سُورَةُ فُصِّلَتْ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً ١ { حم } خبر مبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بحم فيكون اطلاق الكتاب عليها فى قوله كتاب الخ باعتبار انها من الكتاب وجزء من اجزائه وقيل حم اسم للقرآن فيكون اطلاق الكتاب عليه حقيقة وانما افتتح السورة بحم لان معنى حم بضم الحاء وتشديد الميم على ما قاله سهل قدس سره قضى ما هو كائن : يعنى [ بودنى همه بودم كردنى همه كردم راندنى همه راندم كزيدنى همه كزيدم يذيرفتنى همه يذيرفتم برداشتنى همه برداشتم افكندنى همه افكندم آنجه خواستم كردم آنجه خواهم كنم آنراكه يذيرفتم بدان ننكرم كه ازو جفا ديدم بلكه عفو كنم ودر كذارم واز كفته او باز نيايم ] ما يبدل القول ولما كانت هذه السورة مصدرة بذكر الكتاب الذى قدرت فيه الاحكام وبينت ناسب ان نفتح بحم رعاية لبراعة الاستهلال وانما سميت هذه السورة السبع بحم لاشتراكها فى الاشتمال على ذكر الكتاب والرد على المجادلين فى آيات اللّه والحث على الايمان بها والعمل بمقتضاها ونحو ذلك قال بعض العرفاء معنى الحاء والميم اى هذا الخطاب والتنزيل من الحبيب الاعظم الى المحبوب المعظم . وايضا هو قسم اى بحياتى ومجدى هذا تنزيل او بحياتك ومشاهدتك يا حبيبى ويا محبوبى او بالحجر الاسود والمقام فانهما ياقوتتان من يواقيت الجنة وسران عظيمان من اسرار اللّه فناسب ان يقسم بهما . او هذه الحروف تنزيل الخ نزل بها جبرائيل عليه السلام من عند اللّه [ ميكويد اين حروف تهجى كه حاوميم ازان جمله است فرو فرستاده رحمانست جنانكه كودك را كويى جومى آموزى ياكويى درلوح جه نوشته كويد الف وباء نه خود اين دو حرف خواهد بلكه جمله حروف تهجى خواهد اين همجنان است وحروف تهجى برآدم عليه السلام نازل بوده وقرآن مشتمل شده برآن جمله ] فهى اصل كل منزل وفى الحديث ( من قرأ القرآن فاعربه ) يعنى [ هركه خواندقرآنرا ولحن نكنددروى ] ( فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ ولحن فيه فله بكل حرف عشر حسنات أما انى لا اقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف ) يقول الفقير لعل سرد العدد ان القراءة فى الاصل للصلاة وكان اصل الصلوات الخمس خمسين فلذا اجرى اللّه تعالى على القارئ الفصيح بمقابلة كل حرف خمسين اجرا واما العشر فهى ادنى الحسنات كما قال اللّه تعالى { من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } قال الكاشفى [ اسم اعظم الهى در حروف مقطعه مخفيست وهركس دراستخراج اين قادر نيست ] : قال الكمال الخجندى قدس سره كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكوكن جه سودازخواندن اسما ٢ { تنزيل } خبر بعد خبر اى منزلة لان التعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور كقولهم هذا الدرهم ضرب الامير اى مضروبه ومعنى كونها منزلة انه تعالى كتبها فى اللوح المحفوظ وامر جبرائيل ان يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على رسول اللّه عليه السلام ويؤديها اليه فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبرائيل سمى ذلك تنزيلا والا فالكلام النفسى القائم بذات اللّه تعالى لا يتصور فيه النزول والحركة من الاعلى الى الاسفل { من الرحمن الرحيم } متعلق بتنزيل مؤكد لما افاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية ونسبة التنزيل الى الرحمن الرحيم للايذان بان القرآن مدار للمصالح الدينية والدنيوية واقع بمقتضى الرحمة الربانية وذلك لان المنزل ممن صفته الرحمة الغالبة لا بد وان يكون مدارا للمصالح كلها وقال الكاشفى { من الرحمن } [ ازخداى بخشنده بهداية نفوس عوام { الرحيم } مهربان برعايت قلوب خواص ] وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء فى حم الى الحكمة وبالميم الى المنة اى منّ على عباده بتنزيل حكمة من الرحمن الازلى الذى سبقت رحمته غضبه فخلق الموجودات برحمانية الرحيم الابدى الذى وسعت رحمته كل شىء الى الابد وهى كتاب قال بعض العارفين اذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة لان الرحمة لم تزل ولا تزال والزلة لم تكن ثم كانت وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال : قال الصائب محيط ازجهره سيلاب كرد راه ميشويد ... جه انديشه كسى با عفو حقّ از كرد زلتها وقال الشيخ سعدى قدس سره همى شرم دارم ز لطف كريم ... كه خوانم كنه بيش عفوش عظيم ٣ { كتاب } خبر آخر مشتق من الكتب وهو الجمع فسمى كتابا لانه جمع فيه علوم الاولين والآخرين { فصلت آياته } بينت بالامر والنهى والحلال والحرام والوعد والوعيد والقصص والتوحيد قال الراغب فى قوله { احكمت آياته ثم فصلت } هو اشارة الى ما قال { تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة } فمن انصف علم انه ليس فى يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة مثل القرآن { قرآنا عربيا } نصب على المدح اى اريد بهذا الكتاب المفصل آياته قرآنا عربيا او على الحالية من كتاب لتخصصه بالصفة ويقال لها الحال الموطئة وهو اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة وقد سبق غير مرة : والمعنى بالفارسية [ در حالتى كه قرآنيست تازى يعنى بلغت عرب تا بسهولت خوانند وفهم كنند ] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن قديم من حيث انه كلام اللّه وصفته والعربية كسوة مخلوقة كساها اللّه تعالى ومن قال ان القرآن اعجمى يكفر لانه معارضة لقوله تعالى { قرآنا عربيا } وبوجود كلمة عجمية فيه معربة لا يخرج عن كونه عربيا لان العبرة للاكثر وذلك كالقسطاس فانه رومى معرب بمعنى الميزان والسجيل فانه فارسى معرب سنك وكل والصلوات فانه عبرانى معرب صلوتا بمعنى المصلى والرقيم فانه رومى بمعنى الكلب والطور فانه الجبل بالسريانى { لقوم } اى عرب { يعلمون } اى كائنا لقوم يعلمون معانيه لكونه على لسانهم فهو صفة اخرى لقرآنا وفى التأويلات النجمية { لقوم يعلمون } العربية والعربية بحروفها مخلوقة والقرآن منزه عنها ٤ { بشيرا } صفة اخرى لقرآنا اى بشيرا لمن صدقه وعرف قدره وادى حقه بالجنة والوصول { ونذيرا } لمن كذبه ولم يعرف قدره ولم يؤد حقه بالنار والفراق او بشيرا لمن اقبل الى اللّه بنعت الشوق ونذيرا لمن اقبل الى نفسه ونظر الى طاعته او بشيرا لاوليائه بنيل المقامات ونذيرا لهم يحذرهم من المخالفات لئلا يسقطوا من الدرجات او بشيرا بمطالعة الرجاء ونذيرا بمطالعة الخوف او بشيرا للعاصين بالشفاعة والغفران ونذيرا للمطيعين ليستعملوا الادب والاركان فى طاعة الرحمن او بشيرا لمن اخترناهم واصطفيناهم ونذيرا لمن اغويناهم { فاعرض اكثرهم } عن تدبره مع كونه على لغتهم والضمير لاهل مكة او العرب او المشركين دال عليه سيجىء من قوله { وويل للمشركين } { فهم لا يسمعون } سماع تفكر وتأمل حتى يفهموا جلالة قدره فيؤمنوا به وفى التأويلات النجمية فاعرض اكثرهم عن اداء حقه فهم لا يسمعون بسمع القبول والانقياد وفيه اشارة الى ان الاقل هم اهل السماع وانما سمعوا بان ازال اللّه تعالى بلطفه ثقل الآذان فامتلأت الاذهان بمعانى القرآن سئل عبد اللّه ابن المبارك عن بدء حاله فقال كنت فى بستان فاكلت مع اخوانى وكنت مولعا اى حريصا بضرب العود والطنبور فقمت فى جوف الليل والعود بيدى وطائر فوق رأسى يصيح على شجرة فسمعت الطير يقول { ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر اللّه } الآية فقلت بلى وكسرت العود فكان هذا اول زهدى وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال ( يا عبدى أما تستحيى منى اذ يأتيك كتاب من بعض اخوانك وانت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لاجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى انزلته اليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم انت معرض عنه او كنت اهون عليك من بعض اخوانك . يا عبدى يقعد اليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل عن حديثه اومات اليه ان كف وها انا مقبل عليك ومحدث لك وانت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى اهون عندك من بعض اخوانك ) كذا فى الاحياء ٥ { وقالوا } اى المشركون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند دعوته اياهم الى الايمان والعمل بما فى القرآن { قلوبنا فى اكنة } جمع كنان وهو الغطاء الذى يكنّ فيه الشىء اى يحفظ ويستر اى فى اغطية متكاثفة { مما تدعونا اليه } اى تمنعنا من فهم ما تدعونا اليه وتورده علينا وحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه وحذف متعلق حرف الجر ايضا شبهوا قلوبهم بالشىء المحوى المحاط بالغطاء المحيط له بحيث لا يصيبه شىء من حيث تباعدها عن ادراك الحق واعتقاده قال سعدى المفتى ورد هنا كلمة فى وفى الكهف على لان القصد هنا الى المبالغة فى عدم القبول والاكنة اذا احتوت عليها احتواء الظرف على المظروف لا يمكن ان يصل اليها شىء وليست تلك المبالغة فى على والسياق فى الكهف للعظمة فيناسبه اداة الاستعلاء { وفى آذاننا وقر } اى صمم قال فى القاموس الوقر ثقل فى الاذن او ذهاب السمع كله شبهوا اسماعهم بآذان بها صمم من حيث انها تمج الحق ولا تميل الى استماعه وفى التأويلات النجمية { وفى آذاننا وقر } ما ينفعنا كلامك قالوه حقا وان قالوا على سبيل الاستهانة والاستهزاء لان قلوبهم فى اكنة حب الدنيا وزينتها مقفولة بقفل الشهوات والاوصاف البشرية ولو قالوا ذلك على بصيرة لكان ذلك منهم توحيدا فتعرضوا للمقت لما فقدوا من صدق القلب { ومن بيننا وبينك حجاب } ستر عظيم وعطاء غليظ يمنعنا عن التواصل والتوافق ومن الدلالة عن ان الحجاب مبتدأ من الجانبين بحيث استوعب ما بينهما من المسافة المتوسطة المعبر عنا بالبين ولم يبق ثمة فراغ اصلا فيكون حجابا قويا عريضا مانعا من التواصل بخلاف ما لو قيل بيننا وبينك حجاب فانه يدل على مجرد حصول الحجاب فى المسافة المتوسطة بينهم وبينه من غير دلالة على ابتدائه من الطرفين فيكون حجابا فى الجملة لا كما ذكر شبهوا حال انفسهم مع رسول اللّه عليه السلام بحال شيئين بينهما حجاب عظيم يمنع من ان يصل احدهما الى الآخر ويراه ويوافقه وانما اقتصروا على ذكر هذه الاعضاء الثلاثة لان القلب محل المعرفة والسمع والبصر اقوى ما يتوسل به الى تحصيل المعارف فاذا كانت هذه الثلاثة محجوبة كان ذلك اقوى ما يكون من الحجاب نعوذ باللّه تعالى قال بعضهم قلوبهم فى حجاب من دعوة الحق واسماعهم فى صمم من نداء الحق وهواتفه وجعل بينهم وبين الحق حجاب من الوحشة والابانة ولذا وقعوا فى الانكار ومنعوا من رؤية الآثار درجشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اكريد بيضا شود كسى { فاعمل } على دينك { اننا عاملون } على ديننا ٦ { قل انما انا بشر مثلكم يوحى الىّ انما الهكم اله واحد } اى ما الهكم الا اله واحد لا غيره وهذا تلقين للجواب عما ذكره المشركون اى لست من جنس مغاير لكم حتى يكون بينى وبينكم حجاب وتباين مصحح لتباين الاعمال والاديان كما ينبئ عنه قولكم فاعمل اننا عاملون بل انما انا بشر وآدمى مثلكم مأمور بما امرتم به حيث اخبرنا جميعا بالتوحيد بخطاب جامع بينى وبينكم فان الخطاب فى الهكم محكىّ منتظم للكل لا انه خطاب منه عليه السلام للكفرة كما فى مثلكم وفى الآية اشارة الى ان البشر كلهم متساوون فى البشرية مسدود دونهم باب المعرفة اى معرفة اللّه بالوحدانية بالآلات البشرية من العقل وغيره وانما فتح هذا الباب على قلوب الانبيا بالوحى وعلى قلوب الاولياء بالشواهد والكشوف وعلى قلوب المؤمنين بالالهام والشرح كما قال تعالى { أفمن شرح اللّه صدره للاسلام فهو على نور من ربه } كما فى التأويلات النجمية قال الحسن رضى اللّه عنه علمه اللّه التواضع بقوله { قل انما انا بشر مثلكم } ولهذا كان يعود المريض ويشيع الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد وكان يوم قريضة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه اكاف من ليف [ عجب كاريست كه كاه مركب وى براق بهشتى وكاه مركب خركى آرى مركب مختلف بود اما درهردوحالت راكب يك صفت ويك همت ويك ارادت بود اكر بر براق درسرش نخوت نبوت واكر برحمار بود برخسار عز نبوتش غبار مذلت نبود ] خلق خوش عود بود انجمن مردم را ... جون زنان خودمفكن برسر مجمر دامن { فاستقيموا اليه } من جملة المقول والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ايحاء الوحدانية فان ذلك موجب لاستقامتهم اليه تعالى بالتوحيد والاخلاص فى الاعمال وعدّى فعل الاستقامة بالى لما فيه من معنى الاستواء اى فاستووا اليه بذلك . والاستقامة الاستمرار على جهة واحدة { واستغفروه } مما كنتم عليه من سوء العقيدة والعمل وفى المقاصد الحسنة قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( استقيموا ولن تحصوا ) اى لن تستطيعوا ان تستقيموا فى كل شىء حتى لا تميلوا وقال ( شيبتنى هود واخواتها ) لما فيها من قوله فاستقم قال بعضهم اذا وقع العلم والمعرفة فاستغفروه من علمكم وادراككم به ومعاملتكم له ووجودكم فى وجوده فانه تعالى اعظم من ادراك الخليقة وتلاصق الحدثان بجناب جلاله وقال بعضهم الاستقامة مساواة الاحوال مع الافعال والاقوال وهو ان يخالف الظاهر الباطن والباطن الظاهر فاذا استقمت استقامت احوالك واستغفر من رؤية استقامتك واعلم ان اللّه تعالى هو الذى قومك لا انك استقمت { وويل } [ وسختى عذاب ] { للمشركين } ترهيب وتنفير لهم عن الشرك اثر ترغيبهم فى التوحيد ٧ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ لا يؤمنون بوجوبها ولا يؤتونها وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ أعاد الضمير تأكيدا كافِرُونَ اى بالبعث بعد الموت والثواب والعقاب [وبدان جهتى نفقه نمى كنند كه مكافات آن سراريرا باور ندارند] وهو عطف على لا يؤتون داخل فى حيز الصلة. واختلافهما بالفعلية والاسمية لما ان عدم ايتائها متجدد والكفر امر مستمر قالت الشافعية فى تهديد المشرك على شكره وعدم ايتائه الزكاة دليل على ان المشرك حال شركه مخاطب بايتاء الزكاة إذ لولاه لما استحق بعدم ايتائها الوعيد المذكور وإذا كان مخاطبا بايتاء الزكاة يكون مخاطبا بسائر فروع الإسلام إذ لا قائل بالفصل فيعذب على ترك الكل واليه ذهب مشايخنا العراقيون. وذهب غيرهم الى انهم مخاطبون باعتقاد وجوبها لا بايقاعها فيعاقبون على تركهم اعتقاد الوجوب على ما فصل فى الأصول. ومن أصحابنا من قال انهم مخاطبون بالفروع بشرط تقديم الإسلام كما ان المسلم مخاطب بالصلاة بشرط تقديم الوضوء وقال المولى ابو السعود فى تفسيره وصف الله المشركين بانهم لا يؤتون الزكاة لزيادة التحذير والتخويف من منع الزكاة حيث جعل من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة حيث قيل وهم بالآخرة هم كافرون يقال الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك قال ابن السائب كان المشركون يحجون ويعتمرون ولا يزكون أموالهم وهم كافرون قال الكاشفى [وجه تخصيص منع زكات از سائر أوصاف مشركان آنست كه مال محبوب انسانست وبذل او نفس را سخت تر باشد از اعمال ديكر پس در إيراد اين صفت اشارتيست ببخل ايشان وعدم شفقت بر خلق وبخل أعظم رذائل واكبر ذمايم است وكفته اند توانكرى كه او را سخا نبود چون تنست كه جان ندارد ويا چون درختى كه بر ندهد] قال الشيخ سعدى قدس سره زر ونعمت اكنون بده كان تست ... كه بعد از تو بيرون ز فرمان تست كسى كوى دولت ز دنيا برد ... كه با خود نصيبى بعقبى برد مسلم كسى را بود روزه داشت ... كه درمانده را دهد نان چاشت وگر نه چهـ حاجت كه زحمت برى ... ز خود بازگيرى وهم خودخورى ابحث في الكتاب: نه بخشنده بر حال پروانه شمع ... نكه كن كه چون سوخت در پيش جمع ببخش اى پسر كآدمى زاده صيد ... بإحسان توان كرد ووحشي بقيد كرامت جوانمردى ونان دهيست ... مقالات بيهوده طبل تهيست وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه فسر لا يؤتون الزكاة بقوله لا يقولون لا اله الا اللّه فانها زكاة الأنفس. والمعنى لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد فانما المشركون نجس قال فى كشف الاسرار [ذكر زكات در قرآن بر دو وجهست يا در نماز پيوسته يا منفرد كفته آنچهـ در نماز پيوسته چنانست كه] (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) هذا وأشباهه مراد باين زكات مالست كه اللّه فرض كرده بر خداوندان مال وآنچهـ منفرد كفته چنانست كه [وحنانا من لدنا وزكاة: خيرا منه زكاة: وما أوتيتم من زكاة: قد أفلح من تزكى: مراد باين پاكى است وزيادتى وديندارى] ٨ { ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون } اى غير ممنون عليهم على طريق الحذف والايصال . والمعنى لا يمن به عليهم فيتكدر بالمنة يقال من عليه منا انعم ومنة امتن والمنة فى الاصل النعمة الثقيلة التى لا يطلب معطيها اجرا ممن اعطاها اليه ثم استعملت بمعنى الامتنان اى عد النعمة : وبالفارسية [ منت نهادن ] وجميع ما يعطيه اللّه عباده فى الآخرة تفضل منه وكرم وليس شىء منه بواجب عند اهل السنة والجماعة وما كان بطريق التفضل وان صح الامتنان عليه لكنه تعالى لا يفعله فضلا منه وكرما او غير ممنون بمعنى لا ينقطع اجرهم وثوابهم فى الآخرة بل دائم ابدى من مننت الحبل قطعته او غير محسوب كما قال تعالى { بغير حساب } قال فى القاموس { اجر غير ممنون } محسوب او مقطوع وفى الآية اشارة الى ان من آمن ولم يعمل صالحا لم يؤجر الا ممنونا اى ناقصا وهو اجر الايمان ونقصانه من ترك العمل الصالح فيدخل النار ويخرج منها باجر الايمان ويدخل الجنة ولكنه لا يصل الى الدرجات العالية المنوطة بالاعمال البدنية مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها وفى كشف الاسرار سدى رحمه اللّه [ كفت اين آيت درشان بيماران وزمنان وبيران ضعيف فرو آمد ايشان كه ازبيمارى وضعيفى وعاجزى ازطاعت وعبادت اللّه باز مانند وباداى حق وى ترسند وبآن سبب اندوهكين وغمكين باشند رب العالمين ايشانرا دران بيمارى هم آن ثواب ميدهدكهدرحال صحت بطاعت وعبادت ميداد مصطفى صلى اللّه تعالى عليه وسلم كفت ] ( ان العبد اذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله اذا كان طليقا حتى اطلقه او اكفته الىّ ) يعنى [ دران وقت كه خوش بود تاكه كزارم وى رايا بيش خودش آرم ] وفى رواية اخرى قال صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( ما من احد من المسلمين يصاب ببلاء فى جسده الا امر اللّه الحافظين الذين يحفظانه فقال اكتبا لعبدى فى كل يوم وليلة مثل ما كان يفعل من الخير ما دام فى وثاقى ) يعنى [ دربند من است عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه كفت يا رسول خدا نشسته بوديم كه رسول برآسمان نكريست وتبسم كرد كفتم يا رسول اللّه تبسم ازجه كردى وجه حال برتو مكشوف كشت كفت عجب آيدمرا ازبنده مؤمن كه ازبيمارى بنالد وجزع كند اكربدانستى كه اورا دران بيمارى جه كرامتست وباللّه جه قريب همه عمر خود دران بيمارى خواستى اين ساعت كه براسمان مى نكرستم دو فرشته فرود آمدند وبنده كه بيوسته در محراب عبادت بود اورا طلب كردند دران محراب اورا نيافتند بيمار ديدند آن بنده ازعبادت باز ماند فرشتكان بحضرت عزت باز كشتند كفتند بار خدايا فلان بنده مؤمن هرشبانروزى حسنات وطاعات وى مينوشتيم اكنون كه اورا درحبس بيمارى كردى هيج عمل وطاعت وى نمى نويسم از حق جل جلاله فرمان آمدكه ( اكتبو لعبدى العمل الذى كان يعمله فى يومه وليلته ولا تنقصوا منه شيأ فعلىّ اجر ما حبسته وله اجر ما كان صحيحا ) يعنى برمن است اجر حبس وى ومراوراست اجرآنكه صحيح بود وتن درست ] قال فى عقد الدرر اذا علم اللّه صدق نية عبده فى الحج والجهاد والصدقات وغيرها من الطاعات وعجز عن ذلك اعطاء اجره وان لم يعمل ذلك العمل كما روى ( ان العبد اذا نام بنية الصلاة من الليل فلم ينتبه كتب له اجر ذلك وكان عليه نور صدقه ) وهكذا روى ( اذا مرض العبد او سافر وعجز عما كان يعمل فى حال الصحة والاقامة ان اللّه تعالى يقول للملائكة اكتبوا لعبدى مثل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ) كما قال تعالى { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله } الى قوله { ان لا يجدوا ما ينفقون } فعلى العبد ان لا يقطع رجاءه عن اللّه ويرضى بقضائه : وفى المثنوى ناخوشى اوخوش بود درجان من ... جان فداى يار دل دل رنجان من عاشقم بررنج خويش ودرد خويش ... بهر خشنودىء شاه فرد خويش ٩ { قل ائنكم } [ آياشما ] { لتكفرون } انكار وتشنيع لكفرهم وان واللام لتأكيد الانكار { بالذى } اى بالعظيم الشان الذى { خلق الارض } قدر وجودها اى حكم بانها ستوجد { فى يومين } فى مقدار يومين من ايام الآخرة ويقال من ايام الدنيا كما فى تفسير ابى الليث [ واكر خواستى بيك لحظه بيافريدى لكن خواست كه باخلق نمايدكه سكونت وآهستكى به ازشتاب وعجله وبندكانرا نسبتى باشد بسكونت كاركدن وبراه آهستكى رفتن ] وفى عين المعانى تعليما للتأنى واحكاما لدفع الشبهات عن توهن المصنوعات تحقيقا لاعتبار الملائكة عند الاحضار وللعباد عند الاخبار وان امكن الايجاد فى الحال بلا امهال انتهى زود درجاه ندامت سرنكون خواهد فتاد ... هركه باى خود كذارد بى تأمل برزمين [ امام ابو الليث آورده كه روز يكشنبه بيافريد وروز دوشنبه بكسترانيد ] وسيجىء تحقيقه ويجوز ان يراد خلق الارض فى يومين اى فى نوبتين على ان ما يوجد فى كل نوبة يوجد باسرع ما يكون فيكون اليومان مجازا عن دفعتين على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم وقال سعدى المفتى الظاهر ان اليوم على هذا التفسير بمعنى مطلق الوقت انتهى وجه حمل اليومين على المعنيين المذكورين ان اليوم الحقيقى انما يتحقق بعد وجود الارض وتسوية السموات وابداع نيرانها وترتيب حركاتها يعنى ان اليوم عبارة عن زمان كون الشمس فوق الارض ولا يتصور ذلك قبل خلق الارض والسماء والكواكب فكيف يتصور خلق الارض فى يومين { وتجعلون له اندادا } عطف على تكفرون داخل فى حكم الانكار والتوبيخ وجمع الانداد باعتبار ما هو الواقع لا بان يكون مدار الانكار هو التعدد اى وتجعلون له انداد بمعنى تصفون له شركاء واشباها وامثالا من الآلهة والحال انه لا يمكن ان يكون له ند واحد فضلا عن الانداد وامر اللّه تعالى رسوله عليه السلام بان ينكر عليهم امرين . الاول كفرهم باللّه بالحادهم فى ذاته وصفاته كالتجسم واتخاذ الصاحبة والولد والقول بانه لا يقدر على احياء الموتى وانه لا يبعث البشر رسلا . والثانى اثبات الشركاء والانداد له تعالى فالكفر المذكور اولا مغاير لاثبات الانداد له ضرورة عطف احدهما على الآخر { ذلك } العظيم الشأن الذى فعل ما ذكر من خلق الارض فى يومين وهو مبتدأ خبره قوله { رب العالمين } اى خالق جميع الموجودات ومربيها دون الارض خاصة فكيف يتصور ان يكون اخس مخلوقاته نداّا له تعالى ١٠ { وجعل فيها رواسى } عطف على وخلق داخل فى حكم الصلة . والجعل ابداعى والمراد تقدير الجعل لا الجعل بالفعل والمراد بالرواسى الجبال الثابتة المستقرة : وبالفارسية [ كوههاى بلنديايدار ] يقال رسا الشىء يرسو ثبت وارساه غيره ومنه المرساة وهو انجر السفينة وقفت على الانجر بالفارسية [ لنكر ] { من فوقها } متعلق بجعل او بمضمر هو صفة لرواسى اى كائنة من فوقها مرتفعة عليها لتكون منافعها ظاهرة للطلاب وليظهر للناظر ما فيها من وجوه الاستدلال ولا فالجبال التى اثبتت فوق الارض لا تمنعها عن الميلان ولو كانت تحتها كاساطين الغرف او مركوزة فيها كالمسامير لمنعتها عنه عن ابن عباس رضى اللّه عنهما اول ما خلق اللّه من شىء خلق القلم وقال له اكتب قال يا رب ما اكتب قال اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك الى يوم القيامة ثم خلق النون ثم رفع بخار الماء ففتق منه السماوات ثم بسط الارض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الارض اى مالت فاوتدت بالجبال اى احكمت واثبتت قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره لما خلق اللّه الارض على الماء تحركت ومالت فخلق اللّه من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الارض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الارض وذهبت تلك الحركة التى لا يكون معها استقرار فطوّق الارض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى فى اسفله والعصر فى اعلاه يعنى بخطوة الابدال وهى من المشرق الى المغرب يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير الملكوتى والا فما بين السماء والارض كما بين المشرق والمغرب وهى خمسمائة عام على ما قالوا وعن وهب ان ذا القرنين اتى على جبل قاف فرأى حوله جبالا صغارا فقال ما انت قال انا قاف قال فما هذه الجبال حولك قال هى عروقى وليست مدينة الا وفيها عرق منها فاذا اراد اللّه ان يزلزل مدينة امرنى فحركت عرقى ذلك فتزلزلت تلك المدينة قال يا قاف اخبرنى بشىء من عظمة اللّه فقال ان شأن ربنا لعظيم وان من ورائي مسيرة خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لاحرقت من نار جهنم والعياذ باللّه منها وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الاقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ وفى زهرة الرياض اول جبل نصب على وجه الارض ابو قبيس وعدد الجبال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول وجعل اللّه فى الجبال خصائص منها ان تجر البرودة الى نفسها وجعلها خزائن المياه والثلوج تدفعها بامر الخالق الى الخلق بالمقادير لكل ارض قدر معلوم على حسب استعدادها ومنها خلق الاودية لمنافع العباد واودع فيها انواع المعادن من الذهب والفضة والحديد وانواع الجواهر وهى خزانة اللّه وحصنه ودليل على قدرته وكمال حكمته وهى سجن الوحوش والسباع ليلا وشرف اللّه الجبال بعرض الامانة عليها وفيها التسبيح والخوف والخشية وجعلها كراسى انبيائه عليهم السلام كاحد لنبينا والطور لموسى وسرنديب لآدم والجودى لنوح صلوات اللّه على نبينا وعليهم اجمعين وكفى شرفا بذلك وانها بمنزلة الرجال فى الاكوان يقال للرجل الكامل جبل رأى بعض الاولياء مناما فى الليلة التى هلك فيها رجال بغداد على يد هولاكو كوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الارض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد وقتل من الرجال الاولياء والعلماء والصلحاء والامراء وسائر الناس مالا يحصى عددا ولذا قال بعضهم رواسى الجبال اوتاد الارض فى الصورة والاولياء اوتاد الارض فى الحقيقة فكما ان الجبال مشرفة على سائر الاماكن كذلك الاولياء مشرفون على سائر الخلائق دل عليه قوله { من فوقها } يعنى من فوق العامة فكما ان جبل قال مشرف على كل جبل كذلك القطب الغوث الاعظم مشرف على كل ولى وبه قوام الاولياء والرواسى دونه ومن خواص الاولياء من يقال لهم الاوتاد وهم اربعة واحد يحفظ المشرق باذن اللّه تعالى ويقال له عبد الحى وواحد يحفظ المغرب ويقال عبد العليم وواحد يحفظ الشمال ويقال له عبد المريد وواحد يحفظ الجنوب ويقال له عبد القادر وكان الشافعى رحمه اللّه فى زمانه من الاوتاد الاربعة على ما نص عليه الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات. وببركات الاولياء يأتى المطر من السماء ويخرج النبات من الارض وبدعائهم يندفع البلاء عن الخلق وان حياتهم ومماتهم سواء فانهم ماتوا عن اوصاف وجودهم بالاختيار قبل الموت بالاضطرار فهم احياء على كل حال ولذا قيل مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آكاه عين بيداريست { وبارك فيها } اى قدر بان يكثر خير الارض بان يخلق انواع الحيوان التى من جملتها الانسان واصناف النبات التى منها معايشهم ببذر وغيره { وقدر فيها اقواتها } القوت من الرزق ما يمسك الرمق ويقوم به بدن الانسان يقال قاته يقوته اذا اطعمه قوته والمقيت المقتدر الذى يعطى كل احد قوته ومن بلاغات الزمخشرى اذا حصلتك ياقوت هان علىّ الدر والياقوت والمعنى حكم تعالى بالفعل بان يوجد فيما سيأتى لاهل الارض من الانواع المختلفة اقواتها المناسبة لها على مقدار معين تقتضيه الحكمة فالمراد باقوات الارض ارزاق سكانها بمعنى قدّر اقوات اهلها على حذف المضاف بان عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به [ ويا براى اهل هرموضعى اززمين روزى مقدر كرد جون كندم وجووبرنج وخرما وكوشت وامثال آن هريك ازينها غالب اقوات بلداست ] وقال بعض العارفين كل خلق لهم عنده تعالى رزق مخصوص فرزق الروحانيين المشاهدة ورزق الربانيين المكاشفة ورزق الصادقين المعرفة ورزق العارفين التوحيد ورزق الارواح الروح ورزق الاشباح الاكل والشرب وهذه الاقوات تظهر لهم من الحق فى هذه الارض التى خلقت معبدا للمطيعين ومرقدا للغافلين جلوه تقدير درزندان كل دارد مراد ... ورنه بالا تربود از نه فلك جولان من { فى اربعة ايام } من ايام الآخرة او من ايام الدنيا كما سبق وهو متعلق بحصول الامور المذكورة لا بتقديرها اى قدر حصولها فى يومين يوم الثلاثاء ويوم الاربعاء على ما سيأتى وانما قيل فى اربعة ايام اى تتمة اربعة ايام بالفذلكة ومجموع العدد لانه باليومين السابقين يكون اربعة ايام كأنه قيل نصب الراسيات وتقدير الاقوات وتكثير الخيرات فى يومين آخرين بعد خلق الارض فى يومين وانما لم يحمل الكلام على ظاهره بان يجعل خلق الارض فى يومين وما فيها فى اربعة ايام لانه قد ثبت ان خلق السموات فى يومين فيلزم ان يكون خلق المجموع فى ثمانية ايام وليس كذلك فانه فى ستة ايام على ما تكرر ذكره فى القرآن وذكر فى البرهان انما لم يذكر اليومين على الانفراد لدقيقة لا يهتدى اليها كل احد وهى ان قوله { خلق الارض فى يومين } صلة الذى { وتجعلون له اندادا } عطف على تكفرون { وجعل فيها رواسى } عطف على قوله { خلق الارض } وهذا ممتنع فى الاعراب لا يجوز فى الكلام وهو فى الشعر من اقبح الضرورات لا يجوز ان يقول جاءنى الذى يكتب وجلس ويقرأ لانه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف عليه باجنبى من الصلة فاذا امتنع هذا لم يكن بد من اضمار فعل يصح الكلام به ومعه وما يعطف عليه باجنبى من الصلة فاذا امتنع هذا لم يكن بد من اضمار فعل يصح الكلام به ومعه فتضمن خلق الارض بعد قوله ذلك رب العالمين خلق الارض وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها فى اربعة ايام ليقع هذا كله فى اربعة ايام انتهى وقال غيره { وجعل فيها رواسى } عطف على خلق وحديث لزوم الفصل بجملتين خارجيتين عن حيز الصلة مدفوع بان الاولى متحدة بقوله تعالى { تكفرون } فهو بمنزلة الاعادة له والثانية اعتراضية مقررة لمضمون الكلام بمنزلة التأكيد فالفصل بهما كلا فصل فالوجه فى الجميع دون الانفراد ما سبق { سواء } مصدر مؤكد لمضمر هو صفة لايام اى استوت تلك الايام سواء اى استواء يعنى فى اربعة ايام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان { للسائلين } متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر فى الاربعة للسائلين عن مدة خلق الارض وما فيها القائلين فى كم خلقت الارض وما فيها فالسؤال استفتائى واللام للبيان او بقدّر قال فى بحر العلوم وهو الظاهر اى قدر فيها اقواتها لاجل السائلين اى الطالبين لها المحتاجين اليها من المقتاتين فان اهل الارض كلهم طالبون للقوت محتاجون اليه فالسؤال استعطائى واللام للاجل قال ابن عباس رضى اللّه عنهما سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وانا رديفه يقول ( خلق اللّه الارواح قبل الاجسام باربعة آلاف سنة وخلق الارزاق قبل الارواح باربعة آلاف سنة سواء لمن سأل ولمن لم يسأل وانا من الذين لم يسألوا اللّه الرزق ومن سأل فهو جهل ) وهذا الخبر يشير الى ان اللام فى للسائلين متعلق بسواء واليه الاشارة فى تأويلات البقلى حيث قال لا يزيد الرزق بالسؤال ولا ينقص وفيه تأديب لمن لم يرض بقسمته كشاد عقده روزى بدست تقديرانست ... مكن زرزق شكايت از ين وآن زنهار وفى الحديث ( من جاع او احتاج فكتمه عن الناس كان حقا على اللّه ان يفتح له رزق سنة من حلال ) فالعمدة الصبر وترك الشكاية والتوكل والاشتغال بالذكر قال انس رضى اللّه عنه خرجت مع النبى عليه السلام الى شعب فى المدينة ومعى ماء لطهوره فدخل النبى عليه السلام واديا ثم رفع رأسه واومأ الى بيده ان اقبل فاتيته فدخلت فاذا بطير على شجرة وهو يضرب بمنقاره فقال عليه السلام ( هل تدرى ما يقول ) قلت لا قال ( يقول اللهم انت العدل الذى لا تجور حجبت عنى بصرى وقد جعت فاطعمنى ) فاقبلت جرادة فدخلت بين مقناره ثم جعل يضرب منقاره بمنقاره فقال عليه السلام ( أتدرى ما يقول ) قلت لا فقال ( من توكل على اللّه كفاه ومن ذكره لا ينساه ) قال عليه السلام ( يا انس من ذا الذى يهتم للرزق بعد ذلك اليوم الرزق اشد طلبا لصاحبه من صاحبه له ) قال الصائب رزق اكر برآدمى عاشق نمىباشد جرا ... از زمين كندم كريبان جاك مى آيدجرا ١١ { ثم استوى الى السماء } شروع فى بيان كيفية التكوين اثر بيان كيفية التقدير ولعل تخصيص البيان بما يتعلق بالارض واهلها لما ان بيان اعتنائه تعالى بامر المخاطبين وترتب مبادى معايشهم قبل خلقهم مما يحملهم على الايمان ويزجرهم عن الكفر والطغيان وبيان ثم يجيئ بعد تمام الآيات . والاستواء ضد الاعوجاج من قولهم استوى العود اذا اعتدل واستقام حمل فى هذا المقام على معنى القصد والتوجه لان حقيقته من صفات الاجسام وخواصها واللّه تعالى متعال عنها . والمعنى ثم قصد نحو السماء بارادته ومشيئته قصدا سويا وتوجه اليه توجها لا يلوى على غيره اى من غير ارادة خلق شىء آخر يضاهى خلقها يقال استوى الى مكان كذا كالسهم المرسل اذا توجه اليه توجها مستويا من غير ان يلوى على غيره . وفى ثم اظهار كمال العناية بابداع العلويات { وهى دخان } الواو للحال والضمير الى السماء لانها من المؤنثات السماعية والدخان اجزاء ارضية لطيفة ترتفع فى الهواء مع الحرارة وفى المفردات الدخان العثان المستصحب للهب والبخار اجزاء مائية رطبة ترتفع فى الهواء مع الشعاعات الراجعة من سطوح المياه . والمعنى والحال ان السماء دخان اى امر ظلمانى يعد كالدخان وهو المرتفع من النار فهو من قبيل التشبيه البليغ واطلاق السماء على الدخان باعتبار المآل قال الراغب قوله تعالى { وهى دخان } اى هى مثل الدخان اشارة الى انها لا تماسك بها انتهى . عبر بالدخان عن مادة السماء يعنى الهيولى والصورة الجسمية او عن الاجزاء المتصغرة التى ركبت هى منها يعنى الاجزاء التى لا تتجزأ واظلامها ابهامها قبل حلول المنور كما فى الحواشى السعدية ولما كانت اول حدوثها مظلمة صحت تسميتها بالدخان تشبيها لها به من حيث انها اجزاء متفرقة غير متواصلة عديمة النور كالدخان فانه ليس له صورة تحفظ تركيبه كما فى حواشى ابن الشيخ وقال بعضهم وهى دخان اى دخان مرتفع من الماء يعنى السماء بخار الماء كهيئة الدخان : وبالفارسية [ وحال آنكه دخان بود يعنى بخار آب بهيآت دخان ] كما فى تفسير الكاشفى يروى ان اول ما خلق اللّه العرش على الماء والماء ذاب من جوهرة خضراء او بيضاء فاذابها ثم القى فيها نارا فصار الماء يقذف بالغثاء فخلق الارض من الغثاء ثم استوى الى الدخان الذى صار من الماء فسمكه سماء ثم بسط الارض فكان خلق الارض قبل خلق السماء وبسط الارض وارساء الجبال وتقدير الارزاق وخلق الاشجار والدواب والبحار والانهار بعد خلق السماء لذلك قال اللّه تعالى { والارض بعد ذلك دحاها } هذا جواب عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما لنافع ابن الارزق الحرورى كفىرا منبسط سازدكه اين فرشيست بس لايق ... بخاريرا برافرازدكه اين سقفيست بس زيبا ازان سقف معلق حسن تصويرش بود ظاهر ... بدين فرش مطبق لطف تدبيرش بودييدا { فقال لها } اى للسماء { وللارض } التى قدر وجودها ووجود ما فيها { ائتيا } اى كونا واحدثا على وجه معين وفى وقت مقدر لكل منكما هو عبارة عن تعلق ارادته تعالى بوجودهما تعلقا فعليا بطريق التمثيل بعد تقدير امرهما من غير ان يكون هناك آمر ومأمور كما فى قوله كن بان شبه تأثير قدرته فيهما وتأثرهما عنها بامر آمر نافذ الحكم يتوجه نحو المأمور المطيع فيتمثل امره فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن الحالة المشبهة بها { طوعا او كرها } مصدران واقعان فى موقع الحال . والطوع الانقياد ويضاده الكره اى حال كونكما طائعتين منقادتين او كارهتين اى شئتما ذلك او ابيتما وهو تمثيل لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما واستحالة امتناعهما من ذلك لا اثبات الطوع والكره لهما لانهما من اوصاف العقلاء ذوى الارادة والاختيار والارض والسماء من قبيل الجمادات العديمة الارادة والاختيار { قالتا اتينا طائعين } اى منقادين وهو تمثيل لكمال تأثرهما بالذات عن القدرة الربانية وحصولهما كما امرتا به وتصوير لكون وجودهما كما هما عليه جاريا على مقتضى الحكمة البالغة فان الطوع منبىء عن ذلك والكره موهم لخلافه فان قلت انما قيل طائعين على وزن جمع العقلاء الذكور لا طائعتين حملا على اللفظ او طائعات حملا على المعنى لانها سموات وارضون قلت باعتبار كونهما فى معرض الخطاب والجواب فلما وصفتا باوصاف العقلاء عوملتا معاملة العقلاء وجمعتا لتعدد مذلولهما ونظيره ساجدين فى قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام { انى رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين } وفى التأويلات النجمية يشير الى انه بالقدرة الكاملة انطق السماء والارض المعدومة بعد ان اسمعها خطاب ائتيا طوعا او كرها لتجيبا وقالتا اتينا طائعين وانما ذكرهما بلفظ التأنيث فى البداية لانهما كانتا معدومتين مؤنثتين وانما ذكرهما فى النهاية بلفظ التذكير لانه احياهما واعقلهما وهما فى العدم فاجابا بقولهما اتينا طائعين جواب العقلاء وفى حديث ( ان موسى عليه السلام قال يا رب لو ان السموات والارض حين قلت لهما ائتيا طوعا او كرها عصتاك ما كنت صانعا بهما قال كنت آمر دابة من دوابى فتبتلعهما قال يا رب واين تلك الدابة قال فى مرج من مروجى قال واين ذلك المرج قال فى علم من علمى ) قال بعضهم اجاب ونطق من الارض اولا موضع الكعبة ومن السماء ما بحذائها فجعل اللّه تعالى لها حرمة على سائر الارض حتى كانت كعبة الاسلام وقبلة الانام ويقال اجابه من الارض اولا الاردن من بلاد الشام فسمى لسان الارض واما اول بلدة بنيت على وجه الارض فهى بلخ بخراسان بناها كيومرث ثم بنى الكوفة ابنه هوسنك وكيومرث من اولاد مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث كان عمره سبعمائة سنة وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما اصل طينة النبى عليه السلام من سرة الارض بمكة فهذا يشعر بانه ما اجاب من الارض الا ذرة المصطفى وعنصر طينة المجتبى عليه السلام فلهذا دحيت الارض من تحت الكعبة وكانت ام القرى فهو عليه السلام اصل الكل فى التكوين روحا وجسدا والكائنات باسرها تبع له ولهذا يقال النبى الامى لانه ام الكل واسه فان قلت ورد فى الخبر الصحيح ( تربة كل شخص مدفنه ) فكان يقتضى ان يكون مدفنه عليه السلام بمكة حيث كانت تربته منها قلت لما تموج الماء رمى ذلك العنصر الشريف والزبد اللطيف والجوهر المنيف فوقع جوهره عليه السلام الى ما يحاذى ترتبه بالمدينة المنورة وفى تاريخ مكة ان عنصره الشريف كان فى محله يضيئ الى وقت الطوفان فرماه الموج فى الطوفان الى محل قبره الشريف لحكمة الهية وغيرة ربانية يعرفها اهل اللّه تعالى ولذا لا خلاف بين علماء الامة فى ان ذلك المشهد الاعظم والمرقد الاكرم افضل من جميع الاكوان من العرش والجنان . فذهب الامام مالك واستشهد بذلك وقال لا اعرف اكبر فضل لابى بكر وعمر رضى اللّه عنهما من انهما خلقا من طينة رسول اللّه عليه السلام لقرب قبرهما من حضرة الروضة المقدسة المفضلة على الاكوان باسرها وكان عليه السلام مكيا مدنيا وحنينه الى مكة لتلك المناسبة وتربته وبالمدينة الحكمة قال الامام السهروردى رحمه اللّه لما قبض عزرائيل عليه السلام قبضة الارض وكان ابليس قد وطىء الارض بقدميه فصار بعض الارض بين قدميه وبعضها موضع اقدامه فخلقت النفوس الامارة من مماس قدم ابليس فصارت النفوس الامارة مأوى الشرور وبعض الارض لم يصل اليها قدم ابليس فمن تلك التربة اصل طينة الانبياء والاولياء عليهم السلام وكانت طينة رسول اللّه موضع نظر اللّه من قبضة عزرائيل لم تمسها قدم ابليس فلم يصبه حظ جهل النفس الامارة بل صار منزوع الجهل موفرا حظه من العلم فبعثه اللّه بالعلم والهدى وانتقل من قلبه الشريف الى القلوب الشريفة ومن نفسه القدسيه المطمئنة فوقعت المناسبة فى اصل طهارة الطينة فكل من كان اقرب مناسبة فى ذلك الاصل كان اوفر حظا من القبول والتسليم والكمال الذاتى ثم بعض من كان اقرب مناسبة الى النبى عليه السلام فى الطهارة الذاتية اواوفر حظا من ميراثه اللدنى قد ابعد فى اقاصى الدنيا مسكنا ومدفنا وذلك لا ينافى قربه المعنوى فان ابعاده فى الارض كابعاد النبى عليه السلام من مكة الى المدينة بحسب المصلحة : قال الحافظ كرجه دوريم بياد تود قدح مينوشيم ... بعد منزل نبود درسفر روحانى ١٢ { فقضاهن سبع سموات } تفسير وتفصيل لتكوين السماء المجمل المعبر عنه بالامر وجوابه لا انه فعل مرتب على تكوينها والضمير للسماء على المعنى فانه فى معنى الجمع لتعدد مدلوله فسبع سموات حال او هو اى الضمير مبهم يفسره سبع سموات كضمير ربه رجلا فسبع سموات تمييز . والمعنى خلقهن حال كونهن سبع سموات او من جهة سبع سموات خلقا ابداعيا اى على طريق الاختارع لا على مثال واتقن امرهن بان لا يكون فيهن خلل ونقصان حسبما تقتضيه الحكمة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سماء القلب سبعة اطوار كما قال تعالى { وقد خلقكم اطوارا } فالطور الاول من القلب يسمى الكركر وهو محل الوسوسة والثانى الشغاف ومركز الاسرار ومهبط الانوار { فى يومين } فى وقت مقدر بيومين وهما يوم الخميس ويوم الجمعة خلق السماوات يوم الخميس وما فيها من الشمس والقمر والنجوم فى يوم الجمعة وقد بين مقدار زمان خلق الارض وخلق ما فيها عند بيان تقديرهما فكان خلق الكل فى ستة ايام حسبما نص عليه فى مواضع من التنزيل { واوحى فى كل سماء امرها } عطف على فقضاهن . والايحاد عبارة عن التكوين كالامر مقيد بما قيد به المعطوف عليه من الوقت قال راغب يقال للابداع امر وقد حمل على ذلك فى هذه الآية والمعنى خلق فى كل منها ما فيها من الملائكة والنيرات وغير ذلك مما لا يعلمه الا اللّه واظهر ما اراده كما قال قتادة والسدىّ . او اوحى اى القى الى اهل كل منها اوامره وكلفهم ما يليق بهم من التكاليف فمنهم قيام لا يقعدون الى قيام الساعة ومنهم سجود لا يرفعون رؤسهم ابدا الى غير ذلك فهو بمعناه ومطلق عن القيد المذكور والآمر هو اللّه والمأمور اهل كل سماء واضيف الامر الى نفس السماء للملابسة لانه اذا كان مختصا بالسماء فهو ايضا بواسطة اهلها { وزينا السماء الدنيا بمصابيح } التفات الى نون العظمة لابراز مزيد العناية بالامر اى بكواكب تضيىء فى الليل كالمصابيح فانها ترى كلها متلألئة على السماء الدنيا كأنها فيها : وبالفارسية [ وبياراستيم آسمان نزديكتر بجراغها يعنى ستاركان كه جوجراغ درخشان باشند ] فالمراد بالمصابيح جميع الكواكب النيرة التى خلق اللّه فى السماوات من الثوابت والسيارات وليس كلها فى السماء الدنيا وهى التى تدنو وتقرب من اهل الارض فان كل واحد من السيارات السبع فى فلك والثوابت مركوزة فى الفلك الثامن الا ان كونها مركوزة فيما فوق السماء الدنيا لا ينافى كونها زينة لها لانا نرى جميع الكواكب كالسرج الموقدة فيها وقيل ان فى كل سماء كواكب تضيىء وقيل بل الكواكب مختصة بالسماء الدنيا ويقال زين السماء بانوار الكروبيين كما زين الارض بالانبياء والاولياء وزين قلوب العارفين بانوار المعرفة وجعل فيها مصابيح الهداية وضياء التوحيد وزين جوارح المؤمنين بالخدمة وزين الجنة بنور مناجاة العارفين وزهرة خدمة العارفين نورى ازبيشانىء صاحب دلان در يوزه كن ... شمع خودرا مى برى دل مرده زين محفل جرا { وحفظا } مصدر مؤكد لفعل معطوف على زينا اى وحفظنا السماء الدنيا من الآفات ومن المسترقة حفظا وهى الشياطين الذين يصعدون السماء لاستراق السمع فيرمون بشهاب صادر من نار الكواكب منفصل عنها ولا يرجمون بالكواكب انفسها لانها قارة فى الفلك على حالها وما ذلك الا كقبس يؤخذ من النار والنار باقية بحالها لا ينتقص منها شىء والشهاب شعلة نار ساقطة { ذلك } الذى ذكر بتفاصيله { تقدير العزيز العليم } المبالغ فى القدرة فله بليغ قدرة على كل مقدور والمبالغ فى العلم فله بليغ علم بكل معلوم قال الكاشفى { ذلك } [ آنجه ياد كرده از بدائع آفرينش { تقدير العزيز العليم } آفريدن واندازه كردن غالبست كه درملك خود بقدرت هرجه خواهد كند دانا كه هرجه سازد از روى حكمت است ] فعلى هذا التفصيل لا دلالة فى الآية الكريم على الترتيب بان ايجاد الارض وايجاد السماء وانما الترتيب بين التقدير والايجاد واما على تقدير كون الخلق وما عطف عليه من الافعال الثلاثة على معانيه الظاهرة فيكون خلق الارض وما فيها متقدما على خلق السماء وما فيها وعليه اطباق اكثر اهل التفسير ويؤيده قوله تعالى { هو الذى خلق لكم ما فى الارض جميعا ثم استوى الى السماء } وقيل ان خلق جرم الارض مقدم على خلق السماوات لكن دحوها وخلق ما فيها مؤخر لقوله تعالى { والارض بعد ذلك دحاها } ثم هذا على تقدير كون كلمة ثم للتراخى الزمانى واما على تقدير كونها للتراخى الرتبى على طريق الترقى من الادنى الى الاعلى يفضل خلق السموات على خلق الارض وما فيها كما جنح اليه الاكثرون فلا دلالة فى الآية الكريمة على الترتيب كما فى الوجه الاول قال الشيخ النيسابورى خلق السماء قبل خلق الارض ليعلم ان فعله خلاف افعال الخلق لانه خلق اولا السقف ثم الاساس ورفعها على غير عمد دلالة على قدرته وكمال صنعه وروى انه تعالى خلق جرم الارض يوم الاحد ويوم الاثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الاربعاء وخلق السماوات وما فيهنّ يوم الخميس ويوم الجمعة وخلق آدم فى آخر ساعة منه وهى الساعة التى تقوم فيها القيامة وسمى الجمعة لاجتماع المخلوقات وتكاملها ولما لم يخلق اللّه فى يوم السبت شيأ امتنع بنوا اسرائيل من الشغل فيه كما فى فتح الرحمن والظاهر انه ينبغى ان يكون المراد به انه تعالى خلق العالم فى مدة لو حصل فيها فلك وشمس وقمر لكان مبدأ تلك المدة اول يوم الاحد وآخرها آخر يوم الجمعة كما فى حواشى ابن الشيخ وبه يندفع ما قال سعدى المفتى فيه اشكال لا يخفى فانه لا يتعين اليوم قبل خلق السماوات والشمس فضلا عن تعينه وتسميته باسم الخميس والجمعة وقال ابن عطية والظاهر من القصص فى طينة آدم ان الجمعة التى خلق فيها آدم قد تقدمتها ايام وجمع كثيرة وان هذه الايام التى خلق اللّه فيها المخلوقات هى اول الايام لانه بايجاد الارض والسماء والشمس وجد اليوم وفى الحديث فى خلق يوم الجمعة ( انه اليوم الذى فرض على اليهود والنصارى فاضلته وهداكم اللّه تعالى له ) اى امروا بتعظيمه والتفرع للعبادة فيه فاختار اليهود من عند انفسهم بدله السبت لانهم يزعمون انه اليوم السابع الذى استراح فيه الحق من خلق السماوات والارض وما فيهن من المخلوقات اى بناء على ان اول الاسبوع الاحد وانه مبدأ الخلق وهو الراجح وفى كلام بعضهم اول الاسبوع الاحد لغة واوله السبت عرفا اى فى عرف الفقهاء فى الايمان ونحوها واختارت النصارى من قبل انفسهم بدل يوم الجمعة يوم الاحد اى بناء على انه اول يوم ابتدأ اللّه فيه بايجاد المخلوقات فهو اولى بالتعظيم وقد جاء فى المرفوع ( يوم الجمعة سيد الايام واعظمها عند اللّه فهو فى الايم كشهر رمضان فى الشهور وساعة الاجابة فيه كليلة القدر فى رمضان ) وجاء ( ان اللّه تعالى خلق يوما فسماه الاحد ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الاربعاء ثم خلق خامسا فسماه الخميس ) وبه يندفع ما قال السهيلى تسمية هذه الايام طارئة ولم يذكر اللّه منها فى القرآن الا يوم الجمعة والسبت والعرب اخذوا معانى الاسماء من اهل الكتاب فالقوا عليها هذه الاسماء اتباعا لهم فلم يسمها رسول اللّه عليه السلام بالاحد والاثنين الى غير ذلك الا حاكيا للغة قومه لا مبتدأ بتسميتها هذا كلام السهيلى وفى السبعيات اكرم اللّه موسى بالسبت وعيسى بالاحد وداود بالاثنين وسليمان بالثلاثاء ويعقوب بالاربعاء وآدم بالخميس ومحمدا صلوات اللّه عليه وعليهم بالجمعة وهذا يدل على ان اليهود لم يختاروا يوم السبت والنصارى يوم الاحد من عند انفسهم فليتأمل الجمع وقد سئل صلّى اللّه عليه وسلّم عن يوم السبت فقال ( يوم مكر وخديعة ) لانه اليوم الذى اجتمعت فيه قريش فى دار الندوة للاستشارة فى امره عليه السلام . وسئل عن يوم الاحد فقال ( يوم غرس وعمارة ) لان اللّه تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها . وسئل عن يوم الاثنين فقال ( يوم سفر وتجارة ) لان فيه سافر شعيب عليه السلام فاتجر فربح فى تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال ( يوم دم ) لان فيه حاضت حواء وقتل ابن آدم اخاه وفيه قتل جرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بنى اسرائيل ولهذا نهى النبى عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء اشد النهى وقال ( فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم ) وفيه نزل ابليس الارض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط اللّه ملك الموت على ارواح بنى آدم وفيه ابتلى ايوب عليه السلام وفى بعض الروايات ابتلى يوم الاربعاء وفى روضة الاخبار قيل كان الرسم فى زمن ابى حنيفة ان يوم البطالة يوم السبت فى القراءة لا يقرأ فى يوم السبت ثم فى زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين ويوم الثلاثاء . وسئل عن يوم الاربعاء قال ( يوم نحس اغرق فيه فرعون وقومه واهلك عاد وثمود وقوم صالح ) وآخر اربعاء فى الشهر اشأم وجاء ( يوم الاربعاء لا اخذ ولا عطاء ) وورد فى الآثار النهى عن قص الاظفار يوم الاربعاء وانه يورث البرص وقد تردد فيه بعض العلماء فابتلى نعوذ باللّه وفى حديث ( لا يبدو جذام ولا برص الا يوم الاربعاء ) وكره بعضهم عيادة المريض فيه ويحمد فيه الاستحمام والدعاء مستجاب فيه بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الاحزاب فى ذلك الوقت وقد بنى على موضع الدعاء مسجد فى المدينة يقال له مسجد الاستجابة يزار الآن وفى الحديث ( ما من شىء بدىء يوم الاربعاء الا وقد تم ) فينبغى البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يوقف ابتداء الامور على الاربعاء ويروى هذا الحديث ويقول كان هكذا يفعل ابى ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد . وسئل عن يوم الخميس فقال ( يوم قضاء الحوائج ) لان فيه دخل ابراهيم عليه السلام على ملك مصر فاكرمه وقضى حاجته واعطاه هاجر وهو يوم الدخول على السلطان وفى الحديث ( من احتجم يوم الخميس فحم مات فى ذلك المرض ) وسئل عن يوم الجمعة فقال ( يوم نكاح وخطبة ) ايضا نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس وصح انه عليه السلام نكح فيه خديجة وعائشة رضى اللّه عنهما وعن ابن مسعود رضى اللّه عنه ( من قلم اظفاره يوم الجمعة اخرج اللّه منه داء وادخل فيه شفاء ) وقال الاصمعى دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو يقلم الاظفار فقال قلم الاظفار يوم الجمعة من السنة وبلغنى انه ينفى الفقر فقلت يا امير المؤمنين وانت تخشى الفقر فقال وهل احد أحشى للفقر منى وعن على رضى اللّه عنه رفعه من صام يوم الجمعة صبرا واحتسابا اعطى عشرة ايام غر زهر لا تشاكلهن ايام الدنيا ومن سالت من عينه قطرة يوم الجمعة قبل الرواح اوحى الى ملك الشمال اطو صحيفة عبدى فلا تكتب عليه خطيئة الى مثلها من الجمعة الاخرى قال بعض العارفين شرف الازمنة وفضيلتها يكون بحسب شرف الاحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته قال عمر بن الفارض قدس سره وعندى عيدى كل يوم ارى به ... جمال محياها بعين قريرة وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة وليوم الجمعة خواص تجيئ فى محلها ان شاء اللّه تعالى وفى الحديث اكثروا الصلاة على فى الليلة الزهراء واليوم الاغر فان صلاتكم تعرض على فأدعو لكم واستغفر والمراد بالليلة الزهراء ليلة الجمعة لتلألؤ انوارها وباليوم الاغر يوم الجمعة لبياضه ونورانيته وفى الحديث ( من صلى على فى يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى اللّه له مائة حاجة سبعين من حوائج الدنيا وثلاثين من حوائج الاخرة ثم يوكل اللّه بذلك ملكا يدخله على فى قبرى كما تدخل عليكم الهدايا يخبرنى بمن صلى على باسمه ونسبه الى عشيرته فأثبته عندى فى صحيفة بيضاء لأن علمى بعد موتى كعلمى فى حياتىرضي اللّه عن) بروز جمعه درود محمدعربى زروى قدر زايام ديكر افزونست زا اختصاص كه اورا بحضرت نبويست درو ثواب درود از قياس بيرونست ثم ان الليل والنهار خزانتان ما اودعتهما ادتاه وانهما يعملان فيك فاعمل فيهما جعلنا اللّه واياكم من المراقبين للاوقات ١٣ { فان اعرضوا } متصل بقوله قل ائنكم الخ فان اعرض كفار قريش عن الايمان بعد هذا البيان وهو بيان خلق الاجرام العلوية والسفليه وما بينهما { فقل } لهم { انذرتكم } اى انذركم واخوفكم وصيغة الماضى للدلالة على تحقق الانذار المنبىء عن تحقق المنذر { صاعقة } اى عذابا هائلا شديد الوقع كأنه صاعقة يعنى ان الصاعقة فى الاصل قطعة من النار تنزل من السماء فتحرق ما اصابته استعيرت هنا للعذاب الشديد تشبيها له بها فى الشدة والهول وفى المفردات الصاعقة الصوت الشديد من الجو ثم يكون فيها نار فقط او عذاب او موت وهى فى ذاتها شىء واحد وهذه الاشياء تأثيرات منها وبالفارسية صاعقه از عذاب بيهوش سازنده وهلاك كنند { مثل صاعقة عاد } مانند عذاب قوم عادكه باد صر صر بود { وثمود } وعذاب قوم ثمود كه صيحه جبرآئيل عليه السلام بوده اى لم يبق فى حقكم علاج الا انزال العذاب الذى نزل على من قبلكم من المعاندين المتمردين المعرضي عن اللّه وطلبه وطلب رضاه فهم سلف لكم فى التكذيب والجحود والعناد وقد سلكتم طريقهم فتكونون كأمثالهم فى الهلاك قال مقاتل كان عاد وثمود ابنى عم وموسى وقارون ابنى عم والياس واليسع ابنى عم وعيسى ويحيى ابنى خالة وتخصيص اين دو قوم بجهت آنست كه درسفر رحلة الشتاء والصيف برمواضع اين دو كروه كذشته آثار عذاب مشاهده ميكرده اند ١٤ { اذ جاءتهم الرسل } الظاهر انه من اطلاق الجمع على المثنى فان الجائى هود الى عاد وصالح الى ثمود والجملة حال من صاعقة عاد اى مثل صاعقتهم كائنة فى وقت مجيىء الرسل اليهم فكذبوهم فالمراد كون متعلق الظرف حالا منها لأن الصاعقة قطعة نار تنزل من السماء فتحرق فهى جثة والزمان كما لا يكون صفة للجثة لا يكون حالا منها { من بين ايديهم ومن خلفهم } متعلق بجاءتهم اى من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة من جهات الارشاد وطرق النصيحة تارة بالرفق وتارة بالعنف وتارة بالتشويق واخرى بالترهيب فليس المراد الجهات الحسية والاماكن المحيطة بهم او من جهة الزمان الماضى بالانذار عما جرى فيه على الكفار من الوقائع ومن جهة الزمان المستقبل بالتحذير عما اعد لهم فى الآخرة ويحتمل ان يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فيراد بالرسل ما يعم المتقدمين منهم والمتأخرين او ما يعم رسل الرسل ايضا والا فالجائى رسولان كما سبق وليس فى الاثنين كثرة { الا تعبدوا الا اللّه } اى بان لا تعبدوا ايها القوم اى يأمرونهم بعبادة اللّه وحده فان مصدرية ناصبة للفعل وصلت بالنهى كما توصل بالامر فى مثل قوله ان طهرا ( قال الكاشفى ) در آمدند و دعوت كردند بانكه مبرستيد مكر خدايرا { قالوا } استخفافا برسلهم { لو شاء ربنا } اى ارسال الرسل فانه ليس هنا فى ان تقدر المفعول مضمون جواب الشرط كثير معنى { لانزل ملائكة } اى لارسلهم بدلكم ولم يتخالجنا شك فى امرهم فامنا بهم لكن لما كان ارسالهم بطريق الانزال قيل لانزل { فانا بما ارسلتم به } على زعمكم فهو ليس اقرارا منهم بالارسال { كافرون } قال فى بحر العلوم الفاء وقعت فى جواب شرط محذوف تقديره اذا انتم بشر مثلنا من غير فضلكم علينا ولستم بملائكة فانا لا نؤمن بكم وبما جئتم به ولا يجب ان يكون ما دخلت عليه فعلا لجواز دخولها على الجملة الاسمية المركبة من مبتدأ وخبر وقال سعدى المفتى اشارة الى نتيجة قياسهم الفاسد الاستثنائى نقيض تاليه ( قال الكاشفى ) مشركان دربند صورت انبيامانده از مشاهده معنى ايشان غافل بودند جند صورت بينى اى صورت برست هركه معنى ديد از صورت برست ديده صورت برستى را ببند تا شوى از نور معنى بهره مند روى ان ابا جهل قال فى ملاء من قريش قد التبس علينا امر محمد عليه السلام فلو التمستم لنا رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم اتانا ببيان من امره فقال عتبة بن ربيعة واللّه لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علما وما يخفى على فاتاه فقال انت يا محمد خير ام هاشم انت خير ام عبد المطلب انت خير ام عبد اللّه فبم تشتم آلهتنا وتضللنا فان كنت تريد الرياسة عقدنا لك اللوآء فكنت رئيسنا وان كان بك الباءة اى الجماع والشهوة زوجناك عشر نسوة تختارهن من بنات قريش وان كان بك المال جمعنا لك ما تستغنى به ورسول اللّه عليه السلام ساكت فلما فرغ عتبة قال عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم حم الى قوله مثل صاعقة عاد وثمود فامسك عتبة على فيه عليه السلام وناشده بالرحم يعنى عتبه درشنيدن كلام خداى عزوجل جنان مبهوت ومدهوش كشت كه جاى سخن دروى نماند وبا آخر دست بردهن رسول نهاد وكفت بحق رحم كه نيز بخوانى كه طاقتم برسيد ودرين سخن سر كردان وحيران شدم. ورجع الى اهله متحيرا من امره عليه السلام ولم يرجع الى قريش ولم يخرج وكانوا منتظرين لخبره فلما احتبس عنهم قالوا ما نرى عتبة الا قد صبا يعنى صابى ومائل دين محمد شد فانطلقوا اليه وقالوا يا عتبة ما حبسك عنا الا انك قد صبأت فغضب ثم قال واللّه لقد كلمته فاجابنى بشىء واللّه ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر ولما بلغ صاعقة عاد وثمود امسكت بفيه وناشدته بالرحم ان يكف وقد علمتم ان محمدا اذا قال شيئا لم يكذب فخفت ان ينزل بكم العذاب راى من آنست كه اين مردرافرو كذاريد بادين خويش وتعرض نرسانيد اكر عرب برودست وعز او عزشماست ابو جهل كفت جنان ميدانم كه سحر او برتواثر كرده وترا از حال خود بكردانيده عتبه كفت راى من اينست كه شما هرجه ميخواهيد بكنيد فكان من امرهم الاصرار حتى قتلوا فى وقعة بدر وابى اللّه الا ان يتم نوره ويظهر دينه فما كان الا ما اراد اللّه دون ما ارادوا ١٥ { فاما عاد } لما كان التفصيل مسببا عن الاجمال السابق ادخل عليه الفاء السببية بس آماده كرده وعاديان { فاستكبروا فى الارض } در زمين احقاق دربلاد يمن اى تعظموا فيها على اهلها { بغير الحق } اى بغير الاستحقاق للتعظيم وركنوا الى قوة نفوسهم { وقالوا } اغترارا بتلك القوة الموقوفة على عظم الاجسام { من } استفهام { اشد منا قوة } وكان طول كل واحد منهم ثمانية عشر ذراعا وبلغ من قوتهم أن الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل ويجعلها حيث شاء وكانوا يظنون انهم يقدرون علىدفع العذاب بفضل قوتهم فخانتهم قواهم لما استمكن منهم بلواهم وقد رد اللّه عليهم بقوله { اولم يروا } آياندا نستند مغرور شدكان بقوت خود اى أغفلوا ولم يعلموا علما جليا شبيها بالمشاهدة والعيان { أن اللّه الذى خلقهم } وخلق الاشياء كلها خصوصا الاجرام العظيمة كالسموات والجبال ونحوها وانما اورد فى حيز الصلة خلقهم دون خلق السموات والارض لادعائهم الشده فى القوة { هو اشد منهم قوة } اى قدرة لأن قدرة الخالق لا بد وان تكون اشد من قدرة المخلوق اذ قدرة المخلوق مستفادة من قدرة الخالق والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف ولما كانت صيغة التفضيل تستلزم اشتراك المفضل المفضل عليه فى الوصف الذى هو مبدأ اشتقاق افعل ولا اشتراك بينه تعالى وبين الانسان فى هذه القوة لكونه منزها عنها اريد بها القدرة مجازا لكونها مسببة عن القوة بمعنى صلابة البنية { وكانوا } وبودند وقوم عادكه ازروى تعصب { بآياتنا } المنزلة على الرسل { يجحدون } الجحود الانكار مع العلم اى ينكرونها وهم يعرفون حقيقتها كما يجحد المودع الوديعة وينكرها فهو عطف على فاستكبروا وما بينهما اعتراض للرد على كلمتهم الشنعاء والمعنى أنهم جمعوا بين الاستكبار وطلب العلو فى الارض وهو فسق وخروج عن الطاعة بترك الاحسان الى الخلق وبين الجحود بالآيات وهو كفر وترك لتعظيم الحق فكانوا فسقة كفرة وهذان الوصفان لما كانا اصلى جميع الصفات الذميمة لا جرم سلط اللّه عليهم العذاب كما قال ١٦ { فارسلنا عليهم ريحا صرصرا } لتقلعهم من اصولهم اى باردة تهلك وتحرق بشدة بردها كاحراق النار بحرها من الصر وهو البرد الذى يصر اى يجمع ويقبض اى ريحا عاصفة تصر صر أى تصوت فى هبوبها من الصرير وبالفارسية بادصرصربآ وازمهيب قيل انها الدبور مقابل القبول اى الصبا التى تهب من مطلع الشمس فيكون الدبور ما تهب من مغربها والصرصر تكرير لبناء الصر قال الراغب الصر الشد والصرة ما يعقد فيه الدراهم والصرصر لفظه من الصر وذلك يرجع الى الشد لما فى البرودة من التعقيد اذ هى من الفعليات لأنها كشيفة من شأنها تفريق المتشاكلات وجمع المختلفات { فى ايام نحسات } جمع نحسة من نحس نحسا نقيص سعد سعدا كلاهما على وزن علم والنحسان زحل والمريخ وكذا آخر شباط وآخر شوال ايضا من الاربعاء الى الاربعاء وذلك سبع ليال وثمانية ايام يعنى كانت الريح من صبيحة الاربعاء لثمان بقين من شوال الى غروب الاربعاء الآخر وهو آخر الشهر ويقال لها ايام الحسوم وسيأتى تفصيلها فى سورة الحاقة وما عذب قوم الا فى يوم الاربعاء وقال الضحاك امسك اللّه عنهم المطر ثلاث سنين ودامت الرياح عليهم من غير مطر وعن جابر بن عبد اللّه رضى اللّه عنه اذا اراد اللّه بقوم خيرا ارسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح واذا اراد بقوم شرا حبس عنهم المطر وسلط عليهم كثرة الرياح والمعنى فى ايام منحوسات مشئومات ليس فيها شىء من الخير فنحوستها أن اللّه تعالى ادام تلك الرياح فيها على وتيرة وحالة واحدة بلا فتور واهلك القوم بها لا كما يزعم المنجمون من أن بعض الايام قد يكون فى حد ذاته نحسا وبعضها سعدا استدلالا بهذه الآية لأن اجزآء الزمان متساوية فى حد ذاتها ولا تمايز بينها الا بحسب تمايز ما وقع فيها من الطاعات والمعاصى فيوم الجمعة سعد بالنسبة الى المطيع نحس بالنسبة الى العاصى وان كان سعدا فى حد نفسه قال رجل عند الاصمعى فسد الزمان فقال الاصمعى ان الجديدين فى طول اختلافهما ... لا يفسدان ولكن يفسد الناس وقيل نذم زماننا والعيب فينا ... ولو نطق الزمان اذا هجانا وقال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس اذا فصلت وخيطت فى وقت رديىء اتصل بها خواص رديئة انتهى يقول الفقير لعله اراد عروض الردآءة لها بسبب من الاسباب كيوم الاربعاء بما وقع فيه من العذاب لا أن اللّه خلقه رديئا فلا نافى بين كلامه وبين ما سبق والظاهر أن اللّه تعالى خلق اجزآء الزمان والمكان على تفاوت وكذا سائر الموجودات كما لا يخفى { لنذيقهم } بالريح العقيم { عذاب الخزى فى الحيوة الدنيا } اضافة العذاب الى الخزى من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على طريق التوصيف بالمصدر للمبالغة اى العذاب الخزى اى الذليل المهان على ان الذليل المهان فى الحقيقة اهل العذاب لا العذاب نفسه { ولعذاب الآخرة } وهر آينه عذاب آن سرى { اخزى } اى اذل وازيد خزيا من عذاب الدنيا وبالفارسية سختراست ازروى رسوايى وهو الحقيقة ايضا وصف للمعذب وقد وصف به العذاب على الاستاد المجازى لحصول الخزى بسببه { وهم لا ينصرون } بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه لا فى الدنيا ولا فى الآخرة لأنهم لم ينصروا اللّه ودينه واما المؤمنون فانهم وان كانوا ضعفاء فقد نصرهم اللّه لأنهم نصروا اللّه ودينه فعجبا من القوة فى جانب الضعف وعجبا من الضعف فى جانب القوة وفى الحديث ( انكم تنصرون بضعفائكم ) اى الضعفاء الداعين لكم بالنصرة وقال خالد بن برمك اتقوا مجانيق الضعفاء اى دعواتهم يقول الفقير انما عذبت عاد بريح صرصر لأنهم اغتروا بطول قاماتهم وعظم اجسادهم وزيادة قوتهم فظنوا أن الجسم اذا كان فى القوة والثقل بهذه المرتبة فهو يثبت فى مكانه ويستمسك ولا يزيله عن مقره شىء من البلاء فسلط اللّه عليهم الريح فكانت اجسامهم كريشة فى الهوآء وكان عليه السلام يجثو على ركبتيه عند هبوب الرياح ويقول ( اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها لنا رياحا ) اى رحمة ( ولا تجعلها ريحا ) اى عذابا واراد به أن اكثر ما ورد فى القرءآن من الريح بلفظ المفرد فهو عذاب نحو فارسلنا عليهم ريحا صرصرا وارسلنا عليهم الريح العقيم وان جاء فى الرحمة ايضا نحو وجرين بهم بريح طيبة وكل ما جاء بلفظ الجمع على الرياح فهو رحمة لا غير ويقول عليه السلام اى عند هبوب الرياح وعند سماع الصوت والرعد والصواعق ايضا ( اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذاب وعافنا قبل ذلك ) وفى الحديث ( لا تسبوا الريح فاذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما امرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما امرت به ) ( كما فى المصابيح ) ريح صرصر باد نفس ازدهاست قلب ازود اضطراب ومكرهاست هركه بابرجا شود درعهد دين بايدارش ميكند حق جون زمين ١٧ { واما ثمود } اى قبيلة ثمود فهو غير منصرف للعلمية والتأنيث ومن نونه وصرفه جعله اسم رجل وهو الجد الاعلى للقبيلة { فهديناهم } الهداية هنا عبارة عن الدلالة على ما يوصل الى المطلوب سوآء ترتب عليها الاهتدآء ام لا كما فى قوله تعالى { وانك لتهدى الى صراط مستقيم } وليست عبارة عن الدلالة المقيدة بكونها موصلة الى البغية كما فى قوله تعالى { واللّه لا يهدى القوم الكافرين } والمعنى فدللناهم على الحق بنصب الآيات التكوينية وارسال الرسل وانزال الآيات الشريفة ورحمنا عليهم بالكلية { فاستحبوا العمى على الهدى } حقيقة الاستحباب ان يتحرى الانسان فى الشىء ان يحبه واقتضى تعديته بعلى معنى الايثار والاختيار كما فى المفردات اى اختاروا الضلالة من عمى البصيرة وافتقادها على الهداية والكفر على الايمان والمعصية على الطاعة قال صاحب الكشف فى لفظ الاستحباب ما يشعر بأن قدرة اللّه تعالى هى المؤثرة وان لقدرة العبد مدخلا ما فان المحبة ليست اختيارية بالاتفاق وايثار العمى حبا وهو الاستحباب من الاختيارية واعترض عليه سعدى المفتى فى حواشيه بأنه كيف لا تكون المحبة اختيارية ونحن مكلفون بمحبة رسول اللّه صلى اللّه تعالى وعليه وسلم ولا تكليف بغير الاختيارى ألا يرى الى قوله عليه السلام لعمر رضى اللّه عنه ( الآن يا عمر ) يعنى فى قول عمر ورسول اللّه آخذ بيده يا رسول اللّه انت احب الى من كل شىء الا نفسى فقال عليه السلام ( لا والذى نفسى بيده حتى اكون احب اليك من نفسك ) فقال عمر الآن واللّه انت احب الى من نفسى فقال ( الآن يا عمر ) اى صار ايمانك كاملا والجواب على ما فى شرح المشارق لابن الملك أن المراد من هذه المحبة محبة الاختيار لا محبة الطبع لأن كل احد مجبول على حب نفسه اشد من غيرها فمعنى الحديث لا يكون ايمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك ونظيره قوله تعالى { ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة } فهم مع احتياجهم آثروا انفسهم على انفسهم وكذا المحب آثر رضى المحبوب على رضى نفسه مع كون محبته لنفسه اشد من محبته له وقيل ان ثمود فى الابتدآء آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا فاجراهم مجرى اخوانهم فى الاستئصال فتكون الهداية بمعنى الدلالة المقيدة قال ابن عطاء البسوا لباس الهداية ظاهرا وهم عوارى فيتحقق عليهم لباس الحقيقة فاستحبوا العمى على الهدى فردوا الى الذى سبق لهم فى الازل يعنى أن جبلة القوم كانت جبلة الضلالة فمالوا الى ما جبلوا عليه من قبول الضلال فان السوابق تؤثر فى العواقب بدون العكس فلا عبرة بالهداية المتوسطة لأنها عارضة ( قال الحافظ ) جون حسن عاقبت نه برندى و زاهديست آن به كه كار خودبعنايت رها كنند { فأخذتهم صاعقة العذاب الهون } الهون مصدر بمعنى الهوان والذلة يقال هان هونا وهوانا ذل كما فى القاموس وصف به العذاب للمبالغة اى اخذتهم داهية العذاب المهين كأنه عين الهوان وبالفارسية صاعقه عذاب خوار كننده يعنى صيحه جبرآئيل ايشانرا هلاك كرد فالصاعقة هى العذاب الهون شبه بها لشدته وهوله كما بين فيما سبق وقيل صاعقة من السماء اى نار فاهلكتهم واحرقتهم فيكون من اضافة النوع الى الجنس بتقدير من اى من جنس العذاب المهين الذى بلغ فى افادة الهوان للمعذب الى حيث كان عين الهوان { بما كانوا يكسبون } من اختيار الضلالة والكفر والمعصية ( قال الكاشفى ) بسبب آنجه بودند كسب كردند ازتكذيب صالح عليه السلام مع أن الاستحباب المذكور صفة الباطن وبالصيحة تنشق المرارة فيفسد الداخل والخارج واما بالنار فلأحراقهم باطن ولد الناقة بعقر امه فابتلوا بالاحراق الظاهر ألا ترى ان يعقوب ذبح جديا بين يدى امه فابتلى بفراق يوسف واحتراقه على ما قاله البعض ١٨ { ونجينا الذين آمنوا } من تلك الصاعقة وكانوا مائة وعشرة انفس { وكانوا يتقون } الشرك او عقر الناقة وفيه اشارة الى التنجية من عذاب النار وهى انواع فمنهم من نجاهم من غير ان رأوا النار عبروا القنطرة ولم يعلموا وقوم كالبرق الخاطف وهم الاعلام وقوم كالراكض وهم ايضا الاكابر وقوم على الصراط يسقطون وتردهم الملائكة على الصراط فبعد وبعد وقوم بعد ما دخلوا النار فمنهم من تأخذه الى كعبيه ثم الى ركبتيه ثم الى حقويه فاذا بلغت القلب قال الحق تعالى للنار لا تحرقى قلبه فانه محترق فى وقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا وصاروا حمما الامتحاش سوخته شدن والحمم جمع حممة بالضم وهو الفحم كما فى القاموس وفى الحديث ( يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار ثم يقول اللّه تعالى أخرجوا من النار من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل ) واشارت الآية الى ان سبب النجاة من النار هو الايمان والتقوى وهما من صفات القلب فاذا هرب العبد من مقام النفس ودخل فى مقام القلب كان آمنا سالما من انواع الالم فى الدنيا والآخرة والا كان معذبا ( حكى ) أن ابا يزيد البسطامى قدس سره دخل الحمام يوما فاصابه الحر فصاح فسمع ندآء من الزوايا الاربع يا ابا يزيد ما لم تسلط عليك نار الدنيا لم تذكرنا ولم تستغث بنا وفيه اشارة الى أن المقبول هو التدارك وقت الاختيار والايمان وقت التكلف والا خرج الامر من اليد ولا تفيد الصيحة وقت الوقوع فى العذاب توبيش ازعقوبت درعفو كوب كه سودى ندارد فغان زيرجوب والكافر تنزل عليه ملائكة العذاب والمؤمن تصافحه الملائكة قال اللّه تعالى اسمع يا موسى ما اقول فالحق ما اقول انه من تكبر على مسكين حشرته يوم القيامة على صورة الذر ومن تواضع لعالم رفعته فى الدنيا والآخرة ومن رضى بهتك ستر مسلم هتكت ستره سبعين مرة ومن اهان مسلما فقد بارزنى بالمحاربة ومن امن بى سافحته الملائكة فى الدنيا والآخرة جهرا اللهم وفقنا لما ترضى ١٩ { ويوم يحشر اعدآء اللّه } الحشر اخراج الجماعة من مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة ويوم منصوب باذكر المقدر والمعنى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر اعدآء اللّه المذكورون من عاد وثمود لا الاعدآء من الاولين والآخرين بمعنى انهم يجمعون الى النار كقوله { قل ان الاولين والآخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم } لما سياتى من قوله تعالى { فى امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس } والتعبير بالاعدآء للذم والايذان بعلة ما يحيق بهم من فنون العذاب { الى النار } الى موقف الحساب اذ هناك تتحقق الشهادة الآتية لا بعد تمام السؤال والجواب وسوقهم الى النار والتعبير عنه بالنار اما للايذان بانها عاقبة حشرهم وانهم على شرف دخولها واما لأن حسابهم يكون على شفيرها وفى الآية اشارة الى ان من لم يمتثل الى اوامر اللّه ولم يجتنب عن نواهيه ولم يتابع رسوله فهو عدو اللّه وان كان مؤمنا باللّه مقرا بوحدانيته وان ولى اللّه من كان يؤمن باللّه ورسله ويمتثل اوامر اللّه فى متابعة الرسول ويحشر الاولياء الى اللّه وجنته كما يحشر الاعدآء الى نار البعد وجحيمه { فهم يوزعون } يقال وزعته عن كذا كوضع كففته اى يحبس اولهم على آخرهم ليتلاحقوا وهو كناية عن كثرة اهل النار وفيه اشارة الى ان فى الوزع عقوبة لهم ٢٠ { حتى اذا ما جاؤها } غاية ليحشر وليوزعون اى حتى اذا حضروا النار جميعا وبالفارسية تاوقتى كه بيانيد بآتش وما مزيدة لتاكيد اتصال الشهادة بالحضور يعنى ان وقت مجيئهم النار لا بد ان يكون وقت الشهادة عليهم { شهد عليهم سمعهم } الخ لأنهم كانوا استعملوها فى معاصى اللّه بغير اختيارهم فشهدت الآذان بما سمعت من شر وافرد السمع لكونه مصدرا فى الاصل { وابصارهم } بما نظرت الى حرام { وجلودهم } ظواهر انفسهم وبشراتهم بما لامست محظورا والجلد قشر البدن وقيل المراد بالجلود الجوارح والاعضاء واول عضوى كه تكلم كندزان كف دست راست بود { بما كانوا يعملون } فى الدنيا ويقال تخبر كل جارحة بما صدر من افاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجناياتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع اعمالهم السيئة وفنون كفرهم ومعاصيهم وتلك الشهادة بان ينطقها اللّه كما انطق اللسان اذ ليس نطقها باغرب من نطق اللسان عقلا وكما انطق الشجرة والشاة المشوية المسمومة بان يخلق فيها كلاما كما عند اهل السنة فان البينة ليست بشرط عندهم للحياة والعقل والقدرة كما عند المعتزلة وفى حواشى سعدى المفتى بان ينطقها لا على ان تكون تلك الاعضاء آلاته ولا على ان تكون القدرة والارادة آلة فى الانطاق وكيف وهى كارهة لما انطقوا به بل على ان تكون الاعضاء هى الناطقة بالحقيقة موصوفة بالقدرة والارادة وفيه تامل انتهى روى انه عليه السلام ضحك يوما حتى بدت نواجذه ثم قال ( الا تسألون مم ضحكت ) قالوا مم ضحكت يا رسول اللّه قال ( عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة قال يقول يا رب اليس قد وعدتنى ان لا تظلمنى قال فان لك ذلك قال فانى لا اقبل شاهدا الا من نفسى قال اللّه تعالى اوليس كفى بى شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين فيقول اى ربى اجرتنى من الظلم فلن اقبل على شاهدا الا من نفسى قال فيختم على فيه وتتكلم الاركان بما كان يعمل ) قال عليه السلام ( فيقول لهن بعدا لكن وسحقا عنكن كنت اجادل ) وهذه الرواية تنطق بان المراد بالجلود الجوارح وفيه اشارة الى ان الجماد فى الآخرة يكون حيوانا ناطقا كما قال تعالى { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } ٢١ { وقالوا لجلودهم } توبيخا { لم شهدتم علينا } وصيغة جمع العقلاء فى خطاب الجلود وكذا فى قوله تعالى قالوا انطقنا الخ لوقوعها فى موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء ولعل تخصيص الجلود لأنها بمرآئى منهم بخلاف غيرها او لأن الشهادة منها اعجب وابعد اذ ليس شانها الادراك بخلاف السمع والبصر والمراد الادراك اللازم للشهادة وهو الابصار او الاسماع اذ الشهادة لا تكون الا بالمعاينة او السماع والادراك اللمسى لا مدخل له فى الشهادة فيحصل التعجب والبعد وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما المراد بشهادة الجلود شهادة الفروج لأنها لا تخلو عن الجلود واللّه حيى يكنى وهو الانسب بتخصيص السؤال بها فى قوله وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا ما نشهد به من الزنى اعظم جناية وقبحا واجلب للخزى والعقوبة مما يشهد به السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها { قالوا } اى الجلود { انطقنا اللّه الذى انطق كل شىء } ناطق واقدرنا على بيان الواقع فشهدنا عليكم بما عملتم بواسطتنا من القبائح وما كتمناها وفى الآية اشارة الى ان الارواح والاجسام متساوية فى قدرة اللّه تعالى ان شاء جعل الارواح بوصف الاجسام صما بكما عميا فهم لا يعقلون وان شاء جعل الاجسام بوصف الارواح تنطق وتسمع وتبصر وتعقل { وهو خلقكم اول مرة } وازعدم بوجود آورد { واليه ترجعون } فان من قدر على خلقكم وانشائكم اولا وعلى اعادتكم ورجعكم اى ردكم الىجزآئه ثانيا لا يتعجب من انطاقه لجوارحكم وفى تفسير الجلالين هو ابتدآء اخبار عن اللّه تعالى وليس من كلام الجلود ولعل صيغة المضارع مع ان هذه المحاورة بعد البعث والرجع لما ان المراد بالرجع ليس مجرد الرد الى الحياة بالبعث بل ما يعمه وما يترتب عليه من العذاب الخالد المترقب عند التخاطب على تغليب المتوقع على الواقع على ان فيه مراعاة الفواصل يقول الفقير قد ثبت فى علم الكلام ان اللّه تعالى قد خلق كلا من الحواس لادراك اشياء مخصوصة كالسمع للاصوات والذوق للطعوم والشم للروائح لكن ذلك الادراك بمحض خلق اللّه تعالى من غير تاثير الحواس فلا يمتنع ان يخلق عقيب صرف الباصرة ادراك الاصوات مثلا وان لم يكن واقعا بالفعل وقد صح ان موسى عليه السلام سمع كلام اللّه تعالى من كل جانب بكل جانب وقس عليه الرؤية ليلة المعراج فانه عليه السلام كان بصرا محضا فى صورة الجسم وكذلك اللسان فانه مخلوق للنطق لكن اللّه تعالى اذا اراد كان جميع البدن لسانا مع ان الانسان لما تشرف بالحياة والنطق كان جميع اجزآئه ناطقا حكيما كما كان حيا حقيقة وذلك لاضافته الى الحى الناطق بل وسر الحياة والنطق سار فى جميع اجزآء العالم فضلا عن اعضاء بنى آدم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له يوم القيامة فهذه الشهادة من باب النطق لا عن علم وتعقل فليحذر العبد عن شهادة الاعضاء وكذا المكان والزمان وعن علاء بن زياد قال ليس يوم يأتى من ايام الدنيا الا يتكلم ويقول يا ايها الناس انى يوم جديد وانا على ما يعمل فى شهيد وانى لو غربت شمسى لم ارجع اليكم الى يوم القيامة ( قال الصائب ) غبار قابله عمر جون نمايان نيست دواسبه رفتن ليل وهار رادرياب ٢٢ { وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم } قوله ان يشهد فى موضع النصب باسقاط الخافض اى من ان يشهد لأن استتر لا يتعدى بنفسه او فى موضع الجر على تقدير المصاف اى مخافة ان يشهد ولا فى الموضعين زآئدة لتاكيد النفى وهذه حكاية لما سيقال للاعدآء يومئذ من جهته تعالى بطريق التوبيخ والتقريع تقرير الجواب الجلود والمعنى وما كنتم تستترون فى الدنيا عند مباشرتكم الفواحش مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم بذلك لأنها كانت اجساما صامتة غير ناطقة ولم يكن فى حسابكم ما استقبلكم كما كنتم تستترون من الناس بالحيطان والحجب وظلمة الليل مخافة الافتضاح عندهم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزآء راسا فضلا عن شهادة الاعضاء وفيه تنبيه على ان المؤمن ينبغى ان يتحقق ان لا يمر عليه حال الا وعليه رقيب وان اللّه معه اينما كان وفى الحديث ( افضل ايمان المرء ان يعلم ان اللّه معه حيث كان ) يارباتست هركجاهستى جاى ديكر جه خواهى اى او باش باتو در زيريك كليم جو اوست بس برو اى حريف خود را باش فعلى العبد ان يحفظ نفسه ويحاسبها قبل ان تحاسب قال البقلى فى عرآئسه من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه لا يقدر ان يسترها ولو كان عالما بنفسه يستغفر فى السر عند اللّه حتى تضمحل آثارها ولا يرى وجود تلك الآثار صاحب كل نظرة قال ابو عثمان رحمه اللّه من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترئ على الذنوب ومن ذكر ذلك حين مباشرتها ربما تلحقه العصمة والتوفيق فيمنعانه عنها وفضوح الدنيا فالنار ولا العار { ولكن ظننتم } عند استتاركم { ان اللّه لا يعلم كثيرا مما تعملون } من القبائح المخفية فلا يظهرها فى الآخرة على تقدير وقوعها ولذلك اجترأتم على ما فعلتم يشير الى معتقد الفلاسفة الزنادقة فانهم يعتقدون ان اللّه لا يكون عالم الجزئيات وفيه ايذان بان شهادة الجوارح باعلامه تعالى حينئذ لا بانها كانت عالمة بما شهدت به عند صدروه عنهم وادخل الكثير لكونهم يزعمون ان اللّه يعلم ما يجهر به دون ما يسر عن ابن مسعود رضى اللّه عنه كنت مستترا باستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر ثقفيان وقرشى او قرشيان وثقفى كثير شحم بطونهم قليل فقه بطونهم قيل الثقفى عبدياليل والقرشيان ختناه ربيعة وصفوان بن امية فقال احدهم اترون أن اللّه يسمع ما نقول قال الآخر يسمع ان جهرنا ولا يسمع ان اخفينا فذكرت ذلك للنبى عليه السلام فانزل اللّه تعالى وما كنتم تستترون الخ فالحكم المحكى حينئذ يكون خاصا بمن كان على ذلك الاعتقاد من الكفرة ولعل الانسب ان يراد بالظن معنى مجازى يعم المعنى الحقيقى وما جرى مجراه من الاعمال المنبئة عنه كما فى قوله تعالى { يحسب أن ماله اخلده } فان معناه يعمل عمل من يظن أن ماله يبقيه حيا ليعم ما حكى من الحال جميع اصناف الكفرة فتدبر كذا فى الارشاد ٢٣ { وذلكم } الظن ايها الاعدآء وهو مبتدأ خبره قوله { ظنكم الذى ظننتم بربكم } والا فاللّه تعالى عالم بجميع الكليات والجزئيات لأنه متجل باسمائه وصفاته فى جميع الموجودات وهو خالق الاعمال وسائر الاعراض والجواهر والمطلع على البواطن والسرائر كما على الظواهر والتغاير بين العنوانين امر جلى لظهور ان ظن عدم علم اللّه غير الظن بالرب فيصح ان يكون خبرا له { ارداكم } خبر آخر له اى اهلككم وطرحكم فى النار { فاصبحتم } اى صرتم بسبب ذلك الظن السوء الذى اهلككم { من الخاسرين } اززيانكاران اذ صار ما منحوا لسعادة الدارين من القوة العاقلة والاعضاء سببا لشقاء النشأتين اما كونها سببا لشقاء الآخرة فظاهر واما كونها سببا لشقاء الدينا فمن حيث انها كانت مفضية فى حقهم بسوء اختيارهم الى الجهل المركب باللّه سبحانه وصفاته واتباع الشهوات وارتكاب المعاصى وفى التأويلات النجمية من الخاسرين الذين خسروا بذر ارواحهم فى ارض اجسادهم بان لم يصل اليه ماء الايمان والعمل الصالح ففسد حتى صاروا بوصف الاجساد صما بكما عميا فهم لا يعقلون وفى بحر العلوم من الخاسرين اى الكاملين فى الخسران حيث ظننتم باللّه ظن السوء وسوء الظن باللّه من اكبر الكبائر كحب الدنيا وقال الحسن رحمه اللّه ان قوما الهتهم الامانى حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة يقول احدهم انى احسن الظن بربى وكذب لو أحسن الظن لأحسن الاعتقاد وصالح العمل وظن يردى وهو ما لم يقارن ذلك فلا بد من السعى درين دركاه سعى هيجكس ضايع نميكردد بقدر آنجه فرمان ميبرى فرمان روا كردى ٢٤ { فان يصبروا } فى النار على العذاب وامسكوا عن الاستغاثة والجزع مما هم فيه انتظارا للفرج زاعمين أن الصبر مفتاح الفرج { فالنار مثوى لهم } اى محل ثوآء واقامة ابدت لهم بحيث لا خلاص لهم منها فلا ينفعهم صبرهم والالتفات الى الغيبة للاشعار بابعدهم عن حيز الخطاب والابقاء فى غاية دركات النار { وان يستعتبوا } اى يسألوا العتبى وهو الرجوع الى ما يحبونه جزعا مما هم فيه { فما هم من المعتبين } اى المجابين الى العتبى فيكون صبرهم وجزعهم سوآء فى أن شيأ منهما لا يؤدى الى الخلاص ونظيره قوله تعالى { سوآء علينا اجزعنا ام صبرنا ما لنا من محيص } ( قال فى تاج المصادر ) الاعتاب خشنود كردن والاستعتاب ازكسى حق خواستن كه تراخشنود كندو آشتى خواستن وفى القاموس العتبى الرضى واستعتبه اعطاه العتبى كاعتبه وطلب اليه العتبى ضد وفى المفردات اعتبته ازلت عنه عتبه نحو اشكيته ومنه فما هم من المعتبين والاستعتاب ان يطلب من الانسان ان يذكر عتبه فيعتب والعتب الشدة والامر الكريه والغلظة التى يجدها الانسان فى نفسه على غيره ٢٥ { وقيضنا لهم } التقييض تقدير كردن وسبب ساختن اى قدرنا وقرنا للكفرة فى الدنيا { قرناء } جمع قرين اى اخدانا من شياطين الانس والجن واصدقاء يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض وهو القشر الاعلى وفيه حجة على القدرية فان هذا على التخلية بينهم وبين التوفيق لاجله صاروا قرناءهم وهم لا يقولون بموجب الآية { فزينوا لهم } اى قرناؤهم { ما بين ايديهم } من امور الدنيا واتباع الشهوات { وما خلفهم } من امور الآخرة حيث اروهم أن لا بعث ولا حساب ولا مكروه قط جعل امر الدنيا بين ايديهم كما يقال قدمت المائدة بين ايديهم والآخرة لما كانت تأتيهم بعد هذا جعلت خلفهم كما يقال لمن يجيىء بعد الشخش انه خلفه وهذا هو الذى تقتضيه ملاحظة الترتيب الوجودى وقيل ما بين ايديهم الآخرة لأنها قدامهم وهم متوجهون اليها وما خلفهم الدنيا لأنهم يتركونها خلفهم وفى عرآئس البيان زينت النفس الشهوات والشياطين التسويف والامهال وهذا ما بين ايديهم وما خلفهم قال الجنيد لا تألف النفس الحق ابدا وقال ابن عطاء النفس قرين الشيطان والفه ومتبعه فيما يشير اليه مفارق لحق مخالف له لا يألف الحق ولا يتبعه قال اللّه تعالى وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين ايديهم من طول الامل وما خلفهم من نسيان الذنوب در سر اين غافلان طول امل دانى كه جيست آشيان كردست مارى دركبو ترخانه { وحق عليهم القول } اى ثبت وتقرر عليهم كلمة العذاب وتحقيق موجبها ومصداقها وهى قوله { لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } ونحوه { فى امم } حال من الضمير المجرور اى كائنين فى جملة امم وقيل فى بمعنى مع وهذا كما ترى صريح فى ان المراد باعدآء اللّه فيما سبق المعهودون من عاد وثمود لا الكفار من الاولين والآخرين كما قيل { قد خلت } صفة الامم اى مضت { من قبلهم من الجن والانس } على الكفر والعصيان كدأب هؤلاء الكفار { انهم كانوا خاسرين } تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير للاولين والآخرين زنقد معرفت امروز مفلس زسود آخرت فردا تهى دست وفى كشف الاسرار اذا اراد اللّه بعبد خيرا قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعة ويدعونه اليها واذا اراد اللّه بعبد سوأ قيض له اخدان سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه اليها ومن ذلك الشيطان فانه مسلط على الانسان بالوسوسة وشر من ذلك النفس الامارة بالسوء تدعو اليوم الى ما فيه هلاكها وهلاك العبد وتشهد غدا عليه بما دعته اليه واوحى الى داود عليه السلام عاد نفسك يا داود فقد عزمت على معاداتك ولهذا قال عليه السلام ( رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر ) وفى الخبر ( من مقت نفسه فى ذات اللّه امنه اللّه من عذاب يوم القيامة ) قير ابو دقاق را قدس سره برسيدندكه خويشتن راجه كونه مى بينى كفت جنان مى بينم كه اكر بنجاه ساله عمر مرا بر طبقى نهندو كردهفت آسمان وهفت زمين يكردانند مرا از هيج ملك مقرب درآسان شرم نبايد داشت وازهيج آفريده در زمين حلالى نبايد خواست اى مردبدين صفت كه شنيدى بوقت نزع كوزه آب بيش وى داشتند كفتند در حرارت جان داد جكر را تبريدى بده كفت هنكام آن نيست كه اين دشمن اصلى را واين نفس ناكس را شربتى سازم نبايدكه جون قوت يابد دمار از من بر آرد نفس ازدهارست اوكى مرده است از غم بى آلتى فسرده است كربيابد آلتى فرعون او كه بامر او همى رفعت آب جو آنكه او بنياد فرعونى كند راه صد موسى وصد هارون زند واذا كانت النفس بهذه الشقاوة والخسارة فلا بد من اصلاحها وتزكيتها لئلا يحق عليها القول وتدخل النار مع الداخلين واصل الخسارة افساد الاستعداد الفطرى كأفساد بعض الأسباب البيضة فانها اذا فسدت لم ينتفع بها نسال اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الرابحين لا من الخاسرين وان يكون عونا لنا على النفس وابليس وسائر الشياطين ٢٦ { وقال الذين كفروا } من رؤساء المشركين لأعقابهم واشقيائهم او قال بعضهم لبعض { لا تسمعوا } مشنويد وكوش منهيد { لهذا القرأن } لسماعه { والغوا فيه } اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذى لا عن روية وفكر فيجرى مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور اى ائتوا فيه بالباطل من الكلام الذى لا طائل تحته وعارضوه بالخرافات وهى الهذيان والاحاديث التى لا اصل لها مثل قصة رستم واسفنديار وبانشاء الارجاز والاشعار وبالتصدية والمكاء اى التصفيق والصفير وارفعوا اصواتكم بها لتشوشوا على القارئ فيختلط عليه ما يقرأه { لعلكم تغلبون } اى تغلبونه على قرآءته فيترك القرآءة ولا يتمكن السامع ايضا من سماعه ارادوا بذلك التلبيس والتشويش الاذية وايضا خافوا من انه لو سمعه الناس لآمنوا به وكان ذلك غالبا شان ابى جهل واصحابه وفيه اشارة الى ان من شأن النفوس المتمردة انشاء اللغو والباطل وحديث النفس على الدوام اشتغالا للقلوب بها عن استماع الالهامات الربانية لعلها تغلب عليها ولم تعلم ان من استغرق فى سماع اسرار الغيب فليس له عما سوى اللّه خبر ولا لحديث النفس فيه اثر ٢٧ { فلنذيقن الذين كفروا } اى فواللّه لنذيقن هؤلاء القائلين واللاذعين او جميع الكفرة وهم داخلون فيهم دخولا اوليا { عذابا شديدا } لا يقادر قدره كما دل التنكير والوصف وهذا تهديد شديد لأن لفظ الذوق انما يذكر فى القدر القليل يؤتى به لأجل التجربة واذا كان ذلك الذوق وهو قدر قليل عذابا شديدا فقس عليه ما بعده وفيه اشارة الى ان اللّه تعالى اذا تجلى للقلوب احترقت النفوس بالفناء عن اوصافها وهو عذابها فكانت كأهل الجزية والخراج فى ارض الاسلام فكما كان اهل الايمان فى سلامة من اذاهم فكذا القلوب مع النفوس اذ لا كفر واعتراض مع الايمان والتسليم { ولنجزينهم اسوا الذى كانو يعملون } اى جزآء سيئات اعمالهم التى هى فى انفسها اسوأ فاذا كانت اعمالهم اسوأ كان جزآؤها كذلك فالاسوأ قصد به الزيادة المطلقة وانما اضيف الى ما عملوا للبيان والتخصيص وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما عذابا شديدا يوم بدر واسوأ الذى كانوا يعملون فى الآخره ٢٨ { ذلك } المذكور من الجزآء وهو مبتدأ خبره قوله { جزآء اعدآء اللّه } اى جزآء معد لاعدائه { النار } عطف بيان للجزآء او ذلك خبر مبتدأ محذوف اى الامر ذلك على أنه عبارة عن مضمون الجملة لا عن الجزآء وما بعده جملة مستقلة مبنية لما قبلها او النار مبتدأ خبره قوله { لهم فيها دار الخلد } اى هى بعينها دار اقامتهم لا انتقال لهم منهم على أن فى للتجريد لا للظرفية وهو ان ينتزع من امر ذى صفة امر آخر مثله مبالغة لكماله فيها كما يقال فى البيضة عشرون منا من حديد وقيل هى على معناها اى للظرفية والمراد أن لهم فى النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة هم فيها خالدون { جزآء بما كانوا بآياتنا يجحدون } منصوب بفعل مقدر أى يجزون جزاء والباء الاولى متعلقة بجزآء والثانية بيجحدون وقدمت عليه لمراعاة الفواصل اى بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا الحقة او يلغون فيها وذكر الجحود لكونه سببا للغو ٢٩ { وقال الذين كفروا } وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب { ربنا ارنا اللذين اضلانا من الجن والانس } اى ارنا الشيطانين اللذين حملانا على الضلال بالتسويل والتزيين من نوعى الجن والانس لأن الشيطان بين جنى وانسى بدليل قوله { شياطين الانس والجن } وقوله { من الجنة والناس } ويقال احدهما قابيل بن آدم سن القتل بغير حق والذى من الجن ابليس سن الكفر والشرك فيكون معنى اضلانا سنا لنا الكفر والمعصية كما فى عين المعانى ويشهد لهذا القول الحديث المرفوع ما من مسلم يقتل ظلما الا كان على ابن آدم كفل من دمه لأنه اول من سن القتل اخرجه الترمذى ويروى أن قابيل شدت ساقاه بفخذيه يدور مع الشمس حيث دارت يكون فى الشتاء فى حظيرة ثلج وفى الصيف فى حظيرة نار { نجعلهما تحت اقدامنا } اى ندسهما انتقاما منهما { ليكونا من الاسفلين } اى ذلا ومهانة او نجعلهما فى الدرك الاسفل من النار تشفيا منهما بذلك ليكونا من الاسفلين مكانا واشد عذابا منا وفى الآية اشارة الى أن النفوس اذا فنيت عن اوصافها بنار انوار التجلى وذاقت حلاوة القرب تلتمس من ربها اطلاعها على بقايا الاوصاف الشيطانية والحيوانية التى جبلت النفوس عليها ليمكنها منها فتجعلها تحت اقدام همتها بافنائها فتعلو بها الى مقامات القرب اذ بقية المقام الادنى لا تزول الا بالترقى الى المقام الاعلى وهكذا الى نهاية المقامات فعلى العبد ان يجتهد حتى يخرج من الدنيا مع فناء النفس لا مع بقائها فانه اذا خرج منها بالفناء خلص من الجزع والا وقع فيه كما وقع الكفرة ولا فائدة فى الجزع يوم القيامة وفى الآية تنبيه على أن الاخلاء يومئذ اعدآء فالخليل للمؤمن فى الدارين ليس الا اللّه وكان رجل له حبيب فتوفى فجزع عليه جزعا شديدا حتى صار مجنونا فذكر حاله لأبى يزيد البسطامى قدس سره فأتى اليه وهو مقيد فى دار المرضى فقال له ابو يزيد يا هذا غلطت فى الابتداء حيث احببت الحى الذى يموت وهلا احبب الحى الذى لا يموت فأفاق المجنون من جنونه واقبل على عبادة اللّه حتى صار من جملة الكبرآء ( وفى المثنوى ) جون زعلت وارهيدى اى رهين سركه رابكذار وميخور انكبين تخت دل معمور شد باك ازهوا بروى الرحمن على العرش استوى حكم بردل بعدازين بى واسطه حق كند جون يافت دل اين رابطه يشير الى أنه لا بد من رياضة النفس الى أن تتخلص من العلة فما دامت العلة فلتقنع بالخل فاذا ذهبت فقد حكم عليها القلب وليس شأنه الا ابقاء الحلاوى واطعام اللذائذ بل لو طهر السر عما سوى اللّه استوى الرحمن على عرش القلب فكان دوران العبد مع اللّه فى كل حال فلا يجد الا الحضور والسكون نسأل اللّه ذلك الفوز العظيم ٣٠ { ان الذين قالوا ربنا اللّه } اعترافا بربوبيته واقرارا بوحدانيته فربنا اللّه من باب صديقى زيد يفيد الحصر { ثم استقاموا } اى ثبتوا على الاقرار بقولهم ربنا اللّه ومقتضايته بان لا تزل قدمهم عن طريق العبودية قلبا وقالبا ولا تتخطاه وفيه يندرج كل العبادات والاعتقادات بصفة الدوام الى وقت الوفاة فثم للتراخى فى الزمان او فى الرتبة فان الاستقامة لها الشان كله يعنى ان المنتهى وهى الاستقامة لكونه مقصودا اعلى حالا من المبتدأ وهو الاقرار واستقامة الانسان لزومه للمنهج المستقيم وما روى عن الخلفاء الراشدين رضى اللّه عنهم فى معناها من الثبات على الايمان كما روى عن عمر رضى اللّه عنه ومن اخلاص العمل كما روى عن عثمان رضى اللّه عنه ومن ادآء الفرائض كما روى عن على رضى اللّه عنه فبيان لجزئياتها انس ابن مالك رضى اللّه عنه كفت آن روزكه اين آيت فرود آمد رسول خدا شاد شد وازشادى كفت امتى ورب الكعبة وذلك لان اليهود والنصارى لم تستقم على دينهم حتى قالوا عزير ابن اللّه والمسيح ابن اللّه ونحو ذلك وكفروا بنبوة رسول اللّه عليه السلام ومن الاستقامة ان لا يرى المرء النفع والضر الا من اللّه ولا يرجو من احد دون اللّه ولا يخاف احدا غيره وعن سفيان بن عبد اللّه الثقفى رضى اللّه عنه قلت يا رسول اخبرنى بأمر أعتصم به قال ( قل ربى اللّه ثم استقم ) قال قلت ما اخوف ما يخاف على فأخذ رسول اللّه بلسان نفسه وقال ( هذا ) وكان الحسن اذا تلا هذه الآية قال اللهم انت ربنا فارزقنا الاستقامة ( صاحب كشف الاسرار ) فرموده كه ربنا اللّه عبارت ازتوحيد اقرارست كه عائد مؤمنان راست ثم استقاموا اشارت بتوحيد معرفت كه عارفان وصديقان راست توحيد اقرار آنست كه اللّه رايكتا كويى وتوحيد معرفت آنست كنه اورايكتاشناسى يعنى ازهمه جهت بوحدت او بينا كردى با آنكه در عالم وحدت جهت نيست نى جهت مى كنجدا ينجا نى صفت نى تفكرنى بيان نى معرفت آتشى ازسروحدت برفروخت غيرواحد هرج بيش آمد بسوخت ابو يزيد بسطامى قدس سره وقتى برمقام علم ايستاده بود از توحيد اقرار نشان ميداد مريدى كت اى شيخ خدايرا شناسى كفت در كل عالم خود كسى باشدكه خدايراننشانسد يانداند وقتى ديكر غريق بحر توحيد معرفت بود وحريق نار محبت اورا كفتند صحبت باحق دوحرفست اجابت واستقامت اجابت عهدست استقامت وفا اجابت شريعت است واستقامت حقيقت درك شريعت هزارسال بساعتى درتوان يافت ودرك حقيقت ساعتى بهزار سال درنتوان يافت وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى يوم الميثاق لما خوطبوا بقوله { ألست بربكم قالوا بلى } اى ربنا اللّه وهم الذريات المستخرجة من ظهر آدم عليه السلام اقروا بربوبيته ثم استقامو على اقرارهم بالربوبية ثابتين على اقدام العبودية لما اخرجوا الى عالم الصورة ولهذا ذكر بلفظ ثم لأنه للتراخى فأقروا فى عالم الارواح ثم استقاموا فى عالم الاشباح وهم المؤمنون بخلاف المنافقين والكافرين فانهم اقروا ولم يستقيموا على ذلك فاستقامة العوام فى الظاهر بالاوامر والنواهى وفى الباطن بالايمان والتصديق واستقامة الخواص فى الظاهر بالتجريد عن الدنيا وترك ذينتها وشهواتها وفى الباطن بالتفريد عن نعيم الجنان شوقا الى لقاء الرحمن وطلب العرفان واستقامة الاخص فى الظاهر برعاية حقوق المتابعة على وفق المبايعة بتسليم النفس والمال وفى الباطن بالتوحيد فى استهلاك الناسوتية فى اللاهوتية ليستقيم باللّه مع اللّه فانيا عن الانانية باقيا بالهوية بلا ارب من المحبوب مكتفيا عن عطائه ببقائه ومن مقتضى جوده بدوام فنائه فى وجوده { تتنزل عليهم الملائكة } من جهته تعالى يمدونهم فيما يعرض لهم من الامور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الالهام كما أن الكفرة يمدهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح وكذا تتنزل عند الموت بالبشرى وفى القبر وعند البعث اذا قاموا من قبورهم { ان } مفسرة بمعنى اى او مخففة من الثقيلة والاصل بانه والهاء ضمير الشان اى يتنزلون ملتبسين بهذه البشارة وهى { ألا تخافوا } ما تقدمون عليه من امر الآخرة فلا ترون مكروها فان الخوف غم يلحق لتوقع المكروه { ولا تحزنوا } على ما خلفتم من اهل وولد فانه تعالى يخلفكم عليهم بخير ويعطيكم فى الجنة اكثر من ذلك واحسن ويجمع بينكم وبين اهاليكم واولادكم المسلمين فى الجنة فان الحزن غم يلحق من فوات نافع او حصول ضار وفى التأويلات النجمية الخوف انما يكون فى المستقبل من الوقت وهو بحلول مكروه او فوات محبوب والملائكة يبشرونهم بان كل مطلوب لهم سيكون وكل محذور لهم لا يكون والحزن من حزونة الوقت والذى هو راض بجميع ما يجرى مستسلم للاحكام الازلية فلا حزونة فى عيشه بل من يكون قائما باللّه وهائما فى اللّه دآئما مع اللّه لا يدركه الخوف والحزن والملائكة يبشرونهم ان لا تخافوا ولا تحزنوا على فوات العناية فى السابقة { وابشروا } اى سروا وبالفارسية شاد شويد فان الابشار شاد شدن { بالجنة التى كنتم توعدون } فى الدنيا على ألسنة الرسل هذا من بشارتهم فى احد المواطن الثلاثة وعن ثابت بلغنا اذا انشقت الارض يوم القيامة ينظر المؤمن الى حافظيه قائمين على رأسه يقولان له لا تخف ولا تحزن وابشر بالجنة الموعودة وانك سترى اليوم امورا لن ترى مثلها لا تهولنك فانما يراد بها غيرك وفى التأويلات النجية وابشروا بجنة الوصلة فان الوعد صار نقدا فما بقى الوعد والوعيد وما هو الا عيد فى القيد فاوعد اللّه للعوام من جميع الثواب للخواص من حسن المآب نقد لأخص الخواص من اولى الالباب ( ع ) جنت نقدست اينجا حالت ذوق وحضور ويقال لا تخافوا من عزل الولاية ولا تحزنوا على ما اسلفتم من الجناية وابشروا بحسن العناية فى البداية لا تخافوا فطالما كنتم من الخائفين ولا تحزنوا فقد كنتم من العارفين وابشروا بالجنة فلنعم اجر العاملين فرداهر جه شرايعست همه راقلم نسخ در كشند نماز وروزه حج وجهاد روا باشدكه بيابان رسد ومنسوخ شود اما عقد محبت وعهد معرفت هر كز نشايدكه منسوخ شود جون در بهشت روى هر روزى كه برتوبكزرد از شناخت حق سبحانه وتعالى برتو عالمى كشاده شودكه بيش از ان نبوده اين كاريست كه هركز بسرنيايد ومبادا كه بسر آيد تامن بريم بيشه وكارم اينست آرام وقرار وغمكسارم اينست روزم اينست وروز كارم اينست جوينده صيدم وشكارم اينست قال البقلى قدس سره عجبت ممن استقام مع اللّه فى مشاهدته وادراك جماله كيف يطيق الملائكة ان يبشروه ان الملك والفلك بين الحبيب والمحب وليس ورآء بشارة الحق بشارة فان بشارة الحق سمعوها قبل بشارة الملائكة بقوله { الا ان اولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ليس لهم خوف القطيعة ولا حزن الحجاب وهم فى مشاهدة الجبار وقول الملائكة ههنا معهم تشريف لهم لأنهم يحتاجون الى مخاطبة القوم وهم احباؤنا فى نسب المعرفة وخدامنا من حيت الحقيقة الا ترى كيف سجدوا لأبينا ٣١ { نحن اولياؤكم فى الحياة الدنيا } الخ من بشاراتهم فى الدنيا اى اعوانكم فى اموركم نلهمكم الحق ونرشدكم الى ما فيه خيركم وصلاحكم بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من ان ذلك بتوفيق اللّه وتأييده لهم بواسطة الملائكة قال جعفر رضى اللّه عنه من لاحظ فى اعماله الثواب والاغراض كانت الملائكة اولياءه ومن عملها على مشاهدته تعالى فهو وليه لأنه يقول { اللّه ولى الذين آمنوا } { وفى الآخرة } نمدكم بالشفاعة ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من التعادى والتخاصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ولاية الرحمة للعوام وولاية النصرة للخواص وولاية المحبة لأخص الخواص فبولاية الرحمة للعوام فى الحياة الدنيا يوفقهم لأقامة الشريعة وفى الآخرة يجازيهم بالجنة وبولاية النصرة للخواص فى الحياة الدنيا يسلطهم على اعدى عدوهم وهو نفسهم الامارة بالسوء ليجعلوها مزكاة من اخلاقها الذميمة واوصافها الدنيئة وفى الآخرة بجذبة ارجعى الى ربك وبولاية المحبة لأخص الخواص فى الحياة الدنيا يفتح عليهم ابواب المشاهدات والمكاشفات وفى الآخرة يجعلهم من اهل القربات والمعاينات ومن ولاية اللّه تعالى عفو الزلل فان الزلل لا يزاحم الازل ابو يزيد بسطامى قدس سره در راهى ميرفت او از جمعى بكوش رى رسيد خواست كه آن حال باز داند فرا رسيدكه كودكى را ديد در كل سياه افتاده وخلقى بنظاره ايستاده ناكاه مادر آن كودك از كوشه در دويد وخودرا درميان كل افكند وآن كودك را بر كرفت وبرفت ابو يزيد جون آن بديد وقتش خوش كشت نعره بزد ايستاده وميكفت شفقت بيامد آلايش ببرد ومحبت بيامد معصيت ببرد وعنايت بيامد جنايت ببرد العذر عندى لك مبسوط والذنب عن مثلك محطوط ( قال الحافظ ) بيوش دامن عفوى بذلت من مست كه آب روى شريعت بدين قدر نرود { ولكم } لا لغيركم من الاعدآء { فيها } اى فى الآخرة { ما تشتهى انفسكم } من فنون اللذآئذ { ولكم فيها ما تدعون } ما تتمنون وبالفارسية هرجه شما آرزو خواهيد افتعال من الدعاء بمعنى الطلب وهو اعم من الاول اذا لا يلزم ان يكون كل مطلوب مشتهى كالفضائل العلمية وان كان الاول اعم ايضا من وجه بحسب حال الدنيا فالمريض لا يريد ما يشتهيه ويضر مرضه الا ان يقال التمنى اعم من الارادة وعدم الاكتفاء بعطف ما تدعون على ما تشتهى بان يقول وما تدعون للاشباع فى البشارة والايذان باستقلال كل منهما ٣٢ { نزلا } رزقا كائنا { من غفور } للذنوب العظام مبدل للسيئات بالحسنات { رحيم } بالمؤمنين من اهل الطاعات بزيادة الدرجات والقربات قوله نزلا حال مما تدعون اى من الموصول او من ضميره المحذوف اى ما تدعونه مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة الى ما يعطون من عظائم الامور كالنزل وهو ما يهيأ للنزيل اى الضيف من الرزق كأنه قيل وثبت لكم فيها الذى تدعونه حال كونه كالنزل للضيف واما اصل كرامتكم فمما لا يخطر ببالكم فضلا عن الاشتهاء او التمنى وفى التأويلات النجمية نزلا اى فضلا وعطاء وتقدمة لما سيديم الى الازل من فنون الاعطاف واصناف الالطاف وذلك لأن عطاء اللّه تعالى يتجدد فى كل آن خصوصا لاهل الاستقامة من اكامل الانسان ويظهر فى كل وقت وموطن ما لم يظهر قبله وفى غيره ويكون ما فى الماضى كالنزل لما يظهر فى الحال ومن هنا قالوا ما ازداد القوم شربا الا ازدادوا عطشا وذلك لأنه لا نهاية للسير الى اللّه فى الدنيا والآخرة ( وفى المثنوى ) هركه جز ماهى زآبش سيرشد هركه بى روزيست روزش ديرشد وفيه اشارة الى ان بعض الناس لا نصيب له من العشق والذوق والتجلى ويومه ينقضى بالهموم وتطول حسرته ولذلك كان يوم القيامة خمسين الف سنة قال ابن الفارض فى آخر القصيدة الخمرية على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم ( وقال الصائب ) ازين جه سودكه دركلستان وطن دارم مراكه عمر جونركس بخواب ميكذرد ومن الناس من له نصيب من هذا الامر لكن لا على وجه الكمال ومنهم من لم يحصل له الرى اصلا وهو حال الكمل ( حكى ) ان يحيى بن معاذ الرازى رضى اللّه عنه كتب الى ابى يزيد البسطامى قدس سره سكرت من كثرة ما شربت من كأس حبه فكتب اليه ابو يزيد شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت اشار الى ان حصول الرى انما هو للضعفاء واما الاقوياء فانهم يقولون هل من مزيد ولو شربوا سبعة ابحر جعلنا اللّه واياك هكذا من فضله ٣٣ { ومن } استفهام والمعنى بالفارسية وكيست { احسن } نيكوتر { قولا } از جهت سخن { ممن دعا الى اللّه } اى الى توحيده وطاعته { وعمل صالحا } فيما بينه وبين ربه { وقال اننى من المسلمين } ابتهاجا بانه منهم او اتخاذا للاسلام دينا ونحلة اذ لا يقبل طاعة بغير دين الاسلام من قولهم هذا قول فلان اى مذهبه لا انه تكلم بذلك وفيه رد على من يقول انا مسلم ان شاء اللّه فانه تعالى قال مطلقا غير مقيد بشرط ان شاء اللّه وقال علماء الكلام ان قاله للشك فهو كفر لا محالة وان كان للتأدب مع اللّه واحالة الامور الى مشيئة اللّه او للشك فى العاقبة والمآل لا فى الآن والحال وللتبرك بذكر اللّه او التبرى من تزكية نفسه والاعجاب بحاله فجائز لكن الاولى تركه لما انه يوهم الشك وحكم الآية عام لكل من جمع ما فيها من الخصال الحميدة التى هى الدعوة والعمل والقول وان نزلت فى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم او فى اصحابه رضى اللّه عنهم او فى المؤذنين فانهم يدعون الناس الى الصلاة فان قلت السورة بكمالها مكية بلا خلاف والاذان انما شرع بالمدينة قلت يجعل من باب ما تأخر حكمه عن نزوله وكم فى القرءآن منه واليه ذهب بعض الحفاظ كابن حجر وغيره اعلم ان للدعوة مراتب الاولى دعوة الانبياء عليهم السلام فانهم يدعون الى اللّه بالمعجزات والبراهين وبالسيف وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان احسن قول قاله الانبياء والاولياء قولهم بدعوة الخلق الى اللّه وكان عليه السلام مخصوصا بهذه الدعوة كما قال تعالى { يا ايها النبى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى اللّه باذنه } وهو ان يكتفى باللّه من اللّه لم يطلب منه غيره خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا وقال وعمل صالحا اى كما يدعو الخلق الى اللّه يأتى بما يدعوهم اليه يعنى سلكوا طريق اللّه الى ان وصلوا الى اللّه وصولا بلا اتصال ولا انفصال فبسلوكهم ومناراتهم عرفوا الطريق الى اللّه ثم دعوا بعد ما عرفوا الطريق اليه الخلق الى اللّه وقال اننى من المسلمين لحكمه الراضين بقضائه وتقديره والمرتبة الثانية دعوة العلماء فانهم يدعون الى اللّه تعالى بالحجج والبراهين فقط ( قال الكاشفى ) اما ابو الليث فرموده كه مراد يعنى از آيت مذكوره علما اندكه معالم دين بمردم آموزند وعمل صالح ايشان آنست كه هرجه دانند بدان كار كنند بامحتسبانندكه قواعدامر معروف ونهى منكررا تمهيد دهند وعمل صالح ايشان صبر وتحمل است برآنجه بديشان رسد ازمكاره ثم ان العلماء ثلاثة اقسام عالم باللّه غير عالم بامر اللّه وعالم بامر اللّه غير عالم باللّه وعالم باللّه وبامر اللّه اما الاول فهو عبد استولت المعرفة الالهية على قلبه فصار مستغرقا فى مشاهدة الجلال وصفات الكبرياء فلا يتفرغ لتعلم علم الاحكام الا قدر ما لا بد له واما الثانى فهم الذين عرفوا الحلال والحرام ودقائق الاحكام ولكنهم لا يعرفون اسرار جلال اللّه وجماله اما مع الاقرار باصحاب هذا الشان او بانكارهم والثانى ليس من عداد العلماء واما العالم باللّه وباحكامه فهم الجامعون لفضائل القسمين الاولين وهم تارة مع اللّه بالحب والارادة وتارة مع الخلق بالشفقة والرحمة فاذا رجعوا الى الخلق صاروا معهم كواحد منهم كأنهم لا يعرفون اللّه واذا خلوا مع ربهم صاروا مشتغلين بذكره كأنهم لا يعرفون الخلق وهذا سبيل المرسلين والصديقين فالعارف يدعو الخلق الى اللّه ويذكر لهم شمائل القدم ويعرفهم صفات الحق وجلال ذاته ويحبب اللّه فى قلوبهم ثم يقول بعد كماله وتمكينه اننى واحد من المسلمين من تواضعه ولطف حاله از زنك كبر آينه خويش ساده كن ... درزير با نظر كن وحج بياده كن والمرتبة الثالثة الدعوة بالسيف وهى للملوك فانهم يجاهدون الكفار حتى يدخلون فى دين اللّه وطاعته فالعلماء خلف الانبياء فى عالم الارواح والملوك خلف الانبياء فى عالم الاجسام والمرتبة الرابعة دعوة المؤذنين الى الصلاة وهى اضعف مراتب الدعوة الى اللّه وذلك أن ذكر كلمات الاذان وان كان دعوة الى الصلاة لكنهم يذكرون تلك الالفاظ الشريفة بحيث لا يحيطون بمعناها ولا يقصدون الدعوة الى اللّه فاذا لم يلتفتوا الى مال الوقف وراعوا شرآئط الاذان ظاهرا وباطنا وقصدوا بذلك مقصدا صحيحا كانوا كغيرهم من اهل الدعوة فضيل رفيده كفت مؤذن بودم در روزكار اصحاب رضى اللّه عنهم عبد اللّه بن مسعود وعاصم بن عبرة مراكفت جون زبانك نماز فارغ شوى بكو وانامن المسلمين نبينى كه رب العالمين كفت وقال اننى من المسلمين وفى الحديث ( الملك فى قريش والقضاء للانصار والاذان للحبشة ) وفيه مدح لبلال الحبشى رضى اللّه عنه وكذا فى الآية تعظيم لشأنه خصوصا لأنه مؤذن الداعى الى اللّه على بصيرة وهو المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( صاحب عين المعانى ) آورده كه جون بلال بانك نماز آغاز كردى يهود كفتندى كلاغ ندا مى كند وبنماز ميخواند وسخنان بيهوده برزبان ايشان كذتشى اين آيت نازل شد وبرتقديرى كه مؤذنان باشند عمل صالح ايشان آنست درميان اذان واقامت دو ر كعت نماز كذارند قال عمر رضى اللّه عنه لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا احج ولا اجاهد ولا اعتمر بعد حجة الاسلام ( صاحب كشف الاسرار ) فرموده كه حق جل وعلا مؤذنان امت احمدبنج كرامت كرده حسن الثناء وكمال العطاء ومقارنة الشهداء ومرافقة الانبياء والخلاص من دار الشقاء كرامت اول ثناء جميل است وسند خداوند كريم كه در حق مؤذن ميكويد ومن احسن قولا الخ احسن برلفظ مبالغت كفت همجنانكه تعظيم قرآنرا كفت اللّه نزل احسن الحديث قرآن احسن الآيات است وبانك نماز احسن الكلمات زيرا دروتكبير وتعظيم واثبات وحدانيت خداوند اعلى واثبات نبوت مصطفى وفى الخبر ( من كثرت ذنوبه فليؤذن بالاسحار ) عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه كفت يارصول اللّه اين وقت سحررا باين معنىجه خاصيت است كفت والذى بعث بالحق محمدا ان النصارى اذا ضربت نواقيسها فى ادبارها فيثقل العرش على مناكب حملة العرش فيتوقعون المؤذنين من امتى فاذا قال المؤذن اللّه اكبر اللّه اكبر خف العرش على مناكب حملة العرش قال الامام السيوطى رحمه اللّه اول ما حدث التسبيح بالاسحار على المنابر فى زمن موسى عليه السلام حين كان بالتيه واستمر بعده الى أن كان زمن داود عليه السلام وبنى بيت المقدس فرتب فيه عدة قومون بذلك البيت على الآلات وبغيره بلا آلات من الثلث الاخير من الليل الى الفجر الى ان خرب بيت المقدس بعد قتل يحيى عليه السلام وقام اليهود على عيسى عليه السلام فبطل ذلك فى جملة ما بطل من شرآئع بنى اسرآئيل واما فى هذه الملة المحمدية فكان ابتداء عمله بمصر وسببه ان مسلمة بن مخلد الصحابى رضى اللّه عنه بنى وهو امير مصر منارا بجامع عمرو واعتكف فيه فسمع اصوات النواقيس عالية فشكا ذلك الى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال انى امد الاذان من نصف الليل الى قرب الفجر فانهم لا ينقسون اذا اذنت ففعل ثم لما كان احمد بن طولون رتب جماعة نوبا يكبرون ويسبحون ويحمدون ويقولون قصائد زهدية وجعل لهم ارزاقا واسعة ومن ثمة اتخذ الناس قيام المؤذنين فى الليل على المنابر فلما ولى السلطان صلاح الدين بن ايوب امر المؤذنين فى وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الاشعرية فواظب المؤذنون على ذكرها كل ليلة الى وقتنا هذا انتهى يقول الفقير آل الامر فى زمننا هذا فى بلاد الروم الى أن السلاطين من ضعف حالهم فى الدين صاروا مغلوبين فانتقل كثير من البلاد الاسلامية الى اهل الحرب فجعلوا المساجد كنائس فى ايدى المسلمين الى الوهن والهدم بحيث تخربت بعض المحلات بالكلية مع المساجد الواقعه فيها وتعطل بعضها عن العمار من المسلمين بسبب توطن اهل الذمة فيها وبقيت المساجد بينهم غريبة فتعالوا نبك على غربة هذا الدين واما كمال العطاء فما روى أن النبى عليه السلام قال ( المؤذنون امناء المؤمنين على صلاتهم وصيامهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون اللّه شيأ الا اعطاهم ولا يشفعون بشىء الا شفعوا فيه قال ويغفر للمؤذن مدى صوته ) يعنى آمرزيده ميشويد مؤذن بمقدار آنكه آوازوى رسد ويشهد له كل شىء سمع صوته من شجر او حجر او مدر او رطب او يابس ويكتب للمؤذن بكل انسان صلى معه فى ذلك المسجد مثل حسناته واما مقارنة الشهدآء فما روى أن النبى عليه السلام قال ( من اذن فى سبيل اللّه ايمانا واحتسابا جمع بينه وبين الشهدآء فى الجنة ) واما مرافقة الانبياء فما روى أن رجلا جاء الى النبى فقال يا رسول اللّه من اول الناس دخولا الجنة قال ( الانبياء ) قال ثم من قال الشهدآء قال ثم من قال ( مؤذنوا مسجدى هذا ) قال ثم من قال ( سائر المؤذنين على قدر اعمالهم ) وقال عليه السلام ( من أذن عشرين سنة متوالية اسكنه اللّه مع ابراهيم عليه السلام فى الجنة ) واما الخلاص من دار الاشقياء فما روى أن النبى عليه السلام قال ( اذا قال المؤذن اللّه اكبر اللّه اكبر اغلقت ابواب النيران السبعة واذا قال اشهد ان لا اله الا اللّه فتحت ابواب الجنة الثمانية واذا قال اشهد أن محمدا رسول اللّه اشرفت عليه الحور العين واذا قال حى على الصلاة تدلت ثمار الجنة واذا قال حى على الفلاح قالت الملائكة افلحت وافلح من اجابك واذا قال اللّه اكبر اللّه اكبر قالت الملائكة كبرت كبيرا وعظمت عظيما واذا قال لا اله الا اللّه قال اللّه تعالى حرمت بدنك وبدن من اجابك على النار ) وفى الحديث ( المؤذنون اطول الناس اعناقا يوم القيامة ) اى يكونون سادات واكثر الناس ثوابا او جماعات او رجاء لأن من رجا شيأ اطال اليه عنقه والناس حين يكونون فى الكرب يكون المؤذنون اكثر رجاء بأن يؤذن لهم فى دخول الجنة كان ذلك جزآء مد أعناقهم عند رفع اصواتهم او طول العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن او معناه اذا وصل العرق الى افواه الناس يوم القيامة طالت اعناق المؤذنين فى الحقيقة لئلا ينالهم ذلك ومن اجاب دعوة المؤذنين يكون معه قال الفقهاء يقطع سامع الاذان كل عمل باليد والرجل واللسان حتى تلاوة القرآن ان كان فى غير المسجد وان كان فيه فلا يقطع ولا يسلم على احد واما رده فقد اختلفوا فيه فقيل يجوز وقيل لا يجوز ويشتغل بالاجابة واختلفوا فى الوجوب والاستحباب فقال بعضهم الاجابة واجبة عند الاذان والاقامة منهم صاحب التحفة والبدآئع وقال الآخرون هى مستحبة وعليه صاحب الهداية ويستحب ان يقول عند سماع الاولى من الشهادة الثانية صلى اللّه تعالى عليك يا رسول اللّه وعند سماع الثانية قرة عينى بك يا رسول اللّه ثم يقول اللهم متعنى بالسمع والبصر بعد وضع ظفر الابهامين على العينين كما فى شرح القهستانى وفى تحفة الصلوات للكاشفى صاحب التفسير نقلا عن الفقهاء الكبار ويقول بعد الاذان اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته ويقول عند اذان المغرب خصوصا اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك واصوات دعاتك فاغفر لى واول من اذن فى السماء جبرائيل وأم ميكائيل عليهما السلام عند البيت المعمور واول من أذن فى الاسلام بلال الحبشى رضى اللّه عنه وكان اول مشروعيته فى اذان الصبح قالت النوار ام زيد بن ثابت كان بيتى اطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من اول ما أذن الى ان بنى رسول اللّه عليه السلام مسجده فكان يؤذن بعده على ظهر المسجد وقد رفع له شىء فوق ظهره واول من اقام عبد اللّه بن زيد وزاد بلال فى اذان الصبح بعد الحيعلات الصلات خير من النوم مرتين فاقرها عليه السلام اى اليقظة الحاصلة للصلاة خير من الراحة الحاصلة بالنوم ويقول المجيب عنده صدقت وبالخير نطقت وعند قوله فى الاقامة قد قامت الصلاة اقامها اللّه وادامها ويقيم من اذن لا غيره الا بأذنه وفى بعض الروايات أنه عليه السلام اذن مرة واحدة فى السفر على راحلته ويروى ان بلالا كان يبدل الشين فى اشهد سينا فقال عليه السلام ( سين بلال عند اللّه شين ) كما فى انسان العيون ( وفى المثنوى ) آن بلال صدق در بانك نماز ... حى راهى هى همى خواند ازنياز تابكفتنداى بيمبر ينست راست ... اين خطا اكنون كه آغاز بناست اى نبى و اى رسول كردكار ... يك موذن كو بود افصح بيار عيب باشد اول دين وصلاح ... لحن خواندن لفظ حى على الفلاح خشن بيغمبر بجوشيد و بكفت ... يك دو رمزى از عنايات نهفت كاى خسان نزدخداى هى بلال ... بهتر از صد حى حى وقيل وقال وامشوا رانيد تا من را زتان ... و انكويم آخر و آغاز تان وأول من زاد الاذان الاول فى الجمعة عثمان رضى اللّه عنه زاده ليؤذن اهل السوق فيأتون الى المسجد وكان فى زمانه عليه السلام و زمان ابى بكر رضى اللّه عنه وعمر رضى اللّه عنه اذان واحد حين يجلس الامام على المنبر والتذكير قبل الاذان الاول الذى هو التسبيح احدث بعد السبعمائة فى زمن الناصر محمد بن قلوون لاجل التبكير المطلوب فى الجمعة واول ما احدثت الصلاة والسلام على النبى عليه السلام بعد تمام الاذان فى زمن السلطان المنصور الحاجى ابن الاشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلوون فى اواخر القرن الثامن واول من احدث اذان اثنين معا بنوا امية واول من وضع احدى يديه عند اذنيه فى الاذان ابن الاصم مؤذن الحجاج بن يوسف وكان المؤذنون يجعلون اصابعهم فى اذانهم واول من رقى منارة مصر للاذان شرحبيل المذكور وفى عرافته بنى مسلمة المنابر للأذان بامر معاوية ولم تكن قبل ذلك واول من عرف على المؤذنين سالم بن عامر اقامه عمرو بن العاص فلما مات عرف عليهم اخاه شرحبيل واول من رزق المؤذنين عثمان رضى اللّه عنه والجهر واجب فى الاذان لأعلام الناس ولذا سن ان يكون فى موضع عال ولو اذن لنفسه خافت واما التكبيرات فى الصلاة فالمؤذن يرفع صوته لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين فان كان فى صوت الامام كفاية فالتبليغ مكروه كما فى انسان العيون يقول الفقير اما سر عدد المنارات فى الحرم النبوى وهى اليوم خمس فاشارة الى الاوقات الخمسة فهو صورة الدعوات الخمس فى الساعات الاربع والعشرين المشتمل عليها الليل والنهار واول من قدر الساعات الاثنتى عشرة نوح عليه السلام فى السفينة ليعرف بها مواقيت الصلوات واما سر عددها فى الحرم المكى وهى سبع الآن فاشارة الى مراتب الدعوة الى الفناء وهى سبع عدد الاسماء السبعة التى آخرها القهار فان الكعبة اشارة الى الذات الاحدية ومراتبها عروجا هى مراتب الفناء اذ البقاء انما هو بعد النزول ولذا امر عليه السلام بالهجرة الى المدينة لتتحقق مرتبة البقاء فللكعبة منارة اخرى هى الثامنة من المنارات وهى منارة البقاء لكنها فى بطن الكعبة مدفونة تحتها ولم يكن لها ظهور فوق الارض الا بحسب المكاشفة كوشفت عنها حين مجاورتى فى الحرم وكان للحرم المكى فى الاوآئل خمسون منارة على ما طالعته فى تاريخ القطبى بعضها فى الحرم وبعضها على رؤوس الجبال التى هى بينها كل ذلك لاعلام الاوقات فهى اشارة الى اصل الصلوات المفروضة ليلة المعراج وهى خمسون حتى خففها اللّه تعالى فبقيت منها خمس ولله فى كل شىء حكمة عجيبة ومصلحة بديعة ٣٤ { ولا تستوى الحسنة ولا السيئة } بيان لمحاسن الاعمال الجارية بين العبد وبين الرب ترغيبا لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم فى الصبر على اذية المشركين ومقابلة اسائتهم بالاحسان ولا الثانية مزيدة لتأكيد النفى اى لا تستوى الخصلة الحسنة والسيئة فى الجزآء وحسن العاقبة فانك اذا صبرت على اذتهم وجهالتهم وتركت الانتقام منهم ولم تلتفت الى سفاهتهم فقد استوجبت التعظيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة وهم بالضد من ذلك فلا يكن اقدامهم على تلك السيئة مانعا لك من الاشتغال بهذه الحسنة واذا فسرت الحسنة والسيئة بالجنس على ان يكون المعنى لا تستوى الحسنات اذ هى متفاوته فى انفسها كشعب الايمان التى ادناها اماطة الاذى ولا السيئات لتفاوتها ايضا من حيث انها كبائر وصغائر لم تكن زيادة لا الثانية لتأكيد النفى على ما اشير اليه فى الكشاف { ادفع بالتى هى احسن } بيان لحسن عاقبة الحسنة اى ادفع السيئة حين اعترضتك من بعض اعاديك بالتى هى احسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالاحسان الى من اساء فانه احسن من العفو. بدى را بدى سهل باشد جزا ... اكر مردى احسن الى من اسا وكان عليه السلام يقول ( صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من اساء اليك ) وما امر عليه السلام غيره بشىء الا بعد التخلق به واخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال كيف اصنع مع ان الظاهر ان يقول فادفع بالفاء السببية للمبالغة ولذلك وضع احسن موضع الحسنة لأنه ابلغ فى الدفع بالحسنة فان من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها { فاذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم } بيان لنتيجة الدفع المأمور به اى فاذا فعلت صار عدوك المشاق اى المخالف مثل الولى الشفيق روى انها نزلت فى ابى سفيان ابن حرب وذلك انه لان للمسلمين بعد الشدة اى شدة عداوته بالمصاهرة التى جعلت بينه وبين النبى عليه السلام ثم اسلم فصار وليا بالاسلام حميما بالقرابة ازامام اعظم نقلست كسى بمن رسانندكه مرابدمى كويد من درشان او سخن نيكو ترمى كويم تاوقتى من يابم كه او نيكويىء من ميكويد بدى درقفا عيب من كردوخفت ... بترز و قريبى كه آو رد وكفت عدو را بالطاف كردن ببند ... كه نتوان بريدن بتيغ اين كمند جودشمن كرم بيندولطف وجود ... نيايد دكر خبث ازو در وجود جو بادوست دشوار كيرى وتنك ... نخواهد كه بيند ترا نقش رنك وكرخواجه بادشمنان نيك خوست ... كسى برنيايدكه كردند دوست قال البقلى بين اللّه ههنا ان الخلق الحسن ليس كالخلق السيىء وامرنا بتبديل الاخلاق المذمومة بالاخلاق المحمودة واحسن الاخلاق الحلم اذ يكون به العدو صديقا والبعيد قريبا حين دفع غضبه بحلمه وظلمه بعفوه وسوء جانبه بكرمه قال ابن عطاء لا يستوى من احسن الدخول فى خدمتنا والخروج منها ومن اساء الادب فى الخدمة فان سوء الادب فى القرب اصعب من سوء الادب فى البعد فقد يصفح عن الجهال فى الكبائر ويؤاخذ الصديقون باللحظة والالتفات ٣٥ { وما يلقاها } التلقية جيزى بيش كسى آوردن اى وما يلقى وما يعطى هذه الخصلة والسجية التى هى مقابلة الاساءة بالاحسان وبالفارسية وندهند اين خصلت كه مقابله بديست بينكى { الا الذين صبروا } اى شأنهم الصبر فانها تحبس النفس عن الانتقام { وما يلقاها } وعطا نكنند اين خصلت وصفت { الا ذو حظ عظيم } من الفضائل النفسانية والقوة الروحانية فان الاشتغال بالانتقام لا يكون الا لضعف النفس وتأثرها من الواردات الخارجية فان النفس اذا كانت قوية الجوهر لم تتأثر من الواردات الخارجية واذا لم تتأثر منها لم يصعب عليها تحمل ولم تشتغل بالانتقام والحاصل انه يلزم تزكية النفس حتى يستوى الحلو والمر ويكون حضور المكروه كغيبته ففى الآية مدح لهم بفعل الصبر والحظ النصيب المقدر قال الجنيد قدس سره فى قوله وما يلقاها الا ذو حظ عظيم اى ما يوفق لهذا المقام الا ذو حظ من عناية الحق فيه وقال ابن عطاء ذو معرفة باللّه وايامه ٣٦ { واما ينزغنك من الشيطان نزغ } اصله ان ما على ان ان شرطية وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط والاستلزام فلذا لحقت نون التأكيد بفعل الشرط فانها لا تلحق الشرط ما لم يؤكد والنزع شبه النخس كما فى الارشاد شبه به وسوسة الشيطان لانها بعث على الشر وتحريك على ما لا ينبغى وجعل نازغا على طريقة جد جده فمن ابتدآئية اى نزغ صادر من جهته او اريد واما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر فكلمة من تجريدية جرد من الشيطان شيطانا آخر وسمى نازغا والمعنى وان يوسوس اليك الشيطان ويصرفك عما وصيت به من الدفع بالتى هى احسن ودعاك الى خلافه { فاستعذ باللّه } من شره ولا تطعه { انه هو السميع } باستعاذتك { العليم } بنيتك وفى جعل ترك الدفع بالاحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه وفى الآية اشارة الى ان النبى او الولى لا ينبغى ان يكون آمنا من مكر اللّه وان الشيطان صورة مكر الحق تعالى بل يكون على حذر من نزغاته فليستعذ باللّه من همزاته فلا يذرها ان تصل الى القلب بل يرجع اليه فى اول الخطرة فانه ان لم يخالف اول الخطرة صار فكرة ثم بعد ذلك يحصل العزم على ما يدعو اليه الشيطان ثم ان لم يتدارك ذلك تحصل الزلة فان لم يتدارك بحسن الرجعة صار قسوة ويتمادى به الوقت فهو يخطر كل آفة ولا يتخلص العبد من نزغات الشيطان الا بصدق الاستعانة باللّه والاخلاص فى العبودية قال اللّه تعالى { ان عبادى ليس لك عليهم سلطان } فكلما زاد العبد فى تبريه من حوله وقوته واخلص بين يدى اللّه تعالى بتضرعه واستعانته زاد اللّه فى حفظه ودفع اللّه الشيطان عنه بل يسلط عليه ليسلم على يديه كذا فى التأويلات النجمية قال البقلى هذا تعليم لامته اذ كان الشيطان اسلم على يده قال فى حياة الحيوان اجمعت الامة على عصمة النبى عليه السلام من الشيطان وانما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته له واغوائه فاعلمنا انه معنا لنحترز منه حسب الامكان آدمىرا دشمن بنهان بسيست ... آدمىء باحذر عاقل كسيست وفى الحديث ( ما منكم من احد الا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة ) قالوا واياك قال ( واياى ولكن اللّه اعاننى عليه فاسلم فلا يأمرنى الا بخير ) قال سفيان ابن عيينة معناه فاسلم من شره فان الشيطان لا يسلم وقال غيره هو على صيغة الفعل الماضى ويدل عليه ما قاله عليه السلام ( فضلت على آدم بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى اللّه عليه فاسلم وكن ازواجى عونا لى وكان شيطان آدم كافرا وزوجته عونا على خطيئته ) فهذا صريح فى اسلام قرين النبى عليه السلام وان هذا خاص بقرين النبى عليه السلام فيكون عليه السلام مختصا باسلام قرينه كذا فى آكام المرجان يقول الفقير لا شك ان الشيطان لا يدخل فى دآئرة الاسلام حقيقة كما ان النفس لا تتبدل حقيقتها كما قال يوسف الصديق عليه السلام ان النفس لامارة بالسوء بل تتبدل صفتها فالنبى والولى والعدو فى هذا سوآء الا ان النبى معصوم والولى محفوظ والعدو موكول ولذا لم يقولوا ان النبى والولى ليس لهما نفس اصلا بل قالوا هو معصوم ومحفوظ فدل على اصل النفس وهذا من مزالق الاقدام فلا بد من حسن الفهم وصحة الكشف فمعنى اسلام شيطان النبى عليه السلام دخوله فى السلم كأهل الذمة فى دار الاسلام حيث لا يقدرون على اذية المسلمين بحال ولكن فرق بين اسلام قرين النبى وقرين الولى كما دل عليه لفظ العصمة والحفظ فان العصمة تعم الذات كلها والحفظ يتعلق بالجوارح مطلقا ولا يشترط استصحابه فى السر فقد تخطر للولى خواطر لا يقتضيها طريق الحفظ لكن يظهر لها حكم على الجوارح ( صاحب كشف الاسرار ) فرموده كه نزغ شيطان سورة غضب است يعنى تيزئ خشم كه ازحد اعتدال در كذرد وبتهود كشد وازان خصلتهاى بدخيزد جون كبروعجب وعداوت اما اصل خشم ازخود بيفكندن ممكن نباشد زيراكه آن در خلقت است وجون از حداعتدال بكاهد بددلى بود وبى حميمتى باشد وجون معتدل بود آنرا شجاعت كويند واز ان حلم وكرم وكظم غيظ خيزد وفى الخبر ( خلق الغضب من النار التى خلق منها ابليس ) وفى الحديث ( الغضب من نار الشيطان ) ألا ترى الى حمرة عينيه وانتفاخ اوداجه والمتغاضبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان يعنى دوكس بريكديكر غضب ميكند باطل ميكويد ودروغ ميسازندفان التهاتر بريكديكر دعوئ باطل كردن كما فى تاج المصادر وقال صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( اذا غضبت وكنت قائما فاقعد وان كنت قاعدا فقم فاستعذ باللّه من الشيطان ) عصمنا اللّه واياكم من كيده ورد مكره اليه فلا نتوكل ولا نعتمد الا عليه ٣٧ { ومن آياته } وازنشانهاى قدرت الهيست { الليل والنهار } قال الامام المرزوقى الليل بازآء النهار والليلة بازآء اليوم { والشمس } المشتمل عليها النهار يعنى خورشيد عالم آراى جون جام سيماب { والقمر } المشتمل عليه الليل يعنى هيكل ماه كاه جون نعل زرين وكاه جون سر سيمين كل منها مخلوق من مخلوقاته مسخر لأمره يعنى تعاقب الليل والنهار على الوجه الذى يتفرع عليه منافع الخلق ومصالحهم وتذلل الشمس والقمر لما يراد منهما من اظهر العلامات الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وكمال علمه وحكمته بر صنع اله بيعدد برهانست ... در برك كلى هزار كون الوانست روزارجه سيبد وروشن وتابانست ... آنرا كه نديد روز شب يكسانست رب العزة كفت ربى اكر خواهى كه در ولا يتم نكرى لله ملك السموات والارض واكر خواهى كه در سباهم نكرى لله جنود السموات والارض و رخواهى كه در فعلم نكرى فانظر الى آثار رحمة اللّه كيف يحيى الارض بعد موتها درخواهى كه درصنعم نكرى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر وخواهى كه فردا درمن نكرى امروز از صنع من بامن نكر بديده دل الم تر الى ربك كيف مد الظل تا فردا بفضل من دو نكرى بديده سر وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر } لأنهما من جملة مخلوقاته المسخرة لاوامره مثلكم والمراد الامر التكوينى لا التكليفى اذ لا علم لهما ولا اختيار عند اهل الظاهر واما عند اهل الحقيقة فالامر بخلافه ويدل عليه ( قول الشيخ سعدى ) همه ازبهر توسر كشته وفرمان بردار شرط انصاف نباشدكه توفرمان نبرى { واسجدوا لله الذى خلقهن } الضمير للاربعة لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الانثى وان كان المناسب تغليب المذكر وهو ما عدا الشمس على المؤنث وهو الشمس او لأنها عبارة عن الايات وتعليق الفعل بالكل مع كفاية بيان مخلوقية الشمس والقمر للايذان بكمال سقوطهما عن رتبة المسجودية بنظمهما فى سلك الاغراض التى لا قيام لها بذاتها وهو السر فى نظم الكل فى آياته تعالى ( وفى المثنوى ) آفتاب از امر حق طباخ ماست ... ابلهى باشدكه كوييم او خداست آفتابت كر بكيرد جون كنى ... آن سياهى زونو جون بيرون كنى نى بدركاه خدا آرى صداع ... كه سياهى را ببر داده شعاع كر كشندن نيمشب خورشيد كو ... تا نيابى با امان خواهى ازو حادثات اغلب بشب واقع شود ... و ان زمان معبود تو غايب بود سوى حق كر راستانه خم شوى ... وار هى از اختران محرم شوى { ان كنتم اياه } تعالى لا غيره { تعبدون } اى ان كنتم تعبدون اياه لا تسجدوا لغيره فان السجود اقصى مراتب العبادة فلا بد من تخصيصه بدتعالى ولعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين فى عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله فنهوا عن هذه الواسطة فامروا ان لا يسجدوا الا اللّه الذى خلق الاشياء فان قيل لم لم يجز أن تكون الشمس قبلة للناس عند سجودهم لنا لأنها جوهر مشرق عظيم الرفعة لها منافع فى صلاح احوال الخلق فلو اذن فى جعلها قبلة فى الصلاة بان يتوجه اليها ويركع ويسجد نحوها لربما غلب على بعض الاوهام أن ذلك الركوع والسجود للشمس لا لله بخلاف الاحجار المعينة فانها ليس فى جعلها قبلة ما يوهم الالهية وعن عكرمة قال ان الشمس اذا غربت دخلت بحرا تحت العرش فتسبح اللّه حتى اذا هى اصبحت استعفت ربها من الخروج فقال الرب ولم ذلك والرب اعلم قالت انى اذا خرجت عبدت من دونك فقال لها الرب اخرجى فليس عليك من ذلك شىء حسبهم جهنم ابعثها اليهم من ثلاثة عشر ألف ملك يقودونها حتى يدخلوهم فيها وفى الحديث ( ليس فى امتى رياء ان رأوا فبالاعمال فاما الايمان فثابت فى قلوبهم امثال الجبال واما الكبر فان احدهم اذا وضع جبهته لله تعالى ساجدا فقد برئ من الكبر ) ٣٨ { فان استكبروا } اى تعظموا عن امتثال امرك فى ترك السجود لغير اللّه وابوا الا اتخاذ الواسطة فذلك لا يقلل عدد من يخلص عبادته لله { فالذين عند ربك } فان الملائكة المقربين عند اللّه فهو علة للجزآء المحذوف { يسبحون له } ينزهونه عن الانداد وسائر ما لا يليق به { بالليل والنهار } اى دآئما وفى جميع الاوقات وظهر من هذا التقرير أن تخصيص الملائكة مع وجود غيرهم من العباد المخلصين لكثرتهم وايضا الشمس والقمر عندهم فيردون العبادة عنهما غيرة بتخصيصها باللّه تعالى { وهم لا يسئمون } السامة الملالة اى لا يفترون ولا يملون من التسبيح والعبادة فان التسبيح منهم كالتنفس من الناس وبالفارسية وايشان ملول وسيرنمى شوند ازكثرت عبادت وبسيارئ ستايش وبرستش روى أن لله ملكا يقال له حوقبائيل له ثمانية عشر الف جناح ما بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام فخطر له خاطر هل فوق العرش شىء فزاده اللّه مثلها اجنحة اخرى فكان له ستة وثلاثون ألف جناح بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام ثم اوحى اللّه ايها الملك طر فطار مقدار عشرين ألف سنة فلم ينل راس قائمة من قوائم العرش ثم ضاعف اللّه له فى الجناح والقوة وامره أن يطير فطار مقدار ثلاثين ألف سنة فلم ينل ايضا فأوحى اللّه اليه ايها الملك لو طرت الى نفخ الصور مع اجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشى فقال الملك سبحان ربى الاعلى فانزل اللّه سبح اسم ربك الاعلى فقال عليه السلام ( اجعلوها فى سجودكم ) قال عبد العزيز المكى فى هذه الآية سبحان الذى من عرفه لا يسأم من ذكره سبحان الذى من انس به استوحش من غيره سبحان الذى من احبه اعرض بالكلية عما سواه وفى التأويلات النجمية لا تتخذوا ما كشف لكم عند تجلى شمس الروح من المعقولات وانواع العلوم الدقيقة مقصدا ومعبدا كما اتخذت الفلاسفة ولا تتخذوا ايضا ما شهدتم عند تجلى شواهد الحق فى قمر القلب من المشاهدات ومكاشفات العلوم الدينية مقصدا ومعبدا كما اتخذ بعض ارباب السلوك ووقفوا عند عقبات العرفان والكرامات فشغلوا بالمعرفة عن المعروف وبالكرامات عن المكرم واتخذوا المقصود والمعبود حضرة جلال اللّه الذى خلق ما سواه منازل السائرين به اليه ان كنتم من جملة المحبين الصادقين الذين اياه يعبدون طمعا فى وصاله والوصول اليه لا من الذين يعبدونه خوفا من النار وطمعا فى الجنة فان استكبر اهل الاهوآء والبدع ولا يوفقون للسجود بجميع الوجود فالذين عند ربك من ارواح الانبياء والاولياء ينزهونه عن احتياجه الى سجدة احد من العالمين وهم لا يسئمون من التسبيح والتنزيه ( قال الكاشفى ) اين سجده يازدهم است از سجدات قرآنى و حضرة شيخ اكبر قدس سره الاطهر در فتوحات اين را سجده احتماد كفت وفرموده كه اكر در آخر آيت اولى سجده ايشان شرط باشدجه مقارنست يقول ان كنتم اياه تعبدون واكر بعد ازآيت دوم بسجود دروند سجده نشاط و محبت بودجه مقرونست باين كلمات وهم لا يسأمون والحاصل أن قوله تعبدون موضح السجود عند الشافعى ومالك لاقتران الامر به يعنى تاسجده مقترن امر باشد وعند ابى حنيفة وفى وجه عن الشافعى وعند احمد آخر الآية وهم لا يسأمون لأنه تمام المعنى وكل من الائمة على اصله فى السجود فابو حنيفة هو واجب ومالك وهو فضيلة والشافعى واحمد هو سنة ٣٩ { ومن آياته } دلائل قدرته تعالى { انك } يا محمد او يا ايها الناظر { ترى الارض } حال كونها { خاشعة } يابسة لا نبات فيها متطامنة يعنى فرسوده وخشك شده مستعار من الخشوع بمعنى التذلل شبه يبس الارض وخلوها عن الخير والبركة بكون الشخص خاشعا ذليلا عاريا لا يؤبه به الدناءة هيئته فهى استعارة تبعية بمعنى يابسة جدبة { فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت } الاهتزاز التحرك اى تحركت بالنبات يعنى بحنبش در آيدرستن كياه ازو { وربت } وانتفخت لأن النبت اذا دنا ان يظهر ارتفعت له الارض وانتفخت ثم تصدعت عن النبات اى انشقت يقال ربا ربوا وربا زاد ونما والفرس ربوا انتفخ من عدو أو فزع وقال الراغب وربت اى زادت زيادة المتربى { ان الذى احياها } بما ذكر بعد موتها والاحياء فى الحقيقة اعطاء الحياة وهى صفة تقتضي الحس والحركة فالمراد باحياء الارض تهييج القوى الناميه فيها واحداث نضارتها بانواع النباتات { لمحيى الموتى } بالبعث { انه على كل شىء } من الاشياء التى من جملتها الاحياء { قدير } مبالغ فى القدرة وقد وعد بذلك فلا بد من ان يفى به والحكمة فى الاحياء هو المجازاة والمكافاة وفى الآية اشارة الى احياء النفوس واحياء القلوب اما الاول فلأن ارض البشرية قد تصير يابسة عند فقدان الدواعى والاسباب فاذا نزل عليها ماء الابتلاء والاستدراج تراها تهتز بنباتات المعاصى واشجار المناهى ( فى المثنوى ) آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه جون فرعون اوراعون نيست نفس ازدرهاست اوكى مرده است ... از غم بى التى افسرده است كرمك است آن ازدها ازده ست فقر ... بشه كردد ز جاه و مال صقر ولذا كان اصعب دعاء عليه ان يقال له اذاقك اللّه طعم نفسك فانه من ذاق طعم نفسه واستحلى ما عنده وشغل به عن المقصود فلا يرجى فلاحه ابدا واما احياء القلوب فبنور الايمان وصدق الطلب وغلبات الشوق وذلك عند نزول مطر اللطف وماء الرحمة وعن بعض الصالحين قال رأيت سمنون فى الطواف وهو يتمايل فقبصث على يده وقلت له يا شيخ بموقفك بين يديه الا اخبرتنى بالامر الذى اوصلك اليه فلما سمع بذكر الموقف بين يديه سقط مغشيا عليه فلما افاق انشد ومكتئب لج السقام بجسمه ... كذا قلبه بين القلوب سقيم يحق لو مات خوفا ولوعة ... فموقفه يوم الحساب عظيم ثم قالى يا اخى اخذت نفسى بخصال احكمتها فاما الخصلة الاولى أمت منى ما كان حيا وهو هوى النفس واحييت منى ما كان ميتا وهو القلب واما الثانية فانى احضرت ما كان عنى غائبا وهو حظى من الدار الآخرة وغيبت ما كان حاضرا عندى وهو نصيبى من الدنيا واما الثالثة فانى ابقيت ما كان فانيا عندى وهو التقى وافنيت ما كان باقيا عندى وهو الهوى واما الرابعة فانى انست بالامر الذى منه تستوحشون وفررت من الامر الذى اليه تسكنون اشار الى الاستئناس باللّه وبذكره والى الاستيحاش مما سوى اللّه وهو المراد بحسن الخاتمة واما التوحش من اللّه والانس بما سواه فهو المراد بسوء العاقبة نعوذ باللّه وربما كان سوء العاقبة بالخروج من الدنيا بغير ايمان وكان فى زمان حاتم الاصم نباش فحضر مجلس حاتم يوما فتاب على يده واحياه اللّه بسبب نفس حاتم فقال له حاتم كم نبشت من القبور فقال سبعة آلاف قال فى كم سنة قال فى عشرين سنة فغشى على حاتم فلما افاق قال قبور المسلمين ام قبور الكافرين قال بل قبور المسلمين فقال كم قبراً وجدت صاحبه على غير القبلة قال وجدت ثلاثمائة قبر صاحبه على القبلة والباقون على غير القبلة فغشى على حاتم وذلك لأن خوف كل احد بحسب مقامه من المعرفة فاذا عرف المرء أن فى امامه موتا وابتلاء ثم حشرا وامتحانا لا يزال فى ناحية وربما يغلب عليه حاله فيغشى عليه قال بعضهم اذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذى نجى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا ولكثرة فتن الشيطان وتشبثها بالقلوب عزت السلامة فلا بد من الاستقامة فى اللّه وادامة الذكر والاستعاذة باللّه من كل شيطان مضل وفتنة مهلكة ٤٠ { ان الذين يلحدون } الالحاد فى الاصل مطلق الميل والانحراف ومنه اللحد لأنه فى جانب القبر ثم خص فى العرف بالانحراف عن الحق الى الباطل اى يميلون عن الاستقامة { فى آياتنا } بالطعن فيها بأنها كذب او سحر او شعر وبتحريفها بحملها على المحامل الباطلة { لايخفون علينا } فنجازيهم بالحادهم ثم نبه على كيفية الجزآء فقال { افمن } آياكسى كه { يلقى فى النار } على وجهه وهم الكفرة بانواعهم { خير أم من يأتى آمنا } من النار { يوم القيامة } وهم المؤمنون على طبقاتهم قابل الالقاء فى النار بالاتيان آمنا مبالغة فى احماد حال المؤمنين بالتنصيص على انهم آمنون يوم القيامة من جميع المخاوف فلو قال ام من يدخل الجنة لجاز من طريق الاحتمال أن يبدلهم اللّه من بعد خوفهم امنا ولك ان تقول الآية من الاحتباك حذف من الاول مقابل الثانى ومن الثانى مقابل الاول والتقدير افمن يأتى خائفا ويلقى فى النار خير ام من يأتى آمنا ويدخل الجنة يعنى ان الثانى خير من الاول { اعملوا ما شئتم } من الاعمال المؤدية الى ما ذكر من الالقاء فى النار والاتيان آمنا وآثروا ما شئتم فانكم لا تضرون الا انفسكم وفيه تهديد شديد لظهور أن ليس المقصود الامر بكل عمل شاؤا قال فى الاسئلة المقحمة هو امر وعيد ومعناه أن المهلة ما هى لعجز ولا لغفلة وانما يعجل من يجاف الفوت وهو ابلغ اسباب الوعيد { انه بما تعملون بصير } فيجازيكم بحسب اعمالكم حيل ومكر رها كن كه خدا مىداند ... نقد مغشوش مياور كه معامل بيناست وفى الآية تخويف لأهل الشطح والطامات الذين يريدون العزة عند العامة ويزعقون ويمزقون ثيابهم ويجلسون فى الزوايا ويتزهدون وينظرون فى تصانيف المشايح ويقولون عليها ما يجهلون ويتزخرفون وينتظرون دخول الامرآء عليهم ويدعون المكاشفة والاحوال والمواجيد لا يخفى على اللّه كذبهم وزورهم وبهتانهم ونياتهم الفاسدة وقلوبهم الغافلة وكذا على اوليائه من الصديقين والعارفين الذين يرون خفايا قلوب الخلق بنور اللّه لو رأيتهم كيف يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وترى اهل الحق ينظرون الى الحق بابصار نافذة وقلوب عاشقة لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة وقد وصف النبى هؤلاء الملحدين وشبههم بالفراعنة وشبه قلوبهم بقلوب الذئاب كما قال عليه السلام ( يخرج فى امتى اقوام لسانهم لسان الانبياء وقلوبهم كقلوب الفراعنة ) وقال فى موضع آخر ( كقلوب الذأب ) يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية افتوا بغير علم فضلوا واضلوا قال بعضهم معنى هذه الآية ان الذين يجترئون علينا على غير سبيل الحرمة فانه لا يخفى علينا جرآءتهم علينا وتعديهم فى دعواهم وقال ابن عطاء فى هذه الآية ان المدعى عن غير حقيقة سيرى منا ما يستحقه من تكذيبه على لسانه وتفضيحه فى احواله ٤١ { ان الذين كفروا بالذكر } اى القرءآن فيكون من وضع الظاهر موضع ضمير الآيات { لما جاءهم } اى بادهوه بالكفر والانكار ساعة جاءهم واول ما سمعوه من غير اجالة فكر واعادة نظر وكذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل قوله ان الذين الخ بدل من قوله ان الذين يلحدون الخ بدل الكل بتكرير العامل وخبر ان هو الخبر السابق وهو لا يخفون علينا لأن الحادهم فى الآيات كفر بالقرءآن فلهذا اكتفى بخبر الاول عن الثانى الا أنه غير معهود الا فى الجار والمجرور لشدة الاتصال قال الرضى ولا يتكرر فى اللفظ فى البدل من العوامل الا حرف الجر لكونه كبعض حروف المجزور وقيل مستأنف وخبرها محذوف مثل سوف نصليهم نارا وذلك بعد قوله حميد وقال الكسائى سد مسد الخبر السابق { وانه } الخ جملة حالية مفيدة لغاية شناعة الكفر به اى والحال أن الذكر { لكتاب عزيز } اى كثير المنافع عديم النظير فهو من العز الذى هو خلاف الذل او منيع لا تتأتى معارضته وابطاله وتحريفه فهو من العزة بمعنى الغلبة فالقرءآن وان كان لا يخلو عن طعن باطل من الطاعنين وتأويل فاسد من المبطلين الا أنه يؤتى بحفظة ويقدر له فى كل عصر منعة يحرسونه بابطال شبه اهل الزيغ والاهوآه ورد تأويلاتهم الفاسدة فهو غالب بحفظ اللّه اياه وكثرة منعته على كل من يتعرض له بالسوء امام قشيرى قدس سره فرموده كه قرآن عزيز است زيزا كلام رب عزيزست كه ملك عزيز بررسول عزيز آورده براى امت عزيز با آنكه نامه دوست است بنزديك دوست نامه دوست نزد دوستان عزيز باشد زنام ونامه تويافتم عزو كرامت ... هزارجان كرامى فداى خامه ونامت قال ابن عطاء عزيز لانه لا يبلغ حد حقيقة حقه لعزه فى نفسه وعز من انزل عليه وعز من خوطب به من اوليائه واهل صفوته ٤٢ { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } صفة اخرى لكتاب اى لا يتطرق اليه الباطل ولا يجد اليه سبيلا من جهة من الجهات حتى يصل اليه ويتعلق به اى متى رامو فيه ان يكون ليس حقا ثايتا من غند اللّه وابطالا له لم يصلوا اليه ذكر اظهر الجهات واكثرها فى الاعتبار وهو جهة القدام والخلف واريد الجهات باسرها فيكون قوله لا يأتيه الباطل من بين الخ استعارة تمثيلية شبه الكتاب فى عدم تطرق الباطل اليه بوجه من الوجوه بمن هو محمى بحماية غالب قاهر يمنع جاره من أن يتعرض له العدو من جهة من جهاته ثم اخرجه مخرج الاستعارة بان عبر عن المشبه بما عبر به عن المشبه به فقال لا يأتيه الخ او لا يأتيه الباطل فيما اخبر عما مضى ولا فيما اخبر عن الامور الآتية او الباطل هو الشيطان لا يستطيع ان يغيره بان يزيد فيه او ينقص منه او لا يأتيه التكذيب من الكتب التى قبله ولا يجيىء بعده كتاب يبطله وينسخه { تنزيل } اى هو تنزيل او صفة اخرى لكتاب مفيدة لفخامته الاضافية بعد افادة فخامته الذاتية وكل ذلك لتأكيد بطلان الكفر بالقرءآن { من حكيم } اى حكيم مانع عن تبديل معانيه باحكام مبانيه { حميد } اى حميد مستحق للتحميد بالهام معانيه او يحمده كل خلق فى كل مكان بلسان الحال والمقال بما وصل اليه من نعمه وفى التأويلات النجمية كل خلق فى كل مكان بلسان الحال والمقال بما وصل اليه من نعمه وفى التأويلات النجمية ان من عزة الكتاب لا يأتيه الباطل يعنى اهل الخذلان من بين يديه بالايمان به ولا من خلفه بالعمل به تنزيل من حكيم ينزل بحكمته على من يشاء من عباده لمن يشاء ان يعمل به حميد فى احكامه وافعاله لأنها صادرة منه بالحكمة وعن على رضى اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه عليه السلام يقول ( ألا انها ) الضمير للقصة ( ستكون فتنة ) فقلت ما المخرج منها يا رسول اللّه قال ( كتاب اللّه فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار ) بيان لمن والجبار اذا اطلق على انسان يشعر بالصفة المذمومة ينبه بذلك على ان ترك القرءآن والاعراض عنه وعن العمل به انما هو الجبر والحماقة ( قصمه اللّه ) كسره واهلكه دعاء عليه او خبر ( ومن ابتغى الهدى فى غيره اضله اللّه ) دعاء عليه واخبار بثبوت الضلالة فان طلب الشىء فى غير محله ضلال ( وهو حبل اللّه ) اى عهده وامانه الذى يؤمن به العذاب وقيل هو نور هداه وفى الحديث ( القرءآن كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الارض ) اى نور ممدود وقيل هو السبب القوى والوصلة الى ما يوثق عليه فيتمسك به من اراد التجافى عن دار الغرور والانابة الى دار السرور ( المتين ) اى القوى يعنى هو السبب القوى المأمون الانقطاع المؤدى الى رحمة الرب ( وهو الذكر ) اى القرءآن ما يتذكر به ويتعظ به ( الحكيم ) اى المحكم آياته اى قوى ثابت لا ينسخ الى يوم القيامة او ذو الحكمة فى تأليفه ( وهو الصراط المستقيم الذى لا تزيغ به الاهوآء ) اى لا يميل بسببه اهل الاهوآء يعنى لا يصير به مبتدعا وضالا ( ولا تلتبس به الالسنة ) اى لا يختلط به غيره بحيث يشتبه كلام الرب بكلام غيره لكونه معصوما ( ولا يشبع منه العلماء ) اى لا يحيط علمهم بكنهه بل كلما تفكروا تجلت لهم معان جديدة كانت فى حجب مخفية ( ولا يخلق ) خلق الشىء يخلق بالضم فيهما خلوقة اذا بلى اى لا يزول رونقه ولا يقل اطروانه ولذة قراءته واستماعه ( عن كثرة الرد ) اى عن تكرر تلاوته على ألسنة التالين وآذان المستمعين واذهان المتفكرين مرة بعد اخرى بل يصير كل مرة يتلوه التالى اكثر لذة على خلاف ما عليه كلام المخلوقين وهذه احدى الآيات المشهورة ( ولا تنقضى عجائبه ) اى لا ينتهى احد الى كنه معاينه العجيبة وفرآئده الكثيرة ( هو الذى لم تنته الجن ) أى لم تقف اذ سمعته حتى ( قالوا انا سمعنا قرءآنا عجبا ) مصدر وصف به للمبالغة اى عجيبا لحسن نظمه ( يهدى الى الرشد ) اى يدل الى الايمان والخير ( فآمنا به ) وصدقناه ( من قال به صدق ومن عمل به رشد ) اى يكون راشدا مهديا ( ومن حكم به ومن دعا اليه هدى الى صراط مستقيم ) كذا فى المصابيح وفى الحديث ( يدعى يوم القيامة بأهل القرءآن فيتوج كل انسان بتاج لكل تاج سبعون ألف ركن ما من ركن الا وفيه ياقوتة حمرآء تضيىء من مسيرة كذ من الايام والليالى ثم يقال له ارضيت فيقول نعم فيقول له الملكان اللذان كانا عليه ) اى الكرام الكاتبين ( زده يا رب فيقول الرب اكسوه حلة الكرامة فيلبس حلة الكرامة ثم يقال له ارضيت فيقول نعم فيقول ملكاه زده يا رب فيقول لأهل القرءآن ابسط يمينك فتملأ من الرضوان اى رضوان اللّه ويقال له ابسط شمالك فتملأ من الخلد ثم يقال له ارضيت فيقول نعم يا رب فيقول ملكاه زده يا رب فيقول اللّه انى قد اعطيته رضوانى وخلدى ثم يعطى من النور مثل الشمس فيشيعه سبعون ألف ملك الى الجنة فيقول الرب انطلقوا به الى الجنة فاعطوه بكل حرف حسنة وبكل حسنة درجة ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام ) وفى حديث آخر ( يجاء بأبويه فيفعل بهما من الكرامة ما فعل بولدهما تكرمة لصاحب القرءآن فيقولان من اين لنا هذا فيقول بتعليمكما ولدكما القرءآن ) بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك و بدش وعده وبيم كن هرآن طفل كو جور آموز كار ... نه بيند جفا بيند از روزكار ٤٣ { ما يقال لك } الخ تسلية لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم عما يصيبه من اذية الكفار اى ما يقال فى شأنك وشأن ما انزل اليك من القرءآن من جهة كفار قومك { الا ما قد قيل للرسل من قبلك } الا مثل ما قد قيل فى حقهم وفى حق الكتب السماوية المنزلة عليهم مما لا خير فيه من الساحر والكاهن والمجنون والاساطير ونحوها { ان ربك لذو مغفرة } لانبيائه ومن آمن بهم { وذو عقاب اليم } لاعدآئهم الذين لم يؤمنوا بهم وبما انزل اليهم والتزموا الاذية وقد نصر من قبلك من الرسل وانتقم من اعدآئهم وسيفعل مثل ذلك بك وباعدآئك ايضا وفيه اشارة الى حال الاولياء ايضا فانهم ورثة الانبياء فلهم اعدآء وحساد يطلقون ألسنتهم فى حقهم باللوم والطعن بالجنون والجهل ونحو ذلك ولكنهم يصبرون على الجفاء والاذى فيظفرون بمراداتهم كما صبر الانبياء فظفروا وفى آية اخرى { ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا } اى ظاهرا بهلاك القوم او باجابة الدعوة وباطنا بالتخلق بالاخلاق الالهية مثل الصبر فانه نصر اى نصر اذ به يحصل المرام ( وفى المثنوى ) صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد وبذلك ينقلب الانسان بالصبر من حال الى حال اخرى احسن من الاولى كما ينقلب النحاس بالاكسير فضة او ذهبا ودلت الآية على أنه ليس من الحكمة ان يقطع لسان الخلق بعضهم عن بعض الا ترى انه تعالى لم يقطع لسان الخلق عن ذاته الكريمة حتى قالوا فى حقه تعالى ان له صاحبة وولدا ونحو ذلك فكيف غيره تعالى من الانبياء والمرسلين والاولياء والمقربين فالنار لا ترتفع من الدنيا الا يوم القيامة وانما يرتفع الاحتراق بها كما وقع لابراهيم عليه السلام وغيره من الخواص فكل البلايا كالنار فبطون الاولياء وقلوب الصديقين فى سلامة من الاحتراق بها فانه لا يجرى الا ما قضاه اللّه تعالى ومن آمن بقضاء اللّه سلم من الاعتراض والانقباض وهكذا شأن الكبار نسأل اللّه الغفار السلامة من عذاب النار ٤٤ { ولو جعلناه } اى الذكر { قرءآنا اعجميا } منتظما على لغة العجم مؤلفا عليها والاعجمى فى الاصل يقال لذات من لا يفصح عن مراده بلغة لسانه وان كان من العرب ولكلامه الملتبس الذى لا يوضح المعنى المقصود اطلق ههنا على كلام مؤلف على لغة العجم بطريق الاستعارة تشبيها له بكلام من لا يفصح من حيث أنه لا يفهم معناه بالنسبة الى العرب وهذا جواب لقول قريش تعنتا هلا انزل القرءآن بلغة العجم . يعنى قرآن جرا بلعت عجم فروانيامد { لقالوا } هرآينه ميكفتند كفار قريش { لولا } حرف تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض اذا دخل على الماضى كان معناه اللوم والتوبيخ على ترك الفعل فهو فى الماضى بمعنى الانكار { فصلت آياته } اى بينت بلسان نفقهه من غير ترجمان عجمى وهو من كان منسوبا الى امة العجم فصيحا كان او غير فصيح { ءاعجمى وعربى } انكار مقرر للتحضيض فالهمزة الاولى همزة الاستفهام المعنى بها الانكار والاعجمى كلام لا يفهم معناه ولغة العجم كذلك بالنسبة الى العرب كما اشير اليه آنفا والياء ليست للنسبة الحقيقية بل للمبالغة فى الوصف كالأحمرى والمعنى لأنكروا وقالوا اكلام او قرءآن اعجمى ورسول او مرسل اليه عربى اى لقالوا كيف ارسل الكلام العجمى الى القوم العرب فكان ذلك اشد لتكذيبهم على ان الاقرار مع كون المرسل اليهم امة جمة لما ان المراد بيان التنافى والتنافى بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب واحدا او جمعا وقرأ هشام اعجمى على الاخبار لا على الاستفهام والانشاء اى بهمزة واحدة هى من اصل الكلمة فالتفصيل يجوز أن يكون بمعنى التفريق والتمييز لا بمعنى التبيين كما فى القرآءة الاولى فالمعنى ولو جعلنا المنزل كله اعجميا لقالوا لولا فرقت آياته وميزت بأن جعل بعضها اعجميا لافهام العجم وبعضها عربيا لافهام العرب اعجمى وعربى والمقصود بيان أن آيات اللّه على اى وجه جاءتهم وجدوا فيها متعنتا يتعللون به لأن القوم غير طالبين للحق وانما يتبعون اهوآءهم درجشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... درروشنى اكر يدبيضا شود كسى وفى التأويلات النجمية يشير الى ازاحة العلة لمن اراد ان يعرف صدق الدعوة وصحة الشريعة فانه لا نهاية للتعليل بمثل هذه التعللات لأنه تعالى لو جعل القرءان اعجميا وعربيا لقالوا لولا جعله عبرانيا وسريانيا { قل هو } اى الذكر { للذين آمنوا هدى } يهديهم الى الحق والى طريق مستقيم { وشفاء } لما فى الصدور من شك وشبهة او شفاء حيث استراحوا به من كد الفكرة وتحير الخواطر او شفاء لضيق صدور المريدين لما فيه من التنعم بقرءآته والتلذذ بالتفكر فيه او شفاء لقلوب المحبين من لواعج الاشتياق لما فيه من لطائف المواعيد او شفاء لقلوب العارفين لما يتوالى عليها من انوار التحقيق وآثار خطاب الرب العزيز { والذين لا يؤمنون } مبتدأ خبره قوله { فى آذانهم وقر } اى ثقل وصمم على أن التقدير هو اى القرءآن فى آذنهم وقر على أن وقر خبر للضمير المقدر وفى آذانهم متعلق بمحذوف وقع حالا لوقر لبيان محل الوقر وهو اوفق لقوله تعالى { وهو } اى القرءآن { عليهم } اى على الكفار المعاندين { عمى } وذلك لتصاممهم عن سماعه وتعاميهم عما يريهم من الآيات وهو بفتح الميم المنونة اى ذو عمى على معنى عميت قلوبهم عنه وهو مصدر عمى يعمى كعلم وفى المفردات محتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا وقرأ ابن عباس رضى اللّه عنهما بكسر الميم بمعنى خفى وبالفارسية واين كتاب برايشان بوشيد كسينت تاجلوه جمال كمال اونه بينند { اولئك } البعدآء الموصوفون بما ذكر من التصامم عن الحق الذى يسمعونه والتعامى عن الآيات الظاهرة التى يشاهدونها { ينادون من مكان بعيد } تمثيل لهم فى عدم قبولهم واستماعهم للقرآن بمن ينادى ويصيح به من مسافة بعيده لا يكاد يسمع من مثلها الاصوات يعنى مثل ايشان جون كسيست كه اورا ازمسافه دور ودراز بخواندند نه خواننده را بيند ونه آواز اورا شنودبس اورا ازان ند جه نفع رسد نادئ اقبال ميكويد كه اى ناقابلان ... مابسى نزديك نزديك وشما بس دوردور قال الشيخ سعدى در جامع بعلبك كلمه جندبر طريق وعظ ميكفتم باطائفه افسرده ودل مرده وراه ازعالم صورت بمعنى نبرده ديدم كه نفسم درنمى كيردو آتشم درهيزم ترايشان اثرنمى كنند دريغ آمدم تربيه ستوران وآينه دارى درمحله كوران وليكن در معنى بازبودوسلسله سخن دراز ودربيان اين آيت كه كفت خداى تعالى ونحن اقرب اليه من حبل الوريد سخن بجايى رسيده بودكه ميكفتم دوست نزديكتر ازمن بمنست ... وين عجبتركه من ازوى دورم جه كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم من ازشرح اين سخن مست وفضله قدح دردست كه رونده ازكنار مجلس كذر كردودور آخر برواثر كرد نعره جنان زدكه ديكران درموافقت اودرخروش امدند وخامان مجلس درجوش كفتم سبحان اللّه دوران باخبردر حضورست ونزديكان بى بصردور فهم سخن جون نكند مستمع ... قوت طبع ازمتكلم مجوى فسحت ميدان ارادت بيار ... تابزند مردسخن كوى كوى وعن الضحاك ينادون يوم القيامة باقبح اسمائهم من مكان بعيد يعنى يقال يا فاسق يا منافق يا كذا ويا كذا فيكون ذلك اشد لتوبيخهم وخزيهم وفى التأويلات النجمية اولئك ينادون من مكان بعيد لأن النداء انما يجيىء من فوق اعلى عليين وهم فى اسفل السافلين من الطبيعة الانسانية وهم ابعد البعدآء وقال ذو النون رحمه اللّه من وقر سمعه وصم عن ندآء الحق فى الازل لا يسمع ندائه عند الايجاد وان سمعه كان عليه عمى ويكون عن حقائقه بعيدا وذلك انهم نودوا عن بعد ولم يكونو بالقرب نسأل اللّه القرب على كل حال ٤٥ { ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه } اى وباللّه لقد آتيناه التوراة فاختلف فيها فمن مصدق لها ومن مكذب وغيروها من بعده بخمسمائة عام وهكذا حال قومك فى شأن ما آتيناك من القرءآن فمن مؤمن به ومن كافر وان كانوا لا يقدرون على تحريفه فانا له لحافظون فالاختلاف فى شأن الكتب عادة قديمة للامم غير مختص بقومك ففيه تسلية له عليه السلام { ولولا كلمة سبقت من ربك } فى حق امتك المكذبة وهى العدة بتأخير عذابهم والفصل بينهم وبين المؤمنين من الخصومة الى يوم القيامة بنحو قوله تعالى { بل الساعة موعدهم } وقوله تعالى { ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى } { لقضى } فى الدنيا وحكم { بينهم } باستئصال المكذبين كما فعل بمكذبى الامم السالفة يقول الفقير انما لم يفعل الاستئصال لأن نبينا عيه السلام كان نبى الرحمة ولان مكة كانت مهاجر الانبياء والمرسلين ومهبط الملائكة المقربين بانواع رحمة رب العالمين فلو وقع فيها الاستئصال لكانت مثل ديار عاد وثمود ووقعت النفرة لقلوب الناس وقد دعا ابراهيم عليه السلام بقوله فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم فكان من حكمته ان لا يجعل الحرم المبارك الآمن مصارع السوء وان يقيه من نتائج سخطه { وانهم } اى كفار قومك { لفى شك منه } اى من القرءآن { مريب } موجب للاضطراب موقع فيه وبالفارسية كمانى باضطراب آورده وتمامه فى آخر سورة سبأ فارجع والشك عبارة عن تساوى الطرفين ولتردد فيهما من غير ترجيح والوهم ملاحظة الطرف المرجوح وكلاهما تصور لا حكم معه اى لا تصديق معه اصلا ٤٦ { من } هركه { عمل صالحا } بان آمن بالكتب وعمل بموجبها { فلنفسه } فعمله او فنفعه لنفسه لا لغيره { ومن اساء } وهركه بكند عمل بد والاساءة بدى كردن { فعليها } ضرره لا على غيرها { وما ربك بظلام للعبيد } فيفعل بهم ما ليس له ان يفعله بل هو العادل المتفضل الذى يجازى كل احد بكسبه وهو اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مبنى على تنزيل ترك اثابة المحسن بعمله او اثابة الغير بعمله وتنزيل التعذيب بغير اساءة او باساءة غيره منزلة الظلم الذى يستحيل صدوره عنه سبحانه اى هو منزه عن الظلم يقال من ظلم وعلم أنه يظلم فهو ظلام وقال بعضهم اصله وما ربك بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفى على معنى أن الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفى داخلا على صيغة المبالغة بتضعيف ظالم بدون نفيه ثم ادخل عليه النفى لكان المعنى أن تضعيف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفيه عن اصله واللّه تعالى منزه عن الظلم مطلقا ويجوز ان يقال صيغة المبالغة باعتبار كثرة العبيد لا باعتبار كثرة الظلم كما قال تعالى { ولا يظلم ربك احدا } وفى الحديث القدسى ( انى حرمت الظلم على نفسى وعلى عبادى ألا فلا تظالموا ) بفتح التاء اصله تتظالموا والظلم هو التصرف فى ملك الغير او مجاوزة الحد وهذا محال فى حق اللّه تعالى لأن العالم كله ملك وليس فوقه احد يحد له حدا ولا تجاوز عنه فالمعنى تقدست وتعاليت عن الظلم وهو ممكن فى حق العباد ولكن اللّه منعهم عنه وفى الحديث ( من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الاسلام ) وفى حديث آخر ( من مشى خلف ظالم سبع خطوات فقد اجرم ) قال اللّه تعالى { انا من المجرمين منتقمون } وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين اعالى واواسط وادانى بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الافاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف فى الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر فى الدين واكثر المستعدين فى هذا الزمان على الخذلان والحرمان ( قال الصائب ) تير بختى لازم طبع بلندافتاده است باى خودراجون تواند داشتن روشن جراغ فينبغى للعاقل ان يسارع الى الاعمال الصالحة دآئما خصوصا فى زمان انتشار الظلم والفساد وغلبة الهوى على النفوس والطباع فان الثبات على الحق فى مثل ذلك الوقت افضل واعظم قال ابن الماجشون وهو اى الماجشون كان من اهل المدينة وكان مع عمر بن عبد العزيز فى ولايته على المدينة لما خرج روح ابى وضعناه على السرير فدخل عليه غاسل فرأى عرقا يتحرك فى اسفل قدمه فمكث ثلاثة ايام ثم استوى جالسا وقال ائتونى بسويق فأتوا به فشرب فقلنا له خبرنا ما رأيت قال عرج بروحى فصعد بى الملك حتى اتى الى السماء الدنيا فاستفتح ففتح له حتى انتهى الى السابعة فقيل له من معك قال الماجشون فقيل لم يؤذن له بعد بقى من عمره كذا ثم هبط بى فرأيت النبى صلّى اللّه عليه وسلّم وابو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه فقلت للملك انه لقريب المقعد من رسول اللّه عليه السلام قال انه عمل بالحق فى زمن الجور وانهما عملا بالحق فى زمن الحق بقومى كه نيكى بسندد خداى دهد خسروعادل ونيك راى ... جوخواهد كه ويران كند عالمى كند ملك دربنجة ظالمى ... ومن اللّه الامن والسلامة ٤٧ { اليه } تعالى لا الى غيره { يرد علم الساعة } اذا سئل عن القيامة يقال اللّه يعلم اذ لا يعلمها الا اللّه فاذا جاءت يقضى بين المحسن والمسيئ بالجنة والنار { وما } نافية { تخرج من ثمرات } من مزيدة للتنصيص على الاستغراق فانه قبل دخولها يحتمل نفى الجنس ونفى الوحدة والمعنى بالفارسية وبيرون نيايد هيج ميوه { من اكمامها } من اوعيتها يعنى الكفرى قبل أن ينشق وقيل قشرها الاعلى من الجوز واللوز والفستق وغيرها جمع كم بالكسر وهو وعاء الثمرة وغلافها اى ما يغطى الثمرة كما أن الكم بالضم ما يغط اليد من القميص { وما تحمل من انثى } وبارنكيرد هيج ماده ازانسان وسائر حيوانات { ولا تضع } حملها بمكان على وجه الارض { الا بعلمه } استثناء مفرغ من اعم الاحوال ولم يذكر متعلق العلم للتعميم اى وما يحدث شىء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع ملابسا بشىء من الاشياء الا ملابسا بعلمه المحيط واقعا حسب تعلقه به يعلم وقت خروج الثمرة من اكمامها وعددها وسائر ما يتعلق بها من انها تبلغ اوان النضج او تفسد قبل ونحوه ووقت الحمل وعدد ايامه وساعاته واحواله من الحداج والتمام والذكورة والانوثة والحسن والقبح وغير ذلك ووقت الوضع وما يتعلق به ولعل ذكر هذه الجمل الثلاث بعد ذكر الساعة لاشتمالها على جواز البعث واحياء الموتى وفى حواشى ابن الشيخ المعنى أن اليه يضاف علم الساعة اى علم وقت وقوع القيامة فاذا سئلت عنه فرد العلم اليه فقل اللّه اعلم كما يرد اليه علم جميع الحوادث الآتية من الثمار والنبات وغيرهما ( روى ) أن منصورا الدو انقى اهمه مدة عمره فرآى فى منامه شخصا اخرج يده من البحر واشار بالاصابع الخمس فاستفتى العلماء فى ذلك فتأولوه بخمس سنين وبخمسة اشهر وبغير ذلك حتى قال ابو حنيفة تأويله ان مفاتح الغيب خمسة لا يعلمها الا اللّه وان ما طلبت معرفته لا سبيل لك اليه اخذه ابو حنيفة رحمه اللّه من قوله عليه السلام ( مفاتح الغيب خمسة ) وتلا قوله تعالى { ان اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الارحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس باى ارض تموت } يقول الفقير ظهر من هذا وجه الجمع بين علم الساعة وعلم خروج الثمرات اذ هو داخل فى تنزيل الغيث لانه بالغيث والرياح تخرج النباتات وتظهر الثمرات { ويوم يناديهم } اى اذكر يا محمد لقومك يوم يناديهم اللّه { اين شركائى } بزعمكم كما نص عليه فى قوله تعالى { اين شركائى الذين زعمتم } وبالفارسية كجا اند انبازان بزعم شما { قالوا آذناك } اى اخبرناك واعلمناك { ما منا } نيست ازما { من شهيد } من احد يشهد لهم بالشركة اذ تبرأنا منهم لما عاينا الحال فيكون السؤال عنهم للتوبيخ والشهيد من الشهادة او ما منا من احد يشهدهم لأنهم ضلوا عنهم حينئذ فهم لا يبصرونهم فى ساعة التوبيخ فالشهيد من الشهود قال فى حواشى سعدى المفتى والظاهر أنه كقولهم واللّه ربنا ما كنا مشركين بل الاشارة بقولهم آذناك الى هذا القول الذى اجابوا به اولا متعمدين للكذب انتهى وفى الارشاد قولهم آذناك اما لأن هذا التوبيخ مسبوق بتوبيخ آخر مجاب بهذا الجواب ولأن معناه الانشاء لا الاخبار بايذان قد كان انتهى ٤٨ { وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل } اى غاب عن المشركين الآلهة التى كانوا يعبدونها من قبل يوم القيامة او ظهر عدم نفعهم فكان حضورهم كغيبتهم { وظنوا } اى ايقنوا { ما لهم من محيص } مهرب وبالفارسية ويقين دانندكه اذعذاب وعقوبت نيست ايشانرا هيج كريز كاهى من حاص يحيص حيصا محيصا اذا هرب وفى المفردات أصله من قولهم وقع فى حيص بيص اى فى شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفى القاموس حاص عنه عدل وحادو المحيص المحيد والمعدل والميل والمهرب والظن معلق عنه بحرف النفى والتعليق ان يوقع بعده ما ينوب عن المفعولين جميعا وفى الآية اشارة الى أن اللّه تعالى ينادى فيقول اين شركائى الذين كانوا يرون انهم يخلقون افعالهم واعمالهم قالوا آذناك ما منا من شهيد يشهد أنه خالق فعله وكوشفوا بأنه لا خالق الا اللّه وهم المعتزلة وقد سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما فى مجمع الفتاوى وذلك لأن اهل الاعتزال مشركون بقولهم ان العباد خالقون لأفعالهم وقد قال تعالى { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } اى يوحدوا ويقولوا لا خالق الا اللّه ولا وجود فى الحقيقة الا لله وضل عنهم يوم القيامة ما كانوا يدعون من قبل ان له وجودا وزال وبطل ( ع ) جه كونه غير توبيند كسى كه غير تو بيست وايقنوا مالهم من مهرب الى اللّه عند قيام الساعة بتجلى صفة القهارية ولو كانوا ارباب اللطف فى الدنيا لنالوا لطفه فى العقبى فعلى العاقل ان يهرب ويفر الى اللّه تعالى كما قال ففروا الى اللّه فاذا فر اليه انس به والانيس لا يخاف من قهر الانيس اذ هو على الملاطفة معه على كل حال قال ذو النون المصرى قدس سره ركبنا مرة فى مركب وركب معنا شاب صبيح وجهه مشرق فلما توسطنا فقد صاحب المركب كيسا فيه مال فتش كل من فى المركب فلما وصلوا الى الشاب ليفتشوه وثب وثبة من المركب حتى جلس على امواج البحر وقام له الموج على مثال السرير ونحن ننظر اليه من المركب وقال يا مولاى ان هولاء اتهمونى وانى اقسم عليك يا حبيب قلبى ان تأمر كل دابة فى هذا المكان ان تخرج رأسها وفى افواهها جواهر قال ذو النون فما تم كلامه حتى رأينا دواب البحر امام المركب قد اخرجت رؤوسها وفى فم كل واحدة منها جوهرة تتلألأ وتلمع ثم وثب الشاب من الموج الى البحر وجعل يتبختر على وجه الماء ويقول اياك نعبد واياك نستعين حتى غاب عن بصرى فحملنى هذا على السياحة وذكرت قوله عليه السلام ( لا يزال فى امتى ثلاثون قلوبهم على قلب ابراهيم خليل الرحمن وكلما مات منهم واحد ابدل اللّه مكانه واحدا ) ظهر من هذه الحكاية أن اللّه تعالى تجلى لذلك الشاب بصفة اللطف فسلم من قهر البحر وذلك لتحققه بحقيقة قوله اياك نعبد فانه من اختصاص العبادة يحصل اختصاص التوحيد وبالتوحيد الحقانى يزول كل ما كان من طريق القهر لأن من قهر وجوده لا يقهر مرة اخرى ولما شاهد ذو النون هذه الحال من الشاب لأنها حال تنافى حال اهل الدنيا ( كما قال الشيخ المغربى ) هيج كس كرجه زحالى نيست خالى درجهان ... ليكن اين حالى كه ماراهست حال ديكراست سلك طريق اللطف وساح فى الارض حتى وصل الى اللطيف الخبير ٤٩ { لا يسئم الانسان } اى لا يمل ولا يضجر وبالفارسية ملول نميشود كافر فهذا وصف للجنس بوصف غالب افراده لما أن اليأس من رحمة اللّه لا يتأتى الا من الكافر وسيصرح به { من دعاء الخير } اى من دعائه الخير وطلبه السعة فى النعمة واسباب المعيشة فحذف الفاعل واضيف الى المفعول والمعنى أن الانسان فى حال اقبال الخير اليه لا ينتهى الى درجة الا ويطلب الزيادة عليها ولا يمل من طلبها ابدا وفيه اشارة الى أن الانسان مجبول على طلب الخير بحيث لا تتطرق اليه السآمة فبهذه الخصلة بلغ من بلغ رتبة خير البرية وبها بلغ دركة شر البرية وذلك لأنه لما خلق لحمل الامانة التى اشفق منها البرية وابين ان يحملنها وهى عبارة عن الفيض الالهى بلا واسطة وذلك فيض لا نهاية له فحملها احتاج الانسان الى طلب غير متناه فطلب بعضهم هذا الطلب فى تحصيل الدنيا وزينتها وشهواتها واستيفاء لذاتها فما سئم من الطلب وصار شر البرية ( قال الحافظ ) تاكى غم دنياى دنى اى دل دانا ... حيفست زخوبى كه شود عاشق زشتى { وان مسه الشر } اى العسر والضيق { فيؤس قنوط } اى يبالغ فى قطع الرجاء من فضل اللّه ورحمته وبالفارسية واكر برسد ويرابدى جون تنكى وتنكدستى وبيمارى بس نوميدست ازراحت اميد برنده ازرحمت والقنوط عبارة عن يأس مفرط يظهر اثره فى الشخص فيتضاءل وينكسر فبهذا ظهر الفرق بين اليأس والقنوط وفى التأويلات النجمية وان مشه الشر وهو فطامه عن مألوفات نفسه وهواه فيؤوس قنوط لا يرجو زوال البلايا والمحن لعدم علمه بربه وانسداد الطريق على قلبه فى الرجوع الى اللّه ليدفع عنه ذلك ( قال الحافظ ) سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهدماند وفيه اشارة الى أن الانسان لا يدعو عارفا بربه طاعة لربه بل لتحصيل مراده واربه ولهذا وقع فى ورطة الفرار واليأس عند ظهور اليأس ٥٠ { ولئن اذقناه رحمة منا } من عندنا { من بعد ضرآء مسته } اى اصابته وذلك بتفريج تلك الضراء عنه كالمرض والضيق بالرحمة كالصحة والسعة { ليقولن هذا } الخير { لى } اى حقى وصل الى لأنى استحقه لما لى من الفضل وعمل البر فاللام للاستحقاق اولى لا لغيرى فلا يزول عنى ابدا فاللام للاختصاص فيكون اخبارا عن لازم الاستحقاق لا عن نفسه كما فى الوجه الاول ومعنى الدوام استفيد من لام الاختصاص لأن ما يختص باحد الظاهر انه لا يزول عنه فذلك المسكين لم ير فضل اللّه وتوفيقه فادعى الاستحقاق فى الصورة الاولى واشتغل بالنعمة عن المنعم وجهل أن اللّه تعالى اعطاه ليبلوه ايشكرام يكفر فلو اراد لقطعها منه وذلك فى الصورة الثانية { وما اظن الساعة قائمة } اى تقوم وتحضر وتكون فيما سياتى كما يزعم محمد { ولئن رجعت } رددت { الى ربى } على تقدير قيامها وبعثت وهو الذى ارادوا بقولهم ان نظن الا ظنا فلا يخالف وما اظن الساعة قائمة لأن المراد الظن منه الكامل { ان لى عنده للحسنى } وهو جواب القسم لسبقه الشرطية اى للحالة الحسنى من الكرامة يعنى استحقاق من مرنعمت وكرمت راثابت است خواه دردنيا خواه درعقبا ( ع ) زهى تصور باطل زهى خيال محال ... اعتقد أن ما اصابه من نعم الدنيا لاستحقاقه لها وان نعم الآخرة كذلك لأن سبب الاعطاه متحقق فى الآخرة ايضا وهو استحقاقه اياها فقاس امر الاخرة على امر الدنيا بالوهم المحض والامنية الكاذبة وعن بعضهم للكافر أمنيتان يقول فى الدنيا ولئن رجعت الخ وفى الآخرة يا ليتنى كنت ترابا وهيجكدام ازين معنى وجودى نخواهد كرفت وعن بعض اهل التفسير ان لى عنده للحسنى اى الجنة يقول ذلك استهزآء { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا } اى لنعلمنهم بحقيقة اعمالهم حين اظهرناها بصورها الحقيقية فيرون انها مقابح يهان عليها لا محاسن يكرم عليها { ولنذيقنهم من عذاب غليظ } لا يعرف كنهه ولا يمكنهم التفصى منه كأنه لغلظته يحيط بجميع جهاتهم وقد كان معذبا فى الدنيا بعذاب الطرد والبعد ولكن لما لم يجد ذوق العذاب وألمه اذاقه اللّه تعد انتباهه من نومة غفلته اى بعد الموت لقول على كرم اللّه وجهه الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا وفى بحر العلوم غليظ اى شديد او عظيم ومن ابتدآئية او بيانية والمبين محذوف كأنه قيل ولنذيقنهم عذابا مهينا من عذاب كبير بدل ما اعتقدوه لانفسهم من الاكرام والاعزاز من اللّه تعالى يقول الفقير يجوز ان يقال وصف العذاب بالغلظة لغلظة بدن المعذب به قال حضرة الشيخ صد الدين القنوى قدس سره الغالب على الاشقياء خواص التركيب ولكثافة كما اشار اليه عليه السلام بقوله ( ان غلظ جلد الكافر يوم القيامة مسيرة ثلاثة ايام ) وكما نبه الحق على ذلك بقوله { كلا ان كتاب الفجار لفى سجين } وهو العالم السفلى المضاف الى اليد المسماة بالقبضة وبالشمال ايضا وقال فى اصحاب اليمين { كلا ان كتاب الابرار فى عليين } هو ان اجزآء نشأتهم الكثيفة وقواهم الطبيعة المزاجية تجوهرت وزكت واستحالت بالتقديس والتزكية الحاصلين بالعلم والعمل والتحلية بالصفات المحمودة والاخلاق السنية قوى وصفات ملكية ثابتة زكية ذاتية لنفوسهم المطمئنة كما اخبر الحق عن ذلك بقوله فى بيان احوال النفوس { قد افلح من زكاها } وكما اشار اليه عليه السلام فى دعائه ( اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها ) والحال فى الاشقياء بعكس ذلك فان قواهم وصفاتهم الروحانية لما استهلكت فى القوى الطبيعة المتصفة باحكام اعتقاداتهم وظنونهم الفاسدة وافعالهم الرديئة واخلاقهم المذمومة زمان بقائهم السنين الكثيرة فى هذه النشأة وهذه الدار ركبها الحق فى النشأة الحشرية بحيث يحصل منها ما اقتضى ان يكون غلظ جلد بدن احدهم مسيرة ثلاثة ايام عكس ما نبهت عليه من حال الابرار ولهذا ورد فى شأن النشأة الجنانية أن اصحابها يظهرون فى الوقت الواحد فى الصور المتعددة منعمين فى كل طائفة من اهاليهم منقلبين فيما اشتهوا من الصور وليس هذا الا من اجل ما ذكرنا من استهلاك اجزآء نشأتهم الكثيفة فى لطائف جواهرها وانصباغها بصفاتها وغلبة خواص نفوسهم وقواهم الروحانية على قوى امزجتهم الطبيعية فصاروا كالملائكة يظهرون فيما شاؤا من الصور بال بكشا وصفيراز شجر طوبى زن ... حيف باشدجوتو مرغى كه اسير قفسى ٥١ { واذا انعمنا على الانسان اعرض } اى عن الشكر على انعامه وهذا نوع آخر من طغيان الكافر اذا اصابه اللّه بنعمة ابطرته النعمة وكأنه لم يلق شدة قط فنسى المنعم وكفر بنعمته بترك الشكر { ونأ بجانبه } الناى دور شدن ويعدى بنفسه وبعن كما فى تاج المصادر اى تباعد بكليته عن الشكر لا بجانبه فقط ولم يمل الى الشكر والطاعة تكبرا وتعظما فالجانب مجاز عن النفس كما فى قوله تعالى { فى جنب اللّه } ويجوز ان يراد به عطفه فيكون على حقيقية وعبارة عن الانحراف والازورار لأن نأى الجانب عن الشكر يستلزم الانحراف عنه كما قالوا ثنى عطفه وتولى بركنه فالباء للتعدية وفى التأويلات النجمية اذا خلناه الى الطبيعة الانسانية وهى الظلومية والجهولية لا يميز بين العطاء والبلاء فكثير مما يتوهمه عطاء وهو مكر واستدراج هو يسديمه وكثير مما هو فضل فى نقمة وعطاء فى الشر وهو يظنه بلاء فيكرهه بل اذا انعمنا عليه صاحبه بالبطر واذا ابليناه قابله بالضجر بل واذا انعمنا عليه اعجب بنفسه فتكبر مختالا فى زهوه لا يشكر ربه ولا يذكر فضله ويشتغل بالنعمة عن المنعم ويتباعد عن بساط طاعته فكالمستغنى عنا يهيم على وجهه ( قال الحافظ ) ببال وبرمرو ازره كه تيربرتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست { واذا مسه الشر } اى اذا مس هذا الانسان المعرض المتكبر جنس الشر كالبلاء والمحنة وانما جيئ بلفظ الماضى واذا لأن المراد الشر المطلق الذى حصوله مقطوع به { فذو دعاء عريض } اى فهو ذو دعاء كثير كما يقال اطال فلان الكلام والدعاء واعرض اى اكثر فهو مستعار مما له عرض متسع للاشعار بكثرته فان العريض يكون ذا اجزآء كثيرة وامتداد فمعنى الاتساع يؤخذ من تنكير عريض فانه يدل على التعظيم ومعنى الامتداد يؤخذ من معنى الطول اللازم للعرض وهو اى عريض ابلغ من طويل اذ الطول اطول الامتدادين فاذا كان عرضه كذلك اى متسعا فما ظنك بطوله ولعل شأن بعض غير البعض الذى حكى عنه اليأس والقنوط اذا اليأس والقنوط ينافيان الدعاء لأنه فرع الطمع والرجاء او شأن الكل فى بعض الاوقات وقيل قنوط من الصنم دعاء لله او قنوط بالقلب دعاء باللسان ٥٢ { قل ارأيتم } اى اخبرونى لأن الرؤية سبب للاخبار { ان كان } اى القرءآن { من عند اللّه ثم كفرتم به } من غير نظر واتباع دليل مع تعاضد موجبات الايمان به { من } استفهام { اضل ممن هو فى شقاق بعيد } اى من اضل منكم فوضع الموصول موضع الضمير شرحا لحالهم وتعليلا لمزيد ضلالهم وخلافهم بانه لكونهم فى شقاق بعيد فان من كفر بما نزل من عند اللّه بان قال اساطير الاولين ونحوه فقد كان مشاقا لله اى معاديا ومخالفا له خلافا بعيدا عن الوفاق ومعاداة بعيدة عن الموالاة ولا شك أن من كان كذا فهو فى غاية الضلال وفى الاية اشارة الى أن كل بلاء وعناء ونعمة ورحمة ومضرة ومسرة ينزل بالعبد فهو من عند اللّه فان استقبله بالتسليم والرضى صابرا شاكرا للمولى فى الشدة والرخاء والسرآء والضرآء فهو من المهتدين المقربين وان استقبله بالكفر والجزع بالخذلان فهو من الاشقياء المبعدين المضلين وفى الحديث القدسى ( اذا وجهت الى عبد من عبيدى مصيبة فى بدنه او ماله او ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة ان انصب له ميزانا وانشر له ديوانا ) وفى الحديث ( اذا احب اللّه عبدا ابتلاه اذا احبه حبا شديدا افتناه فان صبر ورضى اجتباه ) قيل يا رسول اللّه وما افتناؤه قال ( ان لا يبقى له مالا ولا ولدا ) قال بعض الكبار النعمة توجب الاعراض كما قال اللّه تعالى { واذا انعمنا على الانسان } الخ ومس الضر يوجب الاقبال على اللّه كما قال اللّه تعالى { واذا مسه الشر } الخ فاللّه تعالى رحيم على العبد بدفع النعمة والصحة عنه لأنها مظنة الاعراض والبلاء للولاء كاللهب للذهب فالبلاء كالنار فكما أن النار لا تبقى من الحطب شيأ الا واحرقته فكذا البلاء لا يبقى من ضر الوجود شيأ فالطريق الى اللّه على جادة المحنة اقرب من جادة المنحة اذ الانبياء والاولياء جاؤا وذهبوا من طريق البلاء وقد ثبت أن النار لا ترتفع من الدنيا ابدا فكيف يؤمل العاقل الراحة فى الدنيا فهى دار محنة وقد ورد ( الدنيا سجن المؤمن ) فالمؤمن لا يستريح فى الدنيا ولا يخلو من قلة او علة او ذلة وله راحة عظمى فى الآخرة والكافر خاسر فى الدنيا والآخرة فعلى العبد ان يمشى على الصراط السوى ويخاف من الزلق ومن مكر اللّه تعالى ( قال الحافظ ) جه جاى من كه بلغزد سبهر شعبده باز ... ازين حيل كه در انبانه بهانه بست ٥٣ { سنريهم } زود باشدكه بنمايم ايشانرا يعنى كفار قريش را { آياتنا } الدالة على حقيقة القرءآن وكونه من عند اللّه { فى الآفاق } جمع افق وهى الناحية من نواحى الارض وكذا آفاق السماء نواحيها واطرافها والآفاق ما خرج عنك وهو العالم الكبير من الفرش الى العرش والانفس ما دخل فيك وهو العالم الصغير وهو كل انسان بانفراده والمراد بالآيات الآفاقية ما اخبرهم النبى عليه السلام من الحوادث الآتية كغلبة الروم على فارس فى بضع سنين وآثار النوازل الماضية الموافقة لما هو المضبوط لمقرر عند اصحاب التواريخ والحال انه عليه السلام امى لم يقرأ ولم يكتب ولم يخالط احد او ما يسر اللّه له ولخلفائه من الفتوح والظهور على آفاق الدنيا والاستيلاء على بلاد المشارق والمغارب على وجه خارق للعادة اذ لم يتيسر امثالها لاحد من خلفاء الارض قبلهم { وفى انفسهم } هو ما ظهر فيما بين اهل مكة من القحط والخوف وما حل بهم يوم بدر ويوم الفتح من القتل والمقهورية ولم ينقل الينا أن مكة فتحت على يد احد قبل رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم وكذا قتل اهلها واسرهم وقيل فى الآفاق اى فى اقطار السموات والارض من الشمس والقمر والنجوم وما يترتب عليها من الليل والنهار والاضواء والظلال والظلمات ومن النبات والاشجار والانهار وفى انفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة فى تكوين الاجنة فى ظلمات الارحام وحدوث الاعضاء العجيبة والتراكيب الغريبة كقوله تعالى { وفى انفسكم افلا تبصرون } واعتذر بان معنى السين مع أن ارآءة تلك الايات قد حصلت قبل ذلك انه تعالى سيطلعهوم على تلك لايات زمانا فزمانا ويزيدهم وقوفا على حقائقها يوما فيوما قالوا الآفاق هو العالم الكبير والانفس هو العالم الصغير وهرجه از دلائل قدرت درعالم كبيراست نمودار آن عالم صغيراست وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر جميع آنجه درعالم است مفصلا در نشأت أنسان است مجملا بل انسان عالم صغير مجملست ازروى صورت وعالم انسان كبير اما ازروى قدرت مرتبه انسان كبيرست وعالم انسان صغير اى آنكه تر است ملك اسكندر وجم ... از حرص مباش دربى نيم درم عالم همه درتست وليكن از جهل ... بنداشته تو خويش را در عالم فجسم الانسان كالعرش ونفسه كالكرسى وقلبه كالبيت المعمور واللطائف القلبية كالجنان والقوى الروحانية كالملائكة والعينان والاذنان والمنخران والسبيلان والثديان والسرة والفم كالبروج الاثنى عشر والقوة الباصرة والسامعة والذآئقة والشامة واللامسة والناطقة والعاقلة كالكواكب السبعة السيارة وكما أن رياسة الكواكب بالشمس والقمر واحدهما يستمد من الآخر فكذلك رياسة القوى بالعقل والنطق وهو اى النطق مستمد من العقل وكما أن فى العالم الكبير ستين وثلاثمائة يوم فكذا فى الانسان ستون وثلاثمائة مفصل وكما أن للقمر ثمانية وعشرين منزلا يدور فيها فى كل شهر فكذا فى الفم ثمانية وعشرون مخرجا للحروف وكما أن القمر يظهر فى خمس عشرة ليلة ويخفى فى الباقى كذلك التنوين والنون الساكنة يخفيان عند ملاقاتهما خمسة عشر حرفا وكما أن فى العالم الكبير ارضا وجبالا ومعادن وبحارا وانهارا وجداول وسواقى فجسد الانسان كالارض وعظامه كالجبال التى هى اوتاد الارض ومخه كالمعادن وجوفه كالبحار وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول والسواقى وشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وانسه كالعمران وظهره كالمفاوز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد واصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولادته كبدء سفره وايام صباه كالربيع وشبابه كالصيف وكهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والاسابيع كالفراسخ وايامه كالاميال وانفاسه كالخطى فكلما تنفس نفسا كأنه يخطو خطوة الى اجله هر دم از عمر ميرود نفسى ... جون نكه ميكنم نماندبسى وله فى كل يوم اثنا عشر ألف نفس وفى كل ليلة كذلك فيوم القيمة ينظر فى كل نفس اخرجه فى غفلة عن ذكر اللّه فيا طول حسرة من مضى نفس من انفاسه بالغفلة ثم الارض سبع طباق ارض سودآء وغبرآء وحمرآء وصفرآء وبيضاء وزرقاء وخضرآء فنظائرها من الانسان فى جسمه الجلد والشحم واللحم والعروق والعصب والقصب والعظام وهذه المرة السودآء بمنزلة الارض ليبسها وبردها وهذه المرة الصفرآء بمنزلة النار ليبسها وحرارتها وهذا الدم بمنزلة الهواء لحرارته ورطوبته وهذا البلغم بمنزلة الماء لبرودته ولزوجته وكما أن المياه مختلفة فمنها الحلو والمالح والمنتن كذلك مياه بدن الانسان هذا ماء العين ملح لأن العين شحمة ولولا ملوحة مائها لفسدت وهذا الريق عذب ولولا ذلك ما استعذب طعام ولا شراب وهذا الماء الذى فى صماخ الاذنين مر لأنهما عضوان مفتوحان لا انطباق لهما حتى أن نتن الماء يصد كل شىء عن اذنه ولو أن دودة دخلتهما لماتت لمرارة ذلك الماء ونتنه ولولا ذلك لوصل الديدان الى دماغه فافسده ثم فيه اخلاق جميع الحيوانات فهو كالملك من جهة المعرفة والصفاء وكالشيطان من جهة المكر والكدورة وكالاسد فى الجرآءة والشجاعة وكالبهيمة فى الجهل وكالنمر فى الكبر وكالفهد والاسد فى الغضب وكالذئب فى الافساد والاغارة وكالحمار فى الصبر وكذا كالحمار والعصفور فى الشهوة وكالثعلب فى الحيلة وكالفارة والنملة فى الحرص والجمع وكالكلب فى البخل وكذا فى الوفاه وكالخنزير فى الشره وكالحية فى الحقد وكالجمل فى الحلم وكذا فى الحقد وكالديك فى السخاوة وكالبوم فى الصناعة وكالهرة فى التواضع والتملق وكالغراب فى البكور وكالبازى والسلحفاة فى الهمة الى غير ذلك ويزيد على الجميع بالنظر ووجود التمييز والاستدلال بالشاهد على الغائب وانواع الحروف والصناعات فهذه كلها آيات اللّه تعالى فى انفسنا فتبارك اللّه احسن الخالقين ( قال الصائب ) عجبترازتو نداردجهان تماشاكاه ... جرابجشم تعجب بخودنظر نكنى وقال اى رازنه فلك زوجودت عيان همه ... دردادن توحاصل دريا وكان همه بيش توسر بخاك مذلت نهاده اند ... باآن علوم ومرتبه روحانيان همه دركوش كرده خلقه فرمان بذيرتست ... خاك وهواو آتش وآب روان همه { حتى يتبين لهم } بذلك { انه الحق } اى القرءآن او الرسول فالقصر المستفاد من تعريف المسند حقيقى ادعائى او اللّه او التوحيد فالقصر اضافى تحقيقى اى لا الشركاء ولا التشريك والضمائر فى سنريهم وفى انفسهم ولهم للمشارفين على الاهتدآء منهم او للجميع على أنه من وصف الكل بوصف البعض كما فى حواشى سعدى المفتى وجمعى ضمير راعائد بآدميان دراند يعنى بنمايم مردمانرا دلائل آفاقى وآيات انفسى فعبارة الآية مقام التوحيد واشارتها مقام التجريد والتفريد وظهور الحق فى مظاهر الآفاق والانفس وتبينه بآيات توحيده المرئية فيهما توحيد واستقطاع التوحيد الموحد عن الالتفات الى الآفاق تجريد وعن النظر الى الانفس تفريد لكن هذا التوحيد والتجريد والتفريد كونى لا الهى لأنه باعتبار ظهور الحق فى المظاهر الكونية دون الالهية ففوقها توحيد وتجريد وتفريد الهى باعتبار ظهور الحق فى مظاهر الالهية من مراتب التعينات الذاتية والاسمائية والصفاتيه والافعالية والكونى من الالهى بمنزلة الظاهر من الباطن فمرتبة التعين ذاتيا اولا وصفاتبا ثانيا وافعالبا ثالثا مرتبة التوحيد ومرتبة اللاتعين الذى فوق التعين مطلقا مرتبة التجريد ومرتبة الجامعية بين المرتبتين مرتبة التفريد اذا الفرد الحقيقى الاولى جمعية المراتب الثلاث مطلقا وجميع العلوم والاعمال والآثار جمالية او جلالية شؤونات ذاتية مستجنة فى غيب الذات اولا وصور واعيان علمية ثابتة فى عرصة العلم ثانيا وحقائق موجودات عينية متحققة فى عرصة العين ولهذا التحقق العينى والوجود الخارجى خلق اللّه الانفس والآفاق والسموات والارضين والملأ الاعلى والاسفل حتى يكون المعلوم مرئيا ومشاهدا ويتم الامر الالهى الجمالى والجلالى والكمالى ويكمل مطلقا بالوجود العينى الخارجى حكمه الازلى الابدى جلاء واستجلاء سر بحربى كرانرا موج برصحرا نهاد كنج مخفى آشكارا شد نهان آمدبديد { او لم يكف بربك } استئناف وارد لتوبيخهم على ترددهم فى شأن القرءآن وعنادهم المحوج الى ارآءة الآيات وعدم اكتفائهم باخباره تعالى والهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والباء مزيدة للتأكيد اى ألم يغن ولم يكف ربك { انه على كل شىء شهيد } بدل منه اى الم يغنهم عن ارآءة الآيات الموعودة المبينة لحقية القرءآن ولم يكفهم فى ذلك انه تعالى شهيد على جميع الاشياء وقد اخبر بانه من عنده فعدم الكفاية معتبر بالنسبة اليهم كما يصرحه قوله تعالى ٥٤ { الا } كلمة تنبيه { انهم } اى كفار مكة { فى مرية } شك عظيم وشبهة شديدة { من لقاء ربهم } بالبعث والجزاء فانهم استبعدوا احياء الموتى بعدما تفرقت اجزآؤهم وتبددت اعضاؤهم وفيه اشارة الى أن الشك احاط بجميع جوانبهم احاطة الظرف بالمظروف لا خلاص لهم منه وهم مستمرون دآئمون فيه { الا انه بكل شىء محيط } الاحاطة ادراك الشىء بكماله اى عالم بجميع الاشياء جملها وتفاصيلها وظواهرها وبواطنها فلا يخفى عليه خافية منهم وهو مجازيهم على كفرهم ومريتهم لا محالة ومرجع تأكيد العلم الى تأكيد الوعيد علم بى جهل وقدرت بى عجز ... خاص مرحضرت الهى راست هرجه بايد در انفس وآفاق ... كند از حكم بادشاهى راست واحاطة اللّه سبحانه وتعالى عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه باحدية جميع اسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد باحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والارض وكل ما يعزب يلحق بالعدم وقالوا هذه الاحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل باجزآئه ولا كاحاطة الكلى بجزيئاته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها واللّه اعلم بالحقائق واعلم ان الاشياء كلها قد اتفقت على الشهادة بوحدة خالقها وانه مظهرها من كتم العدم والمظهر لا يفارق المظهر فى معرفة ارباب البصائر فسبحان من هو عند كل شى ومعه وقبله ومن ههنا قال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت اللّه معه وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت اللّه بعده وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت اللّه قبله فمنهم من يرى الاشياء به ومنهم من يراه بالاشياء والى الاول الاشارة بقوله { او لم يكف بربك انه على كل شىء شهيد } والى الثانى بقوله { سنريهم آياتنا فى الآفاق } فالاول صاحب مشاهدة ودرجة الصديقين والثانى صاحب استدلال ودرجة العلماء الراسخين فما بعدها الا درجة الغافلين المحجوبين وفى الآيات اشارات منها ان الخلق لا يرون الآيات الا بارآءة اللّه اياهم ومنها أن اللّه تعالى خلق الآفاق ونفس الانسان مظهر آياته ومنها أنه ليس للآفاق شعور على الآيات وعلى مظهريتها للايات بخلاف الانسان ومنها أن نفس الانسان مرءآة مستعدة لمظهرية جميع آيات اللّه ومظهريتها بارآءة الحق تعالى بحيث يتبين له أنه الحق ويبين لغيره أنه الحق ومنها أن العوام يتبين لهم باختلاف الليل والنهار والاحداث التى تجرى فى احوال العالم واختلاف الاحوال التى تجرى عليهم من الطفولية الى الشيخوخة واختلاف احكام الاعيان مع اختلاف جواهرها فى التجانس وهذه هى آيات حدوث العالم واقتفاء المحدث بصفاته ومنها أن الخواص يتبين لهم ببصائر قلوبهم من شواهد الحق واختلاف الاحوال فى القبض والبسط والجمع والفرق والحجب والجذب والستر والتجلى والكشوف والبراهين وانوار الغيب وما يجدونه من حقائق معاملاتهم ومنازلاتهم بارآءة الحق تعالى ومنها أن اخص الخواص يتبين لهم بالخروج من ظلمات حجب الانسانية الى نور الحضرة الربانية بتجلى صفات الجمال واحلال وكشف القناع الحقيقى عن العين والعيان ولهذا قال او لم يكف بربك اى بارآءة آياته وتعريف ذاته وصفاته بكشف القناع ورفع الاستار انه على كل شىء شهيد لا يغيب عن قدرته شىء وبقوله ألا انهم فى مرية من لقاء ربهم يشير الى أن اهل الصورة لفى شك من تجويز ما يكاشف به اهل الحقيقة من انواع المشاهدات والمعاينات الا انه بكل شىء محيط وهو قادر على التجلى لكل شىء كما قال صلى اللّه تعالى عليه وسلم ( اذا تجلى اللّه لشىء خضع له ) |
﴿ ٠ ﴾