّه فنفاهم علىّ بل احرق بعضهم { له } تعالى وحده { ملك السموات والارض } وما فيهما من المخلوقات لا يملك احد ان يتكلم فى امر من اموره بدون اذنه ورضاه واشار الى ان اللّه تعالى هو المالك حقيقة فان ما سواه عبد ولا ملك للعبد ولو ملكه مولاه وانما هو عارية عنده والعارية مردودة الى مالكها { ثم اليه ترجعون } يوم القيامة لا الى احد سواه لا استقلالا ولا اشتراكا فيفعل يومئذ ما يريد وفى الكواشى يحصى اعمالكم ثم الىحسابه ترجعون اى تردون فيجازيكم فاحذروا سخطه واتقوا عذابه فيا ربح الموحدين يومئذ ويا خسارة المشركين وفى الحديث ( شفاعتى لاهل الكبائر من امتى ) والمراد امة الاجابة فالكفر اكبر الكبائر وصاحبه مخلد فى النار لا شفاعة له فان قلت الحكم فى المكروه ان يستحق مرتكبه حرمان الشفاعة كما ذكر فى التلويح فيكون حرمان اهل الكبائر اولى قلت استحقاق حرمانها لا يوجب الحرمان بالفعل شيخ علاء الدولة در عروه كويد جميع فرق اسلامية اهل نجاتند ومراد از ناجيه در حديث ستفرق امتى على نيف وسبعين فرقة والناجية منها واحدة ناجيه بى شفاعتيست واعلم ان افتخار الخلق فى الدنيا بعشرة ولا ينفع ذلك يوم القيامة الاول المال فلو نفع المال لاحد لنفع قارون قال اللّه تعالى { فخسفنا به وبداره الارض } والثانى الولد فلو نفع الولد لاحد لنفع ابراهيم عليه السلام اباه آزر قال تعالى { يا ابراهيم اعرض عن هذا } والثالث الجمال فلو نفع الجمال لنفع اهل الروم لأن لهم تسعة اعشار الجمال قال اللّه تعالى { يوم تبيض وجود وتسود وجوه } والرابع الشفاعة فلو نفعت الشفاعة لنفع الرسول من احب ايمانه قال تعالى { انك لا تهدى من احببت } كأنه قال انت شفيعى فى الجنايات لا شريكى فى الهدايات والخامس الحيلة فلو نفعت الحيلة لنفع الكفار مكرهم قال تعالى { ومكر اولئك هو يبور } والسادس الفصاحة فلو نفعت الفصاحة لنفعت العرب قال تعالى { لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن } والسابع العز فلو نفع العز لنفع ابا جهل قال تعالى { ذق انك انت العزيز الكريم } والثامن الاصدقاء فلو نفع الاصدقاء لنفعوا الفساق قال اللّه تعالى { الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين } والتاسع الاتباع فلو نفع التبع لنفع الرؤساء قال تعالى { اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا } والعاشر الحسب فلو نفع الحسب لنفع يعقوب اليهود لانهم اولاد يعقوب قال تعالى { لن تنفعكم ارحامكم ولا اولادكم يوم القيمة } وقال الشيخ سعدى [ خاكستر اكرجه نسب على داردكه آتش جوهر علويست وليكن جون بنفس خود هنرى ندارد باخاك برابراست قيمت شكر نه ازنىست كه آن خاصيت ويست ] جو كنعانرا طبيعت بى هنر بود ... بيمبر زادكى قدرش نيفزود هنر بنماى اكر دارىنه كوهر ... كل ازخارست وابراهيم از آزر فاذا عرفت هذه الجملة فارجع الى اللّه تعالى من الاسباب الغير النافعة وذلك بكمال الايمان والتقوى ٤٥ { واذا } [ وجون وآنكاه كه ] { ذكر اللّه } حال كونه { وحده } اى منفردا دون آلهة المشركين والعامل فى اذا قوله { اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } انقبضت ونفرت قلوب الذين لا يصدقون بيوم القيامة . والشمز نفور النفس مما تكره وتشمز وجهه تقبض والاشمئزاز هو ان يمتلىء القلب غيظا وغما ينقبض منه اديم الوجه وهو غاية ما يمكن من الانقباض ففيه مبالغة فى بيان حالهم القبيحة { واذا ذكر الذين من دونه } اى من دون اللّه يعنى الاوثان فرادى او مع ذكر اللّه { اذا هم يستبشرون } يفرحون ويظهر فى وجوههم البشر وهو اثر السرور لفرط افتتانهم بها ونسيانهم الحق . والاستبشار هو ان يمتلىء القلب سرورا حتى تنبسط له بشرة الوجه وهو نهاية ما يمكن من الانبساط ففيه مبالغة ايضا فى بيان حالهم القبيحة والعامل فى اذا هو العامل فى اذا المفاجأة تقديره وقت ذكر الذين من دون فاجأوا وقت الاستبشار : والمعنى بالفارسية [ آنكاه ايشان تازه وفرحناك شوند بجهت فراموسى از حق ومشغولى بباطل اما كار مؤمن بر عكس اينست ازياد خداى تعالى شادان وبذكر ما سوى غمكين است ] نامت شنوم دل از فرح زنده شود ... قال من از اقبال تو فرخنده شود از غير توهر جا سخن آيد بميان ... خاطر بهزاران غم براكنده شود حكى ان بعض الصلحاء ذكر عند رابعة العدوية الدنيا وذمها قالت من احب شيأ اكثر من ذكره واعلم ان هؤلاء المشركين كامثال الصبيان فكما انهم يفرحون بالافراس الطينية والاسود الخشبية وبمذاكرة ما هو لهو ولعب فكذا اهل الاوثان لكون نظرهم مقصورا على الصور والاشباح فكل قلب لا يعرف اللّه فانه لا يأنس بذكر اللّه ولا يسكن اليه ولا يفرح به فلا يكون مسكن الحق اوحى اللّه تعالى الى موسى عليه السلام يا موسى أتحب ان نسكن معك ببيتك فخر لله ساجدا ثم قال يا رب وكيف تسكن معى فى بيتى فقال يا موسى أما علمت انى جليس من ذكرنى وحيث ما التمسنى عبدى وجدنى كما فى المقاصد الحسنة فعلم ان من ذكر اللّه فاللّه تعالى جليسه ومن ذكر غير اللّه فالشيطان جليسه : قال الشيخ اكر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى كه اىزنده جون هست امكان كفت ... لب ازذ كرجون مرده برهم مخفت جومارا بغفلت بشد روزكار ... توبارى دمى جند فرصت شمار وفى الحديث ( اذا كان يوم حار فقال الرجل لا اله الا اللّه ما اشد حر هذا اليوم اللهم اجرنى من حر جهنم قال اللّه تعالى لجهنم ان عبدا من عبيدى استجارنى من حرك فانى اشهدك انى قد اجرته وان كان يوم شديد البرد فقال العبد لا اله الا اللّه ما اشد برد هذا اليوم اللهم اجرنى من زمهرير جهنم قال اللّه تعالى لجهنم ان عبدا من عبادى استجارنى من زمهريرك وانى اشهدك انى قد اجرته ) قالوا وما زمهرير جهنم قال ( بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده بعضه من بعض ) وفى المثنوى در حديث آمدكه مؤمن دردعا ... جون امان خواهد زدوزح ازخدا دوزخ ازوى هم امان خواهد بجان ... كه خدايا دور دارم از فلان فعلى العاقل ان لا ينقطع عن الذكر ويستبشر به فاللّه تعالى معه معينه ٤٦ { قل اللهم } الميم بدل من حرف النداء والمعنى قل يا محمد يا اللّه { فاطر السموات والارض } نصب بالنداء اى يا خالق السموات والارض على أسلوب بديع { عالم الغيب والشهادة } يا عالم كل ما غاب عن العباد وكل ما شهدوه اى التجىء يا محمد اليه تعالى بالدعاء لما تحيرت فى امر الدعوة وضجرت من شدة شكيمتهم فى المكابرة والعنادة فانه القادر على الاشياء بجملتها والعالم باحوالها برمّتها { انت } وحدك { تحكم بين عبادك } اى بينى وبين قومى وكذا بين سائر العباد { فيما كانوا فيه يختلفون } اى يختلفون فيه من امر الدين اى تحكم حكما يسلمه كل مكابر ويخضع له كل معاند وهو العذاب الدنيوى او الاخروى والثانى انسب بما بعد الآية وفيه اشارة الى اختلاف بين الموحدين والمشركين فان الموحدين باشروا الامور بالشرع على ما اقتضاه الامر والمشركين بالطبع على ما استدعاه الشهوة والهوى واللّه تعالى يحكم بينهم فى الدنيا والآخرة . اما فى الدنيا فالبعفو والفضل والكرم وتوفيق التوبة والانابة واصلاح ذات البين . واما فى الآخرة فالبعدل والنصفة وانتقام بعضهم من بعض كان الربيع بكسر الباء من المحدثين لا يتكلم الا فيما يعنيه فلما قتل الحسين رضى اللّه عنه قيل الآن يتكلم فقرأ قل اللهم الى قوله يختلفون وروى انه قال قتل من كان يجلسه النبى عليه السلام فى حجره ويضع فاه على فيه وعن عائشة قالت كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اذا افتتح صلاته من الليل يقول ( اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنى لما اختلفت فيه من الحق بامرك انك تهدى من شئت الى صراط مستقيم ) وفى الآية اشارة الى ان الحاكم الحقيقى هو اللّه تعالى وكل حكمه وقضائه عدل محض وحكمة بخلاف حكم غيره تعالى وفى الحديث ( ليس احد يحكم بين الناس الا جيىء يوم القيامة مغلولة يداه الى عنقه فكفه العدل واسلمه الجور ) وقال فى روضة الاخيار كان عمر بن هبيرة امير العراق وخراسان فى ايام مروان بن محمد فدعا ابا حنيفة الى القضاء ثلاث مرات فابى فحلف ليضربنه بالسياط وليسجننه وفعل حتى انتفخ وجه ابى حنيفة ورأسه من الضرب فقال الضرب بالسياط فى الدنيا اهون علىّ من مقامع الحديد فى الآخرة ونعم ما قال من قال بوحنيفة قضانكرد وبمرد ... توبميرى اكرقضانكنى ٤٧ { ولو ان للذين ظلموا ما فى الارض جميعا } حال من ما اى لو ان لهم جميع ما فى الدنيا من الاموال والذخائر { ومثله معه } [ ومانند آن همه مالهابآن ] { لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيمة } يقال افتدى اذا بذل المال عن نفسه فان الفداء حفظ الانسان من النائبة بما يبذله عنه اى لجعلوا كل ذلك فدية لانفسهم من العذاب الشديد لكن لا مال يوم القيامة ولو كان لا يقبل الافتداء به وهذا وعيد شديد واقناطا لهم من الخلاص وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الجملة لا يقبل يوم القيامة لدفع العذاب واليوم ههنا تقبل ذرة من الخير ولقمة من الصدقة وكلمة من التوبة والاستغفار كما انهم لو تابوا وبكوا فى الآخرة بالدماء لا يرحم بكاؤهم وبدمعة واحدة اليوم يمحى كثير من ذنوبهم : وفى المثنوى آخر هركريه آخر خنده ايست ... مردآخر بين مبارك بنده ايست اشك كان ازبهر او بارند خلق ... كوهراست واشك بندارندخلق ألا ترى الى دموع آدم وحواء عليهما السلام حيث صارت جواهر فى الدنيا فكيف فى العقبى { وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون } يقال بدا الشىء بدوّا وبداء اى اظهره ظهورا بينا . والاحتساب الاعتداد بالشىء من جهة دخوله فيما يحسبه اى ظهر لهم يوم القيامة من فنون العقوبات ما لم يكن فى حسابهم فى الدنيا وفى ظنهم انه نازل بهم يومئذ قال الكاشفى [ بنداشت ايشان آن بودكه بوسيله شفاعت بتان رتبه قرب يابند ] ٤٨ { وبدا لهم سيآت ما كسبوا } سيآت اعمالهم او كسبهم حين تعرض عليهم صحائفهم { وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن } اى نزل واصاب واحاط بهم وبال استهزائهم وجزاء مكرهم وكانوا يستهزؤن بالكتاب والمسلمين والبعث والعذاب ونحو ذلك وهذه الآية اى قوله { وبدا لهم من اللّه } الخ غاية فى الوعيد لا غاية وراءها ونظيره فى الوعد قوله تعالى { فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين } وفى التأويلات النجمية وفى سماع هذه الية حسرة لاصحاب الانتباه وفى بعض الاخبار ان قوما من المسلمين من اصحاب الذنوب يؤمر بهم الى النار فاذا وافوها يقول لهم مالك من انتم فان الذين جاؤا قبلم من اهل النار وجوههم مسودة وعيونهم زرق وانكم لستم بتلك الصفة فيقولون نحن لم نتوقع ان نلقاك وانما انتظرنا شيأ آخر قال اللّه تعالى وبدا لهم من اللّه الى يستهزؤن وقال ابو الليث يعملون اعمالا يظنون ان لهم ثوابا فيها فلم تنفعهم مع شركهم فظهرت لهم العقوبة مكان الثواب وفى كشف الاسرار [ از حضرت رسالت عليه السلام تفسير آيت { وبدا لهم من اللّه } الخ برسيدند فرمود ] هى الاعمال حسبوها حسنات فوجدوها فى كفة السيآت وقال بعضهم ظاهر الآية يتعلق باهل الرياء والسمعة افتضحوا يوم القيامة عند المخلصين وعن سفيان الثورى رحمه اللّه انه قرأها فقال ويل لاهل الرياء ثلاثا بنداشت مرايىكه عملهاى نكوست ... مغزىكه بود خلاصه كار زدوست جون برده زروى ار برداشته كشت ... برخلق عيان شدكه نبود الابوست [ يكى ازمشايخ يعنى محمد بن المنكدر بوقت حلول اجل جزع ميكرد برسيدندكه سبب جيست فرمودكه مى ترسم جيزى ظاهر كرددكه من آنرا درحساب نمىداشتم ] قال سهل اثبتوا لانفسهم اعمالا فاعتمدوا عليها فلما بلغوا الى المشهد الاعلى رأوها هباء منثورا فمن اعتمد على الفضل نجا ومن اعتمد على افعاله بدا له منها الهلاك وفى عرائس البقلى رحمه اللّه هذه الآية خير من اللّه للذين فرحوا بما وجدوا فى البدايات مما يغترّ به المغترون وقاموا به وظنوا ان لا مقام فوق مقامهم فلما رأوا بخلاف ظنونهم ما لاهل معارفه واحبابه وعشاق من درجات المعرفة وحقائق التوحيد ولطائف المكاشفات وغرائب المشاهدات ماتوا حسرة . فانظر الى هذه المعانى الشريفة فى هذا المقام فان كلا منها يحتمله الكلام بل وازيد منها على ما لا يخفى على ذوى الافهام واجتهد فى ان يبدو لك من الثواب ما لم يكن يخطر ببالك ان تكون مثابا به وذلك بالاخلاص والفناء التام حتى يكون اللّه عندك عوضا عن كل شئ ٤٩ { فاذا مس الانسان ضر دعانا } اخبار عن الجنس بما يفعله غالب افراده والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها اى ان المشركين ليشمئزون عن ذكر اللّه وحده ويستبشرون بذكر الآلهة فاذا مسهم ضر اى اصابهم سوء حال من مرض وفقر ونحوهما دعوا لدفعه من اشمأزوا عن ذكره وهو اللّه تعالى لمناقضتهم وتعكيسهم في التسبب حيث جعلوا الكفر سببا فى الالتجاء الى اللّه بان اقاموه مقام الايمان مع ان الواجب ان يجعل الايمان سببا فيه { ثم اذا خولناه نعمة منا } اعطيناه اياها تفضلا فان التخويل مختص بما كان بطريق التفضل لا يطلق على ما اعطى بطريق الجزاء { قال انما اوتيته على علم } اى على علم منى بوجوه كسبه : يعنى [ وجوه كسب وتحصيل آنرا دانستم وبكياست وكفايت من حاصل شد ] او بانى ساعطاه لمالى من الفضل والاستحقاق او على علم من اللّه باستحقاقى : يعنى [ خدا دانست كه من مستحق اين نعمتم ] والهاء لما ان جعلت موصولة بمعنى ان الذى اوتيته وللنعمى ان جاءت كافة والتذكير لما ان المراد شىء من النعمة وقسم منها ثم قال تعالى ردا لما قاله { بل } [ نه جنين است ميكويد ] { هى } اى النعمة ويجوز ان يكون تأنيث الضمير باعتبار الخبر وهو قوله { فتنة } للانسان اى محنة وابتلاء له أيشكر ام يكفر تقول فتنت الذهب اذا ادخلته النار لتنظر ما جودته وتختبره { ولكن اكثرهم } اى اكثر الناس { لا يعلمون } ان التخويل استدارج وامتحان ٥٠ { قد قالها } اى تلك الكلمة او الجملة وهى قوله { انما اوتيته على علم } { الذين من قبلهم } وهم قارون وقومه حيث قال انما اوتيته على علم عندى وهم راضون به يعنى لما رضى قومه بمقالته جمعوا معه وقال بعضهم يجوز ان يكون جميع من تقدمنا من الخيار والشرار فيجوز ان يوجد فى الامم المتقدمة من يقول تلك الكلمة غير قارون ايضا ممن ابطرته النعمة واغتر بظاهرها { فما اغنى عنهم ما كانوا يكسبون } من متاع الدنيا ويجمعون منه يعنى ان النعمة لم تدفع عنهم النقمة والعذاب ولم ينفعهم ذلك يقال اغنى عنه كذا اذا كفاه كما فى المفردات ٥١ { فاصابهم } [ بس رسيد ايشانرا ] { سيآت ما كسبوا } جزاء سيآت اعمالهم واجزية ما كسبوا وتسميتها سيآت لانها فى مقابلة سيآتهم وجزاء سيئة سيئة مثلها ففيه رمز الى ان جميع اعمالهم من قبيل السيآت والمعنى انهم ظنوا ان ما آتيناهم لكرامتهم علينا ولم يكن كذلك لانهم وقعوا فى العذاب ولم تنفعهم اموالهم وهذا كما قال اليهود { نحن ابناء اللّه واحباؤه } فقال تعالى خطابا لحبيبه عليه السلام { قل فلم يعذبكم بذنوبكم } يعنى ان المكرم المقرب عند اللّه لا يعذبه اللّه وانما يعذب الخائن المهين المهان ثم اوعد كفار مكة فقال { والذين ظلموا من هؤلاء } المشركين المعاصرين لك يا محمد ومن للبيان او للتبعيض اى افرطوا فى الظلم والعتوّ { سيصيبهم سيآت ما كسبوا } من الكفر والمعاصى كما اصاب اولئك والسين للتأكيد وقد اصابهم اى اصابهم حيث قحطوا سبع سنين وقتل اكابرهم يوم بدر { وما هم بمعجزين } اللّه تعالى عن تخلى ذاتهم بحسب اعمالهم واخلاقهم وقال الكاشفى [ عاجز كنند كان مارا از تعذيب ياييشى كيرندكان برعذاب ] يعنى يدركهم العذاب ولا ينجون منه بالهرب ٥٢ { أولم يعلموا } اقالوا ذلك ولم يعلموا او اغفلوا ولم يعلموا { ان اللّه يبسط الرزق لمن يشاء } ان يبسط له اى يوسعه فان بسط الشىء نشره وتوسيعه : يعنى [ نه براى رفعت قدراوبلكه بمحض مشيت ] { ويقدر } لمن يشاء ان يقدره له اى يقتر ويضيق له من غير ان يكون لاحد مدخل ما فى ذلك حيث حبس عنهم الرزق سبعا ثم بسط لهم سبعا وقال الكاشفى [ وننك ميكند برهركه ميخواهدنه براى خوارى وبى مقدارى اوبلكه از روى حكمت ] روى انهم اكلوا فى سنى القحط الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر بان يخلط الدم باوبار الابل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع فلم ينفعهم ذلك حيث اصروا على الكفر والعناد { ان فى ذلك } الذى ذكر من القبض والبسط { لآيات } دالة على ان الحوادث كافة من اللّه تعالى بوسط عادى او غيره { لقوم يؤمنون } اذهم المستدلون بتلك الآيات على مدلولاتها وفى الآيات فوائد منها ان من خصوصية نفس الانسان ان تضطرّ الى اللّه تعالى بالدعاء والتضرع فى الشدة والضر والبلاء فلا عبرة بهذا الرجوع بالاضطرار الى اللّه تعالى لانه اذا انعم اللّه عليه بالخلاص والعافية من تلك الشدة والبلاء اعرض عن اللّه ويكفر بالنعمة ويقول ان ما اوتيته على علم عندى وانما العبرة بالرجوع الى اللّه والتعرف اليه فى الرخاء كما قال عليه السلام ( تعرّف الى اللّه فى الرخاء يعرفك فى الشدة ) ومنها ان المدعين يقولون نحن اهل اللّه فاذا وصل اليهم بلاؤه فزعوا اليه ليرفع عنهم البلاء طلبا لراحة انفسهم ولا يرون المبلى فى البلاء وهم مشركون فى طريق المعرفة فاذا وصل اليهم نعمة ظاهرة احتجبوا بها فاذا هم اهل الحجاب من كلا الطرفين احتجبوا بالبلاء عن المبلى وبالنعمة عن المنعم قال الجنيد رضى اللّه عنه من يرى البلاء ضرا فليس بعارف فان العارف من يرى الضر على نفسه رحمة والضر على الحقيقة ما يصيب القلوب من القسوة والرين والنعمة اقبال القلوب على اللّه تعالى ومن رأى النعمة على نفسه من حيث الاستحقاق فقد جحد النعمة ومنها ان اكثر اهل النعمة لا يعلمون فتنة النعمة وسوء عاقبتها وببطر النعمة والاغترار بها تقسو قلوبهم وتستولى عليهم الغفلة وتطمئن نفوسهم بها وتنسى الآخرة والمولى ومنها ان نعمة الدنيا والآخرة وسعادتهما وكذا نقمتهما وشقاوتهما مبنية على مشيئة اللّه تعالى لا على مشيئة العباد فالاوجب للمؤمنين ان يخرجوا عن مشيئتهم ويستسلموا لمشيئة اللّه وحكمه وقضائه كليد قدر نيست دردست كس ... تواناى مطلق خدايست وبس قال بعضهم هرجه بايد بهر كه ميشايد ... تودهى آنجنانكه مى بايد توشناسى صلاح كار همه ... كه تويى آفريد كار همه ومنها ان ضيق حال اللبيب وسعة حال الابله دليل على الرازق وتقديره ويرد بهذه الآية على من يرى الغنى من الكيس والفقر من العجز اوحى اللّه تعالى الى موسى عليه السلام أتدرى لم رزقت الاحمق قال يا رب لا قال ليعلم العاقل ان طلب الرزق ليس بالاحتيال فالكل بيد اللّه ألا الى اللّه تصير الامور وبه ظهر فساد قول ابن الراوندى كم عاقل عاقل اعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا الذى ترك الاوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا اى كافرا نافيا للصانع العدل الحكيم قائلا لو كان له الوجود لما كان الامر كذلك ولقد احسن من قال كم من اديب فهم عقله ... مستكمل العقل مقل عديم ومن جهول مكثر ماله ... ذلك تقدير العزيز العليم يعنى ان من نظر الى التقدير علم ان الامور الجارية على اهل العالم كلها على وفق الحكمة وعلى مقتضى المصلحة ففيه ارشاد الى اثبات الصانع الحكيم لا الى نفى وجوده ٥٣ { قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم } قال الراغب السرف تجاوز الحد فى كل ما يفعله الانسان وان كان ذلك فى الانفاق اشهر وقوله تعالى { قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم } يتناول الاسراف فى الاموال وفى غيرها انتهى . وتعدية الاسراف بعلى لتضمين معنى الجناية والمعنى افرطوا فى الجناية عليها بالاسراف فى المعاصى وارتكاب الكبائر والفواحش قال البيضاوى ومن تبعه اضافة العباد تخصصه بالمؤمن على ما هو عرف القرآن يقول الفقير قوله تعالى { فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا اولى بأس شديد } ينادى على خلافه لان العباد فسر ههنا ببخت نصر وقومه وكانوا كفارا بالاتفاق الا ان يدعى الفرق بين الاضافة بالواسطة وبغيرها وقال فى الوسيط المفسرون كلهم قالوا ان هذه الآية نزلت فى قوم خافوا ان اسلموا ان لا يغفر لهم ما جنوا من الذنوب العظام كالشرك وقتل النفس والزنى ومعاداة النبى عليه السلام والقتال معه فانزل اللّه هذه الآية وفرح النبى عليه السلام بهذه الآية ورآها اصحابه من اوسع الآيات فى مغفرة الذنوب انتهى وقال فى التكملة روى ان وحشيا قاتل حمزة رضى اللّه عنه كتب الى النبى عليه السلام يسأله هل له من توبة وكتب انه كان قد سمع فيما انزل اللّه بمكة من القرآن آيتين ايأستاه من كل خير وهما قوله تعالى { والذين لا يدعون مع اللّه الها آخر } الى قوله { مهانا } فنزلت { الا من تاب } الخ فكتب بها رسول اللّه عليه السلام فخاف وحشى وقال لعلى لا ابقى حتى اعمل عملا صالحا فانزل اللّه { ان اللّه لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك } الخ فقال وحشى انى اخاف ان لا اكون من مشيئة اللّه فانزل اللّه تعالى { قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم } الخ فاقبل وحشى واسلم انتهى وعلى كل تقدير فخصوص السبب لا ينافى عموم اللفظ فدخل فيه كل مسرف { لا تقنطوا من رحمة اللّه } القنوط اعظم اليأس وفى المفردات اليأس من الخير : وبالفارسية [ نوميدشدن ازخير ] والرحمة من اللّه تعالى الانعام والاعطاء والتفضل : وبالفارسية [ بخشايش ] وهو لا يكون فى الترتيب الوجودى الا بعد المغفرة التى هى ان يصون اللّه عبده من ان يمسه العذاب دل عليه قوله { انه هو الغفور الرحيم } ولذا قالوا فى المعنى لا تيأسوا من مغفرته اولا وتفضله ثانيا نوميد مشوكه ناميدى كفراست ... [ درمعالم التنزيل آورده كه ابن مسعود رضى اللّه عنه درمسجد در آمد ديد كه واعظمى ذكر آتش دوزخ وسلاسل واغلال ميكند فرمودكه اى مذكرجرا نوميد مى كردانى مردمانرا مكر نخواندى آنراكه ميفرمايد ] { قل يا عبادى الذين } الخ واعلم ان القنوط من رحمة اللّه علامة زوال الاستعداد . والسقوط عن الفطرة بانقطاع الوصلة بين الحق والعبد اذ لو بقى شىء فى العبد من نوره الاصلى لادرك اثر رحمته الواسعة السابقة على غضبه فرجاء وصول ذلك الاثر اليه لاتصاله بعالم النور بتلك البقية وان اسرف وفرط فى جنب اللّه واما اليأس فدليل الاحتجاب الكلى واسوداد الوجه فاللّه تعالى يغفر الذنوب جميعا بشرط بقاء نور التوحيد فى القلب فاذا لم يبق دخل فى قوله { ان اللّه لا يغفر ان يشرك به } فالقنوط من اعظم المصائب وقد امهل تعالى عباده تفضلا منه الى وقت الغرغرة فلو رجع العبد الى اللّه قبل آخر نفس يتنفسه قبل { ان اللّه يغفر الذنوب } حال كونها { جميعا } كأنه قيل ما سبب النهى عن القنوط من الرحمة فاجيب بان سبب النهى هو { ان اللّه يغفر الذنوب جميعا } عفوا لمن يشاء ولو بعد حين بتعذيب فى الجملة وبغيره حسبما يشاء فهو وعد بغفران الذنوب وان كثرت وكانت صغائر او كبائر بعدد الرمال والاوراق والنجوم ونحوها . والعموم بمعنى الخصوص لان الشرك ليس بداخل فى الآية اجماعا وهى ايضا فى العاصى مقيدة بالمشيئة لان المطلق محمول على المقيد وسيجىء بقية الكلام على الآية قال عليه السلام ( ان اللّه يغفر الذنوب جميعا ولا يبالى انه هو الغفور الرحيم ) وقال عليه السلام ( ان تغفر اللهم فاغفر جما وأى عبد لك لا الما ) يعنى [ جون آمرزى خداوندا همه بيامرز وآن كدام بنده است كه اوكناه نكرده است ] والفرق بين العفو والمغفرة هو ان حقيقة العفو هو المحو كما اشير اليه بقوله تعالى { ان الحسنات يذهبن السيئات } والتبديل الذى اشير اليه بقوله { فاولئك يبدل اللّه سيآتهم حسنات } هو من مقام المغفرة قاله الشيخ الكبير رضى اللّه عنه فى شرح الاربعين حديثا ثم قال فى مقام التعليل { انه } تعالى { هو } وحده { الغفور الرحيم } الاول اشارة الى محو ما يوجب العقاب والثانى الى التفضل بالثواب وصيغة المبالغة راجعة الى كثرة الذنوب وكثرة المغفور والمرحوم قال الاستاذ القشيرى قدس سره التسمية بيا عبادى مدح والوصف بانهم اسرفوا ذم فلما قال يا عبادى طمع المطيعون ان يكونوا هم المقصودين بالآية فرفعوا رؤسهم ونكس العاصى رأسه وقال من انا حتى يقول لى هذا فقال اللّه تعالى { الذين اسرفوا على انفسهم } فانقلب الحال فهؤلاء الذين نكسوا رؤسهم انتعشوا وزالت زلتهم والذين رفعوا رؤسهم اطرقوا وزالت صولتهم ثم قوى رجاؤهم بقوله على انفسهم يعنى ان اسرفت لا تقنط من رحمة اللّه بعدما قطعت اختلافك الى بابنا فلا ترفع قلبك عناء والالف واللام فى الذنوب للاستغراق والعموم وجميعا تأكيد له فكأنه قال اغفر ولا اترك واعفو ولا ابقى فان كانت لكم جناية كثيرة عميمة فلى بشأنكم عناية قديمة وفى كشف الاسرار [ بدانكه از آفريد كان حق تعالى كمال كرامت دوكروه راست يكى فرشتكان وديكر آدميان ( ولهذا جعل الانبياء والرسل منهم دون غيرهم ) وغايت شرف انسانى دردوجيزاست درعبوديت ودرمحبت عبوديت محض صفت فرشتكانست وعبوديت ومحبت هر دوصفت آدميان است فرشتكانرا عبوديت محض دادكه صفت خلق است وآدميانرا بعد ازعبوديت خلعت محبت داد كه صفت حق است تا از بهر اين امت ميكويد { يحبهم ويحبونه } ودرعبوديت نيز آدميانرا فضل داد برفرشتكانكه عبوديت فرشتكان بىضافت كفت { بل عباد مكرمون } وعبوديت آدميان باضافت كفت { يا عبادى } آنكه برمقضتاى محبت فضل خود برايشان تمام كرد وعيبها ومعصيتهاى ايشان بانوار محبت بيوشيد وبرده ايشان ندريدنه بينى كه زلت برايشان قضا كرد وبآن همه زلات نام عبوديت ازايشان نيفكند وباذ كرزلت ومعصيت تشريف اضافت ازايشان باز نستد كفت { قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم } وآنكه برده ايشان نكاه داشت كه عين كناهان اظهار نكرد بلكه مجمل ياد كرد سربسته وعين آن بوشيده كفت { اسرفوا } اسراف كردند كزاف كردند ازبهر آنكه درارادت وى مغفرت ايشان بود نه بربده دريد نه اسم عبوديت بيفكد ( سبحانه ما ارافه بعباده ) موسى عليه السلام كفت ( الهى تريد المعصية من العباد وتبغضها ) كفت ( يا موسى ذاك تأسيس لعفوى ) يعنى معصيت بندكان بارادت تست آنكه آنرا دشمن ميدارى وبنده را بمعصيت دشمن ميكيرى حق جل جلاله كفت آن بنياد عفو وكرم خويش است كه مى نهم خزينه رحمت ما براست اكر عاصيان نباشند ضايع ماند قال الكاشفى بيمارستان جرم وعصيانرا شربت راحت جز درين دار الشفا حاصل نشود وسركردانان بيابان نفس وهوارا زاد طريق نجات جز بمدد آن آيت ميسر نكردد ] ندارم هيج كونه توشه راه ... بجز لا تقنطوا من رحمة الله توفرمودى كه نوميدى مياريد ... زمن لطف وعنايت جشم داريد بدين معنى بسى اميد واريم ... ببخشا زانكه بس اميد داريم اميد دردمندانرا دوا كن ... دل اميد وارنرا روا كن وقال المولى الجامى قدس سره بلى نبود درين ره ن اميدى ... سياهىرا بودرو در سفيدى زصد دردى كراميدت نيابد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد درديكر ببايد زدكه ناكاه ... ازان درسوى مقصود آورى راه قال عليه السلام ( ما احب ان تكون لى الدنيا وما فيها بها ) اى ما احب ان املك الدنيا وما فيها بدل هذه الآية فالباء فى بها للبدلية والمقابلة : وبالفارسية [ دوست نمى دارم كه دنيا ومافيها مراباشد بعضو اين آيت جه ازدنيا وهرجه دردنيا باشد بهتراست ] وذلك لان اللّه تعالى منّ على من اسرف من عباده ووعد لهم مغفرة ذنوبهم جميعا ونهاهم ان يقنطوا من رحمته الواسعة واعلم ان الآية لا تدل على غفران جميع الذنوب لجميع الناس بل على غفران جميع ذنوب من شاء اللّه غفران ذنوبه فلا تنافى الامر بالتوبة وسبق تعذيب العصاة والامر بالاخلاص فى العمل والوعيد بالعذاب فاللّه تعالى لا يغفر الشرك الا بالتوبة والرجوع عنه ويغفر ما دون ذلك من الصغائر والكبائر بالتوبة وبدونها لمن يشاء لا لكل احد من اهل الذنوب روى ان ابن مسعود رضى اللّه عنه قرأ هذه الآية ان اللّه يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء فحمل المطلق على المقيد وذلك لانه لا يجرى فى ملكه الا ما يشاء يقول الفقير ان اهل السنة لم يشترطوا التوبة فى غفران الذنوب مطلقا اى سواء كانت صغائر او كبائر سوى الشرك ودل عليه آثار كثيرة روى ان اللّه تعالى يقول يوم القيامة لبعض عصاة المؤمنين سترتها عليك فى الدنيا اى الذنوب وانا اغفرها لك اليوم فهذا وامثاله يدل على المغفرة بلا توبة والفرق بين الشرك وسائر المعصية هو ان الكافر لا يطلب العفو والمغفرة لمعاصيه وقوله تعالى { انما التوبة على اللّه للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب } انما هو بالنسبة الى حال الغرغرة فالشرك وسائر المعاصى لا يغفر فى تلك الحال وان وجدت التوبة وهذا لا ينافى المغفرة بدون التوبة بالنسبة الى المعاصى سوى الشرك فان مغفرته مخالفة للحكمة وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( جعل اللّه الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين وانزل فى الارض جزأ واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها وهو يمص ان تصيبه ) فهذا مما يدل على كمال الرجاء والبشارة للمسلمين لانه حصل فى هذه الدار من رحمة واحدة ما حصل من النعم الظاهرة والباطنة فما ظنك بمائة رحمة فى الدار الآخرة قال يحيى بن معاذ رحمه اللّه فى كتاب اللّه كنوز موجبة للعفو عن جميع المؤمنين . منها قوله تعالى { قل يا عبادى } الخ ولذا قال العلماء ارجى آية فى القرآن لاهل التوحيد هذه الآية وقوله تعالى { ان اللّه لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وقوله { ولسوف يعطيك ربك فترضى } وذلك ان كل نبى مرسل مظهر لبعض احكام الرحمة ولذا كانت رسالته مقيدة ومقصورة على طائفة مخصوصة ولما كان نبينا عليه السلام مظهر حقيقة الرحمة كانت بعثته عامة وقيل فيه { وما ارسلناك الا رحمة للعالمين } وتم ظهور حكم رحمانيته بالشفاعة التى بها تظهر سيادته على جميع الناس حتى ان من يكون له درجة الشفاعة من الملائكة والانبياء والمؤمنين لا يشفعون الا بعده فلا تقنطوا ايتها الامة المرحومة من رحمة اللّه المطلقة ان اللّه يغفر الذنوب جميعا بشفاعة من هو مظهر تلك الرحمة قال الجامى زمهجورى برآمد جان عالم ... ترحم يا نبى اللّه ترحم اكرجه غرق درياى كناهم ... فتاده خشك لب برخاك راهيم توابر رحمتى آن به كه كناهى ... كنى درحال لب خشكان نكاهى ٥٤ { وانيبوا } يا عبادى { الى ربكم } اى ارجعوا الى ربكم بالتوبة من المعاصى { واسلموا له } اى اخلصوا العمل لوجهه فان السالم بمعنى الخالص { من قبل ان يأتيكم العذاب } فى الدنيا والآخرة { ثم لا تنصرون } لا تمنعون من عذاب اللّه ان لم تتوبوا قبل نزوله يعنى [ هيجكس دردفع عذاب شما نصرت ندهد ] والظاهر من آخر الآية ان الخطاب للكفار فالمعنى فارجعوا ايها الناس من الشرك الى الايمان واخلصوا له تعالى التوحيد قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره انقطعوا عن الكل بالكلية فما يرجع الينا بالحقيقة احد وللغير عليه اثر وللاكوان على سره خطر ومن كان لنا حرا مما سوانا وفى الاسئلة المقحمة الفرق بين التوبة والانابة ان التائب يرجع الى اللّه خوفا من العقوبة والمنيب يرجع حياء منه وشوقا اليه قال ابراهيم بن ادهم قدس سره اذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وفى التأويلات النجمية التوبة لاهل البداية وهى الرجوع من المعصية الى الطاعة ومن الاوبة للمتوسط وهى الرجوع من الدنيا الى الآخرة ومن الانابة لاهل النهاية وهى الرجوع مما سوى اللّه الى اللّه بالفناء فى الله قال فى كشف الاسرار [ انابت برسه قسم است . يكى انابت بيغمبران كه نشانش سه جيزاست بيم داشتن با بشارت آزادى وخدمت كردن باشرف بيغمبرى وباز بلاكشيدن بادلهاى برشادى وجز ازبيغمبران كس را طاقت اين انابت نيست . دوام انابت عافانست كه نشانش سه جيزاست از معصيت بدر بودن واز طاعت خجل بودن ودرخلوت باحق انس داشتن رابعه عدوية درحالت انس بجايى رسيدكه ميكفت ( حسبى من الدنيا ذكرك ومن الآخرة رؤيتك ) عزيزى كفت از سرحالت آتش خويش وديكرانرا بند مى داد ] اكر درقصر مشتاقان ترا يك روز بارستى تراباندهان عشق اين جاد وجه كارستى وكر رنكى زكلزار حديث اوبديدى تو بجشم توهمه كلها كه درباغست خارستى [ سوم انابت توحيداست كه دشمنانرا وبيكانكانرا با آن خواند كفت { وانيبوا الى ربكم واسلموا له } ونشان اين انابت آنست كه باقرار زبان واخلاص دل خدايرا يكىداند ودر ذات بى شبيه ودرقدر بى نظير ودرصفات بيهمتا . كفته اند توحيد دوبابست توحيد اقراركه عامه مؤمنانراست بظاهر آيد تازبان ازوخبر دهد واهل اين توحيدرا دنيا منزل وبهشت مطلوب ودوم توحيد معرفت كه عارفان وصديقا نراست بجان آيد تاوقت وحال ازوخبردهد واهل اين توحيدرا بهشت منزل ومولى مقصود ] واسكر القوم دور كأس ... وكان سكرى من المدير [ آن كس راكه كاربا كل افتد كل بويد وآنكس كه كارش باباغبان افتد بوسه برخار زند جنانكه جوانمرد كفت ] آنكه كل شاكر درنك روى اوست ... زارت بوسه شد برشريك خارزن ٥٥ {وَاتَّبِعُوا احسن ما انزل اليكم من ربكم } اى القرآن كقوله تعالى { اللّه نزل أحسن الحديث } او العزائم دون الرخص قال البيضاوى ومن تبعه ولعله ما هو انجى واسلم كالانابة والمواظبة على الطاعة وقال الحسن الزموا طاعته واجتنبوا معصيته فان الذى انزل عليكم من ثلاثة اوجه ذكر القبيح لتجتنبوه وذكر الاحسن لتؤثروه وذكر الاوسط لئلا يكون عليكم جناح فى الاقبال عليه او الاعراض عنه وهو المباحات وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما انزل اللّه منه ما يكون حسنا وهو ما يدعو به الى اللّه قال اللّه تعالى { وداعيا الى اللّه باذنه } { من قبل ان يأتيكم العذاب } اى البلاء والعقوبة { بغتة } [ ناكهان ] قال الراغب البغتة مفاجأة الشىء من حيث لا يحتسب ويجوز ان يكون المراد بالعذاب الآتى بغتة هو الموت لانه مفتاح العذاب الاخروى وطريقه ومتصل به { وانتم } لغفلتكم { لا تشعرون } لا تدركون بالحواس مجيئه لتتداركوا وتتأهبوا : وبالفارسية [ وشما نمىدانيد آمدن اوراتادرمقام تدارك وتأهب آييد ] ٥٦ { ان تقول نفس } مفعول له للافعال السابقة التى هى الانابة والاخلاص واتباع القرآن والتنكير لان القائل بعض الانفس او للتكثير والتعميم ليشيع فى كل النفوس والمعنى افعلوا ما ذكر من المأمورات يعنى امرتكم به كراهة ان تقول كل نفس : وبالفارسية [ ومباداكه هركس كويا فردا ازشما ] { يا حسرتا } بالالف بدلا من ياء الاضافة اذ اصله يا حسرتى تقول العرب يا حسرتى يا لهفى ويا حسرتا ويا لهفا ويا حسرتاى ويا لهفاى بالجمع بين العوضين تقول هذه الكلمة فى نداء الاستغاثة كما فى كشف الاسرار . والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر الجهل عنه الذى حمله على ما ارتكبه وقال بعضهم الحسرة ان تأسف النفس اسفا تبقى منه حسيرا اى منقطعة . والمعنى يا حسرتى وندامتى احضرى فهذا اوان حضورك : وبالفارسية [ اى بشيمانى من ] { على ما فرطت } اى على تفريطى وتقصيرى فما مصدرية قال الراغب الافراط ان يسرف فى التقدم والتفريط ان يقصر فان الفرط المتقدم { فى جنب اللّه } فى جانبه وهو طاعته واقامة حقه وسلوك طريقه قال فى كشف الاسرار العرب تسمى الجانب جنبا [ اين كلمه برزبان عرب بسيار بود وجنانست كه مردمان كويند درجنب فلان توانكر شدم از بهلوى فلان مال بدست آوردم ] وقال الراغب اصل الجنب الجارحة جمعه جنوب ثم استعير فى الناحية التى تليها كاستعارة سائر الجوارح لذلك نحو اليمين والشمال وقيل جنب الحائط وجانبه وقوله فى جنب اللّه اى فى امره وحده الذى حده لنا انتهى { وان كنت لمن الساخرين } ان هى المخففة واللام هى الفارقة والسخر الاستهزاء ومحل الجملة النصب على الحال . والمعنى فرطت والحال انى كنت فى الدنيا من المستهزئين بدين اللّه واهله قال قتادة لم يكفهم ما ضيعوا من طاعة اللّه حتى سخروا باهل طاعته : در سلسلة الذهب فرمود روز آخركه مرك مردم خوار ... كند از خواب غفلتش بيدار يادش آيدكه درجوار خداى ... سالها زد بجرم وعصيان واى هرجه درشصت سال ياهفتاد ... كرده از خير وشربيش افتاد يك بيك بيش جشم او آرند ... آشكارا بر وى اودارند بكذراند ز كنبد والا ... بانك واحسرتا و واويلا حسرت ازجان اوبر آرد دود ... وان زمان حسرتش ندارد سود قال الفارسى يقول اللّه تعالى من هرب منى احرقته اى من هرب منى الى نفسه احرقته بالتأسف على فوتى اذا شهد غدا مقامات ارباب معارفى يدل عليه قوله يا حسرتا الخ اذ لا يقوله الا متحرق ٥٧ { او تقول لو ان اللّه هدانى } بالارشاد الى الحق { لكنت من المتقين } من الشرك والمعاصى وفى الخبر ( ما من احد من اهل النار يدخل النار حتى يرى مقعده من الجنة فيقول لو ان اللّه هدانى لكنت من المتقين ) فيكون عليه حسرة ٥٨ { او تقول حين ترى العذاب } عيانا ومشاهدة { لو ان لى } لو للتمنى [ اى كاشكى مرابودى ] { كرة } رجعة الى الدنيا يقال كر عليه عطف وعنه رجع والكرة المرة والحملة كما فى القاموس { فاكون } بالنصب جواب التمنى : يعنى [ تاباشم آنجا ] { من المحسنين } فى العقيدة والعمل واو للدلالة على انها لا تخلو عن هذه الاقوال تحيرا وتعللا بما لا طائل تحته وندما حيث لا ينفع وقيل ان قوما يقولون هذا وقوما يقولون ذاك ٥٩ { بلى } يعنى [ ترا ارشاد كردند ] ان قلت كلمة بلى مختصة بايجاب النفى ولا نفى فى واحدة من تلك المقالات قلت انها رد للثانية وكلمة لو تتضمن النفى لانها لامتناع الثانى لامتناع الاول اى لو ان اللّه هدانى لكنت من المتقين ولكن ما هدانى فقال تعالى بلى قد هديتك و { قد جاءتك آياتى } آيات القرآن وهى سبب الهداية وفصله عن قوله { لو ان اللّه هدانى } لما ان تقديمه على الثالث يفرق القرائن الثلاث التى دخلها او وتأخير لو ان اللّه هدانى الخ يخل بالترتيب الوجودى لانه يتحسر بالتفريط عند تطاير الكتب ثم يتعلل بفقد الهداية عند مشاهدة احوال المتقين واغتباطهم ثم يتمنى الرجعة عند الاطلاع على النار ورؤية العذاب وتذكير الخطاب باعتبار المعنى وهو الانسان وروى ان النبى عليه السلام قرأ قد جاءتك بالتأنيث وكذا ما بعدها خطابا للنفس { فكذبت بها } قلت انها ليست من اللّه { واستكبرت } تعظمت عن الايمان بها { وكنت من الكافرين } بها وفى التأويلات النجمية { بلى قد جاءتك آياتى } من الانبياء ومعجزاتهم والكتب وحكها ومواعظها واسرارها وحقائقها ودقائقها واشاراتها { فكذبت بها واستكبرت } عن اتباعها والقيام بشرائطها { وكنت من الكافرين } اى كافرى النعمة بما انعم اللّه به عليك من نعمة وجود الانبياء وانزال الكتب واظهار المعجزات قالت المعتزلة هذه الآيات الثلاث تدل على ان العبد مستقل بفعله من وجوه . الاول ان المرأ لا يتحسر بما سبق منه الا اذا كان يقدر على ان يفعل . والثانى ان من لا يكون الايمان بفعله لا يكون مفرطا فيه . والثالث انه لا يستحق الذم بما ليس من فعله والجواب ان هذه الآيات لا تمنع تأثير قدرة اللّه تعالى فى فعل العبد ولا ما فيه اسناد الفعل الى العبد حيث قال { بلى قد جاءتك } الخ ونحو قوله تعالى { يضل من يشاء ويهدى من يشاء } يدل على بطلان مذهبهم ٦٠ { ويوم القيمة ترى الذين كذبوا على اللّه } بان وصفوه بما لا يليق بشانه كاتخاذ الولد والصاحبة والشريك { وجوههم مسودة } مبتدأ وخبر والجملة حال قد اكتفى فيها بالضمير عن الواو على ان الرؤية بصرية او مفعول ثان لها على انها عرفانية . والمعنى تراهم حال كونهم او تراهم مسودة الوجوه بما ينالهم من الشدة او بما يتخيل من ظلمة الجهل : وبالفارسية [ رويهاى ايشان سياه كرده شد بيش از دخول دوزخ وآن علامت دوزخيانست كه ] { يعرف المجرمون بسيماهم } سئل الحسن عن هذه الآية { ويوم القيامة } الخ فقال هم الذين يقولون الاشياء الينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان يوم القيامة تكون الوجوه بلون القلب فالقلوب الكاذبة لما كانت مسودة بسواد الكذب وظلمته تلونت وجوههم بلون القلوب قال يوسف ابن الحسين رحمه اللّه اشد الناس عذابا يوم القيامة من ادعى فى اللّه ما لم يكن له ذلك او اظهر من احواله ما هو خال عنها { أليس فى جهنم } [ آيانيست در دوزخ يعنى هست ] { مثوى } مقام { للمتكبرين } عن الايمان والطاعة وفى التأويلات النجمية اى الذين تكبروا على اولياء اللّه وامتنعوا عن قبول النصح والموعظة ٦١ { وينجى اللّه الذين اتقوا } الشرك والمعاصى اى من جهنم { بمفازتهم } مصدر ميمى بمعنى الفوز من فاز بالمطلوب اى ظفر به قال الراغب الفوز الظفر مع حصول السلامة والباء متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول مفيدة لمفازة تنجيتهم من العذاب لنيل الثواب اى ينجيهم اللّه من مثوى المتكبرين حال كونهم ملتبسين بفوزهم بمطلوبهم الذى هو الجنة { لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون } حال اخرى من الموصول مفيدة لكون نجاتهم وفوزهم بالجنة غير مسبوقة بمساس العذاب والحزن قال فى كشف الاسرار لا يمس ابدانهم اذى وقلوبهم حزن ويجوز ان تكون المفازة من فاز منه اى نجا منه والباء للملابسة وقوله تعالى { لا يمسهم } الخ تفسير وبيان لمفازتهم اى ينجيهم بسبب مفازتهم التى هى تقواهم كما يشعر به ايراده فى حيز الصلة واما على اطلاق المفازة على سببها الذى هو التقوى فليس المراد نفى دوام المساس والحزن بل دوام نفيهما وفى الآية اشارة الى ان الذين اتقوا باللّه عما سوى اللّه لا يمسهم سوء القطيعة والهجران ولا هم يحزنون على ما فاتهم من نعيم الدنيا والآخرة اذ فازوا بقربة المولى وهو فوز فوق كل فوز فالمتقون فازوا بسعادة الدارين اليوم عصمة وغدا رؤية واليوم عناية وغدا كفاية وولاية نسأل اللّه سبحانه ان يعصمنا مما يؤدى الى الحجاب ويجعلنا فى حمايته فى كل باب وفى الآية ترغيب للتقوى فانها سبب للنجاة وبها تقول جهنم جز يا مؤمن فان نورك اطفأ نارى وبها يخاف الخلائق من المتقى ألا ترى ان رسول الروم لما دخل على امير المؤمنين عمر رضى اللّه عنه اخذته الرعدة والخوف : قال فى المثنوى هيبت حقست اين ازخلق نيست ... هيبت اين مرد صاحب دلق نيست هركه ترسيد ازحق وتقوى كزيد ... ترسد ازوى جن وانس وهركه ديد وفى البستان توهم كردن از حكم داور مييج ... كه كردن نبيجد زحكم توهيج محالست جون دوست داردترا ... كه دردست دشمن كذاردترا وجاء الى ذى النون المصرى رحمه اللّه بعض الوزراء وطلب الهمة الخشية من السلطان فقال له لو خشيت انا من اللّه كما تخشى انت من السلطان لكنت من جملة الصديقين كرنبودى اميد راحت ورنج ... باى درويش بر فلك بودى ور وزير از خدا بترسيدى ... همجنان كز ملك ملك بودى نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا مخلصين ٦٢ { اللّه خالق كل شىء } من خير وشر وايمان وكفر لكن لا بالجبر بل بمباشرة الكاسب لاسبابها قال فى التأويلات النجمية دخل افعال العباد واكسابهم فى هذه الجملة ولا يدخل هو وكلامه فيها لان المخاطب لا يدخل تحت الخطاب ولانه تعالى يخلق الاشياء بكلامه وهو كلمة كن { وهو على كل شىء وكيل } يتولى التصرف فيه كيفما يشاء . والوكيل القائم على الامر الزعيم باكماله واللّه تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافى لهم فى كل امر ومن عرف انه الوكيل اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه وخاصية هذا الاسم نفى الحوائج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف عنه ويفتح له ابواب الخير والرزق ٦٣ { له مقاليد السموات والارض } جمع مقليد او مقلاد وهو المفتاح او جمع اقليد على الشذوذ كالمذاكير جمع ذكر والا ينبغى ان يجمع على اقاليد . والاقليد بالكسر معرب كليد وهو فى الفارسى بمعنى المفتاح فى العربى وان كان شائعا بين الناس بمعنى الفعل . والمعنى له تعالى وحده مفاتيح خزائن العالم العلوى والسفلى لا يتمكن من التصرف فيها غيره : وبالفارسية [ مرور است كليدهاى خزائن آسمان وزمين يعنى مالك امور علوى وسفلى است وغيراورا تصر فى درآن ممكن نيست همجنانكه دخل در خزينها متصورنيست مكركسى راكه مفاتيح آن بدست اوست ] وعن عثمان رضى اللّه عنه انه سأل النبى صلّى اللّه عليه وسلّم عن المقاليد فقال ( تفسيرها لا اله الا اللّه واللّه اكبر وسبحان اللّه وبحمده واستغفر اللّه ولا حول ولا قوة الا باللّه العلى العظيم هو الاول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير ) والمعنى على هذا ان لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد بها وهى مفاتيح خير السموات والارض من تكلم بها اصابه : يعنى [ اين كلمات مفاتيح خيرات آسمان وزمينست هركه بدان تكلم كند بنقود فيوض آن خزائن برسد وكفته اند خزائن آسمان بارانست وخزائن زمين كياه وكليد اين خزينها بدست تصرف اوست هركاه خواهد باران فرستد وهرجه خواهد ازنباتات بروياند ] وفى الخبر ان رسول اللّه عليه السلام قال ( اتيت بمفاتيح خزائن الارض فعرضت علىّ فقلت لا بل اجوع يوما واشبع يوما ) قال الصائب افتد هماى دولت اكر دركمندما ... از همت بلند رها ميكنيم ما وفى التأويلات النجمية يشير الى ان له مفاتيح خزائن لطفه وهى مكنونة فى سموات القلوب وله مفاتيح خزائن قهره وهى مودعة فى ارض النفوس يعنى لا يملك احد مفاتيح خزان لطفه وقهره الا هو وهو الفتاح وبيده المفتاح يفتح على من يشاء خزائن لطفه فى قلبه فيخرج ينابيع الحكمة منه وجواهر الاخلاق الحسنة ويفتح على من يشاء ابواب خزائن قهره فى نفسه فيخرج عيون المكر والخدع والحيل منها وفنون الاوصاف الذميمة ولهذا السر قال صلى اللّه تعلى عليه وسلم ( مفتاح القلوب لا اله الا اللّه ) ولما سأله عثمان رضى اللّه عنه عن تفسير مقاليد السموات والارض قال ( لا اله الا اللّه واللّه اكبر ) الخ { والذين كفروا بآيات اللّه } التنزيلية والتكوينية المنصوبة فى الآفاق والانفس { اولئك هم الخاسرون } خسرانا لا خسار وراءه لانهم اختاروا العقوبة على الثواب وفتحوا ابواب نفوسهم بمفتاح الكفر والنفاق نسأل اللّه تعالى ان يجعلنا ممن ربحت تجارته لا ممن خسرت صفقته ٦٤ { قل أفغير اللّه تأمرونى اعبد ايها الجاهلون } اى أبعد مشاهدة هذه فغير اللّه اعبد تأمروننى بذلك ايها الجاهلون وتأمرونى اعتراض للدلالة على انهم امروه عقيب ذلك بان يعبد غير اللّه وقالوا استلم آلهتنا نؤمن بالهك لفرط غباوتهم واصله تأمروننى باظهار النونين ثم ادغمت اولاهما وهى علم الرفع فى الثانية وهى للوقاية وقد قرأ ابن عامر على الاصل اى باظهارها ونافع بحذف الثانية فانها تحذف كثيرا ٦٥ { ولقد اوحى اليك والى الذين من قبلك } اى من الرسل عليهم السلام { لئن اشركت } فرضا : وبالفارسية [ اكر شرك آرى ] وافراد الخطاب باعتبار كل واحد { ليحبطن عملك } اى ليبطلن ثواب عملك وان كنت كريما على { ولتكونن من الخاسرين } فى صفقتك بسبب حبوط عملك واللام الاولى موطئة للقسم والاخريان للجواب وهو كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل واقناط الكفرة والايذان بغاية شناعة الاشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن ان يباشره فكيف بمن عداه قال التفتازانى فالمخاطب هو النبى عليه السلام وعدم اشراكه مقطوع به لكن جيىء بلفظ الماضى ابرازا للاشراك فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الاشراك بانه قد حبطت اعمالهم وكانوا من الخاسرين وقال فى كشف الاسرار هذا خطاب مع الرسول عليه السلام والمراد به غيره وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما هذا ادب من اللّه لنبيه عليه السلام وتهديد لغيره لان اللّه تعالى قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفار وقال الكاشفى [ واصح آنست كه مخاطب بحسب ظاهر بيغمبرانند وازروى حقيقت افراد مسلمانان امت ايشان هريك را مىفرمايد كه اكر شرك آرى هر آينه تباه كردد كردار توكه دروقت ايمان واقع شده وهر آينه باشى از زيانكاران كه بعد ازوقت دولت دين بنكبت شرك مبتلى كردد ] قال ابن عطاء هذا شرك الملاحظة والالتفات الى غيره واطلاق الاحباط من غير تقييد بالموت على الكفر يحتمل ان يكون من خصائصهم لان الاشراك منهم اشد واقبح وان يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم } فيكون حملا للمطلق على المقيد فمذهب الشافعى ان نفس الكفر غير محبط عنده بل المحبط الموت على الكفر واما عند غيره فنفس الكفر محبط سواء مات عليه ام لم يمت وفى المفردات حبط العمل على اضرب . احدها ان تكون الاعمال دنيوية فلا تغنى فى الآخرة غناء كما اشار اليه تعالى بقوله { وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } والثانى ان تكون اعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه اللّه تعالى كما روى ( يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك فيقول بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارىء وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار ) والثالث ان تكون اعمالا صالحة لكن بازائها سيآت تربى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى . وعطف الخسران على الحبوط من عطف المسبب على السبب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الانسان ولو كان نبيا لئن وكل الى نفسه ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء ابواب خزائن قهر اللّه على نفسه وليحبطن عمله بان يلاحظ غير اللّه بنظر المحبة ويثبت معه فى الابداع سواه ٦٦ { بل اللّه فاعبد } رد لما امروه ولولا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك والفاء جواب الشرط المحذوف تقديره لا تعبد ما امرك الكفار بعبادته بل ان عبدت فاعبد اللّه فحذف الشرط واقيم المفعول مقامه { وكن من الشاكرين } انعامه عليك ومن جملته التوحيد والعبادة وكذا النبوة والرسالة الحاصلتان بفضله وكرمه لا بسعيك وعملك واعلم ان الشكر على ثلاث درجات . الاولى الشكر على المحاب وقد شاركت المسلمين فى هذا الشكر اليهود والنصارى والمجوس . والثانية الشكر على المكاره وهذا الشاكر اول من يدعى الى الجنة لان الجنة حفت بالمكاره والثالثة ان لا يشهد غير المنعم فلا يشهد النعمة والشدة وهذا الشهود والتلذذ به اعلى اللذات لانه فى مقام السر فالعاقل يجتهد فى الاقبال على اللّه والتوجه اليه من غير التفات الى يمين وشمال روى ان ذا النون المصرى قدس سره اراد التوضىء من نهر فرأى جارية حسناه فقالت لذى النون ظننتك اولا عاقلا ثم عالما ثم عارفا ولم تكن كذلك اى لا عاقلا ولا عالما ولا عارفا قال ذو النون ولم قالت فان العاقل لا يكون بغير وضوء لعلمه بفضائله والعالم لا ينظر الى الحرام فان العالم لا بد وان يكون عاملا والعارف لا يميل الى غير اللّه فان مقتضى العرفان ان لا يختار على المحبوب الحقيقى سواه لكون حسنه من ذاته وحسن ما سواه مستفادا منه والغير وان كان مظهرا لتجليه ولكن النظر اليه قيد والحضور فى عالم الاطلاق هو التفريد الذي هو تقطيع الموحد عن الانفس والآفاق خداست دردوجهان هست جاودان جامى ... وما سواه خيال مزخرف باطل نسأل اللّه سبحانه هذا التوحيد الحقيقى روى عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما وعبد اللّه ابن مسعود رضى اللّه عنه ان حبرا من اليهود اتى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فقال يا محمد أشعرت ان اللّه يضع يوم القيامة السموات على اصبع والارضين على اصبع والجبال على اصبع والماء والثرى والشجر على اصبع وجميع الخلائق على اصبع ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين الملوك فضحك رسول اللّه عليه السلام تعجبا منه وتصديقا له فانزل اللّه هذه الآية وهى قوله تعالى ٦٧ { وما قدروا اللّه حق قدره } القدر بمعنى التعظيم كما فى القاموس فالمعنى ما عظموا اللّه حق تعظيمه حيث جعلوا له شريكا بما لا يليق بشأنه العظيم ويقال قدر الشىء قدره من التقدير كما فى المختار . فالمعنى ما قدروا عظمته تعالى فى انفسهم حق عظمته وقال الراغب فى المفردات ما عرفوا كنهه يقول الفقير هذا ليس فى محلة فان اللّه تعالى وان كان لا يعرف حق المعرفة بحسب كنهه ولكن تتعلق به تلك المعرفة بحسبنا فالمعنى ههنا ما عرفوا اللّه حق معرفته بحسبهم لا بحسب اللّه اذ لو عرفوه بحسبهم ما اضافوا اليه الشريك ونحوه فافهم وفى التأويلات النجمية ما عرفوا اللّه حق معرفته وما وصفوه حق وصفه وما عظموه حق تعظيمه فمن اتصف بتمثيل او جنح الى تعطيل حاد عن ألسنة المثلى وانحرف عن الطريقة الحسنى وصفوا الحق بالاعضاء وتوهموا فى نعته الاجزاء فما قدروا اللّه حق قدره انتهى { والارض جميعا } حال لفظا وتأكيد معنى ولذا قال اهل التفسير تأكيد الارض بالجميع لان المراد بها الارضون السبع او جميع ابعاضها البادية والغائرة اى الظاهرة وغير الظاهرة من باطنها وظاهرها ووسطها قوله والارض مبتدأ خبره قوله { قبضته يوم القيمة } القبضة المرة من القبض اطلقت بمعنى القبضة وهى المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر او بتقدير ذات قبضته وفى المفردات القبض التناول بجمع الكف نحو قبض السيف وغيره ويستعار القبض لتحصيل الشىء وان لم يكن فيه مراعاة الكف كقولك قبضت الدار من فلان اى حزتها قال اللّه تعالى { والارض جميعا قبضته } اى فى حوزه حيث لا تمليك للعبد انتهى تقول للرجل هذا فى يدك وفى قبضتك اى فى ملكك وان لم يقبض عليه بيده . والمعنى والارض جميعا مقبوضة يوم القيامة اى فى ملكه وتصرفه من غير منازع يتصرف فيها تصرف الملاك فى ملكهم وانها اى جميع الارضين وان عظمن فما هن بالنسبة الى قدرته تعالى الا قبضة واحدة ففيه تنبيه على غاية عظمته وكمال قدرته وحقارة الافعال العظام بالنسبة الى قدرته ودلالة على ان تخريب العالم اهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة حقيقة ولا مجازا على ما فى الارشاد ونحوه وعلى هذه الطريقة قوله تعالى { والسموات } مبتدأ { مطويات } خبره { بيمينه } متعلق بمطويات اى مجموعات ومدرجات من طويت الشىء طيا اى ادرجته ادراجا او مهلكات من الطى بمعنى مضى العمر يقال طوى اللّه عمره . وقوله بيمينه اى بقوته واقتداره فانه يعبر بها عن المبالغة فى الاقتدار لانها اقوى من الشمال فى عادة الناس كما فى الاسئلة المقحمة قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ما السموات السبع والارضون السبع فى يد اللّه الا كخردلة فى يد احدكم قال بعضهم الآية من المتشابهات فلا مساغ لتأويلها وتفسيرها غير الايمان بها كما قال تعالى { والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } وقال اهل الحقيقة المراد بهذه القبضة هى قبضة الشمال المضاف اليها القهر والغضب ولوازمهما وعالم العناصر وما يتركب ويتولد منها ومن جملة ذلك صورة آدم العنصرية واما روحانيته فمضافة الى القبضة المسماة باليمين ودل على ما ذكر ذكر اليمين فى مقابل الارض وصح عن النبى عليه السلام اطلاق الشمال على احدى اليدين اللتين خلق اللّه بهما آدم عليه السلام كما فى شرح الاربعين حديثا للشيخ الكبير قدس سره الخطير وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( يقبض اللّه السموات بيمينه والارضين بيده الاخرى ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين ملوك الارض ) كما فى كشف الاسرار وفيه اشعار باطلاق الشمال على اليد الاخرى فالشمال فى حديثه عليه السلام والقبضة فى هذه الآية واحدة فان قلت كيف التوفيق بينه وبين قوله عليه السلام ( كلتا يدى ربى يمين مباركة ) وقول الشاعر له يمينان عدلا لا شمال له ... وفى يمينيه آجال وارزاق قلت كون كل من اليدين يمينا مباركة بالاضافة اليه تعالى ومن حيث الآثار فيمين وشمال اذ لا تخلو الدنيا والآخرة من اللطف والقهر والجمال والجلال والبسط والقبض والروح والجسم والطبيعة والعنصر ونحو ذلك وظهر مما ذكرنا كون السموات خارجة عن حد الدنيا لاضافتها الى اليمين وان كانت من عالم الكون والفساد اللهم الا ان يقال العناصر مطلقا مضافة الى الارض المقبوضة بالشمال واما ملكوتها وهو باطنها كباطن آدم وباطن السموات كالارواح العلوية فمضاف الى السموات المقبوضة باليمين فالسموات من حيث عناصرها داخلة فى حد الدنيا { سبحانه وتعالى عما يشركون } ما ابعد وما اعلى من هذه قدرته وعظمته عن اشراكهم ما يشركونه من الشركاء فما على الاول مصدرية وعلى الثانى موصولة سئل الجنبد قدس سره عن قوله { والسموات مطويات } فقال متى كانت منشورة حتى صارت مطوية سبحانه نفى عن نفسه ما يقع فى العقول من طيها ونشرها اذ كل الكون عنده كالخردلة او كجناح بعوضة او اقل منها قال الزورقى رحمه اللّه اذا اردت استعمال حزب البحر للسلامة من عطبه فتقدم عند ركوبه { بسم اللّه مجريها ومرساها ان ربى لغفور رحيم } { وما قدروا اللّه حق قدره } الى قوله { عما يشركون } اذ قد جاء فى الحديث انه امان من الغرق ومن اللّه الخلاص يقول الفقير التخصيص هو ان من عرف اللّه حق معرفته قد لا يحتاج الى ركوب السفينة بل يمشى على الماء كما وقع لكثير من اهل التصرف ففيه تنبيه على العجز وتعريف للقصور. وايضا ان الارض اذا كانت فى قبضته فالبحر الذى فوقها متصلا بها يكون ايضا فى قبضته فينبغى ان يخاف من سطوته فى كل مكان ويشتغل بذكره فى كل آن بخلوص الجنان وصدق الايقان يقال ان الشرك جلى وخفى فالجلى من العوام الكفر والخفى منهم التوحيد باللسان مع اشتغال القلب بغير اللّه تعالى وهو شرك جلى من الخواص والخفى منهم الالتفات الى الدنيا واسبابها وهو جلى من اخص الخواص والخفى منهم الالتفات الى الآخرة يقال ان السبب لانشقاق زكريا عليه السلام فى الشجرة كان التفاته الى الشجرة حيث قال اكتمينى ايتها الشجرة كما ان يوسف عليه السلام قال لساقى الملك اذكرنى عند ربك فلبث فى السجن بضع سنين فاقطع نظرك عما سوى اللّه وانظر الى حال الخليل عليه السلام فانه لما القى فى النار اتاه جبرائيل وقال ألك حاجة يا ابراهيم فقال اما اليك فلا فجعل اللّه له النار بردا وسلاما وكان قطبا واماما نكر تاقضا از كجا سير كرد ... كه كورى بود تكيه برغير كرد قال عبد الواحد بن زيد لابى عاصم البصرى رحمه اللّه كيف صنعت حين طلبك الحجاج قال كنت فى غرفتى فدقوا على الباب ودخلوا فدفعت بى دفعة فاذا انا على ابى قبيس بمكة فقال عبد الواحد من اين كنت تأكل قال كانت تأتى الىّ عجوز وقت افطارى بالرغيفين الذين كنت آكلهما بالبصرة قال عبد الواحد تلك الدنيا امرها اللّه ان تخدم ابا عاصم هكذا حال من توكل على اللّه وانقطع اليه عما سواه فاللّه لا يخيب عبدا لا يرجو الا اياه ٦٨ { ونفخ فى الصور } المراد النفخة الاولى التى هى للاماتة بقرينة النفخة الآتية التى هى للبعث والنفخ نفخ الريح فى الشىء : وبالفارسية [ دميدن ] يقال نفخ بفمه اخرج منه الريح والنفخ فى القرآن على خمسة اوجه الاول نفخ جبريل عليه السلام فى جيب مريم عليها السلام كما قال تعالى { فنفخنا في من روحنا } اى نفخ جبرائيل فى الجيب بامرنا فسبحان من احبل رحم امرأة واوجد فيها ولدا بنفخ جبرائيل والثانى نفخ عيسى عليه السلام فى الطين كما قال تعالى { فتنفخ فيه فيكون طيرا باذن اللّه } وهو الخفاش فسبحان من حول الطين طيرا بنفخ عيسى والثالث نفخ اللّه تعالى فى طين آدم عليه السلام كما قال تعالى { ونفخت فيه من روحى } اى مرت الروح بالدخول فيه والتعلق به فسبحان من انطق لحما وابصر شحما واسمع عظما واحيى جسدا بروح منه والرابع نفخ ذى القرنين الحديد فى النار كما قال تعالى حكاية عنه { قال انفخوا } الآية فسبحان من حول قطعة حديد نارا بنفخ ذى القرنين والخامس نفخ اسرافيل عليه السلام فى الصور كما قال تعالى { ونفخ فى الصور } فسبحان من اخرج الارواح من الابدان بنفخ واحد كما يطفأ السراج بنفخ واحد وتوقد النار بنفخ واحد وسبحان من رد الارواح الى الابدان نفخ واحد وهذا كله دليل على قدرته التامة العامة . والصور قرن من نور القمه اللّه اسرافيل وهو اقرب الخلق الى اللّه تعالى وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش على كاهله وان قدميه قد خرجتا من الارض السفلى حتى بعدتا عنها مسيرة مائة عام على ما رواه وهب وعظم دائرة القرن مثل ما بين السماء والارض وفى الدرة الفاخرة للامام الغزالى رحمه اللّه الصور قرن من نور له اربع عشرة دائرة الدائرة الواحدة كاستدارة السماء والارض فيه ثقب بعدد ارواح البرية وباقى ما يتعلق بالنفخ والصور قد سبق فى سورة الكهف والنمل فارجع { فصعق من فى السموات ومن فى الارض } يقال صعق الرجل اذا اصابه فزع فاغمى عليه وربما مات منه ثم استعمل فى الموت كثيرا كما فى شرح المشارق لابن الملك قال فى المختار صعق الرجل بالكسر صعقة غشى عليه وقوله تعالى { فصعق من } الخ اى مات انتهى فالمعنى خروا امواتا من الفزع وشدة الصوت { الا من شاء اللّه } جبرائيل واسرافيل وميكائيل وملك الموت عليهم السلام فانهم يموتون من بعد قال السدى وضم بعضهم اليهم ثمانية من حملة العرش فيكون المجموع اثنى عشر ملكا وآخرهم موتا ملك الموت وروى النقاش انه جبرائيل كما جاء فى الخبر ان اللّه تعالى يقول حينئذ يا ملك الموت خذ نفس اسرافيل ثم يقل من بقى فيقول بقى جبرائيل وميكائيل وملك الموت فيقول خذ نفس ميكائيل حتى يبقى ملك الموت وجبرائيل فيقول تعالى مت يا ملك الموت فيموت ثم يقول يا جبرائيل من بقى فيقول تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والاكرام وجهك الدائم الباقى وجبرائيل الميت الفانى فيقول يا جبرائيل لا بد من موتك فيقع ساجدا يخفق بجناحيه فيموت فلا يبقى فى الملك حى من انس وجن وملك وغيرهم الا اللّه الواحد القهار وقال بعض المفسرين المستثنى الحور والولدان وخزنة الجنة والنار وما فيهما لانهما وما فيهما خلقا للبقاء والموت لقهر المكلفين ونقهلم من دار الى دار ولا تكليف على اهل الجنة فتركوا على حالهم بلا موت. وهذا الخطاب بالصعق متعلق بعالم الدنيا والجنة والنار عالمان بانفرادهما خلقا للبقاء فهما بمعزل عما خلق للفناء فلم يدخل اهلهما فى الآية فتكون آية الاستثناء مفسرة لقوله تعالى { كل شىء هالك الا وجهه } و { كل نفس ذائقة الموت } وغيرهما من الآيات فلا تناقض يقول الفقير يرد عليه انه كيف يكون هذا الخطاب بالصعق متعلقا بعالم الدنيا وقد قال اللّه تعالى { من فى السموات } وهى اى السماوات خارجة عن حد الدنيا ولئن سلم بناء على ان السموات السبع كالارض من عالم الكون والفساد فيبقى الفلك الثامن الذى هو الكرسى والتاسع الذى هو العرش خارجين عن حد الآية فيلزم ان لا يفنى اهلهما عموما وخصوصا من الملائكة الذين لا يحصى عددهم الا اللّه على انهم من اهل التكليف ايضا قال الامام النسفى فى بحر الكلام قال اهل الحق اى اهل السنة والجماعة سبعة لا تفنى العرش والكرسى واللوح والقلم والجنة والنار واهلهما من ملائكة الرحمة والعذاب والارواح اى بدلالة هذه الآية وقال شيخ العلماء الحسن البصرى قدس سره المراد بالمستثنى هو اللّه تعالى وحده ويؤيده ما قاله الغزالى رحمه اللّه حدثنى من لا اشك فى علمه ان الاستثناء واقع عليه سبحانه خاصة يقول الفقير فيه بعد من حيث الظاهر لأنه يلزم ان يشاء اللّه نفسه فيكون شائيا ومشيئا وقد اخرجوه فى نحو قوله تعالى { واللّه على كل شىء قدير } و { اللّه خالق كل شىء } وغيرهما اذ اللّه ليس من اهل السموات والارض وان كان الها فهى كما قال { وهو الذى فى السماء اله وفى الارض اله } وقال بعض المحققين الصعق اعم من الموت فلمن لم يمت الموت ولمن مات الغشية فاذا نفخ الثانية فمن مات حى ومن غشى عليه افاق وهو القول المعوّل عليه عند ذوى التحقيق يقول الفقير فيدخل ادريس عليه السلام فانه مات ثم احيى وادخل الجنة فتعمه الغشية دون الموت الا ان يكون ممن شاء اللّه واما موسى عليه السلام فقد جزى بصعقته وغشيته فى الطور فالموت عام لكل احد اذ لو بقى احد لاجاب اللّه تعالى حيث يقول لمن الملك اليوم فقال لله الواحد القهار قال فى اسئلة الحكم واما قوله تعالى { كل شىء هالك الا وجهه } فمعناه عند المحققين قابل للهلاك فكل محدث قابل لذلك بل هالك دائم وعدم محض بالنسبة الى وجه نفسه اذ لكل شىء وجهان وجه الى نفسه ووجه الى ربه فالوجه الاول هالك وعدم والثانى عين ثابت فى علمه قائم بربه وان كان له ظل ظاهر فكل محدث قابل للهلاك والعدم وان لم يهلك وينعدم بخلاف القديم الازلى ويؤيد ذلك المعنى ان العرش لم يرو فيه خبر بانه يهلك فلتكن الجنة مثله يقول الفقير اما ما روى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انه سأل جبرائيل عن هذه الآية من الذين لم يشأ اللّه ان يصعقهم قال هم الشهداء المتقلدون اسيافهم حول العرش كما فى كشف الاسرار وكذا ما قال جعفر الصادق رضى اللّه عنه اهل الاستثناء محمد صلى اللّه تعالى عليه وسلم واهل بيته واهل المعرفة وما قال بعضهم هم اهل التمكين والاستقامة كل ذلك وما شاكله فمبنى على تفسير الصعق بالغشى اذ الشهداء ونحوهم من الصديقين وان كانوا احياء عند ربهم لكنهم لا يذوقون الموت مرة اخرى والا لتحققوا بالعدم الاصلى وهو مخالف لحكمة اللّه تعالى وانما شأنهم الفزع والغشيان فيحفظهم اللّه تعالى عن ذلك فالارواح والاحياء مشتركون فى ذلك الا من شاء اللّه حكى ان واحدا رؤى فى المنام ذا شيب وكان قد مات وهو شاب فقيل له فى ذلك فقال لما قبر المرسى القائل بخلق القرآن فى قبره فى هذه المقبرة هجمت عليه جهنم بغيظ وزفير فشاب شعرى من ذلك الفزع والهول وله نظائر كثيرة ودخل فى الارواح من يقال لهم الارواح العالية المهيمة فانهم لا يموتون لكونهم ارواحا ولا يغشى عليهم اذ ليس لهم خبر عما سوى اللّه تعالى بل هم المستغرقون فى بحر الشهود فعلى هذا يكون المراد بالنفخة فى الآية نفخة غير نفخة الاماتة وسيأتى البيان فى النفخات فان قلت فما الفرق بين الصعق الذى فى هذه الآية وبين الفزع الذى فى آية النمل وهى قوله تعالى { ويوم ينفخ فى الصور ففزع من فى السموات ومن فى الارض } قلت لا شك ان الصعق بمعنى الموت غير الفزع وكذا بمعنى الغشى اذ ليس كل من له فزع مغشيا عليه هذا ما تيسر لى فى هذا المقام وحقيقة العلم عند اللّه الملك العلام { ثم نفخ فيه اخرى } نفخة اخرى هى النفخة الثانية على الوجه الاول واخرى . يحتمل النصب على ان يكون الظرف قائما مقام الفاعل واخرى صفة لمصدر منصوب على المفعول المطلق والرفع على ان يكون المصدر المقدر قائما مقام الفاعل { فاذا هم } اى جميع الخلائق { قيام } جمع قائم اى قائمون من قبورهم على ارجلهم او متوقفون فالقيام بمعنى الوقوف والجمود فى مكانهم لتحيرهم { ينظرون } يقلبون ابصارهم فى الجوانب كالمبهوتين او ينتظرون ماذا يفعل بهم ويقال ينظرون الى السماء كيف غيرت والى الارض كيف بدلت والى الداعى كيف يدعوهم الى الحساب والى الآباء والامهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم واشتغلوا بانفسهم والى خصمائهم ماذا يفعلون بهم وفى الحديث ( انا اول من ينشق عنه القبر . واول من يحيى من الملائكة اسرافيل لينفخ فى الصور . واول من يحيى من الدواب براق النبى عليه السلام . واول من يستظل فى ظل العرش رجل انظر معسرا ومحا عنه . واول من يرد الحوض فقراء الامة والمتحابون فى اللّه . واول من يكسى يوم القيامة ابراهيم الخليل عليه السلام لانه القى فى النار عريانا . واول من يكسى حلة من النار ابليس . واول من يحاسب جبرائيل لانه كان امين اللّه الى رسله . واول ما يقضى بين الناس فى الدماء . واول ما يحاسب به الرجل صلاته . واول ما تسأل المرأة عن صلاتها ثم بعلها . واول ما يسأل العبد يوم القيامة عن النعيم بان يقال له ألم اصحح جسمك واروك من الماء البارد . واول ما يوضع فى الميزان الخلق الحسن . واول ما يوضح فى ميزان العبد نفقته على اهله . واول ما يتكلم من الآدمى فخذه وكفه . واول خصمين جاران . واول من يشفع يقوم القيامة الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء . واول من يدخل الجنة من هذه الامة ابو بكر رضى اللّه عنه . واول من يسلم عليه الحق ويصافحه عمر رضى اللّه عنه . واول من يدخل من الاغنياء عبد الرحمن بن عوف من العشرة المبشرة ) قال فى المدارك دلت الآية على ان النفخة اثنتان الاولى للموت والثانية للبعث والجمهور على انها ثلاث . الاولى للفزع كما قال { ونفخ فى الصور ففزع } والثانية للموت . والثالثة للاعادة انتهى فان كانت النفخة اثنتين يكون معنى صعق خروا امواتا وان كانت ثلاثا يكون معناه مغشيا عليهم فتكون هذه النفخة اى الثالثة بعد نفخة الاحياء يوم القيامة كما ذهب اليه البعض وقال سعد المفتى دل ظاهر الاحاديث على ان النفخات اربع المذكورتان فى سورة يس للاماتة ثم الاحياء ونفخة للارعاب والارهاب فيغشى عليهم ثم للافاقة والايقاظ والذى يفهم من خريدة العجائب ان نفخة الفزع هى اولى النفخات فانه اذا وقعت اشراط الساعة ومضت امر اللّه صاحب الصور ان ينفخ نفخة الفزع ويديمها ويطولها فلا يبحر كذا عاما يزداد الصوت كل يوم شدة فيفزع الخلائق وينحازون الى امهات الامصار وتعطل الرعاة السوائم وتأتى الوحوش والسباع وهى مذعورة من هول الصيحة فتختلط بالناس ويؤول الامر الى تغير الارض والسماء عما هما عليه وبين نفخة الفزع والنفخة الثانية اربعون سنة ثم تقع نفخة الثانية والثالثة وبينهما اربعون سنة او شهرا او يوما او ساعة قال الامام الغزالى رحمه اللّه اختلف الناس فى امد المدة الكائنة بين النفختين فاستقر جمهورهم على انها اربعون سنة وحدثنى من لا اشك فى علمه ان امد ذلك لا يعلمه الا اللّه تعالى لانه من اسرار الربوبية فاذا اراد اللّه احياء الخلق يفتح خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فتمطر به الارض فاذا هو كمنىّ الرجلا بعد ان كانت عطشى فتحيى وتهتز ولا يزال المطر عليها حتى يعمها ويكون الماء فوقها اربعين ذراعا فاذا الاجسام تنبت من عجب الذنب وهو اول ما يخلق من الانسان بدىء منه ومنه يعود وهو عظم على قدر الحمصة وليس له مخ فاذا نبت كما نبت البقل تشتبك بعضها فى بعض فاذا رأس هذا على منكب هذا ويد هذا على جنب هذا وفخذ هذا على حجر هذا لكثرة البشر والصبى صبى والكهل كهل والشيخ شيخ والشاب شاب ثم تهب ريح من تحت العرش فيها نار فتنسف ذلك عن الارض وتبقى الارض بارزة مستوية كأنها صحيفة واحدة ثم يحيى اللّه اسرافيل فينفخ فى الصور من صخرة بيت المقدس فتخرج الارواح لها دوىّ كدوىّ النحل فتملأ الخافقين ثم تذهب كل نفس الى جثتها باعلام اللّه تعالى حتى الوحش والطير وكل ذى روح فاذا الكل قيام ينظرون ثم يفعل اللّه بهم ما يشاء : قال الشيخ سعدى قدس سره جودرخا كدان لحد خفت مرد ... قيامت بيفشاند از موى كرد سرازجيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نماند بحسرت نكون بران ازدوسر جشمه ديده جوى ... ور آلايشى دارى ازخودبشوى ٦٩ { واشرقت الارض } صارت عرصات القيامة مشرقة ومضيئة وذلك حين ينزل اللّه على كرسيه لفصل القضاء بين عباده { بنور ربها } النور الضوء المنتشر المعين على الابصار اى بما اقام فيها من العدل استعير له النور لانه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما يسمى الظلم ظلمة وفى الحديث ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) يعنى شدائده يعنى الظلم سبب لبقاء الظالم فى الظلمة حقيقة فلا يهتدى الى السبيل حين يسعى نور المؤمنين بين ايديهم ولكون المراد بالنور العدل اضيف الاسم الجليل الى ضمير الارض فان تلك الاضافة انما تحسن اذا اريد به تزين الارض بما ينشر فيها من الحكم والعدل او المعنى اشرقت بنور خلقه اللّه فى الارض يوم القيامة بلا توسط اجسام مضيئة كما فى الدنيا يعني يشرق بذلك النور وجه الارض المبدلة بلا شمس ولا قمر ولا غيرهما من الاجرام المنيرة ولذلك اى ولكون المعنى ذلك اضيف اى النور الى الاسم الجليل وقال سهل قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم والاقتداء بسنة نبيهم وفى التأويلات النجمية { واشرقت الارض } ارض الوجود { بنور ربها } اذا تجلى لها وقال بعضهم هذا من المكتوم الذى لا يفسر كما فى تفسير ابى الليث { ووضع الكتاب } اى الحساب والجزاء من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه او صحائف الاعمال فى ايدى العمال فى الايمان والشمائل واكتفى باسم الجنس عن الجمع اذ لكل احد كتاب على حدة . والكتاب فى الاصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه . وقيل وضع الكتاب فى الارض بعدما كان فى السماء يقول الفقير هذا على اطلاقه غير صحيح لان كتاب الابرار فى عليين وكتاب الفجار فى سجين فالذى فى السماء يوضع فى الارض حتى اللوح المحفوظ واما ما فى الارض فعلى حاله { وجيىء بالنبيين } الباء للتعدية { والشهداء } للامم وعليهم من الملائكة والمؤمنين وفيه اشارة الى ان النبيين والشهداء اذا دعوا للقضاء والحكومة والمحاسبة فكيف يكون حال الامم واهل المعاصى والذنوب دران روز كز فعل برسند وقول ... اولوا العزم را تن بلرزد زهول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را جه دارى بيا { وقضى } [ حكم كرده شود ] { بينهم } اى بين العباد { بالحق } بالعدل { وهم لا يظلمون } بنقص ثواب وزيادة عقاب على ما جرى به الوعد وكما فتح الآية باثبات العدل ختمها بنفى الظلم ٧٠ { ووفيت } [ وتمام داده شود ] { كل نفس } من النفوس المكلفة { ما عملت } اى جزاء ما عملت من الخير والشر والطاعة والمعصية { وهو } تعالى { اعلم } منهم ومن الشهداء { بما يفعلون } اذ هو خالق الافعال فلا يفوته شىء من افعالهم وانما يدعو الشهداء لتأكيد الحجة عليهم قال ابن عباس رضى اللّه عنهما اذا كان يوم القيامة بدل اللّه الارض غير الارض وزاد فى عرضها وطولها كذا وكذا فاذا استقر عليها اقدام الخلائق برّهم وفاجرهم اسمعهم اللّه كلامه يقول ان كتابى كانوا يكتبون ما اظهرتم ولم يكن لهم علم بما اسررتم فانا عالم بما اظهرتم وبما اسررتم ومحاسبكم اليوم على ما اظهرتم وعلى ما اسررتم ثم اغفر لمن شاء منكم قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول اكثرهم وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفى ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلّى اللّه عليه وسلّم ومن له به اسوة حسنة انتهى يقول الفقير لا شك ان الحفظة تستملى من خزنة اللوح المحفوظ فيعرفون كل ما وقع من العبد من فعل ظاهر وعزم باطن ولكن يجوز ان يكون من الاسرار ما لا يطلع عليه غيره سبحانه وتعالى واعلم انه اذا كان يوم القيامة يقول اللّه تعالى اين اللوح المحفوظ فيؤتى به وله صوت شديد فيقول اللّه اين ما سطرت فيك من توراة وزبور وانجيل وفرقان فيقول يا رب نقله منى الروح الامين فيؤتى به وهو يرعد وتصطك ركبتاه فيقول اللّه تعالى يا جبريل هذا اللوح يزعم انك نقلت منه كلامى ووحيى أصدق فيقول نعم يا رب فيقول فما فعلت فيه فيقول انهيت التوراة الى موسى والزبور الى داود والانجيل الى عيسى والقرآن الى محمد صلى اللّه تعالى عليه وسلم وعليهم اجمعين وانهيت الى كل رسول رسالته والى اهل الصحف صحائفهم فاذا النداء يا نوح فيؤتى به ترعد فرائصه وتصطك ركبتاه فيقول يا نوح زعم جبرائيل انك من المرسلين قال صدق يا رب فقال فما فعلت مع قومك قال دعوتهم ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فاذا النداء يا قوم نوح فيؤتى بهم زمرة واحدة فيقول لهم هذا نوح زعم انه بلغكم الرسالة فيقولون يا رب كذب ما بلغنا شيأ ثم ينكرون الرسالة ثم يقول اللّه تعالى يا نوح ألك بينة عليهم فيقول نعم يا رب بينتى عليهم محمد صلى اللّه عليه وامته فيقولون كيف ذلك ونحن اول الامم وهم آخر الامم فيؤتى بالنبى عليه السلام فيقول اللّه تعالى يا محمد هذا نوح يستشهد بك فيشهد له بتبليغ الرسالة ويتلو { انا ارسلنا نوحا الى قومه } الى آخر السورة فيقول اللّه تعالى قد وجب عليكم الحق وحقت كلمة العذاب على الكافرين فيؤمر بهم زمرة واحدة الى النار من غير وزن اعمال ووضع حساب وهكذا يفعل بسائر الامم اجمعين فان القرآن نطق بهم وباحوالهم وقد جاء ان رجلا يقف بين يدى اللّه فيقول يا عبد السوء كنت مجرما عاصيا فيقول لا واللّه ما فعلت فيقال له عليك بينة فيؤمر بحفظته فيقول كذبوا علىّ فتشهد جوارحه عليه ويؤمر به الى النار فيجعل يلوم جوارحه فيقولون ليس من اختيارنا انطقنا اللّه الذى انطق كل شىء وهكذا يشهد الزمان والمكان ونحوهما فطريق الخلاص ان لا تشهد اليوم غير اللّه وتشتغل بذكره وطاعته عما سواه قال الشيخ سعدى دريغست كه فرموده ديو زشت ... كه دست ملك برتو خواهد نوشت روا دارى از جهل وناباكيت ... كه باكان نويسند ن باكيت طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانكيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نبندد امان ... جو بيمانه بر شد بدور زمان ٧١ { وسيق الذين كفروا الى جهنم } مع امامهم حال كونهم { زمرا } جماعة وبالفارسية [ كروه كروه ] جمع زمرة وهى الجمع القليل ومنه قيل شاة زمرة قليلة الشعر واشتقاقها من الزمر وهو الصوت اذ الجماعة لا تخلو عنه . والسوق بالفارسية [ راندن ] اى سيقوا اليها بعد اقامة الحساب بامر يسير من قبلنا وذلك بالعنف والاهانة حال كونهم افواجا متفرقة بعضها فى اثر بعض مترتبة حسب ترتب طبقاتهم فى الضلالة والشرارة وتتلقاهم جهنم بالعبوسة كما تلقوا الاوامر والنواهى والآمرين والناهين بمثل ذلك { حتى اذا جاؤها } حتى هى التى تحكى بعد الجملة : يعنى [ تا جون بيايند بدوزخ بر صفت ذلت وخوارى ] وجواب اذا قوله { فتحت ابوابها } السبعة ليدخلوها كما قال تعالى { لها سبعة ابواب } وفائدة اغلاقها الى وقت مجيئهم تهويل شأنها وايقاد حرها قال فى اسئلة الحكم اهل النار يجدونها مغلقة الابواب كما هى حال السجون فيقفون هنالك حتى يفتح لهم اهانة لهم وتوبيخا يقول الفقير هذا من قبيل العذاب الروحانى وهو اشد من العذاب الجسمانى فليس وقوفهم عند الابواب اولى لهم من تعجيل العذاب يؤيده ان الكافر حين يطول قيامه فى شدة وزحمة وهول يقول يا رب ارحنى ولو كان بالنار وفيه اشارة الى الاوصاف الذميمة النفسانية السبعة وهى الكبر والبخل والحرص والشهوة والحسد والغضب والحقد فانها ابواب جهنم وكل من يدخل فيها لا بد له من ان يدخل من باب من ابوابها فلا بد من تزكيتها وتخلية النفس عنها { وقال لهم خزنتها } تقريعا وتوبيخا وزيادة فى الايلام والتوجيع واحدها خازن وهو حافظ الخزانة وما فيها والمراد حفظة جهنم وزبانيتها وهم الملائكة الموكلون بتعذيب اهلها { ألم يأتكم رسل منكم } من جنسكم آدميون مثلكم ليسهل عليكم مراجعتهم وفهم كلامهم { يتلون عليكم آيات ربكم } وهو ما انزل اللّه على الانبياء { وينذرونكم } يخوفونكم { لقاء يومكم هذا } اى وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار لا يوم القيامة وذلك لان الاضافة اللامية تفيد الاختصاص ولا اختصاص ليوم القيامة بالكفار وقد جاء استعمال اليوم والايام مستفيضا فى اوقات الشدة فلذلك حمل على الوقت وفيه دليل على انه لا تكليف قبل الشرع من حيث انهم عللوا توبيخهم باتيان الرسل وتبليغ الكتب { قالوا بلى } قد اتونا وتلوا علينا . وانذرونا فاقرّوا فى وقت لا ينفعهم الاقرار والاعتراف { ولكن حقت } وجبت { كلمة العذاب } وهى قوله تعالى لابليس { لاملأن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } { على الكافرين } وقد كنا ممن تبع ابليس فكذبنا الرسل وقلنا ما نزل اللّه من شىء ان انتم الا تكذبون امروز قدر بند عزيزان شناختيم ... ٧٢ { قيل ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها } اى مقدرا خلودكم فيها وابهام القائل لتهويل المقول وفيه اشارة الى ان الحكمة الالهية اقتضت اظهارا لصفة القهر ان يخلق النار ويخلق لها اهلا كما انه تعالى خلق الجنة وخلق لها اهلا اظهارا لصفة اللطف فلهذه الحكمة قيل فى الازل قهرا وقسرا ادخلوا ابواب جهنم وهى الصفات الذميمة السبع التى مر ذكرها خالدين فيها بحيث لا يمكن الخروج من هذه الصفات الذميمة بتبديلها كما يخرج المتقون منها { فبئس مثوى المتكبرين } اى بئس منزل المتكبرين عن الايمان والطاعة والحق جنهم : وبالفارسية [ بد آرامكاهست متكبرانرا دوزخ ] واللام للجنس ولا يقدح ما فيه من الاشعار بان كونهم مثواهم جهنم لتكبرهم عن الحق فى ان دخولهم النار بسبق كلمة العذاب عليهم فانها انما حقت عليهم بناء على تكبرهم وكفرهم فتكبرهم وسائر مقابحهم مسببة عن ذلك السبق وفيه اشارة الى ان العصاة صنفان صنف منهم متكبرون وهم المصرون متابعوا ابليس فلهم الخلود فى النار وصنف منهم متواضعون وهم التائبون متابعوا آدم فلهم النجاة وبهذا الدليل ثبت ان ليس ذنب اكبر بعد الشرك من الكبر بل الشرك ايضا يتولد من الكبر كما قال تعالى { ابى واستكبر وكان من الكافرين } وهذا تحقيق قوله تعالى ( الكبرياء ردائى والعظمة ازارى فمن نازعنى فيهما القيته فى النار ) ولهذا المعنى قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من الكبر ) فقال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال ( ان اللّه جميل يحب الجمال ) الكبر بطر الحق وغمط الناس اى تضييع الحق فى اوامر اللّه ونواهيه وعدم تقاته واستحقار الناس وتعييبهم ذكر الخطابى فى تأويل الحديث وجهين احدهما ان المراد التكبر عن الايمان والثانى ان ينزع عنه الكبر بالتعذيب او بالعفو فلا يدخل الجنة مع ان يكون فى قلبه مثقال ذرة منه كما قال تعالى { ونزعنا ما فى صدورهم من غل } ويمكن ان يقال معناه ان الكبر مما لو جازى اللّه بادنى مقداره لكان جزاؤه عدم دخول الجنة ولكن تكرم بان لا يجازى به بل يدخل كل موحد الجنة كذا فى شرح المشارق لابن الملك يقول الفقير ان الحديث واقع بطريق التغليظ والتشديد والوجه الثانى للخطابى بعيد لكون جميع الخطايا كذلك فلا معنى حينئذ للتخصيص : قال المولى الجامى جمعست خيرها همه درخانه ونيست ... آن خانه راكليد بغير از فروتنى شرها بدين قياس بيك خانه است جمع ... وانرا كليد نيست بجز مائى ومنى ٧٣ { وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة } حال كونهم { زمرا } جماعات متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم فى الفضل وعلو الطبقة وذلك قبل الحساب او بعده يسيرا او شديدا وهو الموافق لما قبل الآية من قوله { ووضع الكتاب } والسائقون هم الملائكة بامر اللّه تعالى يسوقونهم مساق اعزاز وتشريف بلا تعب ولا نصب بل بروح وطرب للاسراع بهم الى دار الكرامة والمراد المتقون عن الشرك فهؤلاء عوام اهل الجنة وفوق هؤلاء من قال اللّه تعالى فيهم { وازلفت الجنة للمتقين } وفوقهم من قال فيهم { يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا } وفرق بين من يساق الى الجنة وبين من قرب اليه الجنة وفى الحقيقة اهل السوق هم الظالمون واهل الزلفى المقتصدون واهل الوفاء السابقون واعلم انه اذا نفخ فى الصور نفخة الاعادة واستوى كل واحد من الناس على قبره يأتى كل منهم عمله فيقول له قم وانهض الى المحشر فمن كان له عمل جيد يشخص له عمله بغلا . ومنهم من يشخص له عمله حمارا . ومنهم من يشخص له عمله كبشا تراة يحمله وتارة يلقيه وبين يدى كل واحد منهم نور شعشانى كالمصباح وكالنجم وكالقمر وكالشمس بقدر قوة ايمانهم وصلاح حالهم وعن يمينه مثل ذلك النور وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة شديدة يقع فيها الكفار والمرتابون والمؤمن يحمد اللّه تعالى على ما اعطاه من النور ويهتدى به فى تلك الظلمة . ومن الناس من يسعى على قدميه وعلى طرف بنانه قيل لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم كيف يحشر الناس يا رسول اللّه قال ( اثنان على بعير وخمسة على بعير وعشرة على بعير ) وذلك انهم اذا اشتركوا فى عمل يخلق اللّه لهم من اعمالهم بعيرا يركبون عليه كما يبتاع جماعة مطية يتعاقبون عليها فى الطريق فاعمل هداك اللّه عملا يكون لك بعيرا خالصا من الشرك . ومنه يعلم حال التشريك فى ثواب العمل فالاولى ان يهدى من المولى لكل ثواب على حدة من غير تشريك الآخر فيه روى ان رجلا من بنى اسرائيل ورث من ابيه مالا كثيرا فابتاع بستانا فحبسه على المساكين وقال هذا بستانى عند اللّه وفرق دراهم عديدة فى الضعفاء وقال اشترى بها من اللّه جوارى وعبيدا واعتق رقابا كثيرة وقال هؤلاء خدمى عند اللّه والتفت يوما الى رجل اعمى يمشى تارة ويكب اخرى فابتاع له مطية يسير عليها وال هذه مطيتى عند اللّه اركبها قال عليه السلام فى حقه ( والذى نفسى بيده لكأننى انظر اليها وقد جيىء بها اليه مسرجة ملجمة يركبها ويسير بها الى الموقف ) در خير بازست وطاعت وليك ... نه هركس تواناست برفعل نيك { حتى اذا جاؤها } [ تاجون بيايند به بهشت ] { وفتحت ابوابها } اى والحال انه قد فتحت ابوابها الثمانية لئلا يصيبهم وصب الانتظار مع ان دار الفرح والسرور لا تغلق للاضياف والوافدين باب الكرم فان قلت يرد على كون ابواب الجنان مفتحة لهم عند مجيئهم اليها قوله عليه السلام ( انا اول من يستفتح باب الجنة ) قلت قد حصل الفتح المقدم على الوصول بدعوته عليه السلام بالاستفتاح ولو لم يكن دعاؤه قد سبق لما فتحت ثم تبقى الابواب بدعائه مفتوحة الى ان يفرغ من الحساب فاذا جاء اهل الجنة بعد الحساب والصراط يجدونها مفتوحة ببركة دعائه المقدم على ذلك وفى الحديث ( انا اول من يقرع باب الجنة والجنة محرمة على جميع الامم حتى ادخلها انا وامتى الاول فالاول ) يقول الفقير اولية الاستفتاح والقرع تمثيل لاولية الدخول فلا حاجة الى توجيه آخر وعرف كون ابواب الجنة ثمانية بالاخبار كما قال عليه السلام ( ان للجنة لثمانية ابواب ما منها بابان الا بينهما سير الراكب سبعين عاما وما بين كل مصراعين من مصارع الجنة مسيرة سبع سنين ) وفى رواية ( مسيرة اربعين سنة ) وفى رواية ( كما بين مكة وبصرى ) وقيل عرف بواو الثمانية وفيه ان واو الثمانية غير مطردة وقد سبق ما يتعلق بهذه الواو فى آخر سورة التوبة قال بعضهم كون ابواب النار سبعة وابواب الجنة ثمانية لان الجنة منه تعالى فضل والنار عدل والفضل اكثر من العدل والجنة من الرحمة والنار من الغضب والرحمة سابقة وغالبة على الغضب وقيل ليس فى النار الا الجزاء والزيادة فى العذاب جور وفى الثواب كرم وقيل لأن الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان كذلك ابواب جهنم سبعة وابواب الجنة ثمانية فمن اذن واقام غلقت عنه ابواب النيران السبعة وفتحت له ابواب الجنة الثمانية وجواب اذا محذوف اى كان ما كان مما يقصر عنه البيان وقال بعضهم وفتحت جواب اذا والواو زائدة للايذان بأنها كانت مفتحة عند مجيئهم { وقال لهم } اى للمتقين عند دخولهم الجنة { خزنتها } حفظة الجنة رضوان وغيره من الملائكة { سلام عليكم } من جميع المكاره والآلام فهو خبر لا تحية ( وقال الكاشفى ) درود برشما باسلامتى وايمنى لازم حال شما وهذا لعوام اهل الجنة واما لخواصهم فيقول اللّه سلام قولا من رب رحيم فان السلام فى الجنة من وجوه فالسلام الاول وان كان سلام اللّه ولكن بالواسطة والثانى سلام خاص بلا واسطة بعد دخولهم فى الحضرة { طبتم } طهرتم من دنس المعاصى او طبتم نفسا بما ابيح لكم من النعيم واز حضرت مرتضى كرم اللّه وجهه منقولست كه جون بهشتيان بدير بهشت رسند آنجادرختى بينندكه ارزيران دوجشمه بيرون مى آيدبس دريك جشمه غسل كنند ظاهر ايشان باكيزه شود و از ديرى بياشامند باطن ايشان منور ومطهر كردد ودرين حال ملائكة كويند باك شديد بظاهر وباطن { فادخلوها } اى الجنة { خالدين } والفاء للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم سوآء كان طيبا بعفوا وبتعذيب اذ كل منهما مطهر وانما طهر ظاهرهم لحسن اقرارهم واعمالهم البدنية وباطنهم لحسن نياتهم وعقائدهم وفى عرآئس البقلى ذكر اللّه وصف غبطة الملائكة على منازل الاولياء والصديقين وذلك قوله سلام عليكم طبتم اى انتم فى مشاهدة جماله ابدا طيبين بلذة وصاله سالمين عن الحجاب وذلك ان اللّه تعالى قد احسن الى النبيين والمرسلين وافاضل المؤمنين بالمعارف والاحوال والطاعات والاذعان ونعيم الجنان ورضى الرحمن والنظر الى الديان مع سماع تسليمه وكلامه وتبشيره بتأبيد الرضوان ولم يثبت للملائكة مثل ذلك ملائك راجه سوداز حسن طاعت ... جو فيض عشق بر آدم فروريخت ومن آثار العشق كونه مأمورا بالجهاد والصبر على البلايا والمحن والرزايا اى المصائب وتحمل مشاق العبادات لاجل اللّه تعالى وليس للملائكة العشق ولا الابتلاء الذى هو من احكامه وان كانوا يسبحون الليل والنهار لا يفترون فرب عمل يسير أفضل من تسبيح كثير وكم من نائم افضل من قائم وكون اجسادهم من نور واجساد البشر من لحم وشحم ودم لا يفضلهم عليهم فى الحقيقة فان اللّه تعالى لا ينظر الى الصور فرب ماء حياة فى ظلمات ( قال الصائب ) فروغ كوهر من از نزاد خورشيدست ... بتيركى نتوان كرد بايمال مراد ( وقال ) بر بساط بوريا سير دوعالم ميكنيم ... با وجودنى سوارى برق جولانيم ما ٧٤ { وقالوا } وكويند مؤمنان جون به بهشت درايند { الحمد لله } جميع المحامد مخصوص به تعالى { الذى صدقنا وعده } راست كرد باما وعده خود رابه بعث و ثواب قال جعفر الصادق رضى اللّه عنه هو حمد العارفين الذين استقروا فى دار القرار مع اللّه وقوله الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن حمد الواصلين قال سهل رضى اللّه عنه منهم من حمد اللّه على تصديق وعده ومنهم من حمد اللّه لانه يستوجب الحمد فى كل الاحوال لما عرف من نعمه ومالا يعرفه وهو ابلغ لكون حال الخواص { واورثنا الارض } يريدون المكان الذى استقروا فيه من ارض الجنة على الاستعارة وايراثها عطاؤها وتمليكها مخلفة عليهم من اعمالهم او تمكينهم من التصرف فيما فيها تمكين الوارث فيما يرثه وفى التأويلات النجمية صدق وعده للعوام بقوله واورثنا الارض الى آخره وصدق وعده للخواص بقوله للذين احسنوا الحسنى وزيادة وصدق وعده لاخص الخواص بقوله ان المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فنعم اجر العاملين العاشقين { نتبوأ من الجنة حيث نشاء } قال فى تاج المصادر التبوؤكرفتن جاى . اخذ من المباءة وهى المحلة ويتعدى الى مفعول واحد وقال ابو على يتعدى الى مفعولين ايضا انتهى وبوأت له مكانا سويته وهيأته والمعنى بالفارسية جاى ميكريم از بهشت هركجامى خواهيم ونزول و قرار ميكنيم . اى يتبوأ كل واحد منا فى اى مكان اراده من جنة الواسعة لا من جنة غيره على أن فيها مقامات معنوية لا يتمانع واردوها كما قال فى التفسير الكبير قال حكماء الاسلام الجنة نوعان الجنات الجسمانية والجنات الروحانية فالجنات الجسمانية لا تحتمل المشاركة واما الروحانية فحصولها لواحد لا يمنع حصولها لآخرين وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه اللّه اعلم أن الجنة جنتان جنة محسوسة وجنة معنويه والعقل يعقلهما معا كما أن العالم عالمان لطيف وكثيف وغيب وشهادة والنفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم والمعارف من طريق نظرها ونعيم بما تحمله من اللذات والشهوات مما تناله بالنفس الحيوانية من طريق قواها الحسية من اكل وشرب ونكاح ولباس وروائح ونغمات طيبة وجمال حسى فى نساء كاعبات ووجوه حسان والوان متنوعة واشجار وانهار كل ذلك تنقله الحواس الى النفس الناطقة فتلتذ به ولو لم يلتذ الا الروح الحساس الحيوانى لا النفس الناطقة لكان الحيوان يلتذ بالوجه الجميل من المرأة او الغلام بالالوان . واعلم أن اللّه خلق هذه الجنة المحسوسة بطالع الاسد الذى هو الاقليد وبرجه وهو الاسد وخلق الجنة المعنوية التى هى روح هذه الجنة المحسوسة كالجسم والمعقولة كالروح وقواه ولهذا سماها الحق الدار الحيوان لحياتها واهلها يتنعمون فيها حسا ومعنى والجنة ايضا اشد تنعما باهلها الداخلين فيها وكذا تطلب ملئها من الساكنين وقد ورد خبر عن النبى عليه السلام ان الجنة اشتاقت الى بلال وعلى وعمار وسليمان انتهى ما فى التفسير المذكور وفى الخبران الجنان تستقبل الى اربعة نفر صائمى رمضان وتالى القرءآن وحافظى اللسان ومطعمى الجيران يقول الفقير على هذالسر يدور قوله عليه السلام فى حق جبل احد بالمدينة احد يحبنا ونحبه وذلك لأنه ملحق بالجنان كسائر المواضع الشريفة فله الحياة والادراك وان كان خارجا عن دائرة العقل الجزئى وقال فى الاسئلة المقحمة كيف قال حيث نشاء ومعلوم أن بعضهم لا ينزل مكان غيره الا باذن صاحبه والجواب ان هذا وامثاله مبالغات يعبر بها عن احوال السعة والرفاهية ثم قد قيل لا يخلق اللّه فى قلوب اهل الجنة خاطرا يخالف احكامهم التى كانوا مكلفين بها فى دار الدنيا انتهى وفى الكواشى هذه اشارة الى السعة والزيادة على قدر الحاجة لا ان احدا ينزل فى غير منزله وفى فتح الرحمن روى أن امة محمد تدخل اولا الجنة فتنزل حيث تشاء منها ثم يدخل سائر الامم { فنعم اجر العاملين } الجنة يعنى بس نيكوست ثواب فرمان برندكان قال بعض الكبار ما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ولا مكروه الا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها وما من عمل الا وله جنة يقع التفاضل فيها بين اصحابها والتفاضل على مراتب فمنها بالسن ولكن فى الطاعة والاسلام فيفضل كبير السن على صغير السن اذا كانا على مرتبة واحدة من العمل ومنها بالزمان فان العمل فى رمضان وفى يوم الجمعة وفى ليلة القدر وفى عشر ذى الحجة وفى عاشورآء اعظم من سائر الزمان ومنها بالمكان فالصلاة فى المسجد الحرام افضل منها فى مسجد المدينة وهى من الصلاة فى المسجد الاقصى وهى منها فى سائر المساجد ومنها بالاحوال فان الصلاة بالجماعة افضل من صلاة الشخص وحده ومنها بنفس الاعمال فان الصلاة افضل من اماطة الاذى ومنها فى العمل الواحد فالمتصدق على رحمه صاحب صلة رحم وصدقة وكذا من اهدا هدية لشريف من اهل البيت افضل من أن يهدى لغيره او احسن اليه ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد اعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من الجامعين بين صالحات الاعمال والمسارعين الى حسنات الافعال جو از جايكاه دويدن كرو ... نبردى هم افتان وحيران برو كران باد بايان بر فتندتيز ... توبى دست وبا ازنشستن بخيز ٧٥ { وترى الملائكة } يا محمد يوم القيامة بعد أن احياهم اللّه ( وقال الكاشفى ) يعنى وقتى كه در مقعد صدق ورتبه قرب باشى بينى ملائكه را { حافين } محدقين { من حول العرش } اى حوله ومن مزيدة او لابتدآء الحفوف يقال حفوا حوله حفوفا طافوا به واستداروا ومنه الآية اى محيطين بأحفة العرش اى جوانبه وبالفارسية حلقه كرفته كرد عرش وطواف كنند كان بجوانب آن { يسبحون بحمد ربهم } الجملة حال ثانية او مقيدة للاولى اى ينزهونه تعالى عما لا يليق به حال كونهم ملتبسين بحمده ذاكرين له بوصفى جلاله واكرامه تلذذا به يعنى يقولون سبحان اللّه وبحمده به تسبيح نفى ناسراميكنند ازذات الهى وبحمد اثبات صفات سزا ميكنندويراوفيه اشعاربان اعلى الذآئذ هو الاستغراق فى شؤون الحق وصفاته يقول الفقير كما أن العرش يطوفه الملائكة مسبحين حامدين كذلك الكعبة يطوفها المؤمنون ذاكرين شاكرين وسر الدوران أن عالم الوحدة لا قيد فيه ولا جهات كقلب العارف ولما كانت الكعبة صورة الذات الاحدية امر بطوافها ودورانها فالفرق بين الطواف وبين الصلاة ان الطواف اطلاق ظاهرا وباطنا والصلاة قيد ظاهرا واطلاق باطنا وانما قلنا بكونها قيدا فى الظاهر لأنه لا بد فيها من التقييد بجهة من جهات الكعبة { وقضى بينهم } اى بين الخلق { بالحق } بالعدل بادخال بعضهم النار وبعضهم الجنة او بين الملائكة باقامتهم فى منازلهم على حسب تفاضلهم وفى آكام المرجان الملائكة وان كانوا معصومين جميعا فبينهم تفاضل فى الثواب حسب تفاضل اعمالهم وكما أن رسل البشر يفضلون على افراد الامة فى المراتب كذلك رسل الملائكة على سائرهم { وقيل الحمد لله رب العالمين } اى على ما قضى بيننا بالحق وانزل كلامنا منزلته التى هى حقه والقائلون هم المؤمنون ممن قضى بينهم او الملائكة وطى ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم وفى التأويلات النجمية وقضى بينهم بالحق يعنى بين الملائكة وبين الانبياء والاولياء بما اعطى كل فرقة منهم من المراتب والمنازل ما اعطى وقيل يعنى وقال كل فريق منهم الحمد لله رب العالمين على ما انعم علينا به ( وقال الكاشفى ) همجنانكه درابتدآى خلق آسمان زمين شتايش خودفرمودكه الحمد لله الذى خلق السموات والارض بوقت استقرار اهل آسمان وزمين درمنازل خويش همان ستايش كرد تادانندكه درفاتحه وخاتمه مستحق حمدوننا اوست يعنى ينبغى ان يحمد فى اول كل امر وخاتمته درخور ستايش نبود غير توكس ... جاكه ثناييست ترازيبد وبس فاذا كان كل شىء يسبح بحمده فالانسان اولى بذلك لأنه افضل قال بعض العارفين ثنا كونا ثنايابى شكر كونا عطايابى ... رضاده تارضايابى وراجوتا ورايابى وقال عليه السلام اذا انعم اللّه على عبده نعمة فيقول العبد الحمد لله فيقول اللّه انظروا الى عبدى اعطيته ما قدر له فاعطانى مالا قيمة له معناه أن الانعام احد الاشياء المعتادة كأطعام الجائع واروآء العطشان وكسوة العارى وقوله الحمد لله معناه أن كل حمد أتى به احد فهو لله فيدخل فيه محامد ملائكة العرش والكرسى واطباق السماء والانبياء والاولياء والعلماء وما سيذكرونه الى وقت قوله وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين وهى باسرها متناهية وما لا نهاية له مما سيأتونها ابدا الآباد ولذلك قال اعطيته نعمة واحدة لا قدر لها فاعطانى من الكشر مالا حد له قال كعب الاحبار عوالم اللّه تعالى لا تحصى لقوله تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو فهو تعالى مربى الكل بما يناسب لحاله ظاهرا وباطنا نسأل اللّه سبحانه ان يوفقنا لحمده على نعمه الظاهرة والباطنة اولا وآخرا |
﴿ ٠ ﴾