سُورَةُ ”الْمُؤْمِنُونَ“ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَ عَشَرَةَ آيَةً ١ { حم } اسم للسورة ومحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بحم نزلت منزلة الحاضر المشارة اليه لكونها على شرف الذكر والحضور وقال صلّى اللّه عليه وسلّم ( حم اسم من اسماء اللّه تعالى ) وكل اسم من اسماء اللّه تعالى مفتاح من مفاتيح خزآئنه تعالى فمن اشتغل باسم من الاسماء الالهية يحصل بينه وبين هذا الاسم اى بين سره وروحه مناسبة بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة بحسب قوة الاشتغال يحصل بينه وبين مدلوله الحقيقى مناسبة اخرى فحينئذ يتجلى له الحق سبحانه من مرتبة ذلك الاسم ويفيض عليه ما شاء بقدر استعداده وكل اسمائه تعالى اعظم عند الحقيقة وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة فى سور وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بسر بينه وبين حبيبه محمد عليه السلام لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل وذلك ان الحاء والميم هما حرفان من وسط اسم اللّه وهو حمن وحرفان من وسط اسم نبيه وحبيبه محمد عليه السلام فكما أن الحرفين سر اسميهما فهما يشيران الى القسم بسر كان بينهما ان تنزيل الكتاب الخ وقال سهل بن عبد اللّه التسترى رحمه اللّه فى حم الحى الملك وزاد بعضهم بان قال حم فواتح اسمائه الحليم الحميد الحق الحى الحنان الحكيم الملك المنان المجيد ( وقال الكاشفى ) حا اشارت بحكم حق كه خط ومنع ورد بروكشيده نشودوميم امانيست بملك اوكه كرد زوال وفنا كرد سر اوقات آن راه نيابد وقال البقلى الحاء حيا بحياته لا يعتريه الفناء بعد ذلك وينطق من حاء الحياة بعبارة الحكمة ومن ميم المحبة من اشارات العلوم المجهولة مالا يعرفها الا الواردون على مناهل القدم والبقاء وفى شرح حزب البحر حم اشارة الى الحماية ولذلك قال عليه السلام يوم احد ( ليكن شعاركم حم لا ينصرون ) اى بحماية اللّه لا ينصرون اى الاعدآء لأن اللّه تعالى مولى الذين آمنو ولا مولى للكافرين فتحصل العناية بالحماية والحماية من حضرة الافعال ويقال حم الامر بضم الحاء وتشديد الميم اى قضى وقدر وتم ما هو كان او حم امر اللّه اى قرب او يوم القيامة قال قدحم يومى فسر قوم قوم بهم غفلة ونوم قال فى كشف الاسرار حاشارتست بمحبت وميم اشارتست بمنت ميكويد اى بحاى محبت من دوست كشته نه به هنر خود اى بميم منت من مرا يافته نه بطاعت خود اى من ترا دوست كرفته وتومرا نشاخته اى من ترا خواسته وتومرا نادانسته اى من ترابوده وتومرا بوده صدهزاركس بردركاه مايستاده مارا خواستندودعاها كردند بايشان التفات نكرديم وشمارا اى امت احمد بى خواست شما كفت اعطيتكم قبل ان تسألونى واجبتكم قبل ان تدعونى وغفرت لكم قبل ان تستغفرونى آن رغبت وشوق انبياء كذشته بتوتا خليل مى كفت واجعل لى لسان صدق فى الآخرين وكليم ميكفت اجعلنى من امة محمد نه ازان بودكه افعال توبا ايشان شرح داديم كه اكر افعال شما بايشان كفتيم همه دامن ازشما درجيدندى ليكن ازان بودكه افضال وانعام خود باشما ايشانرا شرح داديم بيش زشما وهركرا بر كزيديم يكان يكان بركزيديم جنانكه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران جون نوبت شمارا رسيد على العموم والشمول كفتيم كنتم خير امة همه بركزيد كان ما آيد جاى ديكر كفت اصطفينا من عبادنا درتحت اين خطاب هم زاهد وهم عابداست هم ظالم وهم مظلوم ( روى ) موسى عليه السلام قال يا رب هل اكرمت احد مثل ما اكرمتنى اسمعتنى كلامك فقال تعالى ان لى عبادا اخرجهم فى آخر الزمان واكرمهم بشهر رمضان وانا اكون اقرب اليهم منك فانى كلمتك بينى وبينك سبعون الف حجاب فاذا صامت امة محمد وابيضت شفاههم واصفرت الوانهم ارفع تلك الحجب وقت افطارهم روزى كه سرازبرده برون خواهى كرد ... دانم كه زمانه رازبون خواهى كرد كرزيب وجمال ازين فزون خواهى كرد ... يارب جه جكر هاست كه خون خواهى كرد يا موسى طوبى لمن عطش كبده وجاع بطنه فى رمضان فانى لا اجازيهم دون لقائى وخلوف فمهم عندى اطيب من ريح المسك ومن صام يوما استوجب مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال موسى اكرمنى بشهر رمضان قال تعالى هذا لامة محمد عليه السلام فانظر لاكرامه تعالى وحمايته لهذه الامة المرحومة فانها بين الامم بهذه الكرامة موسومة بل كلها منها محرومة ٢ { تنزيل الكتاب } خبر بعد خبر على أنه مصدر اطلق على المفعول اى المنزل مبالغة { من اللّه } صلة للتنزيل والاظهر ان تنزيل مبتدأ ومن اللّه خبره فيكون المصدر على معناه وقوله من اللّه اى لا كما يقوله الكفار من انه اخلتقه محمد { العزيز العليم } لعل تخصيص الوصفين لما فى القرءآن من الاعجاز وانواع العلم الدالين على القدرة الكاملة والعلم البالغ وفى فتح الرحمن العزيز الذى لا مثل له العليم بكل المعلومات ( وقال الكاشفى ) العزيز خداى تعالى غالب كه قادراست به تنزل آن العليم دانا بهرجه فرستاد بهركس درهر وقت ٣ { غافر الذنب } صفة اخرى للجلالة والاضافة حقيقية لأنه لم يرد به زمان مخصوص لأن صفات اللّه ازلية منزهة عن التجدد والتقيد بزمان دون زمان وان كان تعلقها حادثا بحسب حدوث المتعلقات كالذنب فى هذا المقام واسم الفاعل يجوز ان يراد به الاستمرار بخلاف الصفة المشبهة والغافر الساتر والذنب الاثم يستعمل فى كل فعل يضر فى عقباه اعتبارا بذنب الشىء اى آخره ولم يقل غافر الذنوب بالجمع ارادة للجنس كما فى الحمد لله والمعنى ساتر جمع الذنوب صغائرها وكبائرها بتوبة وبدونها ولا يفضح صاحبها يوم القيامة كما يقتضيه مقام المدح العظيم { وقابل التوب } القبول بذيرفتن والقابل الذى يستقبل الدلو من البئر فياخذها والقابلة التى تقبل الولد عند الولادة وقبلت عذره وتوبة وغير ذلك والتوب مصدر كالتوبة وهو ترك الذنب على احد الوجوه وهو ابلغ وجوه الاعتذار فان الاعتذار على ثلاثة اوجه اما ان يقول المعتذر لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا او فعلت واسأت وقد اقلعت ولا رابع لذلك وهذ الثالث هو التوبة والتوبة فى الشرع هو ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعادة وتدارك ما امكنه ان يتدارك من الاعمال بالاعادة فمتى اجتمعت هذه الاربعة فقد كملت شرآئط التوبة فالتوبة هى الرجوع عما كان مذموما فى الشرع الى ما هو محمود فى الدين والاستغفار عبارة عن طلب المغفرة بعد رؤية قبح المعصية والاعراض عنها فالتوبة مقدمة على الاستغفار والاستغفار لا يكون توبة بالاجماع ما لم يقل معه تبت واسأت ولا اعود اليه ابدا فاغفر لى يا رب وتوسيط الواو بين الغافر والقابل لافادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة فى موصوف واحد بالنسبة الى طائفة هى طائفة المذنبين التأئبين فالمغفرة بمحو الذنوب بالتوبة والقبول بجعل تلك التوبة طاعة مقبولة يثاب عليها فقبول التوبة كناية عن انه تعالى يكتب تلك التوبة للتائب طاعة من الطاعات والا لما قبلها لأنه لا يقبل الا ما كان طاعة او لتغاير الوصفين اذ ربما يتوهم الاتحاد بان يذكر الثانى لمجرد الايضاح والتفسير او لتغاير موقع الفعلين ومتعلقهما لأن الغفر هو الستر مع بقاء الذنب وذلك لمن لم يتب من اصحاب الكبائر فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له والقبول بالنسبة الى التائبين عنها وفى الاسئلة المقحمة قدم المغفرة على التوبة ردا على المعتزلة ليعلم انه تعالى ربما يغفر من غير توبة ( وفى كشف الاسرار ) توبه مؤخر آمد وغفران مقدم بر مقتضاى فضل وكرم اكر من كفتى توبه بذيرم بس كناه آمرزم خلق بنداشتنديكه تاز بنده توبه نبود از اللّه مغفرت نيايد نخست بيامرزم وآنكه توبه بذيرم تا عالميان دانند جنانكه بتوبه آمرزم اكر توبه مقدم غفرن بودى توبه علت غفران بودى وغفران مارا علت نيست وفعل ما بحيله نيست نخست بيامرزم و بزلال افضال بنده راباك كردانم تا جون قدم بربساط مانهدبرياكىنهدجون كرماآيدبصفت باكى آيدهمانست كه جاى ديكر كفت ثم تاب عليهم ليتوبوا غافرم آن عاصى راكه توبه نكرد قابلم آنراكه توبه كرد مراد از غفران ذنب درين موضع غفران ذنب غير تائبست بدليل آنكه واو عطف درميان آورد ومعطوف ديكرباشد ومعطوف عليه ديكر ليكن هر دورا حكم يكسان باشد جنانكه كويى جاءنى زيد و عمرو زيد ديكرست وعمرو ديكر لكن هر دورا حكم يكيست درآمدن اكر حكم مخالف بودى عطف خطا بودى واكر هر دويكى بودى هردوغلط بودى { شديد العقاب } اسم فاعل كما قبله مشدد العقاب كأن ذين بمعنى مؤذن فصح جعله نعتا للمعرفة حيث يراد به الدوام والثبوت وليس بصفة مشبهة حتى تكون الاضافة لفظية بان يكون من اضافة الصفة الى فاعلها ولئن سلم فالمراد الشديد عقابه باللام فحذفت للازدواج مع غافر الذنب وقابل التوب فى الخلو عن الالف واللام ( قال فى كشف الاسرار ) اول صفت خود كرد وكفت غافر الذنب وقابل التوب وصفت او محل تصرف نيست بذيرنده تغيير وتبديل نيست بس جون حديث عقوبت كرد شديد العقاب كفت شديد صفت عقوبت نهاد وعقوبت محل تصرف هست وبذيرنده تبديل وتغيير هست كفت سخت عقوبتهم لكن اكر خواهم سست كنم وآنرا بكردانم كه دران تصرف كنجد تغيير وتبديل بذيرد { ذى الطول } الطول بالفتح الفضل يقال لفلان على فلان طول اى زيادة وفضل واصل هذه الكلمة من الطول الذى هو خلاف القصر لأنه اذا كان طويلا ففيه كمال وزيادة كما انه اذا كان قصيرا ففيه قصور ونقصان وسمى الغنى ايضا طولا لأنه ينال به من المرادات مالا ينال عند الفقر كما أنه بالطول ينال ما لا ينال بالقصر كذا فى تفسير الامام فى سورة النساء والمراد ههنا الفضل بترك العقاب المستحق وايراد صفة واحدة فى جانب الغضب بين صفات الرحمة دليل سبقها ورجحانها وفى عرآئس البقلى غافر الذنب يستر ذنوب المؤمنين بحيث ترفع عن ابصارهم حتى ينسوها ويقبل عذرهم حين افتقروا اليه بنعت الاعتذار بين يديه شديد العقاب لمن لا يرجع الا المآب بان عذبه بذل الحجاب ذى الطول لاهل الفناء بكشف الجمال وفى الوسيط نقلا عن ابن عباس رضى اللّه عنهما غافر الذنب لمن يقول لا اله الا اللّه وهم اولياؤه واهل طاعته وقابل التوب من الشرك شديد العقاب لمن لا يوحده ذى الطول ذى الغنى عمالا يوحده ولا يقول لا اله الا اللّه ( وفى كشف الاسرار ) سنت خداوندست بنده رابآ يت وعيد ترساند تابنده دران شكسته وكوفته كردد سوزى وكذارى دربندكى بنمايدزارى وخوارى برخودنهد آنكه رب العزة بنعت رأفت ورحمت بآيت وعد تدارك دل وى كند وبفضل و رحمت خود اورا بشارت دهد بنده درسماع شديد العقاب بسوزد و بكدازد و بزبان انكسار كويد. برزآب دوديده و بر آتش جكرم ... برباد دودستم و بر از خاك سرم باز در سماع ذى الطول بنازد ودل بيفروزد بزبان افتخار كويد جه كند عرش كه اوغاشية من نكشد ... جون بدل غاشية حكم قضاى توكشم ابو بكر الشبلى قدس سره يكروز جون مبارزان دست اندازان همى رفت ومى كفت لوكان بينى وبينك بحار من نار لخضتها اكر درين راه صدر هزار درياى آتشست همه بديده كذاره كنم و باك ندارم ديكر روز اورا ديدندكه مى آمد سرفرو افكنده جون محرومى درمانده نرم ميكفت المستغاث منك بك فرياد از حكم توزنهار از قهر تونه باتوامر آرام نه بى توكارم بنظام نه روى آنكه بازآيم نه زهره آنكه بكريزم وكرباز آيم همى نه بينم جاهى ... وربكريزم همى نه دانم راهى كفتند اى شبلى آن دى جه بود امر وزجيست كفت آرى جغدكه طاوس رانه بيندلاف جمال زند لكن جغد جغدست وطاوس طاوس { لا اله الا هو } هيج خداى نيست كه مستحق برستش باشد مكروا فيجب الاقبال الكلى على طاعته فى اوامره ونواهيه { اليه } تعالى فحسب لا الى غيره لا استقلالا ولا اشتراكا { المصير } اى رجوع الخلق فى الآخرة فيجازى كلا من الطيع والعاصى وفى التأويلات النجمية غافر الذنب لاوليائه بان يتوب عليهم وقابل التوب بان يوفقهم للاخلاص فى التوبة لأنهم مظاهر صفات لطفه شديد العقاب لمن لا يؤمن ولا يتوب لانهم مظاهر صفات قهره ذى الطول لعموم خلقه بالايجاد من العدم واعطاء الحياة والرزق وايضا غافر الذنب لظالمهم وقابل التوب لمقتصدهم شد العقاب لمشركهم ذى الطول لسابقهم ولما كان من سنة كرمه ان سبقت رحمته غضبه غلبت ههنا اسامى صفات لطفه على اسم صفة قهره بل من عواطف احسانه ومراحم طوله وانعامه عل اسم صفة قهره بين ثلاثة اسماء من صفات لطفه فصار مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فاذا هبت رياح العناية من مهب الهداية وتموج البحران فيتلاشى البرزخ باصطكاك البحرين ويصير الكل بحرا واحدا وهو بحر لا اله الا هو اليه المصير فاذا كان اليه المصير فقد طاب المسير عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه دوستى داشت باوى برادر كفته دردين مردى عاقل بارسار ومتعبد رفتى آن دوست بشام بودوكسى از نزديك وى آمده بود عمر رضى اللّه عنه حال آن دوست ازوى بر سيد كفت جه ميكندان برادرما وحال وى جيست اين مرد كفت او برادر ابليس است نه برادر تو يعنى كه فترنى درراه وى آمده وسرنهاده درخمر و زمرو انواع فساد عمر كفت جون بازكردى مراخبركن تابوى نامه نويسم بس اين نامه نوشت بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه عمر الى فلان ابن فلان سلام عليك انى احمد اليك اللّه الذى لا اله الا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذالطول لا اله الا هو اليه المصير جون آن نامه بوى رسيد صدق اللّه ونصح عمر كلام خدارا ستست ونصيحت عمر نبكو بسيار بكريست وتوبه كرد وحال وى نيكوشد بعد ازان عمر ميكفت هكذا افعلوا باخيكم اذا زاغ سددوه ولا تكونوا عليه عونا للشيطان وفيه اشارة الى انه لا يهجر الاخ بذنب واحد بل ينصح ٤ { ما يجادل فى آيات اللّه } الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ومعنى المفاوضة بالفارسية كارى راندن باكسى واصله من جدلت الحبل احكمت فتله فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه قال ابو العالية نزلت فى الحارث ابن قيس احد المستهزئين يعنى از جمله مستهزيان بود وسخت خصومت بباطل درانكار وتكذيب قرآن والمعنى ما يخاصم فى آيات اللّه بالطعن فيها بان يقول فى حقها سحرا وشعرا واساطير الاولين او نحو ذلك وباستعمال المقدمات الباطلة لادحاضه وازالته وابطاله لقوله تعالى وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فحمل المطلق على المقيد واريد الجدال بالباطل { الا الذين كفروا } بها واما الذين آمنوا فلا يخطر ببالهم شائبة شهة منها فضلا عن الطعن فيها واما الجدال فيها لحل مشكلاتها واستنباط حقائقها وابطال شبه اهل الزيغ والضلال فمن اعظم الطاعات كجهاد فى سبيل اللّه ولذلك قال عليه السلام ان جدالا فى القرءآن كفر بتنكير جدالا الدال على التنويع للفرق بين جدال وجدال ومما حرره حضرة شيخى وسندى فى مجموعة من مجموعات هذا الفقير فى ذيل هذه الآية قوله فكفار الشريعة يجادلون فى آيات القرءآن الرسمى فيكون جدالهم رسميا لكونه فى الآيات الرسمية فهم كفار الرسوم كما انهم كفار الحقائق وكفار الحقيقة يجادلون فى آيات القرءآن الحقيقى فيكون جدا لهم حقيقيا لكونه فى الآيات الحقيقية فهم كفار الحقائق فقط لا كفار الرسوم فعليك يا ولدى الحقى سمى الذبيح بترك الكفر والجدال مطلقا حتى تكون عند اللّه وعند الناس مؤمنا حقا ومسلما صدقا هذا سبيل الصواب والرشاد واليه الدعوة والارشاد وعلينا وعليكم القبول والاسترشاد وهو الفرض الواجب على جميع العباده انتهى { فلا يغررك تقلبهم فى البلاد } الفاء جواب شرط محذوف والغرة غفلة فى اليقظة والتقلب بالفارسية كرديدن قال فى المفردات التقلب التصرف والبلاد شهرها قال الراغب البلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه واقامتهم فيه وجمعه بلاد وبلدان والمعنى فاذا علمت انهم محكوم عليهم بالكفر فلا يغررك امهالهم واقبالهم فى دنياهم وتقلبهم فى بلاد الشام واليمن للتجارات المربحة وهى رحلة الشتاء والصيف يعنى بدل مبارك ايشانرا فرصتى ومهلتى هست فانهم مأخوذون عما قريب بسبب كفرهم اخذ من قبلهم من الامم كما قال كذبت الخ قال فى عين المعانى فلا يغررك ايها المغرور والمراد غيره صلى اللّه تعالى عليه وسلم خطاب للمقلدين من المسلمين انتهى وفى الآية اشارة الى أن اهل الحرمان من كرامات اولياء اللّه وذوق مشاربهم ومقاماتهم يصرون على انكارهم تخصيص اللّه عباده بالآيات ويعترضون عليهم بقلوبهم فيجادلون فى جحد الكرامات وسيفتضحون كثيرا ولكنهم لا يميزون بين رجحانهم ونقصانهم فلا يغررك تقلبهم فى البلاد لتحصيل العلوم فان تحصيل العلوم اذا كان مبنيا على الهوى والميل الى الدنيا فلا يكون له نور يهتدى به الى ما خصص به عباده المخلصين ( قال المولى الجامى ) بيجاره مدعى كند اظهار علم وفضل ... نشاخته قبول ودرجي ازردى ٥ { كذبت قبلهم } اى قبل قريش { قوم نوح والاحزاب من بعدهم } اى الذين تحزبوا على الرسل وعادوهم وحاربوهم بعد قوم نوح مثل عاد وثمود واضرابهم وبدأ بقوم نوح اذ كان اول رسول فى الارض لان آدم انما ارسل الى اولاده { وهمت } قصدت عند الدعاء والهم عقد القلب على فعل شىء قبل ان يفعل من خير أو شر { كل امة } من تلك الامم المعاتبة { برسولهم } قال فى الاسئلة المقحمة لم يقل برسولها لأنه اراد بالامة ههنا الرجال دون النساء وبذلك فسروه وقال فى عين المعانى برسولهم تغليب للرجال { ليأخذوه } من الاخذ بمعنى الاسر والاخيذ الاسير اى ليأسروه ويحبسوه ليعذبوه او يقتلوه وبالفارسية تابكيرندا اورا وهرآزاركه خواهند بوى رسانند وفيه اشارة الى ان كل عصر يكون فيه صاحب ولاية لا بد له من ارباب الجحود والانكار واهل الاعتراض كما كانوا فى عهد كل نبى ورسول { وجادلوا } وخصومت كردند با بيغمبران خود { بالباطل } الذى لا اصل ولا حقيقة له اصلا قال فى فتح الرحمن الباطل ما كان فائت المعنى من كل وجه مع وجود الصورة اما لانعدام الاهلية او لانعدام المحلية كبيع الخمر وبيع الصبى { ليدحضوا به الحق } اى ليزيلوا بذلك الباطل الحق الذى لا محيد عنه كما فعل هؤلاء { فاخذتهم } بالاهلاك جزآء لهمهم بالاخذ { فكيف كان عقاب } اى عقابى الذى عاقبتهم به فان آثار دمارهم كما ترونها حين تمرون على ديارهم عبرة للناظرين ولآخذن هؤلاء ايضا لاتحادهم فى الطريقة واشتراكهم فى الجريمة كما ينبىء عنه قوله ٦ { وكذلك حقت كلمة ربك } اى كما وجب وثبت حكمه تعالى وقضاؤه بالتعذيب على اولئك الامم المكذبة المتحزبة على رسلهم المجادلة بالباطل لادحاض الحق به وجب ايضا { على الذين كفروا } اى كفروا ربك وتحزبوا عليك وهموا بما لم ينالوا فالمصول عبارة عن كفار قومه عليه السلام وهم قريش لا عن الامم المهلكة { انهم اصحاب النار } فى حيز النصب بحذف لام التعليل وايصال الفعل اى لأنهم مستحقوا اشد العقوبات وافظعها التى هى عذاب النار وملازموها ابدا لكونهم كفارا معاندين متحزبين على الرسول عليه السلام كدأب من قبلهم من الامم المهلكة فهم لسائر فنون العقوبات اشد استحقاقا واحق استيجابا فعلة واحدة تجمعهم وهى انهم اصحاب النار وقيل هو فى محل الرفع على أنه بدل من كلمة ربك بدل الكل والمعنى مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من اصحاب النار اى كما وجب اهلاكهم فى الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار فى الآخرة فالتشبيه واقع حالتيهم والجامع للطرفين ايجاب العذاب ومحل الكاف على التقديرين النصب على انه نعت لمصدر محذوف فى الآية اشارة الى ان الاصرار مؤدى الى الاخذ والانتقام فى الدنيا والآخرة فعلى العاقل ان يرجع الى اللّه ويتوب ويتعظ بغيره قبل ان يتعظ الغير به جوبر كشته بختى درافتد به بند ... ازونيك بختان بكيرند بند توبيش از عقوبت درعفوت كوب ... كه سودى ندارد فغان زيرجوب عصمنا اللّه واياكم من اسباب سخطه ٧ { الذين يحملون العرش } العرش هو الجسم المحيط بجميع الاجسام سمى به لارتفاعه او للتشبيه بسرير الملك فى ممكنه عليه عند الحكم لنزول احكام قضائه وقدره منه ولا صورة ولا جسم ثمة وهو الفلك التاسع خلقه اللّه من جوهرة حضرآء وبين القائمتين من قوآئمه خفقان الطير المسرع ثمانين الف عام والمراد أن حملة العرش افضل كما ان خادم اشرف الكائنات مطلقا وهو جبرآئيل الخادم للنبى عليه السلام اشرف وفى الحديث ان اللّه امر جميع الملائكة ان يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائرهم وهم اربعة من الملائكة يسترزق احدهم لبنى آدم وهو فى صورة رجل والثانى للطيور وهو فى صورة نسر والثالث للبهائم وهو فى صورة ثور والرابع للسباع وهو فى صورة اسد وبينهم وبين العرش سبعون حجابا من نور واذا كان يوم القيامة يكون حملته ثمانية دل عليه قوله تعالى { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } وفى بعض الروايات كلهم فى صورة الاوعال والعرش على قرونهم او على ظهورهم لما اخرجه الترمذى وابو داود فى حديث طويل آخره ( ثم فوق السابعة بحر بين اعلاه واسفله كما بين سماء الى سماء وفوق ذلك ثمانية اوعال بين اظلافهن وركبهن ما بين سماء الى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين اسفله واعلاه مثل ما بين سماء الى سماء ) وفى الحديث ( اذن لى ربى ان احدث عن ملك من حملة عرشه ما بين شحمة اذن الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ) وروى ان حملة العرش ارجلهم فى الارض السفلى ورؤسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم اشد خوفا من اهل السماء السابعة وكل اهل سماء اشد خوفا من اهل السماء التى دونها قال ابن عباس رضى اللّه عنهما لما خلق اللّه تعالى حملة العرش قال لهم احملوا عرشى فلم يطيقوا فخلق كل ملك من اعوانهم مثل جنود من فى السموات والارض من الملائكة والخلق فلم يطيقوا فخلق مثل ما خلق عدد الحصى والثرى فلم يطيقوا فقال جل جلاله قولوا لا حول ولا قوة الا باللّه فلما قالوا استقلوا العرش فنفذت اقدامهم فى الارض السابعة على متن الثرى فقال ابن عباس رضى اللّه عنهما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( لا تتفكروا فى عظمة ربكم ولكن تفكروا فى خلقه فان خلقا من الملائكة يقال له اسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه فى الارض السفلى فانه ليتضاءل من عظمة اللّه حتى يصير كالوصع ) وهو بالصاد المهملة الساكنة وتحرك طائر أصغر من العصفور كما فى القاموس وان اللّه خلق العرش من جوهرة خضرآء له ألف ألف رأس وستمائة ألف رأس فى كل رأس ألف ألف وستمائة ألف لسان يسبح بالف الف لغة ويخلق اللّه بكل لغة من لغات العرش خلقا فى ملكوته يسبحه ويقدسه بتلك اللغة والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من نور لا يستطيع ان ينظر اليه خلق من خلق اللّه والاشيا كلها فى العرش كحلقة ملقاة فى فلاة واحتجب اللّه بين العرش وحامليه سبعين حجابا من نار وسبعين حجابا من ماء وسبعين حجابا من ثلج وسبعين حجابا من در ابيض وسبعين حجابا من زبرجد أخضر وسبعين حجابا من ياقوت احمر وسبعين من نور وسبعين من ظلمة ولا ينظر احدهم الى العرش مخافة ان يصعق يقول الفقير دل ما ذكر من الرويات على ان حملهم اياه اى العرش محمول على حقيقته وليس بمجاز عن حفظهم وتدبيرهم كما ذهب اليه بعض المفسرين ولعمرى كونه مع سعة دآئرته وعظم محله على قرون الملائكة او على ظهورهم او على كواهلهم ادل على كمال عظمة اللّه وجلال شأنه فالملائكة الاربعة اليوم والثمانية يوم القيامة كالاسطوانات له فكما أن القصر محمول على الاسطوانات فكذا العرش محمول على الملائكة فلا ينافى ذلك ما صح من قوآئمه وكونه بحيث يحيط الاجسام لانه يجوز ان يكون معلقا فى الحقيقة وان الملائكة تحمله بالكلية { ومن حوله } فى محل الرفع بالعطف على قوله الذين وحول الشىء جانبه الذى يمكنه أن يحول اليه ومحل الموصول الرفع على الابتدآء خبره قوله { يسبحون بحمد ربهم } اى ينزهونه تعالى عن كل مالا يليق بشأنه الجليل ملتبسين بحمده على نعمائه التى لا تتناهى وفى فتح الرحمن يقولون سبحان ذى العزة والجبروت سبحان ذى الملك والمكوت سبحان الملك الحى الذى لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح وجعل التسبيح اصلا والحمد حالا لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح لأنه انما يحتاج اليه لعارض الرد على من يصفه بما لا يليق به قيل حول العرش سبعون الف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ومن ورآئهم سبعون ألف صف قياما قد وضعوا ايديهم على عواتقهم رافعين اصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورآئهم سبعون ألف صف قياما قد وضعوا ايديهم على عواتقهم رافعين اصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورائهم مائة ألف صف قد وضعوا أيمانهم على شمائلهم ما منهم احد الا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر وما ورآءهم من الملائكة لا يعلم حدهم الا اللّه ما بين جناحى احدهم مسيرة ثلاثمائة عام درمعالم از شهر بن حوشب نقل ميكندكه حمله عرش هشت اند جهار ميكويند سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك وكوييا ايشان بنسبت كرم الهى باذنوب بنى آدم ابن كلمات ميكويند وفى بعض التفاسير كأنهم يرون ذنوب بنى آدم وفى هذه الكلمات فوآئد كثيرة بيرطريقت ابو القاسم بشر ياسين كه از جمله مشاهير علما ومشايخ دهر بود شيخ ابو السعيد الخير را كفت اين كلمات ازماياد كيرو ييوسته ميكوى ابو سعيد كفت اين كلمات يادكر فتم وييوسته ميكفتم وازان منتفع شدم { ويؤمنون به } اى بربهم ايمانا حقيقا بحالهم والتصريح به مع اغنياء ما قبله عن ذكره لاظهار فضيلة الايمان وابراز شرف اهله وقد قيل اوصاف الاشراف اشراف الاوصاف يقول الفقير اشار بالايمان الى انهم فى مرتبة الادراك بالبصائر محجوبون عن ادراكه تعالى بالابصار كحال البشر ما داموا فى موطن الدنيا واما فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة ويراه المؤمنون من البشر فى الدنيا بالبصائر وفى الآخرة بالابصار لأن قوله لا تدركه الابصار قد استثنى منه المؤمنون فبقى على عمومه فى الملائكة والجن وذلك لأن استعداد الرؤية انما هو لمؤمنى البشر لكمالهم الجامع { ويستغفرون للذين آمنوا } استغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة والهامهم ما يوجب المغفرة وفيه اشعار بأنهم يطلعون على ذنوب بنى آدم وتنبيه على ان المشاركة فى الايمان توجب النصح والشفقة وان تخالفت الاجناس لانها اقوى المناسبات واتمها كما قال تعالى { انما المؤمنون اخوة } ولذلك قال الفقهاء قتل الاعوان والسعادة والظلمة فى الفترة مباح وقاتلهم مثاب وان كانوا مسلمين لأن من شرط الاسلام الشفقة على خلق اللّه والفرح بفرحهم والحزن بحزنهم وهم على عكس ذلك وقلما يندفع شرهم بالحبس ونحوه قال الامام قد ثبت أن كمال السعادة مربوط بامرين التعظيم لامر اللّه والشفقة على خلق اللّه ويجب ان يكون الاول مقدما على الثانى فقوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به مشعر بالتعظيم لامر اللّه ويستغفرون للذين آمنوا بالشفقة على خلق اللّه انتهى قال مجاهد يسألون ربهم مغفرة ذنوب المؤمنين من حين علموا امر هاروت وماروت او لقولهم اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال الراغب المغفرة من اللّه ان يصون العبد عن ان يمسه العذاب والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال فان الاستغفار بالمقال فقط فعل الكاذبين ثم لا يلزم من الآية افضلية الملائكة على البشر حيث اشتغلوا بالاستغفار للمؤمنين من غير أن يتقدم الاستغفار لانفسهم لاستغنائهم وذلك لأن هذا بالنسبة الى عوام المؤمنين واما خواصهم وهم الرسل فهم افضل منهم على الاطلاق وانما يصلون عليهم بدل الاستغفار لهم تعظيما لشأنهم ونعم ما قال ابو الليث رحمه اللّه فى الآية بيان فضل المؤمنين لأن الملائكة مشتغلون بالدعاء لهم وفى التأويلات النجمية يشير الى أن الملائكة كما امروا بالتسبيح والتحميد والتمجيد لله تعالى فكذلك امروا بالاستغفار والدعاء لمذنبى المؤمنين لأن الاستغفار للمذنب ويجتهدون فى الدعاء لهم فيدعون لهم بالنجاة ثم برفع الدرجات كما قال { ربنا } على ارادة القول اى يقولون ربنا على انه بيان الاستغفارهم او حال اى قائلين { وسعت كل شىء رحمة وعلما } نصب على التمييز والاصل وسعت رحمتك وعلمك لا ذاتك لامتناع المكان فى حقه فازيل عن اصله للاغراق فى وصفه بالرحمة والعلم كأن ذاته رحمة وعلم واسعان كل شىء وتقديم الرحمة وان كان العلم اشمل واقدم تعلقا من الرحمة لأنها المقصودة بالذات ههنا وفى عين المعانى ملأت كل شىء نعمة وعلما به يقول الفقير دخل فى عموم الآية الشيطان ونحوه لأن كل موجود فله رحمة دنيوية ألبتة واقلها الوجود وللشيطان انظار الى يوم الدين ويكون من الرحمة الدنيوية الى غير ذلك { فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } الفاء لترتيب الدعاء على ما قبلها من سعة الرحمة والعلم فما بعد الفاء مسبب عن كل واحد من الرحمة والعلم اذ المعنى فاغفر للذين علمت منهم التوبة من الكفر والمعاصى واتباع سبيل الايمان والطاعة وفيه اشارة الى أن الملائكة لا يستغفرون الا لمن تاب ورجع عن اتباع الهوى واتبع بصدق الطلب وصفاء النية سبيل الحق تعالى وفى الاسئلة المقحمة قوله فاغفر الخ صيغة دالة على أن الشفاعة للتائبين والجواب ان الشفاعة للجميع ولكن لما كانت حاجة التائب اليها اظهر قرنوه بالذكر ثم لا يجب على اللّه قبول توبة التائب عندنا انتهى والاظهر ان التخصيص للحث على التوبة والاتباع وهو اللائح بالبال ومن اعجب ما قيل فى هذا المقام قول البقلى فى تأويلاته عجبت من رحمة الملائكة كيف تركوا المصرين على الذنوب عن استغفارهم هذه قطعة زهد وقعت فى مسالكم اين هم من قول سيد البشر عليه السلام حين اذاه قومه اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون عمموا الاشياء بالرحمة ثم خصوا منها التائبين يا ليب لو بقوا على القول الاول وسألوا الغفران لمجموع التائبين والعاصين انتهى يقول الفقير العاصى اما مؤمن او كافر والثانى لا تتعلق به المغفرة لانها خاصة بالمؤمنين مطلقا فلما علم الملائكة ان اللّه لا يغفر ان يشرك به خصوها بالتائبين ليخرج المشركون { وقهم عذاب الجحيم } امر من وقى يقى وقاية وهى حفظ الشىء مما يؤذيه ويضره اى واحفظهم من عذاب جهنم وهو تصريح بعد اشعار للتأكيد وذلك لأن معنى الغفران اسقاط العذاب وفيه اشارة الى أنه بمجرد التوبة لا تحصل النجاة فلا بد من الثبات عليها وتخليص العمل من شوب الرياء والسمعة وتصفية القلب عن الاهوآء والبدع ٨ { ربنا وادخلهم } عطف على قهم ووسيط الندآء بينهما للمبالغة فى الجؤار وهو رفع الصوت بالدعاء والتضرع والاستغاثة { جنات عدن } در بوستانهاى اقامت { التى وعدتهم } اى وعدتهم اياها وقد وعد اللّه بان يدخل من قال لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه جنات عدن اما ابتدآء أو بعد ان يعذبهم بقدر عصيانهم وروى أن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه قال لكعب الاحبار ما جنات عدن قال قصور من ذهب فى الجنة يدخلها النبيون وائمة العدل فعلى هذا يكون جنات عدن موضع اهل الخصوص لا اهل العموم ومثلها الفردوس اذ لكل مقام عمل يخص به فاذا كان العمل اخص وارفع كان المقام ارقى واعلى { ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم } فى محل النصب عطف على الضمير فى و { ادخلهم } والمعنى وادخل معهم من صلح من هؤلاء صلاحا مصححا لدخول الجنة فى الجملة وان كان دون صلاح اصولهم وذلك ليتم سرورهم ويتضاعف ابتها جهم وفيه اشارة الى ان بركة الرجل التائب تصل الى آبائه وازواجه وذرياته لينالوا بها الجنة ونعيمها قال سعيد ابن جبير يدخل المؤمن الجنة فيقول اين ابى أين ولدى اين زوجى فيقال انهم لم يعملوا مثل عملك فيقول انى كنت اعمل لى ولهم فيقال ادخلوهم الجنة اميد است از آنان كه طاعت كنند كه بى طاعتا نرا شفاعت كنند وعن انس بن مالك رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( اذا كان يوم القيامة نودى فى اطفال المسلمين ان اخرجوا من قبوركم فيخرجون من قبورهم فينادى فيهم ان امضوا الى الجنة زمرا فيقولون يا ربنا ووالدينا معنا فينادى فيهم الثانية ان امضوا الى الجنة زمرا ووالدينا معنا فيبتسم الرب تعالى فيقول ووالديكم معكم فيثب كل طفل الى ابويه فيأخذون بايديهم فيدخلونهم الجنة فهم اعرف بآبائهم وامهاتهم يومئذ من اولادكم الذين فى بيوتكم ) وفى الواقعات المحمودية نقلا عن حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره من كان من اهل الجنة وزوجته لم تكن كذالك يخلق اللّه تعالى مثل زوجته فى الجنة فيتسلى بها فان قلت كيف يكون التسلى بمثلها قلت لا يعلم انها مثلها فلو ظن انها مثلها لاعبنها لا يتسلى بل يحزن والجنة دار السرور لا دار الحزن ولذلك ارسل آدم عليه السلام الى لدنيا لئلا يحزن فى الجنة { انك انت العزيز } الغالب الذى لا يمتنع عليه مقدور يعنى ازهيج مقدور عاجزنشوى { الحكيم } الذى لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة الباهرة من الامور التى من جملتها انجاز الوعد والوفاء به وفى التأويلات النجمية انت العزيز تعز التائبين وتحبهم وان اذنبوا الحكيم فيما لم تعصم محبيك عن الذنوب ثم تتوب عليهم زمن سر زحكمت بدرمى برم ... كه حكمت جنين ميرود بر سرم ٩ { وقهم السيئات } اى احفظهم عما يسوؤهم يوم القيامة وادفع عنهم العقوبات لأن جزاء السيئة سيئة فتسميتها سيئة اما لأن السيئة اسم للملزوم وهو الاعمال السيئة فاطلق على اللازم وهو جزآؤها او المعنى قهم جزآء السيئات على حذف المضاف على أن السيئات بمعنى الاعمال السيئة وهو تعميم بعد تخصيص لقوله وقهم عذاب الجحيم وعذاب القبر وموقف القيامة والحساب والسؤال والصراط ونحوها او مخصوص بمن صلح من الاتباع والاول دعاء للاصول { ومن تق السيئات يومئذ } اى يوم القيامة { فقد رحمته } لأن المعافى من العذاب مرحوم ويجوز أن يكون المراد بالسيئات الاول المعاصى فى الدنيا فمعنى قوله ومن تق الخ ومن تقه المعاصى فى الدنيا فقد رحمته فى الآخرة كأنهم طلبوا لهم السبب بعدما سألوا المسبب وفى التأويلات النجمية وقهم السيئات يعنى بعد ان تابوا لئلا يرجوا الى المعاصى والذنوب ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته فى الآخرة كأنهم طلبوا لهم السبب بعدما سألوا المسبب وفى التأويلات النجمية وقهم السيئات يعنى بعد ان تابوا لئلا يرجوا الى المعاصى والذنوب ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته يحيلون الامر فيه على رحمته وبرحمته لم يسلط على المؤمن اراذل خلقه وهم الشياطين وقد قيض لشفاعته افاضل من خلقه وهم الملائكة المقربون قال مطرف انصح عباد اللّه للمؤمنين الملائكة واغش الخلق للمؤمنين الشياطين { وذلك } المذكور من الرحمة والوقاية { هو الفوز العظيم } الفوز الظفر مع حصول السلامة اى هو الظفر العظيم الذى لا مطمع ورآءه لطامع وبالفارسية آن بيروزى بزركست جه هر كه امروز دربناه عصمت الهيست فردا درسايه رحمت نامتناهى خواهد بود و درين باب كفته اند امروز كسىرا درآرى به بناه ... فردا بمقام قرنتش بخشى راه وانراكه رهش نداه بر دركاه ... فردا جه كندكه نكند ناله وآه يقول الفقير ظهر من الآيات العظام ومن استغفار الملائكة الكرام ان بناء الانسان محتاج الى المعاونة لكونه تحت ثقل حمل الامانة العظمى وهو المنور بنور لطفه وجماله تعالى وهو المحترق بنار قهره وجلاله سبحانه فطريقه طريق صعب وليس مثله احد وما اشبه حاله مع الملائكة بحال الديك مع البازى قال للديك ما اعرف اقل وفاء منك لأن اهلك يربونك من البيضة ثم اذا كبرت لا يدنو منك احد الا طرت ههنا وههنا وانا اوخذ من الجبال فيحبسون عينى ويجيعوننى ويجعلوننى فى بيت مظلم واذا اطلقونى على الصيد فآخذه واعود اليهم فقال الديك لأنك ما رأيت بازيا فى سفود وهى الحديدة التى يشوى بها اللحم وكم قد رأيت ديوكا فى سفافيد ثم يجبب على من يطلب الفوز أن يناله من طريقه فكل سعادة فى الآخرة فبذرها مزروع فى الدنيا ولا بد للعاقل من التقديم لنفسه قال لقمان رحمه اللّه يا بنى لا تكون الذرة أيسر منك تجمع فى صيفها لشتائها قبل اشتداد الشتاء وطلب ضفدع من الذرة ذخيرة فقالت لم تر نمت فى الصيف فى اطراف الانهار وتركت الادخار للشتاء ( قال الشيخ سعدى ) كنون باخرد بايد انباز كشت ... كه فردا نماندره باز كشت اى لا يبقى يوم القيامة طريق للرجوع الى الدنيا ١٠ { ان الذين كفروا ينادون } المناداة والندآء الدعوة ورفع الصوت وذلك ان الكفار يمقتون فى جهنم انفسهم الامارة بالسوء التى وقعوا فيما وقعوا من العذاب المخلد باتباع هواها اى يغضبون عليها حتى يأكلون اناملهم ويبغضونها اشد البغض وينكرونها اشد الانكار ويظهرون ذلك على رؤوس الاشهاد فعند ذلك تناديهم الملائكة وهم خزنة جهنم من مكان بعيد تنبيها على بعدهم عن الحق وبالفارسية بوقتى كه كفار بدوزخ درايند وبانفسها دشمن آغاز كرده روبان عتاب وملامت بكشايندكه جرادر زمان اختيار ايمان نياوردند ملائكه آواز ميدهند ايشانرا وكويند { لمقت اللّه } جواب قسم محذوف والمقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح والبغض نفار النفس من الشىء ترغب عنه وهو ضد الحب وهو انجذاب النفس الى الشىء الذى ترغب فيه ومقت اللّه غضبه وسخطه وهو مصدر مضاف الى فاعله وحذف مفعوله لدلالة المقت الثانى عليه والمعنى واللّه لمقت اللّه انفسكم الامارة بالسوء { اكبر } بزر كترست { من مقتكم انفسكم } اذكروا { اذ تدعون } فى الدنيا من جهة الانبياء { الى الايمان } فتأبون قبوله { فتكفرون } باللّه تعالى وتوحيده اتباعا لانفسكم ومسارعة الى هواها ويجوز ان يتعلق اذ بالمقت الاول ولا يقدح فيه وجود الخبر فى البين لأن فى الظروف اتساعا فالمعنى غضب اللّه تعالى حين اغضبتموه فى الدنيا حين كفرتم اكبر مقتكم انفسكم اليوم يقول الفقير دل قوله اذ تدعون الخ على أن سبب المقت هو الكفر كأنه قال اذكروا ذلك فهو سبب المقت فى الدنيا والآخرة والدخول فى النار المحرقة القاهرة كما قال فيما سيأتى ذلك بأنه اذا دعى اللّه الخ وحقيقته ان اللّه تعالى احب المحبين فى الحقيقة كما أن النفس اعدى الاعدآء فمن صرف محبة احب المحبين الى اعدى الاعدآء وجرى على حكمه صرف اللّه نظره عنه وابغضه ( كما قال الشيخ سعدى ) نظر دوست نادر كند سوىتو ... جودر روى دشمن بود روى تو كرت دوست بايد كزو برخورى ... نبايدكه فرمان دشمن برى ندانى كه كمتر نهد دوست باى ... جوبيندكه دشمن بود در سراى ومقت اللّه على الكفر أزلى خفى لم يظهر اثره الا فى وقت وجود الكفر من الكافر وابدى لأنه لا ينقطع بانقطاع الدنيا فالكافر مغضوب فى الدنيا والآخرة وانما كان مقت اللّه اكبر من مقت العبد لأن مقت العبد مأخوذ من مقت اللّه اذ لو لم يأخذه اللّه بجريمته لما وقع فى مقت نفسه ولأن اشد العقوبات آثار سخط اللّه وغضبه على العباد كما أن اجل النعم آثار رضاه عنهم فاذا عرف الكافر فى الآخرة ان ربه عليه غضبان فلا شىء اصعب على قلبه منه على انه لا بكاء ينفعه ولا غناء يزيل عنه ما هو فيه ويدفعه ولا يسمع منه تضرع ولا يرجى له حيلة نسأل اللّه عفوه وعطاه وهو حسبنا مما سواه ١١ { قالوا } اى الكفرة حين خوطبوا بهذا الخطاب { ربنا } اى بروردكار مارا { امتنا } اماتتين { اثنتين واحييتنا } احياءتين { اثنتين } فهما صفتان لمصدر الفعلين المذكورين وفى الاماتتين والاحياءتين وجوه الاول ما قال الكاشفى نقلا من التبيان ذريت آدم راكه از ظهر او بيرون آورد وميثاق ازايشان فرا كرفت بميرانيد اماته نخستين آنست ودر رحم كه نطفه بودند زنده كرد بس دردنيا بميرانيد ودر آخرت زنده كردانيد { فاعترفنا } اقررنا بسبب ذلك { بذنوبنا } لا سيما انكار البعث يعنى الانبياء دعونا الى الايمان باللّه وباليوم الآخر وكنا نعتقد كالدهرية ان لا حياة بعد الموت فلم نلتفت الى دعوتهم ودمنا على الاعتقاد الباطل حتى متنا وبعثنا فشاهدنا ما نحن ننكره فى الدنيا وهو الحياة بعد الموت فالآن نعترف بذنوبنا { فهل الى خروج } نوع خروج من النار سريع او بطيىء او نوع من الاعمال { من سبيل } من طريق فنسلكه ونتخلص من العذاب او هل الى خروج الى الدنيا من سبيل فنعمل غير الذى كنا نعمل كما قال هل الى مرد من سبيل فيقال فحذف الجواب كما فى عين المعانى او الجواب ما بعده من قوله ذلكم الخ كما فى غيره والثانى انهم ارادوا بالاماتة الاولى خلقهم امواتا وذلك فى الرحم قبل نفخ الروح كما قال تعالى { وكنتم امواتا فاحياكم } وبالثانية اماتتهم عند انقضاء آجالهم على ان الاماتة جعل الشىء عادم الحياة وارادوا بالاحياء اولال الاحياء قبل الخروج من البطن وبالثانى احياء البعث ولا يلزم منه ان لا عذاب فى القبر ولا حياة ولا موت فانهم انما لم يذكروها لان حياة القبر ليست كحياة الدنيا ولا كحياة الآخرة كما فى الاسئلة المقحمة وقد ثبت بالتواتر أن النبى عليه السلام استعاذ من عذاب القبر واجمع السلف على ذلك قبل ظهور اهل البدع حتى قال بعضهم فى قوله تعالى { ومن اعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا } انه اراد فى القبر لانا نشاهد كثيرا منهم عيشهم ارغد فى الدنيا من عيش كثير من المؤمنين والثالث انهم ارادوا بالاماتة الاولى ما بعد حياة الدنيا وبالثانية ما بعد حياة القبر وبالاحياءتين ما فى القبر وما عند البعث قال فى الارشاد وهو الانسب بحالهم واما حديث لزوم الزيادة على النص ضرورة تحقق حياة الدنيا فمدفوع لكن لا بما قيل من عدم اعتدادهم بها لزوالها وانقضائها وانقطاع آثارها واحكامها بل بان مقصودهم احداث الاعتراف بما كانوا ينكرونه فى الدنيا والتزام العمل بموجب ذلك الاعتراف ليتوسلوا بذلك الى الرجوع الى الدنيا وهو الذى ارادوه بقولهم فهل الى خروج من سبيل مع نوع استبعاد له واستشعار يأس منه لا انهم قالوه بطريق القنوط المحض ولا ريب فى أن الذى كانوا ينكرونه ويفرعون عليه فنون الكفر والمعاصى ليس الا الاحياء بعد الموت واما الاحياء الاول فلم يكونوا لينظموه فى سلك ما اعترفوا به وزعموا ان الاعتراف يجديهم نفعا وانما ذكروا الموتة الاولى لترتبها عليهما ذكرا حسب ترتبها عليهما وجودا والرابع على ما فى التأويلات النجمية انهم ارادوا اماتة القلوب واحياء النفوس ثم اماتة الابدان واحياءها بالبعث ١٢ { ذلكم } قال فى الارشاد جواب لهم باستحالة حصول ما يرجونه ببيان ما يوجبها من اعمالهم السيئة اى ذلكم الذى انتم فيه من العذاب وهو مبتدأ خبره قوله { بانه } اى بسبب ان الشان { اذا دعى اللّه } فى الدنيا اى عبد { وحده } اى حال كونه منفردا فو فى موضع الحال من الجلالة { كفرتم } اى بتوحيده { وان يشرك به } اى ان يجعل له شريك { تؤمنوا } اى بالاشراك به وتصدقوه وتسارعوا فيه ولفظ الاستقبال تنبيه على انهم لو ردوا لعادوا الى الشرك وفى الارشاد فى ايراد اذا وصيغة الماضى فى الشرطية الاولى وان وصيغة المضارع فى الثانية ما لا يخفى من الدلالة على كمال سوء حالهم وحيث كان حالكم كذلك { فالحكم لله } الذى لا يحكم الا بالحق { العلى الكبير } عن ان يشرك به اذ ليس كمثله شىء فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى افعاله وقد حكم بانه لا مغفرة للمشرك ولا نهاية لعقوبته فلا سبيل لكم الى الخروج ابدا قيل كأن الحرورية اخذوا قولهم لا حكم الا لله من هذا وقيل للخوارج حرورية لتجليتهم بحرورآء واجتماعهم فيها وهى كحلولاء وقد تقصر قرية بالكوفة والخوارج قوم من زهاد الكوفة خرجوا عن طاعة على رضى اللّه عنه عند التحكيم بينه وبين معاوية وذلك انه لما طالت محاربة على ومعاوية اتفق الفريقان على التحكيم الى ابى موسى الاشعرى وعمرو بن العاص رضى اللّه عنهما فى امر الخلافة وعلى ارتضى بما يريانه فقال القوم المذكور ان الحكم الا لله فقال على رضى اللّه عنه كلمة حق اريد بها باطل وكانوا اثنى عشر ألف رجل انكروا الخلافة واجتمعوا ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل فخرج اليهم على رضى اللّه عنه وامرهم بالرجوع فأبوا الا القتال فقاتلهم بالنهر وان هى كزعفران بليدة قديمة بالقرب من بغداد فقتلهم واستأصلهم ولم ينج منهم الا قليل وهم الذين قال عليه السلام فى حقهم ( يخرج قوم من امتى فى آخر الزمان يحقر احدكم صلاته فى جنب صلاتهم وصومه فى جنب صومهم ولكن لا يجاوز ايمانهم تراقيهم ) وقال عليه السلام ( الخوارج كلاب النار ) والحاصل ان الخوارج من الفرق الضلالة لفسادهم فى الاعتقاد وبانكار الحق وفساد الاعتقاد ساء حال اكثر العباد فى اكثر البلاد خصوصا فى هذه الاعصار فعلى العاقل ان يجيب دعوة اللّه ودعوة رسوله قولا وعملا وحالا واعتقادا حتى يفوز بالمرام ويدخل دار السلام ولا يكون كالذين ارادوا ان يتداركوا الحال بعد مضى الفرصة ملوث مكن دامن از كرد شوى ... كه ناكه زبالا بيندند جوى مكو مرغ دولت زقيدم بجست ... هنوزش سر رشته دارى بدست وكردير شد كزم روباش وجست ... زدير آمدن غم ندارد درست المراد الترغيب فى التوبة ولو فى الشيب وقرب الموت ١٣ { هو } تعالى وحده { الذى يريكم آياته } دلائل قدرته وشواهد وحدته فى الانفس والآفاق رعاية لمصالح اديانكم وفيه اشارة الى ان ليس للانسان ان يرى ببصيرته حقائق الاشيا الا بارآءة الحق تعالى اياه { وينزل لكم من السماء رزقا } اى سبب رزق وهو المطر مراعاة لمصالح ابدانكم فان آيات الحق بالنسبة الى حياة الاديان بمنزلة الارزاق بالنسبة الى حياة الابدان { وما يتذكر } التذكر بند كرفتن اى ما يتعظ وما يعتبر بتلك الآيات الباهرة ولا يعمل بمقتضاها { الا من ينيب } يرجع الى اللّه تعالى عن الانكار ويتفكر فيما اودعه فى تضاعيف مصنوعاته من شواهد قدرته الكاملة ونعمته الشاملة الظاهرة والباطنة الموجبة لتخصيص العبادة به تعالى ومن ليس كذلك وهو المعاند فهو بمعزل من التذكر والاتعاظ فاذا كان الامر كذلك اى كما ذكر من اختصاص التذكر بمن ينيب ١٤ { فادعوا اللّه } فاعبدوه ايها المؤمنون { مخلصين له الدين } اى حال كونكم مخلصين له دينكم وطاعتكم من الشرك والالتفات الى ما سواه بموجب انابتكم اليه وايمانكم به { ولو كره الكافرون } ذلك وغاظهم اخلاصكم ( قال الكاشفى ) واكرجه كار هند كافران واخلاص شمادر توحيد اوزيرا كه ايشان بنعمت ايمان كافرند وشما بران نعمت شاكر بس ميان شما منافرتست واعمال واقوال شما مرغوب ومحبوب ايشان نيست جنانجه كردار وكفتار ايشان نيز در نزدشما مكروه ومبغوض است زاهدى در سماع رندان بود ... زان ميان كفت شاهد بلخى كر ملولى زما ترش منشين ... كه توهم درميان ما تلخى وفى الآية اشارة الى ان المدعو من اللّه تعالى ينبغى ان يكون لذاته تعالى مخلصا غير مشوب بشىء من مقاصد الدنيا والآخرة ولو كان على كراهة كافر النفس فانها تميل الى مشاربها خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا فلا بد من الاخلاص مطلقا فاعمل لربك خالصا طيبا فانه طيب لا يقبل الا الطيب وفى الحديث ( يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها الا شيأ وضعه فى الماء والطين ) قال حضرت الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى كشف سر هذا لحديث وايضاح معناه اعلم ان صور الاعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرآئن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر البانى لها عليها بلا خلاف جون بود قصدش از ريا منفك ... مزديابد بران عمل بيشك فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذى لم يقصد صاحبه الا تنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة واذا كان كذلك فمطمح همة البانى ومقصده لا يتجاوز هذا العلم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لأنه لم يقصد امرا ورآء هذه الدار فافعاله اعراض زآئلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر وبالفارسية هركه ميخواهد از عمارت كل ... فسحت دار و نزهت منزل يا تفاخر ميانه اقران ... كه بناكرد مسجدى ويران جون باخلاص همت عامل ... متجاوز نشد زعالم كل نفقاتش درآب وكل موضوع ... ماند واوزاجران بود مقطوع بلكه درحج وعمره وصلوات ... جون بود بهر عاجلت نفقات همه ماند درآب وكل مرهون ... ندهد اجر صانع بيجون هركرا از عمارت كل وآب ... هست مصود كسب قرب وثواب جون زكل در كذشت همت وى ... نفقاتش همه رود دربى نفقاتش جو قطع كرد اين راه ... عندكم بود كشت عند الله كل ما كان عندكم ينفد ... دام ما عنده الى السرمد قال تعالى { ما عندكم ينفد وما عند اللّه باق } والمرجو من اللّه تعالى ان يجعلنا من اهل الاختصاص بفيض كمال الاخلاص ١٥ { رفيع الدرجات } خبر آخر لقوله هو والرفيع صفة مشبهة اضيفت الى فاعلها بعد النقل الى فعل بالضم كما هو المشهور وتفسيره بالرافع ليكون من اضافة اسم الفاعل الى المفعول بعيد فى الاستعمال كما فى الارشاد والدرجة مثل المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة اذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على نحو درجة السطح والسلم قاله الراغب وفى انوار المشارق الدرجة ان كانت بمعنى المرقاة فجمعها درج وان كانت بمعنى المرتبة والطبقة فجمعها درجات واختلف العلماء فى تفسير هذه الآية ففى الارشاد هو تعالى رفيع الدرجات ملائكته اى مرتفعة معارجهم ومقاعدهم الى العرش وفى تفسير ابى الليث خالق السموات ورافعها مطلقا بعضها فوق بعض من طبق الى طبق خمسمائة عام ( وفى كشف الاسرار ) بر دارنده درجهاى بندكانست وبر يكديكر جه در دنيا جه در عقبا در دنيا آنست كه كفت ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم يعنى بر داشت شمارا زير يكديكر درجهاى افزونى يكى را بدانش يكى رابنسب يكى را بمال يكىرا بشرف يكى را بصورت يكى را بقوت جاى ديكر كفت وفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا يعنى برداشتيم ايشانرا بريكديكر درعز ومال در رزق ومعيشت يكى مالك يكى مملوك يكى خادم يكى مخدوم يكى فرمانده يكى فرمانبر اما درجات آنست كفت وللآخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا هركه دردنيا بمعرفت وطاعت افزونتردر عقبى بحق نزد يكتر وكرامت وى بيشتر فهو رافع الدرجات فى الدنيا بتفاوت الطبقات وفى العقبى بتباين المراتب والمقامات روى ان اسفل اهل الجنة درجة ليعطى مثل ملك الدنيا كلها عشر مرار وانه ليقول اى رب لو اذنت لى اطعمت اهل الجنة وسقيتهم لم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى ازواجه من الدنيا وقال بعضهم رافع درجات انبباست عليهم السلام درجه آدم را بصفوت بر داشت ونوح را بدءوت وابراهيم رابخلت وموسى را بقربت وعيسى را بزهادت ومحمد را بشفاعت وقال بعضهم رافع درجات العصاة بالنجاة والمطيعين بالمثوبات وذى الحاجات بالكفايات والاولياء بالكرامات والعارفين بالارتقاء عن الكونين والمحبين بالفناء عن المحبية والبقاء بالمحبوبية عزيزى فرموده كه لا يوجد البقاء الا بالفناء تا شربت فنا ننوشى بنوش درد فناكر بقاهمى خواهى ... كه زاد راه بقاى دردى خراباتست زحال خويش فناشود درين ره اىعطار ... كه باقى ره عشاق فانى الذاتست يقول الفقير حقيقة الآية عند السادت الصوفية قدس اللّه اسرارهم انه تعالى رفيع درجات اسمائه وصفاته وطبقات ظهوراته فى تنزلاته واسترسالاته فانه تعالى خلق العقل الاول وهو اول ما وجد من الكائنات وهو آدم الحقيقى الاول والروح الكلى المحمدى والعلم الاعلى وهو اول موجود تحقق بالنعم الالهية وآخر الموجودات تحققا بهذه النعم هو عيسى عليه السلام لأنه لا خليفة لله بعده الى يوم القيامة بل لا يبقى بعد انتقاله وانتقال من معه مؤمن على وجه الارض فضلا عن ولى كامل وفى الحديث ( لا تقوم الساعة وفى الارض من يقول اللّه اللّه ) اى الملازم الذكر لا الذاكر فى الجملة فلا بد للمصلى من أن يستحضر عند قوله صراط الذين انعمت عليهم جميع من انعم اللّه عليه من العلم الاعلى الى عيسى ثم خلق اللّه النفس الكلية التى فى الاجسام الجزئية وبواسطتها ظهر الفعل والانفعال فى الاشياء ثم الهباء ثم الشكل الكلى وهو الهيولى الجسمية ثم جسم الكلى ثم الفلك الاطلس الذى هو العرش الكريم ثم الكرسى على ما ذكره داود القيصرى واما حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فلم يجعل الفلك الاطلس هو العرش بعينه فالترتيب عنده العرش ثم الكرسى ثم فلك الاطلس سمى به لخلوه عن الكواكب كخلو الاطلس عن النقش ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشترى ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهوآء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الانسان الذى هو مظهر الاسم الجامع ثم ظهر فى مرتبته التى هى مظهر الاسم الرفيع فتم الملك والمكوت وهذه الحقائق كلها درجات الهية ومراتب رحمانية دل عليها قوله تعالى رفيع الدرجات { ذو العرش } خبر آخر لقوله هو اى هو تعالى مالك العرش العظيم المحيط باكناف العالم العلوى والسفلى وله اربعمائة ركن من الركن الى الركن اربعمائة الف سنة خلقه فوق السموات السبع وفوق الكرسى اظهارا لعظمته وقدرته لا مكانا لذاته فانه الآن على ما كان عليه وانما ذكره على حد العقول لأن العقول لا تصل الا الى مثله والا فهو اقل من خردلة فى جنب جلاله تعالى وعظمته ايضا خلقه ليكون مطافا لملائكته وليكون قبلة الدعاء ومحل نزول البركات لأنه مظهر لاستوآء الرحمة الكلية ولذا ترفع الايدى الى السماء وقت الدعاء لأنه بمنزلة ان يشير سائل الى الخزانة السلطانية ثم يطلب من السلطان ان يفيض عليه سجال العطاء من هذه الخزانة قال العلماء يكره النظر الى السماء فى الصلاة واما فى غيرها فكرهه بعض ولم يكرهه الاكثرون لأن السماء قبلة الدعاء وايضا خلقه ليكون موضع كتاب الابرار كما قال تعالى { ان كتاب الابرار لفى عليين } وليكون مرءآة للملائكة فانهم يرون الآدميين من تلك المرءآة ويطلعون على احوالهم كى يشهدوا عليهم يوم القيامة وليكون ظلة لاهل المحشر من الابرار والمقربين يوم تبدل السموات والارض وليكون محلا لاظهار شرف محمد صلى اللّه تعالى عليه وسلم كما قال تعالى { عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا } وهو مقام تحت العرش فيه يظهر اثر الشفاعة العظمى للمؤمنين ويقال ان اللّه تعالى رفع من كل شىء شيأ المسك من الطيب والعرش من الاماكن والياقوت من الجواهر والشمس من الانوار والقرءآن من الكتب والعسل من الحلوى والجمعة من الايام وليلة القدر من الليالى والتوحيد من المقال والصلاة من الفعال ومحمدا عليه السلام من الرسل وامته من الامم هذا اذا كان العرش بمعنى الجسم المحيط ويقال العرش الملك والبسطة والعز يقال فلان ثل عرشه اى زالت قوته ومكنته وروى أن عمر رضى اللّه عنه رؤى فى المنام فقيل له ما فعل اللّه بك قال لولا ان تداركنى اللّه لثل عرشى فيكون معنى ذو العرش على ما فى التأويلات النجمية ذو الملك العظيم لأنه تعالى خلقه ارفع الموجودات واعظمها جثة اظهارا للعظمة وايضا ذو عرش القلوب فانها العرش الحقيقى لأن اللّه تعالى استوى على العرش بصفة الرحمانية ولا شعور للعرش به واستوى على قلوب اوليائه بجميع الصفات وهم العلماء باللّه مستغرقين فى بحر معرفته فاذا كان العرش الصورى والمعنوى فى قبضة قدرته وهو مستولٍ عليه ومتصرف فيه لا مالك ولا متصرف له غيره لا يصح ان يشرك به مطلقا بل يجب ان يعبد ظاهرا وباطنا حقا وصدقا { يلقى الروح } بيان لانزال الرزق المعنوى الروحانى من الجانب العلوى بعد بيان انزال الرزق الجسمانى منه ولذا وصف نفسه بكونه رفيع الدرجات وذا العرش لأن آثار الرحمة مطلقا انما تظهر من جانب السماء خصوصا العرش مبدأ جميع الحركات والمعنى ينزل الوحى الجارى من القلوب منزلة الروح من الاجساد فكما ان الروح سبب لحياة الاجسام كذلك الوحى سبب لحياة القلوب فان حياة القلوب انما هى بالعارف الالهية الحاصلة بالوحى فاستعير الروح للوحى لأنه يحيى به القلب بخروجه من الجهل والحيرة الى المعرفة والطمأنينة وسمى جبرائيل روحا لأنه كان يأتى الانبياء بما فيه حياة القلوب وسمى عيسى روح اللّه لأنه كان من نفخ جبرائيل واضيف الى اللّه تعظيما واعلم أن ما سوى اللّه تعالى اما جسمانى واما روحانى والقسمان مسخران تحت تسخيره تعالى اما الجسمانى فاعظمه العرش فقوله ذو العرش يدل على استيلائه على جميع عالم الاجسام كله وقوله يلقى الروح يدل على أن الروحانيات ايضا مسخرات لامره فان جبرائيل اذا كان مسخرا له فى تبليغ الوحى الى الانبياء وهو من افاضل الملائكة فما ظنك بغيره واما الوحى نفسه فهو من الامور المعنوية وانما يتصور بصورة اللفظ عند الالقاء { من امره } بيان للروح الذى اريد به الوحى فانه امر بالوحى وبعث للمكلف عليه فيما يأتيه ويذره فليس المراد بالامر هنا ما هو بمعنى الشان او حال منه اى حال كونه ناشئا ومبتدأ من امره تعالى { على من يشاء من عباده } وهو الذى اصطفاه لرسالته وتبليغ الاحكام اليهم وقال الضحاك الروح جبرائيل اى يرسله الى من يشاء من اجل امره يخاطب بهذا من كره نبوة محمد صلى اللّه تعالى عليه وسلم وفى التأويلات النجمية روح الدراية للمؤمنين وروح الولاية للعارفين وروح النبوة للنبيين وفى الآية دليل على ان النبوة عطائية لا كسبية وكذا الولاية فى الحقيقة اذ لا ينظر الى الاسباب الخارجة بل الى الاختصاص الالهى { لينذر } غاية للالقاء اى لينذر اللّه تعالى او الملقى عليه او الروح والانذار دعوة ابلاغ مع تخويف { يوم التلاق } اما ظرف للمفعول الثانى اى لينذر الناس العذاب يوم التلاق وهو يوم القيامة او هو المفعول الثانى اتساعا او اصالة فانه من شدة هوله وفظاعته حقيق بالانذار اصالة وسمى يوم القيامة يوم التلاق لانه تتلاقى فيه الارواح والاجساد واهل السموات والارض والعابدون والمعبودون والعاملون والاعمال والاولون والآخرون والظالمون والمظلومون واهل النار مع الزبانية ١٦ { يوم هم بارزون } بدل من يوم التلاق يقال برز بروزا خرج الى البراز اى الفضاء كتبرز وظهر بعد الخفاء كبرز بالكسر اى خارجون من قبورهم او ظاهرون لا يسترهم شىء من جبل او اكمة او بناء لكون الارض يومئذ مستوية ولا عليهم ثياب انما هم عراة مكشوفون كما فى الحديث ( يحشرون حفاة عراة غرلا ) جمع حاف وهو من لا نعل له وجمع عار وهو من لا لباس عليه وجمع اغرل وهو الاقلف الذى لم يختن اى غير مختونين الا قوما ماتوا فى الغربة مؤمنين لم يزنوا فانهم يحشرون وقد كسوا ثيابا من الجنة وقوما ايضا من امة محمد عليه السلام فانه عليه السلام قال يوما ( بالغوا فى اكفان موتاكم فان امتى يحشر باكفنها وسائر الامم حفاة عراة ) { لا يخفى على اللّه منهم شىء } ما من اعيانهم واعمالهم الجلية والخفية السابقة واللاحقة مع كثرتهم كما قال تعالى { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } وكانوا فى الدنيا يتوهمون انهم اذا استتروا بالحيطان والحجب فان اللّه لا يراهم ويخفى عليه اعمالهم فهم يومئذ لا يتوهمون ذلك اصلا { لمن الملك اليوم } اى يقال حين بروزهم وظهور احوالهم اى ينادى مناد لمن الملك اليوم فيجيب اى ذلك المنادى بعينه ويقول { لله الواحد القهار } او يجيبه اهل المحشر مؤمنهم وكافرهم لحصول العلم الضرورى بالوحدانية للكافر ايضا لكن الكافر يقوله صغارا وهوانا وعلى سبيل التحسر والندامة والمؤمن ابتهاجا وتلذذا اذ كان يقوله فى الدنيا ايضا وهذا يسمى سؤال التقرير وقيل ان المجيب ادريس عليه السلام فان قلت كيف خص ذلك بيوم مخصوص والملك لله فى جميع الايام والاوقات قلت هو وان كان لله فى جميع الايام الا انه سبحانه ملك عباده فى الدنيا ثم تكون دعاويهم منقطعة يوم القيامة لا يدعى مدع ملكا ولا ملكا يومئذ ولذا قال لمن الملك اليوم ( قال فى كشف الاسرار ) دران روز رازها آشكار شود بردهاى متواريان درند توانكران بى شكررا درمقام حساب بدارند ودرويشان بى صبررا جامه نفاق ازسر بر كشند آتش فضيحت درطيلسان عالمان بى عمل زنند خاك ندامت برفرق قراء مرائى ريزنديكى ازخاك وحشت بيرون مىآيد جنانكه خا كستر ازميان آتش يكى جنانكه درازميان صدف يكى ميكويد اين الفرار من اللّه يكى ميكويد اين الطريق الى اللّه يكى ميكويد ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها يكى ميكويد الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن آن روز بادشاهان روى زمين رامى آرند ودست سلطنت ايشان برشته عزل بربسته ندا آيدكه بادشاهى كراسزدمكران واحد قهار راكه برهمه شاهان بادشاهست وبادشاهىء وى نه بحشم وسباهست سلطان جهان بملك ومال وبنعمت وسوار وبياده ودركاه فخر كنند وملك الهى برخلاف اينست كه اوجل جلاله رسوم كون را آتش بينيازى درزند وعالم راهباء منثور كرداند وتيغ قهر بر هياكل افلاك زند ندادهد كه لمن الملك اليوم كراز هره آن بودكه اين خطاب را جواب دهد جزاو اى مسكين قيامت كه سران وسرهنكان دين را دربناه كرم الهى جاى دهد ندانم كه ترابان سينه آلوده وعمل شوريده كجانسانند ورختت كجا نهند اى مسكين اكر بى مارى آخر ناله كو واكر درباطنت آتشيست دودى كو واكر مرد بازركانى سالها بر امد سودى كوطيلسان موسى ونعلين هارونت جه سود جون بزير رداء فرعون دارى صد هزار ويجوز ان يكون قوله لمن الملك اليوم الخ حكاية لما دل عليه ظاهر الحال فى ذلك اليوم من زوال الاسباب وارتفاع الوسائط اذ لولا الاسباب لما ارتاب المرتاب واما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما وقيل السائل والمجيب هو اللّه تعالى وحده وذلك بعد فناء الخلق فيكون ابتداء كلام من اللّه تعالى وههنا لطيفة وهى ان سورة الفاتحة نصفها ثناء لله ونصفها دعاء للعبد فاذا دعا واحد يجب على الآخر التأمين فاذا قلت ولا الضالين كأنه يقول ينبغى ان اقول آمين فكن انت يا عبدى نائبا عنى وقل آمين واذا كان يوم القيامة واقول انا لمن الملك اليوم يجب عليك ان تقول لله الواحد القهار وانت فى القبر فاكون انا نائبا عنك واقول لله الواحد القهار قال ابن عطاء لولا سوء طبائع الجهال وقلة معرفتهم لما ذكر اللّه قوله لمن الملك اليوم فان الملك لم يزل ولا يزال له وهو المالك على الحقيقة وذلك لما جهلوا حقه وحجبوا عن معرفته وشاهدوا الملك وحقيقته فى الآخرة الجأهم الاضطرار الى ان قالوا لله الواحد القهار فالواحد الذى بطل به الاعداد والقهار الذى قهر الكل على العجز بالاقرار له بالعبودية طوعا وكرها قال شيخى وسندى روح اللّه روحه فى قوله لله الواحد القهار ترتيب انيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى انيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سوى اللّه تعالى وفى التأويلات النجمية يوم هم بارزون اى خارجون من وجودهم بالفناء لا يخفى على اللّه منهم شىء من وجودهم عند افنائه حتى لا يبقى له غير اللّه فيقول اللّه تعالى لمن الملك اليوم يعنى ملك الوجود وهذا المقام الذى اشار اليه الجنيد قدس سره بقوله مافى الوجود سوى اللّه فاذا لم يكن لغير اللّه ملك الوجود يكون هو الداعى والمجيب فيقول لله الواحد القهار لأنه تعالى تجلى بصفة القهارية فما بقى الداعى ولا المجيب غير الله جامى معاد ومبدأ ما وحدتست وبس ... ما درميانه كثرت موهوم والسلام ١٧ { اليوم تجزى كل نفس بما كسبت } اما من تتمة الجواب او حكاية لما سيقوله تعالى يومئذ عقيب السؤال والجواب اى تجزى كل نفس من النفوس البرة والفاجرة من خير أو شر { لا ظلم اليوم } بنقص ثواب او زيادة عذاب يعنى نه از ثواب كسى كم كنند ونه بر عقاب كسى افزايند ونه كسى رابكناه كسى بكيرند ونه نيكى راباداش بدى دهند { ان اللّه سريع الحساب } اى سريع حسابه تماما اذ لا يشغله تعالى شأن عن شأن فيحاسب الخلائق مع كثرتهم فى اقرب زمان ويصل اليهم ما يستحقونه سريعا فيكون تعليلا لقوله تعالى اليوم تجزى الخ فان كون ذلك اليوم بعينه يوم التلاق ويوم البروز ربما يودهم استبعاد وقوع الكل فيه وعن ابن عباس رضى اللّه عنه اذا أخذ فى حسابهم لم يقل اهل الجنة الا فيها ولا اهل النار الا فيها قوله لم يقل من قال يقيل قيلولة وهى النوم فى نصف النهار ( قال فى كشف الاسرار ) هركه اعتقاد كردكه اورا روزى دربيش است كه دران روز باوى سؤالى وجوابى وحسابى وعتابى هست وشب وروز بيقرار بود دمبدم مشغول ومستغرق كار بود ميزان تصرف از دست فرونهد بعيب كس ننكرد همه عيب خودرا مطالعه كند همه حساب خود كند در خبراست حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وتهيئوا للعرض الاكبر يكى از بزركان دين روى نامه نوشت و درخانه عاريتى بود كفتا خواستم كه آن راخاك بر كنم تاخشك شود بر خاطرم كذشت نبايد كه فردا از عهده اين مظلمه بيرون نتوانم آمدها نفى آواز داد سيعلم المستخف بترتيب الكتاب ما يلقى عند اللّه غدا من طول الحساب آرى فردا روز عرض وحساب بداندكه جه كرد آنكس كه نامه خويش بخاك خانه كسان خشك كرد وفى الحديث ( يقول اللّه انا الملك انا الديان لا ينبغى لأحد من اهل الجنة ان يدخل الجنة ولا لأحد من اهل النار ان يدخل النار وعنده مظلمة حتى اقتص منه ) وتلا عليه السلام هذه الآية وفى بعض الروايات لأقتص من القرناء للجماء اى قصاص مقابلة لا تكليف در وعده اهل ظلم حالى عجبست ... ورزيدن ظلم را وبالى عجبست از ظلم برهيزكه درروز جزا ... لا ظلم اليوم كوشمالى عجبست ١٨ { وانذرهم } خوفهم يا محمد يعنى اهل مكة { يوم الآزفة } منصوب على انه مفعول به لانذرهم لانه المنذر به والآزفة فاعلة من ازف الامر على حد علم اذا قرب والمراد القيامة ولذا انث ونظيره ازفت الآزفة اى قربت القيامة وسميت بالآزفة لازوفها وهو القرب لأن كل آت قريب وان استبعد اليائس امده وفى الحديث ( بعثت انا والساعة كهاتين ان كادت لتسبقنى ) والاشارة بهاتين الى السبابة والوسطى يعنى ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على السبابة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحى لتصوير غاية قرب الساعة ثم فى الازوف اشعار بضيق الوقت ولذا عبر عن القيامة بالساعة وقيل اتى امر اللّه فعبر عنها بلفظ الماضى تنبيها على قربها وضيق وقتها كما فى المفردات وقال بعضهم انذرهم يوم الخطة الآزمة اى وقتها وهى مشارقة اهل النار دخولها والخطة بالضم الامر والقصة واكثر ما يستعمل فى الامور العصبة التى تستحق ان تخط وتكتب لغرابتها كما فى حواشى سعدى المفتى { اذ القلوب لدى الحناجر } جمع حنجرة وهى الحلقوم وهى بالفارسية كلو . والجملة بدل من يوم الآزفة فان القلوب ترتفع عن اماكنها من شدة الفزع فتلتصق بحلوقهم فلا تعود فيستروحوا ويتنفسوا ولا تخرج فيستريحوا بالموت وقيل يلتفخ السحر خوفا اى الرئة فيرتفع القلب الى الحنجرة { كاظمين } حال من اصحاب القلوب على المعنى اذ الاصل اذ قلوبهم لدى حناجرهم بناء على أن التعريف اللامى بدل من التعريف الاضافى يقال كظم غيظه اى رد غضبه وحبسه فى نفسه بالصبر وعدم اظهار الاثر والمعنى كاظمين على الغم والكربة ساكتين حال امتلائهم بهما يعنى لا يمكنهم ان ينطقوا ويصرحوا بما عندهم من الحزن والخوف من شدة الكربة وغلبة الغم عليهم فقوله اذ القلوب لدى الحناجر تقرير للخوف الشديد وقوله كاظمين تقرير للعجز عن الكلام فان الملهوف اذا قدر على الكلام وبث الشكوى حصل له نوع خفة وسكون واذا لم يقدر عظم اضطرابه واشتد حاله { ما للظالمين } اى الكافرين { من حميم } اى قريب مشفق يعنى هيج خويشى مشفق ويار مهربان عذاب ايشان را دفع كند { ولا شفيع يطاع } وشفيع مشفع على معنى نفى الشفاعة والطاعة معا وعلى ان يطاع مجاز عن يجاب وتقبل شفاعته لأن المطيع فى الحقيقة يكون اسفل حالا من المطاع وليس فى الوجود من هو اعلى حالا من اللّه تعالى حتى يكون مطاعا له تعالى وفى الآية بيان أن لا شفاعة فى حق الكفار لأنها وردت فى ذمهم وانما قيل للظالمين موضع للكافرين وان كان اعم منهم ومن غيرهم من العصاة بحسب الظاهر تسجيلا لهم بالظلم ودلالة على اختصاص انتفاء كل واحد من الحميم والشفيع المشفع بهم فثبت أن لعصاة المسلمين حميما وشفيعا ومشفعا وهو النبى عليه السلام وسائر الانبياء والمرسلين والاولياء المقربين والملائكة اجمعين ١٩ { يعلم } ميداند خداى تعالى { خائنة الاعين } اى النظرة الخائنة للاعين واسناد الخيانة الى النظرة مجاز لأن الخائن هو الناظر او يعلم خائنة الاعين على انها مصدر كالعافية كقوله تعالى { ولا تزال تطلع على خائنة منهم } والخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر ونقيضها الامانة والمراد هنا استراق النظر الى غير المحرم كفعل اهل الريب والنظرة الثانية اليه وفى الخبر ( يا ابن آدم لك النظرة الاولى ) معفوة لوقوعها مفاجأة دون الثانية لكونها مقارنة للقصد وهى من قبيل زنى النظر ( وفى المثنوى ) كرزناى جشم حظى مى برى ... نى كباب از بهلوى خود ميخورى وذلك لأن النظر سهم مسموم من سهام ابليس والنظرة تزرع فى القلب شهوة وكفى بها فتنة ( قال الكاشفى ) جشم نظر بانجه حرامست ياغمز كردن بمعايب مردم اى الرمز بالعين على وجه العيب دوجشم از بى صنع بارى نكوست ... زعيب برادر فروكير و دوست يا كذب در رؤيت وعدم رؤيت يعنى يدعى الرؤية كاذبا او ينكرها وفى التأويلات النجمية خائنة اعين المحبين استحسانهم شيأ غير المحبوب والنظر الى غير المحبوب وفى معناها قيل فعينى اذا استحسنت غيركم ... امرت الدموع بتأديبها حكى أن بعضهم مر بدكان وفيه نطاق معلق فتعلق به نظره فاستحسنه ثم لما تباعد عن الدكان فقد النطاق من محله فاتبعه صاحب الدكان ففتش عنه فوجده على وسطه وكان ذلك عقوبة من اللّه عليه لاستحسانه ذلك النطاق حتى اتهم بسرقته وعوقب عليه قال ابو عثمان خيانة العين هو ان لا يغضها عن المحارم ويرسلها الى الهوى والشهوات وقال ابو بكر الوارق يعلم من يمد عينيه الى الشىء معتبرا ومن يمد عينيه لارادة الشهوة وقال ابو جعفر النيسابورى زنى العارف نظره بالشهوة امام قشيرى فرمودكه خيانت جشمهاى محبان آنست كه درأوقات مناجات خواب را بيرا من آن كذا رند جنانكه در زبور آمده كه دروغ كويد هركه دعوى محبت من كند وجون شب درآيد جشم او بخواب رود ( ع ) ومن نام عينا نام عنه وصالنا خواب رابا ديده عاشق جه كار جشم اوجون شمع باشد اشكبار ... جشمهاى عاشقا نرا خواب نيست يك نفس ان جشمهابى آب نيست ... { وما تخفى الصدور } من الضمائر والاسرار مطلقا خيرا كانت او شرا ثبت بهذا ان افعال القلوب معلومة لله تعالى وكذا افعال الجوارح تكون لأن اخفاها وهى خائنة الاعين اذا كانت معلومة لله تعالى وكذا افعال الجوارح تكون لأن اخفاها وهى خائنة الاعين اذا كانت معلومة لله تعالى فعلمه تعالى سائر افعال الجوارح يكون اولى والحاكم اذا بلغ فى العلم الى هذا الحد وجب ان يكون خوف المجرم منه اشد واقوى فقوله تعالى يعلم الخ فى قوة التعليل للامر بالانذار وفى التأويلات النجمية وما تخفى الصدور من متمنيات النفوس ومستحسنات القلوب ومرغوبات الارواح فالحق به خبير ويكون السالك موقوفا بها حتى يخرج من تعلقها وقال بعضهم خيانته فى الصدور أن لا يصير فى مقام القبض ليجرى عليه احكام الحقيقة ثم ينكشف له عالم البسط فقد وصف اللّه خيانة العيون وخفايا الصدور وقال { لا يخفى عليه شىء } من ذلك وذلك ان العين باب من ابواب القلب فاذا رأت شيأ يكون حظ القلب منه يعلم ذلك نفسه فيطلب الحظ منه ومن القلب الى العين باب يجرى عليها حركة هواجس النفس تحتها على النظر الى شىء فيه لها نصيب فاذا تحققت ذلك علمت ان خيانة الاعين متعلقة بما تخفى الصدور واذا كان العارف عارفا بنفسه وراضها برياضات طويلة وطهرها بمجاهدات كثيرة وزمها بزمام الخوف وآداب الشريعة صارت صافية من حظوظها ولكن بقيت فى سرها جبلتها على الشهوات ففى كل لحظة يجرى فى سرها طلب حظوظها ولكنها سترتها عن العقل واخفتها عن الروح من خوفها فاذا وجدت الفرصة خرجت الى رؤية العين فتنظر الى مرادها فتسرق حظها من النظر الى المحارم وذلك النظر خفى وتلك الشهوة خفية وصفهما اللّه سبحانه فى هذه الآية واستعاذ منهما النبى عليه السلام حيث قال ( اعوذ بك من شهوة خفية ) ثم ان الروح العاشق اذا احتجب عن مشاهدة جمال الازل ينقبض ويطلب حظه ولا يقدر ان ينظر الى الحق فيطلب ذلك من الصورة الانسانية التى فيها آثار الروحانية فينظر من منظره الى منظر العقل ومن منظر العقل الى منظر القلب ومن منظر القلب الى منظر النفس ومن منظر النفس الى منظر الصورة وينظر من العين الى جمال المستحسنات لينكشف له ما استتر عنه من شواهد الحق فتذهب النفس معه وتسرق بحثه حظها من النظر بالشهوة فذلك النظر منها غير مرضى فى الشرع والطريقة والحقيقة وكذا نظر الروح الى الحق بالوسائط خيانة فيلزم عليه أن يصبر على الانقباض الى أن يتجلى له جمال الحق بغير واسطة ( قال الشيخ سعدى ) جرا طفل يك روزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن جه بالغ جه خرد محقق همى بيند اندر ابل ... كه درخوبرويان جين وجكل ومن اللّه التوفيق لنظر التحقيق ٢٠ { واللّه يقضى } يحكم { بالحق } اى بالصدق والعدل فى حق كل محسن ومسىء لانه المالك الحاكم على الاطلاق فلا يقضى بشىء الا وهو حق وعدل يستحقه المكلف ويليق به ففيه تشديد لخوف المكلف { والذين يدعون } اى يعبدونهم { من دونه } تعالى وهم الاصنام وبالفارسية وآنانهم راكه مى برستند مشركان بدون خدا { لا يقضون بشىء } حكمى نمى كنند ايشان بجيزى زيرا كه اكر جماداند ايشانرا قدرت بدان نيست واكر حيوانند مخلوق ومملوك اند ومخلوق راقوت حكم وفرمان نيست وفى الارشاد هذا تهكم بهم لأن جمادا لا يقال فى حقه يقضى ولا يقضى { ان اللّه هو السميع البصير } تقرير لعلمه تعالى بخائنة الاعين وقضائه بالحق فان من يسمع ما يقولون ويبصر ما يفعلون اذا قضى قضى بالحق ووعيد لهم على ما يفعلون ويقولون وتعريض بحال ما يدعون من دونه فانهم عريانون عن التلبيس بهاتين الصفتين فكيف يكونون معبودين وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى يقضى للاجانب بالبعاد وبالوصال لاهل الوداد ويخرج السالكين من تعلقات اوصافهم على ما قضى به وقدر فى الازل وان كان بواسطة ايمانهم واعمالهم الصالحة ان اللّه قد سمع سؤال الحوائج فى الازل وهم بعد فى العدم وكذا سمع انين نفوس المذنبين وحنين قلوب المحبين وابصر بحاجاتهم ثم انه لما بالغ فى تخويف الكفار باحوال الآخرة اردفه بالتخويف باحوال الدنيا فقال ٢١ { اولم يسيروا فى الارض } آياسفر نميكنند مشركان مكه درزمين شام ويمن براى تجارت { فينظروا } يجوز ان يكن منصوبا بالعطف على يسيروا وان يكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام { كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم } اى مآل حال من قبلهم من الامم المكذبة لرسلهم كعاد وثمود وأضرابهم وكانت ديارهم ممر تجار قريش { كانوا هم اشد منهم قوة } قدرة وتمكنا من التصرفات وانما جيىء بضمير الفصل مع أن حقه التوسط بين معرفتين كقوله اولئك هم المفلحون لمضاهاة افعل من للمعرفة فى امتناع دخول اللام عليه { وآثارا فى الارض } مثل القلاع الحصينة والمدن المتينة { فأخذهم اللّه بذنوبهم } عاقبهم واهلكهم بسبب كفرهم وتكذيبهم { وما كان لهم من اللّه } من عذاب اللّه { من واق } يقيهم ويحفظهم ٢٢ { ذلك } اى ما ذكر من الاخذ { بانهم } اى بسبب انهم { كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } اى بالمعجزات او بالاحكام الظاهرة { فكفروا } بها وكذبو رسلهم { فأخذهم اللّه } اخذا عاجلا { انه قوى } متمكن مما يريد غاية التمكن { شديد العقاب } لاهل الشرك لا يعتبر عقاب دون عقابه فهؤلاء قد شاهدوا مصارعهم وآثار هلاكهم فبأى وجه امنوا أن يصيبهم مثل ما اصابهم من العذاب واعلم أن اهل السعادة قد شكروا اللّه على نعمة الوجود فزادهم نعمة الايمان فشكروا نعمة الايمان فزادهم نعمة الولاية فشكروا نعمة الولاية فزادهم نعمة القرب والمعرفة فى الدنيا ونعمة الجوار فى الآخرة واهل الشقاوة قد كفروا نعمة الوجود فعذبهم اللّه بالكفر والبعاد والطرد واللعن فى الدنيا وعذبهم فى الآخرة بالنار وانواع التعذيبات وفى قوله ذلك بانهم الخ اشارة الى أن بعض السالكين والقاصدين الى اللّه تعالى ان لم يصل الى مقصوده يعلم أن موجب حجابه وحرمانه اعتراض خامر قلبه على شيخه او على غيره من المشايخ فى بعض اوقاته ولم يتداركه بالتوبة والانابة فان الشيوخ بمحل الانبياء للمريدين وفى الخبر الشيخ فى قومه كالنبى فى امته ( وفى المثنوى ) كفت بيغمبر كه شيخى رفته بيش ... جونبى باشد ميان قوم خويش انه قوى على الانتقام من الاعدآء للاولياء شديد العقاب فى الانتقام من الاعدآء وفى شرح الاسماء للزروقى القوى هو الذى لا يلحقه ضعف فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى افعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز فى نقض ولا ابرام ومن عرف أن اللّه تعالى هو القوى رجع اليه عن حوله وقوته وخاصيته ظهور القوة فى الوجود فما تلاه ذو همة ضعفة الا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد اهلاك الظالم الف مرة كان له ذلك وكفى امره ٢٣ { ولقد ارسلنا موسى } ملتبسا { بآياتنا } وهى المعجزات التسع { وسلطان مبين } اى وحجة قاهرة ظاهرة كالعصا افردت بالذكر مع اندراجها تحت الآيات تفخيما لشأنها فهو من قبيل عطف الخاص على العام ٢٤ { الى فرعون } بسوى فرعون كه اعظم عمالقه مصر بود ودعواى ربوبيت ميكرد { وهامان } وهامان وزير اوبود وخصهما بالذكر لأن الارسال اليهما ارسال الى القوم كلهم لكونهم تحت تصرف الملك والوزير تابعين لهما والناس على دين ملوكهم { وقارون } خص بالذكر لكونه بمنزلة الملك من حيث كثرة امواله وكنوزه ولا شك أن الارسال الى قارون متاخر عن الارسال الى فرعون وهامان لأنه كان اسرائيليا ابن عم موسى مؤمنا فى الاوآئل اعلم بنى اسرائيل حافظا للتوراة ثم تغير حاله بسبب الغنى فنافق كالسامرى فصار ملحقا بفرعون وهامان فى لكفر والهلاك فاحفظ هذا ودع ما قاله اكثر اهل التفسير فى هذا المقام { فقالوا } فى حق ما اظهره من المعجزات خصوصا فى امر العصا انه { ساحر } او ساحرست كه خارق عادت مى نمايد ازروى سحر وقالوا فيما ادعاه فى رسالة رب العالمين انه { كذاب } دروغ كويست درانكه مى كويد خداى هست ومن رسول اويم والكذاب الذى عادته الكذب بان يكذب مرة بعد اخرى ولم يقولوا سحار لأنهم كانوا يزعمون أنه ساحر وأن سحرتهم اسحر منه كما قالوا يأتوك بكل سحار عليم وفيه تسلية لرسول اللّه عليه السلام وبيان عاقبة من هو اشد من قريش بطشا واقربهم زمانا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله ولقد ارسلنا الخ الى انه تعالى من عواطف احسانه يرسل افضل خلقه فى وقته الى من هو ارذل خلقه ويبعث اخص عباده الى اخس عباده ليدعوه الى حضرة جلاله لاصلاح حاله بفضله ونواله والعبد من خسة طبعه وركاكة عقله يقابله بالتكذيب وينسبه الى السحر واللّه تعالى اظهارا لحكمه وكرمه لا يعجل عقوبته ويمهله الى اوان ظهور شقوته فيجعله مظهر صفة قهره ويبلغ موسى كمال سعادته فيجعله مظهر صفة لطفه نردبان خلق اين ما ومنيست ... عاقبت زين نردبان افتاد نيست هركه سركش بود او مقهور شد ... هركه خالى بود او منصور شد ٢٥ { فلما جاءهم بالحق من عندنا } وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة { قالوا } لاستكمال شقاوتهم { اقتلوا ابناء الذين آمنوا معه } اى تابعوه فى الايمان والقائل فرعون وذووا الرأى من قومه او فرعون وحده لأنه بمنزلة الكل كما قال سنقتل ابناءهم ونستحيى نساءهم { واستحيوا نساءهم } اى ابقوا بناتهم احياء فلا تقتلوهن وبالفارسية وزنده بكذارد دختران ايشابرا تا خدمت زنان قبط كنند والمعنى اعيدوا عليهم القتل وذلك أنه قد امر بالقتل قبيل ولادة موسى عليه السلام باخبار المنجمين بقرب ولادته ففعله زمانا طويلا ثم كف عنه مخافة ان تفنى بنوا اسرآئيل وتقع الاعمال الشاقة على القبط فلما بعث موسى واحس فرعون بنبوته اعاد القتل غيظا وحنقا وتادلهاى بنى اسرآئيل بشكند وموسى را يارى ندهند ظنا منهم انه المولود الذى حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملك فرعون على يده { وما كيد الكافرين } فرعون وقومه او غيرهم اى وما مكرهم وسوء صنيعهم وبالفارسية بنسبت انيبا ومؤمنان { الا فى ضلال } مكر دركم راهى وبيهودكى اى فى ضياع وبطلان لا يغنى عنهم شيأ وينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور والقضاء المحتوم وفى التأويلات النجمية عزم على اهلاك موسى وقومه واستعان على ذلك بجنده وخيله ورجله اتماما لاستحقاقهم العذاب ولكن من حفظ الحق تعالى كان كما قال { وما كيد الكافرين الا فى ضلال } اى في ازدياد ضلالتهم بربهم يشير الى أن من حفر بئرا لولى من اوليائه ما يقع فيه الا حافره وبذلك اجرى الحق سنته انتهى ( حكى ) أن مفتى الشام افتى بقتل الشيخ محيى الدين بن العربى قدس سره فدخل الحوض للغسل فظهرت يد فخنقته فاخرج من الحوض وهو ميت وحكى أن شابا كان يأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ ليهلك فيه فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد فقال من اخرجك قال الذى ادخلنى البستان فقال من ادخلك البستان قال الذى اخرجنى من البيت فتعجب الرشيد فبكى وامر له بالاحسان وبأن يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل اعزه اللّه واراد الرشيد اهانته فلم يقدر الا على اكرامه واحترامه ٢٦ { وقال فرعون } لملئه { ذرونى } خلوا عنى واتركونى يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا واصله وذره يذره كوسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل كما فى القاموس { اقتل موسى } فانى اعلم أن صلاح ملكى فى قتله وكان اذا هم بقتل موسى عليه السلام كفه ملأه بقولهم ليس هذا بالذى تخافه فانه اقل من ذلك واضعف وما هو الا بعض السحرة وبقولهم اذا قتلته ادخلت على الناس شبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت الى المقارعة بالسيف واوهم اللعين انهم هم الكافون له عن قتله ولولاهم لقتله وما كان الذى يكفه الا ما فى نفسه من الفزع الهائل وذلك أنه تيقن نبوة موسى ولكن كان يخاف ان هم بقتله أن يعاجل بالهلاك { وليدع ربه } الذى يزعم أنه ارسله كى يمنعه منى يعنى تاقتل من ازوبازدارد وهو يخاف منه ظاهرا ويخاف من دعاء ربه باطنا والا فما له يقيم له وزنا ويتكلم بذلك { انى اخاف } ان لم اقتله { ان يبدل دينكم } اى يغير ما انتم عليه من الدين الذى هو عبارة عن عبادته وعبادة الاصنام لتقربهم اليه { او ان يظهر فى الارض الفساد } ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج ان لم يقدر على تبديل دينكم بالكلية فمعنى او وقوع احد الشيئين وفى الآية اشارة الى أن فرعون من عمى قلبه ظن أن اللّه يذره ان يقتل موسى بحوله وقوته او يذره قومه ولم يعلم أن اللّه يهلكه ويهلك قومه وينجى موسى وقومه وقد خاف من تبديل الدين او الفساد فى الارض ولم يخف هلاك نفسه وهلاك قومه وفساد حالهم فى الدارين ٢٧ { وقال موسى } اى لقومه حين سمع بما يقوله اللعين من حديث قتله عليه السلام { انى عذت } من بناه كرفتم وفرياد وزنهار خواستم والعوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به { بربى وربكم } خص اسم الرب لأن المطلوب هو الحفظ والتربية واضافته اليه واليهم للحث على موافقته فى العياذ به تعالى والتوكل عليه فان فى تظاهر النفوس تأثيرا قويا فى استجلاب الاجابة وهو السبب الاصلى فى اجتماع الناس لادآء الصلوات الخمس والجمعة والاعياد والاستسقاء ونحوها { من كل متكبر } متعظم عن الايمان وبالفارسية از هر كردن كشى ولم يسم فرعون بل ذكره بوصف يعمه وغيره من جبابرة اركانه وغيرهم لتعميم الاستعاذة والاشعار بعلة القساوة والجرآءة على اللّه وهى التكبر وما يليه من عدم الايمان بالبعث يقول الفقير واما قول الرازى وتبعه القاضى لم يسم فرعون رعاية لحق التربية التى كانت من فرعون له عليه السلام فى صغره فمدخول بان موسى عليه السلام قد شافهه باسمه فى غير هذا الموضع كما قال وانى لأظنك يا فرعون مثبورا وهذا اشد من قوله من فرعون على تقدير التسمية من حيث صدوره مشافهة وصدوره من فرعون مغايبة { لا يؤمن بيوم الحساب } صفة لما قبله عقبه به لأن طبع المتكبر القاسى وشأنه ابطال الحق وتحقير الخلق لكنه قد ينزجر اذا كان مقرا بالجزاء وخائفا من الحساب واما اذا اجتمع التكبر والتكذيب بالبعث كان اظلم واطغى فلا عظيمة الا ارتكبها فيكون بالاستعاذة اولى واحرى وسئل الامام ابو حنيفة رضى اللّه عنه اى ذنب اخوف على سلب الايمان قال ترك الشكر على الايمان وترك خوف الخاتمة وظلم العباد فان من كان فيه هذه الخصال الثلاث فالاغلب ان يخرج من الدنيا كافرا لا من ادركته السعادة وفى الخبر ( ان اللّه تعال سخر الريح لسليمان عليه السلام فحملته وقومه على السرير حتى سمعوا كلام اهل السماء فقال ملك لآخر الى جنبه لو علم فى قلب سليمان مثقال ذرة من كبر لاسفله فى الارض مقدار ما رفعه من الارض الى السماء ) وفى الحديث ( ما من احد الا وفى رأسه سلسلتان احداهما الى السماء السابعة والاخرى الى الارض السابعة فاذا تواضع رفعه اللّه بالسلسلة التى فى السماء السابعة واذا تكبر وضعه اللّه بالسلسلة التى فى الارض السابعة ) فالمتكبر ايا كان مقهور لا محالة كما يقال اول ما خلق اللّه درة بيضاء فنظر اليها بالهيبة فذابت وصارت ماء وارتفع زبدها فخلق منه الارض فافتخرة الارض وقالت من مثلى فخلق اللّه الجبال فجعلها اوتادا فى الارض فقهر الارض بالجبال فتكبرت الجبال فخلق الحديد وقهر الجبال به فتكبر الحديد فقهر بالنار فتكبرت النار فخلق الماء فقهرها به فتكبر الماء فخلق السحاب ففرق الماء فى الدنيا فتكبر السحاب فخلق الرياح ففرقت السحاب فتكبرت الرياح فخلق الآدمى حتى جعل لنفسه بيتا وكنا من الحر والبرد والرياح فتكبر الآدمى فخلق النوم فقهر به فتكبر النوم فخلق المرض فقهره به فتكبر المرض فخلق الموت فتكبر فقهره بالذبح يوم القيامة حيث يذبح بين الجنة والنار كما قال تعالى { وانذرهم يوم الحسرة اذ قضى الامر } يعنى اذ ذبح الموت فالقاهر فوق الكل هو اللّه تعالى كما قال { وانا فوقهم قاهرون } ثم ان الكبر من اشد صفات النفس الامارة فلا بد من اذالته ( قال المولى الجامى ) لاف بى كبرى مزن كان از نشان باى مور ... درشب تاريك بر سنك سيه بنهان ترسب وزدرون كردن برون آسان مكيرانرا كزان ... كوه راكندن بسوزن از زمين آسان ترست ٢٨ { وقال رجل } جون خبر قتل موسى فاش شد و دستان اندوهكير و دشمنان شادمان كشتند ولكن لما استعاذ موسى عليه السلام باللّه واعتمد على فضله ورحمته فلا جرم صانه اللّه من كل بلية واوصله الى كل امنية وقيض له انسانا اجنبيا حتى ذب عنه باحسن الوجوه فى تسكين تلك الفتنة كما حكى اللّه عنه بقوله وقال رجل { مؤمن } كائن { من آل فرعون } فهو صفة ثانية لرجل وقوله يكتم ايمانه صفة ثالثة قدم الاول اعنى مؤمن لكون اشرف الاوصاف ثم الثانى لئلا يتوهم خلاف المقصود وذلك لأنه لو اخر عن يكتم ايمانه لتوهم أن من صلته فلم يفهم أن ذلك الرجل كان من آل فرعون وآل الرجل خاصته الذين يؤول اليه امرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين وكان ذلك الرجل المؤمن من اقارب فرعون اى ابن عمه وهو منذر موسى بقوله ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك كما سبق فى سورة القصص واسمه شمعان بالشين المعجمة وهو اصح ما قيل فيه قاله الامام السهيلى وفى تاريخ الطبرى اسمه جبر وقيل حبيب النجار وهو الذى عمل تابوت موسى حين ارادت امه ان تلقيه فى اليم وهو غير حبيب النجار صاحب يس وقيل خربيل بن نوحائيل او حزقيل ويدل عليه قوله عليه السلام ( سباق الامم ثلاثة لم يكفروا باللّه طرفة عين حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب يس وعلى بن ابى طالب كرم اللّه وجهه وهو رضى اللّه عنه افضلهم ) كما فى انسان العيون نقلا عن العرآئس وقال ابن الشيخ فى حواشيه روى عن النبى عليه السلام أنه قال ( الصديقون ثلاثة حبيب النجار ومؤمن آل يس ومؤمن آل فرعون الذى قال اتقتلون رجلا ان يقول ربى اللّه والثالث ابو بكر الصديق وهو افضلهم ) انتهى . يقول الفقير يمكن ان يقال لا مخالفة بين هاتين الروايتين لما أن المراد تفضيل ابى بكر فى الصديقية وتفضيل على فى السبق وعدم صدور الكفر عنه ولو لحظة فافضلية كل منهما من جهة اخرى ثم أن الروايتين دلتا على كون ذلك الرجل قبطيا وايضا أن فرعون اصغى الى كلامه واستمع منه ولو كان اسرآئيليا لكان عدوا له فلم يكن ليصغى اليه قال فى التكملة فان قلت الآل قد يكون فى غير القرابة بدليل قوله تعالى { ادخلوا آل فرعون اشد العذاب } ولم يرد الاكل من كان على دينه من ذوى قرابته وغيرهم فالجواب أن هذا الرجل لم يكن من اهل دين فرعون وانما كان مؤمنا فاذا لم يكن من اهل دينه فلم يبق لوصفه بأنه من آله الا ان يكون من عشيرته انتهى وقيل كان اسرآئيليا ابن عم قارون او أبوه من آل فرعون وامه من بنى اسرائيل فيكون من آل فرعون صلة يكتم وفيه انه لا مقتضى هنا لتقديم المتعلق وايضا أن فرعون كان يعلم ايمان بنى اسرائيل ألا ترى الى قوله ابناء الذين آمنوا معه فكيف يمكنهم ان يفعلوا كذلك مع فرعون وملئه لا خوفا بل ليكون كلامه بمحل من القبول وكان قد آمن بعد مجيىء موسى او قبله بمائة سنة وكتمه فلما بلغه خبر قصد فرعون بموسى قال { اتقتلون رجلا } اتقصدون قتله ظلما بلا دليل والاستفهام انكارى { ان يقول } اى لأن يقول او كراهة ان يقول { ربى اللّه } وحده لا شريك له والحصر مستفاد من تعريف طرفى الجملة مثل صديقى زيد لا غير { وقد جاءكم بالبينات } اى والحال أنه قد جاءكم بالمعجزات الظاهرة التى شاهدتموها { من ربكم } لم يقل من ربه لأنهم اذا سمعوا أنه جاءهم بالبينات من ربهم دعاهم ذلك الى التأمل فى امره والاعتراف به وترك المكابرة معه لأن ما كان من قبل رب الجميع يجب اتباعه وانصاف مبلغه وعن عروة بن الزبير قال قلت لعبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنهما حدثنى باشد شىء صنعه المشركون برسول اللّه عليه السلام قال اقبل عقبة بن ابى معيط ورسول اللّه يصلى عند الكعبة او لقيه فى الطواف فأخذ بمجامع ردآئه عليه السلام فلوى ثوبه على عنقه وخنقه خنقا شديدا وقال له انت الذى تنهانا عما يعبد آباؤنا فقال عليه السلام ( انا ذاك ) فاقبل ابو بكر رضى اللّه عنه فأخذ بمنكبيه عليه السلام والتزمه من ورآئه ودفعه عن رسول اللّه وقال اتقتلون رجلا ان يقول ربى اللّه وقد جاءكم بالبينات من ربكم رافعا صوته وعيناه تسفحان دمعا اى تجريان حتى ارسلوه وفيه بيان أن ما تولى ابو بكر من رسول اللّه كان اشد مما تولاه الرجل المؤمن من موسى لأنه كان يظهر ايمانه وكان بمجمع طغاة قريش وحكى ابن عطية فى تفسيره عن ابيه أنه سمع ابا الفضل ابن الجوهرى على المنبر يقول وقد سئل ان يتكلم فى شىء من فضائل الصحابة رضى اللّه عنهم فاطرق قليلا ثم رفع رأسه فقال عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى ماذا ترون من قوم قرنهم اللّه تعالى بنبيه وخصهم بمشاهدته وتلقى الروح وقد اثنى اللّه على رجل مؤمن من آل فرعون كتم ايمانه واسره فجعله فى كتابه واثبت ذكره فى المصاحف لكلام قاله فى مجلس من مجالس الكفر واين هو من عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه اذ جرد سيفه بمكة وقال واللّه لا اعبد اللّه سرا بعد اليوم فكان ما كان من ظهور الدين بسيفه ثم اخذهم الرجل المؤمن بالاحتجاج من باب الاحتياط بايراده فى صورة الاحتمال من الظن بعد القطع بكون قتله منكرا فقال { وان يك كاذباً فعليه كذبه } لا يتخطاه وبال كذبه وضرره فيحتاج فى دفعه الى قتله يعنى أن الكاذب انما يقتل اذا تعدى ضرر كذبه الى غيره كالزنديق الذى يدعو الناس والمبتدع الذى يدعو الناس الى بدعته وهذا لا يقدر على ان يحمل الناس على قبول ما اظهره من الدين لكون طباع الناس آبية عن قبوله ولقدرتكم على منعه من اظهار مقالته ودينه { وان يك صادقا } فى قوله فكذبتموه وقصدتم له بسوء { يصبكم بعض الذى يعدكم } اى ان لم يصبكم كله فلا اقل من اصابة بعضه وفى بعض ذلك كفاية لهلاكهم فذكر البعض ليوجب الكل لا أن البعض هو الكل وهذا كلام صادر عن غاية الانصاف وعدم التعصب ولذلك قدم من شقى الترديد كونه كاذبا وصرح باصابة البعض دون الجميع مع أن الرسول صادق فى جميع ما يقوله وانما الذى يصيب بعض ما يعده دون بعض هم الكهان والمنجمون ويجوز ان يكون المعنى يصبكم ما يعدكم من عذاب الدنيا وهو بعض ما يعدهم لأنه كان يتوعدهم بعذاب الدنيا والآخرة كأنه خوفهم بما هو ظهر احتمالا عندهم وفى عين المعانى لأنه وعد النجاة بالايمان والهلاك بالكفر وقد يكون البعض بمعنى الكل كما فى قوله قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل وقوله تعالى { ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه } اى جميعه وفى قوله تعالى { يريد اللّه ان يصيبكم ببعض ذنوبكم } اى بكلها كما فى كشف الاسرار وقال ابو الليث بعض هنا صلة يريد يصبكم الذى يعدكم { ان اللّه لا يهدى من هو مسرف } وهو الذى يتجاوز الحد فى المعصية او هو السفاك للدم بغير حق { كذاب } وهو الذى يكذب مرة بعد اخرى وقيل كذاب على اللّه لان الكذب عليه ليس كالكذب على غيره وهو احتجاج آخر ذو وجهين احدهما أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه اللّه تعالى الى البينات ولما ايده بتلك المعجزات وثانيهما انه ان كان كذلك خذله اللّه واهلكه فلا حاجة لكم الى قتله ولعله اراهم وهو عاكف على المعنى الاول لتلين شكيمتهم وقد عرض به لفرعون لأنه مسرف حيث قتل الابناء بلا جرم كذاب حيث ادعى الالوية لا يهديه اللّه سبيل الصواب ومنهاج النجاة بل يفضحه ويهدم امره ٢٩ { يا قوم } اى كروه من { لكم الملك } والسلطنة { اليوم } حال كونكم { ظاهرين } غالبين عالين على بنى اسرائيل والعامل فى الحال وفى قوله اليوم ما تعلق به لكم { فى الارض } اى ارض مصر لا يقاومكم احد فى هذا الوقت { فمن } بس كيست كه { ينصرنا من بأس اللّه } من اخذه وعذابه { ان جاءنا } اى فلا تفسدوا امركم ولا تتعرضوا لبأس اللّه بقتله فانه ان جاءنا لم يمنعنا منه احد وانما نسب ما يسرهم من الملك والظهور فى الارض اليهم خاصة نظم نفسه فى سلكهم فيما يسوءهم من مجيىء بأس اللّه تطبيقا لقلوبهم وايذانا بأنه مناصح لهم ساع فى تحصيل ما يجديهم ودفع ما يرديهم سعيه فى حق نفسه ليتأثروا بنصحه { قال فرعون } بعدما سمع نصحه اضرابا عن المجادلة وبالفارسية كفت فرعون مرآن مومن راكه ازقتل موسى نهى كرد وجمعى ديكرراكه نزدوى حاضر بودند { ما اريكم } اى ما اشير عليكم { الا ما ارى } واستصبو به من قتله قطعا لمادة الفتنة { وما اهديكم } بهذا الرأى { الا سبيل الرشاد } اى الصواب فهو من الرأى يقال رأى فيه رأيا اعتقد فيه اعتقادا ورآءيته شاورته ولما يقل رأى من الرأى الى باب افعل عدى الى الضمير المنصوب ثم اسثنى استثناء مفرغا فقيل الا ما ارى ويجوز ان يكون من الرؤية بمعنى العلم يقال رآه بعينه اى ابصره ورآه بقلبه اى علمه فيتعدى الى مفعولين ثانيهما الا ما ارى والمعنى لا اعلمكم الا ما اعلم ولا اسر عنكم خلاف ما اظهره ولقد كذب حيث كان مستشعرا للخوف الشديد ولكنه كان يظهر الجلادة وعدم المبالاة ولولاه لما استشار احدا ابدا ( وفى المثنوى ) ان استشارة كانت من عادته حتى أنه كان يلين قلبه فى بعض الاوقات من تأثير كلام موسى عليه السلام فيميل الى الايمان ويستشير امرأته آسية فتشير عليه بالايمان ومتابعة موسى ويستشير وزيره هامان فيصده عن ذلك ( وفى المثنوى ) بس بكفتى تاكنون بودى خديو ... بند كردى زنده بوشى را بريو همجوسنك منجنيقى آمدى ... آن سخن برشيشه خانه اوزدى هرجه صدروز آن كليم خوش خصاب ... ساختى دريكدم او كردى خراب عقل تودستور مغلوب هواست ... درو جودت رهزن راه خداست واى آن شه كه وزير شن اين بود ... جاى هردو دوزخ بركين بود مرهوا راتووزير خود مساز ... كه برارد جان باكت ازنمار شاد آن شاهى كه اورادستكير ... باسداندركارجون آصف وزير شاه عادل جون قرين اوشود ... نام او نور على نور بود شاه جون فرعون وهامانش وزير ... هردورا نبود زبد بختى كزير بس بود ظلمات بعضا فوق بعض ... نىخرد يارونى دولت روز عرض نسأل اللّه زكاء الروح وصفاء القلب ٣٠ { وقال الذى آمن } من آل فرعون مخاطبا لقومه واعظا لهم وفى الحديث ( افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائز ) وذلك من اجل علة الخوف والقهر ولأن الجهاد بالحجة والبرهان اكبر من الجهاد بالسيف والسنان { يا قوم } اى كروه من { انى اخاف عليكم } فى تكذيب موسى عليه السلام والتعرض له بسوء كالقتل والاذى { مثل يوم الاحزاب } مثل ايام الامم الماضية يعنى وقائعهم العظيمة وعقوباتهم الهائلة على طريق ذكر المحل وارادة الحال فان قلت الظاهر ان يقال مثل ايام الاحزاب اذ لكل حزب يوم على حدة قلت جمع الاحزاب مع تفسيره بالطوآئف المختلفة المتباينة الازمان والاماكن اغنى عن جمع اليوم اذ بذلك ارتفع الالتباس وتبين أن المراد الايام ٣١ { مثل دأب قوم نوح } الدأب العادة المستمر عليها والشان ومثل بدل من الاول والمراد بالدأب واليوم واحد اذ المعنى مثل حال قوم نوح وشانهم فى العذاب وبالفارسية مانند حال كروه نوح كه بطوفان هلاك شدند { وعاد } وكروه عادكه بباد صرصر مستأصل كشتند { وثمود } وقوم ثمودكه بيك صيحه مردند { والذين من بعدهم } ومانند حال آنانكه ازبس ايشان بودند جون اهل مؤتفكه كه شهر ايشان زود بركشت وجون اصحاب ايكه كه بعذاب يوم الظلة كرفتار شدند { وما اللّه يريد ظلما للعباد } فلا يهلكم قبل ثبوت الحجة عليهم ولا يعاقبهم بغير ذنب ولا يخلى الظالم منهم بغير انتقام بس شماهم ظلم مكنيد تا معذب نكرديد ٣٢ { ويا قوم انى اخاف عليكم يوم التناد } اصله يوم التنادى بالياء على أنه مصدر تنادى القوم بعضهم بعضا تناديا بضم الدال ثم كسر لاجل الياء وحذف الياء حسن فى الفواصل وهو بالفارسية يكديكررا آوازدادن ويوم نصب على الظرف اى من ذلك اليوم لما فيه من العذاب على المصرين والمؤذين او على المفعول به اى عذاب يوم التناد حذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه فاعرف فاعرابه والمراد بيوم التناد يوم القيامة لأنه ينادى فيه بعضهم بعضا للاستغاثة كقولهم فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا وهيج كس بفرياد كس نمى رسد او يتصايحون بالويل والثبور بنحو قولهم يا ويلنا من بعثنا وما لهذا الكتاب او يتنادى اصحاب الجنة واصحاب النار يعنى ينادى اصحاب الجنة اصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا من الجنة والنعيم المقيم حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم من عذاب النار حقا قالوا نعم ونادى اصحاب النار اصحاب الجنة ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم اللّه ( قال الكاشفى ) يابعدازذبح موت نداكنندكه يا اهل الجنة خلود ولا موت ويا اهل النار خلود ولا موت يادر آنروز منادى ندا كنندكه فلان نيك بخت شدكه هر كزبد بخت نشود وفلان بدبختى كشت كه تابدنيك بختى نيابد ٣٣ { يوم تولون } بدل من يوم التناد يعنى روزى كه بر كردانيده شويد ازموقف حساب وبرويد { مدبرين } حال كونكم منصرفين عنه الى النار يعنى باز كشتكان ازانجا بسوى دوزخ وحال كونكم { مالكم من اللّه من عاصم } اى مالكم من عاصم يعصمكم من عذابه تعالى ويحفظكم { ومن يضلل اللّه } وهركراخدا فرود كذارد درضلالت { فما له من هاد } يهديه الى طريق النجاة قاله لما ايس من قبولهم وفى الآيات اشارة الى أن اللّه تعالى اذا شاء بكمال قدرته اظهارا لفضله ومنته يخرج الحى من الميت كما اخرج من آل فرعون مؤمنا حيا قلبه بالايمان من بين كفار اموات قلوبهم بالكفر ليتحقق قوله تعالى { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } واذا شاء اظهارا لعزته وجبروته يعمى ويصم الملوك والعقلاء مثل فرعون وقومه لئلا يبصروا آيات اللّه الظاهرة ولا يسمعوا الحجج الباهرة مثل ما نصحهم بها مؤمن آلهم ليتحقق قوله تعالى ومن يضلل اللّه فما له من هاد وقوله { ولكن حق القول منى } الاية كما فى التأويلات النجمية واسند الاضلال الى اللّه تعالى لأنه خالق الضلالة وانما الشيطان ونحوه من الوسائط فالجاهل يرى القلم مسخرا للكاتب والعارف يعلم أنه مسخر فى يده لله تعالى لأنه خالق الكاتب والقلم وكذا فعل الكاتب وفى قوله تعالى فما له من هاد اشارة الى أن التوفيق والاختيار للواحد القهار فلو كان لآدم لاختار قابيل ولو كان لنوح لاختار كنعان ولو كان لابراهيم لاختار آزر ولو كان لموسى لاختار فرعون ولو كان لمحمد عليه وعليهم السلام لاختار عمه ابا طالب يقال سبعة عام وسبعة فى جنبها خاص الامر عام والتوفيق خاص والنهى عام والعصمة خاص والدعوة عام والهداية خاص والموت عام والبشارة خاص والحشر يوم القيامة عام والسعادة خاص وورود النار عام والنجاة منها خاص والتخليق عام والاختيار خاص يعنى ليس كل من خلقه اللّه اختاره بل خص منه قوما وكذا خلق امورا واشياء فخص منها البعض ببعض الخواص ثم العجب أن مثل موسى عليه السلام يكون وسط قومه لا يهتدون به وذلك لأن صاحب المرة لا يجد حلاوة العسل والضرير لا يرى الشمس وليس ذلك الا من سوء المزاج وفساد الحال وفقدان الاستعداد عنكبوت از طبع عنقا داشتى ... ازلعابى خيمه كى افراشتى ثم قال مؤمن آل فرعون بطريق التوبيخ ٣٤ { ولقد جاءكم } يا اهل مصر { يوسف } بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم الخليل عليهم السلام { من قبل } اى من قبل موسى { بالبينات } بالمعجزات الواضحة التى من جملتها تعبير الرؤيا وشهادت الطفل على برآءة ذمته وقد كان بعث الى القبط قبل موسى بعد موت الملك وكان فرعون هو فرعون موسى عاش الى زمانه وذلك لأن فرعون موسى عمر اكثر من اربعمائة سنة وكان بين ابراهيم وموسى تسعمائة سنة على ما رواه ابن قتيبة فى كتاب المعارف فيجوز ان يكون بين يوسف وموسى مدة عمر فرعون تقريبا فيكون الخطاب لفرعون وجمع لأن المجيىء اليه بمنزلة المجيىء الى قومه والا فأهل عصر موسى لم يروا يوسف بن يعقوب والاظهر على نسبة احوال الآباء الى الاولاد وتوبيخ المعاصرين بحال الماضين اى ولقد جاء ايها القبط آباءكم الاقدمين وهذا كما قال اللّه تعالى { فلم تقتلون انبياء اللّه من قبل } وانما اراد به آباءهم لأنهم هم القاتلون ثم لا يلزم من هذا ان يكون فرعون موسى من اولاد فرعون يوسف على ما ذهب اليه البعض وقيل المراد يوسف بن افرائيم بن يوسف الصديق اقام نبيا عشرين سنة { فما زلتم } من زال ضد ثبت اى دمتم { فى شك مما جاءكم به } من الدين الحق { حتى اذا هلك } بالموت يعنى تاآنكاه كه بمرد { قلتم } ضما الى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده { لم يبعث اللّه من بعده رسولا } وقال الكاشفى جون سخن اين رسول نشنيديم ديكرى نخواهد آمد ازترس آنكه در قول او تردد كنيم وفى الآية اشارة الى أن فى الانسان ظلومية وجهولية لو خلى وطبعه لا يؤمن بنبى من انبياء ولا بمعجزاتهم انها آيات الحق تعالى وهذه طبيعة المتقدمين والمتأخرين منهم وانما المهتدى من يهديه اللّه بفضله وكرمه ومن انكارهم الطبيعى انهم ما آمنوا بنبوة يوسف فلما هلك انكروا ان يكون بعده رسول اللّه وذلك من زيادة شقاوة الكافرين كما ان من كمال سعادة المؤمنين أن يؤمنوا بالانبياء قبل نبيهم { كذلك } اى مثل ذلك الاضلال الفظيع { يضل اللّه } كمراه سازد خداى تعالىدر بوادىء طغيان { من هو مسرف } فى عصابة { مرتاب } فى دينه شاك فى معجزات انبيائه لغلبة الوهم والتقليد ٣٥ { الذين يجادلون فى آيات اللّه } بدل من الموصول الاول لأنه بمعنى الجمع اذ لا يريد مسرفا واحدا بل كل مسرف والمراد بالمجادلة رد الآيات والطعن فيها { بغير سلطان } متعلق بيجادلون اى بغير حجة وبرهان صالحة للتمسك بها فى الجملة { أتاهم } صفة سلطان { كبر } عظم من هو مسرف مرتاب او الجدال { مقتا } اى من جهة البغض الشديد والنفور القوى { عند اللّه وعند الذين آمنوا } قال ابن عباس رضى اللّه عنه بمقتهم الذين آمنوا بذلك الجدال { كذلك } اى مثل ذلك الطبع الفظيع { يطبع اللّه } مهر مىنهد خداى تعالى وازهدى محجوب ميكند { على كل قلب متكبر جبار } برهردل شخص متكبركه سركش انداز فرمان بردارى خودكامه كه خودرا ازديكران برتردانند فيصدر عنه امثال ما ذكر من الاسراف والارتياب والمجادلة بالباطل قال الراغب الجبار فى صفة الانسان يقال لمن جبر نقيصته اى اصلحها بادعاء منزلة من التعالى لا يستحقها وهذا لا يقال الا على طريقة الذم ويسمى السطان جبارا لقهره الناس على ما يريده او لاصلاح امورهم فالجبر تارة يقال فى الاصلاح المجرد وتارة فى القهر المجرد وقال ابو الليث على قلب كل متكبر جبار ومثله فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية بردل هر كردن كشى فقوله قلب بغير تنوين باضافته الى متكبر لأن المتكبر هو الانسان وقرأ بعضهم بالتنوين بنسبة الكبر الى القلب على أن المراد صاحبه لأنه متى تكبر القلب تكبر صاحبه وبالعكس والخبر ( زنى العينين النظر ) يعنى زنى صاحبهما قال فى الكواشى وكل على القرآءتين لعموم الطبع جميع القلب لا لعموم جميع القلوب يقول الفقير اعلم أن الطابع هو اللّه تعالى والمطبوع هو القلب وسبب الطبع هو التكبر والجبارية وحكمه ان لا يخرج من القلب ما فيه من الكفر والنفاق والزيغ والضلال فلا يدخل فيه ما فى الخارج من الايمان والاخلاص والسداد والهدى وهو اعظم عقوبة من اللّه عليه فعلى العاقل ان يتشبث بالاسباب المؤدية الى شرح الصدر لا الى طبع القلب قال ابراهيم الخواص قدس سره دوآء القلب خمسة قرآءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى اللّه عند السحر ومجالسة الصالحين وقال الحسن البصرى حادثوا هذه القلوب بذكر اللّه فانها سريعة الدثور وهو بالفارسية زثنك افكندن كارد وشمشير والمحادثة بزدودن وهذا بالنسبة الى القلب القابل للمحادثة اذ رب قلب لا يقبل ذلك آهنى راكه موريانه بخورد ... نتوان برد ازوبصقل زنك باسيه دل جه سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين درسنك وفى الحديث ( انى ليغان على قلبى وانى لاستغفر اللّه فى كل يوم مائة مرة ) وقد تكلموا فى تأويله عن الجنيد البغدادى قدس سره ان العبد قد ينتقل من حال الى ارفع منها وقد يبقى من الاولى بقية يشرف عليها من الثانية فيصححها ويقال بين العبد والحق ألف مقام او مائة من نور وظلمة فعلى هذا كان عليه السلام كلما جاز عن مقام استغفر فهو يقطع جميع الحجب كل يوم وذلك يدل على نهاية بلوغه الى حد الكمال وجلالة قدره عند الملك المتعال يقول الفقير لعل الغين اشارة الى لباس البشرية والماهية الامكانية الساتر للقلب عن شهود حضرة الاحدية ولما كان عليه السلام بحيث يحصل له الانكشاف العظيم كل يوم من مائة مرتبة وهى مراتب الاسماء الحسنى باحديتها لم يكن على قلبه اللطيف غين اصلا واشار بالاستغفار الى مرتبة التبديل اى تبديل الغين بالمعجمة عينا بالمهملة والعلم شهودا فصار المقام بحيث كان له غين فازاله بالاستغفار ارشادا للامة والا فلا غين فى هذالمقام والاستغفار وان وهمه العامى قليل الاستبصار وفى الآية ذم للمتكبر والجبار وقال عليه السلام ( يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة فى صورة الذر يطأهم الناس لهوانهم على اللّه ) وذلك لان الصورة المناسبة لحال المتكبر الجبار صورة الذر كما لا يخفى على اهل القلب ٣٦ { وقال فرعون } لوزيره قصدا الى صعود السموات لغاية تكبره وتجبره ( قال الكاشفى ) بس در اثناى مواعظ خربيل فرعون انديشه كردكه ناكاه سخن در مستمعان اثر نكند وزير خودراطلبيد وخودرا ومردم بجيز ديكر مشغول كردانيد { يا هامان } قال فى كشف الاسرار كان هامان وزير فرعون ولم يكن من القبط ولا من بنى اسرآئيل يقال انه لم يغرق مع فرعون وعاش بعده زمانا شقيا محزونا يتكفف الناس { ابن } امر من بنى يبنى يعنى بناكن { لى } براىمن { صرحا } اى بناء مكشوفا ظاهرا على الناظر عاليا مشيدا بالآجر كما قال فى القصص فاوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ولهذا كره الآجر فى القبور كما فى عين المعانى اى لأن فرعون اول من اتخذه وهوه من صرح الشىء بالتشديد اذا ظهر فانه يكون لازما ايضا { لعلى } شايدكه من { ابلغ } برسم وصعود ميكنم { الاسباب } اى الطرق ٣٧ { اسباب السموات } بيان لها يعنى راها از آسمانى بآسمانى وفى ابهامها ثم ايضاحها تفخيم لشأنها وتشويق للسامع الى معرفتها { فاطلع الى اله موسى } بقطع الهمزة ونصب العين على جواب الترجى اى انظر اليه ( قال فى تاج المصادر ) الاطلاع ديده ورشدن وفى عين المعانى الاستعلاء على شىء لرؤيته { وانى لاظنه } اى موسى { كاذبا } فيما يدعيه من الرسالة يقول الفقير لم يقل كذابا كما قال عند ارسالة اليه لأن القائل هنا هو فرعون وحده وحيث قال كذاب رجع المبالغة الى فرعون وهارون وقارون فافهم اعلم أن اكثر المفسرين حملوا هذا الكلام على ظاهره وذكروا فى كيفية بناء ذلك الصرح حكاية سبقت فى القصص وقال بعضهم ان هذا بعيد جدا من حيث أن فرعون ان كان مجنونا لم يجز حكاية كلامه ولا ارسال رسول يدعون وان كان عاقلا فكل عاقل يعلم بديهة انه ليس فى قوة البشر وضع بناء ارفع من الجبل وانه لا يتفاوت فى البصر حال السماء بين ان ينظر من اسفل الجبل ومن اعلاه فامتنع اسناده الى فرعون فذكروا لهذا الكلام توجهين يقربان من العقل الاول انه اراد ان يبنى له هامان رصدا فى موضع عال ليرصد منه احوال الكواكب التى هى اسباب سماوية تدل على الحوادث الارضية فيرى هل فيها ما يدل على ارسال اللّه اياه والثانى ان يرى فساد قول موسى عليه السلام بأن اخباره من اله السماء ويتوقف على اطلاعه عليه ووصوله اليه وذلك لى يتأتى الا بالصعود الى السماء وهو مما لا يقوى عليه الانسان وان كان اقدر اهل الارض كالملوك فاذا لم يكن طريق الى رؤيته واحساسه وجب نفيه وتكذيب من ادعى أنه رسول من قبله وهو موسى فعلى هذا التوجيه الثانى يكون فرعون من الدهرية الزنادقة وشبهته فاسدة لأنه لا يلزم من امتناع كون الحس طريقا الى معرفة اللّه امتناع معرفته مطلقا اذ يجوز ان يعرف بطريق النظر والاستدلال بالآثار كما قال ربكم آبائكم الاولين وقال رب المشرق والمغرب وما بينهما ولكمال جهل اللعين باللّه وكيفية استنبائه اورد الوهم المزخرف فى صورة الدليل وقال الكلبى اشتغل فرعون بموسى ولم يتفرغ لبنائه وقال بعضهم قال فرعون ذلك تمويها وبعضهم قال لغلبة جهله والظاهر أن اللّه تعالى اذا شاء يعمى ويصم من شاء فخلى فرعون ونفسه ليتفرغ لبناء الصرح ليرى منه آية اخرى له وتتأكد العقوبة وذلك لأن اللّه تعالى هدمه بعد بنائه على ما سبق فى القصص وايضا هذا من مقتضى التكبر والتجبر الذى نقل عنه كما مثله عن بخت نصر فانه ايضا لغاية عتوه واستكباره بنى صرحا ببابل على ما سبقت قصته وايضا كيف يكون من الدهرية والمنقول المتواتر عنه أنه كان يتضرع الى اللّه تعالى فى خلوته لحصول مهامه ومن اللّه الفهم والعناية والدراية ويدل على ما ذكرنا ايضا قوله تعالى { وكذلك } اى ومثل ذلك التزيين البليغ المفرط { زين } آرايش داده شد { لفرعون سوء عمله } اى عمله السيىء فانهمك فيه انهماكا لا يرعوى عنه بحال { وصد } صرف ومنع { عن السبيل } اى سبيل الرشاد والفاعل فى الحقيقة هو اللّه تعالى وبالتوسط هو الشيطان ولذا قال زين لهم الشيطان اعمالهم وهذا عند اهل السنة واما عند المعتزلة فالمزين والصاد هو الشيطان { وما كيد فرعون } ونبود مكر فرعون درساختن قصر ودر ابطال آيات { الا فى تباب } اى خسار وهلاك وفى التأويلات النجمية يشير الى أن من ظن أن اللّه سبحانه وتعالى فى السماء كما ظن فرعون فانه فرعون وقته ولو لم يكن من المضاهاة بين من يعتقد أن اللّه سبحانه فى السماء وبين الكافر الا هذا لكفى به فى زيغ مذهبه وغلط اعتقاده فان فرعون غلط اذ توهم ان اللّه فى السماء ولو كان فى السماء لكان فرعون مصيبا فى طلبه من السماء وقوله وكذلك الخ يدل على أن اعتقاده بأن اللّه فى السماء خطأ وانه بذلك مصدود عن سبيل اللّه وما كيد فرعون فى طلب اللّه من السماء الا فى تباب اى خسران وضلال انتهى وعن النبى عليه السلام ( ان اللّه تعالى احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الاعلى يطلبونه كما تطلبونه انتم ) يعنى لو كان فى السماء لما طلبه اهل السماء ولو كان فى الارض لما طلبه اهل الارض فاذا هو الآن على ما كان عليه قبل من التنزه عن المكان وفى هدية المهديين اذا قال اللّه فى السماء واراد به المكان يكفر اتفاقا لأنه ظاهر فى التجسيم وان لم يكن نية يكفر عند اكثرهم وان اراد به الحكاية عن ظاهر الاخبار لا يكفر وعن معاوية بن الحكم السلمى رضى اللّه عنه أنه قال اتيت رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فقلت يا رسول اللّه ان جارية لى كانت ترعى غنما لى فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت اكلها الذئب فاسفت عليها وكنت من بنى آدم فلطمتها اى على وجهها وعلى رقبتها أفاعتقها عنها فقال لها رسول اللّه ( اين اللّه ) فقالت فى السماء فقال ( من انا ) فقالت انت رسول اللّه فقال عليه السلام ( اعتقها فانها مؤمنة ) اعلم انه قد دل الدليلى العقلى على استحالة حصر الحق فى اينية والشارع لما علم أن الجارية المذكورة ليس فى قوتها ان تتعقل موجدها الا على تصوير فى نفسها خاطبها بذلك ولو أنه خاطبها بغير ما تصورته فى نفسها لارتفعت الفائدة المطلوبة ولم يحصل القبول فكان من حكمته عليه السلام ان سأل مثل هذه الجارية بمثل هذا السؤال وبمثل هذه العبارة ولذلك لما اشارت الى السماء قال فيها انها مؤمنة يعنى مصدقة بوجود اللّه تعالى ولم يقل انها عالمة لانها صدقت قول الله { وهو اللّه فى السموات } ولو كانت عالمة لم تقيده بالسماء فعلم أن للعالم ان يصحب الجاهل فى جهله تنزلا لعقله والجاهل لا يقدر على صحبته العالم بغير تنزل كذا فى الفتوحات المكية وفيه ايضا أنه لا يلزم من الايمان بالفوقية الجهة فقد ثبتت فانظر ماذا ترى وكن اهل السنة من الورى انتهى ( وفى المثنوى ) قرب نى بالانه بستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است نيست راجه جاى بالا است وزير ... نيست را زود ونه جورست ونه دير يقول الفقير يعرف من هذا الكلام أن وجود الاشياء وماهياتها الممكنة اعتبارى والاعتبارى لا وجود له حقيقة وانما يقوم بوجود اللّه تعالى متقيدا بالعدم بان يظهر فى اينية مخصوصة دون غيرها سبحانه فافهم ٣٨ { وقال الذى آمن } اى مؤمن آل فرعون { يا قوم اتبعون } فيما دللتكم عليه اصله يا قومى اتبعونى { اهدكم سبيل الرشاد } اى سبيلا يصل سالكه الى المقصود والرشد والرشاد الاهتدآء لمصالح الدين والدنيا وفيه تعريض بان ما يسلكه فرعون وقومه سبيل الغى والضلال وفيه اشارة الى ان لهداية مودعة فى اتباع الانبياء والاولياء وللولى ان يهدى سبيل الرشاد بتبعية النبى عليه السلام كما يهدى النبى اليه ومن الهداية قوله ٣٩ { يا قوم انما هذه الحياة الدنيا متاع } اسم بمعنى المتعة وهى التمتع والانتفاع لا بمعنى السلعة لأن وقوعه خبرا عن الحياة الدنيا يمنع منه اى تمتع يسير وانتفاع قليل لسرعة زوالها لأن الدنيا بأسرها ساعة فكيف عمر انسان واحد وبالفارسية بساط عيش اوباندك فرصتى در نور دند و نامه معاشرت اورا رقم ابطال درسر كشند بباغ دهركه بس تازه رنك و خوش بويست ... مباش غره كه رنج خزان زبى دارد زمان زمان بد مدريح نكبت و ادبار ... جه رنك و بوكه نشانى ازان نكذارد قال محمد بن على الترمذى قدس سره لم تزل الدنيا مذمومة فى الامم السالفة عند العقلاء منهم وطالبوها مهانين عند الحكماء الماضية وما قام داع فى امة الا حذر متابعة الدنيا وجمعها والحب لها ألا ترى الى مؤمن آل فرعون كيف قال اتبعون اهدكم سبيل الرشاد كأنهم قالوا وما سبيل الرشاد قال انما هذه الخ يعنى لن تصل الى سبيل الرشاد وفى قلبك محبة للدنيا وطلب لها { وان الآخرة هى دار القرار } لخلودها ودوام ما فيها فالدآئم خير من المنقضى قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خزف فان والآخرة ذهب باق وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ان رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم نام على حصير فقام وقد اثر فى جسده فقال ابن مسعود رضى اللّه عنه يا رسول اللّه لو امرتنا ان نبسط لك لنفعل فقال ( مالى وللدنيا وما أنا والدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ) وعن انس بن مالك رضى اللّه عنه أن النبى عليه السلام قال ( يا بنى اكثر ذكر الموت فانك اذا اكثرت ذكر الموت زهدت فى الدنيا ورغبت فى الآخرة وأن الآخرة دار قرار والدنيا غرارة والمغرور من اغتر بها ) توغافل در انديشه سود مال ... كه سرمايه عمر شد بايمال جه خوش كفت باكودك آموزكار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار ٤٠ { من } هركه { عمل } فى الدنيا { سيئة } كردارى بد { فلا يجزى } فى الآخرة { الا مثلها } عدلا من اللّه سبحانه فخلود الكافر فى النار مثل لكفره ولو ساعة لأبدية اعتقاده واما المؤمن الفاسق فعقابه منقطع اذ ليس على عزم ان يبقى مصرا على المعصية وفى الآية دليل على أن الجنايات سوآء كانت فى النفوس او الاعضاء او الاموال تغرم بامثالها والزآئد على الامثال غير مشروع { ومن عمل صالحا } وهو ما طلب به رضى اللّه تعالى اى عمل كان من الاعمال المشروعة { من ذكر او انثى } ذكرهما ترغيبا لهما فى الصالحات { وهو } اى والحال أنه { مؤمن } باللّه واليوم الآخر جعل العمل عمدة والايمان حالا للايذان بانه لا عبرة بالعمل بدون الايمان اذ الاحوال مشروطة على ما تقرر فى علم الاصول { فاؤلئك } الذين عملوا ذلك { يدخلون الجنة يرزقون فيها } روزى داده شو نداز فوا كه با كيزه و مطاعم لذيذه { بغير حساب } اى بغير تقدير وموازنة بالعمل بل اضعافا مضاعفة فضلا من اللّه ورحمة وفى التأويلات النجمية بغير حساب اى مما لم يكن فى حساب العبد ان يرزق مثله وعن ابى هريرة رضى اللّه عنه أنه قال اخبرنى رسول اللّه عليه السلام أن اهل الجنة اذا دخلوها نزلوا فيها بفضل اعمالهم اى باعمالهم الفاضلة ثم يؤذن لهم فى مقدار يوم الجمعة من ايام الدنيا فيبرزون ويبرز لهم عرشه ويتبدى لهم فى روضة من رياض الجنة فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس ادناهم وما هو دنى على كثبان المسك والكافور ما يرون أن اصحاب الكراسى بافضل منهم مجلسا قال ابو هريرة رضى اللّه عنه قلت يا رسول اللّه وهل يرى ربنا قال ( نعم هل تتمارون فى رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ) قلنا لا قال ( كذلك لا تتمارون فى رؤية ربكم تبارك وتعالى ) ولا يبقى فى ذلك المجلس رجل الا حاضره اللّه محاضرة حتى يقول للرجل منهم يا فلان ابن فلان أتذكر يوم قلت كذا وكذا فيذكره بعض عثراته فى الدنيا فيقول او لم تغفر لى فيقول بلى فبسعة مغفرتى بلغت منزلتك هذه فبينما هم على ذلك اذ غشيهم سحابة فامطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه قط ويقول ربنا قوموا الى ما اعددت لكم من الكرامة فخذوا ما شتهيتم فنأتى سوقا قد حفت بالملائكة لم تنظر العيون الى مثلها ولم تسمع الاذان ولم يخطر على القلوب فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيها ولا يشترى وفى ذلك السوق يلقى اهل الجنة بعضهم بعضا قال فيقبل الرجل ذو المنة المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دنى فيروعه ما عليه من اللباس فما ينقضى آخر حديثه حتى يتخيل عليه ما هو احسن منه وذلك أنه لا ينبغى لأحد ان يحزن فيها ثم ننصرف الى منازلنا فيتلقانا ازواجنا فيقلن مرحبا واهلا لقد جئت وان ربك من الجمال ما هو افضل مما فارقتنا عليه فيقول انا جالسنا اليوم ربنا الجبار ويحق لنا ان ننقلب بمثل ما انقلبنا ٤١ { ويا قوم } قال الكاشفى آل فرعون از سخنان خربيل فهم كردندكه ايما آورده است زبان ملامت بكشادندكه شرم ندارىكه از برستش فرعون روى بعبادت ديكرى مى آرى خربيل تكرار ندا كرداز روى تنبيه تا شايد از خواب غفلت بيدار شوند بس كفت اى كروه من { مالى } الاستفهام للتوبيخ { ادعوكم الى النجاة } من النار بالتوحيد { وتدعوننى الى النار } بالاشراك قوله ادعوكم فى موضع الحال من المنوى فى الخبر وتدعوننى عطف عليه ومدار التعجب دعوتهم اياه الى النار لا دعوته اياهم الى النجاة كأنه قيل اخبرونى كيف هذا الحال ادعوكم الى الخير وتدعوننى الى الشر وقد جعله بعضهم من قبيل مالى اراك حزينا اى مالك تكون حزينا فيكون المعنى مالكم ادعوكم الخ ٤٢ { تدعوننى لاكفر باللّه } بدل والدعاء كالهداية بالى واللام { واشرك به ما ليس لى به } اى بشركته له تعالى فى المعبودية { علم } والمراد نفى المعلوم وهو ربوبية ما يزعمون اياه شريكا بطريق الكناية وهو من باب نفى الشىء بنفى لازمه وفيه اشعار بان الالوهية لا بد لها من برهان موجب للعلم بها { وانا ادعوكم الى العزيز } الذى لم يكن له كفوا احد واما المخلوقات فبعضها اكفاء بعض وايضا الى القادر على تعذيب المشركين { الغفار } لمن تاب ورجع اليه القادر على غفران المذنبين ٤٣ { لا جرم } هرآينه قاله الكاشفى وقال غيره كلمة لا رد لما دعوه اليه من الكفر والاشراك وجرم فعل ماض بمعنى حق وفاعله قوله تعالى { ان ما تدعوننى اليه } اى الى عبادته واشراكه { ليس له دعوة فى الدنيا ولا فى الآخرة } اى حق ووجب عدم دعوة آلهتكم الى عبادة نفسها اصلا ومن حق المعبود ان يدعو الناس الى عبادته بارسال الرسل وانزال الكتب وهذا الشأن منتف عن الاصنام بالكلية لأنها فى الدنيا جمادات لا تستطيع دعاء غيرها وفى الآخرة اذا انشأها اللّه حيوانا ناطقا تبرأ من عبدتها أو المعنى حق وثبت عدم استجابة دعوة لها اى ليس لها استجابة دعوة لا فى الدنيا بالبقاء والصحة والغنى ونحوها ولا فى الآخرة بالنجاة ورفعة الدرجات وغيرهما كما قال تعالى { ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم } فكيف تكون الاصنام ربا وليس لها قدرة على اجابة دعاء الداعين ومن شأن الرب استجابة الدعوات وقضاء الحاجات وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه اى كسب ذلك الدعاء الى الكفر والاشراك بطلان دعوته اى بطلان دعوة المدعو اليه بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته كأنه قيل انكم تزعمون أن دعاءكم الى الاشراك يبعثنى على الاقبال عليه وانه سبب الاعراض وظهور بطلانه وقيل جرم فعل من الجرم وهو القطع كما أن بد من لا بد فعل من التبديد والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الاصنام اى لا ينقطع فى وقت ما فينقلب حقا فيكون جرم اسم لا مبنيا على الفتح لا فعلا ماضيا كما هو على الوجهين الاولين وفى القاموس لا جرم اى لا بد أو حقا او لا محالة او هذا اصله ثم كثر حتى تحول الى معنى القسم فلذلك يجاب عنه باللام يقال لا جرم لآتينك { وان مردنا } مرجعنا { الى اللّه } اى بالموت ومفارقة الارواح الاجساد ومارا جزا خواهد داد وهو عطف على أن ما تدعوننى داخل فى حكمه وكذا قوله تعالى { وان المسرفين } اى فى الضلال والطغيان كالاشراك وسفك الدماء { هم اصحاب النار } اى ملازموها ٤٤ { فستذكرون } اى فسيذكر بعضكم بعضا عند معاينة العذاب { ما اقول لكم } من النصائح ولكن لا ينفعكم الذكر حينئذ { وافوض امرى الى اللّه } ارده اليه ليعصمنى من كل سوء قاله لما أنهم كانوا توعدوه بالقتل قال فى القاموس فوض اليه الامر رده اليه انتهى وحقيقة التفويض تعطيل الارادة فى تدبير اللّه تعالى كما فى عين المعانى وكمال التفويض ان لا يرى لنفسه ولا للخلق جميعا قدرة على النفع والضر كما فى عرآئس البقلى قال بعضهم التفويض قبل نزول القضاء والتسليم بعد نزوله { ان اللّه بصير بالعباد } يعلم المحق من المبطل فيحرس من يلوذ به من المكاره ويتوكل عليه وفى كشف الاسرار معنى تفويض كار باخداوندكار كذاشتن است درسه جيز دردين ودر قسم ودر حساب خلق اما تفويض دردين آنست كه بتكلف خود درهرجه اللّه ساخته نياميزى وجنانكه ساخته وى ميكردد با آن ميسازى وتفويض درقسم آنست كه بهانه دعا باحكم اومعارضه نكنى وبا ستقاصى طلب تعيين خودرا متهم نكنى وتفويض درحساب آنست كه اكر ايشانرا بدى بينى آنرا شقاوت نشمرى وبترسى واكر برنيكى بينى آنرا سعادت نشمرى واميد دارى وبر ظاهر هركس فرو آيى وبصدق ايشانرا مطالبت نكنى ويقرب من هذا حديث ابى هريرة رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( ان رجلين كانا فى بنى اسرائيل متحابين احدهما مجتهد فى العبادة والآخر كان يقول مذنب فجعل المجتهد يقول أقصر أقصر عن ما انت فيه قال فيقول خلنى وربى فانما على ذنب استعظمه فقال أقصر فقال خلنى وربى أبعثت على رقيبا فقال واللّه لا يغفر اللّه لك ابدا ولا يدخلك الجنة ابدا قال فبعث اللّه اليهما ملكا فقبض ارواحهما فاجتمعا عنده فقال للمذنب ادخل الجنة برحمتى وقال للآخر أتستطيع ان تحظر على عبدى رحمتى فقال لا يا رب قال اذهبوا به الى النار ) قال ابو هريرة والذى نفسى بيده لتكلم بكلمة اوبقت بدنياه وآخرته ودلت الآية على أن اللّه تعالى مطلع على العباد واحوالهم فلا بد من تصحيح الحال ومراقبة الاحوال روى أن ابن مسعود رضى اللّه عنه خرج مع بعض الاصحاب رضى اللّه عنهم الى الصحرآء فطبخوا الطعام فلما تهيأوا للاكل رأوا هنالك راعيا يرعى اغناما فدعوه الى الطعام فقال الراعى كلو انتم فانى صائم فقالوا له بطريق التجربة كيف تصوم فى مثل هذا اليوم الشديد الحرارة فقال لهم ان نار جهنم اشد حرا منه فاعجبهم كلامه فقالوا له بع لنا غنما من هذه الاغنام نعطك ثمنه مع حصة من لحمه فقال لهم هذه الاغنام ليست لى وانما هى لسيدى ومالكى فكيف ابيع لكم مال الغير فقالوا له قل لسيدك انه اكله الذئب او ضاع فقال الراعى اين اللّه فاعجبهم كلامه زيادة الاعجاب ثم لما عادوا الى المدينة اشتراه ابن مسعود من مالكه مع الاغنام فاعتقه ووهب الاغنام له فكان ابن مسعود يقول له فى بعض الاحيان بطريق الملاطفة اين اللّه وروى أن نبيا من الانبياء كان يتعبد فى جبل وكان فى قربه عين جارية فجاز بها فارس وشرب منها ونسى عندها صرة فيها الف دينار فجاء آخر فاخذ الصرة ثم جاء رجل فقير على ظهره حزمة حطب فشرب واستلقى ليستريح فرجع الفارس لطلب الصرة فلم يرها فأخذ الفقير فطلبها منه فلم يجدها عنده فعذبه حتى قتله فقال ذلك النبى الهى ما هذا اخذ الصرة بل اخذها ظالم آخر وسلطت هذا الظالم عليه حتى قتله فاوحى اللّه تعالى اليه ان اشتغل بعبادتك فليس معرفة مثل هذا من شأنك ان هذا الفقير قد قتل ابا الفارس فمكنته من القصاص وان ابا الفارس كان اخذ ألف دينار من مال آخذ الصرة فرددته اليه من تركته ذكره الغزالى رحمه اللّه ( قال الحافظ ) دركاه خانه كه ره عقل وفضل نيست ... فهم ضعيف وراى فضولىجرا كنند ٤٥ { فوقاه اللّه } آورده اندكه فرعون فرمود تاخربيل رابكشندوى كريخته روى بكوهى نهاد وبنماز مشغول شدحق سبحانه تعالى لشكر سباع را برانكيخت تابكردوىدر آمده آغازيا سبانى كردند نتيجه تفويض بزودىدروى رسيديعنى فوض أمره الى اللّه فكفاه اللّه در كشف الاسرار آمده كه فرعون ازخو اص خود جمعىرا ازعقب اوفرستادجون بوى رسيدند ونمازوى ونكهبانى سباع مشاهده كرده بترسيدند ونزد فرعون آمده صورت حال باز كفتند همه راسياست كرد تا آن سخن فاش نكردد وقال بعضهم منهم من اكلته السباع ومنهم من رجع الى فرعون فاتهمه وصلبه فاخبر اللّه عن الحال خربيل بقوله فوقاه اللّه اى حفظه من { سيئات ما مكروا } شدآئد مكرهم وما هموا به من الحاق انواع العذاب بمن خالفهم وبالفارسية بس نكاه داشت اوراخداى از بديهاى آنجه انديشيدند درراه او وقيل نجا خربيل مع موسى عليه السلام { وحاق } نزل واصاب { بآل فرعون } اى بفرعون وقومه وعدم التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره ضرورة أنه اولى منهم بذلك من حيث كونه متبوعا لهم ورئيسا ضالا مضلا { سوء العذاب } اى الغرق وهذا فى الدنيا ثم بين عذابهم فى البرزخ بقوله ٤٦ { النار يعرضون } اى فرعون وآله { عليها } اى على النار ومعنى عرضهم على النار احراق ارواحهم وتعذيبهم بها من قولهم عرض الاسارى على السيف اذا قتلوا به قال فى القاموس عرض القوم على السيف قتلهم وعلى السوط ضربهم { غدوا وعشيا } اى فى اول النهار وآخره وذكر الوقتين اما للتخصيص واما فيما بينهما فاللّه تعالى اعلم بحالهم اما أن يعذبوا بجنس آخر او ينفس عنهم واما للتأبيد كما فى قوله تعالى { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } اى على الدوام قال ابن مسعود رضى اللّه عنه أن ارواح آل فرعون فى اجواف طير سود يعرضون على النار مرتين فيقال يا آل فرعون هذه داركم قال ابن الشيخ فى حواشيه هذا يودن بان العرض ليس بمعنى التعذيب والاحراق بل بمعنى الاظهار والابراز وان الكلام على القلب كما فى قولهم عرضت الناقة على الحوض فان اصله عرضت الحوض على الناقة بسوقها اليه وايرادها عليه فكذا هنا اصل الكلام تعرض عليهم اى على ارواحهم بأن يساق الطير التى ارواحهم فيها اى فى اجوافها الى النار وفى الحديث ( أن احدكم اذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى ان كان من اهل الجنة فمن الجنة وان كان من اهل النار فمن النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك اللّه يوم القيامة ) يعنى اينست جاى توتا كه برانكيز دترا خداى بسوى وى درروز قيامت يقول الفقير اما كون ارواحهم فى اجواف طير سود فليس المراد ظرفية الاجواف للارواح حتى لا يلزم التناسخ بل هو تصوير لصور أرواحهم البرزخية واما العرض بمعنى الاظهار فلا يقتضى عدم التعذيب فكل روح اما معذب او منعم وللتعذيب والتنعيم مراتب ولأمر ما ذكر اللّه تعالى عرض ارواح آل فرعون على النار فان عرضها ليس كعرض سائر الارواح الخبيثة قال فى عين المعانى قال رجل للاوزاعى رأيت طيرا لا يعلم عددها الا اللّه تخرج من البحر بيضاء ثم ترجع عشيا سودآء فما هى قال ارواح آل فرعون تعرض وتعود والسواد من الاحراق هذا ما دامت الدنيا { ويوم تقوم الساعة } وتعود الارواح الى الابدان يقال للملائكة { أدخلوا آل فرعون اشد العذاب } اى عذاب جهنم فانه اشد مما كانوا فيه فانه للروح والجسد جميعا وهو أشد مما كان للروح فقط كما فى البرزخ وذلك ان الارواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى ولكن ذلك نعيم او عذاب معنوى روحانى حتى تبعث اجسادها فترد اليها فتعذب عند ذلك حسا ومعنى او تنعم ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى فى المنام قيل له ما فعل اللّه بك قال غفر لى واباح لى نصف الجنة اى نعيم الروح واما النصف الآخر الذى هو نعيم الجسد فيحصل بعد الحشر ببدنه والاكل الذى يراه الميت بعد موته فى البرزخ هو كالاكل الذى يراه النائم فى النوم فكما أنه تتفاوت درجات الرؤيا حتى ان منهم من يستيقظ ويجد أثر الشبع او الرى فكذا تختلف احوال الموتو فالشهدآء احياء عند ربهم كحياة الدنيا ونعيمهم قريب من نعيم الحس فافهم جدا ويجوز ان يكون المعنى ادخلوا آل فرعون اشد عذاب جهنم فان عذابها ألوان بعضها شد من بعض وفى الحديث ( اهون اهل النار عذابا رجل فى رجليه نعلان من نار يغلى منهما دماغه ) وفى التأويلات النجمية ويوم تقوم الساعة يشير الى مفارقة الروح البدن بالموت فان من مات فقد قامت قيامته ادخلوا آل فرعون اشد العذاب وذلك فان اشد عذاب فرعون النفس ساعة المفارقة لأنه يفطم عن جميع مألوفات الطبع دفعة واحدة والفطام عن المألوف شديد وقد يكون الالم بقدر شدة التعلق به انتهى ( قال الحافظ ) غلام همت آنم كه زير جرخ كبود ... زهرجه رنك تعلق بذير آزا دست ( وقال غيره ) الفت مكير همجو الف هيج باكسى ... تابسته الم نشوى وقت انقطاع ثم فى الآية دليل على بقاء النفس وعذاب القبر لأن المراد بالعرض التعذيب فى الجملة وليس المراد انهم يعرضون عليها يوم القيامة لقوله بعده ويوم تقوم الساعة الخ واذا ثبت فى حق آل فرعون ثبت فى حق غيرهم اذ لا قائل بالفصل وكان عليه السلام لا يصلى صلاة الا وتعوذ بعدها من عذاب القبر قال عليه السلام ( من كف اذاه عن الناس كان حقا على اللّه ان يكف عنه أذى القبر ) وروى عن سالم بن عبد اللّه أنه قال سمعت ابى يقول اقبلت من مكة على ناقة لى وخلفى شىء من الماء حتى اذا مررت بهذه المقبرة مشيرا الى مقبرة محصوسة بين مكة والمدينة خرج رجل من المقبرة يشتعل من قرنه الى قدمه نارا واذا فى عنقه سلسلة تشتعل نارا فوجهت الدابة نحوه انظر الى العجب فجعل يقول يا عبد اللّه صب على من الماء فخرج رجل من القبر اخذ بظرف السلسلة فقال لا تصب عليه الماء ولا كرامة فمد يده حتى انتهى به الى القبر فاذا معه سوط يشتعل نارا فضربه حتى دخل القبر قال وهب بن منبه من قرأ بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه رفع اللّه العذاب عن صاحب القبر اربعين سنة كذا فى زهرة الرياض قال العلماء عذاب القبر هو عذاب البرزخ اضيف الى القبر لأنه الغالب والا فكل ميت اراد اللّه تعذيبه ناله ما اراد به قبر أو لم يقبر بان صلب او غرق فى البحر او احراق حتى صار رمادا وذرى فى الجو قال امام الحرمين من تفرقت اجزآؤه يخلق اللّه الحياة فى بعضها او كلها ويوجه السؤال عليها ومحل العذاب والنعيم أى فى القبر هو الروح والبدن جميعا باتفاق اهل السنة قال اليافعى وتختص الارواح دون الاجساد بالنعيم والعذاب ما دامت فى عليين او سجين وفى القبر يشترك الروح والجسد قال الفقيه ابو الليث الصحيح عندى أن يقر الانسان بعذاب القبر ولا يشتغل بكيفيته وفى الاخبار الصحاح أن بعض الموتى لا ينالهم فتنة القبر كالانبياء والاولياء والشهدآء قال الحكيم الترمذى اذا كان الشهيد لا يسأل فالصديق اولى بان لا يفتن هو المنخلع عن صفات النفس والشهيد هو اهل الحضور والصحيح هو اهل الاستقامة فى الدين ورؤى بعضهم بعد موته على حال حسنة فسئل عن سببها فقال كنت اكثر قول لا اله الا اللّه فاكثر منها اى من هذه المقالة الحسنة والكلمة الطيبة اللهم اختم لنا بالخير والحسنى ٤٧ { واذ يتحاجون فى النار } التحاج بالتشديد التخاصم كالمحاجة اى واذكر يا محمد لقومك وقت تخاصم اهل النار فى النار سوآء كانوا آل فرعون او غيرهم ثم شرح خصومتهم بقوله { فيقول الضعفاء } منهم فى القدر والمنزلة والحال فى الدنيا يعنى بيجاركان وزبونان قوم { للذين استكبروا } اى اظهروا الكبر باطلا وهم رؤساؤهم ولذا لم يقل للكبرآء لأنه ليس الكبرياء صفتهم فى نفس الامر { انا كنا لكم } فى الدنيا { تبعا } جمع تابع كخدم فى جمع خادم قال فى القاموس التبع محركة التابع يكون واحد او جمعا اى اتباعا فى كل حال خصوصا فيما دعوتمونا اليه من الشرك والتكذيب يعنى سبب دخول مادر دوزخ ببدىء شما { فهل انتم } بس آياهستيد شما { مغنون عنا نصيبا من النار } بالدفع او بالحمل يقال ما يغنى عنك هذا اى ما يجزيك وما ينفعك ونصيبا وهو الحظ المنصوب اى المعين كما فى المفردات منصوب بمضمر يدل عليه مغنون فان اغنى اذا عدى بكلمة عن لا يتعدى الى مفعول آخر بنفسه اى رافعون عنا نصيبا اى بعضا وجزأ من النار باتباعنا اياكم فقد كنا ندفع المؤونة عنكم فى الدنيا ٤٨ { قال الذين استكبروا } جه جاى اين سخن است { انا كل } اى كلنا نحن وانتم وبهذا صح وقوعه مبتدأ { فيها } خبر اى فى النار فكيف نغنى عنكم ولو قدرنا لاغنينا عن انفسنا { ان اللّه قد حكم بين العباد } بماهية كل احد فادخل المؤمنين الجنة على تفاوتهم فى الدرجات والكافرين النار على طبقاتهم فى الدركات ولا معقب لحكمه ٤٩ { وقال الذين فى النار } من الضعفاء والمستكبرين جميعا لما ذاقوا شدة العذاب وضاقت حيلهم { لخزنة جهنم } اى القوام بتعذيب اهل النار جمع خازن والخزن حفظ الشىء فى الخزانة ثم يعبر به عن كل حفظ كحفظ السر ونحوه قاله الراغب ووضع جهنم موضع الضمير للتهويل والتفظيع وهم اسم لنار اللّه الموقدة { ادعوا ربكم } شافعين لنا { يخفف عنا يوما } اى فى مقدار يوم واحد من ايام الدنيا { من العذاب } اى شيأ منه فقوله يوما ظرف ليخفف ومفعوله محذوف ومن العذاب بيان لذلك المحذوف واقتصارهم فى الاستدعاء على تخفيف قدر يسير من العذاب فى مقدار قصير من الزمان دون رفعه رأسا او تخفيف قدر كثير منه فى زمان مديد لعلمهم بعدم كونه فى حيز الامكان ٥٠ { قالوا } اى الخزنة بعد مدة { او لم تك } الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدارى الم تنبهوا على هذا ولم تك { تأتيكم رسلكم } فى الدنيا على الاستمرار { بالبينات } بالحجج الواضحة الدالة على سوء عاقبة ما كنتم عليه من الكفر والمعاصى ارادوا بذلك الزامهم وتوبيخهم على اضاعة اوقات الدعاء وتعطيل اسباب الاجابة { قالوا بلى } اى اتونا بها فكذبناهم كما فى سورة الملك { قالوا } اذا كان الامر كذلك يعنى جون كاربرين منوالست { فادعوا } انتم فان الدعاء لمن يفعل ذلك مما يستخيل صدوره عنا ولم يريدوا بامرهم بالدعاء اطماعهم فى الاجابة بل اقناطهم منها واظهار حقيقتهم حسبما صرحوا به فى قولهم { وما دعاء الكافرين } لأنفسهم فالمصدر مضاف الى فاعله او وما دعاء غيرهم لهم بتخفيف العذاب عنهم فالمصدر مضاف الى مفعوله { الا فى ضلال } اى فى ضياع وبطلان لا يجاب لأنهم دعوا فى غير وقته اختلف العلماء فى أنه هل يجوز ان يقال يستجاب دعاء الكافرين فمنعه الجمهور لقوله تعالى وما دعاء الكافرين الا فى ضلال ولأن الكافر لا يدعو اللّه لانه لا يعرفه لأنه وان اقر به لما وصفه بما لا يليق به نقض اقراره وما روى فى الحديث ( ان دعوة المظلوم وان كان كافرا تستجاب ) فمحمول على كفران النعمة وجوزه بعضهم لقوله تعالى حكاية عن ابليس { رب انظرنى } اى امهلنى ولا تمتنى سريعا فقال اللّه تعالى { انك من المنظرين } فهذه اجابة وبالجواز يفتى ( قال الشيخ سعدى ) مغى دربروى ازجهان بسته بود ... بتى را بخدمت ميان بسه بود بس ازجند سال آن نكوهيده كيش ... قضا حالتى صعبش آورد بيش بباى بت آمد باميد خبر ... بغلطيد بيجاره برخاك دير كه درمانده ام دست كيراى صنم ... بجان آمدم رحم كن برتنم بزاريد درخدمتش بارها ... كه هيجش بسامان نشد كارها بتى جون برارد مهمات كس ... كه نتواند ازخود براند مكس برآشفت كاى باى بند ضلال ... بباطل برستيدمت جند سال مهمىكه دربيش دارم برآر ... وكرنه بخواهم زبرور دكار هنوز ازبت آلوده رويش بخاك ... كه كامش بر آورد يزدان باك حقائق شناسى درين خيره شد ... سروقت صافى بروتيره شد كه سر كشته دون باطل برست ... هنوزش سراز خمر بتخانه مست دل از كفر ودست ازخيانت نشست ... خدايش بر آورد كامىكه جشد فرورفت خاطردرين مشكلش ... كه بيغامى آمد درون دلش كه بيش صنم بيرناقص عقول ... بسى كفت وقولش نيامد قبول كرازدركه ماشود نيرزد ... بس آنكه جه فرن ازصنم تاصمد دل اندر صمد بايداى دوست بست ... كه عاجز ترنداز صنم هركه هست محالست اكر سر برين درنهى ... كه باز آيدت دست حاجت تهى فاذا ثبت أن اللّه تعالى يجيب الدعوات لا ما سواه من الاصنام ونحوها فلا بد من توحيده واخلاص الطاعة والعبادة له وعرض الافتقار اليه اذ لا ينفع الغير لا فى الدنيا ولا فى الآخرة جعلنا اللّه واياكم من التابعين للهدى والمحفوظين من الهوى ٥١ { انا } نون العظمة او باعتبار الصفات او المظاهر { لننصر رسلنا } النصر العون { والذين آمنوا } اى اتباعهم { فى الحياة الدنيا } بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبى وغير ذلك من العقوبات ولا يقدح فى ذلك ما قد يتفق لهم من صورة المغلوبية امتحانا اذ العبرة انما هى بالعواقب وغالب الامر وايضا ما يقع فى بعض الاحيان من الانهزام انما كان بعارض كمخالفة امر الحاكم كما فى غزوة احد وكمطلب الدنيا والعجب والغرور كما فى بعض وقائع المؤمنين وايضا أن اللّه تعالى ينتقم من الاعداء ولو بعد حين كما بعد الموت الا ترى أن اللّه تعالى انتقم ليحيى عليه السلام بعد استشهاده من بنى اسرآئيل بتسليط بخت نصر حتى قتل به سبعون الفا قال عبد اللّه بن سلام رضى اللّه عنه ما قتلت امة نبيا الا قتل به منهم سبعون الفا ولا قتلوا خليفة الا قتل به خمسة وثلاثون الفا واما قصة الحسنين رضى اللّه عنهما فكثرة القتلى لهما باعتبار جدهما عليه السلام وحاصله أن علماء هذه الامة كانبياء بنى اسرآئيل فاذا انضم الى شرفهم شرف الانتساب الى النبى عليه السلام بالسيادة الصورية قربا او بعدا تضاعف قدرهم فكان الاكرام اليهم بمنزلة الاكرام الى النبى عليه السلام وكذا الاهانة والظاهر فى دفع التعارض بين قوله تعالى انا لننصر رسلنا وبين قوله { ويقتلون النبيين بغير الحق } ما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما والحسن رضى اللّه عنه من انه لم يقتل من الانبيا الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر كما فى تفسير القرطبى فى البقرة وكان زكريا ويحيى وشعيب ونحوهم عليهم السلام ممن لم يؤمر بالقتال يقول الفقير حقيقة النصرة للخواص انما هى بالامداد الملكوتى وقد يجيىء الامداد من جهة البلاء الصورى فالقتل ونحوه كله من قبيل الامداد بالترقى والحمد لله الذى بيده الخير قال شيخ الشهير بافتاده أفندى قدس سره كان النبى عليه السلام قادرا على تخليص الحسنين رضى اللّه عنهما بالشفاعة من اللّه تعالى لكنه رأى كمالهما بالشهادة راجحا على الخلاص وفى التأويلات النجمية كمال النصرة فى الظفر على اعدى عدوك وهى نفسك التى بين جنبيك هو الجهاد الاكبر ولا يمكن الظفر على النفس الا بنصرة الحق تعالى للقلب اذا تحقق عند العبد أن الخلق اشباح يجرى عليهم احكام القدر فالولى لا عدو له ولا صديق الا اللّه ولهذا قال عليه السلام ( اعوذ بك منك ) { ويوم يقوم الاشهاد } جمع شاهد كصاحب واصحاب اى لننصرنهم فى الدنيا والآخرة وعبر عن يوم القيامة بذلك للاشعار بكيفية النصرة وانها تكون عند جمع الاولين والآخرين بشهادة الاشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب وهم الملائكة والمؤمنون من امة محمد عليه السلام قال تعالى { وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس } ٥٢ { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم } بدل من اليوم الاول والمعذرة بمعنى العذر وقد سبق معناه فى الاول السورة اى لا ينفعهم عذرهم عن كفرهم لو اعتذروا فى بعض الاوقات لأن معذرتهم باطلة فيقال لهم اخسأوا ولا تكلمون ويجوز أن يكون عدم نفع المعذرة لأنه لا يؤذن لهم فيعتذرون فيكون من نفى المقيد والقيد لا معذرة ولا نفع يومئذٍ وفيه اشارة الى ان المؤثر هو سوابق العنايات لا الاوقات { ولهم اللعنة } اى البعد عن الرحمة { ولهم سوء الدار } اى جهنم بخلاف المؤمنون العارفين فانها تنفعهم لتنصلهم يعنى از كناه بيرازى نمودن لكونه فى وقته ولهم من اللّه الرحمة ولهم حسن الدار وانما قال سوء الدار فان جهنم حرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها صديد وكلامها هل من مزيد واسوأ الظالمين المشركون كما قال تعالى حكاية عن لقمان { ان الشرك لظلم عظيم } واسوأ المشركين المنافقون كما قال تعالى { ان المنافقين فى الدرك الاسفل من النار } لاستهزآئهم بالمؤمنين فليحذر العاقل عن الظلم سوآء كان لنفسه بالاشراك والمعصية او لغيره بكسر العرض واخذ المال ونحوهما وليتذكر الانسان يوما يقول فيه الظالمون ربنا اخرجنا منها نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل فيجيبهم اللّه تعالى او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير وروى أن اهل النار يبكون بكاء شديدا حتى الدم فيقول مالك ما احسن هذا البكاء لو كان فى الدنيا ( قال الشيخ سعدى ) كنونت كه جشمست اشكى بيار ... زبان دردهانست عذرى بيار كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه جون نفس ناطق ز كفتن بخفت كنون بايد اى خفته بيدار بود ... جومرك اندرآيدزخوابت جه سود كنون وقت تخمست اكر بدروى ... كراميد دارى كه خر من برى فعلم انه لا تنفع المعذرة والبكاء فى الآخرة فليتدارك العاقل تقصيره فى الدنيا بالندامة والصلاح والتقوى ليستريح فى الآخرة ويصل الى الدرجات العلى مع الانبياء والصديقين والشهدآء والصلحاء فمن اراد اللحوق بزمرتهم فليكن على حالهم وسيرتهم فان اللّه ينصرهم فى دنياهم وآخرتهم فان طاعة اللّه وطاعة الرسول توصل العبد الى المرام والى حيز القبول ( روى ) أن بعض الصحابة رضى اللّه عنهم قال للنبى عليه السلام كيف نراك بالجنة وانت فى الدرجات العلى فانزل اللّه تعالى { ومن يطع اللّه والرسول فاولئك مع الذين انعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وحسن اولئك رفيقا } فلا بد من الاطاعة وعلى تقدير المخالفة فباب التوبة مفتوح عن كعب الاحبار أن رجلا من بنى اسرآئيل اراد الاغتسال من فاحشة فى نهر فناداه النهر اما تستحيى من اللّه تعالى فتاب الرجل ثم عبد اللّه تعالى مع اثنى عشر رجلا فبعد زمان ارادوا العبور عن النهر المذكور فتخلف صاحب الاغتسال استحياء فقال النهر ان احدكم اذا غضب على ولده فتاب هو قبل توبته فاعبدوا اللّه على شاطىء فأقاموا هناك زمانا فمات صاحب الاغتسال فناداهم النهر ان ادفنوه على شاطىء فدفنوه واصبحوا وقد انبت اللّه على قبره اثنى عشر سروا على عدد العابدين وكان ذلك اول سرو أنبت اللّه فى الارض وكل من مات دفنوه هناك وكان بنوا اسرآئيل يزورون قبورهم ٥٣ { ولقد آتينا } بمحض فضلنا { موسى } ابن عمران { الهدى } ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع { واورثنا بنى اسرآئيل الكتاب } الايراث ميراث دادن والمراد بالكتاب التوراة ولما كان الايراث الحقيقى انما يتعلق بالمال تعذر حمله على معناه هنا فاريد التبرك مجازا اشعارا بأن ميراث الانبياء ليس الا العلم والكتاب الهادى فى باب الدين والمعنى وتركنا عليهم من بعد موسى التوراة اذ سائر ما اهتدى به فى امر الدين قد ارتفع بموت موسى عليه السلام وبالفارسية ميراث داديم بنى اسرآئيل را يعنى فرزندان يعقوب راتورات يعنى باقى كذاشتيم درميان ايشان تورات را فهم و ورثوا التوراة بعضهم من بعض قرنا بعد قرن ٥٤ { هدى } مفعوله اى هداية وبيانا من الضلالة او مصدر بمعنى اسم الفاعل على أنه حال اى هاديا يعنى راه نماينده { وذكرى } تذكرة وعظة او حال كونه مذكرا يعنى يند دهنده { لأولى الالباب } لذوى العقول السليمة العاملين بما فى تضاعيفه دون الذين لا يعقلون والفرق بين الهدى والذكرى ان الهدى ما يكون دليلا على شىء آخر وليس من شرطه ان يذكر شيأ آخر كان معلوما ثم صار منسيا واما الذكرى فليس من ذلك وكتب الانبياء مشتملة على هذين القسمين فان بعضها دلائل فى انفسها وبعضها مذكرات لما ورد فى الكتب الالهية المتقدمة ٥٥ { فاصبر } مترتب على قوله انا لننصر رسلنا وقوله ولقد آتينا الخ فالجملة المعترضة للبيان والتأكيد لنصرة الرسل كأنه قيل اذا سمعت ما وعدت به من نصرة الرسل وما فعلناه بموسى فاصبر على ما اصابك من اذية المشركين فهو غير منسوخ بآية السيف اذ الصبر محمود فى كل المواطن { ان وعد اللّه } بالنصرة وظهور الاسلام على الاديان كلها وفتح مكة ونحوها { حق } لا يحتمل الاخلاف اصلا واستشهد بحال موسى وفرعون { واستغفر لذنبك } تداركا لما فرط منك من ترك الاولى فى بعض الاحيان فانه تعالى كافيك فى نصرة دينك واظهاره على الدين كله وفى عين المعانى واستغفر من ذنب ان كان منك وقيل هذا تعبد من اللّه لرسوله ليزيد به درجة وليصير ذلك سنة لمن بعده وفى عرآئس البقلى واستغفر لما جرى على قلبك من احكام البشرية وايضا استغفر لوجودك فى وجود الحق فان كون الحادث فى كون القديم ذنب وقيل واستغفر لذنب امتك وفيه أن هذا لا يجرى فى قوله تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } كما سيأتى فى سورة محمد وقال ابن الشيخ فى حواشيه والظاهر أنه تعالى يقول ما اراد أن يقوله وان لم يجر لنا أن نضيف اليه عليه السلام ذنبا انتهى يقول الفقير كلام ابن الشيخ شيخ الكلمات وذلك لأن مرتبة النبوة ارفع من مرتبة الولاية فان احدا من الامة وان كان واصلا الى اقصى الغايات بحسب مرتبته فهو لا يدرى حال النبى فوقه اذ لا ذوق له من مرتبته فكيف يضيف اليه ذنبا لا يعرفه فلا يطمع على حقيقة الذنب المضاف اليه عليه السلام الا اللّه كالتصلية فى قوله تعالى { ان اللّه وملائكته يصلون على النبى } فانها سر غامض بينه تعالى وبين رسوله فليس لاحد سبيل الى معرفته ومن هذا القبيل سهوه عليه السلام فى بعض المواضع فانه ليس من قبيل السهوى الذى تعرفه الامة ندانم كدامين سخن كويمت ... كه والاترى زانجه من كويمت { وسبح بحمد ربك بالعشى والابكار } اى ودم على التسبيح ملتبسا مقرونا وبحمده تعالى او على قوله سبحان اللّه وبحمده فالمقصود من ذكر العشى والابكار الدلالة على المداومة عليهما فى جميع الاوقات بناء على ان الابكار عبارة عن اول النهار الى نصفه والعشى عبارة عن نصف النهار الى اول النهار من اليوم الثانى فيدخل فيهما كل الاوقات وفى الآية اشارة الى قلب الطالب الصادق بالتصبر على اذى النفس والهوى والشيطان ان وعد اللّه حق فى نصرة القلب المجاهد مع كافر النفس وظفره عليها واستغفر لذنبك ايها القلب اى مما سرى اليك من صفات النفس وتخلقت باخلاقها فاستغفر لهذا الذنب فانه صدأ مرءآة القلب ودم على الطاعات وملازمة الاذكار فانه تصفو مرءآة القلب عن صدأ الاخلاق الذميمة قالوا ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما ينحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح كذلك قد يرتفع من احوال الجوارح التى هى من عالم الشهادة آثار الى القلب فاذا لا بد من الاشتغال بظواهر الاعمال اصلاحا للحال وتنويرا وتصفية للبال فمن ليس له فى الدنيا شغل وقد ترك الدنيا على اهلها فماله لا يتنعم بخدمة اللّه تعالى فيلزم ان يديم العمل لله من غير فتور اما ظاهرا او باطنا قلبا وقالبا ولا فباطنا وترتيب ذلك أنه يصلى ما دام منشرحا والنفس مجيبة فان سئم تنزل من الصلاة الى التلاوة فان مجرد التلاوة اخف على النفس من الصلاة فان سئم التلاوة ايضا يذكر اللّه بالقلب واللسان فهو اخف من القرآءة فان سئم الذكر ايضا يدع ذكر اللسان ويلازم المراقبة والمراقبة علم القلب بنظر اللّه تعالى اليه فما دام هذا العلم ملازما للقلب فهو مراقب والمراقبة عين الذكر وافضله وان عجز عن ذلك ايضا وتملكته الوساوس وتزاحم فى باطنه حديث النفس فلينم وفى النوم السلامة والا فكثرة حديث النفس تقسى القلب ككثرة الكلام لأنه كلام من غير لسان فيحترز من ذلك فيقيد الباطن بالمراقبة والرعاية كما يقيد الظاهر بالعمل وانواع الذكر والتسبيح ويداوم الاقبال على اللّه ودوام الذكر بالقلب واللسان يرتقى القلب الى ذكر الذات ويصير حينئذ بمثابة العرش فالعرش قلب الكائنا فى عالم الخلق والحكمة والقلب عرش فى عالم الامر والقدرة فاذا اكتحل القلب بنور ذكر الذات وصار بحرا مواجا من نسيمات القرب جرى فى جد اول اخلاق النفس صفاء النعوت والصفات وتحقق التخلق باخلاق اللّه تعالى غير ذكر خدا جه سرجه جهر ... نيست دلرا نصيب وجانرا بهر نور حق جون زدل ظهور كند ... ظلمت تن جه شر وشور كند وفى الحديث ( رأيت رجلا من امتى يتقى وهج النار وشررها عن وجهه بيده فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه ورأيت رجلا من امتى جاثيا على ركبتيه بينه وبين اللّه حجاب فجاء حسن خلقه واخذ بيده وادخله على اللّه ورأيت رجلا من امتى غلقت ابواب الجنة له فجاءت شهادة ان لا اله الا اللّه ففتحت له الابواب وادخلته الجنة ) جعلنا اللّه واياكم من اهل الاخلاق والاحوال وصالحات الاعمال ٥٦ { ان الذين } آورده اندكه كفار مكه درباب قرآن وبعث مجادله مكر دندكه قرآن سخن خدانيست نعوذ باللّه وبعث محالست حق سبحانه وتعالى آيت فرستادكه { ان الذين يجادلون فى آيات اللّه } ويجحدون بها { بغير سلطان } حجة قاهرة { اتاهم } فى ذلك من جهته تعالى وتقييد المجادلة بذلك مع استحالة اتيانه للايذان بأن التكلم فى امر الدين لا بد من استناده الى سلطان مبين البتة { ان } نافية { فى صدورهم الا كبر } خبر لأن عبر بالصدر عن القلب لكونه موضع القلب وفى الحصر اشعار بان قلوبهم قد خلت عن كل شىء سوى الكبر اى ما فى قلوبهم الا تكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم او الا ارادة الرياسة والتقدم على النبى والمؤمنين او الا ارادة ان تكون النبوة لهم دونك يا محمد حسدا وبغيا ولذلك يجادلون فيها لأن فيها موقع جدال ما او أن لهم شيأ يتوهم ان يصلح مدارا لمجادلتهم فى الجملة واعتبرت الارادة فى هذين الوجهين لأن نفس الرياسة والنبوة ليستا فى قلوبهم { ما هم ببالغيه } صفة كبر فالضمير راجع الى الكبر بتقدير المضاف اى ما هم ببالغى مقتضى كبرهم وهو دفع الآيات فانى انشر أنوارها فى الآفاق واعلى قدرك او ما هم بمدركى مقتضى ذلك الكبر وهو ما ارادوه من الرياسة والنبوة { فاستعذ باللّه } اى التجىء اليه فى السلامة من كيد من يحسد ويبغى عليك { انه هو السميع } لأقوالكم { البصير } لأفعالكم وقيل المجادلون هم اليهود وكانوا يقولون لرسول اللّه عليه السلام لست صاحبنا المذكور فى التوراة بل هو المسيح بن داود ( وفى تفسير الكاشفى ) بلكه اوابو يوسف بن مسيح بن داود است يريدون ان الدجال يخرج فى آخر الزمان ويبلغ سلطانه البرو والبحر وتسير معه الانهار وهو آية من آيات اللّه فيرجع الينا الملك فسمى اللّه تمنيهم ذلك كبرا ونفى أن يبلغوا متمناهم فان الدجال وان كان يخرج فى آخر الزمان لكنه ومن تبعه من اليهود يقتلهم عيسى والمؤمنون بحيث لا ينجو منهم واحد فمعنى قوله فاستعذ باللّه اى من فتنة الدجال فانه ليس فتنة اعظم من فتنته قال عليه السلام ( تعوذوا باللّه من عذاب النار ) فقالوا نعوذ باللّه من عذاب النار ثم قال ( تعوذوا باللّه من عذاب القبر ) فقالوا نعوذ باللّه من عذاب القبر ثم قال ( تعوذوا باللّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن ) فقالوا نعوذ باللّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن ثم قال ( تعوذوا باللّه من فتنة الدجال ) فقالوا نعوذ باللّه من فتنة الدجال ( وقال الكاشفى ) ببايد دانست كه دجال آدمى است زآدميان ديكر بقد بلندتر وبحث بزر كتر ويك جشم است وظهور او يكى از علامات قيامتست وبيغمبرامارات ظهور او بيان كردكه مردم بسه سال بيش از خروج وى بقحط وغلا مبتلا شوند سال اول آسمان از آنجه بايدى ثلثى باز كيرد يعنى امساك ميكند وزمين از آنجه ازو روييدى ثلثى نكاه دارد سال دوم دوثلث باز كيرند ودرسال سوم نه از آسمان باران آيد ونه از زمين كياه رويد وبكون غذآء المؤمنين يومئذ التسبيح والتقديس كأهل السماء بس دجال بيرون آيد وباوى سحر و تمويه بسيار بود وبيشتر خلق متابعت وى كنند الا من عصمه اللّه تعالى و ديوان دارد كه متمثل شوند بصورت آدميان بس يكى را كويد اكر بدر ومادر ترازنده كنم اقرار كنى بربو بيت من كويد آرى فى الحال ديوان بصورت ابوين او متشكل شوند واورا كويند اى فرزند متابعت وى كن كه آفريد كارتست القصه همه شهرهارا بكيرد الامكة ومدينة راكه ملائكه باسبانى كنند وجون كار برمؤمنان به تنك آيد حق سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام را از آسمان فرو فرستد تاد جال را بكشد ولشكراوكه اغلب يهود باشند بتمامى مستأصل كرداند وشمه از نزول عيسى در سوره زخرف مذكور خواهدشد وفى الحديث ( لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه لرسول اللّه ) وقال عليه السلام ( ان بين يدى الساعة كذابين فاحذروهم ) كما فى المصابيح وهم الائمة المضلون نعوذ باللّه من فتنة الدجاجلة ومن كل فتنة مضلة قال المفسرون قوله ان الذين يجادلون الآية وان نزل فى مشركى مكة لكنه عام لكل مجادل مبطل فان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ففيه اشارة الى مدعى اهل الطلب ومجادلتهم مع ارباب الحقائق فيما آتاهم اللّه من فضله بغير حجة وبرهان بل حسدا من عند انفسهم وليس مانعهم فى قبول الحق وتصديق الصديقين وتسليمهم فيما يشيرون اليه من الحقايق والمعانى الا كبر مما كان فى وصف ابليس اذ أبى واستكبر وقال انا خير منه وهذه الصفة مركوزة فى النفوس كلها ولهذا المعنى بعض الجهلة المغترين بالعلوم ينكرون على بعض مقالات المشايخ الراسخين فى العلوم فهؤلاء المدعون المنكرون لا يصلون الى مرادهم ولا يدركون رتبة اهل الحقائق ولهذا قال بعضهم لا تنكر فان الانكار شؤم والمنكر من هذا الحديث محروم فيها ايها الطالب المحق استعذ باللّه من شر نفسك والنفوس المتمردة وجميع آفات تعوقك عن الحق وتقطع عليك طريق الحق ( قال فى كشف الاسرار ) كفته اند اين مجادلان داعيان بدعت اند ومنكران صفات حق واين مجادلت اقتحام مكلفا نست وخوض معترضان وجدال مبتدعان وتأويل جهميان وساخته اشعريان وتزوير فلسفيان وقانون طبايعيان درهر عصرى قوم فراديد آمدند جون غيلان قدرى وبشر مرسى وشيطان الطاق وابن ابى داودوجهم صفوان وعمر وعبيد وامثال ايشان كه صفات حق رامنكر شدند ودين قديم بكذا شتند وكتاب وسنت سست ديدند وراى وقياس محكم داشتند مقصود ايشان آنست كه كتاب وسنت باز بس دارند و معقول فرا بيش اين آرزوى بزر كست كه دردل دارند وهركز نخوا هند رسيد بآن آرزوى خويش ( وفى المثنوى ) شمع حق رايف كنى تواى عجوز ... هم تو سوزى هم سرت اى كنده بوز كى شود در ياز بوسك نجس ... كى شود خورشيد از بف منطمس هركه بر شمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد بوز او جون تو خفا شان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب اى بريده آن لب وحلق ودهان ... كى كند تف سوى مع يا آسمان تف بر وبش باز كردد بى شكى ... تف سوى كردون نيابد مسلكى تاقيامت تف برو بارد زرب ... همجو تبت بر روان بو لهب ٥٧ { لخلق السموات والارض } تحقيق للحق وتبيين لاشهر ما يجادلون فيه وهو امر البعث { اكبر } اعظم فى القدرة { من خلق الناس } مرة ثانية وهى الاعادة فمن قدر على خلق الاعظم الاقوى بلا اصل ولا مادة وجب أن يقدر على خلق الاذل الاضعف من الاصل والمادة بطريق الاولى فكيف يقرون بأن اللّه خلق السموات والارض وينكرون الخلق الجديد يوم البعث { ولكن اكثر الناس } يعنى الكفار { لا يعلمون } أن الاعادة اهون من البداية لقصورهم فى النظر والتأمل لفرط غفلتهم واتباعهم لاهوآئهم ٥٨ { وما يستوى الاعمى والبصير } اى الغافل والمستبصر فالمراد بالاعمى من عمى قلبه عن رؤية الآيات والاستدلال بها والبصير من ابصرها قال الشاعر ايها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك اللّه كيف يلتقيان هى شامية اذا ما استقلت ... وسهيل اذا استقل يمانى اى فكما لا تساوى بينهما فكذلك بين المؤمن والكافر والعالم والجاهلى { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } قدمه لمجاورة البصير وهو باب من ابواب البلاغة والمراد بهم المحسنون { ولا المسيىء } اسم جنس يعم المسيئين والمعنى وما يستوى المحسن والمسيىء اى الصالح والطالح فلا بد أن يكون لهم حالة اخرى يظهر فيها ما بين الفريقين من التفاوت وهى فيما بعد البعث وهو احتجاج آخر على حقيقة البعث والجزآء وزيادة ولا فى المسيىء لتأكيد النفى لطول الكلام بالصلة ولأن المقصود نفى مساواته للمحسن لأنه كما لا يساوى المحسن المسيىء فيما يستحقه المسيىء من الحقارة والهوان كذلك لا يساوى المسيىء المحسن فيما يستحقه المحسن من الفضل والكرامة والعاطف فى قوله والذين عطف الموصول بما عطف عليه على الاعمى والبصير مع أن المجموع اى مجموع الغافل والمستبصر هو مجموع المسيىء والمحسن لتغاير الوصفين يعنى أن المقصود فى الاولين الى العلم فان العمى والبصيرة فى القلب وفى الآخرين الى العمل لأن الايمان والاعمال فى الجوارح والا ففى الحقيقة المراد بالبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات واحد وبالاعمى والمسيىء واحد ويجوز ان يراد الدلالة بالصراحة والتمثيل على أن يتحد الوصفان فى المقصود بأن يكون المراد بالاولين ايضا المحسن والمسيىء فالصراحة بالنسبة الى الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيىء والتمثيل بالنسبة الى ما قبله فان الاعمى والبصير من قبيل التمثيل { قليلا ما تتذكرون } قوله قليلا صفة مصدر محذوف وما تأكيد معنى القلة وتذكرون على الخطاب بطريق الالتفات على أن يكون الضمير للكفار وفائدة الالتفات فى مقام التوبيخ هو اظهار العنف الشديد والانكار البليغ والمعنى تذكرا قليلا تتذكرون ايها الكفار المجادلون يعنى وان كنتم تعلمون أن التبصر خير من الغفلة ولا يستويان وكذا العمل الصالح خير من العمل الفاسد لكنكم لا تتذكرون الا تذكرا قليلا او تتذكرون اصلا فانه قد يعبر بقلة الشىء عن عدمه مثل ان يقال فلان قليل الحياء اى لا حياء له ( قال فى تاج المصادر ) التذكرياد كردن ويا ياد آوردن وبندكرفتن ٥٩ { ان الساعة } ان القيامة ومروجه التسمية بها مرارا { لآتية } اكد باللام لأن المخاطبين هم الكفار وجرد فى طه حيث قال ان الساعة آتية لكون المخبر ليس بشاك فى الخبر كذا فى برهال القرآءن { لا ريب فيها } اى فى مجيئها لوضوح شوآهدها ومنها ما ذكر بقوله لخلق السموات الخ { ولكن اكثر الناس } يعنى الكفار { لا يؤمنون } لا يصدقون بها لقصور أنظارهم وقوة الفهم بالمحسوسات وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الا من عصمه اللّه تعالى ونظر الى قلبه بنظر العناية ( روى ) أن الصراط سبع قناطر فيسأل العبد عند القنطرة الاولى عن الايمان وهو أصعب القناطر وأهواها قرارا فان أتى بالايمان نجا وان لم يأت به تردى الى اسفل السافلين ويسأل فى الثانية عن الصلاة وفى الثالثة عن الزكاة وفى الرابعة عن صيام شهر رمضان وفى الخامسة عن الحج وفى السادسة عن الامر بالمعروف وفى السابعة عن النهى عن المنكر فان اجاب فى الكل نجا والا تردى فى النار كرد بعث محمد عربى ... تابود خلق رارسول ونبى هرجه ثابت شود بقول ثقات ... كه محمد عليه الف صلات دادمارا خبر بموجت آن ... واجب آمد بان زما ايمان فالاساس هو الايمان والتوحيد ثم يبنى عليه سائر الواجبات قال مالك بن دينار رحمه اللّه رأيت جماعة فى البصرة يحملون جنازة وليس معهم احد ممن يشيع الجنازة فسألتهم عنه فقالوا هذا من كبار المذنبين قال فصليت عليه وانزلته فى قبره ثم انصرفت الى الظل فنمت فرأيت ملكين نزلا من السماء فشقا قبره ونزل احدهما فى القبر وقال اكتبه من اهل النار لأنه لم تسلم جارحة منه عن الذنب فقال الآخر لا تعجل ثم نزل هو فقال لصاحبه قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ بالايمان فاكتبه مرحوما فاذا صلح القلب بالتوحيد والايمان باللّه وباليوم الآخر يرجى أن يتجاوز اللّه عن سيئاته ثم أن الساعة ارتاب فيها المرتابون مع وضوح شواهدها واما اهل الايمان والعيان فرأوها كأنها حاضرة ( روى ) أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سأل حارثة ( كيف اصبحت يا حارثة ) قال اصبحت مؤمنا حقا قال ( يا حارثة ان لكل حق حقيقة فما حقيقة ايمانك ) قال عزفت نفسى عن الدنيا اى زهدت وانصرفت فاظمأت نهارها واسهرت ليلها واستوى عندى حجرها وذهبها وكأنى انظر الى اهل الجنة يتزاورون والى اهل النار يتضاغون اى يصوتون باكين وكأنى انظر الى عرش ربى بارزا فقال عليه السلام ( اصبت فالزم ) ومن كلمات امير المؤمنين على رضى اللّه عنو لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنجنانكه مىبايد كرحجاب ازميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد فظهر أن هذا حال اهل العيان فأين المحجوب عن هذا فلما كانا لا يستويان فى الدنيا علما ومعرفة وشهودا كذلك لا يستويان فى الآخرة درجة وقربة وجودا نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من الصالحين المحسنين الفائزين بمطالب الدنيا والدين والآخرة ٦٠ { وقال ربكم } ايها الناس { ادعونى } وحدونى واعبدونى { استجب لكم } اى اثبكم بقرينة قوله تعالى { ان الذين يستكبرون عن عبادتى } يتعظمون عن طاعتى { سيدخلون جهنم } حال كونهم { داخرين } اى صاغرين اذلاء فان الدخور بالفارسية خوارشدن من دخر كمنع وفرح صغر وذل وان فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلا منزلة الاستكبار عن العبادة فاقيم الثانى مقام الاول للمبالغة او المراد بالعبادة الدعاء فانه من افضل ابوابها فاطلق العام على الخاص مجازا ( قال الكاشفى ) مراد ازدعا سؤالست يعنى بخواهيدكه خزانه من مالا مالست وكرم من بخشنده آمال كدام كداست نياز بيش آورده كه نقد مراد بر كف اميدش ننهادم وكدام محتاج زبان سؤال كشادكه رقعه حاجتش رابتوقيع اجابت موشح نساحتم برآستان ارادت كه سرنهادشبى ... كه لطف دوست برويش دريخه نكشود يقال ادعونى بلا غفلة استجب لكم بلا مهلة ادعونى بلا خفاء استجب لكم بالوفاء ادعونى بلا خطا استجب لكم بالعطا ادعونى بشرط الدعاء وهو الاكل من الحلال قيل الدعاء مفتاح الحاجة واسنانه لقمة الحلال قال الحكيم الترمذى قدس سره من دعا اللّه ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة والانابة واكل الحلال واتباع السنن ومراعاة السر كان دعاؤه مردودا واخشى ان يكون جوابه الطرد واللعن ويقال كل من دعاه استجاب له اما بما سأله او بشىء آخر هو خير له منه ويقال الكافر ليس يدعوه حقيقة لأنه انما يدعو من له شريك واللّه تعالى لا شريك له وكذا المعطلة لأنهم انما يعدبون الها لا صفات له من الحياة والسمع والبصر والكلام والقدرة والارادة بزعمهم فهم لا يعبدون اللّه تعالى وكذا المشبهة انما يدعون الها له جوارح واعضاء واللّه تعالى منزه عن ذلك فانه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير قال الشافعى رحمه اللّه من انتهض لطلب مدبره فان اطمأن الى موجود ينتهى اليه فكره فهو مشبه وان اطمأن الى نفى محض فهو معطل وان اطمأن الى موجود واعتراف بالعجزان ادراكه فهو موحد فأهل السنة يثبتون لله تعالى صفات ثبوتية وينزهونه عمالا يليق به فهم انما يدعون اللّه تعالى فما من مؤمن يدعو اللّه ويسأله شيأ الا اعطاه اما فى الدنيا واما فى الآخرة ويقول له هذا ما طلبت فى الدنيا وقد ادخرته لك الى هذا اليوم حتى يتمنى العبد انه ليته لم يعط شيأ فى الدنيا ويقال لم يوفق العبد للدعاء الا لارادة اللّه اجابته لكن وقوع الاجابة حقيقة انما يكون فى الزمان المتعين للدعاء كالسلطان اذا كان فى وقت الفرح والاستبشار لا يرد السائل البتة قال الفضيل بن عياض والناس وقوف بعرفات ما تقولون لو قصد هؤلاء الوفد بعض الكرماء يطلبون منه دانقا اكان يردهم فقالوا لا فقال واللّه للمغفرة فى جنت كرم اللّه اهون على اللّه من الدانق فى جنت كرم ذلك الرجل فعرفات وزمان الوقوف من مظان الاجابة وكذا جميع امكنة العبادات واوقات الطاعات لأن اللّه تعالى اذا رأى عبده حيث امر رضى عنه واستجاب دعاءه ونعم ما قال سفيان حيث قال بعضهم ادع اللّه فقال ترك الذنوب هو الدعاء قال بعض العارفين باللّه الصلاة افضل الحركات والصوم افضل السكنات والتضرع فى هياكل العبادات يحل ما عقدته الافلاك الدآئرات ولا بد من حسن الظن باللّه ( حكى ) عن بعض البله وهو فى طواف الوداع أنه قال له رجل وهو يمازحه هل اخذت من اللّه برآءتك من النار فقال الابله له وهل اخذ الناس ذلك فقال نعم فبكى ذلك الابله ودخل الحجر وتعلق بأستار الكعبة وجعل يبكى ويطلب من اللّه أن يعطيه كتابه يعتقه من النار فجعل اصحابه والناس يطوفون يعرفونه ان فلانا مزح معك وهو لا يصدقهم بل بقى مستمرا على حاله فبينما هو كذلك سقطت عليه ورقة من طرف الميزاب فيها برآءته وعتقه من النار فسر بها واوقت الناس عليها وكان من آية ذلك الكتاب انه يقرأ من كل ناحية على السوآء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها فعلم الناس أنه من عند اللّه وكفته اند دعا لفظى جامع است بيست خصلت از خصال حسنات درضمن آن مجتمع همجون معجونى ساخته ازاخلاط متفرق وآن عبادتست واخلاص وحمد وشكر وثنا وتهليل وتوحيد وسؤال ورغبت ورهبت وندا وطلب مناجات وافتقار وخضوع وتذلل ومسكنت واستعانت واستكانت والتجاء رب العالمين باين كلمات مختصرجه كفت ادعونى استجب لكم ترابا اين بيست خصلت تراميد هد تابدانى كه اين قرآن جوامع الكلم است قال فى ترويح القلوب الادب فى ابتدآء كل توجه او دعاء او اسم التوبة وذكر محامد اللّه والثناء عليه والتشفع بالنبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم والصلاة عليه وهو مفتاح باب السعادة واكل الحلال وهو الترياق المجرب والتبرى من الحول والقوة وترك الالتجاء لغير اللّه وحسن الظن باللّه وجمع الهمة وحضور القلب وغاية الدعاء اظهار الفاقة والا فاللّه يفعل ما يريد جز خضوع وبندكى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار فى الحديث اذا سألتم اللّه فاسألوه ببطون اكفكم ولا تسألوه بظهورها واذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم وما سئل اللّه شيأ احب اليه من أن يسأل العافية كما فى كشف الاسرار ومنه عرف أن مسح اليدين على الوجه عقيب الدعاء سنة وهو الاصح كما فى القنية قال فى الاسرار المحمدية كان عليه السلام يأمر اصحابه بمسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء ويحرض عليه وسر ذلك أن الانسان حال دعائه متوجه الى اللّه تعالى بظاهره وباطنه ولذا يشترط حضور القلب فيه وصحة الاستحضار فسر الرفع والمسح أن اليد الواحدة تترجم عن توجهه بظاهره واليد الاخرى عن توجهه بباطنه واللسان مترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع الى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن لأن وجه الشىء حقيقة والوجه الظاهر مظهرها والمستحب ان يرفع يديه عند الدعاء الى حذآء صدره كذا فعله النبى عليه السلام كما رواه ابن عباس رضى اللّه عنهما والافضل أن يبسط كفيه ويكون بينهما فرجة وان قلت ولا يضع احدى يديه على الاخرى فان كان وقت عر او برد فأشار بالمسبحة قام مقام بسط كفيه والسنة ان يخرج يديه حين الدعاء من كميه قال سلطان العارفين ابو يزيد البسطامى قدس سره دعوت اللّه ليلة فاخرجت احدى يدى والاخرى ما قدرت على اخراجها من شدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهر مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذلك يا رب فنوديت ان اليد التى خرجت للطلب ملأناها والتى توارت حرمت ثم ان قوله { ادعونى استجب لكم } يشير الى أن معنى ادعونى اطلبوا منى اى لا تطلبوا من غيرى فان من كنت له يكون له ما كان لى وان من يطلبنى يجدنى كما قال الا من طلبنى وجدنى ( قال الشيخ سعدى ) خلاف طريقت بودكاوليا ... تمنا كنند ازخدا جز خدا نسأ اللّه تعالى أن يجعلنا من الداعين العابدين له بالاخلاص ٦١ { اللّه الذى جعل } بيافريد { لكم } براى منفعت شما { الليل } شب تيراه را { لتسكنوا فيه } ولتستريحوا فان الليل لكونه باردا رطبا تضعف فيه القوى المحركة ولكونه مظلما يؤدى الى سكون الحواس فتستريح النفس والقوى والحواس بقلة اشغالها واعمالها كما قال ابن هيصم جعل الليل مناسبا للسكون من الحركة لان الحركة على وجهين حركة طبع من الحرارة وحركة اختيار من الخطرات المتتابعة بسبب الحواس فخلق الليل مظلما لتنسد الحواس وباردا لتسكن الحركة ولذا قيل للبرد القر لاجل أن البرد يقتضى السكون والحر الحركة { والنهار مبصرا } اى مبصرا فيه او به يعنى يبصر به المبصرون الاشياء ولكونه حارا يقوى الحركات فى اكتساب المعاش فاسناد الابصار الى النهار مجاز فيه مبالغة ولقصد المبالغة عدل به عن التعليل الى الحال بان قال مبصرا دون لتبصروا فيه او به يعنى أن نفس النهار لما جعل مبصرا فهم أن النهار لكمال سببيته للابصار وكثرة آثار القوة الباصرة فيه جعل كأنه هو المبصر فان قيل فلم لم يسلك هناك سبيل المبالغة قلنا لأن نعمة النهار لشبهها بالحياة أتم واولى من نعمة الليل التى تشبه الموت فكانت احق بالمبالغة اذا المقام مقام الامتنان ولأن الليل يوصف بالسكون لسكون هوآئه وصفا مجازيا متعارفا فسلوك سبيل المبالغة فيه يوقع الاشتباه كما اشير اليه فى الكشاف ثم اذا حملت الآية على الاحتباك وقيل المراد جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه والنهار مبصرا لتنتشروا فيه ولتبتغوا من فضل اللّه فحذف من الاول بقرينة الثانى ومن الثانى بقرينة الاول لم يحتج الى ما ذكر كذا افاده سعدى المفتى قال بعضهم جعل الليل لتسكنوا فيه الى روح المناجاة والنهار مبصرا لتبصروا فيه بوادى القدرة وفيه اشارة الى ليل البشرية ليسكن اهل الرياضات والمجاهدات فيه الى استرواح القلوب ساعة فساعة لئلا يمل من مداومة لذكر والتعبد وحمل اعباء الامانة والى نهار الروحانية لجعله مظهرا للجد والاجتهاد فى الطلب والتصبر على التعب وسكون الناس فى الليل على اقسام اهل الغفلة يسكنون الى استراحة النفوس والابدان واهل الشهوة يسكنون الى مثالهم من الرجال والنسوان واهل الطاعة يسكنون الى حلاوة اعمالهم وبسطهم واستقلالهم واهل المحبة يسكنون الى انين النفوس وحنين القلوب وضراعة الاسرار واشتعال الارواح بنار الشوق وهم يعدمون القرار فى ليلهم ونهارهم اولئك اصحاب الاشتياق ابدا فى الاحتراق هركه از درد خدا آكاه شد ... ذكر وفكرش دائما اللّه شد { ان اللّه لذو فضل } عظيم { على الناس } بخلق الليل والنهار لا يوازيه فضل ولا يدانيه { ولكن أكثر الناس لا يشكرون } تكرير الناس لتنصيص تخصيص الكفران بهم بايقاعه على صريح اسمهم الظاهر الموضوع موضع الضمير الدال على أن ذلك كان شأن الانسان وخاصته فى الغالب اى لا يشكرون فضل اللّه واحسانه لجهلهم بالمنعم واغفالهم مواضع النعم اى رفعة شأنها وعلو قدرها واذا فقدوا شيأ منها يعرفون قدرها مثل ان يتفق لبعض والعياذ باللّه أن يحبسه بعض الظلمة فى بئر عميق مظلم مدة مديدة فانه حينئذ يعرف قدر نعمة الهوآء الصافى وقدر نعمة الضوء يكى راعسس دست بربسته بود ... همه شب بريشان ودلختسه بود بكوش آمدش درشب تيره ربك ... كه شخصى همى نالد ازدست تنك شنيد اين سخن دزدمسكين وكفت ... زبيجاركى جند نالى بخفت بروشكر يزدان كن اى تنك دست ... كه دستت عسس تنك برهم بنست يعنى فلك القدرة على الكسب نداند كسى قدر روز خوشى ... مكر روزى افتد بسختى كشى زمستان درويش بس تنك سال ... جه سهلست بيش خداوند مال جه دانند جيحونيان قدر آب ... زواماند كان برس در آفتاب كسى قيمت تندرستى شناخت ... كه يكجند بيجاره در تب كداخت ببانك دهل خواجه بيدار كشت ... كه يكجند بيجاره در تب كداخت ببانك دهل خواجه بيدار كشت ... جه داند شب باسبان جون كذشت ٦٢ { ذلكم } المتفرد بالافعال المقتضية للالوهية والربوبية { اللّه ربكم خالق كل شىء لا اله الا هو } اخبار مترادفة تخصص السابقة منها اللاحقة وتقررها قال فى كشف الاسرار كل ههنا بمعنى البعض وقيل عام خص منه مالا يدخل فى الحق { فانى تؤفكون } فكيف ومن اى وجه تصرفون عن عبادته خاصة الى عبادة غيره ٦٣ { كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات اللّه يجحدون } اى مثل ذلك الافك للعجب الذى لا وجه له ولا مصحح اصلا اى كما صرف قومك وهم قريش عن الحق وحرموا من التحلى به مع قيام الدلائل يؤفك ويصرف عنه كل جاحد قبلهم او بعدهم بآياته اى آية كانت لا افكا آخر له وجه ومصحح فى الجملة قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات وقوله أنى تؤفكون اى تصرفون من الحق فى الاعتقاد الى الباطل ومن الصدق فى المقال الى الكذب ومن الجميل فى الفعل الى القبيح ورجل مأفوك اى مصروف عن الحق الى الباطل والجحود نفى ما فى القلب اثباته واثبات ما فى القلب نفيه وتجحد تخصص بفعل ذلك فعلى العبد أن يقر بمولاه وبآياته فانه خالقه ورازقه وجاء فى احاديث المعراج ( قل لأمتك ان احببتم احدا لاحسانه اليكم فانا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم احدا من اهل السماء والارض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان انتم رجوتم احدا فأنا اولى به لأنى احب عبادى وان انتم استحييتم من احد لجفائكم اياه فأنا اولى بذلك لان منكم الجفاء ومنى الوفاء وان انتم آثرتم احدا باموالكم وانفسكم فأنا اولى به لأنى معبودكم وان صدقتم احدا وعده فأنا اولى بذلك لانى انا الصادق ) ففى العبودية والمعرفة شرف عظيم قال على رضى اللّه عنه ما يسرنى ان لو مت طفلا وادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف وذلك لأن الانسان خلق للعبادة والمعرفة فاذا ساعده العمر والوقت يجب عليه ان يجتهد الى ان يترقى الى ذروة المطالب ويصل الى مرتبة استعداده فاذا اهمل وتكاسل فمات كان كالصبى الذى مات فى صباه خاليا عن حلية الكمالات والسعادات نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من المجتهدين ٦٤ { اللّه الذى جعل لكم } لمصالحكم وحوائجكم { الارض قرارا } مستقرا اى موضع قرار ومكان ثبات وسكون فان القرار كما يجيىء بمعنى الثبات والسكون يجيىء بمعنى ما قر فيه وبمعنى المطمئن كما فى القاموس قال ابن عباس رضى اللّه عنهما قرارا اى منزلا فى حال الحياة وبعد الممات { والسماء بناء } البناء بمعنى المبنى اى قبة مبنية مرفوعة فوقكم ومنه ابنية العرب لمضاربهم وذلك لأن السماء فى نظر العين كقبة مضروبة على فضاء الارض وفى التأويلات النجمية خلق الارض لكم استقلالا ولغيركم طفيليا وتبعا لتكون مقركم والسماء ايضا خلق لكم لتكون سقفكم مستقلين به وغيركم تبع لكم فيه وقال بعضهم جعل الارض قرارا لأوليائه والسماء بناء لملائكته وفيه اشارة الى قوله اوليائى تحت قبابى اى مستورون تحت قباب الملكوت لا تنكشف احوالهم الا لمن عرفه اللّه تعالى وفى الآية بيان لفضله تعالى المتعلق بالمكان بعد بيان فضله المتعلق بالزمان وقوله تعالى { وصوركم فاحسن صوركم } بيان لفضله المتعلق بأنفسهم والفاء فى فأحسن تفسيرية فان الاحسان عين التصوير كما قوله عليه السلام ( ان اللّه ادبنى فأحسن تأديبى ) فان الاحسان عين التأديب فان تأديب اللّه لمثله لا يكون الا حسنا بل احسن والمعنى صوركم احسن تصوير حيث خلقكم منتصبى القامة بادى البشرة متناسبى الاعضاء والتخطيطات متهيئين لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات قال ابن عباس رضى اللّه عنهما خلق ابن آدم قائما معتدلا يأكل ويتناول بيده وغير ابن آدم بفيه وفيه اشارة الى أنه تعالى جعل ارض البشرية مقرا للروح وجمع سماء الروحانية فى عالم صوركم ولم يجمعها فى صورة شىء آخر من الملائكة والجن والشياطين والحيوانات والى هذا المعنى اشار بقوله تعالى { لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم } وايضا فاحسن صوركم اذ جعلها مرءاة جماله كما قال عليه السلام ( كل جميل من جمال اللّه وانما جعلكم جميلا ليحبكم ) كما قال عليه السلام ( ان اللّه جميل يحب الجمال ) وبالفارسية حسن صورت انسانى در آنست كه او مرآت جهان نماست بهمه حقائق علوى وسفلى ومجموع دقايق صورى ومعنوى راجامعست وانوار معرفت ذات وآثار شناخت صفات ازآينه جامعه اولامع اى صورت تو آينه سر وجود ... روشن زرخت برتو انوار شهود مجموعه هر دوكونى ونيست جوتو ... در مملكت صورت ومعنى موجود وفيه اشارة الى تخطئة الملائكة فيما قبحو الانسان وقالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فان الحسن ليس ما يستحسنه الناس بل ما يستحسنه الحبيب كأن اللّه يقول ان الواشين قبحوا صورتكم عندنا بل الملائكة كتبوا فى صحيفتكم قبيح ما ارتكبتم ومولاكم احسن صوركم عنده بان محا من ديوانكم الزلات واثبت فى ذلك الحسنات فحسن الصورة والمعنى مخصوص بالانسان وهو المدار وما سواه دآئر عليه ( قال الصائب ) اسرار جار دفتر و مضمون نه كتاب ... در نقطه تو ساخته ايزد نهان همه وز بهر خدمت تو فلكها جو بندكان ... زاخلاص بسته اند كمر برميان همه بيش تو سر بخاك مذلت نهاده اند ... باآن علوم ومرتبه روحانيان همه { ورزقكم من الطيبات } من المأكولات اللذيذة ومتميزكر دانيدروزى شمازروزى حيوانات قال فى التأويلات النجمية ليس الطيب ما يستطيبه الخلق بل الطيب ما يستيبه الحق فانه طيب لا يقبل الا طيبا فالطيب الذى يقبله اللّه من العبد وهو من مكاسبه الكلم الطيب وهى كلمة لا اله الا اللّه كما قال تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب } والطيب الذى هو من مواهب اللّه تعالى هو تجلى صفات جماله وجلاله واليهما اشار بقوله ورزقكم من الطيبات والحاصل أن الطيب انواع طيب الارزاق وطيب الاذكار وطيب الحالات { ذالكم } الذى نعت بما ذكر من النعوت الجليلة { اللّه } خبر لذلكم { ربكم } الذى يستوجب منكم العبادة خبر آخر { فتبارك اللّه } صفة خاصة باللّه تعالى اى تقدس وتنزه وتعالى بذاته عن أن يكون له شريك فى العبادة اذ لا شريك له فى شىء من تلك النعم { رب العالمين } برور دكار عالميان از انس وجن وجز آن اى مالكهم ومربيهم والكل تحت ملكوته مفتقر اليه فى ذاته ووجوده وسائر احواله جميعا بحيث لو انقطع فيضه عنه آنا لانعدم بالكلية ٦٥ { هو الحى } اوست زنده اى المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقية لا يموت ويميت الخلق { لا اله الا هو } اذ لا موجود يدانيه فى ذاته وصفاته وافعاله { فادعوه } فاعبدوه خاصة لاختصاص ما يوجبه به تعالى { مخلصين له الدين } اى الطاعة من الشرك الجلى والخفى قائلين { الحمد لله رب العالمين } عن ابن عباس رضى اللّه عنهما من قال لا اله الا اللّه فليقل على اثرها الحمد لله رب العالمين وفى التأويلات النجمية هو الحى اى له الحيات الحقيقية الازلية الابدية ومن هو حى باحيائه من نور صفاته كما قال تعالى { فاحييناه وجعلنا له نورا } ويشير بقوله لا اله الا هو بعد قوله هو الحى الى أن الذى يحيى بحياته ونور صفاته لن يبلغ رتبة الالهية فادعوه بالالهية مخلصين له الدين اى مقرين له بالعبودية من غير دعوى بالربوبية كمن ادعى بها بقوله انا الحق وقول من قال سبحانى ما اعظم شانى الحمد لله رب العالمين يعنى فيما انزلكم وبلغكم مقام الوحدة بفضله ورحمته لأنها مقام لا يسع للانسان بلوغه بمجرد سعيه من دون فضل ربه ( قال الصائب ) يستم ازكشتس جذبه رحمت نوميد ... كرجه از قلزم وحدت بكنار افتادم واعلم أنه كما لا يصل العبد الى مقام الوحدة الا بفضل اللّه كذلك لا ينجو من دعوى هذا المقام الا بفضله تعالى اما بتربية من عنده بلا سبب صورى واما بارشاد مرشد كامل قد وصل الى غاية الغايات فاذا لم يساعده شىء من ذلك بقى سكران ووقع فيما وقع كما نقل عن بعض اهل الوله من السلف ٦٦ { وقل } روى أن كفار قريش قالوا يا محمد ألا تنظر الى ملة ابيك عبد اللّه وملت جدك عبد المطلب فتأخذ بهما فأنزل اللّه تعالى قل يا محمد { انى نهيت } النهى الزجر عن الشىء { ان اعبد الذين تدعون من دون اللّه } اى الاصنام { لما جاءنى البينات من ربى } اى وقت مجيى الآيات القرآنية من ربى وذلك لأنه لا نهى ولا وجوب عند اهل السنة الا بعد ورود الشرع ويجوز أن يقال كان منهيا عن عبادتها عقلا بحسب دلالة الشواهد على التوحيد فأكد النهى بالشرع ويجوز أنه نهى له عليه السلام والمراد غيره وفى قوله من ربى اشارة الى أن دلائل التوحيد وشواهد أنوار الحقيقة لا تطلع الا من مطلع الهداية الازلية ولكن ينبغى للملتمسين أن يتوجهوا الى ذلك الجانب بالاعراض عن السوى وترك اصنام البدع والهوى دركعبه دلست شب وروز روى دل ... جون آفتاب سجده بهر در نميكنم { وامرت ان اسلم لرب العالمين } بان انقاد له واخلص له دينى قال ابن الشيخ يقال اسلم امره لله اى سلم وذلك انما يكون بالرضى والانقياد لحكمه واسلمت له الشىء اذا جعلته سالما خالصا له وعلى التقديرين يكون مفعول اسلم محذوفا اى ان اسلم امرى واخلص توحيدى وطاعتى له قال فى برهان القرءآن مدح سبحانه نفسه وختم ثلاث آيات على التوالى بقوله رب العالمين وليس له فى القرآن نظير وفى الآية اشارة الى أنه عليه السلام مع كمال نبوته ورسالته وقربه بربه وعظم قدره عنده وريه من أصفى الشراب الطهور الذى هو تجلى ذاته وصفاته لو لم يسلم لرب العالمين بالعبودية وترك الربوبية له لم يكن مسلما فعلى العاشق ان يضبط نفسه القدسية عن اثبات الالهية لغيره تعالى فى مقام الوحدة عند غلبات السكر من لذاذة شراب التجلى فان الرب رب والعبد عبد والادب مع اللّه مقبول بزركى كفت اى اهل معنى بنكر يدكه بامنصور حلاج جه كردند تابا مدعيان جه خواهند كردن بزركى كفت جون منصور ابا الحق كفت واورا در بغداد بردار مى كردند آن شب تا روز بزير آن دار بودم نماز ميكردم جون روزشد هاتفى آواز دادكه اطلعناه على سر من اسرارنا فأفشى سرنا فهذا جزآء من يفشى سر الملوك قال بعض العارفين الملوك لا يعفون عمن تعرض لمملكتهم او لحرمهم او افشى سرهم ( قال الجامى ) رسيد جان بلب ودم نميتوانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود قيل للشيخ ابى سعيد قدس سره أن فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك فقيل ان فلانا يطير فى الهوآء فقال ان الطيور كذلك فقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد فقال ان ابليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق وهذا مقام الاستقامة فان اهله راسخ فى التمكين بل وفى تلوين التمكين فلا يصدر عنه افشاء الاسرار ودعوى ما يقع به الفتنة بين الناس فطوبى لمن وقف عند الادب وعامل جميعا مع الرب قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره فى حق السيد نسيمى قد فهم فهما حسنا ولكنه اظهر بعض شىء كان للستر انتهى وقد جعله الشيخ بالى الصوفى من زمرة الزنادقة والملاحدة فلا بد من رعاية الشرع المطهر فى كل مقام ٦٧ { هو الذى خلقكم } يا بنى آدم { من تراب } اى فى ضمن خلق ابيكم آدم { ثم من نطفة } اى ثم خلكم خلقا تفصيليا من منى قال الراغب النطفة الماء الصافى ويعبر بها عن ماء الرجل اى ماء الصلب يوضع فى الرحم كما قال ابن سينا لا تكثرن من الجماع فانه ... ماء الحياة يصب فى الارحام والمعنى خلق اصلكم آدم من تراب ثم خلقكم من نطفة نسلا بعد نسل او خلق كل واحد منكم من التراب بمعنى أن كل انسان مخلوق من المنى وهو من الدم وهو من الاغذية الحيوانية والنباتية والحيوانية لا بد ان تنتهى الى النباتية والا لزم ان يتسلسل الحيوانيات الى غير النهاية والنبات انما يتولد من الماء والتراب او خلق قالبكم فى بدء امركم من الذرة الترابية التى استخرجها من صلب آدم ثم ادعها فى قطرة نطفة بنيه { ثم من علقة } وهى الدم الجامد لأن المنى يصير على هذا الشكل بعد اربعين يوما فى بطن الام { ثم يخرجكم طفلا } الطفل الولد ما دام ناعما كما فى المفردات والصغير من كل شىء او المولود كما فى القاموس وحد الطفل من اول ما يولد الى أن يستهل صارخا الى انقضاه ستة اعوام كما فى التفسير الفاتحة للفنارى والطفل مفرد لا جمع كما وهم وقوله { او الطفل الذين لم يظهروا } الآية محمول على الجنس وكذا هو فى هذا المقام جنس وضع موضع الجمع اى الاطفال او المعنى ثم يخرج كل واحد منكم من رحم الام حال كونه طفلا لتكبروا شيأ فشيأ { ثم لتبلغوا اشدكم } كمالكم فى القوة والعقل وبالفارسية بغايت قوت خود كه منتهاى شبابست قال فى القاموس الاشد واحد جاء على بناء الجمع بمعنى القوة وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين وفى كشف الاسرار يقال اذا بلغ الانسان احدى وعشرين سنة دخل فى الاشد وذلك حين اشتد عظامه وقويت اعضاؤه { ثم لتكونوا شيوخا } اى تصيروا الى حالة الشيخوخة والشيخ يقال لمن طعن فى السن واستبانت فيه او من خمسين او احدى وخمسين الى آجر عمره او الى ثمانين كما فى القاموس ( قال فى كشف الاسرار ) يقال اذا ظهر البياض بالانسان فقد شاب واذا دخل فى الهرم فقد شاخ قال الشاعر فمن عاش شب ومن شب شاب ... ومن شاب شاخ ومن شاخ مات روى أن ابا بكر رضى اللّه عنه قال يا رسول اللّه قد شبت فقال ( شيبتنى هود واخواتها ) يعنى سورة هود وكان الشيب برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قليلا يقال كان شاب منه احدى وعشرون شعرة بيضاء ويقال سبع عشرة شعرة وقال انس رضى اللّه عنه لم يكن فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وقال بعض الصحابة ما شاب رسول اللّه وسئل آخر منهم فأشار الى عنفقته يعنى كان البياض فى عنفقته اى فى شعيرات بين الشفة السفلى والذقن وانما اختلفوا لقلتها يقال كان اذا ادهن خفى شيبه { ومنكم من يتوفى } يقبض روحه ويموت { من قبل } اى من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الاشد او قبله ايضا { ولتبلغوا } متعلق بفعل مقدر بعده اى ولتبلغوا { اجلا مسمى } وقتا محدودا معينا لا تتجاوزونه هو وقت الموت او يوم القيامة يفعل ذلك اى ما ذكر من خلقكم من تراب وما بعده من الاطوال المختلفة ولكون المعنى على هذا لم يعطف على ما قبله من لتبلغوا ولتكونوا وانما قلنا او يوم القيامة لأن الآية تحتوى على جميع مراتب الانسان من مبدأ فطرته الى منتهى امره فجاز أن يراد ايضا يوم الجزآء لأنه المقصد الاقصى واليه كمية الاحوال { ولعلكم تعقلون } ولكى تعقلوا ما فى ذلك الانتقال من طور الى طور من فنون الحكم والعبر وتستدلوا به على وجود خالق القوى والقدر ٦٨ { هو الذى يحيى } الاموات كما فى الارحام وعند البعث { ويميت } الاحياء كما عند انقضاء الاجل وفى القبر بعد السؤال وايضا يحيى القلوب الميتة بنور ربوبيته ولطفه ويميت القلوب بنار قهره فاذا حيى القلب مات النفس واذا مات القلب حيى النفس قال الحسين النورى قدس سره هو الذى احيى العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره حيا فهو ميت وان نطق او تحرك ( ع ) خوشادلى كه زنور خدابود روشن { فاذا قضى امرا } القضاء بمعنى التقدير عبر به عن لازمه الذى هو ارادة التكوين كأنه قيل اذا قدر شيأ من الاشياء واراد كونه { فانما يقول له كن فيكون } من غير توقف على شىء من الاشيا اصلا : يعنى [ تكوين اورا احتياج بآلتى وعدتى وفرصتى نيست ] فعل اوراكه عيب وعلت نيست ... متوقف بهيج آلت نيست ازخم زلف كاف وطره نون ... هرزمان شكلى آورد بيرون وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فى المقدورات عند تعلق ارادته بها وتصوير لسرعة ترتب المكونات على تكوينه من غير ان يكون هناك امرا ومأمور حقيقة وذهب بعضهم الى انه حقيقة وان اللّه تعالى مكون الاشياء بهذه الكلمة فيقول بكلامه الازلى لا بالكلام الحادث الذى هو المركب من الاصوات والحروف كن اى احدث فيكون اى فيحدث ولما لم يتعلق خطاب التكوين بالفهم واشتمل على اعظم الفوائد وهو الوجود جاز تعلقه بالمعدوم وفى كشف الاسرار فيكون مرة واحدة لا يثنى قوله وفى التكملة قوله كن لا يخلو اما ان يكون قبل وجود المأمور او بعد وجوده فان قيل قبل وجوده ادى ذلك الى مخاطبة المعدوم ولا يصح فى العقل وان قيل بعد وجوده ادى ذلك الى ابطال معنى كن لان المأمور اذا كان موجودا قبل الامر فلا معنى للامر بالكون والجواب ان الامر مقارن للمأمور لا يتقدم ولا يتأخر عنه فمع قوله كن يوجد المأمور وهذه كمسألة الحركة والسكون فى الجوهر فانه اذا قدرنا جوهرا ساكنا بمحل ثم انتقل الى محل آخر فانما انتقل بحركة فلا تخلو الحركة من ان تطرأ عليه فى المحل الاول او فى الثانى فان قيل فى الاول فقد اجتمعت مع السكون وان قيل فى الثانى فقد انتقل بغير حركة وان قيل لم تطرأ فى هذا ولا فى هذا فقد طرأت عليه فى غير محل وكل هذا محال والجواب ان الحركة هى معنى خصصه بالمحل الثانى فنفس اخلائه للمحل الاول هى نفس شغله للمحل الثانى واعلم ان اللّه تعالى انزل الحروف الثمانية والعشرين وجعل حقائقها الثمانية والعشرين منزلا على ما فصل عند قوله تعالى { رفيع الدرجات } وجعل مفاصل اليدين ايضا ثمانية وعشرين اربعة عشر فى يد واحدة واخرى فى اخرى على ان يكون لكل اصبع ثلاثة مفاصل الا الابهام وجعل كل اصبع مظهرا لاصل من الاصول الخمسة فالابهام مظهر القدرة والمسبحة مظهر الحياة والوسطى مظهر العلم والبنصر مظهر الارادة والخنصر مظهر القول ولما كان العلم اعم حيطة جعل متوسطا بين الاصلين اللذين فى يمينه وهى الحياة والقدرة وبين الاصلين اللذين فى يساره وهى الارادة والقول وانما سقط عن اصل القدرة المفصل الثالث لان كل واحد من الاربعة عام التعلق بخلاف القدرة فانها محجورة الحكم غير مطلقة لانه لا يتعلق حكمها الا بالممكن فلم يعم نفوذه ولعدم عموم حكم القدرة جعل مظهرها الذى هو الابهام ذا مفصلين ولكون امر القدرة مبهما وكيفية تعلقها بالمقدور شيأ غامضا سمى المظهر بالابهام فلا يجوز البحث عن كيفية تعلق القدرة بالمقدور كما لا يجوز البحث عن كيفية وجود البارى وعن كيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك مما هو من الغوامض : قال المولى الجامى فى الارادة والقدرة فعلهايى كه ازهمه اشيا ... نوبنو درجهان شود بيدا كرارادى بودجو فعل بشر ... ورطبيعى بود جوميل بشر متبعث جمله ازمشيت اوست ... مبتنى بركمال حكمت اوست تخلد بى ارادتش خارى ... نكسلد بى مشيتش تارى فى المثل كرجهانيان خواهند ... كه سرمويى از جهان كاهند كر نباشد جنان ارادت او ... نتوان كاستن سر يك مو ورهمه در مقام آن آيند ... كر برآن ذره بيفزايند ندهد بى ارادت او سود ... نتوانند ذره افزود بعدازان قدرتش بود كامل ... مر مرادات را همه شامل اثر آن بهر عدم كه رسيد ... رخت باخطه وجود كشيد وحقيقة الاحياء والاماتة ترجع الى الايجاد ولكن الوجود اذا كان هو الحياة سمى فعله احياء واذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا اللّه ولا مميت ولا محيى الا اللّه تعالى فهو خالق الحياة ومعطيها لكل من شاء حياته على وجه يريده ومديمها لمن اراد دوامها له كما شاء بسبب ولا سبب وكذا خالق الموت ومسلطه على من شاء من الاحياء متى شاء وكيف شاء بسبب وبلا سبب ومن عرف انه المحيى المميت لم يهتم بحياة ولا موت بل يكون مفوضا مستسلما فى جميع احواله لمن بيده الحياة والموت كما قال ابراهيم عليه السلام { الذى خلقنى فهو يهدين } الآية وخاصية المحيى وجود الالفة فمن خاف الفراق او الحبس فليقرأه على جسده عدده وخاصية الاسم المميت ان يكثر منه المسرف الذى لم تطاوعه نفسه على الطاعة فانها تفعلها وتموت عن اوصافها المانعة عن القيام بامر اللّه تعالى ثم ان الماء مظهر الاسم المحيى والتراب مظهر الاسم المميت وهكذا الموجودات مع اسماء اللّه تعالى ٦٩ { ألم تر } [ آيانمى نكرى ] { الى الذين يجادلون فى آيات اللّه } فى دفعها وابطالها { أنى يصرفون } اى انظر يا محمد الى هؤلاء المكابرين المجادلين فى آياته تعالى الواضحة الموجبة للايمان بها الزاجرة عن الجدال فيها وتعجب من احوالهم الشنيعة وآرائهم الركيكة كيف يصرفون عن تلك الآيات القرآنية والتصديق بها الى تكذيبها مع تعاضد الدواعى الى الاقبال عليها بالايمان وانتفاء الصوارف عنها بالكلية . وتكرير ذم المجادلة فى اربعة مواضع فى هذه السورة اما لتعدد المجادل بان يكون فى اقوام مختلفة او المجادل فيه بان يكون فى آيات مختلفة او للتأكيد ٧٠ { الذين كذبوا بالكتاب } اى بكل القرآن والجملة فى محل الجر على انها بدل من الموصول قال فى الارشاد انما وصل الموصول الثانى بالتكذيب دون المجادلة لان المعتاد وقوع المجادلة فى بعض المواد لا فى الكل وصيغة الماضى للدلالة على التحقق كما ان صيغة المضارع فى الصلة الاولى للدلالة على تجدد المجادلة وتكررها { وبما ارسلنا به رسلنا } من سائر الكتب { فسوف يعلمون } كنه ما فعلوا من الجدال والتكذيب عند مشاهدتهم لعقوباته وهى جملة مستأنفة مسوقة للتهديد ٧١ { اذ الاغلال فى اعناقهم } ظرف ليعملون وهو اسم للزمن الماضى ويعلمون مستقبل لفظا ومعنى واما المكان فظاهر مثل قولك سوف اصوم امس وذا لا يجوز . وجوابه ان وقت العلم مستقبل تحقيقا وماض تنزيلا وتأويلا لان ما سيعلمونه يوم القيامة فكأنهم علموه فى الزمن الماضى لتحقق وقوعه فسوف بالنظر الى الاستقبال التحقيقى واذ بالنظر الى المضى التأويلى . والاغلال جمع غل بالضم وهو ما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه وغل فلان قيد به اى وضع فى عنقه او يده الغل والاعناق جمع عنق بالفارسية [ كردن ] والمعنى على ما فى كشف الاسرار [ آنكاه كه غلها كه دردستهاى ايشان در كردنهاى ايشان كنند ] يعنى تغل ايديهم الى اعناقهم مضمومة اليها { والسلاسل } عطف على الاغلال والجار فى نية التأخير وهو جمع سلسلة بالكسر بالفارسية [ زنجير ] وذلك لان السلسلة بالفتح ايصال الشىء بالشىء ولما كان فى السلسلة بالكسر ايصال بعض الخلق بالبعض سميت بها { يسحبون } ٧٢ { فى الحميم } السحب الجر بعنف ومنه السحاب لان الريح تجره وسحبه كمنعه جره على وجه الارض فانسحب والحميم الماء الذى تناهى حره قال فى القاموس الحميم الماء الحار والماء البارد ضد والقيظ والعرق اى على التشبيه كما فى المفردات والجملة حال من فاعل يعلمون او من ضمير اعناقهم . اى حال كونهم مسحوبين اى مجرورين تجرهم على وجوههم خزنة جهنم بالسلاسل الى الحميم اى الماء المسخن بنار جهنم ولا يكون الا شديد الحرارة جدا لان ما سخن بنار الدنيا التى هى جزء واحد من سبعين جزأ من نار جهنم اذا كان لا يطاق حرارته فكيف ما يسخن بنار جهنم وفى كلمة فى اشعار باحاطة حرارة الماء لجميع جوانبهم كالظرف للمظروف حتى كأنهم فى عين الحميم ويسحبون فيها وقال مقاتل يسحبون فى الحميم اى فى حر النار كما فى قوله تعالى { يوم يسحبون فى النار على وجوههم } كما فى هذا المقام حكى انه توفيت النوار امرأة الفرزدق فخرج فى جنازتها وجوه اهل البصرة وخرج فيها الحسن البصرى فقال الحسن للفرزدق يا ابا فراس ما اعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا اله الا اللّه منذ ثمانين سنة فلما دفنت قام الفرزدق على قبرها وانشد هذه الابيات اخاف وراء القبر ان لم يعافنى ... اشد من القبر التهابا واضيقا اذ جاءنى يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق فرزدقا لقد خاب من اولاد آدم من مشى ... الى النار مغلول القلادة ازرقا فبكى وابكى الحاضرين { ثم } اى بعد الجر بالسلاسل الى الحميم { فى النار يسجرون } يحرقون بالنار وهى محيطة بهم من سجر التنور اذا ملأه بالوقود ومن كانوا فى النار وكانت هى محيطة بهم وصارت اجوافهم مملوءة بها لزم ان يحرقوا بها على ابلغ الوجوه فهم يملأون بالنار كائنين فيها ويحرقون والمراد بيان انهم يعذبون بانواع العذاب وينقلون من لون الى لون قال فى كشف الاسرار [ عذاب دوزخيان انواعست يكى ازآن سلاسل است دردست زبانيه زنجيرهاى آتشين كه دوزخيانرا بدان ببندند هرزنجيرى هفتاد كز هركزى هفتاد حلقه اكر يك حلقه آن بر كوههاى دنيا نهند جون اززير بكذارد آن زنجيرها بدن كافران فروكنند وبزريش بيرون كشند زنجير ايشانرا درحميم كشند حميم آب كرمست جوشان اكريك قدح ازآن بدرياهاى دنيا فرو ريزند همه زهر شود قدحى ازآن بدست كافران دهند هرجه برروى ويست از بوست وكوشت وجشم وبينى همه اندران قدح افتد اينست كه رب العزة كفت { يشوى الوجوه } جون حميم بشكم رسد هرجه اندرشكم بود بزير بيرون شود فذلك قوله { وسقوا ماء حميما فقطع امعاءهم } وازآن حميم برسرايشان ميريزند تابوست وكوشت وبىورك ازايشان فرو ريزند استخوان بماند سوخته ندا آيدكه ( يا مالك جدد لهم العذاب فانى مجدد لهم الابدان ) كفته اندكه عاصيان مؤمنانرا ده جيز نباشد روى ايشان سياه نبود جشم ايشان ازرق نبود دركردن غل نبود دردست ايشان زنجير نبود نوميدى نبود جاويد فرقت وقطيعت ولعنت نبود جون حرارت وزبانه آتش بايشان رسد ندا آيدكه ] ( يا نار كفى عن وجوه من سجد لى فلا سبيل لك على مساجدهم ) اللهم اجرنا من نارك انا عائذون بجوارك ٧٣ { ثم } اى بعد الاحراق { قيل لهم } اى يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع وصيغة الماضى للدلالة على التحقق { اين } [ كجاند ] { ما } [ آنانكه ] يعنى اصنام { كنتم } فى الدنيا على الاستمرار { تشركون } ٧٤ { من دون اللّه } [ انباز آورديدوكرفتيد بجزاللّه معبود بحق ] اى رجاء شفاعتهم ادعوهم ليشفعوا لكم ويعينوكم وهو نوع آخر من تعذيبهم { قالوا } اى يقولون { ضلوا } غابوا اى الشركاء { عنا } عن اعيننا وان كانوا قائمين اى غير هالكين من قول العرب ضل المسجد والدار اى لم يعرف موضعهما وكذلك كل شىء قائم او غير هالك لكنك لا تهتدى اليه وذلك قبل ان يقرن بهم آلهتهم فان النار فيها امكنة متعددة وطبقات مختلفة فلا مخالفة بينه وبين قوله تعالى { انكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم } او ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم على ان يكون ضل بمعنى ضاع وهلك تنزيلا لوجودهم منزلة الضياع والهلاك لفقدهم النفع الذى يتوقعونه منهم وان كانوا مع المشركين فى جميع الاوقات { بل } تبين لنا انا { لم نكن ندعو } نعبد { من قبل } اى فى الدنيا بعبادتهم { شيأ } لما ظهر لنا اليوم انهم لم يكونوا شيأ يعتد به كقولك حسبته شيأ فلم يكن : وبالفارسية يعنى برماروشن شدكه جيزىرا نمىبرستيده ايم بلكه ايشانراكه عبادت مى كرديم هيج جيزى نبوده اند معتبر وما ايشانرا جيزى نمىبنداشتيم ] { كذلك } اى مثل ذلك الضلال الفظيع وهو ضلال آلهتهم عنهم على التفسيرين المذكورين لقوله ضلوا { يضل اللّه الكافرين } حيث لا يهتدون فى الدنيا الى شىء من العقائد والاعمال ينفعهم فى الآخرة فهو ناظر الى التفسير الثانى او كما ضل عنهم آلهتهم يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يصادفوا اى لم يجد احدهم الآخر فهو ناظر الى التفسير الاول واضلال الحق عبده هو عدم عصمته اياه مما نهاه عنه وعدم معونته وامداد بما يتمكن به من الاتيان بما امره به او الانتهاء عما نهاه عنه كما فى تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره . وفى نسخة الطيبى { كذلك } اى مثل ذلك الاضلال وهو الاوفق لما عرف من العادة القرآنية وهو ان تكون الاشارة الى مصدر الفعل المتأخر قال سعدى المفتى قلت بل الآية اى بل لم نكن الخ كقوله { واللّه ربنا ما كنا مشركين } يفزعون الى الكذب لحيرتهم واضطرابهم ومعنى قوله { كذلك يضل اللّه الكافرين } انه تعالى يحيزهم فى امرهم حتى يفزعون الى الكذب مع علمهم بانه لا ينفعهم ٧٥ { ذلكم } الاضلال ايها الكفار والالتفات للمبالغة فى التوبيخ وفى تفسير الجلالين اى العذاب الذى نزل بكم وهو العذاب المذكور بقوله { اذ الاغلال } الخ قال ابن الشيخ ولا يخلو عن بعد { بما } الباء للسببية { كنتم تفرحون فى الارض } فى الدنيا { بغير الحق } وهو الشرك والطغيان والباء صلة الفرح قال فى القاموس الفرح السرور والبطر انتهى والبطر النشاط والاشر وقلة احتمال النعمة والاشر شدة البطر وهو ابلغ من البطر والبطر ابلغ من الفرح وفى المفردات الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة ولم يرخص الا فى الفرح بفضل اللّه وبرحمته وبنصر اللّه والبطر دهش يعترى الانسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها { وبما كنتم تمرحون } المرح شدة الفرح والنشاط والتوسع فيه اى تتوسعون فى البطر والاشر : وبالفارسية [ مىنازيديد ازخود وبتكبر مىخراميديد ] قال ارسطو من افتخر ارتطم يعنى [ دركل افاد ] : قال الصائب. بست و بلند بيش سموم فنايكيست جون تاك بردرخت دويدن جه فائده ٧٦ { ادخلوا ابواب جهنم } اى ابوابها السبعة المقسومة لكم : يعنى [ هرطائفة بدركه درآييد ] { خالدين فيها } مقدار خلودكم فى الآخرة { فبئس مثوى المتكبرين } اى عن الحق جهنم : وبالفارسية [ بس بد آرامكاهيست كردن كشانرا دوزخ ] وكان مقتضى النظم فبئس مدخل المتكبرين ليناسب عجز الكلام صدره كما يقال زر بيت اللّه فنعم المزار فصل فى المسجد الحرام فنعم المصلى لكن لما كان الدخول المقصود بالخلود سبب الثواء اى الاقامة عبر بالمثوى الذى هو محل الاقامة فاتحد آخر الكلام باوله وفى الآية اشارة الى ان كل شهوة من شهوات الدنيا وزينة من زينها باب من ابواب جهنم النفس فى الدنيا وباب من ابواب جهنم النار فى العقبى وجب ترك الشهوات والزين والافتخار بالدنيا وبزخارفها حتى تغلق ابواب جهنم مطلقا وهكذا يضل اللّه من ليس له استعداد للهداية حيث يريهم شيأ مجازيا فى صورة وجود حقيقى وزينته فيضلون به عن الصراط المستقيم ولا يدرون ان الدنيا سراب وخيال ومنام غافل مشو ز برده نيرنك روزكار ... سير خزان در آيينه نو بهار كن وفى الآية ذم الكبر فلا بد من علاجه بضده وهو التواضع وعن بعض الحكماء افتخر الكلأ فى المفازة على الشجر فقال انا خير منه يرعانى البهائم التى لا تعصى اللّه فى طرفة عين فقال انا خير منك يخرج منى الثمار ويأكلها المؤمنون وتواضع القصب قال لا خير فىّ لا اصلح للمؤمنين ولا للبهائم فلما تواضع رفعه اللّه وخلق فيه السكر الذى هو احلى شىء فلما نظر الى ما وضع اللّه فيه من الحلاوة تكبر فاخرج اللّه منه رأس القصب حتى اتخذ منه الآدميون المكنسات فكنسوا بها القاذورات فهذا حال كبر غير المكلف فكيف حال المكلف واعلم ان فرعون علا فى الارض حتى ادعى الربوبية فاخذه اللّه نكال الآخرة والاولى اى بالغرق فى الدنيا والاحراق فى الآخرة وعلا قارون بكثرة ماله فخسف اللّه به وبداره الارض وعلا ابليس حين امتنع عن السجدة فلعنه اللّه لعنة ابدية وعلا قريش على المؤمنين حتى قتلوا والقى جيفهم فى بئر ذليلين وهكذا حال كل متكبر بغير الحق الى يوم القيامة فانه ما نجا احد من المتكبرين ولا ينجو وفى المثنوى : آنجه درفرعون بود اندرتوهست ... ليك ازدرهات محبوس جهست نفس ازدرهاست اوكى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است كر بيابد آلت فرعون او ... كه بامر او همى رفت آب جو آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصدهارون زند كرمكست آن ازدها ازدست فقر ... بشه كردد ز جاه ومال صقر هرخسى را اين تمناكى رسد ... موسى بايد كه ازدرها كشد صد هزاران خلق زازدرهاى او ... درهزيمت كشته شد از راى او يعنى ان النفس كثعبان عظيم وقتلها عن اوصافها ليس بسهل بل يحتاج الى همة عالية والى جهاد كثير بلا فتور ٧٧ { فاصبر } يا محمد على اذية قومك لك بسبب تلك المجادلات وغيرها الى ان يلاقوا ما اعد لهم من العذاب { ان وعد اللّه حق } اى وعده بتعذيبهم حق كائن لا محالة { فاما نرنيك } اى فان نرك : وبالفارسية [ بس اكربنماييم بتو ] وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذا لحقت النون الفعل ولا تلحقه مع ان وحدها فلا تقول ان تكرمنى اكرمك بنون التأكيد بل اما تكرمنى اكرمك { بعض الذى نعدهم } وهو القتل والاسر وجوابه محذوف اى فذاك { او نتوفينك } قبل ان تراه : وبالفارسية [ اكر بميرانيم ترا بيش از ظهور آن عذاب ] { فالينا يرجعون } وهو جواب نتوفينك اى يردون الينا يوم القيامة لا الى غيرنا فنجازيهم باعمالهم [ بس هيج وجه ايشانرا فرونخواهيم كذاشت وحق سبحانه وتعالى درين دنيا بعضى ازعذاب كفار بسيد ابرار عليه السلام نمود ازقتل واسر وقحط وجزآن وباقى عقوبات ايشان درعقبى خواهد بود ] دوستان هردوعالم شاد وخرم مىزيند ... دشمنان درمخت وغم اين سراو آن سرا اما سرور الاولياء فى الآخرة فظاهر واما سرورهم فى الدنيا فان الحق بايديهم وهم راضون عن اللّه على كل حال فى الفقر والغنى والصحة والمرض فلا يكدّرهم شىء من الاكدار لشهودهم المبلى فى البلاء وتهيئتهم لنعيم الآخرة واما غم الاعداء فى الدنيا فمما لا حاجة الى بيانه اذ من كان مع النفس فى الدنيا كيف يستريح ومن كان مع سخط اللّه فى الآخرة كيف يضحك وفى الآية اشارة الى كيفية القدوم على اللّه فان كان العبد عاصيا فيقدم على مولاه وهو عليه غضبان وان كان مطيعا فيقدم عليه قدوم الحبيب المشتاق على الحبيب بهار عمر ملاقات دوستان باشد ... ٧٨ { ولقد ارسلنا } روى ان الذين كانوا يجادلون فى آيات اللّه اقترحوا معجزات زائدة على ما اظهره اللّه على يده عليه السلام من تفجير العيون واظهار البساتين وصعود السماوات ونحوها مع كون ما اظهره من المعجزات كافية فى الدلالة على صدقه فانزل اللّه تعالى قوله { ولقد ارسلنا } { رسلا } ذوى عدد كثير الى قومهم { من قبلك } اى من قبل بعثتك يا محمد او من قبل زمانك { منهم من قصصنا عليك } قوله منهم خبر مقدم لقوله من قصصنا عليك والجملة صفة لرسلا وقص عليه بين اى بيناهم وسميناهم لك فى القرآن فانت تعرفهم { ومنهم من لم نقصص عليك } لم نسمهم لك ولم نخبرك بهم قال الكاشفى [ بعضى ازايشان آنها اندكه خوانده ايم قصهاى ايشان برتوكه آن بيست ونه بيغمبراند ] وفى عين المعانى هم ثمانية عشر [ وبعضى آنانندكه قصه ايشان نخوانده ايم برتو اما نام ايشان دانسته اليسع وغيراو وبعضى آنست كه نه نام ايشان دانسته ونه قصه ايشان شنيده ودرايمان بديشان تعيين عدد ومعرفت ايشان بانساب واسامى شرط نيست ] وعن على رضى اللّه عنه ان اللّه بعث نبيا اسود وفى التكملة عبدا حبشيا وهو ممن لم يقصص اللّه عليه يقول الفقير لعل معناه ان اللّه بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان اللّه تعالى ما بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان اللّه تعالى ما بعث نبيا الا حسن الاسم حسن الصورة حسن الصوت وذلك لان فى كل جنس حسنا بالنسبة الى جنسه . والحاصل ان المذكور قصصهم من الانبياء افراد معدودة وقد قيل عدد الانبياء مائة واربعة وعشرون الفا قال فى شرح المقاصد روى عن ابى ذر الغفارى رضى اللّه عنه انه قال قلت لرسول اللّه عليه السلام كم عدد الانبياء فقال ( مائة الف واربعة وعشرون الفا ) فقلت فكم الرسل فقال ( ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا ) لكن ذكر بعض العلماء ان الاولى ان لا يقتصر على عددهم لان خبر الواحد على تقدير اشتماله على جميع الشرائط لا يفيد الا الظن ولا يعتبر الا فى العمليات دون الاعتقاديات وههنا حصر عددهم يخالف ظاهر قوله تعالى { منهم من قصصنا } الخ . ويحتمل ايضا مخالفة الواقع واثبات من ليس بنبى ان كان عددهم فى الواقع اقل مما يذكر ونفى النبوة عمن هو نبى ان كان اكثر فالاولى عدم التنصيص على عدد . وفى رواية ( مائتا الف واربعة وعشرون الفا ) كما فى شرح العقائد للتفتازانى قال ابن ابى شريف فى حاشيته لم ار هذه الرواية وقال المولى محمد الرومى فى المجالس ومما يجب الايمان به الرسل والمراد من الايمان بهم العلم بكونهم صادقين فيما اخبروا به عن اللّه فانه تعالى بعثهم الى عباده ليبلغوهم امره ونهيه ووعده ووعيده وايدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم اولهم آدم وآخرهم محمد عليه السلام فاذا آمن بالانبياء السابقة فالظاهر انه يؤمن بانهم كانوا انبياء فى الزمان الماضى لا فى الحال اذ ليست شرائعهم بباقية واما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الانبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا ومن قال آمنت بجميع الانبياء ولا اعلم آدم نبى ام لا فقد كفر ثم انه لم يبين فى القرآن عدد الانبياء كم هم وانما المذكور فيه باسم العلم على ما ذكر بعض المفسرين ثمانية وعشرون وهم آدم ونوح وادريس وصالح وهود وابراهيم واسماعيل واسحاق ويوسف ولوط ويعقوب وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان والياس واليسع وذو الكفل وايوب ويونس ومحمد وذو القرنين وعزير ولقمان على القول بنبوة هذه الثلاثة الاخيرة وفى الامالى وذو القرنين لم يعرف نبيا ... كذا لقمان فاحذر عن جدال وذلك لان ظاهر الادلة يشير الى نفى النبوة عن الانثى وعن ذى القرنين ولقمان ونحوهما كتبع فانه عليه السلام ( قال لا ادرى أهو نبى ام ملك ) وكالخضر فانه قيل نبى وقيل ولى وقيل رسول فلا ينبغى لاحد ان يقطع بنفى او اثبات فان اعتقاد نبوة من ليس بنبى كفر كاعتقاد نفى نبوة نبى من الانبياء يعنى اذا كان متفقا على نبوته او عدم نبوته واما اذا كان فيه خلاف فلا يكفر لانه كالدليل الظنى والكفر فى القطعى وفى فتح الرحمن فى سورة البقرة والمذكورون فى القرآن باسم العلم ستة وعشرون نبيا وهم محمد وآدم وادريس ونوح وهود وصالح وابراهيم ولوط واسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف وايوب وذو الكفل وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وعزير ويونس وزكريا ويحيى وعيسى والياس واليسع صلوات اللّه عليهم اجمعين واشير الى اشمويل بقوله تعالى { وقال لهم نبيهم } واشير الى ارميا بقوله { أو كالذى مرّ على قرية } واشير الى يوشع بقوله { واذ قال موسى لفتاه } واشير الى اخوة يوسف بقوله { لقد كان فى يوسف واخوته } والاسباط ذكروا اجمالا وهم من ذرية اولاد يعقوب الاثنى عشر نبيا وكان فيهم انبياء وفى لقمان وذى القرنين خلاف كالخضر انتهى قال بعض الحكماء يجب على المؤمن ان يعلم صبيانه ونساءه وخدمه اسماء الانبياء الذين ذكرهم اللّه تعالى فى كتابه حتى يؤمنوا بهم ويصدقوا بجميعهم ولا يظنوا ان الواجب عليهم الايمان بمحمد عليه السلام فقط لا غير فان الايمان بجميع الانبياء سواء ذكر اسمه فى القرآن او لم يذكر واجب على المكلف فمن ثبت تعينه باسمه يجب الايمان به تفصيلا ومن لم يعرف اسمه يجب الايمان به اجمالا وحكى ابن قتيبة فى المعارف ان الانبياء مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر منهم خمسة عبرانيون وهم آدم وشيث وادريس ونوح وابراهيم وخمسة من العرب هود وصالح واسماعيل وشعيب ومحمد عليهم السلام قال فى التكملة هذا الذى ذكر ابن قتيبة لا يصح لانه قد روى انه كان من العرب نبى آخر وهو خالد بن سنان بن غيث وهو من بعس بن بغيض روى عن النبى عليه السلام انه قال فيه ( ذلك نبى اضاعه قومه ) وردت ابنته على رسول اللّه عليه السلام فسمعته يقرأ { قل هو اللّه احد } فقالت كان ابى يقول هذا قال ابن قتيبة واول انبياء بنى اسرائيل موسى وآخرهم عيسى قال فى التكملة صاحبها وهذا عندى غير صحيح لانه ان اراد اول الرسل فقد قال اللّه تعالى حكاية عن قول الرجل المؤمن من آل فرعون { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } فقد اخبر انه ارسل اليهم يوسف وهو اما ابن يعقوب او ابن افراييم بن يوسف بن يعقوب على الخلاف المتقدم وان اراد النبوة خاصة فيوسف واخوته انبياء وهم بنوا اسرائيل لان يعقوب عليه السلام هو اسرائيل واول الانبياء آدم وآخرهم محمد عليهم السلام وروى ابن سلام وغيره عن عائشة رضى اللّه عنها انها قالت لا تقولوا لا نبى بعد محمد وقولوا خاتم النبيين لانه ينزل عيسى بن مريم حكما عدلا وامام مفسطا فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب اوزارها قال فى التكملة وقول عائشة لا تقولوا لا نبى بعد محمد انما ذكر واللّه اعلم لئلا يتوهم المتوهم رفع ما روى من نزول عيسى وان نزل بعده فهو موجود قبله حى الى ان ينزل واذا نزل فهو متبع لشريعته مقاتل عليها فلا يخلق نبى بعد محمد ولا تجد شريعة بعد شريعته فعلى هذا يصح ولا نبى بعده . وقد روى فى اسماء النبى عليه السلام فى كتاب الشمائل وغيره والعاقب الذى ليس بعده نبى فهذه زيادة وان لم يذكرها مالك فهى موجودة فى غير الموطأ ويحتمل ان تكون من قبل النبى او من قبل الراوى فان كانت من قبل النبى عليه السلام فحسبك بها حجة وان كانت من قبل الراوى فقد صح بها ان اطلاق هذا اللفظ غير ممتنع ولا معارضة بينه وبين حديث عائشة كما ذكرنا والمراد به لا تقولوا لا نبى بعده يعنى لا يوجد فى الدنيا نبى فان عيسى ينزل الى الدنيا ويقاتل على شريعة النبى عليه السلام والمراد بقوله عليه السلام فى الحديث والعاقب الذى ليس بعده نبى ولا يبعث بعده نبى ينسخ شريعته وهذا معنى قوله { وخاتم النبيين } اى الذى ختمت النبوة والرسالة به لان نبوة عيسى قبله فنبوته عليه السلام ختم النبوات وشريعته ختمت الشرائع انتهى ما فى التكملة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان الحكمة البالغة الازلية اقتضت انا نبعث قبلك رسلا ونجزى عليهم وعلى اممهم احوالا ثم نقص عليك من انبائهم ما نثبت به فؤادك ونؤدبك بتأدبهم لتتعظ بهم ولا نقدمك بالرسالة عليهم ليتعظوا بك فان السعيد من يتعظ بغيره هر طبيدن قاصدى باشد دل آكاهرا ... { ومنهم من لم نقصص عليك } لاستغنائك عن ذلك تخفيفا لك عما لا يعنيك وهذا امارة كمال العناية فيما قص عليه وفيما لم يقصص عليه { وما كان لرسول } اى وما صح وما استقام لرسول منهم { ان يأتى بآية } تقترح عليه [ يعنى بيارد معجزه كه نشانه نبوت او باشد ] { الا باذن اللّه } فان المعجزات تشعب فنونها عطايا من اللّه تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختيار فى ايثار بعضها ولا استبداد باتيان المقترح بها وفيه تسلية لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم كأنه قيل ما من رسول من قبلك سواء كان مذكورا او غير مذكور اعطاه اللّه آيات معجزات الا جادله قومه فيها وكذبوه عنادا وعبثا فصبروا وظفروا فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا : وفى المثنوى صدهزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد { فاذا جاء امر اللّه } بالعذاب فى الدنيا والآخرة { قضى بالحق } حكم بين الرسل ومكذبيهم بانجاء المحق واهلاك المبطل وتعذيبه { وخسر } هلك او تحقق وتبين انه خسر { هنالك } اى وقت مجىء امر اللّه وهو اسم مكان استعير للزمان { المبطلون } اى المتمسكون بالباطل على الاطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا اوليا قال فى القاموس الباطل ضد الحق وابطل جاء بالباطل فالمبطل صاحب الباطل والمتمسك به كما ان المحق صاحب الحق والعامل به ولم يقل وخسر هنالك الكافرون لما سبق من نقيض الباطل الذى هو الحق كما فى برهان القرآن وفى الآية اشارة الى انه يجب الرجوع الى اللّه قبل ان يجىء امره وقضاؤه بالموت والعذاب فانه ليس بعده الا الاحزان توبيش ازعقوبت درعفوكوب ... كه سودى ندارد فغان زيرجوب جه سود از بشيمانى آيد بكف ... جو سرمايه عمر كردى تلف كسى كرجه بد كردهم بدنكرد ... كه بيش از قيامت غم خويش خورد يعنى [ بيش از قيامت موت زيراكه مرد قيامت او برخاست ] ٧٩ { اللّه الذى جعل لكم الانعام } اى خلق الابل لاجلكم ومصلحتكم جمع نعم بفتحتين وهو فى الاصل الراعية والكثير استعماله فى الابل { لتركبوا منها ومنها تأكلون } من لابتداء الغاية ومعناها ابتداء الركوب والاكل منها اى تعلقهما بها او للتبعيض اى لتركبوا وتأكلوا بعضها لا على ان كلا من الركوب والاكل مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان كل بعض منها صالح لكل منهما وتغيير النظم فى الجملة الثانية لمراعاة الفواصل مع الاشعار باصالة الركوب لان الغرض انما يكون فى المنافع والركوب متعلق بالمنفعة لانه اتلاف المنفعة بخلاف الاكل فانه متعلق بالعين لانه اتلاف العين ولا يقدح فى ذلك كون الاكل ايضا من المنافع ولهذا جاء { لتأكلوا منه لحما طريا } ٨٠ { ولكم فيها منافع } اخر غير الركوب والاكل كالبانها واوبارها وجلودها { ولتبلغوا عليها حاجة فى صدوركم } اى فى قلوبكم بحمل اثقالكم عليها من بلد الى بلد وقال الكاشفى [ تابرسيد بمسافرت برآن بحاجتىكه درسينهاى شماست ازسود ومعامله ] وهو عطف على قوله لتركبوا منها وحاجة مفعول لتبلغوا { وعليها } اى على الابل فى البر { وعلى الفلك } اى السفن فى البحر { تحملون } نظيره { وحملناكم فى البر والبحر } قال فى الارشاد ولعل المراد به حمل النساء والولدان عليها بالهودج وهو السر فى فصله عن الركوب والجمع بينها وبين الفلك لما بينهما من المناسبة التامة حتى تسمت سفائن البر وانما قال وعلى الفلك ولم يقل فى الملك كما قال { قلنا احمل فيها } للمزاوجة اى ليزاوج ويطابق قوله { وعليها } فان محمولات الانعام مستعلية عليها فذكرت كلمة الاستعلاء فى الفلك ايضا للمشاكلة وفى المدارك الايعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم لان الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها فلما صح المعنيان صحت العبارتان وقال بعض المفسرين المراد بالانعام فى هذا المقام الازواج الثمانية وهى الابل والبقر والضأن والمعز باعتبار ذكورتها وانوثتها فمعنى الركوب والاكل منها تعلقهما بالكل لكن لا على ان كلا منهما يجوز تعلقه بكل منها ولا على ان كلا منهما مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان بعضها يتعلق به الاكل فقط كالغنم وبعضها يتعلق به كلاهما كالابل والبقر والمنافع تعم الكل وبلوغ الحاجة عليها يعم البقر وفى الآية اشارة الى ان اللّه تعالى خلق النفس البهيمية الحيوانية لتكون مركبا لروحكم العلوى { ولتبلغوا عليها حاجة فى صدوركم } من مشاهدة الحق ومقامات القرب ولكم فى صفاتها منافع وهى الشهوة الحيوانية ومنفعتها انها مركب العشق والغضب وان مركب الصلابة فى الدين والحرص مركب الهمة وبهذه المركب يصل السالك الى المراتب العلية كما قال { وعليها وعلى الفلك } اى صفات القلب { تحملون } الى جوار الحق تعالى جون بيخبران دامن فرصت مده ازدست ... تاهست بروبال زعالم سفرى كن ٨١ { ويريكم آياته } دلائله الدالة على كمال قدرته ووفور رحمته { فأى آيات اللّه تنكرون } فان كلا منها من الظهور بحيث لا يكاد يجرأ على انكارها من له عقل فى الجملة وهو ناصب لأى واضافة الآيات الى الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل انكارها فان قلت كان الظاهر ان يقال فأية آيات اللّه بتاء التأنيث لكون أى عبارة عن المؤنث لاضافته اليها قلت تذكير أى هو الشائع المستفيض والتأنيث قليل لان التفرقة بين المذكر والمؤنث فى الاسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة وانسان وانسانة غريب وهى فى أى اغرب لابهامه فان قصد التمييز والتفرقة ينافى الابهام وهذا فى غير النداء فان اللغة الفصيحة الشائعة ان تؤنث ايا الواقعة فى نداء المؤنث كما فى قوله تعالى { يا ايتها النفس المطمئنة } ولم يسمع ان يقال يا ايها المرأة بالتذكير اعلم ان جميع اجزاء العالم آيات بينات وحجج واضحات ترشدك الى وحدانية اللّه تعالى وكمال قدرته لكن هداية اللّه تعالى الى جهة الارشاد وكيفيته اصل الاصول قال بعض الكبار فى سبب توبته كنت مستلقيا على ظهرى فسمعت طيورا يسبحن فاعرضت عن الدنيا واقبلت على المولى وخرجت فى طلب المرشد فلقيت ابا العباس الخضر فقال لى اذهب الى الشيخ عبد القادر فانى كنت فى مجلسه فقال ان اللّه جذب عبدا اليه فارسله الىّ اذا لقيته قال فلما جئت اليه قال مرحبا بمن جذبه الرب بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير فاذا اراد اللّه بعبده خيرا يجذبه اليه بما شاء ولا تفرقة بين شىء وشىء فمن له بصيرة يرى فى مرائى الاشياء جمال الوحدة محقق همىبيند اندر ابل كه درخوب رويان جين وجكل ثم ان اعظم الآيات انبياء اللّه واولياؤه اذ تجلى الحق من وجوههم بنعت العزة والكبرياء للعالمين وأى منكر اعظم ممن ينكر على هذه الآيات الساطعة والبراهين الواضحة قال سهل اظهر آياته فى اوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم فى كراماتهم واعمى اعين الاشقياء عن ذلك وصرف قلوبهم عنهم ومن انكر آيات اوليائه فانه ينكر قدرة اللّه فان القدرة الالهية تظهر على الاولياء الامارات لا هم بانفسهم يظهرونها واللّه تعالى يقول { ويريكم آياته فأى آيات اللّه تنكرون } ثم ان الانكار بعد التعريف والاعلام اشد منه قبله فطوبى لمن اخذ باشارة المرشد وارشاده ولا يكون فى زمرة المنكرين الضالين قال حجة الاسلام العجب منك انك تدخل بيت غنى فتراه مزينا بانواع الزين فلا ينقطع تعجبك منه ولا تزال تذكره وتصف حسنه طول عمرك وانت تنظر الى بيت عظيم وهو العالم لم يخلق مثله لا تتحدث فيه ولا تلتفت بقلبك ولا تتفكر فى عجائبه وذلك لعمى القلب المانع عن الشهود والرؤية ونعم ما قيل برك درختان سبز درنظر هوشيار ... هرورقى دفتريست معرفت كردكار ولا بد لتحصيل هذه المرتبة من التوسل بالاسباب واعظمها الذكر فى جميع الاوقات الى ان يفتح مفتح الابواب ٨٢ { أفلم يسيروا } الهمزه للاستفهام التوبيخى والفاء للعطف على مقدر اى أقعدوا اى قومك وهم قريش فلم يسيروا ولم يسافروا { فى الارض } [ در زمين عاد وثمود ] { فينظروا } ويعتبروا جواب الاستفهام : وبالفارسية [ تابنكرندكه ] { كيف كان } [ جه كونه بود ] { عاقبة الذين من قبلهم } من الامم المهلكة يعنى انهم قد ساروا فى اطراف الارض وسافروا الى جانب الشام واليمن وشاهدوا مصارع المكذبين من الامم السالفة وآثارهم فليحذروا من مثل عذابهم فلا يكذبوك يا محمد ثم بين مبادى احوال الامم المتقدمة وعواقبها فقال { كانوا } اى تلك الامم { اكثر } عددا { منهم } اى من قومك { واشد قوة } فى الابدان والعدد { وآثارا فى الارض } باقية بعدهم من الابنية والقصور والمصانع وهى جمع مصنعة بفتح النون وضمها شىء كالحوض يجمع فيه ماء المطر ويقال له الصهريج ايضا وتغلط فيه العامة من الاتراك فيقولون صارنج واكثر بلاد العرب محتاجة الى هذا لقلة الماء الجارى والآبار وفى التأويلات النجمية { وآثارا فى الارض } بطول الاعمال وقيل هى آثار اقدامهم فى الارض بعظم اجرامهم وحكى عن الشيخ محى الدين بن العربى قدس سره انه قال قد اجتمعت بجماعة من قوم يونس عليه السلام سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالاندلس حيث كنت فيه وقست اثر رجل واحد منهم فى الارض فرأيت طول قدمه ثلاثة اشبار وثلثى شبر { فما اغنى عنهم } يقال اغنى عنه كذا اذا كفاه ونفعه وهو اذا استعمل بعن يتعدى الى مفعول كما سبق اى لم يغن عنهم لم يدفع ولم ينفع { ما كانوا يكسبون } كسبهم او مكسوبهم من الاموال والاولاد وترتيب العساكر فاذا لم تفدهم تلك المكنة العظيمة الا الخيبة والخسار فكيف هؤلاء الفقراء المساكين . ويجوز ان تكون ما الاولى استفهامية بمعنى أى شىء اغنى عنهم ذلك وما الثانية على التقديرين فاعل اغنى وهذه الفاء بيان عاقبة كثرتهم وشدة قوتهم وما كانوا يكسبون بذلك زعما منهم ان ذلك يغنى عنهم فلم يترتب عليه الا عدم الاغناء فهذا الاعتبار جرى مجرى النتيجة وان كان عكس الغرض ونقيض المطلوب كما فى قولك وعظته فلم يتعظ اى لم يترتب عليه الا عدم الاتعاظ مع انه عكس المتوقع ٨٣ { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات } بالمعجزات والدلالات الواضحة وهذه الفاء تفسير وتفصيل لما ابهم واجمل من عدم الاغناء فهى تعقيبية وتفسيرية اذ التفسير يعقب المفسر وقد كثر فى الكلام مثل هذه الفاء ومبناها على التفسير بعد الابهام والتفصيل بعد الاجمال { فرحوا بما عندهم من العلم } لقوله { كل حزب بما لديهم فرحون } اى اظهروا الفرح بذلك واستحقروا علم الرسل والمراد بالعلم مالهم من العقائد الزائغة والشبه الباطلة كما قالوا لا نبعث ولا نعذب وما اظن الساعة قائمة ونحو ذلك وتسميتها علما مع ان الاعتقاد الغير المطابق للواقع حقه ان يسمى جهلا للتهكم بهم فهى علم على زعمهم لا فى الحقيقة او المراد علم الصنائع والتنجيم والطبائع وهو اى علم الطبائع علم الفلاسفة فان الحكماء كانوا يصغرون علوم الانبياء ويكتفون بما يكسبونه بنظر العقل ويقولون نحن قوم مهتدون فلا حاجة بنا الى من يهدينا كما قال سقراط لما ظهر موسى عليه السلام نحن قوم مهذبون لا حاجة بنا الى تهذيب غيرنا : قال المغربى علم بى دينان هرا كن حهل راحكمت مخوان ... ازخيالات وظنون اهل يونان دم مزن وكان يكنى فى الجاهلية بابى الحكم لانهم يزعمون انه عالم ذو حكمة فكناه النبى فى الاسلام بابى جهل لانه لو كان له علم حقيقة لآمن بالرسول عليه السلام : قال الحافظ سراى ومدرسه وبحث علم وطاق ورواق ... جه سود جون دل دانا وجشم بينا نيست وفى التأويلات النجمية من العلم اى من شبه المعقولات والمخيلات والموهومات ويجوز ان يرجع عندهم للرسل على ان المراد بالعلم هو العلم الذى اظهر رسلهم وبفرح الكفار به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده قوله تعالى { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } اى نزل بالكفار واصابهم وبال استهزائهم بالانبياء واستحقارهم لعلومهم وما اخبروا به من العذاب ونجوه فلم يعجزوا اللّه فى مراده منهم وفى المثنوى آن دهان كزكرد وزتسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كز بماند باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن من ترا افسوس ميكردم زجهل ... من بدم افسوس را منسوب واهل جون خداخوهدكه برده كس درد ... ميلش اندر طعنه باكان برد بس سباس اوراكه مارا درجهان ... كرد بيدا از بس بيشينيان تا شنيدم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق تاكه ما از حال آن كركان بيش ... همجو روبه باس خودداريم بيش امت مرحومه زين روخواند مان ... آن رسول حق وصادق در بيان استخوان و بشم آن كركان عيان ... بنكريد و بند كيريد اى مهان عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... جون شنيد آنجام فرعونان وعاد ورنه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از اضلال او نسأل اللّه التوفيق للعلم الذى يوصل الى التحقيق نتوان بقيل وقال ز ارباب حال شد ... منعم نمىشود كسىز كفت وكوى كنج فلا بد من الانقياد للحق والاجتهاد فى العمل : قال الخجندى در علم محققان جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست قال فى الروضة صلى الحجاج فى جنب ابن المسيب فرآه يرفع قبل الامام ويضع رأسه فلما سلم اخذ بثوبه حتى فرغ من صلاته ودعائه ثم رفع نعله على الحجاج فقال يا سارق ويا خائن تصلى على هذه الصفة لقد هممت ان اضرب بها وجهك وكان الحجاج حاجا فرجع الى الشام وجاء واليا على المدينة ودخل من فوره المسجد قاصدا مجلس سعيد بن المسيب فقال له انت صاحب الكلمات قال نعم انا صاحبها قال جزاك اللّه من معلم ومؤدب خيرا ما صليت بعدك الا ذاكرا قولك فلا بد من الحركة بمقتضى العلم ٨٤ { فلما رأوا } اى الامم السالفة المكذبة { بأسنا } شدة عذابنا فى الدنيا ووقعوا فى مذلة الخيبة ومنه قوله تعالى { بعذاب بئيس } اى شديد { قالوا } مضطرين { آمنا باللّه وحده } [ بخداى يكبتا ] { وكفرنا بما كنا به } اى بسبب الايمان به يعنون الاصنام { مشركين } يعنى [ ازانباز كه ميكفتيم بيزار وبرى كشتيم ] وهذه الفاء لمجرد التعقيب وجعل ما بعدها تابعا لما قبلها واقعا عقيبه لان مضمون قوله تعالى { فلما جاءتهم } الخ هو انهم كفروا فصار مجموع الكلام بمنزلة ان يقال فكفروا ثم لما رأوا بأسنا آمنوا ٨٥ { فلم يك } اصله لم يكن حذفت النون لكثرة استعماله { ينفعهم ايمانهم } اى تصديقهم بالوحدانية اضطرارا وقوله ايمانهم يجوز ان يكون اسم كان وينفعهم خبره مقدما عليه وان يكون فاعل ينفعهم واسم كان ضمير الشان المستتر فيه { لما رأوا بأسنا } اى عند رؤية عذابنا والوقوع فيه لامتناع قبوله حينئذ امتناعا عاديا كما يدل عليه قوله { سنة اللّه } الخ زيرا دروقت معاينه عذاب تكليف مرتفع ميشود وايمان در زمان تكليف مقبولست نه دروقت يأس ] فامتنع القبول لانهم لم يأتوا به فى الوقت المأمور به ولذلك قيل فلم يك بمعنى لم يصح ولم يستقم فانه ابلغ فى نفى النفع من لم ينفعهم ايمانهم وهذه الفاء للعطف على آمنوا كأنه قيل فآمنوا فلم ينفعهم لان النافع هو الايمان الاختيارى الواقع مع القدرة على خلافه ومن عاين نزول العذاب لم يبق له القدرة على خلاف الايمان فلم ينفعه وعدم نفعه فى الدنيا دليل على عدم نفعه فى الآخرة { سنة اللّه التى قد خلت فى عباده } قوله سنة من المصادر المؤكدة وخلت من الخلوّ يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضى فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب اى سن اللّه عدم قبول ايمان من آمن وقت رؤية البأس ومعاينته سنة ماضية فى عباده مطردة اى فى الامم السالفة المكذبة كلها ويجوز ان ينتصب سنة على التحذير اى احذروا سنة اللّه المطردة فى المكذبين السابقين . والسنة الطريقة والعادة المسلوكة وسنة اللّه طريقة حكمته { وخسر هنالك الكافرون } قوله هنالك اسم مكان فى الاصل موضوع للاشارة الى المكان قد استعير فى هذا المقام للزمان لانه لما اشير به الى مدلول قوله { لما رأوا بأسنا } ولما للزمان تعين ان يراد به الزمان تشبيها له بالمكان فى كونه ظرفا للفعل كالمكان . والمعنى على ما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما هلك الكافرون بوحدانية اللّه المكذبون وقت رؤيتهم البأس والعذاب وقال الزجاج الكافر خاسر فى كل وقت ولكنه تبين لهم خسرانهم اذا رأوا العذاب ولم يرج فلاحهم ولم يقل وخسر هنالك المبطلون كما فيما سبق لانه متصل بايمان غير مجدد ونقيض الايمان الكفر كما فى برهان القرآن اى فحسن موقعه كما حسن موقع قوله المبطلون على ما عرف سره فى موقعه اعلم ان فى ايمان البأس واليأس تفاصيل اقررها لك فانظر ماذا ترى قال فى الامالى وما ايمان شخص حال بأس ... بمقبول لفقد الامتثال قوله بأس بالباء الموحدة وبسكون الهمزة لم يقل يأس بالياء المثناة لموافقة قوله تعالى { فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا } فاشتمل على ما بالموحدة والمثناة واصل البأس الشدة والمضرة وحال البأس هو وقت معاينة العذاب وانكشاف ما جاءت به الاخبار الالهية من الوعد والوعيد وحال اليأس هو وقت الغرغرة التى تظهر عندها احكام الدار الآخرة عليه بعد تعطيل قواه الحسية ويستوى فى حال البأس بالموحدة الايمان والتوبة لقوله تعالى { فلم يك ينفعهم } الآية ورجاء الرحمة انما يكون فى وقته وبظهور الوعيد خرج الوقت من اليد ولم يتصور الامتثال ووقع الايمان ضروريا خارجا عن الاختيار ألا ترى ان ايمان الناس لا يقبل عند طلوع الشمس من مغربها لانه ايمان ضرورى فلا يعتبر لانه يجوز ان يكون ايمان المضطر لغرض النجاة من الهلاك بحيث لو تخلص لعاد لما اعتاد وقد قال العلماء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا اذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة. واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد كما فى حواشى الشيخ فى سورة الانعام : وفى المثنوى آن ندامت از نتيجه رنج بود ... بى زعقل روشن جون كنج بود جونكه شد رنج آن ندامت شدعدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم ميكند او توبه و بير خرد ... بانك لوردوا لعادوا ميزند فيكون الايمان والندم وقت ظهور الوعيد الدنيوى كالايمان والندم وقت وجود الوعيد الاخروى بلا فرق فكما لا ينفع هذا كذلك لا ينفع ذاك لان الآخرة وما فى حكمها من مقدماتها فى الحكم سواء ولذلك ورد من مات فقد قامت قيامته وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا واول زمان من ازمنة الآخرة فباتصال زمان الموت بزمان القيامة كان فى حكمه فايمان فرعون وامثاله عند الغرق ونحوه من قبيل ما ذكر من الايمان الاضطرارى الواقع عند وقوع الوعيد الذى ظهوره فى حكم ظهور احوال الآخرة ومشاهدته فى حكم مشاهدة العذاب الاخروى . فحال البأس بالموحدة كحال الغرغة من غير فرق فكما لا يقبل الايمان حال الغرغرة فكذا حال البأس ففرعون مثلا لم يقبل ايمانه حال الغرق لكونه حال البأس وان كان قبل الغرغرة فافهم جدا فانه من مزالق الاقدام واما ايمان اليأس بالياء المثناة التحتية وهو الايمان بعد مشاهدة احوال الآخرة ولا تكون الا عند الغرغرة ووقت نزع الروح من الجسد ففى كتب الفتاوى انه غير مقبول بخلاف توبة اليأس فانها مقبولة على المختار على ما فى هداية المهديين لان الكافر اجنبى غير عارف باللّه وابتدأ ايمانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء اسهل من الابتداء . فمثل ايمان اليأس شجر غرس فى وقت لا يمكن فيه النماء ومثل توبة اليأس شجر نابت اثمر فى الشتاء عند ملاءمة الهواء . والدليل على قبول التوبة مطلقا قوله تعالى { وهو الذى يقبل التوبة عن عباده } هكذا قالوا وهو يخالف قوله تعالى { وليست التوبة للذين يعملون السيآت حتى اذا حضر احدهم الموت قال انى تبت الآن } قال البغوى فى تفسيره لا تقبل توبة عاص ولا ايمان كافر اذا تيقن بالموت انتهى ومراده عند الاشراف على الموت والصيرورة الى حال الغرغة والا فقد قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع من قبولها مشاهدة الاحوال التى عندها يحصل العلم باللّه تعالى على سبيل الاضطرار على ما فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النساء وقرب الموت لا ينافى التيقن بالموت بظهور اسبابه واماراته دل عليه قوله تعالى { كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية } الآية اى عند حضور اماراته وظهور آثاره من العلل والامراض اذ لا اقتدار على الوصية عند حضور نفس الموت . ومن هذا القبيل ما فى روضة الاخبار من انه قال عمرو بن العاص رضى اللّه عنه عند احتضاره لابنه عبد اللّه يا بنىّ من يأخذ المال بما فيه من التبعات فقال من جدع اللّه انفه ثم قال احملوه الى بيت مال المسلمين ثم دعا بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( ان التوبة مبسوطة ما لم يغرغر ابن آدم بنفسه ) ثم استقبل القبلة فقال ( اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو انت وان تعاقبت فبما قدمت يداى لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين ) فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى اللّه عنهما فقال استسلم الشيخ حين ايقن بالموت ولعله ينفعه انتهى . واتى بصيغة الترجى لانه لا قطع وهو من باب الارشاد ايضا على ما حكى انه لما مات عثمان بن مظعون رضى اللّه عنه وهو اخوه عليه السلام من الرضاعة وغسل وكفن قبل النبى عليه السلام بين عينيه وبكى وقالت امرأته خولة بنت حكيم رضى اللّه عنها طبت هنيئا لك الجنة يا ابا السائب فنظر اليها النبى عليه السلام نظرة غضب وقال ( وما يدريك ) فقالت يا رسول اللّه مارسك وصاحبك فقال عليه السلام ( وما ادرى ما يفعل بى ) فاشفق الناس على عثمان رضى اللّه عنه ثم ان السبب فى عدم قبول التوبة عند الاحتضار انا مكلفون بالايمان الغيبى لقوله تعالى { الذين يؤمنون بالغيب } وفى ذلك الوقت يكون الغيب عيانا فلا تصح . وايضا لا شبهة فى ان كل مؤمن عاص يندم عند الاشراف على الموت وقد ورد ( ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) فيلزم منه ان لا يدخل احد من المؤمنين النار وقد ثبت ان بعضهم يدخلونها . واما قولهم ان من شرط التوبة عن الذنب العزم على ان لا يعود اليه وذلك انما يتحقق مع ظن التائب التمكن من العود فيخالفه ما قال السلف وان لم يتصور منه العزم على ترك الفعل لعدم تصور الفعل فهو مستثنى من عموم معنى التوبة وهو الندم على الماضى والترك فى الحال والعزم على ان لا يعود فى المستقبل كما فى شرح العقائد للمولى رمضان واما اطلاق الآية التى هى قوله تعالى { وهو الذى يقبل التوبة عن عباده } فمقيد بالآية السابقة وهى قوله تعالى { وليست التوبة } الآية وبقوله عليه السلام ( ان اللّه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) اخرجه الترمذى من حديث ابن عمر رضى اللّه عنهما وهو يشمل توبة المؤمن والكافر فالايمان وكذا التوبة لا يعتبر حالة اليأس بالمثناة بخلافهما قبل هذه الحالة ولو بقليل من الزمان رحمة من اللّه تعالى لعباده المذنبين . فمعنى الاحتضار هو وقت الغرغرة وقرب مفارقة الروح من البدن لا حضور اوائل الموت وظهور مقدماته مطلقا وقس عليه حال البأس بالموحدة بقى انه لما قتل على رضى اللّه عنه من قال لا اله الا اللّه قال عليه السلام ( لم قتلته يا على ) قال على علمت انه ما قال بقلبه فقال عليه السلام ( هل شققت قلبه ) فهذا يدل على ان ايمان المضطر والمكره صحيح مقبول ولعله عليه السلام اطلع بنور النبوة على ايمان ذلك المقتول بخصوصه فقال فى حقه ما قال والعلم عند اللّه المتعال هذا وذهب الامام مالك الى ان الايمان عند اليأس بالمثناة مقبول صحيح فقالوا ان الايمان عند التيقن صحيح عنده لو لم يرد الدليل ذلك الايمان فايمان فرعون مثلا مردود عنده بدليل قوله { آلآن وقد عصيت قبل } الآية وانما لم يرده مالك مطلقا لعدم النصوص الدالة عنده على عدم صحة الايمان فى تلك الساعة هكذا قالوا وفيه ضعف تام ظاهر واسناده الى مالك لا يخلو عن سماحة كما لا يخفى هذا ما تيسر لى فى هذا المقام من الجمع والترتيب والترجيح والتهذيب ثم اسأل اللّه لى ولكن ان يشد عضدنا بقوة الايمان ويحلينا بحلية العيان والايقان ويختم لنا بالخير والحسنى ويبشرنا بالرضوان والزلفى ويجعلنا من الطائرين الى جنابه والنازلين عند بابه واللائقين بخطابه بحرمة الحواميم وما اشتملت عليه من السر العظيم |
﴿ ٠ ﴾