٤٨

{ وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل } اى غاب عن المشركين الآلهة التى كانوا يعبدونها من قبل يوم القيامة او ظهر عدم نفعهم فكان حضورهم كغيبتهم

{ وظنوا } اى ايقنوا

{ ما لهم من محيص } مهرب وبالفارسية ويقين دانندكه اذعذاب وعقوبت نيست ايشانرا هيج كريز كاهى من حاص يحيص حيصا محيصا اذا هرب وفى المفردات أصله من قولهم وقع فى حيص بيص اى فى شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفى القاموس حاص عنه عدل وحادو المحيص المحيد والمعدل والميل والمهرب والظن معلق عنه بحرف النفى والتعليق ان يوقع بعده ما ينوب عن المفعولين جميعا وفى الآية اشارة الى أن اللّه تعالى ينادى فيقول اين شركائى الذين كانوا يرون انهم يخلقون افعالهم واعمالهم قالوا آذناك ما منا من شهيد يشهد أنه خالق فعله وكوشفوا بأنه لا خالق الا اللّه وهم المعتزلة وقد سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما فى مجمع الفتاوى وذلك لأن اهل الاعتزال مشركون بقولهم ان العباد خالقون لأفعالهم وقد قال تعالى

{ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } اى يوحدوا ويقولوا لا خالق الا اللّه ولا وجود فى الحقيقة الا لله وضل عنهم يوم القيامة ما كانوا يدعون من قبل ان له وجودا وزال وبطل ( ع ) جه كونه غير توبيند كسى كه غير تو بيست

وايقنوا مالهم من مهرب الى اللّه عند قيام الساعة بتجلى صفة القهارية ولو كانوا ارباب اللطف فى الدنيا لنالوا لطفه فى العقبى فعلى العاقل ان يهرب ويفر الى اللّه تعالى كما قال ففروا الى اللّه فاذا فر اليه انس به والانيس لا يخاف من قهر الانيس اذ هو على الملاطفة معه على كل حال قال ذو النون المصرى قدس سره ركبنا مرة فى مركب وركب معنا شاب صبيح وجهه مشرق فلما توسطنا فقد صاحب المركب كيسا فيه مال فتش كل من فى المركب فلما وصلوا الى الشاب ليفتشوه وثب وثبة من المركب حتى جلس على امواج البحر وقام له الموج على مثال السرير ونحن ننظر اليه من المركب وقال يا مولاى ان هولاء اتهمونى وانى اقسم عليك يا حبيب قلبى ان تأمر كل دابة فى هذا المكان ان تخرج رأسها وفى افواهها جواهر قال ذو النون فما تم كلامه حتى رأينا دواب البحر امام المركب قد اخرجت رؤوسها وفى فم كل واحدة منها جوهرة تتلألأ وتلمع ثم وثب الشاب من الموج الى البحر وجعل يتبختر على وجه الماء ويقول اياك نعبد واياك نستعين حتى غاب عن بصرى فحملنى هذا على السياحة وذكرت قوله عليه السلام

( لا يزال فى امتى ثلاثون قلوبهم على قلب ابراهيم خليل الرحمن وكلما مات منهم واحد ابدل اللّه مكانه واحدا ) ظهر من هذه الحكاية أن اللّه تعالى تجلى لذلك الشاب بصفة اللطف فسلم من قهر البحر وذلك لتحققه بحقيقة قوله اياك نعبد فانه من اختصاص العبادة يحصل اختصاص التوحيد وبالتوحيد الحقانى يزول كل ما كان من طريق القهر لأن من قهر وجوده لا يقهر مرة اخرى ولما شاهد ذو النون هذه الحال من الشاب لأنها حال تنافى حال اهل الدنيا ( كما قال الشيخ المغربى )

هيج كس كرجه زحالى نيست خالى درجهان ... ليكن اين حالى كه ماراهست حال ديكراست

سلك طريق اللطف وساح فى الارض حتى وصل الى اللطيف الخبير

﴿ ٤٨